الاجتماعية والثقافيةالدراسات البحثية

الكتاب الرقمي والكتاب الورقي المميزات والرهانات

 اعداد : فاطمة لمحرحر – باحثة في الدراسات السياسية والعلاقات الدولية المعاصرة

كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية فاس
– المركز الديمقراطي العربي

 

 

مقدمة:

في ظل الثورة الرقمية التي يشهدها العالم تحول الكتاب من شكله الورقي إلى شكله الالكتروني، وانتشر انتشارا واسعا بين القراء والكتاب وخاصة مع ابتكار شاشات لهذه الكتب تضاهي الصفحات الورقية للكتب التقليدية. فصار بالإمكان قراءة محتويات الكتاب على جهاز الحاسوب، أو الأجهزة الكفية، أو باستخدام أجهزة مخصصة لذلك، مثل “أي فون” و”اندرو يد” وأجهزة “ماك”. لاشك أن  لكلا النوعين من الكتب سواء الكتاب الرقمي أو الورقي فائدته ودوره ومميزاته. إذ أنه وبعد قرون من سيطرته على مصادر المعرفة بات الكتاب المطبوع يواجه منافسة الكتاب الالكتروني المزود بتقنيات كثيرة.

حيث تنامت ظاهرة التدوين بشكل مكثف في السنوات الأخيرة بالموازاة مع التطورات التي طالت مجال التكنولوجيا الحديثة عموما وحقل “الانترنيت” على وجه الخصوص، وأضحت هذه المنابر تتطور بصورة متسارعة دخلت خلالها عالم المنافسة إلى جانب مختلف القنوات الفكرية والثقافية والإعلامية.

في ظل عصر العولمة بتنا نشهد إقبالا متزايدا من الكتاب على ما يعرف بالثقافة الالكترونية ومن الملاحظ أن عددا منهم تحول إلى النشر الالكتروني، حيث قام بعضهم بتأسيس صحف ومجالات الالكترونية، بينما وجد آخرون في الكتاب الالكتروني وسيلة جديدة لهم لنشر ما لا يمكنهم نشره في الكتاب الورقي. إن انتشار النشر الالكتروني اعتبره بعض الكتاب بأنه تهديد للنشر الورقي وبين مؤيد لهذا المنافس الجديد ومعارض له أثير جدل كبير في الأوساط الأدبية والفكرية كل لديه وجهة نظره التي يحاول الترويج لها، فغالبا ما يكون كتاب الورقيين، لاسيما الجيل القديم من الكتاب وأصحاب دور النشر من أشد المعارضين للنشر الرقمي. فيما الكتاب الرقميين، خصوصا الجيل الجديد الذين يجدون سهولة في التعامل مع التقنيات الحديثة من المدافعين عن الكتاب الرقمي.إذ أصبح النشر الالكتروني أداة فعالة وناجعة في نقل وإيصال المعلومات العلمية شكلا ومضمونا،ومن جهة أخرى كشفت أحدث الإحصائيات المتخصصة في صناعة النشر، أن القراء الذين قاموا بشراء كتاب واحد على الأقل خلال العام الماضي، يمتلكون جهازا الالكترونيا قارئا أو يخططون للامتلاك واحد العام المقبل. مما ينبئ حسب المراقبين، بهيمنة الكتب الالكترونية على مبيعات صناعة النشر الورقي خلال الأعوام المقبلة. مما فتح الأفاق للإيجاد بيئة تعليمية قادرة على تحقيق مقتضيات التميز والملاءمة مع متطلبات العصر الراهن، ومستجداته عبر الحرص على الاستعمال المسترشد لكل الخدمات التفاعلية المتاحة على الشبكة الرقمية، واعتماد المقاربات المنهجية الهادفة لمقاربة مختلف القضايا.

-من خلال ما سبقت الإشارة إليه يتبادر إلى ذهننا تساؤل أساسي، ماذا نعني بالقراءة الرقمية؟

وماهو تأثيرها على مستقبل الكتاب؟ وهل هناك علاقة تنافس أم تكامل بين الكتاب الورقي والكتاب الالكتروني؟ وسنحاول الإجابة على كل ذلك من خلال هذه الورقة في إطار المحورين التاليين:  

  • أولا: مميزات وعيوب الكتاب الالكتروني في مواجهة نظيره الورقي.
  • ثانيا: مستقيل الكتاب بين المطالعة الكلاسيكية وتطورات التقنية.

أولا: مميزات وعيوب الكتاب الالكتروني في مواجهة نظيره الورقي  

وجد الكتاب الالكتروني مع تطور الحواسب وأنظمتها وبرمجياتها المتقدمة، و انتشر مع بزوغ عصر الانترنيت حيث صار فضاء الشبكة العنكبوتية المجال الحيوي له…

حيث تقول موسوعة ويكيبيديا أن مشروع غوتنبرغ شكل لحظة البدء لصناعة الكتاب الالكتروني والذي قام به Michael Har في عام 1970. أما أولى النماذج للحاسوب المحمول “دايناوبوك” فقد وضعت شركة “بارك” في السبعينات كاقتراح لتمكين القراءة الالكترونية، لكن فكرة الكتاب الالكتروني بصيغته الحالية بدأت في أوائل التسعينات وأحد مبتكريها ” بوب ستاين” الذي وضع مقارنة بين الكتاب الورقي والكتاب الالكتروني، وأكد على تفوق مزايا القراءة على الشاشة، وواجه اعتراضات جمة في حينها، وفي الآونة الأخيرة كانت عمليات تخزين ونشر الوثائق الكترونيا تتطور بسرعة.

ومن خلال هذه النقطة سنتوقف عند أهم سمات الكتاب الالكتروني (أ)، بالإضافة لمناقشة كل ما يعيب هذا الأخير في مواجهة نظيره الورقي (ب).

أ: سمات الكتاب الرقمي التي تميزه عن الكتاب الورقي

في مؤتمر عقدته اليونسكو عام 1964 عرف الكتاب بأنه” مطبوع دوري يشتمل على 49 صفحة على الأقل، بخلاف صفحات الغلاف والعنوان”. وعلى أنه مجموعة من الأوراق المخطوطة والمثبتة معا لتكون مجلدا أو عددا من المجلدات بحيث تشكل وحدة ورقية”. كما قيل أن الكتاب في شكله التقليدي هو أي عمل مخطوط أو مطبوع لا يقل عدد صفحاته عن خمسين صفحة ويتكون من مجلد واحد أو أكثر سواء أكان ترقيم صفحات المجلدات متصلا أو غير متصل، ويمكن أن يتناول موضوعا واحدا أو عددا من الموضوعات المتجانسة والتي تجمعها خاصية واحدة أو أكثر ومن الممكن أن يصدر في طبعات متعددة وليس لها صفة الدورية.[1] أما الكتاب الالكتروني فهو كتاب يتم نشره بصورة الكترونية وتكون صفحاته مطابقة لمواصفات صفحات الويب ويمكن الحصول عليه بتحميله من موقع الناشر على الانترنيت، أو اقتنائه على شكل أسطوانة من الأسواق أو يرسل بالبريد الالكتروني من قبل الناشر.[2]

مثل كل ابتكار تقني جديد وظاهرة حضارية لافتة. نستطيع أن نشير الى مجموعة من المزايا التي يتمتع بها الكتاب الرقمي منها: سهولة نقله وتحميله على أجهزة متنوعة، وسهولة الوصول إلى محتوياته، وقراءته باستخدام الحاسوب أو أجهزة القراءة والهواتف المحمولة. بالإضافة لرخص ثمنه وتكاليف تخوينه و حمايته مقارنة مع الكتاب الورقي. وإمكانية ربطه بالمراجع العلمية وترجمته إلى لغات مختلفة باللجوء إلى الترجمة الفورية التي توفرها برامج خاصة، فضلا عن إمكانية تكبير الخط وحجم الكلمات وتغيير خط الكتاب.[3] ووضع علامات على الكتاب بمساعدة تقنيات وبرامج خاصة ومتطورة.

كذلك، الكتاب الالكتروني يمكن استنساخه في أعداد لا نهاية لها من الكتاب الواحد، فالكميات لا تنفذ. كما يستطيع هذا الكتاب عبور الحدود الجغرافية والسياسية، وتخطي تعقيدات الرقابة التي غالبا ما أعاقت عبور الكتاب الورقي،[4] فأنت لا تحتاج إلا لحظات لترسل كتابك إلى أقصى المسافات. وحين يحل الكتاب الرقمي محل الكتاب الورقي فهذا يعني التوقف عن انتاج ملايين كثيرة من أطنان الورق. مما يعني التقليل من قطع الأشجار ومن النفايات التي تخلفها استخدامات الورق، والمحافظة على البيئة ونظافتها.

ويوجد شكلين لتصميم الكتاب الالكتروني pdf format وRTF format :

بالنسبة ل pdf format هذا النوع مخصص للقراءة  على أجهزة الحواسب التقليدية والحاسوب المحمول وعادة يكون حجم خط النص كبير ليناسب جميع القراء وأن عدد سطور الصفحة يتراوح ما بين 9 و10 أسطر ويتم عرض الكتاب صفحة صفحة ومن الصعب إدخال أي تعديل على الكتاب من قبل القارئ.[5] أما RTF format فهو متعدد الاستخدام ويمكن قراءته بإحدى الطرق الآتية: إما باستخدام معالج النصوص world . أو قراءته على شاشة الحاسوب كأي برنامج يتم فتحه، وهذا النوع يسمح للقارئ بإدخال تعديلات على تصميم الكتاب وتنسيقه كالتعديل في نوعية الخط وحجمه ولونه وتغيير تباعد الأسطر ومساحة الهوامش وغيرها.

ب: عيوب الكتاب الالكتروني

أما أبرز الانتقادات التي توجه إلى الكتاب الالكتروني الموجهة من طرف مناصري الكتاب الورقي:

ضياع حقوق المؤلفين ودور النشر نتيجة التوزيع غير الشرعي لنسخ الكتاب الالكتروني، قراءة الكتاب الورقي أكثر راحة و غير مرتبط بتوفر جهاز حاسوب أو الاتصال مع الانترنيت. بالإضافة إلى أن الكتاب الورقي مرجع دائم ويمكن تخزينه لسنوات طويلة. في حين أن وسائل التخزين الالكترونية قد تتعرض للتلف كما أن وسائل التخزين الحالية قد لا تتوافق مع الأجهزة المستقبلية.[6] وعدم توفر الحواسب والقراءة الالكترونية لكل الناس والطبقات للارتفاع أسعارها كذلك ليست كل الكتب كل الكتب متاحة في صورة الالكترونية.

لازال الود مفقودا بين القراء والتقني على الرغم من تنوع أشكال معلومات الكتاب الالكتروني إلا أن الألفة بين القراء والكتب المطبوعة تشكل نصيب الأسد، كما أن النشر الالكتروني في حاجة إلى تقنية أكثر تقدما وراحة للقراء. غياب الكتاب الالكتروني وأجهزة قراءته عن أهم بيئات استخدامه كالجامعات والمدارس والمكتبات وهذا يؤثر سلبا على سرعة انتشاره. فكرة استخدام جهاز قارئ للكتاب الالكتروني في الأماكن العامة بسبب غياب الوعي بأهمية وطرق استخدامه، الحجم الكبير للكتاب يتطلب من المؤلف قضاء وقت أطول للإدخال بياناته إلى النظام، بالإضافة إلى قلة عدد العناوين من الكتب المتاحة الكترونيا.[7]

من العيوب التي تلتصق بالكتب الالكترونية ان الكتب الورقية أكثر تحملا للأضرار ( السقوط مثلا)، من جهاز قارئ الكتب الالكترونية الذي قد يفقد بعض البيانات. بالنسبة للخصوصية أن الكتب الالكترونية وبرمجياتها مراقبة استعمال بيانات المستخدم. وعن الكتب المصورة مثل كتب الأطفال، أو التي تحتوي على أشكال تكون مطالعتها أفضل في الكتب المطبوعة.

    ثانيا: مستقبل الكتاب بين المطالعة الكلاسيكية والتطورات التقنية

انشغل كثير من المثقفين في الآونة الأخيرة في المفاضلة بين الكتاب الالكتروني والكتاب الورقي، ومدى تأثير انتشار الحاسوب على اقبال الناس على الكتاب؟ وتبني بعض المثقفين نظرية أفول عصر الكتاب لصالح الكتاب، إذ يستطيع القارئ تخزين آلاف الكتب في جهاز حاسوب صغير، بينما يتبنى فريق آخر نظرية عدم الاستغناء عن الكتاب الورقي وانه ستبقى له مكانته لدى القراء وأن كثيرا من الناس يرون في الشكل الورقي تجسيدا لمضمونه.[8] وأن منهم من يجد متعة في أخذ الكتاب بين يديه وتقليب صفحاته وطي بعضها ووضع ملاحظاته عليها ووضع علامات هنا وهناك.

يحظى الكتاب الالكتروني برواج كبير عبر استخدامه وتزايد الطلب عليه، وتصفحه في الأجهزة اللوحية. كما ظهرت مواقع الكترونية متاحة للجميع من خلال شبكة الانترنيت والنجاح المتزايد لهذه الكتب ينعكس كجدال قائم بين القراء وأصحاب دور النشر حول تأثيرها على الكتاب التقليدي، ومن سيلغي الآخر في هذه العلاقة الجدلية وبين تكامل وتنافس جنبا إلى جنب مع سهولة الاقتناء الالكتروني. حيث يطرح سؤال أساسي عن علاقة الكتاب الالكتروني بالكتاب الورقي، هل هي علاقة تنافس أم تكامل؟ نظرا للأهمية التي يحتلها الكتاب في حياة الفرد. لذلك سنجيب عن هذا التساءل في نقطتين من هذا المحور. (أ) النشر الالكتروني والكتاب الورقي. و (ب) مصير الكتاب في العصر الرقمي

أ: النشر الالكتروني و الكتاب الورقي

لا شك أن العصر الحالي هو عصر التقنيات الرقمية في كل المجالات، فبواسطة تقنية واحدة يمكن التعامل مع مجالات مختلفة ومن ضمنها المجال المعرفي المتعلق بالخصوص بالكتاب.

للكتاب الرقمي مثله مثل أي كتاب، غير ان تنوع صيغه يجعل اعتماده مجال شك وتحذير من الباحثين، إذ يمكن تغيير معلومات  أي كتاب مهما كان، خاصة في الصيغ المفتوحة مثل المحررة بواسطة برمجيات كتابة النصوص. غير انه في هذه المرحلة الانتقالية نحتاج في مجال البحث العلمي الاعتماد على النسخ الرقمية في البحث والتقميش، ومراجعة النسخ الورقية خاصة في مجال النصوص الشرعية. كما أن رقمنة الكتب مسألة اجتماعية تهم الدول والحكومات، ففي مجال التراث العربي نجد الجهود الفردية التطوعية تفوق بكثير جهود الدول. وذلك، بظهور مؤسسات حكومية معتمدة يشتغل فيها التقنيون المتخصصون في الرقمنة إلى جوار علماء للإخراج كتب موثقة علمية.

التطور السريع في إنتاج الحواسب وظهور لوحات القراءة الرقمية بأنواعها المختلفة كان لا بد له من أن يترك آثره في عملية نشر الكتب. وقد دفع هذا كثيرا من الناشرين في الغرب إلى إضافة الإصدارات الرقمية إلى انتاجاتهم، حيث يحظى النمط الأخير بحصة ثلث مبيعات سوق الكتب في الولايات المتحدة الأمريكية وأكثر من النصف في أوروبا الغربية.[9] ومن المعلوم أن نشر الكتب في البلدان العربية يعاني مصاعب جمة، حيث تسود سوق الكتب الفوضى الشاملة للأسباب عديدة منها عدم توفر شركة توزيع وطنية أو عابرة للحدود، وغياب تطبيق قوانين الملكية الفكرية وضياع حقوق المؤلفين والناشرين بسبب أعمال القرصنة وغيرها من المشاكل.[10]  لاشك أن النشر الالكتروني يزداد بسرعة إذ يسمح توزيع المعلومات ونشرها بتكلفة بسيطة، ويجسد وسط اتصال فعال لا يمكن توفيره بسهولة في ظل التقنيات المعتمدة على الورق. تظهر اليوم بعض المصادر بالشكل الالكتروني الصرف على الانترنيت بعدة تسميات مثلا كتب الكترونية، دوريات أو رسائل جامعية الكترونية. ويمكن القول، أن الأهداف الأولى للنشر الالكتروني انحصرت في قدرة الشبكات على نقل الملفات النصية لخدمة الأغراض العسكرية ، وبعد مرور الوقت بدأت أهداف النشر الالكتروني تصل إلى المؤسسات الأكاديمية والعلمية.

خلال السنوات الأخيرة ارتفع عدد المواقع التي تقوم بدور مكتبات رقمية على شبكة الانترنيت أضعافا مضاعفة… سواء التي تقوم بعمليات بيع الكتاب الالكتروني أو تلك التي تعرض مجانا. ويلاحظ أن كلما ارتفع عدد مستخدمي الانترنيت كلما ازداد احتمال عدد القراء للكتب الرقمية. وفي خضم استمرار الجدل حول النشر الالكتروني و الورقي قد يتناسى البعض أن كل عصر يفرز أدواته. ونحن اليوم نعيش العصر الرقمي وبالتالي لابد من إفراز الكتابة الالكترونية، وفي المستقبل ربما ستظهر تقنيات أخرى متعلقة بالنشر قد لا نتوقعها.

ب:مصير الكتاب في العصر الرقمي

لا أحد يستطيع التكهن بمسارات تطور التقنيات بدقة كافية، على المديين المتوسط والبعيد لاسيما تلك المرتبطة بالرقمنة والمعلوماتية. فيما يتعلق بالكتاب ومستقبله يتفق معظم الناس بأن المؤلفين سيبقون يؤلفون الكتب سواء بشكلها الورقي او بصيغتها الرقمية. وأن لا بديل للغات البشرية كوسيط للتفكير وتدوين مخرجات المعارف والعلوم والخبرات البشرية، وستبقى الكتابة الإبداعية حاجة إنسانية.[11] ومازال الكتاب الورقي في ضوء التقنيات الحالية، أطول عمرا بما لا يقاس بالكتاب الالكتروني، لكننا لا نعرف احتمالات التقدم الذي يمكن أن يتحقق في مجالات صناعة الورق والصناعة التقليدية، وربما سيكون هناك في السنوات القادمة الكتاب الورقي- الالكتروني الذي تستطيع أن تربطه بالشبكة العنكنبوتية وان ترى صفحاته صورا متحركة. ويمكن أن يعيش الكتاب الورقي إلى جانب الكتاب الالكتروني طويلا بالاستناد إلى فرضية “امبرتو ايكو” التي مؤداها أنه في تاريخ الثقافة لم يحدث أن قام شيء ما بقتل شئ أخر، ولكن كان هناك شئ بغير بصورة جذرية شيئا أخر.[12] ولعل هذا المفكر من أكثر المتفائلين بشأ الكتاب الورقي…حيث يقول” ربما تحقق الكتب الالكترونية نجاحا كمصادر للبحث عن معلومات ما، شأنها في ذلك شأن المعاجم أو الوثائق.

ركز مهرجان الكتاب السويسري المعروف باسم”  أيام سولوتورن الأدبية” في دورته 31 على مستقبل القراءة وكيف سيطالع الإنسان الكتب في العام 2020. وقد تباينت أراء الإعلاميين وأصحاب دور النشر والأدباء المشاركين، فمنهم من يرى ان المستقبل سيكون للقراءة الرقمية، ومن يؤكد أن الطباعة لن تزول سيتواصل بقاءها. لكن الطرفين اتفقا على ان فلسفة القراءة ستتغير في السنوات القليلة المقبلة.[13] ويقول ميخائيل فوغلباخر صاحب إحدى دور النشر” أن التغييرات التي نشاهدها الآن في تحول عدد كبير من الصحف في الغرب من الطباعة الورقية إلى إصدارات رقمية على شبكة الانترنيت وانتشار ما يوصف بالكتاب المسموع، هي مؤشرات لا يمكن تجاهلها وإنما أولى مراحل تحول تاريخي يجب التفاعل معها. أما الأديب والمفكر السويسري “يوخين كيلتر فيقول أن هناك فرقا بين الموسوعات والدوريات العلمية والكتب الأدبية، تلك التي ستحافظ على إصداراتها المطبوعة لما لها من ارتباط معنوي مع القارئ. ووسط تلك الحجج والبراهين التي يسوقها كل طرف لتعزيز موقفه تطل الابتكارات التقنية لتفرض ما يراه البعض واقعا لا يمكن الفرار منه.

ينتمي الكتاب الالكتروني لمناخ حضاري جديد يتأكد مع ثورة الاتصالات والرقمنة، لذا يمكن الحديث عنه بمعزل عن البيئة التي وجد فيها، والمنظومة التقنية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي هي عنصر بنيانها. ومع ولوجنا عصر المعلوميات والثورة الرقمية بتنا نتحدث عن اقتصاد المعرفة وإدارة المعرفة والحكومة الالكترونية والحكومة الذكية ومدن المعرفة ومجتمع المعرفة وغيرها من المفاهيم التي دخلت حقلنا العلمي والثقافي لتوسع من نطاق فهمنا.حيث ارتفعت نسبة مساهمة المعلومات والمعارف في تكوين الدخل القومي والثروة بشكل كبير، وصار لها دور في خلق القيمة المضافة.[14] ويتفق هذا التوجه مع السعي الدائم من قبل جهات متعددة على التواصل المعرفي والثقافي ومن المعلوم أن الآلة التكنولوجية أصبحت وسيلة للوصول إلى أهداف التعليم والتثقيف والتجارة و غيرها.

خاتمة:

وأخيرا، يمكن القول أن الكتاب الالكتروني مهم جدا للاطلاع على الكتب التي صدرت في أماكن متفرقة في العالم، وكذلك الاطلاع على ثقافة الغير لمميزاته وسهولة توزيع فضله البعض. إلا أن الكتاب التقليدي يظل يساير الكتاب الالكتروني لان له جاذبية خاصة تكمن في لمسه وتصفحه واصطحابه.

إن المكتبات تشكل كيانا معرفيا وجزءا من البنية التحتية للإقامة مدن المعرفة مجتمع المعرفة في عالم    يتعولم فيه كل شيء.لذا فإن الخطوة الأولى للخروج من مأزقنا الوجودي الحضاري يبدأ بالاهتمام بالمكتبات وتشجيع التأليف وتطوير صناعة الكتب وإقامة المكتبات بصيغتها الورقية والالكترونية.

لائحة المراجع:

الكتاب المطبوع والكتاب الالكتروني، 2006،www.librarianlife86.blogspot.com  ،27 يناير 2016.

الكتاب الالكتروني ومستقبل الكتاب الورقي، البوابة العربية للأخبار التقنية،14 ديسمبر 2010،www.aitnews.com  ، 22 ديسمبر 2015.

لطيفة علي الكميشي،”الكتاب الالكتروني”،17 سبتمبر2011،  www.kenanaonline.com ، 27 يناير 2016.

سعيد محمد رحيم،” الكتاب الالكتروني والمكتبة الالكترونية ومجتمع المعرفة تحديات عصر العولمة وما بعد الحداثة”، الحوار المتمدن، www.m.ahewar.org

زياد منى، النشر الالكتروني ومستقبل الكتاب، الجزيرة نت،www.aljazeera.net ،2 فبراير 2016.

صلاح جرار، الكتاب الالكتروني والكتاب الورقي، وزارة الثقافة،المملكة الأردنية الهاشمية،2014.www.culture.gov  ، 26 دجنبر 2015.

تامر أبو العينين، مستقبل الكتاب بين المطالعة وتطورات تقنية، الجزيرة،23 ماي 2009،www.aljazeerz.ner ، 2 فبراير 2016.

1-الكتاب المطبوع والكتاب الالكتروني، 2006،www.librarianlife86.blogspot.com  ،27 يناير 2016.

-المرجع نفسه.[2]

2- الكتاب الالكتروني ومستقبل الكتاب الورقي، البوابة العربية للأخبار التقنية،14 ديسمبر 2010،www.aitnews.com  ، 22 ديسمبر 2015.

3- سعيد محمد رحيم،” الكتاب الالكتروني والمكتبة الالكترونية ومجتمع المعرفة تحديات عصر العولمة وما بعد الحداثة”، الحوار المتمدن، www.m.ahewar.org

4-لطيفة علي الكميشي،”الكتاب الالكتروني”،17 سبتمبر2011،  www.kenanaonline.com ، 27 يناير 2016.

– لطيفة علي الكميشي،”الكتاب الالكتروني”، مرجع سابق.[6]

– المرجع نفسه.[7]

1-صلاح جرار، الكتاب الالكتروني والكتاب الورقي، وزارة الثقافة،المملكة الأردنية الهاشمية،2014.www.culture.gov  ، 26 دجنبر 2015.

1-منى زياد ، النشر الالكتروني ومستقبل الكتاب، الجزيرة نت،www.aljazeera.net ،2 فبراير 2016.

– المرجع نفسه.[10]

– سعيد محمد رحيم،” الكتاب الالكتروني والمكتبة الالكترونية ومجتمع المعرفة تحديات عصر العولمة وما بعد الحداثة”،مرجع سابق.[11]

-المرجع نفسه.[12]

2-تامر أبو العينين، مستقبل الكتاب بين المطالعة وتطورات تقنية، الجزيرة،23 ماي 2009،www.aljazeerz.ner ، 2 فبراير 2016.

– سعيد محمد رحيم،” الكتاب الالكتروني والمكتبة الالكترونية ومجتمع المعرفة تحديات عصر العولمة وما بعد الحداثة”، مرجع سابق.[14]

تحريرا في 3-2017

2.9/5 - (14 صوت)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى