الدراسات البحثيةالمتخصصة

ضوابط التجارة في ضوء السنة النبوية

اعداد : د. شعبان عبد الحميد رفاعي محمد – جامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه الإسلامية العالمية (UniSHAMS) ماليزيا

 

مــــــقـــــدمـــــــة :

الحمد لله وكفى وصلاة وسلاما على عباده الذين اصطفى وبعد:

فإنه مما لا شك فيه أن التجارة من الأعمال التي دعا إليها الدين ورغب فيها الشرع الشريف؛ فهي سبب للغنى وعدم التطلع لما عند الآخرين؛ لذا جاء مدحها والثناء عليها في ثنايا الكتاب العزيز في أكثر من موضع:

فقد بين سبحانه أنه سخر الأرض لعباده ليضربوا في مناكبها طلبا للرزق الحلال فقال تعالى:” هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” الملك: ١٥

وأمر الله عباده المؤمنين أن يوازنوا بين طاعته وعبادته وبين السعي في طلب الرزق الحلال فقال تعالى:” فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” الجمعة: ١٠

قال البغوي:” أي إذا فرغ من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة، والتصرف في حوائجكم”([1]).

وكان عراك بن مالك رضي الله عنه: إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد، فقال:” اللهم أجبت دعوتك، وصليت فريضتك، وانتشرت كما أمرتني، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين” ([2]).

وحرم سبحانه الممارسات المالية الخاطئة التي يترتب عليها أكل أموال الناس بالباطل، واستثنى التجارة فبين أنها ليست من تلك الممارسات فقال تعالى:” يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا” النساء: ٢٩

وقال تعالى:” وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ” البقرة: ٢٧٥

وقرن سبحانه وتعالى بين الجهاد في سبيله وبين السعي في التجارة طلبا للرزق الحلال فقال تعالى:”  عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ” المزمل: ٢٠

قال الحافظ ابن كثير:” مسافرون في الأرض يبتغون من فضل الله في المكاسب والمتاجر”([3]).

وقال الإمام السيوطي:” هذه الآية أصل في التجارة”([4]).

وبين الله تعالى أن التجارة كانت عمل الشرفاء والباحثين عن الكسب الطيب في كل زمان ومكان فقال تعالى” وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ” الفرقان: ٢٠

وكما اعتنى القرآن الكريم بقضية التجارية، فقد اعتنت السنة النبوية بها عناية فائقة، وورد من هديه الشريف صلى الله عليه وسلم الكثير في مدحها، وبيان فضلها، وأخلاقياتها، وأهميتها في القضاء على كثير من مشكلات الأمة.

فقد بينت السنة أن التجارة من أطيب أنواع الكسب ومن ذلك مارواه أبو داود بسند صحيح عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ، أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي حِجْرِي يَتِيمٌ أَفَآكُلُ مِنْ مَالِهِ؟ فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:” إِنَّ مِنْ أَطْيَبِ مَا أَكَلَ الرَّجُلُ مِنْ كَسْبِهِ وَوَلَدُهُ مِنْ كَسْبِهِ”([5]).

ومارواه ابن حبان في صحيحه عَنْ وَكِيعِ بْنِ عُدُسٍ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي رَزِينٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ مَثَلُ النَّحْلَةِ لَا تَأْكُلُ إِلَّا طَيِّبًا، وَلَا تَضَعُ إِلَّا طَيِّبًا”([6]).

وبينت السنة أيضا: أن اشتغال المسلم بالتجارة حتى ولو بشكل محدود وبإمكانيات محدودة خير له من أن يمد يده بالسؤال فيسأل الناس أعطوه أو منعوه؛ فقد روي عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ”([7]).

كما بينت السنة المباركة أن التجارة من أهم أسباب القضاء على مشكلة البطالة التي تؤرق العالم كله؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ، فَقَالَ:” أَمَا فِي بَيْتِكَ شَيْءٌ؟” قَالَ: بَلَى، حِلْسٌ نَلْبَسُ بَعْضَهُ وَنَبْسُطُ بَعْضَهُ، وَقَعْبٌ نَشْرَبُ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ، قَالَ:” ائْتِنِي بِهِمَا”، قَالَ: فَأَتَاهُ بِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ، وَقَالَ:”مَنْ يَشْتَرِي هَذَيْنِ؟” قَالَ رَجُلٌ: أَنَا، آخُذُهُمَا بِدِرْهَمٍ، قَالَ:” مَنْ يَزِيدُ عَلَى دِرْهَمٍ مَرَّتَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا”، قَالَ رَجُلٌ: أَنَا آخُذُهُمَا بِدِرْهَمَيْنِ فَأَعْطَاهُمَا إِيَّاهُ، وَأَخَذَ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا الْأَنْصَارِيَّ، وَقَالَ: «اشْتَرِ بِأَحَدِهِمَا طَعَامًا فَانْبِذْهُ إِلَى أَهْلِكَ، وَاشْتَرِ بِالْآخَرِ قَدُومًا فَأْتِنِي بِهِ،”، فَأَتَاهُ بِهِ، فَشَدَّ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُودًا بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لَهُ:” اذْهَبْ فَاحْتَطِبْ وَبِعْ، وَلَا أَرَيَنَّكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا”، فَذَهَبَ الرَّجُلُ يَحْتَطِبُ وَيَبِيعُ، فَجَاءَ وَقَدْ أَصَابَ عَشْرَةَ دَرَاهِمَ، فَاشْتَرَى بِبَعْضِهَا ثَوْبًا، وَبِبَعْضِهَا طَعَامًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”هَذَا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَجِيءَ الْمَسْأَلَةُ نُكْتَةً فِي وَجْهِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لَا تَصْلُحُ إِلَّا لِثَلَاثَةٍ: لِذِي فَقْرٍ مُدْقِعٍ، أَوْ لِذِي غُرْمٍ مُفْظِعٍ، أَوْ لِذِي دَمٍ مُوجِعٍ”([8]).

ومما يدل على فضل التجارة وأهميتها في ضمان حياة كريمة للإنسان؛ أنه صلى الله عليه وسلم قد مارس التجارة بنفسه؛ فقد رحل مع عمه إلى الشام في إحدى رحلات قريش التي ذكرها القرآن، والتي قابل فيها بحيرى الراهب، وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الرحلة براعة وحسن تصرف، مما جعل سيدة قريش الأولى وهي السيدة خديجة رضي الله عنها تطلبه ليشرف على تجارتها، فيثبت كفاءة، وأمانة وصدقا، وحسن خلق كان الطريق الممهد للزواج المبارك.

