الدراسات البحثيةالمتخصصة

أثر التطبيع على الأمن القومي للدول العربية المُطبعة والمنطقة العربية ٢٠٢٠ – ٢٠٢٤

اعداد : إسماعيل أنور علي عباس , عبير حسن محمد عبد العزيز إشراف : أ.د. دلال محمود السيد  – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

ملخص الدراسة:

شهدت المنطقة العربية منذ عام ٢٠٢٠م حتى الآن الكثير من التطورات والتغيرات في طبيعة العلاقات العربية الإسرائيلية، حيث بدأت موجة تطبيع واضحة من الدول العربية في عام ٢٠٢٠م مع إسرائيل، وذلك في مجالات متعددة منها الاقتصادية والأمنية والعسكرية والثقافية والتكنولوجية والإعلامية وغيرها من المجالات، وذلك لوجود العديد من الأهداف والمصالح التي يسعى كلا الطرفين لتحقيقها من خلال التطبيع، وكان لهذا التطبيع أثره السلبي على الأمن القومي للمنطقة العربية ككل، وكذلك على الأمن القومي للدول المُطبعة بالأخص، ولكن على الجانب الآخر هناك أثر إيجابي للتطبيع على تلك الدول يتضح في مكاسبهم من التطبيع في مجالات مختلفة، وإن كانت الفائدة الأكبر تعود على الطرف الإسرائيلي، ولكن منذ أحداث ٧ أكتوبر٢٠٢٣م في فلسطين هناك عدة سيناريوهات ممكنة لمستقبل التطبيع في ظل هذه الظروف كلاً منها يعتمد على مجموعة من المبررات.

Abstract

Since 2020 until now, the Arab region has witnessed many developments and changes in the nature of Arab-Israeli relations, as a clear wave of normalization began with the Arab countries in 2020 with Israel, in multiple fields, including economic, security, military, cultural, technological, media, and other fields, due to the presence of many goals and interests that both parties seek to achieve through normalization, this normalization had a negative impact on the national security of the Arab region as a whole, as well as on the national security of the normalized countries in particular, but on the other hand, there is a positive impact of normalization on those countries that is evident in their gains from normalization in  Different fields, although the greatest benefit accrues to the Israeli side, but since the events of October 7, 2023 in Palestine, there are several possible scenarios for the future of normalization under these circumstances, each of which depends on a set of justifications.

مقدمة:

إن الطابع الغالب على العلاقات العربية الإسرائيلية منذ قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين عام ١٩٤٨م هو طابع صراعي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وذلك إدراكاً من الجانبين أن دولة إسرائيل ما هي إلا جسمًا غريبًا زُرع في محيط مُعاد له، ومن هنا يدرك الجانب الإسرائيلي أن التخلص من العداء العربي والحصار الموجه تجاه دولتهم، فضلاً عن فرض كيان دولتهم في المنطقة يتطلب الحصول على الشرعية الدولية من خلال الاعتراف بها وقبولها من معظم دول العالم وخاصة الدول العربية التي لطالما غلب الطابع الصراعي على علاقاتهم. ومن ثم، تحاول إسرائيل كسب اعتراف الدول العربية والنظام العربي الرسمي بها من خلال خلق علاقات طبيعية بينها وبين الدول، وتدريجيًا لاحظنا أن هناك تحول لعلاقات الصراع بين إسرائيل والبلدان العربية إلى علاقات طبيعية، وإلى تطبيع وهذا هو الطابع الخطير الذي ينال مرمى الأهداف القومية للشعوب العربية.

من المتفق عليه أن التطبيع العربي الإسرائيلي هو حلم لدي قادة الحكومات الإسرائيلية المُتعاقبة، ويسعون لتحقيق هذا الحلم دون كلل، من منطلق أن التطبيع خطوة واجبة النفاذ على الحكومات والشعوب العربية لكي يتحقق السلام، ونجد أنه على الرغم من توقيع الكيان الصهيوني اتفاقيات سلام مع مصر، والأردن، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ووجود علاقات سرية يرتبط بها الكيان الصهيوني مع الدول العربية، إلا أن الكيان الصهيوني غير راضٍ عن أن علاقاته مع بعض الدول العربية متمثلة في التطبيع السياسي، فهو يرغب بعلاقات مباشرة وواضحة وعلى كافة المستويات تتجاوز القضية الفلسطينية وتبني فقط على أساس العلاقات والمصالح بين الدول. ونظرًا لما تمثله الدول العربية بشكل عام ودول الخليج بشخص خاص من أهمية كبيرة في العالم العربي، فهذه تعد البوابة الشرقية للوطن العربي وصاحبة الموقع الاستراتيجي، فضلاً عن كونها تمثل نقطة الثراء في الدول العربية لما تمتلكه من ثروات نفطية هائلة.

وفي هذا الصدد هناك  مجموعة من الأحداث على صعيد الوطن العربي أو على الساحة الدولية سرعت من وتيرة التطبيع مع إسرائيل ومنها ثورات الربيع العربي، واختلاف رؤية غالبية الدول العربية للخطر فأصبحت ترى أن تهديدات إيران أهم من الصراع العربي الإسرائيلي بل أصبح يتم النظر لإسرائيل على أنها حليف استراتيجي للحفاظ على أنظمتهم من الانهيار، ورئاسة دونالد ترامب للولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث انتقلت إدارته من الانحياز لإسرائيل إلى الشراكة الكاملة ودعم المشروع الصهيوني من خلال ضغط الولايات المتحدة الأمريكية المباشر على الدول العربية التابعة لها للمضي قدماً بمشروع التطبيع الكامل مع إسرائيل وذلك تزامناً  مع حالة تجاهل كبير للقضية الفلسطينية.

ومن هنا نستطيع القول أن الكيان الصهيوني يسعى بشدة _ وانطلاقًا من أن قضيته الرئيسة هي الأمن _ إلى أتخاذ خطوات تطبيعية تثبت أن الكيان الصهيوني ومواطنيه مقبولين في المنطقة بصفتهم جزءً من المنظومة الإقليمية، ومن خلال دراستنا سنحاول تسليط الضوء على تاريخ العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وإيضاح غايات ومصلحة إسرائيل في تطبيعها مع الدول المطبعة، ودوافع الدول العربية المختلفة للتطبيع مع إسرائيل، ومسارات هذا التطبيع، ومواقف القوي الخارجية في المجتمع الدولي من التطبيع العربي الإسرائيلي العربي، وسنسعي من خلال دراستنا محاولة تتبع قضية التطبيع الخليجي الإسرائيلي وما ستؤول إليه القضية الفلسطينية بعد التطبيع، والهدف من كل ذلك هو محاولة التعرف على قضية التطبيع وتأثيرها على الأمن القومي العربي.

المشكلة البحثية:

التطبيع العربي الإسرائيلي من العوامل التي تؤثر بشكل واضح على الأمن القومي العربي عامة، وعلى الأمن القومي للدول المطبعة مع إسرائيل خاصة، حيث أن تطبيع بعض الدول العربية مثل المغرب والسودان والإمارات والبحرين مع إسرائيل لا يساهم في تحقيق الأمن والاستقرار لهذه الدول وكذلك الأمن القومي للمنطقة العربية ككل، لأنه سلوك يتنافى مع توجهات الأمن القومي العربي واستقراره، ويتجلى هذا التأثير بشكل واضح في القضية الفلسطينية ووجود دولة مُحتلة لأرض عربية، ولكن على الجانب الآخر بالتركيز على دوافع الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل نجد أنها تتنوع ما بين دوافع داخلية مثل الوضع الاقتصادي أو الاستقرار السياسي والأمني للدولة أو صانع القرار السياسي نفسه وطبيعة تفاعلاته مع مختلف الأطراف في الداخل، ودوافع خارجية مثل الضغوط الخارجية والمتغيرات الإقليمية والدولية وما تفرضه على الدول من سعي للتعاون وإعادة ترتيب أولويات السياسة الخارجية لهم، على اعتبار أن النظام الدولي قائم بالأساس على تحالفات في مختلف الجوانب سواء سياسية أو اقتصادية أو عسكرية مما يدفع بعض الدول للدخول في تحالفات لحماية أمنها القومي وإن كانت تتعارض مع توجهاتها السياسية العامة، وإن كان من المهم الجمع بين النوعين من الدوافع لتفسير عملية تطبيع هذه الدول مع الكيان الإسرائيلي بشكل واضح، ومن هنا التساؤل الرئيسي للدراسة هو ما هو أثر التطبيع على الأمن القومي للدول العربية المُطبعة، وعلى المنطقة العربية ككل؟

ويتفرع عن هذا السؤال عدد من الأسئلة الفرعية كما يلي:

١- ما هي مجالات التطبيع العربي الإسرائيلي، وكيف تنعكس في اتفاقيات التطبيع؟

٢- ما هي دوافع الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل؟

٣- كيف يؤثر التطبيع على الأمن القومي للمنطقة العربية ككل، وكذلك القضية الفلسطينية؟

٤- كيف يؤثر التطبيع على الأمن القومي للدول العربية المُطبعة مع إسرائيل؟

٥- ما هو مستقبل التطبيع العربي الإسرائيلي؟

أهداف الدراسة:

تهدف هذه الدراسة إلى توضيح مفهوم التطبيع وأبعاده المختلفة وكذلك أثره على الأمن القومي العربي عامة وعلى أمن الدول المُطبعة خاصة، بالإضافة لتوضيح مدى تغير طبيعة العلاقات بين أطراف التطبيع قبل العملية وبعدها، والعوامل التي تدفع الطرفين للتطبيع، كما تهدف الدراسة لتوضيح مسار التطبيع بين إسرائيل والدول المُطبعة، بالإضافة إلى وضع سيناريوهات لمستقبل التطبيع العربي الإسرائيلي وخاصة في ظل التغيرات التي يشهدها النظام الدولي والإقليمي في المرحلة الراهنة.

 تحديد الدراسة:

١- التحديد المكاني:

تتمحور هذه الدراسة حول المنطقة العربية حيث تركز على دراسة تأثير التطبيع على الأمن القومي للدول المُطبعة مع الكيان الإسرائيلي سواء الإمارات أو البحرين أو المغرب أو السودان، وكذلك على الأمن القومي للمنطقة العربية ككل بالتركيز على أرض فلسطين المُحتلة من إسرائيل.

٢- التحديد الزماني:

تتمحور هذه الدراسة حول دراسة تأثير التطبيع على الأمن القومي العربي ككل، والأمن القومي للدول العربية المُطبعة مع إسرائيل بالتحديد منذ عام ٢٠٢٠م الذي يعد عام بدء علاقات التطبيع العلنية بين الدول العربية وإسرائيل مثل اتفاقيات إبراهيم عام ٢٠٢٠م بين إسرائيل والمغرب والإمارات والبحرين، والعديد من الاتفاقيات الأخرى بين الدول العربية وإسرائيل، وتستمر الدراسة لتوضيح أثر هذا التطبيع حتى الفترة الحالية لما طرأ على العلاقات بين هذه الدول والكيان الإسرائيلي من تغير نتيجة لتطورات القضية الفلسطينية وتحولها لقضية عالمية وليس فقط قضية إقليمية تمس الأمن القومي العربي.

٣- التحديد المجالي:

تعد هذه الدراسة دراسة بينية لأنها تقع ضمن عدة حقول علمية منها حقل النظم السياسية حيث سوف يتم توضيح أهم الدوافع الداخلية للدول العربية المُطبعة مع إسرائيل، وكذلك دوافع إسرائيل للتطبيع معهم، وعلى الجانب الآخر تدخل هذه الدراسة ضمن حقل العلاقات الدولية وبالتحديد حقل السياسة الخارجية المتفرع عنه حيث سوف يتم التركيز على الدوافع الخارجية التي دفعت كلا الطرفين إلى التطبيع، بالإضافة إلى دراسة السياسة الخارجية لهذه الأطراف مما دفعها تدريجياً لتطبيع العلاقات سوياً لتحقيق أهداف السياسة الخارجية لهم.

أهمية الدراسة:

١- الأهمية العلمية النظرية:

بشكل عام تحاول الدراسة توضيح موضوع هام في إطار العلاقات الدولية وهو متعلق بطبيعة العلاقات بين الدول كيف تتحول من حالة صراع إلى حالة سلم وفقاً لعوامل مختلفة تتعلق بكل دولة من هذه الدول والمصالح التي ستعود عليها من هذا التحول في طبيعة العلاقات بينهم، وبشكل خاص تركز هذه الدراسة على ظاهرة التطبيع في إطار المنطقة العربية باعتبار أنها ظاهرة جديدة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وتركز على توضيح مدى تأثير هذه الظاهرة على الأمن القومي للدول العربية المُطبعة وكذلك للمنطقة العربية، بالإضافة إلى أن هذه الدراسة ستعد جزء من الإسهامات العلمية التي تشكل اتجاهاً نظرياً وعلمياً يفيد الباحثين والدارسين في هذا المجال، وبالأخص المهتمين بظاهرة التطبيع بأبعادها المختلفة.

٢– الأهمية العملية التطبيقية:

ستساعد هذه الدراسة الباحثين في محاولاتهم لتتبع ظاهرة التطبيع والأبعاد المختلفة لها، وكذلك معرفة مخاطر هذه الظاهرة على الأمن القومي لتلك الدول وكذلك الأمن القومي للمنطقة العربية ككل بالتركيز على القضية الفلسطينية على اعتبار أنها تعد قضية مشتركة لكل الدول العربية وبالتالي تمس الأمن القومي للمنطقة ككل، وكذلك تهدف الدراسة لتزويد صانعي القرار بالمعلومات حول ظاهرة التطبيع ومدى خطورتها لما يترتب عليها من آثار سياسية واقتصادية، وأمنية تهدد الأمن القومي لدولهم، وللمنطقة العربية ككل بالأخص في إطار ما يشهده النظام الدولي من تغيرات في المرحلة الراهنة وبالأخص النظام الإقليمي.

مراجعة الأدبيات السابقة:

– الاتجاه الأول: الدراسات المُتعلقة بالتطبيع العربي الإسرائيلي:

     تركز بعض الدراسات المتعلقة بالتطبيع على توضيح تعريفاته المتعددة وأنواعه والفرق بينه وبين مفاهيم أخرى مثل المقاطعة والاتصال، وكذلك توضيح مخاطره على الدول العربية وكيف أنه يمثل انسياقًا واستسلاماً من جانب الدول العربية، وخضوعًا لإسرائيل،[1] وهناك دراسات تركز على التسلسل التاريخي للتطبيع وبداية تلك العملية، بل وكذلك متى تم استخدام المفهوم لأول مرة وذلك في خطاب الأمم المتحدة عام ١٩٦٨م، وتوضيح ما تحمله تلك العملية من مضامين استراتيجية واقتصادية وثقافية على أرض الواقع، مع توضيح الطرق الرسمية وغير الرسمية للتمهيد لعمليات التطبيع العربي الإسرائيلي، وتوضيح آليات الدول العربية لمواجهة استراتيجية التطبيع العربي الإسرائيلي.[2]

وهناك دراسات تركز على الدوافع الإسرائيلية للتطبيع مع الدول العربية ومن أهمها الثورات العربية، وإلى أي مدى تطورت وتغيرت طبيعة العلاقات العربية الإسرائيلية بعد ثورات الربيع العربي، والدوافع نحو تطور تلك العلاقات في ظل التأثيرات والتغيرات التي أحداثها الربيع العربي،[3] ودراسات حاولت تقديم رؤية شاملة للصراع العربي الإسرائيلي ومساره ومستقبله، بالإضافة إلى طرق تكون الفكر الصهيوني في إطار التركيز على أزمة الأيدولوجيات ومدى تأثير ذلك الفكر على مستقبل إسرائيل،[4] وهناك دراسات تركز بشكل أساسي على القضية الفلسطينية باعتبارها واحدة من المحركات الرئيسية لتفاعلات الدول العربية في النظام الدولي والإقليمي، وتوضيح أن هذه القضية معرضة للتهميش بالأخص منذ الإعلان عن صفقة القرن، بالإضافة لتوضيح مراحل تغير طبيعة العلاقات العربية الإسرائيلية ما بين الاشتباك ثم البحث عن تسوية ثم الخضوع والاستسلام.[5]

– الاتجاه الثاني: دراسات تتعلق بالتطبيع وتأثيره على الأمن القومي العربي:

أغلب الدراسات ترى أن التطبيع يؤثر بشكل سلبي على الأمن القومي العربي، فهناك دراسات ترى أن التطبيع هو عملية سياسية تسعى إلى نقل الحالة السياسية الأمنية بين الكيان الإسرائيلي وبلدان الخليج العربي وبقية الدول العربية إلى حالة تحالف عسكري أمني استراتيجي على حساب مفهوم الأمن القومي العربي، وكذلك تسعى لتثبيت الكيان الإسرائيلي وتأمينه دولياً كدولة وطنية ذات سيادة، والاعتراف بها على الأراضي الفلسطينية المحتلة سواء في محيطها الإقليمي أو الدولي، وكذلك تسعى لتحويل القضية الفلسطينية من جوهر للنزاع العربي الإسرائيلي إلى قضية داخلية يتفاوض حولها الكيان الإسرائيلي مع قلة من السياسيين الفلسطينيين، وكذلك توضيح أن تلك العملية بأبعادها المختلفة بالأخص العسكرية والأمنية تسعى لحماية الكيان الإسرائيلي وإعطائه فرصة للتوسع على حساب الأمن القومي العربي.[6]

وهناك دراسات ترى أن إسرائيل من خلال عمليات التطبيع مع بعض دول المنطقة العربية تشكل تهديداً لأمن دول أخرى، حيث أن إسرائيل تبدأ في استخدام استراتيجية التصعيد بتطبيق الهجوم المنظم الانتقامي على حدود بعض الدول العربية مثل مصر وسوريا والأردن وغيرها من الدول، وذلك بدءاً من عملية التطبيع حتى الآن، أي أن للتطبيع مخاطر وتداعيات واضحة على المنطقة العربية بشكل عام، والقضية الفلسطينية بشكل خاص،[7] وهناك دراسات أخرى تدعم فكرة أن التطبيع مع بعض الدول العربية سوف يشكل تهديداً لأمن دول أخرى مما سيجعل المنطقة العربية ساحة للصراع بين تلك الدول العربية نتيجة لقرارات بعضهم بالتطبيع مع إسرائيل، مما يؤدي إلى الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة العربية بشكل ينعكس على أمنها القومي.[8]

وهناك دراسات ترى أن التطبيع في ظل ما يمر به النظام الإقليمي والدولي من أزمات وفي ظل استمرار احتلال إسرائيل لفلسطين واستمرار عمليات القتل والاستيطان ما هو إلا أداة لزيادة التسلط والاستبداد الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط وبالأخص فلسطين، فهو ليس البديل أو الخيار الذي قد يؤدي إلى تحقيق مصالح النظم العربية، حيث أنها تدفع الدول العربية للتسابق على التسلح والإنفاق على الجانب العسكري بشكل خاص في إطار خلق تصور زائف عن إمكانية بسط نفوذهم في المنطقة العربية مقارنة بالدول الأخرى.[9] وهناك دراسات ترى أن التطبيع لن يؤدي إلى التقدم الاقتصادي والاجتماعي والعسكري للدول العربية كما يأملون، بل إنه أداة لتأمين وجود إسرائيل في المنطقة العربية بشكل قوي ومهيمن وذلك سوف يهدد الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدول المنطقة العربية، مع توضيح أن موجات التطبيع العربي الإسرائيلي تمثل تهديداً واضحاً للدول العربية بالتفكك والانهيار التام، وتحولهم من مجرد نظام قومي عربي إلى نظام إقليمي يضم مجموعة من الدول المتجاورة فقط.[10]

على الجانب الآخر هناك دراسات ترى أن التطبيع قد يكون له تأثير إيجابي على الأمن القومي للدول العربية من خلال أنه سوف يحقق للدول العربية المُطبعة مع إسرائيل كافة مصالحها التي دفعتها للتطبيع سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو العسكري، ولكن ذلك سيتم في إطار قدرة الدول العربية على توظيف قدراتها بشكل ساعدها في استثمار علاقتها مع إسرائيل وتحقيق مصالحها سواء السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية أو العسكرية وغيرها من المصالح، أو في إطار خدمة القضية الفلسطينية، مع توضيح أن التطبيع هو عبارة عن عملية قصدية في إطار سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي وأمني تهدف لإحلال مجموعة تفاعلات ذات الطابع السلمي والتعاوني بين الدول المطبعة في تلك المجالات، وتهدف لإنهاء حالة النزاع والحرب من خلال علاج أسباب تلك الحالة في إطار مجموعة من العلاقات الدبلوماسية.[11]

-التعليق على الدراسات السابقة:

بالنسبة لدراسات الاتجاه الأول نجد أن هناك دراسات ركزت على دوافع إسرائيل للتطبيع مع الدول العربية، ودراسات أخرى ركزت على دوافع الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل، ودراسات ركزت على قضية معينة تجمع الطرفين، أي لم تحاول هذه الدراسات أن تنظر للدوافع وطبيعة العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل من منظور شامل يتضمن تلك الأفكار سوياً، لذلك في هذه الدراسة سيتم العمل على توضيح الدوافع سواء الداخلية أو الخارجية المؤدية لتطبيع كلا الطرفين سواء الطرف العربي أو الطرف الإسرائيلي، والعمل على توضيح طبيعة العلاقات قبل وبعد تطبيع العلاقات بين تلك الأطراف وهل ساهمت في تحقيق مصالحهم وفقاً للدوافع التي جعلتهم يطبعون علاقتهم سوياً على عدة مستويات.

وبالنسبة لدراسات الاتجاه الثاني نجد أنها ركزت على الأثر السلبي لتطبيع الدول العربية مع إسرائيل من منطلق أنها تشكل تهديداً على الأمن القومي للمنطقة العربية ككل وركزت على القضية الفلسطينية بالأخص، إلى جانب التركيز على مهددات أخرى للأمن القومي العربي إلى جانب قضية التطبيع أي أنه لم تكن ظاهرة التطبيع هي الظاهرة المحورية في بعض هذه الدراسات، وبالتالي في هذه الدراسة سيتم التركيز على ظاهرة التطبيع كمصدر رئيسي لتهديد الأمن القومي ليس فقط للمنطقة العربية ككل بالتركيز على القضية الفلسطينية بل وكذلك على الأمن القومي للدول العربية المطبعة مع إسرائيل، وعلى العلاقات العربية الإسرائيلية قبل التطبيع وبعده.

وفيما يتعلق بدراسات الاتجاهين نجد أنهما تضمنا سرداً لبعض الأحداث التاريخية المُمهدة للتطبيع العربي الإسرائيلي، لكن نجد أن بعضها يركز على الأحداث التي قد تكون مرتبطة بحالة الدراسة، أو يركز على بعض الأحداث التاريخية التي تشكل نقاط مفصلية في تاريخ التطبيع، أي أنهم لم يوضحوا مسارات هذا التطبيع بشكل شامل، وبالتالي في هذه الدراسة سيتم العمل على توضيح مسارات التطبيع العربي الإسرائيلي ليس فقط لحالة دراسية واحدة بل لكل الدول العربية المطبعة مع إسرائيل، وكذلك الطريق الذي مهد إلى بدء علاقات التطبيع بعد فترة طويلة من الصراع العربي الإسرائيلي.

 

الإطار المفاهيمي:

١- مفهوم التطبيع:

التطبيع لغة يعني جعل شيء طبيعي بعد أن كان غير مألوف عن طريق وضعه تحت شروط تجعله طبيعياً، والتطبيع اصطلاحاً يعني التحول من حالة غير مألوفة أو طبيعية أو قد توصف بأنها حالة شاذة إلى حالة طبيعية ومألوفة، والتطبيع من المنظور العربي يظهر في تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي وذلك من خلال تحقيق التعاون أو المشاركة في المجال الاقتصادي، أو المجال الدبلوماسي من خلال سفارات الطرفين، أو التعاون العسكري بعدة طرق أحدها هي المناورات العسكرية المشتركة، أو قد يتم التعاون في المجال الاجتماعي بواسطة التبادل الثقافي والمعرفي، وفي مقابل ذلك يستمر السلوك الإسرائيلي العدواني كما هو تجاه فلسطين والفلسطينيين لأسباب مختلفة.[12]

وبالنسبة للتطبيع إجرائياً يتمثل في قيام بعض الدول العربية بالفعل بالاعتراف بوجود الكيان الإسرائيلي رغم سلوكه العدواني والاستيطاني، بل وكذلك إقامة شراكات سواء مباشرة أو غير مباشرة على مختلف المستويات لتبادل العلاقات في عدة مجالات سواء سياسية أو اقتصادية أو أمنية وغيرها من المجالات، وهذا ما فعلته الدول محل الدراسة وهي المغرب والسودان والإمارات والبحرين من خلال التطبيع والتعاون والتحالف مع الكيان الإسرائيلي.

٢- مفهوم الأمن القومي:

يعرف المفكر جورج كينان، الأمن القومي على أنه الحفاظ على النظام الدولي والحفاظ على السلم والاستقرار الدولي، وضمان عدم التهديد للدول الأخرى والمنطقة الدولية بالحروب والنزاعات. وهو يعتقد أن الأمن القومي يتطلب الحفاظ على قوة الدولة وتأكيد سيادتها على أراضيها، ولكنه يركز بشكل أكبر على تأمين السلم والاستقرار الدولي. كما يؤكد كينان أن الأمن القومي يتطلب أيضًا العمل على منع انتشار الأسلحة النووية والتعاون الدولي في مجال الأمن، وذلك عن طريق الحوار والتفاهم والتعاون الدولي. ويعتبر أيضًا أن الأمن القومي يتطلب تحقيق العدالة الدولية والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وذلك من خلال تحقيق التنمية المستدامة وتوزيع الثروة بشكل عادل. كما يشير مفهوم الأمن القومي وفقاً لكينان على أنه ذلك النوع من الأمن الذي لا يمكن تحقيقه من خلال العمل الوحيد للدولة، بل يتطلب التعاون الدولي والتفاهم بين الدول لتحقيق الهدف المشترك للسلم والاستقرار الدولي. ويعتبر أن الأمن القومي لا يتعارض مع الأمن الدولي العام، بل يتطلب العمل على تحقيق الأمن الدولي العام كجزء من تحقيق الأمن القومي لكل دولة.[13]

كما يعرف المفكر والفيلسوف هانز مورجنثاو، الأمن القومي على أنه الحفاظ على الاستقلال السياسي للدولة، وضمان عدم التدخل في شؤونها الداخلية والخارجية، وحماية مواطنيها ومصالحها. ويعتبر أن الأمن القومي يتطلب الحفاظ على القوة العسكرية والاقتصادية للدولة، وإنشاء تحالفات وشراكات استراتيجية مع الدول الأخرى لتحقيق هذا الهدف. ويؤكد مورجنثاو على أن الأمن القومي يعتمد بشكل كبير على القوة العسكرية، وأن الدولة التي تمتلك القوة العسكرية الأكبر تتمتع بالأمن القومي الأكبر، ويعتبر أيضًا أن الأمن القومي يتطلب التحكم في الموارد الاقتصادية والتجارية، وضمان استقرار النظام الاقتصادي والاجتماعي في الدولة، ويؤكد على أهمية القوة العسكرية لتحقيق أهداف الأمن القومي.[14]

كما يتضمن مفهوم الأمن القومي مجموعة من المقاييس والمؤشرات الإجرائية التي تستخدم لقياس الأمن القومي للدولة، وقد تختلف هذه المؤشرات من دولة إلى أخرى بناءً على الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية وغيرها. ومن بين المؤشرات الشائعة للأمن القومي على سبيل المثال، مؤشر الاستقرار السياسي، مؤشر الأمن العسكري، مؤشر الأمن الاقتصادي، مؤشر الأمن الغذائي، مؤشر الأمن السيبراني. وغيرها من المؤشرات التي يمكن الاستدلال من خلالها على مفهوم الأمن القومي، بالإضافة لمؤشرات الأمن بشكل عام حيث تتضمن مؤشرات الأمن مجموعة من المقاييس التي تستخدم لقياس مدى الأمن في المجتمع والحفاظ على الأمن العام. وتختلف هذه المؤشرات من دولة إلى أخرى، ولكن من بين المؤشرات الشائعة للأمن كلا من معدلات الجريمة، معدلات الإرهاب، مؤشر الأمن العسكري، مؤشر الأمن الاجتماعي، الأمن الصحي، والأمن الاقتصادي.[15]

الإطار النظري:

– النظرية الواقعية:

تعد نظرية الواقعية أحد أهم نظريات حقل العلاقات الدولية التي ساهمت مقولاتها في توضيح مدى تأثير القوة على العلاقات الدولية وذلك من خلال مفاهيم مثل مفهوم نظرية القوة و نظرية المصلحة القومية، وبالنسبة لرواد النظرية ونظرتهم للقوة نجد أن هانز مرجانثو وضع تصور شامل لمفهوم القوة ولدورها في رسم السياسة الدولية، حيث يرى أن من يحصل على القوة هو من يسيطر على الموارد الأولية والطرق البحرية ومن خلالها يمكنه القيام بتغييرات إقليمية ودولية يسيطر بها على كل القوى الأقل قوة، وكذلك يرى أنه من خلال القوة تتحقق المصلحة الوطنية المتمثلة في البقاء والدفاع عن كيان الدولة. ويرى فريدريك شومان إن القوة ليست هدف في حد ذاتها ولكنها مجرد أداة يتم استخدامها لتحقيق أهداف أخرى. وبالنسبة لأرنولد والفرز يرى أن النظام الدولي يعتمد بالأساس على توازنات القوى، وتلك القوى الكبرى لا تعترف بوجود قوة أخرى قد تكون أعلى منها وبالتالي تعمل على تأمين مصالحها القومية بكافة الطرق مما يخلق حالة من عدم الأمن والاستقرار.[16]

وبالنسبة هي أهم المبادئ الفلسفية للنظرية الواقعية فهي تتمثل في مبدأ القوة حيث يعد مصطلح القوة من أكثر المصطلحات شيوعاً في حقل العلاقات الدولية لأهميته في رسم أدوار الفواعل الدولية المختلفة، ويتم النظر للقوة على أنها عامل غير ثابت يتغير باستمرار وفي إطار أنها هي التي تحكم العلاقات بين الدول فمن يكون حليف اليوم قد يكون عدو الغد وكذلك العكس، ومبدأ المصلحة الوطنية حيث أن هناك علاقة واضحة بين مفهوم القوة ومفهوم المصلحة الوطنية فالقوة تعد وسيلة لتحقيق المصلحة الوطنية، وبالتالي أصبحت القوة وتحقيق المصلحة الوطنية هدف أساسي تسعى كل الدول له، وكلما زادت قوة الدولة زادت قدرتها على تحقيق مصالحها الوطنية.[17]

وسوف يتم تطبيق النظرية الواقعية في هذه الدراسة من خلال أن هذه النظرية أصبحت تركز على وضع إجراءات لدعم الاستقرار والأمن الإقليمي والدولي، ومن هنا ظهر مفهوم التطبيع بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي بهدف تحقيق التعاون في مختلف المجالات سواء سياسية أو اقتصادية أو غيرها من المجالات بهدف تحقيق الأمن والسلم في المنطقة، لكن في الحقيقة جوهر التطبيع هو تحقيق المصلحة الوطنية للقوى الكبرى التي تتخفى وراء التطبيع، حيث أن التطبيع مع إسرائيل في الأساس هو اختراق لأمن المنظومة العربية وكذلك من المنظور العربي يُعبر عن حالة من الاستسلام للقوى الكبرى، لكن من منظور القوى الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية – باعتبارها من أكبر داعمي الكيان الإسرائيلي – ترى أن التطبيع ضروري بهدف جعل إسرائيل كيان معترف به وليس كيان مصطنع كما يراه العرب.

منهج الدراسة:

سيتم الاعتماد في هذه الدراسة على عدة مناهج كالتالي:

١- المنهج الوصفي التحليلي:

يعد المنهج الوصفي هو طريقة منتظمة لوصف وتحليل الظواهر والمشكلات المختلفة من خلال جمع بيانات عنها من مصادر مختلفة،[18] كما أنه يعد وصفاً دقيقاً ومنظماً للظاهرة أو المشكلة المراد دراستها من خلال منهج أو طريقة معينة لجمع المعلومات عنها ودراستها بطريقة موضوعية مما يساهم في تحقيق أهداف وفروض الدراسة،[19] بالإضافة إلى أنه يعد من أكثر المناهج التي تناسب الواقع الاجتماعي وتساعد على فهم ظواهره بطريقة حيادية، كما أنه يعد من أهم المناهج التي تستخدم في دراسة الظواهر محل الدراسة من مختلف أبعادها سواء خصائصها أو أشكالها أو العوامل الأخرى المرتبطة بالظاهرة وعلاقتها بهم، وكذلك يساهم هذا المنهج في تسهيل عملية التنبؤ بمستقبل الظواهر محل الدراسة من خلال توفير معلومات كافية عن هذه الظاهرة بوصفها وتحليلها في الوقت الحاضر.[20]

وسيتم تطبيق المنهج الوصفي على هذه الدراسة من خلال مجموعة من الخطوات منها تحديد مجال الظاهرة المراد دراستها، ثم العمل على تحديد هذه الظاهرة بشكل واضح ودقيق، ثم تحديد وسائل جمع البيانات والمعلومات، والعمل على دراسة الظاهرة بشكل واضح من خلال مجموعة من الأفكار أو القضايا، ثم البدء في تلخيصها والتواصل لمجموعة من النتائج ومحاولة تعميمها وتفسيرها تفسيراً علمياً واضحاً[21]، وهذا ما سيتم تطبيقه في الدراسة من خلال تحديد ووصف علاقة عملية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وأثرها على الأمن القومي للدول المُطبعة وكذلك الأمن القومي للمنطقة العربية ككل بالتركيز على قضية مشتركة تمس الأمن القومي العربي وهي القضية الفلسطينية، وكذلك توضيح الدوافع سواء الداخلية أو الخارجية التي دفعت الدول العربية والكيان الإسرائيلي لتطبيع العلاقات فيما بينهم، وتوضيح طبيعة العلاقات بين هذه الأطراف قبل وبعد عملية التطبيع، وتوضيح مسارات تلك العملية، وغيرها من القضايا الهامة التي سيتم وصفها وتحليلها.

٢- المنهج الكيفي:

يعد المنهج الكيفي أحد طرق فهم ودراسة الواقع الاجتماعي بمختلف أبعاده وذلك بشكل أكثر شمولية وعمق، كما أنه يلتزم بتعدد الأدوات البحثية اللازمة لفهم الظواهر المختلفة مما يجعل هذا المنهج يتسم بمرونة عالية في دراسة الظاهرة محل الدراسة من خلال اختيار الأداة البحثية المناسبة، بالإضافة إلى أهميته في كشف العديد من الأبعاد التي قد تغفل عنها الدراسات الكمية التي تعتمد على الأرقام وذلك لأنه يهدف إلى فهم الظواهر محل الدراسة بشكل أعمق. [22]

تختلف الأدوات المستخدمة في المنهج الكيفي لجمع البيانات ما بين الملاحظة العلمية للظواهر محل الدراسة سواء كانت ملاحظة مباشرة من خلال المشاركة في الوسط الموجود به حالة الدراسة ومن هنا الوصول لمعلومات أدق، أو الملاحظة غير المباشرة من خلال تسجيل ما يشاهده الباحث في هذا الوسط من أحداث أو وقائع تفيده في الدراسة، وما بين المقابلة التي تعد أكثر أدوات جمع البيانات شيوعاً واستخداماً وذلك لأنها تساهم في معرفة الباحث بالبيانات المتعلقة بموضوع الدراسة بشكل أكثر تفصيلاً ومن عدة أبعاد، وبالتالي يستطيع الباحث تحليل هذه المعلومات ووضعها في ترتيب دقيق ومنظم يساعده في دراسة وتحليل الظاهرة محل الدراسة والتوصل لنتائج هامة ناتجة عن آراء مختلفة.[23]

وسيتم في هذه الدراسة التركيز على المنهج الكمي بإجراء المقابلات مع المختصين بدراسة النظم العربية وسياساتها الخارجية، وكذلك المختصين بدراسة مجال العلاقات الدولية، والصراع العربي الإسرائيلي، وذلك من خلال تحديد مجموعة من الأسئلة التي يتم طرحها عليهم بمحاولة دراسة تأثير التطبيع على الأمن القومي للدول المُطبعة والمنطقة العربية ككل من وجهات نظر مختلفة، مما يعد إضافة هامة للمهتمين بدراسة العلاقة بين هذين المتغيرين وذلك من خلال تناول مجموعة من القضايا الهامة سواء طبيعة العلاقات بين الأطراف المُطبعة قبل وبعد عملية التطبيع، والدوافع التي أدت للتطبيع سواء داخلية أو خارجية، ومسار التطبيع بين تلك الأطراف، وأثره على الأمن القومي لهم، وللمنطقة العربية ككل في إطار القضية الفلسطينية، ومعرفة توقعاتهم بشأن مستقبل التطبيع في ظل التطورات الراهنة في النظام الدولي، وكل ذلك في إطار ما يسمى بالمقابلة الموجهة.

٣- منهج دراسة الحالة:

يتم تعريفه على أنه المنهج الذي يقوم بجمع البيانات العلمية عن حالة معينة سواء كانت فرداً أو مؤسسة أو دولة أو نظام، ومن ثم يقوم بدراستها بشكل متعمق ودراسة مراحلها منذ بدايتها بهدف الوصول لمعلومات دقيقة ومتعمقة حول هذه الظاهرة أو الحالة التي يتم دراستها، كما أنه تم تعريفه على أنه منهج من خلاله يتم جمع البيانات ودراستها بهدف رسم صورة كلية لوحدة معينة من مختلف جوانبها.[24]

وسيتم تطبيق هذا المنهج في الدراسة من خلال اختيار الدول العربية المطبعة مع الكيان الإسرائيلي كحالة للدراسة وهما السودان والمغرب والإمارات والبحرين على اعتبارهم الدول التي تجمعها الهوية العربية ويعدون جزء من المنطقة العربية التي تعد  قضيتها المشتركة هي القضية الفلسطينية، وتمر تلك الدول بتاريخ طويل من فترة الصراع العربي الإسرائيلي، وسيتم العمل على دراسة طبيعة العلاقة بينهم وبين الكيان الإسرائيلي قبل وبعد التطبيع، ومسار هذا التطبيع، والدوافع التي أدت له، وأثره على الأمن القومي لهذه الدول وكذلك المنطقة العربية ككل بالتركيز على القضية الفلسطينية.

وسائل جمع البيانات:

تم الاعتماد في هذه الدراسة على مجموعة من المصادر المختلفة لجمع البيانات كما يلي:

١- المقابلة:

المقابلة هي وسيلة من وسائل جمع البيانات وتعتمد على التفاعل بين الأفراد من خلال مجموعة من الأسئلة التي يوجهها الباحث للأشخاص المعنية بالموضوع محل الدراسة أو عينة ممثلة لهم، ويقوم الشخص المعني بالإجابة على هذه الأسئلة ومن ثم يتم الاعتماد على هذه الإجابات كمصدر للبيانات، وهناك أكثر من نوع للمقابلات منها المقابلات الشخصية التي تتم وجهاً لوجه بين الباحث والأشخاص المعنية بالظاهرة محل الدراسة، وهذا هو النوع الأكثر استخداماً في الدراسات والأبحاث العلمية المختلفة، وكذلك توجد المقابلات التليفونية التي قد تكون استكمالاً للمقابلة الشخصية أو يتم إجراء المقابلة بالفعل بواسطة الهاتف لأسباب تخرج عن إرادة الباحث والأشخاص المعنية، وأيضاً توجد المقابلات الإلكترونية التي ظهرت في ظل التطور التكنولوجي حيث أصبح من الممكن إجراء المقابلة مع الأشخاص المعنية من خلال العديد من مواقع التواصل الاجتماعي مثل الواتساب أو التويتر أو الفيسبوك وغيرها من الوسائل الأخرى.[25]

وفي هذه الدراسة سوف يتم الاعتماد على النوع الأول وهو المقابلات الشخصية حيث تم إجراء مقابلة مع دكتور أحمد يوسف أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة في تخصص الصراع العربي الإسرائيلي، ودكتور علي جلال مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة في تخصص العلاقات الدولية وتحليل السياسة الخارجية، ودكتور رانيا السباعي مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة في تخصص العلاقات الدولية، ومع المواطنين الفلسطينيين.

٢- الرسائل العلمية في مرحلتي الماجستير والدكتوراه المتعلقة بقضايا الإعلام المختلفة المرتبطة بقضايا الأمن القومي وما يتصل بها من موضوعات.

٣- المجلات العلمية المحكمة التي تتضمن مجموعة من المقالات الهامة المرتبطة بموضوع الدراسة.

٤- الكتب العلمية التي تتضمن العديد من الموضوعات المختلفة التي تساعد في فهم وتوضيح الظاهرة محل الدراسة.

٥- الدوريات العلمية وأبحاث المؤتمرات المتعلقة بالموضوع محل الدراسة أو الموضوعات المرتبطة به.

الفصل الأول :مسار التطبيع العربي الإسرائيلي ومجالاته

تمهيد:

في ظل التغيرات التي تحدث في النظام الدولي في الفترات الأخيرة من أزمات مختلفة سواء على المستوى الدولي أو المستوى الإقليمي، وكذلك في ظل الأزمات الداخلية التي تعاني منها بعض دول العالم سواء الاقتصادية أو الحروب الأهلية أو غيرها من الأزمات نجد أن هناك سعي واضح من الدول التي تعاني من تلك الأزمات لمحاولة تحسين وضعها الدولي وعلاج تلك المشكلات الداخلية بكافة الطرق الممكنة، وتعد الدول العربية من الدول التي اعتبرت التطبيع مع الكيان الإسرائيلي الذي يحظى بدعم كبير من الولايات المتحدة الأمريكية التي تعد أحد أهم القوى العظمى في العالم سبيلاً لتخطي تلك الأزمات على مختلف المستويات، بالإضافة لإدراكها لأهمية التعاون مع الكيان الإسرائيلي في بعض المجالات من أهمها المجال العسكري والأمني.

وبالتالي كان هناك سعي واضح من بعض الدول العربية مثل المغرب والسودان، وبعض دول الخليج العربي مثل الإمارات والبحرين لتوقيع مجموعة من اتفاقيات التطبيع مع الكيان الإسرائيلي للتعاون في مجالات مختلفة سواء دبلوماسياً أو سياسياً أو اقتصادياً أو عسكرياً وأمنياً واستخباراتياً، وكذلك التعاون على المستوى الثقافي والإعلامي والتكنولوجي وغيرها من المجالات الهامة.

وفي ضوء ما سبق سيركز هذا الفصل من خلال مبحثين أساسيين على توضيح أهم مجالات التطبيع العربي الإسرائيلي وهذا ما سيتم تناوله في المبحث الأول، ثم الانتقال إلى اتفاقيات التطبيع بين الدول العربية والكيان الإسرائيلي وتوضيح أهم مجالات التعاون فيما بينهم وفقاً لتلك الاتفاقيات وهذا ما سيتم تناوله في المبحث الثاني لهذا الفصل.

المبحث الأول

 ” مجالات التطبيع العربي الإسرائيلي ”

تعددت مجالات التطبيع العربي الإسرائيلي ما بين مجموعة من المجالات المرتبطة بالأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية، والبعض الأخر مرتبط بالتطور التكنولوجي والمعلوماتي كما يلي:

١- التطبيع السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي:

– التطبيع السياسي:

يمكن تعريف التطبيع السياسي على أنه الأفعال التي تقوم بها الدول بهدف تكوين علاقات طبيعية مع دول أخرى وخاصة إذا كانت تلك العلاقات بعد فترات من الصراعات والحروب، ويقوم هذا النوع من التطبيع على أساس الاعتراف المتبادل بين الدول المُطبعة بسيادة الطرف الآخر على دولته والأراضي التابعة له، مع التزام كل طرف باحترام تلك السيادة للطرف الآخر واستقلاله السياسي، ومن أهم مظاهره هو تبادل الزيارات بين ممثلي الدول المُطبعة للعلاقات السياسية وكذلك التبادل الدبلوماسي بينهم، ويعد التطبيع السياسي من أول مظاهر التطبيع العربي الإسرائيلي الذي بدأته مصر كأول دولة عربية تعترف بإسرائيل ككيان دولي من خلال توقيع اتفاقية السلام.[26]

ومن أجهزة التطبيع السياسي هي التبادل الدبلوماسي والقنصلي بين الأطراف المُطبعة، وكذلك لقاءات القمة التي تحدث بين رؤساء الدول، وكذلك العلاقات البرلمانية والحزبية التي تعد ذات أهمية كبيرة لدى الطرف الإسرائيلي وخاصة عند زيارة الوفود العربية للكنسيت ومكتب الرئيس الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة، وبالتالي فإن العرب يعترفون بأن القدس تحت السيادة الإسرائيلية بشكل رسمي، ويمكن القول أن أهم مؤشرات هذا النوع من التطبيع هو توقيع اتفاقيات سلام عربية إسرائيلية، وتبادل الزيارات واللقاءات الرسمية، وعمل مبادرات سلام سواء على المستوى الفردي أو الثنائي أو الجماعي، وفتح سفارات ومكاتب تمثيل دبلوماسي و قنصلي على أراضي الدول المُطبعة.[27]

– التطبيع الاقتصادي:

يتم تعريف التطبيع الاقتصادي على أنه التطبيع الذي يهدف لتبادل المصالح الاقتصادية المتمثلة في الاتفاقيات التجارية والتعاون الاقتصادي في مجالات مختلفة، ويعد التطبيع الاقتصادي هو الهدف الأكبر للدول العربية والطرف الإسرائيلي في إطار تبادل المصالح الاقتصادية، وبالأخص للكيان الإسرائيلي الذي يهدف من خلال التطبيع الاقتصادي مع الدول العربية لزيادة الحركة الإنتاجية لقطاعات مختلفة مثل قطاع الزراعة والصناعة وغيرها من القطاعات، وكذلك فتح أسواق لمنتجاته في الدول العربية، ومن أهم مجالات التعاون الاقتصادي إلى جانب التبادل التجاري هي فكرة التعاون في مجال الطاقة وخاصة مع دول الخليج العربي، وكذلك التعاون في مجال الصناعة، ومجالات المياه، والزراعة، والسياحة، وغيرها من المجالات. ويهدف هذا النوع من التطبيع إلى إنهاء المقاطعة الاقتصادية العربية ضد الكيان الإسرائيلي بالأساس.[28]

ومن أهم مؤشرات هذا النوع من التطبيع هي إلغاء المقاطعة الاقتصادية، وإقامة مراكز تجارية متبادلة، والمشاركة في المشاريع المختلفة مثل المشاريع السياحية أو التجارية أو الزراعية أو غيرها من المشاريع، وتوقيع اتفاقيات للمناطق الصناعية، وكذلك حجم التبادل التجاري يعد مؤشر هام للتطبيع الاقتصادي، وتقديم الدعم لمنظمات أو جهات تدعم إسرائيل أو ذات علاقة بها سواء كانت هذه العلاقة علاقة مباشرة أو غير مباشرة، والمشاركة في القمم والمؤتمرات الاقتصادية.[29]

– التطبيع الأمني والعسكري:

قد تتسع علاقات التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل إلى تطبيع أمني، أي أن العلاقات لم تقتصر فقط على علاقات اقتصادية وسياسية وغيرها بل امتدت لرؤية الطرفين بأن هناك مصالح متبادلة بينهما ومصالح مشتركة ينبغي التعاون فيما بينهم للدفاع عنها، وأن الدول العربية تتصور أن التعاون الأمني مع الطرف الإسرائيلي الذي يعد الطرف الأقوى استراتيجياً في المنطقة العربية سيكون بمثابة نقطة قوة لهما ضد أعدائهم في منطقة الشرق الأوسط.[30]

ويتمثل ذلك التهديد المشترك أو المصالح المشتركة التي بينهم في مواجهة النفوذ الإيراني الذي يعد بالنسبة للأطراف العربية وإسرائيل الخطر المشترك، وقد يصل التعاون الأمني فيما بينهم إلى القيام بأعمال وهجمات عسكرية مشتركة ضد إيران إذا استدعى الأمر، وقد يظهر التطبيع الأمني والعسكري كذلك في شكل تبادل للمعلومات الاستخباراتية، ومن مؤشرات هذا النوع من التطبيع قيام الدول المُطبعة بتوقيع اتفاقيات في مجال التعاون العسكري والأمني، وإقامة التحالفات الأمنية والعسكرية، والاشتراك في المناورات التدريبية المشتركة، والعمل على التنسيق بين الأجهزة الأمنية والعسكرية للأطراف المُطبعة.[31]

– التطبيع الثقافي:

يتم تعريفه على أنه النمط من التطبيع الذي يركز على هوية الشعوب وقناعاتها، ومن هنا يمكن القول إنه النوع الأخطر من أنواع التطبيع لأنه يجعل الدول العربية تخضع للكيان الإسرائيلي وتتقبله في مقابل تنازلهم عن مجموعة من القناعات الهامة في إطار الهوية العربية، ويبررون ذلك في إطار سعيهم للحفاظ على أمنهم القومي وتحقيق السلام في المنطقة العربية والشرق الأوسط، ويعد التطبيع الثقافي هو إحدى الطرق لفرض الرواية الإسرائيلية في عقول الشعوب العربية وترسيخها لجعلهم يتقبلون الطرف الإسرائيلي في المنطقة العربية.[32]

وتتمثل مظاهر ومؤشرات التطبيع الثقافي في تنقل الأفراد بين إسرائيل والدول العربية عبر حدود بعضهم البعض سواء في إطار السياحة أو زيارات لأماكن تاريخية، أو في إطار القيام بأنشطة اجتماعية وثقافية وعلمية مختلفة وغيرها من الأنشطة الجماعية بين الأطراف المُطبعة، وكذلك تواجد الوفود الرياضية والاشتراك في المسابقات الإقليمية والدولية، وتغيير المناهج التعليمية بشكل يتناسب مع مبادئ السلام وتقبل الآخر ونبذ العنف والحرب وتناسي مبدأ العداء لإسرائيل، وكذلك إقامة علاقات بين الجامعات والمعاهد العربية والإسرائيلية، بالإضافة لتبادل الأنشطة الفنية سواء الغناء أو التمثيل أو الأفلام وغيرها من الأنشطة الفنية، والعمل على نشر ثقافة السلام وحوار الأديان والتسامح والتعاون المشترك.[33]

٢- التطبيع الإعلامي والتكنولوجي والشبكي والاجتماعي:

– التطبيع الإعلامي:

محور هذا النوع من التطبيع هو وسائل الإعلام ودورهم في إدارة العلاقات بين الدول المُطبعة، ويظهر في شكل الإعلانات مدفوعة الأجر التي يتم نشرها سواء من الطرف الإسرائيلي لدى وسائل الإعلام العربية أو من الطرف العربي لدى وسائل الإعلام الإسرائيلية، وكذلك يظهر في الحملات والزيارات الصحفية والإعلامية التي تحدث بين الأطراف المطبعة بهدف الترويج ونقل صورة معينة لتلك الأطراف لدى بعضهم البعض بهدف تحقيق السلام وتقبل الآخر والتعايش معهم.[34]

وكذلك يظهر هذا النوع من التطبيع في السماح لرموز التطبيع للظهور في وسائل الإعلام كنوع من أنواع الترويج له، وقد يكون الطرف الإسرائيلي هو الطرف الأكثر استفادة من حيث حرصه على إظهار نفسه في وسائل الإعلام على أنه الطرف الأكثر حرصاً على السلام وأن الأطراف الأخرى هي المعتدية وأن قراراته ما هي إلا دفاع عن النفس، أي أنه يعمل على إظهار نفسه في دور الضحية سواء في القضية الفلسطينية أو في غيرها من القضايا في منطقة الشرق الأوسط.[35]

– التطبيع التكنولوجي:

يحدث هذا النوع من التطبيع من خلال الترويج بين الأطراف المُطبعة لضرورة التعاون التقني والتكنولوجي، والعمل على إظهار أن الطرف الإسرائيلي هو الجانب المتفوق تكنولوجياً، وبالتالي سوف تتحقق العديد من المكاسب للنظم العربية الحاكمة التي سوف تقوم بالتطبيع معه، خاصة في ظل التطور التكنولوجي الهائل في الفترات الأخيرة، وفي المقابل نجد أن تلك التكنولوجيا وخصوصاً البرمجيات هي إحدى سبل النظم العربية لتتمكن من البقاء والاستمرار لأطول فترة ممكنة، وعلى الجانب الآخر نجد أن استمرار النظم العربية التي تقوم بالتطبيع مع إسرائيل من خلال هذه التكنولوجيا يشكل مصلحة استراتيجية لإسرائيل.[36]

– التطبيع الشبكي:

وكذلك لعبت وسائل التواصل الاجتماعي دوراً هاماً في حدوث التطبيع بين الدول العربية، حيث أصبح هناك تواصل مباشر ما بين الشعوب العربية والقيادات والمسؤولين الإسرائيليين وكأنه نوع من أنواع التعايش الافتراضي بعد أن كانت كل محاولات التطبيع تتم في الإطار الواقعي سواء سياسي أو اقتصادي أو أمني وعسكري أو إعلامي أو ثقافي، وتم اللجوء لهذا النوع من التطبيع مع تطور وسائل الاتصال، ومن مظاهره تواجد متحدثي الطرف الإسرائيلي بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي العربية، وتبادل ونشر منشورات ومقاطع متعلقة بالطرف الإسرائيلي حتى وإن كان في إطار انتقادها، وظهور الحسابات الرسمية للمسؤولين في الطرف الإسرائيلي بكثرة في مواقع التواصل الاجتماعي مثل صفحات ” أفيخاي أدرعي ” المتحدث باسم جيش الدفاع الإسرائيلي، وصفحة ” إسرائيل تتكلم بالعربية ” على فيسبوك وغيرها من الأمثلة، وتلك الصفحات تعد مُكرسة بشكل أساسي لتدعيم التطبيع الثقافي.[37]

– التطبيع الاجتماعي:

يمكن اعتبار هذا النوع من التطبيع هو آخر المجالات أو المراحل التي سيصل إليها التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، حيث أن إسرائيل تنشد أن يحدث تطبيع اجتماعي ويكون هناك اتصال مباشر بين الشعبين العربي واليهودي في أنشطة مختلفة سواء أنشطة رياضية أو مهرجانات فنية أو سياحية أو السماح بدخول الوفود من الطرفين لأراضي بعضهم البعض، وبالأخص الوفود الإسرائيلية لكن بشرط أن يكون تحت حماية عربية، ولكن الوصول لهذه المرحلة يحتاج إلى عملية غسيل جماعية للعقل العربي الإسلامي تمحي كل تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، إلى جانب أنها تستلزم إعادة هيكلة للعديد من المسلمات الدينية والثقافية مما يجعلها مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة.[38]

المبحث الثاني

” اتفاقيات تطبيع العلاقات مع إسرائيل ”

قامت الدول العربية الراغبة في التطبيع مع إسرائيل بتوقيع مجموعة من الاتفاقيات المختلفة التي تنظم مجالات التعاون والتطبيع فيما بين الطرفين، وذلك في عام ٢٠٢٠م كما يلي:

١- اتفاقيات التطبيع الإماراتي والبحريني مع إسرائيل:

تتمثل اتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين مع الطرف الإسرائيلي في ما يسمى ” باتفاقيات إبراهام ” لعام ٢٠٢٠م، حيث أنه في منتصف سبتمبر لعام ٢٠٢٠م قامت الإمارات والبحرين واسرائيل بتوقيع اتفاقية لتطبيع العلاقات في البيت الأبيض في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك كان بحضور الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي كان في ذلك الوقت رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك حضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وحضور وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد والبحريني عبد اللطيف الزياني. ويتم اعتبار تلك الاتفاقيات جزء من صفقة القرن التي تهدف لحل الصراع العربي الإسرائيلي.[39]

جاءت اتفاقيات إبراهام معتمدة على مبدأين وهما وحدة التحدي المُتمثل في إيران والفصائل الفلسطينية المسلحة التي يُطلق عليها الطرفين الجماعات الإرهابية، وذلك يؤدي بالضرورة إلى وحدة الهدف. وعملت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل على إقناع الدول العربية من خلال مجموعة من الأهداف التي وضحت أنها تسعى لتحقيقها وهي إحلال السلام في الشرق الأوسط وتحقيق الرخاء للشعوب العربية، وذلك كان في محاولة لكسر فكرة العداء لإسرائيل المترسخة لدى الدول العربية والعمل على إقناعهم بالتطبيع.[40]

وكان لتلك الاتفاقيات أبعاد معلنة تتمثل في الإنسانية وذلك في إطار السعي لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط والسعي لخدمة القضية الفلسطينية، والقومية في إطار السعي لإنقاذ فلسطين من الضم ولكن في إطار تأجيله وليس إلغاءه حيث كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متمسكاً بقرار الضم، والوطنية في إطار السعي لتحقيق الازدهار لشعوب الدول العربية والطرف الإسرائيلي من خلال التعاون في المجالات الاقتصادية المختلفة والمجالات التكنولوجية والتقنية ومجالات التعاون البحثي وغيرها من المجالات، وكمثال على ذلك نجد أن البند السابع من الاتفاقيات يدعو لإطلاق أجندة استراتيجية جديدة للشرق الأوسط بهدف توسيع العلاقات الدبلوماسية والتجارية وغيرها من مجالات التعاون الإقليمي.[41]

وهناك أبعاد غير معلنة للاتفاقيات تتمثل في مجموعة من الأهداف الاستراتيجية مثل خنق المجال الحيوي الإيراني بسبب العداء الواضح بين إسرائيل والإمارات من جانب ضد إيران من جانب آخر، بالتالي كان التعاون العربي الإماراتي والبحريني مع إسرائيل المُدعمة بواسطة الولايات المتحدة يشكل فرصة لمواجهة الخطر الإيراني. وكذلك مواجهة النفوذ التركي القطري في ليبيا فهناك عداء واضح بين الإمارات من جانب وتركيا وقطر من جانب آخر وذلك في إطار سعيهم للسيطرة والتحكم في الثروات النفطية في ليبيا، وبالتالي التعاون مع الطرف الإسرائيلي سوف يشكل فرصة لتدعيم سيطرة المغرب التي فشلت في ترسيخ حكم عسكري يساعدها في التحكم في تلك الثروات الليبية، وسيتم ذلك من خلال الدعم العسكري الإسرائيلي والحصول على أسلحة متقدمة وغيرها من جوانب الدعم العسكري والأمني.[42]

وكذلك تعد محاصرة القوة التركية ومنع تمددها في العالم العربي مثلما حدث من تدعيم علاقاتها مع قطر وليبيا والجزائر والكويت وتونس، حيث تسعى الإمارات للهيمنة على المنطقة العربية ولكن في المقابل وجدت أن الطرف الأمريكي والإسرائيلي منشغلون بالتمدد الإيراني أكثر من التمدد التركي فسعت لتعزيز العلاقات معهم من خلال التطبيع والسعي لتوتير العلاقات بين أمريكا وإسرائيل ضد تركيا. وفي هذا الإطار كذلك من الأهداف غير المعلنة للاتفاقيات هي العمل على فرض الريادة الإماراتية بهدف ضمان التفوق الاستراتيجي الإسرائيلي في منطقة الشرق الأوسط بدعم من الإمارات. وكذلك من الأهداف غير المعلنة سعي إسرائيل للاقتراب الاستراتيجي من الجزائر بسبب التقارب في العلاقات الجزائرية الإماراتية على المستوى الثنائي وبالأخص في المجال الاقتصادي، حيث تهدف إسرائيل إلى محاولة اختراق البيت الجزائري الذي ظل لفترات طويلة تحت متابعة من أجهزة المخابرات الإسرائيلية التي تسعى إلى اختراقه.[43]

وبالنسبة لاسم الاتفاقيات ” اتفاقيات إبراهام ” فهو مرتبط بخلفية دينية واضحة ويعكس مدى توظيف الأبعاد الدينية والتاريخية في خدمة الجانب السياسي، ومن هنا يمكن تمرير الأجندات السياسية بمبررات دينية، وهذا الاسم منتسب إلى الديانة الإبراهيمية وسيدنا إبراهيم، وهناك أراء ترى أن الهدف من ذلك هو دمج إسرائيل في المنطقة العربية من منطلق ديني، لأن الديانة الإبراهيمية تسعى إلى ربط الأديان الثلاثة الإسلامية والمسيحية واليهودية في دين واحد وعمل كتاب مقدس بديل عن القرآن والإنجيل والتوراة، أي أن الغاية من هذا المسمى هو تفتيت ما تبقى من هوية عربية تجمع الدول العربية ودمج إسرائيل كطرف طبيعي في المنطقة العربية، ويظهر ذلك على سبيل المثال في إعلان الإمارات خطتها لإنشاء صرح يجمع الأديان السماوية الثلاثة.[44]

وبالنسبة لمجالات التطبيع بين الإمارات وإسرائيل كما نصت الاتفاقية نجد أن الإمارات عملت على تطبيع علاقاتها على المستوى الأمني والعسكري، والمستوى الثقافي، والمستوى السياسي، والإعلامي، والشبكة، والتكنولوجي، والاقتصادي، ويمكن التدليل على ذلك بأدلة متعددة فعلى المستوى الأمني والعسكري قامت الدولتين بمشاركة سلاحي الجو الإسرائيلي والإماراتي، وكذلك تدريب الطيارين على دخول المعارك الجوية وضرب الأهداف الأرضية، وذلك كان موجوداً من قبل توقيع اتفاقيات التطبيع كذلك. وعلى المستوى الاقتصادي قامت الدولتين بتوقيع اتفاقيات تبادل صناعي وازداد التنسيق التجاري فيما بينهما. وعلى المستوى السياسي والدبلوماسي تم تفعيل الزيارات المتعددة الرسمية والشعبية بين الدولتين، وأصبح هناك مستويات عالية من التمثيل الدبلوماسي. [45]

وعلى المستوى الثقافي تم فتح المجال للإسرائيليين للسفر إلى الإمارات، وفتح الباب للرحلات السياحية، وإقامة المهرجانات السينمائية المشتركة، والتعاون في المجال التقني والإعلامي والرياضي. وعلى المستوى الإعلامي أصبح هناك زيادة في وتيرة التعاون الإعلامي بين الدولتين، وعلى المستوى التكنولوجي تم توقيع اتفاقيات تبادل تكنولوجي بين الطرفين، وعلى المستوى الشبكي تظهر العلاقات في منشورات وتغريدات وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين عن مدى نجاح العلاقات في المجالات المختلفة بين الدولتين في كل وسائل التواصل الاجتماعي.[46]

وبالنسبة لمجالات التطبيع بين البحرين وإسرائيل كانت البحرين حريصة على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل والاستفادة منها على المستوى الأمني والعسكري، والمستوى التكنولوجي والتقني، وتجلى ذلك فيما بعد في إحدى الأحداث الهامة وهو الزيارات المتكررة لمسؤولين من إسرائيل إلى أرض المنامة في البحرين، وآخر تلك الزيارات كان لرئيس الوزراء الإسرائيلي في منتصف فبراير ٢٠٢٢م وكانت تلك الزيارة تعد الزيارة السادسة خلال ستة أشهر، وكذلك عمل الطرفان على عقد اتفاقيات في مجال الاستثمار والسياحة والرحلات الجوية المباشرة والطاقة والاتصالات والرعاية الصحية والثقافة والبيئة وغيرها من المجالات التي تعود بالنفع على الطرفين.[47]

٢- اتفاق التطبيع السوداني الإسرائيلي:

في ٢٣ أكتوبر ٢٠٢٠م أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن السودان وافقت على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وذلك في إطار خطة السلام التي أعدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحت مسمي صفقة القرن، وفي ذلك اليوم أعلن دونالد ترامب أنه تم التوصل إلى اتفاقية مبدئية لتطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، وبالفعل عقد الجانبان اجتماعات سرية مع وفد التفاوض السوداني وذلك بحضور رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك وذلك لتوقيع اتفاقية واسعة تنص على شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وتخصيص مساعدات مالية للسودان، والعمل على تحرير الأموال السودانية المحتجزة في الولايات المتحدة، وإقامة علاقات كاملة مع إسرائيل في مختلف المجالات. ولا توجد وثائق رسمية للاتفاقية منشورة مثل باقي الدول المُطبعة، وقد يرجع هذا إلي طبيعة الاضطرابات والانقسامات التي كانت تدور في السودان في ذلك الوقت.[48]

٣- اتفاق التطبيع المغربي الإسرائيلي:

في ١٠ ديسمبر ٢٠٢٠م قامت المغرب بتوقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، واتفق فيها الطرفان على التعاون في مجالات مختلفة بمساعدة الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في مقابل اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب والجزائر، وبتوقيع تلك الاتفاقية أصبحت المغرب رابع دولة عربية تطبع علاقاتها مع إسرائيل بعد الإمارات والبحرين والسودان، وصرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن ذلك يعد خطوة هامة في مجال تعزيز السلام في الشرق الأوسط وتحقيق مصالح كافة الأطراف.[49]

والمغرب كانت حريصة على تطبيع العلاقات في مختلف المجالات مثل الإمارات حيث نجد أنه على المستوى السياسي والدبلوماسي تم الإعلان أن المغرب وافقت على وجود قنصلية لإسرائيل في أراضيها، وأنهما سوف يستأنفان العلاقات الدبلوماسية، بالإضافة إلى توقيع اتفاقيات تعاون مشترك في المجالات التكنولوجية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، وتم فتح سفارات لكل دولة على أراضي الدولة الأخرى في الرباط وتل أبيب.[50]

٤- الفرق بين اتفاقيات التطبيع ومعاهدات السلام:

لكن في إطار التطبيع مع الطرف الإسرائيلي يجب التفرقة ما بين اتفاقيات التطبيع للعلاقات في مختلف المجالات التي تم ذكرها في هذا الفصل، ومعاهدات السلام التي تهدف فقط لحل صراع أو أزمة معينة بشكل سلمي، حيث أن هناك العديد من الدراسات التي تعتبر أن مصر والأردن من الدول المطبعة مع إسرائيل كما هو موضح في الخريطة رقم (١)، ولكن بالنسبة لحالة مصر نجد أنها وقعت في عام ١٩٧٩م معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي وقع عليها الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيغن، والتي كانت هدفها وقف الحرب العربية الإسرائيلية الممتدة منذ عام ١٩٤٨م وسحب القوات الإسرائيلية من شبه جزيرة سيناء التي احتلتها إسرائيل عام ١٩٦٧م، في مقابل حرية مرور السفن الإسرائيلية في قناة السويس، أي كان الهدف الأساسي هو تسوية حروب.[51]

وفي حالة الأردن عام ١٩٩٤م وقعت معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية تحت مسمى معاهدة وادي عربة، ووقع عليها كلاً من رئيس الوزراء إسحاق رابين وعبد السلام المجالي، وذلك بهدف إنهاء عصر الحروب الأردنية الإسرائيلية، وبالتالي يمكن القول إن الدول المطبعة للعلاقات مع إسرائيل هي الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، والدول الموقعة على معاهدات سلام هم مصر والأردن لإنهاء حالة الحرب، وهناك دول تسعى لتوطيد علاقاتها والتمهيد للتطبيع مع إسرائيل كما هو موضح في الخريطة رقم (٢).[52]

نتائج الفصل:

مما سبق عرضه في هذا الفصل يمكن استنتاج أن مجالات التطبيع متعددة منها ما هو تقليدي سواء المجالات الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية والعسكرية أو الثقافية، ومنها ما هو مرتبط بتطور التكنولوجي مثل التطبيع الإعلامي والتطبيع التكنولوجي والتطبيع الشبكي المرتبط بمواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت لما أصبح لها من تأثير كبير على عقول الأفراد حول العالم وليس فقط في المنطقة العربية، وأن لكل مجال من مجالات التطبيع مجموعة من المؤشرات التي تعبر عنه فعلى سبيل المثال التطبيع السياسي يظهر في تبادل العلاقات الدبلوماسية والقنصلية وغيرها من المظاهر، والتطبيع الاقتصادي يظهر في الاتفاقيات التجارية بين الأطراف المُطبعة في المجالات الاقتصادية المختلفة بما يحقق مصالح الطرفين، وهكذا بالنسبة لباقي المجالات كما سبق التوضيح.

كما نستنتج أن كل المجالات التي سبق ذكرها سواء السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية والعسكرية أو الثقافية أو الإعلامية والتكنولوجية والشبكية ما هي إلا خطوات لتحقيق التطبيع الاجتماعي الذي يعد الهدف المنشود لإسرائيل من خلال سعيها لجعل الشعوب العربية تتقبل الشعب الإسرائيلي والكيان الإسرائيلي وتتعامل معهم في إطار طبيعي متخطية الموروث الثقافي والقيمي المعادي للطرف الإسرائيلي، والعمل على غسيل عقول الشعوب العربية بهدف تحقيق التعايش مع الطرف الإسرائيلي وتقبله. كما أنه من خلال اتفاقيات التطبيع يمكن استنتاج أن أغلب الدول المُطبعة طبعت علاقاتها بشكل كامل مع إسرائيل في المجالات التي سبق ذكرها.

الفصل الثاني

 الدوافع العربية الإسرائيلية للتطبيع

 

تمهيد:

إن الحديث عن التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية يجعلنا نتطرق إلى عدة دوافع جعلت إسرائيل وبدعم من الحلفاء تُقدِم على هذه الخطوة التي تعد سابقة في تاريخها. فمن المعروف أن إسرائيل تمتلك قوات عسكرية لا تمتلكها الدول العربية ونجحت في توظيف هذه القوة في أكثر من حرب ضد النظام العربي وساعدها الدعم الغربي اللامحدود من توسيع قوتها العسكرية ومن ثم مزيد من التوسع في الأراضي الفلسطينية. ولكن على مدار الخمسون عاماً الماضية لم تحقق هذه القدرات العسكرية الأهداف العليا التي وضعتها الحركة الصهيونية والتي تمثلت في تحقيق الشرعية والأمن للدولة اليهودية، وفشلت استراتيجية الحرب واستراتيجية التلويح باستخدام السلاح النووي، كما فشلت قواتها العسكرية في تغيير موقف المواطن العربي تجاه شرعية وجود إسرائيل.

وكانت مواقفها العسكرية الأخيرة أكبر دليل على ذلك وكانت أحداث السابع من أكتوبر لعام ٢٠٢٣م أكبر دليل على الرد على مقولة ” الجيش الذي لا يقهر “. وهذا الفشل الواضح في استخدام القوة العسكرية أو القوة الصلبة تجاه العرب دفع القيادة الإسرائيلية إلى اللجوء إلى استراتيجية تعتمد على مفهوم القوة الناعمة من خلال التطبيع مع الدول العربية كأداة قوية لتحقيق الشرعية المفقودة لإسرائيل، فضلاً عن ضمان أمن مجتمع المهاجرين ودعم الهياكل الاقتصادية للدولة العبرية. وفي المقابل تعددت اهداف الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل سواء كانت اهداف اقتصادية او عسكرية وامنية وغيرها من المصالح والأهداف، سواء كانت تلك الدوافع داخلية أو خارجية، وفي ضوء ما سبق سيركز هذا الفصل من خلال مبحثين أساسيين على دوافع كلا الطرفين من التطبيع.

المبحث الأول

” الدوافع الإسرائيلية للتطبيع مع الدول العربية “

١– دوافع إسرائيل للتطبيع مع الدول العربية:

تتمثل أهداف إسرائيل من التطبيع مع الدول العربية فيما يلي:

– الهيمنة على الشرق الأوسط:

هناك تفسيرات توضح أن المشروع الصهيوني يسعى للهيمنة على المنطقة العربية ككل، والهيمنة هنا بمعنى أن يكون لإسرائيل يد نافذة في الشرق الأوسط، لأن إسرائيل لن تنسى أنها تعرضت لعدة حروب من الدول العربية وبعضها كان قويا مثل حرب أكتوبر عام ١٩٧٣م، وبالتالي عندما تقوم بتحسين علاقتها بالدول العربية ستكون في مأمن أكثر من الدول العربية، بالإضافة إلى أن أي دولة تسعى للهيمنة إن تمكنت من الهيمنة على الدول التي تسعى للهيمنة عليها فلن تضيع تلك الرصة، وتظهر ثمار تلك المسألة حيث أن هناك خط بري يمر من الإمارات عبر السعودية والأردن لتزويد إسرائيل بالبضائع، وفي الوقت الذي يحاول فيه الحوثيين منع الملاحة البحرية مع إسرائيل فهناك خط تجاري ينقل البضائع لإسرائيل من ميناء دبي عبر السعودية والأردن إلى إسرائيل، وفي قمة العشرين الأخيرة تم تقرير وجود خط تجاري يربط الهند بإسرائيل عبر دول الخليج.[54]

– اكتساب الشرعية:

أدركت القيادة الإسرائيلية بأن إسرائيل لن تتمكن من العيش في حالة من المقاطعة والعزلة والحرب من جيرانها العرب، وفي حقيقة الأمر أن هدف التطبيع والسلام مع الدول المجاورة _ كأحد أدوات الاعتراف بالكيان الصهيوني_ ظهر في الخطابات الأولى للرئيس بن غوريون، حيث صرح في الميثاق الأساسي للدولة ” بإقامة السلام مع جميع الدول المجاورة حتى نكون شعوباً مستقلة في بلادنا “، فالتطبيع من وجهة النظر الإسرائيلية يتمثل في رؤية الدولة اليهودية قوية ومقبولة بأساسها الأيديولوجي لدى العالم العربي من خلال التعايش بسلام مع جيرانها العرب.[55]

فمن المعروف أن الاتفاقيات والمعاهدات من أهم سبل اكتساب الشرعية  للكيانات السياسية والدولية، حيث يمكن أن يُفسر سعي إسرائيل إلى إبرام مثل هذه المعاهدات والاتفاقيات التعاقدية مع النظم العربية في أنها ترى أن شرعيتها لا تتجزر في المطلق إلا إذا حدث تغيير نوعي في مواقف وتوجهات العرب تجاه إسرائيل، وخلق العلاقات الطبيعية مع المواطن العربي تعتبر أحد أهم الطرق لتحقيق ذلك. فالحالة الإسرائيلية لن يحدث اكتساب الشرعية لها من خلال اعتراف النظم السياسية العربية بها فقط ولكن أيضاً من خلال المواطن العربي. وعلى هذا الأساس تُشكل الظروف الموضوعية التي تعيشها إسرائيل سياقاً تنطلق منه جهود التطبيع مع العالم العربي من خلال العمل على فتح قنوات الاتصال والتفاعل مع العالم العربي من أجل اكتساب شرعيته المفقودة فيه والذي يعد أحد الأهداف الأساسية للدولة اليهودية.[56]

– الدافع الأمني:

يعد مصطلح ” الأمن ” من أكثر المصطلحات المستخدمة في خطابات القادة الإسرائيليين على مر التاريخ سواء في حالة الحرب أو السلام، وذلك لأن إسرائيل على مدار تاريخها تبحث عن أمنها المفقود، فاليهود يعتبرون إسرائيل المكان الأقل أمناً لهم حول العالم وذلك يرجع إلى حالة الحرب على الحدود الخارجية لإسرائيل فضلاً عن الاستنزاف الداخلي والمقاومة من الداخل الفلسطيني.[57]

فالرؤية اليهودية للأمن تعتمد على ” نظرية الأعماق الآمنة ” والتي تقوم على أن أمن إسرائيل لا يقتصر على الحدود الجغرافية المشتركة مع دول الجوار الأردن ومصر ولبنان وسوريا، بل الأمر يتعدى إلى ما وراء هذه الحدود ليصل إلى كافة المناطق العربية التي يُمكن الوصول إليها من نواكشوط إلى مسقط، وعملت إسرائيل على توقيع اتفاقية سلام مع الأولى وافتتحت مكتب تمثيل تجاري مع الأخيرة في إطار تحقيق هذا الهدف، وتؤكد الرؤية الإسرائيلية القائمة على النظرية سالفة الذكر على ربط دول النظام العربي _ بغض النظر عن موقع هذه الدول بالنسبة لإسرائيل _ بشبكة من العلاقات الثقافية والتجارية التي سوف تؤدي بالضرورة إلى خلق مصالح مشتركة لقطاعات اجتماعية واقتصادية، وهذا بدوره سوف يؤدي إلى التعامل مع إسرائيل وخلق واقع جديد تفرضه الدولة اليهودية يكون فيه الغلبة للمصالح الاقتصادية والأمنية على حساب المصالح الثقافية.[58]

وظهر ذلك جلياً في تصريحات شمعون شامير السفير الإسرائيلي الأسبق في مصر والذي قال ” إن السلام مع العرب يحقق الهدف المثالي لنا وهو ما يتجاوز الاعتراف الرسمي إلى الاستعداد للحياة والتعاون معنا “، وظهر أيضاً في تصريح مدير عام وزارة السياحة الإسرائيلية سابقاً دي شليط الذي قال ” سائحين في مصر أفضل لإسرائيل من أجهزة الإنذار المبكر ” وهذا ما يعزز أهمية البعد الأمني والتعايش للتطبيع.[59]

– الدافع الاقتصادي:

إن التطبيع الاقتصادي لإسرائيل يمثل هدفاً ووسيلة في آن واحد، فهو وسيلة لأنه يعد أحد سبل تحقيق الشرعية للدولة اليهودية ومن ثم تحقيق الأمن الخارجي على أقل تقدير، وذلك لأن هذا التطبيع الاقتصادي سيفتح الآفاق نحو علاقات تعاونية بين الجانب الإسرائيلي ومحيطه العربي والذي بدوره سوف يؤدي إلى مزيد من الانفتاح العربي اتجاه الاقتصاد الإسرائيلي الصناعي الرأسمالي ومن ثم وجود وانتشار المنتجات الإسرائيلية في الأسواق العربية، وظهرت أهمية التطبيع من الناحية الاقتصادية في تصريح شمعون بيرس أمام قمة الدار البيضاء للتنمية الاقتصادية قائلاً ” إن مؤتمر الدار البيضاء ليس هدفه التفاوض السياسي من أجل السلام ولا دعم السلام عسكرياً ولكن بناء السلام اقتصادياً “.[60]

فمن الواضح وفقاً لتقارير البنك الدولي والمؤسسات الاقتصادية الدولية يمكن القول أن الاقتصاد الإسرائيلي يعاني من عدة أزمات هذه الأزمات يمكن وصفها بأنها أزمات بنيوية بالأساس ومنها محدودية الطاقة الاستيعابية، وضيق السوق الداخلية، وضيق الرقعة الزراعية، وندرة الموارد الأولية، ونقص الموارد المائية، فضلاً عن ارتفاع معدلات التضخم وعجز الميزان التجاري وميزان المدفوعات وتفاقم الديون الخارجية، فضلاً عن توجيه الجزء الأكبر من الإنفاق إلى الجانب العسكري. ومن هنا تسعى إسرائيل إلى تجنب هذه الأزمات الاقتصادية من خلال التطبيع مع الدول العربية والذي بدوره سوف يؤدي إلى الوصول إلى المجال الحيوي لها بما يحتويه هذا المجال من موارد طبيعية، فضلاً عن كونه سوق استهلاكي كبير. كما تسعى إسرائيل من خلال التطبيع إلى إلغاء المقاطعة الاقتصادية والتي بدأت في التراجع مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد ثم تراجعت بشكل كبير مع مشروع السلام الإسرائيلي العربي بعد حرب الخليج الثانية عام ١٩٩١م، والاعتماد على هذا السوق بدلاً من المساعدات الغربية والمنح الأمريكية.[61]

– الدافع الاجتماعي:

من المعروف أن استيلاء اليهود على الأراضي الفلسطينية مثلت الدافع المادي لإدماج اليهود وتطبيعهم في عالم آخر بعيد عن عالم المنفى الذي عاش فيه اليهود يعانون من الاضطهاد والنبذ من الشعوب الأخرى. ومن ثم تعاظم الاعتماد على الأفكار الدينية التي تؤكد على عودة المخلص المنتظر الذي سوف يخلص اليهود من كل هذه المصاعب. وعملت الحركة الصهيونية على محاولة فصل هذه الأفكار الروحية عن الحلم الصهيوني المتمثل في إقامة دولة يهودية على الأراضي الفلسطينية ومن ثم إدماج اليهود في هذا العالم، كما أنه فشلت الحركة الصهيونية في تحقيق الهدفين الأساسيين التي وضعتهما نصب أعينها أن تخرج من الجيتو وأن تكون أمة ككل الأمم، لأنها لم تأخذ في الحسبان وجود الشعب الفلسطيني وبالتالي جاء اليهود من جيتو الغرب إلى جيتو الشرق والذي يحيط به العنف من كل مكان.[62]

كما أن الحركة الصهيونية لم تنجح في فصل الدين عن القومية وبالتالي لم يصبح هذا الشعب أمة ككل الأمم وظهر ذلك في تصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقوله ” اليهود غادروا الجيتوهات الصغيرة في أوروبا إلى جيتو كبير في الشرق محروساً بالأسوار الحديدية “، فضلاً عن أنه مع قدوم اليهود إلى فلسطين لم تكن بوتقة صهر لإلغاء الاختلافات بين اليهود ولكن وجدت انقسامات بين اليهود الشرقيون (سفارديم) والغربيون (اشكانازيم). ومن ثم اتجهت القيادات الإسرائيلية منذ نشأة الدولة الإسرائيلية إلى محاولة استغلال أي فرصة تساعد اليهود على التواصل والاندماج مع الشعوب المختلفة. ومن هنا كان دافع التعاون الشعبي والتواصل الإنساني والتعايش السلمي وإنهاء عزلة هذا الشعب من أهم الدوافع الاجتماعية الإسرائيلية للتطبيع مع الشعوب العربي.[63]

– الدافع القيمي:

تسعى إسرائيل لإبراز نفسها على أنها دولة ذات طابع تعاوني ومسالم ولديها استعداد للدخول في مجالات مختلفة للتعاون مع العديد من دول المنطقة العربية، أي أنها تسعى لمحو خوف أساسي متعلق بالتخوف من رد الفعل العربي في حالة اتخاذ أي قرار يضر بصالح المنطقة العربية أو أي دولة منهم، ويقل هذا التخوف مع اتفاقيات التطبيع ووجود دول عربية متعاونة مع إسرائيل، وتسعى لإظهار نفسها على أنها تحاول الوصول لحل سلمي للقضية الفلسطينية، ولكن في الواقع لم يظهر ذلك ولا توجد التزامات فعلية من إسرائيل تجاه هذا الموضوع وبالأخص في ظل الأحداث الحالية منذ أحداث ٧ أكتوبر لعام ٢٠٢٣م.[64]

٢- دوافع إسرائيل للتطبيع مع الدول المُطبعة بشكل خاص:

وبالحديث عن الدوافع الإسرائيلية للتطبيع مع كل دولة من الدول الأربعة يمكن القول أن هذه الدوافع اختلفت من دولة إلى أخرى وذلك حسب المصالح المشتركة بين الدولتين وذلك على النحو التالي:

– دوافع إسرائيل للتطبيع مع المغرب:

في السنوات القليلة الماضية يلاحظ أن المملكة المغربية تسعى جاهدة إلى الابتعاد والتراجع في علاقاتها مع العالم العربي والاتجاه نحو تفضيل علاقاتها الإفريقية والدولية وذلك بهدف تحقيق مصالح الدولة المغربية خاصة في إطار علاقاتها المتوترة بالجزائر بشأن الصحراء، ووجدت المغرب أن العرب قليله الفائدة في هذا الصدد لذلك اتجهت المغرب وإسرائيل إلى التسويق لفكرة التطبيع بين الدولتين، فالجانب المغربي سوق لموضوع التطبيع استناداً إلى أن مشكلتنا ليست مع اليهودية ولكن مع الصهيونية.[65]

وبالحديث عن دوافع إسرائيل التي استغلت الصراع المغربي الجزائري وعملت على إبرام معاهدات واتفاقيات تعاون عسكري واستخباراتي وأمني لم يكن لها مثيل من قبل وذلك لتحقيق عدة أهداف من أهمها استخدام وجودها في المغرب لحماية المصالح الإسرائيلية في أفريقيا وحماية مصالحها من الوجود الإيراني في هذه المناطق، فضلاً عن العمل على تأجيج الخلافات بين المغرب والجزائر بهدف زيادة نفوذها وتعميق وجودها في شمال أفريقيا ومنطقة المغرب العربي، وذلك بهدف بيع المزيد من الأسلحة والبرامج الاستخباراتية، ومن الملاحظ أن التطبيع الأمني بين إسرائيل والمغرب ساعد على وجوده علاقات الدولتين التي تتجه إلى الغرب وخاصة الولايات المتحدة، فضلاً عن النظرة الإسرائيلية للمغرب على أنها بوابتها إلى المنطقة العربية، والنظرة المغربية لإسرائيل على أنها بوابتها إلى الغرب بحكم علاقتها بالولايات المتحدة.[66]

– دوافع إسرائيل للتطبيع مع الإمارات:

ترى إسرائيل أن التطبيع مع الإمارات يحقق لها عدد من المكاسب أهمها المكسب الاستراتيجي المتمثل في تكوين حلف أمني سياسي تشارك فيه عدد من الدول العربية وتعمل الولايات المتحدة والإمارات على توسيعه في مواجهة إيران والتصدي للنفوذ التركي المتسع في المنطقة. كما ترى إسرائيل أن التطبيع مع الإمارات يحقق لها إنجازاً عسكرياً ضخماً وذلك على اعتبار أن الإمارات واحدة من الدول القريبة جغرافياً من إيران وهذا يسمح لإسرائيل التي تضغط على إيران من خلال شن غارات عسكرية على إيران في سوريا بزيادة هذا الضغط، فضلاً عن تمكين السلاح البحري الإسرائيلي من الوجود في مياه الخليج.[67]

كما تسعى إسرائيل لتحقيق مكسب أمني من خلال التعاون الاستخباراتي والعمل على نصب أجهزة تجسس في منطقة الخليج والعمل على اتخاذ الإمارات وغيرها من دول الخليج نقطة انطلاق للقيام بأعمال تخريبية وسيبرانية في الداخل الإيراني، فضلاً عن فتح سوق خليجي لإسرائيل لبيع المعدات الاستخباراتية الإسرائيلية فهناك أنظمة خليجية تستخدم هذه البرامج للتجسس على موظفيها وأخرى للتجسس على النظم الأخرى، وبالتالي يصبح المكسب الإسرائيلي ليس أمني فقط ولكن اقتصادي أيضاً، ويتضاعف هدف المكاسب الاقتصادية بحكم التفوق العسكري والأمني والسياسي لإسرائيل فتؤكد الإحصاءات أن التبادل التجاري بين البلدين وصل إلى مليار دولار سنوياً ويتوقع الخبراء أن يصل إلى عشرة مليارات دولار سنوياً، فضلاً عن تبادل الاستثمارات بين البلدين وإلغاء المقاطعة وسحب الاستثمارات كل هذا سيحقق قفزة اقتصادية لإسرائيل بتعاون إماراتي.[68]

كما تسعى إسرائيل من خلال التطبيع مع الإمارات إلى مزيد من الانفتاح على المنطقة العربية وفتح مجالات جوية للطيران بين الدولتين وبالتالي فتح خطوط مباشرة وتكلفة أقل وهو ما يؤدي إلى تقليل التكلفة على المواطن الإسرائيلي. بالإضافة إلى تحقيق مكاسب معنوية تتمثل في الاعتراف العربي بشرعية وجود إسرائيل وهو بدوره يعظم أمن واستقرار إسرائيل وتصدير صورة للعالم بأن إسرائيل انتصرت على العرب في الحرب والسلام، والتطبيع مع الإمارات يمثل انتصاراً لليمين الإسرائيلي الذي وضع مبدأ ” السلام مقابل السلام “، خلاف اليسار الصهيوني الذي يتبنى مبدأ ” الأرض مقابل السلام “، وهذا انتصار لنتنياهو شخصياً والذي جاء بصيغة سلام بعد بيجن ورابين.[69]

– دوافع إسرائيل للتطبيع مع البحرين:

لا تختلف دوافع إسرائيل من التطبيع مع البحرين كثيراً عن دوافعها من التطبيع مع الإمارات، حيث تسعى إسرائيل من خلال التطبيع مع البحرين إلى تعزيز الوجود الإسرائيلي في منطقة الخليج بما يعنيه ذلك من أهمية لتقويض وحصار النفوذ الإيراني، فضلاً عن حصار إيران والضغط عليها من خلال اتخاذ هذه الدولة كقاعدة لها لشن هجمات على إيران. كما أن البحرين هي ركيزة الأسطول الأمريكي الخامس في الخليج وبالتالي يمثل هذا الأمر لإسرائيل دافعاً قوياً لتنسيق علاقتها بالبحرين وذلك على اعتبار أن إسرائيل هي الابن المدلل للولايات المتحدة وهذا ما سوف يسمح لإسرائيل بالاستعانة بهذا الأسطول الأمريكي في حالة الحاجة إليه ضد إيران.[70]

ومن الملاحظ أن التطبيع البحريني على وجه الخصوص يمكن وصفه بأنه تطبيع سعودي بالوكالة كما يصفه بعض الخبراء وظهر ذلك جلياً في اشتراك المملكة العربية السعودية في رعاية كافة الخطوات التي اتخذتها البحرين نحو التطبيع مع إسرائيل، وهو ما فسره بعض الخبراء بأن تطبيع البحرين هو تطبيع سعودي إسرائيلي بالوكالة.[71

– دوافع إسرائيل للتطبيع مع السودان:

تعددت الدوافع الإسرائيلية للتطبيع مع السودان، ومن هذه الدوافع هي الدوافع الاستراتيجية، حيث تنظر  إسرائيل إلى السودان على أنها دولة ذات أهميته استراتيجية وذلك يرجع إلى موقع السودان الجغرافي حيث يقع في منطقة ذات علاقات استراتيجية بالنسبة إليها، سواء في ما يتعلق بالناحية الشمالية التي تقع فيها مصر، أو دول جوار أخرى في الجنوب منه، مثل جنوب السودان وأوغندا وإريتريا بالتالي فإن انضمام السودان إلى هذه المجموعة من الشركاء يمنح إسرائيل دفعة قوية لتوسيع وتعزيز نفوذها وحضورها خارجياً، كما أن السودان تقع في منطقة نفوذ دول لا تضع عداوة إسرائيل على أجندة اولوياتها، بل إنها قريبة من حكومة تل أبيب كالسعودية والإمارات بالإضافة إلى الولايات المتحدة – التي تحاول تعزيز مصالحها في أفريقيا، مما يجعل السودان جزءاً مهما في لعبة إقليمية، وليس قضية رمزية أو منعزلة، فضلاً عن أن التقارب السوداني الإسرائيلي يعتبر دعماً لخطة الولايات المتحدة الأمريكية للشرق الأوسط، من خلال كسب عضو بجامعة الدول العربية معادٍ لإسرائيل.[72]

ومن الدوافع الإسرائيلية للتطبيع مع السودان يتمثل في الدوافع الاقتصادية حيث تعد السودان من أكبر الدول العربية بمساحة تصل إلى قرابة ٢ مليون كم، وعدد سكان يصل إلى ٣٣ مليون نسمة. كما يمتلك السودان أراضي زراعية ضخمة، حتى أنه يسمى (بـسلة غذاء العالم) كما أن السودان ينتج محاصيل تمثل ٨٠٪ من الإنتاج العالمي كالقطن، والسمسم، والفول السوداني والصمغ العربي. وتقدر الأراضي الزراعية ذات الترب الخصبة في البلاد بحوالي ٢٠٠ مليون فدان، وكذلك يتميز السودان بثروة حيوانية ضخمة من (الاغنام والماعز والابقار والإبل والدواجن والثروة السمكية، فضلاً عن المسطحات المائية التي تجعله من أكبر أقطار إفريقيا امتلاكاً لها، بالإضافة إلى اهتمام إسرائيل بتصدير المواد المختلفة إلى السودان نظراً لكون الأخيرة دولة نامية وتملك أسواق واعدة. [73]

وبالحديث عن الدوافع السياسية والأمنية للتطبيع مع السودان فيمكن القول إن إقامة علاقات بين تل أبيب والخرطوم يرجع إلى العديد من العوامل وفي مقدمتها تحقيق انتصار سياسي يستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الغارق في قضايا الفساد تحقيق انتصار سياسي يمكن استثماره في تسويق نفسه كقائد قوي استطاع إنجاز التطبيع مع مجموعة من الدول العربية دون أن يقدم أي تنازلات في المقابل. وهو ما يدعم حظوظه السياسية ولا سيما أن تطبيع العلاقات مع السودان، تحديداً سيسمح لتل أبيب بإعادة آلاف السودانيين الذين لجأوا إلى إسرائيل، فضلاً عن إعادتهم لبلدهم السودان، وهم الذين يشكلون نحو خمس العمالة غير المسجلة فيها، وهي خطوة ستلقى الكثير من الترحاب بين الجمهور الإسرائيلي الرافض لوجود هؤلاء اللاجئين لأسباب تتمثل في منافستهم للعمالة الإسرائيلية فضلاً عن كونهم غير يهود. إذ كان يؤكد هؤلاء اللاجئون أنهم سيتعرضون إلى عقوبات في حالة عودتهم إلى السودان باعتبار (إسرائيل) دولة معادية غير مسموح السفر إليها.[74]

كما أن إيران تظهر في كل خطوة يتخذها صانع القرار الإسرائيلي، فيؤكد عدد من الباحثين أن التطبيع مع السودان يهدف إلى تكوين ما يعرف “بمحور الاعتدال العربي” وذلك بهدف تشكيل منظومة اقتصادية أمنية تضمن تحويل البحر الأحمر إلى بحيرة معادية لإيران، وهو ما ظهر بشكل واضح في محاولة الإمارات العربية المتحدة السيطرة على الموانئ الحيوية في البحر الأحمر، فضلاً عن المنظومة الأمنية التي كونتها السعودية تحت اسم (مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن).[75]

المبحث الثاني

” الدوافع الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل “

تنوعت الدوافع العربية للتطبيع مع إسرائيل ما بين دوافع داخلية وخارجية. هذه الدوافع تباينت وفقاً لمصالح الطرفين المُطبعين والسياق الخارجي للتطبيع ويمكن توضيح ذلك على النحو التالي:

١- الدوافع الداخلية والخارجية للمغرب:

– الدوافع الداخلية:

في يوم ١٠ من كانون الأول من عام ٢٠٢١م أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن إنجاز وصفه بأنه تاريخي حيث اتفقت دولتين من أصدقاء الولايات المتحدة وهم المغرب وإسرائيل على تطبيع العلاقات بينهم وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة وفي نفس اليوم أعلن الرئيس الأمريكي سالف الذكر عن اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد ما هي دوافع المغرب الداخلية للتطبيع مع إسرائيل؟.[76]

للإجابة عن هذا السؤال يجب الإشارة إلى السياق السياسي والشعبي داخل المملكة المغربية بشأن موقف بلادهم من العرب، فالمغرب تسلك مساراً تتجه فيه إلى البُعد عن العالم العربي والاتجاه نحو العلاقات الأوروبية والإفريقية وذلك يرجع إلى الرؤية المغربية التي ترى أن الغرب غير مجديين فيما يتعلق بالتنمية الاقتصادية والقضايا التي تمثل امناً قومياً للمغرب مثل قضية الصحراء، ومن هنا تنامي صوت مغربي داخلي يدعو إلى الاتجاه نحو الغرب نظراً إلى أن الغرب سوف يساعد المملكة المغربية في تحقيق التنمية، فضلاً عن ترجيح المغرب في صراعها مع الجزائر، ومن هنا كانت اتفاقيات التطبيع أمراً حتمياً نظراً إلى سياسة الاقتراب من الغرب التي تتبعها المغرب.[77]

وكذلك من الدوافع الداخلية التي سرعت من وتيرة التطبيع بين المغرب وإسرائيل هي قضية الصحراء الغربية والصراع الممتد بين المغرب والجزائر على الصحراء، حيث تمثل الصحراء الغربية بعداً جيوسياسياً وذلك نظراً لما يمثله الإقليم الصحراوي بالنسبة للمغرب التي تعتبره فضاء حيوياً لها، فضلا عن الثروات الهائلة التي يزخر بها الإقليم، حيث يمثل الإقليم ثقلاً اقتصادياً للمغرب حيث كما سبق وأشرنا تمتلك ثروات وموارد مثل الفوسفات والذي يمثل حوالي ١٠% من صادرات المغرب، ومن هنا لجأت المغرب إلى التقرب من الغرب وحليفها الأول في المنطقة وهي إسرائيل والذي بدوره سوف يحقق للمغرب منافع توسعية جنوباً في إطار يخدم أطمع المغرب في الصحراء التي تعتبر الإقليم جزء لا يتجزأ من المغرب. كما سوف يتيح التطبيع مع إسرائيل كسب المغرب للمزيد من التأييد الدولي بخصوص قضية الصحراء بما يضفي نوعاً من الشرعية على أطماعها في الصحراء، فضلاً عن إطالة عمر النزاع في الصحراء والدخول في حرب استنزاف مع جبهة البوليساريو وبدعم غربي وتشويه صورة هذه الجبهة.[78]

– الدوافع الخارجية:

وبالحديث عن الدوافع الخارجية أو المحفزات الخارجية التي دفعت المغرب للتطبيع مع إسرائيل فتأتي الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب في هذا التوقيت على رأس هذه المحفزات التي دفعت هذه الدول للتطبيع، حيث عمل دونالد ترامب على استخدام موجات التطبيع كجزء من الترويج الانتخابي لحملته الانتخابية التي كانت ضعيفة للغاية في ظل الجائحة والركود الاقتصادي الذي كان العالم يعاني منها، لذلك عملت الولايات المتحدة بقيادة ترامب على الضغط على هذه الدول من أجل إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع حليفها الأول في المنطقة وذلك استناداً إلى أساليب مختلفة للضغط على تلك الدول في حالة المغرب استند الأمر إلى أزمة الصحراء وأن تطبيع المغرب سوف يُضفي شرعية على أطماعها في الصحراء.[79]

٢-الدوافع الداخلية والخارجية للإمارات:

– الدوافع الداخلية:

يمثل التطبيع الخليجي بشكل عام والإماراتي بشكل خاص فرصة تجارية أمام هذه الدول، حيث أن هذه الاتفاقية ستمكن رجال الأعمال الإماراتيين من القيام بأعمال تجارية وعسكرية مهمة وذلك يرجع إلى مكانة الإمارات التجارية والعسكرية الآخذة في التطور وظهر ذلك في طلب الولايات المتحدة الأمريكية الحصول على الطائرات الإماراتية المقاتلة اف ٣٥. كما أن التطبيع سوف يعود بالنفع بالمزيد من المكاسب الأمنية وذلك لأن الإمارات سوف تعمل على الحصول على أنظمة وبرامج تجسس إسرائيلية بهدف ملاحقة المعارضين والتجسس على بعض قادة الدول والنشطاء السياسيين، ولأن التطبيع سوف يرفع عن هذه العلاقات فكرة السرية وإخراج الأمر إلى العلانية وهذا سوف يسرع من استفادة الإمارات من هذه الإمكانيات الأمنية والتكنولوجية التي تمتلكها إسرائيل. كما أن التطبيع سوف يتيح للإمارات الحصول على أسلحة أمريكية متقدمة.[80]

– الدوافع الخارجية:

وبالحديث عن الدوافع الخارجية أو المحفزات الخارجية التي دفعت الإمارات العربية المتحدة للتطبيع فيمكن الإشارة إلى الضغوط الأمريكية التي تمارسها الولايات المتحدة على الإمارات بهدف الانصياع إلى التطبيع مع إسرائيل، فظهرت هذه الضغوط في محاولة ترامب للضغط على هذه الدول التي وصفها بأنها هشة وذلك كهدية انتخابية له لأنه نجح في جعل هذه الدول العربية تعترف بسيادة إسرائيل على الجولان، والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، ومارست الولايات المتحدة هذه الضغوط سعياً منها إلى محاولة إنقاذ حليفها نتنياهو الذي كانت تنتظره محاكمات سياسية وقضائية واقتصادية، ولذلك ضغطت الولايات المتحدة كثيراً على حكومات الدول العربية وعلى رأسها الإمارات التي تمثل عنق الزجاجة لنتنياهو لإنقاذه من الأزمات التي يواجهها داخل تل أبيب[81]

ومن الحوافز الخارجية التي دفعت الإمارات العربية المتحدة للتطبيع مع إسرائيل هي التوجس من التهديد التركي، حيث يؤكد الكثير من المحللين والباحثين بأن تطبيع الإمارات مع إسرائيل ما هو إلا محاولة من الإمارات للاحتماء بإسرائيل من تهديد تركيا خاصة بعد انتشار التصريحات من ممثلي المؤسسات الأمنية داخل تركيا بمعاقبة الإمارات والرد عليها نظراً لما تقوم به الإمارات من أعمال في سوريا وليبيا، وظهر ذلك جلياً في تصريح وزير الدفاع التركي بقوله ” الإمارات قامت بأعمال مضرة في ليبيا وسوريا وأن تركيا ستحاسبها في الزمان والمكان المناسب “، ومن هنا فسر المحللون بأن الإمارات لا تستطيع مواجهة تركيا منفردة لذلك لجأت للاحتماء بإسرائيل.[82]

ومن المحفزات الخارجية أيضاً لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل هي دور المنظمات الدولية والمؤتمرات العالمية التي نجحت في إظهار إسرائيل كدولة شرعية أمام العالم حيث أن هذه المؤتمرات تستضيف بعض الدول العربية والتي تكون إسرائيل عضو أساسي فيها وهو ما يتطلب الاعتراف بهذا الوفد كممثل لدولة إسرائيل، وظهر ذلك جلياً في استقبال الإمارات لوفد صهيوني في مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة المنعقد في أبو ظبي. كما أن هناك بعض المنظمات الدولية التي تشترط إقامة علاقة دبلوماسية مع إسرائيل للالتحاق بهذه المنطقة كانضمام تونس إلى منطقة التجارة العالمية التي اشترطت إقامة علاقات سرية مع إسرائيل.[83]

٣- دوافع البحرين للتطبيع مع إسرائيل:

– الدوافع الداخلية:

من الدوافع الداخلية التي دفعت البحرين للتطبيع مع إسرائيل هي الفوائد الاقتصادية، ولم تختلف عن الإمارات كثيراً في تصريحاتها بأن التطبيع سوف يعود على الإمارات والبحرين بالمكاسب الاقتصادية التي سوف تتيح للطرفين الإسرائيلي والبحريني بتبادل الاستثمارات المباشرة بينهما، فضلاً عن العلاقات التجارية التي سوف تسمح للبلدين بالتبادل التجاري مما سوف يعود على البحرين بالنفع الاقتصادي.[84]

كما أنه وفقاً لتصريحات المسؤولين في البحرين سوف تتمكن البحرين من الحصول على الأسلحة الأمريكية المتقدمة التي لن تحصل عليها إلا بموافقة إسرائيل، وذلك استناداً إلى أنه لابد من أن تكون إسرائيل هي القوى الأعظم والأكثر تقدماً في المنطقة، كما أنه سوف تحصل البحرين على برامج التجسس الإسرائيلية بهدف التجسس على أعدائها الإقليميين وعلى رأسهم طهران.[85]

وهناك رواية أخرى تؤكد على أن المنافع الاقتصادية في إطار تطبيع البحرين مع إسرائيل يصب في صالح إسرائيل بشكل أساسي حيث أن البحرين في إطار علاقتها المتوترة بطهران تمثل فرصة أمام إسرائيل لجعل المنامة سوق تجاري ضخم أمام تل أبيب لتسويق أسلحتها وبرامج المراقبة والتجسس، ومن هنا يؤكد المحللون بأن هذه المنافع المستفيد الأكبر منها هو إسرائيل، كما يؤكد المسؤولون داخل البحرين بأن التطبيع سوف يمكن البحرين من لعب دور هام  في إطار السلام الفلسطيني بدلاً من لعب دور هامشي.[86]

– الدوافع الخارجية:

وعند الحديث عن الدوافع الخارجية التي جعلت البحرين تتجه نحو الموافقة على توقيع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل يأتي على رأسها ضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على البحرين من أجل التطبيع، حيث أجمع عدد من المراقبون للاتفاق البحريني الإسرائيلي على أن ضغوط ترامب على المنامة مثلت الدافع الأهم لتطبيع البحرين مع إسرائيل، وهذا ما أكدته الإذاعة الإسرائيلية في نفس اليوم الذي تحدث فيه ترامب عن تطبيع البحرين مع إسرائيل في تغريدات له على تويتر، حيث أكدت الإذاعة بأن ترامب يمارس ضغوطاً على البحرين وسوف يعلن موافقة البحرين في الأيام المقبلة.[87]

أما الدافع الخارجي الثاني لتطبيع البحرين مع إسرائيل يتمثل في رغبة الدول المشاركة في التطبيع وهم البحرين وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في احتواء طهران التي تعد وفقاً للسياسة الخارجية الأمريكية في عهد ترامب بأنها خطر إقليمي يهدد مصالح الولايات المتحدة والحلفاء في المنطقة وعلى رأسهم إسرائيل التي تعتبر طهران عدواً أساسياً لها، والبحرين في هذا الصدد ترى أنها الدولة الأكثر عرضة للخطر الإيراني، وذلك نظراً للمكون الشيعي داخل البحرين حيث أن من يحكم البحرين ينتمي إلى التيار السني والأغلبية تنتمي للتيار الشيعي ومن هنا يتشكل هاجس للبحرين في الخوف من الانشقاق والانقسام داخل المجتمع البحريني بدعم من طهران. كما أن إيران ووسائل إعلامها صرحت في أكثر من مرة بأن البحرين تابعة للأراضي الإيرانية وكانت جزء منها حتى عام ١٩٧٠م، لذلك سعت البحرين إلى التطبيع لحماية نفسها من التهديد الإيراني وذلك من خلال الحصول على الدعم الإسرائيلي والأمريكي.[88]

٤- دوافع السودان للتطبيع مع إسرائيل:

– الدوافع الداخلية:

على الرغم من أن الدافع السياسي هو الدافع الأساسي لتطبيع السودان مع إسرائيل، حيث كانت السودان تطمح في إزالة اسم السودان من الدول الراعية للإرهاب وإعادة نشاطها، وتعزيز التعاون مع العديد من الدول الأخرى، والذي بدوره سوف يعيد السودان إلى  المجتمع الدولي والاندماج في المنظومة الدولية بعد العزلة التي فرضت عليه لمدة طويلة. كما عملت الحكومة السودانية مجهود دبلوماسي كبيرة بهدف إظهار نفسها أمام الولايات المتحدة كدولة حسنة النية بهدف رفع العقوبات، لأن ذلك يعد مفتاح تحسين الاقتصاد السوداني.[89]

وبناء على ذلك شكل دافع إزالة العقوبات الاقتصادية عن السودان الدافع الرئيسي من أجل الإسراع بالتطبيع مع إسرائيل، خصوصاً وان قيمة الديون الخارجية للسودان آنذاك بلغت ٦٠ مليار دولار، منها ١.٣ مليار لصندوق النقد الدولي، كما بلغ التضخم في الاقتصاد السوداني ١٦٧% خلال شهر آب ٢٠٢٠م. كما تعاني من هبوط حاد في العملة المحلية، وتكمن المشكلة في إبقاء العقوبات مفروضة على السودان في أن ذلك يحكم على البلاد بالانزلاق إلى هاوية الدولة الفاشلة ويعني بقاء السودان على القائمة السوداء، وأن تظل محاطه بمجموعة من العقوبات المالية، وأن تظل شركاتها المشروعة تعاني شللاً، مع بقاء الاستثمار الأجنبي المباشر فيه مقيداً، وبقاء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عاجزين عن طرح تدابير للتخفيف عن كاهل السودان من عبء ديونها الثقيلة المقدرة بـ ٧٢ مليار دولار آخذة في الزيادة، فيما يمكن للسودان الاستفادة من إسرائيل في مجال الزراعة، والخبرة الكبيرة التي تمتلكها في الأماكن الجافة وتحلية المياه، وهي أشياء تحتاجها السودان بشدة كون الزراعة أحد أهم الموارد الرئيسية للبلاد. [90]

– الدوافع الخارجية:

لعبت الأطراف الخارجية دوراً بارزاً في تسريع عملية التطبيع عن طريق تقديم الدعم وتقديم الحلول في المفاوضات بين الخرطوم وتل ابيب ويمكن توضيح الأدوار كما يلي:

أ- دور الولايات المتحدة الأمريكية:

إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رأت أن الفرصة سانحة في الأوضاع التي يعيشها السودان الجديد بعد الثورة كوضع مناسب بهدف تسريع عملية تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، وتؤكد استطلاعات الرأي آنذاك أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يعيش فترة انتخابية عصيبة  أمام الرئيس الديمقراطي الفائز(جو بايدن)، وذلك بسبب فشل إدارته في مواجهة جائحة كورونا، هذه المصاعب الكبيرة في الداخل الأمريكي جعلت ترامب يعمل على تغيير طريقه نحو البحث عن إنجاز خارجي في سياق الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك بعد فشله في إسقاط النظام الإيراني رغم عدم الالتزام بالاتفاق النووي وممارسة سياسة (أقصى الضغوط على طهران).[91]

فضلاً عن فشله في التوصل إلى اتفاق مع كوريا الشمالية رغم لقائاته التاريخية مع زعيم كوريا كيم جونغ أون، فضلاً عن الإخفاق في إخضاع الصين لشروطه في الحرب الباردة التجارية القائمة بين واشنطن وبكين، وبذلك فإن ترامب عاد إلى ملعبه المفضل في الشرق الأوسط حيث عمل على إعلان دعمه لأكثر المواقف الإسرائيلية يمينية، وتؤكد المصادر السودانية والأمريكية والإسرائيلية على أن الولايات المتحدة ضغطت باتجاه تطبيع الخرطوم وتل أبيب مستغلة رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، في محاولة من ترامب لتسويق ذلك كنص لسياسته الخارجية وتعزيز فرصه الانتخابية في صفوف اليمين الأمريكي المحافظ واللوبي الإسرائيلي المتنفذ في الولايات المتحدة .[92]

ب- دور الإمارات العربية المتحدة:

المتابع لمشهد التطبيع يلاحظ أن المشاورات بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وبنيامين نتنياهو في أبوظبي حول تطبيع العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب، وإن المفاوضات التي بدأت في أبو ظبي بين مسؤولين من الجانب السوداني ومسؤولين أمريكيين وإماراتيين يراد منها وضع السودان أمام الأمر الواقع.  ووصل الإمارات وفد سوداني بقيادة البرهان بهدف إجراء عدد من المشاورات مع مسؤولين أميركيين وإماراتيين حول تطبيع العلاقات بين الخرطوم وتل أبيب، وأسفرت هذه المشاورات بقيادة البرهان بأبو ظبي عن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، من خلال تبادل القنصلين، ثم السفيرين، وهو ما يقود لاندماج السودان في المجتمع الدولي.[93]

ومن المُلاحظ أن الإمارات عملت بقوة على خط دفع السودان إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ما يفتح مجالاً جديداً للمنافسة الإقليمية مع النظام المصري، الذي كان يقدم نفسه خلال الاتصالات الإقليمية في الفترة الأخيرة باعتباره الطرف الذي سيدفع الخرطوم لاتخاذ هذه الخطوة حفاظاً على ما تبقى من دوره الإقليمي، وتعبيراً عن استمرار قدرته على التأثير السياسي في المنطقة. وكان هذا الدور تعرض لتآكل كبير في السنوات الماضية، بانتقال مصر لمصاف الدول التابعة للسياسات الإماراتية والسعودية بالمنطقة. وزاد تأكله بتوقيع اتفاق السلام الأخير بين تل أبيب وأبوظبي.[94]

كما أن الاتصالات بين الإمارات ومجلس السيادة الانتقالي بالسودان تصاعدت لدفع الخرطوم لاتخاذ موقف أكثر مرونة وسرعة في اتجاه التطبيع مع التعهد بحوافز مختلفة من الإمارات وإسرائيل، تتمثل في مساعدات اقتصادية وفنية كبرى، في مجالات الري والزراعة والموانئ واستكشاف البترول والغاز الطبيعي. اضافة الى أن أحد الدوافع الأساسية للإمارات للإقدام على هذه الخطوات التحفيزية استمرار مزاحمة السعودية في منطقة شرق أفريقيا والبحر الأحمر، وتقليص نفوذها الإقليمي.[95]

ج- دور مصر:

تؤكد المصادر بأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بذل جهوداً حثيثة بهدف العمل على إدخال السودان إلى دائرة الدول العربية المطبعة، كجزء من التخطيط الأميركي الجديد للمنطقة، مُغرية الخرطوم بتدفق الكثير من المعونات المالية واللوجستية عليها من الولايات المتحدة وأوروبا ودول خليجية، وبالرغم من أن الدور المصري بعيد عن الانظار ولم يذكر منه غير ترحيب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بقرار الحكومة السودانية من أجل تطبيع العلاقات مع اسرائيل، غير أن التعاون المخابراتي بين مصر والسودان كان حاضراً وبقوة، وذلك ظهر في وصول مدير المخابرات المصري (عباس كامل) إلى جانب مدير المخابرات السوداني السابق (صلاح قوش) إلى أبو ظبي في أيلول، من أجل إتمام اتفاق لتطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل، وظهر ذلك في الخبر الذي نشره موقع  (أكسيوس) الإخباري الأمريكي إن مسؤولين أمريكيين وإماراتيين وسودانيين سيعقدون اجتماعاً حاسماً في أبو ظبي بشأن اتفاق تطبيع محتمل بين السودان وإسرائيل. كما رحب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالجهود المشتركة للولايات المتحدة الأمريكية والسودان وإسرائيل حول تطبيع العلاقات بين السودان وإسرائيل.[96]

٥– الدوافع العربية للتطبيع من منظور آخر:

يمكن النظر لتلك الدوافع من منظور آخر غير تقسيمها بناء على دوافع داخلية ودوافع خارجية، حيث يمكن تقسيمها بناء على المستويات الفردية والوطنية والإقليمية والدولية على النحو التالي:

– المستوي الفردي:

على المستوى الفردي نرى أن تغير القادة السياسيين له دور في اتخاذ قرار التطبيع مع إسرائيل وبالأخص في دول الخليج العربي، حيث قد يكون وجود قادة أصغر في السن يكونون أكثر انفتاحاً ومرونة مع الجانب الإسرائيلي عامل من عوامل التطبيع، لأن القيادات الكبرى مثل الشيخ زايد وغيره من القيادات الكبيرة في السن كانوا متشددين في التعامل مع الجانب الإسرائيلي، أو على الأقل مؤمنين بضرورة اتخاذ خطوة في مسار تحرير فلسطين، أي أن تفكير القادة الشباب مرتبط بكون تفكيرهم براجماتي أكثر يسعى فقط لتحقيق مصالحهم وإن لم تكن مرتبطة بالقضية الفلسطينية، وهذا يظهر حالياً في السعودية وميولها للتطبيع مع إسرائيل نتيجة للمتغير القيادي.[97]

– المستوي الوطني

وعلى المستوى الوطني يرتبط التطبيع بفكرة المصالح الاقتصادية، وكذلك يرتبط بقضية التسليح والحصول على أسلحة متقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية التي قد تكون متحفظة لإعطائها تلك الأسلحة لدول الشرق الأوسط فيما عدا إسرائيل، ومرتبطة بأزمات موجودة داخل الدول نفسها فعلى سبيل المثال السودان والانقسامات الموجودة داخلها فالتطبيع من منظورها قد يعالج تلك الانقسامات ويخرجها من قائمة الإرهاب ويعالج الأزمة الاقتصادية التي تمر بها.[98]

– المستوي الإقليمي والدولي:

وعلى المستوى الإقليمي التطبيع يرتبط بوجود تغيرات في البيئة الإقليمية تتيح تقديم فرص وتحديات للدول العربية في اتخاذ قرار التطبيع مع إسرائيل، على سبيل المثال الإمارات واهتمامها بفكرة القيادة الإقليمية في الفترات الأخيرة، خاصة مع التراجع النسبي للدور المصري بسبب الانشغال بمجموعة من الأزمات والمشاكل الداخلية منذ عام ٢٠١١م، وتتصور أن علاقتها مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ستتيح لها دور أكبر في المنطقة العربية. بينما على المستوى الدولي التطبيع يرتبط بفكرة التقارب مع الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها قوة عظمى والحصول على دعمها في مختلف الجوانب.[99]

نتائج الفصل:

مما سبق عرضه في هذا الفصل يمكن القول أن الدوافع الإسرائيلية للتطبيع مع الدول العربية لا تقتصر فقط على السعي للهيمنة على الشرق الأوسط بل كذلك العمل على اكتساب الشرعية والاعتراف بها ككيان طبيعي في المنطقة العربية، إلى جانب الدوافع الأمنية المرتبطة بالمخاطر التي يمكن أن تتصدى لها إسرائيل بدعم من الدول العربية وكذلك الحفاظ على أمنها من دول الجوار، إلى جانب الدوافع الاقتصادية التي تعد الدافع الأبرز لتطبيع إسرائيل مع الدول العربية، وكذلك الدوافع الاجتماعية التي تهدف لجعل الشعوب العربية تتقبل الكيان الإسرائيلي وتتعايش معه، وأخيراً الدافع القيمي المرتبط بسعي إسرائيل لتظهر نفسها في مظهر الدولة الساعية للسلام والنابذة للحروب والصراعات، هذا إلى جانب مصالح إسرائيل للتطبيع مع كل دولة عربية على حدى وفقاً لاحتياجاتها من كل دولة.

وفي المقابل يمكن الاستنتاج أن دوافع الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل تتعدد ما بين دوافع داخلية مرتبطة بالأزمات التي تتعرض لها كل دولة ومصالحها التي تتحقق من خلال التطبيع، ودوافع خارجية مرتبطة بشكل أساسي بدور الأطراف الخارجية التي يعد من أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية لما سيتحقق لها من مصالح في حالة تدعيم وضع إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط، هذا إلى جانب دعمها التاريخي للطرف الإسرائيلي.

الفصل الثالث

أثر التطبيع على الأمن القومي للمنطقة العربية والدول  المُطبعة

تمهيد:

لا تقتصر تأثيرات عملية التطبيع بين إسرائيل والدول العربية على القضية الفلسطينية فقط بل يمتد الأمر إلى التأثير على الأمن القومي العربي بشكل عام والأمن القومي للدول المُطبعة بشكل خاص، وذلك من خلال إضعاف اهتمام الدول العربية بالقضايا التي يغلب عليها الطابع الأمني التي تهتم بها الدول العربية، بالإضافة إلى تفكيك مفهوم الهوية العربية والدفاع العربي المشترك من خلال زيادة انقسام العرب، فالتطبيع وإقامة علاقات مع إسرائيل كان بمثابة خيانة في الفكر العربي القومي ولكن في ظل التغيرات الكبرى في موازين القوة التي يشهدها النسق الدولي أصبح التطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات معها أمر يغلب عليه النمطية مع الميل نحو الضرورية في الكثير من الأحيان، وذلك على اعتبار أن أمن هذه الدول أصبح محاط بالمخاطر من القوى الإقليمية المختلفة في المنطقة كالتهديد الإيراني في منطقة الخليج والعراق، والتهديد التركي في ظل التدخل الواضح في سوريا وسبقه التدخل في ليبيا. فضلاً عن التهديدات الدولية التي تؤثر على الدول العربية وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية وظهور ملامح نظام دولي جديد تختلف فيه موازين القوى.

وكل تلك التغييرات دفعت العديد من الدول إلى الدخول في تحالفات مختلفة من أجل ضمان وحماية أمنها ومصالحها. وذلك هو ما دفع الدول العربية إلى الاتجاه نحو تطبيع العلاقات مع إسرائيل على اعتبار أن إسرائيل هي الحليف الأقوى في المنطقة الذي يمكن الاستعانة به لمواجهة هذه التحديات والتهديدات الإقليمية المحيطة بالمنطقة، ومن هنا يُظهر هذا التطبيع بين إسرائيل والدول العربية التي طبعت علاقاتها السياسية والأمنية مع إسرائيل عدد من المشكلات والتحديات والمخاطر على الأمن القومي العربي وأمن الدول المطبعة.

وفي ضوء ما سبق سيركز هذا الفصل من خلال مبحثين أساسيين على توضيح  مخاطر التطبيع على الأمن القومي العربي ككل والأمن القومي للدول المُطبعة وهذا ما سيتم تناوله في المبحث الأول، ثم الانتقال إلى أثر التطبيع على العلاقات العربية الإسرائيلية قبل وبعد عملية التطبيع، ثم توضيح سيناريوهات مستقبل التطبيع العربي الإسرائيلي في ضوء هذه التأثيرات وهذا ما سيتم تناوله في المبحث الثاني لهذا الفصل.

لمبحث الأول ” أثر التطبيع على الأمن القومي للمنطقة العربية “

١- أثر التطبيع على الأمن القومي العربي ككل:

تتعدد المخاطر الناتجة عن عملية التطبيع العربي الإسرائيلي على الأمن القومي العربي ككل كما يلي:

– المخاطر السياسية:

تتعدد المخاطر السياسية الناتجة عن عملية التطبيع، حيث سوف يؤدي التطبيع إلى انقسام الموقف العربي وعدم وجود رؤية موحدة بين الدول العربية بشأن التطبيع، فمنهم من يرى أن التطبيع مع إسرائيل ما هو إلا حماية لمصالح وأمن الدولة المُطبعة والمثال الأبرز على ذلك يتجسد في البحرين والإمارات الذين كما سبق وأشرنا في إطار حديثنا عن الدوافع أن التطبيع الإماراتي والبحريني مع الإسرائيل كان يمثل حائط صد وحماية من التهديد الإيراني والتركي بسبب نفوذهم المتزايد في المنطقة، أما على الجانب الآخر فهناك من يرى أن هذا التطبيع خيانة للعروبة وخذلان للفلسطينيين والقضية الفلسطينية برمتها وتأتي الجزائر على رأس هذه الدول.[100]

ومن المخاطر السياسية للتطبيع أيضاً تتمثل في أن التطبيع يساعد إسرائيل على تحييد القضية الفلسطينية كأحد أهم المحددات للعلاقات العربية الإسرائيلية، وظهر ذلك الأمر بشكل واضح في الأحداث الأخيرة التي تلت عملية طوفان الأقصى بعد أحداث السابع من أكتوبر وما تلاه من هجوم غاشم على قطاع غزة، فكان الموقف العربي للدول المطبعة محايداً تماماً ولم يتخذوا أي إجراء لسحب السفراء أو قطع العلاقات أو حتى التهديد ، وهذا يُظهر نجاح إسرائيل في تحييد هذه الدول عما يحدث داخل الأراضي الفلسطينية.[101]

كما أن عملية التطبيع جعلت الدول العربية المُطبعة وغير المُطبعة تختلف في نظرتها لمن هو العدو أو الخصم، فالدول غير المُطبعة أغلبهم ينظر لإسرائيل على أنها العدو الأول، أما الدول المُطبعة فإسرائيل نجحت في إبراز إيران كالعدو الأول بالنسبة لهم وليس إسرائيل، كما أن التطبيع يساهم في فقدان الدول العربية الوطنية صاحبة الثقل السياسي على مر العصور كمصر والسعودية لدورها الإقليمي ويحل محلها دول عربية أخرى متحالفة مع الحكومات اليمينية الإسرائيلية والتي تحاول جاهدة ألا تخالف المصالح الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة، وهو ما يهدد المكانة الإقليمية لهذه الدول والذي سوف يترتب عليه فقدان هذه الدول القدرة على التأثير على دول المنطقة.[102]

– المخاطر العسكرية والأمنية:

تتمثل المخاطر العسكرية والأمنية الناتجة عن عملية التطبيع في تحويل الخوف الرئيسي لدى الدول العربية من الخطر الإيراني وليس من الكيان الإسرائيلي، والعمل على زيادة حدة التدهور في العلاقات بين الطرفين الإيراني والعربي، بالإضافة إلى أن ظهور إسرائيل كأقوى طرف في المنطقة العربية عسكرياً وأمنياً وامتلاكها للمعدات العسكرية والقدرات والإمكانيات العسكرية بشكل أكبر من دول الخليج العربي يعد تهديداً للدول العربية في حالة أي توتر للعلاقات بين الأطراف العربية والإسرائيلية، وكذلك يتهدد الأمن القومي العربي من خلال انكشافه أمام الطرف الإسرائيلي الناتج عن التبادل التكنولوجي والتقني بين الطرفين وخاصة في مجال الأمن الإلكتروني (السيبراني) والمجال الاستخباراتي.[103]

وكذلك تطبيع بعض الدول العربية يمثل تهديداً للأمن القومي للدول العربية المجاورة لهما مثل تطبيع المغرب مع إسرائيل الذي يشكل تهديداً على الأمن القومي الجزائري وخاصة في ظل وجود صراع بين الدولتين على منطقة الصحراء الغربية وأحياناً يصل الأمر لاشتباكات عسكرية، أي أن إسرائيل تهدف لزيادة عمر النزاع في الصحراء الغربية، وكذلك في حالة تطبيع السودان مع إسرائيل فإنه يشكل تهديداً على الأمن القومي المصري حيث أن إسرائيل كانت تهدف من التطبيع للسيطرة على منابع ومجرى نهر النيل الذي يمد مصر والسودان بالمياه كمصدر أساسي.[104]

– المخاطر الاقتصادية:

إن المخاطر الاقتصادية للتطبيع العربي الإسرائيلي تتمثل في قدرة الكيان الإسرائيلي على اختراق البنى والهياكل الاقتصادية والسياحية وبالأخص للدول المُطبعة بشكل أكبر من قدرة الدول العربية على اختراقها بالنسبة للطرف الإسرائيلي، إلى جانب إعطاء الفرصة للكيان الإسرائيلي للاندماج في أسواق الشرق الأوسط مما يساهم تدريجياً في إتاحة فرصة لإسرائيل لتسيطر على السوق في الشرق الأوسط وتنافس به أسواق اقتصادية إقليمية ودولية أخرى، وكذلك إتاحة الفرصة للكيان الإسرائيلي من الاستفادة من الموارد والثروات الاقتصادية في الوطن العربي واستنزافها تدريجياً إلى أن تقوم إسرائيل باحتكار المجال الاقتصادي في الوطن العربي وبالأخص في منطقة الخليج العربي.[105]

– المخاطر الثقافية والفكرية:

تتمثل المخاطر الثقافية والفكرية من عملية التطبيع في أن تلك العملية تساهم في إنهاء فكرة العروبة أو تهميشها في مقابل إعطاء الأولوية لعملية التطبيع مع الكيان الإسرائيلي لتحقيق مصالح معينة، وذلك يتناقض تماماً مع مبدأ العمل العربي المشترك ضد كل ما يشكل تهديداً على أمن الوطن العربي وأي دولة به، وكذلك يساعد في تحول الفكر المتعلق بأن إسرائيل هي العدو والمحتل إلى كونها الصديق والحليف، بينما الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي العدو الأول.[106]

٢- أثر التطبيع على القضية الفلسطينية:

باعتبار أن القضية الفلسطينية تعد القضية الأساسية التي تجمع بين كل الدول العربية وتؤثر على الأمن القومي العربي ككل، فيجب توضيح الأثر السلبي للتطبيع على القضية الفلسطينية وبالأخص في ظل الأحداث الحالية منذ عملية طوفان الأقصى في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣م، ويتمثل هذا الأثر في أنه من المؤكد أن التطبيع يضر ضرراً كبيراً بالقضية الفلسطينية، إن لم يكن يقضي عليها، لأنه في حالة قيام كل الدول العربية بإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل ما الذي سيبقى في يد العرب والفلسطينيين من أوراق لكي يضغطوا بها على إسرائيل، وهذا انعكس بوضوح في موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد الاتفاقيات الإبراهيمية، حيث إنه عندما كان يفاتح في أمر القضية الفلسطينية كان يقول ” أنه سيتم حل القضية الفلسطينية عن طريق استكمال علاقاتنا مع العرب “، بمعنى أن التركيز الأكبر كان على استكمال العلاقات مع العرب وليس القضية الفلسطينية، وكذلك عند النظر لموقف الدول العربية نجد أن الإمارات عند التمهيد للتطبيع كانت تصرح بأن مبررها للتطبيع هو منع ضم إسرائيل للضفة الغربية، ولكن بعد التطبيع أصبحت العلاقات عادية جداً تسودها المهرجانات الثقافية والمعارض الفنية، وحائط للمبكي في أبو ظبي، ومجمع للأديان، وسياحة واستثمارات هائلة، وفي المقابل القضية الفلسطينية لم تستفد شيئاً من هذا التطبيع بل على العكس ستكون مهددة بالاختفاء في حالة استمرار التطبيع.[107]

ولعل هذا هو السبب في توقيت عملية طوفان الأقصى حيث تمت عملية طوفان الأقصى في الوقت الذي بدا فيه أن أهم قضية في الوطن العربي هي التطبيع السعودي الإسرائيلي، فجاءت عملية طوفان الأقصى لإفساد هذه العملية أو على الأقل تأجيلها، والآن يمكن القول بأن هناك نسخة جديدة من التطبيع السعودي الإسرائيلي حيث أن آخر التصريحات في المنتدى الاقتصادي العالمي الذي عُقد في الرياض من أيام أن وزير الخارجية الأمريكي يقول ” إننا على وشك إكمال مسار التطبيع السعودي الإسرائيلي “، بينما في المقابل وزير الخارجية السعودي والمصادر السعودية تقول ” أنه لن يكون هناك تطبيع إلا بالموافقة على إقامة دولة فلسطينية “، وهذا سيكون جيداً لصالح القضية الفلسطينية لأنه إذا كان التطبيع واقعاً لا محالة فمن الجيد أن يرتبط بالضغط على إسرائيل للموافقة على إنشاء دولة فلسطينية، لكن في بعض الأحيان قد تكون بعض نصوص الاتفاقيات غامضة وقد يتم وضع نص متعلق بأن إسرائيل توافق على إنشاء دولة فلسطينية من حيث المبدأ، وكذلك يتم النص على تشكيل لجنة لبحث خطوات إنشاء الدولة الفلسطينية كما حدث في اتفاقية أوسلو التي اعترفت بموجبها منظمة التحرير بدولة إسرائيل واعترفت إسرائيل بالمنظمة وتم الاتفاق على مرحلة انتقالية لمدة خمس سنوات تناقش فيها القضايا الأساسية ولكن مر حوالي ٣٠ عاماً لم يحدث شيء جديد، أي هناك قلق من أن الاتفاق يكون على أساس المبدأ وليس التطبيق الفعلي على أرض الواقع وإقامة دولة فلسطينية.[108]

بالإضافة إلى أنه طالما أن حكام إسرائيل الحاليون موجودون فلن يتم الموافقة على إقامة دولة فلسطينية، وربما في حالة تغيرهم قد يتم النظر في مسألة إقامة دولة فلسطينية ولكن الأمر شديد الصعوبة بالنظر لتغول الاستيطان في الضفة الغربية، وإن نظرنا إلى إمكانية تغيير القادة الإسرائيليون كسبيل لإمكانية قيام دولة فلسطينية نجد أنه من الممكن أن يحدث ذلك في إطار انقلاب الرأي العام ضد إسرائيل، ولكن يجب التفريق ما بين الرأي العام الدولي والرأي العام الإسرائيلي، فبالنسبة للرأي العام الدولي نجد أنه بالتأكيد نتيجة لآثار عملية طوفان الأقصى أصبح هناك تحول كبير في الرأي العام الدولي وصل بالفعل للولايات المتحدة الأمريكية ويظهر هذا في حركة شباب الجامعات، بالإضافة لوجود تحولات كبيرة في الرأي العام الأمريكي تجاه إسرائيل وهذا ينطبق كذلك على دول أوروبية عرفت بانحيازها شبه المطلق لإسرائيل مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الأوروبية، فهذه التحولات على مدى زمني طويل قد تحدث تغييرات لغير صالح إسرائيل وتجبرها على إجراء تغييرات في سياستها المتبعة أو تغيير للقادة السياسيون.[109]

ولكن فيما يتعلق بالرأي العام الإسرائيلي نجد أن هناك انقسامات ووجود معارضة، ولكن ما يمكن ملاحظته حتى الآن أن الكتلة الأكبر في المجتمع الإسرائيلي من وجهة نظرنا ما زالت متطرفة وتؤيد السياسة الإسرائيلية الحالية، فعلي سبيل المثال الائتلاف الحكومي لم يتفكك وإن كان هناك وزيرين شديدي التطرف إلا أنه كان من الممكن أن يقوم وزراء آخرون بالانسحاب من الحكومة اعتراضاً على السياسة الإسرائيلية وكان ذلك سيكون كفيلاً بإسقاط الحكومة نظراً لأن الحكومة بسيطة عددياً، لكن هذا لم يحدث، وهناك مظاهرات واعتراضات في الساحة الداخلية الإسرائيلية تطالب بعزل نتنياهو، لكن هذه المظاهرات ما زالت صغيرة من الآلاف والمئات فقط أي أنها ليست تلك المظاهرات الكاسحة التي تفرض على نتنياهو تغيير سياسته، حيث حاول نتنياهو من قبل إلغاء صلاحيات المحكمة العليا وكان هناك مظاهرات هائلة لمنعه من ذلك الموقف ولكن مع ذلك لم يغير نتنياهو موقفه.[110]

ومن المؤكد أنه في حالة تم إجراء انتخابات في إسرائيل أن نتنياهو سيسقط لكن من غير المؤكد أن من سيأتي بعده سيكون مسالماً تجاه القضية الفلسطينية ويعمل على النظر في القضية بشكل أكثر سلمية دون ارتكاب نفس الأعمال الوحشية، أو العمل على تقديم تنازلات وإن كانت شكلية، أي أن الساحة السياسية الداخلية الإسرائيلية ما زالت لا تستطيع إحداث ذلك التغيير الواضح في السياسة الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية.[111]

وعند النظر للطرف الفلسطيني نجد أن نظرة المواطنين الفلسطينيين للتطبيع هي نظرة سلبية تماماً، وإن كان بعض الفلسطينيون يرون أن التطبيع مع الاحتلال هو أداة من أدوات السلام ولا تشكل استسلاماً للطرف الإسرائيلي بل هي أداة من أدوات التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي في حربهم ضده، ولكن بالرغم من ذلك يُجمع الفلسطينيون على أن التطبيع يؤدي إلى تهميش القضية الفلسطينية أو محوها، وكذلك للتطبيع تأثير واضح على الجانب النفسي للفلسطينيين حيث يتأثرون بشدة مع كل مرة يحدث فيها التطبيع مع أي دولة عربية، وذلك لأن لديهم إيمان بأن العرب لديهم خلفية وحقيقة وإثباتات بما حدث في فلسطين على مدار عقود من الاحتلال وبالرغم من ذلك يطبعون مع الاحتلال الإسرائيلي، وأن التطبيع مع الدول الغربية أو أي دولة أخرى في العالم لا يعد بنفس الأهمية والتأثير بالنسبة للفلسطينيين بقدر تأثير التطبيع مع الدول العربية عليهم، الذي دائماً ما يولد الشعور بالحزن وخيبة الأمل الشديدة.[112]

وبالنسبة للداخل الفلسطيني نفسه في مسألة التطبيع مع إسرائيل المتمثلة في السلطة الوطنية الفلسطينية فإنها تعقد اتفاقيات طبيعية مع الاحتلال منذ اتفاقية أوسلو إلى اتفاقية غزة وأريحا واتفاقيات ومعاهدات التنسيق الأمني وذلك في إطار جعل الفلسطينيون يتعاملون مع المحتل على أنه شيء طبيعي في ظل أنه بالفعل بالنسبة للفلسطينيين هذا أمر غير طبيعي بالأساس، كما أن التطبيع العربي الإسرائيلي هو بمثابة محو لملامح وآثار الدولة الفلسطينية لأن الدول العربية تعترف بالكيان الإسرائيلي كدولة. كما أن هذا التطبيع يعظم من الانقسام الفلسطيني الداخلي فمن جانب توجد السلطة الوطنية الفلسطينية التي تقوم بعمل اتفاقيات تطبيع مع الاحتلال، وفي المقابل توجد حماس الرافضة تماماً للتطبيع مع الاحتلال بكافة أشكاله.[113]

المبحث الثاني  ” أثر التطبيع على الأمن القومي للدول المُطبعة “

١- أثر التطبيع على الأمن القومي للدول المُطبعة:

إن أثر التطبيع على الأمن القومي للدول المُطبعة يرتبط برؤى النخب الحاكمة التي تتصور أن التطبيع مع إسرائيل سيكون له مردود إيجابي على أمنها بمعنى أن إسرائيل قد تشكل حماية لها ضد التهديدات التي تواجهها، أو داعمة لها في قضايا معينة، مثل المغرب وأن تكون إسرائيل داعمة لها ولو كان دعمها غير مباشر، ولكي تزودها إسرائيل بأسلحة متقدمة وتدعمها في مواجهة الجزائر، ولكن في المجال السياسي لا يمكن توقع مسار إسرائيل في حالة أصبح هناك علاقات طبيعية بين الدول العربية المطبعة والأطراف التي كانت تشكل تهديداً عندما تم اتخاذ قرار التطبيع، فعلي سبيل المثال الإمارات حالياً بلد مفتوح تماماً للسياحة الإسرائيلية والإقامة للإسرائيليين واستقبال الجاليات الإسرائيلية وغيرها من مظاهر الانفتاح، لكن على المدى المتوسط أو البعيد قد تتبع إسرائيل مخططات تضر بأمن هذه الدول.[114]

أي أن الأمر مرتبط بمدى تصور الدول العربية للكيان الإسرائيلي على أنه تهديد، فمن جانب المحللين العرب نجد أنهم يرون أن التطبيع سيزيد من انكشاف الدول العربية أمام إسرائيل ويضرب مصالحها وأمنها القومي، وفيه استنزاف لموارد الخليج العربي لصالح إسرائيل، وخلق مصالح متبادلة مع الطرف الإسرائيلي لجعل دول الخليج في وضع أضعف يجبرها على استمرار علاقاتها مع إسرائيل، لكن إلى أي مدى ترى تلك الدول إسرائيل كتهديد؟، فنجد أنهم يرونها كطرف إقليمي طبيعي يحقق له مصالح معينة فلا مانع من التعامل معه لتحقيق هذه المصالح، أي أنها لا تعد تهديداً بالنسبة للدول العربية المطبعة.[115]

مما سبق يمكن القول إن تأثير التطبيع على أمن الدول المُطبعة ينطوي على جانبين وهما المكاسب التي تعود عليهم من التطبيع كتأثير إيجابي، والخسائر التي يتعرضون لها كتأثير سلبي، وسيتم توضيح ذلك فيما يلي:

١– أثر التطبيع الإيجابي والسلبي على الدول العربية المطبعة:

– أثر التطبيع على الإمارات:

يمكن توضيح أثر التطبيع على الإمارات من خلال توضيح المكاسب التي حصلت عليها الإمارات من خلال التطبيع والتي تتمثل في ارتفاع الصادرات الإماراتية وفقاً لبيانات الأمم المتحدة في الفترة من ٢٠٢٠م و ٢٠٢١م من ١١٥ مليون دولار إلى٦٣٢ مليون دولار، بينما ارتفعت الصادرات الإسرائيلية السنوية من ٧٤ مليون دولار إلى ٣٨٤ مليون دولار، وكذلك استفادت الإمارات من توقيع أكثر من ٦٠ اتفاقية للتعاون الاستراتيجي بين الطرفين، والتعاون في مجالات الطيران والخدمات اللوجستية والطاقة المتجددة والأمن الغذائي وتحلية المياه والذكاء الاصطناعي وغيرها من المجالات المرتبطة بالثورة الصناعية الرابعة.[116]

وعلى الجانب الآخر نرى أن الإمارات تتعرض لخسائر تتمثل في زيادة توتر العلاقات مع إيران كدولة جوار لها مما يشكل تهديداً عسكرياً وأمنياً كبيراً لها، بالإضافة إلى أنه في فترة التطبيع كان الطرف الإسرائيلي يعاني من بطء في العملية الاقتصادية بسبب انتشار فيروس كورونا فكان ينظر إلى الإمارات بشيء من الطمع في الاستفادة من أموالها ومواردها اقتصادياً، أي أن مواردها معرضة للاستنزاف من قبل الطرف الإسرائيلي.[117]

– تأثير التطبيع على البحرين:

تتمثل المكاسب التي تعود على البحرين من التطبيع في استفادتها في المجال الأمني والعسكري بشكل واضح حيث تم توقيع مذكرة تفاهم بين الطرفين تعمل على تعزيز التنسيق بين البلدين، وتم التعاون بين الطرفين في مجال الصناعات الدفاعية وتوقيع اتفاقيات مرتبطة بذلك تشمل الاستخبارات والمشتريات والتدريب المشترك، وكذلك من الناحية الاقتصادية استفادت البحرين من خلال توقيع اتفاقيات متعددة في المجال الاقتصادي بين الدولتين وبالأخص في مجال التبادل التكنولوجي والتقني. ولكن في المقابل نرى أن البحرين تتعرض لخسائر من التطبيع تتمثل في تهديد شرعية الحكومة البحرينية حيث أن البحرين تضم شعباً داعماً بشكل كبير لفلسطين والقضية الفلسطينية وبالأخص مؤسسات المجتمع المدني بها.[118]

– تأثير التطبيع على المغرب:

تتمثل أهم المكاسب التي حصلت عليها المغرب من التطبيع في أن المغرب بالفعل كان لديها علاقات تاريخية قوية مع إسرائيل وما كان التطبيع إلا إعطاء تلك العلاقات الطابع الرسمي، حيث تصل قيمة التبادل التجاري السنوي بينهما ٣٠ مليون دولار تقريباً، بالإضافة إلى التعاون في المجال الأمني والعسكري قبل التطبيع وبعده حيث قامت إسرائيل بمساعدة المغرب في الحصول على معلومات استخباراتية وأسلحة. وكذلك كان هناك بعض المكاسب على المستوى السياسي أيضاً تتمثل في تدعيم دورها إقليمياً في المنطقة العربية، فإلى جانب أن المغرب تلعب دوراً سياسياً هاماً في المنطقة العربية ومع الدول الأوروبية والولايات المتحدة لما تربطهم من مصالح، فأيضاً إسرائيل لها نفوذ سياسي عالمي يمكن أن تستثمره المغرب في خلق رأي عام إقليمي ودولي داعم للحكومة المغربية وداعم للعبها دوراً ريادياً في منطقة الشرق الأوسط.[119]

ولكن في المقابل نجد أن خسائر المغرب تتمثل في التواجد الإسرائيلي في المغرب الذي يهدد أمنها القومي حيث أن إسرائيل سيكون لها تأثير مباشر في صياغة قراراتها الاستراتيجية وسياساتها الخارجية، وذلك بشكل لا يخدم مصالح المنطقة العربية، وكذلك يعمل على زيادة الصراع بين المغرب والجزائر، بالإضافة إلى حدوث انقسام مجتمعي في المغرب ما بين المؤيدين للتطبيع والرافضين له.[120]

– تأثير التطبيع على السودان:

تعد من أهم مكاسب السودان التي حصلت عليها من خلال التطبيع مع إسرائيل هي أنه تم رفعها من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولكن في المقابل هناك العديد من الخسائر التي تتعرض لها السودان من التطبيع مع إسرائيل والتي تتمثل في أن التطبيع قد يؤدي إلى إحداث انقسامات في المشهد السياسي السوداني حيث أن الأحزاب السياسية المعارضة للتطبيع قد تشكل معارضة وقوة مضادة للحكومة الانتقالية الموجودة حالياً في السودان وتسعى لإسقاطها واستبدالها بحكومة أخرى تركز على حل الأزمات الاقتصادية وإعادة هيكلة المؤسسات المدنية والعسكرية المتوارثة من النظام السابق والعمل على تهيئة بيئة سياسية لإحداث تحول ديمقراطي حقيقي في السودان، بالإضافة إلى أن التطبيع لم ينهي أزمات السودان بالفعل، بل كانت المصلحة الأكبر للطرف الإسرائيلي حيث أن الهدف من وراء تطبيعها مع السودان هو بحثها عن مصالحها في البحر الأحمر ومنابع نهر النيل.[121]

٢- العلاقات العربية الإسرائيلية وأثرها على الدول المطبعة:

وفقاً لدراسة كمية قام بها أحد الباحثين في مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات اعتماداً على مجموعة من المؤشرات الهامة التي توضح أن العلاقات العربية الإسرائيلية بين الدول العربية وإسرائيل التي بدأت منذ التسعينيات وحتى عام ٢٠٢١م/ ٢٠٢٢م لا تؤثر بشكل كبير على الدول العربية سواء قبل التطبيع أو بعده، وتلك المؤشرات هي مؤشر الاستقرار السياسي الذي يعتمد على العديد من العوامل لقياسه، ومؤشر الديمقراطية، ومؤشر نسبة الإنفاق العسكري، ومؤشر الإنفاق على البحث العلمي، وذلك يتضح فيما يلي بالتركيز على الدول المطبعة بالأخص.[122]     بالنسبة لمؤشر الاستقرار السياسي نجد ان هناك تراجع في مستويات الاستقرار السياسي في البحرين كما يتضح في الشكل رقم (١)، والمغرب كما يتضح في الشكل رقم (٢)، والسودان كما يتضح في الشكل رقم (٣)، وتحسنه بنسبة بسيطة في الإمارات بعد التطبيع فقط كما يتضح في الشكل رقم (٤). وبالنسبة لمؤشر الديمقراطية نجد أن المغرب، والبحرين، والسودان بالأخص بعد الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم العسكري السودانية تراجعت فيها مؤشرات الديمقراطية، وتحسن الديمقراطية في الإمارات بعد التطبيق بنسبة ضئيلة كما هو موضح في الجدول رقم (١).[123]

بينما مؤشر الإنفاق العسكري وضح أن نسبة الإنفاق العسكري تراجعت في الإمارات والبحرين والسودان وزادت في المغرب بنسبة بسيطة كما يتضح في الجدول رقم (٢)، وبالنسبة للإنفاق على البحث العلمي نجد أن الدول العربية تراجعت في الترتيب العالمي من المرتبة ١٠٧ إلى المرتبة ١٠٣، وفي مجال الابتكار تراجعت مرتبتين من المرتبة ٨١ إلى مرتبة ٨٣. وتتضح نسبة إنفاقهم على البحث العلمي في عام ٢٠٢١م و٢٠٢٢م في الجدول رقم (٣).[124]

٢- السيناريوهات المستقبلية للتطبيع العربي الإسرائيلي:

في ظل الأثر السلبي للتطبيع الذي سبق ذكره سواء للأمن القومي العربي ككل وبالتحديد القضية الفلسطينية، وكذلك في إطار الأحداث الأخيرة في فلسطين منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣م واحتدام الصراع بين فلسطين وإسرائيل والممارسات اللاإنسانية من الجانب الإسرائيلي ضد فلسطين وأهلها بالأخص قطاع غزة يمكن تقسيم السيناريوهات المتوقعة وفقاً لعاملين الأول هو السيناريوهات المتوقعة تبعاً لمواقف الدول العربية ما بين الدول المُطبعة والراغبة في التطبيع والرافضة له، والثاني هو السيناريوهات المتوقعة تبعاً لمستقبل عملية التطبيع نفسها هل ستستمر أم تتعطل أم تنتهي، وذلك على النحو التالي:

أ- السيناريوهات المتوقعة تبعا لمواقف الدول العربية:

بالنسبة للدول التي طبعت بالفعل فلن يحدث تغيير فعلي في مسار عملية التطبيع، فهم في ظل الوضع الحالي لم يتخذوا أي قرار أو موقف لصالح فلسطين بل كان هدفهم الأساسي هو استمرار التطبيع لتحقيق مصالحهم، وبالنسبة للدول الراغبة في التطبيع سيتم تعطيل الإجراءات التي تتم في إطار تحقيق عملية التطبيع بين الطرفين إلى حين الانتهاء من حالة الحرب الحالية التي بدأت منذ عملية طوفان الأقصى في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣م، وقد يتم استكمال عملية التطبيع فيما بعد استقرار الأوضاع الحالية، وبالنسبة للدول الرافضة للتطبيع ستستمر في رفضها للتطبيع مع إسرائيل وخاصة بعد الأحداث الحالية في فلسطين، وكذلك انقلاب الرأي العام الداخلي في كل دولة عربية من شعبها، وكذلك الرأي العام الإقليمي في المنطقة العربية والرأي العام العالمي أيضاً.[125]

ب- السيناريوهات المتوقعة تبعاً لمستقبل عملية التطبيع:

١- السيناريو الأول: استمرار الوضع الحالي:

وفقاً لهذا السيناريو فإن الوضع الحالي للتطبيع سيستمر ولكن بدرجات متفاوتة، قد يزداد نشاطه في بعض الدول مثل الإمارات، وقد يحدث نوع من التباطؤ في حالات أخرى ولكنه لايزال مستمر وسيتزايد في مراحل لاحقة، وهذا هو السيناريو المرجح في ضوء المعطيات الموجودة حالياً في إطار دوافع الدول العربية وكذلك القيادات السياسية لتلك الدول العربية، وفي إطار التطورات الدولية والإقليمية، وحتى عند النظر في إطار السياسة الخارجية وتغيير القيادة السياسية في إسرائيل ووجود قيادة سياسية معتدلة فإن هذا الوضع يعزز من هذا السيناريو هو استمرار الوضع القائم للتطبيع واستمرار الأزمة في هذا السيناريو في إطار مدى التزام الجانب الإسرائيلي بتلك المفاوضات والحلول السلمية والاعتراف بالحقوق الفلسطينية، وخاصة أن التاريخ الإسرائيلي حافل بالقيام بمفاوضات وتقديم تنازلات معينة ولكن فيما بعد يحدث إخلال لتلك الاتفاقيات.[126]

أي أن هذا السيناريو لا يتوقع ازدهار التطبيع في المدى القصير، حيث أن المنهج السعودي في التطبيع يشترط أن الحكومة الحالية في إسرائيل تقبل بوجود دولة فلسطين، والحكومة الحالية في إسرائيل لا يمكن أن تقبل ذلك، وفي حالة تغيير نتنياهو وجاءت حكومة أكثر تعقلاً قد يحدث التطبيع السعودي وسيليه التطبيع مع الدول الأخرى دون أن يكون التطبيع شاملاً الجزائر وتونس وموريتانيا ولبنان لأن تلك الدول لا يمكن أن تطبع مع إسرائيل، ولكن هذا مشروط بتغير حكومة إسرائيل ومجيء حكومة أكثر تعقلاً لتقديم تنازلات في إطار القضية الفلسطينية لضمان حدوث التطبيع مع السعودية، بالإضافة لالتزامها بتلك التنازلات.[127]

٢- السيناريو الثاني: زيادة وتيرة التطبيع:

وفقاً لهذا السيناريو قد تزداد وتيرة التطبيع وتمتد لدول أخرى، وجعله تطبيعاً نشطاً، وهذا السيناريو هو السيناريو الأفضل لإسرائيل، وقد يكون الدافع له هو الخوف من زيادة التصعيد الإسرائيلي والأمريكي بالتالي ينشط التطبيع كنوع من التهدئة للجانب الإسرائيلي والأمريكي، أو محاولة لتهدئة الوضع الحالي وخاصة القضية الفلسطينية ومحاولة الوصول لحلول سلمية خاصة في حالة تغير القيادات الإسرائيلية وسياستها الخارجية وإن كان من الصعب تغيير السياسة الخارجية لدولة معينة.[128]

٣- السيناريو الثالث: تجميد أو سحب اتفاقيات التطبيع:

هذا السيناريو احتمالاته محدودة وهو في صالح الجانب العربي، وهذا السيناريو يرتبط بزيادة حدة التصعيد الإسرائيلي وزيادة الخسائر على الجانب الفلسطيني، وما قد يزيد من احتمالية تحقيق هذا السيناريو هو حدوث تغيير في قيادات الدول العربية وتغيير السياسة الخارجية لتلك الدول سواء القيادات الرسمية أو القيادات الفعلية سواء كان ذلك في إطار طبيعي أو ظروف استثنائية، وهذا قد يدفع لإعادة النظر في قضية التطبيع مع إسرائيل.[129]

نتائج الفصل:

مما سبق عرضه في هذا الفصل يمكن استنتاج أن التطبيع يشكل تهديداً للمنطقة العربية ككل لما يسببه من مخاطر مختلفة سواء سياسية تتمثل في الانقسامات بين الدول العربية وبعضها البعض تبعاً لمواقفها من التطبيع، والمخاطر العسكرية والأمنية الناتجة عن التغلغل الإسرائيلي في الداخل العربي من خلال الدول المُطبعة، إلى جانب المخاطر الاقتصادية المتمثلة في سعي إسرائيل لاستنزاف موارد المنطقة العربية وثرواتها واستغلالها لخدمة أهدافها الاقتصادية وتسويق منتجاتها، وكذلك المخاطر الثقافية والفكرية التي تتمثل في التأثير على فكرة العروبة والعداء التاريخي للطرف الإسرائيلي. كما أن التطبيع له تأثير سلبي واضح على القضية الفلسطينية يمكن تلخيصه في تهميش القضية الفلسطينية والعمل على محوها من عقول الشعوب العربية.

وبالنسبة لأثر التطبيع على الدول العربية المُطبعة يمكن الاستنتاج أنه لا يمكن قصر هذا الأثر في الجوانب السلبية حيث أن هناك عدة مصالح تحصل عليها الدول العربية من تطبيعها مع إسرائيل، لكن في المقابل خسائر الدول العربية أكبر وأمنها القومي مهدد بشكل أكبر سواء من خلال خلق توترات ما بين تلك الدول ودول الجوار لها مثل المغرب والجزائر أو مصر والسودان، أو من خلال التغلغل في أراضي الدول العربية، وغيرها من الآثار السلبية، ومن هنا تم طرح بعض السيناريوهات الممكنة للتطبيع في ضوء هذا الأثر السلبي وكذلك الظروف الحالية في فلسطين والتي يعد من أكثرها ترجيحاً هو سيناريو استمرار الوضع القائم على ما هو عليه.

خاتمة الدراسة:

مما سبق عرضه في هذه الدراسة يمكن القول بأن التطبيع العربي الإسرائيلي هو تطبيع متعدد المجالات ما بين مجالات سياسية وأمنية، ومجالات اقتصادية، ومجالات أمنية وعسكرية، وكذلك مجالات تتم تحت مسمى مجالات القوى الناعمة مثل الإعلام والتكنولوجيا والمجالات الثقافية والاجتماعية، والدول العربية بالفعل قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في كل تلك المجالات ما عدا التطبيع الاجتماعي الذي يعد الهدف المنشود لإسرائيل.

وفيما يتعلق بدوافع الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل نجد أنها تعددت ما بين دوافع داخلية تختلف تبعاً لظروف كل دولة ومصالحها المنشودة من التطبيع، ودوافع خارجية متمثلة في دور الأطراف الخارجية في دعم عملية التطبيع العربي الإسرائيلي مثل دور المنظمات الدولية، وكذلك دور الدول العربية الأخرى في عمليات التطبيع العربي الإسرائيلي التي تمت بالفعل سواء من خلال لعب دور معين أو بشكل غير مباشر من خلال الترحيب بالتطبيع وتشجيع الدول المُطبعة على التطبيع، والدافع الخارجي الأبرز هو دور الولايات المتحدة الأمريكية في الضغط على الدول العربية للتطبيع. وفي المقابل تتعدد الدوافع الإسرائيلية تبعاً للفوائد التي ستعود عليها من كل دولة.

وبالنسبة لأثر عملية التطبيع نجد أنها ذات مخاطر متعددة على الأمن القومي العربي ككل سواء كانت مخاطر سياسية أو مخاطر أمنية وعسكرية أو مخاطر اقتصادية أو ثقافية وفكرية، ويؤثر التطبيع بالأخص على القضية الفلسطينية التي تعد قضية جامعة ومشتركة لدى كل الدول العربية، ويمتد هذا التأثير السلبي أيضاً للأمن القومي للدول المُطبعة حتى وإن عاد التطبيع عليها ببعض المكاسب لكن في مقابل ما تحصل عليه إسرائيل فهم لا يحصلون على مكاسب تذكر.

نتائج الدراسة:

من خلال ما سبق عرضه في هذه الدراسة يمكن التوصل إلى مجموعة من النتائج الهامة كما يلي:

– إن التطبيع العربي الإسرائيلي في مختلف المجالات التي تم ذكرها في اتفاقيات التطبيع بشكل علني لا يعني أنه لم تكن هناك علاقات تجمع بين الدول العربية وإسرائيل قبل التطبيع، حيث كان هناك علاقات في بعض من تلك المجالات قبل التطبيع، مثل البحرين ووجود علاقات دبلوماسية وسياسية وثقافية قبل عملية التطبيع، وكذلك الإمارات ووجود علاقات دبلوماسية وسياسية قبل التطبيع، وكذلك السودان والمغرب، وإن كانت تلك العلاقات تتم بشكل سري.

– إن التطبيع لا يحدث في إطار متكافئ بحيث يفرض كل طرف شروطه أياً كانت مجالات التطبيع، بال يتم فرض شروط ومعايير الطرف الإسرائيلي على الدول العربية وسيستقبلونها لأنه الطرف الأقوى من منظورهم.

– التطبيع عامة مقتصر على النخب الحاكمة لأن الشعوب العربية رافضة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وفيما يتعلق بالتطبيع الثقافي بالأخص كان في البداية مقتصراً على النخب بسبب رفض الشعب له، لكن بعد فترة وفي ظل الحكم الاستبدادي للنظم العربية لم تعد الشعوب العربية تقاطع هذا النوع من التطبيع.

– إن التطبيع الإعلامي بالتحديد هو أحد المجالات الأكثر قدرة على التأثير في الشعوب العربية تجاه مسألة التطبيع حيث تم اللجوء للتطبيع الإعلامي بسبب المشاكل التي يعاني منها الإعلام العربي من بطء الوصول للمعلومات ومصادرها غير الموثوقة وكذلك عدم وجود رسالة موحدة وواضحة، بالتالي الشعوب تلجأ لوسائل إعلام غربية للوصول للمعلومات وتلك الوسائل تكون منحازة للطرف الإسرائيلي بالفعل.

– تتعدد الدوافع الداخلية للدول العربية للتطبيع مع إسرائيل وفقاً لظروف وأهداف كل دولة، لكن هناك هدف خارجي يجمعهم وهو ضغط الولايات المتحدة الأمريكية، لأنه في ذلك الوقت كان دونالد ترامب هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، والذي أقدم على خطوات غير مألوفة في تأييد إسرائيل كالاعتراف بالقدس عاصمة لها، ونقل السفارة الأمريكية إليها، وضم الجولان لإسرائيل، وكان من ضمن الانحياز الصارخ لدونالد ترامب في طرف إسرائيل هو الضغط على الدول العربية لتطبع معها.

– وفيما يتعلق بدوافع إسرائيل نجد أنها إلى جانب السعي للهيمنة على الشرق الأوسط هناك عامل آخر يحكم رغبة إسرائيل في التطبيع مع الدول العربية وهو أنها تريد أن تكون جزء من محيطها، حيث أن إسرائيل قضت فترة طويلة كانت الدول العربية ليست فقط معادية لها ولكنها كذلك كانت تفرض عليها مقاطعة اقتصادية، وأي دولة عندما تقاطع اقتصادياً من محيطها المباشر فإنها بالتأكيد ستتضرر، وبالتالي إسرائيل منذ بدايتها وهي تسعى لكسر المقاطعة العربية لها، حيث أنه عندما تصبح هناك علاقات طبيعية بينها وبين هذه الدول فالمصلحة الاقتصادية لإسرائيل هي محدد أساسي للرغبة في التطبيع مع الدول العربية.

– وبالنسبة لأثر التطبيع على المنطقة العربية ككل نجد أنه وإن كان هناك تصور عند بعض الدول أن التطبيع مع إسرائيل سيكون له مردود إيجابي على أمنها، لكن في إطار حرص إسرائيل على أن يكون لها وجود ونفوذ في كل الدول العربية هذا قد يضر بأمنها في وقت من الأوقات، والمسألة تتوقف على مدى السماح لإسرائيل أن تكون مطلقة اليد في الدول العربية.

– وبالنسبة لتأثير التطبيع على القضية الفلسطينية فهو تأثير سلبي حيث لم يحدث أي تقدم حقيقي في القضية الفلسطينية منذ التطبيع، بالرغم من أن التطبيع كان يمكن أن يكون ورقة ضغط ضد إسرائيل في إطار إحداث تقدم للمسار الفلسطيني مقابل أن تحصل إسرائيل على مكاسبها وتحقق مصالحها التي تسعى لها من التطبيع، لكن ما يحدث هو العكس فالدول العربية تخلت عن القضية الفلسطينية على المستوى الرمزي وكذلك على المستوى الفعلي فهم يُلحقون الضرر بفلسطين من خلال حرمانها من التطبيع كورقة ضغط ضد إسرائيل، بل وتم إعطاء إسرائيل مكاسب متعددة دون أن تقدم أي تنازلات.

قائمة المراجع

المراجع باللغة العربية:

١الكتب:

  • حسين محمد الجبوري، منهجية البحث العلمي مدخل لبناء المهارات البحثية، عمان: دار صفاء، ٢٠١١.
  • سهيل رزق دياب، مناهج البحث العلمي، فلسطين: مركز التطوير التربوي بوكالة الغوث سابقاً، ٢٠٠٣.
  • عبود العسكري، منهجية البحث العلمي في العلوم الانسانية، سورية: دار النمير، ٢٠٠٤.
  • عبد الوهاب المسيري، مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي، دمشق: دار الفكر، ٢٠٠٢.
  • محسن معوض، الاستراتيجية الاسرائيلية لتطبيع العلاقات مع البلاد العربية، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ١٩٨٨.
  • مروان عبد الحميد، أسس البحث العلمي في إعداد الرسائل الجامعية، الأردن: مؤسسة الوراق، ٢٠٠٠. 

٢- الرسائل العلمية:

  • أحمد بن علي العسيري، الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية وانعكاساتها على الأمن العربي، (رسالة ماجستير، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية: كلية العلوم الاستراتيجية، ٢٠١٤).
  • المعتصم بالله أحمد، التطبيع وأثره على الأمن القومي العربي: القضية الفلسطينية حالة دراسية، (رسالة دكتوراه، جامعة مؤتة: كلية الدراسات العليا، ٢٠٢١).
  • أبو بكر طواهرية، التطبيع مع الكيان الصهيوني: دراسة في فتاوي معاصرة، (رسالة ماجستير، جامعة الشهيد حمة لخضر: معهد العلوم الإسلامية، ٢٠٢١).
  • بوحنيكة زين الدين، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاة إفريقيا: المملكة المغربية نموذجاً، (رسالة ماجستير، جامعة محمد الصديق: كلية الحقوق والعلوم السياسية، ٢٠٢١).
  • سماتي أم الخير، وشابي سارة، المعالجة الإعلامية لقضية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي: دراسة تحليلية لعينة من جريدة الشرق اليومي الجزائرية، (رسالة ماجستير، جامعة محمد خيضر بسكرة: كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، ٢٠٢٠).
  • سليمة خيضاوي، المعالجة الإعلامية للتطبيع العربي الإسرائيلي من خلال الصحافة العربية الإلكترونية: جريدة القدس الإخبارية نموذجاً، (رسالة ماجستير، جامعة العقيد أحمد دراية: كلية العلوم الانسانية والاجتماعية والعلوم الاسلامية، ٢٠٢٠).
  • علي طبيب، وتوفيق طرباق، المعالجة المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام: داعش، (رسالة ماجستير، جامعة العربي بن مهيدة: كلية العلوم الاجتماعية والانسانية، ٢٠١٤).
  • نادية سعد الزبيدي، مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتطبيع مع إسرائيل ١٩٩٣- ٢٠٢٠، (رسالة ماجستير، جامعة اليرموك: كلية الآداب، ٢٠٢١).
  • نظام محمود، مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتطبيع مع إسرائيل ١٩٩٣- ٢٠٢٠، (رسالة ماجستير، جامعة اليرموك: كلية الآداب، ٢٠٢١).
  • نجاة منزري، المعالجة الإعلامية لقضية التطبيع مع إسرائيل في قناة الجزيرة الإخبارية: دراسة وصفيةتحليلية لبرنامج فوق السلطة، (رسالة ماجستير، جامعة صالح بوبنيدر قسنطينة: كلية علوم الإعلام والاتصال السمعي والبصري، ٢٠٢١).
  • هاشم رشيد، العلاقات الدبلوماسية ودورها في تسوية الصراعات الدولية: التطبيع العربي الإسرائيلي نموذجاً، (رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأدني: معهد الدراسات العليا، ٢٠٢١).

٣المقالات العلمية:

٤- المقابلات العلمية:

  • مقابلة مع دكتور أحمد يوسف، استاذ العلوم السياسية في تخصص الصراع العربي الإسرائيلي، في مكتبه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، بتاريخ ٢٤ إبريل ٢٠٢٤.
  • مقابلة مع دكتور علي جلال، مدرس العلوم السياسية في تخصص العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، بمكتبه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، بتاريخ ١٥ إبريل ٢٠٢٤.
  • مقابلة علمية مع دكتور رانيا السباعي، مدرس العلوم السياسية في تخصص العلاقات الدولية، بمكتبها في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، بتاريخ ١٥ إبريل ٢٠٢٤.
  • مقابلة مع رؤية صامد الحسني، طالبة فلسطينية من قطاع غزة تدرس بالفرقة الثالثة بقسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، بتاريخ ٢٧ مايو ٢٠٢٤.
  • مقابلة مع عبد الرحمن مروان كوارع، طالب فلسطيني من قطاع غزة يدرس بالفرقة الثالثة بقسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، بتاريخ ٢٧ مايو ٢٠٢٤.

٥- المواقع الالكترونية:

  • بكر أبو بكر، ” التطبيع بين فكر الالغاء، وضرورة الاتصال “، مفوضية الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية، ٢٠١٨، متاح على:

https://fatehmedia.ps/index.php?action=show_art&ID=47010 ، تاريخ الدخول: ١٧ مارس ٢٠٢٤.

  • سيف الإسلام عيد، ” العلاقات العربية الإسرائيلية بعد الثورات العربية: الأبعاد والمحددات “، مركز أركان للدراسات والأبحاث والنشر، ٢٠١٩، متاح على:

https://www.researchgate.net/publication/337316546 ، تاريخ الدخول: ١٧ مارس ٢٠٢٤.

  • عمران الخطيب، ” التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي يتناقض مع الأمن القومي العربي “، المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا، ٢٠٢٠، متاح على: https://2u.pw/6nXoOVEz  ، تاريخ الدخول: ٢٠ مارس ٢٠٢٤.
  • فطيمة الأسود، “المنهج الكيفي في العلوم الاجتماعية: الفهم والتأويل”، Research gate، تاريخ النشر: فبراير ٢٠١٩، ص.٤، متاح على:

https://www.researchgate.net/publication/333201540_almnhj_alkyfy_fy_allwm_alajtmayt_alfhm_waltawyl  ، تاريخ الدخول: ١ مارس ٢٠٢٤.

  • وليد عبد الحي، ” دوافع التطبيع العربي مع إسرائيل بين المجتمع والدولة والنظام السياسي “، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، متاح على: https://2u.pw/gUqTCB0i ، تاريخ الدخول: ١٠ إبريل ٢٠٢٣.
  • فريق الإعداد، ” التطبيع العربي الإسرائيلي “، الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، ١٠ إبريل ٢٠٢٤، متاح على: https://apa-inter.com/post.php?id=5503 ، تاريخ الدخول: ١٥ إبريل ٢٠٢٤.

English References:

1Documents:

  • ABRAHAM ACCORDS PEACE AGREEMENT: TREATY OF PEACE, DIPLOMATIC RELATIONS AND FULL NORMALIZATION BETWEEN THE UNITED ARAB EMIRATES AND THE STATE OF ISRAEL, 13 Aug, 2020.
  • ABRAHAM ACCORDS: DECLARATION OF PEACE, COOPERATION, AND CONSTRUCTIVE DIPLOMATIC AND FRIENDLY RELATIONS, 15 September 2020.
  • JOINT DECLARATION The Kingdom of Morocco, the United States ofAmerica and the State of Israel, 10 Dec, 2020.

2Books:

  • Hussain, Nazir, The Role of Media in National Security: A Case Study of 1998 Nuclear Explosions by pakistan, London: South Asian Strategic Stability Inistitute, 2008.

3-Reports:

  • El kurd, Dana, The Dangers of Arab Normalization with Israel, Arab Center: Washington Dc, 2017.
  • Koplow, Michael, and others, Arab- Israeli Normalization and the Israeli palestinian conflict, Israel Policy Forum, 2021.
  • Vakil, Sanam and Quilliam, Neil, The Abraham Accords and Israel–UAE normalization Shaping a new Middle East, CHATHAM HOUSE, 2023.
  • Novik, Nimrod, and others, Critical Neighbors Egypt, Jordan and the Israeli- Palestinian Arena, Israel Policy Forum, 2022.
  • Gottesman, Evan, Situation Normal: The Normalizing Arab States and The May 2021 Israel- Hamas War, Israel Policy Forum, 2021.
  • Efron, Shira, Leveraging The Prospect of Israel- Saudi Normalization to Advance Israeli- Palestinian peogress, Israel Policy Forum, 2023.
  • Touboul, Celine, NAVIGATING NORMALIZATION: The Saudi Arabia, and The Israeil- Palestinian Arena, Israel Policy Forum, 2023, p.7.

4Articles:

  • Andrade, Pedro, ” How to improve the validity and reliability of a case study approach”, Journal of Innter disciplinary Studies in Education, 9, 2020.
  • Asseburg, Muriel and Henkel, Sarah Ch, ” Normalisation and Realignment in the Middle East “, Stifung wissenschaft und politik, 45, 2020.
  • C navari, ” Hans Morgenthau and national interest”, Cambridge university press, 30, 2016.
  • David R. Segal, “National Security and Democracy in the United States”, ARMED FORCES AND SOCIETY, 20, 1994.
  • El kurd, Dana, ” The Paradox of Peace: The Impact of Normalization with Israel on the Arab World “, University of Richmond press,3, 2023.
  • Iran, oded, ” Normalization between israel and arab stares: Is the idea still viable? “, INSS INSIHTS, Vol, 302, 2021.
  • MULKI, HALA, and ERELI, JOKHAN, ” THE UAE-ISRAEL NORMALIZATION: POLITICAL AND SOCIAL IMPLICATIONS “, Center of middle Eastern studies, vol.261, pp. 2021.
  • Petra, Dachtler, ” From New to Normal: Two Years after the Abraham Accords “, SSOAR, Vol. 5, 2021.
  • Rabbani, Mouin, ” The Palestinians and Arab normalization of Greater Israel “, Arab Reform Initiative,

[1] بكر أبو بكر، ” التطبيع بين فكر الالغاء، وضرورة الاتصال “، مفوضية الإعلام والثقافة والتعبئة الفكرية، ٢٠١٨، متاح على:  https://fatehmedia.ps/index.php?action=show_art&ID=47010 ، تاريخ الدخول: ١٧ مارس ٢٠٢٤.

[2] محسن معوض، الاستراتيجية الاسرائيلية لتطبيع العلاقات مع البلاد العربية، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، ١٩٨٨، ص ١٢.

[3] سيف الإسلام عيد، ” العلاقات العربية الإسرائيلية بعد الثورات العربية: الأبعاد والمحددات “، مركز أركان للدراسات والأبحاث والنشر، ٢٠١٩، متاح على: https://www.researchgate.net/publication/337316546 ، تاريخ الدخول: ١٧ مارس ٢٠٢٤.

[4] عبد الوهاب المسيري، مقدمة لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي، دمشق: دار الفكر، ٢٠٠٢، ص ص. ٨، ٩، ١٩٤.

[5] حسن نافعة، ” مستقبل النظام العربي في ظل تعاقب موجات التطبيع مع إسرائيل “، مجلة شؤون فلسطينية في القدس، ع ٢٨١، ٢٠٢٠م، ص ص. ٨- ١٧، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1143780 .

[6] مرعي علي الرمحي، ” واقع عملية التطبيع السياسي الإسرائيلي على مفهوم الامن القومي: دراسة تحليلية معاصرة “، مجلة العلوم السياسية والقانون، ع ٣٧، ٢٠٢٣، ص.ص. ١٩٢- ٢١٢، متاح على: https://democraticac.de/?p=92086 .

[7] أحمد بن علي العسيري، الاستراتيجية الأمنية الإسرائيلية وانعكاساتها على الأمن العربي، (رسالة ماجستير، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية: كلية العلوم الاستراتيجية، ٢٠١٤)، ص.٢٠؛ محمد أحمد شعيب، ” التطبيع مع إسرائيل وأثره على المنطقة العربية، مجلة العلوم الاقتصادية والسياسية، ع ٧، ٢٠١٦، ص. ص. ٢٤٦- ٢٦٦، متاح على:

https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/765749 .

[8] عمران الخطيب، ” التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي يتناقض مع الأمن القومي العربي “، المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا، ٢٠٢٠، متاح على:  https://2u.pw/6nXoOVEz  ، تاريخ الدخول: ٢٠ مارس ٢٠٢٤.

[9] زياد ماجد، ” التطبيع وتكريس الاستبداد العربي “، مجلة الدراسات الفلسطينية، ع ١٦٣، ٢٠٢٣، ص ص. ٢٢، ٢٣، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1415429 .

[10] توفيق المديني، ” المغرب العربي والتطبيع “، مركز الدراسات الاستراتيجية، ع ٥٥، ١٩٩٦، ص. ١١، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/638938 .

[11] غازي دحمان، ” اتفاقيات التطبيع بين العرب وإسرائيل: ظروفها وثمارها “، مجلة شؤون عربية، ع ١٨٤، ٢٠٢٠، ص. ٤١، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1178373 ؛

Novik, Nimrod, and others, Critical Neighbors Egypt, Jordan and the Israeli- Palestinian Arena, Israel Policy Forum, 2022, p.4; Gottesman, Evan, Situation Normal: The Normalizing Arab States and The May 2021 Israel- Hamas War, Israel Policy Forum, 2021, p p. 1- 7.

[12] احمد سعيد قاضي، ” التطبيع بتعريفاته المتعددة “، مجلة رُمان، ع ٨، ٢٠١٧، ص. ٢٠، متاح على: https://rommanmag.com/view/posts/postDetails?id=4603 .

[13] David R. Segal, “National Security and Democracy in the United States”, ARMED FORCES AND SOCIETY, Vol. 20, 1994, p. 381.

[14] C navari, ” Hans Morgenthau and national interest”, Cambridge university press, Vol. 30, 2016, pp.70, 71.

[15] Hussain, Nazir, The Role of Media in National Security: A Case Study of 1998 Nuclear Explosions by pakistan, London: South Asian Strategic Stability Inistitute, 2008, pp. 1408, 1409.

[16] المعتصم بالله أحمد، التطبيع وأثره على الأمن القومي العربي: القضية الفلسطينية حالة دراسية، (رسالة دكتوراه، جامعة مؤتة: كلية الدراسات العليا، ٢٠٢١)، ص. ١١، ١٢.

[17] المعتصم بالله أحمد، مرجع سبق ذكره، ص. ١٢، ١٣.

[18] مروان عبد الحميد، أسس البحث العلمي في إعداد الرسائل الجامعية، الأردن: مؤسسة الوراق، ٢٠٠٠، ص. ١٢٥.

[19] حسين محمد الجبوري، منهجية البحث العلمي مدخل لبناء المهارات البحثية، عمان: دار صفاء، ٢٠١١، ص. ١٧٩.

[20] عبود العسكري، منهجية البحث العلمي في العلوم الانسانية، سورية: دار النمير، ٢٠٠٤، ص. ٦٠.

[21] علي طبيب، وتوفيق طرباق، المعالجة المرتبطة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام: داعش، (رسالة ماجستير، جامعة العربي بن مهيدة: كلية العلوم الاجتماعية والانسانية، ٢٠١٤)، ص. ١١، ١٢.

[22] فطيمة الأسود، “المنهج الكيفي في العلوم الاجتماعية: الفهم والتأويل”، Research gate، تاريخ النشر: فبراير ٢٠١٩، ص.٤، متاح على: https://www.researchgate.net/publication/333201540_almnhj_alkyfy_fy_allwm_alajtmayt_alfhm_waltawyl  ، تاريخ الدخول: ١ مارس ٢٠٢٤.

[23] سهيل رزق دياب، مناهج البحث العلمي، فلسطين: مركز التطوير التربوي بوكالة الغوث سابقاً، ٢٠٠٣، ص. ٥٥.

[24] Andrade, Pedro, ” How to improve the validity and reliability of a case study approach”, Journal of Innter disciplinary Studies in Education, Vol. 9, 2020, pp. 264- 267.

[25] سهيل رزق دياب، مرجع سبق ذكره، ص. ٥٥.

[26] بوسكران فاطمة، وعبد الصادوق أسماء، ” مقاومة التطبيع وتداعياته على الأمن القومي الجزائري “، مجلة الدراسات الاستراتيجية والبحوث السياسية، ع ٢، ٢٠٢٢، ص. ٧٢، متاح على: https://www.asjp.cerist.dz/en/article/208982 ؛ محمد أحمد شعيب، مرجع سبق ذكره، ص ص. ٢٨٥، ٢٨٦.

[27] نجاة منزري، المعالجة الإعلامية لقضية التطبيع مع إسرائيل في قناة الجزيرة الإخبارية: دراسة وصفية تحليلية لبرنامج فوق السلطة، (رسالة ماجستير، جامعة صالح بوبنيدر قسنطينة: كلية علوم الإعلام والاتصال السمعي والبصري، ٢٠٢١)، ص ص. ٥٩- ٦١.

[28] سليمة خيضاوي، المعالجة الإعلامية للتطبيع العربي الإسرائيلي من خلال الصحافة العربية الإلكترونية: جريدة القدس الإخبارية نموذجاً، (رسالة ماجستير، جامعة العقيد أحمد دراية: كلية العلوم الانسانية والاجتماعية والعلوم الاسلامية، ٢٠٢٠)، ص ص. ٤٧، ٤٨؛

Iran, oded, ” Normalization between israel and arab stares: Is the idea still viable? “, INSS INSIHTS, Vol, 302, 2021, pp. 1.

[29] نظام محمود، مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتطبيع مع إسرائيل ١٩٩٣- ٢٠٢٠، (رسالة ماجستير، جامعة اليرموك: كلية الآداب، ٢٠٢١)، ص. ٣٦.

[30] هاشم رشيد، العلاقات الدبلوماسية ودورها في تسوية الصراعات الدولية: التطبيع العربي الإسرائيلي نموذجاً، (رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأدني: معهد الدراسات العليا، ٢٠٢١)، ص. ٤٢.

[31] المرجع السابق، ص. ٤٢.

[32] نجاة منزري، مرجع سبق ذكره، ص. ٦٨؛ أحمد جلال، ” أبعاد التحالف الإماراتي البحريني مع إسرائيل وأثره على الأمن الإقليمي العربي “، مجلة كلية السياسة والاقتصاد بجامعة السويس، ع ١، ٢٠٢١، ص. ٣٨، متاح على:

https://jces.journals.ekb.eg/?_action=article&au=366474&_au=%D8%A7%D8%AD%D9%85%D8%AF++%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84+%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF+%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D9%87 .

[33] أبو بكر طواهرية، التطبيع مع الكيان الصهيوني: دراسة في فتاوي معاصرة، (رسالة ماجستير، جامعة الشهيد حمة لخضر: معهد العلوم الإسلامية، ٢٠٢١)، ص ص. ٢٨- ٣٠.

[34] بوسكران فاطمة، وعبد الصادوق أسماء، مرجع سبق ذكره، ص. ٧٢.

[35] سليمة خيضاوي، مرجع سبق ذكره، ص. ٥١.

[36] سماتي أم الخير، وشابي سارة، المعالجة الإعلامية لقضية التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي: دراسة تحليلية لعينة من جريدة الشرق اليومي الجزائرية، (رسالة ماجستير، جامعة محمد خيضر بسكرة: كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، ٢٠٢٠)، ص. ٤٤.

[37] سليمة خيضاوي، مرجع سبق ذكره، ص. ٥٢.

[38] سعودي أحمد، ” التطبيع مع الكيان الصهيوني آلياته وطرق مواجهته “، مجلة المحترف، ع ٢، ٢٠٢٢، ص. ٣٢٧، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1298212 .

[39] محمود حلمي، ” تطور العلاقات العربية الإسرائيلية وتداعياتها على القضية الفلسطينية ٢٠١٧- ٢٠٢٢: اتفاقيات ابراهام نموذجاً “، مجلة ابن خلدون للدراسات والأبحاث، ع ١٢، ٢٠٢٢، ص ص. ٤٣٥- ٤٣٧، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1312526 ؛

Asseburg, Muriel and  Henkel, Sarah Ch, ” Normalisation and Realignment in the Middle East “, Stifung wissenschaft und politik, vol. 45, 2020, pp. 2, 3; Vakil, Sanam  and Quilliam, Neil, The Abraham Accords and Israel–UAE normalization Shaping a new Middle East, CHATHAM HOUSE, 2023, pp. 7- 14.

[40] صورية تريمة، ” مسارات التطبيع العربي- الإسرائيلي.. من كامب ديفيد إلي اتفاق ابراهام “، مجلة مدارات سياسية، ع ٢، ٢٠٢١، ص. ٢٣٠، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1431459 .

[41] صورية تريمة، مرجع سبق ذكره، ص. ٢٣٠؛

Koplow, Michael, and others, Arab- Israeli Normalization and the Israeli palestinian conflict, Israel Policy Forum, 2021, pp. 20- 26.

[42] المرجع السابق، ص. ٢٣١.

[43] صورية تريمة، مرجع سبق ذكره، ص. ٢٣١.

[44] عبد الكريم بن الدخيلي، ” التطبيع العربي الإسرائيلي من كامب دايفد إلي ابراهام: المسارات والتداعيات “، مجلة المستقبل العربي، ع ٥٢٤، ٢٠٢٢، ص. ٢٣، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1320095 .

[45] نادية سعد الزبيدي، مجلس التعاون لدول الخليج العربية والتطبيع مع إسرائيل ١٩٩٣- ٢٠٢٠، (رسالة ماجستير، جامعة اليرموك: كلية الآداب، ٢٠٢١)، ص ص. ١٠٤- ١٣٤، أحمد جلال، مرجع سبق ذكره، ص ص. ٣١- ٣٧؛

ABRAHAM ACCORDS PEACE AGREEMENT: TREATY OF PEACE, DIPLOMATIC RELATIONS AND FULL NORMALIZATION BETWEEN THE UNITED ARAB EMIRATES AND THE STATE OF ISRAEL, 13 Aug, 2020, pp. 1- 7.

[46] نادية سعد الزبيدي، مرجع سبق ذكره، ص ص. ١٠٤- ١٣٤.

[47] المرجع السابق، ص ص. ١٠٤- ١٣٤؛

ABRAHAM ACCORDS: DECLARATION OF PEACE, COOPERATION, AND CONSTRUCTIVE DIPLOMATIC AND FRIENDLY RELATIONS,  15 September 2020, p. 1.

[48] رضي الموسوي، ” تبعات اتفاقيات التطبيع الجديدة على القضية الفلسطينية ومجلس التعاون الخليجي “، مجلة المستقبل العربي، ع ٥٣١، ٢٠٢٣، ص.١٧، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1377503 .

[49]  محمود حلمي، مرجع سبق ذكره، ص. ٤٣٧؛

JOINT DECLARATION The Kingdom of Morocco, the United States ofAmerica and the State of Israel, 10 Dec, 2020, pp. 1, 2.

[50] محمود حلمي، مرجع سبق ذكره، ص. ٤٣٨.

[51] مقابلة مع دكتور أحمد يوسف، استاذ العلوم السياسية في تخصص الصراع العربي الإسرائيلي، في مكتبه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، بتاريخ ٢٤ إبريل ٢٠٢٤م؛ ماجد صدام، ” جيوبولتيك التطبيع الإسرائيلي مع الدول العربية “، المجلة الدولية للعلوم الانسانية والاجتماعية، ع ٣٩، ٢٠٢٢، ص.١٠٤، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1332084 .

[52] مقابلة دكتور أحمد يوسف، مرجع سبق ذكره.

[53] Petra, Dachtler, ” From New to Normal: Two Years after the Abraham Accords “, SSOAR, Vol. 5, 2021, pp. 1-3.

[54] مقابلة مع دكتور أحمد يوسف، مرجع سبق ذكره.

[55] سعيد يقين، التطبيع بين المفهوم والممارسة: دراسة حالة التطبيع العربي الإسرائيلي، (رسالة ماجستير، جامعة بيرزيت: كلية الدراسات العليا، ٢٠٠٢)، ص ص. ٧١، ٧٢.

[56] المرجع السابق، ص. ٧٢.

[57] المرجع السابق، ص. ٧٣.

[58] سعيد يقين، مرجع سبق ذكره، ص. ٧٤.

[59] المرجع السابق، ص. ٧٤.

[60] سعيد يقين، مرجع سبق ذكره، ص ص. ٧٧، ٧٨.

[61] المرجع السابق، ص. ٧٨.

[62] سعيد يقين، مرجع سبق ذكره، ص. ٨١؛ هاشم رشيد، العلاقات الدبلوماسية ودورها في تسوية الصراعات الدولية: التطبيع الإسرائيلي العربي نموذجاً، (رسالة ماجستير، جامعة الشرق الأدنى: معهد الدراسات العليا، ٢٠٢١)، ص. ٥٠.

[63] المرجع السابق، ص. ٨٢.

[64] مقابلة مع دكتور علي جلال، مدرس العلوم السياسية في تخصص العلاقات الدولية والسياسة الخارجية، بمكتبه في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، بتاريخ ١٥ إبريل ٢٠٢٤.

[65] جمال زحالقة، ” التطبيع العربي والطريق إلي كانوسا: تل أبيب “، مجلة الدراسات الفلسطينية، ع ١٣٠، ٢٠٢٢، ص. ٢٣، متاح على: https://www.palestine-studies.org/sites/default/files/mdf-articles/018-031.pdf .

[66] المرجع السابق، ص. ٢٤؛ بوحنيكة زين الدين، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاة إفريقيا: المملكة المغربية نموذجاً، (رسالة ماجستير، جامعة محمد الصديق: كلية الحقوق والعلوم السياسية، ٢٠٢١)، ص. ٣٠.

[67] جمال زحالقة، مرجع سبق ذكره، ص ص. ٢٤، ٢٥.

[68] المرجع السابق، ص. ٢٦.

[69] جمال زحالقة، مرجع سبق ذكره، ص. ٢٧.

[70] المرجع السابق، ص.٢٧.

[71] المرجع السابق، ص. ٢٧.

[72] جمال زحالقة، مرجع سلق ذكره، ص. ٢٨.

[73] عبده مختار، ” جدل التطبيع مع إسرائيل والمأزق السوداني “، مجلة المستقبل العربي، ع ٥٠٦، ٢٠٢١، ص ص. ١٢- ١٦، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1176244 .

[74] المرجع السابق، ص ص. ١٤.

[75] المرجع السابق، ص. ١٦.

[76] ناصر بوعلام، ” التطبيع المغربي الإسرائيلي وتداعياته على قضية الصحراء الغربية والتوازنات الإقليمية في المنطقة المغاربية “، مجلة الباحث للدراسات الاكاديمية، ع ١، ٢٠٢٢، ص. ٢٨، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1267474 .

[77] المرجع السابق، ص. ٢٩.

[78] ناصر بوعلام، مرجع سبق ذكره، ص ص. ٣٢، ٣٣.

[79] عريب الرنتاوي، ” مسارات الهرولة نحو التطبيع شرعنة إسرائيل وشيطنة الفلسطينيين “، مجلة شؤون فلسطينية، ع ٢٨١، ٢٠٢٠، ص ص. ٣٩، ٤٠، متاح على: https://0810gkb9k-1106-y-https-search-mandumah-com.mplbci.ekb.eg/Record/1143901 .

Efron, Shira, Leveraging The Prospect of Israel- Saudi Normalization to Advance Israeli- Palestinian peogress, Israel Policy Forum, 2023, p.10.

[80] أحمد جلال، مرجع سبق ذكره، ص ص. ٤١، ٤٢.`

[81] عريب الرنتاوي، مرجع سبق ذكره، ص. ٤٠.

[82] المرجع السابق، ص. ٤١.

[83] إياد جبر، ” التطبيع برعاية المنظمات الدولية “، مجلة البيان، ع ٣٥٥، ٢٠١٦، ص ص. ٣١، ٣٢، متاح على: https://search.mandumah.com/MyResearch/Home?rurl=%2FRecord%2F773447 .

[84] أحمد جلال، مرجع سبق ذكره، ص. ٤٠.

[85] المرجع السابق، ص. ٤٠.

[86] المرجع السابق، ص. ٤١.

[87] أحمد جلال، مرجع سبق ذكره، ص. ٤٢.

[88] المرجع السابق، ص. ٤٢.

[89] أبو بكر طواهرية، مرجع سبق ذكره، ص. ٣٠.

[90] المرجع السابق، ص. ٣١.

[91] وديع عواودة، ” إسرائيل والسودان من المداولات والصفقات السرية إلي العلاقات العلنية “، مجلة قضايا اسرائيلية، ع ٨٠، ٢٠٢١، ص. ٤٦، متاح على: https://www.madarcenter.org/files/1433/—80/1727/———-.pdf .

[92] المرجع السابق، ص. ٤٧.

[93] وديع عواودة، مرجع سبق ذكره، ص. ٧٥.

[94] المرجع السابق، ص. ٧٥.

[95] وديع عواودي، مرجع سبق ذكره، ص. ٨٥.

[96] المرجع السابق، ص. ٩٥.

[97] مقابلة علمية مع دكتور رانيا السباعي، مدرس العلوم السياسية في تخصص العلاقات الدولية، بمكتبها في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، بتاريخ ١٥ إبريل ٢٠٢٤.

[98] المرجع السابق.

[99] مقابلة علمية مع دكتور رانيا السباعي، مرجع سبق ذكره.

[100] مرعي علي الرمحي، مرجع سبق ذكره، ص. ٢٠٥.

[101] المرجع السابق، ص. ٢٠٦.

[102] مرعي علي الرمحي، مرجع سبق ذكره، ص. ٢٠٦.

[103] المرجع السابق، ص. ٢٠٦.

[104] مرعي علي الرمحي، مرجع سبق ذكره، ص. ٢٠٧.

[105] المرجع السابق، ص. ٢٠٧.

[106] المرجع السابق، ص ص. ٢٠٧، ٢٠٨.

[107] بهاء الدين عبد ربه، ” تداعيات التطبيع العربي الإسرائيلي على القضية الفلسطينية في ظل الانقسام السياسي الفلسطيني “، مجلة ابن خلدون للدراسات والابحاث، ع ١، ٢٠٢١، ص ص. ٢١٦، ٢١٧، متاح على: https://www.benkjournal.com/article/view/536 .

[108] مقابلة علمية مع دكتور أحمد يوسف، مرجع سبق ذكره؛

Touboul, Celine, NAVIGATING NORMALIZATION: The Saudi Arabia, and The Israeil- Palestinian Arena, Israel Policy Forum, 2023, p.7.

[109] El kurd, Dana, The Dangers of Arab Normalization with Israel, Arab Center: Washington Dc, 2017, pp. 3, 4; Rabbani, Mouin, ” The Palestinians and Arab normalization of Greater Israel “, Arab Reform Initiative, 2021, pp. 4- 7.

[110] مقابلة مع دكتور أحمد يوسف، مرجع سبق ذكره.

[111] المرجع السابق.

[112] مقابلة مع رؤية صامد الحسيني، طالبة فلسطينية من قطاع غزة تدرس بالفرقة الثالثة بقسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، بتاريخ ٢٧ مايو ٢٠٢٤.

[113] مقابلة مع عبد الرحمن مروان كوارع، طالب فلسطيني من قطاع غزة يدرس بالفرقة الثالثة بقسم العلوم السياسية في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، بتاريخ ٢٧ مايو ٢٠٢٤.

[114] مقابلة علمية مع دكتور أحمد يوسف، مرجع سبق ذكره.

[115] مقابلة علمية مع دكتور على جلال، مرجع سبق ذكره.

[116] El kurd, Dana, ” The Paradox of Peace: The Impact of Normalization with Israel on the Arab World “, University of Richmond press, Vol.3, 2023, p. 8.

[117] MULKI, HALA, and  ERELI, JOKHAN, ” THE UAE-ISRAEL NORMALIZATION: POLITICAL AND SOCIAL IMPLICATIONS “, Center of middle Eastern studies, vol.261, pp. 2021, p. 4.

[118] فريق الإعداد، ” التطبيع العربي الإسرائيلي “، الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، ١٠ إبريل ٢٠٢٤، متاح على: https://apa-inter.com/post.php?id=5503  ، تاريخ الدخول: ١٥ إبريل ٢٠٢٤.

[119] المرجع السابق.

[120] فريق الإعداد، ” التطبيع العربي الإسرائيلي “، مرجع سبق ذكره.

[121] المرجع السابق.

[122] وليد عبد الحي، ” دوافع التطبيع العربي مع إسرائيل بين المجتمع والدولة والنظام السياسي “، مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، متاح على: https://2u.pw/gUqTCB0i ، تاريخ الدخول: ١٠ إبريل ٢٠٢٣.

[123] المرجع السابق.

[124] وليد عبد الحي، مرجع سبق ذكره.

[125] مقابلة علمية مع دكتور رانيا السباعي، مرجع سبق ذكره.

[126] مقابلة علمية مع دكتور علي جلال، مرجع سبق ذكره.

[127] مقابلة علمية مع دكتور أحمد يوسف، مرجع سبق ذكره.

[128] مقابلة علمية مع دكتور علي جلال، مرجع سبق ذكره.

[129] المرجع السابق.

5/5 - (3 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى