الدراسات البحثيةالمتخصصة

أثر السياسة النقدية على مستويات التضخم في جمهورية مصر العربية 2000 – 2021

إعداد : سارة خالد عبد اللطيف إسماعيل , فرح احمد حسين علي , محمد نشأت محمد رجب , محمود محمد عباس عبد المنعم , ميرنا صلاح فوزي فهمي – إشراف : د. حنان عجبو – كلية الأقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

الملخص:

يتناول هذا البحث دور السياسة النقدية في معالجة التضخم في مصر. وهدف البحث هو معرفة كيفية استخدام السياسة النقدية للسيطرة على التضخم وتحقيق المرونة في الأسعار.

ركز البحث أولاً على السياسة النقدية من حيث تعريفها وتطورها وأنواعها، وأهميتها، وأهدافها، وأدواتها. وأوضح كيف يمكن التأثير على التضخم من خلال السياسة النقدية. وركز البحث ثانياً على التضخم، موضحاً أنواعه وأسبابه وآثاره.

اعتمد البحث على التحليل القياسي باستخدام الانحدار الخطي المتعدد وبيانات السلاسل الزمنية. كما تم استخدام مصفوفة الارتباط لدراسة العلاقة بين المتغيرات وعدد من الاختبارات للتحقق من صحة البيانات مثل اختبارات:

Augmented Dickey fuller, Multicollinearity, Heteroskedasticity, Autocorrelation وGranger causality.

توصل البحث إلى وجود علاقة طردية بين سعر الصرف الرسمي ومعدل التضخم في مصر، وتأثير سليي لقرارات اتباع سياسة سعر الصرف المرن في عامي 2003 و2016 على معدلات التضخم، كما بين وجود علاقة عكسية بين سعر الفائدة الحقيقي ومعدل التضخم. كما أثرت أزمة المالية العالمية عام 2008 على الاقتصاد المصري والقطاع المصرفي وغيرها من المشاكل العالمية والمحلية الذي تناولها البحث وتوصل البحث انه لتعزيز الكفاءة الاقتصادية والمالية في المستقبل، يجب تطوير السياسات النقدية والمالية ودعم الاستثمارات وتنمية القطاعات الاقتصادية المختلفة.

قائمة الجداول والاشكال البيانية

قائمة الجداول :

قائمة الاشكال البيانية

المقدمة :

تعتبر ظاهرة التضخم من المشاكل الرئيسية التي تعاني منها اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، وأصابت مختلف الدول المتقدمة والنامية على اختلاف سياساتها الاقتصادية، والتضخم يعد من أكثر الظواهر الاقتصادية والاجتماعية انتشارا وتعقيدا حيث نجد أن هناك جدل كبير بين الاقتصاديين فى تحديد تعريف لهذه الظاهرة نظرا لاختلاف الزاوية التي ينظرون من خلالها إلى ظاهرة التضخم، فهي ظاهرة تتميز بتعدد أبعادها وأسبابها وتختلف من حيث آثارها الاقتصادية وايضا طرق معالجتها أو الحد منها على الأقل.

فالتضخم يمثل حالة من حالات الاختلال الاقتصادي التي تكون سببها قوى تضخمية تعمل على استمرار ارتفاع المستوى العام للأسعار لذلك فإن معظم تلك الدول تسعى إلى اتخاذ العديد من السياسات الاقتصادية لتقليل الآثار السلبية الناتجة عن ظاهرة التضخم والتي تؤثر على كافة الأنشطة سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية والتي من شأنها أن تؤدى إلى تقليل القوى التضخمية.

ويمكن القول ان مصر عانت من ارتفاع معدلات التضخم في السنوات الأخيرة وأصبح التضخم من أهم المشاكل التي تواجه الاقتصاد المصري، لذلك فإن استهداف التضخم يتطلب توافر سياسة اقتصادية محكمة قادرة على الجمع والملائمة بين الأدوات المختلفة، ومن بين الأدوات التي أثبتت فعاليتها في الحد من مستويات التضخم هي أدوات السياسة النقدية. حيث تعد السياسة النقدية من أهم الأدوات التي تستخدم لتحقيق الاستقرار والتوازن الاقتصادي العام، ولكنها تختلف في أسلوب التطبيق من دولة إلى أخرى وذلك بسبب اختلاف متغيرات كل دولة. ويمكن القول بأن أدوات السياسة النقدية من أهم الأدوات التي تؤثر على مؤشرات الاقتصاد الكلي وخاصة مؤشر التضخم، لذلك سوف نركز على كيفية استخدام أدوات السياسة النقدية في معالجة مشكلة التضخم في الاقتصاد المصري.

أهمية الدراسة

تعد ظاهرة التضخم من الظواهر الاقتصادية السلبية التي تلمس جميع فئات المجتمع باختلاف مستويات دخولهم خاصة فئة منخفضي الدخل، لذلك ترغب جميع الدول في القضاء عليها أو التخفيف من حدة آثارها، وتنعكس أهمية الدراسة في معرفة وتحليل أسباب ارتفاع مستويات التضخم في الاقتصاد المصري وهل كان للسياسة النقدية أثر واضح في علاج تلك الأزمة؟ وإلى أي مدى كانت آثار السياسة النقدية ذات فاعلية؟ بالإضافة إلى فتح النافذة على مصراعيها أمام متخذي القرار لمعرفة أسباب المشكلة وكيفية معالجتها وهل يجب الاستمرار في نفس الأسلوب المتبع الذي يحقق دوره بكفاءة في خفض مستويات التضخم أم يجب تغييره لعدم وجود أثر فعال له؟ تحاول الدراسة الإجابة على تلك الاسئلة ورسم خارطة طريق واضحة أمام صناع القرار للوصول إلى معدلات تضخم معتدلة وتحقيق التنمية الاقتصادية المطلوبة. وقد وقع اختيارنا على جمهورية مصر العربية لأنها تواجه ارتفاع كبير في معدلات التضخم في السنوات الأخيرة.

أهداف الدراسة

نحاول من خلال دراستنا لأثر السياسة النقدية على مستويات التضخم في مصر تحقيق الأهداف التالية:

  • 1-التعرف على أهم الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها الضغوط التضخمية النقدية على الاقتصاد المصري في الفترة المذكورة.
  • 2- محاولة تقييم فعالية السياسة النقدية المستخدمة في مصر في تحقيق الاستقرار الاقتصادي ومعالجة المستويات المرتفعة من التضخم.
  • 3- تحديد اتجاه وتأثير العلاقة بين السياسة النقدية والتضخم في مصر من خلال دراسة تحليلية وقياسية.

التساؤل البحثي الرئيسي

تهدف الدراسة إلى توضيح أثر السياسة النقدية على مستويات التضخم فى جمهورية مصر العربية في الفترة من عام 2000 إلى عام 2021.

التساؤلات الفرعية

  • 1- لماذا تسعى السياسة الاقتصادية الكلية إلى الحد من مستويات التضخم؟
  • 2- ما هي الأسباب المؤدية إلى نشوء الفجوات التضخمية في الاقتصاد المصري؟
  • 3- هل يمكن الحد من مستويات التضخم باستخدام السياسة النقدية فقط؟
  • 4- ما هي التوجهات العامة للسياسة النقدية للحد من التضخم؟
  • 5- تقييم فعالية استخدام أدوات السياسة النقدية في القضاء على مستويات التضخم المرتفعة.

منهجية الدراسة

إن طبيعة الدراسة التي نقوم بها تقودنا إلى الاعتماد على المنهج الوصفي التحليلي والذي سوف نستخدمه في تعريف التضخم والسياسة النقدية وتوضيح ادوتها، ووصف تقلبات مستويات التضخم في الاقتصاد المصري في الفترة محل الدراسة، وسوف نعتمد على أداتي التحليل والتوصيف للوصول إلى نتائج وتوصيات، ثم من خلال تطبيق خطوات المنهج القياسي والقيام بالاختبارات اللازمة سوف نستنتج أثر أدوات السياسة النقدية على معدل التضخم في الفترة محل الدراسة.

تعتبر عملية تحديد النموذج القياسي لاي ظاهرة اقتصادية من أولى الخطوات في عملية القياس ونحاول في هذه الخطوة بناء نموذج اقتصادي قياسي لأثر السياسة النقدية على مستويات التضخم في مصر وهذا بالاعتماد على تقنيات القياس الاقتصادي.

أولا: عند دراسة مستويات التضخم تبين ان تم تحديد بعض المتغيرات التي ينطوي النموذج عليها وهي السياسة النقدية المتمثلة في سعر الصرف وسعر الفائدة فيكون:

المتغير التابع هو التضخم Y

المتغيرات التفسيرية (المستقلة): سعر الصرف X1، سعر الفائدة X2

Y=F (X1, X2)

ثانيا: الشكل الرياضي للنموذج: درجة خطية النموذج (خطي متعدد).

Y=β°+β1X1+β2X2+U

تقسيم الدراسة (هيكل البحث)

الفصل الأول: الإطار النظري للسياسة النقدية والتضخم

  • المبحث الأول: الإطار النظري للسياسة النقدية
  • المبحث الثاني: الإطار النظري للتضخم
  • الفصل الثاني: الدراسة التحليلية للعلاقة بين السياسة النقدية والتضخم
  • المبحث الأول: العلاقة بين السياسة النقدية ومعدل التضخم (نظريا)
  • المبحث الثاني: تحليل أثر أدوات السياسة النقدية على التضخم في الحالة المصرية (تحليليا)
  • الفصل الثالث: تحليل تأثير السياسة النقدية على مستويات التضخم في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021): دراسة قياسية

المبحث الأول: تحليل الدراسة القياسية

المسح الادبي

1- اهتمت دراسة في مصر بقياس استهداف التضخم باستخدام السياسات النقدية والمالية في مصر خلال الفترة من (1976-2020) وذلك باستخدام نموذج (ADRL) واختبارات جذر الوحدة واختبار الحدود لبيان العلاقة بين التضخم والسياسة النقدية، وقد توصلت الدراسة الى وجود علاقة طردية بين التضخم وسعر الصرف، وجود علاقة معنوية طردية بين المعروض النقدي والتضخم كما أكدت علي ان العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة علاقة سلبية، وعدم وجود علاقة التكامل المشترك بين متغيرات الدراسة وبين التضخم. (غازي و الجزار، 2023 )

2- ومن خلال دراسة تم إجرائها في مصر لتقييم مدى فعالية السياسة النقدية في تحقيق اهدافها وتحليل الاهمية النسبية لممرات انتقال اثر السياسة النقدية في التأثير على معدلات التضخم من خلال نموذج الانحدار الذاتي متعدد المتغيرات وبالاعتماد على بيانات ربع سنوية تغطى الفترة بين 1997-2017 تم التوصل الي عدة نتائج أهمها ان هناك علاقه معنوية وعكسية بين التغير فى قيمة العملة الوطنية (سعر الصرف) ومعدل التضخم كما اشارت الي ارتفاع الاهمية النسبية لممر سعر الصرف بالمقارنة مع الممرات الأخرى مثل سعر الفائدة والائتمان المحلي للقطاع الخاص او المعروض النقدي، وذلك نظرًا لارتفاع درجة الانفتاح العالمي خصوصًا ارتفاع نسبة الواردات الاستهلاكية والوسيطة و الرأسمالية في مصر. (الخربوطلي، 2019)

3- وتناولت دراسة في مصر أثر تحرير سعر الصرف على معدل التضخم في الاجل القصير وذلك خلال الفترة من (2016-2020) ، وباستخدام طريقة المربعات الصغرى عن طريق اختبار الانحدار البسيط  توصلت الدراسة لعده نتائج أهمها وجود علاقة بين أنظمة سعر الصرف ومعدلات التضخم كما توصلت لوجود علاقة  طردية قوية بين سعر الصرف ومعدل التضخم حيث ادي تحرير سعر الصرف انخفاض في قيمة الجنيه والدي ترتب عليه ارتفاع المستوي العام للأسعار (التضخم) في كافة القطاعات الاقتصادية المصرية وأكدت الدراسة من خلال التحليل الكمي نجاح مصر في السيطرة علي سعر صرف الجنية مقابل الدولار وذلك نتيجة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي طبقته مصر والذي حافظ بدوره علي قيمة الجنيه المصري في ال٣ سنوات السابقة كما اشارت الي ان التضخم المرتفع للدولة المصرية بعد من الأسباب الاقتصادية الهامة التي تعوق مقدرة الدولة علي المنافسة مع باقي الدول الأخرى وأكدت علي أهمية اتباع البنك المركزي سياسة الصرف المرن والعمل علي تحقيق استقرار في العلاقة بين السياسات النقدية والتضخم من اجل محاولة التنبؤ بما قد يحدث في المستقبل. (عبد الغني، 2021)

4- هدفت دراسة تم إجرائها حديثا في مصر الي التعرف علي دور سعر الفائدة كأحد اهم أدوات السياسة النقدية في استهداف معدل التضخم في الاقتصاد المصري وذلك في ظل تطبيق مصر برنامج الإصلاح الاقتصادي وتطبيق سياسة تحرير سوق الصرف الأجنبي وتوصلت من خلال استخدام النموذج الاحصائي بأن هناك تأثير إيجابي لسعر الفائدة في استهداف معدل التضخم في مصر خاصةً باستخدام سعر الفائدة على الإيداع وذلك في ظل اتخاذ قرار تحرير سوق الصرف الأجنبي الذي أتبعه زياده أسعار السلع فكانت أداة سعر الفائدة هي الأداة الأكثر فاعلية في تحفيز الافراد بمزيد من الادخار لأموالهم بدلًا من توجيهها نحو الاستهلاك وزيادة الضغوط التضخمية داخل الدولة. (ابادير وآخرون، 2020)

-5تناولت دراسة في السودان فعالية السياسة النقدية في تقليل حدة التضخم في الفترة ما بين عام 1990 إلى عام 2010، وايضا العلاقة بين سعر الصرف والتضخم واثر التوسع في عرض النقود علي التضخم وذلك من خلال المنهج الوصفي التحليلي ومنهجية الاقتصاد القياسي وتوصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن علاقة التضخم بعرض النقود طردية وتبرهن الدراسة بانه أي زيادة في عرض النقود تقود الى تضخم ، وكذلك وجود علاقة عكسية بين التضخم وسعر الصرف ، وأوصت الدراسة بضرورة وضع سياسة نقدية حكيمة تقلل من التضخم ، وتحسين سعر الصرف وعدم اتخاذ سياسة نقدية توسعية (محمد، 2011).

6- وهدفت دراسة اخري ف الجزائر إلى توضيح دور وفاعلية السياسات النقدية في مجابهة التضخم في الجزائر وذلك خلال الفترة 1990-2017. وباستخدام بعض المؤشرات الاقتصادية الممثلة في عرض النقود وأسعار الفائدة (أدوات السياسة النقدية) كمتغيرات مستقلة والتضخم كمتغير تابع. وباستخدام نموذج VAR ضمن برنامج Eviwes9 لمعالجة البيانات وتحليلها توصلت الدراسة لعدة نتائج أهمها كانت وجود علاقة عكسية بين سعر الفائدة ومعدل التضخم، أي أنه كلما ارتفع سعر الفائدة انخفض معدل التضخم، وخلصت النظرية الي ان التضخم في الجزائر قد يعود لأسباب متعددة لذلك هناك عدة أشكال للتضخم في الجزائر منها التضخم النقدي المستورد، الموسمي وغيرها التي قد تعود لأسباب هيكلية ونقدية ومؤسسية أيضًا. ووفقًا لاختبار السببية، يؤثر سعر الفائدة في مستوي التضخم، ولكن بنسب مختلفة وهذا يقلل من المعروض النقدي ويمكن التوصل الي ان السياسات النقدية تؤثر بشكل نسبي على التضخم، لكن لم يؤثر المعروض النقدي على التضخم في الجزائر. كما وجدت الدراسة أن السياسة النقدية نجحت إلى حد ما في كبح الضغوط التضخمية (عبد العزيز ونور الدين، 2019).

7- هدفت دراسة في نيجيريا الي تقديم تحليل كمي لديناميكيات عرض النقود وسعر الصرف والتضخم في نيجيريا، باستخدام البيانات الثانوية التي تم الحصول عليها من الإحصاءات المالية الدولية (IFS)، من جميع المتغيرات التي تم فحصها في النموذج. تغطي العينة بيانات ربع سنوية للفترة من 1986 – 2008. تم تقدير النموذج باستخدام (VECM)، تؤكد النتائج التجريبية أنه على المدى الطويل يكون لعرض النقود وسعر الصرف آثار عكسية كبيرة على الضغط التضخمي، في حين أن نمو الناتج الحقيقي وتغيرات الأسعار الأجنبية لها تأثيرات مباشرة على الضغط التضخمي.  التبرير المحتمل للتأثير العكسي لعرض النقود على مستوى السعر هو أن التضخم قد لا يكون بسبب ضغط الطلب الكلي، ولكن بسبب الانخفاض في سلسلة التوريد للسلع على حد سواء من منافذ التوريد المحلية والأجنبية. ومع ذلك، فإن هناك علاقة سببية بين التضخم وعرض النقود وسعر الصرف في نيجيريا Akinbobola.2012)).

8- وبحثت دراسة في مالاوي عن الأهمية النسبية للعوامل النقدية في دفع التضخم في ملاوي وبتحليل المتغيرات النقدية القياسية وسعر الصرف وعوامل جانب العرض تشير النتائج إلى أن التضخم في ملاوي هو نتيجة عوامل نقدية وعوامل جانب العرض، حيث تؤدي زيادة العرض النقدي إلى حدوث تضخم. من ناحية أخرى كان لتعديلات أسعار الصرف دورا أكثر أهمية نسبيا في تأجيج تضخم دفع التكلفة. ويلاحظ كذلك أن الركود في الإنتاج يولد ضغوطا تضخمية ايضا. كما اكدت الدراسة على أن السياسة النقدية وحدها قد لا تعالج الصدمات الهيكلية الخارجية الأخرى التي تعتبر أسبابا إضافية للتضخم. لكن ما يمكن للسياسة النقدية أن تفعله هو إبطاء معدلات التضخم، كما تبين أن لصدمات أسعار الصرف تأثير قوي على التضخم. بالنظر إلى هذه النتيجة، يعد استقرار سعر الصرف عاملًا أساسيًا لترسيخ توقعات التضخم، حيث إن معدل الصرف في ملاوي مرتفع نسبيًا. (Simwaka et al.,2012)

9- وفي دراسة اخرى في كينيا تناولت العلاقة بين عرض النقد والتضخم ومدي اهمية محور المعروض النقدي وتأثيره على التضخم في كينيا وتوصلت الدراسة لوجود علاقة ايجابية بين التضخم والمعروض النقدي وهذا على المدي الطويل كما اشارت الدراسة للدور الكبير للمعروض النقدي في التأثير علي التضخم في كينيا مما يجعل الحكومة الكينية تقوم بفرض سياسات نقدية صارمة وذلك من اجل محاولة السيطرة علي التضخم (Kiganda,2014).

10- كما تناولت دراسة في بلغاريا دراسة تجريبية للعلاقة بين ديناميكيات عرض النقود والأسعار في بلغاريا خلال الفترة 1998-2012. بافتراض أن تجانس عرض النقود يحدد العلاقة بين الأسعار وربما التضخم والطلب والعرض النقدي، حاولت الدراسة الإجابة على سؤال إمكانية وجود تأثير تغذية مرتجعة للتجمعات النقدية العملة المتداولة وغيرها وذلك باستخدام 3 طرق من طرق الاقتصاد القياسي توصلت الدراسة الي وجود علاقة ذات اتجاهين بين عرض النقود وارتفاع الاسعار ف بلغاريا (Vladova and Yanchev, 2015).

11- أشارت دراسة في تركيا بأن هناك علاقة ذات دلالة إحصائية بين التضخم (والتي يعرف بارتفاع المستوى العام للأسعار) والمال والنمو. اهتمت الدراسة بالبحث في علاقة المال والتضخم والنمو في تركيا باستخدام اختبار التكامل المشترك، وذلك خلال الفترة من 1999 – 2012. واستخدام البيانات الفصلية لعرض النقود (M2) والناتج المحلي الإجمالي وسرعة النقود ومُعامل الانكماش. توصلت الدراسة لعدة نتائج أهمها ان عرض النقود وسرعة النقود يعتبران من العوامل الرئيسية المحددة للتضخم على المدى الطويل في تركيا Bozkurt,2014)).

تم التوصل إلى بعض النتائج من خلال الدراسات السابقة كان أهمها وجود علاقة طردية قوية بين عرض النقود ومستويات التضخم، ووجود علاقة عكسية بين سعر الفائدة ومستويات التضخم، كما تم إثبات فاعلية أدوات السياسة النقدية في التخفيف من حدة مستويات التضخم وأن لها تأثير على السيطرة على موجات التضخم الجامحة ولكن بمستويات متفاوتة من التأثير في البلاد المختلفة وفقا لطريقة استخدام تلك الأدوات وكفاءة استخدامها، وسوف نقوم لاحقا بالمقارنة بين النتائج التي نتوصل إليها في دراستنا بالنتائج التي تم التوصل إليها في الدراسات السابقة.

الفصل الأول: الإطار النظري للسياسة النقدية والتضخم

المبحث الأول: الإطار النظري للسياسة النقدية

المبحث الثاني: الإطار النظري للتضخم

مقدمة:

إن السياسة النقدية أداة مهمة لاستهداف الاختلالات الاقتصادية في الدول المتقدمة والنامية , فمصر مثل بقية الدول النامية عانت من عدة اختلالات في البنية الاقتصادية والتي من بينها ظاهرة التضخم , مما تسببه هذه الظاهرة من آثار تلقى بظلالها على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي , حيث أنها مشكلة اقتصادية تصيب اقتصاديات البلدان النامية والمتقدمة على السواء , ويزداد تأثير التضخم على اقتصاديات البلدان كلما توافرت البيئة المناسبة لتنامى الضغوط التضخمية في الاقتصاد , والتي تعتمد في تأثيرها على مجموعة من العوامل والمتغيرات التي تساهم في تغذية الضغوط التضخمية ودفع مستويات الأسعار المحلية نحو الارتفاع , ويعتبر التضخم من المؤشرات الرئيسية التي تبين مدى تحكم الدولة فى أوضاعها الاقتصادية كونة مشكلة اقتصادية مرتبطة بالحياة الاقتصادية للدول المتقدمة والنامية على حد سواء , حيث عانت مصر من انعكاسات هذه الظاهرة طيلة فترات متعددة , لذلك سوف نقوم بدراسة أثر السياسة النقدية على مستويات التضخم فى جمهورية مصر العربية منذ عام 2000 الى عام 2021 .

المبحث الأول

الإطار النظري للسياسة النقدية

تمهيد

تعتبر السياسة النقدية من المكونات الأساسية للسياسة الاقتصادية الكلية، فنجد أن الدول غالبا ما تضع أهداف اقتصادية أساسية تمثل السياسة الاقتصادية العامة وتسعى الدولة إلى تحقيقيها عن طريق أدوات مختلفة منها أدوات السياسة النقدية، حيث إن السياسة النقدية لها أهمية كبيرة في الخطة الاقتصادية لأى بلد خاصة في محاربة التضخم والمحافظة على استقرار أسعار الصرف.

تعريف السياسة النقدية

 يمكن تعريف السياسة النقدية على أنها مجموعة الإجراءات التي تستخدمها السلطات النقدية المتمثلة بالبنك المركزي والخزانة العامة للدولة ووزارة المالية لمراقبة عرض النقود والتحكم فيه لتحقيق أهداف الدولة الاقتصادية.

ويمكن تعريفها بمفهوم أوسع على أنها كل القرارات التي تتخذها الحكومة للتأثير على حجم الموجودات السائلة المتداولة في الأسواق، أو سياسة البنك المركزي للسيطرة على العرض والطلب النقدي، ولها دور هام في كبح جماح التضخم والسيطرة على الاسواق وتحقيق التوازن الاقتصادي. (حليمة واسماء، 2015)

عرفت السياسة النقدية بانها عبارة عن سيطرة وتحكم البنك المركزي في كمية النقود ومعدلات أسعار الفائدة بغرض تحقيق أهداف السياسة الاقتصادية حيث تعمل على زيادة كمية النقود وتخفيض أسعار الفائدة في فترات الانكماش ورفع أسعار الفائدة وتخفيض كمية النقود في فترات التوسع بهدف المحافظة على الاستقرار والتوازن الاقتصادي (علاونة ،2018)

كما تعرف على أنها مجموعة الإجراءات التي تتخذها الدولة في إدارة كل من النقود والائتمان وتنظيم السيولة العامة للاقتصاد، بمعنى مجموعة القواعد والأحكام التي تتخذها الحكومة أو أجهزتها المختلفة للتأثير في النشاط الاقتصادي من خلال التأثير في الرصيد النقدي لإيجاد التوسع والانكماش في حجم القوة الشرائية للمجتمع.

(رابح، 2019)

تعرف السياسة النقدية على أنها الإستراتيجية المثلى أو دليل العمل الذي تنتهجه السلطات النقدية من أجل المشاركة الفعالة في توجيه مسار الوحدات الاقتصادية الوطنية نحو تحقيق النمو الذاتي المتوازن عن طريق زيادة الناتج القومي بالقدر الذي يضمن للدولة الوصول إلى حالة من الاستقرار النسبي للأسعار. (وليد ،2014)

تطور السياسة النقدية

يعتبر مصطلح السياسة النقدية مصطلحا حديثا نسبيا حيث ظهر في القرن التاسع عشر، ولقد تطورت السياسة النقدية تبعا لتطور الاقتصاد فقد اختلف مفهوم السياسة النقدية في الفكر الكلاسيكي عن مفهومها في الفكر الحديث، حيث إن تداول النقود كظاهرة اجتماعية ارتبط ارتباط مباشر بقوتها الشرائية والثبات النسبي للقيمة الحقيقية لوحدة النقد والمؤشرات التي تغير من قيمتها أو قوتها الشرائية وما يترتب على ذلك من آثار بالنسبة للاقتصاد بصفة عامة.

وفى القرن العشرين أصبحت دراسة السياسة النقدية جزء لا يتجزأ من السياسة الاقتصادية للدولة وأدى ذلك إلى تطور السياسة النقدية حيث كان الهدف الأساسي لها في بداية الأمر هو العمل على حماية العملة من التعرض للتقلبات الواسعة التي تعكس آثارها على المستوى العام للأسعار وتطور الأمر تدريجيا حتى أصبح الهدف من السياسة النقدية هو تحقيق الاستقرار النقدي ثم تغير الهدف إلى دعم السياسة الاقتصادية.

أنواع السياسة النقدية

يعتمد نوع السياسة النقدية على الأسباب الداعية إلى استخدام هذه السياسة وبناء على ذلك يمكن تقسيم السياسة النقدية إلى قسمين وهما: سياسة نقدية انكماشية وسياسة نقدية توسعية ويمكن إيضاح كل منهما فيما يلي:

1- السياسة النقدية الانكماشية

يهدف هذا النوع من السياسات النقدية إلى علاج الحالة التضخمية التي يعاني منها اقتصاد بلد ما، وبالتالي فإن هدف السياسة النقدية تجاه التضخم هو الحد من خلق أدوات نقدية وتخفيض المعروض النقدي وبالتالي يتم الحد من إنفاق الأفراد والمؤسسات على شراء السلع والخدمات.

2- السياسة النقدية التوسعية

تهدف السياسة النقدية التوسعية إلى علاج حالة الركود أو الانكماش التي يمر بها اقتصاد بلد ما، أي عندما يكون التدفق الحقيقي أكبر من التدفق النقدي وهنا تسعى السلطة النقدية ” البنك المركزي ” إلى زيادة المعروض النقدي وبالتالي زيادة الطلب على السلع والخدمات من خلال زيادة القدرة على الشراء.

أدوات السياسة النقدية

إن من أهم الجوانب التي يهتم بها المسئولون عند تنفيذ السياسة النقدية في أي دولة من دول العالم هو التأكد من فعالية الأدوات التي تستخدمها البنوك المركزية في التوصل إلى الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تخطط لها الحكومات المعينة، بما يضمن تحقيق درجة معينة من النمو والاستقرار الاقتصادي داخل البلاد.

وقد اثبتت الدراسات التي اجراها الخبراء المتخصصون في هذا المجال أن تعظيم كفاءة الأدوات النقدية المستخدمة في دولة معينة قد لا يبلغ مداه بمجرد إدخال تعديلات دورية في قيم هذه الأدوات أو إحلال أداة ذات كفاءة معينة بأداة أخرى تكون أقل كفاءة وإنما يتطلب الأمر في بعض الأحيان إدخال تعديلات جذرية في طبيعة النظام الاقتصادي المطبق ومن أهم أدوات السياسة النقدية ما يلي:

1- رفع أو خفض سعر الفائدة لدي البنك المركزي

 في حالة التضخم يلجأ البنك المركزي لرفع سعر الفائدة مما يتبعه رفع سعر الفائدة في البنوك التجارية مما يدفع المواطنين لإيداع أموالهم في البنوك وينخفض حجم النقود المتداول في الأسواق مما يساعد في خفض مستويات التضخم، أما في حالة الركود يلجأ لخفض سعر الفائدة، الأمر الذي يترتب عليه خفض سعر الفائدة لدي البنوك التجارية لتحفيز الأفراد والمؤسسات على الاقتراض وزيادة مستويات الاستثمار والاستهلاك.

2- رفع أو خفض سعر صرف العملة

تتدخل السلطات النقدية للتأثير على سعر الصرف، فتقوم بخفض سعر الصرف خفض جزئي أو كلي (سياسة التعويم) لتشجيع الصادرات المحلية، أو تقون برفع سعر صرف عملتها المحلية لمحاربة التضخم، وتستعمل السلطات ما لديها من احتياطيات نقدية للوصول إلى الاستقرار الاقتصادي وسعر صرف عادل لعملتها يضمن الحفاظ على قيمتها ضمن باقي العملات العالمية.

3- زيادة أو خفض سعر إعادة الخصم من قبل البنك المركزي

يقوم البنك المركزي بزيادة سعر إعادة الخصم للأوراق المالية والتجارية لينخفض إقبال البنوك على إعادة خصم الأوراق التجارية وبدورها سوف تقوم البنوك التجارية برفع سعر الخصم لديها مما يقلل المعروض النقدي في الأسواق، ويكون ذلك في حالات التضخم، وعلى العكس تماما في حالات الركود فإن البنك المركزي يقوم بخفض سعر الخصم مما يؤدي لاتجاه البنوك التجارية إلى إعادة خصم الأوراق التجارية والمالية مما يؤدي لزيادة المعروض النقدي في الأسواق.

4- نسبة الاحتياطي النقدي القانوني

في حالات التضخم تقوم الحكومة بزيادة نسبة الاحتياطي وفقا للقانون مما يؤدي لإلزام البنوك التجارية بالاحتفاظ بجزء أكبر من ودائعها كاحتياطي، مما يقلل السيولة المتوفرة لدى البنوك التجارية ويؤدي لانخفاض مستويات الاقتراض من البنوك، أما في حالات الركود فيقوم بخفض نسبة الاحتياطي مما يؤدي لزيادة مقدار الأموال التي تستطيع البنوك إقراضها وبالتالي تتوسع في القروض.

5- الدخول للسوق المفتوحة كبائع أو مشتري

فإذا دخل السوق كبائع فهو يقوم بإصدار المزيد من الأوراق المالية والتجارية مقابل امتصاصه للسيولة المستخدمة في السوق ليقلل من مستويات التضخم، أو يدخل البنك المركزي الأسواق كمشتري للأوراق المالية من البنوك التجارية مما يزيد من السيولة النقدية لدي البنوك التجارية ويزيد من قدرتها على الإقراض.

6- إصدار التوجيهات والأوامر

تعنى إصدار البنك المركزي تعليمات وأوامر مباشرة للبنوك التجارية كتحديد حجم الائتمان الممنوح لهم أو أنواعه أو كيفية استخدامه وبهذه الوسيلة يستطيع البنك المركزي فرض رقابة على حجم الائتمان واستخدامه لتوجيهه نحو المشروعات لعلاج الأزمات الاقتصادية كتمويل زيادة الإنتاج الكلى في أوقات الكساد، كما يخول السلطات النقدية التحكم في حجم الإنفاق الكلى ومستويات الطلب الفعلي لتحقيق الاستقرار النقدي الداخلي بعيدا عن التضخم.

وتستخدم الدولة الأداة التي تراها مناسبة وفقا للمعطيات الموجودة أو تمزج بين أداتين أو أكثر حسب ما تقتضيه المصلحة كما يراها صناع القرار.

-7 الإقناع الأدبي

حيث يستطيع البنك المركزي التأثير على البنوك التجارية لكي تتصرف كما يريد بدون اتخاذ إجراءات مباشرة مثل رفع سعر الخصم، فاذا افترضنا أن البنوك التجارية تتوسع في منح الائتمان وأن البنك المركزي يرغب منها أن تقلل من منح الائتمان فيطلب البنك المركزي من البنوك التجارية التقليل من منح الائتمان دون أن يتخذ قرار مباشر مثل رفع سعر الخصم أو رفع نسبة الاحتياطي القانوني، وتلتزم البنوك التجارية بتوجيهات البنك المركزي إذا كانت هناك علاقة ثقة متبادلة بينها وبينه. (وسام، 2012)

أهداف السياسة النقدية

تستخدم السياسة النقدية أدواتها بقصد تحقيق أهداف معينة، لذا تسعى للتأثير على المتغيرات الاقتصادية الكلية والتي تتمثل في تحقيق معدلات جيدة في المستوى العام للأسعار، محاربة البطالة، تحقيق معدلات نمو مرتفعة لذلك نتطرق إلى معرفة الأهداف النهائية للسياسة النقدية في الدول المتقدمة والنامية.

أولا: الأهداف النهائية للسياسة النقدية في الدول المتقدمة

1- تحقيق التوازن الداخلي والخارجي.

2- دعم السياسة الاقتصادية للدولة.

3- المساهمة في إنشاء أسواق مالية ونقدية متطورة.

4- تشجيع النمو الاقتصادي.

5- تحقيق الاستقرار النقدي لمحاربة التضخم.

6- ضمان قابلية سعر الصرف والحفاظ على قيمتها الخارجية.

ثانيا: أهداف السياسة النقدية في الاقتصاديات النامية

1– استقرار الأسعار والسيطرة على التضخم

يمكن استخدام السياسة النقدية للسيطرة على مستويات الاسعار باعتبار النقود هي العامل الأكثر تأثيرا على تقلبات الأسعار لذلك يجب ضبط عرض النقود الكلي حتى تستقر مستويات الأسعار.

2- تحقيق النمو الاقتصادي

تلجأ الحكومات إلى السياسة النقدية لتشجيع الاستثمار عن طريق خفض أسعار الفائدة لتشجيع المستثمرين على الحصول على القروض اللازمة للتوسع في مشروعات تعمل على زيادة معدل النمو وزيادة معدلات التوظيف.

3- التوازن في ميزان المدفوعات

تساهم السياسة النقدية في تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات بوسائل متعددة تختلف حسب أهداف الدولة، فإذا كانت الدولة تهدف لخفض كمية الواردات فقد تلجأ الدولة لرفع سعر الصرف للعملات الأجنبية لجعل المنتجات المستوردة أعلى سعرا من المنتجات المحلية مما يشجع على تخفيض نسبة الواردات من الخارج ويحقق التوازن في ميزان المدفوعات، أما إذا كان هدف الدولة هو جذب الأموال الخارجية فإنها قد تلجأ لرفع سعر الفائدة مما يجذب رؤوس الأموال الأجنبية إلى داخل البلاد ويحقق وفرة من العملة الصعبة للدولة.

4- تطوير نظام مالي على أسس سليمة

إن تطوير النظام المالي هدف للسياسة النقدية يجب التأكيد عليه، لذلك فهناك فرق مهم بين دور السياسة النقدية  ( سياسة البنك المركزي ) في الدول المتقدمة ودورها في الدول النامية وينشأ هذا الفرق نتيجة لطبيعة اقتصاداتها ودرجة تطورها وعلى الرغم من أن كثير من البنوك المركزية في الدول النامية مخولة قانونا بسلطات قد لا تتوافر لدى البنوك المركزية في الدول المتقدمة إلا أن أهم خصائص النظام المالي لعدد كبير من الدول النامية هو ضمور في التنوع المؤسسي والإمكانية المحدودة للأرصدة المالية وزيادة أهمية السياسة التدخلية للحكومة في ظل استمرار العفوية في النشاط المالي لبعض البلدان ولاسيما البلدان الإفريقية وإبقاء البنوك التجارية مؤسسات خاضعة لملكية الدولة مع محدودية الأرصدة المتاحة للمدخرين كودائع للبنوك ومتطلبات السوق النقدية.

 (وليد، 2019)

النظريات الاقتصادية السابقة

مرت نظريات السياسية النقدية بعدد من التطورات عبر الزمن فكانت النظرية الكمية في المقام الأول حيث ربطت بين كمية النقود والمستوي العام للأسعار وتعد هذه النظرية من أهم ما توصل اليه الكلاسيك ثم جاء الاقتصادي الأمريكي ارفينج وصاغ معادلة النظرية عام 1917 وعرفت باسم التبادل أو معادلة فيشر كما يلي:

M.V = T.Q

  • M = كمية النقود
  • = V سرعة التداول النقدي
  • T= كمية النقود
  • Q= المستوي العام للأسعار

أي أن كمية النقود هي متغير مستقل والاسعار متغير تابع بينما التداول وحجم الإنتاج اعتبرتها النظرية متغيرات مستقلة وبالمقابل يؤدي انخفاض كميات النقود لانخفاض المستوى العام للأسعار. (رابح، 2019)

النظرية الكينزية

ظهرت الأفكار الكينزية بعد أزمة الكساد الكبير الذي تعرضت له البلاد الرأسمالية والذي أثبتت فشل النظرية النقدية الكلاسيكية في حل المشاكل الاقتصادية وقد ظهرت أفكار كينز في التحليل النقدي على شكل انتقادات النظرية الكلاسيكية كما أن كتاب كينز ” النظرية العامة للتشغيل والفائدة والنقود ” قد أحدث تغيرات كبيرة في الفكر الاقتصادي وفتح طريقًا جديدًا للتحليل في النظرية الاقتصادية، مرت تطورات النظرية الكينزية بثلاث مراحل:

  • المرحلة الأولى: تتمثل في تحليل النقود عام 1930 قدمت فيه تحليل للنقود تضمن التشكيك في صحة النظرية الكمية للنقود.
  • المرحلة الثانية: قدم فيها تحليلاً مفصلاً عن تفضيل السيولة 1936.
  • المرحلة الثالثة: قد جاءت في مقل منشور عام 1937 في المجلة الاقتصادية عقب النقد الذي وجهه بعض الاقتصاديين النظرية العامة وقد كان المقال منصبا على التحليل الخاص بالطلب على النقود. (خوالدي، 2021)

النظرية الكلاسيكية الجديدة

وضعت النظرية الكلاسيكية الجديدة محددات الطلب على النقود وهي ضمن عوامل تبين بان الطلب على النقود او الأرصدة الحقيقية يتحدد من خلال العوامل الآتية:

  1. منفعة الأرصدة النقدية (U)
  2. مستوي الأسعار ((p
  3. سعر فائدة السوق (i)
  4. مستوي الدخل الحقيقي (Y)
  5. معدل التغير في الأسعار (pΛ)

ويمكن كتابتها حسب فريدمان في الصورة التالية:

Md = F (U, P, I, Y, pΛ)

حيث تمثلMd  طلب الأفراد للنقود ولأن (u) التي تمثل المنفعة تتصف بالاستقرار و (pΛ) لا تتغير الا في فترات طويلة وفي حالات التضخم الجامح فإنه يمكن إعادة صياغة المعادلة لتصبح كالتالي:

Md = F (P, Y, I) (علاونة، 2018)

المبحث الثاني

الإطار النظري للتضخم

تمهيد

تعتبر مشكلة التضخم من الظواهر الاقتصادية الكلية وهي تعد الاكثر شيوعا في عالمنا المعاصر حيث شغلت الاقتصاديين لفترة طويلة من الزمن نظرا للانعكاسات السلبية التي تخلقها هذه الظاهرة على الهياكل الاقتصادية والاجتماعية للدولة التي تعاني منها سواء دولة متقدمة أو دولة نامية.

ولا زال هدف مكافحة التضخم وضبطه واستهدافه والمحافظة على استقرار الأسعار من الأهداف الأساسية التي تسعى الحكومات إلى تحقيقها والبحث عن الطرق والسياسات الموصلة لكبحه، فقد أصبحت هذه الظاهرة تحظى بأهمية بالغة ومن أهم المشكلات التي تتعرض للبحث والتحليل نظرا لما تخلفه من آثار على مختلف المستويات والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، فهو عقبة رئيسية أمام صانعو القرار في أي حكومة وعامل مهم يجب مراعاته عند اتخاذ أي قرار اقتصادي، ويوجد عدة تعريفات للتضخم في الادبيات المختلفة.

تعريف التضخم

يعرف التضخم بأنه “الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار” والمقصود بالارتفاع المستمر في الاسعار أن كافة اسعار السلع والخدمات في الاقتصاد تكون مرتفعة عن معدلاتها السابقة بما فيها تكاليف عناصر الانتاج.

وكذلك يعرف بـأنه ” كل زيادة في التداول النقدي تترتب عليها زيادة في الطلب الكلى الفعال عن العرض الكلى للسلع والخدمات في مدة زمنية تؤدى الى زيادة في المستوى العام للأسعار” (وليد ،2014)

كما يمكن تعريفه بأنه كل زيادة في التداول النقدي يترتب عليه زيادة في الطلب الكلى الفعال عن العرض الكلى للسلع والخدمات في مدة زمنية معينة تؤدى إلى الزيادة في المستوى العام للأسعار. (خوالدي ،2021)

أسباب التضخم

1- زيادة المعروض النقدي المتداول بين المستهلكين

مما يؤدي لزيادة الطلب على السلع والخدمات فيقود ذلك للارتفاع في الأسعار، وقد يكون زيادة المعروض النقدي بسبب أموال تضخها الحكومة في صورة مكافآت أو زيادة في الأجور وظهر ذلك جليا في الاقتصاد الأمريكي بعد جائحة كوفيد-19.

2- التضخم الناشئ بسبب زيادة الطلب الكلي عن العرض الكلي

حيث يؤدي انخفاض المعروض من السلع والخدمات لارتفاع أسعارها ارتفاعا شديدا وليس الارتفاع الطفيف الذي قد يكون مؤقتا، وقد يحدث انكماش لحجم المعروض من السلع والخدمات بسبب أزمات إنتاجية أو أزمات في نقل البضائع مثل أزمات سلاسل التوريد العالمية التي تنتقل بدورها إلى اقتصاديات جميع الدول التي تشارك في التجارة الدولية، مما يؤدي لعدم التوازن بين المعروض النقدي والمعروض السلعي.

3- خفض مباشر وقوي في قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية أو ما يعرف ب ” سياسة التعويم “

التي تلجأ إليها الدول نتيجة لانخفاض الطلب على عملتها المحلية بسبب التشوهات في أسعارها الحقيقية أو للقضاء على السوق الموازي أو ما يعرف ب ” السوق السوداء ” وتؤدي سياسة التعويم إلى ارتفاع مباشر في أسعار السلع والخدمات أو انخفاض في قيمة العملة المحلية.

ويمكن الوصول إلى أن التضخم هو “ظاهرة نقدية ترتفع فيها أسعار السلع والخدمات ارتفاعا شديدا مقابل انخفاض قيمة العملة المحلية نتيجة لزيادة المعروض منه وانخفاض قوته الشرائية، أي تكون هناك فجوة بين الطلب الكلي والعرض الكلي، إما نتيجة زيادة في الأموال والنفقات أو انخفاض في إنتاجية السلع والخدمات”

وتنعكس آثار التضخم السلبية على ظواهر أخرى غير ارتفاع الأسعار، فلها آثار غير مباشرة مثل زيادة معدلات البطالة وارتفاع المواد الخام الأولية ومستلزمات الإنتاج مما يؤدي لارتفاع أسعار السلع ارتفاعا شديدا لا يجد طلبا عليه، وقد يقود ذلك في النهاية إلى الكارثة الكبرى وهي الركود التضخمي، أو الكساد.

لذلك يجب أن تتدخل الحكومة لاتخاذ قرارات حاسمة تعيد الاقتصاد إلى مساره الصحيح وتقلل من آثار التضخم السلبية، وتستخدم في ذلك أدوات السياسة النقدية التي تم ذكرها مسبقا أو أدوات أخري. (حليمة واسماء، 2015).

أنواع التضخم

إن تعدد آراء الاقتصاديين حول مفهوم التضخم جعلهم يختلفون في تحديد أنواعه وبالرغم من تعدد أنواع التضخم إلا أنها تشترك في نقطة واحدة وهي إن كل أنواعه تؤدى إلى إضعاف القوة الشرائية للنقود وعلى هذا الأساس يتم سرد الأنواع حسب هذا التقسيم كما يلي:

 أولا: التضخم من حيث حدته ودرجة قوته

1- التضخم الجامح (العنيف)

ويعد النوع المتطرف والأشد قسوة من التضخم حيث تفقد العملة المحلية قيمتها باستمرار وخلال فترة زمنية قصيرة نتيجة لضعف قوتها الشرائية ولزيادة الطلب على السلع والخدمات، والأسوأ هو حالة فقدان الثقة في العملة المحلية مما يدفع الناس إلى محاولة التخلص منها فيؤدي ذلك لانخفاض قيمتها أكثر فأكثر نتيجة لتدهور مستوي الطلب عليها، وقد تلجأ الحكومة في ذلك الوقت إلى إصدار عملة جديدة لتحل محل العملة القديمة. 

2- التضخم الراكض

ويحدث حين ترتفع معدلات التضخم والبطالة معا، فتؤدي زيادة الأسعار في النهاية إذا لم يتم التحكم فيها إلى خفض المصانع لقوتها الإنتاجية وتسريح بعض العمال مما يؤدي لارتفاع مستوي البطالة.

وقد يكون الارتفاع في المستوي العام للأسعار كلها وهو ارتفاع جميع أسعار السلع والخدمات وليس سلعة أو سلعتين ويمكن تعريفه على أنه انخفاض في قيمة النقود، أو ارتفاع في مستوي أسعار معينة نتيجة اختلالات في اقتصاد الدولة أو ارتفاع مستلزمات إنتاج بعض السلع أو لحدوث أزمة في قطاع معين من قطاعات الاقتصاد.

3- التضخم الزاحف

ويعرف احيانا بالتضخم التدريجي وهو عبارة عن اتجاه المستوى العام للأسعار نحو الارتفاع بصورة بطيئة، ولكنها مستمرة حتى في حالة عدم زيادة الطلب الكلى بنسبة كبيرة ويعد ذلك النوع من أخف أنواع التضخم ويظهر هذا النوع عادة على فترات متباعدة وهناك إمكانية للسيطرة عليه بسهولة ويعود سبب بروزه إلى زيادة كمية النقد المتداولة إلى الارتفاع النسبي في الأجور والأرباح. (حليمة واسماء، 2015)

ثانيا: أنواع التضخم من حيث درجة إشراف الدولة

 1- التضخم المكبوت (المقيد)

يعنى أن التدخل الحكومي المباشر يمنع القوى التضخمية من ممارسة ضغوطها على الأسعار في الاتجاه التصاعدي وذلك بفضل القرارات الإدارية للسلطات العامة مثل الرقابة على الأسعار وسياسة التراخيص والإعانات ومن ثم يتم السيطرة على الأسعار أي أن الدولة لا تسمح للعوامل الاقتصادية من أن تعمل بحرية وغالبا ما يظهر هذا التضخم في الاقتصاديات المخططة مركزيا.

2– التضخم الطليق (المكشوف) الظاهر

 يظهر أثره بصورة مباشرة في الارتفاع في الأسعار بصورة مستمرة استجابة لفائض الطلب دون أن يعترض طريقها أي عائق أي دون تدخل من قبل السلطات الحكومية للحد من ارتفاع الأسعار ويمثل ذلك التضخم ذروة التضخم حيث أن الأسعار تأخذ في الزيادة تصاعديا وبذلك تتدهور قيمة النقود بصورة حادة وملموسة , وتفقد النقود الوطنية قيمتها أو وظيفتها كمخزن للقيمة الأمر الذى يدفع الأفراد إلى زيادة إنفاقهم الاستهلاكي أي التخلي على ما في حوزتهم من نقود وما يزيد من تعميق الظاهرة هو أن الأفراد يتوقعون استمرار ارتفاع الاسعار وهو بذلك عكس النوع السابق حيث لا تحاول الحكومة التحكم في مستويات التضخم بل تتركه وفقا للعرض والطلب.

3- التضخم الكامن (الخفي)

 يتمثل هذا النوع من التدخل القومي النقدي في شكل زيادة كبيرة غير طبيعية في هذه الدخول دون أن يسمح لها بأن تجد منفذا طبيعيا في شكل زيادة في الانفاق على السلع الاستهلاكية والاستثمارية أي أنه نشأ نتيجة التضخم في الدخول لا يصاحبه تضخم في الإنفاق وذلك نتيجة تدخل الدولة في توزيع السلع حيث تحدد لكل فرد كمية معينة لا يجوز له أن يشترى أكثر منها وفى هذه الحالة تفقد النقود وظيفتها باعتبارها وسيلة للتبادل ويسود ذلك النوع من التضخم في أوقات الحروب حيث يتحول الإنتاج القومي إلى الإنتاج الحربى وتكون النتيجة أن الدخل القومي النقدي في ارتفاع بينما يظل جانب المعروض من السلع والخدمات في نقص.

ثالثا: التضخم من حيث مصدر الضغط التضخمي

1- تضخم الطلب

هو الارتفاع في الأسعار ويظهر كنتيجة لفائض الطلب الكلى على العرض الكلى وهذا يعنى أن زيادة الطلب على السلع والخدمات وما يترتب عليها من زيادة الإنفاق سواء كان إنفاقا استهلاكيا او استثماريا بشكل يفوق الطاقة الإنتاجية للاقتصاد الوطني فإن تلك الزيادة بالضرورة سوف تؤدى إلى زيادة المستوى العام للأسعار ويحدث ذلك النوع من التضخم نتيجة لزيادة حجم النقود لدة الأفراد مع ثبات حجم السلع والخدمات المتاحة في المجتمع أي أن هناك نقودا كثيرة تطارد سلعا قليلة وهذا بدوره يؤدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل مستمر ومتزايد.

2- تضخم التكلفة

التضخم طبقا لهذه النظرية يحدث إما بسبب ضغط النقابات العمالية من أجل زيادة الأجور النقدية بسرعة أكبر من الزيادة التي تحدث في الأحوال العادية كما قد ينشأ هذا النوع من التضخم نتيجة الممارسات الاحتكارية لأصحاب المشاريع الذين يرفعون الأسعار حتى في غياب الزيادة في الطلب أو ارتفاع التكاليف. 

رابعا: أنواع التضخم من حيث العلاقات الاقتصادية الدولية

1- التضخم المصدر

يعنى ارتفاع الاسعار نتيجة زيادة احتياطات البنوك المركزية النقدية من الدولارات والناجم عما يعرف (قاعدة الدفع بالدولار).

2- التضخم المستورد

ويكون نتيجة لزيادة جانب الواردات وتدهور ميزان المدفوعات، ونتيجة أيضا لارتفاع مستلزمات الإنتاج المستوردة من الخارج مما يؤدي بالتبعية لارتفاع مستوي الأسعار للسلع المستوردة أو السلع المحلية التي تحتاج لمواد أولية مستوردة من الخارج ويحدث التضخم المستورد ايضا نتيجة زيادة تكاليف الإنتاج وأسعار المنتجات نظرا للاعتماد على مستلزمات إنتاج مستوردة في العمليات الإنتاجية

 آثار التضخم

1- تأثير التضخم على الدخل

يؤثر التضخم بصورة سلبية على بعض فئات المجتمع أكثر من البعض الأخر فأصحاب الدخول الثابتة هم بالتأكيد المتضررين من ارتفاع الأسعار بسبب انخفاض القيمة الحقيقية لدخولهم ومن ثم التأثير على حجم الاشباع لديهم بينما يستفيد من التضخم رجال الاعمال والمنتجون نتيجة لارتفاع الأرباح الناجمة عن ارتفاع الأسعار.

2- تأثير التضخم على الاستهلاك والادخار

يتوقف الادخار على الدخل الحقيقي فكلما ارتفع الدخل الحقيقي للفرد كلما زاد الميل الحدي للادخار ويحدث ذلك لأن زيادة الدخل تسمح للأفراد بالحصول على كمية كبيرة من السلع والخدمات مقابل التخلي عن جزء محدود من الدخل وهذا الجزء الباقي يعد بمثابة فائض يوجه إلى الادخار ففي حالة التضخم فانه سوف ينخفض الدخل الحقيقي لانخفاض القوة الشرائية للنقود ومن ثم التأثير على الاستهلاك بتوجيه الجزء الأكبر من الدخل لسد حاجات الاستهلاك ويقل الادخار.

3- تأثير التضخم على ميزان المدفوعات

يؤثر التضخم بشكل سلبي على ميزان المدفوعات حيث أن الدولة التي تعانى من ارتفاع الاسعار تكون منتجاتها في موضع تنافسي ضعيف من منتجات الدول الأخرى الاقل سعرا وبالتالي تزداد وارداتها وتقل صادراتها مما يؤدى إلى عجز الميزان التجاري عن ميزان المدفوعات أو في اقل الحالات سوء ينخفض حجم الفائض فيه.

4- اثار التضخم على الاستثمار

إذا توقع افراد المجتمع ان التضخم سوف يستمر ويتصاعد فانهم يحاولوا حماية أنفسهم من آثاره ويتجهون بطريقة متزايدة نحو المضاربة واكتناز السلع بدلا من استثمار اموالهم في التنمية والإنشاءات الصناعية واضافة الطاقة الإنتاجية ولا شك ان مثل هذا الاتجاه ضار بالمجتمع (رابح ,2019)

قياس القوى التضخمية

يقصد بقياس القوى التضخمية هو تشخيص للوضع الاقتصادي، وبقدر ما يكون التشخيص صحيحا ودقيقا بقدر ما يكون العلاج والحل صحيحا، ويمكن قياس التضخم باستخدام الأرقام القياسية.

قياس التضخم باستخدام طريقة الأرقام القياسية

يتم اعتماد الأرقام القياسية للأسعار في قياس التغيرات في المستوى العام للأسعار ومن ثم قياس معدل التضخم في الاقتصاد، حيث تتم مقارنة الرقم القياس للأسعار في سنة معينة مع الرقم القياسي للأسعار في سنة الأساس، وتمثل سنة الأساس السنة التي ينسب إليها التغير في المستوى العام للأسعار وعادة ما يكون الرقم القياسي للأسعار في سنة الأساس مساويا ل (100) أي:

  • إذا كان الرقم القياسي للسنة الجارية أكبر من (100) فهذا يعنى أن الأسعار قد ارتفعت.
  • إذا كان الرقم القياسي للسنة الجارية أقل من (100) فهذا يعني أن الأسعار قد انخفضت.
  • إذا كان الرقم القياسي للسنة الجارية يساوى (100) فهذا يعنى أن الأسعار لم تتغير.

وتستخدم الصيغة التالية لاستخراج الرقم القياسي:

مجموع الأسعار في السنة الجارية  100

مجموع الأسعار في سنة الأساس

وبناء على ذلك فأن حساب الأرقام القياسية يكون معتمدا على السلع التي يتم اختيارها وكذلك الخدمات أي أسعار مجموعة من السلع في وقت معلوم بالنسبة الى مستواها في وقت آخر يتخذ أساسا للقياس أو أساسا للمقارنة (وليد ،2014)

النظريات الاقتصادية المفسرة للتضخم

أولا: النظرية النقدية الكلاسيكية

تعبر هذه النظرية عن وجهة نظر المدرسة الكلاسيكية بالنسبة الى تضخم الطلب، وكانت هذه النظرية أول إشارة الى تضخم الطلب ولقد تم صياغة هذه النظرية في شكل صورتين هما:

أولا: صورة المبادلات

تم صياغتها من طرف الاقتصادي فيشر على الشكل التالي:

M.V = P.T

حيث إن:

M: كمية النقود المتداولة (خلال فترة زمنية)

V: سرعة تداول النقود وهى ثابتة حتى على المدى القصير لأنها ترتبط بالعوامل السلوكية مثل الرغبة بالاحتفاظ بالنقود والعوامل التقنية والعوامل المؤسسية كتطور المصارف والأسواق المالية وهذه عوامل ثابتة حتى في الأمد القصير كما أنها تعنى عدد المرات التي تتداول فيها العملة النقدية خلال مدة زمنية معينة.

P: المستوى العام للأسعار.

T: حجم التبادل (وهى كل عملية بيع وشراء سواء كانت السلعة قديمة أو جديدة) وهى ثابتة لوجود الاستخدام الكامل حسب الافتراضات التي وضعها الكلاسيك.

ثانيا: صورة الارصدة النقدية

معادلة كامبردج   p=

P: مستوى العام للأسعار

M: عرض النقود

Y: الدخل القومي

K: نسبة معينة من الدخل الحقيقي للأفراد الذين يرغبون بالاحتفاظ به في شكل نقود

انيا: النظرية الكينزية

تسمى ايضا بنظرية فائض الطلب أو جذب الطلب إذ تقوم على أساس أن التضخم يعود إلى زيادة حجم الإنفاق الكلى وتفوقه على العرض الكلى للسلع والخدمات مما يؤدى الى خلق فائض طلب ينعكس على زيادة معدلات التضخم وفرق كينز بين حالتين هما:

1- حالة التشغيل الجزئي

وهي الحالة التي لا يكون فيها الاقتصاد قد وصل إلى مستوى التوظيف الكامل أي لا تكون الطاقات الإنتاجية والموارد الاقتصادية قد استغلت بشكل كامل أو قد وصلت إل

ى أقصى طاقاتها في الإنتاج , ويرى كينز هنا بأن الزيادة التي قد تحدث في الطلب ستتمكن من إيصال العرض من السلع والخدمات إلى زيادة مناظرة له في الطلب وهذا يؤدى إلى زيادة حركة المبيعات ومن ثم ينعكس ذلك على أرباح المنتجين مما يحفزهم على تشغيل طاقاتهم الإنتاجية المعطلة وغير المستغلة,  كذلك أشار كينز إلى أن عجلة التوظيف ما أن تسير للأمام وتستغل الطاقات العاطلة وتوظف الأيدي العاملة غير المستخدمة ويزداد الضغط على عناصر الإنتاج لبعض القطاعات والذى بدوره يؤدى الى ارتفاع أسعارها قطاعيا , فأنه من المتوقع أن تبدأ الاتجاهات التضخمية بالظهور حتى لو لم يصل الاقتصاد القومي إلى مرحلة التوظيف الكامل وهو ما أسماه كينز بالتضخم الجزئي.

2- حالة التشغيل التام

عندما يكون الاقتصاد عند مستوى التشغيل الكامل أي أن زيادة الطلب الكلى لا يقابلها زيادة في العرض الكلى

( لأن الجهاز الإنتاجي يفقد المرونة عند مستوى التشغيل الكامل ) , فإن التضخم هنا يعبر عن الفجوة ما بين حجم الطلب الكلى الفعلي وبين الحجم الكلى من السلع والمنتجات المعروضة عند مستوى الاستخدام الكامل بحيث تتمثل تلك الفجوة في ارتفاع مستوى الأسعار السائدة , وعند حجم معين من الطلب الكلى الفعلي يتحدد مستوى التوازن في الاقتصاد القومي ولكى يبقى الاقتصاد القومي عند ذلك المستوى من التوازن يجب أن يتوازن الطلب الفعلي مع مستوى الاستخدام الكامل , فارتفاع المستوى الخاص بالطلب الكلى الفعلي عن مستوى الاستخدام الكامل يؤول الى ظهور التضخم . (حميد ورمضان ،2019)

الفصل الثاني: الدراسة التحليلية للعلاقة بين السياسة النقدية والتضخم

المبحث الأول: العلاقة بين السياسة النقدية ومعدل التضخم (نظريا)

المبحث الثاني: تحليل أثر أدوات السياسة النقدية على التضخم في الحالة المصرية (تحليليا)

مقدمة

تعتبر السياسة النقدية أحد الأدوات الرئيسية التي تستخدمها الحكومات للتحكم في التضخم والاستقرار الاقتصادي. وتهدف السياسة النقدية إلى تحقيق التوازن بين المعروض النقدي والطلب عليه، من خلال تحكم في معدلات الفائدة وتغيير مقدار النقد المتداول في الاقتصاد.

وتعتبر مصر واحدة من الدول النامية التي تواجه تحديات كبيرة في مجال الاقتصاد، حيث تعاني من مشاكل عديدة فيما يتعلق بالتضخم والنمو الاقتصادي. ولذلك، فإن فهم العلاقة بين السياسة النقدية ومعدل التضخم وتحليل أثر أدوات السياسة النقدية على التضخم على الحالة المصرية يعد من الموضوعات المهمة التي يجب دراستها.

يهدف الفصل الثاني من البحث إلى دراسة العلاقة بين السياسة النقدية ومعدل التضخم في مصر، وتحليل أثر أدوات السياسة النقدية على التضخم على الحالة المصرية. ومن خلال هذا الفصل، سنسعى إلى فهم أفضل للتحديات التي تواجه الحكومة المصرية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والحد من التضخم، وكيفية استخدام السياسة النقدية كأداة لتحقيق هذه الأهداف..

المبحث الأول

العلاقة بين أدوات السياسة النقدية ومعدل التضخم (نظريا)

تمهيد

يتناول هذا المبحث دراسة العلاقة بين السياسة النقدية ومعدل التضخم، وكيفية استخدام السياسة النقدية للحد من التضخم والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي. ويتم ذلك من خلال دراسة أدوات السياسة النقدية المختلفة الممثلة في سعر الصرف الرسمي وسعر الفائدة الحقيقي مع التطرق لمعرفه كل مفهوم ماذا يمثل وتوضيح المفاهيم والإشارة الي امثله لبيان العلاقة بين السياسة النقدية الممثلة في سعر الفائدة الحقيقي وسعر الصرف الرسمي وتأثير هذه الادوات على التضخم.

بعد أن أوضحنا الإطار النظري لكلا من السياسة النقدية ومعدلات التضخم في الفصل السابق، علينا الآن أن نستعرض تأثير تلك العوامل على التضخم وتوضيح العلاقة بينهما إيجابية كانت أو سلبية ثم إذا كانت من طرف واحد أو علاقة متبادلة، وسوف نقوم في تحليلنا بالتركيز على عاملين وهما سعر الفائدة الحقيقي وسعر الصرف الرسمي كأداتين من أدوات السياسة النقدية.

ثم سوف نقوم بالتركيز على تلك العوامل داخل جمهورية مصر العربية، حيث سوف نستعرض الظروف الاقتصادية في فترة البحث التي تم تحديدها منذ عام 2000 إلى 2021، موضحين تطور معدلات التضخم بين الارتفاع والانخفاض وكيفية استخدام أدوات السياسة النقدية في مواجهة تلك التداعيات.

مرت مصر بفترة من الهدوء الاقتصادي منذ عام 2000 حتي عام 2011، حيث لم تحدث أي اهتزازات قوية في المؤشرات الاقتصادية بل كانت تتجه نحو الأمام بتحقيق معدلات نمو مرتفعة، وتأثرت بالأزمة المالية العالمية في 2008 التي امتد أثرها الأكبر على الولايات المتحدة وبعض دول اوروبا، وتمثل ذلك في ارتفاع معدل التضخم في مصر عام 2008 حتى وصل إلى 18.3% بزيادة تعادل حوالي 100% عن العام السابق 2007 الذي كان معدل التضخم فيه 9.3%، عدا ذلك فقد كانت تلك الفترة هادئة ومستقرة إلى حد كبير، ولكن بدأ كل شيء في التغيير منذ العام 2011 حيث تأثرت البلاد بثورة 25 يناير 2011 ثم 30 يونيو 2013 التي سببتا اضطراباً شديداً في الاقتصاد المصري وتراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي.

وسوف نقوم بتحليل جداول معدل التضخم وأسعار الفائدة وأسعار الصرف كلاً على حدى لنتبين التغيرات التي حدثت في الاقتصاد المصري في تلك الفترة، ثم نقوم بتحليل المتغيرات سوياً لمعرفة أُثر السياسات النقدية متمثلة في سعر الفائدة وسعر الصرف في السيطرة على معدل التضخم ومدى كفاءة استخدام السياسة النقدية في الاقتصاد المصري.

أولاً العلاقة بين سعر الفائدة الحقيقي والتضخم

تعد أداة سعر الفائدة هي الأداة الأشهر على الإطلاق في مكافحة التضخم، حيث تلجأ معظم الحكومات عند ارتفاع معدلات التضخم إلى الحل السحري وهو رفع أسعار الفائدة في البنوك حتى يتجه المواطنون إلى وضع أموالهم في البنوك مما يؤدي لانخفاض المعروض النقدي في الأسواق وبالتالي تخفيف الطلب على السلع والخدمات حتى تنخفض أسعارها من جديد.

ولكن لكل شيء ثمن، فرفع أسعار الفائدة يكون له أثر سلبي حيث يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي بسبب إحجام المستثمرين عن الاستثمار وارتفاع تكلفة الاقتراض، وتلجأ الحكومات إلى التضحية بمعدلات النمو الاقتصادي المرتفعة من أجل السيطرة على التضخم لأن أثار التضخم السلبية تؤدي إلى انخفاض العائد على الاستثمار وانخفاض قيمة المدخرات وفقدان الثقة في العملة المحلية وعجز ميزان المدفوعات.

لذلك فإن سياسة رفع الفائدة أو خفضها تكون وفقاً للأهداف الاقتصادية التي تسعى الحكومة لتحقيقها بالتعاون مع البنك المركزي، حيث تسعى معظم الدول للحفاظ على مستويات معتدلة من التضخم حتى ينعكس في النهاية على عجز المستهلكين عن الشراء بسبب الارتفاع الهائل في أسعار السلع والخدمات أو انهيار قيمة عملتها.

ويوجد نوعان من سعر الفائدة

سعر الفائدة الاسمي: وهو السعر الذي يعلنه البنك المركزي في الدولة وفقاً للسياسة الاقتصادية في تلك الدولة.

سعر الفائدة الحقيقي: يكون عبارة عن سعر الفائدة الاسمي مخصوماً منه قيمة التضخم، ليحسب القيمة الحقيقية التي تعود على المودع نتيجة إيداعه أمواله في البنوك في معادلة تكون بهذا الشكل:

سعر الفائدة الحقيقي = سعر الفائدة الاسمي – معدل التضخم

لذلك فإنه كلما ترتفع قيمة التضخم فسوف تنخفض بالتبعية قيمة سعر الفائدة الحقيقي، وتلجأ الدول لرفع سعر الفائدة الاسمي بنسبة تزيد عن معدل التضخم ليكون ذلك مغرياً للمقرضين لوضع أموالهم في البنوك والخفض من المعروض النقدي في الأسواق مما يؤدي لانكماش معدل التضخم، ومع انكماش معدل التضخم تبدأ البنوك في خفض سعر الفائدة الاسمي تدريجياً لمنع حدوث ركود اقتصادي، وتعد تلك الأداة الأشهر لدي الجهاز المصرفي في أي دولة للسيطرة على معدلات التضخم.

وتميل أسعار الفائدة الاسمية والتضخم إلى التحرك في نفس الاتجاه، أما أسعار الفائدة الحقيقية فلها علاقة عكسية مع التضخم، فكلما زاد التضخم انخفض سعر الفائدة الحقيقي، ولكن مع فترات تأخير، لأن صانعي السياسة يطلبون بيانات لتقدير اتجاهات التضخم المستقبلية، ومعدلات الفائدة التي يحددونها تستغرق وقتًا للتأثير بشكل كامل على الاقتصاد. وقد تكون هناك حاجة إلى معدلات أعلى للسيطرة على ارتفاع التضخم، بينما يؤدي تباطؤ النمو الاقتصادي غالبًا إلى خفض معدل التضخم وقد يؤدي إلى خفض أسعار الفائدة.   (بن عزة، 2020)

ثانيا: العلاقة بين سعر الصرف والتضخم

انخفاض سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأخرى يعني ( انخفاض قيمتها )، وتعتبر العلاقة بين التضخم وسعر الصرف من أشهر العلاقات في الاقتصاد الحديث، فالتضخم المرتفع في دولة ما يؤدي إلى فقدان العملة المحلية لقدرتها الشرائية مما يضعفها أمام العملات الأخرى، ومع استمرار الضغط التضخمي على العملة المحلية تتجه نحو فقدان بعض من قيمتها أمام العملات الأخرى، فعلى سبيل المثال إذا استمر التضخم لمدة سنة فإن قيمة ال100 دولار تساوي 2000 جنيه مصري في بداية السنة، ثم نجد في نهاية السنة أن قيمة ال100 دولار أصبحت تساوي 2100 جنيه، لذلك فإن التضخم المستمر يؤدي إلى انخفاض سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأخرى وتدهور قدرتها الشرائية أمام باقي العملات.

كما يؤدي التضخم إلى انخفاض قيمة الأجور والمرتبات في الدولة وبالتالي فقدان نسبة كبيرة من قيمتها الشرائية الحقيقية فتتسارع فئات الشعب المختلفة نحو شراء العديد من السلع والخدمات فور حصولها على أجورها لأنها تتوقع ارتفاع أسعار السلع في أي وقت، مما يسبب ضغط كبير على الأسواق وشح ونفاذ بعض السلع والخدمات فترتفع قيمتها وبالتالي تزداد قيمة التضخم مجدداً.

والعكس صحيح، فإذا افترضنا انخفاض سعر صرف العملة المحلية أمام الدولار والعملات الأخرى، فإن ذلك سوف يؤدي لمزيد من التضخم بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات المستوردة وليس فقط المستوردة بل والسلع المحلية التي يدخل في تصنيعها مدخلات إنتاج مستوردة، ويزداد أثر انخفاض سعر الصرف على التضخم كلما زادت نسبة السلع المستوردة لذلك فإن الدول تستورد نسبة كبيرة من منتجاتها من الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال سوف يرتفع التضخم لديها ارتفاعاً شديداً إذا ما انخفض سعر صرف عملتها المحلية أمام الدولار الأمريكي، وبالتالي ستحدث فجوة سلبية كبيرة في ميزان المدفوعات. (أسماء وحليمة، 2015)

فنجد أن العلاقة بين سعر الصرف والتضخم هي علاقة إيجابية ومتبادلة تأُثير وتأثر، حيث يؤثر التضخم المستمر على تخفيض قيمة العملة، بل ويؤدي إلى فقدان الثقة في العملة المحلية فيلجاً المواطنون والمستثمرون للتخلص منها مقابل الإقبال على العملات الأخرى أو المشغولات الذهبية لحفظ القيمة، وتتحرك حركة رؤوس الأموال إلى خارج الدولة، فيتدهور سعر صرف العملة المحلية، وعلى الجانب الأخر فإن انخفاض سعر الصرف يؤدى إلى زيادة التضخم المستورد لزيادة أسعار السلع والخدمات المستوردة.

ولكن ماذا سوف يحدث إذا زادت معدلات التضخم وقررت الدولة تثبيت سعر الصرف، سوف يؤدي ذلك لزيادة تشوهات الاسعار والإقبال على المنتجات المستوردة بنسبة أكبر، حيث سترتفع قيمة المنتجات المحلية وتظل قيمة المنتجات المستوردة ثابتة كما هي، وبالتالي سيزيد الإقبال على العملة الأجنبية لاستيراد سلع وخدمات مستوردة أكثر لسد احتياجات الطلب الشديد عليها وزيادة العجز في ميزان المدفوعات، مما يخفض من القيمة الحقيقية للعملية المحلية ويسبب فجوة كبيرة بين القيمة الاسمية للعملة المحلية وقيمتها الحقيقية وترتفع نسب تداول العملات الأجنبية في السوق السوداء، وذلك يكون له كوارث اقتصادية على المدى المتوسط والبعيد.

المبحث الثاني

تحليل أثر أدوات السياسة النقدية على التضخم في الحالة المصرية (تحليليا)

تمهيد

يتناول هذا المبحث تحليل أثر أدوات السياسة النقدية على التضخم في الحالة المصرية، وكيفية تأثيرها على النمو الاقتصادي واستقرار الأسعار. ويتم ذلك من خلال دراسة تأثير أدوات السياسة النقدية المختلفة، مثل تغيير معدلات الفائدة الحقيقية وتغيير معدلات الصرف الرسمي، على معدلات التضخم في مصر، وتحليل النتائج المترتبة على تطبيق هذه الأدوات.

جدول الإحصاءات الوصفية

جدول ( 1): الإحصاءات الوصفية

عدد المشاهدات أكبر قيمة اقل قيمة الانحراف المعياري الوسيط المتوسط المتغيرات
22 29.507 2.270 6.061607362 9.394 9.585 التضخم
22 17.783 3.472 4.820825002 5.994 8.414 سعر الصرف الرسمي
22 11.215 -6.263 4.466125868 1.868 2.800 سعر الفائدة الحقيقي

(المصدر: من إعداد الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي)

معدل التضخم في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

شكل  1: التضخم في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

(المصدر: من إعداد الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي)

يتضح لنا من الشكل رقم (1) أن جمهورية مصر العربية قد مرت بفترات قليلة كانت مستويات التضخم فيها مثالية، حيث كان معدل التضخم في الأعوام الثلاث 2000 و2001 و2002 مستقراً للغاية ويقع في النسبة المثالية المتفق عليها عالمياً بين 2% و4%، حيث لم يعاني الاقتصاد المصري من مشكلة التضخم كمشكلة رئيسية، بل كانت اهتماماته متجهة نحو مشاكل أخرى مثل مشكلة البطالة.

ثم بدأ المعدل في الارتفاع تدريجياً عام 2004 في ذلك الوقت ليصل إلى 11.2% تزامناً مع السياسة الاقتصادية المنفتحة التي اتبعتها مصر وبعد قرار التعويم المدار الذي تم اتخاذه في يناير 2003 وترك العملة المحلية لمعاملات العرض والطلب وفك ارتباطه بالدولار الأمريكي وكانت تلك النسبة الأعلى حتى عام 2008. (عبد الغني، 2022)

ثم انخفضت عام 2005 لتصل إلى 4.87% ولكنها عادت للارتفاع مجدداً عامي 2006 و2007 ثم وصلت إلى الزيادة القصوى عام 2008 لتصل إلى 18.3% بالإضافة إلى زيادة حجم النفقات العامة سواء زيادة النفقات الجارية أو زيادة حجم الفوائد المدفوعة على الديون المحلية والخارجية، وعدم نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري الذي تم وضعه حينها. (هيبة، 2019)

وبالإضافة إلى تشوهات في توازن العرض والطلب يرجع الي نقص المعروض من الثروة الداجنة بسبب مرض انفلونزا الطيور وامتد ليشمل اسعار اللحوم والاسماك بسبب الاقبال عليها.

ولكن سرعان ما استطاعت الحكومة السيطرة على معدل التضخم لينخفض في الأعوام 2009 و 2010 إلى 11.7% و 11.2% على التوالي، ثم بدأت مرحلة جديدة في الاقتصاد المصري وهي فترة التقلبات السياسية بعد ثورة 25 يناير 2011 حيث كان للاضطرابات السياسية أثراً واضحاً على تراجع وتأخر نمو الاقتصاد المصري وتراجع القيمة الحقيقية للجنيه المصري ولكن ظل الحفاظ على معدل التضخم منخفضاً في تلك الفترة أولوية لدي الجهاز المصرفي المصري ولدى الحكومة المصرية حتى لا تزيد من اشتعال المواطنين المصريين إذا ما واجهوا غلاء كبيراً في الأسعار، فاتجهت الحكومات نحو الحفاظ على معدل تضخم منخفض في الأعوام من 2011 حتى 2015 للحفاظ على الهدوء الشعبي لدي المواطنين ومواجهة أزمات مثل أسعار الوقود والعجز في أسطوانات البوتوجاز، وكان ذلك على حساب الاقتصاد المصري حيث حدثت عدة تشوهات اقتصادية أدت فيما بعد لاتخذا قرار مهم باتباع سياسة سعر الصرف الحر (سياسة تعويم الجنيه) التي سيكون لها أثراً واضحاً على معدل التضخم. (حسن، 2017)

في نوفمبر عام 2016 قامت مصر باتخاذ قرار كان له الأثر الأبرز على معدلات التضخم في السنوات المقبلة، حيث اتخذت قرار تعويم سعر الجنيه المصري للسيطرة على حجم النقد الأجنبي المتداول في السوق السوداء، وكان ذلك القرار ضمن حزمة قرارات مالية ونقدية لإصلاح أوضاع الاقتصاد المصري بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وكان هدف المركزي المصري هو السيطرة على السوق السوداء وتوفير العملة الأجنبية للقطاع الخاص الذي قد تنخفض أسعار السلع التي يستوردها نظراً لحصوله على العملة الأجنبية بسعر أرخص من سعر السوق السوداء، أما بالنسبة للسلع التي يستوردها القطاع العام فسوف ترتفع لأنه كان يحصل على الدولار من البنوك الرسمية مقابل الجنيه بسعر لا يمثل قيمته الحقيقية، لذلك سعت الحكومة المصرية لإصلاح تلك التشوهات في آليات السوق وسد الفجوة بين قيمة الجنيه الإسمية وقيمته السوقية، وكان لقرار تحرير سعر صرف العملة أثره على ارتفاع مستويات التضخم في عام 2016 لتصل إلى 13.8% ولكن كان له أثراً أكبر في العام التالي نظراً لأن قرار التعويم كان في نهاية 2016، ففي عام 2017 ارتفع معدل التضخم إلى 29.5% ليسجل أكبر قفزة له منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وكان لذلك الارتفاع صخباً شديداً في المجتمع المصري حيث أدى ارتفاع سعر السلع والخدمات إلى صعوبة الأحوال المعيشية في مصر وانهيار للطبقة المتوسطة وزيادة نسبة المواطنين تحت خط الفقر، بالإضافة إلى الأثر الأسوأ وهو فقدان الثقة في العملة المحلية مما أدي لسرعة التخلص منها من قبل المواطنين مقابل شراء الذهب أو العقارات أو العملات الأجنبية مثل الدولار واليورو، الأمر الذي أدى إلى استمرار تناقص قيمة الجنيه أكثر وأكثر وبالتالي ارتفاع مستويات التضخم أكثر فأكثر.

ثم في الأعوام التالية 2018 و 2019 بدأ معدل التضخم في الانخفاض قليلاً عن 2017 وهو ناتج عن استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار في هذه الأعوام، ولكن كان من المتوقع زيادة الاستثمارات في الصناعة المحلية لتوفير العملة الأجنبية واستغلال تناقص قيمة الجنيه في زيادة تنافسية السلع والخدمات المصرية في الأسواق الدولية، ولكن اصطدم ذلك بجائحة كوفيد-19 التي أدت إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي ككل وجعلت من عام 2020 واحداً من أسوأ الأعوام الاقتصادية في جميع بلدان العالم، فمن ناحية كان توقف المصانع والإنتاج يؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة، ومن الناحية الأخرى زيادة الإنفاق المحلي على الرعاية الصحية وعلاج المصابين والبحث العلمي لاختراع اللقاحات بالإضافة إلى التحول الرقمي، كل ذلك أدى إلى زيادة الإنفاق المحلي وزيادة فاتورة الدين، بالإضافة إلى الأزمة التي أصابت التجارة الدولية بسبب أزمة سلاسل التوريد وما لحقها من مشكلات ترتبت عليها، ولكن انعكس ذلك في استقرار معدل التضخم في عامي 2020 و 2021 عند 5.04% و 5.21% على التوالي، ولكن أدي ذلك إلى أزمات اقتصادية أخرى مثل زيادة التداول في السوق السوداء وارتفاع فاتورة الدين المحلي والخارجي نتيجة لنفقات الحكومة على مكافحة جائحة كورونا، وزيادة معدلات البطالة وانخفاض قيمة الجنيه المصري مرة أخرى، ولا زالت الحكومة تبحث عن سبل لعلاج الأزمات الاقتصادية، ولكن حققت الحكومة المصرية انتعاشاً في الاقتصاد في الأعوام التالية للجائحة وفقاً لتقارير صندوق النقد الدولي.

معدل الفائدة الحقيقي في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

شكل 2: سعر الفائدة الحقيقي في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

(المصدر: من إعداد الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي)

يُلاحظ وجود تباينات كبيرة في سعر الفائدة الحقيقية على مر السنوات، والتي تعكس تأثيرات متعددة تؤثر في الاقتصاد المصري والسياسات المالية والنقدية المتبعة في هذه الفترة.

في عام 2000 شهدت مصر إصلاحات اقتصادية كبيرة، من بينها تحرير أسعار السلع والخدمات وتشجيع الاستثمار الأجنبي. هذه الإصلاحات أدت إلى زيادة الثقة في الاقتصاد المصري وتحسين الظروف المالية، مما ساهم في ارتفاع معدل سعر الفائدة الحقيقي إلى 8.92% بيمنا في عام 2001 شهد العالم هجمات 11 سبتمبر التي أثرت بشكل كبير على الاقتصاد العالمي، وأدت إلى انخفاض الثقة في الاقتصاد المصري وتدهور الأوضاع المالية. وبسبب هذه الأحداث، ارتفع معدل سعر الفائدة الحقيقي في مصر إلى 11.21%. عام 2002 اتخذت الحكومة المصرية سياسات اقتصادية لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، مما أدى إلى انخفاض معدل سعر الفائدة الحقيقي إلى 10.30%. وفي عام 2003 اتخذت الحكومة المصرية تدابير لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، مما أدى إلى انخفاض معدل سعر الفائدة الحقيقي إلى 6.33%.

وعام 2004 ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير، مما أدى إلى تضخم في الاقتصاد المصري وتدهور الأوضاع المالية. وبسبب هذه الأحداث، انخفض معدل سعر الفائدة الحقيقي في مصر الي 1.53% بسبب زيادة معدل التضخم بعدما تم اتباع سياسة التعويم المدار، بينما عام 2005 تم اتخاذ إجراءات لخفض التضخم وتعزيز النمو الاقتصادي، مما أدى إلى انخفاض معدل سعر الفائدة الحقيقي إلى 6.52%

وفيعام 2006 شهدت مصر استقرارًا في معدل سعر الفائدة الحقيقي عند مستوى 4.8%، وذلك بسبب السياسات الحكومية التي تم اتخاذها لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، بينما عام 2007 و2008سجل سعر الفائدة الحقيقي قيم قريبة من الصفر، وفي بعض الأحيان قد سجل قيمة سالبة طفيفة.

اما في عام 2009 شهدت مصر ارتفاعًا في معدل سعر الفائدة الحقيقي إلى 0.71%، وذلك بسبب التدابير الحكومية لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري وفيعام 2010 شهدت مصر تراجع سعر الفائدة الحقيقي إلى 0.82%، ويمكن أن يعزى هذا التراجع إلى تحسن البيئة الاستثمارية في مصر. وعام 2011 شهدت مصر انخفاضًا في معدل سعر الفائدة الحقيقي إلى -0.56%، وفي عام 2012 شهد سعر الفائدة الحقيقي انخفاضًا حادًا إلى -6.26%، ويمكن أن يعزى هذا الانخفاض إلى الاضطرابات السياسية التي شهدتها مصر في تلك الفترة والتداعيات السلبية للثورة المصرية وتداعياتها على الاقتصاد المصري مثل انخفاض الاستثمارات وتراجع النشاط الاقتصادي. وقد قام البنك المركزي برفع سعر الفائدة الاسمي في الأعوام التالية للتعامل مع الضغوط الاقتصادية واستعادة الاستقرار.

وعام 2013 شهدت مصر استقرارًا في معدل سعر الفائدة الحقيقي عند مستوى 3.92%، وذلك بسبب زيادة ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد المصري بعد 30 يونيو 2013. وكانت هذه الاضطرابات قد تسببت في عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد وتقلبات في الأداء الاقتصادي والمالي في الأعوام السابقة. بينما فيعام 2015 شهد سعر الفائدة الحقيقي ارتفاعًا إلى 1.54%، ويمكن أن يعزى هذا الارتفاع إلى استقرار الاقتصاد وتحسن الأداء المالي في مصر. أما في عام 2017، سجل سعر الفائدة الحقيقي قيمة سلبية بنسبة 3.87%-، وذلك بسبب ارتفاع معدل التضخم في مصر بسبب التحديات الاقتصادية والمالية التي واجهتها مصر في هذا العام بعد قرار التعويم الذي اتخذه البنك المركزي المصري. أما عام 2019 شهد سعر الفائدة الحقيقي ارتفاعًا طفيفًا إلى 2.20%، بسبب انخفاض معدل التضخم والاستقرار السياسي والتحسن في الأداء الاقتصادي والمالي في مصر. وفي عام 2020، ارتفع سعر الفائدة الحقيقي إلى 4.84%. ويمكن تفسير الأسباب وراء ذلك بتداعيات جائحة كوفيد-19 على الاقتصاد المصري وتباطؤ النشاط الاقتصادي وتراجع الطلب الداخلي والضغوط الاقتصادية الناجمة عن الجائحة. وقد أجبرت الحكومة المصرية على اتخاذ تدابير احترازية وتوفير حزمة من الإجراءات الحكومية لدعم الاقتصاد والمواطنين، بينما عام 2021 شهدت مصر استقرارًا في معدل سعر الفائدة الحقيقي عند مستوى 4.40%، وذلك بسبب السياسات الحكومية التي تم اتخاذها لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الثقة في الاقتصاد المصري، وتحسن أداء الاقتصاد المصري في الفترة الأخيرة. ( أبو زيادة، 2021)

وما زالت الحكومة تعمل جاهدة بالاشتراك مع البنك المركزي للوصول إلى سياسة سعر فائدة مستقرة تساعد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المطلوبة.

معدل سعر الصرف في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

 

شكل  3: سعر الصرف في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

(المصدر: من إعداد الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي)

تظهر بيانات سعر الصرف الرسمي في مصر للفترة من عام 2000 حتى عام 2021 تحولات كبيرة في الأسعار، حيث تراوحت القيم بين الاستقرار والتحول في مختلف الأعوام.

في عام 2001، كان سعر الصرف الرسمي في مصر يتراوح بين 3.41 و3.47 جنيه مصري مقابل الدولار الأمريكي، وذلك بسبب الاستقرار الاقتصادي والسياسي في البلاد. وفي العام التالي، ارتفع سعر الصرف الرسمي ارتفاع طفيف إلى 3.97 جنيه مصري مقابل الدولار الأمريكي بعد قرار التعويم في 2003 وبسبب التحديات الاقتصادية حيث تأثر الاقتصاد المصري بشكل كبير بالحرب العراقية التي وقعت في عام 2003، وتراجعت العملة المصرية جراء انخفاض أسعار النفط وتراجع الاستثمارات الأجنبية في مصر والمنطقة، وهو ما أدى إلى تراجع قيمة الجنيه المصري وصل الدولار الي 5.85 جنيه مصري.

وفي 2008 وصل الي 5.43 حيث تأثر الاقتصاد المصري بشكل كبير بالأزمة المالية العالمية التي وقعت في عام 2008، وتراجعت العملة المصرية جراء هبوط الأسواق العالمية وتراجع الاستثمارات الأجنبية في مصر وفي عام 2011، ارتفع سعر الصرف الرسمي 5.93 جنيه مصري مقابل الدولار الأمريكي، شهدت مصر ثورة شعبية في عام 2011 أدت إلى إطاحة الرئيس السابق حسني مبارك، وتسببت الأحداث السياسية والاقتصادية التي نجمت عن الثورة في انخفاض قيمة الجنيه المصري. وتزامن ذلك مع تقليص الاستثمارات الأجنبية في مصر، وتراجع العائد على الودائع في البنوك المصرية، مما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار الأمريكي مما أثر على الحياة اليومية للمصريين وزاد من تكاليف الواردات وأثر سلبًا على الصادرات.

وتوالت الأحداث غير المستقرة في مصر مما ادي الي ارتفاع سعر الصرف بالتدريج مع ثبات بعض الشيء في الفترة من 2012 ل 2015 تراوح بين 6 ل 7.8 جنيه مصري.

وفي عام 2016، قام البنك المركزي المصري بتحرير سعر الصرف الرسمي وتعويم الجنيه المصري، وذلك بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعرضت لها مصر والتي تسببت في نقص العملات الأجنبية وتراجع الاحتياطي النقدي في محاولة لتحرير السوق وتشجيع الاستثمار وتحسين الأوضاع الاقتصادية واتباع شروط صندوق النقد الدولي لتخفيض عجز الموازنة وتخفيف العبأ عن الحكومة والقضاء على ظاهرة الدولرة والتجارة في الدولار في الأسواق السوداء ومنذ ذلك الحين، شهد سعر الصرف الرسمي تحولات كبيرة وتراجعات متفاوتة، حيث وصل في بعض الأحيان إلى 17 جنيهًا مقابل الدولار الأمريكي في عام 2017 و2018. قبل أن يتراجع مرة أخرى إلى مستويات أدنى في السنوات الأخيرة. (عبد الغني، 2022)

أثر اقتصاد مصر بشكل كبير جراء تداعيات جائحة كوفيد-19 في عام 2020، حيث تراجع النمو الاقتصادي وتسببت إجراءات الإغلاق وتعليق الرحلات الجوية في تراجع السياحة والإيرادات السياحية، وهو ما كان من المفترض ان يؤدي الي انخفاض قيمة الجنيه المصري الا انه رغم كل هذه الاحداث انتعشت قيمة الحنيه مقارنة بالسنوات القليلة قبل سنة 2020 حيث وصل الي 15.7جنيها في مقابل الدولار الامريكي وذلك بسبب حفاظ مصر على المحاور الاقتصادية الخاصة بها، مثل الحفاظ على التصنيف الائتماني والحفاظ على الارتفاع الكبير في تحويلات المصريين في الخارج، ما عوض تراجع النشاط السياحي نسبياً، بخلاف الاستثمارات المباشرة في عديد من القطاعات، لا سيما البترول والغاز، فضلا عن زيادة الصادرات المصرية، كما أن مصر خلال العام نفسه سددت جميع التزاماتها الخارجية، فضلاً عن تمكنها من محاصرة التضخم وكذا تخفيض سعر الفائدة، فضلاً عن معدلات الاحتياطي النقدي المرتفعة، بالإضافة إلى مبادرات البنك المركزي التي دعمت قطاعات مهمة تساعد على تدفق رؤوس الأموال الأجنبية وقد أسهم ذلك كله في محافظة الجنيه على مستواه بل وأخذ دفعة إيجابية ولو مؤقتة .

وبالإضافة إلى هذه الأحداث، تأثرت قيمة سعر الصرف في مصر بعدة عوامل أخرى مثل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والأحداث الأمنية والإرهابية التي شهدتها مصر في بعض الفترات، وتأثير السياسات الاقتصادية والنقدية التي تتبعها الحكومة المصرية.

يشير هذا التحول الكبير في سعر الصرف الرسمي في مصر إلى أن الأحداث الاقتصادية والسياسية تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد المصري، ويتطلب ذلك الاهتمام بقراءة المؤشرات الاقتصادية والسياسية ودراستها بعناية لاتخاذ القرارات المالية المناسبة والمتوافقة مع الوضع الاقتصادي للبلاد.

ويمكن القول بأن قيمة سعر الصرف في مصر تأثرت بشكل كبير بالعوامل المحلية والعالمية والسياسية والاقتصادية خلال الفترة من 2000 إلى 2021، وهو ما يجعلها مجالًا حيويًا يحتاج إلى متابعة وتحليل دقيق لضمان استقرار الاقتصاد المصري والحفاظ على قيمة العملة المحلية.

العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

 

شكل  4: العلاقة بين التضخم وسعر الفائدة في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

(المصدر: من إعداد الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي)

يمكننا ملاحظة وجود علاقة عكسية بين معدل التضخم وسعر الفائدة الحقيقي، وذلك لأن سعر الفائدة الحقيقي يكون عبارة عن سعر الفائدة الاسمي مخصوماً منه معدل التضخم، في معادلة تكون بهذا الشكل:

سعر الفائدة الحقيقي = سعر الفائدة الاسمي – معدل التضخم

لذلك فإنه كلما ترتفع قيمة التضخم فسوف تنخفض بالتبعية قيمة سعر الفائدة الحقيقي، وعادة ما تلجأ الدول لرفع سعر الفائدة الاسمي بنسبة تزيد عن معدل التضخم ليكون ذلك مغرياً للمقرضين لوضع أموالهم في البنوك والخفض من المعروض النقدي في الأسواق مما يؤدي لانكماش معدل التخضم، ومع انكماش معدل التضخم تبدأ البنوك في خفض سعر الفائدة الاسمي تدريجياً لمنع حدوث ركود اقتصادي، وتعد تلك الأداة الأشهر لدي الجهاز المصرفي في أي دولة للسيطرة على معدلات التضخم.

وبالعودة إلى الرسم نجد أنه في السنة الأولى كان معدل التضخم يساوي 2.68% بينما سعر الفائدة الحقيقي يساوي 8.92%، وفي السنة الثانية 2001 انخفض معدل التضخم بنسبة ضئيلة ليصل إلى 2.27% مسبباً ارتفاع في سعر الفائدة الحقيقي ليصل إلى 11.21%، ثم في السنوات التالية بدأ معدل التضخم في الارتفاع وبالتالي انخفض سعر الفائدة الحقيقي وكان عام 2004 هو الأبرز حيث وصل التضخم إلى 11.27% لينخفض سعر الفائدة الحقيقي إلى 1.53%.

ثم بعد استقرار بسيط في عام 2005 بدأت موجات تضخمية في الاقتصاد المصري منذ عام 2006 إلى 2011 متأثرة بنزوح الأموال إلى البنوك الأمريكية في تلك الفترة ثم انهيار النظام المالي العالمي في 2008 ليصل التضخم إلى 18.32% في ذلك العام، وعلى الجانب الأخر أخذ سعر الفائدة الحقيقي في الانخفاض حتى وصل إلى معدلات سالبة في عام 2007 بلغت -0.08%، ولكن نلاحظ أنه في عام 2008 ورغم وصول التضخم إلى درجات مرتفعة للغاية إلا ان سعر الفائدة الحقيقي أصبح موجباً مرة أخرى بعدما كان سالباً في العام الماضي وذلك يدل على اتجاه البنوك المصرية لرفع سعر الفائدة الاسمية لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية وطمأنة المودعين.

وبعد استقرار دام عامي 2009 و 2010 عادت أسعار الفائدة الحقيقية للمعدلات السالبة في عامي 2011 و 2012 بالرغم من ثبات معدلات التضخم نسبياً وانخفاضها عن الأعوام الماضية، وكان من المفترض أن ترتفع أسعار الفائدة الحقيقية تبعاً لانخفاض معدل التضخم ولكن قد يفسر ذلك انخفاض أسعار الفائدة الاسمية خوفاً من حدوث ركود اقتصادي خاصة في تلك الفترة الحرجة بعد ثورة 25 يناير 2011 والتي كان لها تأثير على جوانب الحياة في مصر، بالإضافة لاتجاه الكثير من المصريين لوضع أموالهم في البنوك خوفاً من تداعيات الحالة السياسية على ممتلكاتهم فقاموا بتسييلها ووضعها في البنوك وتوقف حركة الاستثمار واقتراض الأموال من قبل المستثمرين نظراً لعدم استقرار الأوضاع في البلاد، كل ذلك قد يكون أدى إلى خفض أسعار الفائدة الاسمية مما انعكس على انخفاض معدلات الفائدة الحقيقية في تلك الفترة بالرغم من انخفاض معدلات التضخم.

في 2013 عاد سعر الفائدة ليكون موجباً مرة أخرى عند 3.29% بينما بلغ معدل التضخم 9.47%، ثم عادت العلاقة العكسية لتبرز في السنوات التالية حيث ارتفع معدل التضخم ليصل إلى 10.07 و 10.37 و 13.81 في الأعوام 2014 و 2015 و 2016 على التوالي وصاحب ذلك انخفاض في سعر الفائدة الحقيقي إلى 0.41 و 1.54 ثم ارتفع ليصل إلى 6.92 في 2016 ، ويجب التنويه أن الارتفاع في سعر الفائدة الحقيقي راجع لارتفاع سعر الفائدة الاسمي في الشهور الاخيرة ل 2016 بعدما كانت التوقعات الاقتصادية تشير إلى اتخاذ قرار اتباع سياسة التعويم للجنيه المصري ومن ثم بعد اتخاذ القرار لجأت البنوك لرفع سعر الفائدة لكبح جماح التضخم حيث لجأ المواطنون لمحاولة التخلص من الجنيه المحلي في شراء السلع أو تحويله لذهب أو عقارات قبل انخفاض قيمته، فكان قرار البنوك برفع الفائدة محاولة منها لكبح جماح التضخم الذي سينفجر في العام التالي عام 2017.

كان عام 2017 هو العام الذي ارتفع فيه معدل التضخم أقصى ارتفاع له 29.51% في سنوات الدراسة، حيث صاحب قرار اتباع سياسة التعويم ( تعويم الجنيه ) فقدان الجنيه المصري الكثير من قيمته مما سبب ارتفاع السلع والخدمات استجابة لانخفاض قيمة العملة، وكانت الحكومة المصرية أمام مرحلة صعبة لكبح جماح التضخم الذي واصل الارتفاع خاصة بعدما انخفضت ثقة المستثمرين والمواطنين ثقتهم في العملة المحلية وسارعوا في التخلص منها، فقام القطاع المصرفي برفع أسعار الفوائد وطرح شهادات استثمار بأسعار فائدة مرتفعة ولكن ذلك لم يمنع انخفاض سعر الفائدة الحقيقي إلى -3.87% حيث كان التضخم طاغياً على أي سعر للفائدة يمكن وضعه، ولكن مع انخفاض معدلات التضخم في السنوات التالية ارتفع سعر الفائدة الحقيقي ولكن يجب التنويه أن معدل التضخم لا زال مرتفعاً حيث وصل في العام الأخير 2021 إلى 5.21% وهو معدل يتجاوز النسبة المثالية مما يدفع البنوك لرفع سعر الفائدة الاسمي لمحاولة السيطرة على التضخم وليبقي سعر الفائدة الحقيقي موجباً، إلا أن الحل الأمثل ليس رفع أسعار الفائدة ولكن محاولة الحد من التضخم الذي لا يترتب عليه إلا أثاراً سلبية.

العلاقة بين التضخم وسعر الصرف في جمهورية مصر العربية خلال الفترة(2000-2021)

 

شكل  5: العلافة بين التضخم وسعر الصرف في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

(المصدر: من إعداد الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي)

سبق وافردنا أن العلاقة بين التضخم وسعر الصرف تكون علاقة طردية، حيث يؤدي ارتفاع معدلات التضخم إلى الزيادة في انخفاض سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأخرى أو يؤدي لارتفاع سعر صرف العملات الأخرى أمام العملة المحلية، وبالعودة إلى الحالة المصرية التي اعتمدنا فيها على سعر صرف الجنيه مقابل الدولار الأمريكي، نجد أنه في السنوات الأخيرة سوف نجد أن أسعار الصرف كانت مستقرة في السنوات الأولى، فمنذ عام 2000 حتى 2002 كان سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي 1 دولار مقابل 3.47 جنيه مصري ثم 3.97 ثم 4.50 جنيه على التوالي وكانت معدلات التضخم مستقرة هي الأخرى في تلك السنوات الثلاث، وكانت تلك الزيادة تعد طفيفة ولم تؤدي إلى أي قلق أو هلع، ولكن مع اتخاذ قرار التعويم المدار الذي تم اتخاذه في يناير 2003 وترك العملة المحلية لمعاملات العرض والطلب وفك ارتباطه بالدولار الأمريكي بدأ سعر صرف الدولار يرتفع حتى وصل إلى 5.58 و 6.20 جنيه في السنوات 2004 و 2005 على التوالي وأدت تلك الزيادة إلى زيادة الأسعار ولكن كان الهدف منه هو التقليل من حجم التداول النقدي في السوق السوداء الذي وصل فيه سعر الدولار إلى 7 جنيهات في ذلك الوقت، ونلاحظ أنه مع اتخاذ قرار التعويم المدار ارتفعت معدلات التضخم لتصل إلى %11.27 في 2004 مما يوضح أثر قرار التعويم على ارتفاع الأسعار.

استمر سعر الصرف في الاستقرار في السنوات التالية عند متوسط خمسة جنيهات وستون قرشاً في السنوات الست التالية وكان استقرار أسعار الصرف فرصة لنمو الاقتصاد المصري حتي وصلت معدلات النمو إلى 7.2% في عام 2008 ولم ينخفض إلا بعد تأُثره بالأزمة المالية العالمية، وكان استقرار سعر الصرف في تلك السنوات مؤشر إيجابي على استقرار الأسعار وتدفق الأموال والاستثمارات نحو البلاد وكان معدل التضخم يتزايد تدريجياً في السنوات الأولي من تلك الفترة حتى وصل إلى 18.32% في عام 2008 مما يوضح أنه كان هناك آثار سلبية عديدة للأزمة المالية العالمية امتدت إلى مصر منها أثرها السلبي على قطاع السياحة والفوائض المالية التي كان يتم استثمارها في مصر وانخفاض الطلب على الصادرات المصرية لأسواق أمريكا والاتحاد الأوروبي وغيرها من الآثار.

ثم بدأ سعر صرف الدولار يتخطى ال 6 جنيهات في عام 2012 واستمرت الزيادة التدريجية في الأعوام الثلاث التالية بحوالي نصف جنيه حيث وصل ل 6.87 جنيهاً في 2013 و7.08 جنيهاً في 2014 و7.69 جنيهاً في 2015 مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم لتصل إلى 9 و 10% مما يؤكد على العلاقة الطردية بين سعر الصرف ومعدل التضخم.

وكما كان متوقعاً فعندما اتخذت الحكومة المصرية قرار تعويم الجنيه في 2016 ليصل إلى معدل 10.03 جنيه مقابل الدولار فإن معدل التضخم ارتفع ليصل إلى 13.81% ولكن كانت تلك الزيادة هي البداية فقط لأن قرار التعويم كان في نوفمبر أي قبل نهاية السنة فامتدت آثاره إلى السنة المقبلة حيث ظهر أقصي ىثار ذلك القرار في عام 2017 عندما وصل سعر الصرف إلى 17.78 جنيهاً مقابل الدولار و ارتفع معدل التضخم إلى 29.5% وكان ذلك التضخم المرتفع آثار سلبية كثيرة على أصحاب الأجور والمرتبات من المستهلكين وأدى لارتفاع نسبة الفقر وانهيار العملة المصرية بعدما فقدت أكثر من 100% من قيمتها في ظرف عامين فقط، وحاولت الحكومة علاج تداعيات ذلك القرار عن طريق طرح شهادات استثمار بأسعار فائدة مرتفعة وزيادة قيمة الأجور والمرتبات والمعاشات لجميع قطاعات الدولة حتى يستطيع المستهلكون مقاومة التضخم ولا نقترب من الأزمة الكبرى وهي الركود التضخمي، والجدير بالذكر أن معدل النمو انخفض في تلك السنة انخفاضاً خفيفاً مما يوضح آثار قرار التعويم الشديدة على الاقتصاد المصري.

ولكن بدأ التعافي من القرار في السنوات التالية حيث بدأ سعر الصرف ينخفض تدريجياً حتى وصل إلى 17.77 جنيه في عام 2018 وهو انخفاض يكاد لا يذكر ولكنه واصل الانخفاض حتى وصل إلى 16.77 جنيهاً في 2019 و 15.76 جنيهاً في 2020 ثم استقر عند 15.64 جنيه مقابل الدولار في عام 2021 وبدأت معدلات التضخم هي الأخرى في الانخفاض التدريجي حتي وصلت إلى 14.40% في 2018 ثم انخفضت انخفاضاً ملحوظا إلى 9.15% في عام 2019 وواصلت طريقها نحو الانخفاض إلى 5.04% في عام 2020 واستقرت عند 5.21% في 2021 مما أدى إلى هدوء الأوضاع المعيشية واستقرارها بعدما كانت تتجه نحو طريق صعب للغاية، وساعد على ذلك أيضاً التباطؤ الاقتصادي الذي حدث بسبب جائحة كوفيد-19، واستكملت الحكومة المصرية طريقها نحو مكافحة التضخم والقضاء على التشوهات السعرية والأسواق السوداء واستغلال سعر الصرف المنخفض في تحقيق أحلامها في التنمية الاقتصادية.

العلاقة بين التضخم وسعر الصرف وسعر الفائدة الحقيقي في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

 

شكل  6: العلاقة بين التضخم وسعر الصرف وسعر الفائدة الحقيقي في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021)

(المصدر: من إعداد الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي)

نلاحظ في السنوات الثلاث الأولى منذ 2000 حتى 2002 استقراراً في المتغيرات الثلاثة ( التضخم، سعر الفائدة الحقيقي، سعر الصرف) حيث شهدت المتغيرات الثلاثة زيادة طفيفة وكانت الأوضاع مستقرة ولكن انخفض سعر الفائدة إلي %10.30 في 2002 مع ارتفاع معدل التضخم ، ثم نلاحظ أن بداية الاضطرابات كانت في عام 2003 بعدما تم تعويم الجنيه المصري وتركه لمعاملات العرض والطلب حيث ارتفع سعر الصرف إلى 5.85 جنيه مقابل الدولار وتبع ذلك ارتفاعاً في معدل التضخم إلى 4.51% ولكن سعر الفائدة الحقيقي انخفض إلى 6.33% مما يوضح العلاقة العكسية بين التضخم وسعر الفائدة الحقيقي في تلك السنة، حيث ارتفع سعر الصرف بعد التعويم وزاد التضخم لانخفاض قيمة العملة الشرائية، وانخفض سعر الفائدة الحقيقي نتيجة لارتفاع معدل التضخم.

وفي 2004 ارتفع سعر الصرف إلى 6.20 جنيهاً وتبعه ارتفاع معدل التضخم إلى 11.27% ولكن انخفض سعر الفائدة الحقيقي إلى 1.53%، وفي 2005 انخفض سعر الصرف قليلاً إلى 5.78 جنيهاً وانخفض معه معدل التضخم إلى 4.87% ولكن ارتفع سعر الفائدة إلى 6.52%، ثم في عام 2006 استقر سعر الصرف وانخفض انخفاضاً طفيفاً بخمسة قروش ليصل إلى 5.73 جنيهاً، ولكن ارتفع معدل التضخم إلى 7.64% ويرجح أن ذلك له علاقة بعوامل أخرى غير سعر الصرف، وانخفض سعر الفائدة الحقيقي مرة أخرى إلى 4.88%.

ثم في الفترة منذ عام 2007 حتى 2011 شهدت معدلات التضخم ارتفاعاً مستمراً بلغ أقصاه في عام 2008 ليصل إلى 18.32% نتيجة الاضطرابات المالية العالمية في ذلك الوقت، ونلاحظ أن ارتفاع معدلات التضخم لم يصاحبه ارتفاع شديد في سعر الصرف حيث استقر سعر الصرف عند معدل 5.63 جنيهاً ولم يتجاوز حاجز الست جنيهات إلا في العام المقبل، أي انه في تلك الفترة كانت ارتفاعات معدل التضخم لعوامل أخرى دون سعر الصرف، نجد أيضاً أنه في تلك الفترة كان معدل الفائدة الحقيقي يصل لأدني مستوياته بل قد وصل إلى السالب في عام 2007 و 2011 حيث وصل إلى -0.08% في 2007 و -0.56 في 2011 مما يوضح العلاقة العكسية بين التضخم وسعر الفائدة الحقيقي حيث في نفس الفترة التي وصل فيها التضخم إلى أقصى مستوياته كانت معدلات الفائدة عند أدنى مستوياتها.

استمرت الاضطرابات السياسية في جمهورية مصر العربية في عام 2012 وصاحبها انخفاض تدريجي في معدل التضخم حيث انخفض إلى 7.11% في 2012 ولكنه عاود الارتفاع مرة أخرى إلى 9.47% في 2013 وظل يرتفع في كل عام حتي عام 2015 حيث وصل التضخم إلى 10.37%، أما عن سعر الفائدة فكان عام 2012 أخر أعوام الفائدة السالبة حيث عاد سعر الفائدة الحقيقي مرة أخري إلى الأرقام الموجبة في 2013 ووصل إلى 3.29%، أما سعر الصرف الحقيقي فاستمر في الارتفاع التدريجي حتى عام 2015 حيث وصل إلى 7.69 جنيهات مقابل الدولار، وكان ذلك أخر عهد الجنيه المصري بالأرقام الفردية مقابل الدولار حيث كان قرار التعويم في 2016 نقلة جديدة في مستويات التضخم وسعر الصرف في جمهورية مصر العربية.

الفترة الأبرز منذ 2016 وحتى 2021

في نوفمبر عام 2016 تم اتخاذ قرار تعويم الجنيه المصري واتباع سياسة سعر الصرف الحر مقابل العملات الأخرى، فكان التأثير طفيفاً في البداية لأن القرار تم اتخاذه في أواخر العام فارتفع سعر الصرف إلى 10.03 جنيهات مقابل الدولار الأمريكي، وارتفع معدل التضخم ليصل إلى13.81% مع زيادة سعر الفائدة الحقيقي إلى 6.92% وكانت لسياسة رفع الفائدة الاسمية التي اتخذتها الحكومة المصرية لتواجه موجات التضخم سبباً في بقاء سعر الفائدة الحقيقي موجباً ( أي أن سعر الفائدة الاسمي كان أكبر من معدل التضخم ليواجه موجات التضخم المتتالية )، ولكن في عام 2017 وصل سعر الصرف إلى 17.78 جنيهاً وارتفع التضخم إلى 29.51% في مستويات قياسية لم يشهدها الاقتصاد المصري من قبل، كل تلك الارتفاعات صاحبها انخفاض في سعر الفائدة الحقيقي إلي -3.87% حيث تجاوز معدل التضخم سعر الفائدة الاسمي مسبباً سعر فائدة حقيقي سالب، وكان قرار التعويم قراراً ذو أثر كبير على مستويات التضخم وارتفاع الأسعار ولكنه كان قراراً يهدف إلى تقليل الفجوة بين قيمة الجنيه الاسمية وقيمته الحقيقية وتقليل حجم التداول في السوق السوداء، ثم في عام 2018 استمر سعر الصرف عند 17.77 جنيهاً ولكن انخفض التضخم إلى 14.40% مع استمرار معدلات الفائدة الحقيقية السالبة.

وشهدت الأعوام الثلاث الأخيرة انخفاض سعر الصرف تدريجياً ليصل إلى 15.64 جنيهاً في عام 2021 صاحبه انخفاض في معدلات التضخم لتصل إلى 5.21% في نفس العام، وارتفع سعر الفائدة الحقيقي إلى 4.40% مع انخفاض سعر الصرف ومعدل التضخم.

ويمكن تلخيص الفترة الزمنية محل الدراسة أنها كانت فترة متقلبة شهدت صعود وهبوط لجميع المتغيرات الثلاثة، حيث واجه الاقتصاد المصري أزمات مثل الأزمة المالية العالمية في 2008 والاضطراب السياسي منذ ثورة يناير 2011، كما شهد قرارات مؤثرة في السياسة النقدية مثل تعويم 2003 وتعويم 2016، كل ذلك أدى إلى تذبذب المتغيرات في سنوات معينة، ولكنها كانت تجد طريقها نحو الاستقرار مرة أخرى.

الفصل الثالث: تحليل تأثير السياسة النقدية على مستويات التضخم في جمهورية مصر العربية خلال الفترة (2000-2021): دراسة قياسية

المبحث الأول: تحليل الدراسة القياسية

مقدمة

نجد أن كافة الدول تسعي الي تحقيق الاستقرار الاقتصادي الذي يمثل أحد أهم الأهداف الاقتصادية الكلية التي يمكن الوصول إليها من خلال تطبيق مزيج من السياسات المالية و النقدية التي تساهم في توفير مناخ اقتصادي يتسم بمعدلات نمو غير تضخمية مما يجذب الاستثمارات الخاصة المحلية و الاجنبية ويوفر فرص عمل للشباب ويحسن مستوى معيشة أفراد المجتمع ومن الملاحظ عجز السياسية النقدية عن السيطرة على تحقيق الاستقرار في المستوى العام للأسعار في ظل التطورات التي تطرأ علي الاقتصاد العالمي و المحلي مما لا يضمن معدلات تصخم منخفضة حافظة للنمو الاقتصادي.

وفي ضوء ما سبق يتناول هذا الفصل دراسة قياسية لأثر السياسية النقدية على التضخم في مصر خلال الفترة (2000-2021) من خلال المبحث الأول الذي يتناول تحليل الدراسة القياسية

المبحث الاول

تحليل الدراسة القياسية

تمهيد

تعتبر عملية تحديد النموذج القياسي لاي ظاهرة اقتصادية من أولى الخطوات في عملية القياس ونحاول في هذه الخطوة بناء نموذج اقتصادي قياسي لأثر السياسة النقدية على مستويات التضخم في مصر وهذا بالاعتماد على تقنيات القياس الاقتصادي.

 الشكل العام للنموذج وتعريف المتغيرات

نجد ان هدف النموذج دراسة تأثير السياسة النقدية على مستويات التضخم في مصر.

لكي نصل الى النتائج الخاصة بالنموذج وتقديره سوف نستخدم الانحدار الخطي المتعدد بالاعتماد على بيانات السلاسل الزمنية لمصر في الفترة من 2000-2021 باستخدام 22 مشاهدة.

1- عند دراسة مستويات التضخم تبين ان تم تحديد بعد المتغيرات التي ينطوي النموذج عليها وهي السياسة النقدية المتمثلة في سعر الصرف وسعر الفائدة فيكون المتغير التابع هو التضخم (Y) المتغيرات التفسيرية       (المستقلة): سعر الصرف الرسمي (X1)، سعر الفائدة الحقيقي (X2).

Y=F (X1, X2)

2- الشكل الرياضي للنموذج: درجة خطية النموذج (خطي).

Y=β+β1X1+β2X2+U

فيما يتعلق بالوصف الاحصائي لمتغيرات النموذج القياسي، يوضح جدول (2) مصفوفة الارتباط

جدول 2 : مصفوفة الارتباط

  Inflation Real interest rate Exchange rate
Inflation 1
Real interest rate -0.64397 1
Exchange rate 0.41978 -0.31502 1

 

تم اعداد الجدول بواسطة الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي وبرنامج E-Views))

-طبقا لمصفوفة الارتباط وهي تعبر عن العلاقات بين المتغيرات ونجد ان العلاقة بين كل متغير ونفسه تساوي واحد والعلاقة بين التضخم وسعر الفائدة الحقيقي علاقة عكسية قوية وبلغت قوة العلاقة الى (-0.643) بمعنى كلما زاد التضخم انخفض سعر الفائدة الحقيقي، ونجد العلاقة بين التضخم وسعر الصرف علاقة طردية ضعيفة وبلغت قوة العلاقة (0.419) بمعنى كلما زاد التضخم زاد سعر الصرف وهذه علاقة اقتصادية منطقية.

– هناك علاقة بين سعر الفائدة الحقيقي وسعر الصرف وهذه العلاقة عكسية ضعيفة وبلغت هذه العلاقة

(-0.315) بمعنى كلما زاد سعر الفائدة الحقيقي انخفض سعر الصرف.

اختبار الاستقرارية ADF وتقدير نموذج الانحدارOLS

1- Augmented Dickey fuller test statistic اختبار الاستقرارية

نلاحظ أن اختبار ديكي فولر أحد أشهر اختبارات الاستقرارية كما أنه أكثرهم استخداما وحتى لا يحدث انحدار زائف ونتائج غير سليمة يجب أن تكون السلسلة الزمنية مستقرة وهنا سوف نقوم باختبار استقرارية النموذج اعتمادا على الفروض التالية:

الفرض العدمي: السلسلة غير مستقرة اي وجود جذر وحدة.

الفرض البديل: السلسلة مستقرة اي عدم وجود جذر وحدة.

بمعني آخر عند قبول الفرض العدمي يعني ذلك عدم وجود استقراريه في السلسلة الزمنية وعند قبول الفرض البديل يعني ذلك وجود استقراريه في السلسلة الزمنية وحتى نتمكن من اتخاذ القرار يجب المقارنة بين قيمة ال p. Value ومستوى المعنوية 5% فإذا كانت قيمة ال p. Value أقل من 5% سوف نقبل الفرض البديل اي انه يوجد استقرار في السلسلة الزمنية والعكس صحيح.

جدول 3 : اختبار الاسقرارية ADF

Augmented Dickey Fuller (ADF)

 

Variables Levels First Difference  
  t-Stat.         P-value  t-Stat.          P-value  
Inflation(y)

 

Exchange Rate(x1)

 

Real Interest Rate(x2)

-2.697       0.0911

-0.463         0.8802

 

-2.795         0.0759

-5.293        0.0004

-3.318          0.0277

 

-5.024          0.0008

 

تم اعداد الجدول بواسطة الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي وبرنامج E-Views))

ومن خلال البيانات في الجدول نجد أن قيمة ال p. Value ل x1 وx2 أكثر من 5% عند ال levels حيث إن قيمتهم تساوي 0.8802 و0.0759 علي التوالي وقيمة ال y تساوي 0.0911 وهي ايضا اكبر من 5% وبذلك نرفض الفرض العدمي اي السلسلة الزمنية غير مستقرة، لكن عند First Difference نجد أن قيمة ال p. Value ل x1 و x2 أقل من 5% وقيمتهم تساوي 0.0277 و 0.0008 علي التوالي وقيمة الy تساوي 0.0004 وهي ايضا أقل من 5% وبذلك نقبل الفرض البديل اي السلسلة الزمنية مستقرة.

2- تقدير نموذج الانحدار الخطي باستخدام طريقة المربعات الصغرى (OLS)

جدول 4:الانحدار الخطي باستخدام المربعات الصغرى

 

Dependent Variable: Y    
Method: Least Squares    
Date: 03/09/23   Time: 14:48  
Sample: 2000 2021    
Included observations: 22    
         
         
Variable Coefficient Std. Error t-Statistic Prob.
         
         
C 9.196116 2.389461 3.848615 0.0011
X1 0.302794 0.221911 1.364487 0.1884
X2 -0.771053 0.239535 -3.218960 0.0045
         
         
R-squared 0.466928     Mean dependent var 9.584916
Adjusted R-squared 0.410815     S.D. dependent var 6.061607
S.E. of regression 4.652792     Akaike info criterion 6.038936
Sum squared resid 411.3210     Schwarz criterion 6.187714
Log likelihood -63.42829     Hannan-Quinn criter. 6.073983
F-statistic 8.321229     Durbin-Watson stat 1.405182
Prob(F-statistic) 0.002538      
         
         

من خلال نموذج الانحدار هذا تم التوصل الى هذه النتائج:

Y = 9.196 + 0.302*X1 – 0.771*X2

  • من النموذج السابق نجد ان سعر الفائدة الحقيقي ذات أثر معنوي على المتغير التابع وهو التضخم ونجد ان سعر الصرف ذات أثر غير معنوي على التضخم وذلك عند درجة ثقة 95%.
  • هناك علاقة عكسية بين سعر الفائدة الحقيقي والتضخم ومعنى ذلك كلما زاد سعر الفائدة بمقدار 1% أدى ذلك الى انخفاض التضخم بمقدار 70% في المتوسط بافتراض ثبات المتغير الاخر.
  • هناك علاقة طردية بين سعر الصرف والتضخم ومعنى ذلك كلما زاد سعر الصرف بمقدار 1% أدى ذلك الى زيادة التضخم بمقدار 30% في المتوسط مع افتراض ثبات المتغير الاخر.
  • معامل التحديد 0.466 أي 46.6% من المتغيرات في المتغير التابع التضخم تم تفسيرها من خلال المتغيرات المستقلة وباقي التفسيرات والتغيرات ترجع الى حد الخطأ العشوائي.
  • معامل التحديد الحدي يساوي 0.410 أي 41% من الاختلافات والتغيرات الحادثة في المتغير التابع التضخم تم تفسيرها من متغيرات مستقلة وباقي التفسيرات ترجع الى حد الخطأ.
  • نجد معنوية النموذج عند درجة ثقة 95% حيث نجد قيمة p(f-statistic)002538 وهي اقل من 5% وهذا يعني ان النموذج معنوي ككل في تفسير التغيرات على التضخم.

Multicollinearity   – اختبار التعددية

 

جدول 5: اختبار التعددية

Variance Inflation Factors  
Date: 03/11/23   Time: 13:21
Sample: 2000 2021  
Included observations: 22  
       
       
  Coefficient Uncentered Centered
Variable Variance VIF VIF
       
       
C  5.709525  5.802236  NA
X1  0.049244  4.653359  1.110175
X2  0.057377  1.567344  1.110175
       
       

تم اعداد الجدول بواسطة الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي وبرنامج E-Views))

من خلال هذه النتائج نجد ان النموذج لا يعاني من مشكلة التعدد الخطي حيث نجد قيمة VIF للمتغيرين X1,X2 تساوي 1.110175 وهي اقل من 10.

 Heteroskedasticity Test: Breusch-Pagan-Godfrey-اختبار عدم ثبات التباين

جدول 6: اختبار عدم ثبات التباين

Heteroskedasticity Test: Breusch-Pagan-Godfrey
         
         
F-statistic 4.373497     Prob. F (2,19) 0.0274
Obs*R-squared 6.935306     Prob. Chi-Square (2) 0.0312
Scaled explained SS 8.669101     Prob. Chi-Square (2) 0.0131
         
         
         
Test Equation:    
Dependent Variable: RESID^2  
Method: Least Squares    
Date: 03/13/23   Time: 16:29  
Sample: 2000 2021    
Included observations: 22    
         
         
Variable Coefficient Std. Error t-Statistic Prob.
         
         
C 6.761290 15.65259 0.431960 0.6706
X1 2.372322 1.453665 1.631959 0.1192
X2 -2.866495 1.569115 -1.826822 0.0835
         
         
R-squared 0.315241     Mean dependent var 18.69641
Adjusted R-squared 0.243161     S.D. dependent var 35.03468
S.E. of regression 30.47894     Akaike info criterion 9.798073
Sum squared resid 17650.35     Schwarz criterion 9.946851
Log likelihood -104.7788     Hannan-Quinn criter. 9.833120
F-statistic 4.373497     Durbin-Watson stat 2.114713
Prob(F-statistic) 0.027391      
         
         

 

تم اعداد الجدول بواسطة الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي وبرنامج E-Views))

نجد من هذه النتائج ان النموذج يعاني من مشكلة عدم ثبات او عدم تجانس التباين حيث قيمة تساوي 0.0312 وهي أصغر من 5% لذلك لا بد من حل هذه المشكلة قبل تقدير النموذج.

 -اختبار الارتباط الذاتيAutocorrelation

جدول 7: اختبار الارتباط الذاتي

Breusch-Godfrey Serial Correlation LM Test:
         
         
F-statistic 1.660436     Prob. F (1,18) 0.2139
Obs*R-squared 1.858025     Prob. Chi-Square (1) 0.1729
         
         
         
Test Equation:    
Dependent Variable: RESID    
Method: Least Squares    
Date: 03/11/23   Time: 13:41  
Sample: 2000 2021    
Included observations: 22    
Presample missing value lagged residuals set to zero.
         
         
Variable Coefficient Std. Error t-Statistic Prob.
         
         
C -0.044748 2.349241 -0.019048 0.9850
X1 -0.033873 0.219730 -0.154156 0.8792
X2 0.089932 0.245602 0.366168 0.7185
RESID (-1) 0.321928 0.249832 1.288579 0.2139
         
         
R-squared 0.084456     Mean dependent var 4.04E-16
Adjusted R-squared -0.068135     S.D. dependent var 4.425688
S.E. of regression 4.573976     Akaike info criterion 6.041608
Sum squared resid 376.5826     Schwarz criterion 6.239980
Log likelihood -62.45769     Hannan-Quinn criter. 6.088339
F-statistic 0.553479     Durbin-Watson stat 1.933354
Prob(F-statistic) 0.652368      
         
         

تم اعداد الجدول بواسطة الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي وبرنامج E-Views))

من هذه النتائج نجد ان النموذج لا يعاني من مشكلة الارتباط الذاتي حيث نجد قيمةchi-square    prob. تساوي 0.1729 وهي أكبر من 5% وذلك عند درجة ابطاء واحد.

تقدير النموذج بالمربعات الصغرى بعد حل مشكلة عدم تجانس او ثبات التباين

جدول 8: تقدير النموذج بالمربعات الصغرى بعد حل مشكلة عدم ثبات التباين

Dependent Variable: Y    
Method: Least Squares    
Date: 03/13/23   Time: 16:48  
Sample: 2000 2021    
Included observations: 22    
White heteroskedasticity-consistent standard errors & covariance
         
         
Variable Coefficient Std. Error t-Statistic Prob.
         
         
C 9.196116 2.857580 3.218149 0.0045
X1 0.302794 0.303606 0.997325 0.3311
X2 -0.771053 0.316476 -2.436372 0.0248
         
         
R-squared 0.466928     Mean dependent var 9.584916
Adjusted R-squared 0.410815     S.D. dependent var 6.061607
S.E. of regression 4.652792     Akaike info criterion 6.038936
Sum squared resid 411.3210     Schwarz criterion 6.187714
Log likelihood -63.42829     Hannan-Quinn criter. 6.073983
F-statistic 8.321229     Durbin-Watson stat 1.405182
Prob(F-statistic) 0.002538     Wald F-statistic 4.338448
Prob (Wald F-statistic) 0.028057      
         
         

تم اعداد الجدول بواسطة الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي وبرنامج E-Views))

  • نلاحظ ان Error قد زاد بالنسبة للمتغيرين المستقلين والحد الثابت بعد حل مشكلة عدم التجانس.
  • نلاحظ ان t-Statistic قد انخفضت بعد حل مشكلة عدم تجانس او ثبات التباين.
  • نلاحظ ان prob قد زادت بعد حل مشكلة عدم تجانس او ثبات التباين.
  • نجد ان الحد الثابت مازال معنوي وكذلك المتغير المستقل الثاني لكن المتغير المستقل الأول مازال غير معنوي.
  • قيمة R-squared وAdjusted R-squared نفس القيمة اثناء المشكلة وبعد حلها.
  • قيمة Prob (f-statistic) مازالت نفس القيمة وكذلك النموذج مازال معنوي.

Granger Causality Test – اختبار السببية

يساعد هذا الاختبار في معرفة اتجاه العلاقة بين المتغيرات المستقلة والمتغير التابع وهو التضخم وكذلك دراسة العلاقة السببية بين المتغيرات المستقلة وعند اجراء الاختبار تم التوصل الى:

جدول 9: اختبار السببية

Pairwise Granger Causality Tests
Date: 03/30/23   Time: 04:48
Sample: 2000 2021  
Lags: 2    
       
       
 Null Hypothesis: Obs F-Statistic Prob.
       
       
 X1 does not Granger Cause Y  20  0.41777 0.6659
 Y does not Granger Cause X1  0.10806 0.8983
       
       
 X2 does not Granger Cause Y  20  0.35558 0.7065
 Y does not Granger Cause X2  1.39741 0.2776
       
       
 X2 does not Granger Cause X1  20  2.09201 0.1580
 X1 does not Granger Cause X2  1.63630 0.2276
       
       

تم اعداد الجدول بواسطة الباحثين بالاعتماد على بيانات البنك الدولي وبرنامج E-Views))

اختبار جرانجر للسببية يساعدنا فى معرفة اتجاه العلاقة بين المتغيرات المستقلة (سعر الصرف X1 , سعر الفائدة X2) والمتغير التابع (Y)، بجانب دراسة العلاقة السببية بين المتغيرات المستقلة المختلفة، ومن هنا يمكننا صياغة الفرض العدمي والفرض البديل كالتالي:

الفرض العدمي: عدم وجود علاقة سببية بين المتغيرات.

الفرض البديل: وجود علاقة سببية بين المتغيرات.

ويمكن اتخاذ القرار بمقارنة قيمة ال p.value  بمستوى المعنوية %5  فإذا كانت قيمة p.value أقل من %5 نرفض الفرض العدمي ونقبل الفرض البديل بفترة ثقة %95 اى وجود علاقة سببية بين المتغيرات .

عند إجراء اختبار جرانجر للسببية بين سعر الصرف X1 والتضخم Y نجد ألا توجد علاقة سببية بينهم لأن قيم ال p.value لكل منهما أكبر من %5 وتلك القيم تساوى0.6659 و0.8983 على التوالي وبالتالي نقبل الفرض العدمي أي عدم وجود علاقة سببية بين المتغيرين.

عند إجراء اختبار السببية بين سعر الفائدة X2 والتضخم Y نجد ألا توجد علاقة سببية بينهم وذلك لأن قيم ال p.value تساوى 0.7065 و0.2276 على التوالي وبالتالي نقبل الفرض العدمي أي عدم وجود علاقة سببية بين المتغيرين.

وعند دراسة العلاقة السببية بين سعر الفائدة X2 وسعر الصرف X1 نجد أنه لا توجد علاقة سببية بينهم لأن قيم ال p.value لهم أكبر من%5 حيث إنها تساوى 0.1580 و0.2276 على التوالي وبالتالي نقبل الفرض العدمي أي عدم وجود علاقة سببية بين المتغيرين.

الخاتمة

حاولنا في هذه الورقة أن ندرس أثر أدوات السياسة النقدية على معدل التضخم في جمهورية مصر العربية، وعند قراءة نتائج الدراسات السابقة تم التوصل إلى بعض النتائج كان أهمها وجود علاقة طردية قوية بين عرض النقود ومستويات التضخم، ووجود علاقة عكسية بين سعر الفائدة ومستويات التضخم، كما تم إثبات فاعلية أدوات السياسة النقدية في التخفيف من حدة مستويات التضخم وأن لها تأثير على السيطرة على موجات التضخم الجامحة، ولكن بمستويات متفاوتة من التأثير في البلاد المختلفة وفقا لطريقة استخدام تلك الأدوات وكفاءة استخدامها.

ثم قمنا بتحليل نسب ومعدلات التضخم وسعر الفائدة الحقيقي وسعر الصرف الرسمي لنتوصل إلى نتائج في الحالة المصرية وتم التوصل إلى نتائج مشابهة للدراسات السابقة إلا أنه يمكن القول بأن أدوات السياسة النقدية لم يتم استخدامها بالكفاءة المناسبة في الحالة المصرية، ومن الضروري اتباع خطة أكثر فاعلية في استخدام السياسة النقدية ودمجها في خطة استراتيجية كبيرة مع الأدوات الأخرى مثل السياسة المالية وميزان المدفوعات لتحقيق نتائج أفضل في الاقتصاد المصري وتحقيق الأهداف الاقتصادية المطلوبة.

النتائج

1- وجود علاقة طردية بين سعر الصرف الرسمي ومعدل التضخم، فكلما زاد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري زاد معدل التضخم.

2- قرارات اتباع سياسة سعر الصرف المرن (سياسة التعويم) في عامي 2003 و2016 كانت لها أثار سلبية حيث أدت لارتفاع معدلات التضخم.

3- وجود علاقة عكسية بين سعر الفائدة الحقيقي ومعدل التضخم، فكلما زاد معدل التضخم انخفض سعر الفائدة الحقيقي حتى يصل إلى السالب في سنوات محددة.

4- تأثر الاقتصاد المصري بالأزمة المالية العالمية في 2008 وتبعاتها ولكنه كان تأُثيراً طفيفاً وكان الضرر الأكبر على القطاع العيني مثل انخفاض الطلب على الصادرات المصرية وليس القطاع المالي.

5- انخفاض كفاءة أدوات السياسة النقدية المستخدمة في فترة الدراسة، حيث لم تنجح في السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة.

مقترحات الدراسة

1- ضرورة وجود توافق بين السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف مع السياسات الاقتصادية الأخرى في البلاد فلا يجب اعتبار السياسة النقدية بمعزل عن الأطراف الأخرى في الاقتصاد، لذلك يجب وجود تنسيق أكبر بين البنك المركزي والمؤسسات المالية.

2- التقليل من العرض النقدي المتوفر في السوق حيث يجب أن تكون كمية النقود التي يتم إصدارها مناسبة للسلع والخدمات التي يتم انتاجها، فلا يجب التوسع في إصدار نقود ليس لها مقابل سلعي حتى لا ترتفع مستويات التضخم وتنهار العملة المحلية.

3- يجب الاعتماد بكمية أكبر على سلع وخدمات محلية لتوفير قدر كافي من الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي يدعم سعر صرف متوازن مقابل العملات الأخرى.

4- يجب الاعتماد على وسائل متنوعة للقضاء على السوق الموازية (السوق السوداء)، فلا يجب الاعتماد على سياسة سعر الصرف فقط لأنها قد تؤدي إلى انخفاض قيمة العملة مع استمرار السوق الموازية وعدم القضاء عليها كلياً.

5- استخدام وسائل أدبية لإقناع المستهلكين بالتحكم في مستويات استهلاكهم وخفضها قليلاً أو توجيهها للمنتجات المحلية لتدعيم الصناعة المحلية وتقليل فاتورة الواردات بالعملة الصعبة.

6- العمل على تقليل فاتورة الواردات بالعملة الأجنبية وتحسين ميزان المدفوعات لكيلا يكون هناك ضغط على العملة الأجنبية وتوفيرها من أجل المشروعات الاستثمارية.

7- تشجيع الاستثمارات الأجنبية في الأسواق المصرية، وتوفير بنية تحتية قوية ومناسبة سواء كانت بنية مادية أو معلوماتية أو رقمية، حيث أن الاستثمار الأجنبي يساهم في توفير العملة الصعبة ورفع الضغط عن كاهل الحكومة في توفيرها لدعم العملة المحلية.

8- صياغة سياسة اقتصادية شاملة تجمع بين الوسائل النقدية والمالية، وتجمع بين جميع الأطراف سواء الحكومة أو القطاع الخاص أو القطاع العائلي، حيث يجب مشاركة القطاع العائلي في دعم سياسات الحكومة عن طريق زيادة تحويلات المصريين بالعملة الأجنبية من الخارج وعن طريق خفض مستويات الاستهلاك للسلع المستوردة، حيث يجب عمل جميع الأطراف معاً لتحقيق الأهداف الاقتصادية للدولة.

قائمة المراجع

أولا: باللغة العربية

 

ابادير، ع، عاصم، م وعلي، ر. (2020). السياسة النقدية واستهداف معدل التضخم مع الإشارة لمصر،

   المجلة العلمية للبحوث والدراسات التجارية، المجلد الرابع والثلاثون، العدد الرابع، ص33-74، مصر.

إبراهيم، ا. (2018). أثر السياسة النقدية في خفض معدلات التضخم بالتطبيق على أدوات السياسة النقدية

الكمية في السودان (2009-2017)، رسالة ماجيستير مقدمة لجامعة النيلين، كلية الدراسات

العليا، السودان.

أسماء، ف وحليمة، ب. (2014-2015). دور السياسة النقدية في معالجة التضخم دراسة حالة الجزائر،

مذكرة لنيل شهادة الماستر في العلوم الاقتصادية والتسيير والعلوم التجارية مقدمة لجامعة احمد دراية

أدرار، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير قسم العلوم الاقتصادية، الجزائر.

الحاروني، م. (2011). الازمة المالية العالمية 2008 وتأثيرها على الاقتصاد المصري، المجلة المصرية للتنمية والتخطيطص102-145، مصر.

المتيم، م. (2011). محددات الازمة المالية العالمية واثارها على الاقتصاد المصري. مجلة البحوث التجارية، دورية علمية ربع سنوية تصدر عن كل كلية -الزقازيق، المجلد34، العدد الأول،

 ص91-112، مصر.

بوخاري، ف وعمالي، أ. (2017-2018). أثر سعر الفائدة على النمو الاقتصادي دراسة حالة الجزائر

2010-2016، شهادة ماستر أكاديمي في العلوم الاقتصادية مقدمة لجامعة محمد بوضياف بالمسيلة،

كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، الجزائر.

حسن، ل. (2017). السياسة النقدية واستهداف التضخم في مصر خلال الفترة من 2000حتى2015، المجلة العلمية لكلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية، المقالة السابعة، المجلد الثاني، العدد الرابع،

ص210-250، مصر.

حميد، ر ورمضان، م. (2019). دراسة قياسية تحليلية لأثر تغير مكونات الطلب الكلي او العرض الكلي

على التضخم في الجزائر للفترة 2000-2017، مجلة التنمية والاستشراف للبحوث والدراسات، المجلد

الرابع، العدد السادس، ص 74-84، الجزائر.

رابح، د. (2018-2019). أثر السياسة النقدية في التضخم في الجزائر دراسة اقتصادية خلال الفترة

1980-2017، مذكرة تخرج ضمن متطلبات نيل شهادة الماستر في العلوم الاقتصادية مقدمة

الى جامعة اكلي محند اولحاج، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، الجزائر.

زيادة، م. (2021). تطور معدلات الاقتصاد النصري خلال الفترة 1990-2021. مجلة علمية محكمة ربع سنوية تصدرها الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والاحصاء والتشريع، العدد 544، مصر.

عبد العزيز، ب ونور الدين، ب. (2019). فعالية السياسة النقدية في مجابهة التضخم دراسة حالة

الجزائر، مذكرة مقدمة لاستكمال شهادة الماستر الأكاديمي مقدمة الى جامعة قاصدي مرباح-ورقلة، كلية

العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير، قسم العلوم الاقتصادية، الجزائر.

عبد الغني، س. (2022). أثر تحرير سعر الصرف في مصر عام 2016 على معدل التضخم في الاجل القصير، المجلة العربية للإدارة، مج 45، العدد الأول، مصر.

عزة، ج. (2020). تغير سعر الفائدة الحقيقي وأثره على النمو الاقتصادي دراسة قياسية للجزائر للفترة (1990-2013)، اطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه ل.م.د في العلوم الاقتصادية، كلية العلوم

الاقتصادية والتجارية وعلوم التسيير، الجزائر.

علاونة، أ. (2018). أثر السياسة النقدية الإسرائيلية على التضخم المالي في فلسطين، رسالة ماجستير في

إدارة السياسات الاقتصادية بكلية الدراسات العليا جامعة النجاح الوطنية في نابلس، فلسطين.

محمد، م. (2011). فعالية السياسة النقدية في تقليل حدة التضخم في السودان1990-2010، بحث

تكميلي لنيل درجة الماجستير في الاقتصاد القياسي مقدم الى جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، كلية

الدراسات العليا والبحث، السودان.

هيبة، ا. (2019). تأثير الانفاق الحكومي على معدل التضخم في مصر خلال الفترة (1994-2016)، مجلة كلية التجارة للبحوث العلمية، المجلد56، العدد الثاني، ص111-134، مصر.

وسام، ب. (2011-2012). السياسة النقدية كوسيلة لتحقيق الأهداف الاقتصادية، ماستر أكاديمي

في علوم التسيير مقدمة لجامعة العربي بن مهدي ام البواقي، كلية العلوم الاقتصادية والتجارية وعلوم

التسيير، الجزائر.

وليد، ع. (2013-2014). العنوان الكامل للمذكرة دور السياسة النقدية في مكافحة التضخم -دراسة حالة

الجزائر-، مذكرة مكملة لنيل شهادة ماستر أكاديمي في علوم التسيير تخصص مالية وتأمينات وتسيير

المخاطر مقدم الى جامعة ام البواقي، كلية العلوم الاقتصادية والعلوم التجارية وعلوم التسيير، الجزائر.

ثانيا: قائمة المراجع باللغة الإنجليزية

Ahiabor, G. (2013). The Effects of Monetary Policy on Inflation in Ghana.

International Institute for Science Technology and Education (IISTE):  vol.3

, pp.82-90.

Akinbobola, T.O. (2012). The dynamics of money supply, exchange rate

and inflation in Nigeria. Journal of Applied Finance & Banking, Vol2, No4,

       pp.117-141.

Bozkurt, C. (2014). Money, Inflation and Growth Relationship: The Turkish

Case. International Journal of Economics and Financial Issues, Vol.4, No.2,

      pp.309-322

Chikonda, M, Kabango,G, Ligoya, P & Simwaka ,K.(2012). Money Supply

and inflation in Malawi: An econometric investigation. Journal of Economics

        and International Finance, Vol.4(2), pp.36-48.

Kiganda, E. (2014). Relation between Inflation and Monet Supply in Kenya.

Journal of Social Economics, RESEARCH ACADEMY OF SOCIAL SCIENCES,

       Vol.2, No.2, pp.63-83.

Vladova,Z&Yanchev,M.(2015).Empirical Evidence on the Relationship between

Money Supply Dynamics and Prices in Bulgaria. DISCUSSION PAPERS,

BULGARIAN NATIONAL BANK.

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى