مستقبل النسق الدولي في ظل تراجع الهيمنة الأمريكية
إعداد:
- فريدة خميس زايد ـ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم العلوم السياسية جامعة الإسكندرية
- عبد الله أحمد السيد ـ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم العلوم السياسية جامعة الإسكندرية
- عصام عبد المنعم البدري ـ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قسم العلوم السياسية جامعة الإسكندرية
المركز الديمقراطي العربي
مقدمة:
مرت طبيعة العلاقات بين الدول في رحلة تبلورها وتشكلها بالعديد من المراحل بشكل متدرج من الفوضى إلى التنظيم بدايةً من عام 1648م عندما أرست معاهدة “وستفاليا” الأساس لقيام نظام دولي حديث يخضع لمجموعة من القواعد والمبادئ التي تضمن تنظيم التعاون بين الدول والحفاظ علي سلمية العلاقات الدولية من أجل ارساء مجتمع دولي مستقر. غير أن هذا النظام مر في رحلة تطوره عبر العصور بالعديد من المراحل التي اتسمت بسمات معينة تعبر عن خصائص النظام في تلك الفترة ، وفي خلال تلك الفترات كانت تسعي معظم القوي لفرض هيمنتها علي باقي الدول لكي تكون لها اليد العليا في تقرير شكل ومصير النسق الدولي ، غير أن تطور النظام الدولي لم يتوقف عند مرحلة معينة وإن اتسمت بعض المراحل بالثبات النسبي إلا أن التغير والتطور أصبح صفة ملازمة لنمط العلاقات بين الدول طبقاً للطبيعة المتغيرة للقوة وللمتغيرات التي تطرأ علي البيئة الدولية من صعود وهبوط لبعض القوي طبقاً لقانون “مراحل عمر الدولة”.
هدف الدراسة: نستهدف من خلال هذه الدراسة الإجابة على العديد من التساؤلات التي تشغل حيزاً كبيراً من اهتمام الباحثين والمؤسسات البحثية والتي تتمثل في الجدل حول مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمي ومستقبل توازنات القوة وتحولالتها في النظام الدولي؟ وهل نحن بصدد تشكيل نظام دولي جديد لا يعتمد على اُحادية القوي القطبية في ظل تنامي تأثير القوي الصاعدة في النظام الدولي؟ وهل يمكن اعتبار الدور الصيني المتصاعد في النظام الدولي، وكذلك تصاعد الدور الروسي بوادر على بداية تشكيل نظام دولي جديد؟ مع الأخذ في الاعتبار بعض القوي الآخري التي بدأت تنتهج سياسة خارجية مؤثرة في النظام الدولي. وهل سيسعى الأمريكيون لترميم الهيمنة الأمريكية وإعادة تفعيلها على العالم من جديد من خلال مواجهة التحديات التي تواجهه تلك الهيمنة؟ وهل تستطيع الولايات المتحدة الحفاظ على هيمنتها ومكانتها الدولية في قيادة العالم في ظل ما يشهده العالم من أزمات وأحداث تُبرز المكانة الدولية للقوي الآخري؟ هذا ما سنعرض له بالتفصيل من خلال المحاورالتالية:
- مفهوم النظام الدولي ومراحل تطوره.
- بداية الدورالأمريكي المؤثرفي النظام الدولي.
- تراجع الدور الأمريكي المؤثر في النظام الدولي.
- تأثير الدور المتصاعد لبعض القوي على توازنات القوة وتحولاتها في النظام الدولي:
- الدور الصيني المتصاعد في النظام الدولي.
- تصاعد الدور الروسي في النظام الدولي.
- مآلات النظام الدولي في ظل استمرار تراجع الدور الأمريكي.
أولاً: مفهوم النظام الدولي ومراحل تطوره:
_ تعددت تعريفات النظام الدولي فمصطلح “النظام الدولي” له معانِ متنوعة في سياق السياسات الدولية. ويمكننا تعريفه بأنه: مجموعة القواعد والمعايير والأعراف التي تحكم العلاقات بين الجهات الفاعلة الأساسية في البيئة الدولية. والنظام الدولي نمط مُستقر ومنظم للعلاقات بين الدول، ويتضمن المؤسسات الخاصة بوضع القواعد والمعايير الدولية والمنظمات والأنظمة السياسية الدولية(1).
_يُقصد “بالنظام الدولي” أيضاً مجموعة الوحدات السياسية التي تتفاعل فيما بينها بصورة منتظمة ومتكررة لتصل لمرحلة الاعتماد المتبادل مما يجعل هذه الوحدات تعمل كأجزاء متكاملة في نسق معين، وبالتالي فإن النظام الدولي يمثل حجم التفاعلات التي تتم بين اللاعبين الدوليين سواء على مستوي الدول أو الوحدات دون مستوي الدول لذلك فإن اللاعبين الدوليين لا يقصد بهم الدول فقط بل يمتد المفهوم ليصل إلى الوحدات دون القومية مثل المنظمات الدولية غير الحكومية، والشركات متعددة الجنسيات، وحركات التحرير، وغيرها(2).
_ مراحل تطور النظام الدولي:
- المرحلة الأولي 1648:1945م: تم اعتبار هذه المرحلة بداية النشأه التاريخية للنظام الدولي عندما أنهت معاهدة “وستفاليا” الحروب الدينية في أوروبا، ووضعت الأساس لقيام نظام دولي حديث لتنظيم العلاقات بين الدول اعتماداً علي مبدأ القومية وتعدد القوميات، وكانت الفكرة القومية هي الأساس المحرك للصراع بين الدول تبعاً للمصالح القومية لكل دولة؛ لذلك تسمي هذه الفترة (بمرحلة النسق الدولي متعدد القوي القطبية)، كما أخذت بمبدأ توازن القوي كوسيلة لتحقيق السلام ،وتنتهي هذه المرحلة بنهاية الحرب العالمية الثانية، وفي هذه المرحلة كانت قوة الدولة مرادفة لقوتها العسكرية، وكانت أوروبا تمثل مركز الثقل السياسي في النظام الدولي لتركزمعظم القوي القطبية في القارة الاوروبية.
- المرحلة الثانية 1945:1991م: أسفرت الحرب العالمية الثانية عن صورة جديدة لتوزيع القوة في المجال الدول حيث ظهرت الايدولوجيات كإحدي أهم الظواهر في المجتمع الدولي، وأخذ الانقسام داخل النظام الدولي يأخذ طابع الصراع الايدولوجي بين المعسكر الشرقي الاشتراكي بزعامة الاتحاد السوفيتي والمعسكر الغربي الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، وقد أصبح هذان المعسكران وحدهما بحكم قدراتهما الفائقة قادرين وحدهما علي تقرير صورة النسق العالمي من حيث توازنه ونمط التفاعلات السائدة فيه، وتنتهي هذه المرحلة بتفكك الاتحاد السوفيتي وزواله من الخارطة الدولية 1991م(3).
- المرحلة الثالثة 1991:الآن: تبدأ هذه المرحلة من بداية تسعينيات القرن الماضي بانهيار الاتحاد السوفيتي والسنوات التالية لهذا الحدث ويطلق عليها “النظام العالمي الجديد” ، وبرز هذا المصطلح في خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب عندما اعلن عن بداية قيام نظام عالمي جديد تتبؤ فيه الولايات المتحدة المكانة الكبري عالمياً من الناحية السياسية والإقتصادية والعسكرية للانفراد بقيادة العالم، وفرض نمط الحياة والثقافة الأمريكية على العالم “العولمة” بشتى الطرق نتيجة لعدم وجود منافس للقوة الأمريكية في هذه الفترة، غير أن مع تسارع الأحداث، ومضي الوقت، ونتيجة صعود بعض القوي مثل روسيا الاتحادية التي اعتُبرت الوريث الشرعي للاتحاد السوفيتي وجمهورية الصين الشعبية، ومع تنامي قوة بعض الدول الآخري، وظهور التكتلات والأحلاف سواء الاقتصادية أو العسكرية، ومع ازدياد عدد الفاعلين الدوليين مثل الشركات متعددة الجنسيات وغيرها من اللاعبين الدوليين المؤثرين في النظام العالمي، ورغم الإستئثار الأمريكي في الشأن الدولي إلا أن الأحداث أثبتت وجود نوع من عدم إتزان القوي أو اختلالات في توازن القوي حيث يري بعض المحللين والخبراء الاستراتيجيين أننا في مرحلة إعادة هيكلة للنظام الدولي من جديد لظهور نظام عالمي جديد قد يكون التكريس فيه للأحادية، أو توجه نحو التعدد أو الثنائية من جديد(4).
ثانياً: بداية الدور الأمريكي المؤثر في النظام الدولي:
_ بعد أن كانت الولايات المتحدة تنتهج سياسة العزلة وبعد أن كانت القارة الاوروبية مركز الثقل السياسي في العالم لما يزيد عن ثلاثة قرون، ومع انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945م، وخروج القوي العظمي الأوروبية مٌدمرة ومٌنهكه اقتصادياً خرجت الولايات المتحدة من تلك الحرب وهي القوة العظمي المهيمنة علي العالم حيث كان الإنتاج الأمريكي في ذلك الوقت يزيد عن أكثر من نصف الإنتاج الإجمالي للعالم ،وكانت الولايات المتحدة هي الأمة المُقرضة الكبري بميزان تجاري إيجابي، وامتلكت القوة البحرية والجوية الأكبر في العالم، فضلاً عن أنها كانت الدولة الوحيدة التي تمتلك الأسلحة الذرية في ظل تفوق تكنولوجي لم يشهده العالم من قبل، لذلك كانت الولايات المتحدة تتمتع بوضع جيوسياسي جيد، وبدأت تخرج من سياسة العزلة وتشارك في تقرير صورة النسق الدولي تدريجياً حتي أصبحت لها اليد العليا في تقرير صورة النسق الدولي فلم يكن هناك أية قوي عظمي مماثلة لها بعد(5).
أما بالنسبة للاتحاد السوفيتي لا نستطيع إنكار مكانته الدولية السابقة، لكن إقتصاده كان أقل حجماً وكفاءة من الولايات المتحدة، وكان يعاني من الكثير من المشاكل الاقتصادية، وربما كانت قوته العسكرية تتركز في القوات البرية لذلك كان خطرها علي الأراضي الأمريكية محدود في ظل الإنتشار الواسع للقوات الأمريكية في مناطق متفرقة من العالم والتفوق الجوي والبحري، وكذلك الآمر بعد أن خلفت روسيا الإتحاد السوفيتي فإنها أصبحت منشغلة لسنوات بالإشكالات السياسية والإقتصادية والعسكرية التي تمخضت عن تفكك الإتحاد السوفيتي قبل أن تعود إلي الساحة الدولية تدريجياً عبر بعض الأزمات كما هو الشأن في الأزمة السورية والليبية والعديد من الأزمات حول العالم، وأما فيما يتعلق بالصين فقد ظلت منشغلة بمجموعة من الأولويات الداخلية في علاقتها بإسترجاع بعض الأقاليم وتعزيز مسارات التنمية، وهي رغم توجهاتها الحثيثة نحو تعزيز مكانتها الدولية، فإن طرح قطبيتها كفاعل سياسي دولي لم يكن قد تبلور بعد بصورة واضحة، وظلت ترفض المجازفة بالدخول في منافسة استراتيجية مع الولايات المتحدة بالرغم من استفزازها من قبل الولايات المتحدة في العديد من المحطات، لكنها فضلت المهادنة والمرونة علي نحو يوحي بأن الموعد المناسب لفرض قطبيتها لم يحن بعد. لذلك قد سعي القادة الأمريكيون للحفاظ على هذا التفوق انطلاقا من مبدأ “أن للصدارة العالمية منافع جمة” فهي تقلل من تهديد القوي الآخري للمصالح الأمريكية(6).
لذلك سعت الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1945م للدفاع عن مصالحها العالمية من خلال إنشاء مؤسسات اقتصادية دولية ورعايتها ومنظمات أمنية اقليمية تعمل تحت رعايتها وفق معايير سياسية منسجمة مع الأهداف الأمريكية، وبمشاركة معظم دول العالم (شرعية النظام) حتي تكون لها اليد العليا في إدارتها لكي تتمكن من تحقيق سياساتها مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من المؤسسات، وبل كانت كثيراً ما تلجأ إلي القوة العسكرية للحفاظ علي مصالحها، وفرض سياستها علي الدول الآخري، بالإضافة إلي وضع معايير وسياسات تضمن التفوق الأمريكي وتعزز من مقدرتها علي الهيمنة علي النظام الدولي من خلال مجموعة من السياسات التي تتمثل في إقامة نظام تجاري قائم علي قواعد التجارة الحرة، وتحالفات قوية وقدرات عسكرية فائقة تقوم بدور الردع لأية قوة، وتعاون متعدد الأطراف وقانون دولي لحل المشكلات مثل الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، بالإضافة إلي الترويج للديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب وتوظيفها من قبل الولايات المتحدة بقصد التدخل في الشؤون الداخلية للدول المناوئة للسياسة الأمريكية(7).
بالإضافة إلي دعم إستقلال بعض الدول وتقديم المعونات الاقتصادية، ووضع برامج لمساعدة الدول حديثة الاستقلال علي النهوض، وفرض نمط الحياة والثقافة الأمريكية “الأمركة” لتعزز من رصيدها في قيادة العالم، ولتعزز شرعية النظام الذي بدأت في إنشائه من خلال مشاركة الدول فيه، ومن خلال هذه السياسات نجح القادة الأمريكيون علي مدار العقود التالية للحرب العالمية الثانية في إبراز دور الولايات المتحدة كنموذج رائد في قيادة العالم، ومن خلال هذه السياسات تمتعت واشنطن بالسمعة المقبولة لدي الدول النامية والمتقدمة، بل استطاعت بصورة نسبية أن تسيطر علي النظام الدولي وتصبح القوة العظمي بلا منازع، لكن لم تكد تمر سنوات قليلة؛ حتي وضعت هذه الزعامة والهيمنة محل تساؤل الكثير من المهتمين بالشأن الدولي حول مدي قدرة هذه الدولة علي الصمود باتجاه تثبيت وتدعيم زعامتها أمام ظهور العديد من التحديات، ومع مضي الوقت وتسارع الأحداث بدأت الهيمنة الأمريكية تتراجع، وبدأنا نشهد تراجع نسبي في الدور الأمريكي(8).
ثالثاً: تراجع الدورالأمريكي المؤثر في النظام الدولي:
إن شعور الإدارات الأمريكية بالزهو جراء غياب القوة المنافسة لها على قمة النظام الدولي قد أضفي نوعاً من الغطرسة على سياساتهم التي كان من شأنها إثارة حفيظة العالم من حولهم، وبدأت معظم الدول الرائدة تري أن الكثير من مكونات النظام مصممة لتقييد قوتها وللحفاظ على ديمومة الهيمنة الأمريكية. لذلك يرجع السبب وراء تركيزنا اليوم على النظام الدولي الذي شرعت الولايات المتحدة في إنشائه منذ عشرات السنوات أننا نعتقد أنه في خطر في ظل التحديات التي تواجهه الولايات المتحدة، وبالتالي قد تكون مصالح الولايات المتحدة التي يحافظ عليها النظام في خطرهي الآخري(9). وتتمثل هذه التحديات في:
_ التعثر السياسي الأمريكي والاخفاقات العسكرية المتتالية: في الحروب التي انخرطت فيها في دول العالم النامي، والتي عمدت فيها واشنطن على التدخل العسكري فيها بحجة مكافحة الإرهاب كالتدخل في أفغانستان والعراق وباكستان، والتمدد غير المحسوب الذي أدي إلي ظهور بوادر تراجع أمريكية عن التشبث بفكرة الهيمنة علي العالم؛ بسبب تكلفتها الهائلة، وبالاضافة إلي الملف العراقي والأفغاني نضيف الاخفاقات السياسية المتكررة بخصوص تطورات الملف النووي الإيراني والملف النووي لكوريا الشمالية وامتلاك الهند وباكستان للأسلحة النووية(10).
_ الارتباك الإقتصادي: كانت الولايات المتحدة تعتمد بشكل أساسي علي الركيزة الاقتصادية في قيادتها للعالم إلا أن القوة الاقتصادية الأمريكية بدأت تشهد العديد من المشاكل نتيجة المغامرات والاخفاقات العسكرية حول العالم علي نحو أثقل كاهل الاقتصاد الأمريكي، إذ كلفت حربي العراق وأفغانستان الاقتصاد الأمريكي تريليون دولار بالإضافة إلي ارتفاع ميزانية الدفاع الأمريكية إلي 700 مليار دولار سنوياً فضلاً الركود الاقتصادي الذي شهده الاقتصاد الأمريكي من 2007: 2009 الذي أدي إلي إنهيار أكثر من 14بنكاً، وتشير إحدي الإحصائيات أن الولايات المتحدة لم تعد قادره علي أن تعيش علي نشاطها الاقتصادي الخاص، إذ تتلقي دعماً خارجياً يصل إلي 1400مليون دولار يومياً في صورة مشتريات إلي سندات الخزانة حتي تستطيع الحفاظ علي مستواها الاستهلاكي، وإذا استمرت الأوضاع هكذا فإن أمريكا هي التي ستعتمد علي العالم بشكل أكثر.
_ تراجع الريادة العلمية: أصبح مركز الريادة الذي احتلته الولايات المتحدة طويلاً في العلم والتكنولوجيا، والذي ساهم في قيادتها للعالم لعقود طويلة في سبيله للإفلات منها، وتشير بعض التقارير أن أمريكا أصبحت مهددة بظاهرة التخلف التكنولجي مقارنةً بمنافسيها وقد تمثلت أبرز مظاهر تراجع الريادة العلمية في أن أمريكا احتلت المركز السابع عشر بين الدول الصناعية الكبرى في الإنفاق على التعليم والمرتبة الأخيرة بين الدول الصناعية من حيث الإستثمار الفعال في التعليم وجاء هذا التراجع لصالح اليابان وكندا والسويد(11).
_ الهيمنة غير الرشيدة والسياسات الخاطئة: إذا كانت هناك شروط وأسس لحيازة دولة ما على الهيمنة فأنه هناك متطلبات للحفاظ على تلك الهيمنة تتمثل في حسن توظيف الهيمنة، وقد أدت السياسات الخاطئة خلال السنوات الماضية إلى استعداء الولايات المتحدة لمعظم القوي الدولية المنافسة لها، وخلق نوع من الاستياء الدولي تجاه السياسة الأحادية للولايات المتحدة، بالإضافة إلى الاستياء الداخلي نتيجة كثرة الحروب وارتفاع نسبة البطالة؛ مما أدي إلى تزايد الحركات المضادة للنظام الفيدرالي وخلق نوع من عدم الاستقرار الداخلي(12).
رابعاً: تأثير الدور المتصاعد لبعض القوي على توازنات القوة وتحولاتها في النظام الدولي:
_الدور الصيني المتصاعد في النظام الدولي:
تطور الاقتصاد الصيني: افتقرت الصين للنمو الاقتصادي قبل عام 1949م ، حيث شهدت الصين فترة من التوغل الأجنبي ارغمتها على الانفتاح علي العالم الخارجي والتحول إلى الرأسمالية المفاجئة، وقبل تلك الفترة لم يكٌ للصين أية دور يذكر في النظام الدولي حتي أن اعتماد تمثيل الصين الدائم في مجلس الآمن والأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية كان يرجع إلي كثرة عدد سكان الصين، وليس قوتها حيث لم يكُ لها ثقل اقتصادي أو عسكري يذكر، إلي أن وصل الشيوعيون إلي السلطة 1949م على يد “ماوتسي تونج” وأعادوا للصين وحدتها السياسية، وقام الاتحاد السوفيتي بتقديم الدعم الاقتصادي الكافي لتحقيق التنمية، وفي الفترة بين (1953- 1958) بدأت مرحلة من الاقتصاد الموجه حيث قسمت الصين فترات اقتصادها إلي خمس سنوات فيما يعرف “بالخطة الخمسية” والتي لازالت تنتهجها إلي الآن، واستطاعت خلال تلك الفترة تحقيق نمو سريعاً جداً، وتضاعف الانتاج 3.2 مرة، وخلال بداية الفترة (1966- 1970) وقعت الصين في دوائر من الفوضى؛ بسبب الثورة الثقافية التي دعت إلى القضاء على الطبقة البرجوازية وتغيير المجتمع الصيني جذريا نتج عنها انكماش نمو الناتج المحلي نسبة(- 5.5%) .إلي أن انتهت فترة الثورة بموت “ماوتسي تونج” تلاها عامين من الصراع على السلطة حتى تولي “دينجشياوبنج”(13).
_وبدأت الصين في الفترة من (1978- 1991) بانتهاج سياسة الانفتاح والإصلاح الاقتصادي، فتم العمل على جعل الاقتصاد الصيني أكثر قدرة على الاندماج مع الاقتصاد العالمي من خلال إعادة النظر في أولويات التنمية فالقطاع الزراعي يأتي أولاً يليه الصناعي فالبحث العلمي ثم الدفاع، وبحلول نهاية تلك الفترة دخلت الصين في موجة من الاضطرابات نتيجة زيادة معدل التضخم أدت إلى تجمد سياسة الاصلاح إلي أن انتهت فترة التقشف التي كانت الصين تمر بها، وعادت الصين لتطبيق سياسة الاصلاح الاقتصادي من جديد خاصة بعدما ادركت أنها المتبني الأكبر لفكرة الاشتراكية بعد تفكك الاتحاد السوفيتي 1991م(14).
وبدأت الصين في تبني الشكل السلمي في العلاقات الدولية متوجسة مما حدث للسوفييت، وتم استخدام مصطلح اقتصاد السوق الاشتراكي أو الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، وبدأت الصين في الدخول تدريجاً في النظام الدولي لخلق مكانة دولية تستطع من خلالها الحفاظ علي مصالحها، حيث انضمت إلى مؤسسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، وهي المؤسسات التي تتجلي فيها الهيمنة الأمريكية، ونجحت الصين في إنشاء “منظمة شنغهاي” للتعاون 2001م التي تهدف إلى التنمية الاقليمية ومكافحة الإرهاب، وكان “لمنظمة شنغهاي” دوراً مؤثراً في الأمم المتحدة وقد أعلنت في 2010م إعلاناً مشتركاً بشأن التعاون الإقتصادي، وكانت الولايات المتحدة قد طلبت الدخول كصفة مراقب في المنظمة ،ولكن طلبها قوبل بالرفض، وفي عام 2006م أُنشئ تجمع فريد كان يضم في عضويته (الصين والبرازيل وروسيا والهند) أُطلق عليه اسم “بريك” قبل انضمام جنوب افريقيا في 2011م ليصبح “بيركس” وتهدف تلك المنظمة إلى تشجيع التعاون التجاري والسياسي والثقافي بين الدول المنضمة لها وهم يعتبروا أن هدف المنظمة لا يقتصر على الاقتصاد لأنهم كانوا يسعوا من وراء إنشاء المنظمة أن يكون لهم دوراً مؤثراً في السياسة الدولية مماثل لدول الاتحاد الأوروبي(15).
_الدور الصيني في أفريقيا والشرق الأوسط:
استطاعت الصين السيطرة على الاقتصاد الأفريقي، ففي مؤتمر التجارة العالمية والتنمية أعلن أن حجم التجارة عام 2000م كان يحقق 10 مليارات دولار وفي غضون عشرين عاماً تجاوز عشرين مرة هذا الحد حيث وصل مؤخراً إلى نحو 210 مليار دولار، في الوقت الذي تشهد فيه التجارة مع أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية ركوداً منذ سنوات، وحلت الصين محل الولايات المتحدة في 2020م كأول شريك اقتصادي للدول الأفريقية والعربية، وبالحديث عن دور الصين الاقتصادي لابد من ذكر دورها القوي في سوريا حيث تشكل الأزمة السورية أول نزاع عالمي تتدخل فيه الصين بهذه القوة (بالتنسيق مع الروس) فلم تستخدم الصين على مدار تاريخها نفوذها في مجلس الأمن الدولي وتستعمل حق الفيتو بهذه الكثافة كما فعلت من أجل دعم نظام بشار الأسد في سوريا، بالإضافة إلى الدعم المادي والفني لقوات النظام(16).
الصين في مواجهة كورونا: وعلى الرغم من أن الصين كانت المنبع الأول لكورونا إلا أن الاقتصاد الصيني كان الأقل تأثراً حول العالم. حين وضح الخبراء الاقتصاديون أن الاقتصاد الأمريكي يشهد تراجعاً وخسارة فادحة كادت أن تتخطى أزمة الكساد لعام 2008م، ولم تتوقف الصين عند هذا الحد ولكن أعلنت في مطلع العام الجاري 2021م أن اقتصادها لم يتأثر بالموجة الثانية من كورونا وهو في حالة نمو وتعافٍ.
ومن خلال مراجعة تنامي الدور الصيني في النظام الدولي بشكل كبير في الآونة الأخيرة سواء على الساحة الاقتصادية او الاستراتيجية، نلاحظ تطلع الصين من زمن في أن يكون لها دوراً مؤثراً في النظام الدولي، لكي تستطع أن تحافظ علي مصالحها في ضوء قوتها الاقتصادية التي تعتمد عليها بشكل كلي بالرغم من تنامي، وتفوق قوتها العسكرية إلا أن صعود الصين، وفرض هيمنتها علي العالم يتمثل في الصعود السلمي من أجل إعادة التوازن للنظام العالمي من خلال الترويج لدورها باعتبارها فاعلًا تنمويًّا وليس جيوسياسيًّا، إلا أن رغبتها في الحفاظ على مصالحها الاقتصادية في المستقبل من الممكن أن تدفعها تدريجيًّا للتخلي عن دورها السياسي المتحفظ في كثير من الملفات الإقليمية والدولية، من أجل التأثير على مجريات الأوضاع السياسية في الدول التي ترتبط معها بمصالح اقتصادية، وهو ما سيجعلها تدخل في تنافس مع بعض القوى الكبرى على النفوذ الدولي عاجلًا أم آجلًا من أجل تعزيز ثقلها الجيوسياسي(17).
_تصاعد الدور الروسي في النظام الدولي (عودة الدب الروسي):
نتيجة للتغيرات التي طرأت على روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، والتغيرات التي شهدها النظام العالمي، وعلاوة على ذلك العوامل الداخلية الروسية الغير مستقرة؛ أثر ذلك كله في مكانة روسيا الدولية، وفرضت على سياستها الخارجية معطيات جديدة، حيث أنها كانت تعاني من أزمات اقتصادية وسياسية وأمنية، مما إضطرها أثناء حكم “يلتسين” إلي التخلي عن مكانتها كدولة كبري، حيث أصبحت روسيا في موقف الضعف ومسايرة الغرب، وكما ذكرنا أن الاشكالات السياسية والاقتصادية التي طرأت على روسيا علي إثر إنهيار الاتحاد السوفيتي أثرت في السياسات الخارجية لها، وشكلت هذه المتغيرات قيوداً حقيقة على روسيا، جعلت الرئيس يلتسن مجبراً على العمل علي جهات متعددة للخروج من التدهور السياسي والإقتصادي والإجتماعي، وكل هذا جعل روسيا تقترن بإتباع سياسية خارجية ضعيفة، وإستمرت الأحوال هكذا إلي أن وصل “بوتين” إلي الحكم وبدأ العمل علي إعادة المكانة الدولية التي كان يتمتع بها الإتحاد السوفيتي إلي وريثته الشرعية (الجمهورية الروسية)، حيث كانت هناك رغبة لدي القيادة الجديدة بأن يعترف العالم بحق روسيا في إسترجاع المكانة الدولية التي فقدتها، وجعل روسيا تتصرف كقوي كبري بمسؤوليات عالمية، غير أن القيادة الجديدة واجهت صعوبات بعضها متعلق بترتيب الأوضاع الداخلية سياسياً واقتصاديا واجتماعياُ وأمنياً. وقد أشارت هذه المرحلة إلى عهد جديد ومختلف في السياسة الروسية، من خلال سعي القيادة الجديدة إلى تحقيق المصالح الاستراتيجية لروسيا، وإعادتها إلى مكانتها الدولية مرة اخري، فاضفي بوتين على هذه السياسات صفة ديناميكية جديدة بتغيرات وتقديرات برجماتية، حيث سعي بوتين إلي خلق تأثير روسي في المجال الإقليمي السوفيتي السابق، كوسيلة لتحسين المكانة الروسية دولياً، وقد حاول بوتين تحسين الأوضاع الروسية في كافة المجالات، ونجح في ذلك لتعود روسيا لتناطح الولايات المتحدة في فرض هيمنتها(18).
_عودة الدور الروسي في منطقة الشرق الأوسط (الدور الروسي في سوريا):
استفادت روسيا من سياسة الانكفاء الأمريكي عن منطقة الشرق الأوسط خلال إدارتي الرئيس باراك أوباما(2009:2017) في تعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط، التي ظلت ساحة تقليدية لنفوذ الولايات المتحدة لعقود مضت، لتصبح روسيا الفاعل الدولي المؤثر في هذه المنطقة وعدد من الملفات الأخرى، ولاسيما على صعيد الأزمة السورية ذات المحورية المركزية (19)، حيث اتخذتها روسيا كفرصة لإعادة مكانتها الدولية. حيث اكتسبت روسيا الثقة بنفسها بعد تمكنها من قلب الأوضاع الميدانية لصالح النظام بعد سقوط المعارضة في حلب الشمالية (كانون الأول \2016)، لتبدأ باختبار قدراتها على بناء ترتيبات أمنية وسياسية وإقليمية انطلاقا من سوريا، لتستطع من خلال ذلك تحدي الولايات المتحدة الأمريكية في الساحة الدولية. لذلك تدرك روسيا أن ما حققته من نتائج مرحلية وإظهار نفسها كقوة كبري لها اليد العليا في الملف السوري، وتسويق قدرة روسيا على تهميش وتحدي الدور الأمريكي، إنما يعود بالدرجة الأولي إلى المقاربة الامريكية التي أثرت عدم تحدي روسيا، حتى يتوازن النفوذ الايران في سوريا(20).
_الدور الروسي في ليبيا:
_منذ تفجر الثورة الليبية في عام 2011م وروسيا تنتهج استراتيجية الاقتراب الحذر من الأزمة الليبية وعلى الرغم من دعمها لحكومة الوفاق في ليبيا، تستمر في دعم حفتر، وإستخدمت كل وسائل القوة الناعمة ليكون لها تواجد في ليبيا، وتواجد روسيا في ليبيا ركز على الدعم اللوجستي لقوات حفتر والجماعات الأمنية، ودخول روسيا عبر البحر الأسود جعل إمكانية تواجدها في المياه الدفئة للبحر المتوسط مسألة ممكنة في ظل التراجع الأمريكي وسياسة القادة من الخلف التي إتباعها باراك أوباما(21). كما أن موقف روسيا مؤخراً في مجلس الأمن الداعم لقرار حفتر في مجلس الأمن يدل على تخلي روسيا عن إستراتيجية الاقتراب الحذر من ليبيا، لأنها قامت بعرقلة قرار بريطاني في مجلس الامن يدين حفتر بالهجوم على طرابلس، كما أنها بالتعاون مع الصين قد رمت بثقلها في مجلس الامن دعماً لقوات حفتر، وهذا ما يجعلنا أمام مؤشرات خطيرة تدل علي وجود جديد في المشهد الليبي، في ظل تراجع أمريكي وامتناع الولايات المتحدة عن دعم القرار البريطاني(22).
عودة الدور الروسي إقليمياً (حرب علي إقليم ناغوراني كاراباخ):
_في 9 نوفمبر 2020 وقعت أرمينيا إتفاق مع أذربيجان لوقف اطلاق النار في إقليم ناغوراني كاراباخ الذي تسيطر عليه أرمينيا منذ قرابة ثلاثة عقود، وكان هذا الخلاف قد نشب الخلاف بين الدوليتين علي هذا الإقليم في نهاية عام 1991م منذ إعلان هذا الإقليم استقلاله عن أذربيجان، وانضمامه لأرمينيا لأن غالبية سكانها ارمن ويرفضون الخضوع لسلطة أذربيجان، ومنذ ذلك الوقت والحروب والمناوشات لم تهدأ بين الدولتين حتي وقتنا هذا، فقد نشب خلاف بين الدولتين مجددا علي الإقليم في 12 يوليو 2020م، لينتهي الخلاف كما ذكرنا سلفاً بتوقيع إتفاقية وقف اطلاق النار برعاية تركية روسية في ظل غياب تام للدور الأمريكي، حيث يعد بروز الدور الروسي في المنطقة في الفترة الأخيرة أمرا بارزاً، حيث تحاول روسيا بناء قاعدة تحالفات جديدة في المنطقة لتستغل تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، لتؤكد عودتها كقوة دولية جديدة المنطقة(23).
- مآلات النظام الدولي في ظل إستمرار تراجع الدور الأمريكي:
_ وكما ذكرنا من قبل ونحن نعالج الظروف الحالية والمستقبلية للولايات المتحدة، أن تراجع أمريكا في سلم القوي العالمي “نسبيا”ً يعد أسرع من التراجع الذي شهده الاتحاد السوفيتي قبل انهياره، ومع أن الولايات المتحدة مازالت تتربع علي القمة في المجالين الاقتصادي والعسكري إلا أن دروها في النظام الدولي بدأ يتآكل نسبياً في ظل الامتداد غير المحسوب لها، وتغير العوامل التي تتيح للدول فرض هيمنتها من القوة العسكرية التقليدية إلي عوامل آخري مثل القوة الاقتصادية والريادة العلمية بالإضافة إلي إستخدام القوة الناعمة في فرض الهيمنة كبديل للقوة العسكرية المكلفة، وصعود بعض القوي الآخري وتعدد الفاعلون الدوليون مثل الصعود السلمي للصين والذي لايعتمد علي القوة العسكرية بالرغم من إمتلاك الصين للقوة العسكرية الكافية لكي تمارس الهيمنة علي معظم الدول النامية من أجل الحفاظ علي مصالحها إلا أنها لا تريد إثارة سخط وكراهية الدول لها وخاصة ًبعد إدراكها أن الهيمنة في القرن الحادي والعشرين ستكون لمن يمتلك القوة الاقتصادية والمعلومات التي تعتبر نفط هذا القرن. بالإضافة إلى الدب الروسي الذي آفاق بعد غياب طويل وبدأ يستعيد مكانته الدولية وكذلك بعض القوي الآخري الآخذه في النمو والتي تلعب دور مؤثر في الأوضاع في الشرق الأوسط مثل تركيا والتي تلعب دور مؤثر في الصراع في سوريا وليبيا وأخيراً الصراع في ناغورني كاراباخ بالإضافة إلى قواعدها العسكرية في قطر وسعيها الدائم لخلق مكانة دولية تستطيع من خلال دعم مصالحها، وإيران وما تمتلك أذرع وميليشيات مسلحة في العراق وسوريا ولبنان واليمن تفرض بها هيمنتها وتأكد على مكانتها كلاعب اقليمي في منطقة الشرق الأوسط. وهكذا في ظل ما يشهده العالم من فوضي بفعل العديد من الأزمات مثل أزمة كورونا وما الحقته بإقتصاد بعض الدول وكثرة الصراعات وغياب الاستقرار في البيئة الدولية. تشير كل هذه الأحداث أننا منذ بضع سنوات ونحن نعيش في نسق فوضوي يتسم بعدم الاستقرار في ظل غياب القوة الأمريكية كلاعب دولي يحافظ على أمن واستقرار النظام الدولي وأننا نمر بمرحلة إنتقالية قد تكون عملية “إعادة الهيكلة للنظام الدولي”. كل هذه الأحداث تثبت أن زمن الأحادية القطبية قد ولي وأن ما يشهده العالم اليوم من أزمات وصراعات تحتاج إلى تضافر الجهود بين القوي الكبري من أجل حفظ النظام ودعم الاستقرار وتحقيق التعاون بين الدول.
- الخاتمة:
عندما تقف دولة ما على قمة القوة وحدها فليس من سبيل آخر إلا السقوط وبغض النظر عن التنبؤات لا يمكننا إلا القول أن الولايات المتحدة الأمريكية تسير إلى الهاوية شاءت أم أبيت، لكن التساؤل الرئيسي هو كم سيستمر لفظ الأنفاس الأخيرة؟ وما هي الكيفية التي سيتم بها السقوط في هذه الهاوية؟ وإذ استحضرنا نظرية ابن خلدون عن مراحل عمر الدولة التي تقر بأن كل شئ يحمل في طياته عوامل فنائة نجد أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تظل سيدة علي العالم للآبد إذ لابد لها أن تتقهقر وتحل محلها أمة آخري سواء كان ذلك قريباً أم بعيد والتاريخ ملئ بقصص الامبراطوريات العظمي التي كانت تمتد من المشرق إلي المغرب والتي لم يكن يتوقع أحد زوالها حال الدولة الأسلامية والأمبراطورية الاسبانية والبريطانية العظمي وغيرهم من الأمم التي حكمت العالم لقرون، وأن الأمة الأمريكية سيؤول حالها لمصير تلك الأمبراطوريات عاجلاً أم أجلاً(24).
- المراجع:
1_ مايكل جيه مازار، أندرو رادين، ميراند بيريب، “فهم النظام الدولي الحالي” مؤسسة RAND للنشر، كاليفورنيا، 2016م، ص7.
2_ الباحث والمحلل السياسي حسين خلف موسي، “النظام العالمي الجديد وخصائصه وسماته” المركز الديمقراطي العربي https://democraticac.de/?p=16348
3_ د/ أحمد وهبان ، د/ محمد طه بدوي “مدخل إلي علم العلاقات الدولية” دار فاروس للنشر العلمية، جامعة الإسكندرية، 2019م، ص 209:230.
4_ د/ سيف نصر الهرمزي “مسارات النظام الدولي وتحولاته في القرن الحادي والعشرين”المركز الديمقراطي العربي، 2015م https://democraticac.de/?p=11186
5_ د/ محمد العربي “الجدل حول مستقبل القوة الأمريكية” مكتبة الأسكندرية، 2012م ، ص7.
6_ د/ إدريس لكرين “الصين وتحولات النظام الدولي الراهن” مركز دراسات الوحدة العربية https://caus.org.lb/ar/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D9%88%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B8%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%86/
7_ د/ قحطان حسين طاهر ” تحولات النظام الدولي وإحتمالية تراجع الهيمنه الأمريكية” شبكة النبأ المعلوماتية، 2020م https://m.annabaa.org/arabic/authorsarticles/24685
8_ مايكل جيه مازار، ميراند بيريب، أندرو رادين، مرجع سابق ص3.
9_ مايكل جيه مازار، ميراند بيريب، أندرو رادين، مرجع سابق ص9،10،12.
10_ د/ بشير عبدالفتاح ” تجديد الهيمنه الأمريكية” مركز الجزيرة للدراسات، الدار العربية للنشر، 2010م، ص3،4.
11_ د/ بشير عبدالفتاح، مرجع سابق ص 5،6،7.
12- د/ بشير عبدالفتاح، مرجع سابق ص11،12.
13_ فرانسواز لومان “الإقتصاد الصيني” ترجمة صباح كعدان، وزارة الثقافة دمشق، 2010م، ص 8:44 https://docs.google.com/viewerng/viewer?url=https://ebooksstream.com/d_pdfs/kutub-pdf.com_XFQKtg.pdf
14_ أحمد الأنباري “دراسة في التجربة الإقتصادية الصينية للفترة 1978:2005م، شبكة النبأ المعلوماتية، 2007م https://annabaa.org/nbanews/67/339.htm
15_ الأمم المتحدة، الشؤون السياسية وبناء السلام والشركات والتعاون، منظمة شنغهاي https://dppa.un.org/ar/shanghai-cooperation-organization
16_ يونس وليد، “دور القوي الصاعدة BRICS وتأثيرها في النسق الدولي” ، المركز الديمقراطي العربي، 2017م، https://democraticac.de/?p=43001
17_ إسلام المنسي، “نظام عالمي جديد تبنيه الصين في الظل” إضاءات،2018م، https://www.ida2at.com/a-new-global-system-built-by-china-in-the-shadows/
18_ 1) نجاح عبد الله سليمان، مقال بعنوان (عن الصعود الروسي بعد الانهيار السوفيتي)، مجلة الميادين،15 كانون الثاني 2019 https://m.almayadeen.net/articles/blog/928334/%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B9%D9%88%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%87%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D9%81%D9%8A%D8%A7%D8%AA%D9%8A
19_ مستقبل الإستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط، مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، https://futureuae.com/ar-AE/FutureFile/Item/38/%D9%85%D9%84%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%A7%D8%BA-%D9%85%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%A8%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B3%D8%B7-%D9%85%D9%84%D9%81-%D8%AE%D8%A7%D8%B5
20_ دراسة بعنوان ” الدور الروسي في سوريا الواقع والمآلات” رؤية تركية، قسم المقالات والدراسات، 2018م العدد2. https://rouyaturkiyyah.com/research-articles-and-commentaries/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A2%D9%84%D8%A7%D8%AA
21_ محمد عمران كشادة، باحث ليبي،” العلاقات الروسية الليبية” مركز الدراسات الإستراتيجية، 2019م. https://www.csds-center.com/article/%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A9_(%D8%AC_3)
22_ مقال بعنوان “ما هي أسباب النزاع بين أرمينيا وأذريبيجان علي ناغورني كاراباخ” عربي SPUTNIK https://arabic.sputniknews.com/world/201604031018168850/
23_ أحمد سامي عبدالفتاح،”وقف إطلاق النار في كاراباخ كيف إستفادة منه تركيا وروسيا”، المركز العربي للبحوث والدرسات، 2020م http://www.acrseg.org/4178
24_ بول كيندي، “نشوء وسقوط القوي العظمي” الأهلية للنشر، ترجمة مالك البديري، ص 127، 128،129.