قراءة في الآفاق المستقبلية للعلاقات المصرية – التركية
إعداد: هبة خالد جمال عبدالرازق – باحثة دكتوراه، كلية الدراسات الإفريقية العليا، جامعة القاهرة.
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة
شهدت العلاقات المصرية التركية تحسناً ملحوظاً بعد فترة من التوتر بين البلدين منذ عام 2013، وتدهورت العلاقات بين مصر وتركيا بسبب مواقف الدعم التركية لجماعة الإخوان المسلمين وقنواتهم المعادية لمصر، وتفاقمت تلك العلاقة لتصل إلى حد القطيعة بسبب ملفات شائكة تقاطعت فيها مصالح البلدين بشكل كبير، وكان الملف الليبي في مقدمة القضايا الخلافية، فقد أثار الوجود العسكري التركي في ليبيا مخاوف الدولة المصرية لارتباط أمنها القومي بليبيا واستقرارها، وبلغ التوتر ذروته في يونيو عام 2020، حيث هددت ميليشيات من الغرب الليبي مدعومة من تركيا بالزحف نحو مدينة سرت، وحينئذ أعلن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خط سرت الجفرة خطاً أحمر لن تقبل مصر بتجاوزه، وأيضاً ملف النفط والغاز في البحر المتوسط.
وتمثل عودة العلاقات المصرية التركية اهتماماً كبيراً، نظراً لتاريخ التوتر والصراع الذي شهدته العلاقات بين البلدين في السنوات الأخيرة، وستسهم عودة العلاقات بينهم في تعزيز جسور التواصل بين البلدين وخلق طرق للمباحثات في أزمات المنطقة، والتعاون والعمل على إيجاد حلول للصراعات الإقليمية، لاسيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية والملف الليبي، وملف شرق البحر الأبيض المتوسط، وتعزيز التعاون في هذه المنطقة الغنية بالطاقة، ودعم مسار جذب الاستثمارات وفتح أسواق مشتركة بين أنقرة والقاهرة بما يدعم النشاط الاقتصادي للبلدين، والتعاون في مجالات البنية التحتية وتوطين الصناعات الثقيلة والبتروكيماوية.
وخلال أزمة الزلزال الأخيرة كان لمصر دور إيجابي في مساندة الدولة التركية، وعلى مدار السنوات السابقة لعبت مصر دور متوازن في العلاقات بين البلدين، حيث ساهم كل ذلك في دفع صانع القرار في تركيا من مراجعة للعلاقات مع مصر وإعادة وضعها إلى نصابها الصحيح، مما يؤكد أن عودة العلاقات المصرية التركية تساهم في استقرار الشرق الأوسط، وتعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء الماضي رسالة مهمة للمستثمرين الأتراك الراغبين في إقامة مشروعات بالسوق المصري، وتعد هي الزيارة الأولى لكونها زيارة رسمية على مستوى الرؤوساء منذ 11 عاماً من القطيعة. وتتناول هذه الدراسة عدة محاور على النحو الآتي:
المحور الأول: أسباب قطع العلاقات بين البلدين
هناك عدة أسباب لقطع العلاقات بين مصر وتركيا تاريخياً، حيث شهدت توترات وصراعات على مر العصور، وهذا الأمر قد أثر على العلاقات بين البلدين، وتتعدد الأسباب على النحو الآتي:
- دعم تركيا لرئيس مصر السابق محمد مرسي وعدد من رموز المعارضة المصرية وعلى رأسهم جماعة الأخوان المسلمين، والتي تعتبرها مصر تنظيماً إرهابياً، ويعد هذا الدعم مناهض للنظام الحاكم في مصر ولسياساته، واتبع النظام التركي سياسة وتصريحات عدائية تجاه النظام المصري والتي ترفضها مصر بشكل قاطع، ولم تكتفي تركيا بذلك بل سمحت لمؤيدي جماعة الأخوان المسلمين بالعمل في محطات تليفزيونية تهاجم الدولة المصرية.
- الملف الليبي، يعد الملف الليبي واحداً من الملفات الحساسة التي فاقمت بين البلدين سبباً في توتر العلاقات بين البلدين على مدى السنوات القليلة، ويعتبر التدخل في ليبيا من الخارج ليس مشروعاً، لأن بذلك سيؤدي إلى تعقيد الأزمة وسلب مقدرات البلاد وتدميرها، واستمرار الوجود العسكري التركي في ليبيا ودعمها لحكومة عبدالحميد الدبيبة التي تعتبرها القاهرة غير شرعية سيزيد من حدة التوتر، ودعمت تركيا حلفائها المسيطرين على العاصمة الليبية طرابلس بالسلاح والمرتزقة، وتمسكت أنقرة بمصالحها بما يتعلق بالتنقيب عن الغاز في البحر المتوسط قبالة السواحل الليبية، ودعمها طرف على حساب طرف أخر وهذا ما اعتبرته مصر اختراق لأمنها القومي، وهذا ما اعتبرته مصر خط سرت الجفرة خط أحمر(1).
- ترسيم الحدود في شرق البحر المتوسط، وسط تصاعد التوتر مع تركيا بشأن موارد الطاقة في شرق المتوسط، تتعلق هذه القضية بين مصر وتركيا أمراً حساساً ومعقداً، وتتعلق بحقوق السيادة والموارد الطبيعية في المنطقة، وقد تؤثر على العلاقات بين البلدين والمنطقة بصفة عامة.
المحور الثاني: مسار المصالحة بين مصر وتركيا
عودة العلاقات المصرية التركية بعد سنوات من القطيعة التي دامت 12 عاماً مدفوعتان بمصالحهما الخاصة بطبيعة الحال، إلا أن الانتقال من حالة الخصام التي دامت لسنوات ووصلت ذروتها حد الصدام المباشر في الملف الليبي نحو التطبيع الكامل والمتسارع، يعد نقلة هامة في تاريخ العلاقات بين البلدين، حيث لعبت التطورات الدولية والإقليمية غير المباشرة دوراً رئيسياً في هذا الأمر، وتحديداً تلك التحولات الجوهرية: مثل التراجع الغربي وما يرتبط به من أزمات، وتثبيت موازين القوى الجديدة بسياسات التكافؤ والتكامل، وحل الأزمات وخفض التوترات، مروراً بالتطورات الإقليمية سواء ما يتعلق بالشرق الأوسط مثل الملفين السوري والفلسطيني، أو ما يحجث بالخليج فيما يتعلق بالسعودية وإيران(2)، وإن عودة العلاقات المصرية التركية بشكل إيجابي يتخللها عدة مسارات للمصالحة، ويمكن تفسيرها كالآتي:
- استمرار المفاوضات بين البلدين لأكثر من عامين
تعد زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو لمصر فرصة للإعلان عن قرب العلاقات لمستواها الطبيعي، ويرى البعض أن المنطقة سوف تشهد إعادة تشكيل بين دول المنطقة، وهو ما يؤدي إلى ظهور تحالفات جديدة تبحث بها هذه الدول عن حل للأزمات التي تعاني منها، وخاصة الأزمات السياسية والاقتصادية، خاصة التي أعقبت الحرب في أوكرانيا وحرب غزة الحالية، وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري أن هناك أرضية صلبة لعودة العلاقات بين مصر وتركيا، وكذلك أوضح أنه أجرى مع نظيره التركي مباحثات مهمة لمناقشة مسألة التطبيع الكامل للعلاقات مع تركيا، وعبر عن أمله في استمرار التواصل والتنسيق مع تركيا، مشيراً إلى أنه بحث مع نظيره التركي العمل على استعادة العلاقات على مستوى السفراء.
وأشار جاويش أوغلو أنه يعمل مع نظيره المصري سامح شكري على تسهيل عقد لقاء بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان، وأضاف أن مصر من أولى الدول التي وقفت مع تركيا في كارثة الزلزال، لافتاً إلى العلاقة التاريخية بين مصر وتركيا، وأشار إيضاً إلى التعاون الاقتصادي والاستثمارات التي ستشهدها البلدين، والتعاون من أجل عودة العلاقات بينهم، وخفض التوتر مما يساهم في خلق فرصة لحل الصراعات وإيجاد حلول سياسية للأزمات المشتعلة على الساحة.
- قمة مجموعة العشرين في 10 سبتمبر بنيودلهي )الهند)
وتقترب العلاقات بين مصر وتركيا من دخول مرحلة جديدة من التطبيع عقب قطيعة دامت 10 سنوات، وأن تطوير العلاقات بين القاهرة وأنقرة سيكون لها انعكاسات واسعة على أمن واستقرار المنطقة، بالنظر إلى البعد الاستراتيجي للدولتين وثقلهما في الإقليم، ومؤخراً شهدت العلاقات المصرية التركية عوامل كثيرة لإعادة بناء الثقة، وكان هناك تحركات وجهود كثيرة من الجانبين لعودة هذه العلاقات، وفي 4 يوليو 2023 كانت هناك نتيجة عملية لهذه الجهود وهي إعلان البلدين عن رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى السفراء، مروراً بالمباحثات التي تمت بين الرئيس عبدالفتاح السيسي والرئيس رجب طيب أردوغان على هامش قمة مجموعة العشرين في 10 سبتمبر بنيودلهي، واتفق الجانبان على تدعيم أواصر العلاقات والتعاون ورفع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء(3).
- لقاء على هامش افتتاح كأس العالم
كما أتاح افتتاح كأس العالم فرصة ذهبية لعودة العلاقات بين الرئيسين المصري عبدالفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان، وكان تلك المرة الأولى التي يجتمعان فيها وجهاً لوجه منذ 10 سنوات، وفي نوفمبر 2022م في الدوحة، بعد سنوات من التوتر بين البلدين حيث صافح الرئيس التركي أردوغان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وأكد الرئيسين على عمق العلاقات التاريخية وأشارا إلى تحسن في عملية التطبيع، ةهناك تطور جديد حدث بين الرئيسين في المملكة العربية، فإن أمر مثل هذا من شأنه أن يظهر إرادة البلدين في تحسين العلاقات والتعاون بينهما، ويمكن أن يكون مؤشراً على الرغبة في حل الخلافات وتعزيز الحوار بين البلدين مما يمهد الطريق للتعاون في القضايا الاهتمام المشترك(4).
- القمة العربية الإسلامية في الرياض نوفمبر2023
التقي الرئيس عبدالفتاح السيسي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة الرياض، وقال متحدث رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي، إن الاجتماع تناول سبل مواصلة تعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين في مختلف المجالات، فضلاً عن استمرار الخطوات المتبادلة والبناء على التقدم الملموس في سبيل تفعيل آليات التعاون التركي الثنائي، وتناول اللقاء متابعة التنسيق والتشاور بشأن الأوضاع في قطاع غزةوتم استعراض الجهود الحثيثة على كافة الأصعدة لاحتواء الأزمة وتداعياتها الإنسانية، وتوافقا الرئيسين على ضرورة الوقف الفوري للقصف المستمر والعمليات العسكرية في قطاع غزة لتجنب المدنيين للمزيد من المخاطر وإزهاق الأرواح، وتضافر الجهود الدولية للدفع نحو تطبيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية(5).
- القمة المصرية التركية 14 فبراير 2024
تمثل زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمصر نقلة كبيرة في علاقات البلدين، بعد فترة من التوتر، وتأتي الزيارة تتويجاً لخطوات طويلة لعودة العلاقات بين الدولتين، ومن المتوقع أن تركز علي قضايا إقليمية من مقدمتها حرب، وتعزيز التعاون بين الدولتين، فقد مرت العلاقات المصرية التركية بمرحلة توتر واحتقان بعد الإطاحة بحكم جماعة الاخوان في مصر عام 2013، وتفاقمت العلاقة لتصل إلى حد القطيعة الكاملة بسبب ملفات شائكة تقاطعت فيها مصالح البلدين على نحو حاد وكان الملف الليبي في مقدمة القضايا الخلافية.
وجاءت الزيارة بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي في توقيت بالغ الخطورة، في ظل الصراعات والأزمات التي تشهدها الأمة العربية والإسلامية، والتي تتطلب توحيد الصفوف لمواجهة تلك المخاطر ، لما يتمع به البلدان الكبيران من ثقل سياسي، وما لهما من دور محوري في أزمات المنطقة التي تمر بواحدة من أخطر فتراتها، وأكد الرئيس التركي رجب أردوغان يوم الأربعاء أن بلاده تتقاسم مع مصر تاريخاً مشتركاً يزيد عن ألف عام، معرباً عن أمله في الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين ، وأضاف أن بلاده ترى أن الإرادة موجودة لدي الجانب المصري للارتقاء بالتعاون مع تركيا، مشيبراً إلى أنه تم رفع مستوى التعاون بين مصر وتركيا إلى مستوى مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى والذي يكون بمثابة مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين، ويوجد جملة من المصالح المشتركة المباشرة التي يمكن أن يساهم التعاون المصري التركي في تعزيزها، سواء على المستوى الاقتصادي، أو على مستوى صفقات الأسلحة ومشاريع الانتاج العسكري المشتركة.
وجاءت القمة المصرية التركية الأولى منذ أكثر من 10 سنوات لفتح صفحة جيدة من العلاقات بين البلدين، وتتصاعد الآمال في أن تلقى بظلالها على عدد من الملفات والأزمات الإقليمية محل الاهتمام المشترك بين أنقرة والقاهرة والتي يأتي على رأسها الحرب في غزة والأزمة الليبية، كما احتل الملف الإفريقي مكانة بارزة في المباتحثات بين البلدين والتي تأتي على رأسها الصراع في السودان والأزمة الصومالية عقب توقيع إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال الذي يمنح لأديس أبابا موطئ قدم على البحر الأحمر(6)، وتعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بتعزيز التجارة مع مصر إلى 15 مليار دولار على المدى القصير، مضيفاً أن البلدين يقومان بتقييم التعاون في مجالي الطاقة والدفاع، كما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي على استمرار الارتباط بين الشعبين المصري والتركي على مدى السنوات العشر الماضية، في حين شهدت العلاقات التجارية والاستثمارية نمواً مطرداً(7).
المحور الثالث: الآفاق المستقبلية بعد عودة العلاقات
بعد عودة العلاقات المصرية التركية، نجد أن هناك عدة آفاق مستقبلية تشمل العديد من المجالات:
- تعزيز العلاقات الاقتصادية
تعد مصر أكبر شريك تجاري لتركيا في القارة الإفريقية، حيث وصلت الصادرات المصرية إلى تركيا خلال عام 2023 إلى 2.9 مليار دولار أمريكي، وضم المنتدي الاقتصادي التركي العربي في إسطنبول لقاءات موسعة بين وزيري مالية البلدين، وتعتبر تركيا بوابة مصر للأسواق الأوروبية، فكلاً من مصر وتركيا تدركان أهمية الثقل الجغرافي الاستراتيجي لبعضهما البعض، وحققت معدلات التجارة البينية بين مصر وتركيا خلال عام 2022 زيادة غير مسبوقة منذ دخول اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين حيز التنفيذ، حيث بلغ حجم التبادل التجاري عام 2022 نحو 7.1 مليار دولار(8).
وتربط مصر وتركيا اتفاقية ثنائية للتجارة الحرة التي قد وقعت عام 2005، ودخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2007 لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الدولتين على مدى فترة لا تزيد عن 12 سنة من تاريخ التصديق بموجب هذه الاتفاقية، وتعفى الصادرات الصناعية المصرية لتركيا على الفور من الرسوم الجمركية والضرائب الأخرى ذات الأثر المماثل، إلى جانب تطبيق معدلات الخصم على قائمة معينة من المنتجات، والتي تختلف خلال سنوات التشغيل حتى تصل إلى الإعفاء الكامل(9).
ومع تحسين العلاقات السياسية بين البلدين، سوف يشهد التعاون الاقتصادي بينهما تطوراً إيجابياً، ويبدو أن المنطقة ستشهد إعادة تشكيل قد يسهم في ظهور تحالفات جديدة تبحث عن حل للأزمات الكبيرة التي تعاني منها، وخاصة الأزمات الاقتصادية والسياسية، ولتحسين الوضع الاقتصادي قد يكون عن طريق تنويع مصادر الدخل الأجنبي، وفتح أسواق تصديرية جديدة، وتعد فرصة ذهبية يمكن استغلالها لتعزيز وتعميق الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي بين مصر وتركيا للعبور من هذه الأزمة، كما إزالة بعض القيود المفروضة على بعض السلع والمنتجات الزراعى قد يسهل جذب المزيد من الاستثمارات، تعد الاستثمارات التركية في مصر وفقاً للبيانات الرسمية والتي تبلغ 2.5 مليار دولار، من أهم الاستثمارات الأجنبية خاصة في القطاع الصناعي، وشهدت في الفترة الأخيرة إقبالاً كبيراً من المستثمرين الأتراك في السوق المصري(10).
وتمثل العلاقات الا قتصادية محوراً هاماً في عودة العلاقات بين البلدين لذلك ستشهد الفترة المقبلة مزيداً من عودة الاستثمارات التركية بمصر ونقل عدد من المصانع التركية لتكون مصر نقطة انطلاقة للمنتجات التركية إلى إفريقيا والدول العربية في الشمال الإفريقي، كما تلعب السياحة دوراً هاماً في التعاون الاقتصادي بين البلدين حيث زار تركيا خلال الأعوام الماضية قرابة المليون سائح، وذلك بحسب تصريح السفير التركي مما يمثل دفعة مصرية للاقتصاد التركي، وترغب مصر في جذب عدد أكبر من السائحين الأتراك في الأعوام القادمة بالإضافة لتوقيع اتفاقية تعاون في المجال السياحي بين مصر وتركيا لتمثل أحد روافد التعاون الاقتصادي بين البلدين(11).
- تفعيل مجلس التعاون الاستراتيجي بين مصر وتركيا
وقع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء14 فبراير 2024م على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين البلدين بينهما الإعلان المشترك حول إعادة تشكيل اجتماعات مجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين مصر وتركيا(12)، كانت مصر وتركيا قد اتفقا في نهاية عام 2010 على تشكيل مجلس للتعاون الاستراتيجي عالى المستوى، بهدف تطوير العلاقات الثنائية في المجالات الاقتصادية والسياسية والتجارية، وجاء الاتفاق في اجتماع بين وزير الخارجية المصري آنذاك أحمد أبو الغيط ونظيره التركي أحمد داوود أوغلو(13).
يعد تفعيل مجلس التعاون الاستراتيجي بين مصر وتركيا خطوة ذات أهمية في تعزيز العلاقات والتعاون بين البلدين في مختلف المجالات، ومن المهم أن يكون هناك إرادة سياسية قوية من البلدين للتوصل إلى تفاهمات واتفاقيات ملموسة تعزز التعاون الثنائي، وعلى الرغم من وجود خلافات وتوترات سابقة بين مصر وتركيا، إلا أن تفعيل مجلس التعاون سيشكل خطوة إيجابية نحو تحسين العلاقات، وقد يشمل التعاون عدة جوانب مثل التجارة والاقتصاد والأمن والدفاع والتعاون الثقافي والتعليمي.
وأن تحقيق التفاهم بين البلدين يتطلب التوازن بين المصالح المشتركة وحل الخلافات القائمة بطرق دبلوماسية، ويمكن أن يسهم تفعيل مجلس التعاون الاستراتيجي في خلق منصة للحوار المفتوح والتعاون البناء بين البلدين، وهذا من شأنه أن يعود بالفائدة على البلدين بشكل عام، وهناك جهود مشتركة لتجاوز الخلافات التاريخية والقضايا السياسية بشكل بناء من أجل تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
- التعاون الأمني والدفاعي، قد تتيح عودة العلاقات الفرصة لتعزيز التعاون في مجال الأمن والدفاع بين مصر وتركيا، وهو ما يساهم في استقرار وسلام المنطقة، وإمكانية التعاون والتنسيق الدولي في حل قضايا وصراعات المنطقة والتصدي للتحديات الإقليمية المشتركة.
خاتمة:
وركزت المناقشات في القمة التي عقدت في القاهرة على عدة قضايا مهمة، وكانت نتائج القمة المصرية التركية تمثلت في نقطة تحول مهمة في العلاقات بين مصر وتركيا، وركزت القمة على الأزمة في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس، والتأكيد على ضرورة وقف الاعتداءات الإسرائيلية وحرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، كما تم التطرق إلى التوترات في لبنان وسوريا واليمن، والتحديات التي تواجه هذه الدول وضرورة تحقيق الاستقرار في المنطقة، والتأكيد على دعم الاستقرار في ليبيا والسودان والعمل على ايجاد حلول سياسية للبلدين، وتعزيز التعاون بين مصر وتركيا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية، وتسعى القمة إلى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة وتعزيز التعاون بين القوى الإقليمية، وأن هذه القمة سيكون لها أثر في تعزيز التعاون الثنائي وتحقيق الاستقرار في المنطقة، وتحقيق أيضاً تطورات إيجابية في الشرق الأوسط.
وأن حرص مصر على تعزيز أطر التعاون الاقتصادي البناء مع تركيا لاسيما في ظل حالة الزخم الكبيرة التي تشهدها العلاقات المشتركة بين البلدين في الآونة الأخيرة، مشيراً إلى حرص الحكومة المصرية على جذب المزيد من الاستثمارات التركية والاستفادة من الخبرات الصناعية التركية المتطورة، وتقديم كافة أشكال الدعم الممكنة للاستثمارات التركية العاملة بالسوق المصري، حيث قال وزير الصناعة المصري أن وفد حكومي رفيع المستوى قد زار تركيا مرتين خلال الأشهر الأخيرة، حيث تم خلالها عقد لقاءات مكثفة مع ممثلي المؤسسات والصناعية وقطاعات الأعمال التركية، وسلط الضوء على سبل إقامة شراكة استراتيجية بين مصر وتركيا وضخ استثمارات جديدة في السوق المصري في مختلف القطاعات الواعدة، حيث تضم قطاعات الصناعات الهندسية والكيماوية، والغذائية والأدوية والتصنيع الزراعي، والبناء والتشييد، والصناعات الورقية والتغليف، والملابس الجاهزة والمنسوجات وغيرها من القطاعات، ومع احتمالية زيارة الرئيس المصري لتركيا إبريل المقبل سنشهد تطورات كبيرة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية خاصة، وسيفتح طرق كثيرة من أجل عودة الاستثمار ودعم الاقتصاد، وإيجاد بعض الحلول السياسية للصراعات الدائرة في المنطقة.
قائمة المراجع
- سامح جاد،”مصر وتركيا.. ورقة ليبيا وتجميد مسار التطبيع”، تاريخ النشر31 أكتوبر2022م، تاريخ الدخول23 فبراير 2024م، متاح على
https://al-ain.com/article/turkey-egypt-normalization-relations
- يزن بوظو،”عودة العلاقات المصرية- التركية والدور الإقليمي المقبل”، تاريخ النشر 16 إبريل2023م، تاريخ الدخول 28 فبراير 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://kassioun.org/world-news/item/77485-2023-04-16-19-06-49
- سكاي نيوز عربية،”على هامش قمة العشرين.. السيسي يلتقي أردوغان”، تاريخ النشر 10 سبتمبر2023م، تاريخ الدخول29 فبراير 2024م، متاح علي الرابط https://2u.pw/Dgamc9h
- اجتماع بين وزراء من تركيا ومصر لبدء عملية بناء العلاقات، تاريخ النشر 26 نوفمبر 2022م، تاريخ الدخول 25 فبراير 2024م، متاح على https://2u.pw/kuqO0ya
- تفاصيل لقاء السيسي وأردوغان في الرياض، تاريخ النشر 11 نوفمبر 2023م، تاريخ الدخول 25 فبراير 2024م، متاح على https://2u.pw/ZZhpVW4
- بسمة سعد،“بدء صفحة جديدة: رسائل القمة المصرية التركية”، تاريخ النشر 14 فبراير 2024م، تاريخ الدخول 25 فبراير 2024م، متاح على الرابط https://marsad.ecss.com.eg/80813/
- الهيئة الوطنية للإعلام،” 7.1 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر وتركيا 2022م”، تاريخ النشر 13 أكتوبر 2023م، تاريخ الدخول 28 فبراير 2024م، متاح على الرابط https://2u.pw/2p1cF0M
- مصطفى نصر الدين( وآخرون)،“كيف تؤثر عودة العلاقات بين مصر وتركيا على وضع المنطقة”، تاريخ النشر16 فبراير2024م، تاريخ الدخول 24 فبراير 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://2u.pw/48QWBpY
- إسراء أحمد،“التبادل التجاري بوامة مصر وتركيا لشراكة اقتصادية فريدة”، تاريخ النشر14 فبراير2024م، تاريخ الدخول 28 فبراير2024م، متاح على https://2u.pw/jTreuz3
- محمود العدل،“عودة العلاقات المصرية التركية”، مركز الدراسات الاستراتيجية وتنمية القيم، تاريخ النشر 20 أغسطس 2023م، تاريخ الدخول 26 فبراير 2024م، متاح على https://2u.pw/DlIeuA9
- محمد حنفي،” مصر وتركيا.. توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم وإعادة تشكيل مجلس التعاون الاستراتيجي”، تاريخ النشر 14 فبراير2024م، تاريخ الدخول 2 مارس 2024م، متاح على https://2u.pw/SKJldJ3
- هبة زين،“العلاقات الاقتصادية بين مصر وتركيا.. مزيد من تعزيز التعاون”، تاريخ النشر10 فبراير2024م، تاريخ الدخول 28 فبراير 2024م، لمزيد من التفاصيل أنظر إلى الرابط https://marsad.ecss.com.eg/80766/
- أحمد جمعة،” تعرف على مجلس التعاون الاستراتيجي المصري التركي.. تشكل في 2010 لتعزيز العلاقات”، تاريخ النشر 14 فبراير2024م، تاريخ الدخول 3 مارس 2024م، متاح على الرابط https://2u.pw/PfW9iOM