الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثيةالمتخصصة

إثيوبيا أصبح لها موطئ قدم علي البحر الأحمر وشددت قبضــتـها علي النـــيـــل

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

 

أُعلن بالإحالة علي وكالة رويترزللأنباء  في أول يوليو2024 أن تركيا ستتوسط في محادثات بين الصومال وإثيوبيا حول مذكرة تفاهم وقعتها إثيوبيا في مستهل يناير2024 مع جمهورية أرض الصومال المزعومة بشأن استخدام إثيوبيا لـ 20كم مربع بميناء بربرة الرئيسي الواقع في منطقة أرض الصومال الانفصالية في الصومال إستخداماً تجارياً وعسكرياً لمدة خمسين عاماً وتتيح هذه المذكرة إستراتيجية المغزي بالتالي أن تتحول إثيوبيا ذلك البلد كثيف السكان (حوالي110مليون نسمة) من دولة حبيسة إلي دولة لها إطلالة علي ساحل خليج عدن ومدخل البحر الأحمر أهم ممر بحري دولي .

أفاد أربعة مسؤولين مطلعين وكالة رويترز للأنباء إن تركيا شرعت في محادثات وساطة بين الصومال وإثيوبيا ولا تشارك فيها صوماليلاند  بشأن مذكرة التفاهم المُشار إليها التي وقعتها  أديس أبابا مع إقليم أرض الصومال الانفصالي في وقت سابق من هذا العام والتي أصبحت مثاراً للنزاع بين الصومال(مقديشيو) وإثيوبيا ,  كما أفاد اثنان من المسؤولين المُشار إليهم وكالة رويترز أن هدف المفاوضات ليس واضحا كما أن توقعات التوصل إلى اتفاق منخفضة , وأشارأحدهؤلاء المسؤلون إلي أنه  رغم الشائعات التي تفيد بتخفيف الصومال لموقفه الرافض للانخراط في حوار حتى تسحب إثيوبيا (مذكرة التفاهم) فإن الأمر يبدو مستبعدا” وأردف قائلا “لا أرى مسارا للأمام ولا أتوقع أن تخرج المحادثات بنتائج”.

يُذكر أن هذه المحادثات تُعد أحدث مسعى لإصلاح العلاقات الدبلوماسية بين الجارتين الواقعتين في شرق أفريقيا واللتين توترت العلاقات بينهما في يناير 2024 عندما اتفقت إثيوبيا على استئجار شريط ساحلي بطول 20 كيلومترا من أرض الصومال مقابل الاعتراف باستقلال هذا الإقليم الإنفصالي المُسمي Somaliland , ولقدووصفت مقديشو الاتفاق بأنه غير قانوني وردت بطرد السفير الإثيوبي والتهديد بطرد آلاف الجنود الإثيوبيين المتمركزين في البلاد للمساعدة في قتال من يزعمون أنهم متمردون إسلاميون  .

سبق الدعوة التركية لتيسير المحادثات بين إثيوبيا وجمهورية الصومال الفيدرالية في أنــقــرة محاولتين للوساطة لم تسجلا نجاحاً ففي 18 يناير 2024 رفضت الصومال أي مناقشات مع إثيوبيا بشأن مضمون مذكرة التفاهم مع صوماليلاند حول ميناء بربرة وذلك تزامناً مع إجتماع رؤساء دول المنطقة في محاولة لنزع فتيل أزمة دبلوماسية متنامية ودفعت الحرب الكلامية المتصاعدة بما في ذلك التهديدات من جانب الصومال بالذهاب إلى الحرب لمنع تنفيذ الاتفاق الاتحاد الأفريقي إلى الدعوة في 12 يونيو2024 إلى ضبط النفس و”الحوار الهادف”وقالت وزارة الخارجية الصومالية في بيان في 14 يونيو 2024أنه لا مجال للوساطة ما لم تتراجع إثيوبيا عن مذكرة التفاهم غير القانونية ( من الجدير بالإشارة إليه أن هناك مذكرة سابقة وقعت من قبل بين إثيوبيا وأرض الصومالعام 2017  بموجبها تحصل أديس أبابا على حصة 19%في ميناء بربرة وقد فشلت الصفقة بسبب فشل إثيوبيا في سداد المدفوعات في الوقت المناسب) وتؤكد سيادة الصومال وسلامة أراضي وقد اجتمع رؤساء دول من المجموعة الإقليمية الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) المكونة من ثمانية أعضاء في عنتيبي بأوغندا سعياً للتوصل إلى حل سلمي وقال المبعوث الأمريكي الخاص لمنطقة القرن الأفريقي مايك هامر الذي حضر بصفة مراقب إلى جانب الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية وتركيا إن مذكرة التفاهم تهدد بتقويض الأمن الإقليمي بشكل أكبر مع وجود مسلحي حركة الشباب (هاجس يستدعي في أي وقت وكأنه إسطوانة مشروخة) وقال أمام الوفود في أوغندا وفقا لنسخة من تصريحاته اطلعت عليها رويترز: “لقد رأينا بالفعل مؤشرات مثيرة للقلق على أن حركة الشباب تستخدم مذكرة التفاهم لتجنيد مجندين جدد” ولم ترسل إثيوبيا وفدا قائلة إنها أُبلغت بالقمة متأخرا للغاية  .

كذلك وفي إطار محاولات الوساطة أشارت صحيفة  Horn Observer في 21 يونيو2024 أنه في مكالمة هاتفية في 12 يونيو 2024 عرض أمير قطر التوسط بين مقديشو وأديس أبابا لكن جهوده واجهت عقبات وأن وتيرة تنفيذ مذكرة التفاهم تسارعت بعد فشل محاولتي وساطة بين إثيوبيا والصومال وعلى نحو مماثل أرسل الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله وزير خارجيته إلى أديس أبابا ليقترح عقد اجتماع بين الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لكن هذا العرض أيضا لم ينجح وتم إطلاع الرئيس الصومالي محمود على هذه العقبة عندما التقى جيلي في جيبوتي في هذه الأثناء التقى الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في 17 يونيو2024 مع وزير الخارجية التركي   فيدان في محاولة للتوسط في المحادثات بين الصومال وإثيوبيا (كما تدعي الصحيفة التي تصدر في صوماليلاند)  ومن الجدير بالذكر أن قطر قامت بالوساطة بين أرتريا وجيبوتي عام 2010 لتسوية نزاع نشب بينهما بشأن منطقة Cape Dumeira ونجحت قطر  في التوصل إلي التوقيع علي ما يمكن وصفه بإتفاق هدنة في 6 يونيو 2010 أدي إلي تسوية مُؤقتة للنزاع وتضمن تكوين لجنة من البلدين يرأسها أمير دولة قطر علي أن تتولي قطر وفقاً للمادة 6 من هذا الإتفاق مسئولية هاتين المنطقتين لحين التوصل لتسوية نهائية للنزاع , وكان وزير الخارجية القطري قد صرح آنئذ بأن ”هذا الإنسحاب (الأرتري من المنطقتين) لا يُعتبر إقراراً بأي حقوق حتي يتم التوصل إلي حل نهائي وفقاً لهذا الإتفاق” .

في تقديري أن ما ساعد تركيا في تحفيز الحكومة الفيدرالية الصومالية في قبول وساطتها هو إطمئنان مقديشيو لدعم الأترك ومصداقيتهم لسببن رئيسيين هما  :

1- ليس لتركيا أية علاقة أو إتصال بأي مستوي بجمهورية أرض الصومال المزعومة علي عــكــس موقف مصر التي تؤيد وحدة أراضي الصومال الفيدرالي لكنها وبالتناقض مع هذا الموقف توجه وفد رسمي يمثلها في 11 يوليو 2020 وفقاً لموقع إخباري كيني إلي هرجيسة عاصمة صوماليلاند لزيارتها في 12 يوليو 2020وأستغرقت هذه الزيارة يومين والتقي الوفد المصري خلالهما بتاريخ 15 يوليو برئيس صوماليلاند Muse Bihi Abdi  كما أجري مباحثات ثنائية مع مسئولين بوزارة الخارجية والتعليم والصيد والثروة الحيوانية بصوماليلاند  وأشار موقعGarowe Online بتاريخ 15 يوليو بالإحالة علي مصدر وصفه بأنه ذا مصداقية ومطلع قوله بأن مصر مُتحمسة لفتح قنصلية لها في هرجيسة لما لذلك من تعزيزلنفوذها بالقرن الأفريقي كما أشارالموقع إلي أن وزير خارجية صوماليلاندLiban Yousouf Osman قال للوفد المصري”إني أنتهز هذه الفرصة لأرحب بكم في زيارتكم تلك لهرجيسة التي تأتي رداً علي زيارتي للقاهرة في 25 مارس 2020 وهو مؤشر جيد علي تقوية العلاقات بين بلدينا ” وقد أشارت مواقع إخبارية أخري إلي أن الوفد المصري الذي ترأسه مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية طرح مسألة إقامة قاعدة عسكرية مصرية بزيلع بصوماليلاند أوالحصول علي تسهيلات عسكرية مُحددة , وهو طلب لم ترد عليه صوماليلاند سلباً أو إيجاباً فصوماليلاند تخشي أن تتحول بسبب موافقتها علي الطلب المصري لإنشاء القاعدة إلي طرف في صراع بين مصر وإثيوبيا يتجاوز قدرتها علي تحمل تبعاته فإثيوبيا لها حدود مع صوماليلاند ويمكنها لذلك ولأسباب أخري مختلفة أن تسبب الكثير من المتاعب لصوماليلاند وربما من بين هذه الأسباب الأخري التحرك الإثيوبي النشط الهادف إلي تخريب التحركات المصرية في الصومال ككل إذ إستطاعت المخابرات الإثيوبية النافذة في الصومال بوحداته الثلاث الحصول علي خطاب مسرب وجهته وزارة الدفاع الصومالية إلى نظيرتها المصرية ونشر بموقع The Reporter في 30 مايو 2020 والخطاب وقعه وزير الدفاع بجمهورية الصومال الفيدرالية حسن علي محمد بتاريخ 29 فبراير 2020 أشار إلى أن الوزارة تلقت 13 نوعًا مختلفًا من الأسلحة النارية والمدفعية والذخيرة من مصر  كما تضمن فقرة نصها : ” تشهد وزارة الدفاع في جمهورية الصومال الفيدرالية أنه لن يتم إعادة بيع هذه البضائع أو إتاحتها للاستخدام من قبل أي فرد أو كيان ليس في خدمة قوات الأمن الصومالية دون موافقة خطية من وزارة الدفاع في جمهورية مصر العربية ووفقاً لهذا الخطاب أكدت الصومال تلقيها كمية من 50 قاذفة قنابل RPG-7 و 1200 بندقية من طراز AK47 و 25 مدفع رشاش PKM (متوسط) مع 100 ذخيرة و 175 مدفع رشاش PKM مع 700 ذخيرة و 50 DSHK عيار 12.7 ملم و 20 بندقية قنص مع 1000 ذخيرة , وتم تسليم 6 قذائف هاون عيار 82 ملم مع 550 ذخيرة و 12وحدة من 12 قذيفة هاون عيار 60 ملم مع 636 مسدسًا إلى الصومال ووفقاً لموقع The Reporter علاوة علي أن رئيس صوماليلاند Muse Bihi Abdi غرد قائلاً : “إن حكومة صوماليلاند يساورها قلق عميق بشأن إخفاقات حكومة الصومال في الإلتزام بقرار مجلس الأمن الدولي القاضي بحظر السلاح لجمهورية الصومال (أصدر مجلس الأمن الدولي في خطوة مفاجئة ويبدو أن لها مبررات تتقاسمها سراً القوي الكبري الطامعة في الصومال في ديسمبر2023 قراراً برفع حظر السلاح للصومال ) ونحن ندين الحكومة المصرية لإنتهاكها هذا الحظر الذي يُشكل خطراً جسيماً علي الأمن والإستقرار في المنطقة ” , وتصعيداً لهذا الموقف من جانب مصر فقد أرفق وزير دفاع صوماليلاند هذا الخطاب بخطاب وجهه للإتحاد الأفريقي وللأمم المتحدة كذلك صرحت إثيوبيا علي لسان الناطق باسم خارجيتها في 30 يوليو 2020 بذلك فقالت السفيرة دينا مفتي : ” إذا كانت نية مصر أن يكون لها وجود في المنطقة وستشكل بذلك تهديدا لدولة ثالثة فلن يكون ذلك مناسبا في هذه الحالة ، نحتاج إلى أمثلة ملموسة لما يحدث … ونأمل ألا يكون ذلك على حساب إثيوبيا أو أي دول مجاورة أخرى لأنه إذا كان الأمر كذلك فسيكون غير قانوني وضد الإنسانية والسلم والأمن الدوليين .

2- أن لتركيا مصداقية في تقديم الدعم الفعلي والعملي لحلفاءها فبمجرد إعلان رباعي الحصار علي قطر (السعودية ومصر والإمارات والبحرين) والمقاطعة لقطر في 5 يونيو 2017 عن قراره بادر البرلمان التركي إلي عقد جلسة أتخذ في نهايتها قراراً بإرسال قوة تركية إلي قطر تحت عنوان عريض وهو ” حماية المنطقة من مخاطر الإرهاب ” وقد أفسد هذا القرار السريع – فيما يبدو – خطة غير مُحكمة كانت مُعدة للإطاحة بالأمير تمام ودولة قطر بسياساتها التي لا تعمل في نفس الإتجاه الذي تمضي إليه سياسات رباعي الحصار , كما أن الموقف التركي في الحفاظ علي وتعزيز أمن ما يُسمي بجمهورية شمال قبرص التركية وإكتساب إعتراف دولي بها في منظمة الدول التركية وتعزيز الوجود العسكري التركي علي أراضيها لمدة 50 عاماً بدون إنقطاع مثار إعجاب بفوة البأس العسكري التركي بالإضافة لموقف تركيا المساند لإستقلال كوسوفو بإعتبارها دولة عضو في حلف شمال الأطلنطي  كل ذلك وغيره يسبغ علي الموقف التركي قوة ومصداقية وقد أوضح الرئيس أردوجان في تصريح أخير له في 79 يوليو2024 أن : ” ل الرئيس رجب طيب أردوغان: “إن تركيا هي واحدة من أكبر خمسة حلفاء يساهمون بأكبر قدر في مهام وعمليات  حلف شمال الأطلنطي “ناتو” ونحن نقوم بدورنا في تقاسم العبء و”نحن من الدول العمود الفقري لحلف شمال الأطلسي ونتمتع بالفرص والقدرات التي طورناها في البر والبحر والجو” فعضوية تركيا في حلف الأطلنطي لا شك أنها تطئن الجانب الصومالي .

3- أن لتركيا علاقات متوازنة مع إثيوبيا تؤهلها لرعاية محادثات أو مفاوضات قد تكون منتجة بين حكومة الصومال الفيدرالية وإثيوبيا التي لا يمكن تصور قبولها رعاية مصر لهذه المحاثات في القاهرة نظراً للخصومة القائمة بسبب أزمة سد النهضة مع مصر ,  ففي أغسطس 2021، زار رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” تركيا بمناسبة مرور 125 عاماً على تطبيع العلاقات بينهما، ووقع 4 اتفاقيات للتعاون المائي والعسكري وأكد أن “إثيوبيا لن تنسى أبداً وقوف شعب وحكومة تركيا بجانبها” وفي عام 2022 تم الكشف عن بيع تركيا صفقة طائرات بدون طيار (البيرقدار) لإثيوبيا وهو ما عزز قدرة القوات الإثيوبية على هزيمة التمرد بإقليم “تيجراي” كما تمثل الاستثمارات التركية في إثيوبيا نصف حجمها في كامل القارة الأفريقية ., وقد يؤدي الدعم التركي للصومال في مواجهة إثيوبيا إلى إثارة التوتر في العلاقات بين أنقرة وأديس أبابا الذي سيتخذ عدة أشكال مستقبلاً وسيكون على أنقرة التوازن للحفاظ على علاقاتها المتميزة مع خصمين هما إثيوبيا والصومال , ولكني أعتقد أن المكاسب التي ستحصل عليها تـركـيـا وبسهولة نسبية من الصومال أكبربكثير مما ستكسبه من إثيوبيا فالمكاسب التي ستظفر بها تركيا من الصومال متنوعة .

لا يمكن لأحد أن يدعي أن التحرك الإثيوبي بتوقيع مذكرة التفاهم مع صوماليلاند في أول يناير2024 كان مُفاجئاً للصومال أولمصر أو لتركيا أول لأي مراقب مهتم فإثيوبيا ففي 29 ديسمبر 2019 أفادت مصادر إثيوبية أن البحرية الإثيوبية ستتمركز في بقاعدة بحرية في Tadjoura على ساحل جيبوتي  بينما سيكون مقر قيادتها في بحر دار عاصمة منطقة أمهرة بشمال غرب إثيوبيا بقيادة العميدKindu Gezu  وفي أكتوبر2023بثت وسائل الإعلام الإثيوبية خطابا مسجلا مسبقا لرئيس الوزراء أبي أحمد أمام البرلمان الإثيوبي في 13 أكتوبر2023 ركز فيه على أهمية الوصول إلى البحر الأحمر وأكد فيه أن إثيوبيا لها حق تاريخي في ساحل البحر الأحمر وذلك إقتداء بنماذج جميع الحكام الإثيوبيين الإمبراطوريين الذين سبقوه الذين بحثوا عن طريق إلى البحر بل لقد هدد بتهور بالذهاب إلى الحرب من أجل ذلك (آبي أحمد لا يسيطر حتى على 70% من بلاده لذا فإن الذهاب إلى الحرب للحصول على المزيد من الأراضي يعد فكرة سخيفة إذ تقاتله حركة فانو وهي إحدى مليشيات الأمهرة في إقليم أمهرة وتسيطر ميليشيات الأورومو على معظم إقليم أوروميا) وكل ما فعلته حكومة الصومال الفيدرالية حتي اليوم  إعلانها رفض مقديشو الاتفاق باعتباره انتهاكًا لسيادتها ولقد أدانت حكومة الرئيس حسن شيخ محمود مراراً وتكراراً الاتفاق وأعلنته “باطلاً ولاغياً” وسعت إلى الحصول على الدعم الدولي للطعن في شروطه كما لجأت مقديشو إلى العديد من المنظمات الدولية بما في ذلك الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية للتوسط ومعالجة هذه القضية كما لم يحرز الاتفاق تقدمًا كبيرًا منذ ذلك الحين  ولو أن إثيوبيا لم تتوقف عن النهج الهجومي في شأن نزاعها مع الصومال الفيدرالي تماماً كما فعلت مع مصر في نزاعها بشأن سد النهضة الذي يهدد مصر والسودان معاً , هذا النهج الهجومي الذي يتأسس علي فرض ساسة الأمر الواقع علي خصوم إثيوبيا أياً كانوا فطالما أن من يواجهون إثيوبيا لا بأس ولا شكيمة لهم فهم بهذا سيقعون ضحايا لسياستها القائمة علي فرض الأمر الواقع كما فعل الكيان الصهيوني بالدول العربية في 5 يونيو 1967 عندما أكتسح جيوش 3 دول عربية تجرعت سم الهزيمة علي جيش مؤسسه مجرمين عتاة تم إذلالهم ودس أنوفهم في رغام غـزة في 7 أكتوبر2023 وأنتهت خرافة الجيش الذي لا يُهزم وسياسة الأمر الواقع التي ردت إليهم .

كانت الحركة التركيــة إيجابية وسريعة إزاء توقيع إثيوبيا مذكرة التفاهم بشأن ميناء بربرة مع صوماليلاند فقد سارع الرئيس التركي أردوجان بزيارة مقديشيو في 21 يناير 2024 في ثاني زيارة له للصومال في مدي أربع سنوات وسبق هذه الزيارة بيوم واحد زيارة قام بها للقاهرة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في 20 يناير2024 على رأس وفد رفيع المستوى بدعوة من الرئيس المصري , وينظر إلي علاقة تـــركـــيــا بالــصــومـــال علي أنها علاقة تحالف وثيق بدأت منذ زيارة الرئيس رجب طيب أردوجان لمقديشو لأول مرة في 2011 وتطورت العلاقات أكثر بتوقيع اتفاقية إطار تعاون عسكري واقتصادي في 8 فبراير2024بين الحكومتين التركية والصومالية أكدت وزارة الدفاع التركية أنَّها جاءت بطلب من حكومة مقديشو وتعد  اتفاقية استثنائية غير مسبوقة لتركيا مع أي دولة فبموجبها ستعمل تركيا على حماية ما يقارب 3 آلاف كيلومتر من ساحل الصومال من كينيا إلى جيبوتي بواسطة سفن حربية وجنود أتراك ولم يتضح بعد إن كانت ستشمل هذه الحماية مدي خليج عدن ومنطقة أرض الصومال وإن كان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أعلن بوضوح “أن الاتفاقية تهدف إلى إنشاء قوة عسكرية مشتركة بين البلدين وأن هذه القوة ستحمي سواحل الصومال ومياهه الإقليمية وستستثمر في موارد الصومال البحرية لمدة عشر سنوات وأن هذه القوات المشتركة ستعمل فقط لمدة عشر سنوات وبعد ذلك سيكون لدى الصومال قواته البحرية الخاصة التي ستتولى هذه المهمة”.

ينظر الصوماليين في غالبيتهم إلي الإتفاقية الإطارية التركية / الصومالية علي أنها تدعيم لموقفهم في مواجهة الأطماع التاريخية الإثيوبية في الصومال والتي لم تنقطع , ويرجح المراقبون أن هذه الاتفاقية الإطارية التركية / الصومالية قد تتضمن :

  • – إجراء مناورات وتدريبات عسكرية بحرية وجوية وبرية بين البلدين .
  • – بناء وبيع تركيا للصومال سفناً عسكرية .
  • – سيكون للقوات البحرية التركية الحق الكامل في استخدام الموانئ البحرية الصومالية الحالية وإنشاء موانئ وقواعد عسكرية بحرية جديدة .
  • – التعاون والتنسيق بين البلدين في مجال الملاحة البحرية والتجارة.
  • – ستكون تركيا للصومال قوات خفر سواحل .
  • – ستساعد تركيا الصومال على استخراج الموارد البترولية والغازية من مياهه الإقليمية.
  • – إنشاء قواعد عسكرية تركية وأخرى مشتركة في الصومال (جوية وبحرية وبرية).
  • – ستساعد تركيا الصومال على حماية البيئة البحرية، ومنع التلوث.
  • – جميع هذه المنشآت والصناعات ستتولاها الشركات التركية أو سيحصل الصومال على إذن أنقرة للتعاون مع شركات أخرى .
  • – فتح الأجواء الصومالية بالكامل للاستخدام المدني والعسكري التركي .
  • – سيتبع اتفاقية الإطار هذه اتفاقيات فرعية تُنظِّم عمل بنود الاتفاقية لاحقاً .

بموجب اتفاقية إطار التعاون عسكري والإقتصادي تلك ستستخرج تركيا البترول والغاز من المياه الإقليمية الصومالية لمدة عشر سنوات علي أن يكون 30% من هذا الإنتاج لتركيا لتمويل المشاريع والصناعات التي ستقوم بها في الصومال  (وقعت الحكومة الصومالية مع الجانب التركي مذكرة تفاهم لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي في 7 مارس 2024) .

أبدت أبوظبي التي لا تخفي تــآمرها علي الــمـــســـلمين والإسلام من باب أولي , أبدت تحفظها عمليا على تقارب مقديشو وأنقرة حيث أوقفت تمويلها الشهري لخمسة ألوية من الجيش الصومالي متمركزة خارج مقديشو تضم 9000 جندي فيما أبقت على تمويل لواءين فقط يحرسان العاصمة بجوار لواء قوات خاصة مسؤول عن حماية المنشآت الحيوية(سياسة خطوة للأمام وخطوتين للخلف) ويُعزى تخفيض التمويل الإماراتي إلى أسباب متعددة من بينها توتر العلاقات الثنائية إثر توقيع مقديشو وأنقرة لاتفاقية التعاون العسكري واتفاقية اقتصادية للتنقيب عن النفط والغاز أمام السواحل الصومالية التي مثلت ضربة قاصمة للإمارات وإثيوبيا معاً  فضلا عن تداعيات مقتل أربعة ضباط إماراتيين على يد جندي صومالي في قاعدة “الجنرال جوردون العسكرية” التي تديرها الإمارات وكذلك ردا على تخفيض الرئيس الصومالي لرواتب قوات بلاده الممولة إماراتيا من نحو 330 دولار شهريا في المتوسط لتصبح 200 دولار بما يتماشى مع أجور بقية جنود الجيش الصومالي وقد ولد تخفيض الدعم الإماراتي تحديات أمام الحكومة الصومالية للبحث عن مصادر تمويل بديلة أو دمج القوات الممولة إماراتيا في وحدات أخرى وهو ما قد يعرقل الخطط الحكومية لزيادة حجم الجيش إلى 30 ألف جندي كي يحل محل “بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال”، والتي من المفترض أن تنسحب من البلاد نهاية عام 2024وبالتالي قد يحدث فراغ أمني يفاقم معضلات الصومال ويتيح لحركة الشباب التقاط أنفاسها – كما يزعم مراقبون غربيون – وشن هجوم مضاد تستعيد فيه المناطق التي فقدت سيطرتها عليها خلال العامين الماضيين , وأعتقد أن تحقيق إثيوبيا أطماعها في بربرة مع موسي بيهي عبدي رئيس أرض الصومال عبــأ وحـــشــد حركة الشباب ضده وضد إثيوبيا لإعتبار الحركة والحكومة في مقديشيو أن عدوهما واحد وهو تحديداً : إثــيــوبــيــا لا غيــرها .

تقوم أنقرة ببناء مدارس ومستشفيات ومشروعات للبنية التحتية في الصومال كما تقدم لمواطنيه منحا للدراسة في تركيا وفي الوقت الذي ظلت فيه غالبية الدول تعمل من خارج الصومال لدواعٍ أمنية بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية فإن لتركيا أكبر سفارة أجنبية في مقديشيو كما تعتبر أنقرة أبرز الداعمين للحكومة الصومالية حيث تقدم لها 4,5 مليون دولار شهريًّا وهي الدولة الأولى في مجال إعادة الإعمار وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة بما فيها المقر الجديد للبرلمان وميناء مقديشيو والمستشفى الصومالي- التركي التي افتتحها أردوجان بنفسه في 25 يناير 2015 بالإضافة للوحدات السكنية وشبكات الطرق وخطوط الاتصال حيث يوجد خط جوي مباشر بين أنقرة ومقديشيو وتتحمل تركيا أيضًا الدور الأساسي في التعليم بالصومال باستضافة أكثر من 15 ألف صومالي للدراسة بالجامعات التركية وإنشاء المدارس التركية بالصومال كما تمارس دورًا فاعلا في دعم اللاجئين والنازحين وتوفير مواد الإغاثة الإنسانية عبر وكالة التعاون والتنسيق التركية (تيكا) والهلال الأحمر وهيئة الإغاثة وهنا تجدر الإشارة إلى أن الصومال تتلقى نحو ثلث المساعدات الإنسانية التي تقدمها تركيا للدول الإفريقية , ولا يبدو أن تركيا والإمارات نجحتا في تحقيق مستوى كامل من التنسيق بين البلدين في الملفات الخارجية إذ يبرز الصومال كمنطقة تنافس جيوسياسي تتعارض مصالح البلدين فيه فمن جهة تشرف الأكاديمية التركية للتدريب العسكري “تركسوم” على تدريب قوات صومالية كما تشرف شركات تركية على إدارة ميناء مقديشو وصولا إلى تطور الشراكة إلى الاتفاق التعاون العسكري ومن جهة أخرى تشرف شركة موانئ دبي على إدارة ميناء بربرة المجاور في أرض الصومال وتعزز الإمارات من مساعيها لتحقيق انفصال فعلي لإقليم صوماليلاند عن الصومال  .

صرح وزير خارجية “أرض الصومال” عيسى كايد بأن اتفاقية الأمن البحري الموقعة بين الصومال وتركيا لا تمنح السفن التركية الحق في دخول مياه إقليمه الانفصالي وذلك تعقيبا منه على زيارة السفينة الحربية التركيةTCG KINALIADA إلى ميناء مقديشو في نهاية أبريل 2024 في إطار اتفاقية التعاون الدفاعي بين تركيا والصومال لكني أعتقد أنه من الناحية العسكرية يمكن لتركيا فرض هيمنتها البحرية على سواحل “أرض الصومال” دون معوقات حيث يفتقر الإقليم الانفصالي إلى مقدرات عسكرية مؤهلة لإعاقة البحرية التركية كما أن حليفيه الإمارات وإثيوبيا ليس من المرجح أن يتورطا في مواجهة بحرية مع تركيا التي يستند تواجدها لاتفاق مع الحكومة المعترف بها دوليا وإقليميا ومع هذا فإن أنقرة على الأرجح ستميل لتجنب تصعيد الموقف في الصومال والاستفادة من علاقاتها مع جميع الأطراف لمنع تدهور الموقف خاصة وأن التصعيد في الصومال سيجذب المزيد من الفاعلين الدوليين و الإقليميين  .

لم تستطع الصومال كتمان غضبها من الخطوة الإثيوبية فقد أنعكس هذا الغضب في :

1- أعلان الحكومة الصومالية في الأول من يونيو2024 أنها لا تستطيع ولن تعتبر إثيوبيا حليفًا في تعزيز السلام والأمن في المنطقة طالما استمرت إثيوبيا في انتهاك سيادة الصومال وسلامة أراضيه وقال مستشار الأمن القومي الصومالي حسين شيخ علي : “طالما استمرت إثيوبيا في انتهاك سيادتنا وسلامة أراضينا واستقلالنا السياسي فلا يمكننا ولن نعتبرها حليفًا في تعزيز السلام والأمن في المنطقة”وأكد حسين شيخ علي تويتر في 31مايو2024 أن قوات جديدة من جيبوتي وكينيا وأوغندا وبوروندي ستصل إلى الصومال بعد خروج بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) من البلاد بحلول نهاية ديسمبر 2024وأن القوات الإثيوبية لن تكون جزءًا من القوات التي يقودها الاتحاد الأفريقي العاملة في البلاد بمجرد انتهاء مهمة ATMIS وتجري الصومال حاليًا مناقشات مع شركاء دوليين بشأن نشر قوات متعددة الجنسيات في البلاد لمدة عام واحد بدءًا من يناير 2025 ومع ذلك لم يتم تحديد اسم البعثة الجديدة والعدد الدقيق للقوات بعد أن تدهورت العلاقات الدبلوماسية بين إثيوبيا والصومال بشكل كبير منذ الأول من يناير عندما وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إدارة أرض الصومال يسمح الاتفاق لإثيوبيا بالوصول إلى البحر وقاعدة عسكرية مقابل الاعتراف المحتمل بأرض الصومال  .

2- زاد الغضب الصومالي بفعل إضافي مصدره الولايات المتحدة إذ كان رد الفعل الأمريكي إزاء قلق الصومال من مذكرة التفاهم الإثيوبية مع صوماليلاند مُثير للإشمئزاز و مماثل لنفس المواقف الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني في حرب الإبادة في غـــزة فقد نشر موقع BBC NEWS Somali في 2 يونيو2024أن وزير الخارجية الأمريكي طــلب من الرئيس الصومالي التوقف عن إثارة “التوتر الإقليمي” (واضح أن حرب غزة قد جعلته وقح بشكل واضح)ففي محادثة هاتفية بين أنتوني بلينكن والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ناقشا   شؤون المنطقة فتحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود وناقشا المصالح الأمنية في القرن الأفريقي بما في ذلك خفض التوترات في المنطقة” وقال المتحدث باسم البيت الأبيض ماثيو ميللر في بيان أن الولايات المتحدة الرئيس الصومالي إلى التركيز على “محاربة الإرهاب” وإنهاء خطط استبدال بعثة الاتحاد الأفريقي المؤقتة في الصومال (ATMIS) كما ناقشا الدور المهم الذي تلعبه بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في الصومال (الإرهاب هو عبارة عن أسطورة أمريكية وهو موضوع أمريكي  مُصطنع يردده الأمريكيون كالأسطوانة المشروخة لتسويغ وجودهم العسكري في العالم ) كما جاء في البيان الصحفي  .

وفقاً لمضمون هذه المكالمة فإن الولايات المتحدة في نظر وزير الخارجية الأمريكي الصهيوني لا يعنيها وحدة أراضي الصومال وسيادته علي أراضيه إنما يعنيها فقط الإرهاب ذلك الوهم المُبالغ فيه والذي تروج له الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين مع المعتدليين العرب كسبب للوجود Raison D’être لا أكثر ولا أقل , واعتقد أن هذه المكالمة الهاتفية ستكون سبباً كافياً يدفع الرئيس الصومالي مستقبلاً للخروج بطريقة ما عن المدار الأمريكي الذي أفقد الصومال سيادتها لحساب الإثيوبيين ويدفعه كذلك إلي الروس الذين وقعوا مع السودان إتفاقاً بشأن قاعدة بحرية لهم في بورسودان لكنها جـــُمدت  وربما لو سنحت الفرصة للصومال لمد اليد للروس فستمنحهم موطئ قدم إستراتيجي في ساحـل الصومال الذي يأملون فيه فهو  يطل علي ثلاث مسطحات بحرية إستراتيجية هي المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر التي لو تمركزوا بالإطلال عليها لوجهوا ضربة قاصمة للقيادة العسكرية الأمريكية للمحيطين الهادئ والهندي  INDOPACOM والقيادة العسكرية المركزية للولايات المتحدة USCENTCOM .

من الطبيعي إذن أن يشن وزير الدفاع الصومالي عبد القادر محمد نور المعروف باسم (جاما وكان في عام 2009 عضواً في حركة الشباب الصومالي داخل اتحاد المحاكم الإسلامية) ففي خطاب ناري ألقاه في نهاية الأسبوع الأخير من يونيو كما نشرت ذلك HORN OBSERVER  في 28 يونيو2024هجوماً وإنتقاداً غير مسبوق للولايات المتحدة وإذاعة صوت أمريكا  VOA ووصفهما بأنهما “طفيليتان مصاصتا دماء” تستفيدان من مصائب الصومال وأضاف “إن هؤلاء الطفيليين مصاصي الدماء يعيشون للاستفادة من مشاكل الشعب الصومالي وهم في الغالب أجانب فهم يتلاعبون بالمعلومات من خلال الراديو والتلفزيون والمواقع الإلكترونية مثل إذاعة صوت أميركا، مدعين أن حركة الشباب استعادت الأراضي التي استولى عليها الجيش الصومالي وأن هدفهم هو ضمان عدم تحمل الصومال المسؤولية أبدًا وبقائها دائمًا تحت رعاية أجنبية لأمنها ونحن سنهزم هذا العدو مصاص الدماء فهم أجانب”وقال : “أقول لهم إن الصومال تقدمت إلى الأمام ولن تعود إلى الوراء فلن تتلاعبوا بنا ولن تستخدموا اسمنا للحصول على تمويل من العالم من خلال تشويه صورتنا وختم بأن قال: ….وأقول لهذه المجموعات : موتوا بغضبكم فنحن مستعدون لذلك وسنحكم بحرنا وأرضنا قريبا”وانتقد جاما أيضًا السياسيين المعارضين ووصفهم بأنهم أفراد لا يريدون رؤية تقدم البلاد ويُذكر في هذا الصدد أنه في 30 يونيو2024أكد رئيس ما يُسمي بجمهورية أرض الصومال موسي بيهي أن مقديشو تتفاوض مع حركة الشباب الصومالي وزعم أن الرئيس الصومالي يغير موقفه تجاه الجماعة الإرهابية , وقد يكون هذا الأمر صحيح جزئياً فكلام وزير الخارجية الأمريكي الوقح مع الرئيس الصومال شيخ محمود يعني أن الولايات المتحدة لا تكترث إلا بالتهمة الممجوجة التي تطلق عليها : “إرهاباً” فحماس تمارس الإرهاب وحركة الشباب الصومالي وكل من يقاوم ظلماً أو إحتلاًلاً أو قهراً إلي أن ذاب مصطلح الإرهاب ولم يعد حقيقياً في جوهره ولا مظهره معاً  ولذلك هز الوزير الأمريكي كتفه Shrug his shoulders غير عابئ بالخطر الإثيوبي علي سيادة ووحدة الصومال فهي لا تهمه في شيئ فالولايات المتحدة عندما تريد فعل شيئ ولو كان ضد سيادة الول لفعلته فهي مثلاً طلبت مؤخراً من قبرص اليونانية عدم السماح للسفن الروسية من الرسو في موانئها مقابل رفع الحظر علي السلاح لها ففعلت والأمثلة عديدة , ومن ثم فمن المحتمل أن يبحث الرئيس الصومالي عن حلفاء داخليين أقوياء كحماس في غـزة ليواجه بهم إثيوبيا والولايات المتحدة وكذلك فسيبحث عن حلفاء خارجيين كما فعلت النيجر وبوركينافاسو ومالي (تحلف الساحل الجديد) ويقوم بطرد الولايات المتحدة عندما يستعيد عزيمته كهؤلاء الأقوياء .

كان موقع FOREIGN POLICY IN FOCUS قد أشار في 31 مايو 2024 إلي أنه في الخامس عشر من فبراير 2024 حضرت مولي ماكفي مساعدة وزير الخارجية للشؤون الأفريقية حفلاً في مقديشو بالصومال لتوقيع اتفاقية أمنية مع ذلك البلد والتي بموجبها ستقوم الولايات المتحدة ببناء خمس قواعد عسكرية لتوفير التدريب للواء داناب Danab Brigade النخبوي لعمليات مكافحة الإرهاب بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي وتضع الاتفاقية الولايات المتحدة والصومال وإريتريا ومصر في مواجهة إثيوبيا التي وقعت اتفاقية أمنية مع دولة أرض الصومال المعلنة ذاتيا لإنشاء قاعدة بحرية وميناء على الساحل الصومالي في مقابل وعد بأن تعترف إثيوبيا بأرض الصومال كدولة مستقلة ورغم أن Marine General- Michael Langley لم يذكر التوترات المتصاعدة في منطقة القرن الأفريقي في جلسات الاستماع فإن التهديد الوشيك بالحرب في المنطقة يشكل بالتأكيد مصدر قلق كبير بالنسبة له  .

3- إتخذت جمهورية الصومال الفيدرالية في 5 سبتمبر  2023 خطوة غير مسبوقة بطرد السفير الإثيوبي مختار محمد وير , كما استدعت جمهورية الصومال الفيدرالية ممثلها في أديس أبابا وأمرت بإغلاق القنصليات في المنطقتين الانفصاليتين في أرض الصومال وبونتلاند ويأتي طرد جمهورية الصومال الفيدرالية للسفير الإثيوبي لديها في خضم نزاع محتدم حول اتفاقية الوصول إلى البحر الأحمر التي أبرمتها إثيوبيا في وقت سابق من هذا العام مع أرض الصومال المنفصلة مما أدى إلى تفاقم النزاعات الإقليمية في القرن الأفريقي طويلة الأمد بين دول شرق إفريقيا المجاورة وقد تم الإعلان عن طرد السفير وير من قبل وزارة الخارجية الصومالية التي أشارت إلى انتهاكات إثيوبيا لسيادة الصومال وشؤونها الداخلية ويؤكد قرار الصومال بطرد السفير على خطورة الخلاف بين البلدين حيث تستمر التوترات في الغليان بشأن الصفقة البحرية المثيرة للجدل , وردا على طرد الصومال للسفير الإثيوبي وير نفت إثيوبيا الاتهامات بالتوسع الإقليمي وأكدت التزامها بالعلاقات السلمية مع جارتها ومع ذلك فإن الطرد يمثل تصعيدا كبيرا في الأعمال العدائية الدبلوماسية ويؤكد على المظالم العميقة الجذور والنزاعات الإقليمية غير المحلولة التي لا تزال تعصف بالعلاقات بين الصومال وإثيوبيا ومع استمرار التوترات تستعد المنطقة لتداعيات محتملة على الاستقرار والتعاون الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي  .

4- صــرح مسؤول صومالي كبير  في 2 يونيو2024 أن الصومال سيطرد آلاف من الجنود الإثيوبيين المتمركزين في البلاد للمساعدة في إرساء الأمن بحلول نهاية العام ما لم تلغ أديس أبابا اتفاق ميناء بربرة مع جمهورية صوماليلاند المزعومة المتنازع عليه  ومن المعروف أن هناك بالصومال الفيدرالي ما لا يقل عن 3 آلاف جندي إثيوبي وهم جزء من بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي التي تقاتل حركة الشباب التي تسيطر على أجزاء كبيرة من الصومال في حين يتمركز ما يقدر بنحو 5 آلاف إلى 7 آلاف جندي في عدة مناطق بموجب اتفاق ثنائي .

يقول خبراء أمنيون ودبلوماسيون أجانب إن هذه الخطوة قد تزيد من زعزعة استقرار الصومال لأن القوات المحلية لن تكون قادرة على ملء الفراغ الأمني الأمر الذي من المرجح أن يستغله مقاتلون من حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة  وهي في إعتقادي رؤية غير موضوعية بالمرة إذ أن الوجود الإثيوبي يراه معظم الصوماليين إن لم يكن كلهم علي أنها وجود قوة إحتلالية ذات أطماع تاريخية وكان مستشار الأمن القومي الصومالي حسين شيخ علي قد صرح لوكالة  لرويترز عبر الهاتف أنه “إذا لم يلغوا (الاتفاق) قبل نهاية يونيو2024 أو عندما يتم تحديد التفويض الجديد للبعثة فسوف يتعين على كل القوات الإثيوبية وقوات حفظ السلام الدولية والثنائية الرحيل” “فلا يمكن لإثيوبيا أن تكون حليفًا ومعتديًا في نفس الوقت” , وإتصالاً بذلك فمن المقرر أن تنسحب بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال التي فوضها مجلس الأمن الدولي، بالكامل وتسلم المسؤوليات الأمنية إلى الدولة الصومالية بحلول نهاية عام 2024.

أكد مستشار الأمن القومي الصومالي حسين شيخ ثانية ما تقدم في تصريح آخـرنشره موقع I Africa في 4 يونيو 2024أشار فيه إلي أن الصومال تتوقع مغادرة جميع القوات الإثيوبية للبلاد عند انتهاء ولايتها مع بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية وأوضح أن القوات الإثيوبية لن تشارك في مهمة المتابعة مع الاتحاد الأفريقي والشركاء الدوليين الآخرين لتأمين البنية التحتية الرئيسية في البلاد وتأتي خطوة الصومال لاستبعاد إثيوبيا من المزيد من المهام ردًا على قرار الأخيرة بالاعتراف بأرض الصومال وهي منطقة منشقة في شمال غرب الصومال وقعت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع أرض الصومال في يناير 2024منحتها حقوق تأجير ساحلها على البحر الأحمر حيث تخطط لبناء قاعدة بحرية مقابل الاعتراف الدبلوماسي يستنكر الصومال هذه الخطوة ويصفها بأنها انتهاك للسيادة الوطنية  .

5- نـفت إثيوبيا في 25 يونيو2024 اتهام الصومال لجنود إثيوبيين بعبور الحدود الصومالية وقالت أن “لا أساس له من الصحة” فقبل ذلك النفي بأسبوع اتهمت الصومال قوات إثيوبية بعبور الحدود الصومالية دون تصريح من الحكومة الفيدرالية الصومالية وتقدمت الصومال بشكوى رسمية للأمم المتحدة عبر سفيرها أبو بكر ضاهر عثمان.وذكرت أن قوات إثيوبية خارج بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في البلاد عبرت الحدود ونقلت مصادر صومالية عن مسؤولين من منطقة هيران – التي عبرت إليها القوات الإثيوبية – تقديرها لعدد الجنود المُتسللين بأنه ما بين 3000 و4000 , ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الأمهرية عن نبيو تيدلا المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية قوله إن إثيوبيا لديها قوات في الصومال منتشرة فقط في إطار بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي والاتفاقيات الثنائية كما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن المتحدث الإثيوبي قوله “لم يتم تنفيذ عملية عبر الحدود” وأضاف أنه جرت مناقشة مع كبار قادة قوات الدفاع الإثيوبية الذين يقودون العملية في الصومال وأنه تم التأكيد على وجود تدريب منتظم في حالة الخطر الوشيك وأضاف المتحدث أن تغيير المعسكرات العسكرية ونقل القوات ونقل الإمدادات العسكرية الأخرى ليست ممارسات غير عادية كما تم التأكيد، وفقًا للتقرير على أن قوات حفظ السلام الإثيوبية قامت مؤخرًا بمثل هذه التحركات وأضاف المتحدث الإثيوبي أن الحكومة الفيدرالية الصومالية ليس لها سيطرة علي كل أراضي الصومال   .

6- أعــلن في 28 يونيو 2024 نقلاً عن صحيفة (هورن أوبزرفر) قولها أنه في تغيرغير مسبوق وافق مجلس الوزراء الصومالي على قرار بشأن التهديدات الأمنية الوطنية أعده مكتب مستشار الأمن القومي وأعلن عن ثمانية تهديدات للأمن القومي من بينها الانفصال وهذه التهديدات الثمانية هي : الإرهاب والانفصالية وهشاشة الدولة والحدود المسامية Porous borders والتدخل الأجنبي وتغير المناخ والمخاطر التكنولوجية والأزمات الاجتماعية , فلأول مرة يتم تصنيف الحركة الانفصالية رسميًا باعتبارها تهديدًا للأمن القومي ويشير هذا إلى تحول في كيفية تعامل مقديشو مع أرض الصومال وهي المنطقة التي أعلنت استقلالها عن بقية الصومال في عام 1991وسعت منذ ذلك الحين إلى الحصول على الاعتراف الدولي كذلك تعمل بونتلاند وهي منطقة أخرى في شمال شرق البلاد بشكل مستقل منذ أن خرجت من الحكومة الفيدرالية في مارس 2024 وأوضح مكتب رئيس الوزراء في بيان أن سياسة الأمن القومي الجديدة تستند إلى “رؤية جديدة للحكومة الصومالية للحماية من التهديدات الكبرى التي قد تهدد وجود وحكم ووحدة البلاد والشعب الصومالي” وقد ضم الاجتماع المُشار إليه والذي ترأسه رئيس الوزراء حمزة عبدي بري وزراء رئيسيين مثل وزراء الأمن الداخلي والدفاع  وأكد رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري على أهمية السياسة الجديدة : “هدفنا هو حماية سلامة الوطن وضمان استقرار ووحدة الشعب الصومالي”ومع استمرار تطور المشهد السياسي في الصومال فإن إدراج الانفصال في قائمة التهديدات الأمنية الوطنية يمثل تحولاً كبيراً في السياسة ويؤكد التزام الحكومة بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسيادة .

رغم أن الصومال سبق وأن أعلن عقب توقيع إثيوبيا مع جمهورية أرض الصومال المزعومة مذكرة التفاهم بشأن تأجير 20كم بميناء بربرة أنه لن يكون هناك مجال للوساطة مع أديس أبابا ما لم تسحب الأخيرة مذكرة التفاهم مع أرض الصومال إلا أن هذا الموقف ما لبث وأن تغير بعد أيام فقط من إعلان الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود أن حكومته ليست ضد حصول إثيوبيا على حق الوصول إلى البحر مما أثار غضب الجمهور الصومالي ورد فعل على وسائل التواصل الاجتماعي كذلك أعلن الرئيس الصومالي في يونيو2024أن الصومال لا ينوي منع إثيوبيا من الوصول إلى البحر الأحمر لكنه يطلب أن يحدث ذلك بنفس طريقة التعاون التي يضمنها للدول الأخرى ولن يقبل أي حل يتجاوز ذلك وأضاف قوله : “إذا كانت إثيوبيا تريد الوصول إلى بحر الصومال فنحن نرحب بذلك ولكننا نريد لها الوصول بنفس الطريقة التي تتمتع بها أوغندا بالوصول إلى بحر كينيا وبنفس الطريقة التي تتمتع بها بوروندي ورواندا” وقال محمود في كلمة ألقاها في مقديشو حول تعزيز التعاون الإقليمي في مجموعة شرق إفريقيا (EAC) إن الصومال يصل إلى بحر تنزانيا وبنفس الطريقة التي تتمتع بها الصومال بالوصول إلى بحر جيبوتي وأضاف الرئيس أن “السؤال هو كيفية” الوصول إلى البحر الصومالي مضيفا للإثيوبيين: “انسوا نشر قوات بحرية في الصومال ووجود قاعدة بحرية في الصومال”  , وقد يكون تغير الموقف الصومالي ممهدا لإغراء إثيوبيا علي قبول الوساطة التـركـيـة  وعلي أي الأحوال ليس من الواضح بعد ما إذا كانت إثيوبيا قد وافقت على التراجع عن صفقة أرض الصومال الأمر الذي أثار مخاوف الولايات المتحدة من أن الأمور قد تؤول بسبب تـجـدد الأطماع الإثيوبية في الصومال  في النهاية إلي أن تفيد حركة الشباب من خلال العمل علي إستخدام مذكرة تفاهم يناير 2024 مع صوماليلاند بشأن بربرة كمحرك لتجنيد الصوماليين للإنخراط في الجماعة الجهادية الصومالية التي انتشرت في البلاد بعد الغزو الإثيوبي للبلاد عام 2006  .

قبل إنعقاد المحادثات في تركيا بين وزيري خاجية إثيوبيا وجمهورية الصومال الفيدرالية نشرت Horn Observer من هرجيسا عاصمة صوماليلاند في 21 يونيو2024 أنه من المتوقع أن تعلن إثيوبيا وأرض الصومال عن تنفيذ مذكرة التفاهم بينهما في أوائل يوليو2024 وذلك حسبما قال مسؤولون في أرض الصومال لقناة كاب تي في التي أشارت إلي أن اللجنة الفنية التي كلفها رئيس أرض الصومال موسى بيحي عبدي قام أعضاءها بزيارة سيلاك وبربرة ولوجايا وهي المناطق التي ورد ذكرها في مذكرة التفاهم حيث يمكن لإثيوبيا إنشاء قاعدة بحرية للوصول إلى البحر الأحمر كما أن هذه اللجنة قد أكملت تحليل مذكرة التفاهم وإجراء الاتصالات العامة وتقديم التوصيات النهائية تقريرها وأكد مصدر رئاسي في صوماليلاند أن تقرير اللجنة كان إيجابيا كما قال مصدر في أرض الصومال إن “أرض الصومال من جانبها مستعدة وتنتظر رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بمجرد حصوله على الضوء الأخضر النهائي من برلمانه” .

كما أشارت صحيفة  Horn Observer أنه من المقرر أيضًا إنشاء ممر بري يربط بربرة بمنطقة واجالي الحدودية بين إثيوبيا وأرض الصومال وأنه من المقرر أن يتولى ميناء بربرة وهو الميناء البحري الرئيسي في أرض الصومال التعامل مع 90% من واردات وصادرات إثيوبيا بمجرد دخول مذكرة التفاهم حيز التنفيذ  .

الـــمــثــيـر للدهشة أن هناك تقارير غير مؤكدة أشارت إلى أنه قبل ست سنوات اتفق آبي أحمد والرئيس الصومالي السابق محمد عبد الله فرماجو بعد اجتماع في مقديشو على “استثمار مشترك في أربعة موانئ بحرية رئيسية بين البلدين وبناء شبكات الطرق والشرايين الرئيسية التي من شأنها ربط الصومال بالبر الرئيسي لإثيوبيا”وبالإضافة إلى ذلك تضمنت الاتفاقية التزاماً بـ “الاحترام المتبادل للسيادة والسلامة الإقليمية والاستقلال السياسي ووحدة البلدين”.

في وسط هذا المناخ العاصف المُضطرب نهضت تركـيـا بدور الـوسـيـط في أزمة مذكرة تفاهم إثيوبيا مع أرض الصومال بشأن ميناء بربرة  وأجريت في مستهل يوليو2024جولة محادثات بين الصومال وإثيوبيا في أنقرة بحضور تركيا التي قامت بدور المُيسر Facilatator  إذ دعت الحكومة التركية كل من وزيري خارجية إثيوبيا Taye Atske Selassie ووزير خارجية حكومة الصومال الفيدرالية أحمد معلم الفقي لإجراء محادثات في أنقرة بحضوروزير الخارجية التركي هـاكـان فـيـدان الذي تعتبره حكومة الصومال رجلاً موثوقًا به في الحكومة التركية وشخصية بارزة ومعروفة في القارة الأفريقية وهو يتمتع بخبرة كبيرة في القضايا الإفريقية حيث كان رئيسًا للاستخبارات التركية (MIT) لسنوات وقبل وكالة التعاون الدولي التركية (TIKA) ولم تنته هذه المحادثات إلي الإعلان عن تسوية ما فقد صـدر في نهايتها بيان مشترك تم فيه التأكيد مرة أخرى على “الالتزام بالحل السلمي للخلافات” وتم الإعراب عن التقدير لتركيا لعمل الوساطة الذي تقوم به وكذلك لمساهماتها الإيجابية واتفق الوزراء على عقد جولة ثانية من المحادثات في 2 سبتمبر2024 , ففي سياق متصل بهذه الجولة من المحادثات أعرب الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود عن خيبة أمله إزاء عدم إحراز تقدم في المحادثات التي جرت في أنقرة بوساطة تركية  فقد أشارالرئيس الصومالي في 2 يوليو2024إلي إنه “لا توجد علامات تشير إلى استعداد إثيوبيا لإعادة النظر في مذكرة التفاهم المثيرة للجدل”وأضاف أنه “لا توجد مؤشرات حتى الآن على أن الإثيوبيين يتراجعون عن هذا المسار” في إشارة إلى القضية الأساسية التي أعاقت التقدم خلال الجولة الأولى من المحادثات وهي قضية  مذكرة التفاهم مع إقليم “أرض الصومال” بشأن الحصول على منفذ إلى البحر الأحمر لمدة 50 عاماً وكشف الرئيس الصومالي أن “إثيوبيا هي التي طلبت وساطة تركيا في المحادثات”وقال إن “إثيوبيا لم تظهر أي علامات على إلغاء مذكرة التفاهم مع أرض الصومال بل أن  موقع ALL AFRICA   نشر علي موقعه في 20 يونيو2024أن رئيس جمهورية أرض الصومال المزعومة موسى بيهي عبدي صرح في مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمزفقال : “أن هناك فوائد أمنية للقاعدة البحرية الإثيوبية في بربرة وأن الوجود البحري الإثيوبي يمكن أن يساعد في احتواء التهديد الحوثي في ​​خليج عدن (لم يحتو الإثيوبيين بعد ولعقود ماضية تمرد التيجراي في الداخل الإثيوبي) فقد عطل الحوثيون طرق الشحن وساهموا في عدم الاستقرار الإقليمي ومن الممكن أن تكون القاعدة البحرية الإثيوبية القوية بمثابة رادع لهذه الأنشطة المسلحة مما يضمن المرور الآمن للسفن التجارية وتعزيز البنية الأمنية الشاملة في خليج عدن ويتماشى هذا التطور مع الجهود الدولية الأوسع(الفاشلة كما نري جميعاً) لتحقيق الاستقرار في المنطقة وتأمين طرق التجارة البحرية الحيوية” , وبعيداً عن ترهات الرئيس العميل للإثيوبيين موسي بيهي فيمكن القول في النهاية  أن الجولة الأولى من المحادثاتبين أثيوبيا والصومال في أنقرة قد فشلت ويُستبعد إنعقاد جولة أخري في سبتمبر مالم يضعف الموقف الإثيوبي لأسباب أخري فقد أوضح أن الوفدين سيعودان إلى عاصمتيهما لإجراء مزيد من المشاورات قبل الجولة الثانية من المحادثات المقرر عقدها في 2 سبتمبر 2024 في أنقرة كما أكد تقدير صحفي من بونتلاند بشان هذه الجولة من المحادثات أنه ليس هناك اختراق في المحادثات وفي بونتلاند يعمل الإثيوبيين علي تحقيق مزيد من الإنفصال بينها وبين جمهورية الصومال الفيدرالية فهم يستهدفون في إستراتيجيتهم التمركز العسكري البحري في أكثر من نقطة ساحلية بالإضافة إلي بربرة فهم علي المدي البعيد يستهدفون عقد مذكرة تفاهم أخري مع بونتلاند بشأن قاعدة بحرية أخري في بوصاصو Bosaso علي الساحل الجنوبي لخليج عدن للإقتراب أكثر من جمهورية الصومال الفيدرالية , وأشارة إلي الجهود التخريبية الإثيوبية التي تقوم أساساً علي تأليب الصوماليين وتنشيط وإشعال المشاعر الإنفصالية وإذكاؤها نشر موقع msn.com بالإحالة علي   وكالة رويترز للأنباء في 9 يوليو2024أن كيان بونتلاند وهو شبه دولة شبه مستقلة غير معروفة إلى حد ما قد  رفض التغييرات التي اقترحتها دولة الصومال الفيدرالية  المجاورة لها وتقول بونتلاند الآن إنها ستجري استفتاءً بشأن ما إذا كانت ستقبل التعديلات التي أدخلتها مقديشيو على دستورها – بما في ذلك العودة إلى الاقتراع العام وهو الحق الذي يتمتع به جميع البالغين تقريبًا في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات وقال مجلس وزراء بونتلاند في بيان : “سحبت إدارة بونتلاند اعترافها وثقتها بمؤسسات الحكومة الصومالية الفيدرالية حتى يتم الحصول على عملية دستورية صريحة مقبولة بشكل متبادل”وأضافت أن “بلاد بونتلاند ستتمتع بسلطتها الحكومية الشاملة إلى أن يتم وضع نظام حكومي فيدرالي مع وجود دستور صومالي مقبول من الطرفين يخضع لاستفتاء عام” فيما تقول الحكومة الصومالية إن هذه التعديلات ضرورية لإرساء نظام سياسي أكثر استقرارا , كذلك انعكس التوتر بين أبوظبي ومقديشو على إعلان حاكم إقليم بونتلاند سعيد دني المقرب من الإمارات وإثيوبيا عدم اعترافه بسلطة الحكومة الفيدرالية الصومالية – كما أشرت – في مارس 2024، بحجة اعتراضه على اعتماد قانون جديد يتيح حق الاقتراع العام المباشر وهو ما ردت عليه حكومة مقديشو بإصدار قرار شكلي بإغلاق القنصليات الإثيوبية في أرض الصومال وبونتلاند .

عقب إنتهاء المحاثات بين وزيري خارجية إثيوبيا والصومال في أنقـرة في 2يوليو2024 انتقد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد علناً خلال خطابه أمام البرلمان الإثيوبي في 4 يوليو 2024 الحكومة الصومالية بسبب “رفضها الدخول في حوار” لإنهاء التوترات الدبلوماسية التي شوهت العلاقات بين مقديشو وأديس أبابا على مدى الأشهر الستة الماضية وقال  ن النزاع بين الصومال وإثيوبيا الذي نشأ في أعقاب مذكرة تفاهم وقعها مع رئيس أرض الصومال موسى بيهي في يناير يمكن حله بسهولة إذا كان قادة الصومال على استعداد للجلوس لإجراء محادثات و”أن الأمر سيستغرق ساعة من الطيران للجلوس والمناقشة ولو كان القادة الصوماليون على استعداد للجلوس لإجراء محادثات بدلاً من التنقل من دولة إلى أخرى (يعني تركيا) واتهام إثيوبيا” وخلال كلمته تلك سلط الضوء على الأهمية البالغة التي يمثلها الوصول إلى البحر بالنسبة لسكان إثيوبيا المتزايدين واقتصادها وقال آبي لأعضاء البرلمان إن الاتفاق مع أرض الصومال تم توقيعه بعد أن رفضت مقديشو المشاركة في المحادثات مع إدارته وقال “نحن نحترم سيادة الصومال والوصول إلى البحر ضروري لنمو اقتصاد إثيوبيا وسكانها وجاءت مذكرة التفاهم التي وقعناها مع أرض الصومال بعد أن رفضت جميع الدول المجاورة بما في ذلك الحكومة الصومالية طلباتنا في الواقع رفضت الحكومة الصومالية الدخول في حوار معنا” وأكد للمشرعين أن إدارته ليس لديها أي نية لإلحاق الضرر بالصومال مؤكدا أنها بدلا من ذلك “عملت على تمكين الصومال كأمة”وأشار رئيس الوزراء إلي أن “إثيوبيا تحترم سيادة الصومال ولكن أي اتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا ليس من شأن الصومال وإذا كانت الصومال تشعر بالقلق إزاء مذكرة التفاهم فيمكن حلها من خلال مناقشة مدتها ساعة واحدة(ولم يقل كيف يتأتي ذلك) ولكن الصومال اختارت نشر الأكاذيب”وانتقد آبي أحمد مقديشو لسعيها للحصول على دعم دولي في موقفها ضد الاتفاق بدلاً من حل المشاكل من خلال المحادثات المباشرة وأشار إلى أن الأموال التي تم إنفاقها على الجهود كان من الممكن استخدامها بشكل أفضل في مشاريع التنمية في الصومال وأكد رئيس الوزراء على الفوائد المتبادلة للتعاون الإقليمي مشيرا إلى أن ازدهار إثيوبيا من شأنه أن يؤثر إيجابا على جيرانها .

من جانبه وفي ما تقدم أشار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى أنه لا توجد أي إشارة إلى أن إثيوبيا ستلغي مذكرة التفاهم المثيرة للجدل مع أرض الصومال وقال إنه “لا توجد حتى الآن أي مؤشرات على أنهم [إثيوبيا] يتراجعون عن هذا المسار”.

الموقف العام للأزمة بين الصومال وإثيوبيا وأرض الصومال إذن  كالتالي : أن اتفاقية التعاون الدفاعي التركي مع الصومال التي وقعها وزيرا دفاع البلدين في فبراير2024 تمنح تركيا “سلطة شاملة” تضمن حماية البحر الصومـالي وحدوده المائية من أي تهديد خارجي فهي تنص على بناء وتأهيل تركيا للقوات البحرية الصومالية ومساعدتها في تأمين سواحل البلاد كما تمنح السفن التركية حق تنفيذ دوريات في المنطقة الاقتصادية البحرية للصومال ومياهه الإقليمية وهو ما يعمق النفوذ التركي بالصومال ويؤمن الموقف الصومال إلي حد كبير نسبياً وفي المقابل يراهن إقليم “أرض الصومال” الانفصالي على تحالفه مع إثيوبيا ومع الإمارات أيضا الذي توج بعقد الجانبين لمذكرة تفاهم في يناير 2024 تقضي بسماح “أرض الصومال” لإثيوبيا ببناء قاعدة بحرية عسكرية على سواحله بامتداد 20 كيلو متر مقابل اعتراف إثيوبي (غير مؤكــد) به كدولة ذات سيادة وحصوله على حصة من ملكية الخطوط الجوية الإثيوبية ,   وبينما ستحرص أنقرة على تجنب الصدام مع الإمارات أو إثيوبيا والعمل على التوصل لتفاهمات مشتركة فإنها ستواصل أيضا على الضغط على هرجيسا ومنع أي إجراءات انفصالية لفرض أمر واقع، لأن تخلي أنقرة عن التزامات اتفاقها العسكري مع مقديشو يمس مصداقية تركيا كشريك أمني موثوق للحكومات الأفريقية , لكن هذه الأزمة شكلت التحالفات بالقرن الأفريقي علي الوجه الآتي : كتلة محتملة تضم إثيوبيا والإمارات وإقليمي أرض الصومال وبونتلاند في مقابل كتلة أخرى تتشكل تضم الصومال ممثلة في الحكومة المركزية وتركيا وجيبوتي وربما تنضم لهم مصر والسعودية اللتان أعلنتا دعمها لوحدة أراضي الصومال لكنّ هذه الأطراف الخارجية تربطها علاقات ومصالح متبادلة معقدة وقد يكون من المحتمل أن يكون من المبكر الجزم بأن الصومال سيتحول لساحة مواجهة جديدة بين كل أو بعض هؤلاء فقد احتجت جمهورية أرض الصومال مرة أخرى على ما وصفته بالتخريب المتكرر من جانب جيبوتي لمذكرة التفاهم بين أرض الصومال وإثيوبيا ففي مؤتمر صحفي عقده في هرجيسا2 يوليو2024اتهم وزير الإعلام في أرض الصومال علي محمد حسن جيبوتي باستضافة فصيل انفصالي يعرف باسم “حركة ولاية أودال” ضد أرض الصومال وأكد الوزير أن جيبوتي منذ توقيع مذكرة التفاهم مع أديس أبابا أعطت الأولوية للحديث سلباً عن الاتفاق محذراً من أن عدم الاستقرار على الحدود بين أرض الصومال وإثيوبيا وجيبوتي لن يصب في مصلحة أي طرف وقال حسن ” زعماء حركة منطقة Awdal شُوهدوا في  Kempinski Hotel في جيبوتي بل وحضروا احتفالات جيبوتي بيوم الاستقلال الوطني، حيث تعهدوا بالعمل ضد إدارة أرض الصومال ومواصلة نضالهم من أجل فصل منطقة أودال عن أرض الصومال”ويأتي هذا التطور بعد تعليقات أدلى بها رئيس أرض الصومال موسى بيحي عبدي الذي أعرب عن خيبة أمله قائلا إنه “لم يكن يتوقع أن تتصرف جيبوتي على هذا النحو” في إشارة إلى قرار استضافة زعماء الحركة في جيبوتي التي تتقاسم  حدوداً مع أرض الصومال كما تقيم عشائر أودال من أرض الصومال أيضاً في جيبوتي وهو ما يضيف طبقة من التعقيد إلى الديناميكيات الإقليمية  .

لم يعبأ رئيس الوزراء الإثيوبي بمستقبل الوساطة التركية التي قد تُعقد ثانية في سبتمبر القادم فأستبقها بتصريحات سلبية إذ قال رئيس الوزراء الإثيوبي خلال خطابه أمام البرلمان الإثيوبي في 4 يوليو 2024 أن النزاع بين الصومال وإثيوبيا الذي نشأ في أعقاب مذكرة تفاهم وقعها مع رئيس أرض الصومال موسى بيهي في يناير2024 يمكن حله بسهولة إذا كان قادة الصومال على استعداد للجلوس لإجراء محادثات وأن الأمر سيستغرق ساعة من الطيران للجلوس والمناقشة ولو كان القادة الصوماليون على استعداد للجلوس لإجراء محادثات بدلاً من التنقل من دولة إلى أخرى واتهام إثيوبيا خلال كلمته تلك سلط الضوء على الأهمية البالغة التي يمثلها الوصول إلى البحر بالنسبة لسكان إثيوبيا المتزايدين واقتصادها وأضاف أن الاتفاق مع أرض الصومال تم توقيعه بعد أن رفضت مقديشو المشاركة في المحادثات مع إدارته وقال “نحن نحترم سيادة الصومال والوصول إلى البحر ضروري لنمو اقتصاد إثيوبيا وسكانها وجاءت مذكرة التفاهم التي وقعناها مع أرض الصومال بعد أن رفضت جميع الدول المجاورة بما في ذلك الحكومة الصومالية طلباتنا ففي الواقع رفضت الحكومة الصومالية الدخول في حوار معنا” ثم أكد للمشرعين أن إدارته ليس لديها أي نية لإلحاق الضرر بالصومال مؤكدا أنها بدلا من ذلك “عملت على تمكين الصومال كأمة”وقال رئيس الوزراء الإصيوبي بوقاحته المعهودة التي يحاكي فيها الصهاينة:  أن “إثيوبيا تحترم سيادة الصومال ولكن أي اتفاق بين أرض الصومال وإثيوبيا ليس من شأن الصومال وإذا كانت الصومال تشعر بالقلق إزاء مذكرة التفاهم فيمكن حلها من خلال مناقشة مدتها ساعة واحدة ولكن الصومال اختارت نشر الأكاذيب”وانتقد آبي مقديشو لسعيها للحصول على دعم دولي في موقفها ضد الاتفاق بدلاً من حل المشاكل من خلال المحادثات المباشرة وأشار إلى أن الأموال التي تم إنفاقها على الجهود كان من الممكن استخدامها بشكل أفضل في مشاريع التنمية في الصومال  .

كانت مذكرة التفاهم الموقعة في الأول من يناير 2024 بين إثيوبيا وإقليم “أرض الصومال” الانفصالي هي نقطة الخلاف المطروحة بين أديس أبابا ومقديشو التي تعتبر الاتفاق انتهاكا للسيادة الصومالية وهو في تقديري تاريخ بعيد ليس له من تفسير سوي الحفاظ علي وتيرة بطيئة للنزاع حتي يمكن العثور علي حل وســط أو تأجيل أعلان فشل الوساطة التركية في تاريخ أنسب وإن لـوحظ أن الغائب الوحيد في هذه المحادثات هو أرض الصومال التي رغم أنها تعتبر طرف رئيسي في االنزاع الصومالي/الإثيوبي إلا أنه لا تركيا ولا جمهورية الصومال الفيدرالية تعترفان بها ولذلك لم تشارك في جولة المحادثات  تلك كذلك يُلاحظ أن مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال لم يتم تنفيذها بعـد , ومن الجدير بالذكر أنه في حين أكد مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي على الأهمية الاستراتيجية لمذكرة التفاهم في تمكين إثيوبيا من تحقيق هدفها الطويل الأمد المتمثل في الوصول إلى البحر وتوسيع خيارات الموانئ البحرية إلا أنه لم يتطرق صراحة إلى قضية الاعتراف بأرض الصومال وهذا يشير إلى أن رئيس الوزراء آبي أحمد ربما يختبر ردود الفعل الدولية قبل اتخاذ موقف حاسم بشأن هذه القضية المثيرة للجدل وعلى النقيض من ذلك خلال حفل التوقيع أصر رئيس أرض الصومال على أن إثيوبيا في طريقها إلى أن تصبح أول دولة أفريقية تعترف رسميًا بجمهورية أرض الصومالوهو أمـــ ر أعتقد أنه ليس مؤكداً فإثيوبيا لأسباب خارجية وأخري داخلية تخشي من إسباغ قانونية علي إقليم إنفصالي فهي مهددة بميول إنفصالية لدي التيجراي والأرومو .

إن رئيس الوزراء الإثيوبي يجذب إلي تأييده في مسلكه المؤسس علي تغيير الجعرافيا السياسية بالقرن الأفريقي دولاً أخري حتي يؤمن الطريق لتحقيق هذه الإستراتيجية ففي 29 يونيو2024 نشر موقع GAROWE ONLINE أن إثيوبيا وجنوب السودان في سبيلهما لعمل طريق حدودي بطول 220كم وذلك عقب توقيعهما في مايو2023 إتفاق مالي ماعونه 738 مليون دولار وقد صادق المحلس التشريعي لجنوب السودان في 26 يونيو2024 – وفقاً لخارجية جنوب السودان – علي الإتفاق المالي لتمويل  إنشاء هذا الطريق الحدودي وقالت الوزارة أن هذا الإتفاق وُقع من أجل تقوية الربط بين البلدين الجارين وتعزيز التعاون الإقتصادي بينهما ووفقاً لهذا الإتفاق المالي فستتحمل إثيوبيا تكلفة إنشاء الطريق وسيكون سداد جنوب السودان نصيبها من خلال دفعات نفط خام من جنوب السودان لإثيوبيا , وسيربط الجزء من الطريق علي الجانب الجنوب سوداني بلدات Paloich و Maiwut وPajak بالجانب الأخر من الطريق علي الجانب الإثيوبي , وعليه يمكن القول بأن الإستيلاء الإثيوبي علي منفذ بحري في بربرة سيدعمه شبة طرق قومية يمولها الإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي فكل هذه الكتل السياسية تدعم إثيوبيا في الواقع والحقيقة ولا ضير من بيانات إدانة لطبفة إن تطلب الأمر فسرعان ما يذيبها الواقع ولنا في سد النهضة خير مثال فلم يدعم أحد مصر التي لم تدرك بعد أن الساسية الإثيوبية نسخة من السياسة الصهيونية في فلسطين وهي سياسة  مؤسسة علي فرض الأمر الواقـع ولا يمكن مواجهة هذه السياسة إلا بالقوة العسكرية لا قوة المنطق كما فعلت وتفعل حماس التي أذلت الكيان الصهيوني ,اسقطت الأمر الواقع الذي تحاول ترسيخة في أذهان المعتدلين الـعرب .

يظل التحدي الأبرز في منطقة القرن الأفريقي والذي يهدد بتفجير المنطقة وتحويلها إلى بؤرة صراعات قومية ودينية هو طموحات رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والذي صرح في خطاب متلفز أمام البرلمان الإثيوبي في 13 أكتوبر 2023بأن وصول بلاده الحبيسة إلى الموانئ البحرية مسألة وجود وأن الإثيوبيين البالغ عددهم 150 مليونًا لا يمكنهم العيش في سجن جغرافي وأن لديهم حقوقا طبيعية ( هناك دول حبيسة جغرافياً عديدة في العالم لم تجرؤ علي الإقدام علي ما فعله هذا الرجل الذي بلغت وقاحته مستوي وقاحة الصهاينة) في الوصول إلى البحر الأحمر وبدون ذلك لن يكون هناك إنصاف وعدالة (!!!) وبالتالي ستكون مسألة وقت حتى تقاتل بلاده لتحقيق هدفها وهو ما يهدد الوضع الأمني الهش في القرن الأفريقي  .

الـــقبـضة الإثيوبــيـة علي الـــنـــيـــل  :

اجتمع ممثلون من 52 دولة أفريقية بالإضافة إلى منظمات ومؤسسات مالية من مختلف أنحاء القارة في العاصمة المصرية يوميّ 2 و3 يوليو 2024 تحت عنوان “إفريقيا في عالم متغير… إعادة تصور الحوكمة العالمية من أجل السلام والتنمية ” وفي 17 يونيو2024 أي قبل أسبوعين من هذا المنتدي التقطت صور الأقمار الصناعية إثيوبيا وهي تستعد لملء  سد النهضة الكبير الخامس والذي كان لسنوات مصدر قلق كبير بالنسبة لمصر التي تضاءل مجال المناورة الدبلوماسية والسياسية أمامها بحيث تبدو وكأنها إستسلمت للإثيوبيين لكي يفعلوا ما يشاؤون في الشعب المصري الذي كان يعاني قبل سد النهضة من شح مائي وفقاً لأرقام وزارة الري المصري ووفقاً للأمم المتحدة  التي أشارت أن مصر تواجه عجزا مائيا سنويا يبلغ نحو سبعة مليارات متر مكعب مع توقعات تشير إلى أن البلاد قد تستنفد مواردها المائية بحلول عام 2025  .

أعلنت الحكومة الإثيوبية عن خططها للمضي قدمًا في ملء خزان سد النهضة الإثيوبي الكبير للمرة الخامسة هذا الشهر على الرغم من فشل المفاوضات الجارية مع دول المصب في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن بروتوكولاته التشغيلية وتظل القاهرة قلقة من أن يؤدي تنفيذ السد إلى تقليص تدفق مياه النيل الحيوية الضرورية لاستمرار حياة مصر في حين أعربت السودان عن مخاوفها من أن تؤدي مبادرات إثيوبيا المستقلة إلى تعريض البنية التحتية لسدها للخطر  .

ففي مرحلته الأولية تراكم خزان سد النهضة 4.9 مليار متر مكعب خلال ملئه الأول الذي أجري في يوليو 2020 وشهدت عمليات الملء اللاحقة أحجامًا بلغت ثلاثة مليارات وتسعة مليارات متر مكعب وبحلول الملء الرابع الذي انتهى في 10 سبتمبر 2023بلغ إجمالي سعة الخزان 41 مليار متر مكعب مع ارتفاع منسوب المياه إلى 625 مترًا فوق مستوى سطح البحر  .

يحدث ذلك مع أن إعلان المبادئ لعام 2015 الذي وقعته في الخرطوم مصر وإثيوبيا والسودان تضمن أحكاما حاسمة منها : أولا / لا ينبغي أن يلحق سد النهضة ضررا كبيرا بأي من الدول الثلاث وثانيا / من المتوقع أن يعزز السد النمو الاقتصادي ويشجع التعاون عبر الحدود/ وثالثا، يجب أن تسبق الاتفاقيات التشغيلية أي ملء للخزان ولكن في أعقاب الملء الرابع للخزان أعلنت وزارة الخارجية المصرية عبر منشور على فيسبوك أن التوسع “الأحادي” لإثيوبيا في الخزان ينتهك إعلان المبادئ لعام 2015 الذي اتفقت عليه الدول الثلاث وبناءً على ذلك نددت مصر بأفعال إثيوبيا ووصفتها بأنها “غير قانونية” وأكثر من ذلك أو بالإضافة إلي ذلك من المتوقع أن يخضع الممر الأوسط لسد النهضة لارتفاع يصل إلى 640 مترا بحسب عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة وهو ما سيستوعب 23 مليار متر مكعب إضافية من المياه ما يرفع فعليا إجمالي سعة الخزان من 41 مليار متر مكعب إلى 64 مليار متر مكعب كما قال نادر نور الدين، أستاذ الأراضي والموارد المائية بجامعة القاهرة إن “عملية التشغيل الآن أصبحت فعليا في أيدي إثيوبيا ولا توجد ضمانات بإطلاق كمية كافية من المياه لضمان إمداد كاف لمصر والسودان خلال فترات الجفاف أو الجفاف المزدوج ” وأضاف شراقي أن قدرة مصر على التخفيف من أسوأ آثار عمليات ملء السدود السابقة وتجاوز آثار عملية الملء الخامسة المقبلة ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الخزان الاستراتيجي لبحيرة ناصر لا ينبغي أن تمنع الحكومة القادمة من تكثيف جهودها لحماية الحقوق المائية المصرية وأكد أن الطرح الخامس يعد انتهاكا آخر لإعلان المبادئ وكل الأعراف الدولية المتعلقة بإقامة مشاريع المياه على الأنهار المشتركة ففي 22 مارس2024 قال إن “إثيوبيا ستكون مسؤولة عن أي تأثير على مصر”.

منذ أن وضعت إثيوبيا رسمياً حجر الأساس في  2 أبريل 2011 إيذاناً ببدء إقامة سد النهضة علي مجري النيل الأزرق علي بعد 20 كم من حدودها مع السودان ومع الفشل المتكرر لجولات التفاوض بين مصر وإثيوبيا والسودان آخرها جولة واشنطن التي إنتهت بالفشل حيث رفضت حضور مراسم التوقيع علي الإتفاق  وأما السودان فحضر لكنه رفض التوقيع  أما الولايات المتحدة التي رعت وزارة خزانتها هذه الجولة التفاوضية فأصدرت بيان بتاريخ 28 فبراير 2020 أشار إلي ” أنه  تمشيا مع المبادئ المنصوص عليها في إعلان المبادئ لعام 2015 ولا سيما مبادئ عدم التسبب في ضرر كبير لبلدان المصب فلا ينبغي أن يُجري الاختبار النهائي لعملية الملء دون اتفاق ” و ” أن المعايير الدولية للأمان يجب أن تُستوفي قبل أن يبدأ الملء” وهو ما رفضته إثيوبيا ببيان رسمي أشارت فيه إلي ” أنها مالكة سد النهضة وستبدأ الملء الأول له بالتوازي مع بناءه وبالتوافق مع مبادئ الإستخدام العادل والمعقول وعدم التسبب في ضرر” وبعد فشل هذه الجولة التي عولت علي نجاحها مصر بإعتبار ما تعتقده من نفوذ أمريكي علي أطراف التفاوض , وهو ما لم يكن إعتقاداً واقعياً , بعد ذلك توجه وزير الخارجية المصري إلي 7 دول عربية في جولة دبلوماسية بدأت في 7 مارس 2020 ثم زار بلجيكا وفرنسا في 11 مارس ثم زار 7 عواصم أفريقية بالتوازي مع توجه وفد عن الخارجية المصرية لدول عربية أخري بهدف بناء مواقف مواتية من هذه الدول تدعم موقف مصر في أزمتها مع إثيوبيا بشأن سد النهضة وأخيراً وجهت مصر بتاريخ الأول من مايو 2020 رسالة لرئيس مجلس الأمن الدولي لإحاطته  في 17 صفحة بأزمة سد النهضة , هذا في الوقت الذي قامت فيه إثيوبيا بحملة موازية مُضادة للحملة المصرية ومن الواضح إذن أن الجهد الدبلوماسي المصري إستنفذ أغراضه فإثيوبيا منذ الإعلان عن إقامة هذا السد / الأزمة وضعت تصميمين أحدهما هندسي بمواصفات تتجاوز القانون الدولي ومصالح والأمن القومي لدولتي المصب أي مصر والسودان والآخر دبلوماسي / سياسي تأسس علي مبدأ إستهلاك الزمن وبعثرة إمكانيات الخصم المفاوض وخاصة مصر التي كانت حبال صبرها كحبال من رمال ناعمة لا يصل بها إلي مـــقـــصد ولا جـــهـــة , ولذلك لم يعد أمام مصر إلا الخيار العسكري أو علي الأقل الحديث عن الخيار العسكري والذي حتي لو إفترضنا أن مصر ستمضي بثبات نحو الأخذ بإصرار بهذا الخيار فإنها تكون قد أبرأت ذمتها أمام المجتمع الدولي الساكت عن جريمة إثيوبيا ماضية في إرتكابها وهي جريمة الإبادة الجماعية للأمة المصرية (أكثر من 100 مليون نسمة) التي ليس لهامصدر مائي إلا مياه النيل تشربها وتزرع بها أراضيها وتحقق بنصيبها الحالي منها(55,5 مليار متر مكعب) الحد الأدني من أمنها الغذائي  فسد النهضة لإثيوبيا خيار بين وضعين حياة بدونه أو حياة أفضل به  أما مصر فالسد بمواصفاته الفنية تلك موت مُحقق لها .

في مقال  نشره موقع IDEAS عام 2019تحت عنوان : ” فهم المخاطر وإدارة التصورات في حوض النيل بعد اكتمال سد النهضة الإثيوبي الكبير” أشار إلي “أن استكمال بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير سوف يبشر بعصر جديد من التعقيد في كل من إدارة المياه والسياسة في حوض النيل وسوف تعتمد النتائج التي سوف تتحقق لإثيوبيا والسودان ومصر على الظروف المناخية التي لا يمكن التنبؤ بها بطبيعتها وعلى إجراءات إدارة المياه المتخذة في كل بلد ونحن نستخدم تسلسلات التدفق التاريخية المختارة التي تمثل ظروف التدفق المتوسط ​​والعالي والمنخفض ونموذج محاكاة النيل المعاير لتشغيل الخزان لبناء سيناريوهات توضيحية لملء وتشغيل سد النهضة ونحن نركز على الكيفية التي قد يخلق بها الجفاف المطول مخاطر على إمدادات المياه أثناء وبعد ملء سد النهضة” .

نأتي إلي الحقيقة العارية فقد أشار المسؤلين الإثيوبيين في نهاية يونيو 2024 إلي أن ملء سد النهضة الإثيوبي الكبير لم يعد خاضعًا للمفاوضات إذ أكدت السلطات الإثيوبية أن ملء سد النهضة الإثيوبي الكبير لم يعد محل تفاوض وهو ما أكده بشكل غير مباشرالسفير الإثيوبي في القاهرة إذ قال بأنه لا توجد اتصالات موضحًا أن “المسؤولين الإثيوبيين أكدوا أن ملء سد النهضة لم يعد موضع تفاوض” وبحسب تصريح خبير المياه المصري وأستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي الذي كشف في مقابلة مع برنامج “يحدث في مصر” التليفزيوني عن الانتهاء من المراحل الأربع لملء سد النهضة ليصل إجمالي حجم المياه المخزنة إلى 41 مليار متر مكعب والهدف النهائي هو الوصول إلى 74 مليار متر مكعب كما (المدهش أن هذا الرجل مازال يعول علي مفاوضات تجريها إثيوبيا للحفاظ علي مظهرها ولإستهلاك الوقت للمضي بحرية في تنفيذ السد) موضحا أن إثيوبيا قامت بتركيب توربينين ولديها 11 توربينًا آخر لتركيبها وقال خبير المياه المصري إن الطاقة التخزينية القصوى للسد الإثيوبي تبلغ 24 مليار متر مكعب  .

النزاع إذن معقد وبقاءه هذا الزمن مُعلقاً بمفاوضات عبثية جعله أكثر تعقيداً ومستعصياً علي أي حل عسكري فأي ضربة عسكرية غير محسوبة مع كم المياه الضخم المحجوز في بحيرتي سد النهضة ستكون كارثية بحيث يتدمر سدود وخزانات السودان ومنها واهمها خزان الروصيرص والسد العالي في مصر أي ستكون دمار للدول الثلاث لأنها ضربة متأخرة جداً , فلا توجد سلطة فوق وطنية يمكنها حل النزاعات الدولية بشأن المياه وبالتالي وقد تكون اتفاقية الأمم المتحدة بشأن قانون الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية (اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية) هي الحل ومع ذلك فعندما يتعلق الأمر بنزاع مياه النيل الشرقي مثلاً وبالتحديد بين مصر وإثيوبيا يمكن لكلا الجانبين استخدام مواد مختلفة من اتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية لدعم حججهما القانونية ونتيجة لذلك لا يوجد الكثير مما يمكن لاتفاقية الأمم المتحدة للمجاري المائية أن تقدمه لحل هذا النزاع  .

في 17 يوليو2020 أعربت حكومة السودان عن غضبها من تحرك إثيوبيا لملء سد النهضة المثير للجدل فقد قال السودان إن مستويات المياه تنخفض بمعدل 90 مليون متر مكعب يوميا – وهو ما يعادل نحو 36 ألف حمام سباحة أوليمبي – في محطة مياه الديم الواقعة على الحدود مع إثيوبيا فقد فشلت سنوات من المفاوضات الشاقة في التوصل إلى توافق في الآراء بشأن كيفية وموعد ملء الخزان وكمية المياه التي يجب أن يطلقها ولكن في 21 مايو2021 صرح وزير الري السوداني السابق عثمان التوم حامد بأن بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير مفيد جدًا للسودان في العديد من الجوانب وأنه سوف يعود بفوائد هائلة على السودان وسيكون بمثابة حجر الأساس لخلق تكامل اقتصادي إقليمي أكثر قوة وحيوية بين دول القرن الأفريقي مع إمكانية التوسع إلى ما هو أبعد من ذلك وأضاف أن “النمو السكاني يسير جنباً إلى جنب مع توسع الاحتياجات ولذلك فإننا سنركز على تقاسم المنافع بدلاً من التركيز على حصة المياه” (قد يكون هذا الكلام الفلسفي صحيح جزئياً لو كان الحديث عن دولة أخري غير إثيوبيا ذات المطامع التوسعية في السودان فهي تطمح في مليون فدان خصيب في أرض الفشقة السودانية وتطمع في كسر مصر وإضعافها لتحل محلها) وأشار إلي أن “هناك أربعة سدود كهرومائية تم بناؤها على نهر النيل بما في ذلك سد النهضة وكلها مخصصة لتوليد الطاقة الكهرومائية” وأوضح أن قيام إثيوبيا ببناء سدود الطاقة الكهرومائية على نهر النيل من شأنه أن يكتسب أهمية كبيرة في تنظيم تدفق المياه إلى السودان والحد من حدوث الفيضانات من خلال تقليل التبخر وأن “بناء المزيد من السدود الكهرومائية من قبل إثيوبيا من شأنه أن يجلب المزيد من الفوائد لدول حوض النيل السفلى كما أن استكمال سد النهضة سيكون له أيضا نتائج إيجابية لبلاده فسيكون سد النهضة الإثيوبي الكبير قادرًا على توفير تدفق مستمر للمياه يبلغ 130 مليون متر مكعب يوميًا وسيكون مثل سد أسوان بالنسبة لمصر ومن خلال توفير تدفق منتظم للمياه لجميع دول المصب يمكن أن يخلق السد الإثيوبي الضخم فرصة للسودان لعدم تخزين الكثير من المياه في سدوده حيث يمكنه تشغيل سدوده بمعدلات أقل” وأكد أنه حتى مع قيام إثيوبيا ببناء ثلاثة سدود إضافية على نهر النيل فسيكون كل هذا مفيدا للسودان .

نــــتــــيـــجـــة :

– هناك الآن نزاعان في القرن الأفريقي القاسم المشترك فيهما إثيوبيا والأطراف الخري فيهما هم كل من : مــصــر وتــركــيـا والـصـومـال وصوماليلاند وجيبوتي وهذان النزاعان لا تترك فيهما السياسة الإثيوبية حيزاً لوساطة منتجة لا لتركيا ولا الإتحاد الأفريقي ولا منظمة إيـجـاد فهذا علي الأقل ما يثبت بقاء النزاع علي ما هو عليه وهو نزاع إن نجحت إثيوبيا في الـظـفـر فيه فستولي وجهها شطر ميناء زيلع وميناء بوصاصو في بونتلاند فإثيوبيا تتنكب خطي الكيان الصهيوني في تطبيق سياسة الأمر الواقع بتحقيق أطماعها الأقليمية فهي كاكيان الصهيوني تطبق سياسة الإستيلاء علي الأراضي والتوسع إعتقاداً منها أنه من الحقوق التاريخية لها كالكيان الصهيوني الذي يبرر إستيلاءه علي الأراضي بنصوص تورارتية خـــرافية قائمة علي أساطــيـر من نسج خيال الحاخمات الذين حرف أجدادهم التوراة وعبثوا بها .

– بتمام تنفيذ سد النهضة يمكن أن نصل إلي نتيجة مفادها أن إثيوبيا تتحكم بقدر غير متساو في الحياة والتنمية الإقتصادية في مــصــر والــســودان اللتان إنهمكتا لأسباب غامضة وخلافية في مفاوضات عبثية وعقيمة مع إثيوبيا الخصم التاريخي لهما كما أن السودان بالفعل قد فقد قدرته علي مواجهة المطامع الإثيوبية في السودان والتي يؤجلها الإثيوبيين إلي أن يتمكن مجرمي وشذاذ الآفاق المنتمين لما يُسمي بالدعم السريع المدعومين من قبل الإمارت المتحدة حلفاء الإثيوبين والصهاينة (وهم الذين قاموا بتيسيير صفقة ميناء بربرة للإثيوبيين مع العميل موسي بيهي عبدي رئيس صوماليلاند المزعومة)… إلي أن يتمكنوا من تدمير السودان شعباً ودولة .

– تعمل إثيوبيا ومعها التمويل الإماراتي علي مزيد من إضعاف الصومال بتنمية الإتجاهات الإنفصالية في صوماليلاند وبونتلاند فعندما كان الصومال قوياً نسبياً أبان عهد سياد بري لم تكن إثيوبيا ولا غيرها لتجرؤ علي المساس بسيادة الصومال ففي حرب 1978لم تكن الصومال تطمح لاحتلال اثيوبيا وانما كانت تود تحرير اقليم اوجادين فقط وطبعا استطاع الجيش الصومالي اجتياح الإقليم وتحريره بسرعة كبيرة وانهار الجيش الاثيوبي بشكل غير متوقع في خلال اسبوع واحد فقط ولولا تدخل الاتحاد السوفيتي الذي فتح جسرا جويا الى اثيوبيا وحشد عشرات الألوف من المرتزقة من كوبا واليمن الجنوبي لانهار النظام في اثيوبيا بشكل كامل وطبعا مع تدخل السوفييت اضطر الصومال الى الانسحاب بعد ان خذله الحليف الامريكي ومن ورائهم دول شرق الأوسط الذين تراجعوا مع تدخل السوفييت .

– أهمية التمركز التركي الناجح في الصومال أنه أتاح منفذاً علي مسطحات بحرية هامة هي المحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر وهي تعيض نسبي عن إستبعاد تركـيـا من ممر الهند – الخليج العربي – حيفا – اوروبا وهو إستبعاد مقصود .

– قد يتمخض عن أزمة ميناء بربرة في النهاية أو في مرحلة مـا نفاذ روسيا إلي الصومال الفيدرالي فقد تستعين مقديشيو بالروس في أزمتها تلك الناشبة مع إثيوبيا التي من الواضح أنها تحظي بدعم ضمني من الولايات المتحدة مقابل الدعم الإثيوبي الذ لا غني أمريكي عنه للقيادة العسكرية الأمريكية في الصومال وتحديداً ضد حركة الشباب الإسلامي الذي تقوم الولايات المتحدة بوصمها بالإرهاب ونجحت في ذلك كما تفعل مع حماس في فلسطين مع أنها حركة مقاومة مسلحة ومشروعة اما الكيان الصهيوني المجرم فهو دولة لها الحق في الدفاع المشروع عن نفسها ويجب دعمها كما نري بالسلاح الأمريكي ….منتهي الوقاحة .

– تقديري أن الصومال سيعتمد بصفة أساسية علي تركيا فكل من مــصــر وأرتريا مشدودتين إلي ظروفهما الداخلية والخارجية التي تفقد فاعلية كل منهما صحيح أن الرئيس الأرتري أسياس أفورقي أجري  في 9 يوليو2024 مباحثات موسعة مع الرئيس الصومالي الذي وصل أسمرة في زيارة عمل ودارت مباحثاتهما حول تعزيز العلاقات الثنائية والمسائل الأخرى ذات الاهتمام المشترك إلا أن هذا غير كاف لمحنة تهديد سيادة الصومال ووحدة أراضيه  .

– أعــتـقد أن إثيوبيا لم تنجح بعد في إملاء إستراتيجية الوصول إلي البحرعلي الصومال مالم يتحول الدعم العسكري والبحري التركي إلي حقيقة تشمل المجال البحري لصوماليلاند خصوصا في غياب أي فاعلية بحرية عسكرية لصوماليلاند نفسها ولإثيوبيا التي لاشك في أنــهــا نجحـت حتي يومنا هذا في إملاء إستراتيجيتها المائية علي مصر والسودان بالوصول إلي الملء الخامس لسد النهضة  .

إن أزمــة مذكرة تفاهم إثيوبيا مع صوماليلاند لا سبيل للمفاوضات إلي حلها فهي أزمة تثبت سياسة الوجهين التي تتبعها الولايات المتحدة وكذلك تثبت أن إثيوبيا في القرن الأفريقي كالكيان الصهيوني في فلسطين في سياستها التوسعية العدوانية والسبيل الوحيد لإيقافها عند حدها هو معاملتها بالمثل أي مبادرتها بالعدوان فهي دولة رغم إدعاء رئيس وزراءها القوة إلا أنها من الداخل مجتمع هش ودولة مهشمة , وإن لم يتم إيقاف إثيوبيا عن تنفيذ إستراتيجيتها التوسعية فستمضي لإفتراس الصومال كله فهذه أطماعها التاريخية تساندها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والإمارات في تحـقيــقــهــا .

الــــــــســــــفــــيــــر : بــــــــلال الـــــمـــــصـــــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – الــــقـــاهــــرة / تــحـــريـــراً في 11 يوليو2024

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى