مقالات

بلخادم ..الوقود الجديد للفتنة في الجزائر

بقلم : زكرياء حبيبي
أصبحت اليوم على قناعة بأن خرجات الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، ليست مجانية، وليست بهدف جلب الإهتمام إلى شخصه أو لحزب الأفلان، بل هي خرجات منهجية للغاية، هدفها الأساس هو إخراج الثعابين من جحورها، وكشف مدى خطورة سمومها على الجزائريين ككل، فقد سبق لسعداني أن كان أول من هاجم مدير المخابرات السابق الجنرال توفيق، في زمن كان غالبية السياسيين أو لنقل أشباه السياسيين يُسبحون بنعمه، ولُطفه بهم، فسعداني وبدون أي مزايدة، كان له الفضل في تحطيم الطابوهات، بتصريحاته النّارية والجريئة، واليوم وكما هو واضح للعيان، تحوّل الجنرال “ربّ الجزائر”، إلى مواطن بسيط، بل وغير قادر حتّى على الرّد على الإتهامات الخطيرة التي وجّهها له سعداني.

لكن وبحكم طبيعة وتكوين الجنرال توفيق، فلا يمكن أن نجزم بأنه إلتزم الصمت، وامتنع طوعيّا عن التحرك، فالرجل لا يحسن سوى لُعبة “التّخلاط”، والدفع ببيادقه المزروعين في شتى القطاعات والمجالات، لتنفيذ مؤامراته، وتصفية حساباته، وأقول ذلك لأن طريقة ردّ عبد العزيز بلخادم على عمّار سعداني، تحمل كل مواصفات “التخلاط” ونشر الفوضى الخلاّقة، فبلخادم وأمام هول وخطورة الإتهامات التي كالها سعداني له وللجنرال توفيق، لم يكتفِ بالرّد المناسب والمُتوازي، حيث كان جديرا به أن يصدر بيانا، أو يعقد ندوة صحفية، ويهاجم عمار سعداني بالشكل الذي يشاء، لكن بلخادم ذهب أبعد من ذلك، عندما ارتكز على النعرات القبلية والطائفية، وأوعز لمناصريه بالخروج إلى الشارع، في وقت حساس للغاية، فجماعة بلخادم وعبر منصات التواصل الإجتماعي، أقامت الدّنيا ولم تقعدها، ولوّحت بخروج أكبر قبيلة في منطقة بلخادم إلى الشارع للإحتجاج على تصريحات سعداني، وهو ما قرأته بشكل واضح في صفحة “لجنة الوفاء لعبد العزيز بلخادم” على الفايسبوك، فهنا لا أخفي القارئ الكريم، بأنّني استشعرت بحقّ أن الأمر تعدّى الرّد على عمار سعداني، إلى تنفيذ أجندة خطيرة للغاية، ترمي إلى إحياء النعرات القبلية والجهوية، لنشر الفوضى في البلاد، وازدادت قناعتي أكثر بأن هذا ما يرمي إليه بلخادم وجماعته ومن يُحرّكهم، عندما هبّت بعض وسائل الإعلام “العربية” المشهود لها بأنها قاولت ولا تزال لصالح تفتيت الوطن العربي، والإجهاز على ما تبقى من وحدته وتماسكه، لتهييج الوضع وتهويله، وتصوير ما حدث على أنه انفجار سيُدمّر ليس حزب الأفلان وحسب، بل البلاد برمّتها، ويكفي هنا أن نستحضر ما كتبته جريدة “العرب” الصادرة بلندن، حيث عنونت مقالها كالتالي: “الصراعات تعصف بالحزب الحاكم في الجزائر مع اقتراب الانتخابات التشريعية”، ولغّمت المقال بأكاذيب مقاصدها معلومة، وهي الوصول إلى زرع الفتنة على نطاق واسع، ف”العرب” على سبيل المثال ورد في مقالها ما يلي: “وكان سعداني في لقاء مع مسؤولين في الحزب ووسائل إعلام، قد اتهم الأمين العام السابق عبدالعزيز بلخادم، بالعمالة لفرنسا وخيانة ثورة التحرير، والمدير السابق لجهاز الاستخبارات المنحل الجنرال “توفيق” بقيادة رعيل ما يعرف بضباط فرنسا، في إشارة للوبي الفرنسي أو ما يعرف داخليا بـ”حزب فرنسا”، وهو ما أثار موجة ردود فعل قوية من داخل الحزب ومن خارجه، اعتبرت الاتهامات “مساسا بسمعة وشرف مؤسسات الدولة، كون الرجلين شغلا مناصب حساسة فيها، واتهامهما بهذا الشكل يضر برئيس الجمهورية كونه المسؤول الأول عن تسمية شاغلي المناصب العليا في المؤسسات”، تكفي قراءة بسيطة لما كتبته هذه الصحيفة، لنعرف أنها ركبت الموجة بغرض إقحام رئيس الجمهورية في هذا الصراع، وفي الوقت نفسه تشويه حقيقة ما يجري في الجزائر، فالصحيفة تدّعي أن جهاز المخابرات قد تمّ حلُّه، وهو ما يُنافي الحقيقة، فجهاز المخابرات الجزائرية لا يزال قائما، بل واكتسب قوة كبيرة، من خلال إصلاحات رئيس الجمهورية التي جعلته يهتم بالأساس بالقضايا التي تعود إلى صُلب صلاحياته، والمتمثلة في تحصين أمن الجزائر، وحمايتها من شتى المؤامرات التي تُحاك ضدّها داخليا وخارجيا، والإدعاء بحلّ الجهاز لا يمكن تصنيفه إلا في خانة التشويش على الجزائر ليس إلا، وما دام أن أهم صفحة فيسبوكية مُناصرة لبلخادم إن لم أقل أنها وسيلته الدعائية الأولى، وأعني بها “لجنة الوفاء لعبد العزيز بلخادم” قد شاركت هذا الموضوع، وروّجت له بشكل كبير، فهذا يعني أنها تُشاطر الصحيفة إيّاها ما كتبته من أكاذيب وافتراءات، حتى لا أقول أن بلخادم نفسه مُنخرط في سيناريو جهنّمي مدعوم من الداخل والخارج، من أطراف لن يستريح لها بال ما دامت الجزائر تنعم بالهدوء والإستقرار، ويكفي هنا كذلك أن ألفت انتباه القارئ الكريم، إلى أن موقع “ألجيري باتريوتيك” لصاحبيه نجلا الجنرال توفيق ونزار، ومنذ إطلاق الأمين العام للأفلان عمار سعداني تصريحاته النارية ضد بلخادم والجنرال توفيق، بات يُتابع بشكل جنوني كل المستجدات، ويعمل على دعم بلخادم بالحق وبالباطل، علما هنا أن الجنرال نزار، يعتبر من قادة ضباط فرنسا في الجيش الوطني الشعبي الجزائري، إذن ما هي علاقة بلخادم بنزار؟ الجواب برأيي لا يتطلّب جهدا ذهنيا كبيرا، لأن بلخادم ما كان له أن يصل على ما وصل إليه، لولا دعم الجنرال العربي بلخير، الذي يُعتبر “كاردينال” ضُبّاط فرنسا في الجزائر، وهذا ما لا يمكن لبلخادم أن ينفيه على الإطلاق.

برأيي دائما أن بلخادم لا يمكن أن نجد له وزنا إلا إذا ربطناه بضباط فرنسا في الجزائر، وهؤلاء يعلمون جيّدا أن استمرار سعداني في كشف مؤامراتهم وفضائحهم، سوف لن يلحق بهم الضرر لوحدهم وكفى، بل إن الأمر قد يطال مُشغّليهم، وهنا كذلك أسترجع ما عشت تفاصيله الدقيقة مع والدي رحمه الله جمال الدين حبيبي، عندما أتى إليه أحد الوطنيين الأحرار، وسلّمه ملفا في غاية الخطورة، يتعلق بما يُلحقه ضباط فرنسا من أذى كبير وخطير للغاية بالشعب الجزائري، وما كان منه إلا أن قال لي، هل ترى أنه من المُفيد أن أتبنّى هذا الملف وأنشر خباياه للرّأي العام، مع كل ما قد يجلبه من متاعب للبلاد والعباد، أم أصمت، ليس للتستّر على ضُباط فرنسا في الجزائر، وإنّما للحفاظ على أمن ووحدة الجزائر؟ كان يُخاطبني بمرارة كبيرة، فهو الذي في كلّ مهرجاناته الشعبية في سنوات التسعينات من القرن الماضي كان يهاجم ضُبّاط فرنسا، يجد نفسه في تلك اللحظة، مُجبرا على التستّر على فظائعهم، ليس خوفا منهم وإنّما خوفا على مصير الجزائر، والحال كذلك أقول وأؤكّد أنّ عبد العزيز بلخادم في أيّامنا هذه، لا يُدافع عن نفسه، بل إنه يُدافع عن أولياء نعمته من قادة “حزب فرنسا” الذين أوصلوه إلى ما وصل إليه بالباطل.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى