دور القيادة السياسية الروسية في تعزيز الأمن السيبراني (2012- 2023)
اعداد : ميار عادل فتحي عبد الحميد – & تقى حامد معوض عبد الحميد – إشراف : د. نفين عبد الخالق & د. دلال محمود – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
أولًا: المقدمة:
يشهد العالم حالياً العديد من التحولات الجذرية نتيجة التحول الهائل في نمو تكنولوجيا المعلومات، التي أدت بدورها إلى ظهور أشكال جديدة من العلاقات والنشاطات المختلفة في جميع المجالات الدولية، حيث أطلق على عصرنا اليوم عصر الثورة الرقمية والإلكترونية، كما أصبحت البيانات والمعلومات سلاح هذا العصر، حيث باتت دول العالم جميعا تسعى إلى تطوير وسائل اتصالاتها الإلكترونية لكي تلحق بركاب باقي الدول، دخلت هذه الوسائل الإلكترونية بقوة في جميع مجالات الحياة الإنسانية، وأصبحت الأداة الأكثر تأثيرًا في حياة الشعوب وليس فقط الحكومات ودول العالم المختلفة.
عقب انتهاء الحرب الباردة ظهرت مجموعة من التحديات والتهديدات التي لم يشهدها المجتمع الدولي من قبل، وتسمى تلك التهديدات بالعابرة للحدود، حيث تعتبر من أعمق وأخطر التهديدات التي تهدد الأمن القومي لدول العالم، فلم تصبح الحروب قائمة على الجيوش والأدوات العسكرية فحسب، وإنما تجاوزت ذلك لتصبح الحروب الإلكترونية أو ما تعرف بالحروب السيبرانية، تلك الحروب أخطر من الحروب والأدوات العسكرية المباشرة، التي لا نرى آثارها بالعين، وإنما هي حروب خفية تتم عبر أجهزة حاسوب لتصبح المعلومة هي سلاح هذه الحروب.
وبينما تسعى الحكومات لتعزيز مصادر قوتها الصلبة المتمثلة في الجانب الاقتصادي والعسكري، تزايد الاعتماد وبشكل أساسي على القوي الناعمة، وأصبحت هي البديل عن الحروب المباشرة بين الدول، وأصبحت التقنيات التكنولوجية الحديثة هي المجال الأول عالمياً لإلحاق الضرر والتهديد بأمن واستقرار الدول والحكومات.
وفي وَسَط هذا الكم من التهديدات التي باتت تهدد أمن واستقرار وسيادة الدول، أصبح لا بد لهذه الدول من أخذ إجراءات جِدية لتطوير أجهزتها التكنولوجية والمعلوماتية، كي لا تتعرض لهجمات سيبرانية مثل التعرض لعمليات تجسس أو الاختراق عن طريق الفيروسات المدمرة أو هجمات التجسس الاقتصادية والمالية، هذا بالإضافة إلى تعرض المعلومات العسكرية الاستراتيجية بشركات صناعة الأسلحة العسكرية والنووية لخطر الاختراق.
وأصبح للقيادة السياسية دور مهم في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني، حيث باتت دول العالم جميعا تسعى إلى تطوير استراتيجياتها لتستطيع أن تحمي أمنها السيبراني في عصر يسود فيه تنامي للجريمة الرقمية، التي يسلب ويهدد الأمن القومي، ويهدد حياة الدول والشعوب، ولذلك فما كان للقيادات السياسة وخاصة دول العالم الأول سوى الإسراع نحو وضع استراتيجية تدعم أمنها السيبراني وتحميه من القرصنة الإلكترونية، حيث يتم وضع استراتيجية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وقانونية تنظم الشكل العام لتلك الاستراتيجية كما تقوم بتطبيقها على أفراد الدولة كافة .
وبتطبيق دور القيادة السياسية في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني نخص بالذكر القيادة الروسية بقيادة الرئيس بوتن والتي كان له الفضل في تعزيز القوة السيبرانية الروسية، وفيما يلي سنتناول دور القيادة السياسية الروسية في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني، من خلال تحليل دور الرئيس بوتين وتحليل الاستراتيجية الروسية الجديدة.
ثانياً: المشكلة البحثية:
يحظى الأمن السيبراني باهتمام العديد من الباحثين السياسيين، ويرجع ذلك إلى التقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي يشهدها العصر الحالي، والتي أحدثت تغيير في شكل النسق الدولي نتيجة ما خلفه الأمن السيبراني من أشكال لتهديدات غير تقليدية، والتي أصبحت تهدد أمن ومصالح الدول والشعوب.
وقد اهتمت دول العالم أجمع بتطوير الوسائل التكنولوجية فيما يعزز الأمن السيبراني لديها، كي تحافظ على أمنها القومي، كما تعزز قدرة الدولة على تخطي التهديدات الكامنة في الفضاء السيبراني، والتي تحاول بدورها أن تحمي نظم المعلومات الأمنية والعسكرية والاقتصادية المختلفة دون التعرض للقرصنة أو الاختراق.
لذلك تسعي القيادات السياسية المختلفة إلى تعزيز أمنها السيبراني لحماية أمنها القومي، فيما يدعم نظمها المعلوماتية والتكنولوجية المختلفة، والتي تضع بدورها أُطر تشريعية وقانونية واجتماعية تنظم وتعزز حركة الأمن السيبراني داخل حدود الدولة وخارجها.
وتؤثر معتقدات وتوجهات وآراء القيادة السياسية في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني، فكلما كانت القيادة السياسية مواكبة للتغيرات التي تحدث على الساحة الدولية، كلما عزز ذلك من قوة الأمن السيبراني.
وقد تزايد الاهتمام الروسي بقضايا الأمن السيبراني، وقد بُنيت استراتيجية الأمن السيبراني على ايمان الدولة الروسية بأهمية هذا المجال، واتخاذ الإجراءات الاحترازية لمنع أي هجمات على معلوماتها القومية والأمنية، كما وضعت الأمن السيبراني داخل إطار الاستراتيجية العسكرية، لحماية معلومات جيشها حتى لا تتعرض للاختراق، ويُظهر ذلك اهتمام الرئيس الروسي فلادييمير بوتين الشديد لوضع استراتيجية أمنية سيبرانية تعزز من قوة الأمن السيبراني الروسي، وظهر حرصه الشديد على تجديد تلك الاستراتيجية وفقًا لما هو مستحدث على الساحة الدولية فيما يعود بالنفع على أمن روسيا القومي.
وتتمحور مشكلة الدراسة حول دور القيادة السياسية الروسية في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني في الفترة الممتدة من 2012 -2023، وهنا يكمن السؤال العام، ما مدى تأثير دور القائد السياسي في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني؟
وبالتطبيق على الحالة الروسية يصبح السؤال الأساسي: ما تأثير دور الرئيس بوتين في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني في الفترة الممتدة من 2012-2023؟
وتتمحور الأسئلة الفرعية حول:
- ما هي القيادة السياسية وأنماطها المختلفة؟
- ما مفهوم الأمن السيبراني؟
- ما هي دور أبعاد الأمن السيبراني وأهميته وأهدافه؟
- ما أنواع التهديدات غير التقليدية؟
- ما دور القيادة السياسية في وضع استراتيجيات الأمن القومي؟
- ما تأثير سمات الشخصية القيادية على استراتيجيات الأمن القومي؟
- ما دور الرئيس الروسي بوتن في تطوير استراتيجية الأمن السيبراني الروسي؟
- كيف أثرت القيادة السياسية الروسية في الصعود الروسي في الفضاء السيبراني؟
- كيف أثر الرئيس الروسي بوتن في تغيير ميزان القوى في محاولة لإزاحة الأحادية القطبية؟
ثالثًا: حدود الدراسة:
- التحديد الزماني: تطبق الدراسة على روسيا واستخدامها للقوة السيبرانية، وتبدأ فترة الدراسة من عام 2012 حتى عام 2023 وهي فترة إدراك القيادة السياسية الروسية التي يترأسها بوتين بأهمية تحديث استراتيجية الأمن الروسي ووضع الأمن السيبراني في إطار أولويات استراتيجية الأمن القومي تماشياً مع التطورات التكنولوجية العالمية، فقد ذكر الرئيس بوتين في خطابه أن الحرب الراهنة أصبحت حربًا إلكترونية أكثر من كونها عسكرية لذلك تسعى روسيا حثيثًا نحو تطوير قدراتها السيبرانية في كافة المجالات الحياتية، حتى عام 2023م وهو عام إصدار الدراسة.
- التحديد المكاني: تم اختيار دولة روسيا باعتبارها تلعب دورًا ريادياً هاماً في مجال الأمن السيبراني، وهو ما يظهر في تطوير روسيا لمراكزها البحثية وتطوير أجهزتها الأمنية التي تختص بقضايا الأمن السيبراني، ونرى ذلك من خلال صعودها في مؤشرات القوة السيبرانية.
- التحديد الموضوعي: تنتمي هذه الدراسة إلى حقل النظم السياسية، وفقًا لما شهده النظام السياسي الروسي من تغيرات وتطورات متلاحقة في الأجندة الروسية منذ تولي الرئيس فلاديمير بوتين رئاسة روسيا الاتحادية، كما أن لها تأثيرًا أيضاً على حقل العلاقات الدولية، نظرا لما شهدته الساحة الدولية من تغيرات واضحة في ميزان القوى بعد الصعود الروسي.
رابعًا: الأهداف:
يهدف البحث إلى التعرف على أثر توجهات القيادة السياسية على الاستراتيجية السيبرانية، باعتبارها أحد أبعاد استراتيجية الأمن القومي، وذلك باعتباره موضوع حديث يتعلق بأثر انتشار التكنولوجيا والثورة المعلوماتية واستخدامها في الحياة السياسية.
كما تحاول الدراسة الوصول إلى تأثير القيادات السياسية في الفضاء السيبراني، وكيف يؤثر هذا الفضاء على أجندات القيادات السياسية وسياسات الدول بشكل عام، وبشكل خاص يهدف البحث إلى تحليل الدور الذي لعبه الرئيس بوتين في تعزيز صعود الدور الروسي في الفضاء السيبراني.
خامسًا: الفروض العلمية:
كلما زاد وعي القيادة السياسية بالتهديدات غير التقليدية زاد الاهتمام بتعزيز وتفعيل الردود الغير التقليدية، حيث إن هناك علاقة طردية بين وعي القيادة السياسية بالمجال المعلوماتي وتعزيز الاستراتيجية السيبرانية، وكلما تغيرت توجهات ورؤى القيادة السياسية تتغير استراتيجية الأمن القومي للدولة.
وهناك علاقة طردية قوية بين الدور البارز الذي لعبته القيادة السياسية الروسية وصعود المكانة الدولية لروسيا في الفضاء السيبراني، حيث إن وصول الرئيس بوتين إلى الحكم في روسيا يُعد سببًا أساسيًا في زيادة رغبة التوجهات السياسية الروسية في تغيير موازين القوى العالمية (أحادية القطبية)، ويمكن رؤية ذلك بشكل واضح في الاستراتيجية السيبرانية الجديدة.
سادسًا: أهمية الدراسة:
- الأهمية النظرية: تتمثل أهمية الدراسة في أنها إضافة للبحث العلمي، فهناك فجوة علمية، حيث إن هناك شحًا في الكتابات العلمية حول هذه النقطة، فلا توجد الكثير من الأدبيات أو الدراسات التي تتناول الدور الذي تلعبه القيادة السياسية في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني فيما يواكب التطورات التكنولوجية العالمية الراهنة التي لم تعد تقتصر على تلبية احتياجات الأفراد، لذلك ترجع أهمية الدراسة في أنها دراسة جديدة تتناول موضوع جديد لم يتطرق إليه الكثيرون من قبل، كما أن هذه الدراسة لم تقف عند مرحلة الرصد والوصف، وإنما انتقلت أيضًا إلى مرحلة التفسير والتحليل.
- الأهمية التطبيقية: لم يتوقف البحث على التفسير النظري فقط، بل أضاف التطبيق على الحالة الروسية من خلال التركيز على الدور الذي يلعبه الرئيس الروسي بوتن في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني في الفترة الممتدة من (2012- 2023)، حيث أعطى الرئيس الروسي بوتن أهمية شديدة للأمن السيبراني حيث وضعها على قائمة أولويات استراتيجية الأمن القومي، مشيرًا إلى تنامي دور القدرات الإلكترونية السيبرانية على هياكل القوى العالمية والإقليمية المختلفة، فقد صدق الرئيس الروسي بوتن على تجديد استراتيجية الأمن القومي الروسي لتواكب مستجدات الساحة الدولية وتداعيات تلك الاستراتيجية على الدولة الروسية.
سابعًا: الأدبيات السابقة: يقدم الباحث الأدبيات السابقة المتعلقة بالحالة البحثية وفقًا لطريقة المتغيرات، ويهدف هذا العرض التقديمي إلى حل المشكلة عن طريق تقسيم الأدبيات السابقة إلى ثلاثة محاور:
- المحور الأول (الدراسات التي اهتمت بالقيادة السياسية):
مقال منار شوقي أحمد محمد إسماعيل، 2016، بعنوان دور القيادة السياسية في عملية التحول الديمقراطي في نيجريا خلال حكم أولوسيجون[1].
تناولت المقالة مفهوم القيادة السياسية وخصائصها المختلفة، مع التركيز على الدور الهام الذي يلعبه القائد السياسي المنصب حول التركيز على أهداف المجتمع السياسي الخاص به وقدرته على اتخاذ القرار المناسب لحل المشكلات والتهديدات التي تواجه مجتمعه، كما تطرقت المقالة إلى دراسة تأثير القيادة السياسية على التحول الديمقراطي في نيجريا خلال حكم أولوسيجون.
هذا وقد اتبعت المقالة المنهج الوصفي التحليلي في وصف وتحليل سياسة نيجريا قبل وبعد وصول الرئيس أولوسيجون، كما ذكرت المقالة تمتع أولوسيجون بشخصية كاريزمية جعلته يحظى بتأييد شعبي مما ساعده في أن يحكم نيجيريا لفترة رئاسية ثانية ، وقياس تأثير الدور الذي لعبه الرئيس أولوسيجون على عملية التحول الديمقراطي في نيجريا، والذي وضع نيجريا على أول هذا الطريق الديمقراطي بعد غياب طويل، وخلصت الدراسة إلى أهمية الدور الذي يلعبه القائد السياسي في وضع التهديدات والمشاكل المجتمعية نصب عينيه ومن ثم إيجاد حلول، وسنستفيد من هذه المقالة في بلورة مفهوم القيادة السياسية والتأثير الذي تقوم به في تحديد أهداف المجتمع تصاعديًا وفقًا لما تراه في صالح المجتمع السياسي.
مقال محمود خليفة جودة محمد، 2014، بعنوان القيادة السياسية في البرازيل وأثرها على الاستقرار السياسي”[2].
تناولت المقالة مفهوم النخبة السياسية وطبيعة الأدوار التي تقوم بها تلك النخبة من أجل النهوض بالمجتمع السياسي الذي تحكمه، فتطرقت المقالة إلى دراسة أثر القيادة السياسية على الاستقرار السياسي للبلاد وتأثير ذلك على تحقيق التنمية السياسية بالتطبيق على دولة البرازيل، فقد اعتمدت المقالة على منهج النخبة السياسية لدراسة الدور الذي تلعبه الجماعة وتأثيره على المحيط السياسي الخاص بها، ومن ثم التركيز على فترة حكم الرئيس البرازيلي السابق “لولا”.
فقد توصلت المقالة إلى أهمية قيام النخبة بتوفير قدر من الشفافية والمصداقية في التعامل مع المشكلات المجتمعية، وهذه كانت استراتيجية الرئيس البرازيلي لولا في وضع استراتيجية النهوض بالمجتمع البرازيلي وتحقيق الاستقرار السياسي لدولته، والعنصر المستفاد من هذه المقالة هو التركيز على دور النخبة السياسية الواعية في وضع استراتيجية تحقق الاستقرار السياسي ورفاهية المواطنين فيما يخدم الاحتياجات الخاصة بالمجتمع.
دراسة أسماء احمد شوكت، 2016، بعنوان “دور القيادة السياسية في إعادة بناء الدولة دراسة حالة روسيا في عهد بوتين”.[3]
تقوم الدراسة بالتركيز على الدور الذى يمكن أن تلعبه القيادة السياسية في إعادة بناء الدولة عن طريق إخراجها من حالات الفشل أو الانهيار التي تواجها، حيث تتناول الدراسة عددًا من المفاهيم منها القيادة السياسية وإعادة بناء الدولة من الناحية النظرية، وعرضت لبعض الرؤى بخصوص هذا الشأن، كما قام الباحث بإضافة رؤيته الشخصية المنصبة حول دور القيادة في إعادة بناء الدولة، من خلال أخذه حالة تطبيقية تدور حولها الدراسة ألا وهي روسيا الاتحادية خلال فترة “فلاديمير بوتين” الرئاسية، ومعرفة الدور الذي لعبة في بناء الدولة الروسية والسياسات التي قام باتباعها في ذلك، منذ وصوله إلى الحكم في سنة 2000م. كما اعتمد الباحث في دراسته على عدد كبير من المناهج الدراسية أهمها “اقتراب القيادة السياسية والمنهج المقارن” وذلك للإجابة عن التساؤل الذي تطرحه الدراسة وهو: ما مقومات القيادة التي تمتع بها (بوتين) والتي مكنته خلال فترة حكمة – التي استمرت ثمان سنوات فقط – من إعادة بناء الدولة الروسية بعد انهيارها مع نهاية حكم يلتسن؟، وقد توصلت الدراسة الى رؤية توضح التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه روسيا الاتحادية، والخطط التي قامت الحكومة بوضعها من أجل مواجهة هذه التحديات في استراتيجياتها مثل “روسيا2020م”.
وقد اعتمد الباحث في دراسته على مصادر متنوعة لجمع المعلومات متمثلة في أربع لغات مختلفة، كما حاول الباحث التنويع في تواريخ هذه المصادر بين ما هو حديث وما هو قديم نسبياً، وهذا ما يسلط الضوء على الموضوع محل الدراسة ويخدم الفترة الزمنية.
كتاب ليليا شيفتسوفا، 2006، بعنوان: روسيا بوتين.[4]
يتناول هذا الكتاب الأوضاع الداخلية لروسيا خلال الفترة الأولى لحكم الرئيس “فلاديمير بوتين” حيث استهلت الدراسة الحديث عن الرئيس الروسي بوتين أثناء عمله بالكرملين ونهاية حكم يلتسن، وما كانت عليها الأوضاع في روسيا خلال فترة حكم يلتسن وما آلت إليه، ثم تطرقت الدراسة إلى الحديث عن وصول بوتين إلى السلطة، والتي أوضحت أن روسيا خلالها أصبحت في تحت راية واحدة وقبضة رجل واحد، كما أبرزت نقطة التحول السياسي من الدكتاتورية النخبوية إلى الدكتاتورية البيروقراطية، وقد شهدت روسيا فترة تحول أُطلق عليها في الدراسة مصطلح “التحول المضطرب”، هذا لكون بوتين قد جمع في قيادته بين الليبرالية الاقتصادية والسلطوية البرجماتية. وكان نهاية ما قدمه هذا الكتاب هو تخيل لما ستكون عليه الأوضاع في روسيا مع نهاية فترة حكم بوتين الثانية، فإن روسيا سوف تزخر بالعديد من الخلافات مع الغرب، مع وجود خيبات أمل كبيرة في الأوضاع الداخلية. ويكمن قدر الاستفادة من هذا الكتاب في تحليل دور القيادة السياسية في التأثير على السياسة الخارجية الروسية، باعتبار القيادة السياسية أحد أهم المحددات الداخلية المؤثرة في عملية صنع السياسة الخارجية.
مقالة حميد حمد السعدون، 2009، بعنوان ” الدور الدولي الجديد لروسيا[5]“.
تناولت الدراسة العرض التاريخي للمكانة التي تتمتع بها روسيا على الساحة الدولية والتي فقدتها روسيا بانهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي ليختفي الدور الروسي لبعض الوقت.
ثم تطرقت الدراسة إلى التركيز على دور الرئيس الروسي فلاديمير بوتن في السعي لإعادة أمجاد الدولة الروسية من جديد بأن تصبح لاعب رئيسيا على الساحة السياسية الدولية عن طريق وضع استراتيجية اقتصادية وعسكرية وتكنولوجية تواكب التغيرات العالمية سمحت لاستعادة مكانة روسيا الدولية بفضل القيادة الروسية الناضجة والقوية بأهمية الدور الاستراتيجي لمجتمعه.
وقد اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي لوصف وتشخيص الظاهرة وتحليل أبعادها المختلفة، وقد توصلت الدراسة إلى ظهور مجتمع متعدد الأقطاب تلعب فيه روسيا بقيادة الرئيس الروسي بوتن دورًا بجانب الولايات المتحدة الأمريكية والكتلة الأسيوية مجالاً للتنافس من أجل المكانة الدولية، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة بالتركيز على أهمية دور الرئيس بوتين في تطوير قدرات روسيا في كافة المجالات لضمان مقعد ثابت علي الساحة الدولية.
- المحور الثاني (الدراسات التي اهتمت بالأمن السيبراني)
دراسة قطاف سليمان وبقرين عبد الحليم، 2022، بعنوان: الأمن السيبراني والمضامين المفاهيمية المرتبطة به[6].
تناولت الدراسة طبيعية الأمن السيبراني وأهميته، ثم تطرقت إلى الأهداف التي جاء من أجلها، كما تناولت أبعاد الأمن السيبراني في شتى الميادين المختلفة، بالإضافة إلى دور وفاعلية الأمن السيبراني في مواجهة الجريمة السيبرانية، وذلك من خلال استخدام المنهج الاستنباطي (التحليلي)، لمحاولة الوصول للهدف من الدراسة، وقد خلصت الدراسة إلى مجموعة من النتائج أهمها، أنه من الضروري التركيز على أهمية الأمن السيبراني، حيث أن الأمن السيبراني له دور هام في حماية جميع المصادر الالكترونية وحماية البيانات و المعلومات، فهو ركيزة هامة بالنسبة للدول والمنظمات، وذلك لضمان الحفاظ على السيادة الوطنية والأمن القومي والاستقرار ومنع أي تهديد إلكتروني، لكن الباحث عندما تناول المفاهيم المرتبطة بالأمن السيبراني، غفل عن ذكر أحد أهم هذه المفاهيم التي كان يجب عليه تناولها، وهو مفهوم (الاستراتيجية السيبرانية)، التي توضح لنا كيفية الوصول إلى تعزيز الأمن السيبراني، وسوف نستفيد من هذه الدراسة في فهم عملية الأمن السيبراني ومدى أهميتها على جميع المستويات سواء بالنسبة للأفراد أو الدول أو المنظمات.
مقال مسيكة محمد، 2022، بعنوان الفضاء السيبراني وتحديات الأمن القومي للدول[7].
تناولت المقالة مفهوم الأمن القومي وأبعاده المختلفة، وكيف أصبح الفضاء السيبراني يشكل تهديدًا للأمن القومي للدولة، فتطرقت المقالة إلى تحليل تهديدات الفضاء السيبراني للأمن القومي، وكيف أصبح الأمن السيبراني ضمان الأمن القومي، لكن يؤخذ على المقالة أنها بالرغم من توضيحها القوي لأهمية الأمن السيبراني في أجندات الأمن القومي، إلا أنها لم تضع استراتيجية معينة يمكن من خلالها تحقيق الأمن السيبراني أو ضمان منع تهديدات الفضاء السيبراني.
وقد اعتمدت المقالة على المنهج الوصفي التحليلي، وذلك لتحليل ووصف وتشخيص الظاهرة وتحليل أبعادها المختلفة، وقد توصلت المقالة إلى الخطر الذي يشكله الفضاء السيبراني والتقدم التكنولوجي، فقد تؤدي هذه التقدم إلى نشوء حروب سيبرانية وانتشار الإرهاب السيبراني بأشكاله المختلفة، وخلصت المقالة إلى أن الفضاء السيبراني يشكل تهديدًا واضحًا للأمن القومي للدول، وسنستفيد من هذه المقالة في فهم طبيعة الحروب السيبرانية، والوصول إلى أهمية الأمن السيبراني كبعد من أبعاد الأمن القومي غير التقليدي.
دراسة شريفة كلاع، 2020، بعنوان: الأمن السيبراني وتحديات الجوسسة والاختراقات الإلكترونية للدول عبر الفضاء السيبراني[8].
تهدف الدراسة إلى تحليل وفهم عملية الأمن السيبراني، حيث تناولت بعض المفاهيم المتعلقة بالأمن السيبراني، وتطرقت لمفهوم الفضاء السيبراني والجوسسة وبعض المفاهيم ذات الصلة، بالإضافة إلى تحليل أهم التحديات الأمنية في هذا الشأن، وكيف تقوم الدول باعتماد الاستراتيجيات الدفاعية السيبرانية لتحقيق أمنها السيبراني.
لقد اعتمدت الدراسة على المنهج التاريخي بالإضافة إلى استخدام المنهج الاحصائي للوصول إلى إجابة على إشكالية الدراسة، وقد توصلت الدراسة إلى أن الفضاء السيبراني فرض عدة تهديدات، جعلت الدول مضطرة إلى وضع استراتيجيات أمنية لمواجهة هذه التهديدات وتحقيق الأمن السيبراني، وأن تلك المسألة أضافت معيار جديد لمعايير القوة كما توصلت الدراسة إلى أن الحروب القادمة لن تكون حروب تقليدية وإنما تتجه إلى حدود جديدة للحرب، فستكون هذه الحروب حروب إلكترونية، وأن من يمتلك هذه القوة السيبرانية من تكنولوجيا متقدمة وتقنيات حديثة هو من سيتفوق ويفرض السيطرة في الفضاء السيبراني، سنستفيد من هذه الدراسة في الوصول إلى أهمية وضع الاستراتيجيات السيبرانية لضمان تحقيق الأمن السيبراني وحفظ مكانة الدولة في الفضاء السيبراني.
- المحور الثالث (الدراسات التي اهتمت بدور الرئيس بوتين في الصعود الروسي في الفضاء السيبراني)
دكتور أماني عصام محمد، دراسة بعنوان “استخدام روسيا للقوة السيبرانية في إدارة تفاعلاتها الدولية [9]“.
تناولت الدراسة طريقة استخدام روسيا لقوتها الاستراتيجية في إدارة تفاعلاتها الدولية، فقد ذكرت الدراسة أهمية ساحة الفضاء السيبراني كمساحة جديدة تستخدمها روسيا لإبراز تفاعلاتها الدولية، فقد اهتمت الدراسة بتسليط الضوء على أهمية دور القيادة السياسية الروسية وجهدها الدؤوب للنهوض بمجال الفضاء السيبراني وتطويره بشكل دائم ومستمر وقد اتبعت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي بغرض تحقيق الفهم الدقيق لأبعاد ظاهرة الفضاء السيبراني بالتطبيق على الدولة الروسية.
ثم تطرقت الدراسة إلى بحث آلية استخدام روسيا للقوة السيبرانية في مجال العلاقات الدولية العسكرية في أكثر من جانب بداية من تعطيل البنية التحتية، والتأثير على الرأي العام ونشر معلومات مضللة لحشد الآراء الجماهيرية ضد الدولة الخصم، كما استخدمتها روسيا في التلاعب بالبيانات في الانتخابات الأوكرانية، ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة في التركيز على أهمية التطور الهائل التي أحرزته الدولة الروسية في مجال الفضاء السيبراني بقيادة الرئيس الروسي بوتين وتأثيره في مجال العلاقات الدولية
نهي علي أمير، دراسة بعنوان ” الأمن السيبراني في إستراتيجية الأمن القومي الروسي“.[10]
تناولت الدراسة للتركيز على الأمن السيبراني باعتباره يشكل جانبًا أساسياً من استراتيجية الأمن القومي الروسي، فمنذ أن تولي الرئيس الروسي بوتين وهو يهتم بأبرز المتغيرات التي تطرأ على الساحة الدولية، والتي تعيد لروسيا لمكانتها الدولية من جديد، اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي لفهم قضية الأمن السيبراني من مختلف أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بالتطبيق على الدولة الروسية.
ويمكن الاستفادة من هذه الدراسة في التعريف مفهوم الأمن السيبراني، وتسليط الضوء على قيادة الرئيس فلاديمير بوتين لروسيا باستحداث أبرز الاستراتيجيات التي تضمن عدم التهديد الأمني لمجتمعه بالاستناد على الأمن السيبراني
ثامنًا: الإطار النظري والمفاهيمي:
- الإطار النظري: تعتمد الدراسة على عدد من النظريات لفهم وإظهار دور القيادة السياسية باعتبارها فاعلًا مؤثرًا في رسم الاستراتيجيات، وأهم هذه النظريات:
نظرية اتخاذ القرار: تعتمد هذه النظرية على مبدأ أساسي وهو اختيار متخذ القرار بين البدائل المتاحة لتحقيق الأهداف المرجوة، حيث يقوم بتعيين المشكلة التي يجب اتخاذ القرار فيها، وتحليلها، وإيجاد البدائل، ويبدأ في البحث في هذه البدائل المتاحة، واختيار البديل المناسب والملائم لاتخاذ القرار، ثم تنفيذه، ولم يتوقف متخذ القرار على هذه المرحلة بل يسعى إلى متابعة هذه القرار وتقييمه.
نظرية الدور: تحاول هذه النظرية تحليل سلوك القيادة السياسية من خلال التركيز على المتغيرات المتعلقة بصانع القرار المتلخص في القيادة السياسية، كما تركز على كيفية إدراك صانع القرار للنظام الدولي، ومكانة دولته على الساحة الدولية، ومدى وعي القيادة السياسية بما يدور على الساحة الدولية من تحالفات أو خلافات وتحديد موقف دولته منها، بالإضافة الى التركيز على توجهات القائد وتصوراته المتأثرة ببيئته النفسية.
نظرية السمات: تؤكد هذه النظرية على الخصائص الذاتية للقائد، بل وتدخل في تفضيلات عميقة تصل إلى الخصائص الجسدية والعقلية والاجتماعية والنفسية، باعتبار أن خصائص القادة السياسيين والاتجاهات الأيديولوجية والنفسية والعصبية تؤثر على عملية صنع السياسات الداخلية والخارجية، وتفترض النظرية أنه طالما أن سمات الشخصية تؤثر على السلوك وأن القادة يتصرفون بشكل مختلف، فإن القادة لديهم بعض السمات الشخصية التي تميزهم[11].
نظرية الموقف: توضح هذه النظرية أن موقفاً معينًا قد يؤهل فردًا معينًا لتولي منصب قيادي، وأن الفرد الذي قد يكون قائدا في موقف ما قد لا يكون قائدا في منصب آخر، بينما الفرد غير المناسب لقيادته في وقت السلم، قد يكون مناسبا لقيادة مجموعة في أوقات الحرب، لكن هذه النظرية تضع بعض الشروط الذاتية التي يجب أن تكون موجودة في شخص القائد، مثل إعداده الشخصي وقدراته وثقافته وخبرت، لذلك عندما يقترن الموقف الموضوعي بظروف ذاتية، يظهر القائد.
وتستند هذه النظرية إلى حقيقة أن سياسات واتجاهات القادة السياسيين يتم تحديدها بناء على طبيعة البيئة المحيطة والفرص والتهديدات، مؤكدة أن خصائص القادة السياسيين ليست هي المحددات الوحيدة لطبيعة السياسة الداخلية والخارجية[12].
- المفاهيم الأساسية: تعتمد الدراسة على عدد من المفاهيم، ولعل أهم هذه المفاهيم:
القيادة السياسية: القيادة هي العملية التي يتم عن طريقها إثارة اهتمام الآخرين وإطلاق طاقاتهم وتوجيهها نحو الاتجاه المرغوب، وهي المحافظة على روح المسؤولية بين أفراد الجماعة وقيادتها لتحقيق أهداف مشتركة، كما أنها نشاط اجتماعي هادف لصالح الجماعة عن طريق التعاون في رسم الخطة وتوزيع المسؤوليات حسب الاستعدادات والكفايات والاستعدادات والإمكانات المادية المتاحة، وهي السلوك الذي يقوم به الفرد حين يوجه نشاط جماعة نحو هدف مشترك، والقدرة التي يتميز بها القائد عن مرؤوسيه لتوجيههم بطريقة يتسنى بها كسب طاعاتهم واحترامهم وولائهم وشحذ هممهم وخلق التعاون بينهم في سبيل تحقيق هدف بذاته، فتعتبر حلقة الوصل بين العاملين وبين خطط المؤسسة وتصوراتها المستقبلية، و تعتبر أيضاً البوتقة التي تنصهر بداخلها طاقة المفاهيم والسياسات والاستراتيجيات، وهي التي ترسم معالم المؤسسة من أجل تحقيق الأهداف المرسومة وتعميم القوى الإيجابية في المؤسسة وتقليص الجوانب السلبية بقدر الإمكان كما أن القائد هو الذي له السيطرة على مشكلات العمل ورسم الخطط اللازمة لعملها وهو المسؤول عن تنمية وتدريب ورعاية الأفراد باعتبارهم المورد الأهم وهو المسؤول أيضا عن مواكبة التغيرات المحيطة وتوظيفها لخدمة المؤسسة[13].
والقيادية السياسية هي “قدرة وفاعلية وبراعة القائد السياسي في تحديد أهداف المجتمع السياسي وترتيبها تصاعديا حسب أولوياتها، واختيار الوسائل الملائمة لتحقيق هذه الأهداف بما يتفق مع القدرات الحقيقة للمجتمع، وتقدير أبعاد المواقف التي تواجه المجتمع واتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة المشكلات والأزمات التي تفرزها هذه المواقف، ويتم ذلك كله في إطار تفاعل تحكمه القيم والمبادئ العليا للمجتمع”.
وبذلك فإن القيادة السياسية ليست فردية تتعلق بشخص واحد قائد يمارس السلطة السياسية في المجتمع، إنما هي تمثل القائد والنخبة السياسية، والقيادة كعملية تضم بالإضافة إلى هذين العنصرين الموقف والقيم.
الأمن القومي: يعتبر الأمن القومي هو حماية الحدود القومية من أي هجوم خارجي، والوصول إلى غياب التهديدات بشكل عام، وقدرة الدولة على وضع المبادئ والسياسات التي تضمن حماية الأمن وحفظ المكانة الدولية، وعدم المساس لأي حق من حقوق الدولة، ويشمل الأمن القومي العوامل الداخلية والإقليمية والدولية، وحماية المجتمع من التهديدات على كافة المستويات، وفي ظل حركة التغير والتطوير يجب على الدولة أن تستمر في تطوير قوتها، حتى تستطيع أن تحافظ على درجة الأمن التي ترغب في تحقيقها، وحتى تستطيع المواكبة في ظل التقدم الذي يشهده العالم.
الاجندة الاستراتيجية: الأجندة هي الخطة التي يتم وضعها من قبل المسؤولين، وهي أن يكون للإنسان أهداف خاصة أو عامة أو مصالح محددة في اتجاهات مختلفة ربما تكون سياسية أو اقتصادية، فالأجندة السياسية تعني أهدافاً وتكتيكات معينة، فهي عبارة عن تخطيط، ويأخذ هذا التخطيط في الاعتبار جميع المتغيّرات الخارجية والداخلية، ويقوم بتحديد جميع الشرائح والقطاعات المستهدفة إضافةً إلى طرق المنافسة، وتقوم هذه الأجندة بالإجابة عن سؤال إلى أين نحن ذاهبون، فالأجندة الاستراتيجية في العلاقات أو الاتفاقات تأخذ في الاعتبار الرؤية المستقبليّة للعلاقات وعلاقات التكامل والارتباط بين جميع جوانب هذه العلاقة وهذا الاتفاق، إضافة إلى الأنشطة المختلفة التي يقوم بها طرفي الاتفاق، فالأجندة الاستراتيجية تعمل على توضيح الأهداف العامة للاتفاق القائم بين طرفي المعاهدة، فهي تقوم بتحديد الوظائف التي جاء الاتفاق من أجلها، وتوفير التفكير بشكل عام بشأن هذا الاتفاق، كما أنها توضح جميع التوقعات بشأن التغييرات في البيئة المحيطة، وكيفية التأقلم مع هذه التغييرات.
صنع القرار: يعد صنع القرار هو العملية التي يمكن من خلالها التوصل إلى اختيار مناسب ومقبول من بين عدة اختيارات، حيث يسعى هذا الاختيار أو القرار إلى تحقيق هدف معين أو تجنب و مواجهة مشكلة معينة، ويترتب عليه نتيجة معينة، ويتم هذا الاختيار طبقاً لعدة معايير، حيث يتم الاستعانة بها في عملية تقييم البدائل المتاحة في موقف معين والتفضيل بينهم، ويمكننا القول أن عملية صنع القرار هي تلك العملية التي يتم فيها تحويل المطالب إلى قرارات، فهي عبارة عن مجموعة من الخطوات التي يقوم بها المسؤولون عن صنع القرار، وذلك للوصول إلي اختيار مناسب، وتتضمن هذه العملية تحديد الأهداف واتخاذ القرارات اللازمة للوصول إلى هذه الأهداف من خلال الادوات المتاحة، وتعتبر عملية صنع القرار الوظيفة الرئيسية للمؤسسات السياسية، حيث تلعب هذه المؤسسات دورًا هامًا في عملية التفضيل بين البدائل المتاحة واختيار البديل المناسب لتحقيق الأهداف والمصالح، حيث تتم هذه العملية من خلال الوظيفة المعلوماتية للأجهزة السياسية المسؤولة عن توصيل المعلومات والتي تساهم بشكل كبير في دعم ومساعدة أجهزة اتخاذ القرار، لذلك فإن هذه الوظيفة المعلوماتية هي التي تحدد سلوك المؤسسات السياسية، وتتضمن عملية صنع القرار كافة أشكال التفاعل بين أطراف صنع القرار على كافة المستويات سواء المستوى الرسمي وغير الرسمي في رسم وتوضيح السياسات العامة.
الأمن السيبراني: في عصر انتشار التكنولوجيا، أصبح الخطر الإلكتروني يشكل تهديدًا واضحًا وصريحًا للأمن القومي، لذلك أصبحت هناك حاجة ماسة إلى الوصول إلى استراتيجية فعالة ومتطورة لضمان توفير الأمن الإلكتروني.
فالأمن السيبراني هو ممارسة الدفاع من أجل خلق حماية فعالة للأجهزة والأنظمة الإلكترونية المتصلة بالإنترنت والشبكات والبيانات من أي تهديدات ناشئة عن التقنيات الرقمية سواء من خلال الهجمات الكترونية الضارة أو أي تهديد إلكتروني أو أي استخدام غير مصرح به، ويطلق عليه أمن تكنولوجيا المعلومات أو أمن المعلومات الإلكتروني الذي يضع الإجراءات والمعايير اللازمة لتوفير الحماية ومواجهة التهديدات ومنع التعديات الأمنية، فهو شكل من أشكال الأمن القومي في عصرنا الحالي[14].
الاستراتيجية السيبرانية: الاستراتيجية التي يتم وضعها لتوفير إجراءات مخططة ومتناسقة ومتكاملة، لضمان أمن وحماية الفضاء السيبراني، وحماية الأمن المعلوماتي، والبنية التحتية المعلوماتية، وتتضمن وضع خارطة لتوفير طرق وآليات متماسكة، لتنفيذ وتحقيق الأمن السيبراني، وتطوير وتوظيف القدرات المتاحة للعمل في الفضاء السيبراني، وذلك لتحقيق أهداف الأمن القومي بصورة عامة والأمن السيبراني على وجه الخصوص.
الفضاء السيبراني: المجال العالمي الافتراضي الذي يتم من خلاله إنشاء وتخزين وتبادل المعلومات باستخدام الشبكات وتقنيات الاتصالات المعلوماتية، فهو ساحة عالمية عابرة للحدود وبيئة افتراضية عالمية لجميع الأنظمة سواء عامة أو خاصة، بما في ذلك المعلومات التي تمس الأمن القومي، يتأثر هذا العالم الافتراضي بالعالمي الواقعي ويؤثر به[15].
تاسعًا: منهج الدراسة: سيعتمد منهج الدراسة على اقتراب الوصف والتحليل بشكل أساسي، وسنستعين باقتراب القيادة السياسية في بعض المواضع بالإضافة إلى استخدام أداة الاستبانة، وأداة تحليل المضمون، بالإضافة إلى بعض اللقاءات كأدوات لجمع المعلومات، كما اعتمدت الدراسة على اسلوب دراسة الحالة، وذلك لتحليل دور القيادة السياسية الروسية في الصعود الروسي في الفضاء السيبراني.
- اقتراب الوصف والتحليل:
اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي بشكل أساسي، حيث إن هذا المنهج يُشكل فهمًا دقيقًا لجميع جوانب وأبعاد الظاهرة محل الدراسة، وذلك لأن القاعدة الأساسية للمنهج الوصفي التحليلي هي تحديد الظاهرة وجمع المعلومات عنها ودراستها بشكل تحليلي، وذلك لمحاولة الإحاطة بعدد كبير من الأبعاد المتعلقة بالمتغيرات محل الدراسة، وذلك للوصول إلى تفسير وتحليل الظاهرة ككل، واستنتاج العلاقة بين متغيرات الدراسة والوصول إلى عدد من النتائج التي يمكن تعميمها وإثبات صحة الفرض العلمي.
وسنستخدم المنهج الوصفي التحليلي لوصف وتحليل استراتيجية الأمن القومي بشكل عام والاستراتيجية الأمنية السيبرانية بشكل خاص، والوصول إلى تحليل الأسس التي قامت عليها استراتيجية القوة السيبرانية الروسية، وفهم مدى تأثير هذه الاستراتيجية بتوجهات القيادة السياسية الحالية.
- اقتراب القيادة السياسية:
يركز اقتراب القيادة السياسية على الأفراد كوحدات للتحميل، حيث يتم تناول القيادة السياسية من خلال النظر إليها في إطار السياق الثقافي الذي توجد فيه، والبيئة المحيطة بالقائد، حيث تتأثر القيادة بالثقافة والقيم السائدة في المجتمع، كما تؤثر السمات الشخصية للقائد وتوجهاته وأفكاره ومبادئه ومعتقدات على السياسات التي يتخذها ونهجه في الإدارة وقراراته.
من خلال اقتراب القيادة السياسية سنتناول تأثير الرئيس بوتين من خلال السياق السياسي والأمني وذلك من خلال الأدوات السيبرانية، وذلك لفهم التأثير الكبير الذي لعبه الرئيس بوتين في هذا السياق لتعزيز الاستراتيجية الأمنية للدولة الروسية، وتعزيز المكانة الدولية لروسيا في الفضاء السيبراني.
عاشرًا: الأدوات والأساليب:
يعتمد البحث على الاستبانة كأداة لجمع المعلومات، من عينة من طلبة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وعينة من طلبة كلية الحاسبات وكلية الحقوق بجامعة القاهرة، لنعرف وجهة النظر حول كيفية تحقيق الأمن السيبراني لكل دولة، وماهية الأدوات والتقنيات المطلوبة لتحقيق الأمن السيبراني، ومحاولة الوصول لآرائهم حول دور القيادة السياسية في بناء الاستراتيجية الأمنية الناجحة، ومعرفة الآراء حول دور الرئيس بوتين في الصعود الروسي في الفضاء السيبراني.
كما اعتمد البحث على أداة تحليل المضمون، التي تركز على تحليل الخطابات السياسية، وأنماط القيادات ومحتوى الخطابات الدبلوماسية والوثائق تحليلاً موضوعياً، من خلال تحليل المضمون سنقوم بتحليل وثيقة الأمن القومي لدولة روسيا ل عام2020، حتى نصل إلى الأهداف الاستراتيجية الأمنية الخاصة بالأمن السيبراني ومدى تركيز هذه الاستراتيجية على تعزيز مكانة روسيا وسيطرتها في الفضاء السيبراني، بالإضافة إلى تحليل بعض من أهم خطابات الرئيس بوتين.
بالإضافة إلى بعض اللقاءات مع بعض أساتذة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة المتخصصين في الشأن الروسي والعلاقات الدولية بشكل عام، للحصول على معلومات أكثر دقة، وذلك لفهم الظاهرة من جانب من هم لديهم الخبرة الكافية والحصيلة المعلوماتية والتاريخية عن الموضوع محل الدراسة.
وستعتمد الدراسة على اسلوب دراسة الحالة، الذي يقوم على اختيار حالة واحدة وإخضاعها للدراسة، وذلك للوصول إلى معلومات وبيانات دقيقة حول الظاهرة محل الدراسة، والتوصل إلى نتائج يمكن الاستفادة منها كمؤشرات يمكن من خلالها تحليل الحالات المشابهة، ومن خلال أسلوب دراسة الحالة سنتناول الحالة الروسية وبشكل خاص سنتناول تجربة الرئيس بوتين في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني.
أخيرًا: تقسيم الدراسة:
تم تقسيم هذه الدراسة إلى ثلاثة أقسام رئيسية، حيث إننا سنتناول في الجزء الأول الإطار العام للدراسة، كما اختص الفصل الأول بالإطار النظري والمفاهيمي للقيادة السياسية والأمن السيبراني ودور القيادة في تعزيز الأمن السيبراني، وسيتناول الفصل الثاني العوامل الشخصية والمحددات النفسية المؤثرة على القائد الروسي فلاديمير بوتين وتوجهاته، ودور الرئيس بوتين في تعزيز الأمن السيبراني الروسي، وصعود القوة السيبرانية الروسية.
الفصل الأول: دور القيادة السياسية في رسم استراتيجية الأمن السيبراني.
تلعب القيادة السياسية دورًا هامًا ومؤثرًا، حيث تعبر القيادة السياسية عن كونها الركيزة الأساسية في الدولة والمسؤولة عن اتخاذ كافة الإجراءات والقرارات للمجتمع السياسي الذي تقوم عليه، ولذلك يمكن التنبؤ بالملامح السياسية للدولة وتوجهاتها من الخلفية السياسية والاجتماعية التي أتى منها القائد السياسي.
تتحمل القيادة السياسية عدد من المسؤوليات التي يقع على عاتقها مهمة التخطيط ومن ثم تنفيذ تلك المخططات، حيث تتمحور هذه المسؤوليات في صنع واتخاذ القرار، كما تعمل القيادة السياسية على وضع وصياغة استراتيجيات ومخططات الدول بالإضافة إلى رسم توجهاتها على الصعيد الداخلي والخارجي، فكلما كانت القيادة السياسية مُلمة بالأحداث والتطورات العالمية ازدادت قوة الدولة.
كما ينبع الدور المحوري للقيادة السياسية في رسم استراتيجية الأمن القومي، وهو الهدف الأكثر ظهورًا في خطابات القادة السياسيين وتوجهاتهم الداخلية والخارجية، فالدور المحوري للقائد السياسي ينبع من قدرته على وضع أهداف وأولويات الأجندة الأمنية للدولة بكل ما تحتوي عليها من فرص تصب في صالح الدولة أو تحديات تهدد أمنها القومي.
أصبحت هناك ضرورة حتمية على القادة السياسيين بضرورة الإلمام بكافة التغيرات التي تحدث على الساحة الدولية، فمع التقدم الهائل الذي لحق بتكنولوجيا البيانات والمعلومات وتطور وسائل الاتصال، أصبح على عاتق القيادة السياسية مواكبة التغيرات العالمية بسبب التهديد الذي يشكله التقدم التكنولوجي على الأمن القومي والذي يظهر في حروب سيبرانية وأنواع أخرى من التهديد كالقرصنة واختراق شبكة البيانات العسكرية للدولة، فكان لا بد من وضع استراتيجية للأمن السيبراني لتحمي الدول من التهديدات الحديثة التي لم تعد مقتصرة على تهديد الحدود الجغرافية للدول.[16]
وفي هذا الفصل سوف نتناول ثلاثة مباحث، كالتالي:
- المبحث الأول: القيادة السياسية.
- المبحث الثاني: الأمن السيبراني.
- المبحث الثالث: دور القيادة السياسية في رسم استراتيجية الأمن السيبراني.
المبحث الأول: القيادة السياسية.
تلعب القيادة السياسية دورًا فعالًا داخل النظام السياسي لأي دولة، فالقيادة السياسية هي المحور الأساسي في عملية صنع واتخاذ القرار، حيث إن للقيادة الدور الأبرز في عملية صياغة ورسم سياسات الدولة وتوجهاتها على الصعيد الداخلي والخارجي، ولا تتوقف عند صياغة ورسم الاستراتيجيات بل تعمل على تنفيذ وتتبع هذه الاستراتيجيات بعد دخولها حيز التنفيذ، وتتحمل القيادة السياسية مسؤولية تحديد أهداف المجتمع الداخلية، والسعي نحو تحقيقها، كما تتحمل مسؤولية وضع ومكانة الدولة خارجيًا، والسعي نحو تعزيز هذه المكانة، وذلك يتوقف على مدى قدرة القيادة على تحمل المسؤولية، ومدى فاعليتها، فهناك عدة مؤشرات توضح مدى فاعلية القيادة السياسية ومدى قوتها، وقدرتها على تحقيق هذه الأهداف الداخلية والخارجية.
تختلف القيادة السياسية من حالة لأخرى ومن نظام لآخر، تؤثر العوامل الشخصية في القيادة السياسية، حيث يبني القائد سياساته بناءً على توجهاته النابعة من التأثر بنشأته التي تنعكس في سماته الشخصية والعوامل النفسية المؤثرة على تكوينه الشخصي وقدراته وثقافته وخبراته، كل هذه العوامل تشكل عقيدة وتوجه القائد، وذلك ينعكس في قراراته، وتميز النموذج القيادي عن غيره.
أولًا: مفهوم القيادة السياسية:
تتعدد مفاهيم القيادة السياسية بتعدد النظريات والمفاهيم والأطر النظرية المتركزة حول تعريف هذا المفهوم، فالبعض اتجه إلى تعريف القيادة السياسية كونها مجموعة من الصفات الشخصية التي يتمتع بها البعض سواء كانت تلك الصفات فطرية أو مكتسبة، والبعض الآخر يعتقد أن القيادة السياسية ولاية وسلطة رسمية تمنح للقائد للقيام بأعمال سياسية وبالتالي يتمتع هذا القائد السياسي بصلاحيات وقوة عن غيره، أما عن الدراسات الحديثة فهي تعرف مفهوم القيادة السياسية كونها سلوك وتفاعل وتأثير على الأفراد.
- التعريف اللغوي: تأتي كلمة قيادة من الفعل “قاد”، فالقيادة اسم مصدر للفعل قاد يقود، وقال ابن معصوم المدني: “قاد الدابة يقودها قوَداً وقِياداً وقِيادةً”، بمعنى أَخذ برسنها ومشى بها خلفه، كما قال ابن منظور: القود: نقيض السوق، يقود الدابة من أمامها، ويسوقها من خلفها، فالقود من امام والسوق من خلف والاسم من ذلك كله القيادة، أما القائد فهو الرئيس أو المسئول عمن هم تحت أمره.
- التعريف الاصطلاحي: تعددت مفاهيم القيادة بتعدد الاتجاهات والأطر النظرية[17]، حيث عرفها ماكس ويبر بأنها “القدرة على جعل شخص ما يفعل شيئاً لم يفعله في ظروف أخرى”، كما عرفها الفيلسوف سقراط بأن “القائد يجب ان يعرف كيف يحصل اتباعه على احتياجاتهم من كل شيء، وكذلك يجب ان يتمتع بالخيال كي يضع خططه وسياساته، ولديه البراعة كي ينفذها وكذلك يحمل اتباعه على تنفيذها ببراعة، ويجب عليه أن تكون له تكتيكاته ووسائله للتعامل مع الغوغاء، ووسائله للتعامل مع العقلاء، وألا يهين العلماء ويجمع حوله الخبراء، ويجب أن يكون ماكرًا، متواضعًا، قاسياً، فطنًا، مثابرًا، ملتزمًا، مراقبًا، ويعرف كيف يفكر اللصوص، مقتصدا وكريما شهما وصارما، مغامرا بتعقل، بالإضافة إلى ذلك من الصفات الأخرى سواء كانت طبيعية ام مكتسبة”[18]، ولعل التعريف الأكثر شمولًا وأهمية تعريف دكتور جلال معوض القيادة السياسية باعتبارها ”قدرة وفاعلية وبراعة القائد السياسي بمعاونة النخبة السياسية في تحديد أهداف المجتمع السياسي وترتيبها تصاعديا حسب أولوياتها، واختيار الوسائل الملائمة لتحقيق هذه الأهداف بما يتفق مع القدرات الحقيقة للمجتمع، وتقدير أبعاد المواقف التي تواجه المجتمع واتخاذ القرارات اللازمة لمواجهة المشكلات والأزمات التي تفرزها هذه المواقف، ويتم ذلك كله في إطار تفاعل تحكمه القيم والمبادئ العليا للمجتمع.[19]“، كما كانت هناك محاولات من جيمس ماكريجور أن يضع تعريفًا للقيادة، حيث عرفها بأنها “عملية تعبئة تبادلية لأشخاص لهم دوافع وقيم وموارد سياسية واقتصادية”[20].
- التعريف الإجرائي: تُعتبر القيادة السياسية هي القدرة على التأثير في الآخرين، وهي أحد أهم متغيرات النظام السياسي، حيث يكون لها دور فعال وحيوي في صياغة وتنفيذ السياسات والاستراتيجيات الداخلية والخارجية، ويمكن تعريفها على أنها قدرة القائد على رسم استراتيجيات فعالة، ومدى فاعليتها في تحديد الأهداف القومية للبلاد، تبعًا لقدرات دولة المادية والعسكرية، واستخدام الأدوات والوسائل المناسبة للوصول إلى هذه الأهداف.
من خلال تلك التعريفات، نجد أن القيادة السياسية ليست ظاهرة فردية[21] ترتبط بشخص واحد وهو القائد، ولكنها في حقيقتها ظاهرة جماعية أساسها التفاعل بين كل أعضاء النخبة، لكن عند تحليل شخصيات بعض القادة السياسيين نجد أن هناك قيادة سياسية تتمحور حول (شخص الرئيس)، حيث نجد أن هناك فردًا يسيطر على عملية صنع واتخاذ القرار، في مثل هذه الأنظمة، نجد أن يمثل فيها القائد العنصر الأول والأكثر أهمية وتأثيرًا في عملية القيادة، ويمتلك صلاحيات وأدوار تمكنه من السيطرة على عملية صنع القرار، وذلك يختلف باختلاف طبيعة النظام السياسي.
ثانيًا: أنماط القيادة السياسية[22]:
تصنف القيادة السياسية بطرق مختلفة، حيث يعتبر التصنيف الأبرز والأشهر هو التصنيف الخاص بأنماط القيادة وفقًا لإدارة القائد للنظام السياسي، فقد تم تقسيم القيادة السياسية إلى أكثر من نمط رئيسي وهم القيادة الديمقراطية، والقيادة شبه الديمقراطية، والقيادة الهجينة، والقيادة السلطوية، حيث تختلف طريقة إدارة النظام السياسي حسب الصفات التي تميز كل نمط عن الآخر.
- نمط القيادة الديمقراطية:
تتسم بعدم قدرة اتخاذ القائد السياسي القرار إلا بعد مشاورة النخبة، حيث ترسم الخطوط العريضة للسياسة بواسطة مناقشة جماعية وتقبل تلك الجماعة لها، حيث يعتمد هذا النمط على أسلوب الإقناع والمناقشة.
- نمط القيادة شبه الديمقراطية:
يتشابه هذا النمط مع النظم الغربية الديمقراطية من حيث وجود دستور، وبرلمان، وأحزاب سياسية، لكنه يفتقد في النهاية للبعد الليبرالي السياسي، كما يتميز هذا النمط بجانب قمع الحريات، حيث توضع قيود بواسطة القيادة السياسية على حرية الرأي والتعبير، ويظهر ذلك النمط دور المؤسسات الدينية.
- نمط القيادة الأوتوقراطي:
يلاحظ أنها عكس النمط الديمقراطي، فتتسم هذا النمط بالفردية في اتخاذ القرار السياسي، حيث يلاحظ أن القائد السياسي وحده القادر على إصدار عدد من الأوامر والقرارات التي يجب على المرؤوسين اتباعها، كما يحدد سياسة الجماعة دون الرجوع إليهم، ويبقى بعيدًا عنهم معظم الوقت.[23]
- نمط القيادة السياسية الفوضوية
يتيح هذا النمط الحرية الكاملة للقائد السياسي في جعل أعضاء الجماعة لديهم القدرة على اتخاذ القرار السياسي وبالتالي فالقائد لا يقود، بل يترك القرار السياسي كله بيد الجماعة السياسية لرسم الخطوط السياسية العريضة للدولة.
- نمط القيادة السلطوية: ينقسم هذا النمط إلى ثلاثة أقسام وهي:
- نمط السلطوية المؤسسية: أي أن هذه القيادة تمتلك عدد من المؤسسات السياسية كالأحزاب السياسية والبرلمانات، على الرغم من وجود هذه المؤسسات إلا أنها لا تقوم بتداول السلطة بشكل ديمقراطي.
- نمط القيادة السلطوية الغير مؤسسية: ويظهر هذا النمط في الدول التي تحتوي على عصيبات وقبليات مسيطرة، ولا يتم تداول للسلطة بشكل ديمقراطي داخل المؤسسات السياسية المختصة بمناقشة قضايا الدولة.
- نمط القيادة السلطوية المشخصنة: يظهر انفراد القائد السياسي في صنع السياسات ووسائل تنفيذها، كما لا توجد أي انتخابات ولو بشكل صوري، ليصبح القائد السياسي هو المسيطر والمهيمن على الساحة السياسية[24].
يمكن التمييز بين مجموعة من أساليب القيادة التي يتبناها القادة وفقًا للتوجهات الفكرية والثقافية والتفاعلات الاجتماعية، يمكن أن نميز بين مجموعة من هذه الأساليب، منها
- القائد الاستبدادي: يتمتع القادة الاستبداديون بالسلطة المطلقة، ينجز الأعمال ويتخذ القرارات من خلال تهديد وإجبار الأفراد الخاضعين لسلطته، ويعتمد القائد هنا على الصلاحيات الرسمية الممنوحة له بموجب قوانين ولوائح الدولة، ويتميز هذا النوع من القيادة بالصلابة الشديدة واتخاذ القرار الدقيق للواجبات والصلاحيات الممنوحة لكل فرد.
- القائد الديموقراطي: تتميز القيادة الديمقراطية بالطريقة التي يشارك بها المعاونين في عمليات صنع القرار والتخطيط وصنع السياسات، يقترح القائد هنا إجراءات مع توصياته، لكنه يعتني بمشاركة وبموافقة المجموعة قبل وضع هذه الإجراءات موضع التنفيذ.
- القائد الكاريزمي: يستطيع القائد الكاريزما أن يعبر عن روح الدولة وإرادتها العامة، ولديه شعبية عارمة بين شعبه، فهو دائما ما يكون شخص حيوي لديه أهداف عديدة يسعى دائماً نحو تحقيقها، ويتسم إرادة قوية، ولديه قدرة كبيرة على الإقناع، وهو دائما في معركة مع الوقت لإحداث التغييرات الجذرية التي يحلم بها، فهو يهتم بالمشاكل الكبيرة، ويترك حل المشكلات الصغيرة لمساعديه، ولا يمتثل للقواعد اليومية والسيطرة المؤسسية، ويتميز بالسيطرة.
- القائد الوسيط أو المنظم: يحاول هؤلاء القادة مواءمة مصالح ومواقف القوى والأحزاب السياسية المختلفة في المجتمع، والعمل كوسطاء بينهم، ولا يميلون إلى وضع خطة كاملة في مواجهة المشاكل، والتي يتم تحديد نتيجتها بالنجاح الكامل أو الفشل الجماعي، لكنهم يفضلون خطة جزئية تدريجية ولا يتبعون قواعد صارمة للشكل، لذا فهم يشبهون رجال الأعمال والمنظمين الاقتصاديين، فهو شخص لديه القدرة على المناورة وحرية الحركة، يعتمد أيضاً على الإقناع للتعامل مع العقل والمنطق، وليس العقل والعواطف.
- القائد البراغماتي، الخبير البيروقراطي: هو قائد عقلاني، قادر على تحديد الأزمة، وتقديم الخيارات والبدائل المتاحة وتقييمها، وتقييم تكاليفها وعوائدها، فهو دائمًا ما يسعى نحو اتخاذ القرارات الصحيحة وإقناع الآخرين بتنفيذها، يركز دوره على إدارة الوقت الحالي الذي يعيش فيه وشؤون مجتمعه القائمة، دون الطموح لتحويل المجتمع إلى مسار جديد، ولديه اقتناع أن حل النزاعات والصراعات الناشئة عن تضارب المصالح يكون من خلال التسوية، وأن كل طرف في النزاع يتخلى عن بعض مصالحه للتوصل إلى اتفاق، وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، يجب على أطراف النزاع الانتظار حتى يحين الوقت لهم للعودة إلى رشدهم والسيطرة على عقولهم.
يرى الباحث أن العامل القيادي له أهمية كبيرة في عملية صنع القرار السياسي، حيث تؤثر شخصية القائد السياسي من خلال الدوافع الذاتية والبيئة النفسية والنشأة الاجتماعية له، وكذلك طبيعة اهتمامه، على صنع الاستراتيجيات ووضع السياسة الداخلية وتوجهات السياسة الخارجية، حيث أن القائد السياسي هو نتاج لتفاعل مجموعة من العوامل شخصية واجتماعية وتاريخية، فالسلوك البشري بشكل عام هو نتاج الطريقة التي ينظر بها البشر إلى هذا الواقع، لذلك فإن العامل الشخصي يتمثل في تلك الخصائص النفسية والسلوكية للقائد، وبما أن البشر يواجهون بيئة معقدة للغاية، فإنهم بحاجة إلى إنشاء أدوات ذاتية للمساعدة في تفسير تلك البيئة، أي أنك تخلق بيئة ذاتية حيث يمكنك فهم البيئة الحقيقية والتصرف بناء عليها، هذه الأدوات هي مجموعة من المعتقدات والتصورات والقيم التي تسمح لنا بالتعامل مع تلك البيئة النفسية، فالخصائص السلوكية ، هي ممثلة بمجموعة من السمات المتعلقة بالتكوين المعرفي والعاطفي والسلوكي للشخص، وهذه السمات جميعها تتأثر بعملية التنشئة الاجتماعية، خاصة على مستوى الأسرة، كما تتأثر بالخلفية التعليمية والمهنية للقائد، أما بالنسبة للخصائص النفسية فهي مجموعة من المعتقدات والتصورات، أما بالنسبة للعوامل الاجتماعية، فهي تتعلق بطبيعة السياق الاجتماعي الذي نشأ فيه القائد والأوضاع التي كان عليها المجتمع، كما أن الخبرة السابقة للقائد السياسي تؤثر علي قرارته، فنجد أن القائد الذي لديه خبرة علمية وعملية تؤهله، يصل إلى أهدافه ويرسم سياسات ناجحة، فالخبرات السابقة للقائد تؤثر علي شكل الاستراتيجية التي يطرحها، والتوجهات التي يمشي على نهجها، وذلك لامتلاكه آراء وعقائد وأسلوبًا تؤهله للقيام بهذا الدور.
المبحث الثاني: الأمن السيبراني
يعد الأمن السيبراني أحد الركائز الرئيسية المؤثرة في الأمن القومي لدول العالم الحالي، حيث أصبح الأمن السيبراني يشكل أحد أشكال القوة للدول، وأداة تستخدمها الدولة في تحقيق أهدافها، وتنصب تلك الأهداف في تحقيق المصلحة القومية لها، حيث ظهرت أنماط أخرى للحروب والتهديدات بأشكال غير التقليدية التي كان متعارف عليها أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية، حيث كانت القوة العسكرية هي الشكل المتعارف عليه لحركة العلاقات الدولية في تلك الفترة.
وفي مطلع التسعينيات تجاوز المعني العسكري التقليدي للقوة، ليظهر مفهوم الامن السيبراني على الساحة الدولية، فقد أدى استخدام الأمن السيبراني إلى تعزيز قوة دول متناهية الصغر في جعلها ذات تأثير على المجتمع الدولي، كما ساعد الأمن السيبراني بعض الدول على تنمية قدراتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
أحدث الأمن السيبراني عدد من المفاهيم الجديدة التي طرأت على الساحة الدولية لأول مرة كالحروب السيبرانية، الاختراقات الإلكترونية، وأمن المعلومات، والفضاء السيبراني والأقمار الصناعية وغيرها، كان لظهور الأمن السيبراني دور هام في إعادة النظر إلى مفهوم الأمن القومي من جديد، لأن التهديدات الدولية لم تعد مقتصرة على الاعتداء على حدود الدول فقط، بل ازداد عمق الخطر في ظل تنامي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتجعل معلومات وبيانات الدولة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وتوجهاتها الداخلية والخارجية عرضة للانتهاك في أي وقت بواسطة فاعلين دوليين أو غير دوليين .[25]
أولًا: الفضاء السيبراني:
ظهر مفهوم الفضاء السيبراني لأول مرة عام 1982م في إحدى روايات الخيال العلمي للكاتب ويليم جابسون، ولكن لا يوجد تعريف واحد متفق عليه حول مفهوم الفضاء السيبراني، وعلى الرغم من ظهور المصطلح لأول مرة في رواية للخيال العلمي إلا أنه أصبح واقعا علميًا ذات تأثيرات اقتصادية واجتماعية وسياسية.[26]
- التعريف اللغوي: تشتق كلمة Cyber من الكلمة اللاتينية Kubernts والتي تعني قائد السفينة والتي تشير إلى مصطلح القيادة والإدارة، إلا أن تحول اللفظ لاحقًا والتصق بكل ما يخص بالفضاء space في إشارة لكل ما يتعلق بالإنترنت وأجهزة الحواسيب الإلكترونية وحوسبة المعلومات وأنظمة الشبكات هذا بالإضافة إلى مستخدمين تلك الشبكات سواء كانوا أفراد أو مؤسسات وهيئات.[27]
- التعريف الاصطلاحي: وفقًا لتعريف دكتور إسماعيل زروقة فإن الفضاء السيبراني يشير إلى ” بيئة تفاعلية حديثة، والتي تشمل عناصر مادية وغير مادية، مكونة من مجموعة من الأجهزة الرقمية، وأنظمة الشبكات، والبرمجيات، ومستخدمين تلك الشبكات سواء كانوا مستخدمين أو عاملين “.[28]
لا يوجد تعريف متفق عليه من قبل العلماء في تعريف الفضاء السيبراني لأنه يتناول أكثر من صعيد، حيث أخذ الفضاء السيبراني في تشكيل بعدًا اجتماعياً للتواصل وتبادل البيانات والمعلومات، ثم تحول بعد ذلك ساحة تفاعلية لإدارة التفاعلات الدولية بما تضمه من حروب وصراعات وهجمات رقمية، ليشكل الفضاء السيبراني بعدًا سياسيًا جديدًا والتي يتم استخدامه في شن حروب عسكرية غير تقليدية، ليلعب دورًا بارزًا في التأثير على موازين القوة، ويساهم في إعلاء شؤون الدول ويخفض من شؤون دول أخرى. [29]
كما تنبع أهمية استخدام الفضاء السيبراني بالنسبة للأفراد في سهولة الحصول على البيانات والمعلومات باعتباره مكتبة فضائية ضخمة تضم عددًا لا نهائي من البيانات والمعلومات المختلفة، سهل الفضاء السيبراني سهولة حصول الأفراد على وظائف عمل عن طريق البحث على المنصات الإلكترونية عن المجالات الذي يهتم بها الفرد على المنصات الإلكترونية مما يوفر الوقت والجهد.[30]
ثانياً: الأمن السيبراني:
كانت فترة والسبعينات هي البداية الحقيقية لظهور مصطلح الأمن السيبراني، حيث تعود الفكرة إلى إنشاء مشروع ARPANET أي شبكة مشاريع الأبحاث المتقدمة والتي كانت عبارة عن شبكة اتصال يرجع أصل ظهورها وتطويرها قبل استخدام شبكة الإنترنت، حيث توصل رجل يدعى بوب توماس أنه يمكن لبرنامج حاسب أن ينقل البيانات والمعلومات بين الشبكات عبر محطات تعمل بنظام تشغيل وهو Tenex ليسمى هذا البرنامج creeper.[31]
استكمالًا لتلك الفترة استمر العلماء والباحثين في اختراع وتطوير تقنيات الحاسب، حيث اعتمدت تلك التقنيات على أساليب الاتصال، مما أدي إلي زيادة الطلب على تطوير وسائل الحماية وتأمين الشبكات، فعملت الحكومات في مناقشة طرق الحد من نقاط الضعف والخطر الذي يصيب بوسائل الاتصال لتقليل من الانتهاكات والمشكلات المتعلقة بوسائل الاتصال الجديدة.
وظهر ذلك في اهتمام قسم الأجهزة الإلكترونية التابع لقيادة القوات الجوية الأمريكية ESD العمل على مشاريع الأجهزة عبر الشبكات، كما شاركها وكالة مشاريع الأبحاث المتقدمة التابعة لوزارة الدفاع الأمريكي ARPA، فكانت تتمحور مهمتهما في ذلك الوقت حول تطوير وسائل الحماية والأمان لنظام الحاسب المستخدم في ذلك الوقت.[32]
في منتصف الستينات بات مفهوم الأمن السيبراني واضحًا، وبالتالي دفع هذا التطور مطوري أنظمة الحاسوب والشبكات نحو البحث عن طرق حماية أكثر أمنًا عبر إنشاء منظمة أمن وحماية تختص بالأمن السيبراني، وبالفعل نجحت هذه المنظمة حيث ألقي القبض على أول مجرم إلكتروني يدعى كيفين ميكنيك والذي يبلغ من العمر ستة عشر عاما فقط، لتكن تلك البداية الحقيقية للهجمات السيبرانية والتي ما زالت موجودة حتى وقتنا الحالي.
- التعريف اللغوي: يتكون مفهوم الأمن السيبراني من لفظين وهما الأمنهو نقيض الخوف، أي بمعنى السلامة، والأمن مصدر الفعل أَمِنَ أَمْناً وأَمَاناً وأَمَنَة أي زوال الخوف واطمئنان النفس وسكون القلب، ويقال: أَمِنَ من الشر، أي سَلِمَ منه، هذا وقد عرّفه قاموس بنغوين للعلاقات الدولية بأنه مصطلح يشير إلى غياب ما يُهدد القيم النادرة.
أما عن مصطلح السيبراني فهو لفظ مشتق من الكلمة اليونانية kybernetes والتي تشير إلى القائد أو المتحكم في السفينة، وتجدر الإشارة إلى أن العديد من المؤرخين يرجعون أصلها إلى عالم الرياضيات الأمريكي نوربت وينرز الذي أرجع مفهوم السيبرانية إلى التحكم الآلي.[33]
- التعريف الاصطلاحي: وفقًا لتعريف وزارة الدفاع الأمريكية فيتمحور مفهوم الأمن السيبراني حول ”جميع الإجراءات التنظيمية اللازمة لضمان حماية المعلومات بجميع أشكالها المادية والإلكترونية، من مختلف الجرائم: الهجمات، التخريب، التجسس والحوادث”.[34]
وبحسب تعريف الاتحاد الدولي للاتصالات في تقريره حول (اتجاهات الإصلاح في الاتصالات للعام) فيشير مصطلح الأمن السيبراني كونه” مجموعة من المهمات، مثل تجميع وسائل، وسياسات، وإجراءات أمنية، ومبادئ يمكن استخدامها لحماية البيئة السيبرانية، وتهدف الحماية إلى جعل المعتدون يعدلون عن خططهم أو منعهم من تنفيذها عبر وضع خطة تتلاءم مع المحيط التقني والبشري والتنظيمي والقانوني للأفراد والمؤسسات.[35]
- التعريف الإجرائي: يشير إلى مجموعة من العمليات والإجراءات المستخدمة لحماية أجهزة الحاسوب والشبكات والبيانات من الوصول غير المصرح به سواء كانت سرقة أو ضرر يتلف البيانات والأجهزة أو غيرها من الهجمات الخبيثة، هذه التدابير تتضمن تنفيذ كافة وسائل الحماية مثل التشفير والتحكم في الوصول للبيانات والمعلومات أو تفعيل أنظمة الكشف عن الاختراقات، كذلك لا بد من إنشاء خطط استجابة للحوادث وإجراءات استعادة الحوادث. [36]
ثالثًا: أمن المعلومات:
- التعريف اللغوي: يتكون مفهوم أمن المعلومات من لفظين وهما الأمنهو نقيض الخوف، أي بمعنى السلامة، والأمن مصدر الفعل أَمِنَ أَمْناً وأَمَاناً وأَمَنَة أي زوال الخوف واطمئنان النفس وسكون القلب، ويقال: أَمِنَ من الشر، أي سَلِمَ منه، هذا وقد عرّفه قاموس بنغوين للعلاقات الدولية بأنه مصطلح يشير إلى غياب ما يُهدد القيم النادرة.
الشق الثاني من المفهوم هو كلمة المعلومات، معلومات جمع مفرد معلومةـ، وتعني الأخبار أو التحقيقات أو كل ما يؤدي إلى إزالة الغوامض وإيضاح الأمور.[37]
أما عن تعريف مصطلح أمن المعلومات ككل فهو يشير إلى مجموعة الأخبار والأفكار المخزنة أو المنسقة بواسطة الكمبيوتر وتسمى داتا.
- التعريف الاصطلاحي: هو ذلك العلم الذي يبحث في نظريات واستراتيجيات توفير الحماية للمعلومات والبيانات من المخاطر التي تعرضها للخطر، والتي تتمثل في أنشطة الاعتداء عليها أو محاولة اختراقها من زوايا تقنية عديدة، كما يتمثل هذا التعريف في محاولة حماية المعلومات من المخاطر الداخلية والخارجية التي تتعرض لها.[38]
- التعريف الإجرائي: يشير أمن المعلومات إلى مجموعة من الإجراءات والأدوات الأمنية المختصة بحماية المعلومات على نطاق واسع، حيث تمنع الوصول إلى المعلومات المؤسسية من سوء الاستخدام والوصول غير المصرح به أو تعريض تلك المعلومات للإتلاف، وبالتالي تستخدم تقنيات ووسائل لحماية تلك المعلومات من التعرض للتهديدات المختلفة.[39]
الأمن السيبراني وأمن المعلومات:
شاع استخدام مصطلح الأمن السيبراني كمرادف لمصطلح أمن المعلومات، فالبعض يستخدم المصطلحان باعتبارهما يؤديان نفس المعنى، إلا أن ذلك غير صحيح فهناك فرق في تعريف كل من الأمن السيبراني وأمن المعلومات، كما يظهر الاختلاف في التخصص ومجال العمل الخاص بكل منهما، بالإضافة إلى أساسيات البرمجة الإلكترونية التي يعمل بها كل نظام عن الأخر[40].
ويتضح الاختلاف بين كل من الأمن السيبراني وأمن المعلومات في اهتمام الأخيرة بحماية أمن البيانات والمعلومات المرفقة على المواقع والمنصات الإلكترونية، أما عن الأمن السيبراني فيهتم ألا تخترق الجهات المختلفة المعلومات ولا تستخدم إطلاقا من أية جهة كانت، فالأمن السيبراني تركيزه على المنع من الوصول للمعلومات بالطرق غير الشرعية بشتى الطرق الممكنة.
أمن المعلومات يمكن اختراقه بسهولة عند استخدام أجهزة اختراق وتجسس واختراق، أما الأمن السيبراني فهو يشكل نظامًا إلكترونيًا كاملًا هدفه حماية الأجهزة الإلكترونية المختلفة من استقبال أي نوع من الفايروسات، ولذلك فهو يمثل نظام أكثر أمنًا من أمن المعلومات.[41]
نظام أمن المعلومات هو نظام يحتوي على بيانات المستخدمين، كما يقوم بحفظ تلك البيانات، يوضح هذا البرنامج الفرق بين الأمن السيبراني وأمن المعلومات، ففي حالة محاولة اختراق بيانات المستخدمين في حالة أمن المعلومات فإنه يقوم بإبلاغ المستخدم بمحاولة الاختراق وهو ما يتم العمل به في حالة استخدام أمن المعلومات، أما في حالة الأمن السيبراني فإنه يمنع التطبيق ذاته من محاولة التجسس على المستخدم، وإذا ما حدث اختراق بواسطة أحد الأفراد أو المؤسسات فهو يقوم يتتبع المخترق الإلكتروني ومعرفة هويته الشخصية وتتبع أثره.[42]
رابعًا: الأمن السيبراني البعد الغير تقليدي للأمن القومي:
لقد كان للتقدم الهائل في تكنولوجيا البيانات والمعلومات أثره في إحداث ثورة شاملة في جميع مناحي الحياة، إذ تزداد المخاطر السيبرانية يومًا بعد يوم نتيجة التقدم الذي أحدثته التكنولوجيا بأشكالها المختلفة، فأصبحت الدول والشعوب تواجه خطرًا حقيقيًا وعددًا لا نهائي من الجرائم الإلكترونية كالنصب والاحتيال، ترويج أخبار كاذبة، وغسيل الأموال والتخطيط للعمليات الإرهابية وغيرها الكثير.
وفي هذه البيئة التكنولوجية غير الآمنة تسعى الدول لتطوير وسائل الردع السيبرانية لحماية نفسها من أية محاولة لاختراق أجهزتها الأمنية والوصول إلى البيانات والمعلومات التي تؤثر على أمنها القومي، خاصة مع استخدام بعض الفاعلين من غير الدول كالشركات متعددة الجنسيات والمنظمات الدولية والجماعات الإرهابية للفضاء السيبراني كقاعدة للصراع يضغط بها الدول في سبيل تحقيق مصالحه الخاصة.[43]
ومع هذا الخطر المتزايد أصبح لا بد من تطوير مفهوم الأمن القومي، ليخرج عن الإطار التقليدي المتعلق بمدى امتلاك الدولة للقوة العسكرية لحمايتها من التهديدات الأمنية، ولا يمكن إنكار الدور الهام الذي تلعبه القوة الصلبة في حماية الأمن القومي للدول، إلا أنه لم يعد المصدر الوحيد المهدد للأمن القومي للدول فأصبحت القوة الناعمة تشكل تهديدًا حقيقيًا في عصرنا الحالي المتمثل في التهديدات والهجمات السيبرانية، بالإضافة إلى استخدام الفضاء السيبراني كمنطقة صراع.
ولذلك فالعلاقة بين الأمن السيبراني والأمن القومي علاقة طردية، فكلما زاد نقل المحتوي الاقتصادي والمعلوماتي والأمني والفكري والسياسي والعسكري والخدمي والعلمي ورفعها إلى الفضاء السيبراني زادت فرصة التهديد التي ستتعرض له الدولة، وهذا ما يظهر في اتجاه عدد من الدول اليوم إلى تبني السياسة الرقمية وإنشاء مدن ذكية ورفع المعلومات والبيانات عبر الفضاء السيبراني مما يجعل فرص التهديدات التي ستلحق بها في زيادة مستمرة.
تظهر تلك التهديدات في عدة صور منها سرقة البيانات والمعلومات وهو الشكل المتعارف عليه، حيث يشير إلى سرقة البيانات والمعلومات الاستخبارية من الدولة الخصم، ثم يأتي الخطر الذي يليه وهو تدمير تلك البيانات سواء عن طريق تشويه تلك المعلومات بدون علم الخصم مما يؤدي إلى تضليله أو محوها بشكل نهائي، أو تنفيذ مخططات للتلاعب بعقول أفراد الدولة الخصم مما يمهد لحدوث اضطرابات اجتماعية.[44]
خامسًا: الحروب السيبرانية كمصدر تهديد للأمن السيبراني:
تم وصف الحروب الإلكترونية الحديثة بأنها امتداد لحرب باردة جديدة، فقد خلقت واقعًا جديدًا يتميز بكثير من التعقيد حيث يصعب فهمها بسهولة. فقد أصبحنا اليوم أمام عدد من المصطلحات الحربية التقليدية والتي تضاف إليها الصفة الافتراضية التخيلية كالسيبرانية أو الرقمية أو الإلكترونية، في إشارة إلى عدد من الأمثلة كالتسليح الإلكتروني، سباق التسلح الإلكتروني، الجيش الإلكتروني، الهجوم السيبراني، الجهاد الإلكتروني، المحاربون أو المقاتلون الإلكترونيون، وأخيرا الإرهاب السيبراني. دفعت كل هذه المصطلحات والمفاهيم الحديثة بمجموعة من الخبراء والدول المطالبة لعقد اتفاقية دولية للحد من التسلّح داخل الفضاء الإلكتروني، كتلك التي تمّت في مجال الانتشار النووي والكيماوي، بحيث يمكن لهذه الاتفاقيات أن تسهم في وضع قيود على الحروب الإلكترونية، واستخدامها وتوزيعها وانتشارها وتطويرها،
- التعريف اللغوي: وقد عرف قاموس أوكسفورد الانجليزي الحروب السيبرانية أنها “استخدام تقنيات الحاسوب لتخريب نشاطات دولة أو منظمة، وبخاصة الهجومات المحضّرة على منظومات المعلومات الخاصة، وذلك لغايات استراتيجية أو عسكرية”.[45]
- التعريف الإجرائي: يتلخص في الهجمات التي تقوم بها الدول من أجل إلحاق ضرر بالبنية التحتية والمنشآت والحصول على المعلومات والبيانات من الدولة التي تعرضت لهجوم، والتي تشكل تهديدا للأمن القومي.
تتميز الحروب السيبرانية بعدد من الخصائص التي تميزها عن الحروب التقليدية، ولعل أهم تلك الخصائص هو انخفاض تكلفة الحروب السيبرانية مقارنة بالحروب التقليدية، كما لا ينتج عن الحروب السيبرانية إراقة للدماء فهي لا تستدعي استخدام جيوش أو أدوات عسكرية، كما لا يمكن تحديد الجهة التي قامت بشن هجوم على الدولة أو الفاعلين من غير الدول وبالتالي فتتميز الحرب السيبرانية بقدر عالٍ من التمويه، كما تتميز الحروب السيبرانية بتعدد الأهداف المسببة لها فلا يكون الهدف مقتصرًا على الناحية العسكرية فقط فمن الممكن أن تقوم الحرب السيبرانية من أجل طمس هوية الدولة وهنا يصبح الهدف ثقافيا بحتا.
تتعدد أساليب التي تشن بها الدول أو الفواعل الدولية الحرب الإلكترونية، فعلى سبيل المثال التجسس السيبراني الذي يعد من أخطر وأقدم أسلحة الحروب الإلكترونية بالإضافة إلى أسلوب الاختراق والقرصنة الإلكترونية، والدور البارز لوسائل الإعلام الذي يعد سلاحا قويا تستخدمه الدولة في التأثير على الرأي العام، فيمكن أن تستخدمه الدول الأقوى في طمس هوية دولة ما أو التأثير على شباب تلك الدولة، [46]أصبحت الحرب الإلكترونية تشكل تهيدا حقيقيا على حياة الدول والشعوب، ولذلك أصبحت الدول في حاجة ماسة إلى إيجاد استراتيجية أمنية لحمايتها من الانتهاكات والحروب الإلكترونية.
المبحث الثالث: دور القيادة السياسية في تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني
يعتبر القائد السياسي هو محور العملية السياسية، حيث إنه يمثل قمة النظام السياسي، فإن له عِدة أدوار لها آثار هامة، فنجد أن له دور داخلي، فهو المسؤول عن تطور النظام الداخلي والمجتمع السياسي، حيث تلعب القيادة السياسية دورًا أساسياً في تحديد قوة وطبيعة ومستقبل النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والعسكري والأمني بشكل عام، أما بالنسبة لدوره الخارجي، فهو المسؤول الأول عن وضع ودور دولته على الساحة الدولية، حيث إن القائد هو الذي يقوم برسم شخصية الدولة، وتحديد مكانتها في ميزان القوى في النظام العالمي.
هناك العديد من الأدوار التي يمكن أن يؤديها القائد السياسي خلال فترة توليه المسؤولية، ولعل من أهم هذه الأدوار، دوره في عملية التخطيط ورسم الاستراتيجيات وتحديد الأهداف الداخلية والخارجية وترتيب هذه الأهداف داخل الأجندة الوطنية، فهو المسؤول عن اتخاذ وصنع القرار وتنسيق السياسات، لذلك فالقائد السياسي هو مركز محوري في عملية وضع الاستراتيجيات الأمنية لضمان حماية الأمن القومي للدولة، ومنع وصول التهديدات التي تمس أمن واستقرار البلاد سواء كانت داخلية أو خارجية، وعليه أيضًا وضع برامج الأولويات، وهو المسؤول عن تحديد وتعريف أهداف الدولة، وعليه حماية المصالح الوطنية لدولته، ويقع على عاتقه حل النزاعات وعدم الدخول ببلاده في صراعات قد تستنزف قوة الدولة ومواردها.
تسعى القيادة السياسية لتعزيز قوة الدولة من خلال رسم استراتيجيات تعزز قيمة ومكانة دولته، ومع التطور الهائل في التكنولوجيا الذي يشهده العالم، وفي الوقت الذي تسعى فيه القيادة إلى الحفاظ على أمن وسيادة الدولة وحمايتها من أي خطر يحيط بها، فإن القيادة السياسية تضع المعالم الأولى لأي من استراتيجيات أمنها القومي عن طريق تحديد الأهداف والاستراتيجيات التي تسعى القيادة السياسية لتحقيقها لتصب في صالح أمن الدولة القومي، حيث تلعب القيادة دورًا كبيرًا في رسم الاستراتيجية الصائبة للأمن السيبراني وإطلاقها وتنفيذها، فقد أدرك القادة ضرورة تعزيز القوة السيبرانية لحماية الدول من خطر وتهديد الفضاء السيبراني، لذلك يتجه القادة نحو رسم ووضع استراتيجية جديدة تواكب مثل هذه التغيرات، فتعمل على وضع استراتيجية أمنية شاملة لحماية الفضاء السيبراني، لتوفير أفضل وسيلة للحماية ومواجهة المخاطر السيبرانية.
تواكب القيادة السياسية الواعية الأحداث العالمية المتغيرة، فمع التقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أصبحت الدقيقة الواحدة تمثل عدد لا نهائي من الأحداث العالمية نتيجة التفاعلات الدولية التي تحدث في الفضاء السيبراني، حيث أصبح الفضاء السيبراني يشكل أحد العناصر الأساسية المؤثرة على الساحة الدولية بما تحدثه من مجال للتعاون، والصراع والحروب الدولية.
ففي ظل تنامي وتغير التهديدات الأمنية وصعود التهديدات السيبرانية والمخاطر التي تشكلها على مختلف مجالات الحياة، تعمل القيادة السياسية المواكبة لهذه التغييرات على تبني سياسات واتخاذ خطوات وإجراءات لمواجهة مثل هذه التهديدات السيبرانية، فتقوم بوضع استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني، وذلك لرسم وتصميم وتنفيذ إطار قانوني وتنظيمي شامل للأمن السيبراني، تقوم فيها بوضع طريقة لمعالجة التهديدات والهجمات السيبرانية، كما تقوم بتطوير قدرات الدفاع السيبراني، حيث أن هناك اتجاه يشير إلى ضرورة الاستثمار في تطوير قدرات الدفاع السيبراني، من خلال تطوير فرق الاستجابة للحوادث السيبرانية وتعزيز قدرات استخبارات التهديدات الإلكترونية، كما تعمل على تعزيز حماية البنية التحتية الحيوية، من خلال اتخاذ تدابير لحماية البنية التحتية الحيوية من الهجمات الإلكترونية.
كما تحرص القيادة السياسية مؤخرًا على تعزيز الدبلوماسية السيبرانية، والعمل على تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التهديدات والهجمات السيبرانية، وذلك من خلال المشاركة في منتديات الأمن السيبراني الدولية والتعاون في استراتيجيات الدفاع السيبراني مع الدول الأخرى.
بالإضافة إلى السعي نحو نشر الثقافة السيبرانية وزيادة الوعي بأهمية الأمن السيبراني، فتعمل القيادة على تعزيز ثقافة الأمن السيبراني في المجتمع على مستوى المؤسسات والأفراد، وذلك من خلال توفير التدريب والتأهيل في مجال الأمن السيبراني، وتمكين الشركات والمؤسسات من مواجهة التهديدات السيبرانية، وإطلاق العديد من المبادرات الوطنية لاستهدف مختلف شرائح المجتمع تماشيًا مع التحول الرقمي في جميع القطاعات.
فهنا يبرز دور القيادة السياسية في مواكبة الأحداث العالمية لوضع وتعزيز استراتيجية الأمن السيبراني لحماية أمنها القومي فيما يتوافق مع التغيرات الدولية التي تعيش فيها دول العالم الحالي بسبب الثورة الهائلة في تكنولوجيا المعلومات والبيانات بما تحتويه من مخاطر تهدد كيان الدولة، فكان لا بد من تبني استراتيجية الأمن السيبراني وتعزيزها نظرًا لدور القيادة السياسية في رسم تلك الاستراتيجية.
يتمثل الهدف الأساسي للقيادة السياسة نحو تعزيز استراتيجية الأمن السيبراني حول تعزيز قدرة الدول على مقاومة التهديدات الكامنة في الفضاء السيبراني، الأمر الذي دفع كثير من دول العالم لوضع تلك الاستراتيجية على أجندة عملها، في ظل ظهور الحروب الإلكترونية التي تتعرض لها الكثير من الدول، فانتشار القوة السيبرانية بين عدد كبير من الفاعلين على الساحة الدولية في قدرة الدول على السيطرة والهيمنة، بل ومنحت فاعلين أصغر قدرة مساحة أكبر لممارسة للعب دور مهم عبر الفضاء السيبراني؛ مما يعني تغير في مقدرات القوى بالنظام الدولي، الأمر الذي غير ماهية بعض التفاعلات بين الوحدات الدولية الفاعلة، كالصراع، والتعاون، والردع والقوة عبر العالم الافتراضي المتشابك، فأصبح إنشاء استراتيجية أمنية سيبرانية تستدعي من القيادة السياسية لدول العالم الوقوف من أجل أخذ إجراءات جدية لوضع هذه الاستراتيجية على قائمة الأوليات الأمنية التي يتم أخذها في الاعتبار.
الفصل الثاني: دور الرئيس بوتين في تعزيز الأمن السيبراني الروسي.
تشهد الساحة الدولية تحولات جذرية عديدة ناجمة عن التحول الهائل في تطوير تكنولوجيا المعلومات، التي أدت بدورها إلى ظهور أشكال جديدة من العلاقات على الساحة الدولية، سواء كانت تعاونية أو صراعية، فقد أصبح الفضاء السيبراني ساحة جديدة للعلاقات الدولية وما يحكمها من توازنات دولية، ففي عصر الثورة الرقمية وتطور الأنشطة الإلكترونية، أصبحت البيانات والمعلومات سلاح هذا العصر، لذلك تحاول جميع بلدان العالم تطوير وسائل اتصالها الإلكترونية للحاق بركاب الدول الأخرى، وقد دخلت هذه الوسائل الإلكترونية بقوة في جميع مجالات الحياة البشرية، وأصبحت الأداة الأكثر تأثيرًا في حياة الشعوب وفي سياسات الدول، لذك تسعى الدول الكبرى إلى تعزيز مصادر قوتها التقليدية على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، وفي الوقت ذاته تسعى إلى زيادة الاعتماد على القوى الناعمة، التي أصبحت بديلاً للحروب العسكرية المباشرة بين دول العالم، ومع نقل العلاقات بين الدول إلى الفضاء السيبراني، تحتفظ العلاقات الدولية في المجال الافتراضي بعدد من سماتها الأصلية في العالم الافتراضي، حيث تسعى الدول إلى تعزيز هيمنتها على الفضاء السيبراني، فهناك صراع روسي صيني أمريكي لاكتساب الهيمنة والسيطرة عليها في الفضاء السيبراني.
يؤثر الفضاء السيبراني على النظام الدولي بعد أن انتقل صراع الهيمنة للمجال السيبراني، حيث أصبح الفضاء السيبراني يشكل أحد العناصر الأساسية المؤثرة علي الساحة الدولية والمؤثرة في مجال العلاقات الدولية، ويعد الفضاء السيبراني سلاح ذو حدين أحدهما إيجابي متمثلًا في سرعة الحصول علي المعلومات والتقدم التكنولوجي الذي ساعد علي تلبية الاحتياجات، والجانب السلبي متمثلًا في استخدام الدول للفضاء في عمليات القرصنة السيبرانية والتجسس على السياسات الداخلية والخارجية للدول الأخرى، وصعود شكل جديد للصراعات الدولية، فقد خلق فرصة لصراع دولي لم تشهده الدول والشعوب من قبل، فيختلف هذا الصراع عن الصراعات التقليدية التي يتم فيها استخدام الأسلحة والأدوات العسكرية، فهو مجال غير تقليدي يشكل صراعات وتهديدات غير تقليدية تظهر على الساحة السياسية، ولهذا فقد جعل الفضاء السيبراني الأمن القومي للدول موضع بحث وتفكير لمتخذي القرار، حتى يبحثوا في مصادر التهديد الحديثة الغير تقليدية التي تُعرض الأمن القومي الدولي لخطر تهديدات أمنية سيبرانية جديدة، ومنها القرصنة والتجسس الإلكتروني التي يجعل المعلومات الأمنية الداخلية والخارجية للدول محل خطر دائم يهدد أمنها القومي.
من خلال تحليل الفضاء السيبراني الدولي وفي ظل سعى الدول لالتقاط الهيمنة والسيطرة عليها في الفضاء السيبراني، تقوم كل دولة بتطوير وسائلها التكنولوجية من أجل تعزيز الأمن السيبراني وتعزيز قوتها السيبرانية، من خلال تعيين عدد من الأساليب الدفاعية والاستراتيجيات لضمان وحماية أمنها في الفضاء السيبراني، بالإضافة إلى أن هذه الدول تعمل على تعزيز قدرتها على التغلب على التهديدات الكامنة في الفضاء السيبراني، بحيث يضمن حماية مختلف أنظمة المعلومات الأمنية والعسكرية والاقتصادية دون التعرض لاختراق إلكتروني من أي تهديد خارجي.
وبالظر إلى الفواعل الدولية المتواجدة على الساحة السيبرانية الدولية، ومن خلال تحليل موازين القوى السيبرانية، وجد الباحث ان دولة روسيا تحت قيادة الرئيس بوتين وخاصة بعد فترة ولايته الثالثة عام 2012، قد أعطت اهتمام بالغ لمسائل الأمن السيبراني، وأصبحت دولة ذات قوة سيبرانية هائلة وواحدة من الدولة العظمى في ميزان القوى الجديد، وذلك لأن القيادة الروسية تعترف بأن التهديد القادم سيكون غير تقليدي، وأن الحروب القادمة سيبرانية وغير تقليدية، لذلك سعت روسيا تحت قيادة الرئيس بوتين إلى إعادة النظر في الاستراتيجية الأمنية لدولة روسيا، واتجه نحو تعزيز وإظهار الموقف الروسي في الفضاء الإلكتروني، وصعود دولة روسيا كقوة عظمى على الساحة الدولية السيبرانية، وذلك يتوافق مع توجه بوتين نحو إزاحة الأحادية القطبية ونزع الهيمنة الأحادية الأمريكية وتعزيز المكانة الروسية على الساحة الدولية.
وفي هذا الفصل سوف نتناول ثلاثة مباحث، كالتالي:
- المبحث الأول قراءة في شخصية الرئيس بوتين.
- المبحث الثاني: دور الرئيس بوتين في تعزيز الأمن السيبراني الروسي.
- المبحث الثالث: الصعود الروسي في الفضاء السيبراني.
المبحث الأول: قراءة في شخصية الرئيس فلاديمير بوتين.
لعبت القيادة السياسية دورًا محورياً في التاريخ الروسي، فقد تميز النظام السياسي الروسي في أن عملية صنع واتخاذ القرار على مر تاريخ روسيا انحسر في القيادة السياسية، فلم تكن روسيا أبدًا دولة مؤسسات وإنما كانت دولة قائمة ومعتمدة على كاريزمية قادتها السياسيين.
ويعتبر الرئيس بوتين من أهم القادة الروسيين عبر التاريخ، فهو قائد ذو شعبية طاغية، ونجح في قيادة روسيا الاتحادية لفترات طويلة، وخلال توليه القيادة سعى دائمًا لاستعادة النفوذ الروسي، ونجح في تحقيق الصعود الروسي في كافة المجالات، وأعاد لروسيا قوتها، بعد أن تسلم الرئاسة في ظل فترة انهيار روسيا، فهو صاحب خطط واستراتيجيات طموحة تنظم الوضع داخلياً، وتعزز المكانة دولياً وإقليمياً.
منذ تولي الرئيس الروسي فلاديمير بوتن وهو يسعى إلى وضع استراتيجية تواكب الأحداث العالمية المتغيرة فيما يخدم مصالح روسيا الاتحادية، ومنذ ظهور مصطلح الأمن السيبراني فيما يشكله من تهديد حقيقي على أمن الدول القومي فقد وضعه بوتين على أولويات استراتيجية الأمن القومي الروسي، وذلك يبلور مدى إدراك بوتين بما يدور على الساحة الدولية، حيث تطرح روسيا تحت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين نموذجًا ناجحًا للغاية كأحد أبرز الدول التي برعت في مجال الفضاء السيبراني، حيث لعبت روسيا دورًا هامًا على الساحة الدولية والإقليمية في هذا المجال، ويعود الفضل بشكل خاص لأهمية دور القيادة السياسية بزعامة الرئيس فلاديمير بوتين وحرصه على النهوض بالدولة الروسية، ليظهر بوتن على الساحة الدولية انطلاقًا من الفكر والإدراك بأهمية جعل روسيا دولة لها وزنها وثقلها على الساحة الدولية.
وفيما يلي تحليل لشخصية الرئيس فلاديمير بوتين، لمحاولة فهم مدى تأثير النشأة الاجتماعية والسمات الشخصية والمحددات النفسية على تكوين معتقداته وتوجهاته، وكيف أثر ذلك على الدور الذي يلعبه بوتين في النظام السياسي الروسي بشكل خاص والساحة الدولية بشكل عام.
أولًا: نشأة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين:
تؤدي النشأة الاجتماعية دوراً كبيراً في تكوين شخصية القائد، حيث يتم تشكيل الجانب الشخصي للقائد من البيئة المحيطة به، وتؤثر العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتاريخية التي ينشأ فيها الفرد على نمط شخصيته، فعند تحليل شخصية القائد قد نصل إلى معرفة اتجاهاته وتفسير قراراته، لذلك تم تناول نشأة الرئيس بوتين لمعرفة الخصائص التي اكتسبها وكيف أثرت على شخصيته القيادية.
وُلِد “الثعلب الروسي” فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، رئيس روسيا الاتحادية الحالي، في السابع من أكتوبر عام ألف وتسعمائة واثنين وخمسين 1952م، في مدينة سانت بطرسبرغ العاصمة الشمالية لروسيا الاتحادية (لينينغراد سابقاً)، وقد كانت ولادته أشبه بمعجزة، حيث عادت والدته من الموت لنتجنب هذا القائد إلى الحياة[47].
نشأ بوتين نشأة متواضعة، وكان ينتمي لأسرة بسيطة، وعاش طفولته كابن أصغر وحيد بعد وفاة إخوته في منزل والده، حيث كان والده (فلاديمير سبيريدونوفيتش بوتين) رجلًا سياسياً ومجندًا في البحرية السوفيتية، وخدم في كتيبة التدمير التابعة للمفوضية الشعبية للشؤون الداخلية، وشارك في الحرب العالمية الثانية دفاعًا عن مدينة لينينغراد، حيث تم تجنيده كجندي روسي في مجموعات المقاومة ضد الألمان خلال فترات الحرب، وكان عضواً في الحزب الشيوعي، وكانت والدته (ماريا إيفانوفنا بوتينا) عاملة في إحدى المصانع في مدينة لينينغراد، وفي فترة من الفترات عملت كممرضة في مستشفى، وكان جده ( سبيريدون بوتين) الطباخ الشخصي للقائد لينين والقائد ستالين، وقد عانت أسرته معاناة شديدة خلال فترات الحرب، تلك الحياة البسيطة ساعدت بوتين أن يعتمد على نفسه ويكون لديه شخصية مستقلة ومسؤولة[48]، وعاش حياته كرجل غامض لا يعلم بخطواته أحد.
ثانياً: دراسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين:
بدأ بوتين الدراسة في المدرسة رقم 193 في باسكوف لين عام 1960م، وكان طالبًا مجتهدًا، وتعلم أكثر من لغة، بعد أن أتم المرحلة الابتدائية والثانوية، التحق بكلية الحقوق بقسم العلاقات الدولية في جامعة (أندريه غدانوف) في مدينة لينينغراد في عام [49]1970م، وفيما بعد حصل على الدكتوراه الفخرية في فلسفة الاقتصاد، وكان التحاقه بكلية الحقوق بداية لتحقيق حلمه في الدخول إلى جهاز المخابرات، فقد كان لديه رغبة ملحة منذ صغره في العمل في هذا المجال، وبعد تخرجه انضم إلى لجنة أمن الدولة وتدرب في لينينغراد، وعقب ذلك عمل في مديرية مكافحة التجسس، وقام بمراقبة الأجانب والمسؤولين القنصليين المتواجدين في المدينة، وفي 1984م، تم إرساله إلى أكاديمية الراية الحمراء التابعة للاستخبارات السوفيتية للدراسة في مدرسة المخابرات الأجنبية، وفي عام 1985م، أصبح عضوًا جاسوسياً في الاستخبارات السوفيتية (K.G.B)، وظل بوتين كعميل سري في المخابرات حتى عام 1990م[50] وسقوط الاتحاد السوفيتي، واتجه بعدها إلى عالم السياسة.[51]
ثالثًا: خبرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العملية:
عقب انتهاء بوتين من تعليمه، تولى عِدة مناصب هامة قبل وصوله إلى منصب الرئاسة، حيث تدرج بوتين في العديد من المناصب خلال مشواره العملي، فكما ذكرنا أنه التحق بأكاديمية الراية الحمراء التابعة ل(KGB)، ومدرسة المخابرات الاجنبية، ثم عمل بعدها كجاسوس بجمهوريه ألمانيا في الفترة من 1985م إلى1990م تحت مسمى “مدير الصداقة السوفياتية_ الألمانية”، ثم تولى منصب مساعد رئيس جامعة لينينغراد للشؤون الخارجية، وفيما بعد أصبح مستشار لرئيس مجلس مدينة لينينغراد، ثم رئيساً للجنة العلاقات الاقتصادية في المدينة، حتى وصل إلى أن أصبح النائب الأول لرئيس حكومة المدينة، ومن هنا بدأ نفوذه وشهرته، حيث امتلك صلاحيات واسعة، وبعدها تحول بوتين إلى شخصية مهمة ونافذة في الحياة السياسية والاقتصادية لمدينة لينينغراد، وجاء انتقاله لموسكو ليتم تعيينه في منصب نائب مدير الشؤون الإدارية بالرئاسة الروسية عام 1996م[52]، ومن هنا جاءت الانطلاقة الحقيقية لقيصر روسيا، حيث تولى معالجة المسائل القانونية المتعلقة بالعلاقات الخارجية، ثم انتقل إلى ديوان رئيس الدولة، وأصبح رئيساً لإدارة الرقابة العامة في الديوان، وفي عام 1998م، تم تعيينه كمدير لجهاز الأمن الفيدرالي في روسيا، وفي 1999م، تم اختياره ليصبح سكرتيراً لمجلس الأمن القومي، وفي نفس العام وصل لمنصب رئيس الحكومة.[53]
تولى بوتين مهام رئاسة روسيا الاتحادية بالوكالة، بعد استقالة الرئيس بوريس يلتسن في ديسمبر 1999م، وفي هذا الوقت كان الرئيس بوتن مؤهل ليتم تعيينه في هذا المنصب، فكان تدرجه في المناصب جعله مؤهل لتولي المنصب، فقد ساعدته خبراته السابقة ليُنتخب كرئيس لجمهورية روسيا الاتحادية في الانتخابات التي أُجريت في مارس 2000م، وبالفعل تولى منصب الرئاسة، نتيجة اقتناع الأحزاب والجمهور بشخصيته القيادية، واستمر في فترتين متتاليتين حتى عام 2008م، عقب انتهاء الفترة الثانية، لم يسمح له الدستور بالترشح لفترة رئاسية ثالثة، فقام بترشيح (ميدفيديف) وظل بوتين في منصب رئيس الوزراء، حتى تم إعادة انتخابه مرة أخرى، رئيساً للاتحاد الروسي لفترة ثالثة عام 2012م[54]، وظل في منصب القيادة حتى الوقت الحالي.
رابعًا: المحددات النفسية والسمات الشخصية للرئيس بوتين:
تميز الرئيس بوتين بمجموعة من السمات[55] التي أثرت على أسلوبه السياسي واستراتيجيته في قيادة دولة روسيا، فقد جمع بوتين في شخصيته سمات ومواهب تميز بها عن غيره من قادة العالم بشكل واضح، فعند تحليل شخصية الرئيس بوتين، نجد أن هذه السمات لعبت دورًا كبيرًا في اتخاذه للقرارات، وساهمت بشكل كبير في تشكيل استراتيجيته في الحكم، وتعد أهم سمة من سمات الرئيس بوتين التي ساعدته في الصعود بدولة روسيا، وساهمت في بناء عصر جديد لها، أنه شخص لديه حس وطني ولديه اهتمام بقضايا بلاده الداخلية والخارجية، ودائمًا ما كان يرفض حالة الضعف التي أصابت روسيا، ولديه اعتقاد بأن أعداء الدولة هم أعداءه، فهو يخلط بين الدولة وشخص الرئيس، فنجد أن حب بوتين لدولته جعله يرسم استراتيجيات جديدة تمكنه من الصعود بدولته، ومنافسة القوى العظمى, فقد نجح في حجز مكانة لروسيا على الساحة الدولية في جميع المجالات، فهناك معضلة نفسية لدى الرئيس بوتين، تظهر بوضوح عند تحليل تصريحاته وقراراته وعند النظر في توجهاته، وهي معضلة السيادة، فعند تحليل خطاباته، تظهر رغبة الرئيس الروسي في توحيد الشعب الروسي، حيث يعتقد بوتين انه المسؤول عن إعادة ترتيب النظام العالمي لما بعد الاتحاد السوفيتي، وقد ساعده ذكائه وقوته في تكوين فكرًا إصلاحياً طموحًا، مكنه من وضع استراتيجيات أمنية جديدة تواكب التطورات التي يشهدها العالم، هذا ما جعله صاحب دور رائد في قيادة روسيا.
وفقاً لذلك، فإن هناك نزعة قيادية داخلية لبوتين، فهو يعتمد على وجوده القيادي، فيرى أنه قائد قوي وموثوق من قِبل شعبه وتوجيهي مقنع، فغالبًا ما يوجه قوانينه للآخرين وإجبارهم على اتباعه والسير على نهجه، وذلك ما هو إلا انعكاس لتكوينه الاستخباراتي ونشأته داخل المؤسسات العسكرية، فهو يعطي لنفس حق صنع القرار على الساحة، معتمدًا في ذلك على قوته ودهائه، لذلك يحاول دائمًا أن يعزز مكانة روسيا، ويقوي وزنها الدولي، لأن هذه الشخصية القيادية لا ترغب في أن تكون تحت سلطة الهيمنة الأمريكية.
ساهمت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي نشأ فيها بوتين في تكوين شخصيته، فنجد أن العيش في حي فقير بين عائلة متوسطة، ومعاناة أسرته بعد فترة الحرب، هذه النشأة وهذه الأحداث بالطبع أثرت على فكره وإدراكه للمواقف، فقد تركت أثر كبير في شخصية بوتين، حيث ولدت لديه الإرادة القوية والرغبة في العيش، كما خلق لديه قدرة على ضبط النفس.
بالإضافة إلى أن بوتين يظهر أيضًا أنه شخص طموح، هذا الطموح يدفعه إلى الظهور دائمًا واثقًا ومستعدًا دائمًا للعمل، حيث أن شخصية بوتين تتميز بقدر كبير من الثقة بالنفس، لدى الرئيس بوتين اعتقاد بأنه سيصل إلى أهدافه السياسية، وذلك استنادًا إلى ما استطاع أن يحققه، فقد وصل بوتين لكثير من أهدافه سواء داخلياً أو خارجياً، فقد قضى على العديد من الأزمات الداخلية ووضع استراتيجيات واضحة وهادفة، ونستطيع أن نرى بكل وضوح أن بوتين استطاع أن يحقق هذه الاستراتيجيات، وصعد بروسيا وجعلها قوة يخشاها الجميع على كافة الأصعدة، وفي كافة المجالات، فقد استطاع أن يلمس تفوق ملحوظ، ولكن يمكن تفسير هذه الصورة بحقيقة أنه يميل إلى التصرف بطريقة متعجرفة، حيث يظهر أنه يتعامل بفوقية[56].
يرغب بوتين دائمًا في أن يُظهر الشخصية القوية الحازمة، فعند ظهوره تجد شخص صريحًا في قراراته، تنافسيًا، دائمًا ما يخفي الجانب العاطفي لديه، حيث يميل بوتين إلى رؤية المشاعر والعاطفة كعلامات ضعف، ويتجنب التعبير عن الدفء والحميمية، ومن خلال النظر إلى مواقف بوتين ونشأته، يمكننا أن نرى أن طبيعة بوتين قد تكون جاهزة لإيذاء الآخرين إذا لزم الأمر.
كما أنه يتمتع بقدر كبير من المرونة والقدرة على التأقلم مع الأوضاع المتغيرة، طالما كان هذا التغير يسهم في تطوير روسيا، وذلك ساعده في عملية التطوير والتحول نحو استخدام أدوات جديدة ورسم استراتيجية حديثة تتوافق مع الأوضاع القائمة على الساحة الدولية[57].
خامسًا: توجهات الرئيس بوتين:
تتضمن سياسية بوتين عِدة توجهات يمكن من خلالها تفسير طبيعة الاستراتيجية الروسية التي أطلقها، وتساعد على فهم الأبعاد المختلفة لشخصية الاتحاد الروسي في المجال الدولي، ولعل أهم هذه التوجهات أن بوتن قد عبر عن رغبته في استعادة الوضع الروسي في النظام الدولي، وطوّر عِدة أدوات لتحقيق ذلك، فقد وضع خطة لإصلاح النظام الروسي، فنجد أنه منذ أن تولى بوتين السلطة، أصبح هناك توجه نحو استعادة المنصب التي كانت عليه في الحقبة السوفيتية كقوى عظمى، وتحاول إثبات أنها دولة ذات إمكانات اقتصادية وعسكرية وسياسية عالية وفعالة، وفي الفترة الأخيرة أصبح هناك توجه نحو صعود روسيا في الفضاء السيبراني ومواكبة التطورات، وذلك متماشياً مع توجه بوتين نحو إزاحة الأحادية القطبية ونزع الهيمنة الأحادية الأمريكية وتعزيز المكانة الروسية على الساحة الدولية.
لذلك تتجه روسيا تحت حكم الرئيس بوتين نحو مواجهة مشروع الأحادية الأمريكية بالعمل وبالدعوة لإقامة نظام عالمي يقوم على التعددية القطبية، وعلى إحياء دور منظمة الأمم المتحدة ومؤسستها الأمنية الأساسية وتفعيل دور مجلس الأمن، وبالرغم من دعوة روسيا لبناء نظام متعدد الأطراف إلا أنها في الوقت ذاته تتحرك في إطار بناء قوتها الذاتية وإعادة بناء محيطها الإقليمي، دون أن تدخل في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة.
وتعتمد روسيا على تأسيس تحالفات جماعية وثنائية، لمحاولة ضرب القوات المعادية في كل المجالات من خلال تعظيم قوتها الاقتصادية والعسكرية والسيبرانية، لذلك لجأ بوتين حديثًا إلى تحديث الاستراتيجية الأمنية الروسية في محاولة منه لمواكبة اتجاه العلاقات الدولية بما فيها الاتجاه نحو الفضاء السيبراني، وطرح استراتيجية تعمل على تعزيز الصعود الروسي في هذا المجال.
يُعد القائد فلاديمير بوتين أحد أقوى زعماء العالم بل يراه البعض أقواهم، ويحظى بثقة شعبه، فهو شخصية كاريزمية ومحبوبة لدى الجمهور الروسي، حيث أعاد بوتين لروسيا مكانتها على الساحة الدولية بعد أن سقطت بسقوط الاتحاد السوفيتي، بدهائه وعقله وجبروته وشخصيته القوية صنع روسيا الجديدة، وأعاد تشكيل النظام الدولي، وقد نجح في حجز مكان في القمة لدولته الاتحادية على جميع الأصعدة، ليعيد للساحة الدولية التوازن العالمي، ويقف في مواجهة الغرب، ويمحو القطبية الأحادية وينزع الهيمنة الأمريكية، ليكتشف مسار خاص به ويضع روسيا داخل السباق ويعيد هيبتها بعد ما حل بها من سقوط عقب انهيار الاتحاد السوفيتي.
بالرغم من أهمية تحليل البيئة النفسية للرئيس بوتين، إلا أنه من الصعب الوصول إلى البيئة النفسية الحقيقية للقائد أو فهم التفسير النفسي الصحيح لسياسته، وذلك لصعوبة الوصول إلى تفاصيل النشأة الحقيقية أو المواقف والظروف التي مر بها بالفعل، لأن القادة بشكل عام نادرًا ما يفصحوا عن شخصياتهم ونشأتهم ومعتقداتهم الحقيقية، ومن الممكن أيضًا أن يتجنب القائد بيئته النفسية في رسم استراتيجياته، فمن الممكن ألا تنعكس هذه البيئة على قرارات القائد[58].
المبحث الثاني: دور بوتين في تعزيز الأمن السيبراني الروسي
أكدت الاستراتيجية الوطنية لروسيا منذ تولي الرئيس بوتين القيادة على حماية الشعب الروسي من أي تهديد يعرض مصالح الشعب الروسي للخطر، كما قام بوتن بوضع بعض البلدان والتكتلات الإقليمية والدولية باعتبارها خصمًا للدولة الروسية باعتبارها عائق أمام عودة روسيا للساحة الدولية، ومع التقدم الهائل لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات التي يشهدها عالمنا الحالي، بالإضافة إلي التقدم الهائل الذي أحرزته عدد من الدول في الفضاء السيبراني، ومع تزايد عدد الهجمات السيبرانية ضد روسيا، أدرك الرئيس بوتين أن الصعود الروسي والانتصار في صراع الهيمنة مع الغرب وازاحة الأحادية القطبية ونزع الهيمنة الأمريكية لن يتحقق من خلال الاعتماد على القوة العسكرية التقليدية فقط، لكن يجب أيضًا النظر في القوة الغير تقليدية الحديثة، وذلك ايمانًا منه بأن الدولة الروسية دولة ذات مكانة عالية وفعالة لا تقل قوة عن أي دولة أخرى، لذلك اتجه نحو تخصيص حيز للمعلومات والأمن السيبراني داخل استراتيجية الأمن القومي الروسي، وعمل على تعزيز منظومة الأمن المعلوماتي، فقد قام الرئيس الروسي بوتن منذ تولية القيادة بدور هام في إعادة رسم استراتيجية الأمن القومي الروسي فيما يتوافق مع التغيرات العالمية والإقليمية التي تطرأ على الساحة الدولية والتي استمدت منها الاستراتيجية الروسية مصادرها الأولية، مع الأخذ في الاعتبار التهديدات والتحديات التي عرقلت تقدم الدولة الروسية في السنوات السابقة، وتحليل مواطن الخلل في الإستراتيجية الوطنية الروسية قبل التجديد، فقد أضافت العقيدة الروسية بعدًا جديدًا في رسم استراتيجياتها، وحققت فيه الدولة الروسية بزعامة الرئيس فلاديمير بوتن صعود هائل، وهو الأمن السيبراني والتي وضعته الإستراتيجية القومية الروسية علي قائمة أولوياتها.
وسيتم تسليط الضوء على بعض الأدوار التي قام بها الرئيس فلاديمير بوتين من أجل تعزيز الأمن السيبراني الروسي والصعود بدولة روسيا في الفضاء السيبراني الدولي، كدولة ذات قوة سيبرانية فعالة، من خلال تحليل بعض الجهود التي قام بها بوتين، لتطوير الحيز الذي يشغله أمن المعلومات داخل الاستراتيجية الأمنية لروسيا تحت قيادة الرئيس بوتين، وبعض الإجراءات التي اتخذها بوتين لتعزيز الأمن السيبراني، بالإضافة إلى عرض بعض الاتفاقيات الدولية التي قام بها بوتين في المجال السيبراني، وذلك لتوضيح دور الرئيس فلاديمير بوتين في تعزيز الأمن السيبراني الروسي.
اولًا: الأمن السيبراني داخل الاستراتيجية الوطنية الروسية تحت قيادة الرئيس بوتين:
أخذ الأمن السيبراني حيزًا كبيرًا في استراتيجية الأمن القومي الروسي منذ تولي الرئيس بوتين القيادة، فقد أدرك بوتين أهمية المجال المعلوماتي، ورأى ضرورة تجديد الاستراتيجية لتتماشي مع المستجدات التي طرأت على الأحداث والمتغيرات الدولية الجديدة، فقد أكد على أهمية أمن المعلومات الروسي، وحماية الأمن روسيا من أي تهديدات تضر بأمنها القومي، حيث أُعيدت صياغة استراتيجية الأمن القومي الروسي لتؤكد علي أهمية أمن المعلومات باعتباره أحد الجوانب الأكثر استخدامًا للدول الأخرى لاختراق القاعدة الأمنية والمعلوماتية لروسيا واستخدامه في التدخل في الشؤون الداخلية الروسية، وكما شددت من قبل على مبدأ التكافؤ والمعاملة بالمثل فقد صرحت القيادة السياسية الروسية بإنشائها لقطاع سيادي كامل في مجال الإنترنت والأمن السيبراني، هدا بالإضافة إلى تعزيز الضمانات ضد الهجمات السيبرانية، وتطوير قطاعها التكنولوجي بشكل منهجي يتواكب مع التغيرات العالمية، فعند تحليل البنود الخاصة بالأمن السيبراني في إطار استراتيجية الأمن الروسي، توصل الباحث إلى أنه عند مقارنة الاستراتيجية التي صدرت عام 2012م وتعديلاتها مع الاستراتيجية التي صدرت 2021م، فانه مع تجديد كل استراتيجية يزداد الاهتمام بالأمن السيبراني وتزداد البنود الخاصة بالأمن السيبراني داخل الاستراتيجية، ونتيجة لذلك الاهتمام تصعد القوة السيبرانية الروسية في الفضاء السيبراني، وذلك لأن العقيدة الروسية تسعى نحو إزاحة ومحو الهيمنة الأمريكية من الفضاء السيبراني، وصعود روسيا كقوة عظمى في هذا المجال، وبالتالي فهذه الاستراتيجية تأتي من قيادة واعية تواكب الأحداث الدولية.
استراتيجية الأمن القومي للدولة الروسية ل عام2012:
تطور الاهتمام بالأمن السيبراني في الاستراتيجية الأمنية الروسية، ففي الاستراتيجية التي صدرت عام 2012م، اتجهت القيادة السياسية الروسية نحو الالتفاف إلى الأمن السيبراني، حيث بدأ الأمن السيبراني يشغل حيز حيوي داخل الاستراتيجية، فأكدت الاستراتيجية على ضرورة وضع الأطر القانونية وتحديد صلاحيات ومسؤوليات الهيئات التنفيذية العاملين بمجال الأمن السيبراني، كما أكدت على وضع عدد من الأفراد بواسطة الدولة للإشراف والمراقبة على العالمين، بالإضافة إلى تحديد ميزانية تضعها الدولة لتنفيذ برامج وخطط العمل في المجال الإلكتروني لضمان أمن أنظمة التحكم الآلي للبنية التحتية للمعلومات، كما أعطت الاهتمام لصرورة تعزيز البنية التحتية المعلوماتية وعدم المساس بها ومنع أي تهديد يؤثر عليها.[59]
استراتيجية الأمن القومي للدولة الروسية لعام2016:
توسع نطاق الاهتمام أكثر وأكثر بالأمن السيبراني، حيث بدأ التعريف بمجال الأمن السيبراني باعتباره متعلق بحماية الأفراد والمجتمع والدولة من التهديدات الداخلية والخارجية التي تشكل ضرر للمعلومات، وقد تميزت هذه الإستراتيجية بتحليل التهديدات الأمنية التي تمس الأمن القومي للدولة نتيجة استخدام الفضاء السيبراني، مثل الجرائم السيبرانية والتجسس التي تمس سياسة الدولة الروسية، حيث أظهرت أهمية الأمن السيبراني في مواجهة التهديدات التي تتعرض لها الدولة في الفضاء السيبراني، وكيفية استغلال الدولة الروسية هذا التطور التكنولوجي في صالح أمنها القومي وقوتها السياسية والاقتصادية والعسكرية، وذلك لدعم قوة الدولة، حيث أن الأمن السيبراني يضيف جانب قوة للدولة أكثر من اعتمادها على جانب الأمن التقليدي فقط[60].
استراتيجية الأمن القومي الجديدة للدولة الروسية لعام2021:
وقع الرئيس فلاديمير بوتين في “يوليو لعام 2021” استراتيجية جديدة للأمن القومي الروسي[61]، وكان أحد أهم مقومات استراتيجية الأمن القومي الروسي هو تعزيز الأمن السيبراني والمعلوماتي الروسي، حيث تهدف الاستراتيجية إلى تعزيز الأمن المعلوماتي الخاص بقوات الجيش الروسي ومنتجي الأسلحة والمعدات العسكرية، وتطوير وسائل وأساليب ضمان الأمن المعلوماتي باستخدام تكنولوجيات حديثة منها الذكاء الاصطناعي، والاتجاه نحو إعطاء الأفضلية إلى استخدام التكنولوجيات محلية الصنع في البنى التحتية المعلوماتية في روسيا.
لذلك أكدت الاستراتيجية الجديدة على أن ضرورة الاهتمام بتعزيز أمن المعلومات[62]، حيث تأمل الاستراتيجية الجديدة في هذا الصدد أنه نتيجة لاستخدام وسائل جديدة مبتكرة في مجال أمن المعلومات، سيكون لدى الدولة الروسية القدرة الكافية لمواجهة التهديدات المتزايدة التي تؤثر عليها، لذلك تهدف موسكو إلى تحقيق مستوى من الإنتاج التكنولوجي يحاكي التطور العالمي لهذا القطاع، ووفقًا لنص وثيقة الاستراتيجية، فإنها تدرك مخاطر وأسباب التهديدات السيبرانية، حيث تتعرض الدولة الروسية لهجوم مستمر من قبل الدول المعادية لهل ومن قبل شركات التكنولوجيا العالمية التي تهاجم روسيا، التي تحجب المواد المفيدة وتعمم معلومات غير دقيقة يمكن أن تضر بموسكو.
ولضمان أمن روسا المعلوماتي وتعزيز سيادتها في المجال المعلوماتي[63]، فقد أكدت الاستراتيجية الروسية على تعزيز التعاون مع الشركاء الأجانب في مجال ضمان الأمن المعلوماتي بما يخدم خاصة إنشاء نظام دولي جديد خاص بهذا الشأن، وإنشاء فضاء آمن لتداول المعلومات الموثوق بها، كما أكدت على ضرورة تحصين البنى التحتية الخاصة بالمجال المعلوماتي في روسيا، وزيادة مدى تحصن القطاع الروسي من شبكة الإنترنت ومنع أي سيطرة أجنبية على أنشطته، بالإضافة إلى ضرورة منع التأثير التخريبي بالوسائل المعلوماتية والتكنولوجية على الموارد المعلوماتية الروسية، وتهيئة الظروف الملائمة لكشف ومنع الجرائم في الإنترنت، كما أكدت على العمل على تقليص عدد حالات تسرب بيانات سرية وشخصية إلى أدنى حد ممكن.
ثانياً: أهم التدابير والإجراءات لضمان الأمن السيبراني في روسيا:
تم تأسيس وزارة التنمية الرقمية والاتصالات ووسائل الإعلام في الاتحاد الروسي في مايو 2018م[64]، لتنظيم وتنفيذ سياسة الدولة في هذا الشأن، وتم تخصيص قسم الأمن السيبراني كقسم تابع للوزارة، يتحمل مهام إدارة المشاريع في مجال الأمن السيبراني، وإدارة الإجراءات التي تحجب التهديدات السيبرانية، وذلك في إطار تحقيق الاستقرار وضمان أمن وسلامة البنية التحتية المعلوماتية، وبناء نظام أمني فعال، كما طورت روسيا منصة كاملة لقطاع تكنولوجيا المعلومات وأطلقت عليها اسم منصة”التطور الرقمي”.
عمل الرئيس بوتين على رصد وتحديد قائمة الهيئات الرئيسية التي تحتاج إلى اتخاذ تدابير لضمان أمن المعلومات، فأصدر عِدة إجراءات موجهة إلى الهيئات التنفيذية الاتحادية، والهيئات التنفيذية العليا لسلطة الدولة للكيانات المكونة للاتحاد الروسي، وصناديق الدولة، والشركات التابعة للدولة، وغيرها من المنظمات المنشأة على أساس القوانين الاتحادية، والمؤسسات الاستراتيجية، والشركات المساهمة الاستراتيجية، والمنظمات الأساسية للاقتصاد الروسي، والكيانات القانونية التي تخضع للبنية التحتية الحيوية للمعلومات في الاتحاد الروسي، حيث أمر بتكليف رؤساء هذه الهيئات بالمسؤولية الشخصية عن ضمان أمن المعلومات، وتكليف نائب رئيس كل منها، بمهام ضمان أمن معلومات الهيئة، والعمل على الكشف عن عواقب الهجمات الالكترونية ومنعها والقضاء عليها، وتحسين الاستجابة السريعة لهذه الهجمات، بالإضافة إلى إنشاء وحدة هيكلية داخل كل هيئة، تقوم بوظائف ضمان أمن المعلومات للهيئة، أو إسناد هذه المهمة لوحدة هيكلية قائمة بالفعل، وأكد على أنه بحلول يناير 2025، يُحظر على هذه الهيئات استخدام أدوات أمن المعلومات الأجنبية، أو الشركات المصنعة لها منظمات تقع تحت الولاية القضائية لهذه الدول الأجنبية، وتسيطر عليها بشكل مباشر أو غير مباشر أو تابعة لها، حيث أن ذلك قد يشكل خطر من خلال تنفيذ إجراءات معادية لروسيا أو الكيانات القانونية الروسية والأفراد، بالإضافة إلى تزويد مسؤولي أجهزة خدمة الأمن الفيدرالية بالوصول إلى موارد المعلومات التي تمتلكها هذه الهيئات أو تستخدمها ، والتي يتم توفير الوصول إليها من خلال استخدام معلومات الإنترنت وشبكة الاتصالات السلكية واللاسلكية، وذلك في إطار عملية الرقابة لضمان تنفيذ هذه المهام بشكل أمثل.
ثالثًا: تحصين البنى التحتية الخاصة بالمجال المعلوماتي في روسيا تحت قيادة الرئيس بوتين:
وضع الرئيس بوتين تعزيز البنية التحتية الحيوية كهدف من أهم الأهداف الاستراتيجية لضمان تعزيز الأمن السيبراني، لذلك اتجه نحو تطويرها وتعزيز حمايتها وتأمينها من كافة أشكال التهديد، حيث أدرك بوتين مدى ضخامة الخسائر التي يمكن أن تنتج عن الإضرار بهذه البنى التحتية، فقد أكد على أن الاختراقات الإلكترونية تؤدي إلى تهديد البنية التحتية الحرجة للدولة، فعمل على وضع نهج متكامل لتطوير البنية التحتية للمعلومات، فقد بدأ في تبني استراتيجية لأمن المعلومات تعمل على حماية البنية التحتية وتطويرها، حيث أخذت البنية التحتية حيز كبير داخل استراتيجية الأمن القومي الروسي وذلك لتعزيز أطر حماية أمن المعلومات، كما سعى بوتين إلى اتخاذ العديد من الإجراءات التي تعمل على حماية البنية التحتية للدولة من المخاطر الإلكترونية، ووضع خطط تطوير، حيث تم تأسيس مركز وطني تابع لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي، يعمل على كشف الهجمات الإلكترونية و التعامل مع تداعيات مثل هذه الأمور، وذلك لتنسيق مكافحة الهجمات السيبرانية التي تستهدف البنية التحتية في روسيا، وتطوير أساليب الوقاية[65].
كان هناك توجه واضح للرئيس بوتين نحو زيادة أمن واستقرار البنية التحتية للمعلومات الحيوية، وتطوير آليات للكشف عن التهديدات الإلكترونية والقضاء على عواقب ظهورها، وزيادة حماية المواطنين من عواقب حالات الطوارئ والآثار التقنية الناجمة عن تعرض مرافق البنية التحتية للمعلومات للانتهاك، لذلك اتخذ بوتين العديد من الإجراءات لتحصين البنى التحتية الخاصة بالمجال المعلوماتي في روسيا، فقد حرص بوتين على ضرورة تحسين أمن مرافق البنية التحتية للمعلومات لضمان التفاعل المستدام بين مؤسسات الدولة ومنع الرقابة الأجنبية من التدخل في مثل هذه الشأن، وذلك لضمان سلامة واستقرار وأمن شبكة الاتصالات الموحدة لدولة روسيا، وكذلك أمن المعلومات المنقولة عبرها ومعالجتها في أنظمة المعلومات على أراضي الاتحاد الروسي، ذلك في إطار السعي لضمان أمن المعلومات.
رابعًا: التثقيف وزيادة الوعي بأهمية أمن المعلومات:
اجتهد الرئيس بوتين في تعزيز ثقافة الأمن السيبراني في المجتمع على مستوى المؤسسات والأفراد، فعمل على نشر الوعي بأهمية أمن المعلومات، حيث رصد الباحث في خطابات الرئيس بوتين واجتماعاته، أنه يسعى لزيادة الوعي السيبراني لدى الشعب الروسي، من خلال تطوير مهارات المواطنين لمواجهة التهديدات الإلكترونية وزيادة مستوى محو الأمية الإلكترونية لعامة السكان، وذلك في إطار تحسين الأمن السيبراني في روسيا، فقد اتخذت القيادة الروسية عددًا من الإجراءات لتحسين وزيادة الوعي السيبراني، فقد تمت الموافقة على مفهوم لتطوير ثقافة الأمن السيبراني للروس، وذلك بهدف رصد مستوى محو الأمية الإلكترونية للمواطنين بانتظام، وإبلاغهم بمخاطر عدم الامتثال لقواعد الصحة الإلكترونية وزيادة ثقتهم في المجال المعلوماتي، وعند العمل مع المسؤولين، كما هو مذكور في النص، من الضروري التركيز على المهارات العملية لمواجهة التهديدات السيبرانية.
وفي إطار نشر ثقافة أمن المعلومات، تم إصدار وثيقة رسمية في ديسمبر 2022 التي تهدف إلى زيادة الوعي بأهمية الأمن المعلوماتي لدى المواطنين الروسيين وزيادة المعرفة اللازمة في مجال أمن المعلومات، وذلك سيؤدي إلى انخفاض مستوى الجرائم والحد من المخاطر والتهديدات، وذلك من خلال إجراء حملات إعلامية عامة للمواطنين، ونشر المعلومات حول أهمية مراعاة قواعد أمن المعلومات الشخصية، ويتم نقل المعلومات إلى المواطنين من خلال وسائل الاتصال التي تلبي اهتماماتهم، وتوفير عمل منهجي لتضمين دروس لتحسين محو الأمية بأمن المعلومات في البرنامج التعليمي، بالإضافة إلى توفير التدريب والتأهيل للكوادر في مجال أمن المعلومات، وتمكين الشركات والمؤسسات من مواجهة التهديدات السيبرانية، وتصميم وتنفيذ إطار قانوني وتنظيمي شامل في هذا المجال، لمعالجة جميع أنواع الجرائم السيبرانية[66].
تتلخص أهمية الأمن السيبراني بالنسبة للرئيس بوتين في أنه يعمل على زيادة القدرة على مواجهة التهديدات المقصودة والغير المقصودة من الهجمات السيبرانية التي تأتيها من الدول الأخرى أو حتى من الأشخاص، والاستجابة والتعافي من هذه الهجمات بأسرع ما يمكن، أو أي خطر يصيب المنظومة الالكترونية ويعرضها لمجموعة من الأضرار التي تنتج عن تعطيل أو إتلاف تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتي يتطلب حماية الشبكات وأجهزة الكمبيوتر، كما يتطلب تحصين هائل للبيانات والمعلومات التي تخص الأمن القومي الروسي.
يري التخطيط الاستراتيجي الروسي أن الاعتداءات التكنولوجية تسهم في خلق صورة مشوهة عن روسيا والهدف من ذلك هو تهديد مكانة روسيا الدولية وزعزعة استقرارها الداخلي عن طريق الانترنت وشبكة تكنولوجيا المعلومات، ولهذا فقد وضعت عدد من الدول استراتيجية الأمن السيبراني علي رأس أولوياتها، وتسعي روسيا لتطوير قوي ووسائل المواجهة المعلوماتية، كما تتخذ خطوات متقدمة نحو زيادة وسائل الحماية الأمنية المعلوماتية من خلال ابتكار أحدث الوسائل واستخدام التقنيات المتقدمة، بما في ذلك تطوير تقنيات الذكاء الصناعي، وردًا علي الإشاعات التي تشوه صورة روسيا داخلياً وخارجياً فكان لابد من تقديم معلومات موثوقة عن كافة الأوضاع الداخلية والخارجية للدولة الروسية.
وإيمانًا بدور الرئيس بوتين وإدراكه لأهمية الدور الذي يلعبه الأمن السيبراني في عالمنا الحالي، فقد قامت الحكومة الروسية بعمليات تقييم للمخاطر والتهديدات السيبرانية التي تتعرض لها روسيا من قبل دول أو منظمات التي تهدد أمنها القومي وبنيتها التحتية، ولكن لم تعلن الحكومة الروسية عن نتائجها وما نتج عنها من سياسات بشكل واضح وصريح، ويمكن القول إن روسيا تضع اهتمامًا خاصًا باستراتيجية الأمن السيبراني وما تحتويه من مخاطر وتهديدات، ولذلك تسعي إلى تطوير قدراتها التكنولوجية لقواتها المسلحة حتى تحقق الردع الإلكتروني.
أعطى الرئيس بوتين أهمية بالغة للأمن السيبراني باعتباره مجال حيوي في عالمنا اليوم، والذي أصبح يلعب دورًا غير تقليدي في الحروب التي تشهدها دول العالم الحالي، وقد اهتمت الدولة الروسية باستراتيجيتها الخاصة للأمن السيبراني عن طريق وضع أهداف تطمح للوصول إليها، فقد حرص الرئيس الروسي بوتن منذ توليه السلطة علي إعادة بناء دولة قوية تقوم علي عدد من الأسس والمبادئ الرئيسية، هذه المبادئ والأسس توضع داخل استراتيجية لتصبح بمثابة عمود فقري لروسيا لتحافظ علي الأمن الداخلي والخارجي للبلاد وتجعلها تستعيد من جديد مكانتها الدولية والإقليمية التي انهارت بتفكك الإتحاد السوفيتي، فقام بوتن ببناء استراتيجية الأمن القومي علي عدة أسس منها العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وعدد من التحالفات منها الإقليمية والدولية وإعادة وضع قائمة الأوليات الروسية، فيما يتواكب مع التغيرات التي يشهدها عالمنا الحالي وهذه الأسس ذات بعدين أحدهما داخلي والآخر خارجي، مما عزز موقف ومكانة دولة روسيا على الساحة الدولية، فيستطيع النظام الدولي أن يرى التفوق الهائل لروسيا في مجال الأمن السيبراني تحت قيادة الرئيس بوتين.
المبحث الثالث: الصعود الروسي في الفضاء السيبراني الدولي:
أحدث صعود الأمن السيبراني في أجندات الدول تأثير كبير على شكل هيكل النظام الدولي وطبيعة التفاعلات والعلاقات بين الوحدات الدولية، فقد ساعد اهتمام الدول بقضايا الأمن السيبراني على تغيير بنية النظام الدولي، وصاحب ذلك تغيير في معايير وتوازنات القوة، حيث سعت الدول نحو تحقيق السيادة وفرض النفوذ وتعزيز القوة السيبرانية، فقد فرض الفضاء السيبراني على الدولة إعادة النظر في قوتها الغير تقليدية، وذلك ناتج لاختلاف مراكز الثقل في الفضاء السيبراني، وبالتالي تغيّر ميزان القوى في النظام الدولي[67].
ولقياس القوة السيبرانية للدول ومدى تأثيرها في الفضاء السيبراني، تم إصدار العديد من المؤشرات، رصد الباحث أن (مركز بيلفر للعلوم والشؤون الدولية التابع لجامعة هارفارد) يُصدر المؤشر الوطني المحدّث للقوة السيبرانية، ويعتبر هذا المؤشر أن القوة هي قياس لنوعية وكمية ما تمتلكه الدولة من أهداف إلكترونية، وقد توصل هذا المؤشر لتصنيف الدول وفقًا لقدرتها السيبرانية، إلا أن هناك شيء من السرية حول القوة السيبرانية الحقيقية للدول وعدم إعلان بعض الدول عن حقيقة ما تمتلكه من مقومات وقدرات سيبرانية.
من خلال تتبع نتائج هذا المؤشر خلال فترة الدراسة، توصل الباحث إلى أن فيما قبل لم تكن روسيا تشكل قوة حقيقية في مِثل هذه المؤشرات، لكن مع زيادة الاهتمام من قبل الرئيس بوتين، ومع تكثيف الإجراءات والتدابير التي تعمل على تعزيز القوة السيبرانية، استطاع الرئيس بوتين بالصعود بدولة روسيا في مقدمة مؤشر القوة السيبرانية، ففي إصدار المركز الصادر لعام 2020[68] (NCPI)، ومن خلال تحليل البيانات الواردة في هذا المؤشر، يتضح ظهور روسيا في المركز الرابع عالمياً، بين الدول القوية الكترونياً.
وفي الإصدار الأخير للمركز الصادر لعام 2022 [69](NCPI)، ومن خلال تحليل البيانات الواردة في هذه النسخة، يتضح تقدّم روسيا وظهورها في المركز الثالث عالمياً، بين الدول الأعلى مرتبة، والأكثر فعالية في استخدام الوسائل الإلكترونية.
ويعكس المؤشر جهود القيادة الروسية من خلال تحسين جودة الأمن السيبراني، ومحاولة الوصول لفضاء سيبراني آمن، ومنع وصول أي تهديد أمني داخلي أو خارجي، فقد عملت القيادة الروسية على وضع السياسات والاستراتيجيات المطورة وآليات التنفيذ والأطر والمعايير والضوابط والإرشادات المتعلقة بالأمن السيبراني، وذلك لبناء قوة سيبرانية روسية.
قفزت روسيا للمرتبة الثالثة عالمياً في الفضاء السيبراني، بعد أن أصبحت قوة سيبرانية تهدد منافسيها ويخشاها جميع دول العالم، حيث تشكل روسيا تحد أمني لدول الغرب وجميع منافسيها، وأصبح بوتين هو المهدد الأول للولايات باعتبارها زعيمة الكتلة الغربية وجميع حلفائها، حيث تعتبر أمريكا نفسها الآن مهددة في هذا المجال بشكل خطير من قبل روسيا.
عادت روسيا بقوة على غفلة من المعسكر الغربي الذي ظن أنه بات بدون منافس حقيقي وبدون قوة تهدد هيمنته من بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، فبعد وصول فلاديمير بوتين لقيادة روسيا شهدت روسيا عهد جديد من العودة القوية والصعود على كافة الأصعدة، فهي دولة قوية تسعى نحو منافسة الغرب، فعند تحليل قوة قيادة بوتين لروسيا، وجدت الدراسة أن القوة الروسية قد صعدت في الفضاء السيبراني وأصبحت روسيا قوة سيبرانية هائلة.
وفي إطار التغير الذي أحدثه الأمن السيبراني لبنية النسق الدولي، وبالتركيز على صعود روسيا في الفضاء السيبراني، تطرق الباحث لرصد التفاعل الروسي بين وحدات النظام الدولي على الساحة الدولية السيبرانية، سواء من خلال رصد عمليات الصراع أو التفاعلات التعاونية لروسيا تحت قياده الرئيس فلاديمير بوتين.
أولًا: التعاون الدولي الروسي في الفضاء السيبراني:
أكدت القيادة الروسية على أهمية الأمن السيبراني لتعزيز أمنها القومي، فعملت على الاتجاه نحو الدخول في شراكات دولية والدخول في معاهدات واتفاقيات، لتنظيم آليات الرقابة وحفظ الأمن المعلوماتي، وتهدف الاستراتيجية، لتعزيز التعاون مع الشركاء الأجانب في مجال ضمان الأمن المعلوماتي، وفي إطار التعاون في مجال الامن السيبراني، حرصت القيادة السياسية الروسية على تعزيز التعاون الدولي في هذا المجال، فقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على سعي روسيا للمشاركة في عملية التفاوض حول قضايا أمن المعلومات، وتطوير فضاء المعلومات الدولي، عندما قال “نحن بحاجة إلى تعزيز المبادرات الروسية بقوة وتكثيف مشاركتنا في عملية التفاوض، وأؤكد أن روسيا، كما في السابق، منفتحة للحوار والتفاعل البناء مع جميع الشركاء، سواء في شكل ثنائي أو على مواقع الهياكل والمنتديات الدولية، قبل كل شيء، بالطبع في الأمم المتحدة”، وفيما يلي بعض الاتفاقيات الدولية التي أبرمتها روسيا تحت قيادة الرئيس بوتين:
في عام 2015، انضمت روسيا لمشروع ميثاق عالمي لعدم الاعتداء الالكتروني، وذلك في إطار تعزيز التعاون الدولي في مجال أمن المعلومات تحت إشراف الأمم المتحدة، ووفقًا لهذا المشروع فقد تم التوصل إلى أن الدول تتعهد باستخدام الفضاء السيبراني في الأغراض السلمية فقط وعدم التهديد بها واستخدامها في تحطيم وهدم البنية التحتية.
وفي عام 2015، قامت موسكو بالانضمام إلى منظمه شنغهاي للتعاون[70]، وهناك اتفاق بين روسيا والصين بشأن توسيع تبادل المعلومات وزيادة تعزيز التعاون الثنائي في مجال الأمن، حيث أن هناك تآلف واضح بين سياسات الدولتين، فهناك تعاون من توافق الأهداف، كما أن كليهما يرى أن مصادر التهديد تأتي من الكتلة الغربية.
وفي يناير 2021، وقع وزيرا خارجية إيران وروسيا اتفاقية حول التعاون الواسع في مجال الأمن السيبراني وأمن المعلومات، وذلك في إطار تحقيق التوازن بين الأمن وحقوق الإنسان في استخدام تقنيات الاتصال عبر الإنترنت، ومنع التهديدات لأمن المعلومات والتصدي لها من أجل تهيئة بيئة معلومات دولية سلمية، ولخلق ظروف آمنة في الفضاء الإلكتروني[71].
وفي عام 2021، تم توقيع اتفاقية تعاون بين “إندونيسيا” و”موسكو” في مجال أمن المعلومات الدولي، وتنصّ الاتفاقية بين البلدين على التعاون في مجال ضمان أمن المعلومات الدولي، من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، فقد اتفق الطرفان على تبادل المعلومات حول الاستخدام غير المشروع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والبرمجيات الخبيثة، والهجمات الإلكترونية، وغيرها من طرق الاستخدام غير المشروع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات[72].
حتى مع النظير والقوة المنافسة، حيث تؤكد موسكو أن الحاجة لتشكيل مجموعة عمل روسية أمريكية مشتركة للأمن المعلوماتي تتزايد[73]، فقد أعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، برنامجاً شاملاً لتدابير استعادة التعاون الروسي الأمريكي في مجال أمن المعلومات الدولي، أشار فيه إلى أن خطر المواجهة في المجال الرقمي هو أحد التحديات الاستراتيجية الرئيسية في عصرنا ومسؤولية منعه تقع على عاتق اللاعبين الرئيسيين، وتسعى روسيا لتشكيل هياكل قانونية لمكافحة التهديدات في مجال تكنولوجيا المعلومات والأمن السيبراني.
ثانياً: الصراع الروسي في الفضاء السيبراني:
ومع تصاعد القدرات السيبرانية الروسية، أصبحت روسيا تمثل ثقل عالمي في المجال السيبراني، وقد استخدمت روسيا هذا الثقل في إدارة علاقاتها الدولية، فقد استغلت روسيا تفوقها السيبراني في نزاعاتها، حيث تتميز روسيا بتفوق في منظومات التشويش والتضليل العسكري، بالإضافة إلى قدراتها الهائلة في مجال الاختراق الالكتروني، فقد تم رصد بعض الهجمات السيبرانية التي نُسبت إلى روسيا، ولعل أهمها:
في عام 2015 نشأت حرب سيبرانية روسية على ألمانيا، حيث قامت روسيا بتسريب وثائق سرية رسمية خاصة بالبرلمان الألماني، وتلك الحرب كانت تحمل طابع سياسي، وفي عام [74]2016 وقع الهجوم السيبراني الروسي للانتخابات الرئاسية الأمريكية، فقد تم استهداف أنظمة الانتخابات الأمريكية لفوز الرئيس ترامب في الانتخابات، وكان هذا الهجوم له طابع سياسي أيضًا، وفي عام 2017 تم استهداف أجهزة الأندرويد، حيث قام عدد من الأفراد الروس بهجوم سيبراني لاستغلال الثغرات الأمنية لأنظمة مايكروسوفت، عُرف هذا الهجوم ب “zero day”، وفي عام 2019 حدث هجوم سيبراني من قِبل قراصنة روس عقب انتخابات التجديد النصفي، حيث قاموا باستهداف اللجنة الوطنية الديمقراطية الأمريكية، وفي عام 2022 وقعت هجمات سيبرانية روسية تستهدف المواقع الإلكترونية لمطارات أمريكية، وقد كان هذا الهجوم يحمل طابع اقتصادي[75].
ولعل أبرز وأقوى الحروب السيبرانية التي قامت بها روسيا، ما يظهر واضحًا في الآونة الأخيرة على الساحة الدولية، ويتمحور حول البعد السيبراني للحرب الروسية الأوكرانية، حيث أن هذه الحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا لها أهمية خاصة من حيث العمليات السيبرانية، حيث أن كلا البلدين لديهما عدد كبير من خبراء تكنولوجيا المعلومات والأمن ولديهما خبرة متراكمة في مجال العمليات السيبرانية لسنوات عديدة، فقد عملت أوكرانيا جاهدة على تطوير بنيتها التحتية الرقمية لمواجهة التهديد الروسي، حيث أن اوكرانيا بمثابة ساحة تدريبية للعمليات السيبرانية الروسية منذ عام 2013، عندما وقع هجوم سيبراني استهدف مواقع التواصل الاجتماعي في اوكرانيا، حيث استهدف الهجوم وسائل الإعلام وعمل على التلاعب بالمعلومات للتأثير على الرأي العام بالإضافة إلى نشر معلومات غير صحيحة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك لمنع انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، وفي عام 2014[76] وقع أيضًا هجوم سيبراني استهدف الانتخابات الأوكرانية، من خلال تعطيل النظام الالكتروني لجمع نتائج الانتخابات واختراق الأجهزة المسجل عليها البيانات، فقد تم قطع الخدمة وتم الاختراق والتلاعب في البيانات على موقع الانتخابات الأوكرانية حينها[77]، وخلال الحرب الروسية _الأوكرانية الأخيرة، استخدمت روسيا الصعود والتطور التكنولوجي في إدارة الأزمة مع أوكرانيا، حيث تمكن الروس بقدراتهم الإلكترونية في التشويش على سلاح المدفعية الأوكراني وإضعاف قدرته على إصابة أهدافه، فتمكنت روسيا من إلحاق الضرر بالطائرات الأوكرانية، والتي يطلق عليها “درون” حيث قامت الأولي بإسقاط تلك الطائرات حيث ظهر ذلك في إسقاط روسيا لغالبية طائرات الدرون الأوكرانية حيث بلغت نسبة إسقاط روسيا لطائرات الدرون إلى 90٪، كما نجحت روسيا في التشويش على سلاح الإحداثيات التي يستخدمها سلاح المدفعية الأوكراني مما أضعف قدرة هذا السلاح على تحقيق أهدافه.
كما أظهرت الحرب الروسية الأوكرانية قدرة روسيا العسكرية على التجسس فقد حصلت روسيا على عدد من المعلومات الاستخبارية لأوكرانيا، فقد ذكرت القوات الجوية الأوكرانية تأثير قدرات الحروب الإلكترونية المتطورة لروسيا، فقد نجحت روسيا في استخدام قوتها السيبرانية واستخدام التأثيرات السيبرانية المتطورة في حروبها.
كما استهدفت الهجمات السيبرانية الروسية شركات وهيئات حكومية والمكاتب الإقليمية ومراكز البيانات والمعلومات الأوكرانية عن طريق استخدام اختراق أجهزة الحاسوب التابعة لتلك المنظمات والخاضعة للسيطرة الأوكرانية، وقبل بدء الحرب بساعات قليلة بدء الجيش الروسي في تعطيل شبكة اتصالات الجيش الأوكراني مؤقتًا من خلال مهاجمة أجهزة المودم وأجهزة التوجيه التي تشكل جزءًا من شبكة الأقمار الصناعية الأوروبية والتي يقع مقرها داخل الولايات المتحدة الأمريكية، فقد تم اختراق 70 موقعًا حكومياً أوكرانياً والذي يحتوي على النظام الرئيسي للخدمات الأوكرانية للحكومة والتي تم إطلاقه عام 2020 كبداية للتحول الرقمي في أوكرانيا، فأصبح يوجد موقع وتطبيق يحتوي على كافة المعلومات والبيانات التي تخص الأفراد كافةً، فهو يسمح للأفراد باستخدام المستندات الرقمية باستخدام هواتفهم الذكية حيث تمكن هذا الموقع من اتاحة الوصول إلى أكثر من 50 خدمة حكومية، فقد نشر القراصنة الروس رسائل تخويف وتهديد تحت مضمون “خافوا وتوقعوا الأسوأ”[78].
أبرزت الحرب الأوكرانية أهم ملامح التفوق الروسي في مجال الحرب الإلكترونية العالمية، حيث اهتمت روسيا بقيادة بوتين في وضع استراتيجية تعزز الأمن السيبراني وتطور وسائل الحروب السيبرانية لتدعم موقفها في حروبها الدولية والتي أصبحت تتخذ شكلًا جديدًا عن الجروب التقليدية المتوقفة على مدي البراعة العسكرية، ولكن مع التقدم الهائل لوسائل تكنولوجيا المعلومات والبيانات أصبح هناك تغير في أشكال التفاعلات الدولية المتمثلة في أشكال الصراع التعاون والحروب فكان لابد من الدول أن تواكب الأحداث التفاعلات الدولية.
فقد استخدمت روسيا هذه القوة السيبرانية في تعزيز الهجوم السيبراني على الساحة الدولية، وذلك من خلال القيام بالحروب وشن الهجمات، حيث تعتبر روسيا من أكثر الدول تقدمًا في مجال الحروب السيبرانية، فأصبحت تسعى للتقدم في تطوير معداتها التكنولوجية حتى تنفرد وحيدة في استخدام الحروب السيبرانية وتتفوق فيها، وبالفعل أظهرت عدد من الحروب السيبرانية التي شنتها روسيا مع عدد من الدول الغربية والأوروبية مدى براعة التقدم التكنولوجي الهائل التي حققته روسيا في مجال الحروب السيبرانية.
- الخاتمة:
توصلت الدراسة إلى عدة نتائج، وفيما يلي أهم هذه النتائج:
أن هناك عقيدة لدى الشعب الروسي بضرورة عودة هيبة الاتحاد السوفيتي، ودورها الفعال على الساحة الدولية، فمنذ وصول الرئيس فلاديمير بوتين المتأثر بالثقافة والعقيدة الروسية، وهو لديه رغبة قوية في زيادة وتعظيم قوة روسيا في توازنات القوى الدولية، وعودة نفوزها واستعادة قوة الإتحاد السوفيتي السابق.
تتفاوت سلطة القائد في رسم الاستراتيجيات من نظام الى أخر، ففي الحالة الروسية تكاد تكون سلطة القائد مطلقة، حيث تنحصر مؤسسات صنع القرار في دولة روسيا الاتحادية على مؤسسة الرئاسة التي تصيغ كل ما له علاقة بالشأن الروسي، فعندما تصدر أي مؤسسة أي قرار يجب أن يكون هذا القرار صدر بعد موافقة من المؤسسة الرئاسية، فهي تملك من الصلاحيات ما يخول لها هذا الدور بشكل قانونيا.
كان دور فلاديمير بوتين بارزاً خلال فترة توليه قيادة روسيا، ومن خلال قراءة وتحليل الاستراتيجية الروسية الجديدة التي تؤكد على أهمية أمن روسيا وضرورة عودة دورها، فنرى أنه استخدم التطور والتكنولوجيا الحديثة بشكل رسمي لتعزيز الأمن الروسي.
يلعب الرئيس بوتين دور كبير في تعزيز الأمن القومي الروسي بشكل عام والأمن السيبراني بشكل خاص، حيث قام بإصدار استراتيجية جديدة تعمل على زيادة مؤشرات القوة السيبرانية، مما جعل روسيا تصعد في الفضاء السيبراني وتشكل خطر وتهديد على الهيمنة الأمريكية في الفضاء السيبراني، وتوصلت إلى أن السبب الحقيقي وراء صعود روسيا في الفضاء السيبراني، هو توجهات وسياسات القيادة السياسية التي تمكنت من توظيف الآليات المناسبة ورسم الاستراتيجيات الأفضل لروسيا، والتي تناسب مكانتها وقدراتها.
يؤثر البعد النفسي للقائد في عملية صنع القرار السياسي، وكذلك ملامح النشأة النفسية والثقافية والاجتماعية، ودورها في عمليه صنع القرار، ومن خلال تحليل البيئة النفسية للقائد السياسي الغامض (فلاديمير بوتين)، وتحليل خطاباته الرسمية، نرى مدى تأثير سمات شخصية الرئيس بوتين ونمط تفكيره وتوجهاته ونظرته للعالم، على وضعه لاستراتيجية جديدة محكمة بهذا الشكل لضمان تحقيق الأمن الروسي، فبناء على ما سبق، إذا أخذنا في الاعتبار مجمل الدوافع والمبادئ والتوجهات التي تحكم أفكار وسياسات الرئيس الروسي بما فيها الاستراتيجية السيبرانية الجديدة، فإن جميعها يسعى نحو تحقيق الهدف الأساسي لبوتين، وهو دفع العالم للتعامل مع روسيا، كما لو كانت الاتحاد السوفيتي، قوة عظمى يجب احترامها وخوفها، تتجاوز سيادتها الحدود الجغرافية الحالية، ومزاحمة الولايات المتحدة الأمريكية على مقعد القوى المهيمنة.
ومن خلال تحليل خطابات الرئيس بوتين، نستنتج أنه يؤكد دائماً على عدم قبوله أي دور هامش على الساحة الدولية، وأنه لا يسمح للولايات المتحدة بالانفراد بالقرار الدولي والسيطرة على المؤسسات الدولية، وتباعاً لتغير ملامح الهيمنة وصعود مجالات جديدة لفرض الهيمنة منها (الهيمنة في الفضاء السيبراني)، فإن الرئيس بوتين طبقاً لديه إدراك بضرورة الصعود في هذا المجال، لذلك يسعى من خلال الاستراتيجية السيبرانية الروسية الجديدة إلى تعزيز الصعود الروسي في الفضاء السيبراني.
أصبح الأمن السيبراني محور هام وركيزة أساسية في إطار تعزيز الأمن القومي، وذلك دليل على أن المفهوم الحديث للأمن لا يقتصر على الجوانب العسكرية فقط وإنما يتماشى مع التهديدات الحديثة التي تتعرض لها الدول، لذلك قامت الدول بتطوير عقيدتها الأمنية، حتى تتواكب مع هذه التغيرات الجديدة، وفي خلال سعي الدول لحماية أمنها القومي تقوم بوضع استراتيجيات لمواجهة التهديدات الجديدة، فتعمل هذه الاستراتيجيات على تطوير الجيوش السيبرانية وإنشاء هيئات للأمن السيبراني، بالإضافة إلى تعزيز وثن القوانين التي تعمل على تحقيق هذا الأمن وتجنب التهديدات الناشئة عنه، حيث أصبحت القوة السيبرانية تسير جنباً الى جنب بجانب القوة التقليدية.
تؤكد الاستراتيجية الروسية الجديدة على ضمان التشغيل الآمن والمستقر للإنترنت وتطويرها، والتصدي لسياسات الدولة غير الودية لتسليح الفضاء السيبراني العالمي واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للتدخل في الشؤون الداخلية للدولة لأغراض عسكرية، على أساس المشاركة العادلة للدولة في إدارة الإنترنت، لذلك يعمل بوتين على تطوير مساحة معلومات آمنة، وحماية المجتمع الروسي من الآثار النفسية لوسائل الإعلام المدمرة والمصالح الوطنية التي يجب على القادة السياسيين السعي لتحقيقها، وتأكيد وجهات نظر روسيا الموضوعية في الخارج وتعزيز مكانتها في مجال المعلومات الدولي.
تعتمد استراتيجية الأمن السيبراني الروسي على عدة ركائز أساسية تضيفهما جنبًا إلي جنب مع زيادة قدراتها العسكرية، فتعتمد استراتيجية الأمن السيبراني الروسي علي محاولة تعطيل البنية التحتية المعلوماتية للدولة الخصم، وتعطيل عمليات التداول المالية والائتمانية، وتهتم بقطع الاتصالات المدنية والعسكرية له قبل البدء في العمليات العسكرية التقليدية حتي تنقطع كافة وسائل الاتصال والحصول علي المعلومات من قبل الخصم، والأهم من ذلك هو اعتماد استراتيجية الأمن السيبراني الروسي على التأثير في الرأي العام للدولة الخصم عن طريق عدد من المعلومات الخاطئة والدعاية التي تخدم المصالح الروسية.
حيث تقوم القيادة السياسية بتعزير استراتيجية أمنها القومي عن طريق تطوير استراتيجية الأمن السيبراني التي تحمي الدول والشعوب من مخاطر الفضاء السيبراني بما يشكله من تهديد حقيقي على أمن الدول القومي، فأخذت كثير من القيادات السياسية في وضع استراتيجية الأمن السيبراني في مقدمة أولويات أمنها القومي، حتى تضمن الحماية الكاملة سواء باستخدام أساليب الحماية التقليدية المتمثلة في البعد العسكري أو البعد الأمني الغير تقليدي المتمثل في وضع استراتيجية الأمن السيبراني.
قائمة المراجع:
المراجع باللغة العربية:
أولًا: الكتب:
- فيليب سادلر، القيادة، ترجمة هدى فؤاد، الطبعة الأولى، القاهرة، مجموعة النيل العربية، ،2008.
- قصي محبوبة، القائد بين السياسة والسلطة والنفوذ: صراع المفاهيم والشخصيات في الأمم والدول والمؤسسات، (بغداد، دار الرافدين، مايو 2022)، ص 331.
- مجيد خدوري، عرب معاصرون: أدوار القادة في السياسة (بيروت: الدار المتحدة للنشر، 1973)، ص184-274، 303-308).
- ليليا شيفتسوفا، “روسيا بوتين”، ترجمة: بسام شيحا، (بيروت، الدار العربية للعلوم، 2006).
ثانياً: الرسائل العلمية:
- آلاء محمد محسن، دور القائد السياسي في صنع السياسة الخارجية (فلاديمير بوتن نموذجا)، (رسالة ماجستير، جامعة دمشق، كلية العلوم السياسة، قسم العلاقات الدولة، 2015).
- آمنة بن يوسف، دور المحددات النفسية في صنع القرار في السياسة الخارجية دراسة حالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، (رسالة ماجستير، جامعة زيان عاشور-الجلفــــــــــة–كلية الحقوق والعلوم السياسة قسم العلوم السياسية, 2016\2017).
- انكوس براهيم، القيادة السياسية والتغير في السياسة الخارجية الروسية تجاه حلف الناتو 2010/ 2016، (رسالة ماجستير، جامعة الجلفة، كليه الحقوق والعلوم السياسية، 2016 _2017).
- جلال عبد الله معوض، علاقة القيادة بالظاهرة الإنمائية: دراسة في المنطقة العربية، (رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، 1985)، ص 9-10.
- فاطمة الزهراء عاشور، تأثير الفضاء الإلكتروني على الأمن القومي، (رسالة ماجستير، جامعة قاصدي مرباح، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2017 /2018).
- محمد بدر المطيري، دور القيادة السياسية في رسم وتنفيذ سياسات التنمية في دولة الكويت (2010 _ 2013)، (رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأوسط، كلية الآداب والعلوم، نوفمبر 2015).
ثالثاً: الدوريات العلمية:
- أحمد محمد عبد المنعم السيد، أثر القيادة السياسية في صياغة وتنفيذ السياسات العامة (دراسة حالة: جورج بوش الابن)، المركز الديمقراطي العربي، 16 اكتوبر 2016.
- اسماء احمد شوكت على عبد البديع، “القيادة السياسية والتغير في السياسة الخارجية الروسية تجاه دول آسيا الوسطى (2000-2015)” المركز الديمقراطي العربي، 26 يوليو2016، https://democraticac.de/?p=34651، تاريخ الدخول 27 نوفمبر 2022.
- إسماعيل زروقة، الفضاء السيبراني والتحول في مفاهيم القوة والصراع، مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد العاشر، العدد الأول، ابريل 2019.
- اسلام فوزي، الأمن السيبراني: الأبعاد الاجتماعية والقانونية تحليل سوسيولوجي، المجلة الاجتماعية القومية، المجلد السادس والخمسون، العدد الثاني، مايو 2019.
- أماني عصام محمد، “استخدام روسيا للقوة السيبرانية في إدارة تفاعلاتها الدولية”، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، المجلد الثاني العشرون، العدد الرابع، أكتوبر 2021.
- بوقرين عبد الحليم، قطاف سليمان، الأمن السيبراني والمضامين المفاهيمية المرتبطة به، مجلة طبنة للدراسات العلمية الأكاديمية، المجلد الخامس، العدد الثاني، أغسطس 2022.
- تغريد معين حسن المشهدي، الأثر العسكري للأمن السيبراني في الجغرافيا السياسية الدولية، مجله البحوث الجغرافية، المجلد الاول، العدد الثلاثين، 2019،
- تغريد صفاء، لبني خميس مهدي، أثر السيبرانية في تطور القوة، مجلة حمورابي، العدد 33-34، ربيع 2020.
- جاسم محمد حاتم، دور القيادة السياسية في السياسة الخارجية (أحمد داود أوغلوا نموذجاً)، مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، العدد 22.
- جمال بوازدية، الاستراتيجية الجزائرية في مواجهة السيبرانية: التحديات والآفاق المستقبلية، مجله العلوم القانونية والسياسية، المجلد العاشر، العدد الأول، أبريل.
- حميد حمد السعدون، “الدور الدولي الجديد لروسيا”، مركز الدراسات الدولية-جامعة بغداد، العدد الثاني والأربعون،2009، https://jcis.uobaghdad.edu.iq/index.php/politics/article/view/165/135.
- ساعد بوقرص، الأمن السيبراني: مخاطر وتهديدات تتطلب ممارسات وتوصيات واستراتيجيات خاصة، مجله الأبحاث في الحماية الاجتماعية، المجلد الثالث، العدد الأول.
- سمير قلاع الضروس، الأمن السيبراني الوطني: قراءة في أهم الاستراتيجيات الأمنية والتقنية لمواجهة الجريمة الإلكترونية بالجزائر، مجله الرواق للدراسات الاجتماعية والإنسانية، جامعه غرداية، الجزائر، المجلد الثامن، العدد الثاني، 28 ديسمبر 2022.
- شريفة كلاع، الصراع الروسي _الصيني_ الأمريكي_ للاستحواذ على الهيمنة في الفضاء السيبراني، مجلة السياسة العالمية، المجلد السادس، العدد الأول، 2022.
- علي زياد فتحي، رؤية استراتيجية: العمليات السيبرانية الأورواطلسية ومهددات الجيوسيبرانية الروسية “رؤية في الاشتباك السيبراني الأورو _ روسي”، مجله حمورابي، العدد 30، 2019.
- فاطمة محمد على عثمان، “القيادة النسائية في عالم متغير”، الملتقى المصري للإبداع والتنمية، الإسكندرية، 1998، ص 84-86.
- محمد صالح الجوهري، “دور القيادة السياسية في عملية الإصلاح السياسي في أذربيجان في الفترة ما بين -3002 3092″، يوليو 2014، <https://www.democraticac.de/?p=2355 ، تاريخ الدخول 5 فبراير 2023.
- محمد بسيوني، “عقيدة جيراسيموف: دوافع الاستراتيجية الروسية لحرب المعلومات ضد الدول الغربية”، مجلة المستقبل، 23 أكتوبر 2017،https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/3371/%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%85%D9%88%D9%81-%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%81%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%B6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9، تاريخ الدخول 5 أبريل 2023.
- محمود صافي، تأثير رؤية القيادة السياسية على الاستقرار السياسي في ماليزيا خلال الفترة من عام 1981_ 2018، الدراسات السياسية والاقتصادية، المجلد الأول، العدد الأول، أكتوبر 2021.
- محمود خليفة جودة محمد، “القيادة السياسية في البرازيل وأثرها على الاستقرار السياسي”، المركز الديمقراطي العربي، 7مايو 2014، https://democraticac.de/?p=902، تاريخ الدخول 21 نوفمبر 2022.
- مسيكة محمد، الفضاء السيبراني وتحديات الأمن القومي للدول، مجله العلوم القانونية والاجتماعية، المجلد السابع، العدد الرابع، ديسمبر 2022.
- منار شوقي أحمد محمد اسماعيل، “دور القيادة السياسية في عملية التحول الديمقراطي في نيجريا خلال حكم أولوسيجون”، المركز الديمقراطي العربي، 17يناير 2016،https://democraticac.de/?p=25993، تاريخ الدخول 19 نوفمبر2022.
- نهى علي أمير، الأمن السيبراني في استراتيجية الأمن القومي الروسي، آفاق أسيوية، الهيئة العامة للاستعلامات، العدد الحادي عشر، 2023، ص 168-196.
- هبه جمال الدين، ” الأمن السيبراني والتحول في النظام الدولي”، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، المجلد الرابع والعشرون، العدد الأول، يناير 2023، ص 213-217.
- أ.د وليد حسن محمد، دور الرئيس بوتن في رسم الاستراتيجية الروسية الجديدة، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جامعة بغداد، العدد 64-65،https://cutt.us/G5wZv ، اكتوبر 2016.
رابعًا: أبحاث علمية غير منشورة:
- رغدة علاء الدين وآخرون، البعد النفسي للقائد وتأثيره في عملية صنع القرار الساسي (دراسة حالة الأمريكي دونالد ترامب)، (دراسة بحثية غير منشورة، جامعة بني سويف، كلية السياسة والاقتصاد، 2018).
خامسًا: المواقع الإلكترونية:
- حسن عبده حسن، “روسيا تتفوق إلكترونياً في حرب أوكرانيا”، الإمارات اليوم، 9 يناير 2023،https://www.emaratalyoum.com/politics/reports-and-translation/2023-01-09-1.1706317، تاريخ الدخول 5 أبريل 2023.
- شادي عبد الحافظ، “5 ملامح نفسية تحدد لك شخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، الجزيرة الإخبارية، 24/9/2022، https://cutt.us/z5AYv ، تاريخ الدخول 27 ديسمبر 2022.
- رائد جبر، “«معركة» الأمن السيبراني تحدّد مسار الحوارات الروسية الغربية: موسكو تدرج «التحديات الرقمية» في استراتيجية الأمن القومي”، الشرق الأوسط، 31 يوليو، https://2u.pw/NA1H9B ، تاريخ الدخول 30 يناير 2023.
- إيران وروسيا تبحثان التعاون في مجال أمن المعلومات”، موقع أنصار الله، 1 أكتوبر 2021، https://www.ansarollah.com/archives/465519 ، تاريخ الدخول 20 مارس 2023.
- توقيع اتفاقية تعاون بين روسيا وإندونيسيا في مجال الأمن المعلومات”، ليفانت الإخبارية – روسيا اليوم،14 ديسمبر 2021، https://thelevantnews.com/article/%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%86%D9%8A ، تاريخ الدخول 21 مارس 2023.
المراجع باللغة الانجليزية:
- JAVIER MORALES HERNÁNDEZ, WHO RULES RUSSIA TODAY? AN ANALYSIS OF VLADIMIR PUTIN AND HIS POLITICAL PROJECT, UNISCI DISCUSSION PAPERS, October de 2003, pp. 1-11, https://www.redalyc.org/pdf/767/76711279011.pdf.
- RICHARD SAKWA, Putin’s Leadership: Character and Consequences, CORE, EUROPE-ASIA STUDIES Vol. 60, No. 6, August 2008, 879 – 897, https://core.ac.uk/download/pdf/91894.pdf.
- Victor H. Vroom and Yale G. Jago, “The Role of the Situation in Leadership,” American Psychologist, by the American Psychological Association. Vol. 62, No. 1, January 2007, pp.20_21.
- Julia Voo, Irfan Hemani and Daniel Classidy, National Cyber Power Index, Belever Center, Harvard kennedy school, report sep 2022.
- Julia Voo, Irfan Hemani and others, National Cyber Power Index 2020, Belever Center, Harvard kennedy school, report sep 2020.
- Julia Voo, Irfan Hemani and Daniel Classidy, National Cyber Power Index, Belever Center, Harvard kennedy school, report sep 2022.
المراجع باللغة الروسية:
- ОЛЕГ ДЕМИДОВ, ВИТАЛИЙ КАБЕРНИК, ЕЛЕНА ЧЕРНЕНКО, ТОМАС РЕМИНГТОН & КРИС СПИРИТО, К российско-американскому двустороннему сотрудничеству в сфере кибербезопасности, ДОКЛАДЫ РАБОЧЕЙ ГРУППЫ ПО БУДУЩЕМУ РОССИЙСКО-АМЕРИКАНСКИХ ОТНОШЕНИЙ ВЫПУСК, 7-МАЙ 2016 Г.
- Олег Игоревич Шакиров, Кто придёт с кибермечом: подходы России и США к сдерживанию в киберпространстве, М Е Ж Д У Н А Р О Д Н А Я А Н А Л И Т И К А 11 (4): 2020.
- Контртеррористическое управление Организации Объединенных Наций (КТУ ООН), Составлен ИДКТК и КТУ ООН в, Защита критически важных объектов инфраструктуры от террористических атак: Сборник передового опыта, 2018.
- ПАВЕЛ ШАРИКОВ, РОССИЙСКО-АМЕРИКАНСКИЕ ОТНОШЕНИЯ В СФЕРЕ ИНФОРМАЦИОННОЙ БЕЗОПАСНОСТИ, Московский Центр Карнеги, Московский Центр Карнеги.
- генерал-майора А.С. Коржевского, Прогнозируемые вызовы и угрозы национальной безопасности Российской Федерации и направления их нейтрализации, Военная академия Генерального штаба Вооруженных Сил Российской Федерации Военный институт (управления национальной обороной), Москва, 2021.
- Фред Шрайер, Барбара Викс, Теодор Х. Винклер, Кибербезопасность: дорога, ко- торую предстоит пройти (Женева: Женевский центр демократического кон- троля над вооруженными силами, 2013).
- Основные направления государственной политики в области обеспечения безопасности автоматизированных систем управления производственными и технологическими процессами критически важных объектов инфраструктуры Российской Федерации, Совет Безопасности Российской Федерации, 3 февраля 2012 г, http://www.scrf.gov.ru/security/information/document113/ .
- Указ Президента Российской Федерации от 05.12.2016 г. № 646: Об утверждении Доктрины информационной безопасности Российской Федерации, http://www.kremlin.ru/ , 05.12.2016
- Указ Президента Российской Федерации от 02.07.2021 г. № 400: О Стратегии национальной безопасности Российской Федераци, http://www.kremlin.ru/acts/bank/47046 , 07.2021.
- Министерство цифрового развития, связи и массовых коммуникаций Российской Федерации, https://digital.gov.ru/ru/ministry/common/?utm_referrer=https%3a%2f%2fwww.google.com%2f .
- Распоряжение Правительства Российской Федерации от 22.12.2022 № 4088-р, http://publication.pravo.gov.ru/Document/View/0001202212230035?index=3&rangeSize=1 , 12.2022.
[1] منار شوقي أحمد محمد اسماعيل، “دور القيادة السياسية في عملية التحول الديمقراطي في نيجريا خلال حكم أولوسيجون”، المركز الديمقراطي العربي، 17يناير 2016، https://democraticac.de/?p=25993، تاريخ الدخول 19 نوفمبر2022.
[2] محمود خليفة جودة محمد، “القيادة السياسية في البرازيل وأثرها على الاستقرار السياسي”، المركز الديمقراطي العربي، 7مايو 2014، https://democraticac.de/?p=902، تاريخ الدخول 21 نوفمبر 2022.
[3] اسماء احمد شوكت على عبد البديع، “القيادة السياسية والتغير في السياسة الخارجية الروسية تجاه دول آسيا الوسطى (2000-2015)” المركز الديمقراطي العربي، 26 يوليو2016، https://democraticac.de/?p=34651 ، تاريخ الدخول 27 نوفمبر 2022.
[4] – ليليا شيفتسوفا، “روسيا بوتين”، ترجمة: بسام شيحا، (بيروت، الدار العربية للعلوم، 2006).
[5] حميد حمد السعدون، “الدور الدولي الجديد لروسيا”، مركز الدراسات الدولية-جامعة بغداد، العدد الثاني والأربعون،2009، https://jcis.uobaghdad.edu.iq/index.php/politics/article/view/165/135 .
[6] بوقرين عبد الحليم، قطاف سليمان، “الأمن السيبراني والمضامين المفاهيمية المرتبطة به”، مجلة طبنة للدراسات العلمية الأكاديمية، المجلد الخامس، العدد الثاني، أغسطس 2022.
[7] مسيكة محمد، “الفضاء السيبراني وتحديات الأمن القومي للدول”، مجلة العلوم القانونية والاجتماعية، المجلد السابع، العدد الرابع، ديسمبر 2022.
[8] شريفة كلاع، “الصراع الروسي _الصيني_ الأمريكي_ للاستحواذ على الهيمنة في الفضاء السيبراني”، مجلة السياسة العالمية، المجلد السادس، العدد الأول، 2022.
[9] أماني عصام محمد، “استخدام روسيا للقوة السيبرانية في إدارة تفاعلاتها الدولية”، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، المجلد الثاني العشرون، العدد الرابع، أكتوبر 2021.
[10] نهى علي أمير، “الأمن السيبراني في استراتيجية الأمن القومي الروسي”، آفاق أسيوية، الهيئة العامة للاستعلامات، العدد الحادي عشر، 2023.
[11] فاطمة محمد على عثمان، “القيادة النسائية في عالم متغير”، الملتقى المصري للإبداع والتنمية، الإسكندرية، 1998، ص 84-86.
[12] Victor H. Vroom and Yale G. Jago, “The Role of the Situation in Leadership,” American Psychologist, by the American Psychological Association. Vol. 62, No. 1, January 2007, pp.20_21.
[13] – انكوس براهيم، القيادة السياسية والتغير في السياسة الخارجية الروسية تجاه حلف الناتو 2010/ 2016، (رسالة ماجستير، جامعة الجلفة، كليه الحقوق والعلوم السياسية، 2016 _2017).
[14] – بوقرين عبد الحليم، قطاف سليمان، الأمن السيبراني والمضامين المفاهيمية المرتبطة به، مجلة طبنة للدراسات العلمية الأكاديمية، المجلد الخامس، العدد الثاني، أغسطس 2022، ص 37 _ 56.
[15] – إسماعيل زروقة، الفضاء السيبراني والتحول في مفاهيم القوة والصراع، مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد العاشر، العدد الأول، ابريل 2019، ص 1016 _ 1031.
[16]– عصام عبد الشافي، القيادة السياسية وتحولات السياسة الخارجية: مداخل تأسيسية، الجزيرة، 19مارس 2023،
https://cutt.us/jPjda ، تاريخ الدخول 20 ابريل 2022.
[17] جاسم محمد حاتم، دور القيادة السياسية في السياسة الخارجية (أحمد داود أوغلوا نموذجاً)، مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية، العدد 22، ص 37.
[18] – قصي محبوبة، القائد بين السياسة والسلطة والنفوذ: صراع المفاهيم والشخصيات في الأمم والدول والمؤسسات، (بغداد، دار الرافدين، مايو 2022)، ص 331.
[19] – جلال عبد الله معوض، علاقة القيادة بالظاهرة الإنمائية: دراسة في المنطقة العربية، (رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، 1985)، ص 9-10.
[20] – فيليب سادلر، القيادة، ترجمة هدى فؤاد، الطبعة الأولى، القاهرة، مجموعة النيل العربية، ،2008 ص 1.
[21] – محمد صالح الجوهري، “دور القيادة السياسية في عملية الإصلاح السياسي في أذربيجان في الفترة ما بين -3002 3092″، 7. يوليو 2014، <https://www.democraticac.de/?p=2355 ، تاريخ الدخول 5 فبراير 2023.
[22] منى عامر محمد، “القيادة السياسية والتحول الديمقراطي في تركيا في الفترة من 2002 الى 2021م)”، المجلة العلمية، كلية 7التجارة،جامعة اسيوط، المجلد الواحد والاربعون، العدد الثالث والسبعون ديسمبر 2021، ص 469 الى500
[23] بن عروس محمد لمين/ دحمان نوال، الأنماط القيادية المتبعة في الإدارة،(مجلة سوسيولوجيا، الجزائر، 2019)ص 302، https://www.google.com/url?sa=t&source=web&rct=j&url=https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/432/3/1/98626&ved=2ahUKEwiaoaqz84f_AhWpaqQEHRuVDwEQFnoECB0QAQ&usg=AOvVaw1qqeoLrIN62_hQwbsjj3Oc
[24] منى عامر محمد، مرجع سبق ذكره ص 4.
[25] تغريد صفاء، لبنى خميس مهدي، أثر السيبرانية في تطور القوة، مجلة حمورابي، 33(34) ،2020.
[26] سمير فرج، الفضاء السيبراني، بوابة الأهرام،30\7\2020، https://gate.ahram.org.eg/News/2444508.aspx
[27] سمير فرج، مرجع سبق ذكره ص7
[28] إسماعيل زروقة، الفضاء السيبراني والتحول في مفاهيم القوة والصراع، مجلة العلوم القانونية والسياسية، المجلد10، العدد1، 2019، ص1017.
[29] محمد عاطف إمام إبراهيم، الفضاء الإلكتروني وأثره على الأمن القومي للدول، المركز الديمقراطي العربي،23\4\2022، تاريخ الدخول 1/5/2023 ا https://democraticac.de/?p=81775 .
[30] خالد وليد محمود، الفضاء السيبراني.. عندما يبدو كل شيئًا ممكنًا، الجزيرة، 9/4/2023، https://1-a1072.azureedge.net/opinions/2023/4/9/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%B9%D9%86%D8%AF%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%A8%D8%AF%D9%88-%D9%83%D9%84-%D8%B4%D9%8A%D8%A1
[31] أثير الخندق، ما هو الأمن السيبراني؟ ومتي نشأ؟، سطور،17/11/2021، https://sotor.com/%D9%85%D8%A7_%D9%87%D9%88_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%9F_%D9%88%D9%85%D8%AA%D9%89_%D9%86%D8%B4%D8%A3%D8%9F
[32] خالد وليد محمود، نفس المرجع السابق، ص 8.
[33] لينا صالح الجراش، أثر استخدام الأمن السيبراني في تنمية مهارات الوعي لدي طلبة الماجستير قسم تكنولوجيا التعليم، جامعة إب، 2022.
[34] فارس قره، الأمن السيبراني، الموسوعة السياسية،28\8\2019، تاريخ الدخول 1/5/2023، الرابط https://political-encyclopedia.org/dictionary/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A
[35] The UN specialized agency for ICTs, Definition of cyber security, September 2014, https://robodin.com/cybersecurity-history-part2/
[36] ما هو الأمن السيبراني، المركز الوطني للأمن السيبراني، 2022،
https://www.ncsc.gov.bh/ar/cyberwiser/cyber-security.html
[37] BIRZET UNIVESITY, Information security, 2022, https://ontology.birzeit.edu/term/%D8%A3%D9%85%D9%86+%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA.
[39] محمد الإسحاقي، أهمية أمن المعلومات، أوامر الشبكة، 2020 0https://aait.sa/news/%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA/
[40] What is the Difference Between Information Security and Cybersecurity security scorecard, 5/4/2020, https://securityscorecard.com/blog/information-security-versus-cybersecurity
[41] Rachel Holmes, Cybersecurity vs. Information Security: Is There a Difference? BITSIGHT, 7/9/ 2022, https://www.bitsight.com/blog/cybersecurity-vs-information-security
[42] ROHIT CHATTERJE, Difference Between Cybersecurity & Information Security, Analytics India Magazine,2020, https://analyticsindiamag.com/difference-between-cybersecurity-information-security/
[43] تغريد معين حسن المشهدي، الأثر العسكري للأمن السيبراني في الجغرافيا السياسية للدولة، مجلة البحوث الجغرافية، العدد 20، ص 244.
[44] محمد صابر، حدود تأثير الإعلام في الوعي بالأمن السيبراني كعنصر من عناصر الأمن القومي، مركز رع للدراسات الإستراتيجية ،2022، https://rcssegypt.com/11314
[45] أحمد علو، الحرب الالكترونية والعنف الرقمي واقع عالمي جديد ،مجلة الجيش ،العدد 402 ، 2018 ، https://www.lebarmy.gov.lb/ar/content/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%86%D9%81-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D9%85%D9%8A-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF
[46] محمد عاطف إمام إبراهيم، الفضاء الإلكتروني وأثره على الأمن القومي للدول، المركز الديمقراطي العربي،23\4\2022، تاريخ الدخول 1/5/2023، https://democraticac.de/?p=81775 .
[47] – آمنة بن يوسف، دور المحددات النفسية في صنع القرار في السياسة الخارجية دراسة حالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، (رسالة ماجستير، جامعة زيان عاشور-الجلفــــــــــة–كلية الحقوق والعلوم السياسة قسم العلوم السياسية, 2016\2017)، ص 83.
[48] آلاء محمد محسن، دور القائد السياسي في صنع السياسة الخارجية (فلاديمير بوتن نموذجا)، (رسالة ماجستير، جامعة دمشق، كلية العلوم السياسة، قسم العلاقات الدولة، 2015)، ص 84.
[49] أ. د وليد حسن محمد، دور الرئيس بوتن في رسم الاستراتيجية الروسية الجديدة، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، جامعة بغداد، العدد 64-65، https://cutt.us/G5wZv ، اكتوبر 2016، ص 277_278.
[50] – JAVIER MORALES HERNÁNDEZ, WHO RULES RUSSIA TODAY? AN ANALYSIS OF VLADIMIR PUTIN AND HIS POLITICAL PROJECT, UNISCI DISCUSSION PAPERS, October de 2003, https://cutt.us/CqXEC , p.p 4-7.
[51] – آلاء محمد محسن، مرجع سبق ذكره، ص 83-84.
[52] JAVIER MORALES HERNÁNDEZ, Reference mentioned above, P.P 8-9.
[53] آمنة بن يوسف، مرجع سبق ذكره، ص 83 – 84.
[54] آمنة بن يوسف، مرجع سبق ذكره، ص 84 -85.
[55] – آلاء محمد محسن، مرجع سبق ذكره، ص 86- 99.
[56] RICHARD SAKWA, Putin’s Leadership: Character and Consequences, CORE, EUROPE-ASIA STUDIES Vol. 60, No. 6, August 2008, 879 – 897, https://core.ac.uk/download/pdf/91894.pdf .
[57] شادي عبد الحافظ، “5 ملامح نفسية تحدد لك شخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، الجزيرة الإخبارية، 24/9/2022، https://cutt.us/z5AYv ، تاريخ الدخول 27 ديسمبر 2022.
[58] – رغدة علاء الدين وآخرون، البعد النفسي للقائد وتأثيره في عملية صنع القرار الساسي (دراسة حالة الأمريكي دونالد ترامب)، (دراسة بحثية غير منشورة، جامعة بني سويف، كلية الساسة والاقتصاد، 2018).
[59] Основные направления государственной политики в области обеспечения безопасности автоматизированных систем управления производственными и технологическими процессами критически важных объектов инфраструктуры Российской Федерации, Совет Безопасности Российской Федерации, 3 февраля 2012 г, http://www.scrf.gov.ru/security/information/document113/ .
[60] Указ Президента Российской Федерации от 05.12.2016 г. № 646: Об утверждении Доктрины информационной безопасности Российской Федерации, http://www.kremlin.ru/ , 05.12.2016
[61] , Указ Президента Российской Федерации от 02.07.2021 г. № 400: О Стратегии национальной безопасности Российской Федераци, http://www.kremlin.ru/acts/bank/47046 , 02.07.2021.
[62] رائد جبر، “«معركة» الأمن السيبراني تحدّد مسار الحوارات الروسية الغربية: موسكو تدرج «التحديات الرقمية» في استراتيجية الأمن القومي”، الشرق الأوسط، 31 يوليو، https://2u.pw/NA1H9B ، تاريخ الدخول 30 يناير 2023.
[63] نهى علي أمير، الأمن السيبراني في استراتيجية الأمن القومي الروسي، آفاق أسيوية، الهيئة العامة للاستعلامات، العدد الحادي عشر، 2023، ص 189.
[64] Министерство цифрового развития, связи и массовых коммуникаций Российской Федерации, https://digital.gov.ru/ru/ministry/common/?utm_referrer=https%3a%2f%2fwww.google.com%2f .
[65] نهى علي أمير، مرجع سبق ذكره، ص 176.
[66] Распоряжение Правительства Российской Федерации от 22.12.2022 № 4088-р, http://publication.pravo.gov.ru/Document/View/0001202212230035?index=3&rangeSize=1 , 22.12.2022.
[67] هبه جمال الدين، ” الأمن السيبراني والتحول في النظام الدولي”، مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، المجلد الرابع والعشرون، العدد الأول، يناير 2023، ص 213- 217.
[68] Julia Voo, Irfan Hemani and others, National Cyber Power Index 2020, Belever Center, Harvard kennedy school, report sep 2020, pp 6-8.
[69] Julia Voo, Irfan Hemani and Daniel Classidy, National Cyber Power Index, Belever Center, Harvard kennedy school, report sep 2022, pp 9-13.
[70] نهى على أمير، مرجع سبق ذكره، ص 191.
[71]” إيران وروسيا تبحثان التعاون في مجال أمن المعلومات”، موقع أنصار الله، 1 أكتوبر 2021، https://www.ansarollah.com/archives/465519 ، تاريخ الدخول 20 مارس 2023.
[72] “توقيع اتفاقية تعاون بين روسيا وإندونيسيا في مجال الأمن المعلومات”، ليفانت الإخبارية – روسيا اليوم،14 ديسمبر 2021، https://thelevantnews.com/article/%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D8%B9-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%88%D9%86-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%86%D9%8A ، تاريخ الدخول 21 مارس 2023.
[73] رائد جبر، مرجع سبق ذكره.
[74] نهى على أمير، مرجع سبق ذكره، ص 183.
[75] – أماني عصام محمد، مرجع سبق ذكره ص 175- 185.
[76] – محمد بسيوني، “عقيدة جيراسيموف: دوافع الاستراتيجية الروسية لحرب المعلومات ضد الدول الغربية”، مجلة المستقبل، 23 أكتوبر 2017، https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/3371/%D8%B9%D9%82%D9%8A%D8%AF%D8%A9-%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D9%85%D9%88%D9%81-%D8%AF%D9%88%D8%A7%D9%81%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%B6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9، تاريخ الدخول 5 أبريل 2023.
[77] نهى على أمير، مرجع سبق ذكره، ص 180.
[78] حسن عبده حسن، “روسيا تتفوق إلكترونياً في حرب أوكرانيا”، الإمارات اليوم، 9 يناير 2023، https://www.emaratalyoum.com/politics/reports-and-translation/2023-01-09-1.1706317، تاريخ الدخول 5 أبريل 2023