الاجتماعية والثقافيةالدراسات البحثية

الاستعمار الاستيطاني

Settler Colonialism

بقلم: لاتشلان ماكنامي (*) لاتشلان ماكنامي: محاضر في العلوم السياسية بجامعة موناش في ملبورن بأستراليا. وهو مؤلف كتاب «الاستعمار بأقل القليل: لماذا تستعمر الدول ولماذا تتوقف عن استعمارها» (2023).

ترجمة : د. حمدي عبد الحميد الشريف (*) دكتوراه في الفلسفة من جامعة سوهاج (2015)، أستاذ الفلسفة السياسية المساعد في كلية الآداب، ووكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية في جامعة سوهاج

  • المركز الديمقراطي العربي 

– إنّ تشريد وتدمير الشعوب عن طريق الاستعمار ليس مجرد نوع من الشرور التاريخية للحضارة الغربية، بل هو نوع من الشرور العالمية والمعاصرة.

في عام 1931، غزت اليابان شمال شرق الصين وأنشأت دولة عميلة تُسمى «مانشوكو» Manchukuo (منشوريا Manchuria). ولتأمين سيطرتها على منشوريا، قامت الحكومة اليابانية على مدى السنوات الأربع عشرة التالية بإغراء 270 ألف مستوطن هناك من خلال تقديم الأراضي المجانية للأسر اليابانية العادية. وشدّدت الدعاية اليابانية، وهو أمر مهم، على أن مخطط الاستعمار هذا لا يتعارض مع التزام اليابان بالمساواة العرقية. وسيجلب المزارعون اليابانيون تقنيات زراعية جديدة إلى منشوريا و«يحسنون» حياة سكان المانشو الأصليين والمغول والصينيين على سبيل المثال.

وتمثل مستوطنة منشوريا اليابانية حالة من حالات الاستعمار الاستيطاني، وهو المفهوم الذي تم تطويره في البداية في العلوم الإنسانية لشرح التاريخ العنيف لبناء الأمة في أمريكا الشمالية وأستراليا. وعلى عكس المستعمرات التقليدية مثل الهند أو نيجيريا، كما أوضح باتريك وولف Patrick Wolfe، فإن المستعمرات الاستيطانية لا تستغل السكان الأصليين، بل تسعى بدلًا من ذلك إلى استبدالهم. فالمورد الرئيسي في المستعمرات الاستيطانية هو الأرض. وعندما تكون أراضي السكان الأصليين أكثر قيمة من عمل السكان الأصليين- غالبًا لأن السكان الأصليين متنقلون ولا يمكن فرض ضرائب عليهم بسهولة- يتم قتل السكان الأصليين أو تهجيرهم أو استيعابهم قسرًا على يد المستوطنين الذين يستبيحون أراضيهم غصبًا للزراعة. ثُم يبرر المستوطنون وأحفادهم عمليات الاستيلاء على الأراضي من خلال خطابات تطبع اختفاء الشعوب الأصلية (كان ذلك مرضًا!) وتؤكد على فوائد الحضارة التي جلبها المستوطنون معهم.

وعلى الرغم من أن الاستعمار الاستيطاني أصبح إطارًا قيمًا لتفسير تاريخ الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وأستراليا، فمن الواضح أن الديناميات التي يصفها عامة تمامًا. وعلى سبيل المثال، كان زعماء اليابان في ثلاثينيات القرن العشرين يسيل لعابهم على نحو مماثل في سهول منشوريا التي تبدو فارغة، وهو ما يمكن أن يكون حلًا لجميع الاحتياجات الغذائية لإمبراطورية اليابان السريعة النمو. وكما هو الحال مع صناع السياسات في الولايات المتحدة، كان لدى اليابان مجموعة متنوعة من المبررات التي تخدم مصالحها الذاتية لحسم الخلافات بالنسبة لهذه الحدود الجديدة. إنّ ادعاءها بأن المزارعين اليابانيين سيساهمون في «الازدهار المشترك» و«التناغم العرقي» في منشوريا وكوريا لا يشبه كثيرًا الاستيعاب القسري والتمييز ونزع الملكية الذي تعاني منه الشعوب الخاضعة هناك. وعلى هذا النحو، ففي الكتابة الشعبية والأكاديمية اليوم، لا توجد مقاومة لتسمية الاستعمار الياباني والإمبريالية في شرق آسيا أو وضع الاستعمار الاستيطاني الياباني في حوار مع المشاريع الاستعمارية الاستيطانية الغربية.

لكن الأمر الغريب هو أنه بينما كان الاستعمار الياباني لمنشوريا يتكشف في ثلاثينيات القرن العشرين، كان هناك إحجام أكبر بكثير عن إدانة اليابان من قبل الباحثين الغربيين الملتزمين بإلغاء العنصرية والإمبريالية. ويساعد هذا الالتباس في توضيح السبب الذي يجعل المشاريع الاستعمارية الاستيطانية المشابهة الأخرى التي تتكشف حاليًا في الجنوب العالمي تحظى بقدر قليل نسبيًا من الاهتمام أو الإدانة اليوم.

ففي عام 1936، زار الباحث الأمريكي الشهير و. إ. ب. دو بوا W. E. B. Du Bois منشوريا والصين واليابان كجزء من جولته حول العالم. وكان صعود اليابان لفترة طويلة مصدر إلهام بالنسبة لدي بوا، الذي ادعى في كتابه «أرواح الأشخاص السود» (1903) أن «مشكلة القرن العشرين هي مشكلة خط الألوان». وبدا انتصار اليابان على روسيا في زمن الحرب عام 1905 في نظر دي بوا بمثابة نذير للصعود الذي طال انتظاره للشعوب الملونة في مختلف أنحاء العالم. وكانت اليابان نصيرًا متحمسًا للمساواة العرقية في فترة ما بين الحربين العالميتين. فقد حاولت (لكنها فشلت) تكريس المساواة العرقية كمبدأ مؤسس لعصبة الأمم في عام 1919، وأثبت دبلوماسيوها أنهم منتقدون صريحون لقوانين جيم كرو Jim Crow في جنوب الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، زار دو بوا منشوريا في عام 1936. وذكر لاحقًا أن ما أنجزته اليابان في منشوريا لم يكن أقل من رائع. وتحدث دو بوا عن غياب البطالة في منشوريا، مما أدى إلى ظهور بنية تحتية جديدة وشعب «سعيد». ويبدو أن غياب التسلسل الهرمي العنصري الصريح أو الفصل بين المجموعات العرقية المختلفة في منشوريا، مع تقسيم المدارس حسب اللغة فقط، جعل الحكم الياباني هناك مختلفًا بطريقة نوعية عن الاستعمار الأوروبي. فقد كانت اليابان، بالنسبة لدي بوا، «قبل كل شيء بلدًا للملونين يديره الملونون من أجل الملونين».

– إن دفاع دي بوا السذج عن اليابان في فترة ما بين الحربين العالميتين يشكّل نقطة تحليلية عمياء كبرى.

كانت المشكلة التي واجهها دو بوا بطبيعة الحال هي أن مشاعر أصدقائه الصينيين كانت مختلفة تمامًا بشأن مسألة الحكم الياباني في منشوريا برمتها. فقد حاول دو بوا بقوة فهم العداء بين الصين واليابان: وهما دولتان «ملونتان» ينبغي أن تكونا حليفتين من الناحية السياسية الظاهرية. وبعد وقت قصير من مغادرته منشوريا، سأل بشكل استفزازي الجمهور في شنغهاي: «لماذا تكرهون اليابان أكثر من أوروبا في حين أنكم عانيتم من إنجلترا وفرنسا وألمانيا أكثر مما عانتكم من اليابان؟» وبعد مرور عام، وفي أعقاب الفظائع التي لا يمكن إنكارها والتي ارتكبتها اليابان ضد مئات الآلاف من المدنيين الصينيين في نانجينغ، ضاعف دو بوا جهوده في الدفاع عن اليابان. وكتب أن «اليابان حاربت الصين لإنقاذ الصين من أوروبا»، وأنه حتى لو ارتكُبت أعمال عنف في الصين، فإن اليابان كانت ببساطة تتبع قواعد اللعبة الأوروبية. وشدد على أن اليابانيين لم يخترعوا أيضًا ممارسة «قتل الأبرياء العزل من أجل الوصول إلى المذنبين»، مسلطًا الضوء على ممارسات أوروبية مماثلة لمكافحة التمرد في جنوب إفريقيا والبنجاب.

إن دفاع دي بوا الساذج عن اليابان في فترة ما بين الحربين العالميتين يعترف به حتى أكثر محاوريه تعاطفًا معه باعتباره نقطة تحليلية عمياء كبرى في فكره. وليس الهدف من تسليط الضوء على هذه الأخطاء هو تقويض نقد دي بوا لفعالية العرق في العالم الغربي. وبدلًا من ذلك، فإن تسليط الضوء على الكيفية التي أصبح من خلالها دو بوا مدافعًا صريحًا عن الاستعمار الياباني يشير إلى كيف يمكن حتى للمراقبين السياسيين ذوي البصيرة أن يخطئوا الهدف بشكل مذهل فيما يتعلق بفهم كيفية فعالية العرق والقوة في «الدول الملونة». وبعبارة أخرى، يمكن لأخطاء دي بوا أن تعلمنا الكثير عن سبب استمرار فشل الدارسين في فهم المشاريع الاستعمارية الاستيطانية في الجنوب العالمي اليوم.

ففي أوائل الستينيات، ضمت إندونيسيا النصف الغربي من جزيرة غينيا الجديدة أو «بابوا الغربية»، بدعوى تحرير الناس هناك من الحكم الاستعماري الهولندي. وردًا على سلسلة من الانتفاضات التي قام بها سكان بابوا الأصليون في السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، أعادت إندونيسيا توطين 300 ألف مزارع من جزرها الأساسية في بابوا الغربية خلال عقدين فقط. وكما هو الحال مع اليابان في منشوريا، نجحت إندونيسيا في جذب أعداد كبيرة من الإندونيسيين العاديين إلى بابوا الغربية من خلال وعدهم بالنقل المجاني والأرض هناك. وكما فعلت اليابان في منشوريا، بررت إندونيسيا مخطط إعادة التوطين أو «الهجرة» هذا للمراقبين الخارجيين من خلال التأكيد على أمرين.

أولًا، سيعمل المهاجرون العابرون على جلب التنمية الزراعية إلى بابوا الغربية، وبالتالي تحسين مستويات المعيشة لما أطلق عليهم المسؤولون: سكان بابوا «البدائيون». وثانيًا، لم يكن التهجير يتعارض مع التزام الدولة بالمساواة العرقية والعنصرية. بل على العكس تمامًا، في الواقع. إنّ خلط المجموعات العرقية معًا من شأنه أن يؤدي إلى التماسك الاجتماعي. وكما قال مارتونو Martono، وزير الهجرة الإندونيسي: «إن برنامج الهجرة يسلط الضوء على التكامل الاجتماعي بحيث تختفي الاختلافات العرقية والاختلافات بين المجموعات العرقية». فلا يوجد شيء اسمه مجموعة عرقية تستعمر أخرى [في إندونيسيا]. وبعبارة أخرى، سيكون اختفاء سكان بابوا الغربية كمجموعة متميّزة نتيجة طبيعية للاختلاط العرقي. وقد قبلت الجهاتُ المانحة الغربية في البنك الدولي هذه المبررات وهي الجهات التي قامت في نهاية المطاف بتمويل مخطط الهجرة.

– قامت إندونيسيا بالتطهير العرقي واستوطنت المناطق الأكثر غنى وثراءً بالموارد في بابوا الغربية.

وزعم نشطاء بابوا الغربية أن هذه المبررات الرسمية كانت مجرد مغالطة تعمينا عن رؤية الأسباب الحقيقية للهجرة وتدفع إلى تشتيت انتباهنا بصددها؛ فلم يكن الغرض الحقيقي من الهجرة هو تعزيز التنمية الاقتصادية، بل منع انفصال بابوا الغربية عن طريق إغراق الجزيرة بالمستوطنين. وكما قال بيني ويندا Benny Wenda، وهو ناشط سياسي بارز في بابوا الغربية، في بيان له في عام 2014: «تحاول الحكومة الإندونيسية عمدًا إبقاء عدد سكاننا منخفضًا [و] إغراق البلاد بالإندونيسيين». وهذا ليس ما نحتاجه نحن أهل بابوا، وليس ما نطلبه. إنّ الهجرة الإندونيسية في بابوا الغربية أدت بالفعل إلى تحويل سكان بابوا الأصليين إلى أقلية في معظم أنحاء الجزيرة، مما يجعل تحقيق بابوا الغربية المستقلة أكثر صعوبة في المستقبل.

ولفترة طويلة، كان من الصعب تحليل هذه الادعاءات المتنافسة حول الغرض من الهجرة الإندونيسية في بابوا الغربية. وقد شدّد بعض المراقبين على الطبيعة الاستعمارية الاستيطانية للحكم الإندونيسي على بابوا الغربية، في حين أكد آخرون على الآثار الحميدة للهجرة. ولكن في مشروع حديث، قمتُ بجمع بيانات حكومية داخلية مهمة للغاية تحدّد بدقة أين ومتى قامت الحكومة الإندونيسية بتهجير سكان بابوا الأصليين واستوطنت أراضيهم في أواخر القرن العشرين. وقد دعمت هذه البيانات بوضوح ادعاءات الناشطين من السكان الأصليين. فقد قامت إندونيسيا بعملية تطهير عرقي واستوطنت المناطق الحدودية ردًا على هجمات المتمردين عبر الحدود من بابوا غينيا الجديدة. كما قامت إندونيسيا بتطهير واستيطان المناطق الأكثر غنى وثراءً بالموارد في بابوا الغربية.

وبعبارة أخرى، فإن البيانات التي توفرها الحكومة الإندونيسية تقوّض ادعاءاتها بأن إعادة توطين مئات الآلاف من الأشخاص في بابوا الغربية كانت استراتيجية جيدة للتنمية الاقتصادية. فقد تم إرسال المهاجرين العابرين لاستعمار المناطق غير المناسبة للزراعة المكثفة ولكن كان لذلك قيمة جيوستراتيجية كبيرة. وكانت الهجرة الإندونيسية في بابوا الغربية، مثلها مثل المستوطنات اليابانية في منشوريا، أداة لإغلاق الحدود المتنازع عليها ومواردها الغنية قسرًا في الدولة. لقد كان هذا وما زال استعمارًا.

ولم يكن الاستعمار الاستيطاني الإندونيسي في بابوا الغربية أمرًا غير عادي بشكل خاص في أواخر القرن العشرين. وإذا قمنا بتعريف الاستعمار الاستيطاني على أنه التهجير القسري للشعوب الأصلية على يد المستوطنين، فإن مجموعة واسعة من الحالات تدخل في صميم هذا القانون. وعلى سبيل المثال لا الحصر، في آسيا: قامت الصين بتوطين الملايين من الصينيين الهان في شينجيانغ والتبت في الستينيات والسبعينيات؛ وأعادت سريلانكا توطين مئات الآلاف من السنهاليين في مناطق التاميل سابقًا في الستينيات والسبعينيات؛ وأعادت تايلاند توطين أكثر من 100 ألف بوذي في مناطق الملايو الجنوبية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي؛ وقامت بنغلاديش بتوطين 400 ألف بنغالي في تلال شيتاجونج في السبعينيات والثمانينيات؛ وقام العراق بإعادة توطين عشرات الآلاف من العرب في المناطق الكردية في الثمانينيات والتسعينيات. وفي الآونة الأخيرة، في عام 2018، بدأت ميانمار في جذب البوذيين إلى مناطق الروهينجا المسلمة سابقًا، وفي عام 2019، جعلت الهند بشكل مثير للجدل من الأسهل بكثير على الهندوس الهجرة إلى كشمير.

ومن بين خطط إعادة التوطين المختلفة هذه، يمكننا عادةً تمييز الركيزة الأساسية المشتركة بينها. فقد اشتمل الاستعمار الاستيطاني الأوروبي في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر بشكل عام على درجة كبيرة من القوة من جانب المستوطنين الذين انتقلوا إلى مناطق لم تكن فيها سلطة الدولة موجودة في السابق. وتبعت الدولةُ المستوطنين. ومن ناحية أخرى، يحدث الاستعمار الاستيطاني في الجنوب العالمي عمومًا داخل حدود مقبولة دوليًا و«تقوده الدولة»، مما يعني أن البيروقراطيين يختارون المستوطنين، ويرسمون حدود المزارع الحدودية، ويمولون نقل المستوطنين. وبالتالي فالمستوطنون يتبعون الدولة.

– لقد شهدت الشعوب المستعمرة في الجنوب العالمي محوًا مزدوجًا: أولًا على يد المستوطنين وثانيًا على يد الدراسات الاستعمارية الاستيطانية.

وكثيرًا ما يتصاعد الاستعمار الذي تقوده الدولة، سواء في اليابان في منشوريا، أو إندونيسيا في بابوا الغربية، أو العراق في كردستان، ردًا على التمرد والخوف من الانفصال في مناطق الأقليات العرقية. ومع عدم قدرتها على التمييز بين من هو متمرد ومن ليس كذلك، تقوم الدول بتهجير الأقليات العرقية المنخرطة بفعالية ونشاط في التمرد وتسوية أراضيها مع مجموعات عرقية أكثر ولاءً نمطيًا يمكنها منع التوغلات عبر الحدود. وعلى حد تعبير أحد المدافعين عن استيطان منشوريا في عام 1934، فإن المستوطن الياباني المثالي ليس مجرد مزارع منتج، بل هو أيضًا شخص «مستعد لسحب بندقيته والمجازفة بحياته في القتال من أجل بلاده في حالة غزو قُطاع الطرق». أو، كما أكد أحد المسؤولين البورميين مؤخرًا، من المفيد أن يقوم المستوطنون بإنشاء «سياج حدودي بشري» على طول الحدود المتنازع عليها.

ومع هذا، فإن الاستعمار الاستيطاني في الجنوب العالمي فشل في جذب الاهتمام الدولي. فالخرائط المتداولة عبر الإنترنت والتي تصوّر الأماكن التي لا يزال فيها الاستعمار الاستيطاني «حقيقة»، على سبيل المثال، تصوّر بشكل حصري تقريبًا المناطق التي استوطنها الأوروبيون. لقد شهدت الشعوب المستعمرة في الجنوب العالمي محوًا مزدوجًا: أولًا على يد المستوطنين وثانيًا على يد الدراسات الاستعمارية الاستيطانية.

ولم نر حركات المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على الصين أو إندونيسيا أو المغرب أو بنغلادش تهز الجامعات الغربية. كما لم نر المجال المزدهر للدراسات الاستعمارية الاستيطانية يحاول بجدية وضع نظرية للاستعمار الاستيطاني كممارسة مستمرة في الجنوب العالمي. أضف إلى هذا أننا لم نر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أو الجمعية العامة يدينان هذه الدول بسبب استيطانها القسري لأراضي الأقليات، وهو أمر مثير للقلق، بالنظر إلى الاهتمام الموجه لإسرائيل في هذه المنتديات. فلماذا؟

إن حالة منشوريا مفيدة لأن الأخطاء التي ارتكبها دو بوا هناك تسلّط الضوء على أخطاء مماثلة يرتكبها اليساريون الغربيون اليوم الذين هم ينتقدون صراحة الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين. فقد ارتكب دو بوا خطأين في تحليله لمنشوريا في ثلاثينيات القرن العشرين، قاداه معًا إلى طريق تبرير الاستعمار الياباني. أما الأول فكان هو افتراض أن الدولة الملتزمة رسميًا بالمساواة العرقية والإثنية لا يمكن أن تكون قوة استعمارية عنيفة واستغلالية. وأما الثاني فهو افتراض أن خط اللون، وهو التقسيم السياسي المركزي في الولايات المتحدة، هو المفتاح الرئيسي الذي يفسّر الصراع السياسي في أماكن أخرى من العالم. ودعونا نأخذ كل خطأ من هذين الخطأين على حدة.

كان الخطأ الأول الذي ارتكبه دو بوا في منشوريا هو افتراضه أن الالتزام بالتفوق العنصري يشكّل جانبًا ضروريًا من جوانب الاستعمار. ومن المفهوم لماذا ارتكب دو بوا هذا الخطأ. فقد برر المستوطنون البيض في الأمريكتين، وأفريقيا السوداء في المناطق التي تقع جنوب الصحراء الكبرى، وأستراليا احتكارهم للأراضي من خلال تفوق البيض. وعلى سبيل المثال، كانت الأفكار العنصرية مثل «الأرض المشاع» تعني أن جميع الأراضي في أستراليا كانت تُعامل من الناحية القانونية على أنها غير مملوكة وغير مأهولة قبل الاستعمار البريطاني. وقد أنشأ المستوطنون الأوروبيون تسلسلات هرمية عنصرية قانونية صارمة في المناطق المستعمرة، مع تخصيص مناطق معينة للبيض فقط. فالشعوب الأصلية رعايا، وليسوا مواطنين، وغالبًا ما يتم وضعهم قسرًا في المحميات.

من هنا لا يترافق الاستعمار الاستيطاني في الجنوب العالمي عادة مع هذه الصفات العنصرية الصريحة. وفي الواقع، فإن ما يميّز الاستعمار الاستيطاني في الجنوب العالمي هو أنه يصاحبه عمومًا خطاب منحرف عن المساواة العرقية. وقد كرّس القادة المناهضون للاستعمار في جميع أنحاء الجنوب العالمي مبدأ المساواة العرقية كالتزام تأسيسي لدولهم القومية في القرن العشرين، في تناقض واضح مع التسلسل الهرمي العنصري الذي ميّز الحكم الاستعماري الأوروبي. وعلى سبيل المثال، في مؤتمر باندونج عام 1955، أكد الرئيس الإندونيسي سوكارنو Sukarno على كيفية توحيد دول مثل الصين وإندونيسيا والهند من خلال «الكراهية المشتركة للعنصرية». ويبدو أن التهجير العنيف للأقليات من قبل الجماعات العرقية المهيمنة في أماكن مثل شينجيانغ أو بابوا الغربية ينطوي على مفارقة. فكيف نفسر الممارسة المستمرة للاستعمار الاستيطاني في البلدان الملتزمة في خطاباتها بإلغاء الاستعمار؟

– يستطيع الأمريكيون البيض أن يقاوموا العمل الإيجابي من خلال استخدام خطاب المساواة العرقية، وليس التفوق العنصري.

إنّ السبيل للخروج من هذه المفارقة هو الاعتراف بأن الاستعمار الاستيطاني لا يحتاج إلى تبريره بأيديولوجيات عنصرية مثل تفوق البيض أو الأرض المشاع. فعندما تتمتع جميع المجموعات العرقية في بلد ما بالحقوق السياسية نفسها، لا يحق لمجموعة واحدة أي مطالبة أكبر بقطعة من الأرض من أي مجموعة أخرى. وبالتالي يمكن استخدام مبدأ المساواة أمام القانون لتبرير اختلاط المجموعات العرقية معًا داخل الحدود الوطنية. وعلى سبيل المثال، لتبرير وجود مستوطني الهان في مناطق الأقليات العرقية مثل التبت وشينجيانغ، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ Xi Jinping مؤخرًا على أن «المساواة العرقية هي الشرط المسبق والأساس لتحقيق الوحدة الوطنية… ولا يمكن فصل الهان عن الأقليات العرقية، كما لا يمكن فصل الأقليات العرقية عن الهان». وبالمثل، شدّد مارتونو على أن توطين الناس في المناطق الحدودية مثل بابوا الغربية «سيحقق ما تم التعهد به: وهو دمج جميع المجموعات العرقية في أمة واحدة، هي الأمة الإندونيسية». كما استخدم رئيسُ الوزراء الهندي ناريندرا مودي Narendra Modi في عام 2019 خطاب المساواة الوطنية لتبرير تغيير الدستور الهندي. وشدّد مودي على أن إلغاء المادتين 370 و35أ، اللتين منعتا لفترة طويلة غير الكشميريين من الهجرة إلى كشمير، من شأنه أن يساعد في تعزيز المساواة الوطنية عن طريق إزالة الامتيازات القانونية الخاصة الممنوحة لمجموعة إقليمية واحدة فقط.

إنّ الأيديولوجيات العنصرية هي قوى مرنة، ويمكن تحريفها بسهولة لتبرير مصالح وتصرفات من هم في السلطة. وكثيرًا ما يتم الإشارة إلى هذه النقطة من قبل منظري العرق النقدي في الولايات المتحدة الذين يؤكدون على كيفية تبني السياسيين المحافظين إيديولوجيات «عمى الألوان» اليوم بشكل استراتيجي للحد من إعادة التوزيع على الأمريكيين السود. وبعبارة أخرى، يستطيع الأمريكيون البيض اليوم أن يقاوموا سياسات مثل التمييز الإيجابي(*) الذي من شأنه أن يؤثر على مكانتهم المادية من خلال استخدام خطاب المساواة العرقية وليس التفوق العنصري. ومن الممكن على نحو مماثل أن يتم نزع شرعية الحكم الذاتي للسكان الأصليين من قِبَل من هم في السلطة في الجنوب العالمي مثل سوكارنو ومودي وشي جين بينج بسبب زعمهم منح حقوق خاصة على قطعة من الأرض لمجموعة عرقية معينة. وعليه؛ فإنّ المساواة العرقية، سواء بالنسبة لليابان في منشوريا، أو الصين في التبت، أو إندونيسيا في بابوا الغربية، تشكّل مبررًا مفيدًا لحرمان الشعوب الأصلية من السيادة وإغراق أراضيها بمواطنيها. وقد تكون المبررات الخطابية للاستعمار مختلفة في الجنوب العالمي، ولكن النتائج- أعني النزوح، والمحو الثقافي، وفقدان حق السكان الأصليين في تقرير المصير- تظل كما هي في الأساس.

أما الخطأ الثاني الذي ارتكبه دو بوا في منشوريا فيتمثل في أنه افترض أن خط اللون هو المحور المحدد للصراع السياسي في مختلف أنحاء العالم. لقد تجاهل دو بوا في الأساس الأصوات الصينية المتذمرة بشأن التوسع الياباني في منشوريا لأنه رأى في هذا الصراع بمثابة إلهاء عن الانقسام العالمي الأكثر جوهرية بين شعوب البيض وغير البيض. وكما أوضح: «ليس الأمر أنني أتعاطف مع الصين بشكل أقل، بل إنني أكره الدعاية الأوروبية والأمريكية للبيض، والسرقة، والإهانة». وكانت اليابان تقود مقاومة الشعوب الملونة ضد أوروبا والولايات المتحدة. ولذلك كان توسعها في منشوريا في الثلاثينيات مبررًا لأن اليابان كانت بحاجة إلى موارد منشوريا الطبيعية «للهروب من الإبادة والخضوع والعبودية المجهولة لأوروبا الغربية».

ويمكننا أن نميّز هنا خيطًا يربط بين دي بوا والمناهضين للإمبريالية الصاخبين اليوم والذين يُطلق عليهم غالبًا اسم «الدبابات» Tankies. والدبابات هم مجموعة من اليساريين المهتمين للغاية بما يعتبرونه الشر الأساسي للعالم- أعني الإمبريالية الأمريكية- لدرجة أنهم يتجاهلون أو يحرفون أو يبررون الفظائع التي ترتكبها البلدان المتحالفة ضد الولايات المتحدة. والخطوة الأولى عادة هي التجاهل. وعلى سبيل المثال، كما ذكرنا سابقًا، في السبعينيات والثمانينيات، طرد العراق أكثر من ربع مليون كردي وأعاد إسكان منطقة طويلة من حدوده الشمالية مع العرب. ثُم، في عام 1988، قُتل ما يقرب من 100.000 كردي في حملة بالأسلحة الكيميائية تسمى «الأنفال». ومع هذا، فقد كتب إدوارد سعيد Edward Said، وهو على الأرجح أبرز منظري ما بعد الاستعمار في الشرق الأوسط، في مجلة لندن ريفيو أوف بوكس London Review of Books عام 1991، وقد زرع الشك حول وجود الأنفال لأنه كان يخشى أن هذه الفظائع يمكن أن تبرر التدخل العسكري الأمريكي. وفي الآونة الأخيرة، نفى بشدة عدد من الكتاب والمنظمات اليسارية عمليات الاعتقال والتعقيم الجماعية التي قامت بها الصين لأقلية الأويغور في شينجيانغ. وقد نسبت الدبابات الأدلة على الإبادة الجماعية هناك إلى «الدعاية الغربية للأعمال الوحشية»، التي نشرتها الجهات الحكومية الغربية لإحباط صعود الصين وتبرير الحرب.

– الدبابات ليسوا مستعدين عمومًا لمنح أي سلطة للأقليات نفسها.

والخطوة الثانية، إذا لم يكن من الممكن تجاهل الفظائع بسهولة، يمكن تجنبها من خلال نسب هذا العنف إلى الغرب. ومن الممكن أن يتخذ هذا التحرك، مثل تفسير دي بوا للتوسع «الدفاعي» لليابان في منشوريا، شكل إلقاء اللوم على العدوان الغربي. وتقول الحجة إن إندونيسيا اضطرت إلى غزو بابوا الغربية في أوائل الستينيات، لأن المنطقة كانت عبارة عن «مسدس هولندي يصوب نحو صدر إندونيسيا». وفي الآونة الأخيرة، زعم مفكرون ودارسون مثل جيفري ساكس Jeffrey Sachs أو نعوم تشومسكي Noam Chomsky أن روسيا تعرضت للاستفزاز لحملها على غزو أوكرانيا في عام 2022، لأن توسعة الناتو تهدّد روسيا.

وتقول هذه الحجة إن الحركات الانفصالية تُعزى أيضًا إلى التدخل الغربي. وعلى سبيل المثال، يلقي القوميون الإندونيسيون اللوم في مقاومة بابوا الغربية ضد إندونيسيا على «القنبلة الموقوتة» الهولندية المتمثلة في سياسة فرق تسد والتدخل المستمر من الدول الغربية مثل أستراليا التي تسعى إلى إضعاف إندونيسيا. ولا تساعد هذه المخاوف بشكل خاص حقيقة أن الدول الغربية غالبًا ما تقدم المساعدات والدعم للأقليات العرقية في الدول المنافسة. إنّ الحقيقة التي مفادها أن الولايات المتحدة قادت الإدانة الدولية للتوسع الياباني في منشوريا في الثلاثينيات، أو أن إسرائيل أصبحت مؤيدًا قويًا للأويغور والأكراد، أو أن وكالة المخابرات المركزية ساعدت في تدريب المتمردين التبتيين في الستينيات، على سبيل المثال، تنزع شرعية الحركات الانفصالية في نظر الدبابات الذين لا يميلون عمومًا إلى منح أي سلطة للأقليات نفسها.

أما الخطوة الأخيرة، إذا لم يكن تجاهل الفظائع في الجنوب العالمي أو إلقاء اللوم على التدخل الغربي في هذه الصراعات أمرًا واضحًا، فهي تبرير عنف الدولة. وعادة ما يأخذ هذا، كما حدث مع دي بوا في منشوريا، شكل التأكيد على «فوائد» التحديث التي جلبتها الدولة. وقد أكد المستوطنون اليابانيون في منشوريا على التحسينات التي أدخلوها على الأراضي غير المطورة. وعلى نحو مماثل، ينظر المستوطنون الصينيون في التبت والمهاجرون الإندونيسيون في بابوا الغربية إلى أنفسهم باعتبارهم مبشرين بالتقدم، ويصفون التبتيين الساخطين وأهل بابوا الغربية بأنهم كسالى جاحدين للجميل. وهذه حجة محيرة، لأنها، بالمعنى الضيق، ليست زائفة تمامًا. وكما أن المستعمرات التي يستوطنها الأوروبيون اليوم تميل إلى أن تكون أكثر غنى وثراءً من المستعمرات التي لم يستوطنها الأوروبيون، فإن المناطق التي يستوطنها المهاجرون الجاويون في بابوا الغربية أو المستوطنون الصينيون الهان في شينجيانغ تميل إلى أن تكون أكثر غنى وثراءً من المناطق المماثلة. وعلى سبيل المثال، يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في بابوا الغربية ضعف نظيره في بابوا غينيا الجديدة المجاورة، كما أن بنيتها التحتية المادية أفضل كثيرًا.

ومع هذا، فإن التنمية الاقتصادية لا تتجلى بالضرورة في التقدم السياسي، خاصة عندما يأتي هذا التقدم على حساب الحرمان والخسارة الثقافية والقهر. ومن الواضح لأي مراقب عاقل أن الاستعمار الأوروبي لأمريكا الشمالية وأستراليا لا يمكن تبريره بأثر رجعي من خلال فوائده الاقتصادية، خاصة عندما تعود هذه الفوائد في المقام الأول إلى أحفاد المستوطنين. ولكن لسبب ما، تجاهل دو بوا هذه النقطة في حديثه عن منشوريا، كما تغافل عنها اليساريون اليوم. فعند الإشارة إلى سجن الأويغور في الصين، على سبيل المثال، أكد الماركسي فيجاي براشاد Vijay Prashad لمجلة «الأمة The Nation في عام 2022 على أن هذا هو «الثمن الذي يدفعه الناس … [للتخفيف من] الفقر المدقع أو القضاء عليه». ومثل هذه التبريرات مجرد خدعة. فهناك طرق أفضل لتخفيف حدة الفقر من الحبس القسري لمجموعة عرقية بأكملها، وانتزاع أطفالها، وإخضاعهم لإعادة تعليمهم.

وفي فبراير 2023، أعلنت إسرائيل أنها سمحت ببناء تسع مستوطنات استيطانية يهودية في الضفة الغربية الفلسطينية وبناء 10 آلاف منزل جديد هناك. وقد قوبل هذا القرار بإدانة واسعة النطاق من قبل اليساريين الغربيين. وعلى سبيل المثال، غردت وزيرة الخارجية النيوزيلندية نانايا ماهوتا Nanaia Mahuta قائلة إن نيوزيلندا «ترفض قرار إسرائيل بالسماح ببناء تسع بؤر استيطانية في الضفة الغربية المحتلة… وندعو إسرائيل إلى التراجع عن هذا القرار وتجنب الإجراءات الأحادية الجانب التي تؤدي إلى تصعيد التوترات وتقويض حل الدولتين». وكانت إدانة ماهوتا الصريحة لإسرائيل جديرة بالملاحظة في نيوزيلندا لأنها وقفت في تناقض صارخ مع موقفها الحذر بشأن صراع مماثل أقرب بكثير إلى الوطن. وعندما سُئلت ماهوتا في البرلمان قبل سبعة أشهر عما إذا كانت تؤيد حق السكان الأصليين في تقرير مصيرهم في بابوا الغربية، أكدت أن نيوزيلندا «تحترم بالكامل سيادة إندونيسيا وسلامة أراضيها».

ويمكن لليساريين الغربيين، بل ينبغي عليهم، أن يفعلوا ما هو أفضل من التباهي بقضية فلسطين بينما يتجاهلون أو يحرفون أو يبررون الاستعمار الاستيطاني في الجنوب العالمي. ومن الأمور المحبطة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس زار الصين في يونيو/حزيران الماضي وأصدر بيانًا ينفي فيه أن الأحداث في شينجيانغ هي «قضايا تتعلق بحقوق الإنسان على الإطلاق». وادعى عباس أن الاعتقال الجماعي للأويغور كان مدفوعًا بدلًا من ذلك بـ«الإرهاب المناهض للعنف، ومكافحة التطرف، ومناهضة الانفصال»، وهو ما يردد بشكل غريب مبررات إسرائيل الخاصة للعنف المستمر ضد شعبه. إنّ الحقيقة التي مفادها أن إسرائيل، وليست فلسطين، هي التي أدانت محو المسلمين في غرب الصين، يجب أن تجعلنا نتوقف. إنّ الرد الصحيح على انتشار الاستعمار الاستيطاني خارج فلسطين ليس، كما تريد مجموعة الدبابات أن نعتقد، الوقوف إلى جانب فلسطين والصمت على الأويغور. ومثلما أن اليمينيين في الغرب وإسرائيل لا يريدون أن نصدق، فإنهم لا يقفون إلى جانب الأويغور ويصمتون عن الفلسطينيين.

ومن الواضح تمامًا أن الرد الصحيح هو الوقوف مع جميع الشعوب المهمشة، وأن نكون متسقين في نشاطنا السياسي، ونهتم بالسياق بدلًا من إدراج الصراعات تحت تقسيم جيوسياسي أوسع وأكثر أهمية أو خط لوني. فالجشع وحب المكانة وبناء الدولة هي الديناميات الرئيسية التي تحرك الاستعمار الاستيطاني، ويمكن العثور على هذه الديناميات في كل مكان. وإذا فشلنا في التعلم من أخطاء دي بوا في منشوريا، فمن المحتم علينا أن نكررها.

 (*) Lachlan McNamee: Settler Colonialism, Aeon, 5 October 2023.

 (*) لاتشلان ماكنامي: محاضر في العلوم السياسية بجامعة موناش في ملبورن بأستراليا. وهو مؤلف كتاب «الاستعمار بأقل القليل: لماذا تستعمر الدول ولماذا تتوقف عن استعمارها» (2023).

 (*) د. حمدي عبد الحميد الشريف: دكتوراه في الفلسفة من جامعة سوهاج (2015)، أستاذ الفلسفة السياسية المساعد في كلية الآداب، ووكيل كلية الدراسات العليا والبحوث البيئية في جامعة سوهاج، وحاصل على جائزة الدولة التشجيعية المصرية في مجال العلوم الاجتماعية لعام 2023، ومن بين كتبه: (الدين والثورة بين لاهوت التحرير المسيحي واليسار الإسلامي المعاصر، 2016)، (فلسفة الكذب والخداع السياسي، 2019)، (مفهوم العدالة في فلسفة مايكل وولتـزر السياسية، 2020)، (الرمزية السياسية: مفهوم الرمز ووظيفته في الفكر السياسي، 2023)، وأخرى غيرها، ولديه العديد من البحوث والدراسات المنشورة في مجلات محكمة، إضافة إلى عديد من المقالات الفلسفية، وعدد من الترجمات. وهو عضو محكِّم في عديد من المجلات والدوريات العلمية والعربية، وعضو خبير في لجنة (فحص المشروعات والجوائز ومكافأة النشر العلمي) في جامعة سوهاج.

 (*) «التمييز الإيجابي» (Affirmative Action): عبارة عن طريقة أو أسلوب لمنح أعضاء المجموعات المقهورة رأس المال الكافي لجعلهم “أقوياء” وأصحاب صوت مسموع. ويمثل هذا المبدأ نوعًا من السياسة التي تعتمد مبدأ الأفضلية في التوظيف أو التعليم أو العمل تجاه الأقليات والمجموعات المهمشة؛ بهدف رفع الظلم عن كاهلهم وإصلاح التمييز الذي مورس ضدهم في السابق، بما يعني ذلك من إعادة توزيع الفرص والمناصب والثروة وغيرها لصالح تلك المجموعات التي اعتُبرَت محرومة أو مضطهَدة. (المترجم).

العنوان الأصلي للمقال: Settler Colonialism، ونُشر في موقع Aeon، في 5 أكتوبر 2023.

رابط المقال: https://aeon.co/essays/settler-colonialism-is-not-distinctly-western-or-european

مجال تخصص المقال: (الأمم والإمبراطوريات- السياسة والحكومة- التاريخ العالمي).

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى