الخيال والإبداع وصناعة طفل المستقبل
كتبت: شاهيناز العقباوى – المركز الديمقراطي العربي
بين الخيال والإبداع علاقة قوية ووثيقة لايمكن إغفالها فالخيال هو المرحلة الأولى والأساسية للانطلاق إلى الإبداع اللامحدود، ,هو أحد آليات الإبداع الهامة والضرورية لتغيير الواقع وتخطى حدود المعقول والمحسوس والمرئي، بالانتقال إلى الربط بين الوقائع والأحداث والإمكانيات المتاحة للانطلاق والإبداع والبحث عن الأفضل والأكمل والأصلح.
ومع مرور الزمن وتطور التاريخ والتقدم التكنولوجي الذي ميز مختلف العصور، تأكد بشكل لايقبل النقاش أو الشك أن الخيال إذا ما دعمته التجارب والأبحاث العلمية والقوانين البشرية والدعم المادي لا يتوقف عن منح أوعطاء المزيد والمزيد من الأفكار الجديدة والرؤى الإبداعية الخلاقة. كما إن الإبداع والذي عرف بأنه مزيج من الخيال العلمي المرن المختلف، الذي وجد بهدف تطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة مختلفة مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله، ويتميز الطفل بخيال لامحدود وعادة ما يتميز المبدع lمنهم بحب الاستطلاع والرغبة في فحص الأشياء وربطها معاً وطرح الأسئلة باستمرار، واستعمال كل حواسه في استكشاف العالم المحيط به.
فموهبته الفطرية وقدرته على التخيل الغير مقيد والربط بين الأحداث والأماكن والأشخاص ذلك الربط الذي يتميز بالتطور والنمو والتميز والخروج عن حدود المألوف، يختلف ويتطور باختلاف مراحل عمرة المتنوعة والصاعدة فكل مرحلة عمرية يمر بها الطفل تدعم المرحلة التالية بما لديه من مكتسبات وخبرات وثقافات والذي بدوره يساهم فى تزكية الخيال الإبداعي لديه إذا ما كان هناك حرص على تنميته وتطويره وتوفير المناخ الملائم له، لأن الخيال بصفة عامة ليس بالشيء المنفصل عن الواقع الذي لا يتصل بمجالات الحياة المختلفة والمتنوعة التى نعيش فيها ويتواجد بها الطفل فالخيال والفكر الإبداعي لدى الطفل ما هو إلا حصيلة التجارب والخبرات التى اكتسبها عبر مراحل عمرة المختلفة نتيجة التفاعل المستمر بينه وبين البيئة المحيط به ولذلك فإن الحديث عن الخيال وعلاقته الوثيقة بالابتكار والإبداع يعتبر درجة أولى لفهم المزيد عن هذه العلاقة، والوصول الى قناعة مؤكدة تنطوي على أهمية وضرورة استثمار الخيال لدى الطفل لما له من تأثير واضح وقوى فى تنمية التفكير الابتكارى والإبداعي لدية.
خاصة.. وكما هو معروف علميا أن خيال الطفل فى المراحل الأولى من حياته ينطلق دون قيد أو حد ليحقق ذاته ويثبت وجودة ويدعم ثقته فى نفسه وفى إمكانياته وقدراته ويلبى حاجته بأسلوب إبداعي غير مألوف، يجذب انتباه المحيطين به، ويحتاج منهم فى المقابل الدعم والتركيز والثقة والتوجيه، سواء كان المحيطون به هم الأسرة كمجتمع صغير انتقالا إلى الدولة وهى المجتمع الأكبر ثم البيئة العامة التي تحيط به وتؤثر فيه ويتأثر بها.
هذا ويؤكد “ليف فيغوتسكي” الباحث الروسى فى مجال الطفل فى كتابه «الخيال والإبداع عند الأطفال» على أن الخيال الإبداعي كلاهما دائما ما يعملان معا في كل مراحل الطفل العمرية ، والتفكير الإبداعى المعتمد على التخيل لا يقتصر على المتميزين منهم بل يتواجد أيضاً عند الأطفال العاديين ، لكن يحتاج إلى دعم من قبل البيئة والأسرة المحيطة بة سواء كان طفلا مميزا أوعاديا.
بينما يرى علماء النفس والتربية أن الإبداع يظهر لدى الأطفال الذين تتوافر لديهم الرغبة وحب الاستطلاع لاسيما فى مراحل عمرهم المبكرة ، ولتنمية الخيال الإبداعي لديهم في هذة السن أهمية بالغة، والذى بدوره يتم سواء فى المنزل أوالمدرسة بوسائل متنوعة ومختلفة، يأتي على رأسها قرأت القصص الخيالية و العلمية وحتى الثقافية، لهم بشرط أن تنطوي على أهداف أخلاقية ايجابية تدعم الفكر الابداعى لديهم ،هذا إلى جانب كونها سهلة وواضحة المعنى بالنسبة للأطفال وتثير اهتماماتهم وتخاطب مشاعرهم بشكل يتميز بالبساطة والسهولة فى توصيل الفكرة والمعلومة على حد سواء.
لذا تعتبر السنوات الأولى في حياة الطفل هى الأكثر أهمية، لانة من خلالها يبدأ الطفل فى تكوين شخصيتة واكتساب الكثير من المهارت التى تساعده على استيعاب البيئة المحيطة به والتفاعل معها بشكل إبداعى متميز ومختلف ، وتلعب كلا من الاسرة التى ينشاء فيها الطفل والمدرسة التى يتعلم بها وحتى البيئة المحيطة به دورا كبيرا فى تذكية فكرة الابداعى وتنميتة وتوجيهه التوجة الامثل والاصلح والافضل سواء لة وحتى لمجتمعة الذى يعيش وينتمى الية .
وتساهم كلا من الاسرة و البيئة المحيطة بالطفل من خلال ما تقدمة لة من وسائل الدعم فى مساعدته فى مراحل عمره الاولى على السماح بقدراتة الابداعية الخلاقة والابتكارية على الخروج إلى الواقع الفعلى والانتقال من مرحلة الاستفسار وحب الاستطلاع، إلى مرحلة التعبير الفكرى الواقعى المتميز والمختلف ، لذا من الضروى ان تفطن الأسرة لأهمية هذة المرحلة وتساعد الطفل المبدع وتوجهه التوجيه الأمثل ومن ثم استثماره بشكل يعلى منة وينميه، وذلك من خلال حجم التشجيع الذي يتلقاه الطفل داخل الأسرة والبيئة المحيطة به مع شعورة بالتقدير والإهتمام من قبل عائلتة لكل الأفكار الخيالية والإبتكاريه والإبداعية التى يطرحها أو يتحدث عنها،ذلك لأنة كلما زاد حجم التشجيع الذى يتلقاة الطفل وشعورة المستمر بالإطمئنان بستيعاب المحيطين له لكل افكارة، يساعدة ذلك على عدم الاحجام او التردد فى التعبير عن كل ما يدور بداخلة من افكار واستفسارت وحتى فى تقديم تفسيرات قد تكون مختلفة وغير مألوفة للكثير من المواقف والاحداث التى يتعرض لها .
وللأسرة ايضا دور محوريا فى بناء مستقبل الطفل المبدع لإنها ستكون حلقة الوصل الهامة والضرورية التى ستربط بينة وبين العالم الخارجي مستقبلا، فكلما كانت الأسرة أكثر إيمانا بقدرات الطفل المتميزة والمختلفة، كان ذلك حافزا وداعما له لينمى إبداعه مع إكسابه الشجاعة الكافية التى ستمكنة من مواجهة العالم، وتساعدة على بناء شخصيته القوية القادرة على الإبداع فى الحياة بأشكال مختلفة ومتنوعة تناسب امكانياتة وتتفق مع قدراتة ورغباته بصورة تتميز بالقوة والشجاعة والمرونة فى الوقت نفسه .
وعلى المدرسة ان تساعد الأسرة فى دعم الطفل ومساعدته فى التدرج صعودا فى مراحل فكرة الابداعى للوصول الى اعلى المراحل الفكرية الابتكارية فى التفكير ويجب ان تكون هى همزة الوصل بينة وبين المجتمع الذى يقدم لة كافة الاحتياجات التى تساعدة فى ترجمة فكرة الابداعى الخيالى إلى واقع ملموس يخدم به مجتمعه والعالم اجمع .
وبشكل عام فإن الطفل يمتلك الكثير من القدرات الإبداعية الخلاقة واللا محدودة التى تنمو وتتطور فى كل مرحلة عمرية من مراحل حياته، لكنها تحتاج إلى الدعم والتكاتف من الأسرة والمجتمع والبيئة بشكل عام، حتى يتمكن طفل اليوم ويستطيع القبض والسيطرة وتحديد كل توجهاته والاستفادة من قدراته وهو الأمر الذى سيعود عليه وعلى الأسرة والمجتمع بالنفع، لأن الخيال والإبداع ما هي إلا وسائل وهبها الله ومنحها للطفل ليحاول منها الانطلاق من العالم المحدود الى عالم آخر أكثر اتساعا واستيعابا لكل فكر مختلف متميز خاصة أن جميع الأفكار التنموية الخلاقة كانت فى واقع الأمر فكرة مختلفة ومتفردة ومتميزة احتضنتها البيئة وصدقتها وساهمت فى تحويلها الى واقع يخدم البشرية عامة، فتنمية خيال طفل الحاضر هو مرحلة اولى لتكوين شخصية إنسان المستقبل المبدع فى العالم القريب.