وعلى دربه صلى الله عليه وسلم سار أصحابه الكرام، فقد اشتغل عدد غير قليل منهم بالتجارة وكان من بينهم الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف فقد روي عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى، فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ: أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ، قَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ، دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ، فَمَا رَجَعَ حَتَّى اسْتَفْضَلَ أَقِطًا وَسَمْنًا، فَأَتَى بِهِ أَهْلَ مَنْزِلِهِ، فَمَكَثْنَا يَسِيرًا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَجَاءَ وَعَلَيْهِ وَضَرٌ مِنْ صُفْرَةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْيَمْ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، قَالَ:” مَا سُقْتَ إِلَيْهَا؟” قَالَ: نَوَاةً مِنْ ذَهَبٍ، – أَوْ وَزْنَ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ – قَالَ:” أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ” ([9]).

وإن كانت التجارة قد أسهمت بدرجة كبيرة في القضاء على مشكلة البطالة، وتحقيق حياة كريمة للمسلم، والارتقاء بمستوى الفرد والجماعة؛ فقد كان لها ولروادها والمشتغلين بها الأثر البارز في فتوح البلدان ونشر الإسلام في شتى ربوع الأرض؛ لقد أشار بعض الباحثين إلى أنّ الإسلام أول ما انتشر في الصين كان عن طريق التجار([10])، وقام التجار المسلمون بالتأثير على بعض الملوك الذين استقروا في بلادهم، حتى أن أحد ملوكهم، قام بنشر الإسلام بين رعيته لما رأى من خلق وتعامل وصدق التجار المسلمين، فاعتنقوا الإسلام تأسيا بملكهم وقام بفتح بلاده للتجار المسلمين قائلا لهم:” أنتم سبب في صلاح ديني وأنا اليوم فرح مسرور لما منَّ الله علي به وعلى أهل دولتي من الإسلام فعرفوا المسلمين أن يأتونا فإنا نحن قد صرنا إخوانا لهم مسلمين مثلهم”([11]).

هذا: قد دعاني إلى الكتابة في هذا الموضوع:

  • 1- أن الأمة الإسلامية في ربوع الأرض أصبحت تعاني كثيرا من الممارسات الخاطئة في العملية التجارية، وأصبح التجار دعاة هدم بعد أن كانوا دعاة بناء، ودعاة تنفير بعد أن كانوا دعاة تبشير مما يحدو بالباحثين والدارسين إلى البحث عن بيان الأسباب، ووضع الأسس والمعايير، والضوابط التي تضمن القضاء على تلك الممارسات الخاطئة، وأن تتم العملية التجارية في ظل تعاليم الدين الإسلامي الحنيف.
  • 2- أن الأمة الإسلامية بحاجة إلى العودة إلى سيرتها الأولى في التمسك بأخلاقيات الإسلام في شتى مناحي الحياة، وخاصة في مجال التجارة، كما أنها في أمس الحاجة إلى بناء اقتصاد إسلامي قوي قادر على المنافسة والاستمرار، ولا يتأتى ذلك إلا بالتمسك بأخلاقيات الإسلام الحنيف.
  •  3- إبراز دور السنة النبوية وأثرها الواضح في وضع الضوابط والقواعد لبناء عملية تجارية إسلامية ناجحة.
  • 4-  استعراض ضوابط العملية التجارية من الناحية الأدبية والأخلاقية.
  • 5- إبراز أهمية الجانب الخلقي في عملية البيع والشراء.

ويهدف البحث إلى تسليط الضوء على أهم أخلاقيات التجارة، من خلال الأحاديث والممارسات النبوية الشريفة التي تؤسس لأهمية الجانب الخلقي في العملية التجارية. وتتجلى إشكالية هذا البحث في أن الأمة الإسلامية في ربوع الأرض أصبحت تعاني كثيرا من الممارسات الخاطئة في العملية التجارية، مما يحدو بالباحثين والدارسين إلى البحث عن بيان الأسباب، ووضع الأسس والمعايير، والضوابط التي تضمن القضاء على تلك الممارسات الخاطئة، وأن تتم العملية التجارية في ظل تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتبرز أهمية هذا البحث في: أنه يستعرض ضوابط العملية التجارية من الناحية الأدبية والأخلاقية، كما أنه يتعرض لإبراز أهمية الجانب الخلقي في عملية البيع والشراء، وقد سُلِك في هذا البحث المنهج الاستقرائي وذلك في تتبع النصوص النبوية الكريمة التي تؤصل لهذه، وتبين القيم والأخلاق والأسس والضوابط التي ينبغي أن تبنى عليها، وكذلك المنهج التحليلي الاستنباطي؛ في تحليل تلك النصوص واستنباط الأدلة منها. ومن أهم نتائج هذا البحث أن الأمة الإسلامية بحاجة إلى العودة إلى سيرتها الأولى في التمسك بأخلاقيات الإسلام في شتى مناحي الحياة، كما أنها في أمس الحاجة إلى بناء اقتصاد إسلامي قوي قادر على المنافسة والاستمرار، ولا يتأتى ذلك إلا بالتمسك بأخلاقيات الإسلام، وأن السنة النبوية كان لها دور بارز وأثر واضح في وضع الضوابط والقواعد لبناء عملية تجارية إسلامية ناجحة.

المبحث الأول ضوابط التجارة في ضوء السنة النبوية

لقد وضعت السنة النبوية المطهرة مجموعة من الضوابط والقواعد الأخلاقية العامة، التي تضبط العملية التجارية في المجتمع الإسلامي وغيره، والتي تصلح للتطبيق في كل زمان ومكان مع عدم تحديد الكيفيات والأساليب حتى يتمكن المسلمون من الاجتهاد بما يتناسب مع ظروف العصر الذي يعيشون فيه، ومن أهم هذه القواعد والمبادئ العامة ما يأتي:

أولا: إخلاص النية:

والإخلاص من أهم ضوابط وقواعد العملية التجارية؛ حيث ينبغي للتاجر أن تكون نيته صالحة فينوي بتجارته الاستعفاف عما في أيدي الناس، وتقوية شوكة المسلمين، والمشاركة في بناء اقتصاد إسلامي قوي يعود بالنفع على جميع أفراد الأمة.

ولا شك أن الاستغناء عن الناس والسعي على النفس من أسباب عزة المسلمين أفرادا وجماعات؛ روى الحاكم عَنْ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ مَرَّةً: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ مَرَّةً: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:” يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ أَحْبَبْتَ فَإِنَّكَ مَفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ” ثُمَّ قَالَ:” يَا مُحَمَّدُ شَرَفُ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ وَعِزُّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ”([12]).

قال الحسن البصري:” وقال الحسن: لا تزال كريما على الناس، أو لا يزال الناس يكرمونك ما لم تعاط ما في أيديهم، فإذا فعلت ذلك، استخفوا بك، وكرهوا حديثك، وأبغضوك”([13]).

وقد كانت عزة النفس وحب الاستغناء عن الناس السبب الرئيس الذي دفع بالصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف إلى سوق المدينة حتى صار من أكبر التجار.

كذلك من النية الصالحة؛ أن ينوي بتجارته تقوية شوكة الأمة ومساعدتها على مقاومة التحديات التي تواجهها.

ويعتبر الصحابيان الجليلان عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف خير مثال على إخلاص النية في التجارة؛ فقد كانت لهم مبادرات مالية أخذت بيد الأمة في أصعب فترات حياتها.

فعثمان بن عفان كان صاحب تجارة واسعة، أدرت عليه أموال طائلة سخرها في خدمة دينه ومعالجة المشكلات الملحة التي تؤرق أمته، فكانت المبادرات الخالدة التي مدحها الله ورسوله؛ ومن أهمها:

1- شراء بئر رومة:

فقد اشتراها عثمان رضي الله عنه، مساهمة في علاج مشكلة واجهت المسلمين في المدينة؛ فعندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وجد أن الماء العذب قليل، وليس بالمدينة ما يستعذب غير بئر رومة، فقال صلى الله عليه وسلم:” مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلَ دَلْوَهُ مَعَ دِلَاءِ المُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ” ([14]).

وكانت لرجل من بني غفار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:” عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بِشْرِ بْنِ بَشِيرٍ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ الْمَدِينَةَ اسْتَنْكَرُوا الْمَاءَ، وَكَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا رُومَةٌ، وَكَانَ يَبِيعُ مِنْهَا الْقِرْبَةَ بِمُدٍّ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:”بِعْنِيها بِعَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ”، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ لَيْسَ لِي، وَلَا لِعِيَالي غَيْرُهَا، لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُثْمَانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتَجْعَلُ لِي مِثْلَ الَّذِي جَعَلْتَهُ له عَيْنًا فِي الْجَنَّةِ إِنِ اشْتَرَيْتُهَا؟ قَالَ: “نَعَمْ” ، قَالَ: قَدِ اشْتَرَيْتُهَا، وَجَعَلْتُهَا لِلْمُسْلِمِينَ”([15]).

2- شراء الأرض لتوسعة المسجد النبوي الشريف.

3- تجهيز جيش العسرة.

عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ حَزْنٍ القُشَيْرِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ الدَّارَ حِينَ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ، فَقَالَ: ائْتُونِي بِصَاحِبَيْكُمُ اللَّذَيْنِ أَلَّبَاكُمْ عَلَيَّ. قَالَ: فَجِيءَ بِهِمَا فَكَأَنَّهُمَا جَمَلَانِ أَوْ كَأَنَّهُمَا حِمَارَانِ، قَالَ: فَأَشْرَفَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ، فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالإِسْلَامِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِمَ المَدِينَةَ وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ يُسْتَعْذَبُ غَيْرَ بِئْرِ رُومَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَشْتَرِي بِئْرَ رُومَةَ فَيَجْعَلَ دَلْوَهُ مَعَ دِلَاءِ المُسْلِمِينَ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الْجَنَّةِ؟ فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي فَأَنْتُمُ اليَوْمَ تَمْنَعُونِي أَنْ أَشْرَبَ مِنْهَا حَتَّى أَشْرَبَ مِنْ مَاءِ الْبَحْرِ. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالْإِسْلَامِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ المَسْجِدَ ضَاقَ بِأَهْلِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَشْتَرِي بُقْعَةَ آلِ فُلَانٍ فَيَزِيدَهَا فِي المَسْجِدِ بِخَيْرٍ لَهُ مِنْهَا فِي الجَنَّةِ»؟ فَاشْتَرَيْتُهَا مِنْ صُلْبِ مَالِي فَأَنْتُمُ اليَوْمَ تَمْنَعُونِي أَنْ أُصَلِّيَ فِيهَا رَكْعَتَيْنِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ، نَعَمْ. قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَبِالْإِسْلَامِ، هَلْ تَعْلَمُونَ أَنِّي جَهَّزْتُ جَيْشَ العُسْرَةِ مِنْ مَالِي؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ. ثُمَّ قَالَ: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَالإِسْلَامِ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَلَى ثَبِيرِ مَكَّةَ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَأَنَا فَتَحَرَّكَ الجَبَلُ حَتَّى تَسَاقَطَتْ حِجَارَتُهُ بِالحَضِيضِ قَالَ: فَرَكَضَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ:” اسْكُنْ ثَبِيرُ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ، نَعَمْ. قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ شَهِدُوا لِي وَرَبِّ الكَعْبَةِ أَنِّي شَهِيدٌ، ثَلَاثًا”([16]).

كذلك كان الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف صاحب تجارة مباركة تقوم على الإخلاص والرغبة في خدمة المسلمين طلبا لما عند الله تعالى. ومبادراته في إنفاق المال على تجهيز جيش العسرة، وإكرام البدريين، وإكرام أمهات المؤمنين، وإنفاقه النفات الهائلة على أهل المدينة لا تخفى.

ثانيا: لا ضرر ولا ضرار.

لقد حرم الشرع الشريف الضرر، وجعل إزالته مقصد من مقاصد الشريعة، وقاعدة من قواعدها.

وجاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم فحرمت سائر أنواع الضرر ما قل منا وما كثر.

روى الحاكم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:” أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:” لا ضرر و لا ضرار من ضار ضاره الله و من شاق شاق الله عليه”([17]).

وهذا حديث عظيم عليه مدار الإسلام؛ إذ يحتوي على تحريم سائر أنواع الضرر، ما قل منها وما كثر، بلفظ بليغ وجيز([18]).

وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم بسوق المدينة، فوقف على رجل قد خلط الطعام بالماء فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وانتهره، وأخبره أن الإضرار بالمسلمين ليس من الإسلام.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ:” مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟” قَالَ أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ:” أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي”([19]).

وعنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيْسَ مِنَّا وَمَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا”([20]).

وعَنْه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَرَّ بِرَجُلٍ يَبِيعُ طَعَامًا، فَأَعْجَبَهُ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ، فَإِذَا هُوَ طَعَامٌ مَبْلُولٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّنَا””([21]).

وقوله صلى الله عليه وسلم: “فليس منا”، أي ليس على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم، وحسن طريقته.

قال النووي رحمه الله:” ومعناه عند أهل العلم أنه ليس ممن اهتدى بهدينا واقتدى بعلمنا وعملنا وحسن طريقتنا كما يقول الرجل لولده إذا لم يرض فعله لست منى وهكذا القول في كل الأحاديث الواردة بنحو هذا القول كقوله صلى الله عليه و سلم:” من غش فليس منا” وأشباهه”([22]).

ذلك أن الغش والمكر والخديعة ليس من صفات النبي صلى الله عليه وسلم ولا من صفات المسلم، فمن غش أو مكر فقد ارتكب ذنبا عظيما لكنه لا يخرجه من دائرة الإسلام.

ومما يؤسف له في زماننا هذا أن كثيرا من الناس يعتبرون المكر والخديعة والغش في التجارة من أهون الأشياء، بل إن كثيرين منهم يعتبرون ذلك ضربا من الذكاء والمهارة (الشطارة) في التجارة.

قال الإمام الغزالي:” فكل ما يستضر به المعامل فهو ظلم وإنما العدل لا يضر بأخيه المسلم والضابط الكلي فيه أن لا يحب لأخيه إلا ما يحب لنفسه فكل ما لو عومل به شق عليه وثقل على قلبه فينبغي أن لا يعامل غيره به بل ينبغي أن يستوي عنده درهمه ودرهم غيره”([23]).

ثالثا: تحري الكسب الحلال:

ومن ضوابط التجارة تحري الحلال في البيع والشراء، ويتحقق ذلك بالبعد عن بيع أو شراء ما فيه مخالفات شرعية، أو محرمات، والتورع عن الشبهات.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “فَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ، فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَع”([24]).

قال ابن حجر: “وفيه أن المكتسب للمال من غير حله لا يبارك له فيه لتشبيهه بالذي يأكل ولا يشبع”([25]).

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:”إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَعَ فِي الْحَرَامِ”([26]).

قال عبد الله بن المبارك:” لأن أرد درهمًا من شبهة، أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف، ومائة ألف حتى بلغ ستمائة ألف”([27]).

وقد حرم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كل أشكال أكل أموال الناس بالباطل، وبين أن الأصل حرمة أموال المسلين، فلا يجوز الاعتداء عليها باي شكل من الأشكال.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لا تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَنَاجَشُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلاَ يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْع بَعْض ، وَكُونُوا عِبَادَ الله إخْوَاناً ، المُسْلِمُ أخُو المُسْلم : لاَ يَظْلِمُهُ ، وَلا يَحْقِرُهُ ، وَلاَ يَخْذُلُهُ ، التَّقْوَى هاهُنَا – ويشير إِلَى صدره ثلاث مرات – بحَسْب امْرىءٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ ، كُلُّ المُسْلم عَلَى المُسْلم حَرَامٌ ، دَمُهُ ومَالُهُ وعرْضُهُ”([28]).

ولقد كان السلف الصالح يُنَزِّهُون أموالهم من كل شائبة؛ خشية الوقوع في الحرام، وهذا سر عظيم في فضلهم، وعلو كعبهم في العلم والعبادة.

قال النضر بن شميل: “غَلَا الخَزُّ فِي مَوْضِعٍ كَانَ إِذَا غَلاَ هُنَاكَ غَلَا بِالبَصْرَةِ، وَكَانَ يُوْنُسُ بنُ عُبَيْدٍ خَزَّازًا فَعَلِمَ بِذَلِكَ فَاشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ مَتَاعًا بِثَلاَثِيْنَ أَلْفًا. فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لِصَاحِبِهِ: هَلْ كُنْتَ عَلِمتَ أَنَّ المَتَاعَ غَلَا بِأَرْضِ كَذَا وَكَذَا قَالَ: لَا وَلَوْ عَلِمتُ لَمْ أَبِعْ. قال: هلم إلي مالي، وخذ ما لك، فَرَدَّ عَلَيْهِ الثَّلاَثِيْنَ الأَلْف”([29]).

رابعا: معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بالبيع والشراء:

من المؤسف أن كثيرا ممن يمارسون العمل التجاري في زماننا هذا لا يعرفون شيئا من فقه التجارة مما يترتب عليه وقوع الكثير منهم في مخالفات شرعية، نتج عنها ظهور الكثير من الممارسات التجارية المنهي عنها كالبيع والشراء في وقت الجمعة، وممارسة بيعتين في بيعة، وبيع الحاضر للبادي، والوقوع في براثن الربا وغير ذلك.

وقد بيَّنَ العلماءُ رحمهم الله العلم الذي يجب تعلمه وجوبا عينيا، وبينوا ما هو فرض عين يجب على كل مسلم ومسلمة، فذكروا منه تعلم أحكام البيوع لمن يعمل بالتجارة، حتى لا يقع في الممارسات الخاطئة التي أشرنا إليها سابقا، وقد ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم ما يؤيد ذلك .

قال عمرُ بنُ الخطابِ رضيَ اللهُ عنه:” لا يَبِعْ فِيْ سُوْقِنَا إِلاْ مَنْ قَدْ تَفَقَّهَ فِيْ الدِّيْنِ”([30]).

وقالَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ رضيَ اللهُ عنه:” مَنِ أتَّجَرَ قبلَ أَنْ يَتَفَقَّهَ ارْتَطَمَ فِيْ الرِّبَا، ثُمَّ ارْتَطَمَ، ثُمَّ ارْتَطَمَ”([31]).

وقال الإمام الغزالي:” فهذا القدر من علم الفقه يجب تعلمه على كل مكتسب وإلا اقتحم الحرام من حيث لا يدري”([32]).

وقال أيضا:” يجب على التاجر تعلم النقد لا ليستقصي لنفسه ولكن لئلا يسلم إلى مسلم زيفا وهو لا يدري فيكون آثما بتقصيره في تعلم ذلك العلم، فكل علم عمل به يتم نصح المسلمين فيجب تحصيله ولمثل هذا كان السلف يتعلمون علامات النقد نظرا لدينهم لا لدنياهم”([33]).

وقال ابنُ عابدين نقلاً عن العَلامي:” وفرضٌ على كلِّ مكلّفٍ ومكلّفةٍ بعدَ تعلّمِه علمَ الدينِ والهدايةِ، تعلُّمُ علمِ الوضوءِ والغسلِ والصلاةِ الصومِ وعلم الزكاة لمن له نصاب، والحجّ لمن وجب عليه، والبيوعِ على التّجّارِ ليحترزوا عن الشّبهاتِ والمكروهاتِ في سائرِ المعاملاتِ، وكذا أهلِ الحِرَفِ، وكلُّ من اشتغلَ بشيءٍ يُفرَضُ عليه علمُه وحكمُه ليمتنعَ عن الحرامِ فيه” ([34]).

وقالَ النوويُّ:” أما البيع والنكاح وشبههما مما لا يجب أصله فقال إمام الحرمين والغزالي وغيرهما يتعين على من أراده تعلم كيفيته وشرطه وقيل لا يقال يتعين بل يقال يحرم الإقدام عليه إلا بعد معرفة شرطه وهذه العبارة أصح: وعبارتهما محمولة عليه “([35]).

وقال الغزاليُّ رحمه اللهُ:” لو كان هذا المسلم تاجراً وقد شاع في البلد معاملة الربا وجب عليه تعلم الحذر من الربا وهذا هو الحق في العلم الذي هو فرض عين ومعناه العلم بكيفية العمل الواجب فمن علم العلم الواجب ووقت وجوبه فقد علم العلم الذي هو فرض عين”([36]وقال أيضا:” كل عبد هو في مجاري أحواله في يومه وليلته لا يخلو من وقائع في عبادته ومعاملاته عن تجدد لوازم عليه فيلزمه السؤال عن كل ما يقع له من النوادر ويلزمه المبادرة إلى تعلم ما يتوقع وقوعه على القرب غالباً ” ([37]).

وقالَ علي بن الحسن بن شقيق لابنِ المبارك:” ما الذي لا يسع المؤمن من تعليم العلم إلا أن يطلبه؟ وما الذي يجب عليه أن يتعلمه قال:” لا يسعه أن يقدم على شيء إلا بعلم ولا يسعه حتى يسأل”([38]).

لذلك كان تعلم فقه التجارة من فروض الأعيان بالنسبة للتجار، فيتعلم أحكام التجارة والاستثمار في الإسلام حتى لا يكون مأكله ومشربه وملبسه حرام فيكون ذلك سبباً في عدم إجابة دعوته.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ:” يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ”، وَقَالَ:” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ” قَالَ وَذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ”([39]).

وقد تكفلت السنة المطهرة ببيان أحكام التجارة بيانا شافيا بما لا يدع عذرا لمعتذر؛ فقد بينت البيوع المنهي عنها ومنها:

1- بيع الغرر: فقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم كل بيع قائم على الجهل بالعاقبة أو التردد بين السلامة والعطب.  فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:”نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ وَبَيْعِ الْحَصَاةِ”([40]).

والغرر في اللغة: الجهل والخطر. ومداره في الاصطلاح على: الجهل بالعاقبة أو التردد بين السلامة والعطب([41]).

قال الإمام الترمذي رحمه الله بعد إيراده الحديث السابق:” وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس وأبي سعيد وأنس قال أبو عيسى حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم كرهوا بيع الغرر قال الشافعي ومن بيوع الغرر بيع السمك في الماء وبيع العبد الآبق وبيع الطير في السماء ونحو ذلك من البيوع ومعنى بيع الحصاة أن يقول البائع للمشتري إذا نبذت إليك بالحصاة فقد وجب البيع فيما بيني وبينك وهذا شبيه ببيع المنابذة وكان هذا من بيوع أهل الجاهلية”([42]).

2–  النجش في البيع:

والنجش هو الزيادة في ثمن السلعة لا لقصد شرائها، وإنما لترغيب غيره فيها([43]).

وهو معروف ومشهور في المعاملات التجارية؛ حيث يقوم بعض الوسطاء (السماسرة) بإيهام المشتري بأنه مشتر آخر ويزيد في ثمن السلعة حتى يزيد همة المشتري فيعجل بشراء السلعة.

وقد وردت الأحاديث الصحيحة في تحريم النجش؛ فعن ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ النَّجْشِ”([44]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التلقي وأن يبتاع المهاجر للأعرابي وأن تشترط المرأة طلاق أختها وأن يستام الرجل على سوم أخيه ونهى عن النجش وعن التصرية”([45]).

وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” لا تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَنَاجَشُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْع بَعْض ، وَكُونُوا عِبَادَ الله إخْوَاناً ، المُسْلِمُ أخُو المُسْلم : لاَ يَظْلِمُهُ ، وَلا يَحْقِرُهُ ، وَلاَ يَخْذُلُهُ ، التَّقْوَى هاهُنَا – ويشير إِلَى صدره ثلاث مرات – بحَسْب امْرىءٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ ، كُلُّ المُسْلم عَلَى المُسْلم حَرَامٌ ، دَمُهُ ومَالُهُ وعرْضُهُ”([46]).

3- بيع المسلم على بيع أخيه:

فقد بينت السنة أنه لا يجوز للمسلم أن يبيع على بيع أخيه المسلم حتى ولو أعطاه المشتري الثاني أكثر من الأول.

فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” لاَ يَبِيعُ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ أَخِيه”([47]).

4- حرمة بيع الحاضر للبادي:

وصورته: عند الجمهور أن يصير الحاضر سمسارا للبادي البائع، فيقول له: لا تبع أنت أنا أعلم بذلك، فيتوكل له ويبيع ويغالي، ولو تركه يبيع لنفسه لرخص على الناس. وقيل: إن المقصود أن يبيع الحاضر سلعته إلى البدوي طمعا في الثمن الغالي فيضر ذلك بأهل الحاضرة، والأول أرجح وهو المعتمد([48]).

وعلة هذا النهي عن هذا البيع عند الجمهور ما يؤدي إليه من الإضرار بأهل البلد والتضييق على الناس، لأنه متى ترك البدوي يبيع سلعته اشتراها الناس برخص، وكانوا في سعة، فإذا تولى الحاضر بيعها وامتنع من بيعها إلا بسعر البلد ضاق على أهل البلد.

وعلة النهي على التفسير الآخر ما يؤدي إليه من الإضرار بأهل المصر من جهة أخرى غير الرخص وهو ندرة السلع، إذ قد يكون أهل البلد في حال قحط وحاجة إلى الطعام والعلف، والحضري يأبى أن يبيع ذلك إلا لأهل البدو طمعا في زيادة الثمن([49]).

قال الإمام الغزالي”ونهى أن يبيع حاضر لباد وهو أن يقدم البدوي البلد ومعه قوت يريد أن يتسارع إلى بيعه فيقول له الحضري اتركه عندي حتى أغالي في ثمنه وأنتظر ارتفاع سعره وهذا في القوت محرم وفي سائر السلع خلاف والأظهر تحريمه لعموم النهي ولأنه تأخير للتضييق على الناس على الجملة من غير فائدة للفضولي المضيق”([50]).

وقد وردت الأحاديث الصحيحة الصريحة في المنع من ذلك البيع:

عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ”([51]).  ومنها حديث أنس” نهينا أن يبيع حاضر لباد، وإن كان أخاه أو أباه”([52]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التلقي وأن يبتاع المهاجر للأعرابي وأن تشترط المرأة طلاق أختها وأن يستام الرجل على سوم أخيه ونهى عن النجش وعن التصرية”([53]).

وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:” نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ، وَلاَ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ”، قُلْتُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ لاَ يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لاَ يَكُونُ لَهُ سِمْسَارًا”([54]).

5- بيع الكالئ بالكالئ:

والكالئ بالكالئ: أن يبيع الرجل دينا له على رجل، بدين على رجل آخر؛  عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ” نَهَى عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ”([55]).

وهذا النوع من البيوع مجمع على منعه، كما نقل ذلك غير واحد من أهل العلم؛ منهم أحمد وابن المنذر وابن رشد والسبكي وغيرهم إجماع أهل العلم على أن بيع الدين بالدين غير جائز ([56]).

وعلة منعهذا النوع من البيع ما يشتمل عليه من الغرر وما يفضي إليه من الربا، ومن الخصومة والتنازع.

6- بيعتين في بيعة:

وصورته المحرمة؛ أن يبيع السلعة بثمنين مختلفين: مؤجل ومعجل على جهة الإبهام من دون اختيار أحدهما ([57]).

قال الإمام النووي:” قال المصنف رحمه الله: فان قال بعتك بألف مثقال ذهبا وفضة فالبيع باطل لانه لم يبين القدر من كل واحد منهما فكان باطلا  وان قال بعتك بألف نقد أو بألفين نسيئة فالبيع باطل لانه لم يعقد على ثمن بعينه فهو كما لو قال بعتك أحد هذين العبدين” ([58]).

وقال الإمام الشافعي:” ومن معنى نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة أن يقول: أبيعك داري هذه بكذا على أن تبيعني غلامك بكذا، فإذا وجب لي غلامك وجب لك داري، وهذا يفارق عن بيع بغير ثمن معلوم، ولا يدري كل واحد منهما على ما وقعت عليه صفقته”([59]).

وقد فسر الإمام الشافعي وغيره من العلماء البيعتين في بيعة بتفسيرين: أحدهما: أن يقول بعتك هذا بعشرة نقدا أو بعشرين نسيئة، والثاني: أن يقول بعتكه بمائة مثلا على أن تبيعني دارك بكذا وكذا([60]).

ومن الأحاديث الدالة على النهي عن البيعتين في بيعة:

ما رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:” نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ”([61]).

قال الإمام الترمذي:” وقد فسر بعض أهل العلم قالوا: بيعتين في بيعة أن يقول: أبيعك هذا الثوب بنقد بعشرة، وبنسيئة بعشرين، ولا يفارقه على أحد البيعين، فإذا فارقه على أحدهما فلا بأس إذا كانت العقدة على أحد منهما”([62]).

7- حرمة شرطين في بيع:

عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:” لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ، وَلَا شَرْطَانِ فِي بَيْعٍ، وَلَا رِبْحُ مَا لَمْ يُضْمَنْ، وَلَا بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك”([63]).

قال الإمام الخطابي:” فإنه بمنزلة بيعتين وهو أن يقول بعتك هذا الثوب نقداً بدينار ونسيئة بدينارين فهذا بيع واحد تضمن شرطين يختلف المقصود منه باختلافهما وهو الثمن، ويدخله الغرر والجهالة ولا فرق في مثل هذا بين شرط واحد وبين شرطين أو شروط ذات عدد في مذاهب أكثر العلماء ([64]). وسبب النهي عنه: أن فيه غرر وسيفضي إلى التنازع.

8- حرمة بيع الثُنْيا: والمقصود ببيع الثُنْيا المحرم: هو استثناء قدر أو جزء غير معلوم من الشيء المباع؛ كأن يقول البائع للمشتري بعتك هذا البيت إلا غرفة منه، فن أطلق ولم يحدد غرفة بعينها فلا يجوز؛ لأنه استثناء مجهول يفضي إلى المنازعة بين المتبايعين، أما إن حدد غرفة بعينها جاز.

فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ،رضي الله عنهما، قَالَ:” نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْمُحَاقَلَةِ، وَالْمُزَابَنَةِ، وَالْمُعَاوَمَةِ، وَالْمُخَابَرَةِ – قَالَ أَحَدُهُمَا: بَيْعُ السِّنِينَ هِيَ الْمُعَاوَمَةُ – وَعَنِ الثُّنْيَا، وَرَخَّصَ فِي الْعَرَايَا”([65]).

وفي رواية: ” نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ المُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ، وَعَنِ الثُّنْيَا إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ”([66]).

قال الخطابي:” وبيع الثنيا المنهي عنه أن يبيعه ثمرحائطه ويستثني منه جزءاً غير معلوم قيبطل لأن المبيع حينئذ يكون مجهولا فإذا كان ما يستثنيه شيئا معلوماً كالثلث والربع ونحوه كان جائزا فكذلك إذا باعه صبرة طعام جزافاً واستثني منه قفيزاً أو قفيزين كان جائزا لأنه استثنى معلوماً من معلوم” ([67]).

وغير ذلك من المعاملات التجارية التي نهى عنها الإسلام والتي ينبغي على التاجر المسلم الإلمام بأحكامها حتى لا يقع في المحظور، لكن يضيق المقام عن ذكرها.

سادسا: الأهلية والقدرة على ممارسة التجارة: ويقصد بها عدة أمور:

الأول: أن يكون التاجر على دراية بأصول التجارة، وأحوالها، وتفاصيلها الدقيقة، وبأحوال الأسواق والسلع وأنواعها، وأكثرها طلبا، وكيفية تسعيرها، والطرق المتبعة في التسعير، والعوامل المؤثرة في تحديد الأسعار وغير ذلك من الأمور التي تساعد التاجر على فهم العملية التجارية بصورة أكبر، وتحقق له القدر الأكبر من التوفيق والنجاح.

الثاني: الشجاعة في اتخاذ القرارات التجارية بعد الأخذ بالأسباب:

لابد أن يتمتع التاجر بالشجاعة والإقدام في المبادرات التجارية المدروسة؛ لأنها من العوامل الرئيسية لنجاح التجارة.

وقد عقد ابن خلدون رحمه الله تعالى فصلا في مقدمته تحدث فيه عن تعريف التجارة، وأشكالها، والمشكلات التي يواجهها التاجر في سبيل الحصول على الربح؛ كغش التجار وتطفيفهم المجحف بالبضائع، ومطلهم في أثمان البضائع المجحف بالربح، وأوصى التاجر أن يتحلى بالجرأة والإقدام فقال:” وأمّا من كان فاقدا للجراءة والإقدام من نفسه فاقد الجاه من الحكّام فينبغي له أن يجتنب الاحتراف بالتّجارة لأنّه يعرّض ماله للضّياع والذّهاب ويصير مأكلة للباعة ولا يكاد ينتصف منهم لأنّ الغالب في النّاس وخصوصا الرّعاع والباعة شرهون إلى ما في أيدي النّاس سواهم متوثّبون عليه.ولولا وازع الأحكام لأصبحت أموال النّاس نهبا ([68]).

لكن يجب أن تكون هذه الشجاعة مرهونة بأمرين الأول: الأخذ بالأسباب؛ وقد علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم الاستخارة في كل أمور حياتنا؛ روى البخاري، عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلَّمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يعلّمنا السورة من القرآن ويقول: “إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ، ثُمَّ يَقُول: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ يُسَمِّيهِ بِاسْمِهِ، خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ، وَيَذْكُر الأَمْرَ وَيُسَمِيهِ، شَرٌّ لِي فِي دِينِي، وَمَعَاشِي، وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ” ([69]).

الثاني:سؤال أهل الخبرة والاختصاص:

إن من أسباب نجاح التاجر؛ العلم والإحاطة بكل ما يتعلق بالعملية التجارية، سواء من الناحية الشرعية، أو الاقتصادية، أو الاجتماعية أو غير ذلك، ولا شك أن سؤال أهل الخبرة والاختصاص من أهم أسباب تحصيل هذا العلم؛ لذلك كان من الضروري بالنسبة للمشتغل بالتجارة أن يرجع إلى أهل الخبرة قبل الإقدام على التجارة، وإذا ألم به أمر بعد الاشتغال بها.

وقد لام الرسول صلى الله عليه وسلم قوما من الصحابة خاضوا فيما ليس له به علم فتسببوا في هلاك أحدهم، وبين صلى الله عليه وسلم أن الجهل داء، وأن دواءه السؤال.

فعن عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ، يُخْبِرُ أَنَّ رَجُلًا، أَصَابَهُ جَرْحٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلَامٌ، فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ:” قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالَ” فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ:” لَوْ غَسَلَ جَسَدَهُ، وَتَرَكَ رَأْسَهُ حَيْثُ أَصَابَهُ الْجَرْحُ”([70]).

قال ابن عبد البر:” وهذا يلزم كل مومن ومومنة إذا جهل شيئا من دينه أن يسأل عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاء العي السؤال”([71]).

وكم من أقدام زلت وتجارات بارت بسبب جهل أصحابها وعدم سؤالهم، واقتحامهم مجال التجارة دون سابق خبرة أو معرفة.

إلى غير ذلك من المبادئ والضوابط التي يضيق المقام عن ذكرها. هذا وللموضوع بقية إن شاء الله.

أهم المصادر والمراجع

الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، لمحمد بن حبان بن أحمد بن حبان بن معاذ بن مَعْبدَ، التميمي، أبو حاتم، الدارمي، البُستي (المتوفى: 354هـ)، ترتيب: الأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي (المتوفى: 739 هـ)، ت: شعيب الأرنؤوط، ط: مؤسسة الرسالة، بيروت، ط: الأولى، 1408 هـ – 1988 م.

إحياء علوم الدين، لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505هـ)، ط: دار المعرفة – بيروت.

ارتباط المعاملات بالأخلاق، مقال للدكتور شوقي علام، منشور بموقع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، بتاريخ 13 يوليو 2013م.

الاستذكار، لأبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي (المتوفى: 463هـ)، ت: سالم محمد عطا، محمد علي معوض، ط: دار الكتب العلمية – بيروت، ط: الأولى، 1421 – 2000 .

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، لمحمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ)، ط: دار الفكر للطباعة و النشر و التوزيع بيروت – لبنان، 1415 هـ – 1995 مـ.

بحوث مقارنة في الفقه الإسلامي وأصوله، للدكتور فتحي الدريني، ط: مؤسسة الرسالة، ب ت.

تفسير القرآن الحكيم (تفسير المنار)، لمحمد رشيد بن علي رضا بن محمد شمس الدين بن محمد بهاء الدين بن منلا علي خليفة القلموني الحسيني (المتوفى: 1354هـ)، ط: الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1990 م.

جامع البيان في تأويل القرآن، لمحمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري (المتوفى: 310هـ)، ت: أحمد محمد شاكر، ط: مؤسسة الرسالة، ط: الأولى، 1420 هـ – 2000 م

الجامع الصحيح المختصر، لمحمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي، ت: د. مصطفى ديب البغا، ط: دار ابن كثير ، اليمامة – بيروت – ط: الثالثة،1407 هـ- 1987 م.

الجامع لأحكام القرآن = تفسير القرطبي، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)، ت: أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، ط: دار الكتب المصرية – القاهرة، ط: الثانية، 1384هـ  م.

الجواهر اللؤلؤية في شرح الأربعين النووية، لمحمد بن عبد الله الجرداني الدمياطي (ت 1331هـ، تحقيق: عبد الله المنشاوي، مكتبة الإيمان بالمنصورة – مصر، الطبعة الأولى.

سنن ابن ماجه،  ابن ماجة – وماجة اسم أبيه يزيد – أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني (المتوفى: 273هـ)، ت: شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد – محمَّد كامل قره بللي – عَبد اللّطيف حرز الله، ط: دار الرسالة العالمية، ط: الأولى، 1430 هـ .

سنن أبي داود، لسليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الأزدي، ط: دار الفكر، ت: محمد محيي الدين عبد الحميد ب د ت.

سنن الترمذي، محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي، أبو عيسى (ت 279هـ)، ت:أحمد محمد شاكر، ومحمد فؤاد عبد الباقي، وإبراهيم عطوة عوض المدرس في الأزهر الشريف، ط: شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر، ط: الثانية، 1395 هـ – 1975 م.

شرح صحيح البخارى لابن بطال،  ابن بطال أبو الحسن علي بن خلف بن عبد الملك (المتوفى: 449هـ)، ت: أبو تميم ياسر بن إبراهيم، ط: مكتبة الرشد – السعودية، الرياض، ط: الثانية، 1423هـ – 2003م.

شرح مشكل الآثار، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة بن عبد الملك بن سلمة الأزدي الحجري المصري المعروف بالطحاوي (المتوفى: 321هـ)، ت: شعيب الأرنؤوط، ط: مؤسسة الرسالة، ط: الأولى – 1415 هـ، 1494 م.

شعب الإيمان، لأحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ)، حققه وراجع نصوصه وخرج أحاديثه: الدكتور عبد العلي عبد الحميد حامد، أشرف على تحقيقه وتخريج أحاديثه: مختار أحمد الندوي، صاحب الدار السلفية – الهند، ط: مكتبة الرشد للنشر والتوزيع بالرياض بالتعاون مع الدار السلفية بالهند، ط: الأولى، 1423 هـ م.

صحيح مسلم، لمسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري، ط: دار إحياء التراث العربي – بيروت، ت: محمد فؤاد عبد الباقي ب د ت، ط: الأولى، 1356

عجائب الهند، لبزرك بن شهريار، ط: دار الكتب الوطنية بهيئة أبوظبي للثقافة والتراث.

فتح الباري شرح صحيح البخاري، لأحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي، ط: دار المعرفة – بيروت، ت: محب الدين الخطيب ب د ت.

فيض القدير شرح الجامع الصغير، لزين الدين محمد المدعو بعبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري (المتوفى: 1031هـ)، ط: المكتبة التجارية الكبرى – مصر

([1])  تفسير البغوي (8/123).

([2]) تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم (10/3356).

([3])  تفسير ابن كثير (8/269).

([4])  تفسير القاسمي (9/346).

([5])  أخرجه أبو داود في سننه، كتاب البيوع، باب في الرجل يأكل من مال ولده (3/288ح 2538).

([6])  أخرجه ابن حبان في صحيحه (1/481ح 247)، بإسناد حسن.

([7])  أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة باب الاستعفاف عن المسألة (2/123ح 1471).

([8]) أخرجه أبو داود في سننه، كتاب الزكاة، باب ما تجوز فيه المسألة (2/120ح 1641)، والترمذي كتاب البيوع، باب ما جاء في بيع من يزيد (3/514ح 1218)، وقال أبو عيسى:” هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان، وعبد الله الحنفي الذي روى عن أنس هو أبو بكر الحنفي والعمل على هذا عند بعض أهل العلم.

([9])أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب التفسير باب ما جاء في قول الله تعالى:” فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون” (3/53ح 2049).

([10]) درسات في السياسات الإسلامية، العمري، (ص34)، (بيروت،د.ت)،الإسلام ظهوره وانتشاره في العالم، عبد القادر حامد، (ص267)، القاهرة، 1956م.

([11])كتاب عجائب الهند بره وبحره وجزايره، ابن شهريار، برزك (ص 59)، القاهرة 1908م).

 ([12])أخرجه الحاكم في المستدرك (4/360 ح 7921)، وقال:” هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه”.

([13]) جامع العلوم الحكم (1/205).

([14]) أخرجه الترمذي في سننه، باب مناقب عثمان بن عفان (5/627ح 3703).

([15]) أخرجه الطبراني في الكبير (2/41ح 1226).

 ([16])أخرجه الترمذي في سننه، باب مناقب عثمان بن عفان (5/627ح 3703).

 ([17])أخرجه الحاكم في المستدرك (2/66 ح 2345)، وقال:” هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم و لم يخرجاه”، وقال الذهبي:” على شرط مسلم”.

 ([18])الجواهر اللؤلؤية شرح الأربعين النووية (ص302).

 ([19])أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا (1/199ح 102).

 ([20])أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا (1/266ح 146).

 ([21])أخرجه الحاكم في المستدرك (2/10ح 2153)، وقال:” هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه هكذا، وقال الذهبي:” رواه مسلم بلفظ آخر”.

 ([22])شرح النووي على صحيح مسلم (1/109).

([23])  إحياء علوم الدين (2/75).

 ([24])متفق عليه؛ فقد أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب الصدقة على اليتامى(5/311ح1372)، ومسلم كتاب الزكاة، باب تخوف ما يخرج من زهرة الدنيا (2/717ح1035).

 ([25])فتح الباري (11/249).

 ([26])متفق عليه؛ فقد أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه (1/190ح50)، ومسلم كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات (3/1218ح1599).

 ([27])صفة الصفوة (4/139).

 ([28])أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله (4/1986ح 2564).

([29]) سير أعلام النبلاء (6/293).

 ([30])أخرجه الترمذي في سننه بإسناد حسن، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم،  (2/357ح 487).

 ([31])مغني المحتاج (2/22).

([32]) إحياء علوم الدين (2/72).

 ([33])إحياء علوم الدين (2/74).

([34])  الدر المختار وحاشية ابن عابدين (1/42).

([35]) المجموع شرح المهذب (1/25).

([36]) إحياء علوم الدين (1/15).

([37])  إحياء علوم الدين (1/16).

([38]) جامع بيان العلم وفضله (1/56).

 ([39])أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتربيتها (2/703ح 1015).

 ([40])أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب البيوع،  باب بطلان بيع الحصاة، والبيع الذي فيه غرر (3/1153ح 1513).

 ([41])شرح حدود ابن عرفة (ص253).

 ([42]) سنن الإمام الترمذي (3/524).

 ([43]) النهاية في غريب الحديث والأثر (5/99).

 ([44])متفق عليه؛ فقد أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الحيل، باب ما يكره من التناجش (9/24ح6963)، ومسلم كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم النجش وتحريم التصرية (3/1156ح1516).

 ([45])متفق عليه؛ فقد أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الطلاق، باب الشروط في الطلاق (3/192ح2727)، ومسلم كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرجل على بيع أخيه وسومه على سومه وتحريم النجش وتحريم التصرية (3/1154ح1515).

 ([46])سبق تخريجه.

 ([47])متفق عليه : أخرجه البخاري كتاب البيوع، باب لا يبيع على بيع أخيه (3/69ح 2139)، و أخرجه مسلم الموضع السابق (3/1153).

 ([48])مالا يسع التاجر جهله (ص 69).

 ([49])مالا يسع التاجر جهله (ص 70).

([50]) إحياء علوم الدين (2/78).

 ([51])أخرجه مسلم في كتاب البيوع، باب تحريم بيع الحاضر للبادي (3/1157).

 ([52])أخرجه البخاري في كتاب البيوع باب لا يشتري حاضر لباد بالمسرة رقم (3/ 72ح 2161) ومسلم – الموضع السابق – (3/1153).

 ([53])سبق تخريجه، ينظر (ص 11).

([54])  أخرجه البخاري في كتاب الإجارة،  باب أجر السمسرة (3/ 92ح 2274).

([55])  أخرجه الحاكم في المستدرك (2/65 ح2342)، وقال:” هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ”، وقال الذهبي:” على شرط مسلم”.

([56]) الموسوعة الفقهية الكويتية (21/127).

([57])  ينظر: مالا يسع التاجر جهله (ص48).

([58]) المجموع شرح المهذب (9/338).

([59]) ينظر: سنن الترمذي (3/525 ح 1231).

 ([60])المجموع شرح المهذب (9/338).

([61])  أخرجه الترمذي في سننه، أبواب البيوع، باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة (3/525 ح 1231)، وقال:” وفي الباب عن عبد الله بن عمرو، وابن عمر، وابن مسعود:”حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح» والعمل على هذا عند أهل العلم”.

([62])  ينظر: سنن الترمذي (3/525 ح 1231).

([63]) أخرجه الحاكم في مستدركه (2/21ح 2185)، وقال:” هذا حديث على شرط جملة من أئمة المسلمين صحيح”، ووافقه الحافظ الذهبي.

([64])  معالم السنن (3/143).

([65]) أخرجه مسلم، كتاب البيوع، باب النهي عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها (3/175ح 1536).

([66]) أخرجه أبو داود، كتاب البيوع، باب في المخابرة (3/262ح 3404)، بإسناد صحيح.

([67])  معالم السنن (3/97).

([68]) مقدمة ابن خلون (1/495).

([69]) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الدعاء، باب الدعاء عند الاستخارة (8/81ح 6382).

([70])  أخرجه الحاكم في المستدرك (1/285ح 630)، وسكت عنه، وقال الذهبي:” على شرطهما”.

([71]) التمهيد (8/338).

4/5 - (4 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى