الايرانيةالدراسات البحثية

السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا

اعداد : منه الله إبراهيم عبد الرحمن محمد – باحثة ماجستير بكلية الدراسات الإفريقية جامعة القاهرة – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

المقدمة :

ظهر على مدار الاربع عقود الماضية التوغل الايراني في القارة الافريقية التي تعتبر أكثر المناطق ذات التواجد والحضور الأجنبي بحكم أهميتها في السياسة الدولية. حيث تبنت إيران بعد الثورة الاسلامية في 1979 رؤية جديدة فقد أصبحت افريقيا في التصور السياسي الإيراني أرضا خصبة للنشاطات السياسية والاقتصادية وحتى العسكرية، وذلك بعد أن أدركت القيادة الإيرانية أهمية القارة الإفريقية نظرا لموقعها الجغرافي المجاور للمنطقة العربية، وثقلها السياسي، ناهيك عن أهمية المتغير الطاقوي. كما أن الكتلة المسلمة المتواجدة في افريقيا قد ساعدت إيران كثيرا على التمدد في القارة وولوج معترك التنافس هناك وتطبيق مأموريتها السياسية، عبر اقامة علاقات وطيدة مع عدد من الدول الافريقية من خلال عمل دبلوماسي مكثف. فتمكنت في ظرف وجيز من أن تؤسس لنفسها موقعا هاما في القارة السمراء، سمح لها بكسب تأييد عدد معتبر من الدول الإفريقية لمشروعها النووي وتشكيل تحالفات في مواجهة النفوذ الغربي، وكسر الحصار الاقتصادي المفروض عليها. في سبيل بلوغ الهدف المنشود تبنت إيران جملة من الاستراتيجية تنوعت بين ما هو سياسي وما هو اقتصادي، وآخر ايديولوجي. ورغم اختلاف طبيعة المصالح الإيرانية هناك إلا أنها تخدم بعضها البعض، وتندرج في إطار استراتيجية محكمة تساعد إيران في أن تجد موطئ قدم لها في افريقيا.

أولاً: اشكالية الدراسة:

هناك العديد من المحددات التى تربط ايران بدول افريقيا وتسعى ايران للتدخل للحفاظ على مصالحها هناك متخذة من شعارات محاربة الارهاب ودعم الديمقراطيه مبررات للتدخل فى سياده واستقلال الدول

ويدور التساؤل الرئيسى للدراسة حول كيف تؤثر السياسه الخارجية الإيرانية فى إفريقيا؟

ويتفرع من التساؤل الرئيسى عدة تساؤلات فرعية:

  1. ماهو مفهوم السياسة الخارجية.
  2. ماهى الاهمية الافريقية الجيوبولوتيكية.
  3. ماهى محدادات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا.
  4. ماهى أدوات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا.
  5. ماهو دور التغلغل الإيرانى داخل القرن الافريقى.

ثانياً: اهداف الدراسة:

  1. تحديد أهداف السياسة الخارجية الإيرانية إتجاه إفريقيا.
  2. معرفة أثر السياسة الخارجية الإيرانية على الأمن فى إفريقيا.
  3. تسليط الضوء على توجهات النخبة السياسية الإيرانية فى إفريقيا.
  4. توضيح الاجراءات السياسية والأمنية التى تتبناها إيران لبسط نفوذها فى إفريقيا.
  5. تحديد الإجراءات السياسية والأمنية التى تحددها دول إفريقيا لمواجهة توجهات السياسة الخرجية الإيرانية والمشروع النووى.

ثالثاً: اهمية الدراسة:

الأهمية العلمية:

تأتى الدراسة فى إطار الدراسات المهتمة بالعلاقات الدولية والاقليمية بشكل عام والدراسات الافريقية بشكل خاص، وتأتى أهمية الدراسة فى محاولة معرفة المزيد فى العلاقات بين إيران ودول إفريقيا بشكل عام، والإسهام فى إحداث تراكم علمى حول القضية وتناول الدراسة جذور السياسة الخارجية الإيرانية تجاة إفريقيا بشكل عام، ومعرفة المحددات والادوات للسياسة الخارجية الإيرانية ومقدار التغلغل الإيرانى داخل القرن الإفريقى.

الأهمية العملية:

هناك العديد من التعقيد التى تحيط بالقاره الافريقية وضرورة معرفة مدى تأثير السياسة الخارجية الايرانية داخل افريقيا واهمية دراسة طبيعه افريقيا وما يؤثر عليها من سياسات.

رابعاً: النطاق الزمانى والمكانى للدراسة:

النطاق المكانى: القارة الافريقية

النطاق الزمانى: 1979، منذ الثورة الايرانية

خامساً: منهج الدراسة:

منهج اقتراب الدور كأداة تحليل السياسة الخارجية

يعتمد التحليل الإمبريقي للدور على فرضية الدور الواحد، ويحاول الكشف عن طبيعة الأفكار الداخلية المتشاركة بين المجتمع حول أهداف ودور الدولة فى الساحة الدولية.

ويحدد فعالية الدور من خلال شرح وتفسير استمرارية السلوك السياسي الخارجي.

ومن ناحية اخرى، يعتبر مفهوم قاعدة الدور أكثر ملائمه لتحليل وشرح التغيرات التى تطرأ على الادوار المختلفه وفعالية سلوكها الخارجي.

فيرى والكر وسيمون أن الفاعلين يكتسبوا من وقت لأخر خبرات حول تصارع الأدوار Role Conflict، وهو الوضع الذى ينتج عن تنافس أو تصارع في التوقعات والتصورات والأفعال .

ما يمكن أن يؤدى إلى تناقض فى التصورات والمنظار حول الدور الوطنى لدولتين.

ويجادل والكر بأن مكانة الدور تنتج عن حركة انتقال أحد الأدوار، بهدف التغلب على تصارع الأدوار، فإذا حاول أحد اعضاء النظام أن يضع حلا لتصارع دوره، من خلال تغيير دوره فى النظام، فسيؤدى ذلك إلى تغيير تموضع بقية الأدوار الأخرى فى النظام.

كما سيؤدى إلى تغيير توقعات الاستجابة من الأدوار الأخرى لهذا التغيير.

حيث تحاول الدراسة معرفة الدور الذي تقوم به السياسة الخارجية الايرانية فى افريقيا ومعرفة أهدافها من جراء القيام بالتدخل  ومعرفه السلوك الناتج عن تلك السياسة داخل القارة.

سادساً: الدراسات السابقة:

بعد مراجعة عدد من الدراسات الأساسية المتعلقة بموضوع الدراسة، تم تصنيف هذه الدراسات حسب موضوعاتها وربطها بتساؤلات الدراسة إلى ثلاث محاور رئيسية، وهى:

  • المحور الاول: دراسات تحدثت عن الأهمية الإفريقية.
  • المحور الثانى: دراسات تحدثت عن محددات السياسة الخارجية الايرانية.
  • المحور الثالث: دراسات تحدثت عن التغلغل الإيرانى داخل القرن الإفريقى.

وفيما يلى تلك الدراسات:

– دراسة “مركز الدراسات الشرقية- جامعة القاهرة” بعنوان “السياسة الخارجية الإيرانية فى إفريقيا” حيث قامت الدراسه بتوضيح الاهمية الافريقية، والقت الضوء على علاقة الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع إفريقيا، و السياسة الخارجية الإيرانية ومكافحة العنصرية، وسياسة إيران الخارجية والطاقات الإقتصادية الإفريقيه، دور إفريقيا الدولى فى السياسة الخارجية الإيرانية.

– دراسة “ضاري سرحان حمادي”، بعنوان “الإداة الاقتصادية في السياسة الايرانية تجاه أفريقيا”، تعد الاداة الاقتصادية من أهم أدوات التحرك الإيراني ازاء أفريقيا، فمعظم دول القارة الأفريقية تعاني من أزمات اقتصادية، وهذا الامر فسح المجال لإيران لتقديم مساعدات وتنفيذ برامج تعبر عن فهم حقيقي لما تحتاجه دول القارة، فإيران تقيم السدود والجسور وتساعد الدول الأفريقية في مجالات الزراعة والتنقيب عن النفط وتعبيد الشوراع والسكن، كما تمتلك إيران اداة مهمة تستخدمها في تحقيق اهدافها الاقتصادية، ولا سيما في اقليم غرب أفريقيا ألا وهي دبلوماسية النفط والتي تعني تخفيض انتاج النفط من أجل رفع أسعاره، وايضا تناولت الدراسة تاريخ الاهتمام الإيراني بالقارة الأفريقية،  أهدافةالسياسة الاقتصادية الايرانية تجاه أفريقيا،  دبلوماسية النفط.

– دراسة “بدر الشافعى”، بعنوان “الدور الإيراني في إفريقيا: المحددات والتحديات”، حيث تتحدث هذه الدراسة عن أن الاهتمام الإيراني بفريقي ليس وليد اللحظة إذ قد يترجمها البعض لمرحلة ما قبل قبل الثورة عام ١٩٧٩  في ظل حكم الشاه الذي كان يتماهى مع السياسة الأمريكية، وكان دوره بالوكالة لمواجهة النفوذ السوفيتي في إفريقيا،  ونتناول الدراسة محددات وأسباب الاهتمام الإيراني بالقارة والأليات التي تم استخدامها في ذلك وأبرز التحديات وسهلا إلى الدور المطلوب عربيا وسلامنا للتعامل مع هذه الظاهرة   وتختم بوضع بعض السيناريوهات لمستقبل هذه العلاقة.

دراسة “بوزيد يحيى”، بعنوان “السياسة الإيرانية والسياسة التركية تجاه أفريقيا : دراسة مقارنة” ، موقع قراءات افريقية حيث تتناول الدراسة أهمية أفريقيا بالنسبةلايران وتأتي على النحو التالي:

– بوابة للخروج نحو العالم عبر المياه الدولية.

– نطاقاً جغرافياً يمكن أن تلتف به حول دول الجوار في الاتجاهين الغربي والجنوب الغربي.

– كما أنها توفّر محطات تجارية وغير تجارية على المحيطين الهندي والأطلنطي.

فنظراً لاشتراك إيران مع القارة في الإطلالة على المحيط الهندي؛ يُعَدّ شرق القارة مهمّاً بالنسبة لإيران من الناحية الجيوسيساسة، وبخاصة القرن الإفريقي الذي يتحكم في منافذ بحرية مهمّة (البحر الأحمر، خليج عدن، المحيط الهندي)، وتبعاً لذلك يتحكم في طرق التجارة الدولية، ونقل البترول من الخليج العربي إلى أوروبا الغربية والولايات المتحدة، كما تشتمل المنطقة على غالبية دول حوض نهر النيل، والتي يتحكم بعضها في منابعه، وأدى اكتشاف البترول في المنطقة إلى زيادة الاهتمام الدولي بها.

دراسة: “نجلاء مرعي“، بعنوان “الاختراق الإيراني الناعم في إفريقيا ومآلاته على الأمة العربية في ظل الربيع العربي”، حيث في ظل تحول أهداف السياسة االخارجية الإيرانية من مجرد محاولة مواجهة الظروف المحلية الطارئة، وتلبية الاحتياجات في ظل معطيات الوضع القائم؛ إلى محاولة معرفة الظروف الدولية، ســعت إيران بشــكل فعال إلى التعاون مع دول الهامش “الشركاء” في إفريقيا، لتحقيق العديد من الاهداف المتداخلة والمتشابكة، مســتخدماً في ذلك الأدوات والوســائل المتكاملة لتنفيذ وتجسيد هــذه األهداف، وفي مقدمتها ما يســمى بـ “القــوة الناعمة” وذلك في محاولــة لامتلاك أوراق  جديدة لكســب المزيد من التأييد الدولي لمواقفها، وإرســال رســالة إلى الدوائر الغربية تحديداً، مفادها أن لديها القدرة على الانفتاح لتغيير الصورة النمطية عنها، والتي تصفها دائما بالتشدد.

ومع قيام موجة التغيير فيما يطلق عليه “الربيع العربي”، وحصار هذه الثورات للنظام الســوري الحليــف الرئيس لإيران فــي المنطقة العربية، وخاصة مع تصاعد الاختــراق الإيراني الناعم في إفريقيــا فــي ظل التكالب والتنافــس الدولي والاقليمــي، والذي تتجلى خطورته فــي أنه يرتبط بمحاولات اســتعمارية تهدف إلى إعــادة صوغ النظم العربية والإفريقيــة من خلال عمليات فك وتركيب جيواســتراتيجية، وهو ما يشــكل تهديدا مباشــرا ينال من أســس ودعائم الأمة العربية والإسلامية في صياغاتها الكلية، بدا أن إعادة التفكير في خريطة المصالح الاستراتيجية العربية امر مهم، لتســليط الضوء على واحدة من المناطق التي أهملت او حيدت عن منطقتى القرن الافريقي وحوض النيل.

سابعاً: جسد الدراسة:

تقسم الدراسة إلى مبحثين

المبحث الاول: الإطار المفاهيمى للدراسة.

  • وينقسم المبحث الاول إلى مطلبين وهم:
  • المطلب الاول: إطار نظرى مفهوم السياسة الخارجية.
  • المطلب الثانى: الأهمية الجيوبولوتيكية لإفريقيا.

المبحث الثانى: السياسة الخارجية الإيرانية فى إفريقيا.

وينقسم المبحث الثانى الى ثلاث مطالب وهم:

  • المطلب الاول: محددات السياسة الخارجية الإيرانية.
  • المطلب الثانى: أهداف السياسة الخارجية الإيرانية تجاه إفريقيا.
  • المطلب الثالث: دور التغلغل الإيرانى داخل القرن الإفريقى.

المبحث الاول:الإطار المفاهيمي

المطلب الاول: إطار نظرى مفهوم السياسة الخارجية

السياسه الخارجيه:

هي مجموعه سلوكيات وتصرفات صانع القرار فى البيئه الخارجيه وهى بذلك تقصر السياسه الخارجيه على مجرد رصد سلوكيات الدول.

وكذلك هي القرارات التى تحدد اهداف الدوله الخارجيه والاعمال التى تتخذ لتنفيذ تلك القرارات وان سياسات الدول ليست من صنع الدول ذاتها وانما هى من صنع افراد يمثلون الدوله ويعرفون بصناع القرار وتؤخذ القرارات فى السياسه الخارجيه بناع على الاعتبارات الموضوعيه ومعرفه العوامل التى تحدد الاطار العام للسياسه الخارجيه للدوله مثل الموقع الجغرافى والموارد الطبيعيه والسكان والقياده والمنشات.

ويقصد بها ايضاً انها السلوكيات الرسميه المتميزه التى يتبعها صانعو القرار الرسميون فى الحكومه او من يمثلوهم والتى يقصدون بها التاثير فى سلوك الوحدات الدوليه الخارجيه[1].

المطلب الثاني: الاهمية الجيوبولوتيكية لإفريقيا

تعتبر افريقيا ثاني اكبر القارات في العالم حيث تبلغ مساحتها ثلاثون مليون وثلاثمائة ألف كيلومتر مربع وهي تضم خُمس اليابسه على الكره الارضيه، يوجد في هذه القاره 54 دوله مستقله ويعيش في افريقيا اكثر من 700 مليون نسمه يشكلون 15% من سكان العالم

وعلى الرغم من ان اسم افريقيا كان يوحى دائما بالفقر والفاقه إلا انه طبقا للتقديرات الدوليه فانه يوجد في افريقيا 96% من الماس و 90% من الكروم و 85% من البلاتين و 50% من الكوبالت، 55%  من المنجنيز و 40% من حجر معدن الالومنيوم و13% من النحاس ب 50%  من الفوسفات و 50% من الذهب و 30%  من التوريوم واليورانيوم الموجود في العالم، هذا بينما تمتلك افريقيا ايضا من %20 ل 25 % من الطاقه الكهربيمائية في العالم تم استغلال قسم صغير منها حتى الان، ويتوفر فى افريقيا بكثره ايضا الحديد والصفيح والزنك والرصاص والفحم الحجري والاحجار الكريمه والنيكل.

وتدخل 10 دول من هذه القارة في عداد الدول المصدره للبترول منها نيجيريا وليبيا والجابون والجزائر وانجولا ومعظم اراضي هذه القاره خصبه ومثمره بسبب كثره الامطار وتعتبر الغابات الكثيف التي تحيط بالمزارع الخضراء من الثروات الطبيعيه التي حبا الله بها افريقيا ويعتقد خبراء الزراعه انه اذا تمت الاستفاده من الطاقه الزراعيه في هذه القاره بشكل صحيح فان ذلك سوف يؤمن الطعام لكل الشعوب الافريقيه.

ومن الناحيه السياسيه الطبيعيه (الجيوبولوتيكه)  فان وقوع افريقيا بين قارتي اسيا واوروبا ووجود اربعه مواني بحريه استراتيجيه وهي قناه السويس، مضيق جبل طارق، باب المندب، راس الرجاء الصالح، قد اعطى هذه القاره اهميه خاصه[2].

اما من الناحيه الثقافيه فان اكثر من 55 في الميه من سكان افريقيا يعتنقون الاسلام ويمكن القول بعباره اخرى ان افريقيا هي القارة الوحيده التي يشكل المسلمون معظم سكانها، وطبقا للاحصائيات المنشوره في ان تنامى السكان المسلمين في افريقيا كان اسرع من كل القارات كما كان انتشار الاسلام في كمدرسه في العقد الماضي اكثر بكثير منشار بقيت الاديان ومنها المسيحيه.

اما من ناحيه المساحه فإن اكبر الدول الافريقيه مساحه هي الدول الاسلاميه السودان والجزائر وتاتي مصر ونيجيريا في المرتبه الاولى والثانيه من ناحيه تعداد السكان واللغات التقليديه الافريقيه معظمها لغات اسلاميه اولها اصول في الاسلام وليست تلك اللغات التي فرضت عليها من الخارج الفرنسيه والانجليزيه

و يتحدث باللغه العربيه اكثر من 200 مليون من سكان افريقيا وهي اللغه الاسلام الاولى وتعتبر اللغه السواحيليه الشائعه في شرق هذه القاره خليط من اللغات الفارسيه والعربيه والتركيه التي دخلت  الى هذه المناطق من بلدان الاسلاميه كإيران

ويعتبر قربه الاديان الافريقيه المحليه للاسلام اكثر من الاديان الاخرى كاالمسيحيه مثلا، فأهل هذه القارة يؤمنون بقوه غيبيه واحده، و هذه العقيده حالت دون انتشار الفكر القائم على التثليث في المسيحيه في المجتمع الافريقي كما يؤمنون ايضا الى حد العباده بوجود الروح و عوده الروح والجسد وتعدد الزوجات واحترام الوالدين و تتوفر لديهم الارضيه اللازمه للقبول الاسلام واعتناقه، وربما لهذه الاسباب مجتمعه يرى في البروفسير الكيني على مزروعي الخبير في الشؤون الافريقيه ان ” افريقيا ستكون في المستقبل قاره الاسلام”[3]

اما من الناحيه الدوليه فان مجموعه الدول الافريقيه تشكل حوالي ثلث اعضاء هيئه الامم المتحده والمؤسسات والمنظمات الاخرى التابعه لها[4]

والواقع ان دول العالم تحتاج الى اصوات هذه الدول من اجل تحقيق اهدافها الدوليه، وكمثال على ذلك فقد كانت اراء تلك الدول ذات تاثير فعال في جهود الصين من اجل كسب بالتأيييد الدولي للدول الافريقيه بشان الحصول على كرسي تايوان في مجلس الامن كما تحتاج اندونيسيا الى اصوات هذه القاره لحل قضيه تيمور الشرقيه، وتعتبر الدول المتقدمه من امثال كوريا والصين وكوريا الشماليه و جمهوريه ايران الاسلاميه اصوات الدول الافريقيه امراً هاماً لمواجهه الضغوط السياسيه للدول الغربيه في المحافل الدوليه وخاصه في لجنه حقوق الانسان، والجدير بالذكر ان فعاليات التنسيق بين هذه الدول في منظمه الامم المتحده ادى الى استقلال ناميبيا والقضاء على التفرقه العنصريه في جنوب افريقيا.

و حتى النظام الصهيوني فانه ايضا يعطي اهميه خاصه للدور الذي تقوم به الدول الافريقيه في منظمه الامم المتحده وذلك من اجل اطفاء الشرعيه على اهدافه غير المشروعة.

ومن ثم كان الدور الدولي للدول الافريقيه دائما دورا مؤثرا وفعلا في التطورات العالميه وبعض الدول الافريقيه كمصر لها حضاره عريقه وثريه وللموسيقى والرقص المحلي و صناعه التماثيل والتصوير والاداب والعادات والتقاليد في هذه القاره ثراء فني وجاذبيه فلكولوريه كبيره.[5]

وقد شق الفن الافريقي طريقه في السنوات الاخيره الى المدارس العلميه لعلم الانسان (الانثروبولوجيا) وعلم الاجتماع في العالم،

والخلاصه فان افريقيا هي قاره الاسلام والحضاره والثراء الطبيعى والامكانات الاقتصاديه الضخمه ولا يمكن تجاهلها في السياسه الخارجيه لجمهوريه ايران الاسلاميه[6]

 المبحث الثانى:

المطلب الاول: محددات السياسة الخارجية الإيرانية

يكشف التتبع التاريخي لسلوك الدوله في الفضاء الحضاري الايراني والفارسي تجاه محيطها الاقليميين عن غلبة سمتين رئيسيتين وهم :

اولهما: تصور التفوق الحضاري والقومي

ثانيهما: انزل الى تمدد الامبراطوري

ومن دون الدخول في الطيف الواسع من العوامل العرقيه والجغرافي والسياسيه والثقافيه التي اسهمت فيه تشكل هاتين السمتين فانه من الجلي انهما كانتا العامل الاكثر حضورا في تحديد جوهر الانماط المختلفه للعلاقات التي ارستها الدول المختلفه التي نشات في الفضاء الحضاري الايراني والفارسي بجواره الاقليمي ضمن هذا السياق شهدت العلاقات الايرانيه الافريقيه نمو ملحوظاً خلال السنوات الاخيره وقد تزامن هذا النمو مع تصاعد مجموعه الازمات الداخليه والخارجيه التي واجهتها ايران وكان في مقدمتها ازمه الملف النووي مما كان له اكبر الاثر في تحديد الاهداف التي تسعى اليها ايران من وراء ترسيخ علاقاتها مع الدول الافريقي[7].

  1. التشييع السياسى:

حيث تجاوزت الاهداف الايرانيه في افريقيا الاهداف المذهبيه والانسانيه التقليديه التي تسعى اليها ايران وهي نشر المذهب الشيعي ونصرة المستضعفين ضد المستكبرين فى اى مكان فى العالم والتى اقرها الدستور الايراني بل استخدمت ايران نشر التشيع كاداه لتحقيق اهدافها الاخرى و تحقيق التقارب مع دول القاره في من ناحيه تعمل ايران على البحث عن حلفاء مناوئين للقوى الغربيه في العالم لذلك تصر على التاكيد على ما تعرض له الافارقه من استغلال على يد القوه الغربيه خلال المرحله الاستعماريه حيث اطلق الرئيس الايراني احمدي نجاد في المنتدى الايراني الافريقي دعوه الى بناء نظام عالمي جديد بديل للنظام الحالي وبذلك تسعى القياده في ايران الى اعداد الراي العام الافريقي ليقف الى جانبها في حاله اتخاذ الصراع بين طهران وبين واشنطن  وحلفائها شكل معركه دبلوماسيه حاده داخل الامم المتحده و مجلس الامن الدولي او في حاله انزلاق هذا الصراع الى مواجهه عسكريه ولا تكتفي ايران بالعوده الى الماضي لتستفى منه كل ما يؤيد خطواتها بل تعمل على مسانده الدول الافريقيه التي ترى انها مضطهده من القوى الغربيه فتدعم كل من السودان وزيمبابوى وترى ان ما يجمعها بالدولتين هو التعرض للاضطهاد الغربي في اثناء زياره احمدي نجاد لزيمبابوي في ابريل 2013 تعمد الرئيس الايراني الربط بين النظام في ايران وزمبابوي من حيث اقامه تحت طائله الاستهداف[8].

  1. حشد الاصوات لدعم برنامجها النووى:

حاولت ايراني استثمار تقاربها مع الدول الافريقيه في دعم برنامجها النووي من خلال توجيه الكتله التصويتيه للدول الافريقيه في الامم المتحده لمسانده هذا البرنامج حيث ضم مجلس الامن ثلاث دول افريقيه هي الجابون ونيجيريا واوغندا عندما كانت تتولى نيجيريا الرئاسه الدوريه لمجلس الامن[9].

  1. ضمان مصادر مستقره من اليورانيوم:

سعت ايران الى استغلال مخزون اليورانيوم في افريقيا لدعم برنامجها النووي ففى اعقاب الزياره التي قام بها الرئيس الايراني احمدي نجاد الي كل من اوغندا وزيمبابوي في ابريل 2013 اعلنت صحيفه تلغراف فى عددها الصادر في 10 اكتوبر 2013 ان طهران ابرمت مع هراري صفقه سريه لاستخراج احتياطاتها غير المستغله من مناجم اليورانيوم وان ايران حصلت على حقوق حصريه لليورانيوم في شهر مارس الماضى عندما زارها ديديموس موتاسا وزير الدوله لشؤون الرئاسه وتم خلالها التوقيع رسميا على الاتفاق بعيدا عن الاضواء واشارت الصحيفه ذاتها الى ان صفقه اليورانيوم هي ذروه الكثير من العمل الذي يعود تاريخه الى عام 2007 حين زار رئيس زيمبابوي روبرت موغابي طهران بحثا عن النفط حتي ان بعض المحللين اطلق على هذه الصفقه تعبير “النفط مقابل اليورانيوم” كما ان النيجر وهي احدى دول غرب افريقيا الاكثر انتاجا لليورانيوم حيث تحتل المرتبه الرابعه في العالم حسب الاتحاد الدولي النووي وهي مصدر محتمل لليورانيوم الى ايران[10].

  1. تجاوز العقوبات المفروضه عليها

تسعى ايران من خلال تقاربها مع الدول الافريقيه الى تامين وصولها الى الممرات المائيه في اوقات الازمات ف افريقيا تمثل لها بوابه الخروج الحر نحو العالم عبر المياه الدوليه ويؤكد هذا التصور سعي ايران المستمر لترسيخ علاقات مع معظم الدول الافريقيه الساحليه سواء في الشرق اوالغرب او الجنوب الافريقي فتتمدد التحركات الايرانيه نحو اقليم شرق افريقيا وخاصه اريتريا حيث تهدف ايران من تنميه روابطها معها الى محاوله التمركز في اهم ممرين في العالم وهما مضيق باب المندب ومضيق هرمز وهذا يفسر قيام ايران بارسال سفن عند خليج عدن لمواجهه القرصنه البحريه التي تشهدها السواحل الصوماليه وبالمثل تقوم ايران بتنميه علاقات التعاون مع دول في غرب افريقيا على المحيط الاطلسي وقد استخدمت بالفعل الممرات المائيه في غرب افريقيا[11].

5.تعزيز النفوذ السياسى والبحث عن شركاء

اقامت ايراني علاقات متميزه مع الجزائر في شمال افريقيا حيث عادت العلاقات بين الدولتين في سبتمبر ٢٠٠٠ بعد فتره انقطاع دامت سبع سنوات على اثر اتهام الجزائر لإيران بالتدخل في شؤونها الداخليه ودعمها لما كان يسمى ب “الجبهه الاسلاميه للإنقاذ” ومنذ عوده العلاقات تكثفت الاتصالات بين الدولتين وتقاربت وجهات نظريهما ازاء العديد من القضايا وتم انشاء لجنه اقتصاديه عام 2003 ونشطت الزيارات بين مسؤولي الجانبين وكان اخر هذه الزيارات في سبتمبر 2012 حيث مثلت الجزائر احدى المحطات التي زارها الرئيس احمدي نجاد وهو في طريقه الى نيويورك لحضور اجتماعات الجمعيه العامه للامم المتحده هذا الى جانب ان ايران تتمكن من تحقيق مجموعه من الاهداف الاقتصاديه عبر تنميه علاقاتها مع دول القاره الافريقيه و خاصه في ظل حاله العزله التي تعد انها نتيجه لفرض العقوبات عليها حيث تستطيع ايران الاستفاده من الاسواق الافريقيه في بيع بضائعها والحصول على ما يلزمها من منتجات حيوانيه وزراعيه من هذه الدول هذا فضلا عن محاولات التنسيق مع الدول النفطيه في القاره في منظمه الاوبك ومنها نيجيريا وهي احدى القوه النفطيه الكبرى في العالم كما يصنع النظام الايراني الى استعراض قوته امام القوي الغربيه من خلال تمكنه من الوصول الى مناطق جغرافيه مختلفه من العالم و بما يحمل احتمالات تهديد المصالح الغربيه في هذه المناطق وبالفعل تسير تحركات ايران داخل القاره الافريقيه حفيظه الدول الغربيه و خاصه الى الولايات المتحده و اسرائيل حيث ترى هذه القوه ان نفوذ ايران في افريقيا يعد خصماً من رصيدها بالمقابل تعتبره ايران وسيله للدفاع عن مصالحها في مواجهه العقوبات الدوليه المفروض عليه[12].

المطلب الثانى: أدوات السياسة الخارجية الايرانية تجاه افريقيا

  1. المؤسسات الخيريه والمركز الثقافيه:

استخدمت ايران مجموعه من المؤسسات الرسميه و المنظمات الخيريه في تنفيذ هذه الاهداف حيث تقوم مؤسسات ما يسمى “بالبنياد” وهي مؤسسات خيريه تعمل بشكل مستقل عن سلطه الحكومه وتمثل كيانات اقتصاديه عملاقه تضاهى امكانيات الدوله نفسها مثل مؤسسه (المستضعفين والشهيد والامام والرضا و15 خرداد) وغيرها وتمارس هذه المؤسسات انشطه كثيره تمتد من التجاره الى التصنيع و نشر الدعوه الدينيه السياسيه وتقديم الخدمات الاجتماعيه وهي معفاه من الضرائب وتتبع المرشد الاعلى للجمهوريه مباشره ومن بين هذه المؤسسات تعتبر مؤثره امداد الامام احد الادوات التي تستخدمها ايران للتامين وجودها في شرق افريقيا لا سيما في دعم تاسيس مراكز شيعيه في هذه المنطقه وقد كان لهذه دور بارز في عمليه تشيع واضحه فى جزر القمر بعد وصول الرئيس احمد عبدالله سامبى وهو خريج احدى مدارس مدينه قم الايرانيه الى السلطه عام 2006 هذا الدور الحيوي الذي تمارسه مؤسسه امداد الامام ياتي في سياق السعي الى تصدير الثوره الايرانيه للخارج والتي عادت الى واجهه الاحداث مع وصول احمدي نجاد الى السلطه بالمقابل يتمثل دور الملحقيات والمراكز الثقافيه بمجالات الادب والفنون في التعريف بالبلد وثقافته وموروثاته ومعالمه السياحيه والحضاريه ولكن ايران انحرفت بهذه المراكز عن غرضها الدبلوماسي والثقافي المعلن فصارت منصات للترويج للافكار والكتب ذات الصله بالمذهب الشيعي كما اجتهدت هذه المراكز طوال السنوات الماضيه في تعميق العلاقات الثقافيه مع كل الجهات ذات الصله بالجوانب الثقافيه مثل الصحف والجامعات والمكتبات العامه وزاره الارشاد والاوقاف واتحادات المراه والشباب والطلاب وتنظيم احتفالات ذات طابع شيعى مثل الاحتفال بمولد الامام الرضا و ميلاد السيده فاطمه الزهراء رضي الله عنها وذكر كربلاء وغيرها[13]

  1. الادوات الاعلاميه:

تمتلك ايران امبراطوريه اعلاميه هي الاكبر على مستوى المنطقه وواحده من اكبر الامبراطوريات الاعلاميه في منطقه اسيا الهادئ والعالم، وتسيطر وكاله بس الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه وهي مؤسسه حكوميه يشرف عليها شخصيا المرشد الاعلى علي خامنئي ومن خلال هذه المؤسسه يتم توجيه مثل السياسات الاعلاميه الخاصه بجميع المحطات التليفزيونيه و اذاعات الراديو في البلاد بما يتناسب مع توجهات الدوله

وترتبط الوكاله بعدد من الوزارات مثل الثقافه الخارجيه ويتم استخدامها لخدمه الرسائل التي تصدر عنهم فيما يتعلق بالترويج للثوره الاسلاميه والثقافه الايرانيه والدبلوماسيه العامه

وتشير الماده 175 من الدستور بوضوح الى ان حريه التعبير والنشر الافكار يجب ان تتم عبر وكاله بث الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه وبما يتناسب مع القوانين الاسلاميه المصالح القوميه للبلاد اما الخدمه الدوليه لوكاله بث الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه فهي تهدف الى اعلام الجمهور الخارجي والترويج للتاريخ الايراني والحضاره الايرانيه والثقافه الايرانيه لكل من هو مهتم بالحصول على نظره واقعيه عن ايران وغناها الحضاري عبر الاف السنين وتقوم هذه الوكاله بنشر وترويج قيم النظام الايراني والموقف الرسمي للحكومه الايرانيه بخصوص التطورات الداخليه و الدوليه.[14]

  1. تقديم التدريب والدعم الفنى والمالى

حرصت ايران على تثبيت اقدمها في افريقيا عبر تقديم المساعدات وبناء مشروعات البنيه التحتيه للطاقه وبناء محطات توليد الكهرباء وكذا تعد ايران اكبر مصدرى السلاح للسودان حيث قامت في عام 2008 تم توقيع اتفاقيه للتعاون الاقتصادي والعسكري بين البلدين

وعلى غرار ما سبق تتمدد البحريه الايرانيه في افريقيا بانتظام منذ ان بدات ايران تشارك في بعثات مكافحه القراصنه في خليج عدن وترسو على سواحل الصومال فضلاً عن العلاقات مع اريتريا التي تدعم تنظيم القاعده في الصومال كما تدعم الانفصاليين بالتدريب والسلاح في السنغال ومتمردين ساحل العاج وغامبيا ونيجيريا

وظفت ايران ادوات القوه المختلفه في سياستها الاقليميه تجاه دول القاره الافريقيه فجاء توظيف المشترك الحضاري والاسلامي، اعتمدت على ابتعاد الراي العام الافريقي عن حساسيه التجاذب الشيعي والسنى[15].

المطلب الثالث: دور التغلغل الإيرانى داخل القرن الإفريقي

يكتسب القرن الافريقي اهميته الاستراتيجيه من كون دوله تطل على المحيط الهندي من ناحيه وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الاحمر حيث مضيق باب المندب من ناحيه اخرى ومن ثم فان دوله تتحكم في طريق التجاره العالمي خاصه تجاره النفط القادمه من دوله الخليج و المتوجهه الى اوروبا والولايات المتحده كما انها تعد ممراً مهماً لاي تحركات عسكريه قادمة من اوروبا او الولايات المتحده في اتجاه منطقه الخليج العربي

ولا يقتصر اهميه القرن الافريقي على اعتبارات الموقع فحسب وانما تتعداها للموارد الطبيعيه خاصه البترول وهو ما يعد اهم اسباب رعايه واشنطن لمفاوضات السلام في السودان بالاضافه الى قربه من جزيره العرب بكل خصائصها الثقافيه ومكنوناتها الاقتصاديه

و يوجد به جزر عديده ذات اهميه استراتيجيه من الناحيه العسكريه والامنيه وتتسم مصالح القوي الاقليميه في المنطقه بالتشابك والتعقد بين الاطراف المكونه للاقليم من ناحيه والقوى الخارجيه سواء الاقليميه او الدوليه من ناحيه اخرى ولكنها تتجه في مجملها نحو تحفيز الصراع واستمراره لاسيما في الصومال والسودان بل وتعتبر  المحدد الرئيسي لمستقبل التفاعلات في الاقليم اذ تتقاطع  المصالح الاقليميه في جانب منها مع بعضها البعض وتناقضه في جوانب اخرى في اشاره واضحه الى ما يمكن اعتباره خريطه التحالفات الاقليميه والتي قد تتفق او تتناقض مع مصالح القوى الكبرى في المنطقه اذ يشير الواقع الاستراتيجي الى تاثير عمليه المصالح والاراده الاقليميه في مسيره التفاعلات في منطقه القرن الافريقي والتي لا تتوافق مع توجهات المصالح والاستقرار الذي يستند إليه الدور الدولي في منطقه القرن الافريقي وقد حولت الاهميه الاستراتيجيه لمنطقه القرن الافريقى الى منطقه النفوذ غربي جعلتها دائما محل تنافس بين الدول الكبرى في مرحله الحرب البارده

ومع بدايه النظام العالمي الجديد في التسعينات من القرن الماضي تصاعدت حده هذه المنافسه وتعددت اطرافها ولكن ظلت ملعبا للدول الكبرى و بخاصه الولايات المتحده وفرنساوي المملكه المتحده حيث سعت القوه الكبرى المسيطره في النظام الدولي الى التدافع عليه من اجل كسب مناطق نفوذ لها هناك اما سلماً من خلال العلاقات الوثيقه مع نظم الحكم في المنطقه او كرهاً من خلال استخدام القوه الماديه وفي سباق هذا التنافس تاتي ايران التي ابدت اهتماماً متزايدا ب دول القرن الافريقي وذلك في سياق فتح المزيد من دوائر التعاون مع كافه التجمعات سواء كنا الدوليه وافريقيه او عربيه ويسير هذا النشاط بالتوازي مع  الضغوط الغربيه والامريكيه بسبب برنامجها النووي وتهدف من هذه التحركات الى كذب مزيد من التأييد الدولي لمواقفها و ارسال رساله الى الدوائر الغربيه تحديدا مفادها ان لديها القدره على الانفتاح لتغيير الصوره النمطيه عنها والتي تصفها دائما بالتشدد.

  1. النشاط الايراني في اريتريا

تعمل ايران على توثيق علاقتها مع اريتريا على ضوء الاهميه الخاصه التي توليها للدول الاسلاميه المتواجده على شواطئ البحر الاحمر ان احدى المعالم الرئيسيه في العلاقات بين ايران واريتريا قد مثلت في الزياره التي قام بها رئيس اريتريا اسايس اوفرقي بتاريخ 21 مايو 2008 الى ايران واجتماعه مع الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد وقد تم التوقيع خلال هذه الزياره على اتفاقيات لتوثيق التعاون بين الدولتين في مجال التجاره والاستثمارات وقد تم التوقيع عليها بين وزير الخارجيه الايراني منوشهر متكي ووزيري الاقتصاد والزراعه لاريتريا وشارك في الزياره بعض من رجال الاعمال الايرانيين وقال الرئيس الايراني ان الدولتين قد بلورتا خطه للصمود امام الهيمنه الغربيه ورفضها  وان ايران قد اقترحت تقديم المساعده لاريتريا في مجالات الطاقه والصناعه والزراعه كما وقع وزير الماليه لايراني واريتريا على توثيق تفاهمات لتشجيع الاستثمارات الاجنبي وقد منح البنك الايراني لتطوير التصدير الاريتري وثيقه ائتمان يصل قدرها الى ٣٥ مليون دولار لتطوير العلاقات التجاريه بين الدولتين واعرب وزير خارجيه اريتريا عن دعمه وتأييده للمشروع النووي الايراني خلال اجتماعي مع سفير ايران في الامم المتحده كذلك اشهر الحزب الديمقراطي في اريتريا الذي يشكل معارضه للنظام الى ان الرئيس يلعب بالنار فيما يتعلق بعلاقاته مع ايران و انه قد ينطوي ذلك على تداعيات واسقاطات دوليه خطيره واستنادا الى بعض المصادر تملك ايران في اريتريا قاعده عسكريه و صواريخ بعيده المدى نصبتها من اجل الدفاع عن منشأه تكرير النفط ولكن تم نفى هذه التقارير من قبل القياده في اريتريا

  1. التبادل الايراني في الصومال:

من المفترض ان تشكل الصومال وفقاً للمنظور الايرانى حلقه اخرى في سلسله الوجود و النفوذ الايراني وسط دول القرن الافريقي على مرمى حجر من البحر الاحمر بالاضافه الى ذلك فتنضم ايران الى الدول المتضرره نتيجه لعمليات القراصنه على امتداد الشواطئ الصوماليه فقد ضبط القراصنه سفينه نقل ايرانيه كانت في طريقها من الصين الى هولندا وعلى متنها 40 الف طن من الحديد اختطاف السفينه الايرانيه تزامنا مع بلوغ الاتصالات بين ايران والصومال اوجها ومع تعيين سفير الصومالي الجديد في ايران وقال محمود احمدي نجاد في تلك المناسبه ان “ايران تعرف الشعب الصومالي ولن تتهرب من التزامها بالدفاع عن الشعب الصومالي المقموع” وعلى خلفيه تهديد القراصنه ارسل سفير ايران لدي الامم المتحده رساله الى الامين العام بان كي مون قيل فيها ان ايران سوف ترسل سفينتن تابعتين لسلاح البحر الايراني الى شواطئ الصومال وخليج عدن لمده تستغرق ما يقرب خمسه اشهر وذلك من اجل مكافحه ظاهره القراصنه في المنطقه والدفاع عن السفن الايرانيه التي تنقل البضائع

ان وجود سفن سلاح البحر الايراني في منطقه الصومال لن تمكن ايران من الدفاع عن سفنها فحسب بل من الحصول على حريه عمل اوسع في هذه المنطقه وفي اطار السياسه المتبعه لديها تولى ايران اهميه خاصه للخط البحري حيث انه على المدخل الجنوبي للبحر الاحمر ذى الاهميه الاستراتيجيه حيث تقوم ايران بتوسيع علاقتها مع اليمن وقد وقعت مؤخراً في جوان 2009 على اتفاقيه سوف يسمح بموجبها البوارج الايرانيه بان ترسو في ميناء عدن كجزء من قوه مهمه ايرانيه كانت قد أعدت لمكافحه ظاهره القراصنه الصوماليين ان هذه القوه من المتوقع ان تضاف الى الست البوارج الايرانيه التي سبق ان عملت في منطقه الصومال لتضمن سلامه سفن نقل الايرانيه وامنها وبالمقابل تقوم ايران بتوثيق علاقتها مع جزء من الدول الافريقيه المتواجد على شواطئ البحر الاحمر( السودان واريتريا وجيبوتي) بشكل يتيح لها القيام بعمليات بحريه ناشطه في منطقه البحر الاحمر وصولا الى خليج ايلات وقناه السويس وكان وزير الخارجيه الايرانى في وقت سابق في لقاء مع سفير الصومال قال ان موقع الصومال الاستراتيجي ومواردها الكثيره قد دفعت الدول العظمى الى النظر الى مواردها الطبيعيه بعيون لا تخلو من الطمع وان هذا التدخل هو الذي ادى الى الازمه وعدم استقرار في السماء وقد اكد وزير الخارجيه الايراني على ان ايران مستعده لتقديم اي مساعده لحل الازمه في الصومال ومع ذلك يبدو ان عمليه استيلاء منظمه شباب المجاهدين لتطبع السني راديكالي على الصومال سوف تصعب عمليه توثيق العلاقات مع ايران شيعيه المذهب ومع ذلك مثل ما حدث في افغانستان مع طالبان فإن ايران لا تتردد عن التعاون البرغماتى مع منظمه صينيه متطرفه ما دام الهدف المس بالنفوذ الغربي في المنطقه ولا يستبعد انه في هذه الحاله ايضا قد تجتمع مصالح هذين الطرفين

  1. النشاط الايراني في جيبوتي

تولى ايران اهميه كبيره لتوثيق العلاقات مع جيبوتي لموقعها الاستراتيجي في القرن الافريقي الى جانب التوثيق علاقتها مع اليمن فهي تخلق وجوداً استراتيجياً على طرفي مشارف البحر الاحمر في مسارات تجاريه رئيسيه في شهر سبتمبر 2006 قام رئيس جيبوتي في زياره الى ايران و فى المؤتمر الصحفى الذى تم انعقاده خلال الزياره قال الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان العلاقات بين الدولتين لا تزال في مهدها لان هاتين الدولتين لا تشاطران تاريخاً مشتركاً الا انها قد اوضح ان الطرفين قد وقعا على اتفاقيات استثمار مشتركه في مشاريع و تعاون في مجال الطاقه وخلال جولة الزيارات التي قام بها الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى الدوله الافريقيه فبراير ٢٠٠٩

كانت جيبوتي اول دوله قام بزياره اليها وقد اقترح الوفد الايراني تقديم المساعده لجيبوتي في المجال العلمي والصناعي والهندسي بهدف تطوير مشاريع مختلفه في الدوله بالاضافه الى ذلك منحت ايران جيبوتي قرضاً وقدمت لها المساعده لإقامه مركز الارشاد المهني في الدوله[16].

الخاتمه والنتائج:

في إطار العرض السابق يمكن القول بوجود ثلاثة سيناريوهات أساسية لمستقبل الدور الإيراني في القارة الأفريقية، تتمثل في:

الأول: بقاء الوضع الراهن كما هو عليه بمعنى استمرار التمدد الإيراني مقابل التراجع العربي والإسلامي السني.

والثاني: حدوث تمدد عربي إسلامي سني مقابل التراجع الشيعي، والثالث: حدوث تمدد من كلا الجانبين ما قد يؤدي إلى الصدام المذهبي داخل الدولة الواحدة أو حتى القبيلة الواحدة في القارة.

ويلاحظ أن ترجيح أي منهما يعتمد على مدى قوة هذا الطرف أو ذاك. وإذا كانت مؤشرات اللحظة الراهنة تشير لوجود تفوق إيراني مقابل تراجع عربي إسلامي سني” السيناريو الأول، فإن هذا الوضع قابل للتغيير في الأمد القريب بالنظر لوجود معطيات معينة منها التصعيد السعودي الإيراني والذي يبدو أنه لن ينتهي سريعًا، وسينتقل من شرق القارة إلى غربها، ولعل الإمكانات السعودية خاصة المادية تؤهلها لذك شريطة وجود خطة محكمة ومدروسة بعناية من ناحية، وتغيير لغة الخطاب السلفي الصدامي من ناحية ثانية، والتنسيق الضروري مع قوى الإسلام السني المعتدل كالإخوان وغيرهم إن هي أرادت فعلا مواجهة النفوذ الإيراني. وفي المقابل فإن التصعيد الأمريكي ضد إيران في ظل ولاية ترمب وفرض العقوبات والسعي لتوسيعها من خلال ضم الدول الأوربية إليها، سيحملها على تكثيف جهودها في أفريقيا لتحقيق أهدافها المختلفة، ما قد يعني أن السيناريو الثالث قد يكون هو الأقرب للحدوث. أما السيناريو الثاني، فاحتمالات حدوثه ضعيفة جدًا، لأن إيران ببساطة لن تتخلى عن القارة السمراء.

[1] محمد السيد سليم ، “تحليل السياسة الخارجية” ، (القاهرة: دار الحبل للنشر ،يناير 2001)،ص 10.

[2] عبدالمنعم، محمد نور الدين، “السياسة الخارجية الإيرانية فى إفريقيا”، دار المنظومة( القاهرة: جامعة القاهرة- مركز الدراسات الشرقية، ع 7، 2005)، ص 2.

[3]  فاروق حسين أبو ضيف، التدخلات الإيرانية – التركية في القرن الإفريقي: دراسة في المألات والتطلعات والأهداف، مركز ليفانت للبحوث، https://bit.ly/3ioSfRf

[4] عبدالمنعم، محمد نور الدين، “السياسة الخارجية الإيرانية فى إفريقيا”، المرجع السابق، ص3.

[5] فاروق حسين أبو ضيف، التدخلات الإيرانية – التركية في القرن الإفريقي: دراسة في المألات والتطلعات والأهداف، مركز ليفانت للبحوث، https://bit.ly/3ioSfRf

[6] عبدالمنعم، محمد نور الدين، “السياسة الخارجية الإيرانية فى إفريقيا”، المرجع السابق، ص 4.

[7]  لطفى صور، “سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه إفريقيا فى فترة حكم احمد نجاد”، مجلة الناقض للدراسات السياسية (الجزائر: جامعة معسكر، اكتوبر 2017)، ص 7.

[8] لطفى صور، “سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه إفريقيا فى فترة حكم احمد نجاد”، المرجع السابق، ص 7.

[9] المرجع نفسه، ص7.

[10]لطفى صور، “سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه إفريقيا فى فترة حكم احمد نجاد”، المرجع السابق، ص 8.

[11] المرجع نفسه، ص 8.

[12] لطفى صور، “سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تجاه إفريقيا فى فترة حكم احمد نجاد”، المرجع السابق، ص9.

[13] ضارى سرحان حمادى، “الاداه الاقتصاديه فى السياسة الخارجية فى افريقيا” على الرابط التالى: http://afroar.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86/

[14] فاروق حسين أبو ضيف، التدخلات الإيرانية – التركية في القرن الإفريقي: دراسة في المألات والتطلعات والأهداف، مركز ليفانت للبحوث، https://bit.ly/3ioSfRf

[15] ضارى سرحان حمادى، “الاداه الاقتصاديه فى السياسة الخارجية فى افريقيا” على الرابط التالى: http://afroar.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86/

[16]  نعمة سعيد سرور، “تطور السياسة الايرانية تجاه منطقة القرن الافريقى”، على الرابط التالى: https://democraticac.de/?p=64722

4.5/5 - (8 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى