الاقتصاديةالدراسات البحثيةالمتخصصة

تحديات التنمية العربية في ظل الثورة الصناعية الرابعة “بالتركيز علي المديونية”

Challenges of Arab development in light of the fourth industrial revolution "focusing on debt

اعداد :

  • عمران  شعبان هارون – باحث ماجستير – كلية تجارة – جامعة بنها
  • جهاد احمد سويلم سيد احمد  – باحث دكتوراه -كلية تجارة – جامعة بنها 

المركز الديمقراطي العربي

 تهدف هذه الدراسة الي ابراز التحديات الاقتصادية التي تواجه تنمية الدول العربية في ظل الثورة الصناعية الرابعة بالتركيز علي المديونية, وباستخدام المنهج الوصفي التحليلي, توصلت الدراسة الي أن الدول العربية  تواجه قدراً كبيراً من التحديات في مختلف جوانب الحياة ، وخاصة فى الجوانب الاقتصادية ، وتمثل هذه التحديات الاقتصادية خطراً على التنمية العربية ، وتعوق قدرات الوطن العربي على التكيف مع التحولات العالمية, ويمكن إيجاز مجموعة التحديات التي تواجه الدول العربية في ظل المشهد العالمى المعاصر فيما يلى : تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية, وتصاعد الاتجاه نحو الخصخصة والإصلاح الهيكلى, وانكماش المساعدات الإنمائية الرسمية, واتساع حجم الفجوة المعرفية والتقنية, وتحديات الاندماج بالاقتصاد العالمى, وتزايد المديونية الخارجية وأعباؤها, وضعف وتدنى مستوى التجارة والاستثمارات العربية البينية , ومحدودية الموارد العربية وسوء استغلالها, وتعثر عملية التنمية والإصلاح الاقتصادى وبطء معدلاتها, وتصاعد معدلات البطالة ومعدلات التضخم, وارتفاع اسعار الطاقة والمواد الغذائية, والفساد وتدنى مستوى الحوكمة, وتزايد مشكلات تدهور البيئة .

This study aims to highlight the economic challenges facing the development of Arab countries under the fourth industrial revolution by focusing on debt, and using the descriptive analytical approach, the study concluded that Arab countries face a great deal of challenges in various aspects of life, especially in the economic aspects, and these challenges represent The economic threat to Arab development and hinders the ability of the Arab world to adapt to global transformations. The set of challenges facing Arab countries in light of the contemporary global scene can be summarized as follows: the acceleration of economic globalization, the escalation of the trend towards privatization and structural reform, the shrinking of official development aid, and the expansion The size of the knowledge and technology gap, the challenges of integrating into the global economy, the increase in foreign debt and its burdens, the weak and low level of intra-Arab trade and investments, the limited and misuse of Arab resources, the faltering and slowing of the economic development and reform process, the escalation of unemployment rates, inflation rates, high energy and food prices, and corruption The poor level of governance, and the increasing problems of environmental degradation Cent

مقدمة:

يشهد عالمنا المعاصر منذ عقد الثمانينيات وحتى اليوم ، أحداثاً عالمية مذهلة متسارعة أحدثت تحولات جذرية وعميقة فى النظام الاقتصادى والسياسى العالمى ، أسفرت عن نتائج وتطورات هامة ، وضعت العالم وشعوبه المختلفة عشية القرن الحادى والعشرين أمام متطلبات وتحديات جديدة ، وجعلتها تبحث عن سبل مختلفة تمكنها من تلبية احتياجات العصر ومواجهة تحدياته, ومن ابرز هذه التحديات الثورة الصناعية الرابعة التي تفرض واقعا جديدا مليئا بالفرص والتحديات.

وبالرغم من تنوع وتعدد هذه التحديات والمتطلبات ( اقتصادية – سياسية – اجتماعية – ثقافية – تكنولوجية – بيئية …) إلا أن التحديات الاقتصادية تقع فى موقع الصدارة ، لأنها تشكل الأساس لحل المعضلات والوفاء بما تبقى من الاحتياجات ، ولهذا نجد بلدان وشعوب العالم المختلفة تبحث عن طرق ووسائل وآليات فاعلة تساعدها على النمو والتطور الاقتصادى بديناميكية مناسبة ، وعلى استخدام واستغلال مواردها وطاقاتها الاقتصادية بما يضمن لها الاستمرار والصمود والقدرة المناسبة على المنافسة معتمدة على الاتفاقيات الثنائية والجماعية والعمل الاقتصادى المشترك , وعلى التكتلات الاقتصادية العالمية والاقليمية ، كمدخل مناسب للدفاع عن مصالحها المختلفة ، ومن أجل ضمان مواقع مناسبة تحميها من التغيرات المتسارعة ونتائجها المحتملة وغير المحمودة .

كما تزايدت حدة المديونية لبعض الدول العربية منذ بداية الثمانينات وحتي اليوم, وذلك نتيجة للسياسات التمويلية الخاطئة التي اتبعتها تلك الدول في تمويل التنمية, بالاضافة الي استمرارها في الاستهلاك والاستثمار والاستيراد بدرجة أكبر من الانتاج والادخار والتصدير, بجانب تفاقم شروط الاقتراض وتدهور أسعار سلع التصدير الرئيسية لتلك الدول, الأمر الذي أدي في النهاية الي تفاقم العجز الجاري لميزان المدفوعات, وتفاقم أزمة الديون الخارجية والتعثر في سداد ديونها.

مشكلة الدراسة:

تواجه الاقتصاديات العربية حالياً تحديات عديدة ومتنوعة ( داخلية وخارجية – مباشرة وغير مباشرة ..) ، ولقد أصبح واضحاً حجم التحديات التى تواجه الأمة العربية خلال القرن الحادى والعشرين ، وهى تحديات تنبع من مصادر شتى وتهدد بإلحاق الأضرار ليس فقط بالمستقبل الاقتصادى للشعوب العربية ، ولكن بات الخطر يلتف حول هويتها وثقافتها بل ووجودها القومى ذاته ، فهناك تحديات العولمة ، وانفتاح الأسواق وشراسة الشركات عابرة القارات ، وتنامى النزعة نحو بناء التكتلات الاقتصادية والإقليمية وأشتداد حمى التنافس الاقتصادى ، ومخاطر التهميش التى تنتظر الكيانات الصغيرة غير القادرة وغير المؤهلة للمنافسة ، والسماوات المفتوحة ، الأقمار الصناعية والبث الفضائى الذى لاتحده قيود ، وغيرها من التحديات التى تهدد المستقبل العربى بصفة عامة.

كما لجأت بعض الدول العربية الي التمويل الخارجي  لسد النقص في مواردها المحلية, وتوفير العملة الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع والخدمات الضرورية لإحداث التنمية الاقتصادية والتسريع بمعدلات النمو الاقتصادي بها. الا أنه وبالرغم من ارتفاع قيمة المديونية العربية, فإنها لم تحقق الهدف المأمول منها, وبالتالي أصبحت معظم هذه الدول غير قادرة علي سداد ديونها.

وفي ضوء ذلك تتبلور مشكلة الدراسة في الاجابة علي السؤال التالي:

ماهي أبرز التحديات الاقتصادية التى تواجه تنمية الدول العربية فى ظل الثورة الصناعية الرابعة بالتركيز علي المديونية”.  وينبثق عن السؤال الرئيسي مجموعة من الأسئلة الفرعية التالية:

1_ ماهي الثورة الصناعية الرابعة والتحديات التي تواجهها في الوطن العربي؟

2_ ما هي صور وأنماط التحديات الاقتصادية التى تواجه تنمية الدول العربية ؟

3-  ما هو الوضع الراهن للمديونية العربية, وأسباب تفاقمها بالوطن العربي؟

أهمية الدراسة:

ترجع أهمية الدراسة في أن غالبية الدول العربية تعاني من تحديات وصعوبات  تنموية متعددة منها السياسى والاقتصادى والاجتماعى ، وبعض هذه المشاكل ناتج عن خلل فى البناء الداخلى والبعض الآخر ناتج عن عوامل خارجية ، بين هذه وتلك تسعى غالبية الدول العربية لوضع الخطط التنموية الملائمة لظروفها الذاتية المتمايزة لتفادي هذه التحديات. كما تزايد الاهتمام بمشكلة المديونية العربية علي المستوي المحلي والدولي, لما لها تأثيرات ومخاطر سلبية كبيرة علي التنمية الاقتصادية في الدول العربية. وبالتالي تهدف الدراسة الي بيان” أبرز التحديات الاقتصادية التى تواجه تنمية الدول العربية فى ظل الثورة الصناعية الرابعة بالتركيز علي المديونية”. وينبثق عن هذا الهدف الرئيسي مجموعة من الأهداف الفرعية التالية:

1_ تعريف الثورة الصناعية الرابعة, وبيان أهم التحديات التي تواجهها في الوطن العربي.

2_  بيان التحديات الاقتصادية التي تواجه التنمية بالوطن العربي.

3_ بيان تطور المديونية العربية, والأسباب التي أدت الي تفاقمها بالوطن العربي.

فرضيات الدراسة: لمعالجة اشكالية البحث والاجابة علي الأسئلة المطروحة تقوم الدراسة باختبار الفرضية التالية:” هناك فجوة تنموية بالوطن العربي وخاصة في ظل الثورة الصناعية بالتركيز علي المديونية”

منهج الدراسة: في سبيل تحقيق أهداف الدراسة واختبار فرضياتها, سوف تعتمد الدراسة علي المنهج الوصفي, والمنهج التحليلي.

خطة الدراسة: سعيا لتحقيق أهداف الدراسة واختبار فرضياتها, سوف تنقسم الي ثلاثة اقسام, يتناول القسم الأول الاطار المفاهيمى للثورة الصناعية الرابعة, بينما يختص القسم الثاني ببيان تحديات التنمية العربية, ويهتم القسم الثالث بواقع المديونية بالوطن العربي, وأخيرا عرض النتائج.

القسم الاول: الثورة الصناعية الرابعة

يقف العالم اليوم على أعتاب ثورة جديدة تسمي  ب “الثورة الصناعية الرابعة” وهو تعبير عرفه الغرب منذ فترة غير بعيدة، واكتسب مفهومها زخماً خاصاً منذ  ظهوره في ألمانيا قبل سنوات، وللحديث عنها سوف نتعرض بإيجاز للمراحل التي سبقتها.

1/1نشأة وتطور الثورة (معاذ,2019, 3-4):

1/1/1الثورة الصناعية الاولى عام 1765 : “ثورة الآلات

ففي عام 100 ميلادي تم اكتشاف مبدأ القوة البخارية، لكن الأمر استغرق ما يقارب ألفاً وست مائة سنة أخرى لاستخدام الطاقة البخارية في الصناعة. وفي عام 1769 تم إستخدام المحرك البخاري في التطبيقات الصناعية, وامتدت هذه الثورة الصناعية الأولى من نهاية القرن الثامن عشر إلى بداية القرن التاسع عشر. وشهد العالم ظهور المكننة مما ساعد في إستعمال الصناعة في الزراعة ودفع عجلة الاقتصاد, ومع اختراع المحرك البخاري ولد نوع جديد من الطاقة ساهم في دفع جميع العمليات إلى الأمام بفضل تطوير السكك الحديدية وتسريع التبادلات الاقتصادية والبشرية والمادية وساعد في تشكيل المعادن تدريجياً ووضع المخططات لأول المصانع والمدن.

1/1/2 الثورة الصناعية الثانية عام 1870 : “ثورة العمليات”

بعد قرابة قرن من ابتداء الثورة الصناعية الاولى وفي نهاية القرن التاسع عشر ، بدأت التطورات التكنولوجية الجديدة في إظهار مصدر جديد للطاقة: الكهرباء والغاز والنفط. ونتيجة لذلك بدأت صناعات الصلب والنسيج الاصطناعي، والأصباغ والأسمدة في التطور والنمو. كما تم إحداث ثورة في أساليب الاتصال مع اختراع التلغراف والهاتف ووسائل النقل وظهور السيارات والطائرة في بداية القرن العشرين. وأصبحت كل هذه الاختراعات ممكنة بفضل الأبحاث ورأس المال الذي تمحور حول نموذج اقتصادي وصناعي يعتمد علي ” المصانع الكبيرة” والنماذج التنظيمية للإنتاج. وتم إستخدام عملية التجميع في إنتاج السيارات والتي كانت لا تزال مصنوعة باليد في ذلك الوقت. وظهرت أول سيارة فورد في عام 1913 . وتجدر الاشارة الى أن الفترة بين اكتشاف التكنولوجيا وتطبيقها في الصناعة كانت حوالي 90 عاماً.

1/1/3 الثورة الصناعية الثالثة عام 1969 : “ثورة الإلكترونيات

بعد قرن تقريباً، في النصف الثاني من القرن العشرين، ظهرت ثورة صناعية ثالثة مع ظهور نوع جديد من الطاقة وهي الطاقة النووية. وشهدت هذه الثورة تطور الإلكترونيات، مع إكتشاف الترانزستور والمعالجات الدقيقة ووسائل الاتصالات وأجهزة الكمبيوتر. وأدت هذه التكنولوجيا الجديدة إلى فتح آفاق جديدة منها أبحاث الفضاء والتكنولوجيا الحيوية. أما بالنسبة للصناعة، فقد أدت هذه الثورة إلى عصر الأتمنة في الإنتاج بفضل اختراعين رئيسيين هما وحدات التحكم القابلة للبرمجة والروبوتات. وأصبحت التطبيقات الصناعية حقيقة بفضل أجهزة التحكم القابلة للبرمجة وأنظمة الروبوتات.

1/1/4 الثورة الصناعية الرابعة : “ثورة المعلوماتية

بدأت حديثاً مع تقنيات الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والتعلم الذاتي للآلات، وربط الأشياء مع بعضها البعض عبر الإنترنت، وتقنية النانو، وتطبيقات الطباعة ثلاثية الأبعاد في الصناعة والإنتاج، والمركبات ذاتية القيادة، والتحكم في الجينات، والتقنيات الحيوية الأخرى. وتجمع الثورة الصناعية الرابعة / العمليات الرقمية بين عمليات التحويل الرقمي وتكامل سلاسل القيمة والمنتجات و/أو الخدمات، إلى جانب ذلك، فإن تكنولوجيا المعلومات، والآلات، والإنسان مرتبطين مع اً ويتفاعلون في الوقت الحقيقي، مما يؤدي إلى خلق طريقة تصنيع مخصص ومرنة، مع كفاءة في استخدام الموارد وهو ما يعادل المصنع الذكي الذي يستعين بإنترنت الأشياء في العمل. وهي ثورة لم يشهد التاريخ البشري مثلها إطلاقاً، من حيث السرعة أو النطاق أو مستوى التعقيدات. ومحركاتها الرئيسة: “الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والسيارات ذاتية القيادة، والطابعات ثلاثية الأبعاد، والبيانات الضخمة والعملات الافتراضية، وانترنت الأشياء، والنانو تكنولوجي، والبيو تكنولوجي، والحوسبة الكمية.

1/2 تعريف الثورة الصناعية الرابعة:

بدأت الثورة الصناعية الرابعة – والتي توصف بأنها تسونامي التقدم التكنولوجي- في ألمانيا عام 2011. وتعتبر من أهم النقلات التي جدت في العالم الحديث، ويمكن ذكر بعض التعريفات لها:

  • تعرف الثورة الصناعية الرابعة على أنها مزيج من الأنشطة والعوالم المختلفة الفيزيائية والبيولوجية والرقمية التي من شأنها أن تقلص الهوة بين كل ما هو مادي وما هو رقمي في الحياة اليومية. (لاري, 2016, 11).
  • الثورة الصناعية الرابعة تعني التحول الرقمي الشامل في كافة المجالات الصناعية والخدمية (PATERS,2019,3).
  • الثورة الصناعية الرابعة تعني تلك الثورة التي ربطت مجالات الحياة بالبيانات الرقمية الذكية والانترنت، ومنها : الاتصالات والتقنية والحكومة الالكترونية والبيانات الضخمة وثورة المعلومات.(الهلالي, 2019, 4).
  • الثورة الصناعية الرابعة هي التأثير الذي خلفته التكنولوجيا والانترنت والحواسيب على مختلف قطاعات التنمية والعمل، فظهر علم المواد، والانسان الآلي الروبوت، وتقنية النانو، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والطائرة بدون طيار، والسيارة ذاتية القيادة، والحوسبة الرقمية والعولمة. (JEE,2017,2).

ومن هنا نستخلص أن الثورة الصناعية الرابعة تعني زيادة دمج أنظمة آلات ذكية متصلة بالإنترنت، لتجعل دور مديري المصانع هو خلق وتكوين شبكة من الآلات التي لا تقوم فقط بعمليات الانتاج بأقل قدر من الأخطاء، ولكن يمكنها أن تغير بشكل مستقل وذاتي أنماط الانتاج وفقاً للمدخلات الخارجية مع احتفاظها بدرجة عالية من الكفاءة، أي تجسيد للمصانع الذكية، التي تدار بالآلات وترتبط بشبكة الإنترنت، وبنظام يمكنه تمثيل مراحل الإنتاج كلها، وقادر على اتخاذ القرارات بصفة مستقلة، وهذا يستلزم استخدام قدرات علمية متطورة.

فالثورة الصناعية الرابعة تعتمد بشكل كبير على الاقتصاد القائم على المعرفة والتكنولوجيا الحديثة والتقنيات المتطورة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والبيانات الضخمة والتطبيقات الالكترونية التي تعزز الصناعة والإنتاج كالطباعة الثلاثية الأبعاد والمدن الذكية، اضافة إلى التجارة الإلكترونية والهواتف الذكية.

وتتميز  الثورة الصناعية الرابعة بثلاث ميزات ( LESWING,2020,9):

1- سرعة تطورها؛ إذ إن التكنولوجيا الحديثة تدفع دائماً لظهور تكنولوجيا أخرى أحدث وأقوى.

2- زيادة حجم الفوائد بالنسبة للفرد الواحد. ففي العصر الرقمي تحتاج الشركات إلى عدد قليل من الموظفين وحجم صغير من المواد الخام لإنتاج منتجات ذات فوائد كبيرة. وبالنسبة إلى الشركات الرقمية، تنخفض تكاليف التخزين والنقل وإعادة إنتاج منتجاتها إلى الصفر

3- التنسيق والتكامل بين الاكتشافات المختلفة أصبح أكثر شيوعاً.

1/3 التقنيات الداعمة لاستخدامات تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة:

تتأسس الثورة الصناعية الرابعة على التكنولوجيا والصناعات الحديثة، ومن أهم التقنيات الداعمة لها، (معاذ, 2019, 5-6) ما يلي:

1_ تقنيات “إنترنت الأشياء: تعد من أهم العوامل التي تدفع باتجاه مصانع المستقبل، حيث تربط هذه التقنيات الموارد البشرية والعمليات والبيانات من خلال أجهزة استشعار ومجسات ذكية، ويتم نقل البيانات عبر شبكة الإنترنت دون الحاجة إلى تفاعل بشري. وتنتشر تطبيقاتها في عدة مجالات: في صناعة الطيران لكشف الخلل بعمليات الإنتاج، وفي المدن لإدارة أفضل للمرور، في المزارع لإنتاج محاصيل أعلى جودة، وفي المستشفيات لتمكين الأطباء من تتبع حالة مرضاهم، وفي المنازل لتقليص الهدر في استهلاك الطاقة، ولربط الأجهزة المنزلية بالهواتف للتحكم فيها.

2_ تقنيات الروبوتات أو الانسان الآلي، هو آلة تستخدم للقيام ببعض الوظائف الدقيقة والحساسة التي لا يستطيع الإنسان القيام بها، نظرا لعدم امكانية تواجده في المكان، أو للدقة العالية التي تحتاجها. وقد أسهم ظهور الروبوتات في إحداث تغييرات جذرية في عمليات التصنيع، حيث يحقق أكبر تناسق في العمليات بين الكوادر البشرية والروبوتات. وعلى أرض المصنع، تقوم الأذرع الروبوتية بمساعدة العمال على تلقيم آلات الإنتاج، مما يؤدي لزيادة الإنتاجية ويمكًن الكوادر البشرية من استغلال طاقاتهم في مهام أخرى .

3_  تقنية الاجهزة الملبوسة: تسمح للعمال بارتداء هياكل خارجية روبوتية تعزز قوتهم، في تعاملهم مع الآلات التي تدعمها التقنيات الشائعة الآن، مثل: نظارات خاصة على شكل نصوص أو رسوم جرافيكس، أو أصوات تتطلب استخدام المساعد الصوتي “سيري وأليكسا”، وأجهزة الاستشعار القابلة للارتداء مثل الساعات الذكية، وستهتم بتفاصيل العمل الشاقة، مما سيجعل الروبوتات أكثر استخداما في مجال التصنيع. ويسمى الجيل الجديد للعمال البشريين المعززين بهذه التقنيات سواء في المصانع أو المكاتب ب ” المشغل فائق القوة4.0″ والذي يسمح للإنسان بالسيطرة على القوة المادية للروبوت في مواقع البناء والمصانع، ما من شأنه خفض مخاطر الإصابة بحوادث العمل أو التعرض للإرهاق.

4_ تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد: تنتمي الي مجال تقنيات “التصنيع بالاضافة”, وتعرف انتشارا واسعا كوسيلة معتمدة للصناعة، فمن خلالها يتم تصميم المنتجات، واختبارها، وبناء نماذج أولية لها، وتصنيعها بشكلها النهائي بسرعة, ومرونة كبيرة، مما يسرع من تسويقها.

5_ الذكاء الاصطناعي: يعد أحد مداخل القدرة التنافسية للمؤسسات الصناعية, وتوظيف تقنيات التصنيع الذكي في العمليات الصناعية سيساعد الشركات على التحكم في الطاقة ورفع مستوى الإنتاجية وتقليص النفقات من خلال الرقابة الفورية، وتوزيع الكوادر البشرية على وظائف ذات القيمة المضافة، واكتشاف الخلل والتعامل معها بسرعة لتقليص زمن انقطاع العمل، وتنظيم انسيابية العمليات ببناء نماذج محاكاة متطورة.

6-  تقنية النقل ذاتي القيادة: وعلى رأسها السيارة ذاتية القيادة، والتي يعني دخولها إلى السوق انخفاضا كبرا  في عدد الحوادث بنسبة تصل إلى 90 %، إلى جانب فائدتها لذوي الإعاقات وكبار السن والركاب الصغار، والمساهمة في خفض الانبعاثات الضارة بالبيئة نظرا لأن تلك السيارات ستعمل على الأرجح بالكهرباء.

7-  الحوسبة السحابية: مع انتشار تقيناتها، لم يعد المستخدم مضطرا إلى تخزين بياناته على أجهزته الخاصة، أو محتاجاً لبرامج متنوعة أو معقدة، حيث تخزن كافة البرامج والملفات على ما يعرف ببنوك البيانات التي تستخدم تطبيقات الحوسبة السحابية لضمان أمن المعلومات وسلامتها.

8- تقنية النانو تكنولوجي: تقنية الجزيئات متناهية الصغر أو تقنية  الصغائر أو تقنية النانو وهي العلم الذي يهتم بدراسة معالجة المادة على المقياس الذري والجزيئي . وتستخدم في تطوير صناعة الحواسيب وأجهزة الاتصال وكافة الأجهزة الإلكترونية بشكل كبير للغاية، وأيضًا في اختراع سُمك الكابلات والمكثفات، وفي مجال الطاقة وعلاج امراض السرطان ومعالجة المياه…الخ.

1/4 ايجابيات وسلبيات الثورة الصناعية الرابعة:

تتمثل ايجابيات الثورة الصناعية  ( (PRISECARU,2016,17فيما يلي:

1- خلق فرص استثمارية جديدة، وتخفيض تكاليف الإنتاج، وتحقيق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية، واختصار الكثير من الوقت في عملية التطور.

2- تعطي معطيات الثورة الصناعية الرابعة مزايا كبيرة لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تنتهج استراتيجيات قائمة على التنويع الاقتصادي، لاسيما بعد تراجع أسعار النفط منذ منتصف عام 2014. وتتسم غالبية دول الخليج العربية بضعف الكثافة السكانية، وصغر متوسط سن السكان، وهو ما يعطيها أفضلية في تأهيل غالبية القوة العاملة المستقبلية بصورة تتأقلم مع التطورات التكنولوجية الراهنة، من دون ظهور إشكاليات في ضخامة التكلفة المادية للتعامل اجتماعياً مع أي آثار سلبية قد تظهر مستقبلاً.

3- قامت غالبية دول الخليج في السنوات الماضية بتطوير النظم التعليمية والبنى التحتية التكنولوجية لتكون من أفضل المتوافرة عالمياً، مع استمرارية التطوير والاعتماد على إدخال أحدث الأساليب والتقنيات الجديدة، سواء أكان على المستوى الخاص أم الحكومي العام، وهو ما سيسهل استيعاب التقنيات المستحدثة، ويجعل هذه الدول قادرة على الاستفادة منها بصورة رائدة عالمياً.

4- تحقق معدلات عالية من التنمية الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.

5- تخفيض تكاليف الإنتاج، ومن ثَم تأمين خدمات ووسائل نقل واتصال تجمع بين الكفاءة العالية والثمن الأقل.

6- المساهمة في رعاية صحية أفضل للإنسان،  كما أنها تختصر الكثير من الوقت في عملية التطور.

إلا أن الإيجابيات الكبيرة التي يمكن أن تحققها هذه (الثورة) لصالح البشرية، تقابلها سلبيات ستترتب عليها وستعاني منها المجتمعات، بما فيها مجتمعات الدول المتقدمة.

سلبيات الثورة الصناعية الرابعة:

أخطر السلبيات التي يمكن أن تترتب على المجتمعات البشرية، جراء تبعات (الثورة الصناعية الرابعة) هي على النحو الآتي:

– انتشار البطالة على نطاق واسع؛ إذ إن تقديرات خبراء الاقتصاد تؤكد أن أتمتة الصناعة من شأنها أن تقلص فرص العمل إلى 50%، وتمس الفئات الوسطى والدنيا من الأيدي العاملة، والمقصود أصحاب (الوظائف البسيطة) التي لا تحتاج إلى خبرات علمية وتقنية عالية.

– اضمحلال دور الشركات المتوسطة والصغيرة في العملية الإنتاجية، وهيمنة الشركات الكبرى، ويشار هنا إلى تصريح أدلت به وزيرة التعليم والبحوث الألمانية، البروفسورة (يوهانا فانكا)، نوهت فيه إلى مخاطر الاعتماد على الشركات الكبرى؛ لأن القوة الاقتصادية لألمانيا مازالت مستمدة من قوة اقتصاد الشركات المتوسطة والصغيرة، مع التأكيد على ضرورة أن يعطى هذان القطاعان الحيويان اهتماماً كافياً، علماً بأن ألمانيا تعد رائدة البلدان الغربية في مجال الأتمتة الصناعية.

خلاصة القول:  يُتوقع أن تؤدي الثورة الصناعية الرابعة إلى تغيرات كبيرة تتجاوز ما أحدثته الثورات الصناعية الثلاث السابقة، وإذا كان بعض هذه التغيرات ينطوي على آثار سلبية محتملة، فإن الثورة الصناعية الرابعة يمكن استغلالها بشكل إيجابي في خدمة اقتصادات الدول، والمساهمة في خلق فرص جديدة للتنمية الاقتصادية، ولكن ذلك يتوقف على إمكانات الدول وما تتمتع به من بنى تكنولوجية، وقدرتها على تطوير نظمها التعليمية، وتوظيفها في خدمة المستقبل، وتعزيز مهارات موظفيها وإكسابهم الخبرات التي تساعدهم على التعامل مع هذه التطورات التكنولوجية.

1/6 تأثير الثورة الصناعية الرابعة علي القطاعات الاقتصادية:

أولا_ القطاع المالي والمصرفي : لقد أثارت العملة الرقمية اللامركزية قدراً كبيراً من الاهتمام في مجتمع التكنولوجيا، إلا أن إمكانيات هذه العملات الرقمية في دعم التمويل الإجتماعي والتضامني لم تختبر بعد. وهي عملة رقمية ونظام دفع عالمي يمكن مقارنتها بالعملات الأخرى مثل الدولار أو اليورو، لكن مع عدة فوارق أساسية، من أبرزها أن هذه العملة هي عملة إلكترونية بشكل كامل يتم التداول بها عبر الإنترنت فقط من دون وجود فيزيائي لها. وهي أول عملة رقمية لامركزية، فهي نظام يعمل دون مستودع مركزي أو مدير واحد، أي أنها تختلف عن العملات التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها. وتتم المعاملات الخاصة بالبيتكوين عبر شبكات إلكترونية بين المستخدمين مباشرة دون وسيط من خلال استخدام التشفير. ويتم التحقق من هذه المعاملات عن طريق عقد إلكتروني يتم تسجيله في دفتر حسابات رقمي يسمى سلسلة الكتل.( الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية, 2019, 10).

ويمكن استبدال البيتكوين بعملات ومنتجات وخدمات أخرى. واعتباراً من فبراير2015، فقد اعتمد أكثر من 100,000 تاجر وبائع البيتكوين كعملة للدفع. وتشير تقديرات البحوث التي تنتجها جامعة كامبريدج إلى أنه في عام 2017 ، هناك ما بين 2.9 إلى 5مليون مستخدم يستعمل محفظة لعملة رقمية، ومعظمهم يستخدمون البيتكوين. ويتضمن جدول أعمال البحث المفتوح في مجال البيتكوين ما يلي:

  1. التطوير المستمر وتعميق أسواق البيتكوين العالمية، وتتبع مدى تأثير البيتكوين على التمويل في البلدان النامية: وهناك حاجة أكيدة لدراسات كيفية استخدام العملة الرقمية والاستفادة منها في القطاع المالي والمصرفي.
  2. مواجهة التحديات والفرص لاستخدام نظام البيتكوين والعملات الرقمية من منظور الشمولية المالية: وتشمل هذه الاستخدامات نظام الحوالات والحسابات المصرفية البديلة والتمويل للأشخاص الذين لا يمكنهم الحصول على ائتمان من المؤسسات المالية.
  3. دراسة مدى إمكانية تفاعل تقنيات الثورة الصناعية الرابعة مع تقنية البيتكوين والعملات الرقمية.
  4. وضع خطط واستراتيجيات مالية متكاملة لانشاء المؤسسات المالية الرقمية(JULES,2018,)

ثانيا_ سلسلة التوريد العالمية: وتتضمن سلسلة التوريد العالمية العمليات التالية:

  • عملية الشراء: وتشمل جميع العمليات والمهام اللازمة لشراء الخدمات أو البضائع من الموردين.
  • عملية الإنتاج: وتشمل إنتاج السلع أو تطوير الخدمات وتتضمن العمليات المطلوبة

لتحويل المدخلات إلى مخرجات أو منتجات نهائية. المدخلات هي المواد الخام والموارد والتكنولوجيات والمعلومات اللازمة، والمخرجات هي ما يحصل عليه العملاء من المؤسسات.

  • عملية التخزين: شهدت عمليات التخزين في المستودعات وإدارة المخزون تطورات كبيرة في العقود القليلة الماضية بسبب تطور دورات حياة المنتج وتقلبات الطلب بشكل متزايد.
  • عملية النقل: وتشمل جميع العمليات اللوجيستية لنقل وتسليم المنتجات والبضائع المخزنة من مكان إلى آخر في الوقت المناسب. ومن أهم المؤشرات التي يتعين تحليلها هي قدرة حمولة شاحنات النقل، والوقت المستغرق لتسليم البضائع، والتسليم في الوقت المحدد، وغيرها من المؤشرات.
  • عملية البيع: وتتضمن عملية البيع أو الوفاء إتمام تسليم الطلبات ضمن الجدول المتفق عليه. وهناك اختلافات وفوارق كبيرة في تطبيقات البيع في مختلف المؤسسات نظراً لاعتمادها على طرق خاصة في توثيق المعلومات حول البيع ودراسات السوق وخطط المحافظة على العملاء الحاليين. وتتضمن مؤشرات الأداء الرئيسية لعمليات البيع توفير المنتج، وتجربة العملاء، والوقت المستغرق للاستجابة وتلبية حاجات السوق، والوقت المستغرق لدخول المنتج إلى السوق.(شواب, 2019, 22).

وعليه فإن العمليات الخاصة بسلسلة التوريد الأكثر تأثراً بالثورة الصناعية الرابعة تشمل عملية تلبية الطلبات والنقل اللوجستي ودراسة الاسواق واحتياجات العميل. وتستفيد هذه العمليات من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة التي تشمل الواقع المعزز، والطباعة الثلاثية الأبعاد، والترابط الالكتروني عبر شبكة إنترنت الاشياء، والذكاء الإصطناعي، ورؤية الجهاز، وتحليلات البيانات الضخمة، والروبوتات، وغيرها من تقنيات الثورة الصناعية الرابعة(JEE,2017,10).

ثالثا_ قطاع الصناعه: في ظل الثورة الصناعية الرابعة تشهد الصناعات تحولًا جذريًا في الصناعة التحويلية من خلال إدخال التكنولوجيا الرقمية والإنترنت. مما ينطوي عليه تحسينات ثورية في عمليات التصميم والتصنيع والعمليات والخدمات الخاصة بتصنيع المنتجات والأنظمة. ويعتمد المصنع الذكي الحديث على استخدام التطورات الجديدة المبتكرة في التكنولوجيا الرقمية بما في ذلك الروبوتات المتقدمة والذكاء الإصطناعي، وأجهزة الاستشعار، والحوسبة السحابية، وإنترنت الأشياء، والتقاط البيانات والتحليلات، والتصنيع الرقمي (بما في ذلك الطباعة الثلاثية الأبعاد)، وبرامج نماذج التسويق، وتطبيقات الاجهزة المحمولة، والمنصات التي تستخدم الخوارزميات لتوجيه السيارات بما في ذلك أدوات الملاحة والمركبات الذاتية القيادة.

وفي ظل الثورة الصناعية الرابعة سيتمكن مصنع المستقبل من الربط بين الآلات والبشر في النظم السيبرانية وتقديم المنتجات الذكية والعمليات الصناعية التي تسمح للصناعة بمواجهة التغيُّرات السريعة في أنماط السوق. كما تحفز الثورة الصناعية الرابعة على استخدام البيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء، والذكاء الإصطناعي لانشاء بيئة صناعية تستطيع الأجهزة الذكية من خلالها التواصل مع بعضها البعض، ليس فقط من أجل تمكين أتمتة خطوط الإنتاج ولكن أيضًا لتحليل وفهم مستوى معين من مشكلات الإنتاج، وذلك بإعتماد حد أدنى من المشاركة البشرية لحل مشكلات الإنتاج. وعلى المصنع الذكي وضع استراتيجيات ونماذج عمل لتحقيق تكامل أفقي، مما يوفر بالتالي مستويات عالية من المرونة، والاستجابة بشكل أسرع لاحتياجات السوق، وتحديد التغييرات في متطلبات العملاء, والاستفادة منها في جميع خطوات الإنتاج من التطوير إلى التوزيع. ولعل أبرز فوائد الثورة الصناعية الرابعة هي زيادة المرونة في الانتاج، وتحسين معايير الجودة، والكفاءة والإنتاجية مما يسمح للشركات تلبية طلبات العملاء، وخلق القيمة المضافة من خلال تقديم منتجات وخدمات جديدة باستمرار إلى السوق. علاوة على ذلك، فإن التعاون بين الآلات والبشر يمكن أن يؤثر اجتماعياً على حياة أفضل لعمال المستقبل، خاصة في ما يتعلق بتحسين اتخاذ القرار.( مجاهد. 2010, 12).

رابعا_ قطاع التعليم وسوق العمل: إن الثورة الصناعية الرابعة لا تؤثر فقط على الإنتاج نفسه، ولكن أيضاً على سوق العمل والنظام التعليمي. فالمنهجيات والتكنولوجيات التي يتعين إدخالها في الشركات لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة ليس ممكناً على الفور وذلك لعدة أسباب منها ارتفاع التكاليف المالية ونقص الموظفين المؤهلين والحاجة الى التغيير التكنولوجي في الانظمة والابتكار. مما يؤدي الى إختفاء بعض الوظائف التقليدية وفتح الباب لوظائف جديدة لذوي الخبرات في التكنولوجيا (( Manyika, et    al, 2019,17

كما ان الثورة الصناعية الرابعة لها تأثير هائل على قطاع التعليم وسوق العمل الذي سيكون مخصص فقط للموظفين المؤهلين والمتعلمين تعليماً عالياً. والمؤسسات التي سوف تتمكن من الاستمرار في مواجهة تحديات الثورة الصناعية الرابعة هي المؤسسات القادرة على إستيعاب التقنيات الحديثة والاستفادة منها. وسوف تصبح مهارات ومؤهلات القوى العاملة المفتاح لنجاح المؤسسات في ظل الثورة الصناعية الرابعة. لهذا السبب، يجب أن تركز المؤسسات على تطوير القوى العاملة المؤهلة وذلك بتعزيز دور إدارة الموارد البشرية. وعلى المسؤولين عن إدارة الموارد البشرية في المؤسسات التركيز على تنمية الموارد البشرية، أي التعليم والتعلم، وتدريب الموظفين لرفع الكفاءات التقنية.

ويمكننا تجميع وتصنيف الكفاءات في أربع مجموعات رئيسية هي الكفاءات التقنية والمنهجية والاجتماعية والشخصية. وعليه فإن متطلبات مؤهلات ومهارات الموظفين في المستقبل ستكون أعلى مما هي عليه في الوقت الحاضر لأنه يتحتم على المؤسسات استخدام تقنيات جديدة ووسائط ذكية. وعليه يتوجب تغيير نظام التعليم بحيث يتمكن من الجمع بين معلومات العالم الحقيقي والافتراضي. وسوف يكون لبيئات التعلم الافتراضية دور كبير في تطوير التدريب وتعليم الموظفين الجدد على المهارات المتقدمة  ( الهلالي, 2019, 14).

خامسا_ قطاع الصحة: نشهد اليوم ثورة رابعة في الرعاية الصحية بفضل إستخدام البيانات الضخمة والذكاء الإصطناعي وإستخدام أنظمة السجلات الصحية الإلكترونية لإجراء التحليلات الدقيقة. وعلى مدى السنوات القليلة القادمة، من المرجح أن يتغير بشكل أساسي كيفية تقديم الرعاية الصحية وسوف نتمكن من قياس النتائج المترتبة عليها. ولكي نفهم عوامل هذه الثورة الرابعة في الرعاية الصحية من جوانبها المختلفة ومكوناتها وآثارها المحتملة علينا فهم تطورات الثورة الصناعية ال0حرابعة والتقنيات الخاصة بها. حيث ما نشهده اليوم هو إستخدام التقنيات الجديدة في جمع وتحليل البيانات الخاصة بالصحة وإستخدام تقنيات الذكاء الإصطناعي ورؤية الجهاز في التحليلات الطبية ((Paters,2019,37

ولا يقتصر الأمر على الكمية الضخمة من البيانات المتوفرة للأطباء، ولكن على القدرة على استخلاص الأفكار من البيانات التي يتم التقاطها وإمكانية نقل هذه البيانات. وتسمح قابلية نقل البيانات للمرضى وأطبائهم بالوصول إليها في أي وقت وفي أي مكان، كما تسمح التحليلات الحديثة القيام بعمليات التشخيص والاستجابات الطبية بشكل أفضل وأكثر تناسقاً وفعالية مما يساعد في إتخاذ قرارات أفضل. وبذلك تتحول الرعاية الصحية من نظام قائم على رسوم مقابل الخدمة إلى نظام قائم على القيمة المضافة الذي يقيس النتائج ويضمن الوقاية الصحية.

سادسا_ التصنيع: إن مستقبل التصنيع في ظل الثورة الصناعية الرابعة يرتكز على الآلات الذكية التي تمكن الناس والعمليات والمنتجات والبنية التحتية من التنسيق بسلاسة، وتطوير تصنيع السلع بأقل وقت وكلفة، وتلبية توقعات العملاء إن لم يكن تجاوزها. كما ان الثورة الصناعية الرابعة هي نقطة انعطاف للابتكار والتغيير في مجال التصنيع. ويحدث هذا التغيير من خلال تقارب العالمين الحقيقي والافتراضي (الأنظمة الفيزيائية السيبرانية)، فضلاً عن تقدم أجهزة الاستشعار والمعالجات وتقنيات الإنترنت. ويسمح ذلك بتدفق أسرع واستخدام أكثر فاعلية للمعلومات على نطاق واسع أكثر مما كان ممكناً من قبل. وبالتالي يفسح المجال لإمكانية تحويل سلسلة القيمة الصناعية من الموردين إلى العملاء. وتسمى هذه الظاهرة الصناعة الذكية.

كما مكنت تقنيات الثورة الصناعية الرابعة بما في ذلك أجهزة الاستشعار ذات الأحجام الكبيرة من الإندماج في عملية الإنتاج. وتطورت برمجيات المحاكاة بين عمليات التصنيع مما ساعد على إنشاء خطوط إنتاج أكثر مرونة وقابلية للتكيُّف. وبدأت المصانع الذكية في الظهور حيث إستطاع الجميع من مديري المصانع إلى كبار القادة من المشاركة في الحصول على المعلومات والتحليلات لتحسين القدرات التشغيلية. ونتيجة لذلك، فإن ثلاثة عناصر أساسية في التصنيع تتقارب على نحو غير مسبوق مما يفتح الباب لعالم الصناعة الذكية. وهذه العناصر هي التالية:

  • المنتجات: تعمل أجهزة الاستشعار وأجهزة التحكم والبرامج والتطبيقات الخاصة بها على الحصول على المعلومات في الوقت الفعلي وتطوير المنتجات الذكية كما تمكّن الآلات من اتخاذ إجراءات مستقلة.
  • الناس: تساعد تقنيات الثورة الصناعية الرابعة على تزايد الترابط بين الناس مما يتيح لهم فرص التعرف على جميع الوظائف والأعمال في مختلف المناطق الجغرافية، وتزويدهم بالمعلومات التي تساعد على التصميم الذكي.
  • البنية التحتية: إن استخدام مكونات البنية التحتية الذكية التي تتفاعل مع الأجهزة المحمولة والمنتجات والأفراد يمكنها أن تعالج التعقيدات بشكل أفضل وتمكن من تصنيع المزيد من البضائع ( مجاهد, 2020, 16-18).

1/7 تحديات الثورة الصناعية الرابعة وتداعياتها:

1- تشترط الثورة الصناعية الرابعة إعادة هيكلة اقتصادية شاملة، مقرونة بهيكلة اجتماعية وسياسية، سيرافقها تغير في القيم الثقافية والاجتماعية. إلا أن المجتمعات البشرية ستعاني جراء تبعاتها زيادة في أعداد الباحثين عن عمل بشكل كبير، إذ تؤكد تقديرات خبراء الاقتصاد أن أتمتة الصناعة من شأنها أن تقلص فرص العمل إلى 50%، خاصة بين الفئات الوسطى والدنيا من الأيدي العاملة، أي أصحاب (الوظائف البسيطة) التي لا تحتاج إلى خبرات علمية وتقنية عالية. ويُخشى من أن تؤدي (الثورة الصناعية الرابعة) إلى اضمحلال دور الشركات المتوسطة والصغيرة في العملية الإنتاجية، وهيمنة الشركات الكبرى.

2- لم يعد الأمر يقتصر على التنمية الاقتصادية والسياسية والثقافية والبشرية، بل أصبح يشمل أيضاً أداة هذه التنمية التي أصبحت التنمية الرقمية أحد عناصرها الأساسية.

3- وتتمثل في تحسين توصيل الإنترنت، والربط والتغطية الواسعة أمام الشباب؛ لكي ينموا قدراتهم على الاكتشاف والابتكار، ومن ثم يصبح التعليم عن بُعد، والدورات الدراسية والتثقيفية، ومواقع تعلم اللغات الأجنبية، ووسائل الإعلام الاجتماعي، والإخبار، ومنصات استلهام الحلول، عبر مشاركة الجمهور.. يصبح كل ذلك متاحاً، وعاملاً محفزاً لإنعاش مفاهيم المسؤولية، ومجابهة التحديات التي يواجهونها، لا سيما وأن كل شاب من بين أربعة شباب باحث عن العمل في العالم العربي.

4- الخصوصية: تعد الخصوصية واحداً من أكبر التحديات الفردية التي تسببها تكنولوجيا المعلومات. ونحن نفهم وبشكل غريزي أهمية الخصوصية، إلا أن ملاحقة وتقاسم المعلومات الخاصة بنا يعد جزءاً حاسماً من العلاقات الجديدة. مثل: التأثير على حياتنا الخاصة، بسبب عدم السيطرة على بياناتنا الخاصة في السنوات المقبلة. وبالمثل، فإن الثورات التي تحدث في مجال التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي، والتي ستعيد تعريف معنى (الإنساني) من خلال تغير حدود العمر والصحة والإدراك والقدرات، التي ستدفعنا إلى إعادة مفاهيمنا المعنوية والأخلاقية.

5- اعتماد النماذج الراهنة بدرجة أكبر على الابتكار، وبدرجة أقل على المهارات الحرفية التقليدية من أجل زيادة فرص مساهمتهم في أسواق العمل المستقبلي، إضافة إلى معرفة متطلبات العملاء، وعدم وجود نظام تصنيف للائتمان، والملاءة المالية، أو بيانات عامة حول الشركات، وهي بطبيعة الحال تعد من المتطلبات الأساسية للشركات التي تعتمد نموذج الإقراض والتمويل المباشر في المؤسسات المالية. (معاذ, 2019, 24-25).

وفي المقابل توجد العديد من التداعيات المترتبة على تصاعد الاعتماد على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، وتنقسم إلى: تهديدات أمنية، واجتماعية، واقتصادية. وهو ما يمكن توضيحه على النحو الآتي ( lambert,2017,19):

1- تهديدات اقتصادية: سوف تؤثر هذه التقنيات على حجم ونوعية الوظائف، وفرص العمل المتاحة، إذ من المتوقع أن يؤثر «الروبوت» بالسلب على الوظائف في مجال الصناعات التحويلية، وصناعة السيارات، والأدوات الكهربائية، بالإضافة إلى خدمة العملاء.

2- تهديدات أمنية: أحد التداعيات الخطيرة التي تطرحها تقنيات الذكاء الاصطناعي هو تهديد هذه التقنيات لحق البشر في الحياة، ويتضح ذلك في حالة «الأنظمة القتالية المستقلة» مثل؛ «الدرونز» التي تحمل أسلحة، أو الروبوتات المقاتلة الموجودة، حيث تكمن الخطورة هنا في أن هذه الأجهزة مصممة من أجل التدمير أساساً، فماذا يحدث إذا وقعت في يد الشخص الخطأ، أو تم اختراقها نتيجة لقصور أو خطأ بشري في إجراءات التأمين، وتم التلاعب بالخوارزميات التي تتحكم فيها، فهنا سوف تكون النتائج كارثية.

3- تداعيات اجتماعية: تؤدي زيادة الاحتكاك مع الآلات إلى انفصال البشر تدريجياً عن محيطهم الاجتماعي البشري، وهو ما يفقد العلاقات الإنسانية مرونتها التقليدية، ويجعلها أكثر صلابة وجموداً، فتتحول طرق التفكير والتفاعلات البشرية من التعقيد المفيد إلى التنميط، ولو كان منتجاً، ويصبح الهدف من العلاقات الإنسانية مادياً بعدما كان معنوياً بالأساس.

القسم الثاني تحديات التنمية العربية

تواجه الدول العربية قدراً كبيراً من التحديات في مختلف جوانب الحياة ، وخاصة فى الجوانب الاقتصادية ، وتمثل هذه التحديات الاقتصادية خطراً على التنمية العربية ، وتعوق قدرات الوطن العربي على التكيف مع التحولات العالمية, ويمكن إيجاز مجموعة التحديات التي تواجه الدول العربية في ظل المشهد العالمى المعاصر فيما يلى : تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية, وتصاعد الاتجاه نحو الخصخصة والإصلاح الهيكلى, وانكماش المساعدات الإنمائية الرسمية, واتساع حجم الفجوة المعرفية والتقنية, وتحديات الاندماج بالاقتصاد العالمى وتزايد المديونية الخارجية وأعباؤها, وضعف وتدنى مستوى التجارة والاستثمارات العربية البينية , ومحدودية الموارد العربية وسوء استغلالها, وتعثر عملية التنمية والإصلاح الاقتصادى وبطء معدلاتها, وتصاعد معدلات البطالة معدلات التضخم وارتفاع اسعار الطاقة والمواد الغذائية, والفساد وتدنى مستوى الحوكمة, وتزايد مشكلات تدهور البيئة  ( جامعة الدول العربية, 2016, 14).

وعلى الرغم من تنوع وتعدد التحديات والمتطلبات التى تواجه الدول العربية ( اقتصادية – سياسية – اجتماعية – ثقافية – تكنولوجية – بيئية …) إلا أن التحديات الاقتصادية تقع فى موقع الصدارة ، لأنها تشكل الأساس لحل المعضلات والوفاء بما تبقى من الاحتياجات. ويمكن تقسيم التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية إلي مايلي :

أولا- التحديات الخارجية:

  1. تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية : العولمة  الاقتصادية هى تلك العملية التي تهدف إلى توحيد أجزاء الاقتصاد العالمي وإلغاء الحواجز التي تحو ل دون الحرية الكاملة لتدفق عناصره ومبادلاته وحركة عوامل الإنتاج سواء أكان رأسمال أو عمل أو تكنولوجيا أو غير ذلك ، فالعولمة إذن تساوي التغير التكنولوجي بالإضافة إلى فتح الأسواق للتجارة الدولية والاستثمار مضافا إليه التغير السياسي .

وتجلت عملية تسارع العولمة الاقتصادية في السنوات الأخيرة باطراد نمو التجارة العالمية وتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، والازدياد الحاد في نشاطات الشركات متعددة الجنسيات التي تعد اليوم بمثابة الحكومة الكونية Global Government . كما زاد تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر زيادة ملفتة للنظر إذ قفزت مبالغ هذا الاستثمار من متوسط سنوي يبلغ (27.5) مليار دولار في السبعينات من القرن الماضي إلى (31,3) مليار دولار في عام 2019 ، ويمكن إيجاز أهم المخاطر التي تتعرض لها الدول النامية ومنها الدول العربية  من جراء العولمة الاقتصادية فى عدة أمور ، وأهمها انهيار الأنفاق الاستهلاكي ، تباطؤ معدلات النمو الاقتصادي ، تزايد الفجوة بين الدول الغنية والفقيرة ، زيادة الفقر ، والأزمات المالية كالأزمة المالية العالمية الراهنة ( سليم, 2015, 23).

  1. تحديات الاندماج بالاقتصاد العالمي : شهد الاقتصاد العربي ارتفاعاً ملحوظاً في مؤشر اندماجه بالاقتصاد العالمي خلال العقود الثلاثة الماضية حيث أرتفع مؤشر الانكشاف الاقتصادي من 26% في عام 1970إلى75% في عام 2020 . وكان حصاد ذلك تعرض الأهمية النسبية للاقتصاد العربي في الاقتصاد العالمي لتغييرات كبيرة سواء فيما يتعلق بحصة الوطن العربي من الناتج العالمي أو التجارة العالمية. كما يشير هذا الانخفاض في المؤشرات إلى هشاشة الهياكل الاقتصادية ، وضعف الإنتاجية ، وتراجعا في الأداء الاقتصادي ، ويمكن القول بأنه مع تزايد الاندفاع نحو انتهاج سياسات اقتصادية ومالية وتجارية تؤهل للاندماج بالاقتصاد الرأسمالي العالمي ، تتزايد المشكلات الاقتصادية والاجتماعية ، وتتدنى مؤشرات التنمية البشرية فبينما يتمتع 2.34% من مجموع السكان العرب (البحرين، والكويت ،الإمارات، وقطر ) بتنمية بشرية مرتفعة ، فإن 22.09% من السكان (السودان، اليمن ،جيبوتي ، موريتانيا) يعيشون في ظل تنمية بشرية منخفضة ، ويتمتع 75.57% من السكان بتنمية بشرية متوسطة يعيشون في باقي الدول العربية ( جامعة الدول العربية, 2016, 33).

ووفقا لتقارير البنك الدولي ، فإن حوالي 68 مليون عربي يعانون من الحرمان والفقر البشري ، ويصل معدل معرفة القراءة والكتابة بين البالغين إلى نحو 61.2% ، ولا يحصل 26% من السكان العرب على المياه الصالحة للشرب ، و19.7% لا يتوفر لهم الصرف الصحي ، وفي الوقت الذي يبلغ فيه متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي حوالي 17935 دولار في الإمارات ، فإنه ينحدر على 893 دولار في اليمن ، وهذا يعكس حجم التفاوت الكبير بين أقطار الوطن العربي.

ومما يزيد الأمر سوءا ، أنه مع التدهور الحاصل في البيئة الاقتصادية والاجتماعية العربية ، تتصاعد الدعوة والضغوط إلى المزيد من الانخراط في الاقتصاد العالمي ، وتطبيق توصيات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والمتمثلة ببرامج الإصلاح والتكييف الهيكلي والتي لم تستطع أن تخفف من مشكلة المديونية العربية الخارجية والتي فاقت 1,46 تريليون دولار بنهاية 2020م, بعد أن كانت اقل من خمسين مليار دولار مع مطلع عقد الثمانينات من القرن الماضي  (المعهد العربي للتخطيط, 2020, 18).

3- ضعف التجارة العربية البينية ، وتدني الاستثمار العربي البيني : اتسمت مسيرة التنمية العربية بالاعتماد على الخارج ، ويرجع ذلك إلى الاختلال الهيكلي في الاقتصاديات العربية ، من حيث تخلف القاعدة الإنتاجية ، والاعتماد على تصدير الخامات واستيراد الآلات والمعدات والسلع المصنعة ، وتشير العديد من الدراسات والأبحاث إلى أن حجم التجارة بين الأقطار العربية هو ضعيف جدا عند مقارنته بحجم التجارة الخارجية العربية مع الدول المتقدمة صناعيا. حيث واجهت التجارة الخارجية العربية تحديات جمة كان أكبرها في انخفاض اسعار النفط والظروف السياسية والأمنية غير المواتية  التي تجتاح المنطقة, وبالتالي انخفاض حجم تجارة السلع والخدمات العربية من 2145  مليار دولار عام 2014 ,إلى 1592 مليار دولار عام 2016.  وكذلك تراجع  حصتها من إجمالي الناتج العربي من نحو 78% إلى حوالي 68% عام 2016.

وبين التقرير الإقتصادي العربي الموحد لعامي 2016 2017 ، أن قيمة التجارة البينية العربية تراجعت بنسبة بلغت 7.2% لتبلغ حوالي 102.9 مليار دولار خلال عام 2016 مقابل 110.9مليار دولار عام 2015  وجاء ذلك نتيجة لتراجع الصادرات البينية بنحو 10.1% والواردات البينية بنحو 4.4%.  وعلي الرغم من وجود العديد من المقومات الداعمة لدور فعال للتجارة الخارجية العربية البينية, مثل التنوع في الثروات الطبيعية والمالية والبشرية, فضلا عن الموقع الاستراتيجي الذي يربط بين الشرق والغرب, الا انه من الملاحظ ضعف التبادل التجاري البيني العربي سواء في السلع الكلية او في السلع الزراعية والغذائية ( صندوق النقد العربي, 2018, 29).

كما تراجع حجم الاستثمارات العربية  بشكل كبير منذ العام 2008 جراء الأزمة الاقتصادية العالمية وما ترتب عليها من نتائج, حيث بلغت حوالي 36 مليار دولار عام2011  لتنخفض الي 3,3 مليار دولار عام 2017م, اما بالنسبة لتدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر للدول العربية, فانه تراجع بنسبة 11.4 % بين عامي 2016 و 2017 إذ بلغت 32.4 مليار دولار مليار دولار العام 2016 وتراجعت إلى نحو 29 مليار دولار العام 2017. ومن هنا نلاحظ أن الاستثمارات العربية والأجنبية لم تكن كافية لإحداث معدلات نمو اقتصادية مناسبة, ولتوفير فرص عمل كافية, في الوقت الذي تبلغ فيه نسبة البطالة في الوطن العربي حوالي 18 % أو ثلاثة اضعاف معدل نسبة الدول العالمية، بينما ترتفع هذه النسبة بين الشباب إلى حوالي 30 %( صندوق النقد العربي, 2019, 29)

ثانيا: التحديات الداخلية:

1_ الفساد وتدنى مستوى الحوكمة : يمثل الفساد قضية اقتصادية واجتماعية وسياسية ، ويترتب على الفساد خلل فى الكفاءة الاقتصادية، نظراً لما ينتج عنه من سوء تخصيص الموارد الاقتصادية وسوء توجيه الاستثمارات ، فضلاً عن إعاقة الاستثمارات والتراكم الرأسمالى ، ومن ثم  يعوق عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية ، بالإضافة لما يترتب عليه من خلل فى توزيع الدخل والثروة بين أفراد المجتمع ، فضلاً عما يترتب عليه من عديد من الآثار السلبية اجتماعياً وسياسياً وتعوق تلك الآثار عمليات الإصلاح. ولذا أصبحت قضية الفساد من القضايا التى تشغل بال الجميع فى المجتمعات العربية ، نتيجة لزيادة حجم الفساد واتساع دائرته وتشابك حلقاته وترابط آلياته بدرجة لم يسبق لها مثيل من قبل , مما يهدد مسيرة ومستقبل عمليات الإنماء بهذه الدول ، وتتعدد صور الفساد وأسبابه فى الدول العربية ، كما تتفاوت درجة الفساد فيما بين هذه الدول ، ويرجع ذلك بصفة أساسية إلى غياب الحوكمة من الناحية التنفيذية فى هذه الدول ، ووفقاً للتقارير الدولية فإن الدول العربية تحتل مرتبة متوسطة فى مقاييس الحوكمة ، وتأتى دول الخليج فى مقدمة الدول العربية وفقاً للمقاييس الدولية ، وقد أثبتت الدراسات أن هناك ارتباط طردى قوى بين مستوى الأداء الاقتصادى فى المنطقة العربية وجميع مؤشرات الحوكمة وخاصة مدى سيادة القانون ، وكفاءة الحكومة ، وقدرتها على مكافحة الفساد(برنامج الامم المتحدة الانمائي , 2011, 29-31)

2- محدودية الموارد العربية وسوء استغلالها :

أولا- الموارد المائية: يعتبر الوطن العربي من أكثر مناطق العالم فقراً في الموارد المائية إذ لا يتخطى المعدل السنوي لنصيب الفرد من المياه (1000) متر مكعب مقارنة (7700) متر مكعب على المستوى العالمي ، ومن المتوقع أن يتناقص هذا المعدل إلى (500) متر مكعب في معظم الدول العربية بحلول عام 2025 ، علاوة على ذلك ، فإن حوالي نصف الموارد المائية العربية تنبع من خارج الوطن العربي ، كما أن هذه الموارد غير مستغلة برمتها ، بل يتم استغلال نحو 68% منها فقط ، وطبقا لدراسة حديثة ، فإن حوالي 75% من الدول العربية تقع تحت خط الفقر المائي، ومن المتوقع أن تبلغ النسبة 90% بحلول عام 2030.

وبصفة عامة فإن العرض الحالي للموارد المائية يتسم بالثبات النسبي، حيث تقدر الموارد المتاحة في الوطن العربي من جميع المصادر بنحو 257,5 مليار متر مكعب في السنة، يتم استخدام حوالي 160 مليار متر مكعب بنسبة 95,4 %، وموارد غير تقليدية قدرها 11,9 مليار متر مكعب تعادل 4,6 % من إجمالي الموارد المائية. وتشكل الموارد المائية السطحية الشطر الأكبر من إجمالي الموارد المائية التقليدية، إذ تقدر بنحو 209,2 مليار متر مكعب تمثل 81,2 % من الإجمالي، وتمثل المياه الجوفية4,1 %، أما بالنسبة للموارد غير التقليدية فتمثل كلا من موارد إعادة الاستخدام وموارد التحلية 0,38 %و 0,9 % على الترتيب من إجمالي الموارد المائية في الوطن العربي . وعلى المستوي الإقليمي، يستحوذ الإقليم الأوسط على نحو 40 % من إجمالي الموارد المائية، بينما يستحوذ الإقليم الأوسط عل ى نحو 40 % من إجمالي الموارد المائية، بينما يستحوذ إقليم المشرق، وإقليم المغرب العربي، وإقليم شبه الجزيرة العربية على نحو 31 % و 23 % و 6 % على الترتيب من إجمالي الموارد المائية العربية( الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية, 2019, 39-41).

ويستخدم الجزء الأكبر من المياه في البلدان العربية للري في الزراعة وبكفاءة تعتبر متدنية بصفة عامة نظرا لارتفاع نسبة الفاقد في مياه الري وتتراوح نسبة سحب المياه العذبة للزراعة من الموارد المائية المتجددة في سبع دول عربية (الكويت، والإمارا ت، والسعودية، وليبيا، وقطر، والبحرين، واليمن) بين 2075 في الكويت و 169 % في اليمن. وتتراوح النسبة في تسع دول (الأردن، مصر، سلطنة عمان، سوريا، العراق، تونس، فلسطين، الجزائر، والمغرب) بين 99 % في الأردن و 43 % في المغرب. وتتراوح نسبة السحب السنوي في السودان والصومال ولبنان وموريتانيا بين 35 % و 12 .9 %. ووفقا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، فإن البلدان تكون في حالة حرجة إذا استخدمت أكثر من40 % من مواردها المتجددة للزراعة ( الاسكوا, 2020, 17).

ويضاف إلى ذلك أيضا وقوع معظم الدول العربية في المناطق المناخية الجافة وشبه الجافة التي تقل فيها الأمطار، وتمتد فيها أكبر مساحة صحراوية في العالم، وتتميز بارتفاع معدلات الفاقد من الأمطار عن طريق التبخر على مدار السنة، مما يقلل الاستفادة من مياه الأمطار، ويؤثر سلبا على المياه الجوفية من حيث ضعف التغذية السنوية. ومع أن الدول العربية لا تتميز بوجود أقاليم مناخية زراعية متنوعة، إلا أن شح هطول الأمطار وتباين معدلاتها بين الأقاليم أحدث خللا في التوازن الطبيعي البيئي. وترتفع معدلات التبخر في الدول العربية حيث تتجاوز 2500 مل م/السنة نظرا لوقوع هذه الدول في المناطق الجافة وشبه الجافة. وتشير دراسة أعدتها المنظمة العربية للتنمية الزراعية، إلى أن مساحة الأراضي الصحراوية في الدول العربية تقدر بحوالي 8,8 مليون كيلومتر مربع. وتمثل مساحة الأراضي المتصحرة في إقليم المغرب العربي حوالي 53,4 % من إجمالي تلك المساحة، يليها إقليم الجزيرة العربية بنسبة 22,2 %، ثم حوض النيل والقرن الإفريقي بنسبة 21,5 %، والمشرق العربي بنسبة 2,9 %.كما تشير الدراسة المذكورة إلى تعرض الأراضي الزراعية العربية للتدهور نتيجة الانجراف والتملح واستنزاف وإجهاد التربة، والتوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية  (المعهد العربي للتخطيط, 2020, 35).

وهناك تحديات أخري تتمثل في شح الموارد المائية وضعف كفاءة الري، وضعف برامج استصلاح الأراضي، وتدهور الأراضي الزراعية، وانخفاض إنتاجية بعض المحاصيل بشكل عام مقارنة بمستوياتها في الدول المتقدمة، وعدم توفير المناخ للاستثمار مما جعل القطاع الزراعي هو الأقل جذبا للاستثمارات، والأضعف مردودا مقارنة بالقطاعات الأخرى، كما تشمل تلك المعوقات ضعف الإنفاق والاستثمار في البحوث العلمية الزراعية. والتوسع العمراني المدني على حساب الرقعة الزراعية، وتفتت الحيازات الزراعية بشكل يعيق الميكنة الزراعية. وزيادة الهدر في الإنتاج نتيجة لوسائل غير مناسبة تستخدم في جني وحصاد ونقل المحاصيل وتخزينها وتصنيعها، يضاف إلى ذلك نقص الكوادر البشرية المدربة التي يعول عليها في إدارة التنمية. (المعهد العربي للتخطيط بالكويت, 2015, 2).

وتجدر الاشارة الي انه مع اتساع رقعة جائحة كوفيد 19 – في العالم بأسره، من المتوقع أن يتفاقم الإجهاد المائي بسبب زيادة تخصيص الموارد المائية للقطاع الزراعي، وذلك بغية التعويض عن انخفاض صادرات الغذاء من البلدان المنتجة للأغذية. ويعتمد العديد من البلدان في المنطقة العربية على الواردات من الأغذية، ولا سيما المواد الغذائية الأساسية والأغذية الغنية بالبروتينات. وتستورد المنطقة 65 في المائة من القمح الذي تحتاجه. والزراعة هي بالفعل أكبر مستهلك للمياه في المنطقة، إذ يستأثر هذا القطاع ب 84 في المائة من إجمالي عمليات سحب المياه. وقد تسعى بعض البلدان العربية إلى زيادة الإنتاج المحلي للتعويض عن أي نقص مرتقَب في واردات الأغذية، مما قد يحوّل وجهة الموارد المائية الشحيحة أصلاً من القطاع المنزلي إلى القطاع الزراعي. وقد تُتخذ تدابير مماثلة على مستوى القرى والأسر المعيشية لسدّ ذلك النقص المرتقب، مما يؤدي إلى زيادة ضخ المياه من الموارد المائية السطحية والجوفية. ( الاسكوا, 2020, 21).

ثانيا- الموارد الزراعية:  أما بالنسبة لمصادر الأراضي ، فإن الوطن العربي يعاني من ندرة الأراضي أيضا ، حيث أن 54.8% من مساحته تعد أراض خالية ، وتمثل المراعي 26.8% ، والأراضي القابلة للزراعة 14.5% والغابات حوالي 3.9% ، وتمثل الأراضي المزروعة حوالي 29% من مساحة الأراضي القابلة للزراعة أو حوالي 4.2% من إجمالي المساحة الكلية للوطن العربي ، وتتعرض غابات الوطن العربي والتي تمثل 3.9% من مجمل مساحته إلى ضغوط متزايدة ، وتفقد بمعدل سنوي 1.59% ، وتعتبر إعادة زراعة الغابات الطريق الفعال لتعويض الفاقد من هذه الغابات ، بيد أن معدل التشجير وزراعة الغابات لا يوازيان معدلات الفقد ، علاوة عن أن أعادة زراعة الغابات لا يعوض الفقدان الذي يحدث في التنوع الحيوي الذي تضمه الغابات الأصلية(، وقد شكلت هذه التطورات ضغوطاً على التنمية الزراعية العربية ، وبالتالي أصبح الوطن العربي عاجزاً عن سد متطلباته الغذائية ، حيث بلغت قيمة الفجوة الغذائية العربية حوالي53مليار دولار عام 2020، بالرغم من مرور أكثر من أربعة عقود على جهود التنمية الزراعية العربية.

وبالنظر الي تطور انتاج السلع الغذائية في الوطن العربي: نجد ان المساحة المزروعة من الحبوب تقدر بنحو  28.73  مليون هكتار عام 2017 م تشكل نحو  61.82 % من المساحة المحصولية في الوطن العربي المقدره بنحو 46.47  مليون هكتار ، ويقدر إنتاج الوطن العربي من الحبوب عام 2017 م نحو  47.96  مليون طن، مقارنة بنحو  45.06  مليون طن عام 2016 م ونحو  32.06  مليون طن لمتوسط الفترة  2009 – 2015 م. وتشكل المساحة المزروعة بالحبوب بالاقليم الأوسط نحو  57 % من إجمالي مساحتها بالوطن العربي عام 2017 م، بينما تشكل نحو 27 %،13 %،  3 % باقاليم المغرب العربي والمشرق العربي وشبه الجزيرة العربية على الترتيب. بينما يساهم الاقليم الأوسط بنحو  62 % من إجمالي إنتاج الحبوب بالوطن العربي، بينما يساهم اقاليم المغرب العربي والمشرق العربي وشبه الجزيرة العربية بحوالي  19 %، 15 %،  4 % على الترتيب.

وما زالت إنتاجية الحبوب في الوطن العربي متدنية , حيث تبلغ 1.67  طن في الهكتار عام 2017 م. ويرجع هذا التدني إلى عدة عوامل من بينها الفجوة التقنية، وهذا أمر يستدعي بذل المزيد من الجهود لتحسين انتاجية الحبوب وبخاصة في المناطق البعلية، وذلك لتقليل الفجوة الإنتاجية بين الحقول البحثية وحقول المزارعين( صندوق النقد العربي, 2019, 43).

وايضا بالنظر الي اوضاع انتاج السلع الغذائية الحيوانية والسمكية: نجد ان قطاع الثروة الحيوانية يلعب دورا مهما في الاقتصاد الوطني والقومي وتوفير الأمن الغذائي للأسر ، حيث تشكل المنتجات الحيوانية والسمكية مصدراً مهماً للبروتين الحيواني في الوطن العربي الذي تقدر فيه أعداد الثروة الحيوانية في عام 2017 م بنحو  350.48  مليون رأس، ، منها نحو  56.20 مليون رأس من الأبقار تشكل نسبة  (16 %)، ونحو  3.81  مليون رأس من الجاموس (1 %)، ونحو  182.56  مليون رأس من الأغنام ( 52 %)، ونحو  92.63  مليون رأس من الماعز ( 26 %)، ونحو  16.29  مليون رأس من الأبل ( 5 %) . وتربي معظم تلك الثروة الحيوانية في النظام الرعوي التقليدي ذي الإنتاجية المتدنية من اللحوم والألبان، والذي تنخفض فيه الكفاءة التسويقية للحيوانات الحية ومنتجاتها، ويزداد فيه الضغط على المراعي الطبيعية بسبب قلة السحوبات السنوية، وضعف البنيات التحتية اللازمة لتجارة الحيوانات الحية ومنتجاتها من محاجر ومسالخ، وأساطيل النقل. بالإضافة إلي اعتماد المربين على التربية التقليدية وعدم ارتباطهم بالأسواق(المنظمة العربية للتنمية الزراعية, 2017, 19).

كما تعتبر الأسماك من السلع التصديرية الأساسية في الوطن العربي، إذ بلغ إنتاجها نحو  5.23  مليون طن عام2017 م، مقابل  4.96  مليون طن عام 2016 م . وتساهم المزارع السمكية بنحو  28.12 % من هذا الإنتاج السمكي العربي ، وهي مساهمة تعتبر قليلة مقارنة بالمساهمة على مستوي العالم الذي يقدر بنحو  48.05 %, من إنتاج يبلغ نحو  174  مليون طن. ويساهم اقليم المغرب العربي بنحو  49.57 % من إجمالي الإنتاج السمكي بالوطن العربي عام 2017 م، بينما يساهم كل من الاقليم الاوسط واقليم شبه الجزيرة العربية واقليم المشرق العربي بنسبة 35.32 %، 13.95 %،  1.16 % على الترتيب. وتنتج دول مصر والمغرب وموريتانيا وسلطنة عُمان ما نسبته  84.31 % من إنتاج الوطن العربي من الأسماك في عام 2017 م. ويعتبر هذا الإنتاج متواضعاً في ظل الامكانات الهائلة التي يزخر بها الوطن العربي من موارد بحرية ومياه داخلية، فضلاً عن الفرص المتوفرة والكبيرة في مجال الاستزراع السمكي سواء كان في المياه المالحة – البحار والمحيطات- أو في المياه العذبة من أنهار ومياه داخلية.

وقد بلغ متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بالوطن العربي عام 2017 م نحو  5441  دولار للفرد مقارنة بنحو  7241دولار للفرد عام 2014 م ويرجع ذلك للانخفاض الحادث في الناتج المحلي الاجمالي وزيادة عدد السكان. بينما بلغ نصيب الفرد من الناتج الزراعي في الوطن العربي عام 2017 م نحو  339.3  دولار مقارنة بنحو363,2 دولار في عام 2014 م (انظر الجدول رقم 2/1). ويتفاوت نصيب الفرد من الناتج الزراعي من اقليم لأخر حيث بلغ أقصاه في اقليم المغرب العربي بنحو 325.1  دولار للفرد عام 2017 م وأدناه في اقليم المشرق العربي بنحو  152.5  دولار للفرد.

الجدول رقم (2/1) متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي والناتج الزراعي خلال الفترة 2014-2017م   ( بالأسعار الجارية)

الاقليم متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي متوسط نصيب الفرد من الناتج الزراعي
2014 2015 2016 2017 2014 2015 2016 2017
المشرق العربي 4734.19 4299,39 4085,96 3920,89 198,31 160,87 155,80 152,51
شبه الجزيرة العربية 35146,6 28072,6 26190,93 24285,45 232,79 230,25 235,20 237,88
المغرب العربي 3406,74 2992,79 2810,51 2617,52 325,63 354,25 339,22 325,05
الاوسط 1629,59 1778,66 1665,01 1558,12 271,11 292,40 283,34 257,35
الوطن العربي 7240,76 6278,83 5862,99 5440,89 363,27 371,42 355,73 339,29

المصدر:  صندوق النقد العربي, “تقرير افاق الاقتصاد العربي 2019”.

ثالثا_ الموارد البشرية: تعتبر الموارد البشرية العنصر الحاكم والفاعل في عملية التنمية، وهي في ذات الوقت غاية التنمية وهدفها النهائي، ومن ثم فإن أهمية الموارد البشرية لا تتمثل في كمها العددي، وإنما تتجاوزه إلى أبعاد مختلفة تتمثل في خصائصها وسماتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومدى استقرارها وقدرتها على الإنتاج .وتقدر أعداد سكان الوطن العربي في عام 2017 بحوالي 413 مليون نسمة، منهم حوالي 169,86 مليون نسمة سكان ريفيون يشكلون نحو 41,23 % من إجمالي السكان، وتعتبر معدلات نمو السكان في الوطن العربي مرتفعة نسبيا وتشكل إحدى التحديات التي تواجه الجهود التنموية (صندوق النقد العربي, 2018, 38).

وبالرغم من ذلك فإن الإحصاءات تشير إلى أن نسبة أعداد سكان الريف العربي إلى إجمالي سكان الوطن العربي بدأت في التناقص، ويرجع ذلك بصفة رئيسية لارتفاع معدلات الهجرة من الريف إلى الحضر في معظم الدول العربية بسبب اختلال التوازن التنموي بين المناطق الحضرية والريفية، واختلال توزيع الخدمات والمرافق العامة وفرص العمل ومستويات الأجور بين الريف والحضر، إضافة إلى ذلك فإن البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية والخدمات المساندة وبخاصة خدمات التمويل والتسويق الزراعي, تعتبر ضعيفة في الريف العربي. فالتحول من الريف إلى الحضر يعني زيادة الاحتياجات الكمية, بالإضافة إلى التغيير في نمط الغذاء إلى أنماط أشد ضغطا على الموار د، كزيادة الطلب على البروتينات مثلا. وكذلك مستويات دخول السكان، فعندما تتحقق تنمية اقتصادية وتزداد دخول السكان يزداد طلبهم على الغذاء من الناحية الكمية والنوعية. ويبين الجدول التالي تطور اجمالي عدد سكان الوطن العربي

الجدول رقم (2/2) تطور اجمالي عدد سكان الوطن العربي

السنوات 2011 2012 2013 2014 2015 2016 2017
اجمالي عدد السكان بالمليون 362 361,2 370 378 387 400 413
معدل النمو السكاني % 2,4 2,2 2,2 2,2 2,3 2,4 2,2

المصدر: التقرير الاقتصادي العربي الموحد, سنوات مختلفه

وبناء على ما سبق فإن ارتفاع معدلات النمو السكاني تؤدي إلى ازدياد الطلب على الغذاء وبالتالي ازدياد العجز الغذائي وخاصة إذا كانت هذه الزيادة مصحوبة بتدني زيادة الإنتاج والغلة مقابل النمو الكبير في أعداد السكان، وزيادة الطلب على السلع الغذائية الرئيسية خاصة مع ارتفاع أسعار عدد من السلع في الأسواق العالمية. وتشير تقديرات كل من منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، إلى ارتفاع لأسعار السلع الغذائية خلال السنوات القادمة، وذلك في ضوء استمرار النمو السكاني المرتفع بنسب أكبر من زيادة الإنتاج، وتحسن الأوضاع المعيشية والتغيرات المناخية، إذ يتوقع أن تصل قيمة الفجوة الغذائية العربية إلى حوالي 53 مليار دولار في عام 2021 بافتراض زيادة الفجوة بحدود 5 % سنويا .وهذا التزايد الكبير في النمو السكاني وتعاظم الضغوط على الموارد المحدودة من المياه والأراضي يثير القلق حول مستقبل الأمن الغذائي العربي، ويزداد ذلك حدة عندما يكون مصحوبا بتوالي الأزمات العالمية في أسعار الغذاء وتعقدها.

3- تصاعد معدلات البطالة :  يشكل تصاعد معدلات البطالة في الدول العربية واحد من أخطر التحديات التي تواجه الوطن العربي في ظل التحولات الاقتصادية الراهنة ، وتشير أحدث التقارير إلى أن معدل البطالة في الوطن العربى  يبلغ 14% ، من أصل (180) مليون عاطل عن العمل في العالم ، بمعنى أخر يبلغ العرب نحو 4.9% من سكان العالم ، بينما يبلغ العاطلون عن العمل حوالي 10.6% من إجمالي العاطلين عن العمل في العالم أي أكثر من ضعف نسبة مساهمتهم في سكان العالم ، فمعدلات التدفق العربي إلى سوق العمل أعلى من بقية العالم مما يخلق نوعين من الضغط ، ضغط البطالة القائمة ، وضغط البطالة القادمة. ويمكن تصنيف الأقطار العربية من حيث معدلات البطالة على ثلاث مجموعات ، الأولى تضم دول مجلس التعاون الخليجي والتي لا تزيد فيها معدلات البطالة عن 5% ، والمجموعة الثانية تضم الأقطار التي لا تزيد فيها معدلات البطالة عن 10% وتشمل كل من تونس 7.2% ،وسوريا 8.95% ومصر 8.2% ، واليمن 8.3% ،ولبنان 8.5% ، بينما تضم المجموعة الثالثة الأقطار التي تزيد فيها معدلات البطالة عن 10% وتشمل كل من الجزائر 26.4% ، والأردن 14.4%  والمغرب 14.5% وموريتانيا 10.9% ، وليبيا 11.6% والسودان 15.9% ( الاسكوا, 2019, 27).

كما بلغ متوسط نسبة الشباب الذين تتراوح اعمارهم بين15و24 بين العاطلين عن العمل حوالي 42% عام 2018م, بينما بلغ  متوسط نسبة الانسان بين العاطلين عن العمل حوالي 30%. وفيما يتعلق بتطور مؤشرات البطالة عام 2018 بالمقارنة مع السنوات السابقة, فانه رغم ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي في معظم الدول العربية, الا ان معدلات البطالة لم تسجل تغييرات ذي بال, وهو الشئ الذي يتماشي مع نتائج بعض الدراسات التطبيقية, التي بينت ان معدلات البطالة تتأثر سلبيا بتراجع النمو الاقتصادي في حالة الركود, أو تراجع النمو أكثر من تأثرها ايجابيا به في حالة ارتفاع نسق النمو.

وبما أن معدل البطالة بين الشباب دون سن 25 سنة هو نصف المعدل العام للبطالة ، وهذه النتيجة تجعل الشباب والبطالة صفتين متلازمتين لفئة من السكان ينظر إليها دائما على أنها الأمل والمستقبل ، وهو ما يهدد المستقبل العربي ، بالإضافة إلى ذلك ، فإن البطالة انتشرت بدرجات متزايدة بين خريجي التعليم العالي وبنسبة أكبر بين الإناث ، ويشير ذلك بجلاء إلى عدم قدرة السوق على استيعاب الداخلين الجدد (صندوق النقد العربي, 2019, 35-36).

ويمكن القول بأن تنامي معدلات البطالة يرجع إلى عوامل عديدة من أهمها ارتفاع معدلات النمو السكاني العربي ، وعدم تمكن الوطن العربي من خلق فرص عمل كافية تتوافق مع العرض المتمثل في الأعداد المتزايدة من الداخلين إلى سوق العمل بسبب تدني القاعدة الإنتاجية وضعف الاستثمارات ، بالإضافة إلى الاتجاه العام نحو تقليص الوظائف الحكومية ، نتيجة تطبيق برامج الخصخصة والإصلاح الاقتصادي ، وعدم قدرة القطاع الخاص في المرحلة الانتقالية للخصخصة ، من استيعاب جزء كبير من الداخلين على سوق العمل ، وعدم موائمة مخرجات التعليم لاحتياجات سوق العمل في الوطن العربي ( صندوق النقد العربي, 2018, 26).

أما بالنظر الي حجم ومعدل نمو القوي العاملة: فيقدر عدد القوي العاملة العربية في عام 2017 بحوالي 131 مليون نسمة، وهو ما يمثل حوالي 51,4% فقط من اجمالي عدد السكان في سن العمل في الدول العربية في السنة ذاتها. كما يلاحظ انخفاض هذه النسبة بالمقارنة مع متوسطي العالم والدول النامية اللذين بلغا حوالي 62,0% و69,5% لنفس العام علي التوالي, ويرجع ذلك الي خصوصيات الهرم السكاني في المنطقة العربية, والي المستوي المحدود لمساهمة المرأة في اسواق العمل, رغم سياسات تمكين المرأة التي تبنتها معظم الدول العربية, والتي تعتبر من اهم السياسات التنموية التي يعول عليها لرفع التحديات المستقبلية.

ولا تزال حصة النساء من القوي العاملة في الدول العربية منخفضة, وكذلك بالطبع معدل مشاركة الاناث في سوق العمل, اذ لا تتجاوز حوالي 23% سنة 2017, وتعتبر هذه النسبة الأدنى بين الاقاليم الرئيسية الأخرى في العالم. وتتدني حصة المرأة بشكل كبير في الامارات وعمان واليمن, كما تجدر الاشارة الي أنه حتي في الدول التي تتوفر فيها للمرأة فرص أكثر للمشاركة في سوق العمل, لا يزال التقسيم التقليدي للعمل سائدا, اذ لا تجد المرأه في الغالب فرصا للعمل الا في قطاعات معينة مثل: الصحة والتعليم والخدمات الأخري( الاسكوا, 2019)

كما يبين التوزيع الجغرافي للعمالة العربية لعام 2017 أن حوالي 63% من اجمالي القوة العاملة تتركز في ست دول, هي: الجزائر والسعودية والسودان والعراق ومصر والمغرب, وذلك بحكم حصتها من اجمالي عدد السكان. ويستوعب قطاع الخدمات نسبة تقدر بحوالي 54,9% من القوي العاملة في الدول العربية, يليه قطاع الصناعة بحوالي 26,7%, بينما يستحوذ القطاع الزراعي علي حوالي 18,4% من القوي العاملة. وهو ما يشير الي ان الدول العربية في طريقها الي تنويع اقتصاداتها وزيادة الانتاجية في القطاع الزراعي ( صندوق النقد العربي, 2017, 41)

2/1 تداعيات جائحةكوفيد 19 ” على أسواق العمل في الدول العربية:

تشير التقديرات إلى أن عدد الوظائف المفقودة في الدول العربية نتيجة تداعيات الجائحة وتراجع معدلات النمو الاقتصادي يقدر بنحو 5 مليون وظيفة بدوام كامل حتى نهاية النصف الثاني من العام 2020 . ورغم أن هذه الفرص المفقودة أقل من نظيرتها في باقي أقاليم العالم ,حيث تبلغ الوظائف المفقودة في أوروبا نحو 12 مليون وظيفة، وفي آسيا والمحيط الهادئ بنحو 125 مليون وظيفة. إلا أن احتساب الخسائر وفقا للمعيار النسبي المرتبط بإجمالي ساعات العمل ونسبة الخسائر فيها، يؤكد أن الدول العربية هي الأعلى خسارة على مستوى العالم وفقاً لهذا المعيار ( 8.1 %) تليها أوروبا بواقع ( 7.8 %). كما يأتي إقليم آسيا والمحيط الهادئ الأعلى عالمياً وفق الأرقام المطلقة لعدد الوظائف المفقودة، ولكنه الأقل وفق المعيار النسبي، بما يمثل خسارة في ساعات العمل بنحو %7.2 . وتشير بعض التقديرات الدولية أن أكثر القطاعات تضرا رً ومن ثم أكثر العاملين عرضة للخطر في الدول العربية يتمركزون في قطاعات وأنشطة الخدمات المستوعب الأكبر للعمالة في كافة الدول العربية. لتزيد البطالة بنهاية العام 2020 بنحو 1.2 نقطة مئوية وبما يمثل خسائر فعلية لنحو 1,7 مليون وظيفة.

كما يوضح الهيكل القطاعي للعمالة في الدول العربية تركزها في قطاع الخدمات (معظمها غير إنتاجية)، بمساهمة قدرها نحو 54.9 %، ثم القطاع الصناعي(التحويلية والاستخراجية) بحصة قدرها نحو 26.7 %، وأخيرا القطاع الزراعي والأنشطة الزراعية بما فيها الصيد البحري بحصة قدرها نحو%18.4 . وفيما يتعلق بنمط التطور خلال العقد الحالي يظهر أن هذا الهيكل احتفظ بسماته الأساسية مع ملاحظة تراجع واضح في حصة نسبة العاملين في القطاع الزراعي  لحساب ارتفاع نسبة العاملين في قطاع الخدمات ( المعهد العربي للتخطيط, 2020,17-19).

فوفقاً لبيانات العام 2018 فقد كان أعلي توجه نحو العمل في قطاع الخدمات في لبنان والعراق والسعودية والكويت وليبيا بمعدلات تفوق ال 70.0 %، وهو الأمر الذي يفسر باتساع أنشطة الخدمات في الدول ذات الموارد النفطية بشكل عام، وفي لبنان باتساع أنشطة الخدمات على حساب أنشطة الإنتاج الصناعي والزراعي كسمة تاريخية للاقتصاد اللبناني. كما تحققت أقل المعدلات في كل من الصومال وجيبوتي بمعدلات تقل عن 15.0 %. وهو ما يفسر بطبيعة الهيكل الاقتصادي لتلك الدول الذي لازال يرتبط بالنشاط الزراعي الذي استوعب 86.2 % من العاملين للأولى ونحو%55.9 للثانية. كما يظهر انه بشكل عام ترتفع نسبة العاملين في القطاع الز ا رعي في الدول العربية الأقل نمواً أو منخفضة الدخل كما يظهر ذلك في الصومال ( 86.2 %) وجيبوتي ( 55.9 %) والقمر( 54.6 ) والسودان ( 40.8 %) واليمن ( 37.4 %)، وموريتانيا (36.9 ) إضافة إلى ارتفاعها في الدول العربية التي تجاوزت المتوسط العربي والتي تتسم بإرث تاريخي في الأنشطة الزراعية أو الصيد البحري أو الغابات مثل تونس والجزائر ومصر والمغرب وعمان. وتتراجع هذه المساهمة إلى اقل من المتوسط العربي في سوريا وفلسطين وتبلغ أقل معدلاتها في البحرين وقطر والكويت وليبيا والإمارات والسعودية والعراق والأردن بمعدلات ما بين 0.6 % – 5.1 %، وهو ما يرتبط عموماً في بعض الحالات بعدم وجود ارث زراعي في تلك الدول وارتباط النشاط الاقتصادي فيها بأنشطة الخدمات , ومن بعدها الصناعات كما هو الحال في الدول ذات الموارد النفطية العالية.

وفيما يتعلق بحصة القطاع الصناعي في استيعاب العاملين في الدول العربية فيظهر أن أعلى معدلات الاستيعاب قد تحققت في قطر ( 55.1 %) والجزائر ( 47.0 %) وتونس ( 38.9 %) , إضافة لكل من الإمارات وعمان والبحرين وسوريا وجيبوتي وفلسطين والأردن ، وهي الدول التي تجاوزت المتوسط العربي بشكل عام، مقابل تراجع حصة القطاع الصناعي في التشغيل لأقل مستوياتها في كل من الصومال وموريتانيا والقمر والسودان, إضافة إلى باقي الدول العربية التي حققت معدلات اقل من المتوسط العربي ممثلة في المغرب والعراق ولبنان والسعودية ومصر وليبيا والكويت ( المنظمة العربية للتنمية الزراعية, 2017, 55).

 ومن خلال العرض السابق , نجد ان مواجهة التحديات الاقتصادية التي أفرزتها التغييرات والتحولات الاقتصادية المحلية و العالمية تستدعي تبني برنامج عمل ، يتضمن القيام ببعض الإجراءات الفعلية ، وفي محاور عديدة ، من شأنها أن تخلق المناخ المناسب الذي يفتح الأفاق أمام التنمية والنمو الاقتصادى في الوطن العربي ، وتتمثل هذه المحاور فى عدة أمور وأهمها : تعزيز القدرة التنافسية العربية , وتنمية أسواق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العربية , وبناء راس المال البشري المؤهل ، ورفع كفاءته , وتقوية وتفعيل منظومة البحث والتطوير لمواكبة الثورة العلمية والتكنولوجية , وخلق المناخ الاستثماري للإسراع بعملية التنمية, وتكثيف التعاون الاقتصادي بين الأقطار العربية .

3_  تحديات التحول الرقمي[1]:

يتمتع الاقتصاد العربي بمكانة حيوية في الاقتصاد العالمي عبر دوره الهام في قطاع الطاقة الذي لعبه خلال العقود الطويلة الماضية من خلال إنتاج النفط والغاز إذ يستحوذ العالم العربي على 30% و16% من إجمالي إنتاج النفط والغاز العالمي على التوالي بالإضافة إلى الاحتياطيات الهائلة، 50% و28% من إجمالي الاحتياطيات العالمية من النفط والغاز على التوالي، و إشرافه على أهم ممرات التجارة الدولية.

إلا أن مكانة الاقتصاد العربي لم تعد تنطوي فقط على الدور التقليدي الذي يلعبه الاقتصاد العربي بل تعدته إلى بروز العالم العربي في العقدين الماضيين كمركز دولي لجذب وتصدير الاستثمارات إذ وصلت حجم الاستثمارات الأجنبية المتدفقة إلى العالم العربي في عام 2017 إلى أكثر من 28 مليار دولاراً، بالإضافة إلى زيادة حصة التبادلات التجارية للعالم العربي إلى إجمالي التبادلات التجارية العالمية والتي تعدت الـ 5% (عام 2017)، ولقد أتى سعي الدول العربية للاندماج بالاقتصاد العالمي بهدف تنويع اقتصادياتها, وإنهاء حالة الاعتماد على صادراتها النفطية من خلال تحقيق عملية التنمية المستدامة، وفي هذا الإطار أطلقت العديد من الدول العربية خططها لإجراء عملية التحول الرقمي لما تشكله من أهمية قصوى في جذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير بيئة ملائمة لريادة الأعمال المحلية والأجنبية( شحاته, 2020, 7).

كما كان للتحول الرقمي آثارا واسعة علي ازدهار المجتمعات, حيث انعكس هذا الازدهار علي كافة مناحي الأنشطة المجتمعية ومجالات الأعمال المختلفة, فهو علي سبيل المثال:

  • ممكن اساسي في أتمتة العمليات والاجراءات مما يعزز الكفاءة التشغيلية, التي تضمن تقليل تكاليف المعاملات وتخفيض أعباء الموازنات بشكل عام, وهذا يؤثر بدوره ايجابيا علي الانتاجية.
  • يطلق فرصا جديدة لنمو وازدهار مجالات جديد للمشروعات التجارية, مما يساهم في خلق وظائف جديدة, وتشجيع نمازج ريادة الأعمال.
  • يعزز قدرة الحكومات علي تقديم الخدمات العامة وتوفيرها للمواطنين بجودة أعلي, وقدرة علي الوصول للمواطن في كل مكان , وهو مايحسن مستوي التفاعل بين المواطنين وحكوماتهم.
  • انتج التحول الرقمي آثارا انعكست علي العلاقات الانسانية والسلوكيات الفردية من خلال تسهيل الاتصالات والمشاركة الاجتماعية, وهو جانب يجب العمل علي تعزيز جوانبه الايجابية وتفادي نتائجه السلبية (صندوق النقد العربي, 2020, 15).

وعلى صعيد البنية التقنية للتحول رقمي فقد قطعت الكثير من الدول العربية شوطاً واسعاً في هذا المجال فعلى مستوى انتشار خدمة الانترنت، والذي يعتبر الركيزة الأساسية للتحول الرقمي، حققت الدول العربية إنجازات كبيرة حيث وصلت نسبة مستخدمي الانترنت من اجمالي سكان العالم العربي الى اكثر من 62% كما يظهر في الجدول رقم (2/3) وترتفع تلك النسبة في دول مجلس التعاون الخليجي الى اكثر من 92% كما لم يقتصر التطور على مستوى انتشار الانترنت في دول مجلس التعاون بل أيضا على مستوى الخدمة إذ حصلت كل من قطر والامارات على المرتبة الخامسة والسابعة على التوالي في تصنيف سرعة الانترنت على الهواتف في شهر ابريل عام 2019. (محمد, 2019, 6).

الجدول رقم (2/3) احصاءات مستخدمي الانترنت والفيس بوك في العالم العربي لعام 2019م

العالم العربي نسبة مستخدمي الانترنت الي عدد السكان(%) عدد مستخدمي الانترنت 2019 عدد السكان 2019 عدد مستخدمي الفيس بوك
البحرين 95,9 1,570,414 1,637,896 1,100,000
العراق 49,4 19,947,510 40,412,299 17,000,000
الاردن 86,4 8,700,000 10,069,794 5,300,000
الكويت 98,0 4,163,995 4,248,974 3,100,000
لبنان 91,4 5,546,494 6,065,922 3,600,000
سلطنة عمان 80,2 4,011,004 5,001,875 2,630,000
فلسطين 65,2 3,381,787 5,186,790 1,700,000
قطر 95,9 2,632,499 2,743,901 2,300,000
السعودية 88,6 30,257,715 34,140,662 18,000,000
سوريا 34,2 6,335,969 18,499,181 4,900,000
الامارات 96,9 9,385,420 9,682,088 8,700,000
اليمن 26,7 7,903,772 29,579,986 2,352,942
الجزائر 49,2 21000000 42676018 19000000
مصر 48,7 49231493 101168754 35000000
ليبيا 57,8 3800000 6569864 3500000
موريتانيا 17,4 810000 4661149 770000
المغرب 61,6 22567154 36635156 15000000
الصومال 7,7 1200000 15636171 1100000
السودان 27,8 11816570 42514094 2600000
تونس 67 7898534 11783168 6400000
الاجمالي 62,3 222160330 428,913,742 154,052,942

المصدر: www.internetworldstats.com

وقد ساهم انتشار الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي (حوالي 70% من مستخدمي الانترنت يستخدمون الفيس بوك) وتحسن نوعية الاتصال بنمو عمليات الدفع الالكتروني والتجارة الإلكترونية حيث بلغت إيرادات سوق التجارة الإلكترونية (Business to Consumer) في العالم العربي الى 23 مليار دولار والتي من المتوقع ان تنمو بين عامي 2019 و2023 بأكثر من 10% ليصل حجم السوق الالكترونية لأكثر من 38 مليار دولار، وفي ظل توسع حجم السوق الإلكترونية وصل عدد المتسوقين عبر الانترنت في العالم العربي لأكثر من 156 مليون متسوق. كما انعكس التحسن في البنية الرقمية لعدد من الدول العربية على تصنيفها في مؤشرات التنافسية الرقمية والتجارة الإلكترونية على مستوى العالم ليحصد بعضها تصنيفات مرتفعة، كدولة الامارات وقطر وسعودية، لتنافس اكثر الدول تقدماً في سباق التحول الرقمي كما يظهر في الجدول رقم(2/4) . بالرغم من كون بعض الدول العربية تتبوأ ذيل القائمة في مؤشر التنافسية للتجارة الإلكترونية بسبب الازمات السياسية والاقتصادية المتتالية إلا ان انتشار استخدام الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي خاصة بين الفئات الشابة تشي بمستقبل واعد لما توفره عملية التحول الرقمي من إمكانيات كبيرة لتطوير بيئة الاعمال وجذب الاستثمارات في مرحلة إعادة الاعمار. (الاسكوا, 2019, 42).

الدولة الترتيب عربيا الترتيب عالميا
الامارات 1 33
السعودية 2 52
الكويت 3 59
قطر 4 60
البحرين 5 62
لبنان 6 64
عمان 7 72
الاردن 8 73
تونس 9 79
المغرب 10 81
ليبيا 11 107
الجزائر 12 111
مصر 13 113
جيبوتي 14 119
السودان 14 123
العراق 16 130
سوريا 17 135
موريتانيا 18 139
اليمن 19 140

المصدر: www.internetworldstats.com

اما علي مستوي مؤشر المعرفة العربي: كشفت النتائج ان هناك تفاوت كبيرا بين الدول العربية, فمثلا احتلت  الامارات المرتبة الاولي عربيا بمؤشر معرفة بلغ 74,09, ثم جاءت قطر في المرتبة الثانية بمؤشر بلغ 67,51, ثم السعودية بقيمة 62,16, وتذيلت المراتب الأخيرة كلا من موريتانيا واليمن والصومال علي التوالي, وبالتالي حققت دول الخليج نتائج جيدة, وتفوقت علي باقي الدول العربية, وحققت لبنان والأردن نتائج أعلي من المتوسط, أما تونس والمغرب فكانت نتائجها لا بأس بها مقارنة بالجزائر التي كانت نتائجها أقل من المتوسط, أما باقي الدول فكانت نتائجها ضعيفة, وأغلبها تتميز بعدم الاستقرار السياسي والأمان, كما هو موضح بالشكل التالي:

الشكل رقم (2/1) أداء الدول العربية حسب مؤشر المعرفة لسنة 2016

المصدر: البرنامج الانمائي للأمم المتحدة ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم,تقرير مؤشر المعرفة العربي2016,

وبالنسبة لمؤشر التحول الرقمي, ومن خلال الجدول رقم (2/5) نجد أن الامارات المتحدة العربية احتلت المرتبة الأولي عربيا و22 عالميا, تليها السعودية بعد أن حققت المرتبة 31 عالميا, وبالتالي تم تصنيف كلا من الامارات والسعودية ضمن الدول البارزة في مجال الاقتصاد الرقمي, من خلال تميزها بأسواق رقمية متطورة. أما كلا من الأردن بالمرتبة 40 عالميا والمغرب بالمرتبة 50 عالميا, فتم تصنيفهم ضمن الدول المنطلقة, أي الدول التي أداؤها لا يزال ضعيف في التحول الرقمي. أما بالنسبة لمصر والجزائر فنجد أنهما احتلا المرتبة 54و57 علي التوالي, وبالتالي جاء تصنيفهما ضمن الدول المراقبة, التي تتميز بضعف التحول الرقمي, وبالتالي تواجه فرص عديدة لتحقيق النمو, كما تواجه تحديات كبيرة للنهوض بالاقتصاد الرقمي (  جامعة الدول العربية, 2019, 19).

الجدول رقم (2/5) نتائج الدول العربية في مؤشر التطور الرقمي 2017

المصدر: البرنامج الانمائي للأمم المتحدة ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم,تقرير مؤشر المعرفة العربي2017,

كما حققت الامارات التفوق في جميع المؤشرات القطاعية, ماعدا مؤشرين هما: مؤشر البحث والتطوير التي احتلت فيه السعودية الصدارة عربيا, بقيمة 30,22من 100. وتجدر الاشارة هنا أن أغلب الدول العربية حققت نتائج ضعيفة جدا في هذا المؤشر, والتي كانت أقل من 30 نقطة, وهو ما يدل علي ضعف الابتكار, وعدم الاهتمام بالبحث والتطوير. اما مؤشر البيئة التمكينية احتلت فيه قطر الصدارة بنقطة 70 من 100. وهذا ما يتضح من الشكل التالي:

الشكل رقم (2/2)اداء الدول العربية في المؤشرات القطاعية لمؤشر المعرفة العالمي 2017

المصدر: البرنامج الانمائي للأمم المتحدة ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم,تقرير مؤشر المعرفة العربي.2017,

أما بالنسبة لأداء الدول العربية في مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات, فنجد ان هناك فجوة بين البلدان العربية, بسبب تقدم دول الخليج العربي عن باقي الدول العربية, وبالنظر الي الجدول رقم (2/6), يمكن القول أن الدول العربية انقسمت الي قسمين, قسم حقق نتائج أعلي من المتوسط العالمي, تتمثل في دول الخليج العربي مع لبنان والاردن, والقسم الاخر حقق نتائج اقل من المتوسط العالمي تتمثل في دول شمال افريقيا مع فلسطين وسوريا والسودان.

الجدول رقم (2/6) ترتيب الدول العربية حسب مؤشر الاتحاد الدولي للاتصالات لسنة 2017

الترتيب الدولة قيمة المؤشر الترتيب الدولة قيمة المؤشر
31 البحرين 7,60 99 تونس 4,82
39 قطر 7,21 100 المغرب 4,77
40 الامارات 7,21 102 الجزائر 4,76
54 السعودية 6,67 103 مصر 4,63
62 عمان 6,43 123 فلسطين 3,55
64 لبنان 6,30 126 سوريا 3,34
70 الاردن 6,00 145 السودان 2,55
71 الكويت 5,98   المتوسط العالمي 5,11

المصدر: البرنامج الانمائي للأمم المتحدة ومؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم,تقرير مؤشر المعرفة العربي.2017,

وبالنسبة لأداء الدول العربية في مؤشر الجاهزية الشبكية, نجد ان الامارات وقطر والبحرين علي بقية الدول العربية في جميع المؤشرات الرئيسية والفرعية, حيث احتلت قطر المرتبة الأولي عربيا في مؤشر البيئة التكنولوجية ( المرتبة 15 عالميا), أما البحرين فاحتلت المرتبة الأولي عربيا في مؤشر الجاهزية الرقمية ( المرتبة 26 عالميا), وفيما يخص مؤشري الاستخدام والاثر فاحتلت الامارات المرتبة الاولي عربيا ( المرتبة 13 عالميا بالنسبة للاستخدام والمرتبة 18 بالنسبة للأثر).

وتجدر الاشارة الي أنه ممع تفشي جائحة كورونا وتحولها من طارئة صحية إلى تصنيفها كجائحة عالمية, وإدراكا للدور الكبير الذي تلعبه التقنيات الرقمية في مساعدة الدول على مجابهة الجائحة، بدأت شركات التقنيات العالمية الكبرى (جوجل، وفيسبوك، وأمازون، ومايكروسوفت، وآي بي إم، وتويتر) والتي تعتبر بمثابة العمود الفقري، وحلقة الوصل بين كل الفئات الفاعلة في المجتمع، في التشاور والتحاور والتكاتف حول احتياجات المرحلة، وكيفية الاستجابة للجائحة وتحديد الحلول اللازمة من أجل حاضر خالي من المخاطر. حيث تشير الإحصاءات إلى أن الجائحة صاحبه  تزايد في استخدام الهواتف المحمولة بنسبة 50 في المائة، وزيادة استخدام البيانات عبر الانترنت بحوالي 40 في المائة.( الاسكوا, 2019, 55).

ومما لا شك فيه أن تفشي جائحة كورونا ترك بعض الأثار الإيجابية , فيما يتعلق بثقافة استخدام ا لأدوات الرقمية في الحياة اليومية للأفراد والمجتمعات. فعلى الرغم من ندرة استخدام التقنية الرقمية من قبل الافراد بصوره مستمرة قبل تفشي الفيروس ,لعدة أسباب منها عدم الوعي الكامل بطريقه الاستخدام، أو لعدم الاهتمام من قبل بعض ا لأفراد، إلا أن الجائحة قد أجبرت المجتمعات على استخدامها نتيجة لعمليات ا لإغلاق الكلي والجزئي. في نفس السياق، تم توظيف التقنية الرقمية بما يتواكب مع متطلبات مرحلة الجائحة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية من خلال تعزيز استخدام بعض الخدمات الحكومية الرقمية مثل ضبط أجهزة الرادار أثناء التجوال خلال فترة الحظر أو التعقيم والتعرف على مدى حصول الشخص على تصريح للتنقل، بالإضافة إلى استخدام بصمة الوجه والعين بدلا عن بصمة ا لأصبع في كثير من مواقع العمل والتسوق .( صندوق النقد العربي, 2020, 4).

كما شهدت فترة تفشي جائحة كورونا نشاطا في إصدار تطبيقات ومنصات رقمية من شأنها تقليل خطر الإصابة بالفيرو س، بالإضافة إلى تعزيز الاستخدام بالتطبيقات القائمة والتي أُنشئت قبل ظهور الجائحة. على سبيل المثال، بذلت الدول العربية جهودا مقدره في إصدار تطبيقات رقمية تعمل على حصر الأشخاص الذين كانوا قد خالطوا أشخاص مصابين، بالتالي تقليل احتمال الإصابة باتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة, مثل الحجر المنزلي وغيره. كما تم اصدار تطبيقات تساعد على تعقب ا لأفراد الذين فُرضت عليهم إجراءات عزل منزلي في حال مخالفة هذه الاجراءات.( محمد, 2019, 30).

فعلي سبيل المثال, في الامارات ، تم إطلاق تطبيق “الحصن الرقمي” الذي يتم توظيفه جنبا لجنب مع التطبيقات الرقمية الأخرى التي توفرها الدولة قبل ظهور الفيروس مثل تطبيق “صحة”. يعتمد تطبيق الحصن الرقمي على خاصية الإشارات قصيرة المدى الخاصة بتقنية البلوتوث في تتبع المصابين بالفيروس والمخالطين لهم, ليبين ما إن كان الشخص على مقربة من أشخاص قاموا بمخالطة أو التعامل مع أشخاص ثبتت إصابتهم بفيروس كوفي د – 19 ، ولديهم التطبيق ذاته على هواتفهم المحمولة، حيث تتبادل الهواتف البيانات الوصفية التي يتم تخزينها بعد ذلك على تطبيق “الحصن” بصيغة مشفرة موجودة فقط على هواتف المستخدمين.

اما في مصر، تم إطلاق تطبيق “صحة مصر” الذي يتيح توفير المعلومات ا لإرشادية للمواطنين حول الأسس الصحيحة للتعامل مع الأشخاص المصابين وكيفية الوقاية من فيروس كورونا . وفي مارس 2020 ، تم إطلاق تطبيق “مجتمع واعي” من قبل الحكومة البحرينية من خلال تنبيه ا لأفراد المخالطين ما إذا كانوا بالقرب من حالة مشتبه فيها بالإصابة بالفيروس، كما يساعد التطبيق على متابعة الحالات الخاضعة للحجر المنزلي، وإمكانية حجز موعد للفحص، فضلا عن عرض آخر المستجدات والتحديثات الخاصة بالإحصاءات المرتبطة بالفيروس، وتوفير أحدث ا لإرشادات الصادرة عن الهيئات الصحية ومعلومات عامة عن كوفي د -19. كذلك أطلقت عُمان منصة رقمية بعنوان “ترصد” تم إلحاقها بتطبيق رقمي معزز آخر بعنوان “ترصد بلس” لمراقبة الحالات المصابة والمخالطين لها، حيث تستخدم السلطنة تقنية الذكاء الاصطناعي وأحدث التقنيات الرقمية في هذا الشأن( صندوق النقد العربي, 2020, 13).

ومما لا شك فيه أن للقطاع الرقمي مستقبل واعد، فالتوجه المتزايد نحو استخدام الوسائل الرقمية يشير إلى إمكانية تحقيق معدلات نمو مرتفعة على الأمد المتوسط، وذلك عبر الزيادة في عدد طلبات براءات الاختراع في مجال تقنية المعلومات والاتصالات, وتطوير البنية التحتية لتحسين المعروض من المنتجات التقنية وتعزيز الابتكارات . وفي هذا الإطار، بدأت العديد من الدول العربية تنفيذ مبادرات التحول الرقمي الأساسية، بل ارتقت إلى المراكز الأولى في العديد من المقاييس في مؤشرا ت التحول الرقمي. حيث أعلنت دول أخرى عن طموحات كبيرة وحققت تقدما كبيرا في هذا المجال. لكن رغم ذلك، ما زالت جهودها الرامية إلى تشجيع الابتكار والارتقاء بمعدلات الاعتماد الرقمي في القطاع العام إلى مستويات أعلى تواجه تحديات كبيرة.

فتسريع التحول الرقمي في المنطقة العربية يواجه عدة تحديات تتمحور حول أربع مجالات رئيسة وهي: رقمنة الحكومة، وشركات القطاع الخاص، وتوفر التمويل، والقدرات البشرية. كما تختلف التحديات التي تواجه عملية التحول الرقمي في الدول العربية من دولة إلى أ خرى وأهمها توفير البنية التحتية للاتصالات السريعة، ونقص التشريعات اللازمة للتعامل مع هذا النوع الجديد من الاقتصاد، ونقص الثقافة الرقمية لدى المواطن ونقص الخبراء في مجال البرمجيات الذكية للتعامل بالاقتصاد الرقمي.

فمثلا في الإمارات، يشكل التحول الرقمي اليوم العمود الفقري لمختلف القطاعات. بالنظر إلى أن أكثر من نصف أنشطة العمل على مستوى العالم اليوم هي أنشطة سريعة التأثر وقابلة للتشغيل الآلي أو ما يُعرف بالأتمتة، فقد باتت هناك حاجة ماسة لنموذج تعليمي جديد يقوم على تعزيز المهارات الرقمية والبرمجية. وتتخذ حكومة الإمارات خطوات ملموسة لتأسيس تحول رقمي قوي والاستفادة من الإيجابيات والفوائد التي يوفرها التحول من تاريخها العريق وسجلها الرقمي، مستفيدة من سجلها الحافل بإطلاق المبادرات التي تشجع على الابتكار، وقد مهدت مبادرة مؤسسة دبي للمستقبل (مليون مبرمج عربي) الطريق للمضي في هذا الاتجاه. ويتميز الاقتصاد الرقمي في الامارات عموما بإمكانات هائلة، إضافة إلى تمتع جيل الشباب بمهارات وخبرات رقمية كبيرة. (جامعة الدول العربية, 2019, 15).

أما في فلسطين، فتسعى السياسة الوطنية للتحول الرقمي إلى وضع ملامح المرحلة المقبلة وخطة الطريق التي ستنتهجها الحكومة الفلسطينية في مجال التقنيات والبيانات الرقمية، يشترك فيها جميع أطراف العلاقة من القطاعات المختلفة، وحسب أولويات محددة، علاوة على الجهات المسؤولة عن المتابعة والتقييم، وتلك المسؤولة عن إدارة المشاريع وتنفيذها، ضمن إطار محدد للحوكمة الرشيدة من خلال تعميم السياسة على الجهات ذات العلاقة، ونشرها على المواقع اللازمة للبدء باتباعها في عملية التحول الرقمي في المرحلة المقبلة.

وفيما يخص الأردن، فإن أتمتة الخدمات الحكومية وإتاحتها للمواطن عبر المنصات الرقمية تعتبر خطوة أساسية، تليها خطوات لتمكين القطاعات الاقتصادية المختلفة من التحول الرقمي. كذلك من الضروري إتاحة التعليم الإلكتروني ونشره، وتشجيع الرياديين لتأسيس شركات تعتمد على التقنيات .

كما واجهت البحرين تحديات قبل عملية التحول الرقمي تمثلت في محدودية الشفافية في المعاملات الحكومية، ومحدودية رضا العملاء عن الخدمات الحكومية، ومشاركة محدودة للمواطنين في تطوير العمل الحكومي ، ومحدودية الثقافة الرقمية لدى المواطنين والمقيمين، ومقاومة التغيير لدى الجهات الحكومية ووجود البيروقراطية في بعض العمليات الإدارية، والمركزية والخوف من اتخاذ القرارات. ( محمد, 2019, 36).

ومن هنا تبلورت مجموعة من السياسات والرؤي المستقبلية لمواجهة هذه التحديات ومن أهمها( صندوق النقد العربي, 2020, 49-51):

1_ البنية التحتية الرقمية: يحتاج  الافراد والشركات والحكومات إلي الوصول الموثوق والمتاح الي شبكات البيانات والاتصالات والخدمات الرقمية للاستفادة من الفرص الرقمية, ويشمل ذلك شبكات وخدمات النطاق العريض الفعالة والموثوقة والمتاحة علي نطاق واسع, والبيانات والبرمجيات والأجهزة, وهذا يتطلب استثمارات كافية في البني التحتية الرقمية, وفتح الباب للمنافسة في توفير الشبكات والخدمات عالية السرعة للحصول علي أفضل جودة بأسعار أقل.

2_ المهارات الرقمية: يتطلب الاستخدام الفعال للتكنولوجيا الرقمية مجموعة واسعة من المهارات, بما في ذلك مهارات المتخصصين بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات, والمهارات العامة في الاستخدام, والمهارات التكميلية مثل: تحليل البيانات والمعلومات وادارة المعرفة والمهارات القيادية وادارة المشروعات وحل المشكلات والتواصل الفعال.

3_ التمويل ورأس المال: يحتاج التحول الرقمي الي تخصيص الموازنات المالية لمشروعات يتم التخطيط لها من اجل تحقيق اهداف محددة بنتائج قابلة للقياس, وهو ما يتطلب من الحكومات والشركات العمل علي تخصيص الميزانيات المناسبة لتطبيق وتحديث التقنيات الرقمية, وجني مكاسبها المرجوة.

4_ المؤسسات الداعمة: تحتاج بيئة عمل وتطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لنوعين من المؤسسات وهما:

  • المؤسسات الرسمية: وهي المؤسسات التي تضع القوانين والقواعد واللوائح, التي تسهل انتشار التكنولوجيا وتطوير الأنشطة التجارية, ومنها تلك التي تضمن سهولة دخول الشركات للسوق او الخروج منه, وتنظيم المنافسة واطلاق الطاقات الابداعية والاعتراف بالاختراعات والابتكارات. لذلك, فإن أهمية اسباغ الرعاية للشركات الصغيرة والناشئة, يعد أمرا حيويا وضروريا لنشاط السوق التكنولوجي, حيث يمكن للشركات الجديدة تجديد الابتكارات التقنية, وتطوير الاستخدامات وتخفيض الأسعار, وهذا النوع من الشركات يحتاج الي رعاية في بداياتها وخاصة في ظل المنافسة مع الشركات الكبري ذات الخبرة والثقل المالي.
  • المؤسسات غير الرسمية: تشجع المؤسسات غير الرسمية الابداع والتعاون بين متخصصي المهن التكنولوجية وغالبا ما يبدأ تطوير القواعد التشغيلية والتنظيمية من خلالها, وتحتاج هذه المؤسسات والجمعيات ان تتواجد تحت مظلة القانون بشكل مشروع وأن يتم الاستفادة منها في سبيل تطوير الأنظمة التقنية, وقواعد تشغيلها بالتبعية.

5_  الشمول المالي والتقني: هناك حاجة لدمج العديد من الفئات الاجتماعية التي ظلت تقليديا وتاريخيا بعيدة عن التقنية, وعن استخدام الأنظمة البنكية والضرورية لتحقيق مفهوم الشمول المالي, وهو ما يستدعي توفير كل من الحوافز المادية الجاذبة للأفراد, والأطر القانونية المشجعة علي الانضواء تحت مظلة الشمول الرقمي والمالي, حيث يحتاج المواطن أساسا للشعور بالإطمئنان لهذه الوسائل, وهو ما يحتم تطبيق معايير عالية من الشفافية والحفاظ علي حقوق المستخدم.

6_ الاتاحة: ينبغي علي الحكومات والشركات توفير السلع والخدمات الرقمية بأسعار مناسبة للمواطنين, ليكون في مقدورهم استخدامها طالما كان هناك حاجة لاستخدامها.

7_ سهولة الوصول: يجب أن تكون اتاحة التكنولوجيا الرقمية للجميع أولوية عالمية, حيث يحتاج الأفراد والشركات والحكومات الي الوصول الي الشبكات والخدمات الرقمية للاستفادة من الخدمات والفرص الرقمية. ومن خلال الشمولية وكفاءة الشبكات والخدمات والابتكار, ستوفر سهولة الوصول فرصا لم تكن متاحة من قبل للفئات المجتمعية الفقيرة والمحرومة لرفع مستوي حياتهم, وتحسين ظروفهم المعيشية.

8_ التكيف الاجتماعي للتحول الرقمي: تتأثر المجتمعات بالتحول الرقمي بعدة طرق, فمن ناحية قد تؤدي  الأتمته لخفض الاعتماد علي العنصر البشري لبعض الوظائف, وبالمقابل فان منصات التوظيف ولا سيما الخاصة بالوظائف الحرة, تساهم بايجاد وظائف جديدة لآخرين, سواء كانت مؤقته أو دائمة, بل تتميز بأنها توفر هذه الوظائف للجنسين مما يؤدي لتقارب الرواتب وهو أحد أهداف التنمية المستدامة للمساواة بين الجنسين. ناهيك عن تأثيرات النفاذ الرقمي لمختلف البلدان علي العادات والتقاليد والنظرة الثقافية للمجتمعات العربية, وهو ما تم تصنيفه علي أنه يحمل آثارا ايجابية وأخري سلبية, مما يوجب التوعية والتثقيف لتحقيق الفائدة وتجنب الأضرار قدر الإمكان.

القسم الثالث: المديونية بالوطن العربي

3/1 تطور الدين العام في الوطن العربي

تشير البيانات الي  أن إجمالي الدين العام العربي ارتفع من حوالي 439 مليار دولار أمريكي سنة 2000 الي أكثر من 1156 مليار دولار سنة 2018 ، وذلك بمعدل نمو وسطي سنوي قدره 5.5 %. بالمقابل ارتفع الناتج المحلي الإجمالي العربي من 731 دولار سنة 2000 إلى أكثر من 2671 مليار دولار سنة 2018 وذلك بمعدل نمو سنوي قدره 7.7 %.بالمقابل عرف الدين العام العربي ارتفاعا قدره 5.4 % سنويا خلال الفترة 2000 -2018. لكن هذه الزيادة ارتفعت إلى 7.6 % سنويا للفترة 2010 – 2018 . وإذا ما قورنت هذه الزيادة بمعدل نمو الناتج المحلي الاسمي الذي وصل إلى 1.3 % خلال نفس الفترة فان زيادة معدل الدين العام السنوية ستكون في حدود 6.3 % (سليمان, 2018, 17).

وايضا ارتفعت حصة الدول العربية غير النفطية من إجمالي الدين العام العربي من 47 % سنة2000 إلى 53 % سنة 2018 ، بالرغم من أن متوسط معدل الدين على المستوى العربي لم يشهد تغيرات جذرية كما هو مبين في الجدول رقم (1).  حيث انخفض متوسط معدل الدين العربي م من 78,5 % سنة 2000 إلي 42 % سنة 2010, ثم بعدها بدأ بالارتفاع ليصل المعدل إلى 73.6 % سنة 2018 وذلك متأثرا أساسا بسلوك أسعار النفط والتي تراجعت كثيرا بعد 2014 مقارنة بالاتجاه التصاعدي خلال الفترة 2000 – 2013 . أما بالنسبة للدول غير النفطية فان معدل الدين العام تراجع بشكل طفيف من 107.5 % سنة 2000 إلى 105.0 % من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2018 .وبالنسبة للدول النفطية فان معدل الدين انخفض من حوالي 42 % سنة 2000 إلى 22 % سنة 2015 ليرتفع مجددا إلى 41 % سنة 2018 نتيجة التراجع الكبير في أسعار النفط في الأسواق الدولية (محمد, 2019, 34).

كما تشير بيانات الجدول رقم (1) أن مستوى الدين العام يزداد بنسب عالية حيث بلغ متوسط معدل الزيادة السنوي ما بين 2000 و 2018 للإجمالي الدول العربية 4.9 % سنويا و 4.2 % للدول النفطية, و 5.7 % للدول العربية غير النفطية بحيث يستغرق مضاعفة معدّل الدين العام في المتوسط حوالي عشرين عاماً. كما هنالك تباين كبير على صعيد الدول في حجم المديونية ونموها ومعدلاتها مقارنة بحجم الاقتصاد. فقد شكلت مديونية كل من مصر والعراق ولبنان وقطر والسعودية والسودان والامارات والمغرب حوالي 80 % من أجمالي الدين العام العربي سنة 2018 . كما ارتفع حجم الدين العام في كل من البحرين وعمان وقطر والامارات بمعدلات تفوق العشرة في المئة سنوياً، بينما وصل معدل الزيادة في الأردن 9%، أما في الجزائر والكويت تونس وموريتانيا فارتفع الدين العام بأقل من %5 سنويا. أما في السعودية فقد تراجع حجم الدين العام – 0.5 % سنوياً. أما في مصر، لبنان، المغرب، السودان، واليمن فقد زاد الدين العام بمعدلات تتراوح ما بين 6 و 7%.

الجدول رقم (1) تطورات الدين العام العربي 2000-2018م

البلد قيمة اجمالي الدين العام( مليار دولار امريكي) معدل نمو الدين العام% معدل الدين العام للناتج المحلي الاجمالي نسبة الدين في 2018 مقارنة ب2000
2000 2005 2010 2015 2018 2000-2018 2000 2005 2010 2015 2018 61%
الجزائر 34,4 27,1 16,9 14,5 66,6 3,7 62,8 26,3 10,5 8,7 38,3 368%
البحرين 2,3 3,9 7,6 20,5 35,8 16,4 25,7 24,2 29,7 66,0 94,7 129%
مصر 75,1 92,5 160,1 293,7 231,2 6,4 71,7 98,3 69,6 88,5 92,7 ——
العراق —— 113,8 74,2 101,1 110,4 —— —— 227,3 53,5 56,9 49,3 94%
الاردن 8,5 10,6 17,7 35,1 39,9 9,0 100,5 84,3 67,1 92,4 94,4 42%
الكويت 13,2 9,5 7,1 5,3 20,9 2,6 34,5 11,8 6,2 4,7 14,7 102%
لبنان 25,2 38,5 52,6 70,3 85,1 7,0 148,2 179.0 136,9 140,7 151,0 55%
موريتانيا 2,0 2,2 2,6 3,6 4,3 4,5 150,9 99,7 57,0 75,2 82,9 93%
المغرب 27,3 37,0 45,7 64,4 77,0 5,9 70.2 59,3 49,0 63,7 65,0 93%%
عمان 5,2 3,0 3,3 10,7 42,3 12,4 26,7 9,6 5,8 15,5 53,4 200%
قطر 9,3 8,5 36,4 57.5 39,0 13,6 52,5 19,2 29,1 35,5 48,6 93%
السعودية 164,3 122,6 44,5 37,9 149,3 -0,5 86,7 37,3 8,4 5,8 19,0 22%
السودان 18,8 26,6 49,0 60,1 72,7 7,8 143,2 75,5 74,6 92,2 212,1 148%
سوريا 30.2 14,6 18.0 —– —– —– 152,1 50,7 30,0 —– —– —–
تونس 14,2 16,9 17,3 23,9 30,7 4,4 65,9 52,4 39,2 55,4 77,0 117%
الامارات 3,2 12,0 63,6 66,9 79,3 19,5 3,1 6,6 21,9 18,7 19,1 619%
اليمن 5,9 7,3 13,1 24,2 17,9 6,4 60,8 43,8 42,4 65,5 64,8 106%
الدول النفطية 232,0 186,6 179,5 213,4 487,2 4,2 41,8 19,3 16,0 22.1 41,1 98%
الدول غير النفطية 207,1 246,1 376,0 575,5 558,9 5,7 107,1 82,5 62,9 84,2 105,0 98%
الدول العربية 878,1 979,3 1185,1 1679,0 2202,6 5,2 78,1 63,5 42,6 55,1 73,5 94%

المصدر: صندوق النقد الدولي. قاعدة بيانات تقرير التطلعات الاقتصادية العالمية، أكتوبر 2019 .

وتشكل إدارة الديون الخارجية مسالة أكثر تعقيدا من الدين العام, وذلك لصعوبة استدامة الدين نتيجة محدودية الموارد بالعملة الأجنبية التي يمكن أن يولدها الاقتصاد لخدمة الدين القائم في حالة العجز في حالات الدول العربية غير النفطية . وصعوبة الولوج للأسواق الدولية خاصة في ظل تدهور التصنيف السيادي للدول, والتي يستند عليها في تقييم علاوات المخاطر التي ترفع من تكاليف الاقتراض، ووجوب التفاوض مع الدائنين لإعادة جدولة الديون بشرط القيام بإصلاحات في الغالب تقشفية قد تكون مضرة بالاقتصاد, خاصة في الجانب الاجتماعي، بالرغم من أنها في أغلب الأحيان تحقق التوازنات الاقتصادية والمالية وتحارب التضخم.

فعند مراجعة بيانات الدين الخارجي للدول العربية “متوسطة ومنخفضة الدخل” , يتضح أن الدين الخارجي قد ارتفع في غضون العقود الثلاثة الأخيرة ( 1990 – 2018 ) كما هو مبين في الجدول رقم(2), من 144 مليار دولار إلى 340 مليار دولار أمريكي وذلك بمعدل سنوي قدره 3.1 %. وارتفعت قيمة الدين في كل الدول العربية ماعدا الجزائر التي استطاعت بفضل اتفاقية إعادة الجدولة المبرمة مع نادي باريس سنة 1994 ,وكذلك تدفق الإيرادات النفطية بعد 2001 أن تقوم بعملية شراء مسبقة للدين القائم المعاد جدولته بحيث أصبح الدين يمثل فقط 3.2 % من الدخل القومي سنة 2018 ( المعهد العربي للتخطيط, 2020, 27).

وتعرف بعض الدول تفاقما خطيرا في مؤشرات الدين الخارجي مما ينذر بصعوبة استدامة الدين مستقبلا مثل جيبوتي. أما الديون الخارجية لدولة لبنان فقد ارتفعت بشكل كبير جدا من 1.79 مليار سنة 1990 إلى 79 مليار دولار سنة 2018 نتيجة جهود الإعمار بعد الحرب الأهلية, وكذلك أيضا نتيجة ضعف النظام الضريبي والاعتماد المفرط على إصدار السندات الأجنبية لتمويل النفقات الجارية للموازنة, بحيث أصبحت خدمة الدين تشكل حوالي ثلاثة أرباع الصادرات من السلع والخدمات ودخل عوامل الإنتاج, وهو ما أدى بالحكومة بإعلان عدم القدرة عن الدفع وطلب إعادة جدولة الديون اللبنانية.

أما بالنسبة للدول العربية الأخرى فانه يلاحظ ارتفاع حجم المديونية وكذلك نسبتها من الدخل القومي حيث بلغت سنة 2018 حوالي 42 % في المغرب و 90 % في تونس و 40 % في مصر، مع العلم أن نسب المديونية كانت أعلى بكثير سنة 1990 ولكن أدت الإصلاحات الهيكلية, وكذلك صعوبات الولوج إلى أسواق الديون, وارتفاع علاوات المخاطرة إلى انخفاض ملحوظ سنة 2018مقارنة ب 1990 . كما أن نسبة خدمة الدين الخارجي للصادرات تدل على أن الدول العربية باستثناء لبنان وجيبوتي تمتلك مجالا رحبا لخدمة الدين واستدامته. وتتركز المديونية الخارجية العربية أساساً في كل من المغرب وتونس ولبنان والأردن ومصر حيث تشكل أكثر من 90 % من إجمالي الدين الخارجي العربي .

الجدول رقم (2) بيانات الدين الخارجي في الدول العربية  1990-2018

         المصدر: صندوق النقد الدولي. قاعدة بيانات تقرير التطلعات الاقتصادية العالمية، أكتوبر 2019 .

وتجدر الاشارة الي  انه قد ترتب على تفاقم المديونية الخارجية لبعض الدول العربية، مجموعة من الآثار الاقتصادية والاجتماعية. فعلى المستوى الاقتصادي شهد حجم الدين الخارجي للدول العربية زيادة لم يسبق لها مثيل مما أثر بشكل مباشر في خطط التنمية المستقبلية، وتناقص معدلات الادخار المحلي تدريجيا لأسباب مختلفة, وهو ما أدى إلى عدم إمكان تنمية الموارد المالية الذاتية. كما أن اعتماد الدول العربية المدينة على القروض الخارجية، أدى إلى تزايد معدلات التضخم بسبب الضغوط التي تسببها هذه القروض على القدرة التنافسية لصادرات الدول المدينة، حيث أدى تخفيض قيمة العملات المحلية لبعض الدول العربية المدينة استجابة لضغوط الأطراف الدائنة, إلى تدهور القيم الحقيقية للمدخرات مما يضطر العديد من الأفراد إلى إيداع أموالهم في الخارج. بالإضافة إلى ذلك فإن أعباء خدمة الدين تستحوذ على نسبة عالية من الناتج المحلي ا لإجمالي وتشكل في الغالب للموارد المالية التي من الممكن توجيهها للادخار من أجل التوسع في الاستثمار. وبصورة عامة فإن التأثير السلبي للديون الخارجية على القدرة المالية والاستيرادية للدول العربية المدينة, قد انعكس على عمليات ا لاستثمار المطلوبة لتحقيق أهداف النمو الذي تتطلع إليه اقتصاديات هذه الدول. كما أن ارتفاع خدمة الديون الخارجية الذي شهدته الدول العربية في السنوات الأخيرة , يشكل عبئا على النقد الأجنبي المتاح لتمويل الواردات ا لاستثمارية. ومن الملاحظ أن الكثير من الدول العربية المدينة اضطرت لتأجيل تنفيذ مشاريع استثمارية عدة, كما اضطرت إلى خفض معدلات ا لاستثمار بسبب نقص السيولة ونقص الموارد الأجنبية، مما أدى في النهاية إلى مزيد من التبعية في كل أشكالها تجارية ومالية وتكنولوجية وغذائية. (علي, 2017, 29-31).

أما بالنسبة إلى الآثار الاجتماعية للمديونية الخارجية للدول العربية، فهي ناجمة من جراء تطبيق برامج التكييف والإصلاح الهيكلي تنفيذا لتعليمات المؤسسات والمنظمات الدولية المناحة, حيث تعانى الدول العربية من البطالة التي أصبحت تهدد ا لاستقرار الاجتماعي نتيجة لأن برامج الإصلاح الاقتصادي في معظم هذه الدول استهدفت خصخصة القطاع العام، مما أدى إلى تسريح الآلاف من العاملين، وهي برامج كان لا بد من تنفيذها حتى تتم جدولة الديون والحصول على قروض أخرى, وفقا لشروط الجهات المانحة (فضل المولي,2015, 6).

3/2 تفاقم حجم المديونية في البلدان العربية:

هناك عوامل عديدة  ساهمت بتفاقم حجم المديونية في البلدان العربية منها داخلية  وخارجية (محمد, 2019, 41-45).

أولا- العوامل الداخلية:

  • التوجه نحو الإستثمار: فمن المعلوم ان تحقيق التنمية في البلدان النامية ومنها العربية تتطلب التوجه نحو الاستثمار, وهذا بدوره يحتاج إلى كثافة رأسمالية وتكنولوجيا متقدمة, وتكنولوجيا مناسبة للاهتمام بالقطاع الصناعي كدعامة هامة لاقتصاديات تلك البلدان, وهو ما تفتقر إليه تلك البلدان ,الأمر الذي ادى إلى البحث عن منافذ لتمويل ذلك ومنها: التوجه نحو الاقتراض الخارجي, ورافق ذلك زيادة كبيرة في الاستهلاك الداخلي وانخفاض في مستويات الادخار, حيث ركزت على استيراد السلع الاستهلاكية والرأسمالية ذات الاسعار المرتفعة وتصدير المواد الخام بأسعار زهيدة ,الأمر الذي أدى الي اختلال في الميزان التجاري وعجز متزايد في ميزان المدفوعات . والاهم من ذلك زيادة معدلات الاستثمار من الموارد والإمكانيات الذاتية المتاحة, والذي لن يتحقق إلا إذا كان معدل الادخار الحدي أعلى من معدل الاستثمار.
  • تهريب الاموال الناجمة من القروض الي الخارج: لقد أدى تفشي ظاهرة الفساد الإداري والمالي في اغلب البلدان العربية, ونهب وتهريب الأموال الناجمة عن القروض الخارجية إلى الخارج, وايداعها في البنوك الأجنبية, إلى تراكم وتزايد حجم الديون, وفشل كبير وواضح في تحقيق التنمية المستدامة.
  • دعم العجز في الموازنات العامة: حيث هناك اسباب اخري داخلية للاقتراض الخارجي لبعض البلدان العربية منها دعم الموازنة العامة, وتمويل العجز لعدد من البلدان العربية, بسبب تنامي الانفاق العام بمعدلات اكبر من معدلات تحقيق الايرادات العامة, اضافة الي الظروف التي تمر بها البلدان العربية والمتمثلة بالحروب  والصراعات الداخلية والاقليمية, والتي ادت الي تدمير البنية التحتية لعدد من البلدان العربية, مما تلجأ الي الاقتراض الخارجي لسد نفقات التسليح والتعمير.
  • اهمال قطاع الزراعة: أدى إهمال الدول العربية لهذا القطاع إلى زيادة الواردات الغذائية لتغطية احتياجاتها, على الرغم من ميزتها التنافسية في هذا القطاع مما اضطرها إلى المديونية الخارجية. وعلى الرغم من تلك الميزة التنافسية في مجال الزراعة, جاء الاهتمام بالصناعة التي تتطلب بطبيعتها كثافة رأسمالية تفوق طاقات أغلب الدول العربية , مما أدى للجوء إلى الاقتراض الخارجي لتمويل هذه الصناعات.
  • سياسات التصدير: ركزت بعض الدول العربية على استيراد السلع الاستهلاكية والرأسمالية ذات الأسعار المرتفعة, وأخذت تصدر الكثير من مواردها الطبيعية على شكل مواد خام وبأسعار زهيدة. هذا التخصص في إنتاج المواد الأولية أدى إلى تعريضها إلى آثار الأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها أسواق هذه المواد, والتناقضات التي شهدتها الأنظمة الاقتصادية. إضافة إلى العجز المستمر في ميزان المدفوعات بسبب زيادة الواردات السلعية على حساب الصادرات، مما فاقم المديونية.
  • سوء ادارة الدين الخارجي: يؤدي قيام الدولة بالاقتراض بدون أن يكون لدي أجهزتها المختلفة تنسيق كامل, إلى التورط في قروض تفوق الاحتياجات الخاصة بها، ولعل ما يثبت ذلك صعوبة التعرف على رقم الدين الخارجي لبعض الدول, والتضارب في هذا الرقم بين الدول الدائنة والمدينة. وأيضاً عدم وجود استراتيجية طويلة الأجل للاقتراض من الخارج حيث يتم الاقتراض عام بعد عام لتمويل فجوة الموارد, بدون التخطيط لتنويع مصادر الاقتراض سعياً للابتعاد عن التبعية لجهة معينة, وعدم وجود جدول زمني مناسب للوفاء بأقساط هذه الديون, أي أن عملية الاقتراض قد تكون غير مناسبة مثل اللجوء إلى الاقتراض من مصادر مكلفة, مثل البنوك التجارية قبل استنفاذ إمكانيات الاقتراض من المصادر الأقل تكلفة.

ثانيا_ العوامل الخارجية:

  • ارتفاع اسعار الفائدة وانخفاض الاسعار العالمية للمواد الخام: كان للارتفاع الشديد الذي طرأ على اسعار الفائدة في أسواق المال الدولية, دورا حاسما في تفاقم أزمة المديونية, إذ تجاوزت في العديد من البلدان الفوائد المتراكمة المدفوعة لقيمة التمويل الإضافي, وتكبدت البلدان العربية المدينة مبالغ كبيرة عبر العقود الماضية , وأصبح بند خدمة الدين يمثل نصيبا هاما من صافي الديون, ويستحوذ على مبالغ كبيرة من النقد الأجنبي جراء الزيادة الحاصلة في أسعار الفائدة والتغيرات في أسعار الصرف . وبالمقابل أدى انخفاض أسعار المواد الأولية المصدرة إلى الأسواق العالمية كالنفط والمواد الخام الأخرى, إلى تدهور شروط التبادل التجاري للبلدان المصدرة لهذه المواد, مما ادى إلى تفاقم عجز ميزان المدفوعات الذي يؤدي حتما إلى الاقتراض الخارجي.
  • الركود التضخمي في معظم الدول المتقدمة: نظرا لاندماج معظم البلدان النامية ومنها البلدان العربية في النظام الاقتصادي العالمي, وتبعيتها له اقتصاديا وسياسيا, فان ما يحدث في هذا النظام من ازمات وتقلبات اقتصادية, يؤثر تلقائيا في الأوضاع الاقتصادية لهذه البلدان. ومنذ بداية عقد الثمانينات افرزت السياسات الانكماشية التي طبقتها معظم البلدان الرأسمالية الصناعية حالة من الركود الاقتصادي مصحوبة بالتضخم, واصبحت تعرف بالتضخم الركودى, الذي أثر كثيرا في الاوضاع النقدية والمالية, وانخفاض في حجم العملات الاجنبية فيها, في الوقت الذي تزايدت فيه مدفوعات خدمة الدين وتفاقمت صعوبات الاقتراض الخارجي.
  • انخفاض معونات الدول المتقدمة: خفض الدول المتقدمة لنسبة من دخولها القومية التي توجهها إلى منح وقروض ميسرة للدول العربية، وهو ما ساهم بشكل أكبر في مواجهه الدول العربية لمصاعب أكبر في خدمة ديونها.

3/3 التحديات التي يفرضها فيروس كورونا المستجد علي أوضاع المديونية في الوطن العربي ( صندوق النقد الدولي,2020, 8):

فرضت التداعيات المرتبطة بفيروس كورونا المستجد انعكاسات كبيرة علي الأوضاع المالية في الدول العربية, فمن ناحية شهدت مستويات الانفاق العام زيادات كبيرة في ظل التزام الحكومات العربية بتبني حزم تحفيز ضخمة, لتنشيط الطلب الكلي, وتخفيف الآثار الاقتصادية لانتشار الفيروس, في الوقت الذي تراجعت فيه مستويات الايرادات العامة بشكل حاد, نتيجة فقدان جانب كبير من الايرادات النفطية والضريبية. وفي خضم التطورات المتسارعة في الاقتصاد العالمي في ظل تفشي فيروس كورونا, لجأت الدول العربية الي الاستدانة الداخلية والخارجية, للوفاء بمتطلبات تمويل حزم التحفيز المالي الضخمة التي أقرتها, لتجاوز التداعيات الناتجة عن انتشار الفيروس, وهو ما استتبعه زيادة كبيرة في حجم الدين العام في هذه الدول.

فمثلا في السعودية, لضمان الاستدامة المالية تم خفض النفقات العامة في اطار موازنة عام 2020 بنحو 50 مليار ريال, من خلال تأجيل بعض أوجه الانفاق, وارتفع الدين العام القائم الي 723,5 مليار ريال سعودي, بمعدل نمو بلغ 6,7% منه 55,2% عبارة عن ديون محليه, ما يعادل 399,5مليار ريال. وبلغت نسبة الدين العام الي الناتج المحلي الاجمالي حوالي 24,3%. أما في الكويت فمن المتوقع أن تؤدي الجائحة الي ارتفاع مستويات الدين العام الي ما يفوق سقف الدين المسموح به البالغ 10 مليار دينار كويتي, وفي هذا الاطار اتجهت الكويت الي اصدار سندات دولية بقيمة 8 مليار دولار لأجل 5و10 سنوات, فيما تستهدف حاليا اطالة أمد الاصدارات الي ثلاثين عاما. من ناحية أخري, أصدرت قطر سندات سيادية بقيمة 10 مليار دولار لتمويل الانفاق المطلوب لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد.

كذلك من المتوقع ارتفاع مستويات الدين العام في عدد من الدول العربية الأخري خلال عام 2021 ومنها: مصر والاردن والمغرب, وفي ظل هذه الظروف لجأت بعض الدول العربية الي الاقتراض من المؤسسات الدولية, وعلي رأسها صندوق النقد الدولي لتمويل احتياجات مواجهة تداعيات فيروس كورونا, حيث حصلت المغرب علي تمويل بنحو 3 مليار دولار أمريكي في شهر ابريل من عام 2020. وفي السياق ذاته حصلت مصر علي قرض بقيمة 2,8 مليار دولار, بالإضافة الي قرض آخر تمت الموافقة عليه مبدئيا بقيمة 5,2 مليار دولار في اطار التسهيلات الائتمانية الطارئة. كما استفادت تونس من القرض الطارئ الذي يمنحه صندوق النقد الدولي لدوله الأعضاء, بقيمة 745 مليون دولار أمريكي. بينما حصلت الأردن في اطار التسهيل الائتماني الممتد علي قرض بقيمة 1,3مليار دولار أمريكي, اضافة الي 396مليون دولار وفق أداة التمويل السريع, وبالتالي يكون اجمالي الدين العام الخارجي للدول العربية المقترضة من صندوق النقد الدولي, قد ارتفع بنحو13,6 مليار دولار.

نتائج وتوصيات الدراسة:

تعتبر التحديات الاقتصادية واحدة من أخطر التحديات التي تواجه التنمية بالدول العربية في الوقت الراهن، وإحدى التحديات التي يجب على البلدان العربية الإنتباه إليها حالياً وخاصة مع بروز الأزمة الاقتصادية العالمية .  ولقد حاولت هذه الدراسة التوصل إلى أبرز التحديات الاقتصادية التى تواجه الدول العربية فى ظل المشهد العالمى المعاصر ، وسعت الدراسة للإجابة على مجموعة من التساؤلات، وتوصلت الدراسة الي أن الدول العربية  تواجه قدراً كبيراً من التحديات في مختلف جوانب الحياة ، وخاصة فى الجوانب الاقتصادية ، وتمثل هذه التحديات الاقتصادية خطراً على التنمية العربية ، وتعوق قدرات الوطن العربي على التكيف مع التحولات العالمية, ويمكن إيجاز مجموعة التحديات التي تواجه الدول العربية في ظل المشهد العالمى المعاصر فيما يلى : تسارع وتيرة العولمة الاقتصادية, وتصاعد الاتجاه نحو الخصخصة والإصلاح الهيكلى, وانكماش المساعدات الإنمائية الرسمية, واتساع حجم الفجوة المعرفية والتقنية, وتحديات الاندماج بالاقتصاد العالمى, وتزايد المديونية الخارجية وأعباؤها, وضعف وتدنى مستوى التجارة والاستثمارات العربية البينية , ومحدودية الموارد العربية وسوء استغلالها, وتعثر عملية التنمية والإصلاح الاقتصادى وبطء معدلاتها, وتصاعد معدلات البطالة ومعدلات التضخم, وارتفاع اسعار الطاقة والمواد الغذائية, والفساد وتدنى مستوى الحوكمة, وتزايد مشكلات تدهور البيئة . وتوصي الدراسة بعدد من المقترحات كما يلي:

1_ تعزيز التنسيق بين الدول العربية للعمل كمجموعة إقليمية قوية قادرة على المساهمة بشكل إيجابي في المساعي الدولية، مع إعطاء الأولوية للاستثمار في التعليم والابتكار والبحث والتطوير. وضرورة دمج الإدارة البيئية في صياغة السياسات الحكومية وتنفيذها ووضع الموازنات وتقييمها، وتعزيز الاستهلاك والإنتاج المستدامين، وخلق الحوافز والظروف التمکینیة التي تشجع استثمارات القطاع الخاص في الاقتصاد الأخضر والمشاریع المستدامة.

2_ ضرورة تبني رؤية عربية موحدة لمعالجة مشكلة الديون الخارجية من خلال تبني مجموعة من الآليات للتنسيق والتعاون بين الدول العربية للدخول في مفاوضات مع الدول الدائنة والتكتلات الاقتصادية في العالم بشأن إمكانية معالجة شاملة للمديونية الخارجية بدلا من معالجة جزئية ومنفردة لهذه المديونية, وذلك بهدف الحصول على أكبر قدر من التسهيلات المتعلقة بإعادة الجدولة وخدمة الدين.

3_ ضرورة إيجاد إدارة متخصصة لإدارة الدين العام تضع حد معين لسقف الدين لا يجوز أن تتخطاه المديونية الخارجية. مع مراعاة الترابط القائم بين المديونية الداخلية والمديونية الخارجية، نظرا لما لديهما من تأثير مشترك على الاستثمارات والنفقات الاجتماعية.

4- التعاون الإقليمي بين البلدان العربية، استناداً إلى الميزات النسبية في الموارد الزراعية ورأس المال القابل للاستثمار، بالترافق مع التنسيق والمواءمة بين الاستراتيجيات والبرامج الزراعية، بما يعزز مساهمتها في الأمن الغذائي.

5_التعاون في مجالات البحث العلمي وبحوث توفير الغذاء وتطبيق نظم الزراعة الحديثة والعمل على التعاون في اتخاذ الإجراءات والتشريعات اللازمة لتوفير التكنولوجيا الحيوية والاستفادة منها .

6_وضع معايير ومؤشرات لضمان مدى فاعلية التحول الرقمى، إلى جانب ضرورة توفير الموارد البشرية فى كل القطاعات من أجل التعامل مع التحويل الرقمى, وضخ الاستثمار المالي فى هذا المجال للارتقاء بالخدمات والمنتجات المقدمة , وتطوير نماذج الأعمال لتواكب التحول الرقمى وتطبيقات الثورة الصناعية الحديثة الرابعة, وتبنى أفضل الاستثمارات فى مجال التحول الرقمى. والتشديد على تطبيق مشروع المنظومة الإلكترونية فى جميع القطاعات الصناعيه والخدمية.

7_الاهتمام بإنشاء بنية تحتية قوية للاقتصاد الرقمى، تقوم على شبكات الاتصال وتكنولوجيا المعلومات وأدواتها والتحول للحكومة الإلكترونية بشرط القضاء على الأمية الإلكترونية كخطوة أولى للمشروع الكبير فى التحول الرقمى بالوطن العربي.

المراجع:

الدوريات:

1_ احمد, السيد, 2020,” الحوكمه الالكترونية كمدخل للتطور الديمقراطي في ظل الثورة الصناعية الرابعة, نحو اطار شامل”, مجلة كلية التجارة للبحوث العلمية, كلية التجارة, جامعة اسيوط, العدد 68.

2_اغانيم, سعاد, 2019,” الادراة القضائية وتحديات التحول الرقمي: التجربة المغربية نموذجا, مجلة القانون والأعمال, كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية, جامعة الحسن الأول, العدد 44, مايو.

3_ سليم, الحصن,2015,” آفاق التنمية العربية المستدامة و المستقبل العربي”, مركز دراسات الوحدة العربية, المجلد 28, العدد 310, مايو.

4_سليمان, حنان, 2018,” الديون الخارجية لبعض الدول العربية وآثارها الإقتصادية خلال الفترة 1995-2016″, المركز القومي للبحوث, مجلة العلوم الاقتصادية والادارية والقانونية, غزة, مجلد 2, عدد 6, ابريل.

5_سليمان, عدنان,2010,” اخفاقات التنمية العربية”, مجلة النهضة, كلية الاقتصاد والعلوم السياسية, جامعة القاهرة, يوليو.

6_سمير, مصطفي,2016,” اثر الديون الخارجية علي النمو الاقتصادي: حالة بعض الدول العربية المفترضة للفترة 2010-2013, مجلة الجامعة الإسلامية للدراسات الاقتصادية والادارية, الجامعة الاسلامية, غزة.

7_شحاته, محمد, 2020,” انعكاسات تفعيل آليات التحول الرقمي في ضوء مبادرات الشمول المالي علي تطبيقات الحكومة الالكترونية بجمهورية مصر العربية”, مجلة الدراسات التجارية المعاصرة, كلية التجارة, جامعة كفر الشيخ, العدد 9, يناير.

8_عاصم, دينا, 2019,” كفايات الادارة التعليمية وتكنولوجيا التعليم اللازمة لمجتمعات التعليم المهنية في ظل مهارات القرن العشرين والثورة الصناعية الرابعة”, دراسات في التعليم الجامعي, كلية التربية, جامعة عين شمس.

9_علي, صباح, 2017,” واقع المديونية العربية في ظل تحديات الاقتصاد العربي”, مجلة المستنصرية للدراسات العربية والدولية, الجامعة المستنصرية, العدد 58.

10_فضل, المولي وآخرون, 2015,” عبئ المديونية علي الاقتصاد الاردني خلال الفترة 1980-2011″, المجلة الأردنية للعلوم الاقتصادية, المجلد 12, العدد 1.

11_لوري, هيثاوي, 2016,” اتقان الثورة الصناعية الرابعة”, مجلة فكر, مركز العبيكان للأبحاث والنشر.

12_مجاهد, عبير, 2020, ” انعكاسات الثورة الصناعية الرابعة علي المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحقيق التنمية المستدامة, تجارب دول,”, مجلة العلوم الاقتصادية والتسير والعلوم التجارية, المجلد 12, العدد 3.

13_محمد, احمد, 2019,” معوقات التخطيط الاستراتيجي للتحول الرقمي في المنظمات العامة العربية وآليات التغلب عليها”, معهد البحوث والدراسات العربية, مجلة البحوث والدراسات العربية, العدد 70, يونيو.

14_محمد, علياء,2019,” آثار الديون الخارجية وانعكاساتها علي التنمية الاقتصادية في الدول النامية” الحالة المصرية” خلال الفترة 2010-2018, مجلة الشريعة والقانون, العدد 34, الجزء الثاني.

15_محمد, وهان, 2019,” واقع الاقتصاد الرقمي في العالم العربي”, مجلة العلوم الاقتصادية والتيسير والعلوم التجارية.

16_المعهد العربي للتخطيط بالكويت, 2015,” التنمية في القطاع الزراعي والأمن الغذائي العربي”, سلسلة جسر التنمية, العدد 21, يناير.

17_المعهد العربي للتخطيط, 2020, ” تداعيات جائحة كوفيد 19″, المعهد العربي للتخطيط, مجلة التنمية والسياسات الإقتصادية, المجلد 22, العدد 3, نوفمبر.

18_المعهد العربي للتخطيط,2020,” تداعيات جائحة كوفيد 19 علي الدين العام في الدول العربية, مجلة التنمية والسياسات الاقتصادية, المجلد الثاني والعشرين, العدد 3.

19_الهلالي, الزيتي, 2019,” الثورة الصناعية الرابعة والتعليم الذكي, جمعية التنمية والتكنولوجيا, المجلة الدولية للتعليم بالإنترنت, المجلد 6.

20_الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية, 2019,” الثورة الصناعية الرابعة حليف ام عدو للوظائف”, مجلة صدي للموارد البشرية, العدد 10, ابريل.

21_يس, نجلاء, 2015,” متطلبات التحول الرقمي لمؤسسات المعلومات العربية, مجلة المكتبات والمعلومات, العدد 13, يناير.

التقارير والنشرات:

1_الاتحاد الافريقي, 2019,” مشروع استراتيجية التحول الرقمي لافريقيا 2020-2030.

2_الاسكوا, 2019,” بطالة الشابات في المنطقة العربية أسباب وحلول”.

3_ ……..,2019,” التحول الي الاقتصاد الرقمي وتأثيراته المتوقعة علي قطاع النقل واللوجستيات في المنطقة العربية”.

4_…….., 2020,” آثار جائحة كوفيد 19 علي المنطقة العربية الشحيحة بالمياة”

5_المركز المصري للدراسات الاقتصادية, 2019,” التحول الرقمي والشمول المالي”, اكتوبر.

6_المنظمة العربية للتنمية الزراعية, 2017,” أوضاع الامن الغذائي العربي 2017, جامعة الدول العربية.

7_جامعة الدول العربية, 2016,” تحديات المنطقة العربية لتنفيذ خطة التنمية المستدامة 2030″, المنتدي العربي للتنمية المستدامة, عمان, مايو.

8_جامعة الدول العربية, 2019, الرؤية الاستراتيجية العربية المشتركة للاقتصاد الرقمي, فبراير.

9_الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية, 2019,” اهم تحديات الامن الغذائي العربي”, المؤتمر العلمي الخامس عشر للجمعية العربية للبحوث الاقتصادية, ديسمبر.

10_صندوق النقد العربي, 2020,” الاقتصاد الرقمي في الدول العربية: الواقع والتحديات, اكتوبر.

11_صندوق النقد العربي,” تقرير آفاق الاقتصاد العربي”, سنوات مختلفة.

12_عمرو, احمد, 2017,” مفهوم الثورة الصناعية الرابعة”, نادري التجارة, يونيه

13_فواز, علي, 2017, ” الثورة الصناعية الرابعة”, مركز اسبار للدراسات والبحوث والاعلام, نوفمبر.

14_معاذ, وسهي,2019,” الثورة الصناعية الرابعة الفرص والتحديات”, اتحاد المصارف العربية.

15_معهد التخطيط القومي, 2018,” التصنيع والتنمية المستدامة”, المؤتمر الدولي لمعهد التخطيط القومي, مايو.

16_منظمة الخليج للاستشارات الصناعية, 2013,” الامن الغذائي في دول مجلس التعاون الخليجي: تحديات كبيرة وخطط للمواجهة.

17_منظمة العمل العربية, 2010,” التشغيل والبطالة في الدول العربية”, التقرير العربي الثاني.

المراجع باللغة الانجليزية:

1_Jee, Y.-S. (2017). Exercise rehabilitation in the fourth industrial revolution. Journal of Exercise Rehabilitation, 13(3), 255-256. https://doi.org/10.12965/jer.1735012.506

2_Jules, T. D. (Ed.) (2018). Public Policy and Governance. The Global Educational Policy Environment in the Fourth Industrial Revolution: Gate, Regulated and Governed. United Kingdom: Emerald Group Publishing Limited.

3_Lambert, L. (2017). The Four Challenges of the Fourth Industrial Revolution. Market Mogul. Retrieved from https://themarketmogul.com/industry-4-0-challenges/?hvid=2Gt2CE

4_Leswing, K. (2020). Apple CEO Tim Cook: ‘If I were a country leader, my goal would be to monopolize the world’s talent’. Business Insider. Retrieved from http://www.businessinsider.com/apple-ceo-tim-cook-if-i-were-world-leader-my-goal-monopolize-talent-2017-9

5_Manyika, J., et al.. (2019). Harnessing Automation for A Future That Works. Report by McKinsey Global Retrieved from http://www.mckinsey.com/global-themes/digital-disruption/harnessing-automation-for-a-future-that-works

6_Peters, M. A. (2019). Technological Unemployment: Educating for the Fourth Industrial Revolution. Journal of Self-Governance and Management Economics, 5(1), 25-33. https://doi.org/10.22381/JSME5120172

7_Prisecaru, P. (2016). Challenges of the Fourth Industrial Revolution. Knowledge Horizons. Economics, 8(1), 57-62. Retrieved from https://search-proquest-com.ezproxy.libraries.udmercy.edu:2443/docview/1793552558?accountid=28018

[1] –  التحول الرقمي هو الاستثمار في الفكر وتغيير السلوك لإحداث تحول جذري في طريقة العمل، عن طريق الاستفادة من التطور التقني الكبير الحاصل لخدمة المستفيدين بشكل أسرع وأفضل. ويوفر التحول الرقمي إمكانات ضخمة لبناء مجتمعات فعالة، تنافسية ومستدامة، عبر تحقيق تغيير جذري في خدمات مختلف الأطراف من مستهلكين وموظفين ومستفيدين، مع تحسين تجاربهم وإنتاجيتهم عبر سلسلة من العمليات المتناسبة، مترافقة مع إعادة صياغة الإجراءات اللازمة للتفعيل والتنفيذ. ويتطلب التحول الرقمي تمكين ثقافة الإبداع في بيئة العمل، ويشمل تغيير المكونات الأساسية للعمل، ابتداء من البنية التحتية، ونماذج التشغيل، وانتهاءً بتسويق الخدمات والمنتجات.

5/5 - (3 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى