التشكيلة الوزارية لحكومة الوحدة التونسية ومكوناتها السياسة والإيدولوجيا
-المركز الديمقراطي العربي
بدأ مجلس نواب الشعب (البرلمان) التونسي الجمعة جلسة عامة للتصويت على منح الثقة لحكومة وحدة وطنية برئاسة يوسف الشاهد ستخلف حكومة الحبيب الصيد التي سحب منها البرلمان الثقة في 30 يوليو/تموز الماضي اثر انتقادات كبيرة بعدم الفاعلية في انعاش الاقتصاد ومكافحة الفساد.
وفي بداية الجلسة، حذر الشاهد من ان حكومة الوحدة الوطنية ستكون “مجبرة” على اتباع سياسة التقشف وتسريح آلاف الموظفين بالقطاع العام ورفع الضرائب في حال تواصل في العام القادم تدهور الوضع الاقتصادي.
وقال في هذا السياق “وضعنا في 2017، إذا لم نفعل شيئا، سيكون أصعب بكثير (من 2016)، سنكون مجبرين على اتباع سياسة التقشف، الدولة ستكون مجبرة على تقليص مصاريفها (..) ستكون مجبرة على تسريع آلاف الموظفين، ستكون مجبرة على رفع الضرائب (المفروضة) على المواطنين والشركات، ستكون مجبرة على ايقاف الاستثمار في التنمية والبنية التحتية، هذا هو التقشف الذي سنذهب اليه اذا لم نفعل أي شيء (لتدارك الاوضاع) في 2016”.
واضاف “من واجب حكومة الوحدة الوطنية ان تشرع في الاصلاحات الضرورية للمحافظة على سلامة المالية العمومية ولتفاذي الانزلاق نحو التقشف” في اشارة الى اصلاحات يطالب بها صندوق النقد الدولي وتصفها السلطات والمعارضة بأنها “موجعة”.
-“حالة طوارئ اقتصادية”-
ونبه الشاهد من ان بلاده تعيش “حالة طوارئ اقتصادية” لان معدل النمو الاقتصادي في 2016 سيبلغ “في أفضل الأحوال” 1،5 بالمئة بعدما كان متوقعا تحقيق نمو بنسبة 2،5 بالمئة خلال العام نفسه.
وافاد ان عجز ميزانية الدولة سنة 2016 سيرتفع الى 6،5 مليارات دينار (نحو 2،6 مليار يورو) من 3،6 مليارات دينار كانت متوقعة بداية العام.
وبلغت ميزانية تونس 29،250 مليار دينار (نحو 11 مليار يورو) في 2016. وقال الشاهد “لتغطية عجز (ميزانية) الدولة التجأنا الى الاقتراض المكثف”.
وحذر من ان “مديونية الدولة في 2016 بلغت 56 مليار دينار (22 مليار يورو) مقابل 25 مليار (10 مليارات يورو) في 2010” وأن “المديونية تمثل اليوم 62% من الناتج الداخلي الخام أي أنها ارتفعت 21 نقطة” مئوية عما كانت عليه في 2010.
وخلال السنوات الخمس الاخيرة، تراجع معدل النمو الاقتصادي في تونس الى 1،5 بالمئة، وقيمة الدينار بنسبة 25 بالمئة (مقابل الدولار واليورو)، وانتاج الفوسفات بنسبة 60 بالمئة، وفق يوسف الشاهد.
وتوفر نقطة نمو واحدة ما بين 15 و20 ألف فرصة عمل جديدة في السنة في حين تعد البلاد 650 الف عاطل من العمل.
وافاد الشاهد ان كتلة اجور الموظفين في القطاع العام ارتفعت من نحو 6 مليارات دينار (2،4 مليار يورو) في 2010 الى 13،4 مليار دينار (5،4 مليارات يورو) في 2016 بسبب ارتفاع كبير في عدد موظفي القطاع العام، وان عجز “الصناديق الاجتماعية” بلغ 1،648 مليار دينار (نحو 665 مليون يورو) في 2016.
وبحسب احصاءات رسمية، ارتفع عدد موظفي القطاع العام في تونس الى نحو 670 ألفا في 2016 مقابل نحو 435 الفا سنة 2010 اي بزيادة بنحو 235 الفا.
وأضاف الشاهد ان “الدولة تعهدت زيادة اجور القطاع العام ب 1،615 مليار دينار (نحو 652 مليون يورو) سنة 2017”.
وعزا الشاهد تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في بلاده منذ الاطاحة مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين الى “تجاذبات الطبقة السياسية” في اشارة الى حركة النهضة الاسلامية وخصومها العلمانيين، و”تراجع العمل والانتاج والاستثمارات” و”استفحال الرشوة والفساد والمحسوبية” وتحول “الحرية” التي اتت بها الثورة الى “فوضى” للاعتصامات والاضرابات العمالية.
كما عزاه الى “الوضع الاقليمي المتقلب وتنامي الارهاب” وصعوبة الظرف الاقتصادي في الاتحاد الاوروبي، شريك تونس الاقتصادي الاول.
وبخصوص لجوء تونس الى الاقتراض من صندوق النقد الدولي، قال “صندوق النقد الدولي لم يأت إلينا بل نحن من ذهبنا نطرق ابوابه بعدما وضعنا انفسنا في هذه الازمة (..) وقلنا له ساعدنا لنخرج من هذه الازمة”.
-“التصدي للاعتصامات غير القانونية”-
وللخروج من هذه الازمة دعا الشاهد الى “العودة الى العمل والانتاج وتحفيز الاستثمار الوطني وجلب الاستثمار الخارجي”.
وقال “سنكون حازمين في التصدي لكل الاعتصامات غير القانونية وغير المشروعة مع التزامنا بضمان حق الاضراب المنصوص عليه في الدستور”.
وأضاف “اليوم لن نسمح لفئة بأن توقف معملا او وحدة انتاج او مصنعا في خرق لقوانين البلاد وتحرم آلاف العاملين من قوتهم اليومي”.
وتابع “اليوم لن نسمح بالتقاعس في الادارة وستتم معاقبة كل المتخاذلين ومكافأة الطاقات الجادة والمتفانية في عملها (…) يجب ان تعود ثقافة العمل”. وافاد ان حكومته ستصدر قانونا “يسن احكاما استثنائية لدفع النمو الاقتصادي في اسرع الاجال”.
ويهدف القانون الى “إفراد المشاريع الكبرى (المعطلة) وذات الاهمية الوطنية بإجراءات استثنائية تمكن من الشروع المباشر في انجازها”.
وتبلغ قيمة المشاريع الاقتصادية المعطلة في تونس 10 مليارات دينار (4 مليارات يورو) بحسب ما اعلنت في وقت سابق حكومة الحبيب الصيد.
ودعا الشاهد البرلمان الى “تسريع المصادقة” على قانون الاستثمار الجديد. ووعد بمكافحة الفساد والتهرب الضريبي.
وقال “سنواجه مصاعب عديدة، سنواجه رفضا للتغيير، سنواجه لوبيات ترفض الاصلاح”.
من جهة اخرى، تعهد “بذل كل العناية لكشف الحقيقة حول الاغتيالات السياسية وعلى راسها اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي” اللذين قتلا في 2013.
وبلعيد والبراهمي من ابرز معارضي حركة النهضة الاسلامية التي قادت حكومة الترويكا من نهاية 2011 حتى مطلع 2014.
وفيما يلي التشكيلة الوزارية لحكومة الشاهد المكونة من 26 وزيراً و14 كاتب دولة (موظف حكومي برتبة وزير)، فيما أبقت على ثلاث وزرات “سيادية” من الحكومة السابقة، وفقاً لما رصدته الأناضول.
- الائتلاف الحاكم السابق ( نداء تونس والنهضة وآفاق تونس ): 9 وزراء و9 كتاب دولة
حازت حركة “نداء تونس” (67 نائبا في البرلمان ) على 4 وزارات في حكومة الشاهد، هي الخارجية والتربية والسياحة والنقل، وكان نصيبها 4 كتاب دولة في وزارات الخارجية، والشؤون المحلية والبيئة، والشباب والرياضة، والتجارة.
أما حركة النهضة ( 69 نائبا في البرلمان) فكان نصيبها 3 وزارات هي الصناعة والتجارة، التكوين المهني والتشغيل، تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي، كما حظيت بثلاثة كتاب دولة في وزارات التكوين المهني والتشغيل، والتعليم العالي والبحث العلمي، وتكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي.
أما حزب “آفاق تونس” ( 10 نواب) فحصل على وزارتين هما الصحة، والشؤون المحلية والبيئة، وكاتبي دولة لدى وزارة شؤون الشباب والرياضة، والنقل.
- المنظمات الوطنية: ثلاثة وزراء وكاتب دولة
حصلت المنظمات الوطنية الكبرى في تونس التي شاركت في التوقيع على “اتفاق قرطاج لأولويات حكومة الوحدة الوطنية” في يوليو/تموز الماضي وهي “الاتحاد العام التونسي للشغل”، و”الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية”، و”الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري” على تمثيل مباشر وغير مباشر في حكومة الوحدة الوطنية.
وحصل قياديان سابقان في “الاتحاد العام التونسي للشغل” على وزارتين هما الشؤون الاجتماعية لمحمد الطرابلسي، والوظيفة العمومية والحكومة لعبيد البريكي.
فيما مثّل عضو المكتب التنفيذي “للاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري”، عمر الباهي، منظمته في كتابة الدولة لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
- اليسار والقوميون والليبراليون: وزيران وكاتب دولة
تم إسناد وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري لسمير بالطيب، أمين عام حزب “المسار الديمقراطي الاجتماعي” وهو أعرق الأحزاب اليسارية التونسية .
أما القوميين فقد تمّ تمثيلهم بكاتب الدولة لدى وزارة المالية، المحامي مبروك كورشيد
وأُسندت مهمة وزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالعلاقة مع البرلمان لإياد الدهماني، صاحب المقعد الوحيد للحزب الجمهوري (ليبيرالي).
أما اليسار الراديكالي المتجمّع في ائتلاف الجبهة الشعبية ( 15 نائباً) فلم يشارك رسمياً في حكومة الوحدة الوطنية إلا أن عبيد البريكي يجمع القبعة النقابية والإيديولوجية في آن واحد، إذ يعتبر كذلك من أهم قيادات تيار الوطنيين الديمقراطيين (ماركسي لينيني) الممثل في الجبهة بحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد .
- العائلة الدستورية ممثلة أيضاً بوزيرة
يعتبر حزب “المبادرة الوطنية الدستورية” من ممثلي العائلة الدستورية التي تنتسب لحزب الرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، وأسندت لهذا الحزب وزارة المرأة والأسرة والطفولة ممثلة في نزيهة العبيدي.
- المستقلون: 11 وزيرا وثلاثة كتاب دولة
كان نصيب المستقلين 11 وزارة وهي: وزارات العدل، الدفاع الوطني، الداخلية، الشؤون الدينية، المالية، التعليم العالي والبحث العلمي، الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، الشؤون الثقافية، شؤون الشباب والرياضة، العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان.
وتم تعيين ثلاثة دولة للمستقلين واحد في وزارة الشؤون الخارجية وآخر في وزارة الفلاحة وثالث في الطاقة والمناجم.
في حين تم الاحتفاظ بوزارات السيادة وهي الداخلية والدفاع والخارجية دون تغيير، ما عدا وزارة العدل التي أسندت لوزير مستقل هو غازي الجريبي.
ولم تسند هذه الوزارات لأي حزب سوى وزارة الشؤون الخارجية التي بقي على رأسها خميس الجهيناوي من “نداء تونس”.
ولنيل ثقة البرلمان يتعين ان يصوت لصالح الحكومة 109 نواب من اجمالي 217.
والسبت اعلن يوسف الشاهد تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية التي كلفه تشكيلها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في الثالث من أغسطس/آب الحالي. المصدر:أ ف ب + الاناضول + المركز الديمقراطي العربي