عاجلمقالات

لماذا يستهدفون الحشد الشعبي؟

بقلم الباحث السياسي :  محمد كريم جبار الخاقاني

 

لم تهدا عاصفة الانتقادات الموجهة للحشد الشعبي من كل حدب وصوب , بسبب دوره المميز في مقاتلة التنظيمات الإرهابية التي عاثت في الأرض فساداً , لذلك اتسعت دائرة التشويه المتعمد لتجربة الحشد الشعبي بسبب الانتصارات المتتالية التي حققتها تلك القوات المساندة للقوات المسلحة العراقية, فلم تقتصر الأساليب الدعائية الرخيصة الموجهة للتقليل من نجاحات أغاضت الأعداء على الإعلام والرأي العام العالمي , بل كانت شراراته متوجهة داخلياً لأغراض دنيئة ومريضة تنم عن تنامي الحقد الدفين لهؤلاء العملاء من سياسيين وغيرهم داخل العراق, فصدحت حناجرهم بأعلى الأصوات لإفشال تلك التجربة الجديدة التي حفظت العرض والأرض بعد أن تم احتلال المساحات الكبيرة من البلاد مما هدد كيان العراق ككيان سيادي موحد, ولم يرق لتلك الفئة السرطانية أن ينتفض أبناء العراق للدفاع عن أرضهم وعرضهم فكانوا هم السكين التي دست في الخاصرة العراقية , لنكون أمام عدوين , الأول ظاهري يتمثل بالتنظيمات الإرهابية المدعومة بالمال القادم من وراء الحدود وليس له من هدف سوى تفتيت العراق إلى دويلات ضعيفة , بينما اندس العدو الثاني بين المواطنين ليكون طابوراً خامساً وظيفته بث الإشاعات المغرضة والدعوة إلى التسليم بالواقع المفروض وتسليط الأجنبي على رقاب العراقيين, وأمام تلك المعطيات التي أفرزتها ظروف أحداث حزيران عام 2014 , تصدت مرجعية النجف الاشرف لتلك التخرصات الإرهابية والتهديدات المستمرة لقلب المعادلة لصالح تلك المجموعات الظلامية لتنفذ مخططاتها الخبيثة , فأعلنت النفير العام من خلال الدعوة للتطوع لمن يستطيع حمل السلاح من كافة أبناء الشعب العراقي وعدم اقتصارها على مكون دون آخر وعلى طائفة بعينها دون سواها, فكانت تشكيلات الحشد الشعبي الصورة المعبرة عن حال المتطوعين الذين بلغت أعدادهم ما يفوق التصورات والتوقعات , لتؤسس بداية النصر العراقي بسواعد أبناؤه الغيارى لتحرير الأرض والعرض التي استباحتها الزمر التكفيرية ولتكتب أروع صور الملاحم البطولية التي روتها دماء الشهداء , ولذلك كان من الواجب التصدي لتلك الفئة المضلة التي تعمل في الخفاء للتمكين من تنفيذ المخططات الرامية لتجزئة وتقسيم العراق , فكانت المعارك متعددة مع هؤلاء , فالجانب العسكري اتسم بالتعاون مع القوات المسلحة لتكون قطعات الحشد الشعبي الظهير المساند لها في معارك التحرير , وفي الجانب الإعلامي اتسعت مديات الحرب النفسية لتصيب العدو بالوهن واليأس نتيجة الصمود الأسطوري والرغبة المتناهية لتحرير الأرض العراقية على الرغم من شن الحملات الإعلامية من على الشاشات الصفراء المأجورة , واستمرت أبعاد المعركة لتشمل الميدان الخارجي الذي تمثل بجهود الخارجية العراقية وعلى رأسها الدكتور إبراهيم الجعفري الذي كان له الأثر الأكبر والدور المميز لتوضيح الموقف البطولي للحشد الشعبي ونقل الصور الإنسانية الرائعة التي كانت الرد الحاسم على من طعن في شرعية تلك القوات وعمل على تشويه صورة الحشد الشعبي من خلال بث الأكاذيب والتقارير المفبركة عن التعامل مع الحالات الإنسانية التي تفرزها المعارك , لذلك لم يكن من المبالغة أن يتم وصف الدكتور الجعفري بأنه ( قائد الحشد الدبلوماسي) لينقل الصورة الناصعة للحشد الشعبي في كل المناسبات والمؤتمرات الدولية , فكان يستغل كل من تلك التجمعات الدولية لتوضيح الصورة الحقيقية لما يجري في العراق وإبراز دور الحشد كقوات رديفة للقوات المسلحة , ومع محاولات البعض تشويه دور الحشد الشعبي من خلال تصويرهم على إنهم فئة طائفية تستغل الظروف لتنفيذ أجندات خارجية تعمل على الانتقام من المواطنين وترهيبهم , فقد فشلت كل تلك التصورات المريضة من خلال نقل وقائع المعارك بشكل مباشر وبثها للعالم ليكون على بينة من أمر ما يحدث في العراق من قتال بين مجموعات إرهابية استهدفت كل شيء واتخذت من المواطنين الآمنين دروعاً بشرية فكانت المعركة العسكرية تجربة جديدة في كيفية التعامل مع المدنيين وفقاً للقوانين الدولية بهذا الشأن, فمن خلال التعامل المباشر بين المواطنين والقوت المسلحة ومن ضمنها الحشد الشعبي أثبتت كذب الافتراءات والدعايات الرخيصة التي كان البعض يحاول النيل من تلك الأهداف التي يريد تحقيقها الحشد الشعبي المتمثلة بتحرير الإنسان قبل الأرض , لذا كان من أولويات التوجهات الخارجية العراقية هي نقل تلك الصور الحقيقية وتوضيح حقيقة مهمة لكل العالم وهي إن الحشد الشعبي كان نتيجة طبيعية للنخوة العراقية التي استجابت لنداء الوطن , فكان التلاحم بين مكونات البلد دليلاً على تلك الدعوة , واستطاعت السياسة الخارجية العراقية بجهود وزيرها الدكتور إبراهيم الجعفري أن تحقق النصر الدبلوماسي في تلك المعركة مع الإرهاب بالتوازي مع النصر العسكري.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى