الأردن ومكافأة نهاية الخدمة للفاسدين..هل نبرئ من قتلوا مستقبل وطن وشعب!؟
بقلم :هشام الهبيشان – كاتب وناشط سياسي –الأردن
يتبادر إلى اذهان جميع المواطنين الأردنيين ،هذه الايام بعد أنقضاء عام أخر من مسيرة الدولة الأردنية ،التي فرغت خزائنها بجيوب الفاسدين والمفسدين ومن بصفهم ، يتبادر إلى أذهانهم قضايا الفساد التي قتلت غالبية الأردنيين وهم أحياء ،فالأردنيين تتوارد إلى خواطرهم مسلسلات الفساد والافساد ،ويتسألون بألم عن مصير أبطال هذه المسلسلات ،هل هم بنيويورك أم بلندن أم بباريس أم بروما أم بمنتجعات مضيق البسفور يمارسون طقوس شهواتهم القذرة على حساب مستقبل الأردنيين،فالاردنيون يتكلمون بألم ويتسألون عن مصير هؤلاء ،يتسألون عن ثرواتهم التي نهبت وبيعت ،يتسألون عن مستقبل ابنائهم وبناتهم الذين باتوا عالة عليهم ،بعد أن جرد الفاسدين والمفسدين الاردنيين من ثرواتهم ،ولم يعد الأردن قادرآ على توفير أدنى متطلبات الحياة الفضلى للشعب الأردني “فقر –بطالة –تهميش –جوع –أقصاء”تركه ثقيلة تركها الفاسدين للأردنيين ،ميراث ثقيل من مديونية مرتفعة ،يتحمل عبئها الان مئات الالاف من الشباب العاطلين عن العمل او يعملون بأجور زهيدة جدآ ،يتحمل أعبائها شعب يرزح ليل نهار تحت ظلم التوجيع الممنهج الذي فرضته سياسة الافساد والفساد بهذا البلد .
وهنا لا اعرف إلى أي مدى سيبقى يتعامى النظام الاردني عن رؤية حقيقة الازمة التي يعيشها الشعب ألاردني بهذه المرحلة ؟!،فقر ،بطالة، فساد ،غياب لكل مفاهيم العدالة ،توريث مناصب ،تجويع وافقار ممنهج ،وو..الخ ،فأزمات الأردن وشعبه اليوم دخلت ببداية نفق مظلم ولا نعرف ما النهاية المأساوية الذي سيوصلنا لها هذا النفق ،فاليوم لم تعد تجدي سياسة تكميم الافواه بالأردن ،ولا ممارسة الترهيب والتخويف الامني ،ولا سياسة فزاعة الغرف المظلمة والتعذيب في أقبية السجون ،أو سياسة ارضاء “س ” وحرمان “ص” ،هذه السياسات بمجموعها لم تعد تجدي ،فاليوم تراكم هذه الازمات بدأ يمس هوية الوطن الأردني ،بدأ يمس بنية المجتمع وهيكلية المفاهيم الوطنية الثابتة ،ولهذا فان الصمت على كل هذه الممارسات في هذه المرحلة ،هو خطيئة وخطيئة كبرى بحق الأردن وشعبه القابض على جمر الفساد والجوع والفقر الذي يفرض عليه.
فاليوم أزمات الاردن تتراكم أزمة فوق أزمة ،وللأسف مازال النظام بكل اركانه يتعامى عن رؤية هذه الازمات وهي تتراكم ،ومازال عاجزآ عن وضع رؤى للحلول ،ومازال غارقآ بأزمات المنطقة التي حملت الاردن أكثر مما يحتمل ،فداخليآ ما زال النظام يناور بسياسة وإكذوبة الامن والامان “التي بناها الشعب ومازال يحافظ عليها ،ويسعى النظام لتجييرها لصالحه “،اما لسان حال حكومة النظام فيقول انها الحكومة “الشريفة ،النزيهة ،الطاهرة ،العذراء،البكر ،التي لم ينكحها الفاسدين حسب ما تتدعي”،ولا أعرف الى أي مدى سيبقى يناور النظام بهذه الحكومة “الفاشلة بكل المقاييس ” والي صدعت رؤوسنا وهي تكرر هذه المقولات بالأعلى وتردد نفس الاسطوانة المشروخة التي ترددها منذ أكثر من ثلاث سنوات ،ولم نرى لهذه الحكومة أي منجز قابل للتطبيق على ارض الواقع ،بل على العكس فهذه الحكومة أثبتت الأيام أنها غير قادرة على أدارة المرحلة.
اليوم يتساءل الكثير من الاردنيين عن القادم من الايام عن مستقبلهم وهم يستشرفون بألم طبيعة هذا المستقبل ، ويتسألون ياترى هل سيتحسن الوضع الاقتصادي والمعيشي وهل سيجد مئات ألالاف من الشباب ألاردني “الذين هرموا مبكرآ” فرص عمل بعدما نهب الفاسدين ومن يحميهم ومن بصفهم اموال ومقدرات الاردنيين؟ ، الاردنيين اليوم يتسألون وبألم عن مصير أبطال مسلسلات الفساد بالأردن والذين يتنعمون اليوم باموال الاردنيين بنيويورك ولندن وروما وباريس وبمنتجعات مضيق البسفور ويمارسون طقوس شهواتهم القذرة على حساب دماء ومستقبل الاردنيين .
اليوم هناك مطلب جماعي من كل افراد الشعب العربي الأردني ،يتمثل بمحاكمة الفاسدين والمفسدين والمتورطين بقضايا عطاء المطار وأراضي معان وسكن كريم وشركات البوتاس والإتصالات وأمنية والفوسفات والكهرباء والأسمنت وميناء العقبة و أمانة عمان والبلديات والملكية الاردنية، وبيع مبنى مديرية التنمية الاجتماعية، وصفقات دبي كابيتال، وعطاء مصفاة البترول، وشركة توليد الكهرباء وكهرباء اربد، وفضائح الأستثمار واراضي الديسي والجفر، وحصص الحكومة من الأسهم في كل من بنك الأسكان وبنك القاهرة – عمان ، وبنك الصادرات والتمويل، وبنك الإنماء الصناعي واراضي الاغوار، ومصنع رب البندورة في الأغوار، والألبان الأردنية والبتراء للنقل، والأجواخ الأردنية، والدباغة الأردنية والخزف الأردنية، والعربية الدولية للفنادق، والأردنية لتجهيز الدواجن ومصانع الورق والكرتون، والمؤسسة الصحفية الأردنية، والكازينو ومؤسسة سكة حديد العقبة ، وقضايا المخدرات، والرشى، والعطاءات الحكومية، والفساد الإدراي، والتنفيع، واستغلال الوظيفة العامة، و … ألخ.
فملفات الفساد أعلاه وغيرها الكثير هي من حطمت مستقبل الشباب الأردني فقد بات الشباب الاردني اليوم يعيش حالة من الاغتراب في مجتمعه ووطنه الام وذلك نتيجة لارتباطه بمتغيرات وإفرازات المجتمع الذي ينشأ فيه، وكل ذلك بسبب سياسات الافساد والفساد ، ولاتزال أزمة البطالة تلاحقه في كل مكان وهو عاجز عن توفير لقمة العيش والمسكن كي يتزوج أو على الاقل أن يؤمن قوت يومه وهذا على الاقل سبب كاف لزيادة الشعور بالاغتراب داخل الوطن وفي البيئة المجتمعية الحاضنة لهؤلاء الشباب، في ظل عدم حدوث أي تغيير حقيقي في ظروفهم الاقتصادية وأحوالهم المعيشية واتساع المسافة بينهم وبين خطط المسؤوليين الفاسدين.
لقد أفرزت قضايا الفساد والافساد ظواهر خطيرة في صفوف فئات عدة من المجتمع الأردني وهنا تبرز ظاهرة الإحباط والقبول به لدى الشباب وهي اخطر ما يمكن ان يواجهه المجتمع، نتيجة إفرازات الواقع المعاش وتراكم الكبت الذي أصبح مركبآ ومعقدآ للغايه في ظل انخفاض العامل الديني الذي يعمل على تحصين المجتمع ويحوله إلى قوة ممانعة ترفض الفشل ، فقد انتشرت بين الكثير من الشباب الأردني حالة الاحباط جراء البطالة والفقر وعدم الاستقرار النفسي، فلا يجد بعضه وسيلة للخلاص الا بإلقاء نفسه في النار، ويسهم في ذلك الفراغ الروحي فاليوم نرى حالة غير طبيعية بانتشار أفكار التطرف وانتشار أفة المخدارات بين الشباب ولنقس على هذه الظاهره باقي الظواهر “عنف مجتمعي – عنف جامعي -ازدياد حالات الانتحار -الازمات الاخلاقية وو.. الخ”، التي أصبحت تنخر بالجسد المجتمعي للمجتمع الأردني وأخص فئة الشباب منه ، والفضل بكل ذلك يعود إلى سياسة الفاسدين والمفسدين الذين قتلوا وحطموا مستقبل الشباب الأردني.
ختامآ ،على النظام الأردني أن يعي جيدآ ،أن أي حديث يتم اليوم هدفه المستقبلي هو السماح بعودة وتبرئة فاسدين وعودتهم للصف الأول ،هو حديث مرفوض من غالبية الشعب الأردني ،فالفاسد مكانه الوحيد هو أقبية السجون واعواد المشانق،وعلى النظام الأردني أن يدرك بشكل كامل ،أن الدولة الأردنية تعيش اليوم بكل مكوناتها بوضع خطير جدآ وبظواهر لايمكن أن يسكت عنها ،لأن السكوت عنها بهذه المرحلة ، هو خطيئة وجريمة كبرى لاتغتفر بحقّ الأردن وشبابه ومجتمعه وأرضه ومستقبله ،وعلى النظام الأردني أن يعلم أن هذا الشعب العربي الأردني الطامح لمستقبلٍ أفضل، الطامح إلى حقوق تضمنُ له كرامته في وطنه، وتجعلهُ يشعر بالأمان المعيشي الدائم، الطامح حين يعبّر عن رأيه، سواء كان مع أو ضدّ بأن يحترم رأيهُ، وحين يطالب بحقٍ من حقوقه المسلوبة، أن يُعطى حقوقه، فهو لايطلب الكثير ومايريده هو فقط أن يتم احتواء مشاكله و أفكاره، ومساعدته على تنمية قراراته، وتلبية مطالبه،وإن الشعب الأردني بمجموعه مازال بخندق الدولة ونظامها ،ولكن للأسف نرى أن بعض دوائر صنع القرار للنظام الأردني بدأت تسعى لتوسيع الهوة والفجوة بينه وبين طيف واسع من أبناء الشعب العربي الأردني ،وهذه ظاهرة ومشكلة خطيرة تستدعي وقفة تأمل مرحلية ومستقبلية من قبل النظام الأردني ،لأن الوقت ليس بصالح أحد ،ولكل بداية نهاية ؟؟فاتعظوا يا أولي الألباب.