عقوبة الاعدام ومستقبل العلاقات التركية الاوروبية
بقلم : ريم عبد المجيد
الانقلاب على الحاكم هو الجريمة الوحيدة التى إن تم تنفيذها بنجاح سيكافأ المجرم على جريمته ولكن إن فشل فى تنفيذ هذه الجريمة سينال أشد العقاب، فإن نجح المنقلب على الحاكم فى كسب تأييد الشعب على هذه الخطوة سيتم مكافئته وتقليده على رأس الدولة كحاكم شرعي للبلاد، وإن لم يوفق فى كسب تأييد الشعب سيعاقب بتهمه الانقلاب على الحاكم وقد تصل عقوبته إلى الإعدام وهذا ما حدث في تركيا منذ عدة أيام من محاولة لانقلاب على رئيس منتخب وحكومة برلمانية يدل بصورة قطعية فى نظر القانون التركي أن الانقلابيين لا يحترمون الدستور ولا القانون ولا الحريات العامة ولا الديمقراطية بل ويصف القانون التركي هذه المحاولة أنها عمل إرهابي بل وصنفها من ضمن الجرائم ضد الإنسانية والتي تعتبر من أخطر الجرائم على المجتمع الدولي والمجتمع التركي بالتحديد.
و رداً على هذا الانقلاب الفاشل تصاعدت الأصوات المنادية بإعادة عقوبة الاعدام فى تركيا بعد أن قامت تركيا بإلغاء عقوبة الإعدام للوفاء بالمعايير اللازمة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولم تعدم أحدا منذ 1984، فدعا مصطفى شنتوب، رئيس لجنة الدستور في البرلمان التركي النائب عن حزب العدالة والتنمية ، إلى إعدام من شاركوا في محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد، وفي هذا الصدد أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد فشل محاولة الانقلاب إنه ربما لا يكون هناك تأخير في إقرار عقوبة الإعدام وإن الحكومة ستناقش الأمر في البرلمان مع أحزاب المعارضة، وأضاف “لا شك في أن تقييم ومناقشة وبحث كل طلب في الدول الديمقراطية هو حق يتم بحثه تحت قبة البرلمان، ولا داعي لأخذ تصاريح من أي جهة لأجل ذلك”.
وبذلك نجد أن القانون التركي سيشهد تعديلاً سيكون من أكثر التعديلات تأثيراً على الحكومة التركية سواء فى علاقاتها مع شعبها أو ف علاقاتها بدول العالم وخصوصاً دول الاتحاد الأوروبي الذي سعت تركيا جاهدةً على مر العقود السابقة أن تنضم إليه، فهى بقرار إعادة عقوبة الإعدام مرة أخري ستكون قد هدمت ما بنته فى سبيل الإنضمام للاتحاد الاوروبي وستضيع كل جهودها هباءاً وستكون قد وضعت مصير علاقاتها مع دول الاتحاد على حافة الهاوية، خاصةً أن تطبيق عقوبة الإعدام سيكون بالطبع غير مقبول على الإطلاق من جانب دول الاتحاد الاوروبي و هذا ما أكده بالفعل وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتس في مقابلة مع صحيفة (كورير) النمساوية، حيث أكد إن إقرار عقوبة الإعدام في تركيا من جديد ردا على محاولة الانقلاب سيكون غير مقبول على الإطلاق وأنه يجب ألا يكون هناك تطهير تعسفي ولا عقوبات جنائية خارج إطار حكم القانون ونظام العدالة، كما حثت منظمة العفو الدولية السلطات التركية على تجنب تبني عقوبة الإعدام، وقال أندرو جاردنر، الباحث بمنظمة العفو الدولية في الشأن التركي، إن “العودة إلى عقوبة الإعدام وقمع المعارضة ستضيع النصر” الذي تحقق عبر توحد تركيا للدفاع عن الحقوق ضد ما كان يمكن أن يكون حكما عسكريا.”
وبذلك سيكون أمام تركيا خيارين لا ثالث لهما، الأول أن تخضع لآراء دول الاتحاد الاوروبي وتعزف عن إعادة حكم الإعدام وبذلك ستكون قد أنقذت نفسها من المخاطر التى كانت ستلحق بها والمصائب التى ستقع فيها إن نفذت الإعدام وسنكون قد كسبت ثقة الاتحاد الاوروبي فيها مرة أخري وبذلك ستشهد تعافى فى وضعها الاقتصادي الذي أوشك على الانهيار، وستكون هناك فرصة جيدة لها لإعادة فتح ملف التفاوض بشأن انضمامها للاتحاد الاوروبي، أما الخيار الثانى أن تضرب بآراء الاتحاد الاوروبي والمجمتع الدولي عرض الحائط وتقر حكم الإعدام مرة أخري وبذلك ستكون تركيا قد كتبت نهايتها بيدها.