الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

الوزن الاقتصادي للهستدروت في إسرائيل

اعداد : نورهان عبد الرحمن محمود عبد الرحمن  – مدرس اقتصاد  – معهد الوادي العالي للعلوم الإدارية والمالية نظم المعلومات – معاهد الوادي

  • المركز الديمقراطي العربي

 

تُعرف الهستدروت بـ (الاتحاد العام لعمال إسرائيل) (1)، فهو اتحاد شعب يقوم ببناء موطن جديد ودولة جديدة وشعب جديد، ومشاريع ومستوطنات جديدة، وحضارة جديدة. إنه اتحاد للمصلحين الاجتماعيين لا تمتد جذوره إلى بطاقة عضويته الخاصة بل إلى المصير المشـترك والمهمـات المشـتركة لجميع أعضائه في الموت والحياة، أي أن دينامية الهستدروت هي دينامية استيطانية إحلاليه؛ أنشئ في كانون الأول لعام 1920م لتنظيم العمال اليهود وخاصة العاملين منهم في المزارع الجماعية والتعاونيات، فهي بمثابة الحكومة الثانية في إسرائيل، لها هيئاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية، بنيتها التنظيمية تتكون من ” السلطة العليا هي المؤتمر، الذي ينتخب مرة كل أربعة أعوام وفقاً لنظام التمثيل النسبي، وينتخب المؤتمر مجلس الهستدروت وفقاً لنسب القوى التي حصلت عليها الأحزاب المختلفة في المؤتمر، وينتخب هذا بدوره لجنة تنفيذية”. والعضوية في الهستدروت شخصية لا سياسية. لكن عملية الانتخابات وتشكيل الهيئات القيادية تتم على أساس حزبي.

وفي هذا الصدد؛ يُمكن القول إن الهستدروت ليس «اتحاد عمال» كما قد يوحي اسمه، وإنما هو مؤسسة استيطانية بالدرجة الأولى، بل أهم المؤسسات الاستيطانية على الإطلاق، هدفه تشكيل اتحاد للعمال والفلاحين دون التدخل في شؤون الآخرين، ودعم الهجرة اليهودية وتوطين المهاجرين والسيطرة على فلسطين وإقامة اقتصاد مزدهر فيها، إذ تعمقت قوة الهستدروت في الأوساط العمالية اليهودية وغدت من أقوى الهيئات الداعمة للمشروع الصهيوني. وتعمقت قوة الهستدروت في الأوساط العمالية اليهودية. (2)

بالرغم من عدم إشارة النشرات العربية التي تصدرها الهستدروت إلى دورها في التطور الاقتصادي بإسرائيل إلا أن تطور الوضع الاقتصادي في الأخيرة يعتمد على العلاقة القائمة بينهما؛ لاسيما تتمتع الهستدروت بأكبر حجم اقتصادي في البلاد.

وفي هذا الصدد؛ يُمكن الإشارة إلى أن للهستدروت ثلاثة فروع (3)؛ أولها: التنظيم المهني الذي يضم نحو 90% من سار المأجورين قي الاقتصاد في ضوء أربعين نقابة إقليمية، وإن تقلصت سيطرتها جراء زيادة معدل الاضطرابات، ثانيهما: مؤسسة الخدمات الطبية أو ما تعرف بـ ” كوبات حوليم” وتُعد أكبر مؤسسة طبية في إسرائيل على المستوى المهني والخدمي، ثالثهما: هيئة العاملين؛ وتُعد أساس اقتصاد الهستدروت.

من هذا المنطلق؛ قد نتسائل عن الوزن الاقتصادي للهستدروت في إسرائيل؟ وهل ينخفض بمرور الوقت أم لا؟

للإجابة عن هذا التساؤل؛ نجدد أننا أمام أمرين لابد من التوقف عندهما؛ قد تُشكل سمتان للهستدروت في الوقت الراهن، وهما كمايلي:

الأمر الأول: مراحل نشأة اقتصاد الهستدروت (1950- إلى الآن) (4)

مرا اقتصاد الهستدروت منذ نشأته في عشرينات القرن الماضي تحديداً (1920-1950(تحت سيطرة الانتداب البريطاني، والمشاكل التي صاحبت ذلك، ومع ذلك ازدهر اقتصاد الهستدروت في ذلك الوقت بهدف ليس فقط أن تكون نقابة كالمعتاد للكلمة، بل بمثابة وسيلة للتعامل مع التحديات التي تواجه الجالية اليهودية في إسرائيل؛ مما أثر بالإيجاب ليس فقط على مصالح العمال في إسرائيل بل أيضاً المجتمع اليهودي ككل؛ مما ساهم في دعم الهستدروت من مختلف قطاعات المجتمع الإسرائيلي، لتُصبح واحدة من أقوى مؤسساتها خلال هذه الفترة. لكن لم يستمر الوضع ذلك كثيراً. فخلال الفترة (1950-1980)؛ بدأت سيطرة دولة إسرائيل على الخدمات التي كانت تحت رعاية الهستدروت مما أثر على دعمها من مختلف النقابات الأخرى، وبالتالي أدى إلى انخفاض في عدد أعضائها. وهنا يُمكن القول؛ قد شكلت الهستدروت قوة اقتصادية واجتماعية لفترة طويلة، إلى أن بدأ التحول في توجهها إثر البدء بسياسة الخصخصة.

وقد تميز المجتمع الإسرائيلي خلال (1980- إلى الآن) بالخصخصة والمرونة؛ حيث تم بيع أجزاء كبيره من اقتصاد الهستدروت لاسيما في مؤسسات ومنظمات القطاع العام، إضافة إلى المرونة في مؤسسات القطاع العام والخاص مما أدى إلى ارتفاع العمالة غير المنظمة في القوى العاملة، وبالتالي انخفاض عدد الموظفين التي تتضمنهم الاتفاقيات الجماعية بصورة كبيرة.

الأمر الثاني: مدى مساهمة الهستدروت في إنتاج إسرائيل بحسب جدول رقم (1)(5)

جدول رقم (1)

مساهمة الهستدروت في إنتاج إسرائيل

عمال

السنوات الإدارة العامة والخدمات المجتمعية الخدمات التجارية إمدادات الغاز والكهرباء والمياه البناء الصناعة الزراعة الإجمالي
2000 288 8 0 0 1 0 297.
2001 415 5 0 0 4 0 426
2002 1,621 20 0 0 6 0 1,647
2003 1,187 66 0 5 0 0 1,258.
2004 705 17 0 0 1 0 722
2005 68 33 0 0 4 0 103
2006 118 5 0 00 1 0 125
2007 368 15 0 0 2 0 386
2008 13 3 0 0 2 0 19
2009 30 20 0 0 0 0 50
2010 99 24 3 0.1 0 0 35
2011 281 1 0 0 6 00 290
2012 156 7 0 0 4 0 169
2013 11 8 0 0 2 0 21
2014 23 14 1 0.1 0 0 38
2015 18 9 4.1 0 n/a 0 29
2016 71 16 n/a n/a 1 0 88
2017 791 19 n/a 1 3 0 815
2018 34 7 n/a n/a 1 0 42
2019 28 15 n/a 0.6 9.4 0 45
2020 25 15 n/a n/a 0 0 40
2021 24 10 n/a 0 2 0 36
2022 24 9 n/a 0 1 0 34

المصدر:

Workers Involved in Strikes and Lockouts–Israel, International Labour Organization, ILOSTAT Explorer, 2021, https://www.ilo.org/shinyapps/bulkexplorer18/?lang=en&segment=indicator&id=STR_TSTR_ECO_NB_A. نقلاً عن: Sai Englert, Hebrew Labor without Hebrew Workers: The Histadrut,Palestinian Workers, and the Israeli Construction Industry,2023,Available at: https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/0377919X.2023.2244188

بقراءة جدول رقم (1)؛ اتضح أن مساهمة الهستدروت في إنتاج  إسرائيل خلال  الفترة (2000-2003) قد زاد من  مشاركة 300 عامل في مختلف القطاعات عام 2000 إلى 1,647 في عام 2002 وذلك بفضل زيادة العمالة في الصناعة في ذلك الوقت؛  إذ شارك الهستدروت في ذلك الوقت باستثمارات كبيرة في مجال الصناعة بفضل امتلاكها مجموعة كور الضخمة التي تتضمن (شركة وسلل بونيه، وشركة تاديران، ومصانع سولتام)(6) ، واستمر زيادة معدل مشاركة الهستدروت في إنتاج إسرائيل إلى عام 2003 إلى أن وصل إلى  1,258 وذلك بسبب ارتفاع معدل مشاركة  العمال في الخدمات التجارية، لاسيما القطاع المصرفي؛ حيث تملك في ذلك الوقت جزءاً كبيراً من بنك هبوعليم، وشاركت في ملكية مصارف  ومؤسسات مالية كبيرة من شمنها شركة هسنيه، إضافة إلى امتلاكها شركة همشبير وشركة تنوفا. الخ (7)، وقدمت الهستدروت خدمات تربوية متنوعة لكل شرائح الأعضاء فيها. وتدير صندوقاً للمرضى وهو الأكبر في إسرائيل لتقديم الخدمات الصحية والطبية وارتفاع معدل مشاركة العمال في الخدمات المجتمعية وصل إلى 1,187 عامل.

وبالنظر إلى معدل مشاركة الهستدروت في إنتاج إسرائيل في الفترة (2004-2022) قد انخفض تدريجياً إلى أن وصل إلى  169 عامل  في عام 2014م ، وذلك يرجع إلى انخفاض معدل مساهمة الهستدروت بقوه اقتصادية منخفضة في مختلف القطاعات  الصناعية والخدمية والتجارية، وواصل  انخفاض معدل مشاركة الهستدروت في إنتاج إسرائيل إلى أن وصل 54معدل مشاركة العمال إلى 54 عامل  في عام 2019 ، وانعدامها بمرور الوقت وذلك جراء انخفاض مشاركة الهستدروت في  مختلف القطاعات على مدار السنوات لاسيما قطاع البناء؛ إذ نلاحظ  انخفاض مشاركة قطاع البناء على مدار السنوات حتى انعدم تقريباً،  وفسر ذلك إحدى المسؤولين بقوله” عندما تكون لديك علاقات جيدة بصورة مشكوك فيها ، عندئذٍ لا توجد نقابات حقيقية”(8). مما يُفسر ضعف مساهمة الهستدروت في إنتاج إسرائيل بمرور الوقت، إضافة إلى تحويل بعض المعاهد الاقتصادية والأندية الرياضية إلى شركات خاصة أو تم إغلاقها مثل: جريدة (دافار) ودار نشر وحركات وأندية رياضية مثل (هبوعيل) وغيرها.

وختاماً؛ بالنظر إلى ما سبق. فإنه على الرغم من أهمية الدور وهدف إنشاء الهستدروت الذي تمثل في تشكيل اتحاد للعمال والفلاحين دون التدخل في شؤون الآخرين، لكن ضعف بمرور الوقت، وعليه يُمكن القول بأن مهما بلغت قوة النقابات سياسياً؛ فإنها تفقد قوتها اقتصادياً وسط نفوذ إسرائيل، وأن النقابات لابد أن تكون على علم بذلك حتى تستعد بالإجراءات اللازمة لمواجهة ذلك.

قائمة المراجع:

  1. Michael Shalev, Labour and the Political Economy in Israel, Oxford Academic,1992, Available at: https://doi.org/10.1093/acprof:oso/9780198285137.003.0002
  2. Ari Perlige, The Rationale of Political Assassinations, Combating Terrorism Center at West Point”, 12 February 2015, pp. 15- 25.
  3. Amira Galin, The Rise and Fallo the Israel Federation of Labor (the Histadrout), The Israel academic in Cairo.
  4. المرجع السابق.
  5. Workers Involved in Strikes and Lockouts–Israel, International Labour Organization, ILOSTAT Explorer, 2021, https://www.ilo.org/shinyapps/bulkexplorer18/?lang=en&segment=indicator&id=STR_TSTR_ECO_NB_A. نقلاً عن: Sai Englert, Hebrew Labor without Hebrew Workers: The Histadrut,Palestinian Workers, and the Israeli Construction Industry,2023,Available at: https://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/0377919X.2023.2244188
  6. عزيز حيدر، النظام الاقتصادي في إسرائيل: هيمنة السياسة بين الإنجازات والإخفاقات، مجلة الدراسات الفلسطينية، ع (26)، مج (7)، 1996، ص8.
  7. المرجع السابق ذكره.
  8. Anonymous interview conducted by the author, August 24, 2015, Tel Aviv.
5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى