البرامج والمنظومات الديمقراطية

مواطنون في العالم : نحو نظرية للمواطنة

اعداد الباحثة : منة الله محمود محمد عبد المجيد – المركز الديمقراطي العربي

 

 

المعلومات الأساسية للكتاب:

عديلة كورتينا، فيلسوفة إسبانية معاصرة، ولدت عام 1947، ألّفت كثيرًا من العناوين في باب الفلسفة التي تتخذ إطارًا لها، إسهامات كانط وهيجل وهابرماس وآبل، اهتمت عديلة كورتينا في هذا المقام بتجربة مرحلة الانتقال الإسبانية نحو الديمقراطية، ومن هنا كانت رحلتها إلى مصر نهاية عام 2011 وحوارها مع الأزهر الشريف[1].

المقدمة:

خلال حقبة التسعينيات من القرن العشرين، أصبح مصطلح المواطنة-ذلك المصطلح القديم-موضة، وهو معني مقابلاً له الأخلاق، ويتناول هذا الكتاب مفهوم المواطنة بجميع أنواعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما يتمثل الهدف منه في الحفاظ علي هوية الأفراد بتعزيز انتماءهم للمجتمع، وتزويده بالقيم والمعارف والمبادئ اللازمة لاتحادهم معاً والتصدي لأي خطر.

إن المواطنة ترفض مبدأ أنانية الأفراد في حماية مصالحهم الخاصة دون العامة وهو ما يعرف ب”المتعة الفردية”، ونادت بضرورة العمل علي ضمان التعاون في بناء المجتمع السياسي من خلال الديانة المدنية والمتمثلة في العلم والنشيد الوطني، أو من خلال ما يسمي ب”دعم أركان البيت العام” المتمثل في توفير كافة احتياجات الأفراد مما يؤدي لتعزيز انتماءهم للوطن.

وهناك فرق بين الوطنية والمواطنة، فالأولي نتيجة لواقع وتتمثل في شكل حسي داخلي، بينما الثانية وسيلة لهدف وتكون فعلية ظاهرية، ويوضح الكتاب المشكلات التي تواجهها المواطنة وكيفية حلها بما لا يعوق الإنسان في التمتع بحقوقه وتأدية واجباته، وكذلك القيم والمبادئ الواجب توافرها لبناء عالم مكتمل قائم علي أسس التضامن والحرية والمساواة.

القضايا الرئيسية التي يتناولها الكتاب:

**يتكون هذا الكتاب من سبعة فصول وخاتمة:

يتناول الفصل الأول والمعنون ب “نحو نظرية للمواطنة”، قضية التمدن باعتباره فضيلة مرادفه لمعني الأخلاق، ونظرية العدالة التي يتشارك فيها جميع الأفراد بما يعزز انتماءهم للوطن فالمواطنة تشمل في مفهومها العدل والانتماء، وكذلك المشكلات التي تواجه المواطنة ومنها اقتصاره علي السياق السياسي دون الاقتصادي، وأخيرا أن المواطنة قد تأتي من الطرق الرسمية كالمدرسة وغير الرسمية كالأسرة والأصدقاء.

ثم يتناول الفصل الثاني والمعنون ب “المواطنة السياسية من الانسان السياسي إلي الإنسان القانوني” مجموعة من الافكار مثل العلاقة السياسية بين المواطن والمجتمع السياسي، فالأفراد ينتمون لمن هم متحدين معهم ويبتعدون كذلك عن من هم مختلفون، ومشاركة المواطن سياسياً في القضايا العامة أكثر من الخاصة جامعاً بين الرغبة والذكاء ووصولاً للسعادة التي يبتغيها، وكذلك المواطنة الاثينية وإقتصارها علي الشباب فقط دون النساء أو الأطفال، وأخيراً تحول الإنسان من حيوان سياسي لا يمارس واجباته إلي إنسان قانوني يسعي للحصول علي الحماية القانونية والحقوق الذاتية.

ويعرض الفصل الثالث- “المواطنة الإجتماعية من دولة الرفاهية إلي دولة العدالة”- ظهور دولة الرفاهية المبنية علي أساس إستراتيجية سياسية وليست مطالب أخلاقية، ونظراً لعدم ملائمتها للنظام الرأسمالي فسعي المجتمع إلي ما يسمي بالتضامن المؤسسي بين كافة المؤسسات، وأيضا تحول دولة الرفاهية إلي دولة العدالة القائمة لتوفير مطالب عادلة ضرورية ومطلوبة لدي الفرد.

في حين أن الفصل الرابع ” المواطنة الإقتصادية وتحول الإقتصاد” يركز علي البعد الإقتصادي للمواطنة، فوضح ماهية المواطن الاقتصادي ومشاركته في تحقيق الهدف من المؤسسة وعدم اقتصارها علي المدير فقط، والمؤسسة المواطنة  التي تتميز بالثقافة والمسؤولية لدي العمال، والعقبات التي تواجه المؤسسات الاقتصادية، وأيضاً “عمال المعرفة” الذين يحلون محل عمال الصناعة، والفرق بين العمل الخيري والربح.

أما الفصل الخامس” المواطنة المدنية” يشرح مفهوم المواطنة المدنية ومضمون المجتمع المدني، وأن الإنسان في الاساس عضو في مجتمع مدني وجزء من مجموعة من التنظيمات غير السياسية وغير الاقتصادية، وهي امور جوهرية لإدراجه اجتماعيا وكذلك بالنسبة لأمور حياته اليومية، يتناول الفصل أيضاً المهن وأخلاقيات المهن والرأي العام وأهميته كحقل لممارسة المواطنة المدنية.

وهناك جزء هام تناوله الفصل السادس “مواطنة الثقافة البينية” وهو تعدد الثقافات فالمواطنة رابطة واحدة تجمع بين جماعات مختلفة ، والاحترام المتبادل أو التكامل بين الثقافات المختلفة لمجتمع سياسي بحيث يمكن لأعضاء هذه الجماعة السياسية الشعور عن حق بأنهم مواطنون من الدرجة الأولي، وكذلك هل الثقافات علي نفس درجة الجدارة ام لا.

وفي نهاية الطواف نختتم بما تناوله الفصل السابع “التربية في إطار المواطنة وتعلم بناء العالم سوياً”، إذ أنه تناول فكرة ما إذا كانت هناك ميول متعددة لدي الفرد، ومفاهيم الحرية والتضامن والمساواة وأهميتها للمواطن ولبناء عالم قوي قائم في الأساس علي المواطنة الجيدة.

الكتب التي تناولت فكرة المواطنة:

-كتاب فلسفة المواطنة وأسس بناء الدولة الحديثة ، د.محمد عثمان الخشت، والذي تناول ضرورة وجود المواطنة قبل الشروع في إعادة تأسيس الدولة، ويوضح في فصوله الأربعة مفهوم المواطنة، المواطنة والحداثة، المواطنة ومتلازمة المجتمع المدنى والديمقراطية، المواطن العالمي والنزعة العالمية، ونهاية المطاف الطريق إلى المواطنة، والذي يتشابه في محتواه مع ما نادي به هذا الكتاب-مواطنون في العالم- و إن اختلفت طرق العرض المبسطة لأفكاره.

-فقه المواطنة، د.عبدالمجيد النجار، والذي تناول فكرة المواطنة والانتماء للدولة من منظور ديني.

تقييم الكتاب:

*الأسلوب:

إعتمد الكاتب في سرده للكتاب علي أسلوب شيق مسلسل وإن كان معقداً بعض الشئ، حيث أن هناك مفاهيم قد تبدو غامضة أو غير مفهومة- مثل “الراديكالية”- لدي الفرد العادي الذي يسعي لقراءة هذا الكتاب، وكذلك كثرة السرد في جزء واحد مما يصيب القارئ بالملل، ولكن في مجمله كان أسلوب جيد، كما أن الأفكار كانت مسلسلة ومترابطة وتناول فيها كافة الجوانب المتعلقه بالمواطنة بشكل منظم.

*مدي تحقيق الهدف من الكتاب:

استطاع الكاتب توضيح فكرته عن المواطنة بجميع أنواعها ومشاكلها التي تواجهها إلي أن توصل لكيفية بناء عالم قائم عليها، ولكن صعوبة الأسلوب إلي حد ما قد تجعل الفرد الغير مثقف لا يتفهمها ولا يصله الهدف من الكتاب، إذ كان علي الكتاب ضرورة سرد هذا الموضوع ولكن بشكل مبسط قليلا نظراً لأهمية ما عرضه من أفكار.

*النقاط التي وفق الكاتب في توضيحها:

تمكن الكاتب من توضيح فكرة التمدن والفضيلة الأخلاقية ونظرية العدالة بشكل مبسط، كما أنه تناول مفهوم الأمة والمواطنة الاقتصادية والسياسية ومفاهيم الحرية والمساواة والتضامن جميعها بشكل سهل وواضح يمكن فهمه لغير المثقفين، وأخيراً يمكن القول من أنه وفق في عرض الأفكار والموضوع بشكل مترتب ومتسلسل يجعله مفهوم حتي في تطوره وانتقاله من نقطة إلي أخري.

*النقاط التي لم يوفق الكاتب في توضيحها:

هناك أفكار لم يتمكن الكاتب من عرضها للقارئ مثل فكرة “أوروبا الإجتماعية” إذ أنه تحدث عن أفكار-الفكر الكسول- المعارضين لتحول أوروبا الاقتصادية إلي إجتماعية دون توضيح لها بشكل أكبر، وفكرة المواطنة الأثينية كانت تحتاج لتوضيح أكثر من ذلك لزيادة الخبرة وليست مجرد تناولها من أنها تنطبق علي الشباب فقط دون النساء، كما أن السرد غير مطلوب في أفكار كانت من الممكن أن تعرض بشكل مختصر عن ذلك حتي لا يمل القارئ.

**باختصار، يمكن القول أن أهمية هذا الموضوع تدفع العديد من الأفراد لقراءته، فالأسلوب مرتب وسلس ولكنه غامض إلي حد ما فكان من الأفضل أن يكون مبسطا ومختصرا في بعض النقاط مما يحفز القارئ علي الاستمرار في قراءته.

[1]) عديلة كورتينيا، مواطنون في العالم “نحو نظرية للمواطنة”، (القاهرة، الهيئة المصرية العمة للكتاب: 2015)، 189.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى