ايران وإدارة الصراع في المنطقة
بقلم : د. محمد خليل مصلح
- المركز الديمقراطي العربي
إن الخطورة التي تمثلها ديناميات الفعل ورد الفعل في المواجهات غير المنضبطة بتوقيت وساعة الصفر أو التخطيط والإعداد المسبق عاد ما يقال عن الخطط الموضوعة في الدرج لجيش الاحتلال لتعامل مع المواجهات العسكرية مع المقاومة الفلسطينية في الجنوب أو على جبهة الشمال حزب الله أو ما طرأ على جبهة الجولان من تغييرات وخطورة التمركز الإيراني وحزب الله قريبا من الحدود مع الاحتلال .
من المهم جدا في الاستراتيجية العسكرية أن تنضبط بالرؤية السياسية والأهداف الكبرى لخدمة امن الدولة ومصالحها وحمايتها بالإضافة إلى خفض حالات التوتر والأشغال واستنزاف موارد الدولة للدفاع عن نفسها بتكاليف باهظة وإبطاء ديناميكية التطوير وخططها الأمنية والمعارفية والبرامج الأمنية والعسكرية لشق الطريق في اتجاه القوة العالمية ؛ هذا ما تحاول الجمهورية في ايران أن تستفيد منه في الجبهات المحيطة بالاحتلال في اللحظة التي يقوم العدو بفتح بؤر توتر وصراعات في مناطق النفوذ والتي تمثل تهديد لاستقرارا لجمهورية والعمل على إفشال بناء جبهة وحور إقليمي في المنطقة يوقف تقدم المصالح الإسرائيلية وحلفائها في المنطقة على حساب الشعوب في المنطقة لحماية مصالح الأحزاب وقبيلة الإمارات والممالك.
صناعة الأزمات في المنطقة:
- تكتيك صناعة الأزمات للعدو؛ هو جزء مهم جدا في إدارة الصراعات في المنطقة؛ خاصة على الجبهة الشمالية السورية اذا نجحت سوريا في إطفاء الأزمات والصراعات المصطنعة تحت غطاء إسقاط النظام السوري دون أن يحدد أصحابها لمصلحة من ؟
بمساعدة ايران وروسيا وحزب الله مع معرفتنا المسبقة اختلاف الحسابات بين الأطراف المتصارعة ، ويبدو أن الرئيس ترامب يحتفظ بسر بالعلاقة الشخصية مع بوتين ويعترف بها أن لا مانع من خدمة روسيا في سوريا في اطار تفاهمات روسية أمريكية سهلت فيها أمريكا مهمة روسيا في المنطقة؛ ضمن مصالح متبادلة. هناك لاعب في سوريا يصنع للعدو أزمات أمنية على الشمال بمساعدة جبهة الجنوب تربك خطط واستراتيجيات اليمين الإسرائيلي وحكومة الاحتلال بالضغط على للانكفاء والتراجع خطوات لحماية جبهته الداخلية من الأخطار المتحركة على الجبهات وهذا يفيد ايران في صراعها على الملف النووي مع إدارة ترامب.
نجاح إيراني دبلوماسي:
استطاعت ايرا تان تستفيد من التناقضات في الأوربية الأمريكية حول مصالحها في علاقاتها مع ايران والسياسات الأمريكية التي تجاهلت أصول اللعبة والمصالح المشتركة مع أوروبا أثارت الخوف للأوربيين من السياسات الأمريكية في المنطقة وجرها للتناقضات الحادة لمصلحة السياسات والأهداف الصهيونية والأمريكية الصرفة؛ وهذا ساعد ايران في تجاوز عنق الزجاجة تمثلت في تراجع حدة خطاب ترامب والدعوة إلى الاجتماع مع الرئيس روحاني دون شروط، والرد الإيراني الدبلوماسي بكبرياء ورفض الاجتماع إلا بعد عودة أمريكا إلى الاتفاق النووي واحترام السيادة والشعب الإيراني؛ إرهاصات للتغيير في السياسة الأمريكية وهو ما قد يمثل مفاجئة لنتنياهو بعد كل الزخم الذي استفاد منه في تجاوز أزماته الداخلية وملفات الفساد وملاحقات القضاء لزوجته.
التفاف إيراني على الضغوطات والمطالب الإسرائيلية بخروجها من سوريا ووقف ما تسمية ترسانة سلاح من الصواريخ والطائرات المسيرة والنشاطات العسكرية في سوريا ومنح روسيا الحليف الشعور بالتأثير وممارسة ضابط الإيقاع في حدة التوتر بين الأطراف؛ لا احد يملك قرار إخراج ايران من سوريا غير سوريا نفسها وبذلك تحتفظ ايران بالقدرة على الضغط على الاحتلال كتهديد وأزمة يبقى متوتر ومشغول في متابعة القضية وبحد ذاتها أزمة اصطنعتها ايران للاحتلال الصهيوني.
إن الموقف الإيراني الرافض للاجتماع مع ترامب إلا بشروطها انتصار كبير للدبلوماسية الإيرانية، وصفعة للاحتلال وخاصة نتنياهو واستراتيجيته في المنطقة؛ بجعل الملف الإيراني النووي والوجود العسكري هو التهديد والخطر على النظام الإقليمية بما فيه إسرائيل ويمثل إخفاق على صعيد الاختراقات الإسرائيلية في كي الوعي القومي بغض النظر عن سقوط بعض الإمارات والممالك في علاقة عشق حرام مع الاحتلال الصهيوني.
الخلاصة:
إن المنطقة معمل لصناعة الأزمات المتبادلة، وان المنتصر هو من يشغل عدوه بقضايا وصراعات وأزمات، تستنزفه وتشغله عن الاستمرار في بناء برامجه وخططه القومية والإقليمية والدولية، وان العرب منطقة مفعول بها لا تفعل شيئا في اتجاه حماية مصالحها وامنها القومي هي ساحة مستباحة فقدت البوصلة في تشخيص عدوها من حليفها الا في جبهتين الشمالية والجنوبية.