الاجتماعية والثقافية

قراءة وتعليق في مضامين كتاب: “نظرية النقد الفقهي، معالم لنظرية تجديدية معاصرة”

بقلم: الحسن الفرياضي – المركز الديمقراطي العربي

 

قراءة وتعليق في مضامين كتاب: “نظرية النقد الفقهي، معالم لنظرية تجديدية معاصرة”، للدكتور أبو امامة نوار بن الشلبي

الكتاب الذي بين أيدينا  طبعته دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة سنة 2010 م، ويحتوي على مقدمة ومجوعة من المباحث والمحاور، على النحو التالي:

1- افتتح الكاتب هذا الكتاب بمقدمة تناول فيها سبب تأليفه لهذا الكتاب وهو إعادة النظر في بعض مباحث كتاب سابق له في هذا الموضوع الذي عنونه ب : “العقل الفقهي معالم وضوابط”، وذلك من خلال توضيح ما يحتاج فيه إلى توضيح، وإضافة إليه مباحث أخرى جديدة، رغبة منه في تبيين دور النقد في تصحيح المعارف، ودفع الشبهات، وإحياء الفقه الإسلامي، وتجاوز تضخيم التراث.

2- ثم بعد ذلك انقل الكاتب للحديث عن مفهوم النقد، وتحديد بعض المصطلحات القريبة منه، فقال بان المقصود بالنقد، هو: مطلق التغاير في الرأي، وهو نوعان كلي وجزئي، فأما الكلي فيكون ببيان خطا في أصل الفكرة، وأما النقد الجزئي فيكون ببيان خطا في فرع من فروع الفكرة والرأي، او بيان نقص فيه.

أما المصطلحات القريبة من النقد فقد حددها في ثلاثة مصطلحات، هي:

  • المناظرة، وهي: النظر بالبصيرة من الجانبين في النسبة بين الشيئين إظهارا للصواب.
  • الجدل الفقهي: علم يقوم على مقابلة الأدلة لإظهار أرجح الأقوال الفقهية.
  • الاختلاف الفقهي: أن تكون اجتهادات الفقهاء وأقوالهم في دائرة أحكام المسائل الظنية المتغايرة.

وذكر آن الفرق بين الخلاف الفقهي والنقد الفقهي يتجلى فيما يلي:

  • الخلاف الفقهي يكون محله دائرة أحكام المسائل، بينما النقد الفقهي يكون مطلق التغاير في الرأي، فلا تقتصر دائرته على الأحكام.
  • مساحة الخلاف الفقهي هي الظنيات، بينما النقد الفقهي يكون في القطعيات كما يكون في الظنيات.
  • الخلاف الذي يعتد به ويعتبر خلافا هو ما كان صادرا عن أهله، وقوي مدركه، بينما لا يشترط ذلك في النقد إذ قد يصدر حتى من العوام غير المتخصصين.
  • يشترط في النقد العلم بالشيء المنتقد، بينما لا يشترط ذلك في الخلاف إنما يظهر ذلك بالنقل.

وقال الكاتب بان أول من استعمل مصطلح النقد في الدراسات الإسلامية، هم علماء الحديث في معرفة الأخبار، والروايات الصحيحة من الضعيفة، أو ما دون ذلك، حيث كان منهجهم في نقد الخبر على أربع مراتب:

أولا: النظر في أحوال رجال سنده واحدا واحدا.

ثانيا: النظر في اتصاله.

ثالثا: النظر في الأمور التي تدل على خطا إن كان.

رابعا: النظر في الأدلة الأخرى مما يوافقه آو يخالفه.

ثم قال الكاتب بان الصناعة النقدية التي يتولد منها النقد الأدبي تمر عبر خطوات، حيث تبدأ أولا بالتذوق، ثم بعد ذلك إلى التفسير، ثم التحليل، ثم التعليل، ثم التقييم، وقال بان هذا النقد الأدبي من الفنون المستحدثة في الدراسات الأدبية العربية، وقال إن سبب ظهوره هو الإحساس بالتغيير، والتطور في الذوق العام، والمقاييس الأخلاقية، والقيم العامة، والتقاليد المتبعة، والتغير في طبيعة الشعر الإحيائي، ثم أخذت كل هذه العوامل تنحني أمام تيارات جديدة آو تصطدم معها.

3- ثم بعد ذلك انتقل للحديث عن بيان الأصول والقواعد التي يقوم عليها النقد في الفكر الإسلامي، ومن جملة ما ذكر فيها: القران الكريم، والسنة النبوية، وسنة الصحابة، ثم القواعد الكلية، ومن خلال هذه الأصول نماذج وأمثلة كثيرة من النصوص التي فيها تقرير لمنهج النقد، وتصويب المخطئين، وكيف قام أسلوب هذه النصوص على انتقاد السلوكيات والأفكار، والعادات السيئة التي تخالف الفطرة السليمة، والصراط المستقيم بالرفق والحسنى.

4- ونبه الكاتب إن وجه الحاجة إلى النقد في الدراسات الشرعية، تكمن في ندرة الأبحاث العلمية التي تقوم على النقد في العالم الإسلامي اليوم إذا ما قورنت بتلك التي تبنى على التقليد والذوبان في المصنفات التراثية، أو في أصحاب هذه المصنفات (تركيبيا أو تحليلا أو تفسيرا)، بالإضافة إلى خصوبة هذا المجال وحيويته في إنتاج الأفكار وتصويب المسار، لان اغلب العلوم الشرعية علوم وضعية تحتمل الخطأ والصواب.

5- ثم بعد ذلك انتقل الكاتب للحديث عن مسالة القداسة، والتقدير في العلوم الشرعية، وأكد فيها انه ولو كان يجب توقير العلماء والأئمة وتقديرهم، إلا انه لا قداسة لأقوالهم، ولا عصمة إلا للوحي، أو لمجموع الأئمة، بل إن الإسلام يكره الغلو في تعظيم الأشخاص، والعلماء لأنه لو كان مع أقوالهم هذه القداسة والتقديس، لا يبقى ثمة مجال للنقد ولا للاعتراض.

6- وفي معرضه لضوابط النقد الفقهي وآدابه، قال الكاتب انه كي يؤتى النقد ثمرته ينبغي:

  • أن يكون الباعث على النقد الإخلاص لله في تصويب الرأي.
  • ألا تكون وسيلة هذا النقد محظورة، وألا يحول الدراسة إلى جدل وخصومات.
  • ألا يتعصب لرأيه متى ظهر خطؤه، إذا ليس كل نقد صحيحا.
  • التأني في الاعتراض على المشايخ والعلماء.
  • الاستغناء عن تسمية الشخص إلا لمصلحة أرجح.
  • أن يكون كل طرف من طرفي النقد في طلب الحق.

7- أما عن مسالة أهلية الناقد، قال الكاتب انه لم يجد مسوغا لأي شرط، أو قيد في أهلية الناقد، لان ذلك يختلف باختلاف موضوع النقد وطبيعته، وقال إن للخبرة بالحياة، ورجاحة العقل، وسعة الاطلاع، وسرعة البداهة…اثر لا ينكر في تفاوت الأحكام، ومثل لذلك بالمرأة التي انتقدت على عمر رضي الله عنه رأيه في تحديد الصداق، وبالصبي الذي استصغره عبد الملك بن مروان فلما تكلم ارتفع في نظره فوق الأشياخ.

8- ثم بعد ذلك انتقل الكاتب للحديث عن المعايير التي يجب على الناقد مراعاتها في نقده، منها:

  • معيار العدل والقسط، وإقامة الميزان، وعدم الحيف على المنتقد، أو تحريف الكلم عن مواضعه أو بتر المعاني عن سياقها الذي وردت فيها أو تأويلها بعكس مراد القائل أو تضخيم الخطأ وتكبيره.
  • معيار القطعيات والإجماع والعرف السائد في البلد والوسطية والسياق ورجحان المصلحة ثم معيار المنطق.

9- ثم بعد ذلك أشار الكاتب إلى بعض أنواع النقد في الفكر الفقهي، منها:

  • نقد الأحكام والفتاوى وهو المتبادر إلى الأذهان عند سماع مصطلح النقد الفقهي.
  • نقد التأصيل والتقعيد، أي ما لا يتلاءم مع معارف الفقهاء وثقافتهم من القواعد والأصول التي تم وضعها لتبنى عليها الفروع في مرحلة ثانية.
  • نقد أسلوب الحكم كلما اعتراها الخلل أو دخلها التحريف.
  • نقد الواقع البشري، أي توجيه الحياة بما يتفق مع مقررات الشريعة.
  • نقد الدعاوى والاستدلالات الفقهية التي بنيت على استقراء غير تام أو تجردت عن الدليل المثبت لها.
  • نقد طرائق التدوين سواء تعلق الأمر بالمضمون أم الشكل، وقد وصل الأمر إلى إحراق وإتلاف ما كان فاسدا لا يقره الفقه.
  • نقد الصفات الشخصية للفقيه، وهذا الفن نقله الفقهاء عن المحدثين في كتب التراجم والطبقات واستعملوه لمعرفة سلامة الاستنباط والتخريج، ومرتبة الفقيه، ومدى أهليته للاجتهاد.

10- أما عن منهجية النقد قال الكاتب انه ليس هناك منهجية محددة لصنعة النقد، لأنه لم يتأسس بعد كفن مستقل عن غيره، ولا يختص بمجال محدد من علوم الشريعة، وإنما يدخل ويقوم كل ما لا يتلاءم مع رؤية العالم أو الباحث ومعارفه وفق المعايير السابقة الذكر، ثم قال انه رغم ذلك إلا انه يمكن تحديد منهجية النقد إجمالا بأنها تخضع للقواعد التالية:

  • قواعد تفسير النص العربي بناء على ما يفهم منه من معنى.
  • قواعد المنطق والقوانين التي اعتبرها العلماء معيارا للفكر وميزانا للنظر.
  • قواعد التفكير التي انتهى إليها علماء الإسلام واتفقوا في الغالب عليها.

11- ومن الوسائل والمقترحات العملية التي اقترحها الكاتب لتفعيل النقد في الدراسات الإسلامية، ما يلي:

  • إشاعة التفتح على المذاهب والمقارنة بينها.
  • هدم الهوة بين الانتماءات الفكرية والحركية والدراسات الأكاديمية.
  • تدريس مادة عن النقد في المرحلة الجامعية بهدف تدريب الطلاب على المناقشة والتحليل وإبداء الرأي ولا يكتفي لهم بالسماع والحفظ ليعيدوا ما أخذوه أثناء الامتحان.
  • توجيه البحوث الأكاديمية (الماجستير والدكتوراه)، في إنتاج الفكر، وتصويب الرأي، وتصحيح الخطأ.
  • محاربة الفساد العلمي، مثل: المحاباة في العلم، وفي تقويم الرسائل، واختيار لجان القراءة، وفي قبول المشاريع العلمية وتعيين المشرفين عليها.
  • تشجيع النشر في ميدان الدراسات النقدية، وان تعطى لها الأولوية على غيرها من البحوث التي تبنى على التجميع والتركيب.
  • رصد جوائز للدراسات النقدية الفقهية.
  • نشر أعمال المجامع الفقهية ولجان التقويم.
  • الاستفادة من فضاءات الإعلام المعاصر، من قنوات فضائية، وإذاعات، وشبكة المعلومات.
  • تخصيص قسم للنقد في المراكز البحثية.

12- بعد ذلك تطرق الكاتب لموضوع أفاق إعمال نظرية النقد الفقهي، وتفعيلها في الدراسات الإسلامية، ومن جملة هذه الأفاق التي ذكرها ما يلي:

  • تطوير الخطاب الديني في الإعلام والفن والخطابة والسياسة.
  • الاستفادة من العلوم المعاصرة، ومن النقد الموجه من رجال الإعلام، والاقتصاد، وخبراء السياسة وفقهاء القانون لإصلاح النقص أو تحسين الأداء.
  • الاستفادة من النقد الأدبي لأنه بذلت فيه جهود وكتابات كثيرة.
  • تنقية الشوائب في التراث.
  • تصحيح فوضى الإفتاء.
  • الخروج من ربقة مدرسة الشرح على المتون.
  • تكوين العقول المفكرة من خلال تعويد الباحثين على المناقشة والاعتراض، وإلا يسلموا بكل ما يذكر ويقال.
  • تحسين جودة الرسائل الجامعية.
  • تصحيح مسار الجماعات والحركات الإسلامية.

13- واختتم الكاتب هذا الكتاب بفصول ونماذج من الأعلام الفقهاء في التراث الإسلامي الذين مارسوا النقد وطبقوه على الأفكار لتحسينها وتقويتها، مثل:

  • الإمام الخطابي الذي انتقد حالة الفقهاء في عصره، الذين يحتجون بالسقيم من الحديث إذا وافق آراءهم.
  • ابن الجوزي الذي ينتقد فقهاء عصره، وأيضا نقده للصوفية الذين انحرفوا عن الشريعة وبالغوا في هجران الدنيا بسبب الجهل بالعلم، وإيمانهم بقرب العهد بالرهبانية.
  • الشاطبي ونقده للتصوف والمتصوفة في عصره، الذين صار التصوف عندهم رسوما وأشكالا، وابتدعوا كثيرا من الهيئات، والأحوال، ومارسوا طقوسا كالصياح.
  • محمد بن الحسن الحجوي الثعالبي الذي غني فكره بالنقد الجريء في إصلاح الفقه الإسلامي، والتعليم والقرويين على وجه الخصوص.

وفي الأخير ذكر الكاتب خلاصة ما قدمه من خلال هذا الكتاب من المباحث والمحاور والمضامين.

ثانيا، التعليق على الكتاب:

هذا الكتاب يحاول أن يؤسس لنظرية النقد في الدراسات الفقهية، والإسلامية، من خلال الاستفادة من تجربة النقد الأدبي في الدراسات الأدبية، علما أن النقد الأدبي الذي ظهر في أواخر القرن التاسع عشر استفاد بدوره من النهضة العلمية التي ظهرت في علم الحياة، والتي كان من أشهرها نظريات “دارون” عن (التطور واصل الأجناس)، وكما طبقت هذه النظرية على أجناس الإنسان والحيوان المختلفة اخذ علماء الاجتماع وبخاصة العالم الانجليزي “سبانسر” يطبقونها على العلوم الإنسانية كالاجتماع، والأخلاق، وعلم النفس وغيرها. ثم بعدهم قال نقاد الأدب انه من الممكن تطبيقها أيضا على الأدب، وقد قام بهذه المحاولة فعلا ناقد من اكبر نقاد فرنسا، وهو “فردينا برونتيير”، الذي كتب عدة مؤلفات تحت عنوان عام مشترك اسمه: (تطور أنواع الآداب).

وهذه النظرية في الحقل الأدبي لا تخلو من تعسف، حيث تجرنا إلى مسالة بالغة الخطورة وهي محاولة النقاد تطبيق النظريات العلمية الحديثة في الآداب القديمة، فإذا رأى الناقد مثلا شاعرا يهاجم استبداد الإنسان بأخيه الإنسان، أو تحكم الغني في الفقير، ادعى أن هذا الشاعر كان ديمقراطيا أو اشتراكيا، وهذا نقد تافه، فارغ، يدل بلا ريب على عكس ما يرمي إليه النقد من إظهار المعرفة، وذلك لان الناقد المتعمق حقا يعلم أن ألفاظا كالديمقراطية، أو الاشتراكية إنما هي مصطلحات من وحي الساعة، لا تعبر عن الخواطر التي تجري على السنة الشعراء، ثم انه قد ثبت فعلا أن النقاد لا يزالون إلى اليوم حيارى في فهم الحالات النفسية للإنسان.

ولقد فطن كبار النقاد إلى هذه الحقيقة ودعوا إلى محاربتها حتى لقد قال احدهم: ( إن شيئا لم يؤثر في الآداب القديمة مثلما أثرت فيها الآداب الحديثة)، مشيرا بذلك إلى المحاولات التي يقوم بها بعض الناس عندما يعيدون دراسة تلك الآداب القديمة ويقحمون عليها النظريات الحديثة التي لم تكن تخطر بعقول منشئيها وهذا أمر يجب اجتنابه بدقة.

وإذا كان هناك شيء يمكن أن نأخذه من العلم الحديث عندما نزاول النقد، فان هذا الشيء لا يمكن أن يكون نظرات العلم الحديث، وإنما هو روح العلم، وروح العلم روح أخلاقية فإذا تشبع بها الناقد استطاع أن يكون مقتصدا في أحكامه، موضوعيا غير مسرف ولا مبالغ، متقصيا للتفاصيل بانيا حكمه على ما جمع من معلومات وثيقة، ثم يذكر مسبباتها بالحجج العقلية التي تصح لدى الغير.

وأما أن تطبق مبادئ العلوم، والنظريات الحديثة المختلفة على فقيه، أو أديب، أو هيئة إنسانية، فهذا خلط في الرأي لان النفوس البشرية والهيئات الاجتماعية وحدات لا تتشابه، والأمر كله أمر مفارقات ووظيفة الناقد الأولى هي إدراك تلك المفارقات وتمييزها.

فمثلا: نظريات “فرويد” ومدرسته في علم النفس، ونظريات “اوجست كونت” في علم الاجتماع، ونظريات “كارل ماركس” وغيره في فلسفة التاريخ، كل هذه النظريات تحمل بلا ريب جانبا كبيرا من الصدق، وليس الصدق كله، ويأتيها الخطأ من التعميم الذي ليس هناك ما هو اخطر منه على تفكير البشر.

فلماذا أيها الناقد تتمسك بأنموذجك بعينه وتعتقد أن اليقين المطلق لأفكارك ومناهجك؟ ألا يحتمل منهجك هو الآخر إلى النقد؟

إن اكبر المآخذ على النظرية النقدية، أنها تنظر إلى المسائل، والقضايا من خلال أحادية الجانب، فتفقد صاحبها القدرة على متابعة الأوجه المتعدد لتلك القضايا النفسية، والاجتماعية والذاتية، والموضوعية، ومن ثم فان أحكامها لا تعدو أن تكون أحكاما جزئية ناقصة، لأنها تقوم في الأساس على رؤية جزئية منقوصة، ثم إن سوء تطبيق هذه النظرية والركون إلى بعض الأفكار المسبقة الخاطئة عن مدى فعاليتها من نتائج سلبية للوصول إلى الحقائق.

ورغم اختلافنا مع الكاتب في تأسيس لنظرية نقدية للفقه الإسلامي كتخطيط عام إلا أننا نتفق معه في ضرورة الممارسة الفعلية للنقد في المسائل والقضايا الفقهية في إطار الاجتهاد الفقهي، لان النقد جزء لا يجزء من الاجتهاد وفرع منه، وفي نفس الوقت لن يتحقق هذا النقد في نظريات منعزلة عن باقي فروع الاجتهاد، فلابد للنقد أن يكون مبنيا على أسس سليمة ودعائم متينة من المعرفة التامة بالعلوم الشرعية، واللغوية والاجتماعية وباقي العلوم الخادمة في فهم النصوص الشرعية، ثم بعد ذلك أن يدخل داخل الأنساق الكلية للعلوم الشرعية، كالنسق الأصولي، بالنسبة للدراسات الأصولية، أي المنهج العام، المبني عليه العلم.

إذن: لا يجب أن ننظر إلى النقد في الدراسات الإسلامية كنظرية مستقلة تقوم إلى جوار النظريات الفقهية الأخرى، بل يجب أن ننظر إليه كفرع من فروع الاجتهاد.

وصدق “سانت بيف” حينما قال: (إن النقد لا يمكن أن يصبح علما وضعيا، وسيبقى دائما فنا دقيقا في يد من يحاولون استخدامه، وان يكن قد اخذ يستفيد واستفاد بالفعل من كل ما انتهى اليه العلم، او كشف عنه التاريخ من الحقائق”

2/5 - (3 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى