مصر مُــجـبـرة الآن علي مــواجـــــهـــة إثــيــوبـــيــا
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر
تـــقـــديــــر مــــوقــــف وإقــتـراحــات:
نجحت إثيوبيا في الأول من يناير 2024 في توجية ضربة ثلاثية لكل من مصر والصومال (مقديشيو)وإرتريا التي يُخشي أن إثيوبيا تتطلع للإستيلاء علي ميناء عصب الواقع بها) عندما وقعت في أول يناير2024مع ما يُسمي بجمهورية أرض الصومال علي مذكرة تفاهم لاستخدام 20كم مربع بميناء بربرة الرئيسي في منطقة أرض الصومال الانفصالية في الصومال إستخداماً تجارياً وعسكرياً لمدة خمسين عاماً , وتتيح هذه المذكرة إستراتيجية المغزي أن تتحول إثيوبيا ذلك البلد كثيف السكان (حوالي110مليون نسمة) من دولة حبيسة إلي دولة لها إطلالة علي ساحل البحر الأحمر أهم ممر بحري دولي بالعالم تمر من خلاله تجارة شرقي آسيا وصادرات البترول من الخليج العربي وإيران , وتأتي هذه الضربة الثلاثية بعد ضربة مماثلة ولكن ثنائية وجهتها إثيوبيا لمصر والسودان بسد النهضة الإثيوبي GERD الذي يمر بالمراحل النهائية من الملء(الخامس) والتشغيل لتوربيناته الأحد عشر ليتم تشغيله بكامل طاقته بحلول عام 2025 ليصبح أكبر سد للطاقة الكهرومائية في القارة الأفريقية ولن يقتصر إنتاجه على توفير الكهرباء لسكانها فقط إثيوبيا ولكن فائضها يمكن تصديره إلى السودان وكينيا وجيبوتي مما يخفف من حسابات أديس أبابا الهزيلة دائمًا ومن الواضح أن هذا البناء الضخم على النيل الأزرق، الذي يبلغ ارتفاعه 145 مترًا وعرضه 260 مترًا في منطقة بني شنقول-جوموز على بعد حوالي 30 كيلومترًا من الحدود السودانية قد أطلق أجراس الإنذار في كل من القاهرة والخرطوم اللتين لديهما أسباب واضحة للاعتقاد بأنه من الممكن أن يكون للانقطاع الجزئي لتدفق النهر تأثير مباشر على اقتصاداتها خاصة وأن المفاوضات العبثية بشأن جسر الخلافات بشأن هذا السد قد توقفت أخيراًرغم أنه مازالت الطاقة التخزينية الكبيرةلبيحيرة هذا السد يمكن أن يكون لها تداعيات على دولتي المصب خاصة السودان حيث يلتقي النيل الأزرق والنيل الأبيض وهو الأكثر تضررا أولاً لأن تنظيم تدفق النهر سيمنع الفيضانات الموسمية وهو جزء لا يتجزأ من النموذج الزراعي المحلي وهو أمر خطير للغاية يحذر , وهذه المفاوضات توقفت والسودان يخوض غمار حرب أهلية شرسة مما يُسمي زورا قوات الدعم السريع التي إختلقها إختلاقاً الرئيس السوداني المُطاح به عمر البشير لحماية سلطته قبل نظامة كما أن مصر بدورها تواجه وضعاً داخلياً حرجاً للغاية إضافة لحرب غزة التي إطارها الصراع الفلسطيني / الصهيوني بعد تخلي العرب جهلاً منهم عن حصتهم في هذا الصراع الوجودي الذي دعمت فيه القوي الكبري صراحة وبوقاحة سياسة الكيان الصهيوني , وحتى الآن فشلت جميع جولات المفاوضات للحصول على التزام إثيوبيا بقبول شروط ملء الحوض، بما في ذلك الجولة الأخيرة التي انتهت في 19 ديسمبر2023 لتستمر التوترات في التصاعد في منطقة ربما لن تحتمل أزمات أخرى وحيث الإمكانية إن الصراع المسلح ليس فقط في الدول الثلاث المعنية ولكن أيضًا في العديد من الدول المجاورة ليس بالمسألة البعيدة وتحديداً بعد توقيع إثيوبيا مذكرة التفاهم مع صوماليلاند بشأن بربرة مع ما يعنيه هذان التطوران من تغييراً في الجغرافيا السياسة لمنطقتي القرن الأفريقي وحوض النيل السوداني المصري لصالح إثيوبيا إذ يوفر لها سد النهضة والمنفذ علي البحر الأحمر سيطرة وتحكماً تتكافئ مع ثقلها السكاني وبالتالي يوفر لها ذلك هيمنة واضحة بابلقرن الأفريقي وتناقصاً في قوة الدولة الشاملة في السودان وخصمها اللدود مصر, وقد إستطاعت إثيوبيا توجيه هاتين الضربتين الإستراتيجيتين رغم ضعفها النسبي فإثيوبيا لم تتعاف بعد من حرب السنتين (2020-2022) ضد القوات الانفصالية لولاية تيجراي وبالكاد تمكنت من احتواء محاولات انفصال ولاية أمهرة والتي إذا لم تنجح ستقع في سلسلة حروب إقليمية قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تفجير الوحدة الوطنية المهددة باستمرار, والمدهش أن مصر لم تع حتي الآن (متخذ أو صانه القرار بها أو كليهما) أن وراء بناء إثيوبيا لسد النهضة مؤامرة دولية فقد طلب الرئيس المصري منذ أكثر من ثلاث سنوات إدراج قضية الخزان على جدول أعمال الجامعة العربية والاتحاد الأفريقي دون جدوى وفي يوليو 2021 طلب – دون أن يلقى أي رد فعل حتى الآن – تدخل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة , وكنتيجة أصبحت مصر علي وشك الدخول في سلسلة إنهيارات داخلية تنتهي بذوبان السلطة السياسية بها للتحول إلي صومال أخري وسيلحق بها السودان كنتيجة .
إثيوبيا مثل قوي أخري إقليمية ودولية تذكي التيار الإنفصالي الداخلي في أرض الصومال فبض المُحللين السياسين يشبه وضع أرض الصومال بحركات أخرى مثل تلك الموجودة في كردستان واسكتلندا وكاتالونيا ويري أنه لا ضير من إتباعها مسار سبق أن إتبعته حركات إنفصالية نجحت في النهاية بدعم خارجيفي تحقيق الانفصال التام كحالة تيمور الشرقية وجنوب السودان , لكن لو نظرنا إلي مضمون الدستور الصومالي المؤقت يستوعب الحق في الانفصال فسنتحقق أنه لا يمنح الحق في الإنفصال مما يعزز وجهة نظر الصومال كجمهورية فيدرالية , وتؤكد وجهات نظر أخري أن الحق في تقرير المصير يقتصر على المجموعات التي تحددها خصائص فريدة مثل الجنسية أو الدين أو العرق وبهذا المنطق فإن مطالبة أرض الصومال بالانفصال تبدو غير مقبولة نظراً لعلاقاتها الثقافية المشتركة مع بقية الصومال ومع ذلك يمكن لأرض الصومال أن تتعارض مع هذا الرأي من خلال الإشارة إلى جيبوتي حيث شكلت أغلبية عرقية صومالية دولة مستقلة لكن يمكن الرد علي ذلك بأن فرنسا القوة المُستمرة لجيبوتي عملت علي سلخ جيبوتي سلخاً من الجسد الصومال قبل منح الإستقلال لهذا البلد وعمقت الفروق القبلية بين السكان , كما عملت إثيوبيا بعزم علي بقاء العوامل السلبية وتنميتها بين سكان عموم الصومال وهي نفس الفروق الموجودة في إثيوبيا نفسها وتعاني منها ومذكرة التفاهم تلك مع أرض الصومال تأتي في هذا السياق , هناك قاسم مُشترك بين إثيوبيا وأرض الصومال وفرت سبباً لفوز إثيوبيا في هذه الصفقة المشينة وهو أن كل من آبي أحمد وموسى بيهي مجرمي حرب لدور كل منهما في المذابح في تيجراي ولاس عانود .
هناك إحتمال مُرجح أن تؤدي مذكرة التفاهم الإثيوبية مع أرض الصومال لتفجر الأوضاع في الصومال والقرن الأفريقي بالتبعية ففي 14 يناير2024حذر حمزة عبدي بري رئيس الوزراء الصومالي إثيوبيا من التدخل في الأراضي الصومالية حسبما نقلت أذرنيوز نقلا عن وكالة الأناضول وأكد أن اتفاقية الوصول إلى البحر الموقعة في أول يناير2024 بين إثيوبيا وأرض الصومال باطلة وأكد أنه إذا تدخلت إثيوبيا في الأراضي الصومالية فعليها أن تتحمل العواقب وأضاف “لا يمكن لإثيوبيا أن تتدخل في الأراضي الصومالية وإذا حاولت مثل هذا التدخل فسوف تنسحب حاملة قتلاها ولا يمكن الحصول على الأراضي الصومالية بالأغاني أو التهديد” وكانت الحكومة الصومالية قد استدعت سفيرها من إثيوبيا بعد أن وقعت البلاد اتفاقية الوصول إلى البحر مع أرض الصومال التي أعلنت استقلالها من جانب واحد عن الصومال في عام 1991 .
يخدم إثيوبيا في مخططها في الصومال ضعف متخذي القرار حتي الآن في الصومال ف الرئيس حسن شيخ محمود مثلاً ألقي كلمة أمام البرلمان الصومالي في اليوم التالي لتوقيع مذكرة التفاهم وقدم قدراً كبيراً من العموميات البراقة التي تجنبت بذكاء معالجة القضية الحقيقية فقد أعلن بحماس أنه : “لا يمكن لأحد أن يبيع قدماً واحدة من أراضي الصومال” وتحدث في 5 يناير 2024 للمصلين في مسجد المجمع الرئاسي فكرر نفس الرسالة : “اسمي حسن شيخ محمد لدي سجل طويل والجميع يعرفني لن أبيع أبدًا قدمًا واحدة من أرض الصومال ولا يستطيع موسى بيهي ذلك “وقد تجلى الموقف الحقيقي للرئيس محمود في تقاعسه عن العمل فلم يذكر ولم يقدم شكوى رسمية تتهم إثيوبيا بتقويض سلامة أراضي الصومال أو “الشراء غير القانوني لأراض صومالية” كما أنه لم يعلق العلاقات الدبلوماسية مع تلك الدولة كما أنه لم يُطالب القوات الإثيوبية غير التابعة لبعثة المراقبة الجوية في الصومال والتي دعاها للمشاركة بحرية تعمل في الصومال للتسريح بسبب التهديد , وكل فعلته الصومال أنه في 16 يناير 2023 ناشدت حركة عدم الانحياز بشأن النزاع مع إثيوبيا وهذه الحركة عبارة عن تجمع لا يقدم ولايؤخريضم 120 دولة فقيرة ونامية اثنان في أوروبا و26 في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي و39 في آسيا و53 في أفريقيا , كما أعلنت الصومال في نفس اليوم عن أنها تؤيد سياسة الصين الواحدة رداً علي إعلان إثيوبي في 16 يناير 2024 يؤكد أن إثيوبيا تجدد دعمها لسياسة الصين الواحدة وكأن البلدين يتنافسان علي جذب الصين لدعم موقفهما تجاه مذكرة تفاهم أرض الصومال بشأن بربرة .
دور الإمــارات :
حظيت الصفقة التي تبلورت في مذكرة التفاهم المُوقعة في الأول من يناير 2024 بدعم واضح من دولة الإمارات العربية المتحدة التي لا تزال داعمًا قويًا لأبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا الذي كان القوة الدافعة وراء هذه الصفقة وفي وقت سابق من هذا من يناير2024 التقى المشير الإثيوبي برهانو جولا باللواء في أرض الصومال نوح إسماعيل تاني في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وهناك تكهنات بأنه إذا اعترفت إثيوبيا في نهاية المطاف بأرض الصومال فإن أبو ظبي يمكن أن تحذو حذوها بسرعة وقد سعت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل متزايد إلى توسيع نفوذها في القرن الأفريقي وغالباً ما تعمل خلف الكواليس لوضع نفسها بشكل إيجابي بين التحالفات والشراكات المتغيرة وكما ورد اشترت إثيوبيا في عام 2019 حصة قدرها 19 % في ميناء بربرة واحتفظت أرض الصومال بنسبة 30 % وتم التعاقد مع شركة دبي ومديرة الميناء موانئ دبي العالمية على الاحتفاظ بنسبة 51 % وقد تكون هذه الخطوة في أرض الصومال محاولة من جانب الإمارات العربية المتحدة لتنويع استثماراتها في الموانئ حيث يواجه ميناء عدن تحديات لوجستية كبيرة نتيجة لحملة الحوثيين ضد الشحن التجاري .
إن الإمارات وهي تفعل ذلك إنما تفعله علي سبيل الوكالة فهي دولة مهترئة من الداخل تكوينها الديموجرافي لا يعمل لصالحها علي الأمد الطويل وتحركها في إجاه الإستحواذ علي موانئ القرن الأفريقي والبحر الأحمر إنما يتم لحساب الكيان الصهيوني في الحسابات الختامية فهي دولة لا أخلاقية أحد روافد دخلها القومي الدعارتين الجسدية والسياسية وبينهما القمار فلا يمكن أن تكون دولة ما أخلاقية ولا أخلاقية في نفس الوقت , والمثير للتأمل أن يُعامل هؤلاء القابضون علي السلطة في هذه المشيخة التي تقف علي قدمين قدم في العصور الوسطي وأخري عند بورصة نيويورك معاملة الكبار وهم في الواقع أحداث إغراء, إن صفقة ميناء بربرة تمت بتمويل إماراتي ورضاء أمريكي (AFRICOM) ولكن هذا أيضاً يدعو المرء للتساؤل لماذا إستحوذت إثيوبيا علي بربرة كميناء تجاري وقاعدة بحرية مع إن إثيوبيا لن تحتاج إلى قاعدة بحرية في أرض الصومال أو في أي مكان آخر فليس لديها خط ساحلي للقيام بدوريات أو حماية من قوات برية و جوية كتلك التي تستخدمها معظم دول العالم لقواتها مالم تكن هناك نية لدي الإثيوبيين للتوسع وإستجلاب قوات برية وجوية لمساندة ودعم هذه القاعدة البحرية المُحتملة .
إن دور الإمارات في إنجاح صفقة ميناء بربرة ليست فقط لصالح الإثيوبيين وإنما لحلفاء إثيوبيا والإمارات الغربيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة والدليل علي ذلك أن الولايات المتحدة تدعم بشكل كامل صفقة إثيوبيا وأرض الصومال فالمنطقة الواقعة بين زيلع ولوجاي هي المكان الذي توجد فيه كتل النفط هيمال-1 وهيمال-2 التي حددتها شركة النفط الأمريكية شيفرون في الثمانينات وكذلك الحال بالنسبة لميناء Bulle Ade الطبيعي الذي كانت شركة Chevron تستخدمه في ذلك الوقت كما أن الولايات المتحدة تعمل على تعزيز مصالحها الجيوسياسية التي تتعارض في بعض الأحيان مع المصالح الاستراتيجية للصومال وسلامة أراضيها ويعد تعامل الولايات المتحدة المستقل مع أرض الصومال في قاعدة بربرة العسكرية مثالاً على ذلك , هذا وقد سرع من إتمام هذه الصفقة الدرس الذي يتعلمه الأمريكيون في اليمن علي يد الحوثيين فهجمات الحوثيين مستمرة علي القطع البحرية الصهيونية أو تلك التي تتعامل مع الصهاينة وكذلك مع البحرية العسكرية الأمريكية والبريطانية , ومن هنا كانت أهمية وتوقيت هذا الإتفاق الذي وافق عليه الأمريكيون ضمناً لأنهم مستفيدون هم والصهاينة منه ولذلك علي مصر أن تتوقع لو تحقق تنفيذ هذا الإتفاق وأستحوذت إثيوبيا علي قاعدة يحرية عسكرية في بربرة أن يجري تهميش القوة البحرية المصرية تماماً فإثيوبيا بسبب العون الأمريكي والتمويل الإماراتي لهذه الصفقة ستكون في خدمة تأمين الإستراتيجيتين العسكرية والصهيونية في البحر الأحمر من مدخله الجنوبي ويتحول الأسطول البحري المصري إلي أثر من بعد عين فلا سيطرة له علي مضايق تيران ولا يد طولي له في مدخل البحر الأحمر الجنوبي وستتناقص القدرة التهديدية لليمن إلي حد ما في مجالها الحيوي إلي في خليج عدن ومضيق باب المندب , فدول الخليج العربي تعمل بجد وإجتهاد علي تبديد القوة المصرية بكل الوسائل وما تماهي الإمارات المتحدة والسعودية علي تنفيذ الممر الأخضر من الهند وحتي حيفا علي البحر المتوسط إلا عملاً من أعمال التخريب والتنافسية الحادة لقناة السويس والتضامن وإرتباط المصالح مع شذاذ الآفاق في الكيان الصهيوني .
ومن بين التوترات الناتجة عن بشأن مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال بشأن ميناء بربرة استياء إريتريا من اتفاق أرض الصومال ومع شروط واستبعادها العام من اتفاق السلام بين إثيوبيا وجبهة تحرير تيجراي الشعبية وحشد إثيوبيا لقوات بالقرب من الحدود الإريترية في نوفمبر2023عادت المخاوف إلى الظهور من احتمال إشعال الصراع مرة أخرى في العام المقبل .
إن تحقيق رئيس الوزراء الإثيوبي حيازة منفذ إثيوبي علي البحر الأحمر أكملت حلقة القوة الإثيوبية فبعد إقثترابه من إحكامه السيطرة علي مصر والسودان إستطاع الوصول للبحر الأحمر الذي حُرمت إثيوبيا من الإطلال عليه بعد أن إستقلت إرتريا في ابريل عام 1993 , كما أن مذكرة التفاهم مع صوماليلاند إستطاع أبي أحمد بها إستعادة جزء من قوته المُستنفذة فنظرًا لعدم قدرته على الاحتفاظ بقاعدة الدعم التي ساعدته خلال حربه مع منطقة تيجراي وابتلاءه بتناقص الأمن الداخلي والأزمات الاقتصادية الخانقة فقد لجأ إلى مشروع الوصول إلى الميناء باعتباره نقطة تجمع جديدة وإلتفاف الشعب أو قطاع منه حوله مجدداً .
مــــواقف أخري مُـــعلنــة :
حتي اليوم 15 يناير2024 لم تعلن روسيا مــوقفها من مذكرة التفاهم الإثيوبية مع أرض الصـومال ومن المتصور أن هذا مرجعه للروابط الروسية مع إثيوبيا , وقد تدخلت روسيا لأول مرة في النزاع القائم بين الصومال وأرض الصومال عندما دعاهماVassiliy Nebenzia مندوب روسيا الدائم لدي مجلس الأمن في مستهل ديسمبر 2020 للعودة إلى طاولة النقاش والبحث عن حل وسط لخلافتهما , مُعرباً عن قلق بلاده إزاء انهيار الجولة الثانية من المحادثات بين وفدي الصومال وصوماليلاند في أغسطس2020 .
تحاول الولايات المتحدة بيان موقف جدي لها حول هذه المسألة ففي 16 لايناير يناير2024 قال مسؤولون في الإدارة الأمريكية إن البيت الأبيض يرى مخاوف تتعلق بالأمن القومي في الاتفاق الأخير الذي يمنح إثيوبيا حقوق تأجير ساحل البحر الأحمر في منطقة أرض الصومال الانفصالية في الصومال لكن الخبراء شككوا في التزام واشنطن وقدرتها على تهدئة التوترات في المنطقة المضطربة وقال جون كيربي مدير الاتصالات الاستراتيجية لمجلس الأمن القومي لإذاعة صوت أمريكا إن واشنطن تعمل مع شركاء في المنطقة – بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية المكونة من ثمانية أعضاء – للضغط ضد مذكرة التفاهم غير الملزمة التي تعتبرها الحكومة الصومالية ومقرها مقديشو غير شرعية وأضاف كيربي إن الوضع يشكل مصدر قلق للأمن القومي لأنه قد يشجع مسلحي حركة الشباب الإسلامية التي طالما كانت الخصم الرئيسي في الحرب الأهلية الوحشية في الصومال ثم قال : “ما يقلقنا بشكل خاص هو أن [مذكرة التفاهم] الموقعة مؤخرًا بين إثيوبيا وأرض الصومال تهدد بتعطيل القتال الذي يشنه الصوماليون والأفارقة والشركاء الدوليون الإقليميون بما في ذلك نحن ضد حركة الشباب” وأشار إننا “لا تزال حركة الشباب تمثل تهديدا إرهابيا حقيقيا في المنطقة بلا شك ولا نعتقد أن المنطقة قادرة على تحمل المزيد من الصراع ونحن بالتأكيد منزعجون كما قلنا مرات عديدة نحن ندعم سيادة الصومال ووحدة أراضيه ويجب احترام ذلك”ثم أشارفي حديثه إلى إذاعة صوت أمريكا من مدينة جاروي الشمالية الشرقية : “كنا نظن أننا تعافينا من هذا الصراع والتاريخ السيئ وفي الآونة الأخيرة كنا نعمل من أجل تحقيق تعاون كبير وانفتاح في القرن الأفريقي على بعضنا البعض ولكن الآن هذه الخطوة المضللة من جانب إثيوبيا تعرض كل ذلك للخطر وتعيدنا إلى أيام الصراع والمواجهة العنيفة إنها تخاطر المنطقة برمتها وأمن المنطقة” وفي الواقع أن قدر التنسيق الكبير بين إثيوبيا والولايات المتحدة في الصومال خاصة والقرن الأفريقي عامة لا يدع إلا القليل من القدرة علي هضم كلام الإدارة الأمريكية سالف الإشارة إليه , وقد قال مايكل والش وهو زميل بارز في برنامج أفريقيا في معهد أبحاث السياسة الخارجية ومقره الولايات المتحدة : “أصبح مضيق باب المندب نقطة تفتيش متنازع عليها بشكل متزايد”و أوضح أن أديس أبابا تريد بوضوح حماية سلاسل التوريد الإثيوبية من خلال تجنب الاعتماد على الموانئ في دولة جيبوتي الساحلية الصغيرة المتضررة من الصراع في اليمن وأن “إدارة أبي أحمد لديها الرغبة في إعادة تأسيس إثيوبيا كقوة بحرية إنها تدرك أن هناك فراغًا في القوة البحرية الإقليمية وهذا من شأنه أن يوفر طريقة ليس فقط لإبراز القوة العسكرية والنفوذ العسكري القريب من الشاطئ بسرعة عبر جميع أنحاء البلاد وأنها سوف توفر طريقا طويل الأجل لتصبح قوة بحرية إقليمية مهيمنة “.
علي جانب آخرأعربت الصين في 15 يناير2024عن دعمها لحكومة الصومال وسط جدل حول اتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال التي تعتبرها مقديشو مقاطعة انفصالية , وفي 13 يناير2024 دعت الصين إلى احترام “سلامة أراضي الصومال” بعد أن أثار اتفاق بحري بين إثيوبيا ومنطقة أرض الصومال الانفصالية توترات إقليمية وجاء في منشور على موقع X للسفارة الصينية في الصومال نقلاً عن ماو نينج المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية أن “أرض الصومال جزء من الصومال”وأضافت أن “الصين تدعم الحكومة الفيدرالية الصومالية في حماية الوحدة الوطنية والسيادة والسلامة الإقليمية” مضيفة “نأمل أن تتعامل دول المنطقة مع الشؤون الإقليمية بشكل جيد من خلال الحوار الدبلوماسي” .
كان الموقف التركي من مذكرة التفاهم الإثيوبية مع أرض الصومال بشأن بربرة ســـريــع إذ أُعلن في 4 يناير 2024على لسان المتحدث باسم خارجيتها أونجو كتشالي أن تركيا قلقة إزاء مذكرة التفاهم للشراكة والتعاون الموقعة بين إثيوبيا وإقليم “أرض الصومال” الانفصالي وأكدت أنقرة من جديد التزامها وحدة الصومال وسيادته وسلامة أراضيه , وأضاف: “نتمنى حل الخلافات بين الصومال وأرض الصومال من خلال المفاوضات المباشرة بين الصوماليين، ونكرر دعمنا للمبادرات في هذا الصدد”, هذا وقد ناقش الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في اتصال هاتفي في 5 يناير2024مع نظيره الصومالي حسن شيخ محمود العلاقات الثنائية بين البلدين وقضايا إقليمية وعالمية وخلال الاتصال ناقشا العلاقات التركية-الصومالية ومكافحة الإرهاب والقضايا العالمية والإقليمية حسب دائرة الاتصال في الرئاسة التركية وأكد أردوغان أن تركيا تقف إلى جانب الصومال في حربه ضد الإرهاب وأن التعاون بين البلدين سيستمر بشكل متزايد وذكر أيضاً أن “التوتر المثير للقلق بين الصومال وإثيوبيا يجب أن ينتهي على أساس سلامة أراضي الصومال .
أُعلن في 10 يناير2023 أن الرئيس المصري وجه دعوة للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود لزيارة مصر وأن وفداً رفيع المستوي زار مقديشيو ونقل هذه الدعوة , وفي وقت سابق علي الزيارة أعلنت مصرمطلبها إزاء “التحركات والإجراءات” التي تقوض استقرار الصومال والقرن الإفريقي ومن جانبها أكدت وكالة الأنباء الصومالية أن الرئيس حسن شيخ محمود سيزور مصر خلال الأيام المقبلة لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين بالإضافة إلى الأطماع الإثيوبية على الأراضي الصومالية وأكدت الوكالة الصومالية أن مصر تعد من الدول البارزة التي رفضت بشدة الإطماع الإثيوبية والتأكيد على حماية وحدة وسيادة الصومال على كامل أراضيها وأوضحت الوكالة أن الزيارة تأتي تلبية لدعوة دعوة رسمية من نظيره المصري لزيارة مصر وقد أعرب الرئيس الصومالي عن شكره وتقديره للحكومة المصرية على دعمها الكامل للصومال وكانت قد أكدت جمهورية مصر العربية على لسان وزارة الخارجية ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها مشددة على معارضتها لأية إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية ومؤكدة في الوقت ذاته على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده .
دعت جيبوتي إلى عقد قمة استثنائية لرؤساء دول وحكومات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) المقرر عقدها في 18 يناير 2024 حسبما صرحت مصادر مطلعة في أمانة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) لصحيفة The Reporter وبحسب المصدر فإن الأمانة العامة للإيجاد(وهي منظمة شبه وهمية) برئاسة ورقنيه جيبيهو وزير الخارجية الإثيوبي السابق ستلعب دورًا تيسيريًا في القمة وقال المصدر موضحاً المخاوف الرئيسية لدى إيجاد: “إن [اقتراح إنشاء] قاعدة عسكرية في الواقع هو الذي أحدث الفوضى لأنها ستكون في مكان ليس دولة ذات سيادة” “القواعد العسكرية للدول الأخرى في المنطقة تقع في دول ذات سيادة” وأعرب الأمين التنفيذي ورقنيه الأسبوع الثاني من يناير2024 عن “قلقه العميق بشأن التطورات الأخيرة في العلاقات بين إثيوبيا والصومال” وقال إنه “يراقب الوضع بجدية”وردت الحكومة الصومالية على بيانه بالمطالبة بالاعتذار والانسحاب الفوري بدعوى التحيز كما أبدى كبار المسؤولين في الحكومة الإثيوبية استياءهم من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) حسبما أبلغت مصادر في وزارة الخارجية صحيفة ذا ريبورتر وقد أعربت عدة حكومات عن دعمها للصومال خلال 12 يومًا منذ توقيع مذكرة التفاهم .
مذكرة الــتفاهم الإثيوبية مع أرض الصومال بـدايـة عودة إضطراب الأوضاع في الصـومال :
في أكتوبر2023بثت وسائل الإعلام الإثيوبية خطابا مسجلا مسبقا لرئيس الوزراء أبي أحمد أمام البرلمان الإثيوبي في 13 أكتوبر2023 ركز فيه على أهمية الوصول إلى البحر الأحمر وأكد فيه أن إثيوبيا لها حق تاريخي في ساحل البحر الأحمر وذلك إقتداء بنماذج جميع الحكام الإثيوبيين الإمبراطوريين الذين سبقوه الذين بحثوا عن طريق إلى البحر بل لقد هدد بتهور بالذهاب إلى الحرب من أجل ذلك (آبي أحمد لا يسيطر حتى على 70% من بلاده لذا فإن الذهاب إلى الحرب للحصول على المزيد من الأراضي يعد فكرة سخيفة إذ تقاتله حركة فانو وهي إحدى مليشيات الأمهرة في إقليم أمهرة وتسيطر ميليشيات الأورومو على معظم إقليم أوروميا) ,
إن أوضاع إثيوبيا الداخلية علي الصعيد الإقتصادي أيضاً ليست مواتية لخوض حرب حتي لو كانت مع دولة ضعيفة كالصومال ففي ظل المعاناة الاقتصادية والقلق من الخلافات الجديدة مع الصومال لم تكن الأيام الأولى لإثيوبيا كعضو جديد في مجموعة البريكس سهلة على الإطلاق فقبل وقت قصير من العام الجديد صنفت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني ومقرها الولايات المتحدة إثيوبيا على أنها “تخلف مقيد” بعد أن فشلت الحكومة في أديس أبابا في دفع أقساط استرداد سندات اليورو تنبع المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها إثيوبيا جزئيا من حربها التي استمرت عامين في إقليم تيجراي الشمالي حيث قاتلت تشكيلات متمردة مثل الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بدعم من الحكومات الإقليمية ضد قوات أديس أبابا وإريتريا في صراع أسفر عن مقتل مئات الآلاف وتشريد الكثير وقد قدرت أديس أبابا تكاليف إعادة الإعمار بمبلغ 20 مليار دولار (18 مليار يورو) كما غيرت الحرب نظرة الغرب إلى رئيس الوزراء آبي أحمد الحائز على جائزة نوبل للسلام لعام 2019فبحسب لوكاس كوبفيرناجل رئيس مكتب إثيوبيا لمؤسسة كونراد أديناور (KAS) المقربة من المعارضة الألمانية المحافظة المسيحية الاتحاد الديمقراطي “أن من بين أمور أخرى خفضت الولايات المتحدة التعاون التنموي المباشر إلى الحد الأدنى ولم تحذ ألمانيا حذوها وواصلت دعم أديس أبابا الأمر الذي حظي بتقدير كبير من إثيوبيا لكن الحرب الأهلية أدت إلى نقص الطرق التجارية” كذلك أوضح كوبفيرناجل قال لـ DW “أنه وبعد مرور عام على انتهاء الحرب أصبح من الواضح أن الكثير قد تعرض للتدمير خاصة في القطاع الزراعي و المجاعة تهدد في تيجراي وأمهرة المجاورة” كذلك يُذكر في هذا السياق أن إثيوبيا تجري عملية التفاوض على حزمة مساعدات مع صندوق النقد الدولي لتعزيز اقتصاد البلاد المتعثر.
في ضوء ما تقدم فإن المؤكد أن آبي أحمد يعي مسبقاً هذه الأوضاع الإقتصادية الصعبة ويعي أن توقيع أرض الصومال مذكرة تفاهم تتيح لهم إستغلال 20كم مربع من ميناء بربرة حول مدينة لوجايا الساحلية لمدة 50 عامً أمر خطير (في مدينة لوجايا الساحلية في أودال حمل الشباب السلاح متعهدين بحماية سيادة الأراضي والمياه الصومالية من إثيوبيا ومن هناك يمكن أن يندلع صراع مسلح في أي وقت كما عُلم أن كتائب من جيش أرض الصومال في طريقها إلى هذه المدينة التي ستكون موضعاً لقاعدة بحرية إثيوبية) والخطورة هنا هو أن تؤدي الخطوة الإثيوبية إلي إندلاع حرب مع الصومال كله قدتؤدي إلي تحطيم الدولة الإثيوبية نفسها فهو بالتأكيد في غيه هذا يراوده حلم إمبراطوري للإستيلاء علي الصومال نفسه ويشير البعض من المختصين أن الشروط غير المكتوبة في مذكرة تفاهم أول يناير2024تنص على أن إثيوبيا ستحصل على الملكية الكاملة للميناء بالإضافة إلى مساحات شاسعة من الأراضي في منطقة أودال المؤدية إلى الساحل وبالتالي فمن المُرجح أن تتداعي بسبب مذكرة التفاهم هذه تداعيات متتالية سلبية وربما عنيفة في عموم أجزء الصومال الثلاث الصومال وأرض الصومال وبونتلاند وبالتالي فإثيوبيا تحسبت لهذه التداعيات , فعلي سبيل المثال وكرد أولي أعرب الجنرال عبد الله علي كنود المتحدث باسم وزارة الدفاع الصومالية في 6 يناير 2024 عن قلقه بشأن مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال مشيرًا إليها باعتبارها حافزًا لأنشطة شبيهة بالتمرد داخل أرض الصومال وإثيوبيا ففي مقابلة يوم 4 يناير2024 مع محطة تلفزيون صومالية محلية في مقديشو كشف الجنرال كنود أنهم تعاملوا مع جنود سابقين خارج الخدمة في هرجيسا وبوركو وأودال في أرض الصومال وأشار إلي أن هؤلاء الجنود السابقين مستعدون لحمل السلاح ضد الرئيس موسى بيهي ومقاومة مذكرة التفاهم الموقعة مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وبالإضافة إلى ذلك أفاد الجنرال كنود أن هناك مكالمات أجراها مع أفراد سابقين في الجيش الصومالي في جيجيجا والذين كانوا جنودًا سابقين في النظام العسكري الصومالي وعلى الرغم من كون جيجيجا تابعة للمنطقة الصومالية التابعة لإثيوبيا فقد أكد استعدادهم للانخراط في حرب تمرد ضد أديس أبابا ولم يتم تحديد تفاصيل إطلاق التمرد الصومالي في جيجيجا وفي معرض حديثه عن قوة الجيش الصومالي الحالي أكد الجنرال كنود : “لن ننتظرإذ أنه يمكننا أيضًا أن نبدأ بلواء واحد” وكشف عن التواصل مع القوات الصومالية السابقة في الشتات وحثهم على العودة والقتال من أجل وطنهم .
إن رئيس جمهورية أرض الصومال المزعومة موسى بيهي عبدي الذي وقع مذكرة التفاهم يتولى منصبه بفترة ولاية منتهية الصلاحية وفي العام الماضي خسر أيضاً أكثر من ثلث الأراضي التي كان يحكمها لصالح الجماعات الوحدوية التي تريد الانضمام مرة أخرى إلى الصومال وهناك عدد أكبر من الوحدويين المتمردين كما أن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد بدوره يواجه مشاكل خطيرة في الداخل الإثيوبي حيث يقاتل العديد من الفصائل المتمردة المسلحة لذلك فهما رجلين يائسين بنفس القدر وكلاهما يعمل بدون تفويض واسع أو مستقر وكل منهما بحاجة ماسة إلى حل سريع يمكن أن يغير مصيره السياسي أصبح آبي أكثر عدوانية العام الماضي عندما أكد أن بلاده تستكشف جميع الخيارات لتأمين الميناء عن طريق المفاوضات الدبلوماسية أو بالوسائل العسكرية ويعلم موسى أن السلطة لا تزال تفلت من بين يديه وما لم ينجح في تأمين الاعتراف بأرض الصومال فلن تكون لديه فرصة للبقاء في السلطة .
إضطـــراب الأوضـــاع في أرض الــصومـــال :
علي جانب صوماليلاند فمن المهم النظر إلي أنه مع قرار رئيسها موسى بيهي عبدي (الذي ظل في منصبه دون انتخابات منذ انتهاء فترة ولايته في نوفمبر 2022) بالتوقيع مع الإثيوبيين علي مذكرة التفاهم التي إتاحت لهم وهم أعداء الصومال كله التاريخيين تسليم جزء من الأراضي الانفصالية إليهم طواعية مقابل مغريات لم تتحقق بعد , إذ يؤكد عبدي أنه مقابل وصول القوات البحرية الإثيوبية إلى البحر لمسافة 20 كم مربع والتي تم تأجيرها لمدة 50 عامًا ستعترف إثيوبيا رسميًا بجمهورية أرض الصومال مما يشكل سابقة كأول دولة تقدم الاعتراف الدولي لبلدنا (ربما يعتقد رئيس أرض الصومال المزعومة أن الإعتراف لابهم كدولة يكافئ إستقدام إثيوبيا العدو التاريخي لكل شعب الصومال وهذه خطيئته التي ستهوي به لجرف هار ) , لكن من المهم الإلتفات إلي غدر متوقع من الجانب الإثيوبي في هذا الشأن فقد أوضحت إثيوبيا الطبيعة المحدودة لالتزامها الذي قدمته لأرض الصومال فقد قال مستشار شؤون الأمن القومي رضوان حسين إن إثيوبيا “لن تفكر في اتخاذ موقف بشأن الاعتراف بأرض الصومال كدولة ذات سيادة” إلا بعد “إتمام الاتفاق” و”تسلم إثيوبيا الأرض” , وقد إتخذ الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (مقديشيو) في 6 يناير2024 قراراً بتوقيع قانون “يلغي مذكرة التفاهم غير القانونية” , لكن علي أي الأحوال فبسبب هذه المذكرة سيُفقد نظام أرض الصومال الانفصالي دعم قاعدته الشعبية الرئيسية المؤيدة للانفصال , فحتي اليوم 14 يناير2024 كلفت هذه المذكرة المشؤومة رئيس جمهورية أرض الصومال المزعومة إستقالة وزير الدفاع عبدي كاني محمود عطية في 7 يناير2024 كما انتقد وزير التجارة محمد حسن ساجين عبدي لكونه طرفًا في خطة إثيوبيا المزعومة لضم جزء من أرض الصومال , ولم تؤد مذكرة التفاهم إلى إثارة المخاوف بشأن الصراع المحتمل بين الصومال وإثيوبيا الذي يمكن أن يزيد من زعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي فحسب بل أدت أيضًا إلى أزمة داخلية تتعلق بشرعية النظام الانفصالي في أرض الصومال حتى في المدن التي تعتبر معاقله هذا بالإضافة للغضب الشعبي الكاسح والمُعلن , ففي عاصمة أرض الصومال وأكبر مدنها هرجيسا اندلعت الاحتجاجات في اليوم التالي مباشرة بعد توقيع مذكرة التفاهم وأُبلغ عن اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن التي كانت تحاول تأمين نقاط دخول المدينة من خلال إقامة نقاط تفتيش مما أدى إلى توقف حركة المرور تقريبًا في 8 يناير2024وفي وقت سابق من يوم 6 يناير2024 داهمت قوات الأمن مقر قناة MM الصومالية في هرجيسا بعد أن استضافت نقاشًا حول مذكرة التفاهم كما قامت قوات الأمن بإتلاف معداتها والاستيلاء عليها كما اعتدت على العديد من الصحفيين ثلاثة منهم على الأقل بمن فيهم الرئيس التنفيذي للشبكة تم تعصيب أعينهم واقتيدوا بالقوة إلى مكان غير معلوم كما تشهد العديد من المدن الأخرى أيضًا اضطرابات بما في ذلك بوركو ثاني أكبر مدينة في أرض الصومال حيث خرج الآلاف إلى الشوارع للاحتجاج على مذكرة التفاهم فتاريخياً دعم سكان كل من هرجيسا وبوركو إلى حد كبير الانفصال عن الصومال لكنهم الآن أمام موقف جديد ربما يدعوهم للنكوص عن هذا الرأي , كما حملت القوات الوحدوية في منطقة أودال الغربية التي كانت تنظم بالفعل صراعاً لتحرير نفسها من جمهورية أرض الصومال المعلنة ذاتياً وإعادة توحيدها مع الصومال السلاح فهناك الآن صراع مسلح يختمر في الغرب في وقت تقلصت فيه مساحة أرض الصومال بالفعل إلى أقل من نصف حجمها السابق بعد أن خسرت أمام الاتحاديين سيطرتها على المنطقة الشرقية من سول وسناج وكاين عام2023, ومع قرار تسليم جزء من الأراضي الانفصالية إلى إثيوبيا فإن نظام عبدي معرض لخطر فقدان قاعدة الدعم الرئيسية المؤيدة للانفصال الذي يعتبر قاعدة شرعية حكمه في الوقت الذي ينظم فيه معارضوه الوحدويون للاستيلاء على أودال في الغرب (من بين 76 ألف كيلومتر مربع ظلت تحت سيطرة أرض الصومال الانفصالية منذ تحرير اللجنة الأمنية العليا تبلغ مساحة منطقة أودال الغربية حيث تتطور حركة اتحادية مماثلة منذ ذلك الحين في أكثر من 21 ألف كيلومتر مربع) .
بعد هزيمة جيش أرض الصومال في الحرب التي استمرت معظم عام 2023 شكلت القوات الوحدوية في اللجنة الأمنية العليا ولاية خاتومو التي هي الآن في طور إعادة الاندماج مع الصومال بدأت الاحتجاجات الوحدوية من أجل إعادة التوحيد مع الصومال في نهاية ديسمبر 2022 في لاس عانود عاصمة منطقة سول والتي أصبحت الآن العاصمة الإدارية لولاية خاتومو وبحلول الأيام الأولى من يناير 2023 قتلت قوات الأمن في أرض الصومال ما لا يقل عن 20 متظاهراً وفي أعقاب عمليات القتل هذه نظم النقابيون ميليشيات مسلحة وأجبروا قوات أرض الصومال على التراجع إلى ضواحي المدينة وفي وقت لاحق من ذلك الشهر عقد الناشطون وأعضاء المجتمع المدني وشيوخ العشائر السائدة في منطقة اللجنة الأمنية العليا مؤتمراً في المدينة اختتم في الأسبوع الأول من شهر فبراير بتمرير إعلان لاس عنود وأعلنت : “نحن لسنا جزءًا من إدارة أرض الصومال ولم نوافق أبدًا على برنامج الانفصال أو نشارك فيه على الرغم من أن إدارة أرض الصومال تحاول فرضه علينا بما يتعارض مع الأعراف والقوانين الدولية” ومع إعلان اللجنة الأمنية العليا جزءًا من الصومال واعتبار وجود “إدارة أرض الصومال الانفصالية” في أراضيها “غير قانوني”، انتخب المؤتمر لجنة لإدارة المنطقة بشكل مستقل في الفترة الانتقالية حتى اكتمال إعادة الاندماج مع الصومال وأضافت أن القوات الوحدوية التابعة للجنة الأمنية العليا “لم تصد الهجوم فحسب بل طاردت جيش أرض الصومال وطوّقت في نهاية المطاف قاعدتهم في جوجاكاد” التي كانت مركز قيادة عدة قواعد أصغر أخرى حول المدينة وتستضيف حوالي 100 ألف جندي في المجمل وبعد اجتياح كل هذه القواعد المحيطة بـلاس عانود والتقدم لمسافة 100 كيلومتر شمال غرب إلى أوج حيث أسرت القوات الوحدوية 260 جنديًا من جيش أرض الصومال إلى جانب قائد قاعدة جوجاكيد الجنرال فيصل عبدي بوتان وتم أيضًا الاستيلاء على المعدات العسكرية المهجورة بما في ذلك شاحنات النقل والدبابات والعربات المدرعة وقاذفات الصواريخ والمدافع الرشاشة التي تم الحصول عليها مؤخرًا من جيبوتي”, وفي حين دعا رئيس اللجنة الأمنية العليا فيرديي في وقت لاحق إلى التفاوض “حتى نتمكن من مناقشة احترام الحدود بيننا” تعهد رئيس أرض الصومال موسى بيهي عبدي “بالانتقام” ونشر المزيد من القوات على خط المواجهة في أوج في سبتمبر2023ومع ذلك استمر جيش أرض الصومال في خسارة الأرض وبعد مناقشة استمرت 10 أيام في مقديشو دعت الحكومة الصومالية فرديهي ووفده الدبلوماسي ودعمت جمهورية الصومال الفيدرالية رسميًا إعلان لاس عنود في أكتوبر2023 ووافقت فعليًا على إعادة دمج اللجنة الأمنية العليا كجزء من إدارتها وقالت إن الحكومة الصومالية بدأت منذ ذلك الحين العمل على وضع المناهج التعليمية في منطقة جنوب السودان – خاتومو وتدريب قوات الشرطة التابعة لها وبحلول نوفمبر2023 كانت قوات ولاية خاتومو قد طردت جيش أرض الصومال من منطقة اللجنة الأمنية العليا بأكملها التي تمتد على مساحة تبلغ حوالي 100 ألف كيلومتر مربع أي أكثر من نصف المساحة التي كانت تحت سيطرة أرض الصومال والتي تبلغ 176 ألف كيلومتر مربع , وبدأت إدارة SSC-Khaatumo أيضًا في فرض الضرائب في ذلك الشهر وانشق النائب الثالث لرئيس الحزب الحاكم في أرض الصومال حسين عدن، وعبر للانضمام إلى إدارة اللجنة الأمنية العليا – خاتومو في نوفمبر2023 بعد خمسة أشهر من قيام رئيس برلمان أرض الصومال عبد الرزاق خليف أحمد بنفس الشيء وبمساعدة الصوماليين في الشتات بدأت الإدارة في إعادة تأهيل السكان وإعادتهم إلى لاس عانود بحلول ديسمبر2023 وأصبحت المدينة “تشهد حاليا عملية إعادة إعمار سريعة” مضيفة أن المدارس أعيد فتحها أيضا .
لم تؤد مذكرة التفاهم إلى إثارة المخاوف بشأن الصراع المحتمل بين الصومال وإثيوبيا الذي يمكن أن يزيد من زعزعة الاستقرار في القرن الأفريقي فحسب بل أدت أيضًا إلى أزمة داخلية تتعلق بشرعية النظام الانفصالي في أرض الصومال حتى في المدن التي تعتبر معاقله وفي عاصمة أرض الصومال وأكبر مدنها هرجيسا، اندلعت الاحتجاجات في اليوم التالي مباشرة بعد توقيع مذكرة التفاهم تم الإبلاغ عن اشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن التي كانت تحاول تأمين نقاط دخول المدينة من خلال إقامة نقاط تفتيش مما أدى إلى توقف حركة المرور تقريبًا في 8 يناير 2024
في أعقاب مذكرة التفاهم خرج آلاف المتظاهرين الذين هتفوا “بحرنا ليس للبيع وأرضنا ليست للبيع” إلى الشوارع في بوراما عاصمة أودال حيث ورد أن قوات الأمن التي نشرها عبدي تتنقل من بيت إلى بيت وتنفذ حملة من القمع اعتقالات جماعية وفي مدينة لوجايا الساحلية في أودال ورد أن إثيوبيا عرضت عليها قاعدة عسكرية في مذكرة التفاهم وحمل الشباب السلاح متعهدين بحماية سيادة الأراضي والمياه الصومالية من إثيوبيا ويمكن أن يندلع صراع مسلح هنا في أي وقت ويُزعم أن كتائب من جيش أرض الصومال في طريقها إلى هذه المدينة , فحتى قبل مذكرة التفاهم كان سكان أودال الذين انضموا إلى جيش أرض الصومال قد تركوا مواقعهم وعادوا للمساعدة في تحقيق التطلعات الوحدوية لمنطقتهم بناءً على دعوة حركة ولاية أودال (ASM) التي تم إنشاءها في أوائل سبتمبر 2023 في مؤتمر عُقد في أوتاوا كندا وقد حضر الحفل عبر الإنترنت المئات من أعضاء الشتات وحضره فعليًا نشطاء وقادة المجتمع المدني من قبيلة أودال إلى جانب شيوخ قبيلة جادابورسي وهي العشيرة المهيمنة في المنطقة , وقد عارضت قبيلة جادابورسي إلى جانب دولبهانت ووارسانجيلي في منطقة جنوب السودان تاريخيًا الانفصال عن الصومال فقط كانت ومازالت عشيرة إسحاق السائدة في المنطقة الواقعة بين أودال واللجنة الأمنية العليا هي التي أرادت الانفصال ويشكل أعضاؤها إلى حد كبير الحركة الوطنية الصومالية التي حاربت الجيش الصومالي في الحرب الأهلية التي انتهت عام 1991 بانهيار الحكومة الفيدرالية الصومالية (نظام سياد بري) وفي أعقاب هذا الانهيار اجتمع زعماء هذه العشائر الأربع الرئيسية في بوراما عاصمة أودال في عام 1993″لإقامة نظام في المنطقة الشمالية من الصومال حتى يعود السلام في الجنوب ومع ذلك اختطفت عشيرة إسحاق المؤتمر وأعلنت أرض الصومال منفصلة وهو الأمر الذي لم توافق عليه العشائر الأخرى أبدًا ومنذ ذلك الحين سيطرت قبيلة إسحاق على إدارة أرض الصومال في حين تم تهميش البقية وكانت المناطق التي يسكنونها إلى حد كبير متخلفة وتم إغلاق مطار بوراما في عام 2000 كما تم إغلاق ميناء زيلع .
حذر الرئيس الصومالي في 8 يناير2024من أنه سيتخذ “جميع الإجراءات اللازمة” للدفاع عن بلاده إذا اتخذت إثيوبيا المجاورة خطوات أخرى نحو تأمين المرور المباشر إلى البحر الأحمر عبر أرض الصومال وهي منطقة انفصالية عن الصومال وفي حديثه بعد وقت قصير من إبطاله رسميا اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال لاستئجار ممر بحري دعا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود المدنيين الصوماليين في الخارج والداخل للدفاع عن البلاد ضد أي توغل وبينما أعلنت أرض الصومال استقلالها من جانب واحد في عام 1991 لا تزال الصومال تعتبرها جزءًا من البلاد وقال للبرلمانيين : “من الضروري أن يدافع جميع الصوماليين الذين يعيشون في مناطق بعيدة مثل مينيسوتا وجيجيجا في إثيوبيا ونيروبي والصوماليين الذين يعيشون داخل البلاد عن بلادهم على قدم المساواة” في إشارة إلى الأماكن التي يوجد بها جالية صومالية كبيرة “هذا هو الشيء الوحيد الذي سيوحدنا.” وقال محمود إن إثيوبيا “لن تكون قادرة على الاستيلاء على جزء من الأراضي الصومالية المستقلة وسنتخذ جميع الإجراءات اللازمة للدفاع عنها” مضيفًا أن الصومال تسعى للحصول على المساعدة من جهات أجنبية غير محددة , وبعد كلمته تلك سافر لإجراء محادثات مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي لمحاولة حشد الدعم الإقليمي .
إتصالاً بإضطراب الوضع في صوماليلاند (أرض الصومال) فقد دخلت قوات الأمن في أرض الصومال بالقوة مقر قناة MM الصومالية واعتدت على الصحفيين وأنهت فجأة مناظرة متلفزة على X space بالإضافة إلى إتلاف معدات البث أثناء مداهمة في 6 يناير2024 وقد انضم الاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ) إلى شركته التابعة الاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين (NUSOJ) في إدانته لهذه الأعمال باعتبارها ضربة فظيعة لحرية الإعلام وطالب بالإفراج الفوري عن الصحفي محمد عبدي شيخ الرئيس التنفيذي لقناة MM الصومالية التلفزيونية الذي لا يزال رهن الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي وكذلك الصحفيين الآخرين الذين وتم القبض عليهم معه خلال المداهمة وتم إطلاق سراحهم دون توجيه أي اتهامات لهم وخلال المداهمة تعرض الصحفيون وموظفو قناة MM TV الصومالية للعنف الجسدي وتعمدت قوات الأمن إتلاف العديد من المعدات بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر والكاميرات بالإضافة إلى ذلك تمت مصادرة بعض المعدات ومصادرتها , وحصل الاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين في وقت لاحق على تقارير موثوقة تفيد بأن الصحفيين الذين تم احتجازهم في حجز أجهزة استخبارات أرض الصومال تعرضوا لاستجوابات تنطوي على تعذيب في محاولة لانتزاع اعترافات كاذبة وبالإضافة إلى ذلك تم فحص هواتفهم وحساباتهم المصرفية من قبل عملاء المخابرات وقد بدأ مسؤولو أرض الصومال هذا الهجوم بسبب مخاوف بشأن مناظرة متلفزة بشأن علاقات أرض الصومال مع إثيوبيا بعد مذكرة التفاهم الموقعة بين إثيوبيا وأرض الصومال في 1 يناير 2024 والتي أشعلت توترات دبلوماسية بين الصومال وإثيوبيا مما أدى إلى رفض الصومال وإبطال الاتفاقية وقد أثار هذا النزاع أيضًا احتجاجًا شعبيًا قويًا ورد فعل عنيف من الصوماليين في جميع أنحاء العالم مطالبين الحكومة الفيدرالية الصومالية باتخاذ إجراءات سريعة وعلى صعيد متصل حذر وزير إعلام أرض الصومال علي حسن محمد بشكل خاص الصحفيين المستقلين ووسائل الإعلام الخاصة صباح يوم 6 يناير 2024 من مناقشة القضايا الناشئة عن مذكرة التفاهم ويعتقد الصحفيون المحليون أن هذه محاولة لقمع الأصوات المعارضة وخنق الخطاب العام .
تشهد العديد من المدن الأخرى أيضًا اضطرابات بما في ذلك بوركو ثاني أكبر مدينة في أرض الصومال حيث خرج الآلاف إلى الشوارع للاحتجاج على مذكرة التفاهم والمعروف أنه تاريخياً دعم سكان كل من هرجيسا وبوركو إلى حد كبير الانفصال عن الصومال ومع قرار تسليم جزء من الأراضي الانفصالية إلى إثيوبيا فإن نظام عبدي معرض لخطر فقدان قاعدة الدعم الرئيسية المؤيدة للانفصال في الوقت الذي ينظم فيه معارضوه الوحدويون للاستيلاء على أودال في الغرب وهم قد حرروا بالفعل اللجنة الأمنية العليا في إثيوبيا .
بعد هزيمة جيش أرض الصومال في الحرب التي استمرت معظم عام 2023 شكلت القوات الوحدوية في اللجنة الأمنية العليا ولاية خاتومو التي هي الآن في طور إعادة الاندماج مع الصومال وبدأت الاحتجاجات الوحدوية من أجل إعادة التوحيد مع الصومال في نهاية ديسمبر 2022 في لاس عانود عاصمة منطقة سول والتي أصبحت الآن العاصمة الإدارية لولاية خاتومو وبحلول الأيام الأولى من يناير 2023 قتلت قوات الأمن في أرض الصومال ما لا يقل عن 20 متظاهراً وفي أعقاب عمليات القتل هذه نظم النقابيون ميليشيات مسلحة وأجبروا قوات أرض الصومال على التراجع إلى ضواحي المدينة وفي وقت لاحق من يناير 2023 عقد الناشطون وأعضاء المجتمع المدني وشيوخ العشائر السائدة في منطقة اللجنة الأمنية العليا مؤتمراً في المدينة اختتم في الأسبوع الأول من شهر فبراير بتمرير إعلان لاس عنود وأعلن : “نحن لسنا جزءًا من إدارة أرض الصومال ولم نوافق أبدًا على برنامج الانفصال أو نشارك فيه على الرغم من أن إدارة أرض الصومال تحاول فرضه علينا بما يتعارض مع الأعراف والقوانين الدولية” ومع إعلان اللجنة الأمنية العليا جزءًا من الصومال واعتبار وجود “إدارة أرض الصومال الانفصالية” في أراضيها “غير قانوني”، انتخب المؤتمر لجنة لإدارة المنطقة بشكل مستقل في الفترة الانتقالية حتى اكتمال إعادة الاندماج مع الصومال وفي وقت لاحق في 5 أغسطس2023 انتخبت اللجنة عبد القادر أحمد أو علي المعروف شعبياً بالفردية، رئيساً مؤقتاً , وبحلول ذلك الوقت كان القصف والهجمات المتكررة من جانب جيش أرض الصومال على لاس عانود قد تسبب في مقتل أكثر من 300 شخص ونزوح ما يقدر بنحو 150 ألف إلى 200 ألف من سكان المدينة وقالت إلهام جراد الناشطة الصومالية المقيمة في المملكة المتحدة والتي كانت في لاس عانود لمساعدة القضية الوحدوية لصحيفة بيبولز ديسباتش : “في 25 أغسطس2023 حاولت القوات الانفصالية الدخول من الشرق والغرب” , بحلول نوفمبر2023 كانت قوات ولاية خاتومو قد طردت جيش أرض الصومال من منطقة اللجنة الأمنية العليا بأكملها والتي تمتد على مساحة تبلغ حوالي 100 ألف كيلومتر مربع أي أكثر من نصف المساحة التي كانت تحت سيطرة أرض الصومال والتي تبلغ 176 ألف كيلومتر مربع , وكل هذا يعني بشكل واضح ومباشر أن إثيوبيا قد لا تتمكن هي وسلطة أرض الصومال المزعومة أن تطبق فعلاً مذكرة تفاهم الأول من يناير 2024 بشأن منح الإثيوبيين 20كم مربع في بربرة .
أُعلن في 15 يناير 2025عن إلقاء سلطات صوماليلاند القبض علي أحمد مؤمن في العاصمة هرجيسة لإبداءه مُلاحظات مُعارضة وهو وزير زراعة سابق وذلك وسط موجة ترهيب والقبض علي من يُعارضون مذكرة التفاهم الإثيوبية مع أرض الصومال .
تــــقــــديـــر مــــوقــــف وإقتراحات :
إن الضربتين الإثيوبيتين في تــقــــديـــري مُوجهتين بصفة رئيسية لمصر فمصر لديها المـــصلحة الأكبر والأوضح في إبعاد أي نفوذ إثيوبي بحري في البحر الأحمر أو قريباً من مدخله عند خليج عدن فإثيوبيا معروف عنها إرتباطها العضوي بالكيان الصهيوني وهنا مكمن الخطر من مذكرة التفاهم الإثيوبية مع أرض الصومال ويجدر بي في هذا العرض أن أوضح خطورة الضربة الإثيوبية المختملة التي وجهتها إثيوبيا لمصر في البحر الأحمر بإعتبار مصر أكبر قوة بحرية إقليمية بالبحر الأحمر الذي تجري قنـــاة السويــس في نهايته الشمالية وأن أورد إشارات قليلة عن بداية علاقات الكيان الصهيوني مع إثيوبـــيا كـــالتالي :
كان التمثيل الدبلوماسي للكيان الصهيوني ولغيرها من دول العالم محدوداً للغاية في أفريقيا في هذه المرحلة إذ لم تكن هناك دول أفريقية مستقلة حتي ما قبل نهاية عقد الخمسينات من القرن الماضي سوي مصر وإثيوبيا وجنوب أفريقيا، وبالتالي لا يمكن تصور وجود نسق لعلاقات أفريقية مع الكيان الصهيوني ، ومع ذلك يمكن القول أنه كان للصهاينة نسق أولي محدود مع إثيوبيا الواقعة آنئذ علي البحر الأحمر ( قبل إنفصال أرتريا وإستقلالها عنها عام 1994) فقد كانت كل من إثيوبيا و الكيان الصهيوني ينظران إلي موقعهما الجيوبوليتيكي بإعتبار أنهما دولتان جزريتان من الوجهة السياسية لوقوعهما في لجة بحر من كراهية العرب والمسلمين وأنهما لذلك مهددتان حتي بعد نشأة إسرائيل وإقامة ميناء Eilat، وكأمثلة علي الإتصالات الإثيوبية / الصهيونية التي نمت وشكلت نسقاً مُستقلاً بل وفريداً للعلاقات الثنائية نجد أنه وفي وقت مبكر من نمو هذه العلاقات رصدت المخابرات العسكرية المصرية إتصالات إثيوبية / صهيونية مبكرة إذ وفقاً لمكاتبة من مدير المخابرات الحربية المصرية إلي وكيل الخارجية المصرية مُؤرخة في 9 أبريل 1950 وردت إشارة عن رصد السفارة المصرية بأديس أبابا لإشارات صدارة من محطة لاسلكية بالعاصمة الإثيوبية مُوجهة إلي الصهاينة بتل أبيب، وفي عام 1953 سمح الإمبراطور هيلاسيلاسي للوكالة اليهودية ببناء مدرسة لهم في مدينة أسمرة وجري إختيار بعض خريجي هذه المدرسة للسفر لإسرائيل عام 1956 لإستكمال دراستهم هناك حيث ركزت إسرائيل علي تلقينهم القيم والمبادئ الصهيونية وعند عودتهم رفض كثير منهم العمل في المدارس الحكومية الإثيوبية مفضلين العمل في مناطق توطن الفلاشا (اليهود الإثيوبيين) * ( د . محمد عبد المؤمن محمد عبد الغني . مصر والصراع حول القرن الأفريقي 1945-1981 . دار الكتب والوثائق القومية . مركز تاريخ مصر المُعاصر . 2011 . صفحة 119)، وفي 6 مارس 1955 نشرت صحيفة الأهرام القاهرية أن الكيان الصهيوني إستأجرت بعض الجزر الإثيوبية (الأرترية فيما بعد) بالبحر الأحمر لإستخدامها كمراع لتربية الحيوانات لمصنع مملوك لشركة انكودا الصهيونية إلا أن إثيوبيا نفت ذلك بالطبع، وفي عام 1955 أعلن موشي ديان أن أمن إثيوبيا وإستقرارها ضمان للصهاينة ، وأن هذا لا يتحقق إلا بخضوع أرتريا خضوعاً مباشراً وتاماً لإثيوبيا * (المرجع السابق . صفحة 118) ، ومع ذلك فالصهاينة حالياً يرتبطون بأفضل العلاقات مع أرتريا التي يرأسها أسياس أفورقي أحد قادة حركة التحرير الوطني الإرتري وهو علي علم ويتذكر موقف الكيان الصهيوني السلبي من قضية تحرير بلاده من الإحتلال الإثيوبي .
أعطي تطور التمثيل الدبلوماسي للكيان الصهيوني في أفريقيا صورة مبدئية عن إهتمام الصهاينة بعلاقاتهم الأفريقية طبعاً مع وضع الإعتبارات المالية للكيان الصهيوني ورغبة الدول الأفريقية المستقلة إبان هذه المرحلة – وكانت قليلة – في الإعتراف بالكيان الصهيوني كمحددين رئيسيين لتحقق هذه العلاقات ، ولذلك يمكن القول أن العلاقات الأفريقية للكيان الصهيوني إقتصرت حتي عام 1960علي إثيوبيا وإتحاد جنوب أفريقيا وليبيريا .
بالرغم من أن إسرائيل لم تتبادل التمثيل الدبلوماسي الكامل مع إثيوبيا حتي منتصف خمسينات القرن الماضي، (حتي عام 1962 لم يكن هناك تمثيل صهيوني علي مستوي سفير مع إثيوبيا وكان التمثيل الدبلوماسي الصهيوني حتي هذا العام مع غانا والكونجو كينشاسا و ليبيريا ومدغشقر وإتحاد جنوب أفريقيا ) إلا أن العلاقات الإثيوبية الصهيونية كانت نشطة وفعالة نسبياً بحيث تقوم علي خدمة أهداف الصهاينة المُضادة لمصر والتي كانت تتفق ومعظم الأهداف الإثيوبية ، فعلي سبيل المثال وفي إطار تحضير إلكيان الصهيوني لمشاركته في العدوان الثلاثي علي مصر في 29 أكتوبر 1956 وصل في 27 أكتوبر 72 صهيوني إلي الصومال الفرنسي (جيبوتي لاحقاً) قادمين من إثيوبيا تم توزيعهم يوم 31 أكتوبر 1956 أي بعد بدء الهجوم علي مصر بيومين علي طائرات أُستأجرت من شركة هندية وأتجهوا إلي مصوع وهو ميناء في أرتريا علي البحر الأحمر (إبان سيطرة إثيوبيا عليها في إطار الإتحاد الفيدرالي الذي فرضته علي أرتريا عام 1936) ومن مصوع تسلموا سفينتين إثيوبيتين هما ” أبينا ” و ” كاترينا ماردي”، اللتين إسنأجرتهما الكيان الصهيوني من إثيوبيا وأسندت إليهما مهمة حربية وهي إيصال مواد التموين إلي وحدات اللواء التاسع الصهيوني في شرم الشيخ بمجرد الإستيلاء عليها وغادرت هاتان السفينتان إثيوبيا يوم 4 نوفمبر 1956، ولما توجه الملحق العسكري المصري لدي إثيوبيا لإستطلاع الأمر طرده المسئولين الإثيوبيين ، في الوقت الذي كانت فيه السفينتان قد وصلتا بالفعل لمنطقة العمليات الحربية في 15 نوفمبر 1956 وكانت شرم الشيخ قد أوشكت علي السقوط في قبضة القوات الصهيونية فأرسلت السفينتان قوة مُسلحة لإحتلال جزر خليج تيران ولتغطية التواطؤ االصهيوني الإثيوبي أعلن الكيان الصهيوني أن السفينتان دارتا حول رأس الرجاء الصالح وذلك لإبعاد الشبهات عن إثيوبيا ، ومع ذلك تقدمت إثيوبيا مع بعض الدول العربية والإسلامية بمشروع القرار 999 بتاريخ 4 نوفمبر 1956 للمطالبة بتنفيذ القرار السابق عليه والقاضي بالإنسحاب الصهيوني إلي ما راء خطوط الهدنة ، ومع مرور الوقت زاد إنحياز إثيوبيا لموقف مصر في الأمم المتحدة حيث أعلن ديلما ديرسا مندوبها لدي الأمم المتحدة أنه من حق مصر أن تؤمم شركة قناة السويس مع الإعتراف بالمصالح الدولية المُتمثلة في حرية المرور في القناة كما طالبت بإنسحاب القوات المُعتدية من مصر فوراً بل إن إثيوبيا عرضت إرسال قوة إثيوبية للمشاركة في قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة ، لكن سياسة إثيوبيا لم تكن إلا سياسة مزدوجة ففي حديث للإمبراطور هيلا سيلاسي لجريدة NEW YORK TIMES في فبراير 1957 إتهم مصر بإتباع سياسة هدامة حيال إثيوبيا بسعيها إلي بث الفرقة بين المسلمين والمسيحين بها ، هذا في الوقت الذي كانت العلاقات الإثيوبية الصهيونية يضطرد توثقها في جميع المجالات بل وتوسعت أنشطة الشركات الصهيونية في أديس أبابا ، وفي الواقع لم يكن الموقف السياسي المُعلن لإثيوبيا في الأمم المتحدة إلا مسايرة للسياسة الأمريكية إزاء العدوان االصهيوني علي مصر والذي رفضته الولايات المتحدة بقوة .
من هذا يتضح بجلاء أن حيازة إثيوبيا لميناء بربرة وإقامة قاعدة بحرية عسكرية به تهديد مؤكد لحركة مصر في البحر الأحمر فإثيوبيا ليست بلداً صديقاً لمصر بأي مقياس وسد النهضة دليل دامغ علي ذلك كما أن علاقتها أقرب لعلاقة تـــحـــالـــف مع الكيان الـــصــهـــيوني كما سبق وأوضحت آنفــاً .
بناء علي ما تقدم :
1- أقترح أن توفد مصر وفوداً رفيعة وقوية إلي كل من تنزانيا وكينيا والصومال (وبونتلاند بالإتفاق مع مقديشيو) وجيبوتي وأرتريا وجنوب السودان وأوغندا للإتصال بقيادات هذه الدول عن كثب بياناً للإهتمام المصري بها والتعرف علي تفاصيل موقف كل دولة علي حدة لبناء سياسة إحاطة ومواجهة للسياسة الإثيوبية إزاء البحر الأحمر علي أن يكون هذا التحرك المصري سريعاً وفعالاً وكفءاً , فكينيا مثلاً سوف تتأثر سلباً جراء حيازة إثيوبيا لـ20كم مربع بميناء بربرة فصفقة إثيوبيا على البحر الأحمر مع أرض الصومال تهدد ممر لابست Lapsset الكيني الذي تبلغ قيمته 25 مليار دولار فقدألقت الصفقة الأخيرة المثيرة للجدل التي أبرمتها إثيوبيا مع أرض الصومال لتأجير شريط ساحلي بطول 20 كيلومترًا لمدة 50 عامًا لأغراض عسكرية وتجارية بظلالها على مشروع ميناء لامو جنوب السودان الإثيوبي للنقل (لابسيت) فجنوب السودان معني بخطورة الخطوة الإثيوبية أيضاً فهي تعاني بالفعل من صعوبات لوجستية وتجارية عدة وتحمل خطوة أديس أبابا ــ النتيجة النهائية لسعي دام عقدًا من الزمن للوصول إلى البحر الأحمر ــ آثارًا اقتصادية كبيرة على كينيا التي كانت تسعى بنشاط إلى المشاركة الإثيوبية في ميناء لامو لإقامة مشاريع تجارية فكينيا تنظر إلى إثيوبيا كعميل رئيسي بعد انسحاب جنوب السودان بسبب تأخير المشروع وتحديات التمويل وتواجه الآن انتكاسة محتملة ولا يزال ممر لابسيت الذي يهدف إلى تعزيز الاتصال الإقليمي من خلال السكك الحديدية والمطارات والطرق وخطوط أنابيب النفط يواجه عوائق بسبب القيود المالية والمخاوف الأمنية المتصاعدة على طول ممره وعلى الرغم من التقدم البطيء الذي تميزت به كل دولة في تمويل مشاريعها بشكل مستقل ويصر سالم بونو المدير الإقليمي المشرف على الساحل على أن مبادرة لابسيت سوف تتقدم وقال “لقد أكملت إثيوبيا عددًا من مشاريع البنية التحتية المرتبطة بكينيا ولا يمكنها أن تترك ذلك يضيع ومن جانبنا فإننا نسعى جاهدين لاستكمال مشاريع الطرق المتبقية والتي تم إنجاز 65٪ منها لربط لامو وجنوب إثيوبيا ويؤكد بونو على استثمارات إثيوبيا الكبيرة في مشاريع البنية التحتية المرتبطة بكينيا مشددًا على ضرورة الاستفادة من هذه التطورات وفي الوقت نفسه أنفقت كينيا 1.39 مليار دولار على بناء الطرق والبنية التحتية ذات الصلة مع اكتمال ثلاثة أرصفة فقط في ميناء لامو حتى الآن , وعموماً تواجه رؤية لابسيت الجريئة لربط كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان من خلال التكامل الشامل للبنية التحتية تحديات مستمرة ومن المرجح أن يتم تعليقها من قبل الجانب الإثيوبي إذا تم الانتهاء من الاتفاق مع أرض الصومال ومع ذلك يظل المؤيدون الكينيون متفائلين بشأن التغلب على العقبات التي تحول دون تحقيق المشروع في نهاية المطاف .
كما أن أرتريا تأكدت وفقاً للخطوة الإثيوبية مع أرض الصومال أن أطماع إثيوبيا في الساحل الأرتري وتحديداً في مصوه وهرر يمكن أن يكون خطوة إثيوبيا التالية وبالتالي فإنه يجب التنسيق والإتصال مع أرتريا وتجديد الطلب المصري في حيازة قاعدة بحرية في شبه جزيرة ” نورا ” التي سبق ورفضتها أرتريا , التي أعتقد أنها ومعها الصومال الآن قد رأتا بأم أعينها أن العسكرية الصهيونية التي كانت يضعانها في الحسبان تبددت وتهشمت كتلتها تحت وطأة ضربات المقاومة الفلسطينية (حماس والجهاد الإسلامية) وأنه لا داعي للخشية منها أو الإعتماد عليها , وعلي أي حال فمصر عليها إقتناص فرصة البناء علي تداعيات الخطوة الإثيوبية علي أمن وإقتصاديات هذه الدول .
الأهم أن تحقق الإتصالات المصرية الحالية مع الصومال(مقديشيو) حيازة مصر لقاعدة بحرية علي الساحل الصومالي وتوقيع إتفاقية دفاع مُشترك علي أساس من إدارة مصر لتحرك إقتحامي سيخدمنا بلا شك مسقيلاً في إدارة ملف سد النهضة جنباً إلي جنب إلي ملف حركتنا البحرية العسكرية في البحر الأحمر .
جدير بالإشارة إلي أن هناك ثلاثة سيناريوهات مــحـــتــمــلة قادمة وفي أحد هذه السيناريوهات ستوقع الصومال وجيبوتي وإريتريا اتفاقية دفاع مشترك ضد العدوان الإثيوبي المُحتمل وفي حالة أخرى ستفعل تركيا والصومال الشيء نفسه وفي السيناريو الثالث قد يوقع الصومال اتفاقية دفاع مشترك مع مصر وبموجبها أو بسببها سيمكن لمصر حيازة قاعدة بحرية مُميزة علي ساحل المحيط الهندي وقريبة من بربرة , وهذه الفرصة لابد وأن تتحرك مصر بسرعة لإقتناصها خاصة وأن الوجود الإثيوبي في بربرة مُحتمل وغير مؤكد بالإضافة إلي أنه لو تحققت فرضية الوجود الإثيوبي في بربرة أو لوجايا فسيكون وجوداً مُهدداً ومؤقت علي أي حال فسوف يواجه عدوين العدو الأول الحكومة الصومالية ومعها الوحدوين وحركة الشباب الصومالي والأخيرة عدو شرس مدرب , أما السيناريو الإريتري فهو سيناريو مستقل وقد أعيد فتحه مُجدداً بسبب تأكد أرتريا من إثيوبيا وليس آبي أحمد فقط يريد إستعادة منفذ علي البحر الأحمر علي الساحل الأرتري وهذا يعني بالضرورة تتجدد حرب أرتريا مع إثيوبيا قريباً فآبي أحمد لن يترك إثيوبيا إلا ممزقة شر ممزق نتيجة هلاوس وأحلام التوسع الإمبراطورية .
2- قد يُري أن تبادر الدبلوماسية العسكرية المصرية في إدارة نـقـاش مع الـقـيادة الــعســكــرية الأمـريـكية لأفريقيا AFRICOM والـقـيادة الـعـسكـريـة الأمــريـكية المركزيــة USCENTCOM للوقوف علي الرؤية الأمريكية الواقعية للخطوة الإثيوبية بالتحديد وكذا بيان المخاوف المصرية وفي نفس الوقت تناول إتصالاتنا مع الأمريكيين علي أنها من قبيل التصعيد وليس علي أنها – كما يود الأمريكيين أن تكون – علي سبيل التنسيبق فالأمريكيين يعتبرون أن الإثيوبيين دعامة لوجودهم العسكري والأمني في القرن الأفريقي وهذا ما يجب أن تعيه مصر التي بعـد توقيعها علي معاهدة السلام مع العــدو الصهــيــوني في 26 مارس 1979 تناقصت أهميتها بالنسبة للأمريكان وفي منطقة الشرق الأوسط مع أن لديها فرصة ثمينة الآن بسبب حرب غــزة أن تلغي هذه المعاهدة وتتخلص من قيودها فأوضاع مصر لن تبلغ من الوجهة الإستراتيجة هذه الدرجة من السوء في أي وقت سابق أو لاحق , وما إستطاعت إثيوبيا أن تواتيها هذه الجرأة إلا لغياب الدور المصري في القرن الأفريقي عامة وفي الصومال علي نحو خاص والسبب الرئيسي في ذلك هو معاهدة السلام مع الصهاينة الذين صوروا لمتخذي القرار المصري أن لديهم اليد الطولي فأظهرت حــرب غـــزة بؤسهم وقلة حيلتهم وتورم كيانهم .
3- يُفـضــل أن يكون التحرك المصري سريعاً ومبادراً وكفئاً مع الصومال كـمـا يجب من أجل إدارته بشكل إحترافي أن تعمل مصر وهي تـنـفـذه علي تحييد الأطراف الأخري المناوئة لها والداعمة لإثيوبيا وفي مقدمتها إثيوبيا والسعودية وعملية التحييد تلك يجب أن تتضمن تخريب وهدم إستراتيجية كل منهما في البحر الأحمر والمدخل المُتاح ونقطة البدء الرئيسية لنا لتحقيقها هي بناء علاقات ودية وتفاعلية وإستراتيجية مع أنصار الله الحوثيين في اليمن بل حتي مع الإيرانيين الذين من مصلحتهم إذابة الخطر الإثيوبي القترن بالصهاينة وذلك بغض النظر عن وجهة النظر الأمريكية فحرب غــزة أوضحت لكل من ألقي السمع وهو شهيد قدر التباين والتناقض بين مصالح مــصــر والمصالح الأمريكية والغربية عموماً والتي تتأسس علي علاقات تحالف شاذة مع الكيان الصهيوني , فيجب أن ينزع التحرك المصري إلي السلوك الإقتحامي فإثيوبيا رغم وعيها بكراهية كل الصومال لها مضت قدماً نحو توقيع مذكرة التفاهم مع أرض الصومال بشأن بربرة .
4- لتحقيق أقصي مرود ونتيجة إيجابية من التحرك المـــصري وخاصة الدبلوماسي لمحاصرة إثيوبيا وتضييق مجال المناورة أمامها فالأجدر بمصر أن تنسق مع الدبلوماسية السودانية التي لديها تراث من الإتصالات والمعرفة العميقة للأوضاع في القرن الأفريقي .
5- لجيبوتي مصلحة إستراتيجية لإجهاض الجهود الإثيوبية المتجهة لحيازة والإستيلاء علي ميناء بربرة في أرض الصومال وعلي مصر أن تقوم بدور ما في التنمسيق معها وكذلك بين جيبوتي وبين كينيا فلكل من كينيا وجيبوتي دوافع قوية لإفشال الإستراتيجية الإثيوبية كلها وليست الإستراتيجية البحرية فقط وبالتالي يجب أن تستمر مصر الآن وفي المستقبل في المحافظة علي وتطوير علاقاتها معهما , علي أن تستغل مصر بشكل ما مآلات مذكرة تفاهم أول يناير 2024 بين إثيوبيا وأرض الصومال كدليل علي سوء نية إثيوبيا في كل ساساتها بما فيها سياستها في مياه النيل ودليل علي أن إتفاقية عنتيبي أو الإتفاقية الإطارية بشأن مياه النيل التي رفضت مصر والسودان وجنوب السودان التوقيع عليها شأنها شأن مذكرة التفاهم مع جمهورية أرض الصومال المزعومة إنما صيغت لتحقق فقط سيطرة هيمنة وتحكم إثيوبيا علي نـــهـــر الـــنـــيل .
6- أقترح أن تقوم مــصــر – من باب فضح والتشهـــر بالسلوك التوسعي للدولة الإثيوبية – بالتــنسيق مع الصومال بإثارة قضية مذكرة التفاهم الأثيوبية مع جمهورية أرض الصومال المزعومة في مجلس الأمن والإتحاد الأفريقي بإعتبارها تحريضاً إثيوبيا علي تعميق الإتجاهات الإنفصالية بدولة عضو بهاتين المنظمتين .
الـــــــســـــفــــيــــر : بـــــلال الـــــصــــري –
حصريا المركز الديمقراطي العربي – الــــقــــاهــــرة / تــحـــريـــراً في 17 ينـــايـــر 2024