العلاقات الدولية بين مصر و جنوب السودان “2011-2016”
إعداد الباحثة : مارلين نبيل حلمى ميخائيل – المركز الديمقراطي العربي
إشراف : د . محمد كمال
المقدمة:
ارتبطت مصر والسودان منذ القدم بعلاقات وطيدة بدأت بالامتداد الطبيعي لأرض مصر في السودان ووجود رابط أساسي بينهما وهو نهر النيل ثم بدأت العلاقات تتنامى فيما بينهما وارتبطوا بعلاقات اقتصادية وسياسية واجتماعية فتتعامل كل منهما مع الأخرى على انه دولة شقيقة ويتعامل كلا الشعبين مع بعضهم البعض على اعتبارهم إخوة .وكانت دولة جنوب السودان قد قررت إجراء استفتاء شعبى للإنفصال عن الشمال، وجاءت نتيجته كاسحة بموافقة 98% من أبناء شعب جنوب السودان بالموافقة على الانفصال، والذى إعلنت نتيجته فى فبراير 2011، وتم الإعلان عن دولة جنوب السودان المستقلة فى 9 يوليو 2011 .
سارعت مصر إلى إعلان دعمها لدولة جنوب السودان والاعتراف بها دولة مستقلة، وإقامة علاقات دبلوماسية معها، وذلك فى إطار حرص مصر على رغبة أبناء الجنوب فى أن تكون لهم دولة مستقلة خاصة بهم ومنفصلة عن الشمال، واستمرت العلاقة القوية بين مصر والسودان سواء الشمال أو الجنوب، بل وتم تطويرها وتنميتها.
وشهدت العلاقات المصرية مع دولة الجنوب تطورا كبيرا فى أعقاب استقلالها، وفى إطار دعم مصر لدولة جنوب السودان، أرسلت مصر أكبر قوة لقوات حفظ السلام الدولية بجنوب السودان، حرصا على دعم استقرار الدولة، كما شاركت مصر فى تطوير المشروعات ودعم التنمية فى دولة الجنوب، فقامت بوضع حجر الأساس لجامعة الإسكندرية فى الجنوب، بالإضافة إلى البدء فى تطهير مياة النيل، والذى يعد شريان الحياة لجميع دول حوض النيل، والرابط بين دولة الجنوب ومصر، من أجل الملاحة والمشاريع المشتركة فى مجال المياه.
وفى نفس الوقت سعت مصر إلى زيادة دعمها لدولة جنوب السودان فى مجالات التعليم والصحة والمشروعات الخدمية والبنية التحتية، والتعاون المشترك فى كافة المجالات.ولم تتوقف الزيارات المتبادلة بين دولة جنوب السودان ومصر منذ استقلالها، وكان منها زيارات وزراء جنوب السودان فى مجالات التجارة والصناعة الاستثمار لمصر، من أجل زيادة الاستثمارات المصرية فى الجنوب. سندرس العلاقات بين مصر و جنوب السودان.
تتمحور العلاقات المصرية و جنوب السودان حول عده قضايا تاتى فى مقدمتها المياه ، الارهاب و هى تخص الأمن الاستراتيجى لمصر و جنوب السودان، هناك ايضا العلاقات الأقتصادية و الثقافية ، تحتوى هذة القضايا على تعاون و بعضها الأخر على صراع .
المشكلة البحثية :
تتمثل المشكلة البحثية فى بحث و دراسة نمط العلاقات المصرية السودانية و جنوب السودان بصفة خاصة ، تشهد هذة العلاقة بين البلدين تصاعد فى بعض الأوقات ثم تخفت فى أوقات أخرى . و من هذا المنطلق يتمثل السؤال البحثى الرئيسى فى : ما مدى التقارب و التباعد فى العلاقات بين مصر و جنوب السودان ؟
و ينبثق من هذا التساؤل عدة اسئلة فرعية التى يحاول البحث الإجابة عنها :
• ما هو تاريخ العلاقات بين مصر و جنوب السودان و ما هو مستقبل هذة العلاقة ؟
• ما موقف مصر من انفصال جنوب السودان؟
• ما وجه العلاقات الاقتصادية بين مصر وجنوب السودان؟
• ما مظاهر العلاقات الثقافية و التبادل الثقافى بين البلدين؟
• ما موقف البلدين من مشاكل اقليمية مختلفة مثل سد النهضة و الارهاب ؟
اهمية الدراسة :
الأهمية العلمية لقد اضافت هذة الدرسة الى المجال العلمى ، حيث انه يلاحظ قلة الدراسات التى تناولت العلاقات بين مصر و جنوب السودان فى كافة النواحى قبل و بعد إنفصال الجنوب ، فالمكتبة تحفل بالعديد من الدراسات التى تناولت مشكلة المياه و الصراع ووسائل التسويه ، لكن العلاقات بين بلدين فى كافة النواحى فهى قليلة .
الأهمية العملية :ترجع الأهمية العمية إلى :
• أهمية العلاقات المصرية و جنوب السودان و القضايا المشتركة كالمياه و مشكلة الارهاب و الأمن الغذائى .
• عمق العلاقات التاريخية و الثقافية و السياسية و الأقتصادية و الدبلوماسية بين البلدين.
• الحاجة للبحث عن وسائل لتسوية قضايا الصراع بين البلدين بما لا يخل بالأمن القومى.
الإطار الزمانى:
تتناول هذة الدراسة الفترة من انفصال جنوب السودان عن باقي السودان في استفتاء شعبي أعلن عن نتائجه النهائية في فبراير 2011، وتم الإعلان عن الاستقلال الكامل لدولة جنوب السودان في 9 يوليو 2011 ، حتى2016 حيث ان هذا الموضوع مازال يشهد تطورات فى الفترة الحالية.
المفاهيم:
العلاقات الدولية :
تسعى الدول من خلال صيغ متعددة الى ايقاع التاثير السياسى فى بعضها البعض الآخر ، يعكس هذا السعى الجانب السياسى لعملية التفاعل الدولى فقط ، و هذة العملية لا تقتصر على الجوانب السياسية فقط بل تشمل الجوانب الأقتصادية و الثقافية و الجتماعية و غيرها ، فظاهرة العلاقات الدولية ترتبط بمجموع الأفعال و ردود الفعال و انماط التفاعل الدولى الناجمة عنها ،سواء كانت ذات طبيعة سياسية ام غير سياسية و الجارية بين جميع الوحدات الدولية و على جميع الصعدة .
السياسة الخارجية :
تعرف السياسة الخارجية بانها تنظيم و نشاط دولة و رعاياها و المؤسسات التابعة لسيادتها مع غيرها من الدول و التجمعات الدولية ، و تهدف الى صياغة الأستقلال و امن الدولة و حماية مصالحها الأقتصادية ، و هناك عوامل رئيسية تؤثر فى تحديد خطوط السياسة الخارجية كطبيعة نظام الدولة و الوضع الداخلى عموما و موقعها الجغرافى و القوة العسكرية و الموارد الطبيعية و عدد السكان و التكوين الثقافى و التاريخى و الحضارى .
هناك تعريف بانها صور النشاط الخارجى حتى و لو لم تصدر عن الدولة كحقيقة نظامية ، اى ان نشاط الجماعة كوجود حضارى او التغييرات الذاتية كصور فردية للحركة الخارجية تنطوى و تندمج تحت هذا الباب الذى نطلق عليه السياسة الخارجية . تعرف ايضا بانها سلوكية الدولة تجاه محيطها الخارجى او انها امتداد للسياسة و تستخدم الدولة فى سبيل الوصول الى ذلك عدة وسائل دبلوماسية و سياسية و اقتصادية و عسكرية و ثقافية و دعائية .
الدبلوماسية :
يعود اصل كلمة دبلوماسية الى كلمة دبلون اليونانية و معناها يطوى و قد كان الرومان فى البداية يسمون وثيقة السفر المعدنية المختومةو المطوية بالدبلوما و قد اخذت كلمة دبلوما تتسع بمرور الزمان فى معناها لتشمل الوثائق الرسمية و الاتفاقيات و المعاهدات و كذلك الموظفين الذين يعملون بهذة الوثائق يسمون بالموظفين الدبلوماسين .و منذ القرن الخامس عشر اخذت كلمة الدبلوماسية تاخذ معناها الحديث ، فهى تشير الى عملية ادارة و تنظيم العلاقات الدولية عن طريق المفاوضة و هى طريقة تسوية و تنظيم هذة العلاقات بواسطة السفراء و المبعوثين ، كما هى المهمة الملقاة على عاتق الدبلوماسى او على الاقل انها فن المفاوضة .
المصلحة الوطنية :
مفهوم المصلحة الوطنية هو احدى الركائز الأساسية التى تقوم عليها السياسة الخارجية ، و عمليات ادارة و توجيه السياسة الخارجية عادة مايتم تبريرها فى صيغ من تحقيق او محافظة على المصلحة الوطنية ، و هذة تعتبر الحاصل النهائى للعديد من الاعتبارات الأقتصادية و السياسية و الجغرافية و العسكرية و الايديولوجية و الثقافية .
تعريف المصلحة الوطنية او تحديدها بشكل دقيق يواجه مشكلة و يتحاور حولها اصحاب المدارس الفكرية من علم السياسة . فالمدرسة الواقعية تؤكد على اهمية مقولة المصلحة الوطنية التى يمكن تعريفها على انها الاستخدام الحذر للقوة من قبل قطر ما ، لكى يحقق مصالحه الحيوية فى الخارج ، و الافتراض هنا هو ان المصلحة الوطنية لقطر ما ثابتة عادة ، و توجد مجموعة مشاكل تواجه هذا المنهج .
يقدم ” هانس مورجانثو ” اشمل تعريف للمصلحة القومية فى اطار مدرسة الواقعية السياسية ، و استعمل هذا المفهوم باشكال مختلفة ، و بالتالى بمعان مختلفة و منها مصالح شرعية ، جوهرية ، متطابقة ، متكاملة ، اولية ثانوية ، محددة ، حيوية .
و يعتبر ” مورغنثو ” ان المصلحة هى المقياس الدائم الذى يمكن على اساسه تقويم و توجيه العمل السياسيى ، و قد تم تصنيف كافة هذة الأشكال و المعانى للمفهوم عند ” مورجانثو ” كالتالى :
1. المصالح الأولية : التى تشمل الحفاظ على الوحدة الجغرافية و الهوية السياسية و الثقافية للدولة و حمايتها ضد العتداءات الخارجية ، فكل الدول عندها المصالح و تدافع عنها باى شكل من الاشكال.
2. المصالح الثانوية : و هى المصالح التى لا تنتمى مباشرة الى الفئة اللأولى ، و لكنها تساهم فيها كحماية المواطنين اللذين يعيشون خارج بلدهم .
3. المصالح الدائمة : هى تلك المصالح الثابتة نسبيا خلال فترات طويلة من الزمن ، و قد تتغير هذة المصالح مع الوقت و لكن بشكل بطئ .
4. المصالح المتغيرة : و هى تلك المصالح التى قد تعتبر الدولة انها مصالحها القومية فى فترة معينة ، و التى قد تمثل اراء المسئولين او قطاعات واسعة من الراى العام او قوى ضغط معينة نافذة تجاه التعامل مع موقف او هدف معين و التى قد تتغير مع تغير دور و موقع الأطراف المذكورين سابقا فيما يخص القرار او تنتهى هذة بانتهاء الحدث او القضية المعينة
5. المصالح العامة : و تتمثل هذة نوعا من المبادئ او التوجهات فى السياسة الخارجية لدول معينة كأن يقال مثلا دولة معينة هى مع تحرير التجارة الدولية من القيود.
6. المصالح الخاصة : تنبع هذة من المصالح العامة ، و تكون محددة بشكل دقيق فى الزمان و المكان كالتاكيد مثلا على ضمان حياد دولة معينة فى اطار سياسة ابقاء توازن فى ميزان قوى اقليمى .
التكامل الأقتصادى :
مفهوم التكامل الأقتصادى يعنى فىالسياق العام قيام مجموعة من الدول المستقلة بالسعى لإقامة علاقات قوية فيما بينها بما يؤدى الى تصرفها كدولة واحدة أو اكثر من أوجه النشاط الإنسانى و عادة ما يكون بين إقليم جغرافى معين و لذلك يسمى بالتكامل الإقليمى .التكامل الأقتصادى بين مجموعة من الدول هو عملية تحقيق الأعتماد المتبادل بين اقتصادياتها بدرجات تتفاوت من التعاون البسيط و الأندماج الكامل .
الأمن القومى المائى:
لا ينفصل مفهوم الأمن القومي المائي عن مفهوم الأمن القومي؛ ظهر مفهوم الأمن المائي، أو الأمن القومي المائي، باعتباره أحد أبعاد الأمن القومي، ولما يمثله من أهمية في التنمية وأمن الدولة؛ ومن ثم اتجهت العديد من الدراسات لتعريف مفهوم الأمن المائي على أنه “,”احتياجات الفرد المائية على مدار العام“,”، وهو ما عُرف بـــــ“,” حد الأمان المائي ،وهو متوسط نصيب الفرد سنويًّا من الموارد المائية المتجددة والعذبة، في الاستخدامات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة والاستهلاك المنزلي.
فإن الأمن القومي المائي، أو الأمن المائي، يُقصد به: “,”المحافظة على الموارد المائية المتوافرة، واستخدامها في الشرب والري والصناعة، والسعي بكل السبل للبحث عن مصادر مائية جديدة وتطويرها، ورفع طاقات استثمارها؛ لتأمين التوازن بين الموارد المائية المقامة والطلب المتزايد عليها.ومن ثم فإن الأمن المائي لا يقل أهمية عن الأمن القومي، ولكن يعتبر جزءًا أصيلاً ولا يتجزأ من الأمن القومي للدولة؛ نظرًا لإمكانية تحقيق المزيد من الغذاء بسبل زراعية وصناعية مختلفة، بينما تبقى إمكانية زيادة المصادر المائية العذبة محدودة، كما أنه لا يوجد بديل عن الماء، في الوقت الذي توجد فيه بدائل أخرى لموارد كالطاقة على سبيل المثال.
الإطار النظرى :
إن النظرية الواقعية و الواقعية الجديدة الأنسب فى النظريات لتحليل البحث .تمثل مدرسة الواقعية السياسية التى نشات بعد الحرب العالمية الثانية رد فعل اساسى على تيار المثالية .
هدفت الواقعية الى دراسة و فهم سلوكيات الدول و العوامل المؤثرة فى علاقاتها بعضها مع بعض جاءت تدرس سياسة القوة و الحرب و النزاعات ، و لم تهدف لدراسة نظريات و افكار مثل المثالية ، من اهم المسلمات الأساسية فى الفكر الواقعى :
• إن السياسة لا يمكن أن تحددها الأخلاق كما يقولون المثاليون بل العكس صحيح، و بالتالى المبادئ ل يمكن تطبيقها على العمل السياسى .
• وجود عوامل ثابتة و غير قابلة للتغير تحدد السلوكية الدولية .
• أن اساس الواقع الإجتماعى هو الجماعة ، فالأفراد فى عالم يتسم بالندرة فى الموارد يواجهون بعضهم البعض ليس كاشخاص انما كاعضاء فى جماعة منظمة قد تكون قبيلة او عشيرة او دولة ، و بالتالى فان مرتكز الحياة السياسية ما يسميه بعض العلماء جماعات نزاع . لذلك فإن تغيرت اشكال هذة الجماعات فإن الطبيعة الرئيسية للنزاع بينها لا تتغير و بالتالى فلا وجود لانسجام فى المصالح.
• اعتبار النظام الدولى بمثابة غاية نتيجة غياب سلطة مركزية تحتكر القوة و تستطيع فرض ارادتها على الكل كما هى الحال فى الدولة ز و تتسم العلاقات الدولية بالفوضى التامة . اما المبادئ و الأخلاقيات و القوانين الدولية فهى ذات تاثير محدود ان لم يكن معدوم ، فالحقيقة فى العلاقات الدولية هى القوة، فالدولة تعمل دائما لزيادة قوتها ، و الصداقة بين الدول تعبر عن التقاء مصالح بينهم .
• هناك مدرستان واقعيتان فيما يخص اسباب سلوكيات الدول النزاعية . المدرسة الأولى : تعتبر ان الطبيعة البشرية تحكمها غريزة القوة و هى غريزة حيوانية ، تتمثل فى حب السيطرة و الهيمنة ، و تزداد هذة العدوانية عندما تنتقل من مستوى الفردى الى مستوى الدولة نتيجة ازدياد الأمكانيات الموجودة ، و تؤدى الى نزاعات و صراعات .
الرأى الثانى: البحث عن القوة ليس بنتيجة غريزة حيوانية متأصلة انما ينتج اساسا عن توق شديد للأمن . فانعدام الأمن فى نظام دولى يتسم بالفوضى يخلق ضغوطا على الدولة للحصول على اكبر قدر من القوة و المفارقة الكبرى من اجل دعم امنها يؤدى الى ازدياد الصراع بينها و بالتالى الى زيادة انعدام الأمن .
• المفاهيم المركزية فى الفكر الواقعى هى القوة و ميزان القوة و المصلحة القومية .و يعتبر مفهوم القوة متغير اساسيا و رئيسيا فى فهم السلوكية الدولية ، فالقوة السياسية فى هذة النظرية هى مدى التاثير النسبى الذى تمارسه الدول فى علاقاتها المتبادلة ، فهى النتاج النهائى لعدد كبير من المتغيرات المادية و الغير مادية ، و التفاعل بين هذة المكونات هو الذى يحدد حجم قوة الدولة و يحدد تاثيرها السياسى فى مواجهة الدول. كذلك مفهوم المصلحة القومية الذى يعتبر معيار اساسى فى السياسة الخارجية .
نشأت مدرسة الواقعية الجديدة فى أواخر السبعينات ، ابقت على المفاهيم الساسية فى الواقعية كدور الدولة و أهمية القوة و ميزان القوى و المصلحة القومية ، الا انها تطورا من الواقعية القديمة من حيث اتفتاحها على حقول العلوم الجتماعية الأخرى و استفادتها منها و عدم اعتبار الحقل السياسى حقل مستقل كما كان فى الواقعية القديمة ، كما يتميز فى انهم تجاوزوا ما يعرف بالجريبية المتنافرة الأجزاء بمحاولتهم تقديم نظرية علمية موضوعية للعلاقات الدولية و ذلك بعكس الواقعية التقليدية التى كانت تقوم على البديهة .
أهم مآخد الواقعية الجديدة على الواقعية التقليدية ما يلى :
• وجود مفاهيم و حجج غير واضحة و مشوشة ، و بالتالى حاولوا تحديدها بشكل اكثر دقة
• عدم اخذها بالنظريات و المعرفة فى العلوم الاجتماعية الأخرى التى تساهم فى إعطاء صورة شاملة للدراسة السياسية الدولية
• الأهتمام فقط بالمجال الأمنى السياسى فى تحليل السياسية الدولية .تغييب لعوامل اساسية فى الحياة الدولية كازدياد العتماد المتبادل فى المجالات الأقتصادية و تداخل المجال الأقتصادى مع المجال الأمنى السياسى مثلا . ركزت الواقعية الجديدة على الصراع السياسى الدولى للهيمنة الذى هو وراء العلاقات الأقتصادية الدولية.
العناصر النظرية للنموذج الواقعى
الأفتراضات المتعلقة بالفاعلين الدوليين:
يؤكد النموذج الواقعى و بخاصة الواقعية التقليدية بإن الدولة هى الوحدة الأساسية فى العلاقات الدولية ، و ماعداها من منظمات و شركات و مؤسسات و أفراد تلعب دورا هاشيا و ثانويا . سيادة الدولة تعكس مجتمع سياسى مستقل . هكذا فإن الدولة تمثل وحدة تحليل . يفترض النموذج الواقعى بإن الدول أو صانع القرار فى الدولة تتصرف بشكل عاقل رشيد .
الأفتراضات المتعلقة بطبيعة السياسة الدولية :
رفضت الواقعية حجة النموذج المثالى فى إن العلاقات الدولية تستند فى جوهرها الى التعاون و الأنسجام بين أعضاء المجتمع المدنى بل أكدت على التنافس و الصراع و الفوضى التى تعم العلاقات الدولية . هذة الفوضى الدولية و عدم وجود سلطة تمنع استخدام العنف بين الدول ، تدفع الدول كل على حدة لتكون لنفسها قوة تدافع بها عن نفسها من جهة و تتوسع فى تحقيق مصالحها القومية غن وجدت فرصة ، فإن الأمم توسع مصالحها السياسية فى الخارج عندما تتزايد قوتها النسبية فى الداخل .
سعى الدول لإمتلاك قوة نابع من سعى الأنسان لامتلاكها ، و الأنسان يبحث عن القوة إما بوصفها غاية أو بوصفها وسيلة ، و سلوك الدول حسب الرؤية الواقعية هى مجرد امتدادا لسلوك الأنسان . إن الأفتقار الى الإحساس بالأمن هو المظهر الدائم للنظام الدولى بسبب الفوضى المستمرة ، لم يكن هناك علاج لإحساس الدول بعدم إمنها إلا باستخدامها السلاح الدفاع عن نفسها ، من ثم فإن الأمن يتحقق للدولة من خلال مبدأ مساعدة الذات .
و فى الوقت التى تعزز الدولة امنها ن فانها تساهم فى الشعور بعدم الأمان للدول الأخرى ، فيما يعرف بمعضلة الأمن .
الأفتراضات المتعلقة بأفضليات الدول :
يفترض الواقعيون بإنه فى هرمية القضايا الدولية ، فإن الأمن القومى عادة يحتل القمة فى الهرم . القضايا العسكرية و القضايا السياسية المتعلقة بها تهيمن على السياسية الدولية ، القضايا العسكرية و الأمنية او الإستراتيجية يشار اليها على انها تمثل السياسة العليا ، القضايا الأخرى الأقتصادية و الأجتماعية تعتبر قضايا السياسة الدنيا .
بما إن العلاقات الدولية حسب الرؤية الواقعية تدار من خلال قوانين موضوعية ترجع جذورها الى الطبيعة البشرية ، و بما إن المصالح القومية هى مصالح موضوعية ، فإن المصالح القومية الأساسية هى التى تتعلق بالبقاء و الأمن القومى .
المنهج المستخدم:
يستخدم الباحث منهج المصلحة الوطنية ، فانه من اكثر المناهج ملائمة لدراسة و تفسير العلاقات الدولية بين مصر و السودان.
يعرف ايضا بمنهج الواقعية ، و ايضا سياسات القوة ، يعتبر هذا المنهج ان السعى نحو تحقيق المصلحة القومية للدولة هو الهدف النهائى المستمر لسياستها الخارجية ، ويقوم هذا المنهج على التالى:
هناك تعريفات كثيرة للمصلحة القومية و ايضا مستويات مختلفة . يقدم مورغنتو الأشكال التالية : المصالح الأولية :
التى تشمل الحفاظ على الوحدة الجغرافية و الهوية السياسية و الثقافية للدولة و حمايتها ضد العتداءات الخارجية ، فكل الدول عندها المصالح و تدافع عنها باى شكل من الاشكال.المصالح الثانوية : و هى المصالح التى لا تنتمى مباشرة الى الفئة اللأولى ، و لكنها تساهم فيها كحماية المواطنين اللذين يعيشون خارج بلدهم .
المصالح الدائمة : هى تلك المصالح الثابتة نسبيا خلال فترات طويلة من الزمن ، و قد تتغير هذة المصالح مع الوقت و لكن بشكل بطئ .المصالح المتغيرة : و هى تلك المصالح التى قد تعتبر الدولة انها مصالحها القومية فى فترة معينة ، و التى قد تمثل اراء المسئولين او قطاعات واسعة من الراى العام او قوى ضغط معينة نافذة تجاه التعامل مع موقف او هدف معين و التى قد تتغير مع تغير دور و موقع الأطراف المذكورين سابقا فيما يخص القرار او تنتهى هذة بانتهاء الحدث او القضية المعينة.
المصالح العامة : و تتمثل هذة نوعا من المبادئ او التوجهات فى السياسة الخارجية لدول معينة كأن يقال مثلا دولة معينة هى مع تحرير التجارة الدولية من القيود.
المصالح الخاصة : تنبع هذة من المصالح العامة، و تكون محددة بشكل دقيق فى الزمان و المكان كالتاكيد مثلا على ضمان حياد دولة معينة فى اطار سياسة ابقاء توازن فى ميزان قوى اقليمى.
• انه يجرد سلوك الدولة من التبريرات المثالية المفتعلة التى تحاول ان تخضعها على هذا السلوك فى محاولة للتمويه سواء على الراى العام الداخلى او الخارجى .
• ان فكرة المصالح الوطنية توضح جانب الاستمرار فى السياسات الخارجية للدول رغم التحول الذى قد يحدث فى نمط الايديولوجية المسيطرة او نماذج القيم السياسية و الاجتماعية السائدة .
• ان مفهوم المصلحة الوطنية يعد اداة التحليل الرئيسية لدى اتباع منهج الواقعية السياسية و انه لا سبيل الى فهم العلاقات الدولية فهما صحيحا او تفسيرها تفسيرا موضوعيا الا من ثنايا مفهوم المصلحة ، و ان المصلحة و القوة و جهان لذات الشى .
• ان فكرة المصلحة الوطنية كمفهوم هى الدائمة عبر الزمان و المكان كموجه لسياسات الدول غير ان مضمون هذة المصلحة يتاثر بالاطار السياسى و الثقافى السائد فى المجتمع و من ثم فهو مضمون متغير.
• ان السياسة الدولية لا تخضع بشكل عام للمبادئ او المعايير لاقية او القيم المجردة المطلقة، فللعالم معايره الخاصة به ، و من ثم فان الحكم على اى عمل او سلوك سياسى مرهون بنتائجه السياسية ، انطلاقا من القاعدة الرئيسية ، فى فكر ميكافللى و هى ان ” الغاية تبرر الوسيلة “.
يستخدم الباحث هذا المنهج لانه يساعده على فهم اسباب التقارب و التباعد فى العلاقات بين مصر و جنوب السودان ، و فهم سلوك كلا الدولتان فى قضايا معينة مشتركة بينهم تمثل تهديد لهم ، ذلك فى إطار واقعى مجرد من المبررات المفتعلة الغير واقعية التى تحاول الدول إضافتها للتضليل عن الأهداف الأساسية .
يمكن تطبيق هذا المنهج على نمط العلاقات المصرية و جنوب السودان، حيث إنه بناءا على المقولة الأولى و هى مفهوم المصلحة الوطنية ، فيمكن ان نعتمد على فكرة المصالح الدائمة و المتغيرة فى تحليل التقارب و التباعد فى العلاقات بين البلدين و تحليل قضايا التعاون و قضايا الصراع بين مصر وجنوب السودان . كما يمكن استخدام المقولة التى تربط هدف تحقيق المصلحة القومية و مصادر القوة و الإمكانيات التى يمكن ان توظفها الدولة لتحقيق المصالح .
نستخدم ايضا المقولة التى تعتبر ان المصلحة القومية هى المقياس العام الذى يمكن بواسطته الاستدلال على العوامل التى تحدد السلوك الخارجى لأى دولة اتجاه الدول الأخرى و تفسر العلاقات بين مصر وجنوب السودان .
الادبيات السابقة:
دراسات تناولت العلاقات جغرافية و العلاقات التاريخية و الأجتماعية
الدراسة الاولى :
دراسة اسامة الغزالى بعنوان “العلاقات المصرية السودانية بين الماضى والحاضر و المستقبل ” تتناول تاريخ العلاقات المصرية السودانية ، و اهم القضايا التى تناولتها الدراسة: محددات الماضى ووقائع الحاضر وقيود المستقبل و قضايا اخرى مثل التكامل الأقتصادى و التعليم و الثقافة و قضايا الحدود و الامن و الدفاع المشترك و العلاقات المشتركة ، كما انها تناولت مسالة نزاع الحدود بين البلدين و قضايا الأعلام و الأدراك المتبادل بينهما . يستخدم الباحث هذه الدراسة لخدمة موضوعه حيث يتم تحليل العلاقة بين البلدين حيث انها اضافت مواضيع كثيرة تفيد الدراسة مثل التكامل الأقتصادى و قضايا الأمن و النزاع الحدودى .
الدراسة الثانية :
دراسة عيسى عبد الحميد عبد الله صالح بعنوان ” السياسية الخارجية السودانية تجاه مصر خلال فترة من 1989 الى 2005 ” ركزت على محددات السياسية الخارجية السودانية سواء داخلية مثل المحددات الجغرافية و العسكرية او محددات خارجية مثل محددات اقليمية و محددات دولية ، ثم تناولت السياسة السودانية تجاه مصر و التوافق فى السياسة الخارجية ، تناول تجربة التكامل الأقتصادى السودانى المصرى ، اثر مشكلة جنوب السودان و دارفور على التكامل ، و قضية مياه النيل و حق النتفاع بمياه النيل . استخدمت هذه الدراسة منهج تحليل النظم لتحليل العلاقة بين البلدين و ذلك لتعدد المتغيرات و العوامل المؤثرة على الظاهرة محل الدراسة . استفاد الباحث من هذة الدراسة من قضايا مثل قضية مياة النيل و التكامل القتصادى .
الدراسة الثالثة:
دراسة إجلال محمود رأفت بعنوان العلاقات المصرية السودانية ، تناولت هذة الدراسة العلاقات المصرية السودانية فى اهم مجالاتها السياسية و الأقتصادية و الأجتماعية و العسكرية . تتناول تاثير تاثير صنع السياسات الدولية بمجموع العوامل التى تشكل البيئة الداخلية و مجموع العوامل التى تعكس الظروف الخارجية ثم التاثيرات المتبادلة بين الدائرتين .ستعرض الدراسة ايضا نقاط القوة و نقاط الضعف فى العلاقة بين البلدين و البدائل المختلفة لتنمية هذة العلاقات فى المستقبل .
دراسات تناولت موقف مصر من انفصال الجنوب :
الدراسة الأولى :
دراسة ايهاب ابراهيم السيد ابو عيش بعنوان ” تداعيات انفصال جنوب السودان على الأمن القومى المصرى ” تناولت هذة الدراسة قضايا عديدة منها قضية الأمن المائى ، تناولت المخاوف المصرية من توسع الدور الأسرائيلى فى جنوب السودان ، و لذلك سعى مصر لتوطيدالعلاقة مع جنوب السودان بما يحقق امنها و مواجهة الكثير من التهديدات حول موضوع ، تناولت ايضا متطلبات الأمن القومى المصرى فى ظل تهديدات و التحديات الأقليمية و الدولية لدولتى السودان الأستراتيجيات المقترحة المصرية لتحقيق الأمن القومى المصرى .
الدراسة الثانية : دراسة لهانى رسلان بعنوان مصر و المسؤلية عن انفصال الجنوب ، تحدث عن انفصال الجنوب و دور الرئيسى و المسؤلية الأنفصال على مصر لغياب دورها قبل ثورة 25 يناير ، لم توضح السيناريوهات المصرية للحفاظ على امنها القومى .
دراسات تناولت العلاقات الأقتصادية و الأمن الغذائى :
الدراسة الأولى:
دراسة الهيئة العامة للإستعلامات بعنوان وجهة نظر مصرية فى اهم القضايا الدولية ، تناولت قضية التكامل المصرى السودانى ، تحدث عن التاريخ المشترك ،توقيع منهاج التكامل فى 1974 ثم توقيع اتفاقية الدفاع المشترك فى 1976 ثم العديد من خطوات التنسيق فى المجالات الأقتصادية و السياسية بين البلدين ، وايضا فى المجال الأجتماعى تتم المناقشة فى السياسات بين البلدين فى مجالات التعليم و الصحة و الإعلام و السياحة ، و ايضا التكامل على المستوى الأمنى
الدراسة الثانية :
دراسة حسن فهمى جمعة بعنوان المسالة الزراعية و الأمن الغذائى فى الوطن العربى ، تناولت هذة الدراسة مشكلة الغذاء عالميا و عربيا ، الوضع الزراعى و الغذائى الحالى و المستقبلى للوطن العربى ، الأبعاد الأقتصادية و السياسية و الأجتماعية لمشكلة الغذاء فى الوطن العربى. برامج الأمن الغذائى العربى و المشروعات المقترحة فى السودان .
الدراسة الثالثة :
دراسة محمد عاشور بعنوان التكامل الإقليمى و التنمية فى أفريقيا ، يتناول مفهوم التكامل الإقليمى و تطوره و اشكاله المختلفة فى افريقيا ، تناول التكامل المصرى السودانى و تقيمها و مراحل تطورها و تطور قضية المياه و كيف ان تكون اداة للتعاون الأقتصادى بين البلدين ، و عرض بعض المعوقات التى تعترض مسيرة التكامل بين البلدين .
دراسات التى تناولت قضية المياة و سد النهضة
الدراسة الأولى :
دراسة لأشرف كشك بعنوان السياسة المائية المصرية تجاه دول حوض النيل ، تناولت السياسة المائية المصرية تجاه دول حوض النيل ، و كذلك التدخلات الدولية فى حوض نهر النيل ، كما تحدث عن اثر انفصال الجنوب على المصالح المائية ، ثم تحدث عن الدور الأقتصادى المصرى فى حوض النيل .
الدراسة الثانية :
دراسة الصادق المهدى بعنوان مياه النيل الوعد و الوعيد ، تناولت هذة الدراسة قضايا هي: هل النيل واصل ام فاصل بين دولة. الطلب والعرض فيما يتعلق بمياهه. بيئته القانونية، والإطار القانوني له، وجغرافيته السياسية، العلاقات بين مصر والسودان ، تناول مبادرة حوض النيل ، المعاهدة الشاملة لمياه النيل . تناول العلاقات المصرية السودانية من حيث المحور التاريخى ، الجغرافى السياسى ، الأقتصادى ، السياسى ، الثقافى ، الأمنى ، الدبلوماسى .
الفصل الأول:موقف مصر من انفصال جنوب السودان
المبحث الأول : تطور تاريخى لعلاقة مصر بجنوب السودان
أسفر الاستفتاء الذي أجري في التاسع من يناير الماضي عن انفصال جنوب السودان، تحت مسمي “دولة جنوب السودان”، لتصبح بحلول التاسع من يوليو الجاري الدولة رقم 54 في إفريقيا، ورقم 193 في العالم.
ومنذ الإعلان عن نتيجة الاستفتاء، فرضت الدولة الوليدة نفسها علي الساحة السياسية الإقليمية والدولية، لما أحدثته من تحولات جذرية في الخارطة الجيوبوليتكية للمنطقة.
وبدخول دولة جنوب السودان للمجتمع الدولي، تطرح جملة من التساؤلات، لعل أهمها: ما هي أهم مرتكزات السياسة الخارجية لدولة جنوب السودان؟
وما هي التوجهات الخارجية للدولة الجديدة؟
وما هو مستقبل علاقات دولة جنوب السودان مع القوي الإقليمية والدولية، في ظل هذه التوجهات?
وتحاول تلك السطور تقديم استقراء موضوعي للتوقعات المحتملة لتوجهات السياسة الخارجية للدولة الوليدة، من خلال الوقوف علي الحيثيات والمعطيات والوقائع الراهنة، وذلك في محاولة لاستشراف مستقبل علاقات جنوب السودان مع القوي الإقليمية والدولية الرئيسية المؤثرة في الساحة الإفريقية.
إن علاقة جنوب السودان مع مصر ممتدة، وترجع إلى فترات طويلة ومتطورة حاليا بينهم، رغم أن العلاقات كانت في السابق تتم عن طريق حكومة الخرطوم. لكن في فترة النظام السابق، كانت هناك محاولات للتعامل مع جنوب السودان مباشرة، كما تم افتتاح قنوات كبيرة جدا بينهم وبين مصر، فضلا عن أن هناك أعدادا كبيرة للجنوبيين بمصر حاليا. وفي المقابل، بدأ يزداد أعداد الإخوة المصريين في جنوب السودان إلى درجة أنه لا يوجد بين الدولتين رسوم تأشيرة دخول، وهناك خطوط طيران مباشرة بين القاهرة وجوبا يوميا، بينما توجد بيننا وبين شمال السودان رسوم تأشيرة.
شهدت العلاقات المصرية مع دولة الجنوب تطورا كبيرا فى أعقاب استقلالها، بدأت بمشاركة وفد مصرى رفيع المستوى فى احتفالات إعلان الدولة الذى أقيم فى جوبا، وأعلن الوفد المصرى خلال الاحتفال حرص مصر على تعزيز العلاقات ودعمها مع الأشقاء فى الجنوب. تسعى مصر من خلال التوجه جنوباً إلى ضمان أمنها القومي بضرورة العمل على تقليص فرص التواجد الفاعل للقوى المضادة للمصالح المصرية سواء في شمال أو جنوب السودان، ومنع النزاعات الإثنية أو العرقية أو الدينية على هذا الاتجاه باعتبارها تهديداً للأمن القومي المصري وتهديداً للمصالح المصرية. كما تهدف مصر إلى الحفاظ على حجم مواردها المائية من منابع نهر النيل في الهضبة الأثيوبية، وإمكانية العمل على زيادتها بما يسمح بالتنمية الاقتصادية مع المتابعة المستمرة لكافة الأعمال التي من الممكن أن تؤدى إلى تقليص كمية المياه الواردة إليها والاستعداد للتدخل بكافة الطرق والوسائل لإحباط مثل هذه النوايا، ولا يتأتى ذلك إلا بالتعاون مع جمهورية جنوب السودان. لذلك فإن انفصال جنوب السودان له العديد من التأثيرات على الأمن القومي المصري بمختلف أبعاده.
فإن تنامي العلاقات المصرية مع جنوب السودان تستند على عدة اعتبارات تمثل الركائز الأساسية للإستراتيجية المصرية في التحرك لتنمية العلاقات بين البلدين، وتتحدد في الآتي:
1. جنوب السودان تعد أحد ضروريات الأمن القومي المصري، فهي حزام الأمان المائي لمصر في ظل انخفاض نصيب الفرد من المياه. فبعد أن كان متوسط نصيب الفرد عام 1950 حوالي (2700م3) سنويًّا، انخفض إلى (858) م3 عام 2000، أي أقل من خط الفقر العالمي (1000م3 للفرد) سنويًّا. ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي (534م3) سنويًّا بحلول عام 2030.
2. تنمية العلاقات المصرية مع جنوب السودان يجب ألا يؤثر على علاقات مصر بشمال السودان، رغم ما يطرأ من تطورات أو متغيرات إقليمية ودولية تستهدف إقامة الحواجز؛ لفصل السودان عن مصر، باعتبار أن هناك دورًا تاريخيًّا لمصر تجاه السودان، يرتكز على العديد من المقومات بحكم الجوار الجغرافي، والمصالح الإستراتيجية المشتركة.
3. الإستراتيجية المصرية تجاه جنوب السودان يجب أن ترتكز على تحقيق المصالح الإستراتيجية لكلا الدولتين، وتلبي متطلبات الأمن القومي المصري، مع إعطاء أولوية للبعد الاقتصادي في العلاقات الثنائية بين الدولتين، بدلًا من الاستمرار في حصر هذه العلاقة في إطار أمني بمفهومه الضيق.
4. عدم اقتصار الدور المصري على النظام الحاكم، أو الزعامات السياسية التقليدية في جنوب السودان، بل يلزم شمول هذا التحرك لقوى المعارضة؛ حتى تكتسب مصر القاعدة السياسية اللازمة لتنفيذ إستراتيجيتها الهادفة لتحقيق مصلحة الشعب المصري والجنوبي على السواء ودون تفرقة.
5. تمتلك مصر قوة إقليمية مؤثرة لها القدرة على أن تقوم بدور محوري على صعيد تنمية العلاقات العربية مع جنوب السودان، وبما يحد من استغلال أطراف دولية وإقليمية لما يجرى فيها؛ بهدف التأثير على استقرار الموقف الأمني في السودان، أو مصر، أو المنطقة العربية ككل.
6. يكتسب التعاون الاقتصادي مع جنوب السودان أهميته؛ منطلقًا من الاحتياجات المتبادلة والملحة بين الطرفين. ففي الوقت الذي يحتاج فيه الجنوبيون إلى استثمارات خارجية تدفع مستوى التنمية الاقتصادية ببلادهم، تركز مصر على الاستثمارات الزراعية لسد الفجوة الغذائية بها.
7. ضرورة أن تبنى الإستراتيجية الأمنية لكلا الدولتين على فهم راسخ للمصالح والأهداف القومية المشتركة في إطار التعامل الحقيقي مع كافة القوى الدولية والإقيليمة الأخرى التي لها تأثير على أمن المنطقة بصفة عامة، وأمن مصر وجنوب السودان بصفة خاصة.
8. نظرًا لارتباط جنوب السودان بشكل مباشر بالأمن القومي المصري، وخاصة الأمن المائي، فيجب أن تتحرك السياسة المصرية بشكل مستقل للدفاع عن مصالحها وتأمينها، مع مراعاة عدم تعارضها والأهداف والمصالح للقوى الكبرى الدولية والإقليمية.
9. تنسيق الإستراتيجية تجاه جنوب السودان ودول جوارها الجغرافي؛ حتى تكون إستراتيجية شاملة يمكن من خلالها الحفاظ على المصالح المصرية والعربية، مع التركيز على الجانب الاقتصادي والاجتماعي اللذين يحدثان آثارًا إيجابية ملموسة على الشعوب.
10. تهدف الإستراتيجية إلى دعم جنوب السودان في إقامة البنية الأساسية والمشروعات التنموية بالتنسيق مع المؤسسات العلمية، واشتراك مؤسسات الدولة والقطاع الخاص المصري في هذه المشروعات.
11. تخدم هذه الإستراتيجية الغاية القومية من توفير حياة كريمة ورفاهية للمواطنين، من خلال الحفاظ على موارد مصر المائية، والعمل على تنميتها بوضع خطط شاملة للتعاون المائي بين دول حوض النيل.
12. تركز الإستراتيجية على مبدأ التعاون “العربي– العربي” لتقديم المساعدات لكل من جنوب السودان ودول حوض النيل، وبما يمكِّن من تقليص الدور الإسرائيلي على وجه الخصوص، والتدخل الأجنبي على وجه العموم في هذه المنطقة.
13. يجب أن تكون الإستراتيجية مرحلية، أي يتم تنفيذها على مراحل، وكل مرحلة تبنى على الإمكانات المتاحة، وبما يمكِّن من تنفيذ تلك المرحلة بنجاح، مع مراجعة وتقييم أداء كل مرحلة قبل بدء المرحلة التالية.
14. تبنى الإستراتيجية على تحقيق المبادأة، وألا تأتي كردود أفعال، وأن تكون موقوتة لتحقيق الهدف منها، مع اتباع منهج متوازن في التعاون مع المشاكل العالقة بين السودان وجنوب السودان.
قال وزير الدفاع وشئون قدامى المحاربين بدولة جنوب السودان الفريق “كوال مانيانج جوك” إن مصر دولة متقدمة عسكريا وأن جنوب السودان تقدر الدعم والدور المصرى في مساندته في الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد وثمن الوزير دور القوات المسلحة المصرية في تأهيل الكثير من الضباط بالمنشآت التعليمية للقوات المسلحة المصرية, وقال ” إن جنوب السودان تتطلع لزيادة التعاون العسكري مع مصر لرغبة الجنوب بناء جيشه الوطني وتسليحه وتدريبه بشكل حديث, وتأمين سلامة أراضيه ومواطنيه.
ووجه الوزير في تصريحات الشكر للحكومة المصرية لموقفها من التصدي لمقترح العقوبات الدولية, بجانب دول السنغال وأنجولا والصين وروسيا وفنزويلا, مشددا على ضرورة حل المشاكل الأفريقية عن طريق الأفارقة أنفسهم, ورفض التدخل الغرب .أشار “جوك” إلى أن عدم الاستقرار السياسي والأمني فى بلاده أدى لتدهور الأوضاع الاقتصادية, خصوصا في الولايات المنتجة للبترول, لكنه قال ” إن الجنوب سيكون قادرا على تحسين الأوضاع الاقتصادية بعد إتفاق السلام.
المبحث الثانى : موقف مصر من انفصال الجنوب
قد قررت دولة جنوب السودان إجراء استفتاء شعبى للإنفصال عن الشمال، وجاءت نتيجة كاسحة بموافقة 98% من أبناء شعب جنوب السودان بالموافقة على الانفصال، والذى إعلنت نتيجته فى فبراير 2011، وتم الإعلان عن دولة جنوب السودان المستقلة فى 9 يوليو2011 ،شكل الإنفصال وفقا لمستحقات اتفاقية السلام الشامل التى تم توقيعها بين حكومة السودان و الحركة الشعبية لتحرير السودان فى 9-1-2011 بنيروبى و التى اقرت فترة انتقالية لمدة 6 سنوات يعقبها استفتاء لمواطنى الجنوب لتقرير مصيرهم بالبقاء فى إطار الوحدة او الإنفصال . شكل ذلك الإنفصال حدثا كبيرا فى السياسة السودانية و الوضع الإقليمى و الدولى ، و إنعكاسات على المستويات الداخلية و الإقليمية و الدولية .
سارعت مصر إلى إعلان دعمها لدولة جنوب السودان والاعتراف بها دولة مستقلة، وإقامة علاقات دبلوماسية معها، وذلك فى إطار حرص مصر على رغبة أبناء الجنوب فى أن تكون لهم دولة مستقلة خاصة بهم ومنفصلة عن الشمال، واستمرت العلاقة القوية بين مصر والسودان سواء الشمال أو الجنوب، بل وتم تطويرها وتنميتها لتبقى مصر كما كانت دائما مساندة للشعب السودانى شماله وحنوبه
وشهدت العلاقات المصرية مع دولة الجنوب تطورا كبيرا فى أعقاب استقلالها، بدأت بمشاركة وفد مصرى رفيع المستوى فى احتفالات إعلان الدولة الذى أقيم فى جوبا، وأعلن الوفد المصرى خلال الاحتفال حرص مصر على تعزيز العلاقات ودعمها مع الأشقاء فى الجنوب. تسعى مصر من خلال التوجه جنوباً إلى ضمان أمنها القومي بضرورة العمل على تقليص فرص التواجد الفاعل للقوى المضادة للمصالح المصرية سواء في شمال أو جنوب السودان، ومنع النزاعات الإثنية أو العرقية أو الدينية على هذا الاتجاه باعتبارها تهديداً للأمن القومي المصري وتهديداً للمصالح المصرية.
كما تهدف مصر إلى الحفاظ على حجم مواردها المائية من منابع نهر النيل في الهضبة الأثيوبية، وإمكانية العمل على زيادتها بما يسمح بالتنمية الاقتصادية مع المتابعة المستمرة لكافة الأعمال التي من الممكن أن تؤدى إلى تقليص كمية المياه الواردة إليها والاستعداد للتدخل بكافة الطرق والوسائل لإحباط مثل هذه النوايا، ولا يتأتى ذلك إلا بالتعاون مع جمهورية جنوب السودان. لذلك فإن انفصال جنوب السودان له العديد من التأثيرات على الأمن القومي المصري بمختلف أبعاده.
الحقيقة التي يجب التأكيد عليها هي ان أهتمام مصر بجنوب السودان بدأ مبكرا وبعد تأكد القاهرة من أن الحفاظ علي السودان موحدا اصبح مستحيلا خاصة بعد اتفاقية نيفاشا2005 ولذلك قام الرئيس المخلوع حسني مبارك بزيارة جوبا لأول مرة في نوفمبر2008 وقد مثلت الزيارة حدثا بارزا واعتبره المحللون دعما مصريا لجنوب السودان ولم ينس مبارك ان يعرض علي جنوب السودان مشروعات تنموية املا منه في ان يغض جنوب السودان الطرف عن الانفصال, وعندما تعذر ذلك لم يكن امام القيادة المصرية إلا ان تؤكد في26 أكتوبر2009 التزامها بما يقرره غالبية الشعب السوداني في الجنوب, ولكنها بدأت تلوح بتخويف جنوب السودان من سلبية النتائج التي تترتب علي قيام دولة لا تملك البنية الأساسية والمؤسسات الضرورية لقيام دولة مستقلة قابلة للاستمرار, كما انها لم تنس التحذير من مخاطر الاقتتال القبلي علي مصير الدولة الوليدة اذا أصبح خيار الانفصال أمرا لا مفر منه و شاركت مصر منذ ذلك الحين بطريقة عملية في دفع عجلة التنمية والمشروعات الخدمية ومشروعات البنية التحتية, فأقامت عيادة طبية مصرية بجوبا ووضعت حجر الأساس لجامعة الإسكندرية بالجنوب, وأقامت محطات للكهرباء في عدة مدن بالجنوب, ومنحت أبناء الجنوب300 منحة سنويا للدراسة بالجامعات المصرية, إضافة إلي العمل علي تطهير النيل من أجل الملاحة والمشاريع المشتركة في مجال المياه والتعليم والتدريب وتبادل الخبرات والتعاون المشترك في جميع المجالات.
بعد الانفصال والذي تزامن مع تولي حكومة الدكتور عصام شرف بعد ثورة25 يناير كثفت الحكومة المصرية تحركاتها جنوبا وقامت أولا بترفيع تمثيلها من قنصلية الي سفارة.
لما كانت مصر هى الأقرب جغرافيا و تاريخيا للسودان (شماله و جنوبه ) فإن إنعكاسات انفصال الجنوب ستكون الأعمق عليها للروابط الاستراتيجية و الأمنية بينها و بين السودان ، و لحساسية موقفها تجاه كلا من السودان و دولة جنوب السودان خاصة مع توتر العلاقات بينهما بعد الأنفصال .
تأثير انفصال جنوب السودان على الأمن القومي المصري في المجال السياسي:
إن وجود أي تهديد للأمن القومي السوداني سواء كان مصدر هذا التهديد داخلياً (من داخل السودان في شكل نزاعات انفصالية) أو إقليمياً (من جانب دول أفريقية مجاورة وخصوصاً كينيا وأثيوبيا) أو دولياً من جانب ( الولايات المتحدة وفرنسا وإسرائيل ) إنما ينعكس بشكل مباشر على الأمن القومي المصري في المجال السياسي من الجوانب التالية.
1-التداعيات العامة للانفصال على الأمن القومي المصري من الناحية السياسية:
أ- تفرز الصراعات الداخلية التي يعانى منها السودان تأثيراً مباشراً على الأمن القومي المصري، وخاصة بعد أن أدت إلى انفصال لبعض أجزاء الإقليم السوداني، مما أدى إلى زيادة عدد دول حوض النيل إلى إحدى عشرة دولة، وما يعنيه ذلك من تعقيدات لمصر تؤثر بشكل مباشر على أمنها القومي، حيث تعتبر مياه النيل شريان الحياة بالنسبة لها من خلال تدفق ما نسبته28% من حصة مصر من المياه من الجنوب السوداني. كما أنه ترتب على انفصال جنوب السودان توقف عدد من المشروعات بين مصر والسودان الموحد.
ب-تحتل قضية المياه أولوية متقدمة في التفكير الاستراتيجي المصري في المرحلة المقبلة. ومسألة البحث عن موارد مائية جديدة تكاد تعتمد بشكل رئيسي على مبادرة حوض النيل المشتركة. لهذا فإن ظهور دويلة جديدة في جنوب السودان أو استمرار حالة عدم الاستقرار سوف يؤدى إلى خلق الكثير من التعقيدات في هذا المجال.
ج- قد يؤدى انفصال جنوب السودان إلى وقوع مصر في دائرة الابتزاز الغربية، التي قد تدفعها إلى تقديم تنازلات رفضتها من قبل أبرزها حصول إسرائيل على جزء من مياه النيل.
د- إن انفصال جنوب السودان وتصاعد الحركات المضادة لنظام الحكم في الشمال والتصادم مع دول الجوار والضغوط الدولية على السودان، سيعكس آثاره على الأمن
القومي المصري في المجالات الآتية: تصاعد الهجرات السودانية إلى مصر وما ينتج عنها من آثار سلبية في المجال الاقتصادي والاجتماعي، عدم تحقيق الاتفاقيات مع السودان خاصة في مجال التكامل الزراعي وبما يمثل خسارة على مصر، تعرض الأمن المائي المصري لمخاطر نتيجة لتدخلات أجنبية في جنوب السودان وبما يعكس العديد من الآثار السلبية في المستقبل، تصدير القلاقل إلى حدود مصر الجنوبية نتيجة عدم الاستقرار في دولتي السودان مما سيؤدي إلى العديد من المشاكل التي من الممكن أن تواجه الدولة المصرية مستقبلاً وبما سيشكل ضغطاً على الحكومة المصرية
الآثار السلبية على السياسة الخارجية المصرية من انفصال الجنوب:
أ- هناك تداعيات على النظام العربي والنظام الإقليمي بصفة عامة نتيجة انفصال الجنوب ومحاولة استقطابه بواسطة قوى عربية أو إقليمية أو دولية تختلف مصالحها عن المصالح المصرية.
ب- وجود تداعيات على العلاقات السياسية المصرية / السودانية، والتي لابد أن يعاد تشكيلها طبقاً للأوضاع الجديدة، وبما قد لا يخدم القضايا المصرية فيما لو أن دولة الجنوب اتجهت إلى التحالف أو استجابت لاستقطاب دول على خلاف مع مصر.
إدراكا للحقائق السابقة والتي تمثل تهديداً خطراً على الأمن القومي المصري، سعت مصر إلى الاتصال بقيادة الجنوب لتنظيم العلاقات معهم وبما يحقق المصالح المصرية في جنوب السودان، والعمل على بذل الجهد السياسي مع دول الجوار السوداني والقوى الفاعلة في أفريقيا والعالم من أجل دعم السودان شمالاً وجنوباً لإيقاف النزيف الناتج عنه الانفصال، والوصول إلى حالة تفاهم بشأن جميع النقاط المعلقة كمشكلة “آبيي” وكيفية استفادة الجانبين وليس على حساب جانب آخر.
إن انفصال جنوب السودان يضر بالمصالح الاستراتيجية لمصر في السودان وأفريقيا، ذلك لأنه في حالة الصدام بين الدولة الجنوبية “الأفريقية” والدولة الشمالية “العربية”، فإن ذلك سيدفع الدول العربية إلى مساندة الشمال بينما ستدفع الدول الأفريقية إلى مساندة الجنوب بشكل يؤدى إلى تدهور العلاقات العربية / الأفريقية من ناحية ويكون معوقاً أمام العلاقات المصرية مع دول حوض النيل، ويقوض أية إمكانية للتعاون المائي المشترك.
سيترتب على الانفصال الإضرار بالعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد تتعرض البعثات المصرية إلى عدوان من قوى الانفصال المعارضة للتواجد المصري، ويتطلب ذلك وضع خطط لتدعيم وتأمين المصالح المصرية في مجالاتها المختلفة.
كما يجب أن تتحدد استراتيجية ردع لمن تسول له نفسه الاعتداء على أي مصالح مصرية، وأن يكون ذلك معلناً مسبقاً بأسلوب ما تنفذه العمليات النفسية حتى تضمن عدم المساس بكرامة مصر والمصريين عند حدوث أي أزمات.
وينبغي الإشارة هنا إلى أن انفصال جنوب السودان يمثل نجاحاً لأحد أطراف مسلسل الانقسامات التي تعانى منه بعض الدول العربية، فضلاً عن استمرار المشاكل بين الشمال والجنوب حتى بعد الانفصال دون التوصل لحل هذه المشاكل مثل مشكلة “آبيي” مما يعطى الفرصة للدول غير العربية سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي للتدخل في شئون السودان شمالاً وجنوباً مما يؤثر على الأمن القومي المصري.
ولذلك فإن مصر سوف تواجه مأزقاً استراتيجياً لا يستهان به في مدى زمني قصير لا يتجاوز عشر سنوات، إن لم تسارع إلى تبنى تحركات نشطة تستثمر فيها الموارد المتاحة إلى حدها الأقصى، من أجل إنفاذ استراتيجية مركبة تقوم على الحفاظ على تماسك دولة شمال السودان، وكذلك مساعدة دولة جنوب السودان على الاستقرار والتنمية بجهد مصري عربي مشترك، مع السعي بقوة إلى خلق وتشجيع علاقة تعاونية بين شمال وجنوب السودان. وفى الوقت ذاته فإنه يجب الشروع في إطلاق مبادرة جديدة لإنشاء إطار تعاوني جديد يؤسس وينظم تفاعلات دول حوض النيل على أسس موضوعية تقوم على أساس الاعتراف بالمصالح المتبادلة والسعي إلى تحقيق منافع متوازنة للجميع بعيداً عن الأجندات الخارجية التي لن تجلب إلى المنطقة إلا الصراع والدمار والتخريب.
المبحث الثالث :العلاقات العسكرية و الأمنية بين مصر وجنوب السودان
إن انفصال جنوب السودان يؤثر على الأمن القومي المصري أمنياً وعسكرياً، حيث إن هناك أسس للرؤية المصرية لتحقيق الأمن فى جنوب السودان تتحدد من خلال :
أ- أمن السودان يرتبط بالأمن القومي المصري في نطاق العقيدة العسكرية المصرية
ب-دولتا السودان تمثل ركيزة للأمن المائي المصري، وأي مساس بالأمن المائي يهدد الأمن القومي المصري.
ج- أمن الحدود هو مسئولية مشتركة خاصة في المناطق التي تدور حولها توترات أو صراعات بكافة أنواعها.
د- يوجد لمصر قوات عسكرية ومراقبون ضمن قوات حفظ السلام الدولية/ الأفريقية والتي تعمل في جنوب السودان ودارفور، ويقع أمن هذه القوات على عاتق حكومة شمال وحكومة جنوب السودان كالتزام أدبي ودولي.
ه- مسئولية تأمين المصالح المصرية ومنها المشروعات الاقتصادية والثقافية التي أقامتها مصر في السودان هي مسئولية مباشرة للحكومة السودانية طبقاً للقوانين والأعراف الدولية.
و- يحتاج توجه مصر للتعمير في مناطق شرق العوينات وتوشكي والنوبة (بحيرة ناصر) إلى ضمانات أمنية مناسبة ضد احتمالات أعمال تخريبية قد تأتى من الجنوب.
هناك آثار سلبية للأوضاع في السودان وانفصال الجنوب في المجال الأمني العسكري:
أ- المساس بمصالح مصر في السودان يعنى المساس بكرامة مصر وأمنها القومي، وستجد مصر نفسها مضطرة إلى اتخاذ مواقف ربما تصل إلى حد استخدام آليات عسكرية للحفاظ على مصالح وكرامة مصر.
ب-قد تتعرض مصر للخطر العسكري بسبب العلاقات العسكرية الإسرائيلية مع جنوب السودان، إذ أنه من الممكن التخطيط لاختراق شمال السودان، مما قد يعرض المصالح الحيوية في جنوب مصر لأعمال عسكرية بالتعاون مع إسرائيل.
ج- التهديدات فيالاتجاه الإستراتيجي الجنوبي ستؤدى إلى اضطرار مصر للاحتفاظ بقوات مسلحة بحجم مناسب في هذا الاتجاه، وهذا يعكس آثاره في زيادة الإنفاق العسكري وبما يتطلبه من تجهيز مسرح العمليات لمواجهة أية تهديدات مستقبلية.
د- الإرهاب دائماً ما يجد مجالاً في المناطق غير المسيطر عليها أمنياً وكان تنظيم القاعدة هو أول من اتخذ من السودان قاعدة لعملياته وتدريبه، وهذا من الطبيعي أن يؤثر على الوضع الأمني في مصر.
ه- طبقاً لاستراتيجية المنظمات الإرهابية فإن تنفيذ الجرائم الإرهابية لا يقتصر على ساحة الدولة، ولكن يمكن أن ينتقل إلى مختلف المسارح لارتكاب جرائمه، ومع فوضى الانفصال يمكن نزوح جماعات إرهابية لارتكاب جرائم على أرض مصر أو تنفيذ جرائم أخرى ضد المصالح المصرية في أي مكان في المنطقة العربية أو العالم.
و- إن آثار الانفصال سوف تؤدى إلى حالة توتر مستديمة بين مصر والعديد من الدول التي تؤيد الانفصال وتدعم فصائل المعارضة السودانية، وسيتطلب ذلك احتمال قيام مصر بدعم عسكري لحكومة السودان حتى تتمكن من خلاله التصدي للدعم الذي تقدمه هذه الدول.
ز- قيام الحركات الانفصالية الأخرى داخل السودان بالمطالبة بالانفصال على غرار الجنوب، مما يضعف البناء الجغرافي لدولة السودان وإنشاء دويلات صغيرة متنازعة في جنوب مصر، وما لذلك من تأثيرات مباشرة على أمن مصر القومي.
ح- إن أي تهديد لحدود مصر الجنوبية قد يترتب عليه مواجهات عسكرية طبقاً للمباديء المصرية في عدم المساس بحدودها وردع أي محاولات لاختراقها.
ط- إمكانية تحول جنوب السودان لقاعدة متقدمة للتواجد الأجنبي بالمنطقة، وما يمثله من تهديد مباشر للأمن القومي المصري على الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي.
يرى البعض إنه رغم أن القارة الأفريقية تعتبر منطقة المناورات، والدعم الفني والإداري للقوات لتنفيذ مهامها؛ لإعادة التمركز والانتشار بين مختلف مسارح العمليات، وذلك من المنظور الجيوستراتيجي، خاصة وأن هذا البعد يكتسب أسبقية متقدمة في خطط القوى الدولية؛ لإعادة صياغة الترتيبات الأمنية للنظام العالمي، وما يطلق عليه الحرب ضد الإرهاب.
إلا أن تراجع الدور المصرى على الساحة الأفريقية في المجال الأمني والعسكري وباقي المجالات أتاح الظروف المناسبة لعودة القوى الدولية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية، للصراع على مناطق النفوذ بالتركيز على منطقة القرن الأفريقي التي تحولت قاعدة للمناورة الأساسية للقوات في منطقة العمليات الرئيسية لتلك القوى بين مسرحي الشرق الأوسط وآسيا، كذلك منطقة الساحل الصحراوي الأفريقي في إطار الحرب ضد الإرهاب
ومن الواضح أن الأزمات التي تعرض لها الدور الإقليمي المصري والسياسة المصرية في أفريقيا منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي، التي تمثلت أهم مظاهرها في تراجع الاهتمام بالدائرة الأفريقية بالتوازي مع تصاعد الوزن النسبي لدور المنافسين الإقليميين كإسرائيل وإيران، وكذا بعض الدول الأفريقية مثل جنوب أفريقيا ونيجيريا وأثيوبيا، ترتب عليها جمود الحركة المصرية الفاعلة في منطقة المصالح الحيوية لمصر.
وقد برز في نهاية التسعينيات بداية جديدة للدور المصري اتسمت في مجملها بالنشاط، وارتبط ذلك بالحديث عن أهمية إصلاح الأمم المتحدة، وتوسيع العضوية بمجلس الأمن الدولي، الأمر الذي دفع مصر لتنشيط دورها في أفريقيا خاصة في مجال الأمن وحفظ السلام.إن التحولات الجذرية التي شهدتها مصر باندلاع ثورتي 25 يناير و30 يونيو قد أفرزت مناخًا جديدًا يتيح إمكانية استعادة الدور المصري على الساحة الأفريقية مرة أخرى وفقًا لإستراتيجية ترتكز على تحقيق الأهداف والمصالح المصرية، خاصة بمناطق الاهتمام الرئيسية، وتتسم بالثبات والإيجابية في كافة مجالات التعاون، وتتحول من رد الفعل إلى الرغبة الحقيقية في تحقيق المصالح المشتركة دون الاصطدام بالقوى الدولية والإقليمية الفاعلة.
ولن يتأتى ذلك إلا من خلال حوار جاد ،معها يلبي مصالح كافة الأطراف.
ولعل الزيارات التي نفذتها مصر على المستويين الرسمي والشعبي لبعض دول حوض النيل إبان ثورتي 25 يناير و30 يونيو تمثل مدخلًا مناسبًا يلزم استثماره وتطويره خلال المرحلة المقبلة؛ حفاظًا على مصالح مصر الإستراتيجية داخل القارة عامة، وجنوب السودان خاصة.
وارتباطًا بالأهداف المصرية في جنوب السودان، فإن الأهداف الأمنية والعسكرية تهدف بشكل أساسي إلى تأمين المصالح المصرية في كافة المجالات إلى جانب المساهمة في خدمة الأهداف القومية.
قامت مصر بتطوير سياستها التعاونية، وببناء علاقات استراتيجية مع دولة جنوب السودان، لما تمثله الدولة الوليدة من عمق استراتيجي لها، خاصة فيما يتعلق بقضايا المياه التي تمثل جزءا جوهريا وحيويا من مصالح أمنها القومي.
حيث تعتزم مصر تقديم مساعدتها للدولة الجديدة في مجالات تنمية وإدارة الموارد المائية، والكهرباء، والصناعة، والنفط، والغاز الطبيعي، والنقل، والزراعة، والثروة الحيوانية والسمكية، فضلا عن رعايتها للقطاعين التعليمي والطبي في جوبا.وفي حقيقة الأمر، لن نستطيع التكهن، منذ الآن، باتجاه السياسة المائية لدولة جنوب السودان المقبلة تجاه مياه النيل، وبالتالي تجاه مصر.
فعلي الرغم من التطمينات المستمرة التي ترسلها دولة جنوب السودان إلي مصر، مؤكدة دوما عدم المساس بحصة مصر من مياه النيل، عارضة الوساطة لدي إثيوبيا لحل الخلاف حول إعادة تقسيم مياه النيل وإقامة سد الألفية، فإنه من المؤكد أن هذه السياسة المائية المستقبلية للدولة الوليدة ستخضع لحسابات المكسب والخسارة في دولة الجنوب، كما ستتعرض لبعض الضغوط الإقليمية والدولية، خاصة مع وجود تنسيق واضح بين الجنوب وإسرائيل.
فالعلاقات القوية والقديمة بين إسرائيل ودولة الجنوب قد تفسد العلاقة بينها وبين مصر، مثلما حدث بين مصر ودول الحوض التي بها وجود إسرائيلي قوي، مثل أوغندا وكينيا وإثيوبيا. حيث يري المراقبون أن إسرائيل ستسعي إلي إقامة السدود علي نهر النيل في جنوب السودان، كما ستحاول إقناع الجنوب بفكرة بيع مياه النيل، وهي القضايا التي تشكل خطرا علي أمن مصر القومي، ومن ثم من شأنها أن تؤثر بشكل كبير في مستقبل العلاقات بين الدولتين.
ففي 2013/4/28، توجه الفريق صدقي صبحي، رئيس أركان القوات المسلحة على رأس وفد إلى الخرطوم في زيارة للسودان التقى خلالها عددًا من المسؤولين العسكريين السودانيين لبحث سبل دعم علاقات التعاون بين مصر والسودان والاستفادة من الخبرات المصرية في مجالات التدريب والتسليح وبحث التعاون في حفظ الحدود المشتركة.في 2014/2/5، قام عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع السوداني بزيارة إلى مصر التقى خلالها بالمشير عبد الفتاح السيسي القائد العام لقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي وقتذاك.
وقد اتفق الوزيران على إنشاء قوة مشتركة لتأمين الحدود بين البلدين، وعقد دورات تدريبية مشتركة، بجانب التعاون في مجالات التسليح، وتبادل الخبرات العسكرية ودعم التعاون الأمني
الفصل الثانى :العلاقات الأقتصادية بين مصر و جنوب السودان
المبحث الأول : التبادل التجارى و الأستثمارات
يشغل جنوب السودان حوالى ربع مساحة السودان البالغة 2.5 مليون كليو متر مربعا تقريبا ، تشكل المراعى 40 % من الجنوب السودانى و الأراضى الزراعية 30 % بينما تشغل الغابات الطبيعية 23 % و المسطحات المائية 7 % من مجمل المساحة ، تتمثل المدن الرئيسية فى جوبا ،واو ، ملكال ، بانتيو ، وارب، الرنك ، أويل ، نيمولى . منذ إنتهاء الحرب الأهلية و توقيع إتفاق السلام الشامل توافد الى الجنوب معظم المنظمات الدولية و الإقليمية و منظمات المجتمع المدنى للمساهمة فى أنشطة الأعمار و التنمية و التطوير، بمشاركة القطاع الخاص و المستثمرين العرب لفتح الطرق الرئيسية لربط شمال السودان بالجنوب و بدول الجوار بالأضافة الى تنفيذ خطة لتطوير النقل النهرى مكن كوستى لجوبا ، تطوير خط سكك حديدية التى تسهل إنتقال البضائع و الأفراد. أدى توقيع إتفاق السلام الشامل فى 2005 الى تزايد الأهتمام الدولى و الإقليمى لتطوير و تنمية جنوب السودان ، و هو ما دفع مجلس وزراء الخارجية العرب لاقرار افتتاح مكتب للجامعة العربية فى جنوب السودان لتنسيق العون العربى للمساهمة و تنفيذ اتفاقية السلام الشامل و العمل على دعم انشطة إعادة الأعمار و النهوض بجنوب السودان.
تكتسب العلاقات الاقتصادية المصرية الأفريقية أهمية بالغة؛ لارتباطها بالبعد الإستراتيجي للعلاقات التاريخية التي تربط مصر بأشقائها الأفارقة، كما أن العلاقات الاقتصادية التي تدعم المصالح المشتركة، وتسهم في إحداث التنمية الشاملة لكل الأطراف تلعب دورًا مؤثرًا في دعم هذه العلاقات، وأن التبادل التجاري والاستثمار المشترك من الأدوات المهمة المطلوب تعظيمها وتكثيفها، مع دراسة للواقع والظروف التي تحدد طبيعة وأساليب التعامل مع السوق الأفريقية، حيث يوجد عدد من العوامل المؤثرة التي يمكن أن تسهم في تدعيم العلاقات الاقتصادية بين مصر وأفريقيا عامة وجنوب السودان خاصة.
هذا لو تم أخذها بالاعتبار من قِبَل صانعي القرار. ويمثل الدور المصري المتنامي تجاه دائرة حوض النيل، وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري، وإزالة الصعوبات التي تعترضها، بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص المصري للدخول في شراكات مع نظيره الجنوب سوداني، وإعطائه الأولوية لمجالات “الزراعة- التصنيع الزراعي- الصحة- التشييد والبناء والمقاولات- الكهرباء والطاقة والبتروكيماويات
يرى البعض أن العلاقات المصرية و جنوب السودان التجارية مازالت على حالها طي النسيان ، فعلى الرغم من اشتراك الدولتان في النهر – نهر النيل – وهو ذو أهمية حيوية لكليهما، لكن مع تورط مصر في انتقالها من الفوضى والاضطراب الاقتصادي ، يفتقر قادتها إلى الوقت أو الإرادة السياسية لإعادة تشكيل العلاقات منذ انفصال جنوب السودان في يوليو 2011 .
و قبل الاستقلال، كانت تجارة مصر قديمة الامد مع الجنوب قبل انفصاله تتم عبر جارتها الشمالية ، التي تشترك معها في حدود طويلة و علاقات سياسية وثقافية تاريخية. ولكن مع جنوب السودان المستقل الآن – وهى الدولة غير الساحلية – والتي تعاني من العلاقات الفاترة مع الشمال، تواجهه الشركات المصرية تحديا جديدا في تطوير التجارة الثنائية.
قال الأمين العام للاتحاد العام للصناعات المصرية “هناك مشكلة كبيرة لإمكانية الوصول إلى جنوب السودان. فالشحن يتم عن طريق دول أخرى، ومعظمه عبر إثيوبيا ، و النقل يعد مشكلة تاريخية ، فمعظم التجارة كانت مع الجزء الشمالى من السودان.”
يضيف ” لدينا اتفاقية التجارة الحرة . ونحن بصدد الانتهاء من تفعيل اتفاقية التجارة نفسها التي لدينا مع الشمال، والذي سيزيد بشكل كبير التجارة مع الجنوب، “عموما فان معظم التجارة بين مصر والسودان غير رسمية، ومنطقة الحدود تشتعل بالتهريب”. فالتجارة الرسمية مع الجنوب يعوقها الخلافات المريرة بين دولتى الشمال والشمال السودانى حول تقاسم الأرض والسيادة والعائدات النفطية، والتي أدت إلى تفاقم العقبات التجارية للشركات التي تعمل هناك.
وذكر التقرير انه حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان بلغ 542.7 مليون دولار في عام 2010، حيث بلغت قيمة الصادرات المصرية 503.2مليون دولار، وفقا لوزارة التجارة المصرية. و هذه هى آخر الأرقام المتوفرة ، و لا توجد اى بيانات بشان إحصاءات التجارة مع جنوب السودان .يقول هشام الخازندار، المؤسس المشارك والعضو المنتدب لشركة سيتدال كابيتال للاوراق المالية والاستثمار ” التأثير السلبي على الجانب التجاري ليس نتيجة الانفصال، ولكن نتيجة للصراعات التي تلت ذلك على النفط. ”
ويضيف ان مثل هذه المشاكل كان يمكن التنبؤ بها، والمستثمرين مثله كانوا مستعدين للتغييرات السياسية.
فلقد بدئنا فى ملاحقة الفرص وتطوير العلاقات مع المسؤولين الحكوميين والقطاع الخاص في جنوب السودان قبل وقت طويل من الاستفتاء والاستقلال.وكان هذا النوع من التوعية ما قبل الاستقلال هدف مؤتمر الاستثمار العربي الأول الذي عقد في العاصمة السودانية الجنوبية، جوبا، في فبراير 2010. وقام وفد من رجال الأعمال المصريين برصد خط مباشر لرأس المال على أمل الفرص المستقبلية في سوق غير مستغلة ومربحة.كرر مصطفى الجندي، عضو البرلمان المصري السابق وأحد رجال الأعمال الذين حضروا مؤتمر جوبا، أن التعاون في مجال الزراعة “يجب أن يكون من الأولويات”.
وحث مصر لتعزيز الروابط مع أفريقيا و اشار انه لا يمكن تحقيق أي تطور في مصر دون دول وادي النيل. و من الضرورى العمل على مشروعات النقل النهري لربط القاهرة مع الخرطوم وجنوب السودان فهى الوسيلة ألارخص وألاسرع” لحل مشكلة النقل و التبادل التجارى الثلاثى .ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الاسرائيلية أن ، وزير الطاقة والمياه في إسرائيل وقع اتفاقا للعمل مع الحكومة السودانية الجنوبية على البنية التحتية للمياه وتطوير التكنولوجيا، مما دفع القاهرة للقلق .
وفي حين أن النيل لا يزال على رأس جدول الأعمال الاستراتيجي لمصر، تواجه كلا البلدين قضايا لم تحل مع الجار الجنوبى، بما في ذلك نزاع مصر مع السودان الذى مازال قائما على منطقة الحدود المتنازع عليها المعروفة باسم مثلث حلايب، و ان كان وزير الخارجية السابق ورئيس الجامعة العربية الحالي نبيل العربى،قد اقترح ان يصبح المثلث منطقة استثمارية مشتركة
يمكن تلخيص المحددات الاقتصادية في الآتي :
1. تذليل العقبات أمام تنمية العلاقات الثنائية بين مصر وجنوب السودان، والمتعددة مع دول حوض النيل، والبحث في إمكانية تطويرها، بالإضافة إلى ضرورة تفعيل العمل المشترك في التجمعات الإقليمية والقارية التي تشترك فيها مصر ودول حوض النيل؛ بهدف تنسيق وتفعيل التعاون الاقتصادي.
2. قصور وسائل النقل والمواصلات، سواء البحري أو النهري أو البرى أو الجوى التي تخدم حركة التجارة مع جنوب السودان خاصة، وأنها دولة حبيسة تعاني من عدم وجود موانئ بحرية والطرق الممهدة، وكذلك النقل النهري والسكك الحديدية.
3. يعاني جنوب السودان من مشاكل اقتصادية واجتماعية، مثل حجم الديون، والبطالة، والفقر، والأمية، وانخفاض الدخل القومي، ووجود فوارق كبيرة في الدخل بين طبقات المجتمع نتيجة الخلل في التوزيع.
4. عدم توفر قاعدة بيانات اقتصادية دقيقة لاحتياجات جنوب السودان والدول المجاورة لها وإمكاناتها المختلفة. كذلك عدم توافر المعلومات الحديثة والدقيقة لمتطلبات واحتياجات كل من الأسواق المصرية لدى المصدر الجنوب سوداني التي يتوقف عليها الأسلوب الصحيح لإقامة علاقات تجارية، أو مشروعات صناعية تقوم على التكامل وتبادل المنفعة.
5. غياب التنظيم المؤسسي لرجال الأعمال (غرف تجارية- توكيلات تجارية- بيوت خبرة- شركات تسويق- أفرع للبنوك الوطنية في كلا الدولتين) التي تعمل على إيجاد علاقة بين عناصر الإنتاج، وأماكن التسويق في الدولتين.
6. محورية العلاقات المصرية الاقتصادية مع جنوب السودان ما زالت في إطار حكومي رسمي دون اشتراك باقي المؤسسات.
7. محدودية القدرات المادية المصرية التي يمكن من خلالها تقديم الدعم والمساعدات والمنح المقدَّمة لدول الحوض خاصة عند المقارنة بها حاليًّا، وما كانت تقدمه إبان فترة التحرير في عقد الستينيات من القرن الماضي.
8. يعتبر موضوع مياه النيل هو المحدد الرئيسي في العلاقات مع جمهورية جنوب السودان، في إطار المحاولات الإثيوبية المستمرة لإقامة مشروعاتها المائية المستقبلية التي تؤثر على حصة مصر من المياه، ورفضها المستمر الدخول أو الاشتراك في مشروعات التعاون المائي المشترك مع دول الحوض إلا بشرط إعادة النظر في اتفاقات 1959 وتعديلها.
9. حالة الرفض والتنصل التي تتزعمها بعض دول الحوض في عدم الاعتراف بالاتفاقات المائية المبرمة، وطلبها إعادة تحديد الحصص المائية لدول الحوض، واتهام مصر بزيادة حصتها المائية مقارنة بباقي دول الحوض.
10. تواجه مصر منافسة لقوى إقليمية وعالمية “الولايات المتحدة، أوربا، إسرائيل، الصين” في تقديم المعونات والخبرات والمنح والقروض؛ لحل الأزمات الاقتصادية، وزيادة التبادل التجاري لفتح أسواق جديدة لهم داخل جنوب السودان.
التبادل التجاري هو الأساس في تشكيل العلاقات بين أي بلدين.
ويتحدد حجمه وتتكيف نوعيته تبعًا للمميزات النسبية التي يتمتع بها كل من البلدين في إنتاج السلع والخدمات المتبادلة؛ نتيجة لاختلاف العوامل الإنتاجية وخاصة رأس المال والعمل بين البلدين، مما يساعد على زيادة الكفاءة الاقتصادية للوحدات الإنتاجية فيه ، فهناك مشروعات مقترحة،من أبرز المشروعات المصرية المقترحة فى جنوب السودان من قبل الجهات المعنية بتفعيل التكامل بين البلدين :
• إقامة معرض دائم لبيع وتسويق المنتجات المصرية.
• تيسير خط طيران مباشر بين القاهرة و جوبا لشحن البضائع و الرحلات .
• مد بث إرسال القنوات الفضائية المصرية الى جنوب السودان ، توفير مطبوعات و كتب لربط الثقافة.
• إقامة محطة لتنقية مياه الشرب و التوسع فى حفر الأبار فى المناطق السكانية.
• إرسال عدد من القوافل الطبية للعمل بالولايات الجنوبية ، إقامة منفذ لبيع الأدوية المصرية للجنوبيين.
• زيادة المنح التعليمية و التدريبية للجنوبيين فى كافة المجالات خاصة المهنية (زراعة –صناعات خفيفة – تربية حيوانية – مزارع سمكية )
• تفعيل إجراءات إنشاء فرع جامعة الأسكندرية فى مدينة التونج بولاية واراب و إمدادها بالإحتياجات اللازمة.
أبرز المشروعات التى يمكن تنفيذها على المدى الطويل : دراسة إقامة عدد من المشروعات الربط مثل طرق ،كبارى ، سكك حديد ، شبكة اتصالات.دراسة استغلال الثورة الحيوانية المتوفرة فى جنوب السودان و إمكانية تصديرها لمصر.إقامة عدد من المصانع صغيرة الحجم (مواد غذائية- أدوية –ملابس –صناعات بلاستيكية).إقامة عدة مشروعات زراعية لإنتاج القمح و الذرة و المحاصيل الزيتية فى الأراضى المروية بالأمطار فى ولايات الجنوب.دراسة إقامة عدد من مشروعات الآستزراع السمكى فى مناطق المستنقعات المائية بجنوب السودان و إقامة صناعات تكميلية تربط بالمزارع السمكية.
شاركت مصر بوفد كبير ضم أكثر من ١٠ شركات في مؤتمر الاستثمار الذي عقد في ٤ ديسمبر ٢٠١٣ وتم خلاله الاتفاق على عدد من المشروعات، ولكن الأزمة الحالية التي بدأت بعد عشرة أيام من نهاية المؤتمر أدت إلى توقف كل الاستثمارات نظرا للتدهور السريع في الوضع الأمني وضعف البنية التحتية، وهما مازالا يقفان حائلا دون استغلال موارد جنوب السودان المتعددة الاستغلال الأمثل.
لكنه أشار إلى أنه رغم ذلك هناك تواجد محدود لرجال الأعمال المصريين في جنوب السودان، فشركة (القلعة) تمتلك أراض بولاية الوحدة تبلغ مساحتها 225 ألف فدان إلا أنه لم يتم بدء الزراعة سوى بمساحة 5 آلاف فدان فقط، وتعمل شركة “Tri-Ocean” النفطية بجنوب السودان ضمن شركات أخرى صينية وماليزية وهندية لإنتاج النفط بولاية “أعالي النيل”، كما تعمل شركة “Asec” في مجال الإسمنت بجنوب السودان، وتمتلك “مجموعة أحمد بهجت” أرض بجوبا لإقامة فندق خمس نجوم، وقد انتهت المجموعة من بناء مول تجاري بجوبا، وسوف يتم افتتاح أجزاء منه قريبا، كما تم افتتاح قناة إذاعية “DREAM FM”، وهناك شركة لصناعة الأثاث والمقاولات والبناء والتشييد، كما يتردد عدد من رجال الأعمال المصريين لجوبا بشكل غير منتظم لتصدير منتجات غذائية بسيطة.وأوضح السفير أيمن الجمال أنه يصعب تحديد حجم التجارة لعدم توفر البيانات حاليا، وأنه بالرغم من ذلك تقدم مصر مجموعة من المشروعات تركز على أربعة محاور رئيسية هي الزراعة والإنتاج السمكي والحيواني، البنية التحتية، التعليم والتدريب لرفع كفاءة الموارد البشرية، والصحة. وأضاف أنه في مجال الكهرباء تسعى مصر لإنشاء محطات طاقة شمسية بقدرة إجمالية 5 ميجا وات في جنوب السودان ضمن مشروعات المبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل، وتم اختيار ولاية غرب بحر الغزال (واو) لإنشاء أول محطة طاقة شمسية، كما أن هناك خطة للتعاون في مجال الكهرباء تتضمن تقديم ١٣ دورة تدريبية سنويا لكوادر وزارة الكهرباء الجنوبية سنويا..
موضحا أنه يتم ترشيح ٣٢ متدربا بكل دورة، علما بأن مصر سبق لها بناء أربع محطات توليد كهرباء بمنحة قدرها 158 مليون جنيه مصرى. فأن مصر قدمت الكثير في المجال الصحى، وأن هناك العيادة المصرية في جوبا والمتواجدة منذ إبريل 2008 وتستقبل أكثر من 300 مريض يوميا بأسعار شبه مجانية، وأيضا العيادات المصرية في مدن “بور وأكون” والتي تم افتتاحهما في 2013، إلا أن اندلاع الحرب الأهلية في جنوب السودان أدى إلى غلق العيادتين وإخلاء أطقمها الفنية.وأضاف أنه تم إرسال بعض المساعدات في مجال الصحة، وإرسال فريق طبي عسكري قام بإجراء عمليات جراحية في المستشفى العسكري في إبريل 2014، وإرسال قافلتين طبيتين إلى جنوب السودان الأولى مستشفى جوبا التعليمي والثانية إلى مدينة واو، كما تم تقديم مجموعة من المنح الدراسية للماجستير في مجال الطب وفى مجال التعليم.
المبحث الثانى: العلاقات الزراعية و الأمن الغذائى
إن الجنوب فقير ولكن إمكانياته غنية. نحتاج إلى مساعدات لتطوير القطاع غير النفطي”. هذا ملخص للموقف الاقتصادي في الجنوب،. وقد استفاضت تقارير البنك الدولي في تفصيلات هذا الموقف، الذي يمكن إيجازه بما يلي: تحصل حكومة الجنوب 98% من إيراداتها من النفط، وهذا يعني أن الإيراد من الحقول الاقتصادية الأخرى يقارب الصفر.
وبناءً عليه وجهت نائبة رئيس البنك الدولي للشؤون الافريقية أوبيا جلي أزيكويلي بعض النصائح لحكومة الجنوب، منها :
-تقتضي حماية اقتصاد الدولة، ألا يعتمد الجنوب على البترول وحده، وأن يهتم بالقطاع الزراعي، فهو مرشح لأن يكون القاطرة التي تدفع التنمية في الجنوب لوجود أراضٍ خصبة كثيرة.
-ضرورة التنويع في مصادر الدخل القومي، وتنشيط قطاع الخدمات والسياحة والاهتمام بتوفير الوظائف ورفع كفاءة الأداء.
-يحتاج الجنوب إلى إصلاحات هيكلية لتوسيع نطاق اقتصاده وتشجيع القطاع الخاص وعلى وجه الخصوص أصحاب المشروعات الصغيرة، في سبيل خفض نسبة الفقر وتخفيف أعباء الدين الخارجي.
والجدير بالذكر أن جنوب السودان يتفاوض مع الحكومة السودانية في الشمال لتحديد نصيبه في الدين العام.غير أن الدكتور أحمد مجذوب أحمد، أستاذ الاقتصاد بجامعة أم درمان، كان أكثر تشاؤما في رؤيته الموقف الاقتصادي في الجنوب الحالي والمستقبلي.
فهو يقسم حال اقتصاد الجنوب إلى مرحلتين: الأولى، من استقلال السودان في سنة 1956 حتى توقيع اتفاقية السلام الشامل في 2005. ويقول الكاتب ان اقتصاد الجنوب في هذه المرحلة يساوي صفراً بسبب الحرب الأهلية في مراحلها المختلفة التي منعت التنمية.
بل كان الاقتصاد في هذه الفترة الطويلة مستنزِفاً للاقتصاد القومي وتابعا له. أما المرحلة التي أعقبت 2005، فقد شهد الجنوب تحويل جزء من الموارد القومية إليه تنفيذا لبروتوكول تقسيم الثروة.
غير أن بنيته التحتية ظلت بدائية، ولن تتغير بعد الانفصال، لأن التغيير سيمس عاملا واحدا فقط هو زيادة التدفقات المالية الناتجة عن النفط. وهذا العامل بمفرده لن يستطيع أن يحدث نقلة نوعية على المديين القصير والمتوسط. وأضاف الكاتب أن انغلاق اقتصاد الجنوب، واعتماده على دول الجوار يجعله رهيناً للأجندات الأمنية والسياسية لهذه الدول.
كما يجب الأخذ في الاعتبار الصراعات القبلية وتحديات الاستقرار السياسي والاجتماعي. و قد يترتب على الانفصال الإضرار بالعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وقد تتعرض البعثات المصرية إلى عدوان من قوى الانفصال المعارضة للتواجد المصري، ويتطلب ذلك وضع خطط لتدعيم وتأمين المصالح المصرية في مجالاتها المختلفة.
إن لإنفصال الجنوب تاثير على الأمن القومى المصرى اقتصاديا و اجتماعيا ، فالأمن القومى المصرى يتاثر بانعكاس حالة الأستقرار فى السودان على العلاقات المصرية السودانية شمالا و جنوبا فيما يلى :
التكامل مع دولتي السودان في مجال الأمن الغذائي من خلال إقامة مشروعات مشتركة في المجال الزراعي (خاصة إنتاج المحاصيل) لمواجهة آثار ارتفاع الأسعار العالمية. إقامة مشروعات اقتصادية وثقافية بدعم مصري من أجل مساعدة دولتي السودان، وذلك على نمط فرع “جامعة القاهرة” في الخرطوم وفرع “جامعة الأزهر” وفرع “جامعة الإسكندرية ” في جوبا وغير ذلك من المنشئات.
إن مشكلة الأمن الغذائى لا تزال مشكلة قارة افريقيا ككل ، فهى ليست قصور عرض الغذاء فقط ، إنما تتداخل فيها عوامل العرض مثل حجم الإنتاج أو سياسات توزيعه مع عوامل الطلب.يمكن تلخيص الأسباب الأساسية لمشكل إنعدام الأمن الغذائى فى جنوب السودان على النحو التالى :
انخفاض الأنتاجية الزراعية: تمثل مشكلة ندرة المياه ومحدوديتها أحد أهم التحديات الحالية والمستقبلية للسياسة المصرية وذلك لتلبية الطلب المتزايد على الغذاء نتيجه النمو السكاني و التقدم العمراني الذي تسعى مصر لتحقيقه.
وتتركز جوانب الخلاف والصراع في حوض النيل الشرقي والذي تأتي من خلاله حوالي ٨٦ % من مياه النيل(من المرتفعات الأثيوبية) وتتمثل هذه التحديات في عدم قبول الاتفاقات السابقة والتي تعطي لمصر والسودان كدولتي مصب حقوق تاريخية مكتسبه إلى جانب التوترات وحالات التهديد التي حكمت علاقات أهم دولتين في حوض النيل وهما”مصر وأثيوبيا”.
فعلى الرغم من الدور المحورى للزراعة فى الأقتصاد، فهناك انخفاض إنفاق على البحوث الزراعية مما ادى الى انخفاض القدرات الأساسية و تدنى البنية التحتية و التباطؤ لقضايا التكنولوجيات الزراعية الحديثة،هناك تحديات تغير المناخ و فقدان التنوع البيولوجى و التنوع الزراعى، زيادة انتشار الآفات وانخفاض غلة المحاصيل، انخفاض إنتاج مصايد الأسماك.
ارتفاع معدل نمو السكان ، و هو الأمر الذى يؤدى الى نمو الطلب على الغذاء مع عدم قدرة الأنتاج الزراعى على تلبية هذة الزيادة من جهة ومن جهة اخرى يشكل ضغطا على الموارد الزراعية ، و إهلاك الأراضى الزراعية ، ثم إنخفاض الأنتاج .
عدم كفاءة نطم و سياسات توزيع الغذاء و هو يرتبط بعدم قدرة السكان الحصول على ما يحتاجون اليه من مواد غذائية.
الفقر و إنخفاض الدخل ، تنعكس هذة المشكلة فى زيادة معدلات الأطفال تحت الخامسة ، لاتقتصر المشكلة على إنخفاض الدخول فقط و إنما فى إرتفاع الأسعار للسلع الغذائية التى ساهمت فى تدهور القوة الشرائية للفقراء.
انتشار الأمراض والتى تؤدى الى تبعات اقتصادية سيئة مثل انخفاض الأدخار و الأنتاجية، و اصبحت الموارد توجه للرعاية الصحية بدلا من الأنفاق على التغذية و الأستثمار وبالتالى الأنتاج الزراعى و مستوى التغذية .
يجب ان تتبنى مصر تحركات نشطة تستثمر فيها الموارد المتاحة إلى حدها الأقصى ، من اجل إنقاذ استراتيجية مركبة تقوم على الحفاظ على مساعدة جنوب السودان على الأستقرار و التنمية بجهد مصرى عربى مشترك ، مع السعى بقوة إلى خلق و تشجيع علاقة تعاونية بين شمال و جنوب السودان ، فى الوقت ذاته ، يجب الشروع فى مبادرة جديدة لإنشاء إطار تعاونى جديد يؤسس و ينطم تفاعلات دول حوض النيل على أسس موضوعية تقوم على أسس الأعتراف بالمصالح المتبادلة و السعى إلى تحقيق منافع متوازنة للجميع بعيدا عن الأجندات الخارجية التى لن تجلب إلا الصراع و الدمار .
هناك مقترحات مصرية للتعامل مع هذة المشكلة و حلها مثل تحسين إنتاجية صغار المزارعين من خلال تمكينهم من الوصول الى تقنيات و مدخلات الأنتاج الحديثة ، نشر الثقافة و التوعية الصحية عن التغذية السليمة ، تمكين المرأة و غيرها من الجماعات المهمشة من الحصول على الأراضى و المشاركة فى صنع القرار.
هناك تبادل زيارات لمسئولي مصر وجنوب السودان.
وبالنسبة لتطوير العلاقات مع مصر، فالعلاقات حاليا بالفعل متطورة ونامية في كافة المجالات، ومنها الري، حيث يوجد تعاون كبير، حيث تشارك مصر حاليا في مشروعات كبيرة في مجال الري وإزالة الأعشاب من المناطق الموجودة بها .
قال وزير الزراعة والغابات بجنوب السودان بيدا مشار دينج إن العلاقات المصرية – الجنوب سودانية قديمة وتاريخية, وتفوق في خصوصيتها أي دولة أخرى, موضحا أنه عقب اتفاق أديس أبابا عام 1972, قدمت مصر منحا دراسية لطلاب جنوب السودان في مختلف المجالات من بينها الزراعة. وأضاف – في تصريحات صحفية في جوبا أن الحرب بين الجنوب والشمال أوقفت تطور العلاقات لفترة كبيرة, لكن استقلال جنوب السودان أتاح تجديد العلاقات وتعزيزها, مشيرا إلى قيامه بزيارة هامة إلى مصر في عام 2013 لتعزيز التعاون الزراعي, وفيما يتعلق باحتياجات جنوب السودان الزراعية, قال بيدا “إن جنوب السودان تحتاج للمساعدة المصرية في مختلف المجالات, خصوصا التكنولوجيا الحديثة في استصلاح الأراضي, والتدريب وتنمية القدرات البشرية. وأشار إلى أنه تم توقيع مذكرات تفاهم بين البلدين لتطهير المجاري خصوصا أنهار الناصر وبحر الجبل وبحر الغزال, لتسهيل الاتصال بين أجزاء الدولة, وتنمية الأراضي الزراعية المحيطة, وتقليل كميات البخر للمياه, وبالتالي زيادة تدفقها لمصر, بالإضافة لتشجيع التبادل التجاري. وفيما يتعلق بالاستراتيجية الزراعية لجنوب السودان, أوضح بيدا أن وزارته أعدت الخطة الزراعية الشاملة للـ25 عاما المقبلة, والتي تتضمن تحويل جنوب السودان لمركز تصديري للعديد من الصادرات, كالأرز وعباد الشمس والسمسم, وأضاف بيدا أن الخطة تمت مناقشتها وإقرارها في البرلمان.
أوضح الجمال أن الحكومة المصرية قامت منذ ٢٠٠٨ بتوقيع عدد من الاتفاقات والبروتوكولات بهدف تقديم مساعدات فنية لدولة جنوب السودان؛ منها المعمل المركزى في جوبا لتحليل نوعية المياه، وإنشاء مزرعة نموذجية على مساحة 100 فدان في مدينة واو وهى تحت الإنشاء حاليا لرفع المعاناة عن المواطنين. حول التعاون في المجال الزراعي قال إنه يتم حاليا إنشاء مزرعة نموذجية على مساحة 100 فدان في مدينة واو/ ولاية غرب بحر الغزال، وهناك دراسة إنشاء مزرعة نموذجية على مساحة 400 فدان في كواجوك/ ولاية واراب في مجال الثروة الحيوانية والسمكية: هناك مشروع الاستزراع السمكي المتكامل في إطار مبادرة تنمية دول حوض النيل، وأنه تم توقيع العقد التنفيذى لإقامة المشروع في مدينة واو بولاية غرب بحر الغزال مؤخرا في سبتمبر من العام الحالى، وأيضا مشروع إنشاء مزرعة إنتاج حيواني، وتم توقيع العقد التنفيذى لإقامة المشروع في مدينة واو بولاية غرب بحر الغزال، وجار دراسة إنشاء مشروع استزراع سمكي في كواجوك ولاية واراب.
وقال إن الرئيس سيلفا كير قام بتشكيل مجلس الأمن الغذائي برئاسته, ما يعكس أولوية ملف الزراعة على أجندته, كما يعتزم توزيع 1000 جرار زراعي على المواطنين بمختلف الولايات لتحسين الأوضاع الزراعية, واختتم الوزير حديثه بتطلعه بربط بلدان وأسواق القارة الأفريقية, خصوصا طريق القاهرة – كيب تاون, مشددا على أنه إذا توافرت الإرادة لدى مصر ودولة جنوب أفريقيا وباقي الدول الأفريقية الأخرى فإن تحقيق تلك المشاريع أمر ممكن وسيجسد حلم الاتحاد الحقيقي لأفريقيا دولا وشعوب
كما وقعت مصر مع جنوب السودان في نهاية شهر مايو الماضي2015 عقد تنفيذ مشروع مزرعة سمكية نموذجية هي الأولي من نوعها في جنوب السودان وتعد البداية لمشروعات أخري بمجالي الثروة السمكية والحيوانية لا سيما أن مصر تعتزم إنشاء مجزر آلي لتميكن جنوب السودان من الاستفادة من ثروتها الحيوانية.كما شجعت مصر رجال الأعمال المصريين للدخول بأموالها الي جنوب السودان فدخلت شركة للكهرباء إلي سوق جنوب السودان التمويل مشروعات للكهرباء تقدر بنحو200 مليون دولار بالتعاون مع وزارة الكهرباء الجنوبية. الي جانب مشروع إنشاء منتجع سياحي وسوق تجارية تنفذه مجموعة أستثمارية ومشروع لشركة لصناعة مواسير الصرف الصحي لبناء محطة لتنقية المياه بطاقة250 ألف متر مكعب وتطوير شبكتي المياه والصرف الصحي في جوبا وهناك مشروعات لتصدير المنتجات المصرية لمستثمرين صغار في اطار ما يعرف بتجارة الحاويات أو كبار مثل شركة دولي التي تقوم بتصدير المكرونة والصلصة لجنوب السودان وتستحوذ علي حصة سوقية تتراوح ما بين60 إلي70%.
وفي مجال الزراعة دخلت إحدي الشركات المصرية الكبري حيث استأجرت مساحة220 ألف فدان في ولاية الوحدة لإقامة مشروعات زراعية.
وكانت مصر قد نظمت مؤتمرا فى شهر فبراير من العام الحالى لعرض دراسات إقامة سد متعدد الأغراض فى جنوب السودان، من أجل توليد الكهرباء وتوفير مياه الشرب لأكثر من 500 ألف نسمة فى إطار دعم مصر لدولة الجنوب.
المبحث الثالث : العلاقات المائية بين مصر و جنوب السودان
تحتاج العلاقات المصرية مع جمهورية جنوب السودان نظرة جديدة لهذه العلاقات، خاصة أن جنوب السودان طوال تاريخه من خلال صراعه مع شمال السودان يدرك بأن السياسة المصرية تميل بتوجهاتها لشمال السودان، وترسخ لديهم في مراحل تاريخية مختلفة أن مصر لا تدعم استقلال جنوب السودان عن شماله، وبالتالي يستوجب أن يكون هناك حزمة من السياسات الجديدة لها أسس يجب مراعاتها في رسم إطار التعامل مع جنوب السودان في المجالات المختلفة.
وفيما يلي أهم هذه الأسس:
1. العمل على تنمية الموارد المائية الحالية بالتعاون مع دول الحوض، ووضع إستراتيجية قومية متكاملة واضحة إزاء دول الحوض تضم عددًا من السياسات والبرامج الزمنية المحددة، وليس التصرف وفق منهج المواجهة، أو حل الأزمات، أو رد الفعل.
2. تجاوز التعامل المصري مع دول الحوض للإطار الرسمي وصولاً لآفاق الجهد الشعبي، والتواصل مع الشعوب وقوى المجتمع المدني. ولا شك أن التفاعل مع الرأي العام في دول الحوض يجب أن يكون إحدى الوسائل الأساسية لتنمية العلاقات بين الشعوب. والحقيقة المؤسفة التي لا يمكن إنكارها هي أن التوجه الشعبي السائد في تلك الدول بشكل عام لا يتعاطف مع مطالب ومصالح كل من مصر والسودان. وتتبدى الحقيقة في كثير من المواقف الشائعة مثل (المطالبة ببيع المياه لمصر- الإعلان عن رفض الاتفاقات الموقعة التي تنتقص من سيادة هذه الدول–مصر تسرق مياه النيل- حصة مصر أكبر من حصة دول الحوض، وغيرها من المواقف).
3. تشمل الإستراتيجية أهمية تطوير العمل والتعاون من منظور تنموي شامل، وليس فقط في المجال المائي.
لا شك أن قضية الأمن المائي المصري من أهم القضايا في الآونة الأخيرة، حيث إن نهر النيل هو المصدر الرئيس للمياه بخلاف بعض الدول الأفريقية، خاصة دول حوض النيل الأخرى التي تعتمد على عدة أنهار.
لذلك يجب أن تعمل جميع الأجهزة والوزارات على تنمية العلاقات المائية مع جنوب السودان من خلال الآتي:
1. وضع تصور عن حقيقة العلاقات بين مصر وجنوب السودان، يتناول كيفية تنمية هذه العلاقات، وإزالة ما يقابلها من عقبات، وأن تكلفة مد الجسور مهما كان عبؤها لا يساوي قطرة واحدة من ماء النيل، ولا شك أن عودة الدور الفاعل لمصر سيمهد الطريق لتواجد عربي فاعل في مواجهة التغلغل والتمدد الإسرائيلي في إفريقيا ككل.
2. تحتوى دولة جنوب السودان على مساحات هائلة من المستنقعات الناشئة نتيجة لانخفاض معامل انحدار المياه، الأمر الذي يجعلها تنتشر بشكل أفقي، ويؤدي إلى فقدان كميات هائلة من المياه تقدر بعشرات المليارات من الأمتار المكعبة. ومن المعروف أن أكبر هدر للمياه هو ذلك الذي يتم عبر مشروعات استقطاب الفاقد في جنوب السودان.
3. هذه الزيادة في تدفقات مياه النيل أصبحت تتوقف على الإرادة السياسية، وتوجهات الدولة الجديدة في الجنوب، وبالنظر إلى عدم الاستقرار الأمني والسياسي لدولة جنوب السودان، لذلك يجب التحرك المصري السريع نحو الدولة الوليدة لتحقيق الاستقرار بها أولاً، ثم تنفيذ تلك المشاريع في المدى القريب، وخاصة أن مشروع قناة “جونجلي” الذي توقف العمل به بعد نشوب الحرب الأهلية بجنوب السودان عام 1983، وباكتمال هذا المشروع، سوف يساهم في زيادة حصة مصر المائية والبالغة الآن (55.5) مليار م3.
4. ضرورة التعاون فيما يخص تحسين معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، من خلال الانتفاع العادل، والاستفادة المنصفة بالموارد المائية المشتركة لحوض نهر النيل، واستنادًا إلى هذا الهدف العام يتم وضع مجموعة من الأهداف الأولية للتعاون المشترك ، كما ينبغي أن تحرص مصر على تبني أحدث المناهج التعليمية، والاتجاهات الدولية الجديدة في تعاملها مع قضية ندرة المياه.
وخلاصة القول إن تحقيق أمن مصر المائي وضمانه لن يمكن أبدًا تحقيقه، استنادًا إلى المداخل القانونية أو الدبلوماسية أو حتى العسكرية منفردة، بل إن السياسة المصرية يلزمها تطوير ووضع رؤية شاملة تراعي مصالح دولة جنوب السودان، وربط تلك المصالح بالمصلحة المصرية وتحقيق التكامل بينهما.
5 قد نظمت مصر مؤتمرا فى شهر فبراير من العام الحالى(2016) لعرض دراسات إقامة سد متعدد الأغراض فى جنوب السودان، من أجل توليد الكهرباء وتوفير مياه الشرب لأكثر من 500 ألف نسمة فى إطار دعم مصر لدولة الجنوب .
أثر انفصال جنوب السودان في الأمن المائى المصري ،عند استقلال الجنوب، ستصبح الدولة الجديدة هي الدولة الحادية عشرة لحوض النيل ، وستصبح أيضاً دولة منبع حيث يوجد حوض بحر الغزال في داخل حدودها. وبطبيعة الحال ستكون عضويتها في هذا التجمع النيلي مؤثرة سلبا أو إيجابا وخاصة في مصر .
ولا بد، هنا، من نطرح التساؤلات المشروعة التالية:
هل ستنضم دولة جنوب السودان إلى اتفاقية عنتيبي لسنة 2010 التي تطالب بإعادة توزيع حصص مياه النيل على دول الحوض، والتي رفضت كل من مصر والسودان التوقيع عليها؟ ، هل ستطبق الدولة الوليدة المبدأ القانوني في توارث المعاهدات من الدولة الأم، فتنضم إلى مصر والسودان وتعترف باتفاقية 1959 وبالاتفاقيات التاريخية المبرمة في بداية القرن العشرين؟
هل ستقرر أن تكون وسيطا بين الكتلتين؟ .
كل هذا جدد المخاوف فى إعادة توزيع حصص المياه فى ضوء الواقع الجديد و المطالبة بتعديل اتفاقيات حوض النيل ، إضافة الى مخاوف اخرى من ضم الجنوب الى دول المنبع ، فيكون هناك ثلاث مسارات :
الأول: أن التنسيق بين السودان و مصر باعتبارهما دولة المجرى و مصب على حساب دولة الجنوب الأمر الذى قد يؤدى لمشكلات مع مصر و دولة الجنوب و يزيد من الأستقطاب العربى الأفريقى .
الثانى : التنسيق الثلاثى مما يكسب مصر تمددا فى العمق الجنوبى من جهة و يعزز علاقتها بالشمال .
الثالث: التنسيق مع دولة الجنوب بزيادة حجم المشروعات المائية و الدعم الفنى لها على حساب السودان و قد يؤدى لأضعاف العلاقات المصرية السودانية.
في حقيقة الأمر لن نستطيع التكهن، منذ الآن، بسياستها المقبلة، على الرغم من التطمينات الكثيرة لمصر والتي تحرص حكومة الجنوب على إعلانها. في أي حال ستخضع هذه السياسة المستقبلية لحساب المكسب والخسارة في دولة الجنوب، التي ربما ستخضع لبعض الضغوط الإقليمية والدولية. من ناحية أخرى يجب ألا يلهينا الخوف من احتمال نقص المياه المتدفقة نحو مصر، عن الانتباه إلى خطر آخر يتمثل في سيناريو بيع المياه الذي تروجه بعض دول المنبع وخاصة اثيوبيا.
فجنوب السودان ليس محتاجا إلى المياه، لأن أرضه مشبعة بها نتيجة لتعدد الأنهار وكثرة هطول الأمطار وكثافتها. ولكن الخطر يأتي من فكرة بيع المياه إذا اقتنع بها الجنوب. ويهم مصر أن تعرف اتجاه السياسة المائية لدولة جنوب السودان لأمر آخر شديد الأهمية. فالجنوب هو المكان الأفضل وربما الوحيد الذي يصلح لمشروعات زيادة حصة المياه لمصر والسودان، أكان ذلك بالتخزين أو بشق الترع مثل مشروع جونغلي، كما يصلح أيضا لمشروعات توليد الطاقة الكهربائية.
هناك رأيان على تاثير الأنفصال على الأمن المائى المصرى، الرأى الأول يرى إن انفصال جنوب السودان سوف يؤدى الى الأنتقاص من حصة مصر المائية، فإنه من ناحية أخرى يعنى تطويق الدور الأقليمى لمصر فى مناطق حوض النيل ، و هو ما يؤثر بالتالى على مكانة مصر إقليميا و عربيا. بينما الرأى الثانى :يرى ان ليس هناك تاثير على الأمن المائى لمصر ، فبدلا من التعامل مع تسع دول تتعامل مع عشر دول، حيث تتمتع مصر بثقل لدى دول حوض النيل ، و لديها خبرة ممتدة فى التعامل مع هذة الدول، و لن يتاثر الأمن المائى المصرى
تهدف مصر إلى الحفاظ على حجم مواردها المائية من منابع نهر النيل في الهضبة الأثيوبية، وإمكانية العمل على زيادتها بما يسمح بالتنمية الاقتصادية مع المتابعة المستمرة لكافة الأعمال التي من الممكن أن تؤدى إلى تقليص كمية المياه الواردة إليها والاستعداد للتدخل بكافة الطرق والوسائل لإحباط مثل هذه النوايا، ولا يتأتى ذلك إلا بالتعاون مع جمهورية جنوب السودان. لذلك فإن انفصال جنوب السودان له العديد من التأثيرات على الأمن القومي المصري بمختلف أبعاده. ولكن الحقيقة التي لايعرفها الكثيرون هي أن دولة جنوب السودان تعد واحدة من أهم دول حوض النيل لمصر ويمكن من خلالها زيادة حصة مصر من المياه، كما أنها لم توقع حتي هذه اللحظة علي أتفاقية عنتيبي التي تعتدي علي الحقوق التاريخية والطبيعية للمصريين في النهر العظيم وهو مايفسر التحرك المصري السريع لإرسال مساعدات إنسانية لشعب جنوب السودان. وطبقا لأرقام الخبراء فإن دولة جنوب السودان بها أهم تجمع لمياه النيل في منطقة بحر الغزال حيث يسقط عليها540 مليار متر مكعب من المياه سنويا, كما يسيطر الجنوب علي كامل الإيراد المائي من الهضبة الاستوائية والمقدر بـ29 مليار متر مكعب سنويا منها15.5 مليار متر مكعب من روافد النيل الأبيض و18.5 من روافد السوباط وتمتاز الأرض في الجنوب السوداني بانها مستوية تسمح بمعدلات عالية لتدفق المياه وبالتالي فلابد من الحفاظ بعلاقات وثيقة مع جوبا لقطع الطريق علي أي طرف خارجي يحاول إقناعها باقامة سدود تؤثر علي حصة مصر من المياه.
فى مجال الري والموارد المائية، قال السفير المصرى إنه يتم تنفيذ مشروعات بمنحة قدرها 26.6 مليون دولار، وتتضمن تلك المشروعات: حفر وتجهيز 30 بئرا جوفيا لتأمين مياه شرب نقية، وتطهير المجاري المائية في مدينة “واو” في ولاية غرب بحر الغزال (بحر الغزال وبحر الصوبات) وتطهير المجاري المائية لبحر الجبل لتسهيل الملاحة النهرية، وإنشاء عدد 2 مرسي نهري لتسهيل الملاحة النهرية دراسات الجدوى لإنشاء سد “واو” متعدد الأغراض، وتأهيل محطات قياس المناسيب والتصرفات الرئيسية، وإنشاء محطة رفع وتنقية المياه في مدينة “واو”. وفيما يخص التدريب وبناء القدرات، قال السفير إن مصر قدمت منذ عام 2006، 14 دورة تدريبية بمعدل دورتين تدريبيتين كل عام، تم من خلالهم تدريب 120 متدربا في المجالات المختلفة الخاصة بالموارد المائية، وأقامت مشروعا رياديا للرفع المساحي (حيث عمل رفع مساحي لإحدى مدن الجنوب وتدريب 30 متدربا من الكوادر الفنية على أعمال الرفع المساحي وإنتاج الخرائط الطبوغرافية).
وتتعاظم أهمية جنوب السودان بالنسبة لمصر لأنها تتمتع بوفرة مائية تجعلها في الظروف العادية لاتسعي إلي الحاق الضرر بحصة القاهرة من مياه النيل المارة عبر أراضيها حيث تهطل الأمطار بغزارة عليها لفترة تستمر180 يوما في السنة وبالتالي فهي تسجل أعلي معدلات لتساقط الأمطار في المنطقة وتقوم عليها الزراعات المطرية وأنشطة الرعي, ويري البعض أنها تزيد كثيرا عن احتياجات جنوب السودان وهو ما يفتح المجال للتعاون بينها وبين مصر التي تستطيع تقديم المساعدات الفنية لها في مجالي الزراعة والري وحفر الآبار. وتأكيدا علي اهمية جنوب السودان لمصر وتأثيره علي الأمن المائي لمصر فان علينا أن نتذكر مشروع قناة جونجلي, الذي سعت مصر والسودان لحفرها منذ عام1975 بهدف توفير قرابة7 مليارات متر مكعب من مياه النيل الأبيض تقسم مناصفة بين القاهرة والخرطوم بدلا من ضياعها في أحراش ومستنقعات جنوب السودان بالاضاقة إلي تجفيف مليون ونصف فدان من المستنقعات الصالحة للزراعة ولكن المشروع تعطل بعد تفجر التمرد في جنوب السودان بقيادة الزعيم الجنوبي الراحل جون جارانج ضد نظام الرئيس السابق جعفر نميري بعد أن حاول فرض الشريعة الإسلامية علي الجنوبيين بالرغم أن معظمهم لايدين بالإسلام ويعيشون في ظل اوضاع أقتصادية مزرية تكشف تمييزا واضحا للشماليين ذوي الأصول العربية ضد الجنوبيين ومعظمهم من قبيلتي الدينكا التي كان ينتمي إليها جارانج وخلفه سلفا كير ميارديت وقبيلة النوير التي ينتمي اليها الجنرال رياك مشار قائد التمرد الحالي علي نظام سلفا كير وقد توقف المشروع الطموح بعد ان قام الجيش الشعبي لتحرير جنوب السودان بمهاجمة موقع القناة وطرد المهندسين المصريين وإحراق حفار المشروع بالرغم من أنه كان قد تم تنفيذ نحو70% من قناة جونجلي بطول265 كيلومترا من إجمالي طول القناة البالغ360 كيلومترا, وكان الزعيم السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان جون جارانج من أبرز المعترضين علي المشروع. ومنذ ماقبل الإعلان عن ميلاد دولة جنوب السودان رسميا في منتصف عام2011 أكد سلفا كير رئيس حكومة الجنوب حرصه علي طمأنة القاهرة ففي خلال زيارة رئيس الوزراء الأسبق الدكتور عصام شرف إلي جوبا في أبريل2011( قبيل إعلان الانفصال رسميا) صرح سلفا كير أنه لا تأثير أو مساس بحصة مصر من النيل وأن توفير احتياجات الجنوب من المياه سيتم في إطار حصة السودان الموحد و التي تقدر بـ18.5 مليار متر مكعب طبقا لاتفاقية1959 وأنه لا مساس بحصة مصر إطلاقا من مياه النيل. وبعد ثورة الثلاثين من يونيو في مصر أختارت القاهرة السودان بشطريه الشمالي والجنوبي لتكون ضمن أول جولة خارجية يقوم بها وزير خارجيتها الدبلوماسي المخضرم الدكتور نبيل فهمي, وأكدت الزيارة الأهمية القصوي التي توليها القاهرة لعلاقاتها مع جوبا حيث جاءت وسط أنباء عن قرب قيام النظام زيارة جنوب السودان بتوقيع أتفاقية عنتيبي وبعد الزيارة تراجعت جنوب السودان عن التوقيع رغم علاقاتها الوثيقة باثيوبيا وكينيا واللتين تعدان المحورين الرئيسيين في محيطها الأفريقي.
اتفقت مصر وجنوب السودان – خلال اجتماع دكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى ” الخميس ” 26 / 2 / 2015 – في جوبا مع وزير النقل والطرق والكباري كوانق دانير قلواك – على تشجيع الخط الملاحى ” فكتوريا – الإسكندرية ” وتعزيز التعاون بين البلدين في مجال النقل, وخاصة مجالات النقل النهرى وإقامة مراسى تربط بين الولايات المختلفة في جنوب السودان من أجل تسهيل حركة نقل الأفراد والبضائع والاستفادة من الخبرة المصرية في ازالة الطمى والحشائش والعوالق التى تعترض حركة الملاحة النهرية حيث تتمتع جنوب السودان بالعديد من الانهار التى تصب في مجرى نهر النيل الابيض الذى يربط بين دول حوض النيل. واتفق الجانبان علي تشجيع مشروع ربط دول حوض النيل بخط ملاحى من بحيرة فكتوريا الى الاسكندرية وتسهيل كافة اجراءات انجاز هذا المشروع الحيوى الذى تقدر تكلفته بنحو 10 مليار دولار تشارك جميع الدول الست الواقعة على مجرى النيل الابيض (مصر والسودان وجنوب السودان وتنزانيا وكينيا واوغندا). كما تم بحث سبل تطوير وتشجيع مؤسسات وشركات النقل بين الدولتين وإزالة العوائق التي تعترض النقل بين البلدين وتبادل المعلومات من أجل تعزيز إجراءات السلامة ومنع التلوث في مجال النقل وتنسيق المواقف بين الدولتين في المحافل والمنظمات الإقليمية والدولية والتنسيق والتعاون في مجال إدارة وتشغيل واستغلال وسائط النقل .
الفصل الثالث:العلاقات الثقافية بين مصر و جنوب السودان
المبحث الأول : زيارات متبادلة
إن العلاقات مع مصرحيوية واستراتيجية ومتعددة فى كل المجالات وخاصة خلال السنوات الاخيرة والملاحظ التواصل مع مصر بشكل كبير من خلال الزيارات التى يقوم بها مسئولو الجنوب لمصر
وكذلك المسئولون المصريون وايضا زيادة معدلات زيارات المواطنين الجنوبين هناك تسيير مصر للطيران خمس رحلات اسبوعيا نظرا لرغبة الجنوبيين فى زيارة مصر.
قال سفير جنوب السودان فى القاهرة أن الرئيس سلفاكير يعتز بعلاقته بمصر والرئيس عبد الفتاح السيسى، حيث وصف مصر بـ «أنها» شقيقة لنا وأن كثيرا من الأشياء المشتركة تجمعنا واليوم نحاول تطوير العلاقة وان نحقق كل المصالح التى نطمح إليها وأن نصنع المستقبل معا بما تملكه مصر من خبرات خاصة فى مجال التعليم. وأعرب عن اعتزام بلاده تكثيف التعاون مع مصر بشكل أكبر والاستفادة من خبرة شركاتها مثل المقاولين العرب وأخرى فى مجال النفط والبناء والتعمير وكذلك الاستفادة من الخبرة المصرية فى الزراعة.
إن جنوب السودان بعد إعلان الاستقلال، شهدت تكوين مؤسسات الدولة مثل البرلمان ومجلس الولايات والحكومات الولائية ومجلس الوزراء وإقرار دستور البلاد الذى استغرق وقتا, وكذلك التنسيق بين الحكومة المركزية فى جوبا وحكومات الولايات, وبناء مدارس ولدينا حاليا أكثر من مليون طالب فى المرحلة الاعدادية حتى التعليم العالى. هناك حاليا نحو ثلاثين سفارة لجنوب السودان فى مختلف الدول وتعتزم افتتاح المزيد بعدما أصبح هناك تمثيل كبير حتى مع المنظمات والمؤسسات الدولية فى الامم المتحدة، فهى دولة عضو فى الأمم المتحدة والايجاد والاتحاد الإفريقى ونسعى للانضمام لمنظمة الكوميسا.
يمكننا ذكر بعض الزيارات الرسمية على النحو التالى:
-في 15/4/2012 نقل وزير الخارجية خلال زيارته للخرطوم رسالة شفهية من المشير طنطاوي الي الرئيس البشير تؤكد علي استعداد مصر للقيام بأي دور لنزع فتيل الأزمة بين الخرطوم وجوبا، والتعاون مع جميع الأطراف الساعية للحل سواء الاتحاد الافريقي أو دول الحوار ، مشددا علي أن أمن السودان واستقراره جزء من الأمن القومي المصري وأي تهديد له ينعكس علي المنطقة كلها مباشرة.
ومن جانبه أكد الرئيس السوداني عمر البشير خلال لقائه مع الوفد المصري تثمين السودان للدور المصري الجاد والمخلص لإحلال السلام في السودان
-فى 20/8/2013، قام وزير الخارجية نبيل فهمى بزيارة لجوبا عاصمة جنوب السودان ، حيث كان في استقباله السيد مايكل مكوي لويث وزير الإعلام في دولة جنوب السودان تضمنت الزيارة عددا من المقابلات بدأت بمقابلة مع رئيس جنوب السودان ” سيلفا كير ” وأعقبها لقاءات مع وزير شئون مجلس الوزراء ووزيرة الكهرباء والسدود والموارد المائية والري.
وأكد نبيل فهمي حرصه علي أن تشمل أولي جولاته الخارجية دولة جنوب السودان مؤكدًا علي الأهمية الاستراتيجية للعلاقات بين البلدين في مختلف المجالات. ومن جانبه صرح وزير الإعلام في جنوب السودان بأن بلاده تؤكد دعمها للحكومة المصرية خلال المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد معربًا عن أمله في أن تتمكن مصر من تجاوزها بنجاح. كما نقل فهمي رسالة خطية من الرئيس السابق عدلي منصور إلي رئيس جنوب السودان ” سيلفا كير ” تتعلق بدعم العلاقات الثنائية كما وجه فهمي دعوة إلي ” سيلفا كير” بزيارة مصر في الموعد الذي يتحدد وفق جدول ارتباطاته.
من جانبه أعرب رئيس جنوب السودان عن شكره للدعم المستمر الذي تقدمه الحكومة المصري لبلاده في مختلف المجالات، كما أكد عزم بلاده تكثيف جهودها فيما يتعلق بعودة الأنشطة المصرية في الاتحاد الإفريقي.
-فى 22/11/2014 شهد المهندس ابراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء توقيع عدد من الاتفاقيات والبرامج التنفيذية ومذكرات التفاهم بين عدد من الوزارات المصرية ونظيراتها من دولة جنوب السودان،وهى كما يلى:
مذكرة تفاهم بين جمهورية مصر العربية وجمهورية جنوب السودان للتعاون فى المجال الثقافى. تهدف مذكرة التفاهم إلى توطيد العلاقات الثقافية بين البلدين،ومشاركة الطرفين فى مجالات ( المسرح – السينما- الموسيقى- الاسابيع الثقافية – الفنون التشكيلية – ثقافة الطفل – الكتب والمكتبات)
-فى 16/12/2014 قام وزير الموارد المائية والرى الدكتور حسام مغازى بزيارة لجنوب السودان، حاملاً رسالة شفهية من الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى الرئيس سلفاكير رئيس دولة جنوب السودان، تؤكد حرص مصر على العودة بقوة إلى أشقائها في أفريقيا، وتفعيل الاتفاقيات التى تم التوصل إليها خلال زيارة سلفاكير لمصر مؤخرًا واجتماعه مع الرئيس السيسى، واستعداد مصر لتلبية مطالب واحتياجات الأشقاء في جنوب السودان. استهدفت الزيارة تفعيل سبل التعاون المشترك بين البلدين، وذلك فى ضوء توجهات الدولة المصرية نحو تدعيم أوجه التعاون وتعزيز التكامل مع الدولة الشقيقة جنوب السودان ليس فقط في مجال الموارد المائية ولكن في كافة المجالات التنموية للمساهمة الفعالة فى رفع مستوى معيشة الشعب الجنوب سودانى الشقيق.
-فى 22/11/2014 قام سيلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان بزيارة لمصر على رأس وفد رفيع المستوى يضم وزراء الخارجية والتعاون الدولي، والصحة، والتعليم والتعليم العالي، والبترول، والكهرباء والري والسدود والموارد المائية، والزراعة والغابات، والاتصالات والخدمات البريدية، والثقافة والشباب، قام الرئيس عبد الفتاح السيسي باستقبال الوفد بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة. عقدا الرئيسان جلسة مباحثات ثنائية مغلقة، تلتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين، أكد السيسى أن مصر تدعم الاستقرار في جنوب السودان دون أي تدخل في الشأن الداخلي، كما تساند حكومة جنوب السودان في تحقيق آمال وطموحات شعبها، مؤكداً استمرار مصر في تقديم مساعداتها إلى أشقائها في جنوب السودان.
أكد سيلفا كير أن هذه الزيارة تعد بمثابة رسالة قوية تعكس عمق العلاقات بينهما والتي ستشهد نمواً واِزدهاراً في المرحلة المقبلة، منوهاً إلى مكانة مصر الرائدة في المنطقة ومساعداتها المُقَدَرة لجنوب السودان حتى قبل انفصاله عن الشمال، مضيفًا أنه حرص على اصطحاب وفد موسع من مختلف الوزارات للتباحث مع نظرائهم المصريين لتفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، ودفع التعاون بينهما قدماً من خلال توقيع اتفاقيات جديدة.
-فى 27/10/2014 قامت السيدة جايمى نونو وزيرة الموارد المائية والسدود والكهرباء في جنوب السودان بزيارة لمصرلمصر وأجرت خلالها مباحثات مكثفة مع د. حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى. اتفقا الجانبان على وضع آليات وقواعد مشتركة لإدارة الموارد المائية بما يحقق المصالح والمنافع المشتركة للبلدين وعلى قاعدة “لا ضرر ولا ضرار” كما تم الاتفاق على توقيع بروتوكول تعاون يشمل هذه القواعد والآليات في اقرب وقت ممكن. اكدا الجانبان على دعم وتعزيز التعاون بين الدولتين في مجال إدارة الموارد المائية على الصعيدين الثنائي والإقليمي من أجل تحقيق أمال وطموحات الشعبين الشقيقين في صورة مشروعات تنموية مشتركة تعود بالخير على الجميع.
-فى 2/10/2014، قام برنابا بنجامين قام وزير الخارجية والتعاون الدولي بجنوب السودان بزيارة لمصر التقى به وزير الخارجية سامح شكرى، تناولا الجانبان تطورات العلاقات الثنائية وتشاورا حول عدد من القضايا الاقليمية ذات الاهتمام المشترك وبصفة خاصة المفاوضات الجارية بين الحكومة والمعارضة في جنوب السودان برعاية منظمة الإيجاد. بحث الوزيران سبل تطوير العلاقات بين البلدين في المجالات المختلف السياسية والاقتصادية والتجارية والتعليمية والزراعية بما في ذلك تنشيط العلاقات بين القطاع الخاص وزيادة الاستثمارات المصرية في جنوب السودان واستكمال الترتيبات الخاصة بافتتاح فرع جامعة الاسكندرية في جوبا، ودعم التعاون في مجالات التعليم والري ومجالات المياه والمصائد السمكية بما يعود بالنفع علي شعبي البلدين.
-فى 14/9/2014، قام حاكم ولاية غرب الاستوائية بجنوب السودان ووفد من وزراء التجارة والصناعة والاستثمار بالولاية بزيارة لمصر، خلال الفترة من 10 إلي 18 سبتمبر 2014 للتباحث مع المسئولين المصريين بشأن فرص الاستثمار بولاية غرب الاستوائية والانتهاء من إقامة المحطة الكهربائية المصرية فى يانبيو. استقبل الوفد السفير محمد بدر الدين زايد مساعد وزير الخارجية لشئون دول الجوار. تناولت المباحثات الموضوعات ذات الاهتمام المشترك لاسيما تعظيم التعاون بين البلدين فى كل المجالات، خاصة فى مجال بناء الكوادر الجنوب سودانية والاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى الحكومة المصرية لإقامة مشروعات تنموية وخدمية تسهم فى تنمية البنية الأساسية، وتعظيم الاستفادة من المساحات الزراعية الشاسعة فى جنوب السودان.
-في 31/8/2014 استقبل الدكتور حسام مغازى وزير الموارد المائية والرى العميد رزق زكريا حسن حاكم ولاية غرب بحر الغزال وبرفقته الدكتور عادل سرور وزير الزراعة والرى بغرب بحر الغزال وسفير جنوب السودان بالقاهرة. وقد أكد مغازي أهمية تدعيم أطر التعاون في مجالات المياه بين مصر ودولة جنوب السودان الشقيق (إحدى دول حوض النيل)، من اجل تعظيم الاستفادة من موارد المياه الوفيرة التى تتمتع بها دولة جنوب السودان. وتم خلال اللقاء بحث تعزيز العلاقات بين مصر ودولة جنوب السودان في مختلف المجالات وإقامة المشروعات المشتركة وزيادة الاستثمارات في مجالات المياه ولاسيما تعظيم الاستفادة من مياه الأمطار والسيول التى تسقط سنويا على جنوب السودان والمقدرة بأكثر من نصف مليار متر مكعب. وقد التقى كذلك وفد ولاية بحر الغزال مع الدكتور عادل البلتاجي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، الذى نوه بأهمية جنوب السودان في الصفحة المصرية الجديدة بعد ثورتى 25 يناير و30 يونيو, والتي تركز على التنمية الزراعية المستدامة, والتعاون المشترك مع الدول الإفريقية الشقيقة, خاصة دولتي السودان الجنوبي والشمالي. وقال البلتاجى إنه يتفهم جيدا سعي الرئيس الجنوبي سالفا كير ميارديت للتعاون المشترك مع مصر, لما يمثله من أهمية تاريخية للدولتين، وبما يصب في صالح تحسين مستوى معيشة الشعب الجنوبي السوداني.
-فى 10/4/2014، زيارة وزير التعليم الجنوب سوداني جون جاي لمصر استقبله مساعد وزير الخارجية لشئون دول الجوار بحثا الطرفان سبل تفعيل المنح والمساعدات المشتركة وذلك في إطار العلاقات الاستراتيجية التي تربط مصر مع جنوب السودان الشقيق وتأكيداً منها على عمق الروابط التاريخية التي تربط بين شعوب وادي النيل. وجه جون جاى شكر حكومته للدعم التي تقدمه مصر في كافة المجالات والذي كان واضحاً من قبل استقلال دولة جنوب السودان واستمرت في تقديمه على الرغم مما كانت تعانيه دولة جنوب السودان في الفترة الأخيرة من ظروف داخلية كما ناقش الاجتماع كيفية التعاون بين الجانبين والنظر في بحث السبل الكفيلة لتشغيل العديد من المشروعات المصرية بجنوب السودان في مجالات التعليم والكهرباء والزراعة والتي مازالت تعاني من البطئ في التنفيذ.
-فى 23/3/2014 قام وزير الدفاع وشئون قدامى المحاربين بجمهورية جنوب السودان الفريق كوال منيانج جووك بزيارة لمصر ، ويرافقه وزير الأمن القومي “مابوتو مامور” ، حاملاً رسالة خطية من الرئيس الجنوب سوداني “سيلفا كير”، للرئيس السابق عدلى منصور الذى استقبله بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة. نقل الوزير الجنوب سوداني تحيات وتقدير الرئيس “سيلفا كير” للسيد الرئيس، وتمنياته لمصر بالنجاح في إنجاز باقي خطوات خارطة الطريق، معرباً عن دعم بلاده لمصر، ومساندتها خلال المرحلة الانتقالية، فضلاً عن دعم جوبا لاستئناف مصر لعضويتها المعلقة في الاتحاد الافريقي؛ إيمانًا بدورها الرائد على الساحة الإفريقية، فضلًا عن عمق الروابط التاريخية والتنموية التي تربط مصر بكافة دول القارة، ولاسيما دول حوض النيل. طلب منصور نقل تحياته وتقديره للرئيس “سيلفا كير”، مؤكدًا على دعم مصر الكامل لحكومة جنوب السودان، سياسياً واقتصادياً وإنسانياً، واستعدادها للنظر في تلبية أية مطالب لدولة جنوب السودان. كما التقي المشير عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع والإنتاج الحربي بالفريق كوال ميانق جووك والفريق مابوتو مامور وزير الأمن القومي. تناول اللقاء تطورات الأوضاع علي الساحتين المحلية والإقليمية وانعكاساتها علي الأمن والاستقرار داخل القارة الإفريقية وبحث سبل تعزيز العلاقات والتعاون بين البلدين في كافة المجالات . وأعرب المشير السيسي خلال اللقاء عن ثقته في قدرة الأشقاء في جمهورية جنوب السودان علي وحدة الصف ونبذ الخلافات لتحقيق طموحات وتطلعات شعبه في كافة المجالات مؤكدًا على عمق الروابط التاريخية التى تربط بين شعوب وادى النيل.
-فى 8/3/2014 قام برنابا بنجامين وزير خارجية جنوب السودان بزيارة لمصر، وكان قد استقبله وزير الخارجية نبيل فهمي. ونقل بنجامين شكر وتقدير بلاده للدعم والمساعدات الإنسانية التي قدمتها مصر كدولة شقيقة لشعب جنوب السودان في ظل الأوضاع الصعبة التي يمر بها. ركز اللقاء على مزيد من تطوير العلاقات بين البلدين خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية وفي مجالات جذب الاستثمارات، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من أعضاء الحكومة في جنوب السودان قد تلقوا تعليمهم في مصر بما يعكس أهمية المساعدات التي تقدمها مصر لشعب جنوب السودان.
-فى 9/7/2015 قام سامح شكري وزير الخارجية بزيارة إلى جوبا عاصمة دولة جنوب السودان لحضور الاحتفال بعيد الاستقلال الوطني، التقى شكرى بالرئيس سيلفا كير ونقل له رسالة شفهية من الرئيس السيسي تتعلق بدعم العلاقات الثنائية وبما يعكس عمق الروابط بين البلدين، كما يبحث معه التطورات السياسية والأمنية في جنوب السودان والجهود المبذولة للتوصل إلي حل سياسي بين الحكومة والمعارضة في جنوب السودان، فضلاً عن التشاور حول عدد من القضايا والملفات الافريقية التي تهم البلدين وعلي رأسها قضايا الأمن والاستقرار في منطقة القرن الافريقي.
لم تتوقف الزيارات المتبادلة بين دولة جنوب السودان ومصر منذ استقلالها، وكان منها زيارات وزراء جنوب السودان فى مجالات التجارة والصناعة الاستثمار لمصر، من أجل زيادة الاستثمارات المصرية فى الجنوب ,والإنتهاء من اقامة محطة كهرباء فى يانبيو،و فى 9/2/2016 قام رياك مشار نائب رئيس جمهورية جنوب السودان السابق بزيارة لمصر. التقى به الرئيس عبد الفتاح السيسى، استعرضا الجانبان التطورات المتعلقة بتنفيذ اتفاق التسوية السلمية الذي تم توقيعه في أغسطس .2015، لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين
المبحث الثانى: دور الإعلام
أن للإعلام دورا محوريا في محاور العلاقات، ليس فقط على مستوى كشف الحقائق، أو تسليط الضوء، لكن أيضاً من زاوية تشكيل الرأي العام، وتوجيه المواقف غير الرسمية، بل وأحياناً التأثير في المواقف الرسمية، فإن دور الإعلام يتجاوز الوظيفة التقليدية له”اخبار – تثقيف – ترويج” ،اصبحت الألة الإعلامية لاعبا محوريا فى الحياه عامة و الحياة السياسية و الثقافية .
وفى ضوء الدور المهم للإعلام فى تنمية العلاقات بين مصر و جنوب السودان، يمكن تناول هذا الدور من خلال اربعة محاور :
اولا:ملامح السياسة الإعلامية البينية بين دول حوض النيل:
– تقصير الإعلام في الدولتين تجاه التعارف المتبادل بين الشعبين، حيث المعلومات المتاحة، وتناول الأوضاع والقضايا التي تشغل المجتمع محدود للغاية في وسائل الإعلام، خصوصاً على الجانب المصري.
على المستوى الرسمي، وُجهت انتقادات للدولة المصرية بعدم توجيه الاهتمام الكافي للجانب الإعلامي في التعامل مع الجنوب، سواء تجاه صورة الجنوبيين في الإعلام المصري الرسمي، أو بالنسبة لمخاطبة الجنوبيين عبر وسائل إعلام مناسبة، وبأسلوب ورسالة إعلامية ملائمة لطبيعة المجتمع والظروف هناك..
كما أُخذ على المؤسسات الرسمية المصرية عدم إطلاع الإعلام على تحركاتها وخطواتها تجاه الجنوب بالشكل الكافي، حيث يكمن أحد أهم مكامن الخلل في السياسة المصرية تجاه الجنوب، في غياب “التسويق الجيد” لتلك السياسة في الجنوب وداخلياً في مصر.
-الأعتماد على المصادر الغربية الكبرى فيما يخص الأخبار و التقارير ،هذة الوضعية الإعلامية تجعل من الإعلام الافريقى تابع و اسيرللتوجهات الغربية .
-غياب التنسيق الإعلامى، عدم وجود آلية إعلامية تنسق و توجه السياسات بين البلدين.
ثانيا : أهمية دور الإعلام فى تنمية البلدين:
العامل التقنى: التقدم الهائل فى تكنولوجيا الأتصال و البرمجيات من ا4لأقمار الصناعية ، شبكة الأنترنت ، كما ان التقدم التكنولوجى انعكس فى كافة مصادر الإعلام التقليدية “صحف-إذاعة – تلفاز” مما اترك اثر فى قوة تاثيرها.
العامل الأقتصادى: عولمة الأقتصاد و تدفق المعلومات جعل من المعلومات سلعة يتم تداولها عالميا .
العامل السياسى : نتيجة الاستخدام المتزايد لوسائل الإعلام من قبل النظم السياسية الحاكمة و القوة الحزبية للترويج سياسيتها و افكارها، و تعمل على توسيع افاق المواطنين ، لعب دور الرقيب ، شد الأنتباه الى قضايا اقليمية .
في مجال التواصل الثقافي والاجتماعي، يجب توسيع نطاق التعارف المتبادل بين الشعبين، وذلك بواسطة
-إقامة مراكز ثقافية مصرية في أكبر عدد ممكن من مدن الجنوب
-إنشاء وسائل إعلام مصرية بلغات محلية تصل إلى المناطق المستهدفة، وتخاطب قضايا واهتمامات المجتمعات المحلية هناك، مع مراعاة اختيار الوسيلة الملائمة لكل مجتمع أو منطقة، بحسب توافر إمكانية التلقي لدى الجمهور المستهدف، مثل الكهرباء (للتليفزيون والإذاعة)، أو الإنترنت (للمواقع الإلكترونية)، أو معدل القراءة (للصحف) .
في مجال الإعلام، يجب على الدولة المصرية اتخاذ إجراءات فعالة وسريعة لاستخدام الإعلام في تحسين العلاقات، وتشكيل صورة ذهنية قوية لمصر في الجنوب، وذلك بخطوات مثل:
-تنشيط دور الهيئة العامة للاستعلامات في التواصل الإعلامي مع الجنوب في الاتجاهين، من مصر إلى الجنوبيين، ومن الجنوب إلى المصريين. ولدى الهيئة من الإمكانات والكفاءات ما يتيح لها ذلك بسهولة، خاصة بعد انتقال تبعيتها إلى رئاسة الجمهورية، مما يفترض أن يسهل اتخاذ القرار، وتخصيص الموارد. وبحكم طبيعة عمل الهيئة وخبرتها في الإعلام الداخلي والخارجي، يمكن، بل يجب، أن تلعب دور حلقة الوصل والمنسق الإعلامي لكل الجهود والخطوات ذات الصلة بالعمل الإعلامي تجاه الجنوب.
-تخصيص مساحة ثابتة في عدد من وسائل الإعلام المصرية الموجهة للداخل المصري لجنوب السودان، والمجتمع، والدولة والقضايا والعلاقات بين الجانبين.
إعادة ترتيب أولويات، وتخصيص ساعات البث للبرامج الموجهة في الإذاعة المصرية بمنح اللغات المحلية في الجنوب ما تستحقه من اهتمام.
-التنسيق مع الجهات الرسمية في الجنوب للبث للقنوات التليفزيونية الجنوبية على القمر المصري نايل سات. فإلى الآن، القناة الرسمية الجنوبية تبث إرسالها عبر أقمار أخرى.
-إنشاء قناة تليفزيونية تهتم بإفريقيا بشكل عام، وبمنطقة حوض النيل بصفة خاصة، وتحديداً بجنوب السودان والسودان، على أن تصل بإرسالها إلى كل إفريقيا. ويمكن الاستعانة في ذلك بالمؤسسات الإعلامية الخاصة ورجال الأعمال من أصحاب الفضائيات، خاصة أن لبعضهم اهتماماً بالاستثمار في جنوب السودان.
-تنظيم زيارات دورية لوفود إعلامية مصرية إلى الجنوب بمختلف مناطقه للتعرف على التطورات الجارية هناك، ونقل الأوضاع إلى الجمهور المصري. وعلى التوازي، تتم استضافة إعلاميين من الجنوبيين في مصر، وإطلاعهم على أوضاع الجالية الجنوبية، وما تقوم به مصر من مشروعات وتقدمه من خدمات للجنوب.
-إنشاء صحف في الجنوب بتمويل وخبرات مصرية، يستعان فيها بالمتاح من الكفاءات البشرية الجنوبية
– إنشاء كليات و المعاهد للإعلام في الجنوب، وإقامة دورات تدريبية للإعلاميين الجنوبيين تبدأ في مصر، وتنتقل لاحقاً إلى الجنوب للتدريب العملي والخبرة الميدانية، تفعيل دور المراكز البحث الإعلامية المختلفة.
-توفير المعلومات والبيانات و المواد الإعلامية التى تطلبها القطاعات المختلفة.
-ضرورة ان تتسم تلك الاستراتيجية الإعلامية بالاستمرارية و التوازن و الواقعية و المصداقية و الأستفادة من تجارب الاخرين .
المبحث الثالث : التعليم
هناك برنامج تنفيذى للتعاون فى مجال التعليم العالى بين وزارتى التعليم العالى فى كلا البلدين للاعوام 2014/2017. يهدف البرنامج إلى مشاركة عدد من أساتذة الجامعات والباحثين المصريين فى عمليات التدريب فى الجامعات بدولة جنوب السودان، وكذا الاسهام فى إجراء البحوث المشتركة، وقيام المتخصصين فى مجالات التعليم العالى المختلفة من الطرفين بتبادل الزيارات.
بالإضافة إلى التعاون بين الجامعات ومراكز البحث العلمى بالجامعات والمعاهد العليا فى البلدين وذلك من خلال تنمية الاتصالات والعلاقات المباشرة وتبادل الخبرات والتجارب فى ميادين التعليم العالى.
كما ينص البرنامج على تقديم جمهورية مصر العربية عدد 250 منحة جامعية، وعدد 50 منحة للدراسات العليا للطلاب والدارسين من دولة جنوب السودان. حيث استوعبت الجامعات المصرية طلابا جنوبيين كانوا يدرسون في جامعة الخرطوم ونتيجة للخلافات بين شمال وجنوب السودان اضطر هؤلاء للعودة لبلادهم فكان البديل لهم اكمال دراستهم في دولة تتحدث بالعربية فأبدت مصر استعدادها لاستضافتهم, ويبلغ عددهم حوالي2400 طالب.
ووقعت الحكومة المصرية عددا من اتفاقيات التعاون مع الجانب الجنوبي وكان آخر ثمار هذا التعاون هو تقديم مركز القاهرة الإقليمي للتدريب علي تسوية المنازعات وحفظ السلام في إفريقيا برنامج رفع الكفاءة والتدريب للحكومة الجنوبية. ويتضمن البرنامج1350 فرصة تدريبية علي مدار3 سنوات في مجالات حل النزاعات وبناء السلام والتفاوض وإدارة الأزمات.
فأنه من المؤكد ان معظم الطبقة المتعلمة والمثقفة في جنوب السودان تشعر بالتعاطف مع مصر التي احتضنتهم سواء خلال سنوات الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب او قبلها حيث تلقوا التعليم في مدارس وجامعات مصر ومارسوا شعائرهم الدينية بحرية علي أراضيها وعملوا واقاموا بين اهلها بلا تمييز أو خوف وهو ماسينعكس علي العلاقات المستقبلية بين البلدين خاصة رد الفعل المصري السريع ازاء الاقتتال الداخلي بين قبيلتي الدينكا والنوير نتيجة النزاع السياسي بين الرئيس سلفا كير ونائبه رياك مشار.
وقعت جنوب السودان اتفاقيات مع مصر، خاصة أن هناك أعدادا كبيرة من الطلاب الجنوبيين يدرسون بمصر من خلال منح دراسية بالجامعات المصرية. وفي العام الجاري، حصلنا على 500 منحة دراسية لأبناء جنوب السودان، كما منحتنا مصر نحو 2450 فرصة لتحويل الطلاب الدارسين بجامعات شمال السودان إلى الجامعات المصرية الحكومية، وهناك جالية كبيرة جدا تقدر بالآلاف من جنوب السودان يعيشون في مصر.
بحث الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر، ووفد منظمة الآفاق للإنماء والعون الإنسانى بجنوب السودان برئاسة جوزيف مريال في يوم الاربعاء 16 سبتمبر 2015 سبل الدعم الفنى من قبل الأزهر الشريف للمنظمة فى مجالات الدعوة وتعليم اللغة العربية. وأكد وكيل الأزهر خلال اللقاء توجيهات الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بتقديم كل الدعم للمسلمين فى العالم، مؤكدا الاستعداد الكامل لتقديم جميع الدعم لمسلمى جنوب السودان، وتوجيه عدد من المنح الدراسية لأبنائهم للدراسة بالأزهر، وكذلك تزويدهم بالوعاظ والمدرسين، بالإضافة إلى إمكان إنشاء مركز لتعليم اللغة العربية وفق الإجراءات الرسمية المتبعة فى هذا الشأن.
أكد السيد شوت ألير دينق، نائب الملحق الثقافي لجمهورية جنوب السودان ، أن التبادل الثقافي يزيل المفاهيم الخاطئة عن الشعوب. جاء ذلك خلال لقاء مفتوح للملحق الثقافي بسفارة جمهورية جنوب السودان مع طلاب وشباب مصر وجنوب السودان على هامش فعاليات الملتقى الأول الذي تنفذه الإدارة المركزية للبرامج الثقافية والتطوعية بوزارة الشباب والرياضة بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم الثقافية «الإيسيسكو»، وهيئة آل مكتوم الخيرية، وجمعية صداقة مصر وجنوب السودان، وتختتم فعالياته اليوم 10 مارس 2016، بالمدينة الشبابية بالإسكندرية. وأوضح نائب الملحق الثقافي لسفارة جمهورية جنوب السودان أن هناك اختلافًا بين التبادل الثقافي والغزو الثقافي، فالتبادل يستفيد منه الطرفان، بينما يأتي الغزو الثقافي لفرض الثقافة دون أي اعتبار للثقافات الأخرى. لفت «شوت ألير دينق» أن القواسم المشتركة هي التي تجمع بين الشعوب والأمم المختلفة، مشيراً أن التبادل الثقافي يقوم على أساس قبول الآخر ومحاولة فهم ثقافته .أشار «دينق» إلى طبيعة العلاقة بين مصر وجنوب السودان والتعاون المشترك على المستوى الثقافي بين مصر وجنوب السودان، مؤكداً أن هذا التعاون يعد جسراً للتواصل بين الشعبين الشقيقين.
أكد الدكتور وزير التربية والتعليم أن مصر وجنوب السودان بلد واحد تجمعهم الروابط التاريخية، وما زال التواصل موجودًا في الكثير من المجالات وخاصة التعليم. جاء ذلك خلال استقباله الدكتور جون جاى وزير التعليم والعلوم والتكنولوجيا بجمهورية جنوب السودان، والسيد لويس أنتونى كون سفير جنوب السودان والوفد المرافق لهما، بهدف دعم التعاون في مجال التعليم بين وزارة التربية والتعليم المصرية، ووزارة التعليم والتكنولوجيا بجمهورية جنوب السودان. تناول اللقاء ثلاث موضوعات رئيسية تخص التعليم الفني، وتدريب المعلمين على المناهج الجديدة، وإنشاء مدرسة لجنوب السودان على أرض مصر. أشار وزير التعليم السوداني الى أنه يتم حاليًا عمل هيكلة لوزارة التعليم السودانية مما يتطلب إعادة النظر في المناهج وتدريب المعلمين، مؤكدًا أن مصر قد وقفت بجانبهم كثيرًا ودعمت التعليم في جنوب السودان. ولفت إلى أن نجاح التجربة المصرية للتعليم في جنوب السودان هو ما دفع دولته للتعاون مع مصر، خاصةً وأن لهما نفس الرؤية. وأكد أن التجارب أثبتت أن مصر قادرة على مساعدتهم لتحقيق أهدافهم من التطوير، لافتًا إلى أن هناك 18 وزيرًا في الحكومة السودانية الحالية تلقوا تعليمهم في مصر إضافة إلى نائب رئيس الجمهورية.
وطالب وزارة التربية والتعليم المصرية بالموافقة على إنشاء مدرسة خاصة لجالية جنوب السودان على أرض مصر يدرسون فيها مناهج دولتهم، والتعاون في مجال تدريب معلمي التعليم الفني والتقني بجنوب السودان حيث إنه سيتم قريبًا افتتاح عدد من المدارس الصناعية هناك.
ومن جانبه طالب الدكتور أبو النصر الوفد السوداني بإعداد قائمة بالصناعات في جنوب السودان لكي يتم تحديد التخصصات المطلوبة، ونوعية المتدربين حتى لا يتم تخريج تخصصات لا علاقة لها باحتياجات سوق العمل قائلاً: “نريد أن ننقل لكم أفضل الخبرات”. ولفت إلى أنه سيتم تشكيل لجان من الجانبين المصري والسوداني في مجالات التعليم الفني والتدريب، مؤكدًا أنه من الممكن إرسال معلمين مصريين في التخصصات المطلوبة من خلال إعارات لجنوب السودان. وكلف سيادته الدكتورة نرمين النعماني منسق التعاون الدولي بتشكيل لجان الجانب المصري.
وأهدى الدكتور أبو النصر وزير تعليم جنوب السودان نسخة من استراتيجية التعليم قبل الجامعي 2014ـ 2030 للاطلاع عليها والاستفادة منها، خاصة وأنهم بصدد البدء في مشروع تعليمي جديد في عام 2015. وأبدى سيادته استعداد الوزارة التام ومراكزها البحثية في نقل خبرات المخططين الاستراتيجيين الذين ساهموا في وضع الاستراتيجية الجديدة . كما طالبهم بالاطلاع على المناهج الدراسية الجديدة التي تم تطويرها وخاصة في العلوم والرياضيات والتي ستناظر مناهج سنغافورة وفنلندا. ومن ناحية أخرى طلب الدكتور أبو النصر الاطلاع على موقف المدارس المصرية الثلاث في جنوب السودان وكيفية التعاون من خلالها .
الفصل الرابع :التهديدات المشتركه التى تواجه البلدين
المبحث الأول :قضية سد النهضة
موقف مصر
يعتبر ملف نهر النيل من الملفات الشائكة والهامة في مصر منذ عقود؛ حيث توترت العلاقات المصرية بدول حوض النيل، خاصة في تسعينيات القرن الماضي، والتي كانت تتأرجح بين التحسن والتوتر من فترة لأخرى؛ نتيجة سوء الإدارة المصرية لهذا الملف الذي يمثل أمنًا قوميًّا لمصر، بل يعتبر من أهم الملفات التي يجب الاهتمام بها، ضرورة البحث عن بدائل مختلفة لتجنب عواقب تلك التحديات. و ايمانا من مركز الحوار بدوره فى خدمة الوطن و قضايا ، و مناقشة الأبعاد الرئيسية االتى تعكس جوهر الأزمة.
فيعد الحفاظ على الحقوق المصرية المكتسبة و الطبيعية من مياه نهر النيل و تنفيذ مشروعات تنمية موارده بالمنابع العليا للنهر احد اولويات و الأهداف القومية المصرية لمواجهة تحديات تلبية احتياجات النمو السكانى و خطط التنمية الأقتصادية خاصة مع تراجع نصيب الفرد من المياه ،فهناك علاقة بين الأمن المائى و الأمن القومى، لمعرفتها لابد من تحديد مصالح الأمن القومي، والتي تتمثل في:
– البقاء: ونقصد هنا بقاء الدولة، ويعتبر نهر النيل مصدر بقاء مصر، ومصدرًا أساسيًّا ورئيسيًّا لوجودها والحفاظ على بقائها. حيث معظم الدول المتشاطئة في الحوض -ما عدا السودان ومصر- تملك حاجتها من المياه؛ لكثرة البحيرات العذبة والأنهار، ولكثرة هطول الأمطار فيها، بينما يعتمد السودان (بنسبة 77%) ومصر (بنسبة 97%)، على مياه نهر النيل .
– التنمية: حيث إن نهر النيل من أهم مصادر التنمية الاقتصادية في مصر.
– الاستقرار: يعتبر نهر النيل أساس الاستقرار في مصر.
ومما سبق يتضح أن أحد متطلبات الأمن القومي هو الحفاظ على الأمن المائي، المتمثل في نهر النيل، وحصة مصر من مياه نهر النيل؛ وذلك من خلال:
الحفاظ على أمن منابع نهر النيل، واستمرار التدفق الطبيعي لمياه النيل؛ باعتبار أن المياه مورد إستراتيجي مهم بالنسبة لمصر، يؤثر على التنمية الاقتصادية في مصر،ضمان أمن واستقرار السودان؛ باعتبار أن تهديد السودان يشكل تهديدًا لمصر، تأمين مصادر الطاقة على مجرى النيل (السد العالي)؛ لتأمين التنمية الزراعية والصناعية؛ باعتبارها تأمينًا لاقتصاديات مصر القومية، التنسيق مع دول حوض النيل فيما يتعلق بالمشروعات التي تقيمها، وقد تؤثر على تدفق المياه إلى مصر، أو تؤثر على حصة مصر من المياه ، مقاومة التغلغل الإسرائيلي في إفريقيا، وتنمية العلاقات مع دول حوض النيل.
مصر و إدارة الأزمة
تعود أزمة تحويل مجرى النيل إلى مايو 2010، عندما قررت 6 من دول منابع النهر التوقيع في مدينة “,”عنتيبي“,” الأوغندية على معاهدة جديدة لاقتسام موارده، ومُنحت القاهرة والخرطوم مهلةَ عام واحد للانضمام إلى المعاهدة .
وتنص “,”اتفاقية عنتيبي“,” على أن التعاون بين دول مبادرة حوض النيل يعتمد على الاستخدام المنصف والمعقول للدول، فيما تصر دول المصب، مصر والسودان، على التأكيد على شروط ثلاثة:
الأول : الحقوق المكتسبة والتاريخية، الثاني : الإخطار المسبق لأي مشروعات على النهر، والثالث : التصويت بالإجماع أو الأغلبية شرط موافقة مصر والسودان، أي امتلاك حق الفيتو.
واتخذت الدول الأعضاء مؤخرًا إجراءات التصديق عليها من برلماناتها، وبمجرد سريانها تنتهي الحصص التاريخية لمصر والسودان وفقًا لاتفاقيتي 1929 و1959، التي بموجبهما تحصل مصر حتى الآن على 55.5 مليار متر مكعب من المياه سنويًّا، والسودان على 18.5 مليار .
وقعت على هذه الاتفاقية 6 دول، هي: إثيوبيا وأوغندا وكينيا وتنزانيا ورواندا وبوروندي، بينما رفضت كل من مصر والسودان والكونغو الديمقراطية الانضمام إليها. وفي مارس 2013 أعلنت دولة جنوب السودان أنها ستنضم إلى الاتفاقية .
ولقد فشلت الجهود المصرية في العديد من القمم المشتركة، مرورًا بقمة كينشاسا، مايو 2009، واجتماع الإسكندرية يوليو 2009، حتى شرم الشيخ إبريل 2010، وإعلان الدول التوقيع في عنتيبي، 14 مايو 2010، وبيئة التفاوض نفسها كانت غير مبشرة؛ حيث المفاوض المصري والإثيوبي لا يتبادلان السلام، ولا يتبادلان الحلول سوى عبر وسطاء، مع تبادل الاتهامات بين دول المنبع والمصب، ووجود جو من الاحتقان والمواقف غير المبررة.
تتعامل مصر مع هذا الملف على أساس مبدأين، هما: التأكيد على الحقوق التاريخية المكتسبة؛ ومن ثم التأكيد على الاتفاقيات التي تم توقيعها بينها وبين دول حوض النيل، سواء الثنائية أو على المستوى الإقليمي، وخاصة اتفاقيتا 1929 و1959، اللتان تحددان نسبة مصر من المياه.
أما المبدأ الثاني فهو العمل على إقامة علاقات طيبة وتعاونية مع دول منابع النيل، وسائر الدول الإفريقية. وقد ساعدت مصر العديد من الدول الإفريقية من التحرر من الاستعمار، إلا أنه خلال العقود الثلاثة الأخيرة شهدت العلاقات المصرية – الإفريقية انكماشًا وترديًا وصل في بعض الأوقات إلى حد الجمود، بما وقد كانت لهذه التصريحات وهذا التوقيع العديد من الدلالات، مثل: محاولة فرض أمر واقع جديد على مصر، ومحاولة فرض رؤية تتجاوز المصالح المصرية.
أن مصر والسودان لديهما رؤية تقوم على الحقوق التاريخية المكتسبة، في حين تستند دول المنبع إلى أبعاد سياسية تتعلق بمفهومها للسيادة الوطنية، ومفهوم التنمية لا يرتبط بالتعاون مع مصر بشكل رئيسي. وقد كانت مصر والسودان مستعدتان؛ لقبول بعض التعديلات في اتفاقية عنتيبي بما يراعي حصصهما، لكن كان هناك إصرار على بنود الاتفاقية وإعادة توزيع الحصص على أساسين، هما: نسبة مساهمة، كل دولة في مياه النيل، وتطورات الأراضي والموارد والحاجة للمياه في السنوات الخمسين الأخيرة.
ونتيجة تفكك وعدم استقرار الوضع الداخلي في مصر في ظل الرئيس “,”محمد مرسي“,”، وكذلك نتيجة غياب وضعف الدور المصري في إفريقيا؛ أعطى فرصة لإثيوبيا – التي تتحكم في 85% من مياه النيل- استغلال هذا الوضع، وقيامها بالبدء بتنفيذ مشروعاتها التي كانت تسعى منذ عقود لتحقيقها. وبالفعل أعلنت الحكومة الإثيوبية تحويل مجرى النيل الأزرق؛ في خطوة منها للبدء في بناء سد النهضة.
فتحويل المجرى قد لا يؤثر حاليًّا على تدفق المياه إلى مصر والسودان، ولكن بعد اكتمال بناء السد وملئه بـــ“,”74 مليار م3“,”، سيكون هناك عجز، يقدره البعض بأنه يتراوح ما بين 11 و19 مليار م3، بمتوسط 12 مليار م3، فكيف سيكون الوضع، ونحن نتحدث عن واحد من أربعة سدود؟؛ مما يعني أن إثيوبيا ستتحكم في أربعة بوابات لتدفق المياه إلى باقي الدول؛ وبالتالي التأثير على تدفق المياه إلى دول المصب، وخاصة مصر، والتأثير على حصتها من المياه، وتخفيض حصتها إلى 20 مليار م3؛ مما سينتج عنه كارثة في مصر؛ نظرًا لاعتماد مصر شبه الكامل على مياه النيل؛ مما سيكون له أثر سلبي على الزراعة والثروة الحيوانية والتنمية، فضلاً عن تأثيراته البيئية المدمرة، ودخول دول حوض النيل في صراعات وحروب على المياه. خلال فترة ملء خزان السد، وهي تقدر بـــ6 سنوات، سيصاحب ذلك عجز في إنتاج الطاقة المائية في مصر، إلى جانب انخفاض مستوى بحيرة ناصر إلى حوالي 15 مترًا؛ وذلك إلى جانب حدوث فترات جفاف وتدهور في نوعية المياه. وقد صدر تقرير اللجنة الثلاثية لتقييم سد النهضة، الذي أعده 10 خبراء ومسئولين من مصر وإثيوبيا و4 خبراء أجانب. وقد احتوى التقرير على 4 تحفظات تتعلق بسلامة السد والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على الفئات الفقيرة في مناطق إنشاء السد، وكذلك تحفظات تتعلق بتأثيره على الموارد المائية لدولتي المصب وقلة تدفق المياه إليهما، وهذه أمور تحتاج إلى مزيد من الدراسات التفصيلية من جانب الحكومة الإثيوبية؛ لمنع الآثار السلبية للسد. وفيما يتعلق بالتحركات الدبلوماسية المصرية، بمعني أدق على مستوى وزارة الخارجية، فقد جاءت متأخرة إلى حد كبير، وعلى غير المستوى؛ إذ إن وزير الخارجية المصري بعد زيارته لأثيوبيا صرح بأن هناك مشاورات على المستوى الفني عن طريق الوزراء، وعلى المستوى السياسي ممثلة في وزارة الخارجية، دون إبراز نتائج واضحة وملموسة. فضلاً عن أن القيادات في مصر تعاملت مع الموضوع بداية بصورة فنية؛ إذ صرح وزير الري المصري أن السدود التي تنشئها أوغندا وتنزانيا على نهر النيل غير مؤثرة على تدفق مياه النيل، وأنه لم يتم استيراد الكهرباء من إثيوبيا لعدم وجود اتفاق بين الدولتين على آليات ملء وتشغيل السد، وأن الربط الكهربائي مقتصر فقط بين إثيوبيا والسودان بقدرات ضعيفة لا تسمح بنقل الكهرباء من سد النهضة.
يمكن التعامل مع أزمة سد النهضة على مستويين، هما: الدبلوماسية الرسمية، والدبلوماسية الشعبية، بالتوازي معًا.
على مستوى الدبلوماسية الرسمية والرئاسة : إعادة الدور المصري في إفريقيا، ورفع مستوى التمثيل الدبلوماسي، والاهتمام بالدائرة الإفريقية، والكف عن التصريحات الاستعلائية. ومحاولة مصر سد الفراغ، واستعادة العلاقات مع دول حوض النيل كافة؛ من خلال تحقيق مزيد من التعاون في جميع المجالات الاقتصادية والثقافية والرياضية والتنمية، وتشجيع الاستثمارات في دول القارة، وخاصة دول حوض النيل، فضلاً عن التعاون في المجال التعليمي، وتبادل البعثات الطلابية؛ مما سيقرب الشعوب من بعضها البعض، وهو ما سيكون له مردود على المدى البعيد، أما على المدى القصير، وفيما يخص هذه الأزمة؛ فإنه يجب الاستعانة بأهل الخبرة في مجال إدارة الأزمات والمتخصصين في الشأن الإفريقي، وخاصة دول حوض النيل، وكذلك الفنيين؛ لتقديم خبرتهم وتوصياتهم لحل هذه الأزمة ومواجهتها بحنكة وصورة جيدة؛ كي لا نقع في أخطاء قد تؤدي إلى مزيد من التعقيد وتأتي بنتائج عكسية لمصلحة مصر، فضلاً عن ضرورة التنسيق بين مصر والسودان لمواجهة هذه الأزمة. وبجانب ذلك يجب الاستعانة بكبار مفاوضي الدولة، والتفاوض مباشرة، وذلك بعد تنسيق الجهود المصرية السودانية بشأن هذه الأزمة؛ لمناقشتها، والخروج بنتائج للحفاظ على مصلحة دولتي المصب من المياه، ومنع استكمال بناء هذا المشروع، الذي لم يقتصر فقط على سد النهضة؛ حيث هذا السد واحد من سلسلة سدود (أربعة سدود). بجانب طرح مصر مشروع آخر لإثيوبيا يولد طاقة كهرومائية بما لا يؤثر على تدفق المياه لمصر والسودان، وبيان مساوئ وأضرار المشروع الإثيوبي على إثيوبيا والسودان.
أما على مستوى الدبلوماسية الشعبية : فهنا يجب تقريب الشعوب من بعضها البعض، ومحاولة تبادل الثقافات، وتعريف الشعب المصري بصورة أفضل عن القارة الإفريقية ودول حوض النيل، وأهمية هذه الدول للأمن القومي لمصر، وذلك من خلال الأنشطة الثقافية وبرامج التوك شو والمناهج التعليمية والسياحة… إلخ، بجانب العمل على التقليل من النظرة العنصرية والاستعلائية من جانب الشعب المصري تجاه شعوب القارة السمراء، وعدم التعامل على أساس اللون أو الدين أو الجنس، وكذلك عدم التقليل من شأن شعوب هذه القارة. فضلاً عن تشجيع رجال الأعمال على الاستثمار في هذه البلدان، والحرص على التواجد المصري في دول حوض النيل. وهذا الأمر بالتأكيد ستكون آثاره على المدى البعيد.
ويجب أن تقوم العلاقات الدولية في منطقة حوض النيل على أسس من التكامل والمنفعة المتبادلة، وهذا لن يتحقق سوى بالابتعاد عن الخطابات العدائية، وجهود نحو تقليص الفجوة بين الأطراف، ومصر عليها دور كبير تلعبه في هذا الشأن تحديدًا، فيكفيها سنواتها العجاف السابقة في إفريقيا .
واجتمع في القاهرة في أوائل شهر ديسمبر 2013ممثلون عن منظمات المجتمع المدني من مصر والسودان وجنوب السودان وإثيوبيا وإريتريا بدعم من منظمة اليونيسكو والمجلس العربي للمياه، للتأكيد على قدرة الجمعيات الأهليّة على تقريب وجهات النظر وحلّ الخلاف بين دول حوض النيل وتقليل أثر النزاع السياسي بين الحكومات على العلاقات بين الشعوب في إقليم حوض النيل، بالإضافة إلى إيجاد بدائل لاستمرار التواصل بين الشعوب ودعم ثقافة السلام والتقليل من أي محاولات رسميّة سياسيّة لتصعيد الخلاف أو التسبّب في الضرر لأي من الدول المطلة على النيل. النقاشات التي استمرت على مدار يومَين بين ممثلين عن المجتمع المدني والجهات الدولية المانحة وممثلين عن الحكومات وحضرها “المونيتور”، انتهت إلى إمكانيّة قيام الجمعيات الأهليّة بدور فعال لدعم التواصل الشعبي بين دول حوض النيل وتبنّي أجندة اجتماعيّة وخدميّة تعمل لصالح شعوب المنطقة. وقد تمّ الاتفاق على تشكيل فرق عمل لتبادل المعلومات عن احتياجات الشعوب للمياه وشبكات الصرف الصحي وكذلك لمخاطبة الحكومات بهدف الإسراع في حلّ هذه المشاكل، على أن تتعهّد الجهات الحكوميّة بتذليل العقبات وتوفير الدعم المادي والسياسي. ويتصاعد الخلاف ما بين مصر ودول حوض النيل بخاصة إثيوبيا، بعد إصرار حكومة أديس أبابا على بناء سدّ النهضة على النيل الأزرق والذي يثير مخاوف القاهرة نظراً لإمكانيّة تسبّبه بمخاطر على الأمن المائي المصري وتقليل حصّة مصر من مياه النيل. ولم تتوصّل المفاوضات بين المسؤولين الفنيّين في كل من مصر والسودان وإثيوبيا إلى اتفاق واضح حول السدّ حتى الآن. كذلك رفضت مصر في أيار/مايو 2010 الانضمام إلى اتفاقيّة الإطار القانوني والمؤسّسي لمياه النيل “عينتيبي”، لاحتوائها على بنود لا تعترف بحصص مصر التاريخيّة من مياه النيل وتعطي الدول الحقّ في بناء منشآت على النيل من دون الرجوع إلى دول المصبّ.
ويقول رئيس جمعيّة الصداقة بين مصر وجنوب السودان حماد أحمد “نحاول أن تكون الجمعيّة طريقاً غير رسمي لدعم التعاون ما بين مصر وجنوب السودان في مجالات المياه، والتأكيد على التواصل الثقافي بين البلدَين، وجذب الجهات المانحة لدعم مشروعات تنمويّة صغيرة في قرى وولايات جنوب السودان المحرومة من الخدمات”.يضيف أحمد “لا نتدخّل في السياسية حتى لا تفسد محاولاتنا للتواصل. وثمّة اتفاق بين أعضاء الجمعيّة المصريّين والجنوبيّين ألا تناقش أي قضيّة خلافيّة في داخل الجمعيّة. ونحاول تهيئة الظروف الاجتماعيّة لتقبّل مشروعات التعاون ما بين مصر وجنوب السودان في مجالات إدارة مياه النيل”. وكانت مصر قد أنشأت شركة اقتصاديّة كبيرة تحمل اسم شركة النصر في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وكان لها دور اقتصادي قوي في عدد من الدول الإفريقيّة بخاصة دول حوض النيل بعد تحرّرها من الاستعمار في ستينيات القرن الماضي. وقد اعتمدت مصر على هذه الشركة في إدارة علاقتها الاقتصاديّة والسياسيّة في إفريقيا حتى عصر الرئيس الراحل أنور السادات.وتحاول الإدارة المصريّة الآن اللجوء إلى كافة الوسائل غير التقليديّة لتقوية علاقاتها بالدول الإفريقيّة بخاصة دول حوض النيل ودعم القوى الناعمة، بعد استمرار النزاع على مياه نهر النيل وعدم التوصّل إلى حلول فنيّة أو دبلوماسيّة حتى الآن لتأمين المصالح المصريّة التاريخيّة في مياه النيل.
اتخذ المشير االسيسى توجها اميل للتفاهم و استنفاد الطرق و الوسائل الدبلوماسية فى التعامل مع ازمة سد النهضة مع اثيوبيا ، و قال السيسى إنه من المهم ان يتم تناول تلك المسألة فى سياق علاقات طيبة و تعزيز الثقة بين مصر و اشقائها الأفارقة. و إنه يجب ان يفهموا ( اثيوبيا ) اننا لا نبحث عن مصالحنا فقط و نتناسى مصالحهم . نحن نتفهم رغبة الاثيوبيين فى تنمية بلادهم ، لكن ايضا لابد ان يتفهموا ان مصر ليس لديها رفاهية ان يقترب احد من المياه ، و من المهم جدا ان يتفهم الاثيوبيين ام المياه فى مصر مسألة حياه او موت ،و ان سد النهضة يحتاج الى المزيد من الدراسة الفنية ، لضمان نجاح المشوع ، دون المساس بأمن مصر القومى و المائى . و دعا اثيوبية الى الحرص على حياة الشعب المصرى .و شدد على ضرورة وجود حل لهذة الأزمة ، و أكد ان العلاقات المصرية مع اثيوبيا و سائر البلدان الافريقية يجب ان تكون طيبة و قائمة على المصلحة و التصالح.
موقف جنوب السودان
وفيما يتعلق بمواقف دول حوض النيل الأخرى من هذا الإجراء الإثيوبي، فبالطبع كانت دول المنبع، وخاصة الموقعة على اتفاقية الإطار (اتفاقية عنتيبي 2010)، مؤيدة لهذا الإجراء، بل وانضمت لها دولة جنوب السودان.
قال “جوك” سفير جنوب السودان: إن جنوب السودان تحرص على ألا يؤثر السد على حقوق مصر المائية, مشيرا إلى أن سد النهضة وصل لمراحل متقدمة في البناء, ولا يمكن إيقافه حاليا , وأن الحل هو الاتفاق , وهو ما كان يمكن أن يتم قبل بنائه, لكن المهم حاليا هو بناؤه بتقنية حديثة لتجنب آي آثار سلبية على السودان ومصر . وبالانتقال إلى ملف سد النهضة الأثيوبي , قال “إن دول حوض النيل تعتمد على المياه, وأن أثيوبيا لها الحق في بناء السد والحصول على الكهرباء, ” ولمصر والسودان حق وصول المياه إليهما بما لا يؤثر على حصصهم أو أنصبتهم.
قال سفير الجنوب لدى مصر: أن الرأي العام والمعروف لدينا، فنحن دائما مع رأي الجماعة في كل شىء، لذلك نرى أن نهر النيل هو ملك لكل شعوب المنطقة المطلة على النيل. وإذا كان هنالك أي قرار يتخذ ، فلابد أن يكون بالإجماع من جانب شعوب دول حوض النيل، حتى نتجنب النزاعات والخصومات والمشاكل بين دول الحوض، ونحن نعتقد أن كمية مياه النيل الموجودة تكفي لكل دول الحوض، ولا يوجد سبب أصلا لأي خلافات أو نزاعات، ونرى أن الدول المطلة على النيل لا بد من التوصل إلى اتفاق فيما بينها للحل، لأنه كانت هناك مبادرة حوض النيل، وهناك بعض الأطراف يصورونها على أن هناك مشاكل.
لكن المبادرة، من وجهة نظرنا، جيدة جدا إذا تم إقرارها ، حيث إن هناك فقرة وحيدة، ضمن مواد المبادرة، من الممكن أن يكون عليها خلاف، هي المادة التي تشير إلى إعادة تقسيم مياه النيل ، وهو ما تتضرر منه مصر والسودان، وفقا لما أعلن.
لكن في المقابل، هناك مواد تتضمنها مبادرة حوض النيل جيدة، وأعتقد أن هذه المادة المثيرة للخلاف من الممكن، بنوع من الحوار الهادئ والنقاش المثمر، التوصل إلى حل، وبالتالي يمكن للجميع الاستفادة من نهر النيل، لأن العمل الجماعي فيه استفادة كبرى ومصالح مشتركة لكل الشعوب المستفيدة من النيل.أنه لا توجد أضرار من سد النهضة على مصر والسودان، وهذا ما أكده وزير الري الإثيوبي، خلال الفترة الماضية، الذي قال إنه ليست هناك أي أضرار ستعود على مصر والسودان من جراء إنشاء السد، بل بالعكس هناك آثار إيجابية، فضلا عن أن هناك لجنة مشتركة إثيوبية- مصرية- سودانية تضم خبراء من البلدان الثلاثة لدراسة وجود آثار سلبية أو إيجابية على مصر والسودان.
لذلك، فمن السابق لأوانه أن نجزم بوجود آثار سلبية لهذا السد الإثيوبي، وذلك لأن على الجانبين المصري والسوداني دراسة الآثار المترتبة على إقامة هذا السد، ولكن وزير الري الإثيوبي بعث رسائل مطمئنة بأن هناك فوائد كبيرة جدا بالنسبة لبلاده ولمصر والسودان في بناء السد
المبحث الثانى:قضية الإرهاب
موقف مصر
عانت مصر من ظاهرة الإرهاب داخليا و خارجيا ،فمن الناحية الداخلية يمكن التمييز بين انواع التنظيمات الإرهابية الناشطة حاليا فى مصر ، النوع الأول هو التنظيمات العاملة فى سيناء وأبرزها ولاية سيناء و كانت تسمى انصار بيت المقدس قبل ان تعلن ولائها للبغدادى و تنظيم الدولة الإسلامية –داعش- فى نوفمبر 2014.
و قد راكم هذا التنظيم خبرات قتالية كبيرة بسبب الأنتماء السابق لبعض عناصره الى شرطة و الجيش ، و نشاطه فى التفجيرات سابقة فى سيناء ، فضلا عن تجنيده مؤخرا لمقاتلين عرب، ابرز العمليات تتم فى سيناء .
اما النوع الثانى : فهو تنظيمات تنشط فى وادى النيل و على راسها تنظيم اجناد مصر الذى نفذ عدة عمليات تفجير فى مصر ، إن تفجيرات هذا التنظيم ليست سوى قنابل بدائية الصنع يتم تثبيتها مقاربة من الهدف، مما يجعل دويها كبيرا و قاتلا ، و قد نجح الأمن فى ضرب اجناد مصر ووقف عملياتهم فى وادى النيل .
اما النوع الثالث: فهو عبارة عن خلايا متفرقة كالمقاومة الشعبية و العقاب الثورى من المرجح صلتها بجماعة الأخوانو تنفذ عمليات تخريب تستهدف المرافق العامةكالكهرباء و المصالح الخاصة كالبنوك و الشركات كتكتيك استنزافى للنظام القائم . بالنظر الى تعدد التنظيمات الضالعة فى الإرهاب و تعدد توجهات و دوافع اعضائها ، لابد من استهداف كل منها بسياسة خاصة تعمل على تفكيكها وفقا لخصائصها الفردية ، فالتنظيمات العاملة فى سيناء تتميز باحترافية عالية تتطلب تدخلا اكبر للقوة العسكرية يضارع ما تملكه هذة التنظيمات من قدرات قتالية و اسلحة حديثة ، اما تنظيمات وادى النيل فتعتمد على شباكها الواسعة لاختراق المرافق الحيوية و تخريبها عبر التفجيرات .
و هنا يتطلب الأمر تفكيك هذة الشبكات من خلال البحث الجنائى و التحريات و التحقيقات الموسعة لحرمان هذة التنظيمات من حرية الحركة التى تتمتع بها فى المناطق كثيفة السكان. أشار الرئيس السيسى الى ان مصر تخوض “حربا ضد الإرهاب ” و قدم رؤية متكاملة من ثلاثة ابعاد لمواجهة الإرهاب ، اولها و يمثل الركيزة الأساسية و يتضمن التعامل الأمنى و سيادة القانون، حيث أكد ان مصر لن تقف مكتوفة الأيدى ضد اى اخطار تتعلق بالأمن القومى و بالأمن فى دولة عربية تتعرض لتهديد خطير مهما كان نوعه، مشددا على ان الجيش المصرى سيكون تحت رئاسته لمصر قويا و جاهزا لمثل هذة المهمة ، و فى اى وقت يستدعى منه مثل هذا التدخل . و إنه يجب تطبيق القانون و احترامه ، و إننا نؤسس لدولة قانون و نحترم القضاء ، و ثانيها : البعد التنموى و اهميته لاستئصال الإرهاب ، حيث اكد القدرة على تصفية الوضع فى سيناء بمنتهى البساطة و ان الإشكالية فى سيناء ليست امنية فقط و ان المنطقة تحتاج الى تنمية حقيقية ، و ان التعليم و محاربة الجهل و الفقر و ايجاد فرص عمل للناس و الثقافة بكل ما تعنيه حتى تصحيح الخطاب الدينى ده جزء من المعالجة ، ثالثها ، التعاون الدولى لمواجهة الإرهاب ، حيث ان رغم ان مصر نجحت فى مكافحة الإرهاب داخليا.
و من الناحية الخارجية : راى ان الإرهاب على حدود مصر الشرقية و الغربية و الجنوبية يشكلان تهديدا على مصر.فمن ناحية فالحدودالجنوبية مع السودان تمثل تهديدا فاكد السيسيى على مصرية مثلث حلايب و شلاتين موكدا على ان الحوار و التواصل يشكلان ارضية للتفاهم و العمل الايجابى ، فاعتبر ان السودان و لبيا هما العمق الأستراتيجى لمصر و حريصون على العلاقات معهما و لا يوجد سبب يدعونا لغير التفاهم و العمل الأيجابى.
إما لبيا فيجب العمل على عودة الأمور لطبيعتها فى لبيا ،فهناك تهديدا لمصر من حدودها الغربية مع لبيا و كذلك من الإرهاب فى سيناء ، لبيا ليس لديها سيطرة كاملة على حدودها البرية و البحرية ايضا ، يضاف الى ذلك تهريب السلاح ، و ما تحدثت عنه تقارير غربية حول سعى الأخوان لتشكيل الجيش المصرى الحر من طلاب مصريين هربوا الى لبيا ، نفى السيسى وجود أزمة بين مصر مع لبيا ، غير انه لمح الى ان بلاده و بالاشتراك معاشقائه العرب لا يمكن ان تقف مكتوفة الأيدى ازاء تحول هذا البلد الجار ، و حدوده على مصر مفتوحة ، الى بؤرة خطيرة للإرهاب الدولى ، و قال ان مصر تفهم مشكلة لبيا و بذلنا مجهود لحماية الحدود ، و لكن لابد من مجهود دولى مشترك لمواجهة الإرهاب و عودة الاستقرار، و راى ان الغرب لم يستكمل مهمته فى لبيا . فلقد ادى الأنتشار المكثف للسلاح بمختلف انواعه فى لبيا الى خلق فوضى امنية تجتاح لبيا منذ سقوط القذافى و دفع الرؤية الموضوعية للحكومات اللبية المتعاقبة منذ تلك الفترة تجاه قضية جمع السلاح الى ما يمكن تسميته بالعسكرة غير المتعمدة للمجتمع الليبى، و فى ظل استمرار حالة الأستقطاب الحادة و الفوضى السياسية و الأمنية، و انحياز مصر لطرف ماتبدو القاهرة اكثر تاثرا من اى وقت مضى بما يجرى فى لبيا ، فالتاثير الأمنى للأزمة على مصر له اكثر من مستوى تامين االحدود و المصريين العاملين فى لبيا و تنامى نفوذ العناصر المتطرفة و الإرهاب .
فما حدث فى لبيا منذ ثلاث سنوات و ما اسفر من تداعيات فى شرق لبيا اثر بشكل واضح و كبير على امن الحدود الغربية لدى مصر ، فبالرغم من اتساع الحدود و عدم آهليتها للسكان سواء على الجانب الغربى لمصر و الشرقى للبيا مما يصعب من عملية المراقبة و متابعة الحدود على الوجه الأمثل ، إلا ان الانهيار الحاصل فى لبيا زاد من المخاطر بشكل مضاعف و تحديدا فى القطاع الشمالى من الحدود المشتركة و تتضح المخاطر فى:
– تنامى الجماعات الجهادية فى شرق لبيا ، خاصة فى ظل وجود تشابكات جغرافية و سياسية و ايديولوجية بين التيارات الإسلامية فى البلدين.
– المتشددون و تهريب السلاح، ففى مصر هناك خمسة طرق رئيسية لتهريب الأسلحة يمر اثنان منها عبر مرسى مطروح ، و اثنان عبر واحة سيوة ، و تعد مدينة السلوم المصرية هى المكان الرئيس لعمليات ضبط الأسلحة .
– مشكلة العمالة المصرية فى لبيا ، حيث شكل العدد الكبير من العمال المصريين فى لبيا مصدرا للتوتر على الحدود بين البلدين ،فقد اصبحت عمليات الخطف و فرض القيود على االتاشيرات و الإغلاق المتبادل للحدود من الجانبين حوادث ، فيقدر عدد العاملين فى لبيا بين ملايين1,5و 300 الف.
– ازدياد نفوذ القبائل على حدود البلدين ، و القبيلة الرئيسية التى يمتد نفوذها على جانبى الحدود و تؤثر فى شئون البلدين هى اولاد على، فهى مجتمع بدوى فى صحراء مصر الغربية يصل عدد افرادها الى 750 الف ، و تتالف من عدد اقل فى شرق لبيا ، قد لعبوا دورا بارزا فى الصراعات الليبية الحديثة.
يمكن التعامل مع الأزمة على المستوى الداخلى :بسط نفوذ الحكومة داخل اراضى الصحراء الغربية بتحقيق التنمية الأقتصادية، تنفيذ مشاريع المياه ، إجراء مراجعة قوانين ملكية الأرض ، بالأضافة الى تمكين القبائل الحدودية من تولى وظائف بالمحليات داخل مدنهم و ذلك لتفادى الأزمات الحاصلة بين القبائل و الموظفين الذين من محافظات اخرى و بالتالى إنهاء التمييز القبلى القائم و أستبدال المحسوبية بنمو اقتصادى و بنية تحتة حقيقية , و ادماج هذه المناطق المهمشة فى الحياة الأقتصادية و السياسية .
مراقبة طرق تهريب السلاح من الأرضى الليبية إلى مصر و المؤدية إلى سيناء و وقف استخدام الطرق البحرية فى تهريب السلاح .على المستوى الخارجى :تفعيل دور مصر دبلوماسيا فى الأزمة الليبية من خلال العمل على تهدئة الأوضاع فى ليبيا سياسيا, من خلال تنسيق مصرى جزائرى مع القوى المنقسمة فى ليبيا , حيث تعد البلدين هما أكبر دولتين تمتلكا حدود مشتركة مع ليبيا .
التدخل المصرى العسكرى سواء بشكل مباشر كتوجيه ضربات محددة و مؤثرة إلى العناصر و الميليشات المسلحة على الحدود الشرقية الليبية بالتنسيق مع الجيش الليبيى , أو بشكل غير مباشر من خلال إمداد الجيش الليبيى بالسلاح و المعدات و المعلومات لتمكينه من القضاء على ميليشات فى الشرق الليبيى و ضبط الحدود مع مصر , مع الأخذ فى الأعتبار أهمية إلا يتسع حجم هذا التدخل إالى أن يصبح طرفا فى الصراع بل المقصود بالتدخل حماية حدودها و أمنها القومى دون التورط فى المستنقع الليبيى .
و يزداد هذا النجاح باستمرار ، إلا ان الإرهاب فى المنطقة بحالته المعقدة لا يمكن مواجهته دولة واحدة ، و يعتبر إطار الأمن الجماعى هو الحل الأمثل فى هذة الحالة ، و القوة العربية المشتركة آلية مثالية للمواجهة ، خاصة مع توافر عوامل مساعدة لتشكيل هذة القوة مثل وجود تدريبت عسكرية مشتركة بين عدد من الدول ، ايضا اشتراك عدد من الدول فى عملية عاصفة الحزم.و يمكن التحرك الدولى فى مجلس الأمن لاقتراح مشروع لمكافحة الإرهاب خاصة مع اختيار مصر لرئاسة لجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن الدولى ، وذلك اعتبارا من بدء عضوية مصر فى المجلس شهر يناير 2016، و إنه من بين مهام هذة اللجنة وضع سياسات مكافحة الإرهاب على المستوى الدولى و الإشراف علىتنفيذ قرارت مجلس الأمن ذات الصلة .ويمكن استغلال دعوة الرئيس الروسى الى تشكيل جبهة دولية موحدة لمواجهة الإرهاب تعمل على اساس القانون الدولى ، و ان تتخلى الدول عن جميع الخلافات لمواجهة ايديولوجية الإرهاب المدمرة ، و ايضا ردود افعال الإيجابية لمكافحة الإرهاب ، لفرنسا و إنجلترا و ألمانيا و عدد من الدول الأوروبية بعد الحادث الغرهابى فى فرنسا. يمكن استغلال التحالف الأسلامى ضد الإرهاب و الذى اعلنت مصر انضمامها له فى مكافحة الإرهاب، من خلال اعمال عسكرية ،تعتبر خطوة جيدة للتوافق على تعريف محدد الإرهاب ، بالإضافة الى توحيد الجهود الفكر المتطرف فى نطاق جغرافى كبير .
و يجب الأخذ فى الاعتبار ان مكافحة الإرهاب من خلال الأعتماد على المواجهة الأمنية او العسكرية تعنى التعامل مع البعد الظاهر لهذا التهديد ، و تظل المشكلة الأفكار المتطرفة المتداولة فى المجتمع خاصة الشباب ،باعتبارها الفئات الأكثر قابلية للتعبئة مقارنة بفئات عمرية اخرى ، لذا يجب لن يتم التخطيط لأستراتيجية موحدة تشترك فيها كل المؤسسات الدولة المعنية و منظمات المجتمع المدنى لمكافحة التطرف ووقاية الأفراد من الأنتقال من مربع التطرف الى مربع الإرهاب.
موقف جنوب السودان
اجتمع وزراء الحكومة الانتقالية في دولة جنوب السودان بعد أدائهم لليمين الدستورية في جوبا العاصمة التي تضم «30» وزيراً، منهم «14» من جناج المعارضة المسلحة التي يتزعمها رياك مشار، وحقيبة لمجموعة الـ«10»، وحقيبتان للأحزاب السياسية، وستحكم الحكومة الجديدة خلال الفترة الانتقالية المقدرة بثلاثين شهراً حتى الانتخابات في العام 2018م.
وفي ذات الاثناء اتهم المسلحون المنشقون بدولة جنوب السودان، اتهموا حكومة الرئيس سلفا كير ميارديت باستخدام أسلوب الإرهاب لزعزعة دول جوار جنوب السودان.
وقال الناطق الرسمي باسم «لواء أنقذوا الوطن» العقيد ركن أويل كون مثيانق، في تصريح لـ «الإنتباهة»، إن الجيش الشعبي يدعم الحركات الإرهابية والجماعات المتطرفة ليقوموا بتنفيذ عمليات إرهابية في الدول المجاورة لجنوب السودان، مشيرًا إلى أن المعلومات المتوفرة لديهم أكدت تحركات الجيش الشعبي الحكومي بالتعاون مع الحركات الدارفورية المسلحة ضد السودان.
وفي السياق، أكد مثيانق أن قواتهم أحكمت السيطرة الكاملة على المداخل والمخارج الرئيسة داخل مناطق روم أكير وملوال ووار تيد بولاية شمال بحر الغزال. وأضاف مثيانق أن لدى الحكومة خيارين، إما المواجهة معهم أو ترك السلطة والخضوغ للمحاكمة بسبب ما ارتكبه نظام الرئيس سلفا كير ونائبه الأول رياك مشار، في حق الشعب من انتهاكات خلال الحرب، بإنشاء محكمة من سلاطين جنوب السودان لأنها الخيار الأوحد، كما نفى الناطق الرسمي إدعاءات حكومة جوبا باستهداف المدنيين، وأن «لواء أنقذوا الوطن»، يعمل في إطار حماية المدنيين من بطش الحركة الشعبية والجيش الشعبي الحكومي والحركات الدارفورية المسلحة التي تستهدف المدنيين والقرى الآمنة.
وفي سياق متصل رحبت الصين بأداء زعيم المعارضة السابق في جنوب السودان رياك مشار اليمين نائباً أولاً لرئيس البلاد، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينغ، في إفادة صحفية دورية إن أداء اليمين إنجاز مهم في عملية السلام. وأضافت يينغ أن الصين باعتبارها شريكاً مهماً لجنوب السودان شاركت بشكل بناء في عملية السلام ودعمت بشدة الدول الإفريقية في حل مشكلاتها بطريقة إفريقية، وقامت بدور كبير في مساعدة الأطراف المتنازعة على توقيع اتفاق سلام نهائي، وأشارت إلى أن الصين تأمل مخلصة أن تعمل جميع الأطراف في جنوب السودان في تسريع إعادة البناء وتحقيق السلام والاستقرار والتنمية، وأكدت المتحدثة أن الصين ستستمر في العمل مع المجتمع الدولي للقيام بدور بناء.
أدى مشار اليمين نائباً أولاً للرئيس يوم الثلاثاء الماضي بعد وقت قليل من وصوله إلى جوبا بعد عامين من هروبه من المدينة منذ «15» ديسمبر 2013م.
كما رحبت وزارة الخارجية المصرية في بيان لها بعودة مشار إلى جوبا لتولي مهام منصبه تنفيذاً لاتفاق السلام الموقع في أغسطس 2015م. وأكدت الوزارة أن مصر تعتبر عودة مشار خطوة مهمة ورئيسة لاستعادة الاستقرار والأمن إلى الدولة الشقيقة، وأشار البيان إلى أن مصر تتطلع إلى أن تباشر الحكومة الانتقالية المكونة مسؤولياتها في أقرب فرصة. وأكد البيان استمرار جهود مصر الداعمة لجنوب السودان وتطلعات شعبه.
استقبل المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء ، سيلفا كير رئيس جمهورية جنوب السودان، والذي يزور القاهرة على رأس وفد وزاري رفيع المستوى. وعقب الاستقبال، عقد رئيس الوزراء لقاءً مع سيلفا كير في مقر ضيافته بقصر القبة، بحضور وزراء الاسكان والصحة والكهرباء والري من الجانب المصري، الى جانب أعضاء الوفد الوزاري من جنوب السودان.
وخلال ترحيبه بالضيف، أكد “محلب” على أن مصر شريك لجنوب السودان في جهود التنمية، وتقف معها وتدعمها في مختلف مجالات التعاون المشترك، كما أنها على استعداد لتلبية كافة احتياجاتها في القطاعات الخدمية والتنموية.
من جانبه، أشار رئيس جمهورية جنوب السودان إلى أنه عندما يكون بمصر فإنه يشعر بأنه في بلد صديق، مشيدًا بالتعاون الإيجابي بين الجانبين في العديد من المناحي، والتلاقي الكبير في الرؤى والاهتمامات بين البلدين، معربًا عن تطلعه إلى النتائج المثمرة للاجتماعات التي ستعقد خلال الزيارة بين الوزراء المصريين ونظرائهم في دولة جنوب السودان.
هذا، وصرح السفير حسام القاويش، المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، أن رئيس الوزراء شدد خلال اللقاء على أهمية تنفيذ كافة برامج التعاون المتفق عليها بين البلدين، مشيرًا إلى أن كافة الوزراء المصريين على استعداد لزيارة جنوب السودان للتعرف على احتياجاتها والنظر في تلبيتها في أسرع وقت ممكن، قائلًا” أنتم أخوة لنا”، وموضحًا أن مصر وجنوب السودان يواجهان حاليًا نفس التحديات في الجوانب المختلفة للتنمية ومجابهة الارهاب، موضحًا ان السبيل الوحيد لمواجهة تلك الصعاب هو العمل الدؤوب، كما أوضح أن مصر عادت إلى أشقائها الأفارقة للعمل سويًا من أجل رفعة شعوب القارة، فمصر هي قلب أفريقيا بما لها من تاريخ ودور فيها على مر الأزمنة. من ناحية أخرى، استعرض الوزراء المصريون عددًا من جوانب التعاون الحالية والمستقبلية بين البلدين، حيث أوضح وزير الصحة أن مصر أنشأت مؤخرًا وحدتين صحيتين في دولة جنوب السودان، كما أنها مستمرة بالنظر في تلبية عدد من الاحتياجات الطبية الأخرى لجنوب السودان. وأشار وزير الاسكان إلى استعداد تبادل الخبرات مع الجانب الجنوب سوداني في مجالات التخطيط العمراني وإنشاء المدن الجديدة، مؤكدًا على قدرة شركات المقاولات المصرية على تنفيذ تلك المشروعات بكفاءة عالية.
أما فيما يتعلق بالتعاون في مجال الكهرباء، فأوضح وزير الكهرباء أن مصر شيدت 4 محطات لتوليد الكهرباء بجنوب السودان، مؤكدًا على سعي الجانب المصري إلى المساعدة في التقييم الفني لتلك المحطات والعمل على صيانتها وتشغيلها بأفضل كفاءة ممكنة. ومن جانبه، أكد وزير الموارد المائية والري أنه سيتم عقد اتفاق للتعاون في مجال الري والمياه بين البلدين لتعزيز التعاون بينهما. وفي ختام اللقاء، أعرب رئيس الوزراء عن أمله في أن تسهم الاجتماعات التي ستعقد خلال الزيارة بين المسؤولين في تعزيز كافة صور التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين البلدين والارتقاء بمستوى العلاقات بما يليق بالعلاقات التاريخية بين الشعبين
أعلن تنظيم «داعش» تمدده في دولة جنوب السودان، أحد المواقع «الجهادية» شريطاً لرجل يُدعى أبو سياف الأنصاري، وهو أحد قياديي «داعش»، قال فيه إن التنظيم سيعمل في جنوب السودان، أما عن السودان فقال: «السودان به خير كثير، ورجاله أصحاب نخوة وشهامة، وندعوهم جميعاً للانضمام إلى صفوفنا».، فيما أكد الرئيس السوداني عمر البشير ، عدم وجود إرهابيين في بلاده.وأكد البشير عدم وجود إرهابيين في بلاده، رغم أن الولايات المتحدة تضعه على لائحة الدول الراعية للإرهاب. واعتبر ما يحدث حالياً في دول عربية وإسلامية عدة، نتاجاً للحملة الصليبية الشرسة على الإسلام. وقال البشير في لقاء مع هيئة علماء السودان إن «الحرب على السودان هي جزء من الحرب على الإسلام وذلك عبر دعم التمرد وتقويته لاستبدال الحكم في البلاد».
ورأى أن الهدف من الحملة الغربية على بلاده «هو قيام نظام علماني يسمح للدول الغربية بتنفيذ أجندتها الرامية إلى القضاء على الإسلام في السودان». وأضاف البشير أن «كل محاولات الاستهداف لن تزيدنا إلا قوة وإصراراً على المضي في مسيرة السودان القاصدة»، موضحاً أن «الدول الغربية تأكدت من قوة السودان وعزيمته بعد أن فشلت كل محاولاتها السياسية والاقتصادية بخاصة في ظل تصدع عدد كبير من البلدان المجاورة».
على صعيد آخر دانت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقى دلاميني زوما أعمال القتل والخطف التي تشهدها منطقة أبيي، المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، مبديةً قلقها من تزايد أعمال العنف في الأسابيع القليلة الماضية.
اكد السفير علاء يوسف أن الرئيس السيسى أكد خلال مناقشة اجتماع مجلس السلم والأمن الافريقي للبند الخاص بالوضع فى جنوب السودان أن مصر تولى اهتماما كبيراً بمتابعة تطورات الوضع فى دولة جنوب السودان الشقيقة، والتى تربطها بمصر علاقات خاصة وتاريخ مشترك، مشيرا إلى أن مصر سعت منذ بدء الأزمة فى ديسمبر2013 للتواصل مع جميع الأطراف بهدف دعم جهود التسوية السلمية، وكذلك العمل على تقديم المساعدات الإنسانية لأهلنا فى جنوب السودان الذين أضيروا بسبب الصراع.
وقد رحب الرئيس بسير الأوضاع السياسية فى جنوب السودان باتجاه تسوية الأزمة، مؤكداً دعم مصر لاتفاق التسوية السلمية الذى تم توقيعه فى أغسطس الماضى، وترحيبها باتفاق تقاسم الحقائب الوزارية الذى تم التوصل إليه خلال يناير الجارى بين أطراف عملية التسوية السلمية.وذكر المتحدث الرسمي أن الرئيس السيسى أكد كذلك مساندة مصر لجهود المفوضية المشتركة للتقييم والمتابعة برئاسة الرئيس «موخاى» المنوط بها الإشراف على تنفيذ اتفاق التسوية السلمية، كما ثمن جهود ألفا عمر كونارى مبعوث الاتحاد الأفريقى فى هذا الصدد، مشيراً إلى أن مصر ستستمر فى دعم جهود إعادة بناء الدولة فى جنوب السودان، فضلا عن دعم الجهود التنموية لاسـيما فى مجالات التعليم والصحة.كما أعرب الرئيس عن ثقته فى أن حكمة جميع القيادات فى هذا البلد الشقيق ستؤدى إلى طى صفحة هذا النزاع، والبدء فى مرحلة جديدة تحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التى يتطلع إليها شعب جنوب السودان.وأوضح السفير علاء يوسف أن الرئيس السيسى أشار إلى أن مصر ستواصل جهودها مع جميع الأطراف الإقليمية والدولية فى دعم حكومة جنوب السودان، ومساندة شركاء التسوية السلمية كافة من أجل تدشين الحكومة الانتقالية فى أقرب فرصة بما يعلى المصلحة الوطنية لجنوب السودان ويعيد الأمن والاستقرار إلى هذا البلد الشقيق.شارك فى الاجتماع رؤساء دول وحكومات ووفود 53 دولة من الدول الأعضاء فى الاتحاد الإفريقى، وكان قد دعا إليه رئيس غينيا الاستوائية أوبيانج نجيما، بصفته رئيس مجلس السلم والأمن الإفريقى، لبحث قضايا التعاون الإفريقى فى مجالات حل المنازعات بالوسائل السلمية، وتحقيق الاستقرار والأمن ومكافحة الإرهاب، لا سيما بعد أن تعاظم وجوده وممارساته فى منطقة وسط غرب إفريقيا، وكذلك بحث قضية جنوب السودان على ضوء التطورات الأخيرة
اعترضت السلطات في جنوب السودان رسميا على دخول الجيش الإثيوبي أراضيها، للبحث عن أطفال اختطفتهم جماعة مسلحة الأسبوع الماضي وقال وزير الخارجية الجنوب سوداني، بشير جباندي، إن جوبا لا تريد دخول قوات إثيوبية وتتعمق في أراضيها، ردا على تقارير تفيد باختراق قوات إثيوبية للأراض جنوب سودانية لإنقاذ الأطفال. وكانت عصابة مسلحة قد شنت هجوما على عدد من القرى في ولاية جامبالا الإثيوبية وقتلت 208 أشخاص، كما قامت باختطاف 125 طفلا، وقال الجيش السوداني إن هذه العصابة من جنوب السودان وعادت إلى أراضيها بعد العملية الإرهابية .أوضح جابندي أن قوات الجيش الجنوب السوداني غير موجودة بالفعل في المنطقة القريبة من الحدود مع إثيوبيا، لكنه أوضح أن قوات الجيش في وضع الاستعداد، ونوه الوزير بأن قائد الجيش بول مالونج وصل إلى إثيوبيا للتنسيق بين الطرفين، موضحا أن إثيوبيا لم تقدم طلب رسمي، قبل اختراق قواتها أراضي جوبا.
الخاتمة:
إن العلاقات المصرية مع دولة جنوب السودان أمام مرحلة انتقالية غير واضحة المعالم بها من الأيجابيات و الفرص مثلها مثل السلبيات و الأزمات ، و يبقى الدور على المؤسسات الرسمية و الشعبية فى أن تعزز العلاقات بين البلدين وخلق فرص للتعاون و التنسيق و خلق مصالح حيوية ، و ذلك عن طريق :الأتفاق على التشاور و تعميقه، نقل الحديث عن العلاقات من حيز نظرى الى واقع ملموس ، التوافق على ان دولة الجنوب جزء من منظومة التوافق الإقليمى و مساعدة الجنوبين فى بناء دولتهم ، العمل على الشراكة الأستراتيجية بين دول وادى النيل تقوم على اساس الأقتصاد و الأمن و التنمية .
هناك سبل كثيرة للتعاون بين البلدين على المستوى السياسى و الدبلوماسى ، المستوى الأقتصادى ، المستوى الثقافى و الأجتماعى . شهدت العلاقات المصرية مع دولة الجنوب تطورا كبيرا فى أعقاب استقلالها.
تسعى مصر من خلال التوجه جنوباً إلى ضمان أمنها القومي بضرورة العمل على تقليص فرص التواجد الفاعل للقوى المضادة للمصالح المصرية سواء في شمال أو جنوب السودان، ومنع النزاعات الإثنية أو العرقية أو الدينية على هذا الاتجاه باعتبارها تهديداً للأمن القومي المصري وتهديداً للمصالح المصرية. كما تهدف مصر إلى الحفاظ على حجم مواردها المائية من منابع نهر النيل في الهضبة الأثيوبية، وإمكانية العمل على زيادتها بما يسمح بالتنمية الاقتصادية مع المتابعة المستمرة لكافة الأعمال التي من الممكن أن تؤدى إلى تقليص كمية المياه الواردة إليها والاستعداد للتدخل بكافة الطرق والوسائل لإحباط مثل هذه النوايا، ولا يتأتى ذلك إلا بالتعاون مع جمهورية جنوب السودان.
لذلك فإن انفصال جنوب السودان له العديد من التأثيرات على الأمن القومي المصري بمختلف أبعاده .
هناك تهديدات مشتركة تهدد الأمن القومى فى مصر و ايضا فى جنوب السودان ، تناولنا قضيتان قضية سد النهضة و قضية الإرهاب ، كلا من الدولتان يعانيون من التهديدان السابقان بمستويات مختلفة ، فسد النهضة يمثل تهديدا لكل منهم و كل من البلدان يسعيان لحل المشكلة سواء على المستوى الفردى او الجماعى يتمثل فى دول حوض النيل او على المستوى الأقليمى و المستوى الدولى.
الإرهاب خطر يهدد البلاد ،فمصر تعانى من الإرهاب داخليا و خارجيا و ايضا جنوب السودان تعانى من الإرهاب الداخلى و خارجى ، لكن مصر لها دور فعال فى التصدى و مكافحة الإرهاب على عكس جنوب السودان التى لم يكن لها موقف فعال من الإرهاب ، بل ان القيادة تمارس الإرهاب فى الدولة باشكال مختلفة و حتى و إن لم تكن الممارسة ظاهرة بشكل واضح على المستوى الرسمى.
هناك مشروعات مقترحة للتكامل بين البلدين على المستوى الأقتصادى و ايضا الثقافى ، فعلى المستوى الأقتصادى يمكن :
• إقامة معرض دائم لبيع وتسويق المنتجات المصرية.
• تيسير خط طيران مباشر بين القاهرة و جوبا لشحن البضائع و الرحلات .
• مد بث إرسال القنوات الفضائية المصرية الى جنوب السودان ، توفير مطبوعات و كتب لربط الثقافة.
• إقامة محطة لتنقية مياه الشرب و التوسع فى حفر الأبار فى المناطق السكانية.
• إرسال عدد من القوافل الطبية للعمل بالولايات الجنوبية ، إقامة منفذ لبيع الأدوية المصرية للجنوبيين.
• زيادة المنح التعليمية و التدريبية للجنوبيين فى كافة المجالات خاصة المهنية (زراعة –صناعات خفيفة – تربية حيوانية – مزارع سمكية )
• تفعيل إجراءات إنشاء فرع جامعة الأسكندرية فى مدينة التونج بولاية واراب و إمدادها بالإحتياجات اللازمة.
أبرز المشروعات التى يمكن تنفيذها على المدى الطويل :
• دراسة إقامة عدد من المشروعات الربط مثل طرق ،كبارى ، سكك حديد ، شبكة اتصالات.
• دراسة استغلال الثورة الحيوانية المتوفرة فى جنوب السودان و إمكانية تصديرها لمصر.
• إقامة عدد من المصانع صغيرة الحجم (مواد غذائية- أدوية –ملابس –صناعات بلاستيكية).
• إقامة عدة مشروعات زراعية لإنتاج القمح و الذرة و المحاصيل الزيتية فى الأراضى المروية بالأمطار فى ولايات الجنوب.
• دراسة إقامة عدد من مشروعات الآستزراع السمكى فى مناطق المستنقعات المائية بجنوب السودان و إقامة صناعات تكميلية تربط بالمزارع السمكية.
على المستوى الثقافى ، يجب توسيع نطاق التعارف المتبادل بين الشعبين، وذلك بواسطة
-إقامة مراكز ثقافية مصرية في أكبر عدد ممكن من مدن الجنوب
-إنشاء وسائل إعلام مصرية بلغات محلية تصل إلى المناطق المستهدفة، وتخاطب قضايا واهتمامات المجتمعات المحلية هناك، مع مراعاة اختيار الوسيلة الملائمة لكل مجتمع أو منطقة، بحسب توافر إمكانية التلقي لدى الجمهور المستهدف، مثل الكهرباء (للتليفزيون والإذاعة)، أو الإنترنت (للمواقع الإلكترونية)، أو معدل القراءة (للصحف).
-تنظيم مهرجانات فنية بالتبادل، خصوصاً في الأعياد والمناسبات القومية أو المحلية
– الاستعانة بالرموز والشخصيات العامة ذات الشعبية في الجنوب، مثل بعض الفنانين، أو الرياضيين، أو أصحاب المكانة في تخصصاتهم (مجدي يعقوب، أحمد زويل، حجاجوفيتش، …) لتنظيم حملات علاقات عامة لتقوية الروابط بين الشعبين، على أن تتضمن تلك الحملات بصفة أساسية زيارات تقوم بها تلك الشخصيات لمدن ومناطق في الجنوب لا تقتصر على العاصمة جوبا. ويفضل أن يكون ذلك بمناسبة افتتاح مشروع أو منشأة خدمية مصرية للجنوبيين.
في مجال الإعلام، يجب على الدولة المصرية اتخاذ إجراءات فعالة وسريعة لاستخدام الإعلام في تحسين العلاقات، وتشكيل صورة ذهنية قوية لمصر في الجنوب، وذلك بخطوات مثل:
-تنشيط دور الهيئة العامة للاستعلامات في التواصل الإعلامي مع الجنوب في الاتجاهين، من مصر إلى الجنوبيين، ومن الجنوب إلى المصريين. ولدى الهيئة من الإمكانات والكفاءات ما يتيح لها ذلك بسهولة، خاصة بعد انتقال تبعيتها إلى رئاسة الجمهورية، مما يفترض أن يسهل اتخاذ القرار، وتخصيص الموارد. وبحكم طبيعة عمل الهيئة وخبرتها في الإعلام الداخلي والخارجي، يمكن، بل يجب، أن تلعب دور حلقة الوصل والمنسق الإعلامي لكل الجهود والخطوات ذات الصلة بالعمل الإعلامي تجاه الجنوب.
-تخصيص مساحة ثابتة في عدد من وسائل الإعلام المصرية الموجهة للداخل المصري لجنوب السودان، والمجتمع، والدولة والقضايا والعلاقات بين الجانبين.
إعادة ترتيب أولويات، وتخصيص ساعات البث للبرامج الموجهة في الإذاعة المصرية بمنح اللغات المحلية في الجنوب ما تستحقه من اهتمام.
-التنسيق مع الجهات الرسمية في الجنوب للبث للقنوات التليفزيونية الجنوبية على القمر المصري نايل سات. فإلى الآن، القناة الرسمية الجنوبية تبث إرسالها عبر أقمار أخرى.
-إنشاء قناة تليفزيونية تهتم بإفريقيا بشكل عام، وبمنطقة حوض النيل بصفة خاصة، وتحديداً بجنوب السودان والسودان، على أن تصل بإرسالها إلى كل إفريقيا. ويمكن الاستعانة في ذلك بالمؤسسات الإعلامية الخاصة ورجال الأعمال من أصحاب الفضائيات، خاصة أن لبعضهم اهتماماً بالاستثمار في جنوب السودان.
-تنظيم زيارات دورية لوفود إعلامية مصرية إلى الجنوب بمختلف مناطقه للتعرف على التطورات الجارية هناك، ونقل الأوضاع إلى الجمهور المصري. وعلى التوازي، تتم استضافة إعلاميين من الجنوبيين في مصر، وإطلاعهم على أوضاع الجالية الجنوبية، وما تقوم به مصر من مشروعات وتقدمه من خدمات للجنوب.
-إنشاء صحف في الجنوب بتمويل وخبرات مصرية، يستعان فيها بالمتاح من الكفاءات البشرية الجنوبية
– إنشاء كليات و المعاهد للإعلام في الجنوب، وإقامة دورات تدريبية للإعلاميين الجنوبيين تبدأ في مصر، وتنتقل لاحقاً إلى الجنوب للتدريب العملي والخبرة الميدانية، تفعيل دور المراكز البحث الإعلامية المختلفة.
-توفير المعلومات والبيانات و المواد الإعلامية التى تطلبها القطاعات المختلفة.
-ضرورة ان تتسم تلك الاستراتيجية الإعلامية بالاستمرارية و التوازن و الواقعية و المصداقية و الأستفادة من تجارب الاخرين .
قائمة المراجع
مراجع باللغة العربية :
1-الكتب
_أبراهيم نصر الدين ، مصر و قضية جنوب السودان ، فى : نازلى معوض (محررة ) ، علاقات مصر مع دول الجوار ، القاهرة : مركز البحوث و الدراسات السياسية ، 1998
-احمد المنتصر حيدر احمد – الامن المائى بحوض النيل و العلاقات السودانية المصرية
– الصادق المهدى ،”مياه النيل الوعد و الوعيد “،معهد البحوث و الدراسات الأستراتيجية ،جامعة القاهرة ،2005
– إجلال محمود رأفت ،”العلاقات المصرية السودانية “،(دار النهضة العربية : القاهرة ) 1995
-اسماعيل صبرى مقلد ، العلاقات السياسية الدولية : النظرية و الواقع ، (القاهرة : كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، الطبعة الثانية ،2002) ص ص8،10
– اسماعيل صبرى مقلد ، “العلاقات السياسية الدولية دراسة فى الصول و النظريات ” ،(القاهرة ،المكتبة الأكاديمية2010)
-انور محمد فرج، “نظرية الواقعية فى العلاقات الدولية “مركز كردستان للدراسات الأستراتيجية السليمانية ، 2007
-حامد ربيع ، نظرية السياسية الخارجية ، ( القاهرة : مكتبة القاهرة الحديث ، دت1973 ) ص 7
– حسن فهمى جمعة ، ” المسألة الزراعية و الأمن الغذائى فى الوطن العربى ” ، المنظمة العربية
للتنمية الزراعية ، 1985
-فاروق كامل عز الدين- مشكلة جنوب السودان و العلاقات المصرية السودانية
-شوقى الجمل –تاريخ سودان وادى النيل حضارته و علاقاته بمصر
-محمد عاشور ، “التكامل الإقليمى و التنمية فى افريقيا” ( القاهرة : معهد البحوث و الدراسات الأفريقية 2005 )
جامعة الكويت، 1994،ص334 -محمد محود ربيع ، اسماعيل صبرى مقلد ، موسوعة العلوم السياسية ،
-مجموعة باحثين ، تحرير اسامة الغزالى ، “العلاقات المصرية السودانية بين الماضى و الحاضر و المستقبل ” مركز الدراسات و البحوث السياسية ، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة،
1990
-نوال عبد العزيز ،”وجهة النظر المصرية فى اهم القضايا الدولية ” ،معهد البحوث و الدراسات الأفريقية ، جامعة القاهرة ، 1985،ص28-30
-محمود عابدين صالح ،” العلاقات السودانية المصرية و آفاق تطورها ” ، مكتبة مدبولى ، القاهرة 2004
ص ص 157-158 -ناصيف يوسف ، النظريات فى العلاقات الدولية ، ( بيروت : دار الكتاب العربى ، 1985 )
– نوال عبد العزيز – مصر و السودان فى مفترق الطرق
_ نورهان الشيخ ، تحديات الأمن القومى امام الرئيس الجديد،آفاق سياسية ، المركز العربى للبحوث و الادراسات ، العدد السادس ، يونيو 2014
-نيفين مسعد ،معجم المصطلحات السياسية ،( القاهرة : مركز الببحوث و الدراسات السياسية ،1994 ) ، ص 348
2- الرسائل
– احمد عبد التواب عبد البصير ،” اثر انفصال جنوب السودان على حقوق مصر المائية”،رسالة ماجستير ، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2014
– احمد محمد محمد حسين ، “دور القطاع الزراعى فى دعم التبادل التجارى بين مصر و السودان فى إطار انفصال الجنوب “، رسالة ماجستير ، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2014
-اشرف كشك ،”السياسة المائية المصرية تجاه دول حوض النيل ” رسالة ماجستير (غير منشورة ) ، القاهرة : كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، 2005
– الصافى محمد محى الدين صالح، “التكامل المصرى السودانى و إمكانية تحقيق الأمن الغذائى” ، رسالة ماجستير ، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة، 1987
-ايهاب ابراهيم السيد ابو عيش “تداعيات انفصال جنوب السودان على الأمن القومى المصرى “رسالة ماجستير ، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ،2014
– حزام محمد صالح الحضرمى،العلاقات اليمنية-المصرية(1990-2008)، رسالة دكتوراه ،كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة ،2012
-سامى زكى يعقوب ، ” البعد المائى فى العلاقات السياسية المصرية الإثيوبية ” رسالة ماجستير ،مركز البحوث و الدراسات الأفريقية ، جامعة القاهرة 2010
-عبد اللطيف فاروق احمد – انفصال جنوب السودان و تاثيره على الامن القومى المصرى – رسالة ماجستير، رسالة ماجستير، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة 2010
– عيسى عبد الحميد عبد الله ، السياسة الخارجية السودانية تجاه مصر خلال الفترة من 1989 الى 2005، رسالة ماجستير ، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة، 2010
_محمد أبراهيم يوسف , التكامل المصرى السودانى فى ظل انفصال جنوب السودانى دراسة فى الأمكانيات و التحديات ، رسالة ماجستير، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ،جامعة القاهرة 2014
-محمد عبد الله كريم – تهديد منابع النيل و اثره على الامن القومى المصرى – رسالة دكتوراه
-محمد سالمان طايع ، “الصراع الدولى على المياه ، بيئة حوض النيل ” رسالة دكتوراه ، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة 2007
_نصر الدين عمارة العمارى ،” تطور العلاقات الليبية الإيطالية المحددات و الأبعاد” ، رسالة ماجستير كلية الأقتصاد و العلوم السياسية جامعة القاهرة 2012
-نوال عبد العزيز ،”وجهة النظر المصرية فى اهم القضايا الدولية ” ،معهد البحوث و الدراسات الأفريقية ، جامعة القاهرة ، 1985،ص28-30
-نيفين حليم صبرى مصطفى ، ” العلاقات المصرية السودانية “، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ،2009
-هالة محمد عصام الدين، “مبادرة حوض النيل و دورها فى تفعيل علاقات التعاون البينية لدول الحوض”،رسالة ماجستير ،معهد البحوث و الدراسات الأفريقية ، جامعة القاهرة ، 2008
– هالة محمد عصام الدين، “منازعات الموارد المائية فى الأنهار الدولية و آليات التسوية السليمة لها مع إشارة خاصة لحوض النيل”،رسالة دكتوراه ، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة ، 2013
_هند ضياء الدين السيد محمود ،” العلاقات المصرية الأثيوبية قضايا التعاون و الصراع فى الفترة من 1990 _2011″ ، رسالة ماجستير ، كلية الأقتصاد و العلوم السياسية ، جامعة القاهرة 2015 .
3- الدوريات
– احمد ابراهيم عامر ، داعش لبيا من الأخوان ..مرورا بتمكين رجال القاعدة ..لاعلان الأمارات الإسلامية ،السياسة و المجتمع فى مصر ، مركز الأهرام للدراسات السياسية و الأسترتيجية ، العدد 8 ، ابريل 2015، ص 24- 28
-احمد زكريا ، انعكاسات انفصال جنوب السودانى على مصر ، أفاق دولية ، الهيئة العامة للأستعلامات ، العدد السادس و الثلاثون ، المجلد العاشر ، 2012 ص 122
_أحمد حلمى عبد اللطيف ، دول حوض النيل .. وفرة الموارد و فقر تنموى ، _أحمد خميس ، دول حوض النيل تنيمة مستحقة و حوار مفتقد ، مركز الحوار للدراسات السياسية و الأعلامية ، المجلد الأول ، العدد الرابع ، أكتوبر 2014 ، ص 58
_أحمد خميس ، دول حوض النيل تنيمة مستحقة و حوار مفتقد ، مركز الحوار للدراسات السياسية و الأعلامية ، المجلد الأول ، العدد الرابع ، أكتوبر 2014 ، ص 57
_أحمد عليمى ،مصطفى شحاتة ، دور محاربة الأعلام فى محاربة الارهاب ، السياسة و المجتمع فى مصر ، مركز الأهرام للدراسات السياسية و الأسترتيجية ، العدد 13 ، سبتمبر 2015 ، ص 26
_ إسلام أحمد حسن ، الحدود الغربية : خيارات سيئة ، الحوار ، مركز الحوار للدراسات السياسية و الأعلامية ، المجلد الثانى ، العدد الخامس ، يناير 2015 ، ص 69 حتى 72 .
_إسلام حجازى ،” ثورة 25 يناير و مستقبل السياسة الخارجية اتجاه دول حوض النيل” ، أفاق دولية ، الهيئة العامة للأستعلامات ، المجلد العاشر ، العدد 36 ، 2012 ، ص19
-الوليد سيد محمد على ، ” انعكاسات انفصال جنوب السودان على العلاقات السودانية المصرية “، مجلة افاق افريقية ، العدد الخامس و الثلاثون ، المجلدالعاشر ، 2012
-امجد ماهر عبد الغافر ، ” الأبعاد القانونية لقضية مياه النيل ” مجلة افاق دولية ، العدد التاسع و الثلاثون ،2013
_إيمن السيد عبد الوهاب ، “الأمن المائى فى حوض النيل” ، ، أفاق دولية ، الهيئة العامة للأستعلامات ، المجلد العاشر ، العدد 36 ، 2012 ، ص35
-ايمن سلامة ،” مبدا التغيير الجوهرى فى الظروف و اثره على اتفاقيات حوض النيل،” مجلة افاق دولية ، العدد التاسع و الثلاثون ،2013
– إيمان حمد الله عطية ،”التضخم الركودى فى الأقتصاد السودانى(1970-2010) “،مجلة الشئون الأفريقية ،معهد البحوث و الدراسات الأفريقية ،جامعة القاهرة ، المجلد الثانى ، العدد7 ، يوليو 2014
-بركات موسى الحواتى ، ” العلاقات المصرية السودانية دور جامعة القاهرة فرع الخرطوم ” مجلة افاق افريقية ،المجلد الثانى عشر ، العدد 43 ، ابريل 2015
-بيتر ادوك ،” السلام افضل من الوحدة: ما بعد الأستفتاء فى السودان”،المجلس الأفريقى لتنمية البحوث الأجتماعية ،مركز الابحوث العربية و الأفريقية،القاهرة العدد 60 ، 2013
– جوزيف رامز أيمن ، “المحددات الدولية و الأقليمية لقضية مياه نهر النيل “، أفاق دولية ، الهيئة العامة للأستعلامات ، المجلد العاشر ، العدد 36 ، 2012 ، ص 11
-حسن فهمى جمعة ، ” المسألة الزراعية و الأمن الغذائى فى الوطن العربى ” ، المنظمة العربية للتنمية الزراعية ، 1985
-حسين سيد عبد الله مراد ، ” اعمال المؤتمر الدولى حول الشراكة المصرية الليبية السودانية من اجل التنمية و الاستثمار “،معهد البحوث و الدراسات الأستراتيجية ومركز الدراسات السودانية ، 2009
– رابحة سيف علام ، تقييم سياسة الحكومة المصرية فى مكافحة الإرهاب، الملف المصرى ،مركز الدراسات السياسية و الأستراتيجية ،العدد 13، سبتمبر 2015
رانيا مكرم ، قراءة فى قدرة الإعلام المصرى على مواكبة ضرورات الأمن القومى، حالة مصر ، المركز الأقليمى للدراسات الأستراتيجية ، العدد19،اغسطس 2015-
_رحاب زيادى ،” الحدود الجنوبية .. خطر قادم “، الحوار ، مركز الحوار للدراسات السياسية و الأعلامية ، المجلد الثانى ، العدد الخامس ، يناير 2015 ، ص 66 غلى 68
_ رمضان قرنى، “الإعلام و تنمية دول حوض النيل” ، الحوار ،مركز الحوار للدراسات السياسية و الإعلامية ، المجلد الأول ، العدد الرابع ، اكتوبر 2014، ص 77
-سماح سيد احمد المرسى، ” اقتصاديات الطاقة الكهرومائية فى دول حوض النيل فرص و امكانيات التكامل”،مجلة الشئون الأفريقية ، معهد البحوث و الدراسات الافريقية ،المجلد 3 ، العدد9 ، يناير 2015
-سمر حسن الباجوزى،مشكلة انعدام الأمن الغذائى فى افريقيا،آفاق افريقية ، المجد 12، العدد41-2014، ص33-38
-عصام فتح الرحمن أحمد الحاج ، علاقة جمهورية السودان بدولة السودان الوليدة : تحديات العلاقة و مقومات التواصل ، أفاق دولية ، الهيئة العامة للأستعلامات ، المجلد العاشر ، العدد 36 ، 2012 ، ص45
_ كامل عبد الله ، مصر و الأزمة اللبية ، الملف المصرى ، مركز الأهرام للدراسات السياسية و الأستراتيجية ، العدد الرابع ، ديسمبر 2014
_محمد أبراهيم ، “الأرهاب فى سيناء .. الأزمات الداخلية و الخارجية “، السياسة و المجتمع فى مصر ، مركز الأهرام للدراسات السياسية و الأسترتيجية ، العدد 13 ، سبتمبر 2015 ، ص 10
_محمد غريب ، “السودان ما بعد الانفصال ..قراءة فى التحديات الداخلية و الخارجية”، أفاق دولية ، الهيئة العامة للأستعلامات ، المجلد العاشر ، العدد 36 ، 2012 ، ص133
-محمد عاشور ، “التكامل الإقليمى و التنمية فى افريقيا” ( القاهرة : معهد البحوث و الدراسات الأفريقية 2005 )
– نورهان الشيخ ، تحديات الأمن القومى امام الرئيس الجديد،آفاق سياسية ، المركز العربى للبحوث و الادراسات ، العدد السادس ، يونيو،10-2-2016
– هانى رسلان ،”مصر و المسئولية عن انفصال جنوب السودان ” ، ملف الأهرام الإستراتيجى ، العدد 201 ، سبتمبر 2011
-هانى رسلان ،”بوادر تقارب بين مصر و السودان ” مجلة السياسة الدولية ، العدد 197 ، يوليو 2014
-هانى رسلان ،”مياه النيل : الإدارة التنمية التعاون ” ، مجلة السياسة الدولية ، العدد الحادى و الثمانون بعد المائة ، يوليو 2010
_هشام الحلبى ، الأرهاب و العمليات النفسية و تحديات الأمن القومى ، أحوال مصرية ، مركز الأهرام للدراسات السسياسية و الأستراتيجية ، العدد 59 ، شتاء 2016
4- الانترنت
-اشرف السعيد،مقابلة خاصة سفير جنوب السودان بالقاهرة يناقش قضايا الحدود وسد النهضة وإسرائيل، السياسة الدولية،متاح على : http://www.siyassa.org.eg/NewsQ/2835.aspx تاريخ الأطلاع:1-4-2016
-البوابة نيوز،سفير مصر فى جوبا يؤكد حرص مصر على دعم جهود تحقيق الشلام و الأستقرار فى جنوب السودان ،الجمعة 23-10-2015، متاح على : http://www.albawabhnews.com/1565562تاريخ الأطلاع : 1-5-2016
-الجمهورية،وزير الزراعة بجنوب السودان: العلاقات المصرية مع جنوب السودان قديمة و تاريخية،الخميس11-2-2016 متاح على :تاريخ الأطلاع :10-4-2016http://www.gomhuriaonline.com/main.asp…
-الجمهورية ، وزير دفاع جنوب السودان نتطلع لتعزيز التعاون العسكرى مع مصر،1-2-2016، متاح على: http://www.gomhuriaonline.com/main.asp…
-النور احمد النور ،«داعش» يتمدد إلى جنوب السودان والبشير يؤكد خلو بلاده من الإرهابيين،الحياة التجريبى،18 فبراير 2015، متاح على: http://www.alhayat.com/…/-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4–%D9%8A%…
– ،30-4-2016، متاح على: النيلين ،تحركات للجيش الشعبي و«الثورية» ضدالخرطوم
تاريخ الاطلاع 2-5-2016http://www.alnilin.com/12773226.htm
-الشبيبة ، مصر تعزز علاقاتها مع دولة جنوب السودان لدعم موقفها من سد النهضة،الشبيبة ، 8 فبراير 2016،متاح على http://www.shabiba.com/…/%D8%AA%D9%82%D8%B1%D9%8A%D8%B1-%D8…
%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9 تاريخ الاطلاع 1-6-2015
– الهيئة العامة للاستعلامات، منح تعليمية لتعليم العربية بجنوب السودان،17 سمبتمبر 2015،متاح على :
http://www.sis.gov.eg/…/Templ…/Articles/tmpArticleNews.aspx… الاطلاع1-5-2016
-الهيئة العامة للأستعلامات، زيارات متبادلة ، 10فبراير 2016، متاح على
http://www.sis.gov.eg/…/Templates/Articles/tmpArticles.aspx…
تاريخ الأطلاع20-4-2016
-الهيئة العامة للأستعلامات ، التعاون العسكرى ، الخميس4سبتمبر 2014 ، متاح على :http://www.sis.gov.eg/…/Templates/Articles/tmpArticles.aspx… تاريخ الأطلاع 10-4- 2016
-اوراق دبلوماسية، سفير جوبا فى القاهرة:العلاقات مع مصر حيوية و استراتيجية،الأهرام ،20 يوليو 2015 السنة 139 العدد
تاريخ الأطلاع :2-5-2016http://www.ahram.org.eg/NewsQ/415422.aspx 446977 ،متاح على :
-ايمان شبانة ،آفاق التسوية السياسية فى جنوب السودان، السياسة الدولية ، متاح على :
http://www.siyassa.org.eg/UI/Front/Search.aspx?Text=%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%A%D8%A7%D9%86&dateCount=-1 تاريخ الاطلاع:10-4-2016
،23 ديسمبر 2013،متاح على: -اية امان ،القوة الناعمة للتخفبف من حدة الصراع السياسى حول مياه النيل
http://www.al-monitor.com/…/egypt-business-renaissance-dam.… تاريخ الاطلاع 2-5-2016
-إيهاب إبراهيم أبو عيش،مصالح استراتيجية : تفعيل العلاقات المصرية مع دولة جنوب السودان،المركز العربى للبحوث و الدراسات، السبت9 نوفمبر 2014،متاح على : http://www.acrseg.org/16372تاريخ الأطلاع 1-5-2016
-إيهاب أبو عيش، مخاوف متجددة: انفصال جنوب السودان والأمن القومى المصرى،المركز العربى للبحوث و الدراسات،الثلاثاء30 سبتمبر 2014 http://www.acrseg.org/11279 :: تاريخ الأطلاع :10-4-2016 ،متاح على
– إجلال رأفت،المركز العربى للأبحاث و دراسة السياسات،10 فبراير2011، متاح على :http://www.dohainstitute.org/…/9e5689a7-dde3-44cb-90f1-1356… تاريخ الأطلاع :10-4-2016
-حسام مغازى،وزير الري: العلاقات المصرية السودانية نموذج يحتذي في احترام الاتفاقيات الدولية،بوابة اخبار اليوم ، 20 فبراير 2015 ، متاح على : http://akhbarelyom.com/…/%D9%88%D8%B2%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9… تاريخ الاطلاع1-4-2016
دوت مصر،23ابريل 2016 ،متاح على : حسام حسن، جنوب السودان يعترض على اختراق الجيش الإثيوبي لأراضيه ،
http://www.dotmsr.com/…/%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8-%D8%A7%D9%… تاريخ الاطلاع 2-5-2016
-خالد مجد الين، مصر تسعى لتطوير العلاقات التجارية مع جنوب السودان، الفايننشال تايمز ، اخبار مصر،4-9-2012 ،
تاريخ الإطلاع: 4-4-2016http://www.masress.com/egynews/188898 ، متاح على:
-سوزان عاطف، سفارة جنوب السودان: التبادل الثقافي يزيل المفاهيم الخاطئة عن الشعوب ، المصرى اليوم ،الخميس 10-3-2016، متاح على:http://www.almasryalyoum.com/news/details/907865 تاريخ الاطلاع :10-4-2016
-سامح راشد،العلاقات بين مصر و جنوب السودان،السياسة الدولية،27-8-2015 ، متاح على :
http://www.siyassa.org.eg/NewsQ/5465.aspx تاريخ الأطلاع :1-5-2016
-شريف الغمرى،مصر و جنوب السودان ..علاقة تمتد عبر التاريخ،الأهرام ، 8 نوفمبر 2015 السنة 140 العدد 47088، متاح على
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/452450.aspx تاريخ الأطلاع :1-4-2016
-عمرو أبوالخير،مصر تواجه صعوبات تجارية مع جنوب السودان،الوفد،4 سبتمبر 2012، متاح على :
http://alwafd.org/…/260350-%D9%85%D8%B5%D8%B1-%D8%AA%D9%88%… تاريخ الاطلاع 1-5-2016
-لام اكول اجاوين ،دولة جنوب السودان..مسار و تحديات الواقع،مركز الجزيرة للدراسات،24فبراير 2014، متاح على http://studies.aljazeera.net/…/201422410255163734State%20of… تاريخ الاطلاع:12-6-2015
– الأهرام محمد عبد الهادى علام ،الرئيس:” تعزيز الجهود الجماعية ضرورة لإنهاء معاناة القارة من تداعيات الإرهاب
30 يناير 2016،متاح على : http://www.ahram.org.eg/NewsQ/472639.aspx تاريخ الأطلاع 7-5-2016
محمد عمارة و ايمان السيد،”محلب” لـ”سلفاكير”: نواجه نفس التحديات في مجابهة الإرهاب،الوطن،20-11-2014، متاح على :
http://www.elwatannews.com/news/details/601637 تاريخ الأطلاع 1-5-2016
مى غيث ، أزمة سد النهضة و الأمن المائى المصرى، االمركز العربى للبحوث و الدراسات،29 ديسمبر 2013، متاح على :
http://www.acrseg.org/2240/bcrawl تاريخ الاطلاع :2-4-2016
– نورا أسامة ،حسابات الدولة الوليدة :العلاقات الخارجية لجنوب السودان،السياسة الدولية،متاح على :http://www.siyassa.org.eg/NewsQ/1756.aspx تاريخ الأطلاع :10-4-2016
-هانى رسلان،العلاقات المصرية السودانية في عهد مبارك،مركزالجزيرة للدراسات ،13 اكتوبر 2011، متاح على:
http://studies.aljazeera.net/…/2011/08/20118881144456400.htm تاريخ الاطلاع 3-5-2016
-هانى رسلان ،العلاقات المصرية السودانية تحول مضطرب و مستقبل غير واضح ،سودانيون ،9 مايو 2011،متاح على
http://www.sudantribune.net/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%… تاريخ الاطلاع 6-6-2016
-ياسمين بدوى ،وزير تعليم جنوب السودان يطلب إنشاء مدرسة لطلاب بلاده في مصر،1-1- 2016،صدى البلد،متاح على http://www.el-balad.com/896642 تاريخ الأطلاع:14-4-2016
مراجع باللغة الأنجليزية
-Ahmed El Moslmany, South Sudans peace Agreement..A word of caution,Egypt MFABlog,available on : http://mfaegypt.org/…/south-sudans-peace-agreement-a-word-o… date of access 2-6-2016
– Biruk Mekonnen, South Sudan conflict and Egypt’s hydro politics,sudan tribune,10 april2014,available on: http://www.sudantribune.com/spip.php?article50596date of access”2-5-2016
-Issaka .K.Souare,EGYPT’s Evolving Role in Africa: A Sub Saharan Perspective,Institute of Security Studies,4 April 2008, available on:https://www.issafrica.org/uploads/EGYPROLEAFRICA.PDF date of access:1-6-2016
-Jacob Høigilt (Fafo) & Øystein H. Rolandsen (PRIO), Making Cooperation Attractive: Post-referendum Relations between Egypt and the Sudan,refrence : http://file.prio.no/…/Sudan-Egypt-Relations-PRIO-Policy-Pap… date of access1-2-2016
-Jacob Høigilt, The Sudan Referendum and Neighbouring Countries: Egypt and Uganda,PRIO,2010,available on : http://file.prio.no/…/Sudan-Referendum-and-Neighbouring-Cou… date of accesss 30-4-2016
-Jon B. Alterman, Egypt’s Foreign Policy in New Realities, Center for Strategic and International Studies, Washington, D.C., April 28, 2014,available on: http://csis.org/…/140428_Foreign_Minister_Fahmy_transcript.… date of access :5-5-2016