الاقتصاديةالبرامج والمنظومات الديمقراطيةالدراسات البحثية

دور السلطة التشريعية فى صنع السياسات العامة الاقتصادية

 اعداد الباحثة: آية خطيب عطا الله نصر – المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة:

تعتبر السلطة التشريعية أحد الأعمدة الرئيسية لأى نظام ديمقراطي فهى أساس عملية التمثيل السياسي و أحد أهم أدوات مراقبة المحكومين لحكامهم و من ثم  فإن تشكيلها و طريقة عملها غالبا ما يكون لهما نتائج شديدة الاهمية على حركة و استقرار النظام السياسي عموما[1], حيث أنها تختص بتشريع القوانين و الانظمة و وضع القواعد العامة التى تنظم مختلف أوجه الحياة السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية و الصحية و غيرها في الدولة[2]. تكمن العلاقة بين السلطة التشريعية و السياسات العامة فى أن السلطة التشريعية تقوم بوضع التشريعات و القوانين و الخطط فى رسم سياسة معينة أو لمواجهة مشكلة معينة، و من ثم فهي تقوم بصنع السياسات العامة فى النظام السياسي[3],كما تختلف الدول فى تكوين السلطة التشريعية و دورها و تأثيرها فى صنع السياسات العامة فهناك دول تأخذ بنظام المجلس الواحد (البرلمان) مثل مصر و لبنان و تركيا و روسيا و غيرها و يمثل هذا المجلس جميع المواطنين و الاحزاب السياسية بها , و هناك دول تأخذ بنظام المجلسين كبريطانيا و الولايات المتحدة الامريكية, ففي بريطانيا مثلا مجلس العموم لا أهمية تزكر له فى صنع السياسة العامة, لأن حزب الاغلبية الحاكم يسطر عليه و يبقي دوره منحصر فى مناقشة تأهيل النخبة و توظيف أفرادها ,على عكس الكونجرس الامريكى الذي يلعب دور كبير فى صنع السياسات العامة من خلال اللجان الدائمة به[4].

تلعب السلطة التشريعية دور هام فى صنع السياسات العامة من خلال دورها فى التشريع حيث تصدر القوانين و هي أحد أشكال السياسة العامة بالإضافة إلي دورها المالى من خلال إقرار الموازنة العامة للدولة التى تعتبر التجسيد المالى و الرقمي للسياسات العامة, و أيضا لها دور فى اقرار السياسات العامة و مشروعات التنمية و لا يقتصر على ذلك فقط فلها دور فى الرقابة على أداء و تنفيذ هذه السياسات[5].  و بما أنه هناك تباين فى أداء بعض الهيئات التشريعية عند رسم و تنفيذ السياسات العامة  فهناك هيئات يكون دورها ضئيل فى عملية الرسم و التنفيذ إن لم يكن مصادر لصالح السلطة التنفيذية و هذا ما نجده فى كثير من أنظمة الدول النامية حيث يبرز فى ظل هذا النوع من الأنظمة حالة دمج السلطات مع هيمنة واضحة للسلطة التنفيذية على باقي السلطات و تكون السلطة التنفيذية هى المسئول الفعلى عن عملية صنع السياسات العامة و هذا يعنى عدم وجود قنوات رقابة على عمل السلطة التنفيذية[6].

كان هذا ما يحدث فى مصر فى خاصة فى عهد مبارك حيث كانت تهيمن السلطة التنفيذية على السلطات الاخرى و كان لا يوجد دور للبرلمان سوى الموافقة على قرارات الحكومة و من ثم و بعد قيام ثورة 25 يناير2011م و ثورة 30 يونيو 2013م و بعد إنشاء برلمان الجمهورية الثالثة سندرس دور السلطة التشريعية فى صنع السياسات العامة و نظرا لما تعانيه مصر من أزمة فى الاوضاع الاقتصادية و للكثير من القرارات التى اتخذتها الدولة فى الإقتصاد الفترة الماضية و التى أثارت غضب الشارع المصري نظرا لما لها من أعباء , تم تحديد الدراسة على دور البرلمان فى صنع السياسات العامة الاقتصادية .

مما سبق سنحاول الاجابه على السؤال البحثي الاتى:

  • ما هو دور السلطة التشريعية فى وضع السياسات العامة الاقتصادية  فى مصر ؟

و سيتم تناول الدراسة كالاتى:

أولا: محددات دور السلطة التشريعية:

  • 1- المحددات القانونية
  • 2- المحددات السياسية
  • 3- المحددات المجتمعية

ثانيا : الهيكل المؤسسي للبرلمان:

كيف يتم تناول السياسة الاقتصادية داخل البرلمان ) لجنة الموازنة و الخطة العامة, و اللجنة الاقتصادية)

  • ثالثا: أدوات صنع القرار الاقتصادي داخل البرلمان (التشريع والرقابة والموازانة)
  • رابعا: الاشكاليات والعوائق التي تعترض دور البرلمان في صنع السياسة الاقتصادية.

أولا: محددات دور السلطة التشريعية[7]:

1-  المحددات القانونية

لقد حدد دستور 2014م إختصاصات محددة واسعة الصلاحيات لمجلس النواب و ذلك باعتباره الهيئة السياسية التى إختارها الشعب, حيث تنص المادة 101 من الدستور بأن يتولى مجلس النواب سلطة التشريع , و إقرار السياسة العامة للدولة و الخطة العامة للتنمية الإقتصادية و الإجتماعية و الموازنة العامة للدولة و يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية و ذلك على النحو الموضح فى الدستور كالاتى

اولا: التشريع:

هو أهم إختصاصات السلطة التشريعية وفقا لما ذكرناه فى المادة 101, و لكل عضو من أعضاء مجلس النواب إقتراح القوانين لكن هذه الإقتراحات وفقا للمادة 122 من الدستور لا تحال إلي اللجنة النوعية إلا بعد إجازة اللجنة المختصة بالمقترحات و موافقة المجلس , بينما تحال مشروعات القوانين المقدمة من الحكومة أو من عشر أعضاء المجلس إلي اللجان النوعية مباشرة لإعداد تقرير و عرضه على المجلس.

ثانيا: إقرار السياسة العامة للدولة:

تنص المادة 150 علي : يضع رئيس الجمهورية بالإشتراك مع مجلس الوزراء  السياسة العامة للدولة و يشرفان علي تنفيذها على النحو المبين بالدستور و لرئيس الجمهورية أن يلقي بيان حول السياسة العامة للدولة أمام مجلس النواب عند إفتتاح دور إنعقاده العادى السنوى.

ثالثا: إقرار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والموازنة العامة للدولة:

وفقا للمادة 124 من الدستور يعرض مشروع الموازنة على مجلس النواب قبل تسعين يوما على الأقل من بدء السنة المالية، ويتم التصويت عليه، ولا تكون نافذة إلا بموافقته عليها. و لا يجوز أن يتضمن قانون الموازنة أى نص يكون من شأنه تحميل المواطنين أعباء جديدة، كما يجب وفقا للمادة 125 من الدستور عرض الحساب الختامى للموازنة العامة للدولة على مجلس النواب خلال مدة لا تزيد عن ستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية، ويعرض معه التقرير السنوى للجهاز المركزى للمحاسبات وملاحظات على الحساب الختامى، الذى يتم التصويت عليه بابا بابا ويصدر بقانون

ثالثا: الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية:

تتمثل أساليب الرقابة المقرره وفقا للدستور فى الإستجواب وطلب منافشة موضوع عام، وتقديم طلبات الإحاطة أو البيانات العاجلة، وتشكيل اللجان الخاصة أو تكليف إحدى لجان مجلس النواب بتقصى الحقائق فى موضوع عام أو فحص نشاط إحدى الجهات الإدارية أو الهيئات العامة أو المشروعات العامة، لتقصى الحقائق فى موضوع معين أو إجراء تحقيقات، ويقرر المجلس ما يراه مناسبا فى هذا الشأن، وللجنة فى سبيل القيام بمهمتها أن تجمع ما تراه من أدلة وأن تطلب سماع من ترى سماع أقواله وعلى جميع الجهات أن تستجيب لطلبها و يحق لعضو مجلس النواب الحصول على أيبيانات أو معلومات من السلطة التنفيذية تتعلق بأداء عمله فى المجلس [8].

رابعا: تعديل الدستور:

يحق لرئيس الجمهورية وفقا للمادة 226 من الدستور، أو لـ”خمس أعضاء مجلس النواب”، طلب تعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، مع ذكر المواد المطلوب تعديلها وأسباب التعديل فى الطلب، وعلى مجلس النواب مناقشة الطلب خلال ثلاثين يوما من تاريخ تسلمه، ويصدر المجلس قراره بقبول الطلب كليا أو جزئيا بأغلبية أعضائه، وإذا رفض الطلب لا يجوز طلب تعديل ذات المواد قبل حلول دور الانعقاد التالى، وفى حال الموافقة، تناقش نصوص المواد بعد ستين يوما من تاريخ الموافقة ثم تطرح للاستفتاء عليها، ويصبح التعديل نافذا من تاريخ إعلان النتيجة وموافقة أغلبية عدد الأصوات الصحيحة للمشاركين فى الاستفتاء , و وفقا لذات المادة، لا يجوز تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية، أو بمبادئ الحرية أو المساواة ما لم يكن التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات.

2- المحددات السياسية:

التشكيل السياسي و الحزبي للبرلمان:

لقد فاز في إنتخابات البرلمان 19 حزبا فقط ، من أصل 108 حزب مصري أثناء عقد الانتخابات ، وقد شكلت الاحزاب في هذا المجلس  نسبة %43 تقريبا  بعدد 239 من العدد الإجمالي لمقاعد المجلس وشغل المستقلين 57% بعدد 319 من  مقاعد البرلمان[9], و حازت الاحزاب اليمينية أكثرية المقاعد الحزبية وتصدر حزب المصريين الاحرار المرتبة الاولي ب 63 مقعد و تلاه حزب مستقبل وطن ب 53 مقعد ثم حزب الوفد ب 36 مقعد و حاز حزب حماة الوطن 18 مقعد و 13 للشعب الجمهوري و 12 لحزب المؤتمر و حزب النور 11 مقعد ,و أحزاب اليسار لم تتخطي 10 مقاعد[10].و من ثم يلاحظ أن  التوجه الرئيسي فى البعد الفكرى و الأيديولوجي للبرلمان هو إتجاه يمين الوسط او ما يطلق عليه الليبرالية الاجتماعية و من الأحزاب التى تمثله مستقبل وطن , حماة الوطن , الشعب الجمهوري , الحركة الوطنية , حراس الثورة , الاصلاح و التنمية , مصر الحديثة , و عدد كبير من نواب المجلس المستقلين و يمثلون فى حدود 356 نائب و هم أغلبية نواب المجلس بنسبة تتجاوز 59.7% , بينما يمثل الليبرالية التقليدية حزب الوفد , والمؤتمر و عدد لا بأس به من المستقلين حوالي 86 نائب أى بنسبة 14.4% من إجمالى المقاعد و هم أقرب من حيث التوجه الفكرى لتيار الليبرالية الاجتماعية , أما التوجه الليبرالي الجديد و يمثلهم نواب من المصريين الأحرار و من المحافظين ، و الحرية و الصرح المصري الحر , بالإضافة إلي عدد لا بأس به من النواب المستقلين و معظمهم رجال أعمال و نسبتهم 21.5% من اجمالى مقاعد المجلس , أما التوجه الإسلامى فيمثله 15 نائب من بينهم كما ذكرنا 11 نائب لحزب النور أي بنسبة 2.5% من إجمالى المجلس , و مثل التيار اليساري أحزاب التجمع و المصري الديمقراطي الاجتماعى و الديمقراطي الناصري و 3 مستقيلن أخرين و نسبتهم 1.9%[11].

و نلاحظ عودة رجال الحزب الوطنى المنحل من جديد للبرلمان سواء كانوا نواب سابقين أو قيادات شعبية و محلية للحزب الوطنى  ترشحوا من خلال أحزاب سياسية مختلفة في توجهاتها و من خلال قائمة في حب مصر و مستقلين  عددهم 304 نائب بنسبة 51% من إجمالى المقاعد[12].و نلاحظ أيضا إنخفاض النواب الممثلين للعمال و الفلاحين فكانت نسبتهم 9% من اجمالى المقاعد و هم إما عمد و من كبار ملاك الاراضي أو نقابيون عماليون كبار مما سيؤثر سلبا على قضايا العمال و الفلاحين. و فى المقابل جاء عدد رجال الاعمال و أصحاب المشروعات و  الأعمال الحرة 125 نائب أى نحو 21% من البرلمان , مما يجعل دورهم أكثر فاعلية فى قرارات و تشريعات البرلمان و مواقفه من سياسات الحكومة بشكل عام و خاصة الاقتصادية لما يخدم مصالحهم فى عملية صنع سياسات الدولة[13].

و لم تستطع القوي السياسية  إنشاء ائتلافات داخل المجلس إلا ائتلاف واحد فقط تحت اسم ” دعم مصر” رغم أن اللائحة نصت على حد أدنى مرتفع لتكوين الائتلافات البرلمانية[14].

مما سبق يتضح أن النسبة الاكبر فى البرلمان لرجال الدولة و المسئولين الكبار و الموظفين العموميين و وزراء سابقين و رجال شرطة و جيش و قضاه و نواب سابقين فى الحزب الوطنى و من ثم ستتأثر السياسة الإقتصادية للدولة بالتوجهات الفكرية و السياسية بالبرلمان و ستلعب كتلة رجال الأعمال دور مؤثر فى ترجيح السياسات التى تخدم مصالحهم و توجهاتهم مما سيؤثر سلبيا على سياسات تحقيق العدالة الاجتماعية و الدعم الموجه للسلع الضروروية ومراعاة محدودى الدخل و الفقراء.

3- المحددات المجتمعية:

توقعت العديد من المراكز البحثية و خاصة بحوث الرأي العام و منها المركز المصري لبحوث الرأى العام (بصيرة) بأن نسبة المشاركة خاصة من الشباب ستكون ضعيفة و من أسباب عزوف الشباب عن المشاركة في انتخابات البرلمان لعدم وجود عنصر الشباب في البرلمان و انخفاض المستوى العلمي لعدد كبير من المتقدمين للترشح , و فشل الاحزاب في  تصدير برامج مقنعة للناخب , و ايضا لان عدد كبير من المترشحين من الجيش و الشرطة و القضاء و الحزب الوطنى السابق, و لاعتقادهم بان المجلس لا يفعل شئ و ليس له دور بل انه يساعد في الفساد[15]. و بالفعل جاءت المشاركة ضعيفة فوفقا لتقرير اللجنة العليا للانتخابات فإن نسبة التصويت فى المرحلتين الاولى و الثانية 28,2% عدا أربعة دوائر[16]. مما يعنى أن الشعب يري أن هذا البرلمان لا يعبر عنه فهو يدرك تماما أنه مثل البرلمانات السابقة.

ثانيا : الهيكل المؤسسي للبرلمان :

تنص المادة 44 بمراعاة ما ورد فى شأنه نص خاص فى هذه اللائحة، تتولى كل لجنة من اللجان النوعية الدراسة وإبداء الرأى فى مشروعات القوانين، والاقتراحات بقوانين، والقرارات بقوانين، وغير ذلك من الموضوعات المتعلقة بالاختصاصات الموضحة لكل لجنة و سنركز على اللجان المتعلقة بالشئون الإقتصادية و هما لجنة الخطة و الموازنة العامة و لجنة الشئون الإقتصادية و سنوضح اختصاص كل منهما كما يلي

1-لجنة الخطة و الموازنة العامة :

حددت اللائحة الداخلية اختصاصات هذه اللجنة كما يلي:

  • 1-الخطة والموازنة العامة للدولة والموازنات الأخرى.
  •  2-موازنات وحدات الإدارة المحلية بالاشتراك مع لجنة الإدارة المحلية.
  •  3-موازنات المجالس والهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية.
  •  4-التقارير السنوية والدورية للجهاز المركزى للمحاسبات وتقاريره عن الحسابات الختامية، والتقارير الخاصة التى يعدها عن المركز المالى للمصالح والأجهزة والهيئات العامة ووحدات الإدارة المحلية والقطاع العام وقطاع الأعمال العام.
  • 5-التشريعات الخاصة بالضرائب والجمارك والرسوم وغيرها من الفرائض والأنظمة المالية.
  •  6-موازنة مجلس النواب وحساباته الختامية.

وغير ذلك من المسائل الداخلة فى اختصاص الوزارات والأجهزة المختصة بالتخطيط و بالمالية.

  • دور اللجنة فى وضع الموازنة العامة للدولة

قامت اللجنة بتعديل فى مشروع قانون الخطة و الموازنة العامة حيث لأول مرة  تزيد الموازنة عن ما قدمته الحكومة  بمقدار ٣٨ مليار جنيه، بينهم ٢٨ مليار جنيه للإسكان الاجتماعي، و١٠ مليار جنيه للتعليم والبحث العلمى.[17]

و قامت اللجنة بمناقشة الموازنة و رغم الخلاف الذي حدث حول الموازنة لما بها من أثار سلبية على المواطنين محدودى من حيث ارتفاع الأسعار بشكل كبير فى العام الحالى و المقبل و رغم ذلك عرضت اللجنة تقريرها على المجلس و تمت مناقشته و قام المجلس بالموافقه على الموازنة العامة و إرسالها الى رئيس الجمهورية [18].

2-لجنة الشئون الاقتصادية

حددت اللائحة الداخلية اختصاصات هذه اللجنة كما يلي:

  • السياسة الاقتصادية.
  • مسائل النقد والائتمان والادخار.
  • سياسة الأجور والأسعار.
  • التأمين والقروض.
  • شئون التجارة الداخلية.
  • التموين والتوزيع والاستهلاك والتعاون الاستهلاكى.
  • شئون التجارة الخارجية.
  • التشريعات والاتفاقات الاقتصادية والتجارية.
  • الشئون الاقتصادية المتعلقة بالسوق العربية المشتركة والتكامل الاقتصادى مع السودان.
  • سياسة الاستثمارات والمناطق الحرة. وغير ذلك من المسائل الداخلة فى اختصاص الوزارات والأجهزة المختصة بالاقتصاد والتعاون الاقتصادى.

لقد ناقشت اللجنة القرارات بقوانين التى أصدرها الرئيس السيسي فى غياب البرلمان 2014م و 2015م, كما ناقشت قانون الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 14% الذي ثار الكثير من الجدل حوله فى البرلمان بين النواب نظرا لرفض زيادة الضريبة على 10% و لكن انتهي الامر بتعديل اللجنة للنسبة بحيث جعلتها العام الحالى 13% و العام القادم 14%[19].

و تناقش اللجنة الإقتصادية في دور الانعقاد الثانى للبرلمان القوانين التى تدعم إصلاح الإقتصاد منها قانون الإستثمار و الإصلاح الضريبي و المشروعات الصغيرةو الإفلاس و تصفية الشركات و الثروة المعدنية و صندوق دعم المصانع المغلقة[20]. كما أنها وافقت من حيث المبدأ على قانون حماية المستهلك الجديد و تقوم بمناقشته حاليا[21].

ثالثا: أدوات صنع القرار الاقتصادى فى البرلمان:

1-التشريع

أقر البرلمانخلال دور الإنعقاد الأول عشرات القوانين والتشريعات فقد عقد جلسة عامة أقر خلالها 341 قرار بقانون قد تم إصدارها من قبل الرئيس فى ظل غياب البرلمان و قد مررت تلك القوانين بمتوسط أصوات 450 نائب بنسبة لا تزيد عن 75% من إجمالى أعضاء المجلس[22].

كما قام المجلس بالنظر في 82 مشروع قانون شملت مشروع قانون الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2016م-2017م و مشروع قانون بإعتماد خطة التنمية الإقتصادية و الإجتماعية للسنة المالية 2016م-2017م , و عدد 50 مشروع قانون موازنات الهيئات الاقتصادية[23].

و وافق المجلس علي عدد من القوانين الهامة أبرزها تخص الجهات الاقتصادية و الجيش و الشرطة و مجلس الدولة , كما وافق علي عدد كبير من قرارات الرئيس عبد الفتاح السيسي بجانب الموافقة علي القوانين الخاصة  بالقيمة المضافة و بناء الكنائس و الخدمة المدنية [24].

نلاحظ مما سبق أن القوانين التى أقرها المجلس هى من اقتراح السلطة التنفيذية ، و أن المجلس قد وافق عليها و أقرها جميعا رغم أن معظمها أثار ضجة و اعتراض لدى محدودى الدخل خاصة فى القوانين الخاصة بالإقتصاد و قد ثار خلاف بين أعضاء البرلمان أيضا و لكن اقرها البرلمان فى النهاية و هذا يدل على أن البرلمان يتوافق مع الحكومة و سياستها و من ثم فهو منفذ للسياسات التى ترغب في تحقيقها.

2_الرقابة :

كما ذكرنا سابقا فالدستور و اللائحة الداخلية للبرلمان أقرت باختصاص البرلمان في المراقبة علي أعمال الحكومة  و بناء علي ذلك نظر المجلس في 324 طلب إحاطة من الطلبات التي تم تقديمها له , و كانت أكثرها موجهة لرئيس مجلس الوزراء و وزير التموين و وزير الزراعة و استصلاح الاراضي و وزير الصحة بسبب الفساد فى منظومة القمح,و الاخري كانت لوزير الشباب و الرياضة بسبب المشاكل التى تواجهها مراكز الشباب, بالإضافة إلي الطلبات الموجهه لوزير الاسكان و وزير التنمية المحلية و وزير التخطيط و المتابعة و الإصلاح الإدارى عن المشاكل مياه الشرب و الصرف الصحي,  و نظر 256 بيان عاجل , و بلغ عدد الاسئلة 472 سؤال تمت الإجابة شفاهة علي 45 سؤال فقط و أجابت الحكومة برد كتابي على باقي الاسئلة, و بلغ عدد الإستجوابات التى قدمت للمجلس 11 إستجواب 7 منها موجهة لوزير التموين و التجارة الداخلية و لكنها لم تنفذ حيث إستقال الوزير ، و الاستجوابات الاخري لوزير التعليم بسبب تسريب امتحانات الثانوية العامة و لكنها سقطت بسبب انتهاء دور الانعقاد الاول و الاستجواب الاخر تم سحبه بناء على طلب من مقدمه[25], و الاداة الرقابية التى كانت أبرز أعمال البرلمان فى دور الانعقاد الاول هى ” لجنة تقصي الحقائق فساد القمح ” و التى وجهت فى تقريرها المسئولية القانونية و السياسية لوزير التموين و المسئولين بمنظومة القمح, و لكن البرلمان لم يأخذ موقف ضد وزير التموين.و لم يأخذ أى قرار بسحب الثقة لوزير او للحكومة نفسها رغم أنه حق مخول له و خاصة فى موضوع فساد القمح حيث كانت أمامه الأدلة و المستندات التى قدمتها لجنة تقصي الحقائق فى تقريرها و لكنه اكتفي بإحالة التقرير إلى النائب العام, مما يعنى أن البرلمان يدعم الحكومة و لا يقوم بمهمته التى خولها له الدستور.

3-الموازنة العامةو خطة التنمية الاقتصادية

ذكرنا سابقا أنهوفقا للمادة 124 من الدستور يتم عرض مشروع الموازنة على مجلس النواب قبل تسعين يوم على الأقل من بدء السنة المالية و لا تنفذ الموازنة إلا بموافقة البرلمان عليها, كما نصت المادة 125 من الدستور أنه لا يجوز أن يتضمن قانون الموازنة أى نص يكون من شأنه تحميل المواطنين أعباء جديدة بالإضافة إلى نص دستور 2014م بالزام المشرع بعدم استخدام هذا النظام فى الضرائب على الافراد , و  رغم ذلك اعتمدت الموازنة المالية الضريبة التصاعدية فى النظام الضريبي الجديد, وذلك مخالف للعدالة الاجتماعية[26].

كما جاءت الموازنة مخالفة لبنود التعليم و الصحة و البحث العلمى فى دستور 2014م ، حيث نص بان تلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للتعليم بواقع 4% من الناتج القومى و نسبة 2% للتعليم الجامعى , و 3% لقطاع الصحة و 1% للبحث العلمى ،حيث بلغت نسبة الإنفاق على قطاع الصحة 1.5 % بما يعادل 47 مليار جنيه من قيمة الناتج القومي، مقابل 2.6% للتعليم والبحث العلمي[27].

و رغم الخلاف الذي ثار داخل البرلمان على الموازنة و الانتقادات التى وجهت لها إلا أن البرلمان وافق على الموازنة العامة للدولة و خطة التنمية و موازنة الهيئات الاقتصادية و قام بارسالهم إلى مجلس الدولة قبل التصويت يلاحظ أن المجلس فى تلك المناقشه قام بغلق باب المناقشة فجأة  و عندما تم التصويت على الموازنة ثار خلاف بين الاعضاء عليها و لكن انتهت بموافقة البرلمان عليها[28].

و من ثم يتضح أن البرلمان الذي يعبر عن الرأى العام و يقوم بالتعبير عن مشاكلهم لا يراعي ما يعانيه المواطنين خاصة محدودى الدخل من زيادة الضرائب و ارتفاع الاسعار فهو يوافق على مقترحات الحكومة في كل السياسات التى تتبعها و خاصة الاقتصادية رغم ما بها من مخالفات و زيادة اعباء على المواطنين.و من ثم يتضح مدى تأثير التوجه الفكرى لأعضاء البرلمان الذين كما ذكرنا اكثرهم من الحزب الوطنى السابق و اللواءات و القضاة السابقين و رجال الأعمال.

رابعاً : الاشكاليات والعوائق التي تعترض دور البرلمان في صنع السياسة الاقتصادية

تكمن العوائق التى تواجه البرلمان فى الأزمة الإقتصادية التى تمر بها البلاد من حيث مشكلة سد عجز الموازنة الذي بلغ 9.4 و انهيار السياحة التى كانت تدخل عائدات كبيرة الى الدخل و ارتفاع معدل التضخم  إلي 11% و البطالة إلى 12.9%  و ارتفاع الدين الداخلى إلى 2.016 تريليون جنية و الدين الخارجى 39.853 مليار دولار.

و من التحديات التى واجهت البرلمان القرارات بقوانين الاقتصادية التى أصدرها الرئيس السيسي فى ظل غياب البرلمان و كانت الحكومة منتظرة من البرلمان القيام باقرار القرارات التى تبنتها و بالفعل قام البرلمان بالموافقه على تلك القوانين رغم ما بها من أعباء على المواطن.

من الاشكاليات التى تعرقل دور البرلمان فى صنع السياسة الاقتصادية وجود نسبة كبيرة من الاعضاء من رجال الجيش و الشرطة و الحزب الوطنى السابق  مؤيدة للحكومة و وجود نسبة كبيرة من رجال الاعمال التى تهتم بالقوانين التى تخدم مصالحها.

خاتمة:

يتضح من خلال الدراسة أن الدستور قد خول السلطة التشريعية سلطات واسعة فى المراقبة على أداء الحكومة و وضع الموازنة و الخطة العامة و التنمية الاقتصادية و إقرار السياسة العامة للدولة و غيرها و يتضح أيضا ان التكوين الحزبي و السياسي للبرلمان أثر كثيرا فى قرارات البرلمان فأكثر الاعضاء من وزراء سابقين و رجال جيش و شرطة و قضاة و رجال اعمال و رحال حزب وطنى سابق ، و ذلك ما أدى الى عزوف الكثير من المواطينن  خاصة الشباب عن المشاركة فى الانتخابات.

و قد حددت اللائحة الداخلية للمجلس لجان نوعية لكل لجنة اختصاصها و تم انشاء لجنة للموازنة و الخطة العامة و لجنة اقتصادية و لكل منهما اختصاصها و قد ناقشت لجنة الموازنه و الخطة العامة الموازنة المالية لعام 2016-2017 و عرضتها على المجلس و رأينا ما ثار من خلاف حولها و ما بها من أخطاء دستورية و أعباء على المواطن , و رغم ذلك وافق المجلس عليها و ناقشت اللجنة الاقتصادية القرارات بقوانين التى اصدرها الرئيس السيسي فى ظل غياب البرلمان , وتمت الموافقة عليها جميعا , و لم تقترح اللجنة أى سياسات أو قوانين بل كل القوانين التى ناقشتها من اقتراح الحكومة مثل قوانين القيمة المضافة و الاستثمار و التمويل و غيرها  كما أن البرلمان لم يقم باى استجواب للحكومة و اكتفي  بتوجيه الاسئلة فقط و لم يستخدم حق سحب الثقة من الحكومة او أحد الوزراء و الاداة الوحيدة التى برز دورها هى لجنة تقصي حقائق القمح و لكن المجلس لم يتخذ أى قرار تجاه وزير التموين أو الحكومة  و هذا يدل على ان البرلمان متوافق مع الحكومة فى قرارتها و سياستها و من ثم فدوره محدود فى صنع السياسات العامة الإقتصادية.

المراجع

  • تقرير انجازات البرلمان فى دور الانعقاد الاول, الموقع الرسمي لمجلس النواب, 2016.
  • تامر اسماعيل, 7 قوانين إقتصادية فى خزانة البرلمان, 4 اكتوبر , 2016. http://www.parlmany.com/News/7/127524/7-
  • جيمس اندرسون ,صنع السياسات العامة,ترجمة د.عامر الكبيسي, دار المسيرة , عمان ,1999.
  • رؤية تقييمية للبرلمان المصري فى دور انعقاده الاول, ماعت للسلام و التنمية,2016.
  • سمير رمزى , التحالفات البرلمانية و فاعلية دور الاحزاب فى البرلمان , مركز البديل للتخطيط و الاستراتيجية ,3 اكتوبر 2016.
  • الشباب المصري يعزف عن المشاركة في الانتخابات, العربي الجديد, القاهرة, 3013 اكتوبر 2105.https://www.alaraby.co.uk/politics/20
  • مسلم هنيدي، “الحصاد البرلماني عن شهر أغسطس بين ضخامة الأجندة التشريعية وانقضاء الدور الأخول للانعقاد” مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية (القاهرة)، 10/9/2016.
  • مها عبداللطيف, محمد عدنان, النظام السياسي و السياسة العامة,مركز الفرات للتنمية و الدراسات الاستراتيجية, 2006.
  • مختار شعيب , التيارات السياسية فى برلمان الجمهورية الثالثة , 9 فبراير 2016[1]http://www.ahram.org.eg/News/131811/145/475533/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-
  • محمد المنسي ,تقرير لجنة الخطة بالبرلمان بشأن مشروع الموازنة,21 يونيو 2016,                       http://www.vetogate.com/2243291
  • نور على , البرلمان يوافق على الموازنة العامة , 29 يونيو 2016 , http://www.parlmany.com/News/7/9
  • نور على , البرلمان ينتهى من الموازنة العامة و الخطة الاقتصادية, 30 يونيو2016,http://www.youm7.com/story/2016/6%
  • عبد اللطيف صبح , الاقتصادية توافق على قانون حماية المستهلك, 21 نوفمبر 2016,http://www.parlmany.com/News/7/
  • على الدين هلال,مازن حسن, مي مجيب, الصراع من اجل نظام سياسي جديد: مصر بعد الثورة,الدار المصرية اللبنانية, 2013
  • عماد رمضان , ورشة عمل تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة على البرلمان تجارب وخبرات عربية ودولية , مركز القدس للدراسات السياسية , 2010 .
  • عماد رمضان , ورشة عمل تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة على البرلمان تجارب وخبرات عربية ودولية , مركز القدس للدراسات السياسية , 2010 .
  • وثيقة دستور جمهورية مصر العربية 2014.
  • عادل جمال الدين ,8 أخطاء تسقط الموازنة العامة في فخ العوار الدستوري,4 يوليو 2016, https://eltahalof.com/news/13098

 د.على الدين هلال,مازن حسن, مي مجيب, الصراع من اجل نظام سياسي جديد: مصر بعد الثورة,الدار المصرية اللبنانية, 2013[1]

جيمس اندرسون ,صنع السياسات العامة,ترجمة د.عامر الكبيسي, دار المسيرة , عمان ,1999. [2]

مها عبداللطيف, محمد عدنان, النظام السياسي و السياسة العامة,مركز الفرات للتنمية و الدراسات الاستراتيجية, 2006.[3]

 مها عبد اللطيف, محمد عدنان, المرجع السابق.[4]

جيمس أندرسون, المرجع السابق.[5]

مها عبد اللطيف , محمد عدنان, المرجع السابق.[6]

 وثيقة دستور جمهورية مصر العربية 2014.[7]

[8]عماد رمضان , ورشة عمل تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني في الرقابة على البرلمان تجارب وخبرات عربية ودولية , مركز القدس للدراسات السياسية , 2010

 رؤية تقييمية للبرلمان المصري فى دور انعقاده الاول, ماعت للسلام و التنمية,2016 [9]

سمير رمزى , التحالفات البرلمانية و فاعلية دور الاحزاب فى البرلمان , مركز البديل للتخطيط و الاستراتيجية ,3 اكتوبر 2016.              [10]

مختار شعيب , التيارات السياسية فى  برلمان الجمهورية الثالثة , 9 فبراير 2016[11]http://www.ahram.org.eg/News/131811/145/475533/%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3-

مختار شعيب , المرجع السابق. [12]

 مختار شعيب, المرجع السابق. [13]

[14]مسلم هنيدي، “الحصاد البرلماني عن شهر أغسطس بين ضخامة الأجندة التشريعية وانقضاء الدور الأخول للانعقاد” مركز البديل للتخطيط والدراسات الاستراتيجية (القاهرة)، 10/9/2016

[15]الشباب المصري يعزف عن المشاركة في الانتخابات, العربي الجديد, القاهرة, 3013 اكتوبر 2105.https://www.alaraby.co.uk/politics/20

https://www.elections.eg/ملخص تقرير الإنتخابات التشريعية (مجلس النواب 2015), الموقع الرسمي لللجنة العليا للأنتخابات. [16]

7  محمد المنسي ,تقرير لجنة الخطة بالبرلمان بشأن مشروع الموازنة,21 يونيو 2016,                                              http://www.vetogate.com/2243291

[18]نور على , البرلمان يوافق على الموازنة العامة , 29 يونيو 2016 ,  http://www.parlmany.com/News/7/9

 رؤية تقييمية للبرلمان المصرى في دور الانعقاد الاول, ماعت للسلام و التنمية.2016.[19]

,http://www.parlmany.com/News/7/127524/7-

11 تامر اسماعيل, 7 قوانين إقتصادية فى خزانة البرلمان, 4 اكتوبر , 2016. http://www.parlmany.com/News/7/127524/7-

عبد اللطيف صبح , الاقتصادية توافق على قانون حماية المستهلك, 21 نوفمبر 2016,http://www.parlmany.com/News/7/[21]

 تقرير انجازات البرلمان فى دور الانعقاد الاول, الموقع الرسمي لمجلس النواب, 2016.[22]

 تقرير انجازات البرلمان , المرجع السابق.[23]

 رؤية تقييمية عن دور البرلمان , مرجع سابق. [24]

تقرير انجازات البرلمان , المرجع السابق.[25]

[26] عادل جمال الدين ,8 أخطاء تسقط الموازنة العامة في فخ العوار الدستوري,4 يوليو 2016, https://eltahalof.com/news/13098

 عادل جمال الدين, المرجع السابق.[27]

[28]نور على , البرلمان ينتهى من الموازنة العامة و الخطة الاقتصادية, 30 يونيو2016,http://www.youm7.com/story/2016/6%

  • تحريرا في 17-8-2017
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى