كـورونا الدرس الآسيوي للعالم
بقلم : الباحثة الأكاديمية سامية بن يحي، تخصص إدارة دولية جامعة باتنة1 / الجزائر
- المركز الديمقراطي العربي
لم يكن زمنا بعيدا عن الذاكرة الدولية خلال السنوات الأخيرة حين شددت الحكومة الصينية قبضتها الإستبدادية، وقمعت الأقليات المسلمة، والكنائس السرية التي تعمل خارج نطاق الحزب، حيث ينظر الصينيون أنفسهم إلى برامج التدريس، والكتب المدرسية التي أصدرتها الحكومة أنها الاستعراض الذي يحتوي بكل بساطة على جميع الإجابات حول كيفية معرفة الصالح من السيئ، وما الذي يعطي الحياة التي لا تخرج عن أنطولوجيات الحزب الشيوعي “الحزب جيد”، “العصيان أمر سيئ”، ” خدمة الوطن وشعبه هي أنبل أشكال المعيشة “، “كل اعتقاد مستورد بدعة”، لكن سرعان ماتداركت الصين كيفية صياغة مفاهيم متجددة منذ نشر الورقة البيضاء السنوية الصادرة عن مجلس الدولة من قبل الحكومة الصينية، تتألف من 40 صفحة تصف بالتفصيل التقدم المذهل في ضمان الحريات وحقوق الإنسان الذي تسجله الصين بعد تولي شي جين بينغ رئاسة البلاد، وبذلك خرجت الصين من هاوية التعصب السياسي، و عمدت إلى نفي الخرافات الموروثة، وجعلت تحديث نظام حكم الدولة هدفا عاما لتعميق عملية الإصلاح الشامل في البلاد.
اذن لقد تعلم الحزب الشيوعي من خلال حملة الاصلاح ومكافحة الفساد درسا قيما في مواجهة الرغبات الإنسانية التي لا يمكن إخمادها، سواء كانت تتعلق بالسعي إلى الثروة المادية أو الحاجة إلى الراحة الروحية طبعا كل حكومة تريد ما هو الأفضل لشعبها،وعلى الشعوب أن تؤمن بهذه الأفضلية، وهذا ما جعل الصين، وبعض الدول الآسيوية المجاورة لها تفرض تغيرا ديناميكيا يتماشى مع منطق “القيم الآسيوية أولا” وانتقلت البلدان الآسيوية الناجحة عموما إلى تحوير ظاهري للنموذج الشيوعي حتى تضمن بقاءه من خلال تبني أنظمة حقوق الإنسان الليبرالية الديمقراطية واستطاع التطور السريع الذي حدث مؤخرا للديمقراطية، وحقوق الإنسان في العديد من مجتمعات شرق آسيا أن يعكس صورة ايجابية تتحدث عن نفسها لتخضع الأنظمة الاستبدادية السابقة بما في ذلك تلك الموجودة في اليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان، والفلبين، وإندونيسيا جميعها إلى مزيد من الديمقراطية، عبر إصلاحات واعدة مست حقوق الإنسان، لكن السؤال الذي يطرح نفسه ماهي حدود تلك القيم الديموقراطية مقابل هذا الإفتراس الإنساني للحريات الآسيوية ؟ وهل هناك معادلة تكافؤ في وضع حدود لحرية الأفراد وحرية الأنظمة في ادارة الأزمات الإنسانية؟
حقيقة في عالم عملي المنحى، أظهرت أزمة الفيروس التاجي في الصين جزءا كبيرا من التناقض في فهم تلك المعادلة لأن التوجه نحو التعامل مع أزمة الفيروس التاجي العالمي لم يكن صعبا بشكل خاص في آسيا، اذ أوقفت الأساليب الصارمة التي اتخذتها الحكومة الصينية انتشار الفيروس في الصين، وهو نفس النهج الذي انتهجته إلى حد ما الدول الآسيوية الأخرى على غرار اليابان وكوريا الجنوبية، حيث لا تختلف عن سردية الصين للعزيمة والتقدم والانتصار على الفيروس، ومع ذلك كثيرا ما تخفي الحكومات الوقائع لتبقى الرواية الرسمية منافية للحقيقة كلها، وتبقى موضع خلاف ساخن، فقد تم الإبلاغ عن الحالة الأولى من Covid-19 بووهان الصينية في 8 ديسمبر 2019، واستغرق الأمر أكثر من 40 يوما لتتجاوز الحالة 500 حالة، وتم تأكيد انتقال العدوى من شخص لآخر في أوائل شهر جانفي ولكن خوفا من الاضطراب الإجتماعي والصدمات السياسية ، قام المسؤولون الصينيون بالرقابة المشددة على المعلومات، وكان موت الطبيب لي وينليانغ الذي كان أول من اكتشف فيروس كورونا المستجد، وما تعرض له من ضغط من قبل السلطات الصينية بعد افصاحه بخطورة الفيروس الجديد سببا في اشعال عاصفة من الاستياء الشعبي عبر الإنترنت مطالبين بالشفافية والمساءلة – قد يترجم إلى صحوة سياسية أوسع في المستقبل القريب- مثل هذه الهفوة اللحظية يمكن أن تطلق العنان للمشاعر المعادية للنظام، ومستقبل تمسك الحزب الشيوعي الصيني بالسلطة، فكل العالم راقب البناء السريع للمستشفيات المؤقتة في ووهان ،و الأجهزة المتطوة في الكشف عن العدوى، و استخدام أحدث التكنولوجيا لاحتوتء انتشار الفيروس، وتوسيع سلطات المراقبة الصارمة، قد تبدو لدى شعوب العالم مقارنة بنهج حكوماتها خاصة الأوروبية استجابة شاملة من الحكومة لاحتواء تفشي الوباء، مع ذلك يشكك الكثير من الصينيين ويعتبرونها صورة قاتمة عن الخداع المضلل، وسوء الإدارة من قبل السلطات في بداية تفشي الوباء ، فلم يأت الإغلاق إلا بعد تزايد نسب الإصابة، ولم تكن هناك امكانية لاستجواب الدولة في تكتمها مع ظهور الفيروس،إنه لغز محير وغامض لاشك تنجم عنه أسئلة أخلاقية كثيرة حول حقيقة الاستجابة الصينية لانتشار الفيروس حتى بعد مئات القراءات، طبعا قد يساعدنا الغوص في التجربة الصينية على فهم ما هو غير مفهوم من الدرس الآسيوي لذا، فإن إدارة مختلف التناقضات والحقائق التي تبدو حصرية في آسيا أمر صعب، وهنا نطرح سؤالا أخر: هل تثبت مقولة هيجل “نتعلم من التاريخ أننا لا نتعلم من التاريخ.” “We learn from history that we do not learn from history ، صحتها؟ في هذا الصدد يطرح رويبينج لي Renzong Qiu أستاذ ومدير معهد أخلاقيات البيولوجيا بمركز الأخلاق، والدراسات الأخلاقية جامعة رنمين الصينية مجموعة من الأسئلة الجديرة بالتحليل لفهم الدروس التي تقدمها لنا التجربة الصينية والآسيوية عامة في تعاملها مع فيروس كورونا، فلماذا لم يبلغ مسؤولو الصحة المحليين عن هذه الحالات إلى المركز المركزي للسيطرة على الأمراض، وحاولوا عزل العامل الممرض عن العينات البيولوجية لهؤلاء المرضى وتحديد طبيعته في وقت مبكر عند اكتشاف بعض المرض في ووهان ؟ ولماذا في بداية الوباء وصفت لجنة الصحة في ووهان العدوى بأنها خفيفة، ويمكن علاجها وأنها تحت السيطرة؟ لماذا قالت اللجنة بدون أدلة داعمة كافية أنه لم يكن هناك انتقال من إنسان إلى إنسان؟ وهل تم الكشف عن معلومات كافية، وكاملة، ومخلصة دون أي تغطية حول الوباء للجمهور الصيني، والمجتمع الدولي ؟ هل حالات العزل والحجر الصحي التي لها ما يبررها تتناسب معها أخلاقيا؟ هل تقلل هذه التدخلات من التعدي على الحرية الفردية؟ هل يتحمل الطاقم الطبي مسؤولية أخلاقية في علاج المرضى المصابين بالفيروس؟ هل تتحمل الإدارات الصحية والإدارية مسؤولية تقديم دعم إضافي للموظفين الطبيين الملتزمين بمناصبهم؟
وختم أنه يأمل أن تتمكن الصين من التعلم من أحدث السياسات والبحوث حول الفيروسات التاجية و دعم القانون لتحسين الشفافية التي تتطلب تحديثات دقيقة في الوقت المناسب، ثم معالجة كل الأسئلة الأخلاقية التي يثيرها الوباء،وبالتالي يمكننا أن نتعلم قليلا من التاريخ بعد دفع تكاليف كبيرة ومؤلمة للغاية.
وعلى صعيد تحليلنا التشخيصي في هذا المقال اذا قمنا بإلقاء نظرة على الجهود المبذولة للسيطرة على الوباء في الصين، فإننا نعتبر أن الشفافية مبدءا رئيسيا للسماح للمواطنين بمعرفة كيفية حماية أنفسهم وإعلام العاملين في مجال الطب والصحة العامة بأي التدخلات الفعالة والملائمة التي يجب اتخاذها، كما أنه بموجب القانون الصيني الخاص بالأمراض المعدية، يمكن للحكومة أن تغلق المنطقة الوبائية الخطيرة، أو أن تحجزها، لكن المثير للجدل هو ما إذا كان القرار له ما يبرره أخلاقيا، لذاحسب رأينا، فإن هناك ما يبرر أخلاقيا إذا كان فعالا في السيطرة على الوباء، ويتناسب مع شدة الوباء، حتى لو أخذ ذلك حدا أدنى من التعدي على الحرية، والحقوق الفردية، وهذا يشكل شفافية للجمهور، لأن الحجة الأساسية للحجر الصحي في سيناريوهات الطوارئ تستوجب التضحية بحقوق الفرد من أجل المصلحة الجماعية عكس ماهو في الولايات المتحدة،حيث يكون الأساس الدستوري للحجر الصحي في مكان ما بين ضعيف، وغير موجود، وهو ما عبر عنه جيمس هودج أستاذ قانون الصحة في ولاية أريزونا الذي أشار إلى احتمال انتهاك حقوق الإنسان في مثل هذا السيناريو، وحسبه فرض قانون ضخم مثل الصين سيكون غير دستوري.
في المقابل كانت بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة الصينية مفيدة للسيطرة على الوباء مثل تغطية الحكومة جميع التكاليف الطبية (للمرضى الداخليين والخارجيين) للحالات المؤكدة، وخدمات العيادات الخارجية للحالات المشتبه فيها، كما حظرت الحكومة المركزية جميع أشكال التجارة في الحيوانات البرية حتى نهاية الوباء،و أصبحت الرقابة على جميع الأمور المتعلقة بوضع ووهان مطلقة، و أصبح مصدر تلقي جميع المعلومات من بكين، ومع ذلك لا تزال العديد من القضايا الأخلاقية تحتاج إلى معالجة، ومن هنا فإن فيروس كورونا سيعكس صورة لمشاكل الصين، فمن رماد العدوى والموت تأتي دعوات جديدة تطالب بحرية التعبير، وتضغط لخفض البيروقراطية.
يمكن القول أن العالم قد شاهد صورة واضحة في سياق تسلطي عن عواقب النظام الاستبدادي التي أدت إلى تفشي المرض في ووهان الصينية بسبب الافتقار إلى الشفافية والمساءلة منعت وحجبت أصوات صادقة ومستقيمة في ووهان منذ البداية لكن بالنظر إلى طريقة التعامل مع المشكلة في بقية أنحاء العالم، يثمن الكثيرين تجربة النظام الديكتاتوري الصيني ويثنون على فعاليته في احتواء جائحة كورونا أمام ضبابية الديمقراطية الغربية، لتصبح استجابة الصين نموجا يحتذى به في ادارة تفشي الفيروسات، وتنجح في اعادة شرعية الأنظمة المستبدة، وهنا نطرح سؤالا جوهريا: ماهي أنماط الأنظمة الأكثر فعالية و استجابة لمثل هذه الأزمات؟
لقد خففت الحكومة الصينية الآن من إجراءات الحجر الصحي في جميع أنحاء البلاد وصدقت سردية النصر التام ضد الفيروس التاجي، وهاهي تحاول تقديم يد المساعدة للعالم في صورة تثير النقاش المحتدم بين رواية المؤامرة، ورواية الصراع مع الغرب بالتحديد مع أمريكا التي ترى أن حكومة الصين أخطأت في تغطية الجائحة في مراحلها الأصلية وقدمت للعالم تجربة في الطب الإستبدادي، بالمقابل أخطأت إدارة الرئيس ترامب أيضا في رد فعلها على الفيروس، وغطت فشلها بتيار من الأكاذيب، حيث عمد المحافظون الأمريكيون إلى تسييس الأزمة الصحية في محاولة لإقناع الرأي العالمي بالمؤامرة المزعومة، و إلقاء اللوم على الإخفاقات الإدارية الصينية، والأكاذيب متناسين أنهم هم أيضا الأكثر تواطؤا في تبرير نفس السلوك من قبل حكومتهم، وهو ماجعل الصين تحاول الإلتزام بمبدأ الانفتاح والشفافية، درءا للشائعات والأقاويل وتعزيز الثقة العالمية، وهو ما أشاد به المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس معبرا عن شكره وامتنانه للصين على دورها الرائد في مجال الصحة الدولية، كما أشاد بالإنفتاح والشفافية التي تمتعت بها الصين في مشاركتها للبيانات واستجابتها السريعة للوباء، وبالتالي كما يبدو أن الصين أضحت اليوم هي المكان الأكثر أمانا في العالم حين تفوقت سلطة فرض القانون على الطب، وانعكاسا للنموذج الناجح في أمننة الصحة.
و بالنظر الى تجارب آسيوية أخرى قدمت سنغافورة، وتايوان، وهونج كونج استراتيجيات ناجحة على الأقل حتى الآن في محاربة جائحة كورونا من خلال استخدام تكتيكات قد لا تتمكن الولايات المتحدة، وأوروبا من تكرارها- مثل عزل المصابين ، وتشجيع البعد الاجتماعي، حيث لم يتم اعتماد مثل هذه الإجراءات بشكل سريع وبنفس الدرجة في الغرب- فعلى الرغم من إنتشار الفيروس قبل شهور لم تسجل هذه المجتمعات الآسيوية الثلاث سوى عدد قليل من الوفيات، وحالات قليلة نسبيا،اذ استمر نظام الرعاية الصحية في سنغافورة بسلاسة -وهو ما أكده الأطباء خاصة بعد تجربة السارس- وتحولت المستشفيات إلى وضع التخطيط للطوارئ في وقت مبكر من تفشي الفيروس التاجي مطالبة الموظفين بتأجيل الإجازة، وخطط السفر بعد ظهور حالاتها الأولى، علاوة على ذلك تم تقسيم القوى العاملة في المستشفيات الماليزية إلى فرق لضمان وجود عدد كاف من العمال إذا تفاقمت الجائحة، حيث يوجد في سنغافورة 2.4 طبيب لكل 1000 شخص مقارنة بـ 2.59 في الولايات المتحدة ، و 1.78 في الصين ، و 4.2 في ألمانيا، حسب الاحصائيات التي قدمتها الحكومة، كما أمضت سنغافورة سنوات في بناء نظام صحي عام يشمل عيادات مخصصة للأوبئة، وفي هونغ كونغ ، يجبر الوافدين الجدد من الخارج على ارتداء الأساور الإلكترونية لتتبع تحركاتهم، بينما في سنغافورة يتم الإتصال بالمعزولين عدة مرات في اليوم، ويُطلب منهم إرسال إثبات فوتوغرافي عن مكان وجودهم، وقد فرضت سنغافورة أيضا عقوبات شديدة بما في ذلك أحكام السجن على أي شخص يخالف أمر الحجر المنزلي، بينما وجدت العديد من الدول الغربية صعوبة في تبني مثل هكذا إجراءات بسبب الكثافة السكانية، و اتساع الحريات المدنية، ونجحت هونغ كونغ في تقديم لوحة تحكم على الإنترنت لجميع الحالات التي تتضمن خريطة توضح المباني الفردية التي تم العثور على الحالات فيها، في حين أصدرت كوريا الجنوبية تنبيهات عبر الهاتف المحمول تتيح للأشخاص معرفة ما إذا كانوا بالقرب من المريض أم لا.
والجدير بالذكر أن تايوان راهنت بنجاح على استراتيجية استباقية تمحورت في افتراض أن Covid-19 سينتشر على نطاق واسع وبشكل سريع ،كما بنت نظاما لوجيستيا يحتوي على مخزون من المواد الأساسية – بما في ذلك مخزون 40 مليون قناع جراحي – وأنشأت أيضا أساسا قانونيا للحد من الحريات المدنية في ظل الوباء، والسماح للحكومة بتغريم أولئك الذين ينتهكون قواعد الحجر الصحي، كما تمكنت البلدان الأخرى التي سمحت في البداية بانتشار المرض على غرار كوريا الجنوبية، من ترويض تفشي الفيروس جزئيا من خلال اختبارات صارمة، وتتبع الإتصالات للمصابين حتى استقرت نسبة الإصابات بينما تصاعدت في جميع أنحاء أوروبا، وبذلك يمكن القول أن الدول الآسيوية استطاعت التعامل مع الأزمة البيولوجية المعولمة بينما تبنى الغرب خاصة أوروبا نهج الانتظار والترقب والتردد أثناء انتشار الفيروس في الصين وكوريا الجنوبية.
أما في الفيتنام التي تعتبر دولة شيوعية لكنها في مكافحة الوباء انحرفت عن مسار الصين، اذ جعلت حياة الشعب من أهم الأولويات، وكانت الحكومة الفيتنامية أكثر شفافة واستباقية بشكل ملحوظ من الصين في نقل المعلومات والحقائق لشعبها.
محل القول ليس هناك شك في أن كل حكومة في آسيا سعت إلى تقديم أفضل السبل لضمان تصرف شعبها لمصلحتها الخاصة، و مما لا شك فيه سوف يدرس صانعو السياسة بعناية كيفية تسخير الخصائص الفريدة لشعوبهم من أجل الصالح العام، حيث كانت القيود على السفر المبكر والاختبارات، وفحص جهات الإتصال، وقواعد الحجر الصحي الصارمة حاسمة، بالمقابل ساعدت أيضا الرعاية الصحية الشاملة، والهياكل الإدارية الواضحة على استجابة الصحة العامة، والتواصل الاستباقي لإشراك السكان، كل هذه السياسات تمكنت من احتواء الفيروس ، وتقليل أو إبطاء معدلات الإصابة في آسيا مما جعل منظمة الصحة العالمية تدعوا العالم إلى أخذ دروس من الصين، كما يعتقد بعض خبراء الصحة أن ديمقراطيات آسيا ، مثل تايوان وكوريا الجنوبية، قد تكون النماذج الأفضل لإدارة الوباء من الدول الغربية بالنظر إلى الطبيعة المختلفة للأنظمة السياسية الآسيوية.
اذن يجب النظر إلى ادارة أزمة كورونا في سياق التجربة الصينية والآسيوية بشكل عام على أنها عملية دينامية، متطورة لوضع المعايير في المناقشات الدائرة حول إدارة الأزمات الإنسانية مستقبلا ما يفترض عموما أن هناك دروس آسيوية مفيدة للعالم تكبح القومية المفرطة، لعل بموجبها تدرك الدول الحاجة إلى مزيد من التعاون الدولي لمواجهة مختلف التحديات العالمية مثل تغير المناخ، و تنظيم الأسلحة النووية، و الأوبئة العالمية، فلا يكفي إصدار قصص النجاح السعيدة دون اثارة أسئلة جادة حول الاستعداد العالمي لمواجهة الأوبئة في نطاق الاستجابة العالمية المنسقة كمفتاح لفهم كنه هذا التفشي،ضمن استراتيجية عالمية تعاضدية شاملة كفيلة بتحقيق الإنعتاق البشري من التهديدات العابرة للقارات، وتعلم الكثير عن أهمية استخدام التكنولوجيا في مثل هذه الأزمات البيولوجية.