البيوع البحرية الدولية
اعداد: سارة محمد سالم – باحثة في العلاقات الدولية والسياسية
- المركز الديمقراطي العربي
ان البيوع البحرية هي نوع خاص من بين البيوع الدولية حيث تحتل حيزاً مهما داخل النشاط التجاري الدولي في الاونه المعاصرة، حيث أن التبادل السلعي على جانب الاستيراد والتصدير نجده يرتبط غالبا بهذه البيوع. والبيوع البحرية تكون عبارة عن العقود التجارية من بين تلك الطبيعة القانونية الخاصة، حيث يرجع محلها الى أموال منقولة ” بين بضائع وسلع ” حيث يتم نقلها عن طريق البحر من البائع للمشتري حيث يدخل من بينها ” العقود ” وهي تلك الطريقة التي تنقل من بينها هذه الأموال . حيث لا يعتبر البيع من ضمن البيوع البحرية في حالة ما واجه طرفاه العقد لنقل البضاعة المباعة من جهه البحر . كما يتم إبرام هذه العقود من بين المؤسسات التجارية أو الأشخاص التابعين الى الدول المتباعدة عن بعضها، ويكون بسبب المجال البحري والذي يفصل بينها.
ومن ناحية اخرى فان البيوع البحرية عرفت منذ ظهورها داخل الحياة التجارية والقانونية ايضا بعدة مراحل تطور كثيرة. كما حظيت ايضا وعلى مدار الوقت بعناية كبيرة داخل المؤسسات التجارية والقانونية ايضا، من اجل تنظيمها دولياً. ولذلك ومن اجل ايضا استيعاب الواقع الحالي لتلك البيوع فاننا نعرض فيما يلي تلك التطورات التي مرت بها، والجهود القانونية التي بذلت ايضا لتنظيمها على المستوى الدولي.
تكمن مشكلة البحث هنا في تناول موضوع من اهم المواضيع، حيث نلاحظ أن هناك تاريخ كبير الى البيوع الدولية وخاصة تلك البيوع محل الدراسة”البيوع البحرية”، حيث يتم ايضاح تلك البيوع وبيان أهمتيها الدولية وتطورها التاريخي، لخدمة المصالح الوطنية، حيث ان المشكلة الرىسية هنا تكمن في بيان اهميتها وتطورها الدولي.
الأهمية:
هناك العديد من الأسباب التي تعطي الأهمية لتلك الدراسة، حيث تبين مدى أهمية تلك البيوع البحرية على المستوى الدولي من ناحية، وبيان الاثر المترتب على تلك البيوع وتطورها، حيث تضيف تلك الورقة عاملا جديدا الى الحقل العلمى من بيان الاثر والأهمية وطبيعة التداول البحري بين الدول وكيف يتم تنظيمها عالميا.
تفيد تلك الدراسة العديد من العلماء عن طريق الأهتمام بالبيوع البحرية وايضاح مدى أهميتها في التعامل بين الدول على المستوى الاقتصادي والتجاري وحتى على مستوى الصداقة الدولية بين الأطراف، حيث تستطيع تلك الدول تعميق العلاقات فيما بينهم بالتبادل البحري الدولي واعطاء الوزن لأهمية تلك البيوع من ناحية عملية واقعية.
أولًا تطور البيوع البحرية
لقد ارتبطت ظهور تلك البيوع البحرية بالمرحلة التي عرفت بالنقل التجاري البحري والشرعي حيث عرفت تلك المرحلة بنوعاً من البيوع البحرية والتي أطلقت عليها بيوع الوصول (أحمد حسني،1983،ص204).
حيث ان من بين سمات تلك البيوع هي
– أن الملكية لها لا تنتقل للمشتري إلا في حالة وصولها للميناء المعين لها من جهه هذا الأخير
– وكما يلتزم البائع في حالة ما إذا تم التعاقد بينهم ، بشحن تلك البضاعة وايضا التأمين عليها كما ويتحمل في تلك اللحظة الخطر في حالة هلاكها اثناء النقل.
– كما تتخذ تلك العقود العديد من الصور من بينها
* البيوع على سفينة معينة
* البيوع على سفينة غير معينة أو ستعين فيما بعد
حيث أنه في حالة عينت واسطة النقل البحريتلك عند إبرام العقد فانه يطلق في تلك الحالة عليه أنه بيع على سفينة معينة أما من ناحية أخري فاذا تم التعيين فيما بعد على إبرام تلك العقود فانه يسمى بأنه بيع على سفينة ستعين فيما بعد أو لاحقا. حيث يترتب على عاتق وفي هذا النوع من بين تلك البيوع يتضح التزام مهم ألا وهو، وجوب التعيين بواسطة النقل البحري والتي سيتم فيما بعد شحن البضاعة اليها وتكون في خلال الفترة الزمنية المحدودة، وفي حالة انقضاء تلك الفترة المحددة وفي حالة لم يحصل هذا التعيين بعد لجاز للمشتري ان يفسخ عقد البيع(عبد القادر حسين العطير،1999،ص43).
وبالنظر الى التطور النوعي الهائل داخل وسائط النقل البحري، عن طريق السعة والسرعة . والتي قامت ايضا بفرضه الظروف التكنولوجية الحديثة من بداية هذا القرن حيث كانت له المردودات الإيجابية على التجارة الدولية كلها بشكل عام وايضا على البيوع البحرية من زاوية خاصة. حيث أنه قد أبان هذا التطور بالاقرار بان العقود المتعارف عليها تبدلت حيث اصبحت تلك العقود لا تفي بالاغراض ولا تنسجم مع الواقع الفعلي الراهن من بين مستويات التجارة البحرية. حيث تم التوصل بأنه بناءا على ذلك تم التوصل في التعاملات الدولية و العمل أيضا الى العديد من الانواع البديلة لتلك العقود البحرية المبرمة، حيث نجدها تتلائم مع المرحلة الجديدة داخل النشاط التجاري والدولي، حيث أصبحت تلك العقود الصيغة الحديثة الى تلك البيوع البحرية المختلفة(فياض عبيد،1971).
ومن بين أهم تلك الصور لهذه العقود
*عقد البيع سيف . C. I. F أو كاف : C. A. F
والذي انتشر تداوله بسرعة كبيرةجدا حيث انه داخل النشاط التجاري الدولي نرى انه قد أصبح هو الأداة القانونية الضرورية الى التجارة البحرية حيث قد دفع هذا الواقع الحديث العديد من البيوع البحرية للتوجه الى وضع روابط قانونية لازمة لها، حيث تكون تلك الروابط ليس على أساس اعتبارها عقودا للبيع العادية، بل أيضا على اعتبار بأنها العقود الدولية الخاصة بتلك التبادلات التجارية الدولية . ومن هنا كان لتلك البيوع التنظيم الدولي المتميز(محمد فريد العريني،2002،ص22)
ثانيًا: التنظيم الدولي للبيوع البحرية
لقد قام التنظيم الدولي البحري في بادئ الأمر بوضع العديد من العقود النموذجية:
حيث تحتوي تلك القوانين على الشروط الضرورية في ايجاد التعامل والحلول الملائمة الى المنازعات الدولية والتي قد تقع بسبب تلك التعاملات.
حيث تعتبر من بين أشهر النماذج العقدية والتي وضعت وتم اقرارها بعد ذلك دولياً، حيث أنه يعتبر العقد النموذجي والذي أقرته الجمعية في لندن للتجارة في القمح والنموذج في باريس لعام 1922، حيث أنه تم ابادة هذه العقود ولكن على الرغم من أهميتها انها لم تكن كافية اطلاقا، كما كانت خالية من العيوب أيضا(علي جمال الدين عوض،1987،ص55)
كما كان من أهم عيوبها هي تحريرها عن طريق لغه أجنبية تختلف كثيرا عن لغة أطراف العلاقة القانونية حيث قد حدا ذلك الى المعنيين لهذه العقود لعقد المؤتمر الدولي في وارشوا عام 1928 ، حيث تم خلاله الإقرار بالقواعد العامة والمبسطة لهذه البيوع ولكن لم تمر فترة زمنية وجيزة لعقد تلك المؤتمر حتى وجدنا انها قد بادرت لجمعية القانون الدولي داخل نيويورك وأكسفورد ايضا لعقد المؤتمر الدولي آخر عام 1932، حيث استهدفت تلك الجهود إدخال العديد من التعديلات المختلفة الى القواعد والتي أقرت سابقاً. حيث تم الاطلاق عليها بقواعد وارشو – أكسفورد 1928-1932 . حيث من ناحية أخرى نجد أنه قد حولت الغرفة التجارة الدولية من تجاهها المساهمه في التذليل من الصعوبات والتي قد تعترض لتفسير تلك العقود المختلفة حيث وضعت في عام 1936 الجمل المختلفة للقواعد التفسيرية للمصطلحات التجارية. حيث تمت عن طريق هذه القواعد أيضا التحديد في فحوى البيوع البحرية عن طريق التثبيت في الالتزامات بين الاطراف المتعاقدة .حيث تم الاتفاق على تسمية تلك القواعد بقواعد الانكوتيرم في سنه 1936(د. ثروت حبيب،1983،ص7)
ونجد أن تلك التسمية تعتبر اختصارا للمصطلح التالي “المصطلحات التجارية الدولية” حيث أدخلت للغرفة التجارة الدولية ولتلك القواعد كلها العديد من التعديلات والتي أصدرت عام 1953 الى مجموعة من القواعد الدولية من أجل تفسير المصطلحات التجارية حيث تعرف باسم الإنكوتيرم 1953 . حيث نجد أنه قد راعت الغرفة المذكورة أثناء وضعها لتلك القواعد وايضا السابقة عليها لمجمل الأعراف والتي لها الصفة في الشمولية داخل النشاط التجاري الدولي، وايضا تم تحديد الالتزامات للأطراف داخل العلاقة القانونية بوضوح شديد، حيث امتد النشاط للغرفة التجارة الدولية للعناية بالتنظيم في التفسير للعقود الأخرى غير البيوع البحرية. حيث أصدرت الغرفة عام 1967 التفسيرالموحد للبيوع الدولية المختلفة في أطار التبادل السلعي الاستهلاكي والإنتاجي. حيث ايضا تمت اضافة المصطلحات الجديدة الأخرى لعام 1976 وايضا عام 1980. وعلى كل حال فإنه ومن الضروري أن نشير هنا بأن قواعد الإنكوتريم تلك والتي ترتبط وتختص بالبيوع البحرية حيث أنه على الرغم من الأهمية الدولية فانها لا تعتبرتلك القواعد بمثابة القواعد الملزمة إلا في حالة ان أحال عليها الأطراف في العلاقة القانونية صراحة حيث يجوز الى البائع وايضا المشتري المخالفة تلك القواعد وايضا استبعاد ما يشاؤون منها على الا يكون ذلك عن طريق نصا صريحا في العقد(د. محمد كامل ملش،1958،ص76)
حيث نجد أنه كانت تلك البيوع البحرية محطا لأهتمام العديد من المؤسسات التجارية الدولية، نجد أيضا انه لايعنى ذلك في الواقع إهمالا للمشرع الوطني ( الداخلي ) لها حيث نظمت جزءا من بين تلك القوانين الوطنية هذه البيوع عن طريق الناحية القانونية وايضا تم تحديد لها العديد من القواعد اللازمة لها. ومن بين كل هذه القوانين وأهمهم هو قانون التجارة العراقي رقم 30 لعام 1984. حيث يتضمن نصوص القانون عدة نصوص متعددة بخصوص العقد للبيع فوب، وايضا عقد البيع سيف أو كاف،حيث تعتبر تلك القوانين والعقود حاليا بمثابة ً الأدوات القانونية(حسن النجفي،1973،ص26)
ثالثًا: الخصائص الأساسية للبيوع البحرية في ميناء الوصول والقيام
ان البيوع البحرية في الوصول تحتوى على نوعين:
*البيع بسفينة محددة ” اي الاتفاق التي يترتب عليع التوصل بين البائع والمشتري وقت اللقاء، كما يكون البائع غير ملزم بالتسليم للبضائع المماثلة عن المفقودة للمشتري”
*البيع بسفينة غير محددة” ويلتزم الأطراف بالتسليم في الموعد المحدد، وهنا لايقوم البيع بتخصيص البضائع او حتى الافراج عنها.
ونلاحظ أن انشاء القواعد الدولية للتجارة الدولية تعزز التبادلات التجارية وتقويتها حيث تعتبر من أهم الشروط التجارية الدولية، وبالتالي فان الاختلاف بين النوعين يتمثل في أن فقدان البضائع يكون بسبب القوة القاهرة للسفن غير المحددة لن يؤدي الى اتهام البائع والعكس(د. عزيز عبد الأمير العكيلي،1971،ص71)
البيوع البحرية في ميناء القيام:
التزامات البائع:
يقوم البائع بتسليم البضائع المختلفة ويكون على حسب كل من الكمية والنوع ايضا، فيقوم البائع في حاله انه قام بخلاف الالتزام بلغى العقد مع المشتري في حاله ما اراد المشترى الالغاء،
كما يقوم البائع بتسليم البضائع للسفينة في ميناء الوصول كما يقوم البائع بحق فحص البضائع عن طريق الخبراء.
كما يحق للمشتري فحص البضائع بعد المعاينة، حيث يقوم بالفحص فور الوصول وايضا اثبات صحة مطابقتها للجودة، ويكون البائع من ناحية أخرى ملتزما بالدخول في العقود للنقل، كما يتم الشحن في التاريخ التي تم تحديده في العقد وأيضا يتم اختيار السفينة(د. ثروت حبيب . مصدر سابق ذكره ص 53)
في حالة مخالفة البائع بالالتزام يحق الى المشتري في تلك المرحلة أن يلغى العقد وأيضا التعويض بالخسائر، كما يلتزم البائع ان يرسل المستندات للمشتري والتي تشمل المستندات الخاصة بالشحن، كما يتم شحن البضائع للسفينة في عن طريقه حتى يتم انتقال الملكلية للمشتري من خلال التاريخ المحدد للشحن وتتم العملية الخاصة بالتعارف للبضائع وأيضا التعرف بالبضائع وقت الشحن، حيث يقوم المشتري، وهنا يقوم المشتري بالمسؤلية في حالة الفقد والتلف، ويتم نقل الملكية للمشتري بعد النقل للبضائع بسرية، حيث يتم سكب البضائع وبيعها للمشترين حيث من الصعب ان يتم تحديد البضائع وقت الاستلام(محمد فريد العريني،2002،ص25)
التزامات المشتري
يكون من الصعب جدا في تلك المرحلة أن يتم تحديد الحزمة،حيث يعتبر الرأي الرئيسي في القضاء والمحاكم أنه تكون الملكية للمشتري بالبضائع من بين جميع المشترين على أن يقوم المشتري يتخصيص الحصة من البضائع لكل الشحنات، كما تحمل المشتري من جهه أخرى المخاطر بانتقال البضائع في حالة تلك البيوع البحرية، ونجد البنك هنا هو الوسيط في تلك العملية حتى يقوم البنك بارسال الخطاب للاعتماد الى البائع حتى يتم فتح الخطاب لاعتماد المصلحة الخاصة ويكون في حدود وقت ما محدد، وهنا يتم الدفع للمستند عند تقديم البضائع حيث يقوم البنك بارفاق المستندات وايضا الاقتطاع عن طريق البنك حتى يتم الحصول على الثمن المطلوب للبضائع((Rene rodiere,1964,p287
ختامًا، مما سبق نرى البيوع البحرية تعتبر من بين أهم البيوع الدولية في العلاقات الدولية، كما تعتبر البيوع البحرية هي تلك البيوع التي يكمن موضوعها الأساسي في البضائع والتي يتم نقلها عن طريق البحر. حيث يتكون لدينا عقدان، وهما عقد البيع وعقد النقل، ولقد ظهرت العديد من الخصائص المميزة لتلك البيوع من ناحية كما ظهرت العديد من أوجه الشبه والاختلاف بينهم أيضا، فبرزت أهم أوجهه الشبه في البيع سيف مع البيع فوب على سبيل المثال في
– أن علاقة الطرفين تنتهي بمجرد انتهاء التعاقد من وقت نقل الملكية من البائع للمشتري
أما أوجه الاختلاف فيتمثل في
– ليس من الضروري في البيع فوب أن يتم الابرام في عقد البضائع حتى التأمين ايضا ضد مخاطر النقل
– أن المشتري هو من يتعاقد لنقل البضائع
– امكان المشتري ابرام عقد النقل والتامين أيضا
– يمكن للمشتري أن يرسل من ينوب عنه للشراء .
قائمة المراجع :
– دراسة في قانون التجارة الدولية مع الاهتمام بالبيوع الدولية ، 1974 ص 51 . د. أحمد حسني ، البيوع البحرية دراسة لعقود التجارة الدولية ” سيف وفوب ” 1983 ص 7 وما يليها
– د. محمد كامل ملش : محاضرات عن مبادئ التشريع البحري العربي الموحد للأمة العربية 1957-1958 ص 76
– د. عزيز عبد الأمير العكيلي : دور سند الشحن في العقد البيع كاف أو سيف. رسالة دكتوراة. القاهرة 1971 ص 71
– القانون الفرنسي الصادر في 3 كانون الثاني سنة 1969، القانون الكويتي رقم 2 لسنة 1961. القانون الإنكليزي (قانون بيع البضائع) الصادر سنة 1893
– أحمد حسني، البيوع البحرية (منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الثانية 1983م(
– عبد القادر حسين العطير، الوسيط في شرح قانون التجارة البحرية (مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان 1999م(
– فياض عبيد، البيوع البحرية والاعتماد المستندي، الجزء الأول (معهد البحوث والدراسات العربية، 1971م(
– محمد فريد العريني، محمد السيد الفقي، القانون البحري والجوي (منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان 2002م(
– علي جمال الدين عوض، العقود التجارية (دار النهضة العربية، القاهرة 1987م(
– Auguste، Raynald werner: traite de droit maritime general. 1964. P. 287 etc
– Paul chauveau: traite de droit maritime 1958. P. 615-616