الإعتراف بجمهورية أرض الصومـــال وعلاقة ذلك بالكيان الصهيوني
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – مصر – القاهرة
قدم السير Gavin WilliaGavin Williamsonmson وزير الحكومة السابق في حزب المحافظين مشروع قانون جمهورية أرض الصومال (الاعتراف) في 4 يوليو 2023 بهدف تحدي الجمود الدبلوماسي الذي أبقى الدولة الواقعة في شرق إفريقيا غير معترف بها على الساحة الدولية لعقود وكانت بريطانيا قد اعترفت باستقلال أرض الصومال في عام 1960 لكن هذا الإعتراف تبدد وانتهى بعد أن دخل الصومال في اتحاد لتشكيل الصومال الفيدرالي الذي كان اتحاداً غير موفق بلغ ذروة المأساة عندما بدأت الإبادة الجماعية ضد عشيرة إسحق في أرض الصومال فأعادت أرض الصومال تأكيد استقلالها في عام 1991وعلى الرغم من عدم الاعتراف بها إلا أنها تعمل الآن كدولة مستقلة لفترة أطول مما كانت عليه جزءًا من الصومال , علي أي حال أوضح السير Williamsonmson أن حياة الملايين من الناس يمكن أن تتغير بين عشية وضحاها إذا اعترفت حكومة المملكة المتحدة بأرض الصومال كدولة مستقلة , في حديثه إلى وكالة أنباء السلطة الفلسطينية حول مشروع القانون الخاص الذي تقدم به انتقد السير Williamsonmson نهج حكومة المملكة المتحدة تجاه الصومال وأرض الصومال معاً قائلاً : “عندما كنت وزيراً للدفاع كان لي شرف زيارة الصومال والذهاب إلى مقديشو ، لكن أتيحت لي أيضًا فرصة زيارة هرجيسة في أرض الصومال (البريطاني سابقاً) فرأيت التباين الواضح بين الاثنين لقد رأيت الفوضى وانعدام الأمن في الصومال ثم ذهبت إلى أرض الصومال ورأيت بلدًا يمكنك أن تطير فيه وتخرج منه ويمكنك ركوب سيارة أجرة إلى وسط المدينة كما يمكنك التجول بقدر ما يمكنك التحدث إلى الناس لقد كان الأمر مريحًا للغاية كان طبيعيًا جدًا ومع ذلك فقد أدركت أن دولة واحدة كانت فوضوية ولم يكن لديها سيادة القانون ونعترف بها , لكننا لم نعترف بدولة تتمتع بالاستقرار ، ولديها بالفعل انتخابات ويبدو لي أن هناك سياسة خارجية للحكومة البريطانية هنا وحقيقة كانت بعيدة جدًا عنها فقد كانت تلك الحقيقة هي التي دفعتني حقًا إلى اعتقادي بأن الحكومة البريطانية بكل بساطة كانت مخطئة فيما يتعلق بنهجها تجاه البلدين لذا فهناك فوائد محتملة للاعتراف البريطاني بجمهورية أرض الصومال وإعتراف المجتمع الدولي الأوسع فمن خلال هذا العمل الصغيروهو الاعتراف يمكنك تحويل مستويات المعيشة لنحو 5.7 مليون شخص بين عشية وضحاها” , “وأردف قائلاً :”من الهم جدًا أيضًا للأمن البريطاني كما أنه من المهم للتجارة العالمية أن نولي أهمية لأرض الصومال فموقعها استراتيجي بالقرب من خليج عدن وأخيراً من المهم أن نشجع البلدان التي تتبنى نفس قيمنا ولا تكافئ البلدان التي لا تفعل ذلك” .
إذن نحن أمام ثلاث مزاعم تبرر للحكومة البريطانية وربما أيضاً لحلفاؤها الغربيين تقرير الإعتراف بما يُسمي بجمهورية أرض الصومال أو Somaliland وعاصمتها هرجيسة أو Hargeisa وهذه الجمهورية التي أعلنت إستقلالها عن جمهورية الصومال من جانب واحد في 18 مايو 1991واقعة عند الساحل الجنوبي لخليج عدن وتحدها جيبوتي من الشمال الغربي وإثيوبيا من الجنوب والغرب وجمهورية الصومال من الشرق , ومنذ إعلان إستقلال جمهورية أرض الصومال عن الوطن الأم وهي تبحث عن الإعتراف الدولي بها في ظل حكومات مُنتحبة ديموقراطياً .
لم تكن هذه هي المرة الأولي لإثارة موضوع الإعتراف بصوماليلاند فقد كانت هناك جلسة سابقة بشأن هذا الموضوع في البرلمان البريطاني , ففي 18 يناير 2022 اجتمع حوالي عشرين نائبًا بريطانيًا لمناقشة الاعتراف باستقلال أرض الصومال لكن ممثل الحكومة اختتم هذا الإجتماع بالإصرار على الإبقاء على الوضع الراهن وفي ديسمبر2021قام أول وفد من أعضاء الكونجرس بزيارة إلي صوماليلاند .
الأسباب الواقعية للخطوة البريطانية للإعتراف بصوماليلاند :
1- كانت كل من بريطانيا وإيطاليا وفرنسا القوي الإستعمارية الثلاث المهيمنة والمُحتلة لأجزاء الصومال الثلاث وكانت بريطانيا اول من إعترف بصوماليلاند أو ما يُعرف بالصومال البريطاني وفبريطانيا مثلاً في 19 أغسطس 1810 قام الكابتن مورسبي من البحرية الهندية بالنيابة عت شركة الهند الشرقية بعقد معاهدة مع سلطان تاجورة التي تنص مادتها الرابعة علي تعهد السطان بمراعاة النصح الودي الذي يقدمه الرسميون البريطانيون والتعهد بألا يدخل في أي معاهدة أو ميثاق أو إتفاق مع أي دولة أوروبيةأخريدون علم السلطات البريطانية وتنص المادة السابعة بأنه في حالة دخول السلطان في معاهدة أو إتفاق أو تجارة فأن السلطان يتعهد بألا يوافق علي أي معاهدة من شأنها الإضرار بالمصالح البريطانية سياسياً أو تجارياً . وخشية من توسع الفرنسيون علي ساحل الصومال توسعاً يجعل مسألة تموين عدن بالمواد الغذائية تحت رحمة الفرنسيين , سارعت بريطانيا في عقد إتفاقية مع حاكم زيلع لضمان تموين عدن بالمواد الغذائية . وفي عام 1866 أبرم الوكيل السياسي البريطاني في عدن إتفاقية صداقة وتبادل تجاري ومنع الرقيق مع سلطان مجرتنيا , وقام الميجر هنتر بعقد عدد من المعاهدات مع القبائل الصومالية إلي الشرق من زيلع خلال الفترة ما بين 1884 – 1885 وكلها معاهدات تسهدف إلي تأمين المصالح البريطانية في الصومال وتمددها . وفي 20 يونيو عام 1887 أرسل سالسبري منشوراً دورياً إلي سائر دول العام يعلن فيه عن إقامة محمية الصومال البريطاني التي تبدأ من رأس جيبوتي حتي بندر زيادة عند خط 49 درجة شرقاً وقد أُسندت إدارتها إلي حكومة الهند عبر عدن ومومباي . خلال الفترة التي إنشغل فيها أعضاء الحكومة والجمعية التشريعية ببحث موضوع الإنتخابات لإنشاء جمعية تأسيسة لإصدار الدستور الصومالي وصل إلي رئيس الجمعية التشريعية برقية من حزب الوحدة الوطنية الصومالية بصوماليلاند نصها :” بما أننا نمثل الأغلبية في الجمعية فإننا نطالب بالإنضمام إلي صوماليا في عام 1960 وهذا دون أي شرط ونرحب بزيارة لهذا الغرض تقوم بها لجنة محايدة من الأمم المتحدة……”وعندما أعلن في لندن في 3 مايو1960 أن محمية الصومال البريطاني ستحصل علي إستقلالها يوم 26 يونيو 1960 وصرح وزير المستعمرات البريطاني : ” إن حكومة جلالة الملكة تعلم جيداً أن زعماء المحمية السياسيين قد عبروا من جديد عن رغبتهم في سبيل الإستقلال والإتحاد في أول يوليو1960 ….. وأن حكومة جلالتها مُستعدة لإتخاذ الإجراءات ذات الصفة التأسيسية لجعل إستقلال المحمية ممكناً في أول يوليو 1960 ” ووقع علي الإتفاق من جانب بريطانيا وزير المُستعمرات ومن جانب محمية الصومال الوفد الذي يتألف من الحاكم العام للمحمية (السير دوجلاس) وأربعة وزراء صوماليين , وعقب ذلك صرح وزير المُستعمرات بإن بريطانيا ستقدم مساعدة مالية لمدة من الوقت بعد الإستقلال مباشرة وتعطي هذه المساعدة لمحمية الصومال في كل عام .
كان هناك عام 1960 إتجاه وحدوي قوي في الصومال لم تتخلف محمية صومايلاند أو الصومال البرطاني في التجاوب وعه لكن بريطانيا غذت الإتجاه الإنفصالي في محمية الصومال البريطاني إلي أن حققته كما أشرت , ومازال هناك في بريطانيا إلي اليوم من يؤثر إنفصال صوماليلاند عن إعادة التوحيد ومن هنا يمكن النظرإلي إقتراح السير Gavin WilliaGavin Williamsonmson وزير الحكومة السابق في حزب المحافظين كمشروع قانون لجمهورية أرض الصومال (الاعتراف) في 4 يوليو 2023 بهدف ما يراه بأنه تحدي للجمود الدبلوماسي , وفي الواقع فإن هذا الجمود لا يؤثر مطلقاً علي بريطانيا وإنما يؤثر الإنفصاليين في صوماليلاند الذين سيردون الجميل البريطاني بمصالح بريطانية في صوماليلاند منها البترول الذي أكد ممثل أرض الصومال في تايوان محمد حاجي مؤخرًا أن أرض الصومال لا تزال في طريقها للتنقيب عن النفط في الربع الرابع من عام 2023 ولهذا وصل وفد تايواني رفيع المستوى إلى أرض الصومال في مارس 2023 لإجراء محادثات رئيسية مع المسؤولين الحكوميين فهناك إهتمامً كبير في صوماليلاند بسبب الاكتشافات النفطية الأخيرة في جميع أنحاء البلاد والخطط الحالية للتنقيب عن النفط في عينابو (أرض الصومال الشرقية) جذب هذا المورد الذي يحتمل أن يغير قواعد اللعبة انتباه اللاعبين الرئيسيين في المجتمع الدولي بما في ذلك الولايات المتحدة وتايوان وعلى الرغم من عدم حصولها على اعتراف دولي تمكنت أرض الصومال من الحفاظ على السلام والاستقرار النسبيين في حين أن جارتها الصومال تصارع عقودًا من الحرب الأهلية ويمكن أن يمثل اكتشاف النفط في أرض الصومال حقبة جديدة للبلاد والقرن الأفريقي فقد دخلت شركة النفط المدرجة في بورصة لندن جينيل إنرجي Genel Energy وشركة CPC Corp المملوكة للدولة في تايوان في شراكة في مشروع آينابو النفطي وهذه الشراكة مهمة لأنها تشير إلى تعزيز العلاقات بين أرض الصومال والولايات المتحدة وتايوان علاوة على ذلك فإن إضافة أرض الصومال مؤخرًا إلى قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) لعام 2023 يسلط الضوء على الأهمية المتزايدة للبلاد بالنسبة للولايات المتحدة , ومع ذلك فإن هذا الاهتمام الجديد بموارد أرض الصومال لم يخل من التحديات فقد اندلع تمرد في مدينة لاس عنود مع تسلل الإرهابيين والمسلحين الفارين من الصومال إلى المنطقة ويُشتبه في أن هذه الجماعات تحظى بدعم قوى خارجية غير راضية عن خطط التنقيب عن النفط في أرض الصومال وعلاقاتها المزدهرة مع الولايات المتحدة والشركاء الغربيين , لذا يشكل هذا التمرد تهديدًا كبيرًا لاستقرار أرض الصومال وربما منطقة القرن الأفريقي الأوسع وقد رفض الصومال علناً مطالبة شركة Genel Energy بحقوق التنقيب عن النفط واستغلاله في أرض الصومال ويزيد هذا التأكيد من تعقيد الأمور ، حيث إن ادعاء الصومال غير القانوني بالسيادة على أرض الصومال يعيق قدرتها على تعبئة الموارد لمحاربة التمرد , وهناك العديد من السيناريوهات المحتملة التي يتم إجراؤها في Las Anod ، مع مشاركة الجهات الخارجية كعامل مميز وبالنظر إلى الموقع الاستراتيجي لأرض الصومال ، فمن المتصور أن القوى الأجنبية متورطة في محاولة لتقويض المصالح الأمريكية والتايوانية في المنطقة وتشير فجائية وشدة التمرد إلى أن الجهات الخارجية قد توفر الموارد والدعم للمسلحين بما في ذلك الأسلحة والتمويل والمشورة الاستراتيجية , ويكمن أحد الحلول المحتملة لهذه الأزمة في منح أرض الصومال الاعتراف الدولي الذي تستحقه. تعمل أرض الصومال كدولة مستقلة تمامًا منذ عام 1991 ، بحكومة فاعلة واقتصاد متنام وتوجه مؤيد للغرب ومؤيد للديمقراطية. إن الافتقار إلى الاعتراف الدولي لا يؤدي إلا إلى إدامة حالة عدم اليقين وعدم الاستقرار في المنطقة , يري البعض أن الاعتراف بأرض الصومال أن سيساعد على إضفاء المزيد من الشرعية على حكومتها مما قد يسمح لها بتعبئة الموارد اللازمة لمكافحة التمرد وتقوية اقتصادها كما أنه سيمكن أرض الصومال من الدخول في اتفاقيات ذات مغزى بشأن التنقيب عن احتياطيات النفط والغاز أو استخراجها مما يوفر دفعة تشتد الحاجة إليها لاقتصادها , ويمثل الوضع في لاس عنود تهديدًا كبيرًا للاستقرار الإقليمي في القرن الأفريقي وفد أنصار النفصال عن الصومال أنه قد حان الوقت لمجلس الشيوخ والنواب الأمريكيين للاعتراف بأرض الصومال ودعم الجهود لمحاربة التمرد وتعزيز اقتصادها ويري هؤلاء إن القيام بذلك ليس هو الشيء الصحيح الذي يجب القيام به فحسب بل هو أيضًا في مصلحة السياسة الخارجية للولايات المتحدة فمن خلال الاعتراف بأرض الصومال وتعزيز العلاقات يمكن للولايات المتحدة وشركائها الغربيين حماية مصالحهم في المنطقة وتعزيز الاستقرار في مواجهة التحديات المتزايدة ويعتبر أنصار الإنفصال أن اكتشاف النفط في أرض الصومال بمثابة جرس إنذار للولايات المتحدة والمجتمع الدولي لأخذ منطقة القرن الأفريقي بجدية أكبرإن استقرار أرض الصومال وموقعها الاستراتيجي وشراكاتها المتزايدة مع الولايات المتحدة وتايوان تجعلها حليفًا مهمًا في القرن الأفريقي .
2- إن الإعتراف البريطاني بصوماليلاند له أنصار وداعمين كثر داخل صوماليلاند نفسها وهؤلاء أنفسهم هم الحائط المانع لأي إختراق أو نفوذ صيني في صوماليلاند , ولكن مع ذلك يظل الخطر الإقتصادي الصيني متوقعاً في صوماليلاند فللصين وسائل الإغراء القوية التأثير وهناك حالة سبق ونجحت الصين فيها وأدت إلي طرد تايوان من جمهورية ساوتومي وبرنسيب الواقعة في قلب خليج غينيا فقد تلقت الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها تايوان ما يمكن وصفه بالضربة الجديدة في أفريقيا من الصين الشعبية فقد أصدرت جمهورية ساوتومي وبرنسيب وهي دولة أفريقية مكونة من جزيرتين مساحتهما 1000 كم مربع تعداد سكانهما 200,000 نسمة تقعان في قلب خليج غينيا بالمحيط الأطلنطي وتبعدان عن ساحل الجابون بنحو 300 كم , ففي 20 ديسمبر 2016 اصدرت حكومة ساوتومي بياناً تضمن قرارها بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع جمهورية الصين الوطنية (تايوان) التي تأسست منذ 19 عاماً (عام 1997) علي أنقاض علاقة دبلوماسية سابقة كانت قوية مع الصين الشعبية , وأشار البيان الذي وقعه وزيرا خارجية الصين وساوتومي إلي الإعتراف بمبدأ وجود صين واحدة , وقد بررت ساوتومي قرارها بأنه يأتي دفاعاً عن مصالحها الوطنية وإتساقاً مع الظرف الدولي في وقت تبحث فيه البلاد عن تنويع شركاؤها لمواجهة الموقف الصعب الذي أحد مظاهره الأزمة المالية , وأشار البيان إلي أن مجلس وزراء ساوتومي وجه وزير الخارجية لإتخاذ الإجراءات المناسبة دون إبطاء , فيما أشار وزير خارجية ساوتومي للصحافة بالصين عقب التوقيع علي إتفاق إستعادة العلاقات وإجراؤه مباحثات مع نظيره الصيني في 26 ديسمبر 2016 بأن بلاده ستعوض ” الأخطاء السابقة ” الناجمة عن قطع الصين الشعبية لعلاقاتها الدبلوماسية مع ساوتومي في مايو من عام 1997 بسبب تأسيس ساوتومي لعلاقات دبلوماسية مع تايوان , وقال أن هذا القرار سيفتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية , ومن المتوقع وفقاً لإذاعة فرنسا الدولية في 28 ديسمبر 2016 أن يغادر الفنيون التايوانيين جميعهم أراضي ساوتومي في مدي أقصاه آخر يناير 2017 , وفي تصريح أدلي بهEvaristo Carvalho رئيس ساوتومي في 31 ديسمبر 2016 مُعلقاً علي إستعادة العلاقات مع الصين الشعبية قال “إنه أحد أهم القرارات السياسية لساوتومي ” مُضيفاً ومبرراً ذلك بأنه ” لا يرجع فقط للدور الحاسم والمُتنامي للصين في السياسة الدولية , بل كذلك للتسهيلات التي تقدمها الصين للبلاد النامية ” , كما أشارت نشرة The Africa Monitor Intelligence في عام 2015 إلي أن الصين كانت علي إستعداد للتوقيع مع ساوتومي علي إتفاق بتمويل مشروعات و / أو أعمال مُتعلقة بإقامة ميناء في المياه العميقة لساوتومي بمعرفة شركة China Harbor Engineering Company أو CHEC الصينية وهو المشروع الذي تبلغ ميزانيته 800 مليون دولار , بالإضافة لمشروع إقامة مركز تجاري وسكني علي مساحة 20 هكتار مُلحق بالعاصمة يتضمن مستشفي ومطار ومرافق عامة أخري , كذلك وفي إطار المرحلة التمهيدية لإستعادة العلاقات الصينية مع ساوتومي والتي بدأت عام 2014 رفعت الصين الحظر الجزئي الذي فرضته علي ساوتومي فأتاحت لها المشاركة في منتدي Macau وبالمقابل فتحت الصين في ساوتومي مكتباً للتمثيل التجاري , وتبع ذلك في يونيو 2014 زيارة غير رسمية لبكين قام بها Manuel Pinto da Costa رئيس ساوتومي وقتها , وتضع الصين الشعبية نصب أعينها الظفر بجزء أو جانب كبير من الثروة البترولية التي في المنطقة الإقتصادية الخالصة Zone Exclusive Economic والتي يتوزع الجانب الأكبر منها الآن علي 19 قطاع بخليج غينيا حول ساوتومي .
3- أعلن إستقلال صوماليلاند عن بقية الصومال عام 1991 بعد سقوط نظام سياد بري وإنفصال / إستقلال أرتريا عام 1993 وإنفصال/ إستقلال جنوب السودان عن جمهورية السودان في 9يوليو 2011 أدي إلي توسيع مفهوم القرن الأفريقي الكبير مع تكونه بعدد أكبر من الدول , وبالتالي أصبحت هناك ضرورة واقعية للتماهي مع هذا المفهوم , الذي يمكن لقوي كبري أخري أن تتواءم معه بواقعية مثل الصين الشعبية وروسيا , وبالتالي وتحقيقاً للمصالح البريطانية قد يكون إعتراف بريطانيا بالوضع الراهن لصوماليلاند قريبا إتساقاً مع الوضعية الجيو/سياسية لصوماليلاند ,كما فعلت بريطانيا في حالتني جنوب السودان وتيمور الشرقية وكوسوفو وغيرهم , وقد يكون توقيت تقديم الإقتراح للبرلمان البريطاني مُفصح عن إمكانية تحقيق الإعتراف البريطاني بجمهورية صوماليلاند والذي إن حدث فسيجر بعده أعترافات مُتتالية من دول وقوي أخري .
البحث المضني عن الإعتراف الدولي بما يُسمي بجمهورية أرض الصومال :
أقامت أرض الصومال مكاتب تمثيلية في جيبوتي وإثيوبيا وكينيا والسويد والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا والولايات المتحدة في محاولة لكسب التأييد الدولي للاعتراف الكامل بها وهي تجتهد في هذا السبيل ولكن تواجهها صعوبات جمة ليس أقلها الصعوبات المالية بالإضافة إلي الإنطباع الذى يروج له الأمريكيون بإنتشار ما تدعيه من أرهاب في عموم الصومال بغية ترسيخ وجودها العسكري الذي يفتقد المصداقية فطالما بقي عسكري أمريكي واحد في الصومال ظل مبرر الإرهاب باقياً , ويتغافل المجتمع الدولي عن الإفصاح عن المبرر الحقيقي للوجود العسكري الأمريكي في الصومال الذي يؤكده المسؤلين الأمريكيون وهو الأمن القومي الأمريكي وتحقيق المصالح الأمريكية العليا ومنابذة الوجود الصيني ودفع الطموحات الإقتصادية والعسكرية للروس , لكن السؤال الأهم هو هل سيتحق الصومال كل هذا العناء ؟ الإجابة البسيطة : نعم طالما كانت هناك جذور أسلامية للمقاومة الصومالية فالحرب الحقيقية ضد الإسلام والذي يؤكد ذلك الدعم الأمريكي العسكري والإقتصادي للتمرد الجنوبي في السودان 1955 – 2005 ودعم متمردي تيمور الشرقية حتي إنفصالهم عن إندونيسيا ودعم دول الساحل التي يترأسها زعماء لا هوية لديهم في حربهم مع التيارات الإسلامية في بلادهم بدعوي أنهم إرهابيون مع أنهم يقاومون تسليم موارد بلادهم بأبخس ثمن للولايات المتحدة وفرنسا وغيرهما فرنسا التي نظمت عُقد ” المؤتمر الدولي رفيع المستوي بشأن الساحل ” في بروكسل في 23 فبراير 2018 وذلك قبل يوم من قمة رؤساء الدول والحكومات المعنية بالموقف في الساحل , من أجل التعبئة السياسية والدعم المالي لإنشاء قوة الساحل الخماسية G5 Sahel حيث إجتمع نحو 50 من رؤساء دول وحكومات وكبار المسئولين يمثلون الدول الخمس التي تتشكل منها هذه القوة ودول الإتحاد الأوروبي ومسئولين كبار عن الولايات المتحدة واليابان والمغرب ودول أخري وممثل عن كل من الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي , ونتج عن هذا المؤتمر دفعة مالية للأمام لعملية تدبير التمويل اللازم للقوة التي نشأت بدعم م فرنسا ودول NATO لكنها إنهارت أو كادت علم2023 بعدما خرجت أو طُردت العسكرية الفرنسية من مالي وأفريقيا الوسطي وبوركينافاسووهلم جراًبفعل ضربات الجهاديين الذين يرون فرنسا لص وشيطان رجيم فالمسالة ليس إرهاب ولكنها سرقة ومن يُسرق يقاوم هذه هي المسألة علي حقيقتها .
صوماليلاند والولايات المتحدة :
في إطار إهتمام الولايات المتحدة ومواجهتها لما تدعيه من إرهاب ‘سلامي نشر موقع STARS AND STRIPES العسكري الأمريكي في 28 نوفمبر 2018 أن القائد الأعلى للقوات الأمريكية في إفريقيا قام بزيارة نادرة إلى الصومال التي مزقتها الحرب ، واجتمع مع قادة محليين لمناقشة الأمن في بلد تخدم فيه القوات الأمريكية بهدوء في قتال ضد المتشددين , كما التقى الجنرال توماس والدهاوزر من القيادة الأمريكية في إفريقيا يوم الثلاثاء بالسفير الأمريكي المعين حديثًا في الصومال Donald Yamamoto الذي يعمل على إنشاء بعثة دبلوماسية أمريكية دائمة وأشار الموقع إلي أنه وقبل عقد من الزمان كانت مثل هذه المحادثات رفيعة المستوى داخل الصومال التي شارك فيها كبار المسؤولين الأمريكيين غير واردة تقريبًا وكانت العمليات العسكرية الأمريكية في البلاد لا تزال تحت حراسة مشددة وكانت الجهود الدبلوماسية ضئيلة نظرًا للفوضى المنتشرة في البلاد وعدم وجود حكومة مركزية , برزت الصومال كجهد رئيسي لأفريكوم خلال السنوات الثلاث الماضية حيث شن الجيش غارات جوية منتظمة ضد المسلحين الإسلاميين في البلاد تعمل قوات العمليات الخاصة الأمريكية أيضًا على الخطوط الأمامية كمستشارين للقوات الحكومية وقال والدهاوزر في بيان : “أفريكوم ووزارة الخارجية تعملان كجزء من جهود المساعدة الأمنية الدولية الكبيرة لدعم شركائنا الصوماليين” , أضاف أن الرحيل المتوقع لقوة أفريقية متعددة الجنسيات سيكون في عام 2020 وهي القوة التي قادت بمعركة استمرت عشر سنوات في الصومال ضد حركة الشباب المتمردة وأشار إلي أن المهمة الأمريكية أو الحملة الأمريكية في الصومال هي جزء من حملة لإعداد القوات الحكومية لقيادة القتال بمجرد أن ينهي الاتحاد الأفريقي انتشاره , وقالت أفريكوم من جانبها إن والدهاوزرالذي كانت آخر زيارة علنية للصومال كانت في مايو 2017 التقى بالرئيس محمد عبد الله محمد وهو مواطن أمريكي مزدوج ومسؤولين دفاع صوماليين , أشارت STARS AND STRIPES إلي أن الفساد الحكومي ينتشرعلى نطاق واسع ، في الصومال الخصومات العشائرية أدت إلى إرباك المحاولات لفرض النظام منذ فترة طويلة ولكن في حين أن الأمة تُصنف بشكل روتيني على أنها واحدة من أكثر الدول فسادًا على وجه الأرض إلا أن والدهاوزر قال إن الحكومة تحرز “تقدمًا ملموسًا ومن الواضح أنها مكرسة لتحقيق هدف صومال آمن ومستقر ومزدهر” , وأشارت STARS AND STRIPES إلي أن الولايات المتحدة ستخفض قوتها في أفريقيا قوتها بنسبة 10٪ خلال السنوات الثلاث المقبلة حيث يركز الجيش أكثر على مواجهة روسيا والصين ومع ذلك قالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في وقت سابق من هذا الشهر إن المهمة في الصومال ستبقى دون تغيير .
يُعد الصومال ( مقديشيو) أهم مناطق عمل القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM منذ الإعلان عن إنشاءها في 6 فبراير 2007 ويترجم ذلك التصريحات المختلفة للمسؤلين العسكريين الأمريكيين , و قد أقر المسؤولون الأمريكيون بأن نشر القوات في الصومال كان منذ فترة طويلة مسألة حساسة منذ التدخل الكارثي في عام 1993عندما أسقطت طائرتان هليكوبتر أمريكيتان وقتل 18 جنديًا في عملية صورت في فيلم “بلاك هوك داون , وعلي سبيل المثال ففي 13يونيو 2019 WAR IS BORING أن مسؤولون أميركيون قالوا : “إن استمرار نجاح الحملة العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة في الصومال يمكن أن يمهد الطريق للتنمية الاقتصادية في البلاد التي مزقتها سنوات من الفوضى والعنف ” , أنه في محادثات رفيعة المستوى في مقديشو في يونيو 2019 ، ناقش الجنرال Thomas D. Waldhauser الذي صرح بقوله “ناقشنا الطريق إلى الأمام و … كيف يمكننا (الولايات المتحدة) تقديم مساهمة أفضل ،” وأوضح لـموقع تابع للبنتاجون يُدعي Stars and Stripes : “إنه ليس هناك خطًا مستقيمًا أبدًا في الصومال لكن هناك دائمًا خطوة واحدة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء ، ولكن كان هناك بعض التقدم الجيد إلى حد ما في الأشهر القليلة الماضية فيما يتعلق باستعادة بعض الأراضي التي سيطرت عليها حركة الشباب ذات يوم ” وأشار الموقع إلي أن لدى الولايات المتحدة حوالي 500 جندي في الصومال للمساعدة في محاربة الجماعة الإرهابية المحلية المرتبطة بالقاعدة والتي تضم ما يقدر بـ 5000 مقاتل وتتنافس من أجل السيطرة على البلاد منذ أكثر من عقد وأن مسؤول دفاعي قال إن الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في البلاد تعقدت بسبب شكوك المجتمع العشائري تجاه الحكومة المركزية وحذر محللون أمنيون منذ فترة طويلة من أن الصومال ، التي تُصنف باستمرار من بين أكثر الدول فسادًا في العالم ولها أيضًا تاريخ في مقاومة المحاولات الخارجية لفرض النظام على النمط الغربي على الرغم من النجاحات العسكرية المدعومة من الولايات المتحدة ضدهم ، أثبتت حركة الشباب ومؤخرًا تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال مرونة , تحدث مسؤولو الدفاع عن التقدم باعتباره تقدمًا “تدريجيًا” في البلاد وهي أصغر قليلاً من ولاية تكساس ومليئة بأجزاء من الأراضي غير الخاضعة للحكم لكن والدهاوزر قال إن هناك علامات مشجعة على إحراز تقدم ، مستشهدا بالهجوم الذي قادته الصومال مؤخرا ، إلى جانب قوة شريكة دولية تعرف باسم بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال ، أو أميسوم ، لاستعادة الأراضي التي يسيطر عليها المسلحون وقال Waldhauser: “كانت القوات الشريكة لبعثة أميصوم والجيش الوطني الصومالي في حملة صغيرة خلال الشهرين الماضيين”. “لقد تمكنوا من الصمود” , وتأتي زيارة Waldhauser في يونيو 2019للصومال بعد أن قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي تمديد مهمة الاتحاد الأفريقي لمدة عام واحد مع سحب 1000جندي من البلاد وقصر الوحدة على حوالي 19500 جندي ، كجزء من خطة لنقل المسؤوليات الأمنية تدريجياً إلى القوات الصومالية بحلول ديسمبر 2021 وقال مسؤولون دفاعيون إنه من غير المرجح أن تتمكن القوات الحكومية من الحفاظ على مكاسبها في ساحة المعركة وحدها بحلول ذلك الوقت ، ولكن من المتوقع تقديم شكل من الدعم الدولي خلال معظم العقد المقبل , وقالوا إن مفتاح الصمود لا يتعلق بالقوة العسكرية ، ولكن بجعل الحياة أفضل لسكان تلك المناطق وقالوا إن قدرة الحكومة على تقديم الخدمات تساعد في طمأنة السكان المحليين الذين عاشوا تحت نفوذ الشباب لسنوات وهي ضرورية للتأثيرعلى المسلحين للانفصال عن حركة الشباب والتصالح مع الحكومة , كما أشار مسؤولون إلى عودة بعثة دبلوماسية أمريكية دائمة إلى الصومال في ديسمبر كتطور إيجابي آخر في البلاد وهي أول بعثة منذ إغلاق السفارة في عام 1991 بعد الإطاحة بالرئيس محمد سياد بري والتي تركت الصومال بدون حكومة مركزية قال Waldhauser إن وجود ياماموتو في البلاد كان “مساعدة هائلة” والتقى هو وياماموتو في مقديشو رئيس الوزراء حسن علي خير ومسؤولين دفاع صوماليين وعقب الاجتماع شدد ياماموتو على أن تحسن الأمن والاستقرار في الصومال يؤثر على المنطقة بأكملها وقال في بيان لــ AFRICOM “هذا يعني أيضا أن الشعب الصومالي سيكون قادرا على التركيز بشكل أفضل على بناء مستقبل مزدهر .”
في 21 مارس 2022 أُعلن عن زيارة قام بها مسؤليين من أرض الصومال لواشنطن الأسبوع بهدف الإتصال المُباشر بالولايات المتحدة للاعتراف باستقلال الإقليم والترويج لحكم أرض الصومال المستقر والموقع الجغرافي الاستراتيجي الذي قال هؤلاء المسؤلين للمسؤليين الأمريكيين الذين إلتقوهم إنه يمكن أن يكون مصدر قوة لمصالح الولايات المتحدة في القرن الأفريقي وبشأن هذه الجزئية أوضحت إدارة بايدن أنه ليس لديها خطط للاعتراف باستقلال أرض الصومال عن الصومال خلال زيارة رئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي ووزير الخارجية عيسى كايد محمود , لكن في اجتماعات جرت بين مسؤلي أرض الصومال في الكابيتول هيل أشار كبار المشرعين الأمريكيين إلى أنهم يريدون من الولايات المتحدة تعميق العلاقات مع أرض الصومال بإعتبار أن الإقليم يُعد نموذج للاستقرار في منطقة غير مستقرة وحصنًا محتملاً ضد النفوذ الصيني المتزايد في شرق إفريقيا فأرض الصومال تُظهر ذلك للأمريكيين بالروابط المتنامية – حتي الآن – مع تايوان التي أسست مع صوماليلاند علاقات دبلوماسية أُعلن عنها في الأول من يوليو 2020 , وفي 15 مارس 2023 عُقد أول إجتماع مُشترك في تايبيه حول التعاون المشترك في مجال الطاقة والثروة المعدنية والتقى مسؤولون تايوانيون يمثلون وزارة الشؤون الاقتصادية مع نظرائهم في أرض الصومال في وزارة الطاقة والمواد في هرجيسه لمناقشة المشاريع المشتركة المتعلقة بإنتاج النفط والغاز والمعادن ووفقًا لبيان صحفي صادر عن وزارة الطاقة والمياه فقد توصل البلدان إلى توافق حول التعاون المستقبلي لتطوير صناعات إنتاج النفط والغاز والمعادن في أرض الصومال وتنوي وزارة الطاقة والشؤون الاقتصادية ووزارة الطاقة الذرية التايونية تنظيم برامج تدريبية مشتركة وعقد منتديات سياسية تتعلق باستكشاف الموارد واستغلالها وتطوير البنية التحتية ، وقد أقامت تايوان وصوماليلاند علاقات في عام 2020 من خلال مكاتب تمثيلية متبادلة في هرجيسه وتايبيه وتأسست مجموعة عمل مشتركة للطاقة والموارد المعدنية بموجب مذكرة تفاهم تم توقيعها عام 2022وأشار البيان الصحفي الصادر عن الخارجية التايوانية إلى أن “هناك احتياطيات الهيدروكربون الوفيرة غير المستغلة في أرض الصومال” وموقعها الجغرافي المتميز على خطوط التجارة التي تربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي” . هذا وقد قام وفد تايواني بزيارة أرض الصومال في الفتر من 13 مارس إلي 18 مارس 2023برئاسة يوجين واي جيه تشين المدير العام لإدارة التعاون الدولي بوزارة الشؤون الخارجية , ولا تحاول الصين الإقتراب من صوماليلاند بل بالعكس صرح Wang Yi وزير خارجية الصين في 3 مارس 2022 بأنه يريد إنهاء العلاقة بين تايوان وأرض الصومال التي قال وانج إنها تهدد “سيادة واستقلال ووحدة أراضي” الصين والصومال التي تخطط الصين ضمها إلي مبادرة الحزام والطريق وهي خطة تطوير التجارة والبنية التحتية التي تحمل توقيع الرئيس شي جين بينج .
هناك سبب لتحرك الولايات المتحدة نحو صوماليلاند وهو أن ميناء بربرة بأرض الصومال يمكن أن يكون بديلا إقليميا لجيبوتي التي تستضيف قاعدة عسكرية صينية , وكانت هناك دعوات متزايدة لواشنطن لإنشاء مكتب تمثيلي في أرض الصومال التي رحبت بوفد من موظفي الكونجرس بعاصمتها هرجيساه في منتصف ديسمبر2021 , وفي هذا قال أحد مسؤلي أرض الصومال أثناء هذه الزيارة لمجلة فورين بوليسي في مقابلة : “حتى لو استغرق الأمر 100 عام للاعتراف بنا فسنظل ندافع عن هويتنا وسنظل نتواصل مع الجميع وسنظل نحلم بيوم يتم فيه الاعتراف بأرض الصومال كدولة خاصة بها” وقد إلتقي رئيس أرض الصومال Muse Bihi Abdi بيهي بمسؤولين كبار في إدارة بايدن بالإضافة إلى جمهوريين وديمقراطيين في الكونجرس الذين لم يصلوا في لقاءاتهم بمسؤلي إلى حد الدعوة إلى استقلال أرض الصومال ولكنهم دفعوا من أجل توثيق العلاقات بين الولايات المتحدة وأرض الصومال فالمسؤولون الأمريكيون يخشون من أن الاعتراف بأرض الصومال قد يقلب علاقات الولايات المتحدة مع الحكومة الفيدرالية في الصومال التي تتعاون مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب على الرغم من سيطرتها الهشة على بعض أجزاء البلاد وقد يفتح الباب أمام مناطق أخرى شبه مستقلة في إفريقيا لمضاعفة مساعي الاستقلال كما يجادلون بأن اعتراف الولايات المتحدة بأرض الصومال سيضر بشدة بعلاقات واشنطن مع الشركاء الآخرين في القارة والاتحاد الأفريقي الذين لا يعترفون بأرض الصومال , وبهذه الشأن أشار كاميرون هدسون الدبلوماسي الأمريكي السابق والخبيرالآن في شؤون شرق إفريقيا في المجلس الأطلسي إلي :”إنهم يقومون بجولة نهائية حول الاتحاد الأفريقي وحول منطقتهم الأصلية في محاولة لإقناع واشنطن بمنحهم ما لا يمكنهم الحصول عليه محليًا فسيكون ذلك نوعًا ما مثل اعتراف الاتحاد الأفريقي ببورتوريكو باعتبارها الولاية الأمريكية رقم 51 قبل الولايات المتحدة”.
يردد معظم الإعلام الأمريكي مقولة : “أن الأمر المثير للفضول هو إغفال وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بيلينكن أي زيارة إلى أرض الصومال الدولة الأكثر ديمقراطية في القرن الأفريقي فهي دولة ديموقراطية على عكس إثيوبيا ” , والواقع هو أن بريطانيا تحاول إحياء إعترافها القديم بصوماليلاند للدوافع مصلحية في القام الأول , أما الولايات المتحدة فمازالت مترددة لأن إعرافها بصوماليلاند قد يضر بمجمل إستراتيجيتها في شرق أفريقيا وخاصة مع مقديشيو مع أنه في 1 مايو 2006 نشرت صحيفة نيويورك تايمز اقتراحًا من قبل السناتور آنذاك جو بايدن ورئيس مجلس العلاقات الخارجية ليزلي جيلب لتقسيم العراق على أسس عرقية وطائفية أي أن مفهوم تجزئة الدول وتقطيع أوصالها علي أسس طائفية يخامرعقلية الرئيس الأمريكي فلماذا يؤجله أو ينكره في حالة الصومال وصوماليلاند ؟ , فهل تبدأ الولايات المتحدة مخطط إعترافها بصوماليلاند بأسلوب مرحلي فتفتح مكتب قنصلي في أرض الصومال أو ترسل دبلوماسي على أساس مؤقت إلى Burao .
في عام 2021 قام وزير خارجية أرض الصومال عيسى كايد بزيارة واشنطن ولندن وأوتاوا في إطار حملة لإعادة تشكيل علاقاتها الخارجية وزار وفد من موظفي الكونجرس الأمريكي في وقت لاحق أرض الصومال والتقى السيد كايد الذي يحمل أيضًا الجنسيتين الكندية والأمريكية بمسؤولين في وزارة الشؤون العالمية الكندية في ديسمبر2021 وطلب من هذه الدول تقديم المساعدة مباشرة إلى أرض الصومال بدلاً من تقديمها عبر الصومال وأعرب عن أمله في الاعتراف بصوماليلاند كدولة منفصلة لكن في تقديري أن الإعتراف سيتم من جانب كندا على الأرجح إذا كان جزءًا من جهد منسق من قبل الحلفاء الغربيين .
لم تؤيد الولايات المتحدة بعثة AMISOM التابعة للإتحاد الأفريقي في الصومال علي حين دعمت وأيدت التدخل الإثيوبي بواسطة القوة الجوية من الـ (CJTF-HOA (Operation Enduring Freedom – Horn of Africa (OEF-HOA المُتمركزة في جيبوتي (اشترت إثيوبيا غير الساحلية تسع سفن تزيد قيمتها عن 300 مليون دولار من الصين وتتمركز هذه السفن التجارية في ميناء جيبوتي المكتظ وخلال الحفل المشترك الذي أقيم في جيبوتي في مايو 2014 قال الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله: “جيبوتي تقدم خدمة الموانئ لإثيوبيا لكنها لا تعتبر أنها تقدم الخدمة إلى دولة أخرى ولكنها تعتبرها كما تفعل إنها لنفسها … نعتقد أن إثيوبيا هي جيبوتي وجيبوتي هي إثيوبيا ، لا فرق على الإطلاق ” , وإذا كان هذا خطأ عاطفيًا من قبل قائد أكثر كرامة وحكمة على ما يبدو ، فإن التاريخ سيحكم عليه) , وهناك ثمة قلق يساور دول أفريقية من أن تزحف AFRICOM ببطء لتنتقل وتتحول من مرحلة العناية بالشئون الإنسانية – التي تضمنها منطوق إنشاءها – لمرحلة التدخل العسكري كما أكدت ذلك عملية ” إستعادة الأمل ” في الصومال عام 1992 , كما ان عملية التحول تلك يمكن أن تحدث من خلال الإرتباط القائم بين قضايا الطاقة والفقر والإرهاب والمصالح الأمريكية بشكل أو بآخر , ففي ديسمبر 2012وفي ندوة بجامعة Brown بالولايات المتحدة أشار الجنرال / Carter F. Ham إلي أن العسكرية الأمريكية ستبدأ أو توسع من عملياتها في مالي والسودان والجزائر والصومال وأكثر 24 دولة أفريقية أخري .
صوماليلاند والإمارات العربية المُتحدة :
للإمارات العربية للأسف أطماع تدفعها دائماً لتهديد الإستقرار في أرض الصومال ففي 26 يونيو 2023 ألقي رئيس أرض الصومال Muse Bihi Abdi علناً باللوم على الصراع الدائر في Laascaanood على بونتلاند وحركة الشباب مؤكدًا أن القوات المدربة خصيصًا بدعم من الإمارات العربية المتحدة وحركة الشباب قد وحدت قواها لزعزعة استقرار المنطقة , وقال الرئيس عبدي “لدينا الحق وقد أصدرنا الأوامر لجيشنا بمواصلة الدفاع عن حدودنا وحمايتها ” , ودعا الرئيس عبدي شعب أرض الصومال إلى العمل بجد من أجل الحصول على اعتراف دولي كدولة مستقلة , وإزاء هذه الأخطار وغيرها نشرت AFRICA INTELLEGENCE في 7 يناير 2022 أن المستشار البريطاني آدم سميث (عن شركة الاستشارات آدم سميث إنترناشونال (ASI) ومقرها لندن) وقع في هرجيسه عقداً لتقديم المشورة لجيش أرض الصومال وذلك مع وزير دفاع أرض الصومال عبدقاني محمود عتيي ورئيس القوات المسلحة الوطنية لأرض الصومال الجنرال نوح إسماعيل تاني وذلك للمساعدة في تقديم الخدمات الدفاعية . ومع هذا فمازالت للأمارات العربية إهتمام متنام بصوماليلاند إذ تعمل موانئ دبي العالمية ومقرها الإمارات العربية المتحدة على تحديث ميناء بربرة على ساحل أرض الصومال منذ فوزها بامتياز هذا الميناءعام 2016 لمدة 30 عامًا , وتخطط شركة دبي العالمية لبناء سعة مليوني حاوية مكافئة لمحطة الحاويات و 4 ملايين طن متري للشحن العام ومنصة اللوجستيات ومحطة المواشي وتخطط للاستثمار في المنطقة الحرة المجاورة للميناء ووقعت موانئ دبي كذلك مؤخرًا اتفاقية مع شركة أغذية كبيرة مقرها الإمارات العربية المتحدة للعمل على تطوير مصنع لتعبئة زيت الطعام بمساحة 300 ألف قدم مربع في المنطقة ولدي موانئ دبي 10 شركات أخرى مسجلة بالفعل وأنشأت بيئة تجعل الاستثمار في أرض الصومال أمرًا سهلاً وجذابًا .
صوماليلاند والإتحاد الأفريقي :
في 1 يوليو 2023غادر 2000 جندي تابع لبعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) من الصومال وبعد خمسة أيام استولت الحكومة الاتحادية الصومالية على ست قواعد عمليات متقدمة أخلتها القوات المغادرة وكان آخرها في سلسلة من المنشآت العسكرية الرئيسية التي سيطرت عليها خلال العامين الماضيين , هذه هي الخطوات الأولى لانسحاب تدريجي سيشهد خروج معظم قوات حفظ السلام من الصومال بحلول نهاية عام 2024ويُشكل هذا الإنسحاب نقطة تحول ملحوظة في واحدة من أقدم الحروب الأهلية المستمرة في العالم. لأول مرة منذ 32 عامًا وتستعيد حكومة مركزية دائمة ومحلية للسيطرة على أمن الصومال إذ لم يعرف شعب الصومال السلام منذ جيل في أعقاب الحرب الكارثية الخاسرة ضد إثيوبيا في عام 1978 عندما انهارت الحكومة الأخيرة بقيادة محمد سياد بري تدريجياً في ظل الهجمات المهلكة من مختلف الجماعات المسلحة القائمة على العشائر وانهارت معها في النهاية مع الإطاحة ببري في عام 1991 وحدة الصومال مع ماتبع ذلك من اضطراب وفوضى فشل خلالها حتى القانون العرفي في كثير من الأحيان وبحلول عام 1995بعد محاولة فاشلة من قبل الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في البلاد تحولت الصومال إلى دولة فاشلة وعلى مدى العقد التالي عندما استهلكت الحرب البلاد انفصلت منطقتان شماليتان هما أرض الصومال وبونتلاند في غضون ذلك تدهور الوضع الإنساني واجتاحت موجات الجفاف والمجاعات والأمراض الصومال أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ تدفقوا إلى البلدان المجاورة في وقت من الأوقات كان داداب المخيم الرئيسي للاجئين الصوماليين في كينيا يضم أكثر من نصف مليون شخص مما يجعله ثالث أكبر مدينة في كينيا لكن لم يكن اللاجئون وحدهم هم من غادروا الصومال كما امتدت الفوضى عبر الحدود حيث نظمت بعض الفصائل هجمات داخل كينيا وإثيوبيا التي اعتادت لفترة طويلة على التدخل في الصومال وغزوه ، لكن في عام 2006 تشكلت حركة الشباب كرد على هذا الغزو في عام 2011 ، وفي محاولة لوقف عدد متزايد من هجمات حركة الشباب وعمليات الاختطاف طوال الوقت بُذلت سلسلة من المحاولات لإعادة تشكيل حكومة وطنية للصومال كانت أول من حصل على الاعتراف الدولي المعروفة باسم الحكومة الوطنية الانتقالية التي تم تشكيلها في عام 2000 وفي عام 2004 أُفسح المجال للحكومة الاتحادية الانتقالية (الحكومة الاتحادية الانتقالية) وودعما لهذا الجهد الأخير أرسل الاتحاد الأفريقي قوات حفظ سلام إلى الصومال في عام 2007.
لا يواجه الإتحاد الأفريقي الوضع الشائك والعداوات المضطرمة في داخل صوماليلاند خاصة في Laascaanood بأدواته المحدودة وإنما يواجهها بصفة غير مباشرة أي من خلال إثيوبيا إن هذا الصراع متجذر في احتلال منطقة سول من قبل أرض الصومال منذ عام 2007 وهوغزو عارضته الغالبية العظمى من السكان المحليين حيث تسبب في مقتل أكثر من 120 شخصًا من زعماء القبائل المختلفة وعشرات الضحايا خلال الاحتجاجات في الأشهر الأخيرة , وبالطبع فإن الحكومة الإقليمية في إثيوبيا المجاورة أتهمتها سلطات صوماليلاند بالتدخل في الصراع فعلى الرغم من تدخلها العسكري المشكوك فيه قامت إثيوبيا بتهدئة “القادة” الصوماليين ببراعة إلى إحساس زائف بالأمن وأثارت غضبهم بسراب القوة حقيقة أن إثيوبيا وبصفتها “الضامن” لاتفاقية جوبالاند للتسوية التي تنص على دمج الميليشيات تحت قيادة الرئيس أحمد إسلام مادوبي وقوات الحكومة الصومالية فلن ترغب في ذلك للوفاء بالاتفاقية التي تم تصميمها وتوسطها , ولهذا أصدرت إثوبيا بيانًا نفت فيه مزاعم جمهورية أرض الصومال المعلنة بأنها أرسلت قوات لدعم الميليشيات العشائرية في بلدة لاس أنود المضطربة , ونشر التلفزيون الإقليمي الصومالي المملوك للدولة (SRTV) على فيسبوك في 20 يوليو 2023 : “نقول لإدارة أرض الصومال إنه لا توجد قوات DDS (للحكومة لدولة الإقليمية الصومالية الإثيوبية) التي تشكل جزءًا من العنف في Laascaanood , ويستمر العنف المُتبادل في Laascaanood عاصمة إقليم Sool ولم يكن العنف بدون مُحرضين فتشير الدلائل إلى أن كلاً من الوحدويين الصوماليين والصين المنزعجين من تحول أرض الصومال نحو تايوان تآمروا لإشعال التوتر المحلي كما أن أصل له أسباب مختلفة بالإضافة إلي المُحرضين منها مطالبة الصومال أي مقديشيو بجميع الأراضي التي يسكنها الصوماليون العرقيون ويؤكد علم الصومال ذلك فنجوم العلم تشيرإلي جيبوتي وأرض الصومال والمنطقة الصومالية في إثيوبيا والمقاطعة الشمالية والشرقية في كينيا والصومال نفسه . وبصفة عامة فمنذ إعلان استقلالها من جانب واحد في عام 1991 تمتعت أرض الصومال باستقرار نسبي حتى وقت قريب عندما أدت التوترات السياسية المتزايدة إلى اندلاع أعمال عدائية بين قوات أرض الصومال والميليشيات من منطقة بونتلاند الصومالية المجاورة شبه المستقلة , فالقتال بين حكومة أرض الصومال والميليشيات العشائرية في منطقة سول الشرقية يهدد بزعزعة الأمن والاستقرار اللذين تتمتع بهما أرض الصومال منذ فترة طويلة , فمازالت إثيوبيا بسبب أطماعها التاريخية في الصومال كله تعتقد رغم أوضاعها الداخلية شديدة التعقيد والإضطراب أنه بإمكانها التأثير وربما التحكم في بوصلة العدوات المُتجذرة في نفوس الصوماليين .
صحيح ان هناك ديموقراطية بقدر كبير في صوماليلاند لكن صحيح أيضاً أن الوضع غير مُستقر في أرض الصومال أو صوماليلاند فحتي فبراير 2023 ووفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة عبر أكثر من 98 ألف شخص حدود صوماليلاند إلي منطقة ضربها الجفاف في جنوب شرقي إثيوبيا فراراً من القتال الدائر في منطقة أرض الصومال الانفصالية في الصومال ففي يوليو 2023 عادت الحرب بضراوة بين جمهورية الصومال والجزء الإنفصالي منها في صوماليلاند ويُقدر أن ما لا يقل عن 200 قتيل و 185000 لاجئ كانوا ضحايا الإشتباكات التي تجاوز رصيدها هؤلاء القتلي إضافة إلي حوالي 185 ألف لاجئ. من وجهة نظر مقديشو وقال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لقناة الجزيرة : إن “الصومال تعمل عن كثب مع المجتمع الدولي لإعادة السلام إلى المنطقة الشمالية المنفصلة من أرض الصومال بعد تصاعد التوترات بين سلطات المنطقة وقوات العشائر المحلية” , ويُذكر أن القتال بين الفريقين بدأ في 6 فبراير 2023 بالقرب من لاس أنود العاصمة الإدارية لإقليم سول بعد أن تخلى زعماء القبائل والزعماء الدينيون المحليون عن حكومة أرض الصومال مطالبين بالعودة إلى إدارة مقديشو أي للحكومة الإتحادية , وقد كانت هناك تقارير تفيد بأن الحكومة الإثيوبية دعت الطرفين المتحاربين Isimada وأرض الصومال إلى أديس أبابا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب وقال المتحدث باسم صوماليلاند إنهم لم يستجيبوا لنداء إثيوبيا لأن المدينة لا تزال تتعرض للقصف على حد قوله ولم تتحدث أرض الصومال بعد عن الاجتماع الذي سيعقد في أديس أبابا واتهم المتحدث باسم أرض الصومال الجانب الآخربمواصلة قصف المدينة وأنه لا يوجد ما يحل المشكلة Lasanood .
صوماليلاند والأمم المتحدة :
أما الأمم المتحدة من جانبها فمازالت تأمل في توحيد الصومال ففي 22 يوليو 2023 قامت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة السيدة Laing بزيارة هرجيسة وألتقت بالرئيس Abdi Muse Bihie وناقشت معه موضوع الحوار بين الصومال وأرض الصومال والصراع في Laascaanood (في 19 يوليو 2023 أُعلن عن إنتصار المقاتلون المحليون وقوات أرض الصومال بعد يوم من القتال والقصف المكثف في Laascaanood ) والتنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان , وقبل زيارتها إلى هرجيسه اجتمعت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة مع المبعوث الخاص للحكومة الاتحادية الصومالية إلى أرض الصومال عبد الكريم حسين جوليد وفي ذلك اللقاء شددت على دعم الأمم المتحدة لإجراء حوار شامل يتصدى للتحديات الحالية لضمان حلول دائمة .
تم الاتفاق على الإطار السياسي والأمني لأرض الصومال خلال مؤتمر Borama في عام 1993 وفي هذا المؤتمر أصدرت صوماليلاند الموحدة بيانًا للأمين العام للأمم المتحدة يطلب من الأمم المتحدة وقواتها البقاء خارج أرض الصومال وشدد ممثلو المجتمعات المختلفة في أرض الصومال كذلك للأمم المتحدة على أنهم لا يحتاجون إلى تيسير بقيادة الأمم المتحدة فيما يتعلق بصنع السلام كما شددوا على أنه ليست هناك حاجة لأن تقدم الأمم المتحدة قوافل لحماية المساعدات الغذائية لأن أرض الصومال لا تتلقى مساعدات وبدلاً من احترام رغبة أرض الصومال في أن تُستبعد من إطار عمل الأمم المتحدة للسلام وإعادة بناء الدولة في الصومال فعل المجتمع الدولي تحت ستار عملية الأمم المتحدة في الصومال (UNOSOM) كل ما هو ممكن تقريبًا لعرقلة وتخريب جهود السلام وبناء الدولة التي تقودها أرض الصومال وبلغت التوترات بين صوماليلاند وعملية الأمم المتحدة في الصومال ذروتها في عام 1994 حيث زار المسؤل الأعلي عن بعثة الأمم المتحدة في الصومال هرجيسة عاصمة أرض الصومال وأبلغ الرئيس إيجال أن بعثة الأمم المتحدة في الصومال لديها صلاحية نشر القوات في أرض الصومال حتى بدون موافقة الرئيس إيجال على هذا لكن إيجال أجابه بأنهم إذا فعلوا ذلك “فستصبح هرجيسة” ديان بيان فو “للأمم المتحدة مما يمنحه 24 ساعة لمغادرة أرض الصومال.
صوماليلاند والكيان الصهيوني :
تقع صوماليلاند علي مدخل البحر الأحمر الجنوبي الذي يعد رئة الكيان الصهيوني ومنفذه لأفريقيا بدأ الكيان الصهيوني في تطبيق إستراتيجية الوصول لأفريقيا بداية لوجيستيكية عندما أقامت محلية (ميناء فيما بعد) Eilat أو Elath جنوبي صحراء النقب علي خليج العقبة عام 1951 والتي كان عدد سكانها وفقاً للتعداد الرسمي الصهيوني في 31 ديسمبر 1971 يبلغ 15,900 نسمة * ( IRAEL POCKET LIBRARY . Geography . KETER BOOKS .1973 .Page 197 ) وهو المنفذ الوحيد للكيان الصهيوني علي البحر الأحمر الذي كان – ومازال – بمثابة المنصة التي إنطلقت منها في ستينات القرن الماضي شركة Zim Integrated Shipping Services للوصول لموانئ شرقي أفريقيا , ولإن بناء الكيان الصهيوني أُقيم علي الأساس العقيدي فهي لذلك لا تنتمي لا للعالم العربي ولا الإسلامي ولا هي كذلك مرتبطة بالقارة الأوروبية إرتباطاً جغرافياً فكان لابد لها وهي مُحاصرة بفكرتها عن نفسها كدولة يهودية عبرية ومحاصرة بالمحيط العربي المُلاصق لها والمختلف عنها أن تقفز قفزاً فوق هذين النطاقين من الحصار , وقد حقق ميناء إيلات لها هذه القفزة التي مع العمل الديبلوماسي والمخابراتي المُنضبط أتيح للكيان الصهيوني منفذ لأفريقيا أتاح لها في فترة الستينات من القرن الماضي بدء علاقاتها بأفريقيا وفي شرقها تحديداً, وقد ساعدها في ذلك كونها حليف مُقدس لدي الولايات المتحدة وتبني فرنسا للتحركات الصهيونية في القارة آنئذ (في نهاية الخمسينات أمدت فرنسا الكيان الصهيوني بكمية من الكعكة الصفراء Yallow Cack أو مُستخلص اليورانيوم من مناجم النيجر التي تقوم فرنسا علي إستغلالها ) , مواصلة لإهتمامها بمنطقة القرن الأفريقي التي مثلت المدخل الأول للصهاينة نحو أفريقيا نجد أنه وبعد تشغيل ميناء Eilat وفي أعقاب العدوان الثلاثي علي مصر في أكتوبر 1956 تفاوضت فرنسا مع الكيان الصهيوني لمنح الأخيرة منطقة حرة بميناء Djibouti لتكون حلقة إتصال بين منطقة شرقي أفريقيا التي يمثل هذا الميناء عقدة مواصلات بحرية مهمة لها وبين ميناء Eilat , بل إن سلطات الإستعمار الفرنسي في Djibouti خصصت قاعدة عسكرية للكيان الصهيوني بها , ولكي تتحقق مصر من الأمر نظراً لخطورته علي إستراتيجية مصر في البحر الأحمر كلفت القنصل السوداني بأديس أبابا ليستطلع الأمر فذهب إلي المنطقة التي قيل أن فرنسا خصصتها كقاعدة للكيان الصهيوني جنوب ميناء Djibouti فوجد أن العمل متوقف بها وأرجع سبب التوقف إلي معارضة الأهالي ورفضهم المساهمة في إقامة منشآت صهيونية في بلادهم وكذلك لإعتراض إثيوبيا علي منح الصهاينة إمتيازات في Djibouti لدرجة أن إثيوبيا هددت بتأميم السكك الحديدية التي تربط Djibouti بأديس أبابا , لكن فرنسا التي كانت تستعمر Djibouti آنئذ واصلت سياستها المعادية لمصر رداً علي دعم الأخيرة لثوار الجزائر فسمحت للسفن الحربية الصهيونية بالرسو في ميناء Djibouti ومنحت أحدي الشركات الصهيونية إمتياز مخازن الترانزيت داخل الميناء والسماح لها بإعادة التصدير ورخصت لإفتتاح فرع لشركة انكودا الصهيونية لإفتتاح فرع لها في Djibouti (أغلق عام 1957) * ( د . محمد عبد المؤمن محمد عبد الغني . مصر والصراع حول القرن الأفريقي 1945 – 1981 . دار الكتب والوثائق القومية .مركز تاريخ مصر عام 2011 . صفحة 125) .
حين نمت الروح القومية لدي شعب الصومال الفرنسي والتي دعمها وأيدتها السياسة والإعلام المصري عبر الإذاعة الموجهة من القاهرة أعلن زعماء الصومال الفرنسي رغبتهم في الإنضمام للصومال بعد فشل مفاوضاتهم مع فرنسا ووجهت هذه الرغبة بمعارضة إثيوبية وصهيونية , فإثيوبيا كانت تخشي من أن يؤدي هذا الإنضمام لتعزيز قوة الصومال بما يمكنها من المطالبة مُعززة بالقوة بالأوجادين التي إستولت عليها إثيوبيا قسراً , فيما خشي الكيان الصهيوني من أن يؤدي إستقلال الصومال الفرنسي إلي تحكم مصر في مضيق باب المندب , ولذلك طالبت الصحف الصهيونية في 16 سبتمبر 1966 بممارسة فرنسا لنفوذها لضمان بقاء الصومال الفرنسي غير معادي للمصالح الصهيونية , وعندما أعلنت فرنسا أنها ستنظم إستفتاء تقرير المصير للصومال الفرنسي أعلنت الكيان الصهيوني أنه لن يقف مكتوفة الإيدي فإستقلال الصومال الفرنسي أو إتحاده مع الصومال يترتب عليه مخاطر جمة للكيان الصهيوني لأن Djibouti تعتبر المنفذ الرئيسي لتجارة الصهاينة مع أفريقيا , ولذا شرع الكيان الصهيوني في الإتصال بجوار جيبوتي وكذلك بفرنسا لمواجهة هذا الإحتمال * ( د . محمد عبد المؤمن محمد عبد الغني . مصر والصراع حول القرن الأفريقي 1945 – 1981 . دار الكتب والوثائق القومية .مركز تاريخ مصر عام 2011 . صفحة 174) .
إستمرالكيان الصهيوني في العناية والمراقبة عن كثب للمرتكز الرئيسي لعلاقاتها الأفريقية أي منطقة القرن الأفريقي وتواجدت بعض شركاتها أو فروع لشركاتها في بعض العواصم الأفريقية برعاية القوي الإستعمارية التقليدية في أفريقيا أي فرنسا وبريطانيا والبرتغال قبل أن تحصل الدول الأفريقية علي إستقلالها في نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي وفي السنوات الأولي من إستقلال كثير من الدول الأفريقية إمتد التمثيل الدبلوماسي الصهيوني ليشمل دولاً أفريقية أخري قليلة – كما سلفت الإشارة – بالإضافة لإثيوبيا وجنوب أفريقيا لكن ظلت الأنشطة الإقتصادية تعمل في دول أفريقية أخري مثل مالاوي وغينيا كوناكري وسيراليون والسنغال وليبيريا وساحل العاج والكونجوليتين وكينيا , وفي الواقع فإنه وكما سلفت الإشارة فإن المرونة – يمكن وصفها بالقدرة علي التلون والتمويه أيضاً إن شئت – التي تتسم بها نظرية الأمن القومي الصهيوني أتاحت للكيان الصهيوني الحركة في إتجاه هنا وعكس هذا الإتجاه هناك , فعلي حين نجد وزير الخارجية الصهيوني Abba Eban يرد علي إستجواب قدمه عضو الكنيست ر . آرزي يوم 22 ديسمبر 1966 بشأن حجم التعاون الفعلي بين الكيان الصهيوني والدول النامية حالياً , فيقول Eban ” أنه في سنة 1966 شمل التعاون الدولي للكيان الصهيوني نحو 70 دولة في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية وفي حوض البحر المتوسط ” * ( محاضر الكنيست 1966/ 1967 . مركز الدراسات الفلسطينية والصهيونية بالأهرام . القاهرة ومؤسسة الدراسات الفلسطينية ببيروت . صفحة 273) , نجد حركة صهيونية في إتجاه معاكس , ففي رد وزير الخارجية Abba Eban علي إستجواب آخر من عضو الكنيست ش . ميكونيس بشأن الشهادة التي أدلي بها ممثل حركة تحرير أنجولا Chipanda أمام لجنة الأمم لتصفية الإستعمار والتي مفادها أن رجال حركة تحرير أنجولا ظفروا بقطع من الأسلحة التي كانت بأيدي جنود الإستعمار البرتغالي من بينها قطع من السلاح صهيونية الصنع من طراز عوزي , وأجاب وزير الخارجية ب Eban بقوله ” أن شهادة Chipanda مندوب حركة تحرير أنجولا وهي أصغر حركتي التحرير المعروفتين إقتضت مقابلة مندوب الكيان الصهيوني لرئيس حركة تحرير أنجولا وحثه علي مقابلة مندوب الكيان الصهيوني في برازافيل للتحقق عما إذا كان السلاح صناعة صهيونية أم لا؟” وأوضح ” أنه مرت فترة غير بسيطة ولم يقدم المندوب الأنجولي عينة من هذا السلاح ولا أي تفاصيل أو صور ” * ( المرجع السابق . صفحة 133 و134) , ومع ذلك فقد إستطاعتالكيان الصهيوني بعد إنتهاء الحرب الأهلية الأنجولية نوفمبر 1975 – أبريل 2002 أن تستدير 360 درجة بسياستها إزاء الحزب الحاكم في أنجولا حزب حركة تحرير أنجولاMPLA لتتبني علاقة ثنائية أكثر قوة ومتانة وتبادلية من العلاقات الأنجولية المصرية بالرغم من أن علاقات مصر مع أنجولا بدأت قبل إستقلال أنجولا من خلال فتح مكتب لحزب MPLA في القاهرة , لكن مصر لم تستطع إدارة علاقاتها مع الدول الأفريقية بحيث تكون ذات مردودية Rentable كما فعل الكيان الصهيوني .
في أيامنا هذه سوف يستثمر الكيان الصهيوني ولفترة قادمة ليتوجه نحو القرن الأفريقي في نطاقه الساحلي الذي يضم أرتريا وجيبوتي والصومال بأقسامه الثلاث (الصومال / بونتلاند وصوماليلاند) والذي يعتبر ساحله علي البحر الأحمر وخليج عدن الأطول ويعتبر ساحل صوماليلاند الأهم إستراتيجياً , ويجدر بالذكر أن هناك ما لايقل عن 19 قاعدة عسكري تشغلها قوي دولية وأخري إقليمية بدول ساحل القرن الأفريقي المُطلة علي البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي , ويمكن القول أن هذه القواعد العسكرية بهذه المنطقة أحدثت أو نتج عنها تداخل عسكري / إستراتيجي بين فضاءات ثلاث هي منطقة القرن الأفريقي الكبير Grater Horn of Africa (وفقاً للمفهوم الأمريكي ومنطقة الشرق الأوسط الكبير Greater Middle East والقارة الأفريقية (حيث هناك تداخل فرعي بين نطاقي عمل فريق العمل المُشترك بالقرن الأفريقي CJTF-HOA وهو فرع عسكري أمريكي مُتقدم مُتمركزبمعسكر Camp Lemonnier بجيبوتي تابع لنطاق عمل القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM وللولايات المتحدة قاعدة أخري بالصومال في باليدوجل جنوب العاصمة مقديشيو , كما أن لبريطانيا قاعدة عسكرية أيضاً في Baidoa بالصومال ) ولقد أدي التمركز العسكري الأمريكي في قواعد ثابتة في الصومال وجيبوتي إلي خفض نسبي للأهمية الإستراتيجية للقاعدة الأمريكية في Diego Garcia أحد جزر أرخبيل Chagos المُكون من 55 جزيرة مُتنازع عليها بين موريشيوس وبريطانيا منذ ما قبل إستقلال موريشيوس عن بريطانيا في 12 مارس عام 1968 , وقد مددت بريطانيا عقد إيجار الجزيرة حتي موعد غايته 30 ديسمبر 2036 للقاعدة الأمريكية بشرقي جزيرة Diego Garcia وهي أكبرجزر هذا الأرخبيل إذ تبلغ مساحتها 32,8 كم مربع وهي قاعدة ساهمت في الجهود العسكرية الأمريكية في حروب وهجمات كانت لها آثار سلبية فارقة علي مجري تاريخ مناطق الشرق الأوسط وأفغانستان ومناطق أخري بالعالم .
لا يجب النظر للتحرك الصهيوني صوب صومالياند علي أنه مجرد توقع بل علي أنه ضرورة صهيونية بغض النظر عن إفتقاد صوماليلاند للمكانة والإعتراف الدولي , فصوماليلاند في نهاية أي تحليل سياسي تُعد حقيقة جيوسياسية , فالبحر الأحمر منذ إقامة الكيان الصهيوني وإعلانه كدولة في 15 مايو 1948 كان يراه أي البحر الأحمر علي أنه منفذه الوحيد للعالم الثالث وفي مقدمته القارة الأفريقية فأفريقيا التي كانت مجالاً لإهتمام مؤسسي جاد من الدولة الصهيونية لدرجة أنه عُرض عليهم في البداية توطين اليهود في أوغندا , كما فكرت بريطانيا بعد أن سيطرت علي أرتريا عام 1941 تحويل الهجرة اليهودية إليها بدلاً من فلسطين نظراً للظروف المناخية المواتية ووفرة الأراضي غير المُستغلة بإرتريا لكنها تراجعت لخشيتها من تصادم المهاجرين اليهود مع المستوطنيين الأجانب الآخرين الذين كانوا يسيطرون بالفعل علي الزراعة والتجارة في أرتريا كما أن هيلاسيلاسي رفض الفكرة لتعارضها مع طموحه بالضم الدائم لأرتريا , بل وعندما كنت سفيراً في أنجولاً نشرت بعض المصادر الإعلامية بمناسبة زيارة الرئيس الأنجولي للكيان الصهيوني في 5يوليو 2005 أن أنجولاً كانت مُقترحة لتكون موطناً لليهود وهو حديث غير مُسند تاريخياً إلا أن ذلك قد يكون من قبيل الترويج الإعلامي الصهيوني لا أكثر فللصهاينة علاقة تطورت مع أنجولا بعد نهاية الحرب الأهلية الأنجولية في أبريل 2002 ( بالرغم من الكيان الصهيوني كان في علاقة تحالف مع جنوب أفريقيا ودول إقليمية أخري لدعم حركة تحرير كل أنجولا UNITA خصم حركة MPLA المدعوم من السوفييت وكوبا والذي تولي السلطة منذ إستقلال أنجولا عن البرتغال عام 1975 حتي يومنا هذا) , وكان الهدف المرحلي الأول للصهاينة هو الوصول لموانئ شرق أفريقيا , ولهذا كان ميناء Eilat ومن ثم البحر الأحمر الممر الرئيسي لبناء علاقات الصهاينة بأفريقيا ككل , وفي هذه المرحلة كانت إثيوبيا مُلحقة بها أرتريا الواقعة علي البحر الأحمر تمثل نقطة الإرتكاز الأولي أو لنقل الدعامة الأولي لهذا البناء وظلت كذلك في المرحلتين الأولي والثانية اللتين وضع فيهما الكيان أسس متنوعة لبناء علاقاته الأفريقية .
يعتقد ان الصهاينة يمكنهم العودة لكامل القرن الأفريقي الإستراتيجي لتحقيق السيطرة علي البحر الأحمر من خليج العقبة إلي مضيق باب المندب بعد تمزق الصومال إلي ثلاث وحدات سياسية تعمل كل منها أحياناً في الإتجاه السياسي العكسي للأخري كما تعمل علي إضعاف الوحدتين الأخريين لتبقي , لكن هذا الإفتراض الصهيوني لابد وأن يقترن بإفتراض آخر وهو أن سلطة الدولة المركزية في مقديشيو وهرجيسة وGarowe وهي تضعف قويت شوكة تنظيمات جهادية كتنظيم الشباب الصومالي الذي يعبر في وجهة نظر خلافية عن قوة الدين الإسلامي في نفوس كل الصوماليين بما فيهم السلطات المركزية تلك بالرغم من ضعفها ففي 5 أكتوبر2020 أعلنت السلطات الشرطية في صوماليلاند عن إلقاء القبض علي زوجين مسيحين في 21 سبتمبر 2020بتهمة التنصير وحيازتهما بمنزلهما مواد دعائية تنصيرية لتوزيعها ثم أفرج عليهما لاحقاً في نوفمبر 2020 , وبالتالي ففي مناخ كهذا لن يكون الإختراق الصهيوني للصومال ككل سهلاً وربما كان ذلك وراء تأخر إتخاذ الكيان الصهيوني لقرار تطبيع العلاقات مع هرجيسة علي نحو خاص , وهو ما أعلن عنه في نوفمبر 2020مدير المخابرات الصهيونية إيلي كوهين في مقابلة أجريت معه مؤخرًا أشار فيها إلي أن بلاده تدخل في اتفاق سلام مع دولتين لم يسمهما أحدهما في القرن الأفريقي والآخري غير بعيدة عن المنطقة , ومن المُرجح جداً أن تكون صوماليلاند هي الدولة التي يعنيها فقد سبق وأن أدليYigal Palmor المتحدث باسم وزارة الخارجية الصهيونية بتصريح لصحيفة Haaretz Daily عام 2010 قال فيه ” إن حكومته مستعدة للاعتراف بأرض الصومال ” واستشهد بأن الكيان الصهيوني كان أول دولة تعترف بصوماليلاند عندما حصلت على استقلالها عن بريطانيا العظمى عام 1960مع 33 دولة أخري , وعندما اتحدت مع جنوب الصومال كنا أول من اعترف بها مرة أخرى فلطالما أردنا علاقة مع دولة مسلمة في شرق إفريقيا يمكننا مشاركة البحر الأحمر معها ” , علاوة علي ذلك نُشر علي موقع EABW NEWS في 6 نوفمبر 2020 أن ثلاثة أعضاء في برلمان صوماليلاند طالبوا حكومتهم بالاعتراف بوجود الكيان الصهيوني وإقامة علاقات مع تل أبيب , ويروج الكيان الصهيوني لمبرر يُسوقه ربما لشعب صوماليلاند ومسئوليه والرأي العام مفاده أنه أي الكيان الصهيوني عاني من العزلة الدولية وعدم الإعتراف به كدولة من محيطه كما تعاني صوماليلاند الآن وأنه وصوماليلاند يمارسان الديموقراطية .
هناك في الصومال ما يُعرف بالــ Yibir أو يبير وهي واحدة من الجاليات المسلمة القليلة المعروفة في جميع أنحاء العالم التي تحافظ على أصل يهودي , إن المجتمع صغير ومحبوك بإحكام فلا يزيد عددهم عن ثلاثين ألفًا واسم يبيرالذي يُلفظ أيضًا يبرو وياهار يعني ببساطة العبرانيين , ويلقى الـ Yibir الحد الأدنى من الاهتمام من الأكاديميين فلم يتم إجراء أي دراسات مهمة على المجموعة التي تجعل من يبير أحد أكثر سكان العالم منسية , فلثمانية قرون على الأقل عاش الـ Yibirبين السكان الرعاة في شمال الصومال وهناك يتم تقسيم السكان إلى مجموعات عشائرية مختلفة ينظم نظام الطبقات الصارم تقليديًا العشائر في تسلسل هرمي ثابت من النبلاء إلى الأدنى لكونها واحدة من أدنى الطبقات فإن الـ Yibir يشكلون واحدة من أفقر السكان في الصومال إن لم يكن أفقرهم و لايُعتبرالـ Yibir صوماليين عرقيين أو Samaale بل بدلاً من ذلك يتم تصنيفهم تقليديًا على أنهم Sabأي الفئة العرقية التي تشمل المهاجرين والمجموعات الأصغر من الطبقات الدنيا(تشمل مجموعات Sab الأخرى Muuse وهي مجموعة صغيرة من أصل عربي والـ Tumaal و Madhibaan عشائر صغيرة ذات جذور غامضة مرتبطة بأسلاف يبير والبانتو وهم السكان المهاجرون بشكل أساسي من وسط إفريقيا وكطبقة منخفضة لا تمارس الـ Yibir تقليديًا الرعي وتمنعها العادات المحلية من امتلاك الماشية أو الأرض وبالنسبة لمعظم تاريخهم كانوا يكسبون رزقهم من خلال القيام بأعمال وضيعة منخفضة الأجر وعمل خادمة في عشائر أخرى , كما أنها مرتبطة بمهن الأعمال الجلدية مثل دباغة الجلود والحرف اليدوية التي تنطوي على صنع السروج والتمائم وسجاجيد الصلاة ويشتهر Yibir أيضًا بمهارتهم في الحدادة وصنع الأدوات الحديدية والأسلحة وتاريخيا مارس الـ Yibir مجموعة متنوعة من تجارة التجوال مثل الطب الشعبي والروحانية والسحر على الرغم من اعتبارها طبقة منخفضة وفي ضوء ندرة الخدمات الطبية الحديثة في الصومال المعاصر قدم المعالجون ورجال الطب في Yibir يعيشون في مجتمعات العشائر بخدمات طبية شعبية لا غنى عنها وكجزء من ممارساتهم المهنية التقليدية قاموا بصنع وبيع أنواع مختلفة من الأدوية العشبية وأجروا الجراحة التقليدية التي تنطوي على الختان ، وتخصصوا في علاج كسور العظام. القبالة هي تخصص شعبي عند الـ , Yibirوحسب التقاليد يعتقد الصوماليون أن الـ Yibir يمتلكون قوى خارقة للطبيعة وخطيرة وللاستفادة من هذا الاعتقاد قام الروحيون في الـ Yibir بمجموعة متنوعة من طقوس الحماية مقابل أجرعلى الرغم من أنهم استخدموا الكتب القرآنية في طقوسهم فقد أشارت الأبحاث إلى أن هذه الطقوس تشمل مجموعة من التقاليد الوثنية التي كانت شائعة قبل الإسلام , وفي عام 2000 أجرى الصحفي في نيويورك تايمز إيان فيشر مقابلة مع زعيم مجتمع يبير سلطان أحمد جاما ولم يكن السلطان متكتمًا بشأن تراثه العبري فأشار إلى أن التحيز الذي يعاني منه شعبه في الصومال يعود أساسًا إلى تراثهم الإسرائيلي وأشار أيضًا إلى أن أفراد المجتمع – وخاصة الشباب – غالبًا ما يخجلون من هويتهم الـ Yibir كطبقة دنيا ووفقًا لذلك فغالبًا ما يتماثلون مع العشائر الأخرى من الطبقات العليا و يدعي الـ Yibir أن أسلافهم اليهود وصلوا إلى الصومال قبل تشكيل عشائر الـ Samaale النبيلة الرئيسية مثل الـ Darood والـ Dir و الـ Hawiye والـ Isaaq. في حين أن عشائر سمعالي عادة ما تتبع أنسابها من الأب إلى أسلاف العرب في القرن التاسع وقد اقترح بعض العلماء أن دارود وإسحاق لم يتأسسا إلا في القرن الثالث عشر وإذا كان هذا صحيحًا فمن المحتمل أيضًا أن يكون الـ Yibir أقدم من عشيرتي Samaale ويرجع ذلك إلى أن جماعة يبير كانت على الأرجح قد تأسست بالفعل كمجموعة قوية في الصومال في عهد محمد حنيف في القرن الثالث عشر .
أشار مدير المخابرات الصهيونية إيلي كوهين في نوفمبر 2020 في مقابلة أجريت معه إلي أن بلاده تدخل في اتفاق سلام مع دولتين لم يسمهما أحدهما في القرن الأفريقي والآخري غير بعيدة عن المنطقة , ومن المُرجح جداً أن تكون صوماليلاند هي الدولة التي يعنيها , كما سبق وأن أدلي Yigal Palmor المتحدث باسم وزارة الخارجية الصهيونية بتصريح لصحيفة Haaretz Daily عام 2010 قال فيه ” إن حكومته مستعدة للاعتراف بأرض الصومال ” واستشهد بأن الكيان الصهيوني كان أول دولة تعترف بصوماليلاند عندما حصلت على استقلالها عن بريطانيا العظمى عام 1960مع 33 دولة أخري , وعندما اتحدت مع جنوب الصومال كنا أول من اعترف بها مرة أخرى فلطالما أردنا علاقة مع دولة مسلمة في شرق إفريقيا يمكننا مشاركة البحر الأحمر معها ” , علاوة علي ذلك نُشر علي موقع EABW NEWS في 6 نوفمبر 2020 أن ثلاثة أعضاء في برلمان صوماليلاند طالبوا حكومتهم بالاعتراف بوجود الكيان الصهيوني وإقامة علاقات مع تل أبيب , ويروج الكيان الصهيوني لمبرر يُسوقه ربما لشعب صوماليلاند ومسئوليه والرأي العام مفاده أنه أي الكيان الصهيوني عاني من العزلة الدولية وعدم الإعتراف به كدولة من محيطه كما تعاني صوماليلاند الآن وأنه وصوماليلاند يمارسان الديموقراطية , في تقديري أن هناك حذر من جانب حكومة هرجيسة فيما يتعلق بالعلاقات مع الكيان الصهيوني وهو حذر مبني علي مخاوف أمنية , ولذلك كان الترحيب صادرعن Bashe Omar Awil مبعوث صوماليلاند لدي كينيا فقد صرح ونشر علي موقع SOMALILAND STANDARD في 15 أغسطس 2020 قائلاً : “إن إتفاق إبراهام مثال جيد للتحالفات بين دول المنطقة المُهتمة بالإستقرار الإقليمي والتعاون ويُؤكد علي التطلعات الدائمة للتوصل إلى السلام بين الجيران ” , ثانيهما : إقتران إفتقاد صوماليلاند لوضعية الدولة المُعترف بها دولياً مع إفتقاد القيادة السياسية لهذا البلد أعني رئيس الدولة لإجماع وطني علي الأقل من قبل المُعارضة السياسية إذ تري المعارضة الرئيس Musa Bihi Abdi رجلاً لا إستعداد لديه لتقبل النقد وميوله الإستبدادية وسوء تعامله داخل الحزب الحاكم والصفقات المشبوهة التي أبرمتها الحكومة التي يقودها الرئيس مع الشركات الأجنبية .
مبررات الإقتراب الصهيوني من صومالاند :
1- يتبع الكيان الصهيوني سياسات عالية المرونة لا ترتبط بثوابت طويلة الأمد , فالكيان الصهيوني غير معني بمبدأ “وحدة الأراضي الصومالية” الذي تتبعه معظم الدول العربية منذ سقوط نظام سياد بري في مقديشيو عام 1991وبدء تفكك الصومال وإعلان صوماليلاند الإستقلال عن كل الصومال , وكان هناك إستثناءات قليلة ومحدودة المدي مُؤخراً إذ أقامت الإمارات قاعدتين عسكريتين واحدة بالصومال في Bosasoبالساحل الجنوبي لخليج عدن والأخري في Berbera بصوماليلاند وبها نظام للمراقبة الساحلية يعمل منذ يونيو 2018 , وفي مارس 2018 أعلن موسى بيهي عبدي الرئيس الخامس والحالي لصوماليلاند أن الإمارات ستدرب قوات أمن صوماليلاند في إطار الاتفاق مع الإمارات المُبرم معها لإنشاء قاعدة عسكرية والتي بدأت الإمارات في أعمال إقامتها عام 2017 مُلحق بها مطار Berbera يبعد 300 كيلومتر عن جنوب من اليمن , وقد منحت صوماليلاند إمتياز هذه القاعدة للإمارات لثلاثين عاما , وذلك بالرغم من عدم إعتراف الإمارات حتي يومنا هذا بجمهورية صوماليلاند , كذلك حاولت مصر إقامة قاعدة عسكرية لها بصوماليلاند , وعلي التوازي أعلنت الخارجية الإماراتية في 16 أبريل 2018عن أن الإمارات ستنهي مهمتها التدريبية العسكرية في الصومال بعد حادث تعرض فيه جنودها للاعتداء والاستيلاء على 9.6 مليون دولار في مطار في مقديشيو , وبموجب هذه “المهمة” التي بدأت عام 2014 قامت الإمارات بتدريب آلاف الجنود الصوماليين في إطار عملية إعادة بناء الدولة الصومالية التي مزقتها الصراعات لعقود خلت , لكن التوترات بين البلدين بلغت ذروتها في 8 أبريل عندما قالت الإمارات إن جنودا صوماليين استقلوا طائرة إماراتية في مطار مقديشيو واعتدوا على جنودها تحت تهديد السلاح وصادروا 9.6 مليون دولار , فيما أشار بيان صادر عن وزارة الأمن الصومالية في ذلك الوقت إن الحقائب مليئة بالدولارات الأمريكية غير المصرح به وأن التحقيق جار , ويجدر بالذكر أيضاً أن الإمارات تعمل مع قوة مكافحة القرصنة في بونتلاند ودفعت رواتب 2407 جنود صوماليين , ومن الواضح أن قضية وحدة الأراضي الصومالية لا تشغل بال الإمارات إذ أنها تتحرك مُتحررة من قيود هذا المبدأ في الصومال وبونت لاند وصوماليلاند في وقت واحد , وهو ما بدأته مصر لكن حركتها كانت مُتأخرة .
صوماليلاند ومــــصـــر :
من جانبها حاولت مصر التوجه نحو صوماليلاند للإستفادة من موقعها المُتاخم لإثيوبيا لمواجهة مخاطر مُتوقعة من سد النهضة علي أمن مصر المائي لكن للأسف يبدو أنها أخفقت في ذلك , ففي 11 يوليو 2020 أُعلن ونُشر فقط بموقع إخباري كيني عن زيارة بدأت في 12 يوليو 2020 وأستغرقت يومين لوفد رسمي مصري لهرجيسة عاصمة صوماليلاند , ألتقي خلالها بتاريخ 15 يوليو برئيس صوماليلاند Muse Bihi Abdi , كما أجري مباحثات ثنائية مع مسئولين بوزارة الخارجية والتعليم والصيد والثروة الحيوانية بصوماليلاند , وأشار موقعGarowe Online بتاريخ 15 يوليو بالإحالة علي مصدر وصفه بأنه ذا مصداقية ومطلع قوله بأن مصر مُتحمسة لفتح قنصلية لها في هرجيسة لما لذلك من تعزيزلنفوذها بالقرن الأفريقي , كما أشارالموقع إلي أن وزير خارجية صوماليلاند Liban Yousouf Osman قال للوفد المصري”إني أنتهز هذه الفرصة لأرحب بكم في زيارتكم تلك لهرجيسة التي تأتي رداً علي زيارتي للقاهرة في 25 مارس 2020 وهو مؤشر جيد علي تقوية العلاقات بين بلدينا ” وقد أشارت مواقع إخبارية إلي أن الوفد المصري الذي ترأسه مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية طرح مسألة إقامة قاعدة عسكرية مصرية بزيلع بصوماليلاند أوالحصول علي تسهيلات عسكرية مُحددة , فصوماليلاند تخشي أن تتحول بسبب موافقتها علي الطلب المصري لإنشاء القاعدة إلي طرف في صراع يتجاوز قدرتها علي تحمل تبعاته فإثيوبيا لها حدود معها ويمكنها لذلك ولأسباب أخري مختلفة أن تسبب الكثير من المتاعب لصوماليلاند وربما من بين هذه الأسباب الأخري التحرك الإثيوبي النشط الهادف إلي تخريب التحركات المصرية في الصومال ككل إذ إستطاعت المخابرات الإثيوبية النافذة في الصومال بوحداته الثلاث الحصول علي خطاب مسرب وجهته وزارة الدفاع الصومالية إلى نظيرتها المصرية ونشر بموقع The Reporter في 30 مايو 2020 والخطاب وقعه وزير الدفاع بجمهورية الصومال الفيدرالية ، حسن علي محمد ، بتاريخ 29 فبراير 2020 أشار إلي إلى أن الوزارة تلقت 13 نوعًا مختلفًا من الأسلحة النارية والمدفعية والذخيرة من مصر , كما تضمن فقرة نصها : ” تشهد وزارة الدفاع في جمهورية الصومال الفيدرالية أنه لن يتم إعادة بيع هذه البضائع أو إتاحتها للاستخدام من قبل أي فرد أو كيان ليس في خدمة قوات الأمن الصومالية دون موافقة خطية من وزارة الدفاع في جمهورية مصر العربية ، ووفقاً لهذا الخطاب أكدت الصومال تلقيها كمية من 50 قاذفة قنابل RPG-7 و 1200 بندقية من طراز AK47 و 25 مدفع رشاش PKM (متوسط) مع 100 ذخيرة و 175 مدفع رشاش PKM مع 700 ذخيرة و 50 DSHK عيار 12.7 ملم و 20 بندقية قنص مع 1000 ذخيرة , وتم تسليم 6 قذائف هاون عيار 82 ملم مع 550 ذخيرة و 12 وحدة من 12 قذيفة هاون عيار 60 ملم مع 636 مسدسًا إلى الصومال , ووفقاً لموقع The Reporter علاوة علي أن رئيس صوماليلاند Muse Bihi Abdi غرد قائلاً : “إن حكومة صوماليلاند يساورها قلق عميق بشأن إخفاقات حكومة الصومال في الإلتزام بقرار مجلس الأمن الدولي القاضي بحظر السلاح لجمهورية الصومال ونحن ندين الحكومة المصرية لإنتهاكها هذا الحظر الذي يُشكل خطراً جسيماً علي الأمن والإستقرار في المنطقة ” , وتصعيداً لهذا الموقف من جانب مصر فقد أرفق وزير دفاع صوماليلاند هذا الخطاب بخطاب وجهه للإتحاد الأفريقي وللأمم المتحدة , كذلك صرحت إثيوبيا علي لسان الناطق باسم خارجيتها في 30 يوليو 2020 بذلك فقالت السفيرة دينا مفتي : ” إذا كانت نية مصر أن يكون لها وجود في المنطقة وستشكل بذلك تهديدا لدولة ثالثة ، فلن يكون ذلك مناسبا في هذه الحالة ، نحتاج إلى أمثلة ملموسة لما يحدث … ونأمل ألا يكون ذلك على حساب إثيوبيا أو أي دول مجاورة أخرى لأنه إذا كان الأمر كذلك ، فسيكون غير قانوني وضد الإنسانية والسلم والأمن الدوليين , ولم يُعرف بعد ما إذا كانت صوماليلاند قد قبلت الاقتراح المصري ، لكن ورد أنهما توصلا إلى اتفاق بشأن تبادل مكاتب التمثيل عالية المستوى في هرجيسة والقاهرة “, وعلي أية حال فقد إكتفت صوماليلاند بالإعلان الذي صدر عن خارجيتها في 20 يوليو 2020 وتضمن إستعداد صوماليلاند التوسط في النزاع الناشب بين مصر وإثيوبيا بفعل سد النهضة الإثيوبي وكأن ذلك رد غير مباشر علي طلب مصر من صوماليلاند بإقامة قاعدة علي أراضيها متاخمة للحدود الإثيوبية , لكن علي أية حال ومن جهة أخري لاشك في أنه من الوجهة المنطقية هناك ثمة تباين بين موافقة صوماليلاند للإمارات علي إنشاء قاعدة لها تخدم تدخلها العسكري في اليمن وبين عدم موافقتها علي طلب مصر إنشاء قاعدة لها في زيلع لممارسة التهديد العسكري لسد النهضة الإثيوبي.
أما فيما يتعلق بالكيان الصهيوني , فمن المعهود عنه إعترافه بالكيانات المُنفصلة بل وتشجيع الإتجاهات الإنفصالية وتحريضها كالطوارق في منطقة الساحل والأكراد في العراق وتركيا وإيران , ولذلك نجده منذ زمن بعيد أسس علاقات دعم مع مُتمردي جنوب السودان منذ بداية تمردهم علي الدولة المركزية عام 1955 ومع أكراد العراق وأكراد إيران وأكراد تركيا (حزب العمال الكردي (PKK , بل حتي عندما أعلن طوارق مالي عن إنفصالهم عن جمهورية مالي في 6أبريل 2012 , يُذكر أنه عقب إعلان جمهورية أزود كتبت المحررة Anna Mahjar Barducci بجريدة Haaretz الصهيونية بتاريخ 28 أبريل 2012 تحت عنوان : ” تمرد أزواد مالي يستحق تأييدنا ” ما نصه : ” الآن وقد اصبحت الأزواد حقيقة , فإنه من الواضح أن شمال أفريقيا لم يعد يُطلق عليها عبارة : المغرب العربي : , لأنه أصبح يتضمن دولة تُعتبر جغرافياً وثقافياً جزء من المغرب , لكنها أعلنت أنها مُتحدرة عن البربر , هذا هو الموقف , فهناك ثمة بلد جديد في شمال أفريقيا , لكن لا أحد يريد الإعتراف به … وعلي كل فبزوغ دولة جديدة ووُجه بمعارضة فورية ولم تكن مالي هي الدولة الوحيدة التي صُدمت بذلك , إن Azwad منطقة صحراوية تعادل ضعف مساحة ولاية Californiaالأمريكية وبها إحتياطيات مُعتبرة من النفط …” , وما كتبته هذه المُحررة مُعبر إلي حد التطابق مع سياسة الكيان الصهيوني إزاء عمليات التقسيم والتمزيق للدول القائمة ومساندة والتحفيز السلبي للإقليات إينما وُجدت , فما هو إذن الإختلاف ما بين صوماليلاند وهاتين الحالتين حتي لا ينبع الكيان الصهيوني نفس هذا النهج , نهج التعامل مع الواقع كما هو ؟ لا إختلاف موضوعي . وبالتالي فعملية الإعتراف الصهيوني بصوماليلاند مسألة وقت وليست مسألة مبدأ من الطرفين , لسببين أولهما : ترحيب صوماليلاند بإتفاقيتي التطبيع اللتين وقعتهما دولة الإمارات ومملكة البحرين مع الكيان الصهيوني , ولم يكن هذا الترحيب من واقع بيان رئاسي أو من وزارة خارجية صوماليلاند إذ من الواضح أن هناك حذر من جانب حكومة هرجيسة فيما يتعلق بالعلاقات مع الكيان الصهيوني وهو حذر مبني علي مخاوف أمنية , ولذلك كان الترحيب صادرعن Bashe Omar Awil مبعوث صوماليلاند لدي كينيا في تصريح له نُشر بموقع SOMALILAND STANDARD في 15 أغسطس 2020 قال فيه : ” إن إتفاق إبراهام مثال جيد للتحالفات بين دول المنطقة المُهتمة بالإستقرار الإقليمي والتعاون ويُؤكد علي التطلعات الدائمة للتوصل إلى السلام بين الجيران ” , ثانيهما : إقتران إفتقاد صوماليلاند لوضعية الدولة المُعترف بها دولياً مع إفتقاد القيادة السياسية لهذا البلد أعني رئيس الدولة لإجماع وطني علي الأقل من قبل المُعارضة السياسية إذ تري المعارضة الرئيس Musa Bihi Abdi رجلاً لا إستعداد لديه لتقبل النقد وميوله الإستبدادية وسوء تعامله داخل الحزب الحاكم والصفقات المشبوهة التي أبرمتها الحكومة التي يقودها الرئيس مع الشركات الأجنبية .
2- المعركة الرئيسية التي تخوضها صوماليلاند منذ إستقلالها عن الصومال في مايو 1991 هي معركة الإعتراف الدولي بها كدولة , فلم يعترف بهذه الجمهورية لا الأمم المتحدة ولا الإتحاد الأفريقي ولا حتي السلطة عبر الحكومية للتنمية IGAD التي أعضاءها دول شرق أفريقيا والتي تريد جمهورية صوماليلاند المشاركة في قوتها العسكرية لتأمين البحر الأحمر وخليج عدن لكن IGAD إستبعدتها ولهذا أصدرت خارجية صوماليلاند بياناً في سبتمبر 2019 أشارت فيه إلي أنه بدون مشاركة صوماليلاند في أي مبادرة من IGAD تتعلق بمياهها الإقليمية أو تؤثر عليها دون مشاركتها النشطة غير مقبولة , ويجدر بالذكر أن السعودية دعت وزراء خارجية 8 دول عربية وأفريقية (ليس من بينهم صوماليلاند) تطل علي البحر الأحمر وخليج عدن لإجتماع بالرياض في 6 يناير 2020 أعلن فيه عن تشكيل ما يُسمي مجلس دول البحر الأحمر وخليج عدن لتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والأمني بينهم (سبق أن تشكلت مجموعة صنعاء في يناير 2000التي ضمت السودان وإثيوبيا واليمن فقط لتحقق هدف مُشابه ذاب مع تطور الأحداث) , ولذلك فهي معركة بقدر ما هي صعبة فهي دائمة التعقيد , لكن صوماليلاند مازالت تخوضها وفي هذا الإطار قام وزير مالية صوماليلاند سعد علي شاير بزيارة جاوهانسبرج لحضور “مؤتمر التضامن مع شعب صوماليلاند” علي مدي يومين نظمه مكتب التجارة صوماليلاند وتحالف من الأحزاب السياسية ذات العلاقات الحكومية والمصالح التجارية , بحضور سياسيين من جنوب إفريقيا من ذوي الوزن الثقيل منهم وزراء في الحكومة , وفي كلمته أمام المؤتمر دعا الوزير شايرللاعتراف بصوماليلاند بإعتبارها حافظت على السلام ووضعت علامة على جميع المربعات الخاصة بالدولة كديمقراطية ناشئة مُشيراً إلي أنها ستصبح قريبًا لاعباً رئيسياً في التجارة والاقتصاد في القارة , كما نوه إلى أن عبد الرحيم أبي فرح ،وهو من صوماليلاند شغل منصب الأمين العام المساعد للمسائل السياسية الخاصة في الفترة من 1973-1978 ووكيل اللجنة الخاصة بمناهضة الفصل العنصري في الفترة من عام 1979 حتي 1990 ، والتي يُنسب إليها المساعدة في تأمين الإفراج عن نيلسون مانديلا من السجن عام 1990, وتطرق إلي العلاقات الثنائية فقال إن هناك فرص للتعاون بين جنوب إفريقيا وصوماليلاند بما في ذلك الاستثمار والتجارة والأمن , وأن إجتماعاً لمتابعة ذلك سيكون في هرجيسة في ديسمبر 2020 , وإتصالاً بذلك فقد أعلنت حكومة الصومال / مقديشيوإحتجاجها علي تلك الزيارة بالرغم من ممارستها لضغوط علي جوهانسبرج لمنع عقد هذا المؤتمر , ويُذكر أن مقديشيو قطعت العلاقات مع غينيا / كوناكري بسبب زيارة رئيس صوماليلاند لها في يوليو 2019, ووفقاً لما تقدم تثور بعض الأسئلة مثل : (1) هل تضع صوماليلاند الإعتراف بها كدولة مقابل إعتراف الكيان الصهيوني بها ؟ (2) هل تأمن سلطات صوماليلاند العبث والإختراق الصهيوني لبني الدولة وهي هشة في صوماليلاند , (3) هل لدي الصهاينة يقين بأن التنظيمات الإسلامية المُسلمة التي تُوصف بالمُتطرفة ستدعهم يتحركون بحرية وأمن في صوماليلاند خاصة في ضوء هجماتهم ضد الوجود الأمريكي في الصومال بل وفي كينيا وكذلك Puntland ؟ و(4) هل يمكن أن تكون الإمارات المُتواجدة بقوة في صوماليلاند بديلاً أو واجهة Front للصهاينة ؟ .
3- لن يكون الكيان الصهيوني إستثناء إذا إقترب من صوماليلاند إقتراباً محسوباً أداة قياسه إثيوبيا المجاورة لصوماليلاند فإثيوبيا تتبع سياسة بالغة المرونة مع الوحدات السياسية الثلاث للصومال وهي في الإطار العام تدعي أنها مع وحدة الأراضي الصومالية , وحققت بفضل رحلات مكوكية دبلوماسية مكثفة في مُستهل عام 2020 إطاراً لتعاون إستراتيجي ثلاثي يضمها مع أرتريا والصومال بين إثيوبيا وإريتريا والصومال إذ اتفق قادة الدول الثلاث على خطة عمل مشتركة أضفت الخطة الطابع الرسمي على ملامح التكامل الثلاثي بين ثلاثتهم تركزت علي ثلاثة مواضيع رئيسية هي : الأمن ، والبنية التحتية ، وتشكيل صوت مشترك ومتوافق في الساحات الدولية , لكن مع ذلك فلإثيوبيا بالرغم من عدم إعترافها بصوماليلاند تلك الجمهورية المُعلنة من جانب واحد عام 1991قنصلية في هرجيسة مع مسار للتعاون خاصة فيما يتعلق بالموانئ , كذلك إفتتحت كل من تركيا وجيبوتي قنصلية لكل منهما في هرجيسة كما أن السعودية تعترف بحالة الأمر الواقع لصوماليلاند إي بإعتبارها مُنفصلة عن جمهورية الصومال الفيدرالية , كما أن أرتريا هي الأخري لديها صلات قوية بصوماليلاند فقد قام وزير الخارجية الأرتري عثمان صالح برفقته Yemane Gebreab مستشار الرئيس الأرتري بأول زيارة لهرجيسة في 18 مارس وأستغرقت ثلاث أيام ألتقي خلالها رئيس صوماليلاند 2019 وهذا الإنفتاح الأرتري علي صوماليلاند لا يخرج عن كونه لأحد نتائج الإنفتاح والمصالحة الأرترية الإثيوبية وكذلك الأموال الإماراتية التي تتدفق علي أرتريا وصوماليلاند لحيازة إمتيازات الموانئ في صوماليلاند وأرتريا (زيلع وبربرة ومصوع ) , ولا أعتقد أن الإقتراب الأرتري من صوماليلاند يهدف إلي التقريب ما بين مقديشيو وهرجيسة فمن المصلحة الإستراتيجية لكل من إثيوبيا وأرتريا أن تظل الصومال مُمزقة , ولذلك فالهدف الممكن تصوره هو التنسيق مع إثيوبيا في الشأن الصومالي ككل وبشأن كل وحدة من وحداته الثلاث علي حدة , وبالتالي فسيكون الإقتراب الصهيوني من صوماليلاند ممكناً وعلي غرار الحالة الإثيوبية التي بالإضافة إلي ذلك لم تقتصرعلي فتح قنصلية بل تعدته إلي التأييد الصريح لكيان ووضعية صوماليلاند فقد تعهد رئيس وزراء إثيوبيا السابق Hailenariam Desalegnفي مارس 2013 أمام البرلمان الإثيوبي بقوله ” إن صوماليلاند بلد صديق وحليف استراتيجي رئيسي لإثيوبيا ولن ندخر أي نفقات في الدفاع عن صوماليلاند وحمايتها ونحن على استعداد لمد ذراع الدعم لإخواننا في صوماليلاند في كل مرة يحتاجون فيها إلينا ” , وكلام Desalegn هذا يُرسخ رؤية بعض مسئولي صوماليلاند ومفادها أن إثيوبيا حليف قوي مُوثوق فيه مُتجاهلين أطماع إثيوبيا التوسعية في الصومال التي هي حقيقة لا مفر منه , هذه المرونة الإثيوبية في التعامل مع وحدات الصومال السياسية الثلاث تفتقدها الدبلوماسية المصرية التي مازالت مُتمسكة بثوابت ذابت بفعل حرارة الواقع , إذ كيف يكون لإثيوبيا وتركيا وجيبوتي تمثيل قنصلي في صوماليلاند في ظل عدم الإعتراف الدبلوماسي الكامل بها ولا تفعل مصر ذلك ؟ بالرغم من أنها إتخذت قرارات مُعاكسة لثوابت الصراع العربي الصهيوني ووقعت معاهدة سلام تضمنت الإعتراف بالكيان الصهيوني كدولة وتبادلت تمثيل دبلوماسي كامل مع هذا الكيان الذي ما يزال يُنكر علي الفلسطينيين حقوقهم في إقامة دولتهم القدس عاصمتها ؟ لا مبرر أمام مصر يجعلها تتمسك بمبدأ يتآكل خاصة وأن صوماليلاند ستكون إن تواجدت مصر حتي بتمثيل قنصلي في هرجيسة أقرب نقطة يمكن لمصر منها متابعة بؤرة صراعها الحالي مع إثيوبيا والذي لا يقل في خطورته عن الصراع العربي / الصهيوني , بل إن إثيوبيا لم تقتصر في حركتها النشطة في الصومال علي التعامل مع مقديشيو وهرجيسة بل تعاملت أيضاً مع Garowe (عاصمة Puntland) , ففي 26 أكتوبر 2020 أُعلن عن زيارة Said Abdullahi Deni رئيس ما يُسمي بجمهورية Puntland لإثيوبيا يناقش خلالها مع مسئولين بحكومة أبي أحمد قضايا مختلفة منها تنمية التجارة , وقبل هذه الزيارة كان رئيس زار رئيس بونتلاند Puntland قد زار نيروبي ومقديشيو ثم الإمارات العربية المتحدة التي التقى فيها مسؤولين إماراتيين (هناك إتفاقية وُقعت عام 2017 بين Puntland وموانئ دبي العالمية قال الرئيس Deni بشأنها أمام الدورة 47 لبرلمان Puntland في أكتوبر 2020 “نحن نعمل بجد لإيجاد حل ودي لتعقيدات اتفاقية ميناء بوساسو مع موانئ دبي العالمية دون تعريض علاقات بونتلاند مع الإمارات العربية المتحدة للخطر”.
يُضاف إلي ما أحرزته صوماليلاند من إعتراف جزئي بوجودها كدولة مُستقلة عن جمهورية الصومال الفيدرالية تأسيسها لعلاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الوطنية ( تايوان) أُعلن عنها في الأول من يوليو 2020 , وقد إستقبل رئيس صوماليلاند سفير تايوان لدي هرجيسة في 27 أكتوبر 2020 , وقبل الإعلان الرسمي عن إقامة العلاقات غرد Joseph Wu وزير خارجية تايوان علي تويتر وقال ” إن تايبيه و دولة صوماليلاند المُستقلة وقعتا اتفاقية لإنشاء مكاتب تمثيلية في أراضي كل منهما ” , ولإنهما كيانين غير مُعترف بهما من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتبعية , إلا أن ذلك لن يمنع أن يكون القاسم المُشرك بينهما الحليف الأول لتايوان وهو الولايات المتحدة , إذ أن علاقات تايوان الدبلوماسية تقلصت مع الدول الأفريقية إلي حد كبير إذ أعلنت جمهورية ساوتومي وبرنسيب في 20 ديسمبر 2016 عن قطع علاقتها الدبلوماسية بتايبيه ولم يكن ذلك إلا أحد ثمار الإستراتيجية الصينية في أفريقيا لتحقيق سياسة “صين واحدة” (هناك دولتان فقط في أفريقيا لهما علاقات دبلوماسية مع تايبيه هما بوركينافاسو وسوازيلاند) , وقد تؤدي هذه العلاقات مُستقبلاً إلي تمركز عسكري أمريكي بصوماليلاند يكون بديلاً لجيبوتي التي تبعد بمسافة 150 ميل عن عدن والتي أصبح للصين الشعبية علي أراضيها قاعدة عسكرية قوامها 10 ألآف جندي صيني لا تبعد سوي بضع كيلومترات عن القاعدة الأمريكية في Camp Lemonnierالتي تتمركز به قوة المهام المشتركة للقرن الأفريقي (CJTF-HOA) لمكافحة الإرهاب التابعة للقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM , وقد يدفع الوجود العسكري الصيني الكثيف في جيبوتي والفساد المُستشري في جيبوتي الولايات المتحدة لإيجاد بديل لتمركز عسكرييها في موقع إن لم يكن مساو لحيبوتي في الأهمية فربما يفوقها , هذا الموقع هو ميناء بربرة بصوماليلاند وهو عميق المياه قادرعلى استيعاب معظم السفن الأمريكية , وبالقرب منه أحد أطول مهابط الطائرات في إفريقيا خلال الحرب الباردة ويجدر بالذكر أن الولايات المتحدة على حافظت وجود عسكري هناك ، وكما قال أحد المسؤولين الأمريكيين في بربرة ساخرًا خلال رحلة أخيرة ” إن عقد NASA للمنشآت في المطار لا يزال ساريًا من الناحية الفنية وبالتالي يمكن لنا العودة “غدًا ” , لكن إصرار الخارجية الأمريكية علي تجنب إغضاب مقديشيو التي يخطب ودها دائماً الصينيون والروس تظل عقبة أمام تمرطز أمريكي في بربرة , لكن بقاء الوضع الصومالي سائلاً قد يُؤدي إلي تغيير النهج الأمريكي خاصة وأن جيبوتي مُعرضة تماماً لإغراءات صينية مختلفة قد تُعرض الوجود العسكري الأمريكي للإنكشاف , كما أن الأمريكيين قد يتوجهوا إلي بربرة بدلاً من جيبوتي قبل أن يتمركز بها الروس الذين وضعوا خطط إرتكاز علي البحر الأحمر في نقاط علي طول شاطئه الغربي من بينها بورسودان (بالإتفاق مع العسكريين السودانيين الجدد المُنفتحين علي الكيان الصهيوني قام وفد صهيوني بزيارة موقع للصناعات العسكرية بالسودان مُؤخراً) .
4- هناك نزاع قائم بين الصومال وصوماليلاند ( التي إستقلت عن الصومال في 18 مايو 1991 ويبلغ طول ساحلها علي البحر الأحمروخليج عدن 850 كم) علي التمثيل والتعامل في الإطارين الإقليمي والدولي مع قضية أمن البحر الأحمر ففي الرابع من ديسمبر 2020 أُعلن عن تعيين الصومال / مقديشيو ممثل خاص للقرن الأفريقي والبحر الأحمر وخليج عدن , وهو ما أعتبرته صوماليلاند تجاهلاً ومن ثم إهانة لها , إذ أصدرت وزارة خارجيتها تساءلت فيه عن كيفية تمثيل الصومال وهي لا تسيطر علي المسارين البحريين (خليج عدن والبحر الأحمر) , وأشار البيان إلي ما نصه : “إن جمهورية صوماليلاند دولة مستقلة تسيطر بشكل كامل على حدودها البرية والبحرية والجوية , وهي تقع في موقع استراتيجي في إفريقيا ولا سيما في البحر الأحمر وخليج عدن , وأن صوماليلاند لن تقبل أي تمثيل دولي لشئونها من قبل مبعوث تعينه الحكومة الصومالية” وكان رئيس صوماليلان قد صرح تعليقاً علي اجتماع سابق لوزراء خارجية الصومال وجيبوتي وإثيوبيا والسودان في جيبوتي تركزت مناقشاته على التحديات الجيوسياسية والأمنية التي تواجهها دول البحر الأحمر وخليج عدن بقوله”إن صوماليلاند لن تقبل أبدًا أن تتولى القوات الأجنبية مسؤولية الأمن في أرضنا أو بحرنا دون استشارتنا ” , وهذا التباين في موقف كل من الصومال وصوماليلاند يتيح حيزاً للصهاينة للحركة الحرة تماماً كما تفعل رزسيا حالياً التي تدخلت لأول مرة في النزاع القائم بينهما عندما دعا Vassiliy Nebenzia مندوب روسيا الدائم لدي مجلس الأمن في مستهل ديسمبر 2020 عندما دعاهما للعودة إلى طاولة النقاش والبحث عن حل وسط لخلافتهما , وأعرب عن قلق بلاده إزاء انهيار الجولة الثانية من المحادثات بين وفدي الصومال وصوماليلاند في أغسطس2020 (جرت محادثاتهما السابقة في سبع جولات على الأقل في لندن ودبي وأنقرة واسطنبول وأديس أبابا وجيبوتي ) .
5- لأن الكيان الصهيوني معني بمتابعة مخططه الإستراتيجي للقضاء علي ما له علاقة بمقتضيات الأمن القومي العربي سواء أكان هذا الأمن مُؤسساً علي أمن النظم العربية أو مُؤسساً علي أمن الشعوب إذ أن الصلة بين النظم العربية وشعوبها لم يتبق منها غير غلاف شفاف , لذا وبناء علي ذلك فالكيان الصهيوني يتعقب التحركات العربية في الصومال وجيبوتي وأرتريا للحيلولة دون تحقيق من تبقي من العرب الحادبين علي إبقاء قضية فلسطين في بؤرة نظرية أمنهم القومي لنتائج إيجابية ولو محدودة توفر بعض الأمن لهم وللقضية الفلسطينية خاصة وأنها مُتعلقة بصراعات يهتم الكيان الصهيوني بالتنسيق مع النظم العربية للإحاطة بها كالصراع الخليجي / الإيراني والصراع اليمني / الإيراني / الخليجي والصراع المصري الإثيوبي وهي صراعات شرق أوسطية إنتقلت كتلة منها لمنطقة القرن الأفريقي خاصة بالصومال , وهي لذلك صراعات يتناولها الكيان الصهيوني بغرض إعادة التدوير Recyclage وفي الإتجاه الذي يعزز نظرية الأمن الصهيونية , ومن هنا كانت نداءات الصهاينة لتشكيل تحاف عسكري وأمني صهيوني / عربي لم تتحقق إلا مكتبياً حتي الآن , ومن ثم فإن الإقتراب ثم الولوج الصهيوني في هرجيسة بصوماليلاند وبالتبعية في مقديشيو بجمهورية الصومال الفيدرالية وفي Garowe عاصمة بونت لاند يمثل ضرورة أمنية صهيونية يجب تحقيقها في توقيت لا يبتعد زمنياً عن الوقت الحالي الذي يشن فيه الصهاينة حملات التطبيع مع دول عربية مُتخليه أو يمكنها أن تتخلي عن ثوابت الصراع العربي / الصهيوني قبل تولي الإدارة الديموقراطية بقيادة Joe Biden لرئاسة الولايات المتحدة في 20 يناير 2021 .
6- يتزامن الإقتراب المتوقع للكيان الصهيوني من الصومال بوحداته الثلاث مع قرار إتخذته إدارة الرئيس الأمريكيDonald Trump يقضي بسحب ما لا يقل عن 700 عسكري أمريكي من الصومال مهمتهم محاربة الإرهاب بالصومال أو counterterrorism وفقاً للإصطلاح المُستخدم بإفراط من قبل الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين والإقليميين خاصة تنظيم “الشباب الصومالي” المُعارض للوجود الأمريكي وغيره بالصومال التي شنت القيادة العسكرية الأمريكية عليها 63 غارةعلي مدي عام 2019فقط , وسيمثل هذا الإنسحاب ضغطاً علي لواء الكوماندوز المتخصص التابع لحكومة مقديشيو (Danab Brigade) والذي تولت القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM إنشاؤه ليكون ظهيراً وقوة رئيسية في القتال لاستعادة الأراضي التي تسيطر عليها حركة الشباب الصومالي , وسيكون علي عاتق هذا اللواء والحالة هذه مواصلة ما كانت العسكرية الأمريكية تفعله لكنه في الغالب ولأسباب مختلفة سيكون أداءه مختلفاً عن الأداء الأمريكي علي الأقل لكون عناصره جزء من اللحمة الصومالية , ومع ذلك ستُبقي الإدارة الأمريكية علي وجودها العسكري في جيبوتي المُجاورة كما هو بمنطقة Camp Lemonnier , فبها القاعدة الأمريكية وبها قاعدة فرعية لإطلاق الطائرات المُسيرة drones بإتجاه الصومال , وبالتالي فسيفقد الكيان الصهيوني إلي حد ما الحليف الأمريكي أو الظل الأمريكي الكثيف بالصومال والحالة هذه خاصة وأن المعلومات الإستخباراتية ستتقلص إثر هذا الإنسحاب , لكن ذلك الوضع بالرغم من كونه عامل سلبي لكنه أيضاً مبرر قوي للتقدم الصهيوني بإتجاه الصومال خاصة وأن الأمريكيين عملوا خلال الفترات الماضية علي تخليق كيانات وشخصيات سياسية وإقتصادية موالية لهم قادرة إلي حد ما علي تحقيق المصالح الأمريكية والصهيونية فهي شخصيات لا تعتنق إلا الهوية المصلحية فقط (أُعلن في 26 نوفمبر 2020 عن مصرع أمريكي يُدعي Michael Goodboeيعمل لصالح وكالة المخابرات المركزية CIA بالعاصمة مقديشيو بواسطة تنظيم الشباب الصومالي) , وقد تبقي منفذ أمريكي واحد يمكن للصهاينة حتي بدون حاجة للقدوم إلي الصومال سافرين الإستعانة به في عمليات إختراق المجتمع السياسي والإقتصادي الصومالي , هذا المنفذ هو البعثة الدبلوماسية الأمريكية التي أقامتها الولايات المتحدة بالصومال عام 2018 بعد 30 عاماً وهو أمر إعتاد الكيان الصهيوني عليه بتنسيق مع الأمريكيين فعندما كنت أعمل بالسفارة المصرية في غينيا / كوناكري عام 1985 إكتشفت أن دبلوماسي صهيوني يتولي منصب القائم بالأعمال في السفارة السويسرية بكوناكري وهذا الدبلوماسي نفسه ويدعي حايين هراراري كان يخدم بسفارة الكيان الصهيوني بكوناكري قبل أن يقرر الرئيس الغيني سيكوتوري قطع علاقات بلاده بالصهاينة وطرد السفير الصهيوني شلومو هليل (تولي رئاسة الكنيست فيما بعد)وأعضاء سفارته بسبب حرب يونيو 1967, فالعلاقات الصهيونية بالغرب مهما كان كلام الغرب ناعماً علاقات أشقاء حميمين .
مثل قرار إدارة الرئيس Trump بالإنسحاب العسكري الأمريكي شبه الكامل من الصومال ما يمكن وصفه بالفرصة السانحة لصوماليلاند , إذ أشارموقع Geeska Afrika Online نقلاً عن نشرة إخبارية صادرة عن Pentagon “وزارة الدفاع الأمريكية” أن رئيس صوماليلاند موسى بيهي يُفضل الحفاظ على علاقة بالبنتاجون ويُرحب بوجود القوات الأمريكية في صوماليلاند خاصة موانئ بربرة و زيلع , وأن وزير خارجية صوماليلاند البروفيسور ياسين فاراتون قال ” إن نوايا الولايات المتحدة لسحب قواتها من الصومال إشارة قوية إلى منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر” , ومن ثم فهذا الترحيب من صوماليلاند يعني أن الباب الذي يمكن أن تدخل منه القوي الدولية للتواجد في صوماليلاند يتسع لدخول الصهاينة أيضاً , ولقد تزامن مع القرار الأمريكي قرار إماراتي آخر بالإنسحاب من مقديشيو وإنهاء مهمة التدريب العسكري التي تتولاها هناك ففي 25 نوفمبر 2020 أعلنت الإمارات إنها ستنهي مهمتها التدريبية العسكرية في الصومال وهي المهمة التي بدأت عام 2014 , وذلك بعد حادث تعرض فيه جنودها للاعتداء والاستيلاء على 9.6 مليون دولار في مطار في مقديشو , لم يعلق المسؤولين الصوماليين على القرار الإماراتي , لكن مسؤولين آخرين أكدوا إنهاء تمويل الإمارات لقوات الصومال المسلحة , ومع أن علاقات الإمارات بالصومال في شقها العسكري إستمرت مُحاطة بتوترات بسبب الأزمة الدبلوماسية المستمرة التاتجة عن موقف الصومال المُحايد من الأزمة الخليجية والحصار الرباعي لقطر, إلا أن الإمارات ربما بتنسيق مع العسكرية الأمريكية ظلت مُحافظة علي مهمتها بالصومال بالرغم من هذا , ومن الواضح أن الإمارات ستركز مُستقبلاً (بالتنسيق مع الأمريكيين والصهاينة ) في تكثيف تواجدها في صوماليلاند فشركة موانئ دبي العالمية المملوكة لدبي تقوم بتشغيل ميناء بربرة الرئيسي في صوماليلاند وهو إتفاق رفضته جمهورية الصومال ودعت الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراء بشأنه ففي كلمة له أمام مجلس الأمن الدولي في مارس 2018 أشارأبوبكار عثمان سفير الصومال لدى الأمم المتحدة “إن الاتفاق بين أرض الصومال والإمارات العربية المتحدة لإنشاء قاعدة في بربرة انتهاك واضح للقانون الدولي”, وتخطط الإمارات لافتتاح قاعدة عسكرية هناك أيضاً وبشأنها صوت برلمان صوماليلاند في فبراير 2017 على منح دولة الإمارات العربية المتحدة قاعدة عسكرية وبحرية فيها , وهناك دعوات إماراتية وُجهت لمسؤولي صوماليلاند لزيارة الإمارات التي أصبح تنسيق حركتها في القرن الأفريقي مُتوائم مع الحركة الصهيونية بل يمكن القول بأن هناك ثمة إرتباط شرطي بين حركة كليهما في الصومال بوحداته الثلاث , وما يزال المسئوليين في صوماليلاند يرون أن وجود الإمارات العربية علي أراضيهم مُفيداً ويُحقق الأمن والإستقرار , ولما كان المستقبل مُفعماً بتوقعات مختلفة عن إنفتاح أكبر لصوماليلاند أمام الإماراتيين بعد تقليص الوجود العسكري والإماراتي في مقديشيو لذا ستكون هناك فرص سانحة للإختراق الصهيوني لصوماليلاند من الوجود والنفوذ الإماراتي في صوماليلاند خاصة بعد توقيع وبسبب إتفاق التطبيع بين الإمارات والصهاينة في13 أغسطس 2020 , وبالرغم من الإعلان المُفاجئ في 19 مارس 2020 عن تعليق شركة طيران FlyDuba لرحلاتها الأسبوعية الأربع من وإلى مطار Egal الدولي في هرجيسة تطبيقاً لتعليمات منظمة الصحة العالمية عن وباء كورونا , وهي الرحلات التي ظلت مُنتظمة علي الرغم من رفض سلطات جمهورية الصومال الفيدرالية لها , إلا أن الأمارات أصرت علي تسييرها لتقوية وتعزيز إرتباطاتها بصوماليلاند , وكلما تعزز الوجود الإماراتي في صوماليلاند زادت فرص الصهاينة في الإقتراب من وربما السيطرة مُستقبلاً في مدخل البحر الأحمر أي في مضيق باب المندب الذي يمر ما نسبته 30% من مجمل النفط الخام العالمي منه , خاصة وأن موقف جيبوتي من القضية الفلسطينية مازال صلباً بالرغم من حالة الهوان العربي فوزيرخارجية جيبوتي دعا في 29 يناير 2015 أمام الإجتماع الوزاري المُغلق لوزراء خارجية الإتحاد الأفريقي إلي إتخاذ قرارات قوية وواضحة لصالح القضية الفلسطينية , وهو قول تخلي كثير من وزراء الخارجية العرب عن مجرد قوله ناهيك عن تطبيقه .
7- تباعد المسافة نحو إعادة توحيد الصومال بل إنسداد القنوات المؤدية إلي ذلك وهو ما يوفر للقوي الدولية والإقليمية المناوئة لإعادة توحيد الصومال وفي مُقدمتهم الكيان الصهيوني وإثيوبيا حيزاً للتعامل مع كيانة تضعف أو هي ضعيفة بالفعل , ومن بين مظاهر ذلك :
– إستمرار تشبث صوماليلاند بالإنفصال عن جمهورية الصومال الفيدرالية بل والتطلع صوب الإستقلال وهو ما عبر عنه رئيس صوماليلاند Musa Bihi Abdi بمنحه العفو عن Mohamed Omar Arteh نائب رئيس وزراء الصومال السابق بعدما أعلن عن نبذه وتنكره لعقيدة الصومال الكبري ووحدة أراضي الصومال .
– في ختام إجتماع في 17 سبتمبر 2020 عُقد في الفترة من 14 إلي 17 سبتمبر 2020 بين الرئيس الفيدرالي الصومالي محمد عبد الله فرماجو ورؤساء دولتيه الإقليميتين (بونت لاند وصوماليلاند) اتخذ المؤتمرون قرارًا بشأن القضايا الحاسمة لسلامة وسيادة وتاريخ صوماليلاند , وقد مارس فيه الشركاء الدوليون ولا سيما سفارة الولايات المتحدة في مقديشو ضغوطًا كبيرة على فرماجو ورؤساء الأعضاء الفيدراليين لاتخاذ قرار بشأن المسائل الانتخابية الرئيسية الواردة في البيان الذي تم التوصل إليه في نهاية الاجتماع يلغي غالبية القرارات التي تم التوصل إليها والتي يبدو أنه قد تم إملاءها من قبل رئيسي Pontland و Jubaland ، اللذين هددا بالمقاطعة إذا لم يتم قبول مقترحاتهم , وقد قاطعت صوماليلاند هذا الإجتماع , إذ لم تُعلن حكومة صوماليلاند عن أي اتصال مع الشركاء الدوليين أثناءه أو بعد انتهائه .
– إستمرار حالة عدم الإستقرار في Puntland (دولة حكم ذاتي Autonomous State أعلنت عام 1998في إطارجمهورية الصومال الفيدرالية) , وهو وضع مختلف عن وضع صوماليلاند المُستقلة إستقلالاً تاماً عن جمهورية الصومال والمُستقرة سياسياً والتي نظمت إنتخابات مختلفة رئاسية وبرلمانية تميزت بالشفافية إلي حد بعيد , ويمكن القول بأن Puntland وحدة سياسية صومالية تعاني من المشاكل الإقتصادية المزمنة آخرها مشكلة التمرد الذي أعلنه عشرات من الجنود في شمال شرق Puntland في أكتوبر 2020 إحتجاجاً على تأخر دفع الرواتب فضلا عن ظروف العمل السيئة , مما دفع بهم للإستيلاء على مجمع وزارة الثروة السمكية في بلدة Bosaso , وفي العام الماضي سيطر الجنود على البنك المركزي ومجلس المنطقة في جاروي احتجاجًا على نقص المدفوعات , علاوة علي تواجد مقاتلي تنظيم الشباب الصومالي وداعش في جبال جلجالة في Puntland على مدى السنوات الثلاث الماضية , وفي 25 أكتوبر 2020 أعلنت قوات الأمن في Puntland أنها استولت على قوارب تحمل أسلحة في عملية بحرية وأوضحت أن الهدف من العملية هو مواجهة الجماعات التي تسعى إلى تهريب أسلحة بشكل غير قانوني من السواحل , وقد استولت القوات سابقاً على قوارب مماثلة قادمة من اليمن كانت تحمل أسلحة ثقيلة مُعدة لمتمردي حركة الشباب المرتبطين بالقاعدة ، قالت قوات الأمن في Puntland إنها استولت على قوارب مماثلة قادمة من اليمن كانت تحمل أسلحة ثقيلة معدة لمتمردي حركة الشباب المرتبطين بالقاعدة , كذلك نُشر في 9 ديسمبر 2020 أن مسلحو تنظيم الشباب الصومالي قاموا بتهريب أسلحة خفيفة من اليمن إلى جبال Madow في Puntlandشمال شرق الصومال , وأن اشتبكات جرت بين مسلحي الشباب وقوات أمن Puntland في منطقة Mudug في أواخر نوفمبر2020 , كذلك نُشر في 9 ديسمبر 2020 أن تنظيم الشباب سيطر علي قرية Milxo الواقعة بين Las Qoray و Durduriبالولاية الساحلية الخاضعة لـ Puntland , وقياساً علي هذه الأوضاع غير المُستقرة في Puntlandالمُرتبطة بحكومة مقديشيو تُعد صوماليلاند مُستقرة سياسياً وإقتصادياً إلي حد كبير خاصة مع الإستثمارات الإماراتية التي سيُوجه قسم كبير منها لتطوير ميناء بربرة الذي أعلن في في 9 ديسمبر أن شركة Trafigura السويسرية وقعت عقداً مع صوماليلاند لتحديث البنية الأساسية به لزيادة سعته التخزينية مما يتيح إستقبال سفن أكبر به , وكل ذلك في إطار منافسة لميناء جيبوتي ومن بين المُستفيدين من هذه الإستثمارات إثيوبيا (منذ 1 يوليو2020 حصلت شركة Trafigura على عقد توريد سنوي من شركة توريد البترول الإثيوبية (EPSE) التي توفر 60٪ من البنزين المباع في إثيوبيا و 50٪ من الديزل و 25٪ من وقود الطائرات , علماً بأنه في عام 2019 قُدرت احتياجات إثيوبيا من النفط والغاز بنحو4.1 مليون طن أي ما يعادل 2.8 مليار دولار) , كما يوفر كل ذلك يوفر للكيان الصهيوني فرص تجارية يمكنه إستغلالها خاصة وأن هناك علاقة الإرتباط ما بين مضيق باب المندب وإستقرار وتنمية ميناء إيلات علي خليج العقبة , وبالتالي فصوماليلاند تعد نسبياً هدفاً سهلاً للكيان الصهيوني إذ أنه بالإضافة للأوضاع الأمنية غير المُستقرة بها تقف العلاقات المُتميزة لقطر وتركيا مع مقديشيو حائلاً يحول دون تقدم الكيان الصهيوني كثيراً داخل الصومال / مقديشيو , ومما يؤكد ذلك ما نشرته وسائل الإعلام الصهيونية في أبريل 2019 عن القرار الذي إتخذته حكومة مقديشيو بطرد الدبلوماسي الصومالي البارزعبد الله دول من الخدمة بسبب تصريحاته الداعية لإقامة علاقات مع الكيان الصهيونية مما دعاه للهرب خارج بلاده , وهو من نقلت عنه صحيفة THE TIMES of ISRAEL في 17 أبريل 2019 قوله ” أنا مقتنع بأن إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني ستكون في مصلحتنا المشتركة , أحد الأسباب التي تدفعنا إلى إقامة علاقات مع الكيان الصهيوني عاجلاً وليس آجلاً هو إنهاء حرب المتطرفين التي تُشن ضد شعبنا بشكل يومي , يجب أن ينتهي إراقة دماء شعبنا عاجلاً وليس آجلاً وسنحتاج إلى كل المساعدة التي يمكننا الحصول عليها لتحقيق هذا الهدف , الكيان الصهيوني والصومال لم تربطهما علاقات دبلوماسية أبدًا علي الرغم من أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التقى سراً بالرئيس آنذاك حسن شيخ محمود في عام 2016, وقد زادت الدولة اليهودية في السنوات الأخيرة من تواصلها مع دول أفريقية ذات أغلبية مسلمة كثير منها مهتم بخبرة الصهاينة في محاربة الإرهاب الإسلامي ذلك التحدي الذي تعرفه الصومال جيداً ” .
– توقيع الإمارات – موانئ دبي العالمية – وإثيوبيا وحكومة صوماليلاند (غير المُعترف بها دولياً ولا من قبل حكومة مقديشيو) في مارس 2018علي إتفاق بموجبه تكون لشركة موانئ دبي العالمية 51٪ من أسهم مشروع تحديث ميناء بربرة الواقع عند مدخل مضيق باب المندب رابع أهم مضيق بحري بالعالم , ولصوماليلاند 30٪ و لإثيوبيا 19٪ وتخطط موانئ دبي العالمية لاستثمار 442 مليون دولار لمشروع التحديث الذي يتضمن بناء أول توسعة بمساحة 400 م في أكتوبر 2018 ويستمر لمدة 24 شهرًا , وإقامة منطقة حرة تقع على بعد 15 كم من الميناء ومن المفترض أن تكتمل في نفس الوقت , وهناك صلة لاشك في أهميتها وخطورتها تُجبر الكيان الصهيوني علي متابعة هذا المشروع إذ أن له تأثيرين مباشرين أولهما علي أي خطط مستقبلية ترمي إلي تطوير ميناء إيلات الصهيوني الواقع علي خليج العقبة بالبحر الأحمر وكذلك علي مشروع صهيوني آخر مُتعلق بإقامة سكك حديدية تربط موانئ دول الخليج العربي بميناء حيفا الصهيوني علي البحر المتوسط والتأثير سيكون علي ربحية أو rentabilité المشروعن الصهيونيين , ومن وجهة نظر صوماليلاند فإن مشروع توسعة وتحديث ميناء بربرة هو بالضبط وعلي التوازي مشروع لتوسعة الإعتراف الدولي بصوماليلاند ذاتها وإبتعاداً مُبرراً عن الحوار الجاري مع مقديشيو (التي رفضت التماهي مع الحصار الرباعي علي قطر) وكل من Pontland و Jubaland لإستعادة الوحدة أو علي الأقل الإتفاق علي صيغة ما للوحدة ، وترقية لأهمية موقعها الإستراتيجي الواقع أما ثلاث بؤر للصراع الدولي والإقليمي أولهما بالخليج العربي حيث يدور الصراع الأمريكي / الخليجي / الإيراني وثانيها باليمن حيث الصراع الإماراتي / السعودي / الإيراني فاليمن واقع علي بعد كيلومترات قليلة من بربرة بصوماليلاند وثالثها الصراع الدائر منذ بداية الصراع العربي / الصهيوني في البحر الأحمر الذي كان في بدايته بحيرة عربية إنتهي لأن يكون بعد سلسلة الإتفاقيات السلام العربية والتي آخرها بين الإمارات والصهاينة ليكون بحيرة صهيونية / عربية , ويُتوقع بعد الإنهيار الكلي المتوقع للنظم العربية وعقيدتها العسكرية غير الواضحة وإستمرار تفكك الصومال يُتوقع أن يكون البحر الأحمر تحت سيطرة الكيان الصهيوني ومن المُتصور إذا أخذنا في الإعتبار الطفرة الحالية في علاقات الإمارات بالكيان الصهيوني ومشروع خط سكك حديد الخليج – حيقا من المُتصور أن تقوم الإمارات بدور داعم للكيان الصهيوني في تأسيس علاقاته الدبلوماسية الكاملة مع صوماليلاند نظراً للتدفقات التمويلية الإماراتية في صوماليلاند , فعلي مصر أن تفترض أن الإمارات تقوم بدور تخريبي للأمن القومي المصري أحد مظاهره الحركة الإماراتية المُضادة للمصالح المصرية في عموم القرن الأفريقي حتي وفقاً لمفهومه الأمريكي Grater Horn of Africa فليست الأمارات إلا أحد التراجم للنسخة الصهيونية ولابد أن تُقرأ سياسة الإمارات علي هذا النحو , وبالتالي فالإتفاق الثلاثي المُشار إليه له وجه سياسي إستراتيجي إذ أنه سيمنح إثيوبيا منفذا تتنفس منه تجارتها التي قبل إتفاق بربرة تمر 95% من تجارتها عبر جيبوتي , وسيمنح الصهاينة لاحقاً عبر الإمارات وصولاً وربطاً بين بربرة وإيلات وإلا أضيرت إيلات وهذا ما لا ترضاه الإمارات للصهاينة .
– مازال موقف صوماليلاند ثابتاً إزاء قضية إعادة توحيد الصومال , ففي القمة التي عُقدت في جيبوتي في 15 يونيو 2020 وضمت كل من رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية Mohamed Farmajo ورئيس صوماليلاند Muse Bihi أعاد كل طرف منهما دعاواه وقد أكد رئيس صوماليلاند خلال القمة وبوضوح أن السلام لن يكون ممكنًا إلا إذا اعترفت مقديشو باستقلال هرجيسة , ويعتقد بعض المُراقبون بأن هناك إمكانية على المدى الطويل للتوصل إلي حل وسط بشأن إعادة الوحدة مع الصومال , بالإضافة إلي ذلك أصدرت وزارة الخارجية صوماليلاند في 23 سبتمبر 2020 بياناً وجهته إلي الشركاء الدوليين وللمجتمع الدولي بشأن الإنتخابات المُزمع تنظيمها في عموم الصومال عام 2021 تضمن : “أن الانتخابات المقبلة لا علاقة لها بصوماليلاند , وأن صوماليلاند دولة ذات سيادة ولديها انتخابات ديمقراطية يشارك في الشعب في عملية صنع القرار من خلال انتخاب ممثليهم وأعضاء مجلس المدينة والرئيس ” , وعلاوة علي ذلك فما زال مسئولي صوماليلاند يكررون التصريحات السلبية إزاء مبدأ وحدة أراضي الصومال ككل منها : أن صوماليلاند خالية من أنشطة تنظيم الشباب الصومالي المناوئ للوجود العسكري الأمريكي والغربي عموماً بالصومال وكذا أنشطة القراصنة , كما أنهم دأبوا علي الإعلان عن ترحيبهم بإستمرار تجديد مجلس الأمن الدولي في نوفمبر 2018 لقراره القاضي بحظر السلاح عن جمهورية الصومال لأنها – كما يري هؤلاء – لا سلطة ولا قدرة لها علي السيطرة علي خطر وصول هذه الأسلحة لأياد خارج سلطة الحكومة , كذلك هناك تصريحات أخري غاضبة في صوماليلاند تدعو إلي : “تعليق جميع المحادثات مع الصومال الفيدرالية طالما أن الصومال تدعي أن الأعضاء المنحدرين من صوماليلاند في البرلمان والحكومة والقضاء يمثلون جمهورية صوماليلاند , إذ أن هذا يعني أن جمهورية صوماليلاند غير موجودة وأنها لا تزال جزءًا من الصومال , ولهذا فهناك حاجة لقوانين جديدة لمواجهة التخريب السياسي للصومال ضد صوماليلاند في جميع المجالات اللازمة لحماية والدفاع عن صوماليلاند والقضاء على جميع التأثيرات العدائية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ” .
تلعب إثيوبيا دوراً مشكوك فيه بقوة وفي شفافيته فيما يتعلق بالصومال سواء علي صعيد إستعادة وحدته أو التعامل علي حدة مع وحداته الثلاث : الصومال الفيدرالية وصوماليلاند وPuntland , فخلافاً لحالة الدبلوماسية المصرية تعتمد إثيوبية سياسة شديدة المرونة مع القضية الصومالية فتتعامل مع وحدات الصومال الثلاث وكأنها وحدة مُستقلة عن الأخريين , ففي زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي Abiy Ahmed لمقديشيو في 16 يونيو 2018 تناول مع الرئيس الصومالي Mohamed Abdullahi Farmaajo التعاون في كافة المجالات ومنها تنمية البني التحتية وشق الطرق لربط البلدين والموانئ , والسبب واضح من وراء هذه السياسة فهو الأطماع التاريخية لإثيوبيا في الصومال إذ سبق وأن إبتلعت إثيوبيا الأوجادين وزادت أطماعها حدة بعد إنسلاخ وإستقلال أرتريا عنها عام 1993 وإفتقاد إثيوبيا للوصول إلي موانئ عصب ومصوع علي البحر الأحمر , ولهذا تعد إثيوبيا خصماً إن لم تكن عدواً مُستتراً للصومال بوحداته الثلاث ومن بين أهم المخاطر الإثيوبية الهجرة الإثيوبية لهذه الوحدات الثلاث فإثوبيا بها 100 مليون نسمة يمكنهم إبتلاع 15 مليون نسمة يعيشون في الصومال وتغيير التركيبة السكانية لصالح إثيوبيا إن تحقق ذلك في ظل إستمرار ضعف الصومال ككل , ولا يقل الكيان الصهيوني خطراً علي الصومال فالصهاينة يستهدفون موانئ الصومال كلها من مقديشيو حتي بربرة وهو نفس الهدف الإثيوبي والإماراتي وكل من هناك وراءه إستراتيجية خاصة به , وما الدور الإثيوبي المُتعاون مع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في الصومال إلا أحد أوضح مظاهر تخريب الصومال مهما تشدق البعض والآخرون بمتلازمة الإرهاب والتنمية , ولهذا فلا يمكن تجنب المشاركة والتنسيق الإثيوبي علي الصعيدين العسكري والمخابراتي مع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM , ومنذ أن قررت إدارة الرئيس TRUMP وضع مقاربة جديدة للصومال بعودة العسكرية الأمريكية إلي أراضي هذه الدولة التي لا يُراد لها وجوداً لأسباب أخطرها ما يتعلق برؤية إدارة الرئيس TRUMP للإسلام السياسي التي لا تختلف عن رؤية الإدارات السابقة إلا في درجة الوضوح والميل المُميز للعدوانية , لذلك أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا في 14 أبريل 2017 عن إرسال 40 عسكرياً من اللواء 101المحمول جواً للصومال “لمساعدة الجيش الصومالي الحكومي علي القتال بشكل أفضل ضد عناصر حركة الشباب”, لكن الأمور لا تُفهم هكذا , فتطور المعارك جراء الأزمة اليمنية بسبب الدعم والوصول العسكري والسياسي الإيراني دعي الولايات المتحدة و الدول المُتفاهمة معها بالشرق الأوسط إلي تكوين تحالف شرق أوسطي يغطي منطقة متسعة إنتشرت علي أراضيها قواعد عسكرية منها صوماليلاند وأرتريا بهدف مواجهة إيران والإرهاب وهو ما لم يحدث في حالة الحرب العراقية الإيرانية التي إمتدت لثماني سنوات , ولما كانت العلاقات الأرترية / الأمريكية لا تسمح بتأسيس قواعد أمريكية علي الأراضي الأرترية فقد تُرك أمر تأسيسها للدول العربية الموالية للولايات المتحدةوالتي سيتكون منها التحالف الشرق أوسطي وذلك في ميناء عصب الأرتري (الإمارات) وجزيرة نورا الأرترية (المحاولة المصرية التي أخفقت) , وقد نجحت الإمارات في SOMALILAND فأقامت قاعدة بميناء بربرة جنباً إلي جنب مع عودة الثقل العسكري الأمريكي للصومال بعدما أعطي الرئيس الأمريكي مؤخراً للقيادة العسكرية الأفريقية AFRICOM حرية عمل أوسع مدي في تنفيذ عمليات عسكرية بالصومال ضد حركة الشباب , وهو بالطبع يدرك أن العمليات العسكرية مختلفة كلية عن العمليات العسكرية الجراحية السابقة , فالعمليات والضربات الجوية الأمريكية الحالية لا تميز بين عسكري أو مدني ولا يعني الإدارة الأمريكية هذا التمييز فالمهم النتائج في النهاية , ومن ثم فالولايات المتحدة كفرنسا في عملية SERVAL التي نفذتها في شمال مالي في نهاية 2013 ضد جماعة أنصار الدين المقاومة نتج عنها ضحايا بالمئات من المدنيين الماليين , لكن هؤلاء الضحايا لم يكونوا ممن إنتخبوا ساركوزي لذا فأمرهم لا يعني فرنسا بل يزيدها شرف “مزعوم” فمصرعهم قربان للعسكرية والديموقراطية الفرنسية تماماً كما فعل TRUMP وزمرة العسكريين في AFRICOM في الصومال بمشاركة عربية للأسف تحت فرية الإرهاب التي يبصقونها يومياً عبر إعلامهم المُدرب علي الكذب , وها هو يقرر تخفيض قواته بالصومال بزعم دواعي الميزانية بينما الحقيقة هي إصرار من يدافع عن بلاده ممن يُتهموا بالإرهاب علي تنظيف أرضه من رجس الوجود الأجنبي .
بالنسبة للكيان الصهيوني فمن الممكن بسهولة تصور الحافز (أو الحوافز) التي يمكنه بها الولوج إلي صوماليلاند , فبإعتبار أن قضية الإعتراف بهذا الجزء من الصومال هي القضية المركزية في الإتصالات الخارجية لصوماليلاند وله مردود لاشك فيه علي الداخل المُتعطش للمساعدات الخارجية المُتوقف معظمها بسبب إفتقاد الشخصية الدولية للدولة , لذا فالكيان الصهيوني سيعرض علي صوماليلاند تحقيق الإعتراف الدولي بها من خلال الولايات المتحدة كما فعل مع المغرب مؤخراً (الذي أصبح بفضل قصور الرؤيىة لدي حاكمه مُساو رغم تاريخه العريق كدولة تحكمت وسيطرت بسياستها الخارجية وقوتها الذاتية علي محيط مُتسع خارجها) إذ إعترفت الولايات المتحدة بمغربية الصحراء مقايضة بموقفها الثابت من القضية الفلسطينية وكأن فلسطين تحولت إلي عملة في يد العرب (مسخرة) وبالتالي فسيعرض الكيان الصهيوني تحقيق الإعتراف بصوماليلاند الذي رحب بعض مسئولييه علانية بإتفاقيات التطبيع الصهيوني مع أذلاء العرب وكذلك فسيعرض الكيان الصهيوني علي صوماليلاند خبراته في كيفية التعاطي مع العزلة الدولية بإعتبار أن الصهاينة منذ إعلان قيام كيانهم خاضوا غمار هذه العزلة وهذا الكيان كان حالة إستثنائية في تجربة العزلة الدولية تلك , ومما يجب وضعه في الإعتبار إن تحقق ولوج صهيوني في أحد أجزاء الصومال أن يكون هناك تعاون وتنسيق تخريبي صهيوني / إثيوبي هناك مهما ردد كلاهما كلاماً مراوغاً عن التنمية والعلاقات الثنائية ألخ .
نــــتـــيـــجــــة :
إن الإقتراح الذي قدمه في 4 يوليو 2023 للبرلمان البريطاني السير Gavin WilliaGavin Williamsonmson وزير الحكومة السابق في حزب المحافظين للإعتراف بجمهورية أرض الصومال مُتذرعاً بحالة الجمود الدبلوماسي الذي أبقى الدولة الواقعة في شرق إفريقيا وبغض النظر عن كونه مُبرراً واهياً مُصطنعاً إلا أن إختلاقه يعكس النوايا الحقيقية لبريطانيا وحلفاءها في NATO الذين يدركون الآن وخاصة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها الدولية ومبادرة الحزام والطريق الصينية أكثر من أي وقت مضي تلك الأهمية المتنامية لموانئ صوماليلاند علي مدخل خليج عدن أي زيلع وبربرة وهما محطتان هامتان ليس للبحر الأحمر فقط بل للتحركات البحرية لبحرية دول حلف شمال الأطلنطي NATO في نطاقه الأوسع مدي أي في المحيط الهندي , وهناك إحتمال بأن التحرك البريطاني للإعتراف بصوماليلاند الآن مرجعه تحرك صيني أو روسي أو هما معاً نحو صوماليلاند لإنشاء قاعدة بحرية صينية في زيلع أو بربرة أو أي موضع آخر داخل صوماليلاند فهناك تنافس أمريكي مع كل من الصين وروسيا علي سيادة بحرية في المحيطين المُتداخلين أي المحيط الهندي والمحيط الهادئ مما يُلزم بريطانيا ودول NATO بتحرك إستباقي في هذا الأمر فقد سبق وأنتزعت الصين قاعدة بحرية لها في جيبوتي المُجاورة , وحالة صوماليلاند تترجم مفهوم التنسيق والتداخل بين مهام القيادات العسكرية الأمريكية الثلاث أي القيادة العسكرية الأفريقية AFRICOM والقيادة الأمريكية العسكرية الباسيفيكية USPACOM والقيادة الأمريكية العسكرية المركزية USCENTCOM وصوماليلاند بهذه الكيفية تُعد أحد المواضع الإستراتيجية التي علي العسكرية الأمريكية أن تطبق فيها مفهومي التنسيق والتداخل بين القيادات العسكرية الأمريكية .
لإن العلاقة بين صوماليلاند والأمم المتحدة ليس منتجة أو إيجابية فسيظل أي تقدم في الوضعية الدولية لصوماليلاند رهن بإتصالاتها الثنائية هذا بالتوازي مع جمود جهود الإتحاد الأفريقي الذي لم يستطع إنتشال صوماليلاند من وهدة الإنقسام الذي وقع فيه عموم الصومال بوحداته الثلاث فكيف يستطيع الإتحاد الأفريقي الإقدام علي فعل إيجابي في ملف إعادة توحيد الصومال وهو مُنظمة ضعيفة مترهلة لم تسجل نجاح يُذكر إلا في ملفات قليلة جداًثم أن مقر منظمة الإتحادالأفريقي في أديس أبابا التي لديها من الأطماع في الصومال كله ما يكفي لجعل إنقسامه سرمدياً أبدياً وهو وضع تستفيد منه قوي عدة كالولايات المتحدو والصين والإمارات العربية المتحدة , أما مصر التي كان لها جهدها الإصيل في معركة إستقلال الصومال في ستينات القرن الماضي فهي أعني عسكريتها ستكون أكبر من سيُضار من سيطرة الكيان الصهيوني علي البحر الأحمر الذي يتقدم بخطي مدروسة نحو صوماليلاند وموانئها وموانئ Puntland والصومال الفيدرالي (مقديشيو) وأول وأخطرأوجه الضرر ستكون تقلص مساحة المناورة وحريتها أمام البحرية المصرية (والإيرانية بدرجة ما في ضوء الإرتباط بين مضيقي هرمز وباب المندب في عمليات تصريف بترول الخليج) بالبحر الأحمر مع تنامي التعاون العسكري عموماً والبحري الإثيوبي / الصهيوني خاصة ومع القيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM إنطلاقاً من جيبوتي ووحدات الصومال الثلاث علماً بأن مصر لا تعتبرها العسكرية الأمريكية وفقاً لمنطوق إنشاءها داخل ولاية عمل AFRICOM فمصر وبالتالي العسكرية المصرية تحت ولاية عمل القيادة العسكرية المركزية الأمريكية CENTCOM , وللأسف فقد سبق أن رفضت حكومة صوماليلاند طلباً مصرياً بإقامة قاعدة بحرية مصرية بها خشية من البأس الإثيوبي لأن هذه القاعدة ستكون واجهة مصرية منقدمة تهدد سد النهضة الإثيوبيGERD الذي يهدد أمن مصر القومي في شقه المائي .
الـــــســـــفـــــيــــر : بــــــلال الــمـــصـــري –
جصريا المركز الديمقراطي العربي – الـــقـــاهــــرة تــحــريـــراً في 26 يوليو 2023