الدراسات البحثيةالمتخصصة

اندماج اللاجئين في المجتمعات المضيفة:دراسة مقارنة بين “الأفارقة والسوريين” في المجتمع المصري

إعداد الباحثة : سلمى علي سالم إبراهيم – إشراف: أ.د.  أحمد يوسف أحمد

  • المركز الديمقراطي العربي

مقدمة:

لطالما كانت مصر دولة حاضنة لعدد من أبناء الجنسيات المختلفة بمن فيهم طالبي اللجوء، مثل لجوء الأرمن إلي مصر هربا من مذابح العثمانيين عام 1915، و لجوء الفلسطينين عقب حرب 1948، و لجوء أبناء السودان في أعقاب الحرب الأهلية عام [1]1985، و نزوح عدد كبير من اللاجئين من مختلف أقطار الوطن العربي في الآونة الأخيرة نتيجة للشتات الذي تبع ثورات الربيع العربي في عدد من الدول كاليمن و ليبيا و علي رأسهم بالطبع سوريا.

كان العقد بين عامي 1950 و 1960 هو بداية النزوح الأفريقي إلي مصر، حيث لجأ عدد كبير من الناشطين السياسيين الأفارقة إلي مصر عقب نفيهم من قبل الدول المستعمرة، خوفا من حركات التحرر الوطني التي قاموا بتشكيلها، و تعتبر الحرب الأهلية السودانية عام 1983 علامة فارقة في أعداد المهاجرين من السودان إلي الدول المجاورة كمصر و كينيا و أوغندا و إثيوبيا، و عدد كبير من المهجرين قسريا داخل الخرطوم نفسها. كان اختيار عدد كبير من اللاجئين للهجرة إلي مصر نابعاً من الروابط التاريخية التي تربط بين مصر و السودان، حيث أنه في القرن التاسع عشر، و تحت الإنتداب البريطاني، كانت السودان تعتبر جزءاً من مصر، و كانت السودان تحكم من قبل حاكم بريطاني، بمساعدة قوات عسكرية مصرية. و بطبيعة الحال نتج عن ذلك توافد أعداد كبيرة من السودانين إلي مصر من أجل الدراسة، و العمل، و الحصول علي الرعاية الصحية، و حتي الترفيه، و في الفترة بين 1960 و 1970 كانت مصر أيضا حاضنة لعدد كبير من الصوماليين، و معظمهم إما دارسون بالجامعات المصرية، أو ممثلون دبلوماسيون. ثم بدأت أعداد الأسر الصومالية المهاجرة إلي مصر في الازدياد عام 1980، بحثا عن فرص عمل و تعليم أفضل إلي أن جاءت الحرب الأهلية بالصومال عام 1991، حيث توافدت أعداد كبيرة جدا من اللاجئين الصوماليين إلي عدد من دول الشرق الأوسط، و علي رأسها مصر.[2]

علي صعيد اخر، بدأ توافد اللاجئين السوريين إلي مصر منذ بداية اشتعال الأزمة السورية، و بشكل خاص منذ النصف الثاني من عام 2012. و بحلول نهاية هذا العام، و بسبب ضخامة الأعداد و شدة احتياج هؤلاء اللاجئين، استجابت مصر إلي نداء مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، لتقديم المساعدات الإنسانية إلي اللاجئين السوريين. و بالرغم من ضعف الموارد الإقتصادية، و معاناة عدد من اللاجئين السوريين في الحصول علي مقر سكني مناسب، و توفير مصدر دخل معقول إلا أن اللاجئين السوريين تم استقبالهم من قبل المصريين بحفاوة و ترحاب، من الأرجح أنها ترجع إلي الروابط و الصلات التاريخية الموجودة بين البلدين منذ زمن، و يقدر عدد اللاجئين السوريين الموجودين بمصر، و المسجلين في مفوضية اللاجئين حوالي 135 ألف لاجئ،[3] و قد اندمج اللاجئون السوريون في المجتمع المصري بشكل ملحوظ، فبعض المناطق السكنية في القاهرة حاليا تمثل مناطق تجمع للسوريين و تعد أعدادهم فيها كبيرة جدا علي نحو يقارب أعداد المصريين هناك، مثل مدينة “الرحاب” و مدينة “السادس من أكتوبر”. بالإضافة إلي افتتاحهم عدداً كبيراً من المحلات و المشاريع الخاصة بهم، و التي يعمل بها مصريون أيضا، و انخراطهم في المدارس و الجامعات المصرية كجزء من المجتمع. و بالرغم من أن نزوح اللاجئين الأفارقة إلي مصر سبق نزوح نظرائهم السوريين بأكثر من عقدين، إلا أن اندماج اللاجئين الأفارقة في المجتمع المصري أقل بكثير من السوريين، فلا هم منخرطين في المجتمع مثلهم، و عادة ما يتم تهميشهم و النظر لهم من بعض المصريين نظرة دونية و كثيراُ ما يمارس بعض المصريين عليهم أفعالاً العنصرية.

أولاً: المشكلة البحثية:

و مما سبق، نصل إلي السؤال البحثي و هولماذا اندمج اللاجئون السوريون في المجتمع المصري بشكل أبرز و أسرع من اللاجئين الأفارقة، بالرغم من نزوح اللاجيون الأفارقة إلي مصر قبل اللاجئين السوريين بحوالي عقدين؟

ثانياً: الأسئلة الفرعية:

  • ما هي ملابسات هجرة اللاجئين الأفارقة إلي مصر؟
  • ما هي ملابسات هجرة اللاجئين السوريين إلي مصر؟
  • ما هي العقبات التي يواجهها اللاجئون الأفارقة في مصر؟
  • ما هي العقبات التي يواجهها اللاجئون السوريون في مصر؟
  • ما هو مدي اندماج اللاجئين السوريين مقارنة باللاجئين الأفارقة في الوقت الراهن في المجتمع المصري؟

 

ثالثاً: الأدبيات السابقة:

بمراجعة الأدبيات السابقة للموضوع، نجد أن الكثير الدراسات تناول هذا الموضوع من أكثر من زاوية، و يمكن تقسيمها كالتالي:

١( التداعيات الإيجابية لدمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة لهم:

وفقا لتعريف الأمم المتحدة، فإن عملية دمج اللاجئين هي عملية تفاعلية تعتمد علي كل من اللاجئين و أفراد الوطن المضيف لهم و مؤسساته ، حيث يندمج اللاجئون مع مواطني الدول المضيفة، مشكلين مجتمعا واحدا يحتضن اختلافاتهم. و عملية الدمج تتطلب استعداداً من جانب اللاجئين ليتمكنوا من التأقلم مع أوضاع الوطن المضيف دون التخلي عن هويتهم الأصلية، كما تتطلب من البلد المضيف أن يكون قادرا علي احتضان اللاجئين و احتواء اختلافهم، و أن تكون مؤسسات البلد قادرة علي تلبية احتياجاتهم. ولا شك أن لعملية دمج اللاجئين العديد من التداعيات الإيجابية علي المجتمع المضيف، حيث يقومون بعمل مشاريع جديدة خاصة بهم تخلق فرص عمل في الوطن المضيف و تساعد علي تدفق رؤوس الأموال و الاستثمارات، و دفعهم  للضرائب و هو ما يساهم في ازدهار إقتصاد البلد المضيف. علاوة علي ذلك فإن إحتضان البلد المضيف لللاجئين و دمجهم يثري المجتمع، بسبب انفتاحه علي ثقافات مغايرة و عادات و أفكار و لغات و فنون جديدة.  [4]

يلعب اللاجئون أيضا دورا في إثراء رأس المال البشري، حيث يستفيد المجتمع من مهارات و خبرات هؤلاء اللاجئين الذين يأتون بها من أوطانهم حين يندمجون في قطاع العمال بالبلد المضيف، و يخدم دمج اللاجئين في المجتمعات الدولة المضيفة، خاصة الدول النامية، حيث يقدم العديد من المنظمات الدولية معونات إنسانية و إقتصادية للدولة المضيفة للاجئين، و هو ما ينعكس بشكل إيجابي علي التنمية في تلك الدول، كما يتم تسليط الضوء من مختلف وسائل الإعلام الدولية علي الدول المضيفة للاجئين، والتي يكون بعض منها دولا مهمشة لا تحظي باهتمام دولي قبل استضافتها اللاجئين، و هو ما يكون له أثر إيجابي علي الدول المضيفة و يزيد من مكانة الدولة المضيفة في المجتمع الدولي. [5]

و أخيراً فإن دمج اللاجئين في الجتمعات المضيفة يقلل من فرص التحاقهم بالجماعات الإرهابية المتطرفة، كداعش و تنظيم القاعدة و غيرهما من الجماعات التي تشكل خطرا كبيرا علي المجتمعات المضيفة نفسها، حيث أن إغلاق الدول المضيفة أبوابها أمام اللاجئين أو تهميشهم و عدم دمجهم في المجتمع و تلبية إحتياجاتهم لا يترك أمامهم خياراً آخر سوي العودة إلي أوطانهم التي في أغلب الأحيان تكون معبأة بالعنف و التطرف و تسيطر عليها الجماعات الإرهابية، مما يزيد فرص نضمامهم إلي هذه الجماعات من أجل التأقلم و التعايش.[6]

٢) التداعيات السلبية لدمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة لهم:

تتناول الأدبيات السابقة أيضا بعض التداعيات السلبية لدمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة، و التي تتمثل بشكل أساسي في ثلاث محاور، و هي المحور الاقتصادي، و المحور الاجتماعي، و المحور الأمني.

إن دمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة يخلق حالة من التنافس بين اللاجئين و أبناء البلد المضيف علي الموارد الإقتصادية المختلفة كفرص العمل، و الضغط علي البنية التحتية للبلد المضيف و الخدمات المختلفة التي تقدمها سواء كانت خدمات الصحة و التعليم و الإسكان و المواصلات و غيرها، و هو ما يقلل من كفاءة تلك الخدمات بسبب زيادة عدد المستفيدين منها بشكل أكبر بكثير عن العدد المخطط له للاستفاده منها، و يقلل من فرص أبناء البلد المضيف في التمتع بتلك الخدمات ، و يزيد من نسبة البطالة بين أبناء الدولة الأصليين.[7]

تضطر الدولة المضيفة للاجئين أيضا أن تزيد إنفاقها بشكل كبير و مفاجئ علي قطاعاتها المختلفة، كقطاع الصحة و التعليم و المواصلات، بسبب ازدياد عدد المستفيدين من تلك القطاعات نتيجة ازدياد عدد سكان الدولة في فترة زمنية قصيرة، و هو ما يشكل عبئاً كبيراً علي ميزانية الدولة المضيفة، قد يضطرها إلي اللجوء إلي طلب المعونة من المؤسسات الدولية كالبنك الدولي و صندوق النقد الدولي.[8]

و قد يؤثر دمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة بشكل سلبي علي  التوازن المجتمعي في البلد المضيف و تماسكه، خاصة في البلاد التي تعاني من صراعات داخلية مبنية علي الخلاف العرقي، أو المذهبي، أو الطائفي، فإن ازدياد أعداد أحد هذه الطوائف أو الأعراق علي حساب الطوائف الأخري، بسبب انتماء اللاجئين إلي هذه الطائفة، يؤدي إلي اختلال في توازن المجتمع قد ينتج عنه تفاقم في الأوضاع و الانقسامات الداخلية.[9] تظهر هذه الأزمة بشكل واضح في الحالة اللبنانية، حيث أن النسيج السكاني للبنان هو نسيج معقد بين السنة و الشيعة و المسيحيين، و هو ما دفعها إلي التصدي لدمج اللاجئين الفلسطينين، و معظمهم من السنة، و سن قوانين تمنع الفلسطينيين من العمل أو تملك العقارات في لبنان، حتي لا يختل التوازن بين الطوائف الثلاثة، و تتجدد هذه المشكلة مرة أخري في لبنان في الوقت الراهن، بتوافد ما يقارب من مليون و نصف لاجئ سوري، أغلبهم من المسلمين السنة أيضا، و تسري عليهم أيضا قوانين تعسفية تعيق دمجهم في المجتمع، حيث يُطلب من اللاجئين السوريين الحصول علي تصاريح إقامة مقابل مبلغ يقدر ب 200 دولار كل ستة أشهر، و يمنعون من الحصول علي تصاريح لمزاولة العمل هناك.[10]  ولا شك أن عملية الدمج تكون أسهل و أقل خطورة حين يكون اللاجئون الوافدون إلي البلد المضيف من نفس العرق و ينتمون إلي خلفية ثقافية و دينية و لغوية مماثلة للسكان المحليين.[11]

تتناول الأدبيات السابقة أيضا عدداً من التداعيات السلبية لدمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة من المحور الأمني، حيث يشير بعض الدراسات إلي أن دمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة قد ينتج عنه ارتفاع في معدلات العنف، و انتشار الأسلحة و المقاتلين الذين يتسللون إلي المجتمع المضيف في صورة لاجئين عاديين، ثم يعملون علي نشر أفكارهم و أيدولوجياتهم المتطرفة عند اندماجهم في المجتمع بين باقي أفراده. و قد ينتج عن دمج اللاجئين أيضا احتقان و توتر بين البلد المضيف و البلدان المجاورة لها، التي قد تشعر أن وجودهم في البلد المضيف التي تقع علي حدودها هو تهديد لأمنها هي أيضا.[12]

و ظهرت تلك الاحتقانات مؤخرا بين “ألمانيا” و “النمسا”، حيث  فرضت “ألمانيا” رقابة مؤقتة علي حدودها الجنوبية مع النمسا، نتيجة تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين من “النمسا” إلي “ألمانيا”، و اتهام الأخيرة هؤلاء اللاجئين الفارين إلي أرضها بأنهم مسئولين عن العمليات الإرهابية التي شهدتها مؤخرا، كتلك التي شهدتها “برلين” في التاسع عشر من ديسمبر عام 2016.[13]

٣( عوامل دمج اللاجئين في المجتمع المضيف:

تناولت الأدبيات السابقة عدداً من العوامل التي تساعد علي اندماج اللاجئين في المجتمع، و عملية دمج اللاجئين لها بعد قانوني و بعد إقتصادي و بعد إجتماعي.[14]

فأما البعد القانوني، فيتمثل في منح الدولة المضيفة اللاجئين المقيمين بها مجموعة من الحقوق التي تساعد علي دمجهم و تتوافق مع تلك الحقوق الممنوحة للسكان الأصليين. و من تلك الحقوق حرية التنقل، و الحق في التعليم، و الحق في التمتع بالرعاية الصحية الجيدة، و الحق في الدخول إلي سوق العمل في البلد المضيف، و الحق في استخدام مرافق الدولة المضيفة، و الحق في تحقيق وحدة أسرة اللاجئ و تجميعهم في البلد المضيف، و بعد فترة يحصل اللاجئ أيضا علي الحق في الإقامة بشكل دائم في البلد المضيف و الحصول علي جنسية البلد.[15] كانت اتفاقية اللاجئين لعام 1951، و التي صدق عليها 145 دولة، هي الوثيقة القانونية الرئيسية التي عرفت كلمة “اللاجئين” و اعترفت لهم بحقوق قانونية تساعد علي دمجهم في المجتمعات المضيفة، و حددت للدول المصدقة عليها بعض الالتزامات القانونية تجاههم، و قد نصت الإتفاقية علي مبدأ هام، ساعد علي عملية دمج اللاجئين في المجتمعات المضيفة، و هو مبدأ “عدم الإعادة القسرية” الذي يكفل للاجئين حقهم في عدم العودة مرة أخري إلي بلد يواجوهون فيها خطراً، أو تهديداً علي حياتهم و حريتهم، بشكل إجباري، و قد تم تشكيل “مفوضية حقوق اللاجئين” التابعة للأمم المتحدة عام 1951، لتعمل علي تنفيذ المبادئ المتفق عليها في اتفاقية 1951 و بروتوكول 1967.[16]

و أما البعد الإقتصادي، فيتمثل بشكل أساسي في دمج اللاجئين في سوق عمل البلد المضيف، و تشير الدراسات إلي أنه عادة ما يواجه اللاجئون بعض الصعوبات في دخول سوق عمل البلد المضيف، و في الحصول علي أجر عادل و مناسب لطبيعة العمل إذا ما تمكنوا من الحصول علي وظيفة، حيث يتسم متوسط أجر اللاجئين العاملين بالانخفاض عن نظيره لسكان البلد الأصليين. و قد أظهر”المسح لوطني للتعويضات” الصادر عن مكتب الإحصاء العمالي في وزارة العمل الأمريكية، أن متوسط أجر العامل اللاجئ في الولايات المتحدة لعام 2012 هو 9.27 دولار للساعة، بينما يبلغ متوسط أجر العامل من السكان المحليين 21.29 دولار للساعة، و هو بلا شك فارق كبير، و في بعض الأحيان يعود الفارق في الأجور إلي ضعف مهارات و خبرات اللاجئين مقارنة بمهارات السكان الأصليين، حيث عادة ما يهاجر اللاجئون من بلاد ذات أحوال اقتصادية و اجتماعية متدنية إلي بلاد مضيفة أكثر تطوراً و استقراراً، و عادة ما يميل اللاجئون إلي العمل سويا في أعمال خاصة بهم، و لا يتجه كثير من الموظفين و أصحاب الأعمال إلي توظيفهم، لذا فإن دمجهم في سوق العمل مع السكان الأصليين هو أحد العوامل الهامة لدمجهم في المجتمع.[17]

أما البعد الاجتماعي فيرتكز علي دمج اللاجئين في المجتمع المضيف بحيث يصبحون جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، مع المحافظة علي هويتهم القومية، و ثقافتهم و عاداتهم الأصلية. و هذه العملية لا تعتمد علي المجتمع المضيف وحده، لكن علي اللاجئين أنفسهم أيضا. فيتأثر الدمج الإجتماعي بعدة عوامل، بعضها يتعلق باللاجئ نفسه كمدي استعداده للتأقلم مع الأوضاع الجديدة في البلد المضيف، و الطريقة التي غادر بها اللاجئ بلده و التي يكون لها تأثير نفسي كبير عليه، و موقفه القانوني في البلد المضيف. بالإضافة إلي العوامل المتعلقة بالبلد المضيف، و مدي تقبل سكانه الأصليين للاجئين و استعدادهم لدمجهم معهم في مختلف المجالات سواء كان مجال العمل، أو في المدارس، أو المحيط السكني أو حتي العلاقات الشخصية.[18]

رابعاً: الإطار النظري للدراسة:

تستند الدراسة إلي نظرية “الإندماج المجتمعي”  ل”إيميل دوركايم” التي ناقشها في كتابه “تقسيم العمل في المجتمع” عام 1892. و اعتبر دوركايم في نظريته أن المجتمع هو نتاج الوعي الجماعي للناس، و أن الطريقة التي نفكر و نشعر و نتصرف بها تتأثر بالمجتمع حولنا، و قد قسم دوركايم الإندماج إلي مستويين، الأول هو “التضامن الميكانيكي” و هو الذي يربط أفراد المجتمعات الصغيرة و البدائية كالقبائل مثلا، و في هذا المستوي من الاندماج فإن ما يربط أفراد المجتمع هو صلات القرابة و العادات المشتركة و تشابه أفراده إلي حد كبير، أما المستوي الثاني فيعرف ب”التضامن العضوي”، و هو يحدث في المجتمعات الأكثر تطورا و تعقيدا، و أرجع دوركايم سبب الاندماج في هذا المستوي إلي “التواقف”، و اعتماد أفراد المجتمع علي بعضهم البعض، خاصة في مجال العمل، مما يضطرهم إلي الاندماج سوياًK و يري “دوركايم” إن عدم تحقيق الاندماج المجتمعي يؤدي إلي ما يعرف ب”الاغتراب”، و عدم الشعور بالانتماء، و هو ما يؤدي إلي حدوث الانقسامات و النزاعات في المجتمع.[19]

خامساً: فرضية الدراسة:  

تفترض الدراسة أنه كلما تشابهت الخلفية الثقافية والحضارية و التاريخية و الدينية و اللغوية للاجئين مع السكان الأصليين في البلد المضيف لهم زادت فرص اندماجهم في المجتمع بشكل أسهل و في مدة زمنية أقصر من اللاجئين الذين لا يجمع بينهم و بين السكان الأصليين في البلد المضيف وحدة في الثقافة أو الحضارة أو التاريخ أو الديانة أو اللغة. (فرضية سببية طردية)

سادساً: الإطار المفاهيمي:

تحتوي الدراسة علي عدد من المصطلحات التي سيتم تكرارها بشكل ملحوظ، لذا يتم تعريفها:

 ١) اللاجئ: وفقا لتعريف مفوضية  اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، فإن اللاجئ هو الشخص المكره علي مغادرة بلده، هربا من العنف أو الحرب أو تعرضه للاضطهاد بسبب عرقه، أو دينه، أو جنسيته، أو توجهاته السياسية، و في أغلب الأحيان لا يتمكن اللاجئ من العودة إلي وطنه مرة أخري، و يعد العنف الطائفي، و الحروب العرقية و القبلية أهم الأسباب وراء هجرة اللاجئين. [20]

 

٢)  عملية دمج اللاجئين في المجتمع: هي عملية تقوم بها الدولة المضيفة بدمج اللاجئين مع السكان الأصليين، بحيث يصبحون جزءاً من المجتمع، استنادا علي أن اللاجئين لن يتمكنوا من العودة إلي أوطانهم مرة أخري و سيقيموا في البلد المضيف إلي ما لا نهاية، لذا تعمل الدولة المضيفة علي دمجهم في المجتمع كحل لمشكلتهم. و تتكون العملية من ثلاث أبعاد: بعد قانوني، و بعد اقتصادي، و بعد اجتماعي، و تتطلب عملية الدمج مجتمعات مرنة و مرحبة باللاجئين، و مؤسسات عامة قادرة علي تلبية حاجات اللاجئين علي اختلافهم، و لاجئون قادرون علي التأقلم مع المجتمع و الأوضاع الجديدة، دون التخلي عن هويتهم الأصلية. [21]

سابعاً: الإطار الزمني و المكاني:

تركز الدراسة علي الحالة المصرية، منذ عام 1983 و هو يمثل بداية وفود اللاجئين الأفارقة إلي مصر، و حتي الان.

 

ثامناً: تقسيم الدراسة:

  • المبحث الأول: ملابسات اللجوء……………………………………………………… ١٠
  • المبحث الثاني: عقبات اللجوء………………………………………………………… ٢٠
  • المبحث الثالث: مقارنة بين مدي اندماج اللاجئين الأفارقة و اللاجئين السوريين في الوقت الراهن في المجتمع المصري…………………………………………………………………… ٢٨
  • خاتمة………………………………………………………………………………….. ٣٥

 

المبحث الأول :ملابسات اللجوء

يتناول هذا المبحث ملابسات نزوح اللاجئين إلي مصر، حيث يناقش موضوعين أولهما ملابسات و ظروف هجرة اللاجئين الأفارقة إلي مصر، بينما يتناول الثاني ملابسات هجرة اللاجئين السوريين إلي مصر.

أولاً: ملابسات هجرة اللاجئين الأفارقة إلي مصر.

يشكل لاجئو السودان و الصومال الفئة الأكبر من اللاجئين الأفارقة الموجودين بمصر، ثم بعد حروب “القرن الأفريقي”، كحروب إثيوبيا و إريتريا زاد توافد اللاجئين الأفارقة من جنسيات مختلفة علي مصر منذ عام 1990، لذا سيركز هذا الجزء بشكل أساسي علي ملابسات لجوء كل من لاجئي السودان و الصومال.

١) الحرب الأهلية في السودان:

تعتبر الحرب الأهلية السودانية هي الأطول في تاريخ الحروب الأهلية الأفريقية، والتي نتج عنها ملايين القتلي و اللاجئين، و يمكن إرجاع نشوب الحرب الأهلية السودانية إلي أسباب عديدة، لا يصح اختزالها في الصورة النمطية المأخوذة عنها و هي الصراع الديني بين المسلمين في شمال السودان و المسيحيين في جنوبه، حيث توجد أسباب أخري لا تقل أهمية، كالصراع علي الموارد المختلفة من أرض و موارد مائية و غيرها، و الصراع علي السلطة. لقد استنزفت تلك الحرب، و التي امتدت ل37 عاما، موارد السودان و أعاقت قدرته علي التطور.

حصل السودان علي استقلاله عام 1956، و علي الرغم من أن الحكومة البريطانية عملت علي تمرير نظام حكمها التعددي الديموقراطي إلي حكومة السودان، إلا أنها تجاهلت مطالب الجنوب بتحويل نظام الحكم إلي النظام الفيدرالي،و الذي يمنح الجنوب بعض الاستقلال و الحكم الذاتي في إطار دولة موحدة، و كان من الممكن أن يضع حل الدولة الفيدرالية نهاية لكثير من الصراعات، حيث أن النسيج المجتمعي السوداني شديد التعدد، يضم ما يقارب من 572 قبيلة و به حوالي 114 لغة معترف بها، و منح تلك القبائل المختلفة بعض من الصلاحيات و الاستقلال كان سيقلل الصراعات فيما بينها بلا شك.

تطور غضب أهالي جنوب السودان من رفض مطلبهم إلي حرب عصابات شرسة شنها جيش التحرير التابع للجنوب و المعروف باسم “الأنيانيا” أو “سم الثعبان الأسود” بالعربية، نتج عنها ما يقارب من 50 ألف قتيل، و أدرك رئيس السودان حينها “جعفر النميري” أن الانتصار في حرب العصابات أمر يكاد يكون مستحيلاً، لذا عمل علي إنهاء هذه الحرب بمنح جنوب السودان حكما ذاتيا عام 1973 فيما عرف ب”إتفاقية أديس أبابا”. و بالرغم من استمرار السلام بين الشمال و الجنوب من بعد إعلان النميري لمدة 10 سنوات، إلا أن السنوات تلك شهدت مشاكل جسيمة و عدم استقرار في الجنوب نتيجة لعدم قدرة أهل الجنوب علي إدارة أوضاع إقليمهم و تجاهل الشمال لهم.[22]

لكن كما أشرنا مسبقا، فإن النزاع بين الإقليمين الشمالي و الجنوبي له أسباب عديدة، و علي رأسها الصراع علي الموارد إذ يقع الجزء الأكبر من موارد الدولة السودانية، من نفط و معادن و موارد مائية وتربة خصبة  في إقليمها الجنوبي، و يمكن استنتاج أن اهتمام الأقليم الشمالي بتبعية الإقليم الجنوبي له و عدم انفصاله تماما و إن حصل علي حكم ذاتي يرجع بالأساس للاستفادة من تلك الموارد، و لم يهتم الأقليم الشمالي باستقرار الجنوب أو مساعدته علي التطور و إدارة أوضاعه، طالما أنه يستفيد من الموارد في كل الأحوال.

لعبت الهوية العربية الإسلامية للإقليم الشمالي دورا كبير في تعزيز الفجوة بينه و بين الإقليم الجنوبي،  حيث اختارت الدولة أن تتبني الهوية العربية الإسلامية بشكل منغلق، و عملت علي تهميش العناصر التي لا تنتمي لتلك الهوية و عدم تمثيلها في نظام الحكم، و لم تسمح لهذه العناصر المغايرة أن يكون لها دور قفي تقرير مصير السودان عقب حصوله علي الاستقلال، كما عمل الاستعمار الإنجليزي للسودان علي توسيع الفجوة بين الشمال و الجنوب، حيث كان اهتمامه دائما منصباً علي شمال السودان دون جنوبه.[23]

كان فرض جعفر النميري لقانون الشريعة الإسلامية علي إقليمي السودان الشمالي و الجنوبي عام 1983  سببا في تجدد اشتعال الحرب الأهلية بينهما مرة أخري و التي تسببت في مقتل أكثر من 150 ألف شخص[24]، و استمرت الحرب منذ حينها و حتي 2005 حين تم التوصل إلي اتفاقية سلام بين الإقليمين، برعاية هيئة دولية مكونة من ثمان دول، عرفت باسم “الهيئة الحكومية-الدولية للتنمية” و نصت اتفاقية السلام علي حق جنوب السودان في تقرير مصيره، لكنها أيضا شجعت علي عدم تقسيم السودان، و منحت الجنوب حكما ذاتيا لمدة خمس سنوات من أجل منح كل من الإقليمين الشمالي و الجنوبي فرصة للتوحد مجدداً، و استمرت المفاوضات بين الشمال و الجنوب حتي انتهت بإعلان الجنوب انفصاله عن الشمال عام 2011 بعد استفتاء شعبي.[25]

احتفالات الأهالي بمدينة “جوبا” بالسودان الجنوبي عقب حصوله علي الاستقلال في يوليو 2011- صورة لBBC

٢) الحرب الأهلية في الصومال:

في القرن التاسع عشر كان هناك تنافس كبير بين الدول الاستعمارية في السيطرة علي الصومال، انتهي بتقسيم الصومال إلي منطقة تتبع الحكم الإيطالي، و هي الجزء الأكبر من الصومال، أما الشمال الغربي للصومال فيتبع الحكم الإنجليزي، و في عام 1960 حصل كل من الصومال الإيطالي و الصومال الإنجليزي علي استقلالهما، و سرعان ما توحدا ليكونا الجمهورية الصومالية الموحدة.

ثم شهد الصومال إنقلابا عسكريا عام 1969، تمكن من خلاله “محمد سياد بري” من الاستيلاء علي الحكم، بعد إغتيال الرئيس حينها “عبدالرشيد علي شارماركي”. و ما إن وصل بري إلي الحكم حتي قام باعتقال جميع أعضاء الحكومة السابقة، و قام بحظر جميع الأحزاب السياسية، و حل البرلمان و المحكمة العليا، و عطل العمل بالدستور، كما أعلن بري أيضا تحول الصومال إلي دولة اشتراكية، و قام بتأميم معظم قطاعات الاقتصاد، و حول اسمها إلي “جمهورية الصومال الديموقراطية”. لقد زرعت فترة حكم بري بذور الحرب الأهلية في الصومال، حيث كان عهده هو بداية ظهور الولاءات العشائرية و الانقسامات كسمة أساسية للسياسة الصومالية، و ميز بري أفراد عشيرته “المريحان” عن باقي العشائر الأخري، و عمل علي تجنيد أعداد كبيرة منهم في الجيش لضمان ولائهم، و انتهك بري أيضا القواعد القبلية، حيث سمح لقواته بالاعتداء علي ممتلكات القبائل الأخري و الاستيلاء عليها دون أدني خوف من المسئولية و العقاب، و هو ما اعتبر اعتداءً سافراً علي قواعد و قوانين القبلية في الصومال، و اشعل نار الكراهية و العدوان بين القبائل لتورط بري في عدد من انتهاكات حقوق الإنسان التي جاء علي رأسها اتسام فترة حكمه بالقمع و الديكتاتورية، و اعتقال و تعذيب معارضيه، و أعلن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أن فترة حكم بري شهدت أسوأ اعتداءات علي حقوق الإنسان شهدتها أفريقيا. كما اتهم نظام بري بممارسة الإرهاب و الجرائم الممنهجة ضد عشيرة “إسحاق” الموجودة بشمال الصومال، و أسفرت حرب العصابات التي نشبت بين حكومة بري و بين “الحركة الوطنية الصومالية” المدعومة من قبيلة إسحاق، عن مقتل ما يقارب 60 ألف شخص في الفترة بين 1988 و 1991.[26]

و في عام 1991، تمت الإطاحة بمحمد بري من الحكم، علي يد “المؤتمر الصومالي المتحد”، و هي جماعة متمردة تكونت من عشيرة “هاويي”، و كانت الإطاحة ببري هي البداية الفعلية للحرب الأهلية الصومالية، و التي امتدت منذ حينها و حتي الآن، بين العشائر المتنافسة و السلطة المركزية المنحلة، و حاولت الأمم المتحدة تهدئة الصراع عن طريق إرسال قوات لحفظ السلام ولكنها فشلت، و أعلنت “أرض البونت” بشمال الصومال استقلالها عام 1991.

تدهورت الأوضاع في الصومال نتيجة لأسباب عديدة، منها انتشار القراصنة في أرض البونت، الذين يعترضون  طرق الملاحة القريبة من الساحل الصومالي و يشكلون خطرا كبيرا علي الملاحة الدولية، و ازدياد نفوذ بعض الميليشيات الإسلامية و نجاحها في السيطرة علي “مقدشيو” و أجزاء أخري من جنوب الصومال. و ظهور جماعة “الشباب المجاهدين” الإرهابية، و سيطرتها علي وسط و جنوب الصومال، مما نتج عنه تدخل عسكري من كينيا في الصومال عام 2011. [27]

 ٣) ملابسات اللجوء:

تسببت الحرب الأهلية في السودان عام 1983 و ما نتج عنها من تدهور للأحوال المعيشية و انتهاكات لحقوق الإنسان في هجرة أعداد كبيرة من اللاجئين بشكل جماعي إلي الدول المجاورة، كأوغندا و كينيا و إثيوبيا و مصر. بالإضافة إلي تهجير أعداد كبيرة من السكان من بيوتهم قسرياً إلي مناطق أخري داخل الحدود السودانية، و كان اختيار عدد كبير من اللاجئين لمصر كبلد مضيف لهم يرجع إلي عوامل عدة، منها القرب الجغرافي و سهولة السفر، و منها أيضا الروابط التاريخية القديمة بين البلدين، حيث أن السودان كانت تعتبر جزءاً من الأراضي المصرية عند وقوعهما تحت الاحتلال البريطاني، و يعيش بمصر الآن ما يقارب من ال5 مليون لاجئ سوداني، و إن كان عدد اللاجئين المسجلين رسميا في مفوضية الأمم المتحدة للاجئين التابعة لمصر أقل بكثير، ولا يتجاوز 15 ألف لاجئ، و 18 ألف طالب للجوء.[28]

أما بالنسبة لأبناء الصومال، فقد كانت مصر حاضنة لهم من قبل نشوب الحرب الأهلية هناك بأكثر من عقدين، حيث انه في سيتينات و سبعينات القرن الماضي هاجر عدد كبير من أبناء الصومال إلي القاهرة طلبا للعلم، و سجلوا في المدارس و الجامعات المصرية. و باشتعال الحرب الأهلية الصومالية عام 1991، تضاعفت أعداد المهاجرين الصوماليين إلي مصر، هربا من أوضاع الحرب القاسية و بحثا عن فرص معيشية أفضل، كما انتقل عدد من اللاجئين الصوماليين إلي دول أخري مجاورة، كليبيا و السعودية و اليمن،[29] و يقدر عدد اللاجئين الصوماليين علي الأراضي المصرية حاليا حوالي 6,300 لاجئ و 1,800 طالب للجوء.[30]

ثانياً: ملابسات هجرة اللاجئين السوريين إلي مصر.

لكي نتمكن من فهم ملابسات هجرة اللاجئين السوريين إلي مصر، لا بدمن فهم ملابسات اشتعال الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، و جذورها التي امتدت قبل هذا التاريخ بعدة عقود.

١) جذور الأزمة، نظام حافظ الأسد:

إن الدولة السورية دولة ذات طبيعة خاصة تقوم علي التعددية العرقية و الدينية، فالديموغرافيا السورية تشمل مسلمي السنة العرب، و مسلمي الشيعة العرب، و المسيحيين العرب، و الأكراد المسلمين، و الأكراد الدروز، و قلة من اليهود، و السوريين لأب أو أم فلسطينية، و يعتبر الاسلام هو الديانة الرسمية في سوريا، بنسبة 87% من إجمالي عدد سكانها، 74% منهم من السنة، و 13% من الشيعة، الذين ينقسمون بدورهم إلي شيعة علويين و شيعة إسماعيليين، و تأتي الديانة المسيحية في المركز الثاني بنسبة 10% من إجمالي عدد السكان، تليها الديانة الدرزية بنسبة 3% ، ثم الديانة اليهودية في المرتبة الأخيرة، حيث يتركز عدد بسيط من اليهود في دمشق و حلب.[31]

قد يعتقد البعض أن نظام بشار الأسد هو السبب الوحيد في اشتعال الأزمة السورية عام 2011، و هذا اعتقاد خاطئ، حيث أن بذور الأزمة السورية تعود إلي عام 1970، في فترة حكم “حافظ الأسد”، و قد ولد حافظ الأسد لأسرة تنتمي إلي الأقلية الشيعية العلوية في مدينة “قرداحة” التابعة لمحافظة “اللاذقية”،   انضم الأسد إلي الجناح السوري ل”حزب البعث” كناشط طلابي عام 1946، ثم دخل أكاديمية “حمص” العسكرية، و تخرج منها كطيار للقوات الجوية. أصبح الأسد قائدا للقوات الجوية عند وصول حزب البعث إلي السلطة عام 1963، ثم شارك في انقلاب اطاح بالقيادة المدنية للحزب، ليصبح بعدها وزيرا للدفاع عام 1966و ظل في هذا المنصب حتي وقعت هزيمة سوريا أمام اسرائيل في حرب الستة أيام عام 1967، و التي نتج عنها فقدانها منطقة “الجولان” السورية لصالح إسرائيل، و دخل الأسد بعد ذلك في صراع علي السلطة مع “صلاح الجديد”، رئيس أركان القوات المسلحة، انتهت باعتقال الأسد للجديد و عدد من أعضاء الحكومة عام 1970، و تعيين نفسه رئيسا للوزراء في العام نفسه، ثم انتخابه كرئيس للجمهورية السورية عام 1971.[32]

كانت هزيمة سوريا أمام إسرائيل و فقدانها منطقة الجولان سببا في اشتعال النعرة القومية الراغبة في تحرير الأراضي السورية، و التي استغلها الأسد في تحويل نظام الحكم السوري إلي نظام سلطوي، تتركز السلطة فيه في يد الحاكم، و ساعده علي تحقيق ذلك ولاء جزء كبير من أفراد الجيش له، و اعتمد النظام الجديد الذي أسسه الأسد علي نفس أيديولوجية القومية العربية، المضادة للغرب، و هي نفس الأيديولوجية التي قام عليها حزب البعث، و تبني شعار “وحدة..حرية..اشتراكية”. و علي الرغم من أن الشيعة العلويين يشكلون أقلية بسيطة من المجتمع السوري، لا تتجاوز ال10% من إجمالي عدد السكان هناك، إلا أنهم منذ حكم حافظ الأسد أصبحوا مهيمنين علي الحكومة و الجيش السوري، و نتيجة لعدم اعتراف مسلمي السنة بالطائفة العلوية فإن هيمنة الطائفة علي أرقي و أهم المناصب في سوريا نتج عنها غضب و تمرد كبير من الأغلبية السنية، و عداء عام للنظام، و دعم الغضب من نظام الأسد أيضا تفشي الفساد في حكومته، و سياسته الاقتصادية التعسفية مع الشعب، و حالة الركود الاقتصادي التي شهدتها سوريا في أواخر الثمانينات، و ما نتج عنها من تدهور الأوضاع الاجتماعية و تضرر الطبقة الوسطي بشكل كبير، ثم جاء انهيار أكبر حلفاء سوريا، الاتحاد السوفيتي، عام 1990 ليزيد الأوضاع سوءاً، حيث فقدت سوريا مصدر دعمها الاقتصادي و العسكري الأساسي، و اضطرت إلي أن تتنازل عن موقفها المتشدد تجاه إسرائيل الذي تبناه الأسد كأحدد أسس نظام حكمه، و اضطر الأسد للجوء إلي أمريكا و فتح باب الاستثمارات الأجنبية لتعويض الدعم المادي المفقود، و منح القطاعات الخاصة حقوق احتكار لبعض الصناعات، كما أجبر الأسد نتيجة لاستعانته بأمريكا علي الدخول في مفاوضات سلام مع إسرائيل، ليزيد من انعدام ثقة الشعب في النظام و عدائه له. [33]

ثم كانت القشة التي قسمت ظهر البعير هي “مجزرة حماة” عام 1982، التي بلغ فيها العداء بين النظام و الأغلبية السنية، و جماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة أوجه، فبعد محاولة فاشلة لاغتيال الأسد، اتهم جماعة الأخوان المسلمين بتدبيرها، قام الأسد بحشد قواته العسكرية و تسليحها بالأسلحة الثقيلة و تدعيمها بالسلاح الجوي من أجل قصف مدينة “حماة” و كانت مركز تجمع للجماعة، و بدأ العدوان علي حماة في الثاني من فبراير عام 1982، و استمر القصف العشوائي أربع أسابيع متواصلة، مع إغلاق جميع منافذ الخروج أمام الأهالي المحاولين الفرار من المجزرة. و مازال عدد الضحايا الناجمين عن هذا العدوان السافر محل خلاف، لكنه يقدر بين 7 الاف و 40 ألف قتيل.[34]

و بالطبع لا نستطيع أن نجزم أن تلك الأسباب هي السبب في اندلاع الحرب الأهلية في سوريا عام 2011 تحت حكام “بشار الأسد” الذي تولي الحكم عقب وفاة أبيه، و لكن بلا شك يمكن ارجاع وجود خلافات جذرية، تصل حد العداوة، بين الأغلبية السنية و الأقلية العلوية إلي فترة حكم حافظ الأسد.

٢) نظام بشار الأسد و اندلاع الحرب الأهلية عام 2011:

بعد وفاة حافظ الأسد عام 2000، ورث ابنه “بشار” رئاسه الجمهورية السورية، و قد عمل بشار الأسد علي تطوير نظام أبيه السلطوي و تحويله إلي ما يعرف ب”السلطوية الحديثة”، و نجح بشار في تحقيق تنمية اقتصادية ملحوظة و غير مسبوقة في سوريا، لكن المستفيدين الأساسيين من هذه التنمية كانوا من أبناء الطبقة العليا و أفراد الجيش، بينما تسببت هذه التنمية أيضا في توسيع الفجوة بين أبناء الطبقة العليا، و أبناء الطبقتين المتوسطة و السفلي، و نجم عنها آثار سلبية بالغة علي مستوي معيشتهم و رفاهتهم الاجتماعية، كما نتج عن هذه التنمية الاقتصادية إعادة هيكلة القاعدة الاجتماعية للمجتمع السوري، حيث زاد تأييد الجيش و الرأسماليين من رجال الأعمال و غيرهم للنظام الحاكم و التفافهم حوله، بينما بدأت أصوات المعارضة ضد النظام تعلو من الطبقة الوسطي و التكنوقراط، الذين بدأوا يكشفون الستار عن فساد النظام الحاكم و حزب البعث، من تركيز موارد الدولة و ثرواتها في يدهم وحدهم، و انعدام المساواة خاصة مع خفض الأسد الإنفاق علي برامج  الدعم و التنمية الإجتماعية، بالإضافة إلي تدهور البنية التحتية للدولة و الذي نتج عنه تفاقم نسبة الفقر، حيث أن فشل شبكات المياه المتهالكة في دعم  قطاع الزراعة بسوريا نتج عنه تدهور هذا القطاع بشكل ملحوظ و ازدياد أعداد المهاجرين من الريف إلي المدن، مؤديا إلي ارتفاع نسبة الفقر في سوريا بنسبة 10% في الفترة بين 2005 و 2011.

في عام 2003، و مع احتلال الولايات المتحدة للعراق و تأييد الأسد للعراق و رفضه القاطع هذا الإحتلال، تم استقطاب النظام السوري مرة أخري إلي الصراع الطائفي الذي نشأ في عهد حافظ الأسد، حيث أن تأييد النظام للعراق للاستقلال بني علي أساس طائفي، و كان بالأساس تأييدا لشيعة العراق، مما أعاد تسيس الهوية الوطنية السورية، و زاد من العنف الطائفي، و نتج عنه بطبيعة الحال زيادة السخط و المعارضة للنظام.

و مع أنه كان من المنطقي و العقلاني أن يعمل الأسد الإبن علي احتواء غضب الشعب من نظامه و تحويل نظامه إلي نظام أكثر تعددية يحتوي جميع طوائف الشعب، إلا أن رد الأسد كان علي عكس المتوقع، حيث قابل الغضب و المعارضة بالمزيد من القمع و العنف، و هو ما فاقم الأمور و زادها سوءاً.[35]

٣) الحرب الأهلية السورية (2011-الآن):

كان تفجير الثورات في كل من تونس و مصر، و ما شهدتاه من نجاح في عزل كل من “زين العابدين بن علي” رئيس تونس، و “محمد حسني مبارك” رئيس مصر حينها، حافزا للشعب السوري للانقلاب علي نظام حكم الأسد الإبن، ضمن سلسلة من الثورات التي عرفت ب”الربيع العربي”.

كانت مدينة “درعا” هي شرارة الثورة، حيث انطلقت مجموعة من المتظاهرين منها في الخامس عشر من مارس 2011، احتجاجا علي اعتقال و تعذيب مجموعة من الشباب الذين قاموا بكتابة عبارات ثورية علي جدران أحد المدارس، و اعتمد الأسد علي تأييد الجيش و قوات الأمن، و أغلب عناصرهم من العلويين الموالين له، و كانت ردة فعل قوات الأمن علي المتظاهرين شديدة العنف، حيث قامت بإطلاق النيران عليهم و إسقاط عدد كبير من القتلي، و أجج موقف قوات الأمن الأزمة، و أشعل الثورة في باقي بقاع سوريا، و لم تفلح استراتيجية قوات الأمن في التعامل العنيف و المسلح مع الثوار في إثنائهم عن هدفهم، بل دفعتهم تدريجيا إلي تسليح أنفسهم، و كان الغرض من التسلح في بادئ الأمر صد هجمات قوات الأمن علي المتظاهرين، ثم تحول الغرض وراء التسلح إلي الهجوم علي قوات الأسد من أجل تحقيق انتصارات عسكرية عليها و طردها من مناطقها المحلية. و  قد كان تسلح المتظاهرين علامة فارقة في مسار الثورة السورية، و بداية تحولها من ثورة سلمية إلي حرب أهلية مسلحة.[36]

كان لدخول “الدولة الإسلامية في الشام و العراق” التي تعرف باسم “داعش” كطرف في النزاع السوري، أثرا بالغ السلبية علي تعقد النزاع، فداعش، و هي جماعة إرهابية سنية مسلحة ، أعلنت نيتها في إعادة دولة الخلافة علي الأراضي السورية و العراقية، باعتبارها المقر التاريخي لدولة الخلافة و مركز قيادة العالم الإسلامي قديما، و أضاف ظهور داعش كطرف مسلح في النزاع بعدا طائفيا عليه، فبعد أن كانت التظاهرات بالأساس هي احتجاج من المتظاهرين علي فساد حكومة الأسد، اكتسب الصراع بعدا طائفيا، حيث أصبح صراعا بين قوات الأسد العلوية و قوات داعش السنية.

ثم ظهر الطرف الثالث في هذا النزاع المعقد ليزده تعقيدا، و هو المجتمع الدولي، حيث أنقسم المجتمع الدولي في موقفه تجاه النزاع السوري، فبعض الدول كالولايات المتحدة الأمريكية و المملكة المتحدة و فرنسا و دول الخليج و علي رأسها السعودية أعلنت اعترافها بالائتلاف الوطني المعارض، و المكون من عناصر متمردة، كممثل رسمي للشعب السوري، و أصبحت تعارض نظام الأسد و تدعم المتظاهرين في التخلص منه. بينما اتخذت دول أخري كروسيا و إيران و تركيا موقفا معارضاً بشدة للجماعات الإسلامية هناك، و تختلف أسباب الدول في تبنيها هذا الموقف، فيرجع تأييد إيران مثلا لنظام الأسد لاعتبارات مذهبية بالأساس و هي الصراع السني/ الشيعي، بينما يرجع تأييد روسيا إلي مصالحها الإستراتيجية في سوريا من ثم الشرق الأوسط، أما تركيا فيتأرجح موقفها بين التأييد و المعارضة وفقاً لمصالحها و قد لعب الخوف من امتداد الأثر الثوري للكرد المقيمين بإقليمها و مطالبتهم بالإنفصال دوراً مهماً في تشكيل الموقف التركي.[37]

و ظلت تلك التدخلات غير مباشرة حتي استخدام قوات الأسد الأسلحة الكميائية عام 2013،  من ثم بدأت التدخلات تتخذ شكلا  مباشرا، و جرت نقاشات  تشاورية بين الولايات المتحدة و روسيا و ممثلين لنظام الأسد حول الوضع في سوريا، و تحول المجتمع الدولي من حينها لطرف فعال و مؤثر في الصراع.[38]

صورة توضح تدمير  مدينة حلب السورية نتيجة للحرب الأهلية هناك- صورة ل Reuters

٤) ملابسات اللجوء:

تشير تقارير الأمم المتحدة إلي أن عدد قتلي الصراع السوري بلغ 90 ألف قتيل في عام 2013، ثم ارتفع ليصل إلي 250 ألف قتيل عام 2015. و مع تدهور الأوضاع الإنسانية في سوريا، و استمرار القتال بين قوات الأسد من جانب و الجماعات المسلحة المعارضة من جانب آخر، و الأطراف الدولية المعنية من جانب ثالث، بالإضافة إلي جرائم الحرب و اتهام نظام الأسد باستخدام أسلحة كيميائية، اضطر ما يقرب من 4.5 مليون سوري إلي مغادرة بلادهم و التوجه إلي البلاد المجاورة، و علي رأسها لبنان و الأردن و تركيا، كما توجه ما يقارب ال10% من اللاجئين السوريين إلي الدول الأوروبية، و هذا بالإضافة إلي 6.5 مليون سوري مهجرين قسريا من منازلهم لكن داخل الحدود السورية، و تشير تقارير الأمم المتحدة إلي أن الأوضاع الإنسانية للاجئين شديدة السوء، ف70% منهم لا يحصلون علي مياه شرب كافية، و واحد من أصل ثلاث لاجئين سوريين لا يحصل علي حاجته الأساسية من الغذاء، و أكثر من 2 مليون من أطفال اللاجئين السوريين مسربين من التعليم، و أربعة من أصل خمس لاجئين سوريين يعيشون تحت خط الفقر، و هي أوضاع بالغة السوء بلا شك،[39]و تشير تقارير مفوضية الأمم المتحد لشئون اللاجئين أن عدد اللاجئين السوريين المقيمين علي الأراضي المصرية الآن يقدر بحوالي 122،228 ألف لاجئ.[40]

المبحث الثاني :عقبات اللجوء

علي الرغم من تصديق مصر علي عدد من الاتفاقيات المتعلقة بحقوق اللاجئين، كاتفاقية حقوق اللاجئين عام 1951، و البروتوكول الخاص بها عام 1967، و علي الرغم من كون مصر عضوا في منظمة “الإتحاد الأفريقي” و “جامعة الدول العربية” و هو ما يجعل بينها و بين اللاجئين الأفارقة و السوريين روابط وثيقة، و توقيعها و تصديقها علي الاتفاقية المتعلقة بمشاكل اللاجئين في أفريقيا، و هو ما ألزم مصر بفتح أبوابها أمام اللاجئين و منحهم الحماية و حقوقهم المنصوص عليها في هذه الإتفاقيات، إلا أن الحكومة المصرية قد وضعت بعض القيود و الاشتراطات لتوقيعها علي إتفاقية شئون اللاجئين عام 1951، و هي قيود منحت مصر الحق في إعتبار اللاجئين كأجانب، و بالتالي يتم إستثناؤهم من بعض الحقوق التي يتم منحها إلي المواطنين الأصليين، و قد أثرت تلك القيود سلبيا علي مختلف جوانب حياة اللاجئين في مصر، كالتعليم و الصحة العمل و غيرها، كعدم أحقية اللاجئين في الحصول علي التعليم الحكومي بشكل مجاني (و هو ما حدثت بشأنه بعض الإستثناءات في الحالة السورية كما سنشير لاحقا)، و عدم أحقيتهم في التمتع بالتأمين الصحي الحكومي، و إخضاع مسألة عملهم إلي القانون المصري المحلي المنظم لعمل الأجانب في مصر ، رقم (137/1981)، و الذي يجعل حصول اللاجئين علي تصاريح لمزاولة العمل بشكل رسمي في مصر أمراً غاية في الصعوبة، نتيجة للإجراءات البيروقراطية المعقدة، و التكلفة الباهظة للحصول علي تصريح رسمي للعمل، و عدم حماس عدد كبير من أصحاب الأعمال لتوظيف اللاجئين.[41]

و يتناول هذا المبحث العقبات التي تواجه كلاً من اللاجئين الأفارقة و اللاجئين السوريين المقيمين علي الأراضي المصرية، و قد تم عمل مقابلات مع عدد من اللاجئين المتوافدين علي هيئة “كير” الدولية، لمعرفة العقبات و المشاكل التي تواجههم.

أولاً: العقبات التي تواجه اللاجئين الأفارقة بمصر.

في ديسمبر عام 2005، اعتصم حوالي ألفي لاجئ سوداني أمام مقر مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين بميدان مصطفي محمود، احتجاجا علي أوضاعهم المعيشية السيئة و في محاولة منهم للضغط علي الأمم المتحدة لإعادة توطينهم في دولة أخري، و في الثلاثين من ديسمبر، هاجمت قوات الأمن المصرية الاعتصام بالمدافع المائية، متسببة في مقتل 23 لاجئ و إصابة حوال 50 منهم، و تمكنت القوات من فض الاعتصام، و اتهمت السلطات المصرية اللاجئين بأنهم السبب الأساسي في اضطرار القوات لاستخدام العنف لرفضهم التفاوض بشكل سلمي، و صرحت المصادر الرسمية أن سبب الوفيات و الإصابات لم يكن بسبب قوات الأمن، لكن بسبب التدافع و محاولة الفرار الجماعي، و هو ما نفاه عدد من الشهود و الصحفيين و المصورين الموجودين بمقر الاعتصام حينها، و الذين أكدوا استخدام قوات الأمن المصرية القوة المفرطة مع اللاجئن من أجل فض الإعتصام، و أكد عدد من المسئولين العاملين ب”مركز الجنوب” السوداني لمراقبة حقوق الإنسان أن 1280 متظاهر قد تم ترحيلهم قسريا بعد الأحداث إلي مخيمات خارج القاهرة.[42]

يواجه اللاجئون الأفارقة عدد من العقبات التي تعيق قدرتهم علي الإندماج في المجتمع، من تدهر الأوضاع الأمنية و المعيشية، و التمييز العرقي، و نقص فرص العمل، و غيرها. [43] و في ما يلي، سنناقش أهم العقبات التي تواجه اللاجئين الأفارقة في المجتمع المصري.

جانب من اعتصامات اللاجئين الأفارقة أمام مقر الأمم المتحدة 2005-صورة لفيفان سلامة

 ١( قبول طلبات اللجوء المقدمة من الأفارقة:

منذ عام 2008 بدأت الدولة تضع قيودا تعسفية علي قبول طلبات اللجوء المقدمة من الأفارقة بوجه عام، و أبناء الصومال علي وجه التحديد، و قد يرجع ذلك إلي الخوف من تدهور الأوضاع الأمنية و الإقتصادية إذا توافد هؤلاء اللاجئين علي مصر، إلا أن ذلك التعسف يتسبب في ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين و اللاجئين غير المقيدين رسميا،[44]و كان قد تم القبض في عام 2014 علي ما يقرب من 3000 لاجئ سوداني، لمحاولتهم دخول مصر من غير تصاريح عبر الحدود الجنوبية السودانية، و تم اعتقال بعضهم و ترحيل البعض الآخر إلي السودان مرة أخري.[45]

٢) إنعدام الأمن و غياب القوانين التي تحمي اللاجئين:

إحدي المشاكل الكبري التي يواجهها اللاجئون الأفارقة هي انعدام الأمن، حيث عادة ما يتم استهداف اللاجئين الأفارقة من قبل مرتكبي الجرائم المختلفة كالسرقات و الإعتداءات الجنسية و الاتجار بالأعضاء البشرية و غيرها، بسبب اطمئنانهم لعدم وجود قوانين رادعة لحماية اللاجئين، و عادة ما يخشي اللاجئون التوجه إلي أقسام الشرطة للمطالبة بحقوقهم إذا وقع عليهم إعتداءات، بسبب خوفهم من أن يتم ترحيلهم، خاصة لو كانت إقامتهم في مصر دون تصاريح إقامة رسمية.[46]

٣) عدم توافر فرص عمل:

كما أشرنا مسبقا، فإن وجود قوانين تعسفية يعيق من قدرة اللاجئين بوجه عام علي استخراج تصاريح عمل و مزاولة المهن علي الأراضي المصرية، و يكون الوضع أسوأ بالنسبة للاجئين الأفارقة، حيث أن ضعف خبراتهم و قدراتهم التعليمية، بسبب أوضاع بلادهم المتردية، يجعل من إمكانية حصولهم علي وظائف ذات دخل و مكانة إجتماعية جيدة أمراً في غاية الصعوبة، و عادة ما يتم حصرهم في الوظائف الخدمية كتنظيف المنازل بالنسبة للسيدات، و أعمال الحراسة بالنسبة للرجال، و للأسف فإن نظرة المصريين الدونية لهذه الوظائف تتسبب في المزيد من المشاكل بالنسبة للاجئين كممارسة العنصرية ضدهم، و سوء المعاملة، و ضعف الأجور مما لا يكفل لهم حياة كريمة.[47]

و بمقابلة “إلهام، من مدينة كسلا” تحدثت عن المأساة التي تعيشها هي و أسرتها بسبب عدم قدرتها هي و زوجها علي الحصول علي وظيفة، و بالتالي عدم وجود مصدر دخل ثابت لأسرتها، و اضطرارهم للسكن مع أحد أقاربهم في القاهرة و الاتكال عليه في النفقات.

٤) صعوبات التعلم:

يواجه اللاجئون الأفارقة صعوبات كبيرة في التعلم في المدارس و الجامعات المصرية، فمثلا لا يسمح سوي للاجئين السودانيين فقط بالالتحاق بالتعليم الحكومي المصري )و قد تم استثناء اللاجئين السوريين من هذه القاعدة كما سنشير فيما بعد)، أما اللاجئين الأفارقة من باقي الجنسيات فلا يكون أمامهم سوي الالتحاق بمدارس اللاجئون التي تديرها المنظمات الأهلية و الكنائس، أو المدارس الخاصة و التي تكون بتكاليف مرتفعة، و تعمل الأمم المتحدة علي تقديم منح تعليمية للاجئين، تغطي ما يقارب من 80% من تكاليفهم الدراسية.

كما يواجه اللاجئون السودانيون مشاكل عند التحاقهم بالمدارس الحكومية، مثل عدم إتقانهم للغة العربية مما يسبب لهم صعوبات في التواصل مع الآخرين، و تعرض عدد كبير منهم للتمييز و المعاملة العنصرية.[48]

٥) الممارسات العنصرية:

و تعتبر الممارسات العنصرية ضد اللاجئين الأفارقة أحد أكبر المشاكل التي يواجهونها في المجتمع المصري، بسبب وجود نزعة لدي بعض المصريين، ليست متأصلة فيهم بشكل عام، لممارسة التمييز ضد الأفارقة بسبب اختلاف لون بشرتهم، ،  و بسؤال “أماني، من مدينة دارفور” عن المشاكل التي تتعرض لها هي و أبناؤها، تحدثت عن معاناتهم بشكل دائم من الممارسات العنصرية، و مضايقات بعض الشباب بمنطقتهم السكنية لها و لأبنائها، و السخرية من لونهم و لكنتهم، إلي الحد الذي وصل إلي إلقاء الحجارة علي أحد أبنائها من بعض المارة علي سبيل المزاح و نقله إلي المستشفي، و أوضحت أماني أن محاولتها للاستعانة بالشرطة ضد هؤلاء المعتدين كانت بلا فائدة، حيث أن الشرطة لم تعر شكواها أي اهتمام.

و عبرت “إيرادة” من مدينة الخرطوم عن التحرشات و المضايقات التي تتعرض لها بشكل يومي في المواصلات و الشارع و في كل مكان، و ما تسمعه من عبارات مسيئة مثل “أيها الزنوج” و “أيها العبيد” و “عودوا إلي أوطانكم، لا نريدكم معنا”.

و تحدث “ماريو” من مدينة الخرطوم عن حلمه بالعودة إلي بلده مرة أخري، حيث لا يعتدي عليه أحد في السودان و يتعرض له بالضرب و السخرية كما يحدث في مدرسته الآن من زملائه المصريين.

ثانياً: العقبات التي تواجه اللاجئين السوريين بمصر.

علي الرغم من أن الأوضاع المعيشية للاجئين السوريين تعتبر أفضل بكثير من أوضاع نظائرهم من الأفارقة، إلا أن اللاجئين السوريين أيضا يعانوا من عدد من العقبات التي تؤثر سلبا علي قدرتهم علي الاندماج في المجتمع المصري، و كان من الطبيعي أن تتأثر أوضاع اللاجئين السوريين بمصر عقب كل ما شهدته من اضطراب و عدم استقرار في السنوات القليلة الماضية، فمع بداية الأزمة السورية لم يكن اللاجئون السوريون بحاجة إلي الحصول علي أي تأشيرات أو تصاريح للدخول إلي مصر، كما منحتهم الحكومة المصرية الحق في الالتحاق بالتعليم الحكومي و التمتع بخدمات التأميان الصحي المصري بشكل مجاني، و هو ما لم تمنحه لنظرائهم الأفارقة، و علي عكس عدد كبير من الدول المضيفة للاجئين السوريين لم يسكن اللاجئون السوريون المخيمات، و إنما اختلطوا مع الشعب و سكنوا في الأحياء العادية إلي جانب المصريين، كما استقبل المصريون اللاجئين السوريين بحفاوة بالغة، و قد يرجع ذلك إلي أوجه التشابه الكبيرة بين الشعبين، في اللغة و الهوية و الدين، بالإضافة إلي الروابط التاريخية التي جمعت البلدين عندما اتحدا سويا ليشكلا ما عرف باسم “الجمهورية العربية المتحدة”، كما تجدر الإشارة إلي أن الغالبية العظمي من اللاجئين السورين المهاجرين إلي مصر كانت من أبناء الطبقتين المتوسطة و العليا، و بالتالي تمكنوا من افتتاح مشاريع خاصة بهم، و توفير مصدر دخل لأنفسهم بدلا من الاعتماد علي معونات المنظمات الدولية و الجمعيات الأهلية، و هو ما ساعدهم علي الاستقرار و بدء حياة جديدة.

لكن حياة اللاجئين السوريين في مصر، و علي الرغم من تمتعها بقدر كبير  من الاستقرار، لم تخل من العقبات، و التي تتمثل فيما يلي:

١) قبول طلبات اللجوء المقدمة من السوريين:

بالرغم من أنه في بداية النزاع السوري فتحت الدولة المصرية أبوابها أمام اللاجئين السوريين بدون وضع أي قيود علي انتقالهم،  أو مطالبتهم حتي بالحصول علي تأشيرة للدخول، إلا أن الوضع تبدل منذ شهر يوليو لعام 2013، و أصبحت الدولة المصرية تفرض علي اللاجئين السوريين الراغبين في الانتقال للعيش إليها الحصول علي تصاريح رسمية، و أصبح قبول طلبات اللجوء من السوريين أمراً شديد الصعوبة، بحيث يمكننا القول أنه تقريباً لم يتم قبول أي لاجئ سوري من بعد هذا التاريخ، و تم إغلاق الحدود أمامهم، و هو ما وضعهم في مأزق كبير، حيث حرمهم من الحق في جمع شملهم مع ذويهم الذين سبقوهم إلي مصر.[49]

٢) إنعدام الأمن و غياب القوانين التي تحمي اللاجئين:

حيث تعرض عدد كبير من اللاجئين السوريين للإعتقال من قبل قوات الأمن لمختلف الأسباب، ففي عام 2013 تم إلقاء القبض علي 145 لاجئ سوري بتهمة مساندة و تأييد جماعة “الإخوان المسلمين” المحظورة، و تم الإفراج عن معظمهم لكن بقي حوالي 42 لاجئ منهم تحت الاعتقال، و أشارت منظمة العفو الدولية في أحد تقاريرها إلي أن بعض اللاجئين قد تم إلقاء القبض عليهم في العام نفسه بسبب اختراقهم حظر التجوال المفروض بعد الثلاثين من يوليو، أو لعدم حملهم تصاريح إقامة، و في عام 2014 تم اعتقال 1400 لاجئ سوري في الأسكندرية بعدمحاولاتهم مغادرة الحدود المصرية في مراكب غير شرعية إلي إحدي الدول الأوروبية.

و هناك تحسن ملحوظ في الأوضاع الأمنية للاجئين الآن، حيث عادة ما يتم الإفراج عن اللاجئين الذين يتم اعتقالهم في مدة زمنية لا تتخطي ال10 أيام، و إن كان البعض يتخطاها.

و بالطبع فإن ارتكاب اللاجئين لأي جرائم أو مخالفات للقانون لا يجب أن يتم التهاون معه لمجرد كونهم لاجئين، و لكن من الواجب أن يتم النظر بعين الرحمة لهم في بعض القضايا التي لا تمس الأمن الوطني، مثل عدم حصول اللاجئين علي تصريح إقامة رسمي، لو ثبت بالتحريات القانونية أن سجله الجنائي خالٍ من الجرائم.[50]

٣) انخفاض الأجور:

بالرغم من كون اللاجئين السوريين أوفر حظا من نظرائهم الأفارقة في قدرتهم علي إنشاء مشاريع مختلفة بسبب انتماء معظمهم إلي الطبقة الوسطي أو العليا و توافر مقدرة لديهم علي فعل ذلك علي عكس باقي اللاجئين، إلا أن اللاجئين غير القادرين علي افتتاح مشاريع خاصة بهم و العاملين في المصانع أو المحلات عادة لا يتقاضون أجورا أعلي من 1000- 1500 جنيه مصري شهريا، و هو مبلغ ضئيل لا يكفل لهم مستوي معيشة كريمة كالتي كانوا يعيشوها في سوريا، و يعتمد عدد كبير من اللاجئين علي المعونات المقدمة لهم من مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين،  التي عادة ما تكون بطاقات شراء لمواد غذائية بقيمة 1500 جنيه مصري.[51]

و في هذا الصدد، تحدثت “إيمان” من مدينة حمص عن تدهور مستوي معيشة أسرتها منذ أن غادروا سوريا إلي مصر، حيث كان زوجها يمتلك ورشة كبيرة لأعمال النجارة، و لكنه لم يتمكن من الحصول علي عمل بشكل دائم منذ قدومه إلي مصر، فيعمل كنجار إذا ما طلبه أحد للعمل. و تحدثت إيمان علي رفض زوجها القاطع في بادئ الأمر الحصول علي أي معونات من المفوضية، لحرصه علي ترك هذه المعونات لمن هم أكثر إستحقاقا منه، لكن بعد انقضاء عام كامل علي وجودهم في مصر دون حصوله علي عمل اضطر إلي أن يوافق علي قبول هذه المعونات بسبب عدم قدرته علي توفير احتياجات أبنائه الأساسية من مأكل و ملبس و غيره.

٤) صعوبات التعلم:

بالرغم من فتح الحكومة المصرية المدارس و المعاهد المصرية الحكومية أمام اللاجئين السوريين للالتحاق بها بالمجان حتي عام 2013، و بالرغم من وحدة اللغة الأم لكل من اللاجئين السوريين والمواطنين المصريين، و هو ما يزيل عقبة صعوبة التواصل الموجودة لدي لاجئين من جنسيات أخري مثل الأفارقة، إلا أن اللاجئين السوريين يعانون من مشكلتين رئيسيتين فيما يتعلق بالتعليم.

تحدثت “علياء” من مدينة حمص عن إحدي هذه المشاكل، و هي تأخر أبنائها دراسيا نتيجة لتعطلهم سنوات عن الدراسة بسبب الحرب في سوريا، فعندما استقرت أسرة علياء في مصر تم تسجيل ابنها حسب فئته العمرية في الصف الرابع الإبتدائي، بينما ابنها كان منقطع عن الدراسة في سوريا منذ الصف الثاني الإبتدائي، و هو ما خلق له و لغيره ممن في نفس الوضع مشكلات كثيرة في التحصيل و الاستيعاب.

أما المشكلة الثانية فتتحدث عنها “خديجة” من مدينة حلب و هي الفارق الكبير في المستوي الاجتماعي و الدراسي بين المدارس الحكومية في مصر، و المدارس التي كان يتردد عليها أبناؤها في سوريا، حيث تشكو خديجة من ضعف المستوي الدراسي الشديد في المدارس الحكومية المصرية، و اضطرارها أن تعطي أبنائها دروسا خصوصية كي لا يرسبوا في الامتحانات، إضافة إلي الفارق الكبير في المستوي الاجتماعي، و تعرض أبنائها للسخرية و الضرب في المدرسة الحكومية، ليس من باب الاضطهاد، و لكن بسبب طبيعة التفاعلات العنيفة بين الطلاب في المدارس الحكومية، و هو أمر غير معتاد بالمرة بالنسبة للأطفال السوريين، مما دفع أبناءها لرفض الذهاب إلي المدرسة، و اضطرت خديجة أن تحولهم إلي نظام الانتساب لعدم قدرتها المادية علي إلحاقهم بمدارس خاصة.

المبحث الثالث : مقارنة بين إندماج اللاجئين الأفارقة و اللاجئين السوريين في المجتمع المصري حاليا

يحاول هذا المبحث عمل مقارنة بين أحوال اللاجئين الأفارقة و اللاجئين السوريين، و مدي إندماج كل منهم في الوقت الحالي في المجتمع المصري، و لكن قبل التطرق إلي هذه الدراسة، يتناول المبحث أولا أهم المؤشرات التي تقيس مدي اندماج اللاجئين في المجتمعات المضيفة، ثم يطبق هذه المؤشرات علي أوضاع اللاجئين الأفارقة و اللاجئين السوريين، لقياس مدي اندماج كلاٍ منهم في المجتمع المصري حاليا.

أولا: مؤشرات الإندماج:

تتعدد المؤشرات التي يمكن من خلالها قياس مدي اندماج اللاجئين في المجتمع المضيف، و  قد حددت مفوضية الأمم المتحدة لللاجئين، و مؤسسات دولية أخري كمجلس الاتحاد الأوروبي و المفوضية الأوروبية، أهم هذه المؤشرات في تقاريرها، و  يمكن تحديدها في التالي:

١) دمج أبناء اللاجئين في الموسسات التعليمية للدولة المضيفة:

إن الحق في التعليم هو حق أساسي  لكل إنسان من أجل ضمان حياة سوية له و الحفاظ علي كرامته، بالإضافة إلي ذلك فإن هذا الحق يكفل للاجئين فرصة أكبر للاندماج في المجتمع المضيف، حيث يؤهلهم في المستقبل للالتحاق بسوق العمل في البلد المضيف و يمكنهم من المشاركة الفعالة في الحياة الاقتصادية ليصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع و لا ينظر إليهم كعبء خارجي عليه.

و تؤكد مفوضية الأمم المتحدة للاجئين أيضا علي الدور الفعال الذي يلعبه إلحاق أبناء اللاجئين في المؤسسات التعليمية للبلد المضيف علي استعادتهم لإحساس بالحياة الطبيعية مرة أخري، بعد ما شهدوه من اضطراب و  انعدام للأمن و الاستقرار، فيستعيد الأطفال مرة أخري حياتهم الطبيعية كسائر الأطفال الاخرين.

وعادة ما تواجه المؤسسات التعليمية بالدولة المضيفة بعض الصعوبات عند محاولاتها دمج اللاجئين بها، كنقص البيانات المتعلقة بمعدلات الالتحاق و الدمج، و إلحاق الطلبة في فصول دراسية وفقا لأعمارهم دون مراعاة مستواهم الدراسي أو التأخر الذي قد يكونون تعرضوا له بفعل الحرب و الأزمات، و نقص التمويل، و نقص الخبرة لدي المعلمين في التعامل مع هؤلاء الأطفال، و صعوبة تعليمهم لغة الدولة المضيفة التي عادة ما يتم تدريس المناهج باستخدامها، في حالة عدم إتقانهم لها. [52]

٢) دمج اللاجئين في سوق العمل في الدولة المضيفة:

إن “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” ينص في مادته  الثالثة و العشرين علي حق كل إنسان في العمل في ظروف عمل ملائمة، و الحصول علي أجر عادل يتناسب مع طبيعة العمل الذي يؤديه، يضمن له و لمن يعول حياة كريمة تحفظ كرامتهم الإنسانية، و دون أي تفرقة في الأجر علي أساس الجنس أو العرق أو الدين أو غيرها. [53] كما ينص “العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية” في مادته السادسة علي أن الدول ملزمة بإتخاذ الإجراءات اللازمة للتأكد من أن مواطنيها يحققون معدلات ثابتة و منتظمة من التطور الاقتصادي و تحسن مستواهم الثقافي و الإجتماعي.[54]

لذا فإن دمج اللاجئين علي المستويين الاقتصادي و الاجتماعي في المجتمع المضيف لا يتحقق بدون دمج اللاجئين في سوق العمل و تمكينهم من الاستغناء عن المعونات الممنوحة لهم من الهيئات المحلية و الدولية المختلفة التي ترعي اللاجئين، و الإعتماد علي أنفسهم في الحصول علي دخل مناسب يحقق لهم و لذويهم اكتفاءً ذاتياً و يكفل لهم حياة كريمة.

و عملية دمج اللاجئين في سوق عمل الدولة المضيفة لا تعود بالنفع علي اللاجئين وحدهم، لكن علي إقتصاد الدولة المضيفة أيضا، حيث تساعد علي تنشيط اقتصاد الدولة و اتساع مجالاته، و تحول اللاجئين من عبء اقتصادي علي الدولة المضيفة إلي فرصة لتطوير الاقتصاد.

و دمج اللاجئين في سوق عمل الدولة المضيفة عملية ليست باليسيرة، إذ يواجهاها عدد من الصعوبات، التي تتلخص في قوانين العمل في البلد المضيفة التي تعوق أحيانا منح اللاجئين تصاريح لمزاولة العمل، و مدي تأقلم اللاجئين أنفسهم مع أوضاع العمل في البلد المضيف، و خبرة اللاجئين التي أحيانا تكون أقل بكثير من خبرة أهل البلد و مؤهلاتهم، خاصة في حالة كون اللاجئين من بلد نامية و غير متطورة اقتصاديا، و انتقالهم إلي دولة متطورة كدول أوروبا و الولايات المتحدة، مما يصعب من فرصتهم في الحصول علي وظيفة مناسبة، و يحصرهم في وظائف محددة عادة لا تكون مجزية ماديا و غير متكافئة اجتماعيا مع مؤهلاتهم و وظائفهم الأصلية في أوطانهم، و أخيراً مدي قابلية أهل البلد المضيف لتقبل دخول اللاجئين في سوق العمل، و مدي ترحيبهم أو عدم ترحيبهم بهم و نظرتهم إلي اللاجئين كعبء يقاسمهم في فرص العمل المتاحة أمامهم، خاصة و إن كانت تلك الفرص محدودة في الأساس، أو تعاني الدولة المضيفة من أزمة بطالة.[55]

٣) تأهيل اللاجئين و تدريبهم ليتواءموا مع طبيعة المجتمع المضيف:

و هذا المؤشر مرتبط بالمؤشرات السابقة، و يعالج بعض المشاكل التي سبق و أشرنا إليها في المؤشرات السابقة، مثل عدم إتقان لغة البلد المضيف، و عدم ملاءمة مؤهلات و خبرات اللاجئ لاحتياجات سوق العمل في البلد المضيف. لذا فإن تدريب و تأهيل اللاجئين يكسبهم خبرات جديدة تطورهم علي المستوي الشخصي، و تساعدهم علي التأقلم مع طبيعة المجتمع المضيف، و تذلل لهم بعض الصعاب التي تعوق قدرتهم علي الاندماج في المجتمع المضيف، و من المفترض أن تركز الدولة جهودها علي تأهيل اللاجئين  الأكثر قابلية للتهميش المجتمعي، مثل الأطفال المتأخرين دراسيا لما في ذلك من تأثير شديد السلبية علي مستقبلهم، و اللاجئين الذين لا يتقنون لغة البلد المضيف لصعوبة تواصلهم مع المجتمع من حولهم والذي ينتج عنه بالتبعية صعوبة في الاندماج فيه، و من المفترض أن تبذل الدولة جهودا حقيقية لتسهيل حصول جميع اللاجئين علي التدريبات اللازمة، و تحسين مستوي تلك التدريبات من خلال تطوير مستوي  المدربين و تأهيلهم لهذه المهمة بشكل جيد، لضمان تمكنهم من التعامل مع اللاجئين و مشاكلهم بشكل إيجابي و فعال و تقديم مساعدة حقيقية لهم ، و العمل علي ضمان أن تساعد تلك التدريبات علي دمج اللاجئين في المجتمع بشكل يجعلهم متساوين مع أبناء البلد المضيف الأصليين، و يمحو عنهم أي أثر للتمييز، و يحولهم إلي مواطنين فاعلين و مؤثرين في المجتمع.[56]

و عادة ما تقع مسئولية تأهيل و تدريب اللاجئين علي عاتق منظمات المجتمع المدني المحلية و المكاتب المحلية للمنظمات الدولية في البلد المضيف، كمفوضية الأمم المتحدة للاجئين و هيئة “كير” الدولية و غيرها، بدلا من الحكومات، التي لا تضع تدريب و تأهيل اللاجئين ضمن أولويات أجنداتها، خاصة حين تكون البلد المضيف بلداً نامية يعاني أبناؤها أنفسهم من مشاكل كالأمية و ضعف المستوي التعليمي و انتشار البطالة و غيرها، و عادة ما تواجه منظمات المجتمع المدني سواء المحلية أو الدولية مشاكل في الحصول علي تمويل كافٍ لتوفير برامج التأهيل و التدريب اللازمة و استمرارها.

٤) توفير مسكن مناسب للاجئين في الدولة المضيفة:

إن الحصول علي مسكن آمن و مناسب هو عنصر أساسي في عملية دمج اللاجئين في البلد المضيف، لما له من تأثير كبير علي عناصر أخري كصحة اللاجئين، و حصولهم علي فرص تعليم و عمل جيدة، فيؤثر إجمالا علي مستواهم المعيشي، ذلك أن عدم حصول اللاجئ علي سكن آمن و مناسب، و سكنه في أماكن مهمشة و غير مؤهلة للسكن و الاستقرار، كمخيمات اللاجئين و المناطق العشوائية، يضعف من فرص حصوله علي الخدمات الأساسية كالخدمات الطبية و التعليمية و غيرها، فيعيق قدرته علي البحث عن عمل مناسب، أو حصول أبنائه علي تعليم جيد، بل و في أحيان كثيرة يصل الأمر إلي عدم إلحاق الأبناء بالتعليم و إرسالهم إلي العمل لتوفير أي دخل، كما أن عدم حصول اللاجئين علي مسكن آمن يترتب عليه شعورهم الدائم بالتهديد و التشرد و عدم الاسقرار، فيضعهم تحت ضغوط مشابهة لتلك التي فروا منها في بلدهم، و يجعل من عملية الانخراط مع باقي أعضاء المجتمع و الإندماج فيه أمراً شديد الصعوبة بل يكاد يكون مستحيلاً. كما أن عدم حصول اللاجئ علي مسكن آمن و مناسب يعيق من قدرته علي جمع شمل عائلته، و هو أحد مؤشرات الاندماج التي سنشير إليها لاحقا.[57]

و الحق في الحصول علي مسكن آمن و مناسب منصوص عليه في المادة الحادية و العشرين من “اتفاقية اللاجئين” لعام 1951، حيث تلزم الدولة المضيفة منح اللاجئين علي أراضيها مسكناً آمناً و مناسباً و معاملة كريمة.[58]

و عادة ما يواجه اللاجئون غير الميسورين ماديا صعوبة في إيجاد مساكن آمنة و مناسبة، خاصة إذا كان البلد المضيف بلداً نامياً، تكثر به المناطق العشوائية، و يعاني من مشاكل اقتصادية و مشاكل في الإسكان بصفة عامة مع أبنائه، كما هي الحالة في مصر، و يضطر اللاجئون في هذه الحالة إلي السكن في خيام للاجئين تكون عادة في مواقع متطرفة علي حدود الدولة المضيفة، و تقل بها الخدمات و المرافق، أو في مساكن عشوائية تتناسب مع إمكانيتهم المادية الضعيفة و تنعدم بها الخدمات تقريبا.

٥) جمع شمل أسر اللاجئين في البلد المضيفة:

نصت المادة السادسة عشر من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” علي أهمية “الأسرة” باعتبارها الوحدة الرئيسية المكونة للمجتمع، و تلزم كلا من المجتمع و الدولة بحمايتها.[59] لذا فإن تجميع شمل الأسرة و وحدتها هو حق أساسي لكل إنسان و ليس للاجئين وحدهم.

و وفقا لتعريف مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، فإن جمع شمل الأسرة هو عملية توحيد جميع أفراد الأسرة، خاصة الأطفال و العجائز غير القادرين علي رعاية أنفسهم مع أهلهم و ذويهم المسئولين عن رعايتهم، بغرض توفير أمن و رعاية دائمة لهم، و تعتبر المفوضية أن جمع شمل الأسرة  هو مبدأ يمنح الأسرة حماية باعتبارها الوحدة الأساسية المكونة للمجتمع، و بناء علي ذلك فإن أسرة اللاجئ سواء كانت الزوج و الزوجة، أو الوالدين، أو الأبناء، أو الأخوات، يجب أن يمنحوا حق اللجوء في البلد المضيف معه حتي لا تتشتت الأسرة، و احتراما لحقهم في العيش بأمان سويا.[60]

 ثانيا: المقارنة بين مدي انطباق مؤشرات الاندماج علي اللاجئين الأفارقة و اللاجئين السويين:

بعد التحدث عن مؤشرات الاندماج و التي تبين مدي اندماج اللاجئين في المجتمع المضيف من عدمه، ننتقل إلي تطبيق هذه المؤشرات علي كل من اللاجئين الأفارقة و اللاجئين السوريين، لبيان أيهما أكثر اندماجا في المجتمع المصري.

المؤشر الأول: دمج أبناء اللاجئين في الموسسات التعليمية للدولة المضيفة:

كما أشرنا في الفصل السابق عند الحديث عن عقبات التعلم للاجئين، يمكننا استنتاج أن المؤشر يأتي في صالح اللاجئين السوريين حيث أن الحكومة المصرية سمحت لهم بالالتحاق بالمدارس و الجامعات المصرية الحكومية بشكل مجاني، بينما منحت الحكومة هذا الحق للاجئين السودانين فقط دونا عن باقي اللاجئين الأفارقة. و يتفوق اللاجئون السوريون عن نظرائهم الأفارقة في عنصر اللغة، حيث أن وحدة اللغة بين اللاجئين و أبناء البلد المضيفة يذلل عقبة التواصل و يسهل من عملية التعلم، و لا ينفي هذا وجود بعض المشاكل في عملية التعلم لدي اللاجئين السوريين كما أشرنا من قبل، و التي تتمثل في التأخر الدراسي، و عدم القدرة علي الاندماج في المدارس الحكومية بسبب اختلاف الطباع، و لكن بالنظر لمشاكل اللاجئين الأفارقة المتمثلة في عدم قدرة فئة كبيرة منهم علي الالتحاق بالمعاهد التعليمية المصرية، و اختلاف اللغة الذي يعيق التواصل و قدرتهم علي التعلم، يكون هذا المؤشر في صالح اللاجئين السوريين بلا شك، و يبلغ عدد الطلاب السوريين المقيدين في المدارس المصرية الحكومية 23385 طالب تبعا لتقارير مفوضية اللاجين بالقاهرة، بينما لا يوجد لدي المفوضية عدد دقيق عن الطلاب الأفارقة المقيدين بالمدارس الحكومية المصرية، و قد يرجع ذلك لاتجاه عدد كبير منهم إلي المدارس التابعة للكنائس و الجمعيات الأهلية.

المؤشر الثاني: دمج اللاجئين في سوق العمل في الدولة المضيفة:

يأتي هذا المؤشر أيضا في صالح اللاجئين السوريين، فبالرغم من العقبات التي تواجه كلاً من اللاجئين الأفارقة و اللاجئين السوريين في استخراج تصاريح العمل، نظرا لخضوع مسألة عمل اللاجئين إلي القانون المصري المحلي المنظم لعمل الأجانب في مصر ، رقم (137/1981)، و الذي يجعل حصول اللاجئين علي تصاريح لمزاولة العمل بشكل رسمي في مصر أمراً غاية في الصعوبة، نتيجة للإجراءات البيروقراطية المعقدة، و التكلفة الباهظة للحصول علي التصريح، إلا أن تفوق اللاجئين السوريين علي نظرائهم الأفارقة في الاندماج في سوق العمل المصري يرجع إلي كون أغلبيتهم كانوا ينتمون إلي الطبقة الوسطي و العليا، و إمكانيتهم المادية التي مكنتهم من افتتاح مشاريع خاصة بهم، أغلبها مشاريع غذائية، و نجاح هذه المشاريع في تحريك السوق المصرية و تنشيط الاقتصاد المصري، و توفير فرص عمل للمصريين أيضا لا للسوريين وحدهم، كما أن مؤهلات اللاجئين السوريين و خبراتهم مكنت السوريين الذين لم يتمكنوا من إفتتاح مشاريع خاصة بهم، من شغل مناصب مقبولة بالنسبة لتلك التي يشغلها اللاجئون الأفارقة بسبب ضعف قدراتهم التعليمية و خبراتهم التي حصرتهم في وظائف محددة، معظمها ذات طبيعة خدمية كالتنظيف و الحراسة و غيرها من الوظائف التي ينظر لها في مصر نظرة دونية.

المؤشر الثالث: تأهيل اللاجئين و تدريبهم ليتواءموا مع طبيعة المجتمع المضيف:

يعمل العديد من المنظمات الدولية الموجودة بمصر و منظمات المجتمع المدني المحلية علي تقديم الدعم للاجئين و تقديم التدريبات المختلفة لهم ليتواءموا مع طبيعة المجتمع المصري، و تقوم هذه المنظمات بخدمة اللاجئين الأفارقة و اللاجئين السوريين و غيرهم من مختلف الجنسيات علي حد سواء، و من أمثلة تلك المنظمات “مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين” و التي تمتلك فرعين في مصر، أحدهما لخدمة اللاجئين الأفارقة و الآخر لخدمة اللاجئين العرب، و “هيئة كير الدولية”، و “منظمة الإغاثة الكاثوليكية”، و “منظمة الصليب الأحمر” و غيرها، و تعمل تلك المنظمات علي دعم اللاجئين من خلال تقديم مساعدات عينية لهم، مثل الموارد الغذائية التي توفرها المفوضية للاجئين، أو من خلال تقديم تدريبات لتعليم اللغة العربية بالنسبة للاجئين الأفارقة، و تقديم دروس تقوية تعليمية لأبناء اللاجئين لمساعدتهم علي تخطي تعثرهم الدراسي الذي نتج عن ظروف الحرب، و تقديم الدعم النفسي لهم لمساعدتهم علي تخطي الآثار النفسية المدمرة التي سببتها لهم الحرب، و تقديم تدريبات تساعدهم علي الاندماج في المجتمع المصري، و غيرها من مختلف الخدمات، و بينما تسعي تلك المنظمات لخدمة اللاجئين كافة بشكل عادل و متساوٍ، إلا أنها عادة ما تجد نفسها أمام عقبة التمويل، حيث أن الجهات الممولة لتلك المنظمات لمزاولة أنشطتها الخدمية، كالدول الكبري و الاتحاد الأوربي عادة ما تفضل أن تذهب مساهماتها لتمويل برامج اللاجئين السوريين لا الأفارقة، و قد يرجع ذلك لكون الاهتمام الدولي منصباً بشكل أساسي علي الأزمة السورية، و متغافلاً للأزمات الأفريقية، و عادة ما يكون هدف الدول في دعم اللاجئين بشكل مادي راجعاً لرغبتها في كسب التأييد و المكانة الدولية، و ليس الغرض الحقيقي منه الخدمة الحقيقية للاجئين، لذا فهذا المؤشر أيضا يصب في مصلحة اللاجئين السوريين.

المؤشر الرابع: توفير مسكن مناسب للاجئين في الدولة المضيفة:

كنتيجة طبيعية لاختلاف القدرات المادية و المستوي الإجتماعي بين اللاجئين الأفارقة و السوريين، و كون اللاجئين السوريين أكثر اقتدارا من الناحية الإجتماعية و ينتمي أغلبهم إلي الطبقة الوسطي أو العليا يسكن معظم اللاجئين السوريين أماكن سكنية راقية مثل “مدينة الرحاب” و “مدينة السادس من أكتوبر”، بينما يسكن اللاجئون الأفارقة أحياء شعبية مثل حي “عين شمس”، و لكن الفروق في هذا المؤشر ليست كبيرة حيث أن بعض اللاجئين السوريين غير المقتدرين ماديا يسكنون أحياء بسيطة، و يجتمع كل من اللاجئين الأفارقة و السوريين في الحصول علي مساكن مناسبة في مصر، و إن كات تختلف من حيث مدي رفاهية تلك المساكن أو رقي الأحياء الموجودة فيها وفقا لإختلاف مستوي القدرة المادية، و هو أمر طبيعي.

المؤشر الخامس: جمع شمل أسر اللاجئين في البلد المضيفة:

و نتيجة لسياسات الدولة المصرية المتشددة منذ عام 2013 في منح طالبي اللجوء تصاريح رسمية للإقامة علي أراضيها، و توقفها عن السماح للاجئين السوريين بالتوافد من دون تصاريح أو تأشيرات منذ العام نفسه، فيتشارك كل من اللاجئين الأفارقة و السوريين في مشكلة عدم تجميع شمل أسرهم، و كون بعض من أسرهم مقيماً في مصر و البعض الآخر موجود بأوطانهم، فالفئتان متساويتان في هذا المؤشر.

الخاتمة

و ختاماً يمكننا استنتاج أن فرضية الدراسة المبنية علي أن تشابه الخلفية الثقافية والحضارية و التاريخية و الدينية و اللغوية للاجئين مع السكان الأصليين في البلد المضيف لهم تزيد من فرص اندماجهم في المجتمع المضيف بشكل أسهل و في مدة زمنية أقصر عن اللاجئين الذين لا يجمع بينهم و بين السكان الأصليين في البلد المضيف وحدة في الثقافة أو الحضارة أو التاريخ أو الديانة أو اللغة، و هو ما يجيب عن السؤال البحثي الذي تم طرحه في بداية البحث، عن سبب اندماج اللاجئين السوريين في المجتمع المصري بشكل أعمق و أسرع من اللاجئين الأفارقة، بالرغم من أن نزوح الأفارقة إلي مصر جاء قبل نزوح السوريين بأكثر من عقدين. واستناداً إلى مؤشرات اندماج اللاجئين التي حددتها الأمم المتحدة لقياس مدي اندماج اللاجئين في المجتمع المضيف، يمكننا استنتاج أن أغلب هذه المؤشرات تأتى فى صالح اللاجئين السوريين عن نظرائهم الأفارقة، سواء كانت المؤشرات الخاصة بالتعليم أو العمل أو تأهيل المجتمع المدني للاجئين. كما أن هناك بعض المؤشرات التي يتساوي فيها كل من اللاجئين الأفارقة مع اللاجئين السوريين، كالحق في جمع شمل الأسرة و الحق في مسكن آمن و مناسب للاجئين، بينما لا يوجد أي مؤشرات كان في صالح اللاجئين الأفارقة علي حساب نظرائهم السوريين، و هو ما يصل بنا لإجابة منطقية و وافية للسؤال البحثي.

قائمة المراجع:

مصادر باللغة الإنجليزية:

أولا التقارير:

  1. Ayoub, Maysa, and Shaden Khallaf. 2014. Syrian Refugees In Egypt: Challenges Of A Politically Changing Environment. Cairo Studies On Migration And Refuges. Cairo: American University in Cairo. http://schools.aucegypt.edu/GAPP/cmrs/Documents/Final_Syrian%20refugees.pdf.
  1. Bürkin, Katharina, and Alin Chindea. 2013. REFUGEE INTEGRATION AND THE USE OF INDICATORS: EVIDENCE FROM CENTRAL EUROPE. United Nations High Commissioner for Refugees, Regional Representation for Central Europe. http://www.migpolgroup.com/wp-content/uploads/2013/12/Refugee_Integration_and_the_use_of_indicators_evidence_from_central_europe_CONFERENCE-VERSION.pdf.
  1. Penglase, Ben, Juan Méndez, and Kenneth Roth. 1993. SOMALIA, Beyond The Warlords, The Need For A Verdict On Human Rights Abuses. New York: Human Rights Watch. https://www.hrw.org/reports/1993/somalia/.
  1. Refugee Egypt. 2015. Cairo: A ministry of the Anglican / Episcopal Church. http://www.refuge-egypt.org/wp-content/uploads/2015/07/Refuge-Egypt-Prospectus-2015.07.pdf.
  1. Ryerson Centre for Immigration and Settlement. 2017. The Syrian Refugee Crisis: A Short Orientation. Canada: Ryerson Centre for Immigration and Settlement. http://www.ryerson.ca/content/dam/rcis/documents/RCIS%20Working%20Paper%202017_2%20Tyyska%20et%20al_Final.pdf.

ثانيا الموسوعات:

  1. “Hafiz Al-Assad”. 2017. Encyclopedia Britannica. Encyclopedia Britannica, inc.

ثالثا المواقع الاكترونية:

  1. “OHCHR | International Covenant On Economic, Social And Cultural Rights”. 2017. Org. http://www.ohchr.org/EN/ProfessionalInterest/Pages/CESCR.aspx.
  1. “Refugees In Egypt Urgently Need Protection”. 2017. Human Rights First. http://www.humanrightsfirst.org/refugees-egypt-urgently-need-protection.
  1. “Somalia Country Profile – BBC News”. 2017. BBC News. http://www.bbc.com/news/world-africa-14094503.
  1. “South Sudan – The Enough Project”. 2017. Org. https://enoughproject.org/conflicts/south-sudan.
  1. “Syria: The Story Of The Conflict – BBC News”. 2016. BBC News. http://www.bbc.com/news/world-middle-east-26116868.
  1. “UNHCR CAIRO DISCUSSES REFUGEE CHALLENGES- Wikileaks”. 2017. Co.Uk. http://www.telegraph.co.uk/news/wikileaks-files/egypt-wikileaks-cables/8327134/UNHCR-CAIRO-DISCUSSES-REFUGEE-CHALLENGES.html.
  1. “Universal Declaration Of Human Rights | United Nations”. 2017. Org. http://www.un.org/en/universal-declaration-human-rights/.
  1. (UNHCR), United. 2017. “UNHCR Syria Regional Refugee Response”. UNHCR Syria Regional Refugee Response. http://data.unhcr.org/syrianrefugees/country.php?id=8.
  1. Refugees, United. 2017. “The 1951 Refugee Convention”. UNHCR. http://www.unhcr.org/1951-refugee-convention.html.
  1. Shahine, Gihan. 2016. “Syrians In Egypt: A Haven Despite The Hardships – Features – Egypt – Ahram Online”. Ahram.Org.Eg. http://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/151/217025/Egypt/Features/Syrians-in-Egypt-A-haven-despite-the-hardships.aspx.
  1. Whitaker, Brian. 2017. “20 Killed As Egyptian Police Evict Sudanese Protesters”. The Guardian. https://www.theguardian.com/world/2005/dec/31/sudan.brianwhitaker.

رابعا الكتب:

  1. Johnson, Douglas H. 2003. The Root Causes Of Sudan’s Civil Wars. Oxford [u.a.]: James Currey [u.a.].
  1. O’Ballance, Edgar. 2000. Sudan, Civil War And Terrorism, 1956-1999. Basingstoke: Macmillan.
  1. Singerman, Diane. 2009. Cairo Contested: Governance, Urban Space, And Global Modernity. 1st ed. Cairo: The American University in Cairo.

مصادر باللغة العربية:

أولا التقارير:

  1. أحمد يوسف أحمد (محرر)، حال الأمة العربي، الحلقة المفرغة: صراعات مستدامة و اختراقات فادحة. مركز دراسات الوحدة العربية: 2017.
  1. 2006. مجزرة حماة: شباط (فبراير) 1982 جريمة إبادة جماعية .. وجريمة ضد الإنسانية. اللجنة السورية لحقوق الإنسان. http://www.shrc.org/?p=8427

[1] Katarzyna Grabska, “Who Asked Them Anyway? Rights, Policies and Wellbeing of Refugees in Egypt” (Master’s thesis, American University in Cairo, 2006).

[2] Singerman, Diane. 2009. Cairo Contested: Governance, Urban Space, And Global Modernity. 1st ed. Cairo: The American University in Cairo.

[3] https://www.refugeesinternational.org/reports/2015/10/14/tough-times-for-syrian-refugees-in-egypt

[4] “Local Integration Of Refugees”. 2017. Unhcr.Org.Ua. http://unhcr.org.ua/en/2011-08-26-06-58-56/news-archive/2-uncategorised/276-local-integration-of-refugees.

[5] Jacobsen, Karen. 2002. “Can Refugees Benefit The State? Refugee Resources And African Statebuilding”. The Journal Of Modern African Studies 40 (04): 577-578. doi:10.1017/s0022278x02004081.

[6] Yuhas, Alan. 2016. “Nato Commander: Isis ‘Spreading Like Cancer’ Among Refugees”. The Guardian. https://www.theguardian.com/world/2016/mar/01/refugees-isis-nato-commander-terrorists.

[7] Karen, “Can Refugees Benefit The State? Refugee Resources And African Statebuilding”,580.

[8] The World Bank. 2010. The Impacts Of Refugees On Neighboring Countries: A Development Challenge. The World Bank. http://siteresources.worldbank.org/EXTWDR2011/Resources/64060821283882418764/WDR_Background_Paper_Refugees.pdf.

[9] The World Bank. 2010. The Impacts Of Refugees On Neighboring Countries: A Development Challenge. The World Bank. http://siteresources.worldbank.org/EXTWDR2011/Resources/64060821283882418764/WDR_Background_Paper_Refugees.pdf.

[10] Schenker, David. 2015. “Syria’s Good Neighbors: How Jordan And Lebanon Sheltered Millions Of Refugees”. Foreign Affairs 94 (6). https://www.foreignaffairs.com/articles/jordan/2015-09-28/syrias-good-neighbors.

[11] UNHCR. 2007. Refugees, Asylum-Seekers, Returnees, Internally Displaced And Stateless Persons. 2007 Global Trends. UNHCR. http://www.unhcr.org/statistics/unhcrstats/4852366f2/2007-global-trends-refugees-asylum-seekers-returnees-internally-displaced.html.

[12] The World Bank. 2010. The Impacts Of Refugees On Neighboring Countries: A Development Challenge. The World Bank. http://siteresources.worldbank.org/EXTWDR2011/Resources/64060821283882418764/WDR_Background_Paper_Refugees.pdf.

[13] Delcker, Janosch. 2017. “After Berlin Attack, Germany Extends Border Controls With Austria”. POLITICO. http://www.politico.eu/article/berlin-attack-germany-extends-austria-border-controls-deportation-asylum-islamic-terrorism-isil/.

[14] “Local Integration”. 2017. UNHCR. http://www.unhcr.org/en-ie/local-integration-49c3646c101.html.

[15] Da Costa, Rosa. 2006. Rights Of Refugees In The Context Of Integration: Legal Standards And Recommendations. LEGAL AND PROTECTION POLICY RESEARCH SERIES. Switzerland: UNHCR. http://www.unhcr.org/44bb90882.pdf.

[16] “The 1951 Refugee Convention”. 2017. UNHCR. http://www.unhcr.org/1951-refugee-convention.html.

[17] Ott, Eleanor. 2013. The Labour Market Integration Of Resettled Refugees. Geneva: UNHCR. http://www.unhcr.org/en-ie/research/evalreports/5273a9e89/labour-market-integration-resettled-refugees.html.

[18] Kiagia, Maria, Maria Kriona, and Eugenie Georgaca. 2010. “Social Integration Of Refugees And Asylum Applicants In Greece”. Hellenic Journal Of Psychology 7: 38-68. http://www.pseve.org/journal/UPLOAD/Kiagia7a.pdf.

[19] “Social Integration: Definition & Theory”. 2017. Study.Com. Accessed May 8. http://study.com/academy/lesson/social-integration-definition-theory.html.

[20] “What Is A Refugee? Definition And Meaning”. 2017. USA For UNHCR. http://www.unrefugees.org/what-is-a-refugee/.

[21] Da Costa, Rosa. 2006. Rights Of Refugees In The Context Of Integration: Legal Standards And Recommendations. LEGAL AND PROTECTION POLICY RESEARCH SERIES. Switzerland: UNHCR. http://www.unhcr.org/44bb90882.pdf.

[22] O’Ballance, Edgar. 2000. Sudan, Civil War And Terrorism, 1956-1999. Basingstoke: Macmillan.

[23] Johnson, Douglas H. 2003. The Root Causes Of Sudan’s Civil Wars. Oxford [u.a.]: James Currey [u.a.].

[24] O’Ballance, Edgar. 2000. Sudan, Civil War And Terrorism, 1956-1999. Basingstoke: Macmillan.

[25] “South Sudan – The Enough Project”. 2017. Enoughproject.Org. https://enoughproject.org/conflicts/south-sudan.

[26] Penglase, Ben, Juan Méndez, and Kenneth Roth. 1993. SOMALIA, Beyond The Warlords, The Need For A Verdict On Human Rights Abuses. New York: Human Rights Watch. https://www.hrw.org/reports/1993/somalia/.

[27] “Somalia Country Profile – BBC News”. 2017. BBC News. http://www.bbc.com/news/world-africa-14094503.

[28] Refugee Egypt. 2015. Cairo: A ministry of the Anglican / Episcopal Church. http://www.refuge-egypt.org/wp-content/uploads/2015/07/Refuge-Egypt-Prospectus-2015.07.pdf.

[29] Singerman, Diane. 2009. Cairo Contested: Governance, Urban Space, And Global Modernity. 1st ed. Cairo: The American University in Cairo.

[30] Refugee Egypt. 2015. Cairo: A ministry of the Anglican / Episcopal Church. http://www.refuge-egypt.org/wp-content/uploads/2015/07/Refuge-Egypt-Prospectus-2015.07.pdf.

[31] Ryerson Centre for Immigration and Settlement. 2017. The Syrian Refugee Crisis: A Short Orientation. Canada: Ryerson Centre for Immigration and Settlement. http://www.ryerson.ca/content/dam/rcis/documents/RCIS%20Working%20Paper%202017_2%20Tyyska%20et%20al_Final.pdf.

[32] “Hafiz Al-Assad”. 2017. Encyclopedia Britannica. Encyclopedia Britannica, inc.

[33] Ryerson Centre for Immigration and Settlement. 2017. The Syrian Refugee Crisis: A Short Orientation. Canada: Ryerson Centre for Immigration and Settlement. http://www.ryerson.ca/content/dam/rcis/documents/RCIS%20Working%20Paper%202017_2%20Tyyska%20et%20al_Final.pdf.

[34] اللجنة السورية لحقوق الإنسان. 2006. مجزرة حماة: شباط (فبراير) 1982 جريمة إبادة جماعية .. وجريمة ضد الإنسانية. اللجنة السورية لحقوق الإنسان. http://www.shrc.org/?p=8427.

[35] Ryerson Centre for Immigration and Settlement. 2017. The Syrian Refugee Crisis: A Short Orientation. Canada: Ryerson Centre for Immigration and Settlement. http://www.ryerson.ca/content/dam/rcis/documents/RCIS%20Working%20Paper%202017_2%20Tyyska%20et%20al_Final.pdf.

[36] “Syria: The Story Of The Conflict – BBC News”. 2016. BBC News. http://www.bbc.com/news/world-middle-east-26116868.

[37]  أحمد يوسف أحمد (محرر). حال الأمة العربي، الحلقة المفرغة: صراعات مستدامة و اختراقات فادحة. مركز دراسات الوحدة العربية. 2017.

[38] Ryerson Centre for Immigration and Settlement. 2017. The Syrian Refugee Crisis: A Short Orientation. Canada: Ryerson Centre for Immigration and Settlement. http://www.ryerson.ca/content/dam/rcis/documents/RCIS%20Working%20Paper%202017_2%20Tyyska%20et%20al_Final.pdf.

[39] “Syria: The Story Of The Conflict – BBC News”. 2016. BBC News. http://www.bbc.com/news/world-middle-east-26116868.

[40] (UNHCR), United. 2017. “UNHCR Syria Regional Refugee Response”. UNHCR Syria Regional Refugee Response. http://data.unhcr.org/syrianrefugees/country.php?id=8.

[41] Singerman, Diane. 2009. Cairo Contested: Governance, Urban Space, And Global Modernity. 1st ed. Cairo: The American University in Cairo.

[42] Whitaker, Brian. 2017. “20 Killed As Egyptian Police Evict Sudanese Protesters”. The Guardian. https://www.theguardian.com/world/2005/dec/31/sudan.brianwhitaker.

[43]“UNHCR CAIRO DISCUSSES REFUGEE CHALLENGES- Wikileaks”. 2017. Telegraph.Co.Uk. http://www.telegraph.co.uk/news/wikileaks-files/egypt-wikileaks-cables/8327134/UNHCR-CAIRO-DISCUSSES-REFUGEE-CHALLENGES.html.

[44] Ibid.

[45] “Refugees In Egypt Urgently Need Protection”. 2017. Human Rights First. http://www.humanrightsfirst.org/refugees-egypt-urgently-need-protection.

[46] Ibid.

[47] Singerman, Diane. 2009. Cairo Contested: Governance, Urban Space, And Global Modernity. 1st ed. Cairo: The American University in Cairo.

[48] UNHCR CAIRO DISCUSSES REFUGEE CHALLENGES- Wikileaks”. 2017. Telegraph.Co.Uk. http://www.telegraph.co.uk/news/wikileaks-files/egypt-wikileaks-cables/8327134/UNHCR-CAIRO-DISCUSSES-REFUGEE-CHALLENGES.html.

[49] “Refugees In Egypt Urgently Need Protection”. 2017. Human Rights First. http://www.humanrightsfirst.org/refugees-egypt-urgently-need-protection.

[50] Ayoub, Maysa, and Shaden Khallaf. 2014. Syrian Refugees In Egypt: Challenges Of A Politically Changing Environment. Cairo Studies On Migration And Refuges. Cairo: American University in Cairo. http://schools.aucegypt.edu/GAPP/cmrs/Documents/Final_Syrian%20refugees.pdf.

[51] Shahine, Gihan. 2016. “Syrians In Egypt: A Haven Despite The Hardships – Features – Egypt – Ahram Online”. English.Ahram.Org.Eg. http://english.ahram.org.eg/NewsContent/1/151/217025/Egypt/Features/Syrians-in-Egypt-A-haven-despite-the-hardships.aspx.

[52] Bürkin, Katharina, and Alin Chindea. 2013. REFUGEE INTEGRATION AND THE USE OF INDICATORS: EVIDENCE FROM CENTRAL EUROPE. United Nations High Commissioner for Refugees, Regional Representation for Central Europe. http://www.migpolgroup.com/wp-content/uploads/2013/12/Refugee_Integration_and_the_use_of_indicators_evidence_from_central_europe_CONFERENCE-VERSION.pdf.

[53] “Universal Declaration Of Human Rights | United Nations”. 2017. Un.Org. http://www.un.org/en/universal-declaration-human-rights/.

[54] “OHCHR | International Covenant On Economic, Social And Cultural Rights”. 2017. Ohchr.Org. http://www.ohchr.org/EN/ProfessionalInterest/Pages/CESCR.aspx.

[55] Bürkin, Katharina, and Alin Chindea. 2013. REFUGEE INTEGRATION AND THE USE OF INDICATORS: EVIDENCE FROM CENTRAL EUROPE. United Nations High Commissioner for Refugees, Regional Representation for Central Europe. http://www.migpolgroup.com/wp-content/uploads/2013/12/Refugee_Integration_and_the_use_of_indicators_evidence_from_central_europe_CONFERENCE-VERSION.pdf.

[56] Ibid.

[57] Ibid

[58] Refugees, United. 2017. “The 1951 Refugee Convention”. UNHCR. http://www.unhcr.org/1951-refugee-convention.html.

[59] “Universal Declaration Of Human Rights | United Nations”. 2017. Un.Org. http://www.un.org/en/universal-declaration-human-rights/.

[60] Bürkin, Katharina, and Alin Chindea. 2013. REFUGEE INTEGRATION AND THE USE OF INDICATORS: EVIDENCE FROM CENTRAL EUROPE. United Nations High Commissioner for Refugees, Regional Representation for Central Europe. http://www.migpolgroup.com/wp-content/uploads/2013/12/Refugee_Integration_and_the_use_of_indicators_evidence_from_central_europe_CONFERENCE-VERSION.pdf.

  • تحريرا في 13-7-2017
1/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى