أثر النظام الحزبى و المجتمع المدنى على التحول الديمقراطى فى كينيا
اعداد الباحثة : جهاد جمال عبد العليم احمد على
– المركز الديمقراطي العربي
المقدمة :
لقد عرفت القارة الإفريقية مع مطلع التسعينيات في القرن الماضي, موجة من التحولات السياسية نحو الأخذ بالديمقراطية , بدأ بتصاعد المناشدات والاحتجاجات السياسية سواء من داخل الدول الأفريقية أو خارجها للمطالبة بضرورة إحداث تحولات ( سياسية واقتصادية واجتماعية ) بعيداً عن النظم السلطوية ونظم الحزب الواحد وذلك على أسس الأخذ بالإصلاحات الليبرالية سواء في صورة الليبرالية السياسية بما تتضمنه من تعددية سياسية، وتبنى انتخابات تنافسية، وإقرار مبدأ تداول السلطة وبهدف استجلاب نماذج جديدة وجيدة للحكم، وأيضا بالتركيز على تبني الليبرالية الاقتصادية في صورة الرأسمالية بما يعنيه ذلك من حرية التجارة وحرية انتقال عوامل الانتاج وتخفيض سيطرة الدول عليها ..
و كانت قارة افريقيا قد هُمشت بالنسبة للقارات المجاورة و ايضاً اصبحت بعيدة عن مسرح الصراع حيث عدم وجود تنمية اقتصادية او اجتماعية او سياسية و الدول اصبحت خارج المنافسة و تطور دول شرق و وسط اوروبا و اتباعها النهج لتطوير اقتصادها و سياستها و مبادء الديمقراطية الصحيحة لتبنى نظام ديمقراطى صحيح ادى الى لفت نظر الدول الكبرى و تحويل المعونات اليها على حساب الدول الافريقية حيث عاد مركز النقل الى دول وسط و شرق اوروبا باعتبارها تمتلك بنية اساسية اقتصادية مناسبة الى حد بعيد لعمليات التحول نحو الليبرالية و اقتصاد السوق و احترام نظام تللك البلاد كأنتخابات او الهيكل التنظيمى ..
المشكلة البحثية :
كانت عملية الديمقراطية فى كينيا نتيجة الكثير من الانقسامات فى الدولة حيث ان هناك انقسام داخل الحزب الحاكم و الرغبة فى ادخال بعض الأصلاحات السياسية و المشاركة فى الحكم من جانب المواطنين و فى عام 1996 م قامت الحروب بين المعارضة و الحكومة اى ازدياد انقلابات المعارضة التى تجاوزت القانون حيث ان عدم وجود انتخابات و اتخاذ كينيا نهج نظام الحزب الواحد هو الحاكم ايضاً لذلك لم يعبر عن المواطنين او الجمهور و ايضاُ عدم وجود انتخابات ادى الى وجود ضغط على الشعب الكينى و خروجه فى مظاهرات و احتجاجات للمطالبة بوجود ديمقراطية ..
و ينتج من هذه المشكلة التى تم ذكرها وجود تساؤل رئيسى و هو :
أثر النظام الحزبى و المجتمع المدنى على التحول الديمقراطى فى كينيا المستمر لمدة 20 سنة من بداية عام 1991 ؟
و ينتج من ذلك بعد التساؤولات الفرعية ألا و هى :
– ما هى العوامل الخارجية و الداخلية التى ادت الى التحول الديمقراطى فى كينيا ؟
– كيف أثر نظام الحزب الواحد على الشعب الكينى ؟
– كيف اصبح نظام الأنتخابات ملائم لعملية التحول الديمقراطى فى كينيا ؟
– كيف أثر وجود المجتمع المدنى على ظهور خطوة التحول الديمقراطى ؟
– هل كان التحول الديمقراطى تحول فعلياُ اما صورياُ ؟
تقسيم الدراسة :
اولاُ : أولاً العوامل الخارجية التى أدت الى التحول الديمقراطى .
ثانياً : أثر النظام الحزبى على الأنتخابات قبل و بعد التحول الديمقراطى .
ثالثاً : اثر التعددية الحزبية على التحول الديمقراطى .
رابعاً : المجتمع المدنى و التحول الديمقراطى .
خامساً : التحول الديمقراطى فعلياً أم صوريا ً .
جاءت البداية بتغيير قواعد اللعبة السياسية فى كينيا فى 1991، عبر تمرير قانون من البرلمان يقتضى إلغاء نظام الحزب الأوحد فى الدستور والسماح بإقامة تعددية حزبية وإجراء انتخابات تنافسية، وذلك بعد تعرض الرئيس الكينى (آراب موى) لضغوط شديدة من الخارج بالإضافة إلى التهديد بقطع المساعدات الاقتصادية وتصاعد المطالبات الداخلية بالإصلاح السياسى، حيث تمت فى 1992 أول انتخابات تعددية وفاز بها الحزب الحاكم (الاتحاد الوطنى الأفريقى الكينى) وفاز بالرئاسة الرئيس آراب موى، الأمر الذى تكرر مرة أخرى فى عام 1997. وقد جاء استمرار فوز موى وحزبه الحاكم بسبب ضعف المعارضة الكينية وتشتتها خلف العديد من المرشحين، وأيضاً بسبب وجود شكوك فى نزاهة الانتخابات. ويمكن رؤية تجربتى 92 و97 باعتبارهما تمهيداً لظهور قيادات جديدة فى البلاد وبداية لقواعد التعددية السياسية.( )
أولاً العوامل الخارجية التى أدت الى التحول الديمقراطى :
كانت لكينيا أهمية كبيرة فى إطار النظام الدولى القائم على الثقافة القطبية والحرب الباردة فهى كانت معقل للغرب فى المنطقة لمحاربة النظم الشيوعية فى الدول المجاورة وبها تسهيلات استراتيجية غريبة مما جعل الغرب والولايات المتحدة تغدق على كينيا بالمساعدات الاقتصادية الجمة، رغم أن أغلب هذه المنح والمساعدات لا تذهب للمواطنين بسبب الفساد وسوء الإدارة لدى الوزراء وأجهزة الحكومة بشكل عام، إلا أن الغرب أغمض أعينه على هذا كما أن الديكتاتورية السياسية لحكم الرئيس ـ موى ـ وقبضته الشديدة على مقاليد الأمور وعدم إتاحة أى قدر من الحرية للمعارضة الكينية، ثم التغاضى عنها أيضا أو يتم تناولها على قدر قليل من الاستحياء من وقت لآخر لكن مع مرور الوقت كان هناك تصعيد داخلى وبذور للغليان وعدم الاستقرار سواء من قبل رجال الدين أو الطلاب أو المعارضين السياسيين فى الداخل والخارج فازداد الاهتمام الدولى بالوضع غير المستقر فى كينيا رغم ما يخفيه من على السطح من استقرار وهدوء، وذلك فى إطار نظام دولى جديد أصبحت قضايا الديمقراطية والتعددية الحزبية وممارسات حقوق الإنسان هى المحرك الأساسى لسياساته تقوده الولايات المتحدة بعد غياب الشيوعية وانهيار الاتحاد السوفيتى، ومن ثم فالنظرة للأهمية الاستراتيجية لكينيا اختلفت نسبيا.
عبر عن ذلك التوجه الجديد السفير الأمريكى الجديد آنذاك سنة 1990 فى كينيا، فقد حذر على الملأ من أن الكونجرس الأمريكى سوف يزيد مساعداته للدول التى تهتم بالمؤسسات الديمقراطية وتدافع عن حقوق الإنسان وتطبق السياسة متعددة الأحزاب وكان يعنى بهذا انه سوف يتم التوقف عن تقديم معونة لكينيا طالما لم تلتزم بهذه المبادئ فكان هذا التوجه الأمريكى الجديد حافزا للتوجهات الشعبية الكينية للمطالبة بالديمقراطية، وبدأت الحكومة الكينية فى اتهام السفارة الأمريكية ق نيروبى بأنها تمول المعارضة أى تحاول كينيا تحجيم التحمس الأمريكى لهذه التطورات الداخلية الإيجابية بل أن وزير الخارجية الكينى اتهم السفير الأمريكى بأنة ـ عنصرى ومازال يفكر بالأسلوب الاستعمارى القديم ـ، وجاء هذا الاتهام الأخير فى أعقاب اتهام كينى آخر بان السفارة وراء تدبير اجتماعات للمعارضة الكينية تطالب بالديمقراطية متعددة الأحزاب كما تكررت مظاهر التصعيد والتوتر الأمريكى ـ الكينى، وذلك مثلا فى أعقاب اعتقال بعض الكينيين المطالبين بالتعددية، فأصدرت السفارة بيانا تدين فيه هذه الاعتقالات، مما نجم عنه أن لجأ بعض المعارضين للسفارة الأمريكية وطلبوا حق اللجوء السياسى للولايات المتحدة وذهب أحدهم بالفعل هناك وجاءت هذه الأحداث لتؤيد ما يصرح به الرئيس الكينى ـ موى ـ معلقا حول المعارضين والمنشقين خاصة فى المنفى بأنهم من صنع أسيادهم الأجانب وهم تابعين لهم وليس لديهم أدنى ولاء لبلادهم وقد صرح السفير الأمريكى ـ ذو الاتجاه المحافظ ـ بأنه ربما سيكون اقل إيجابية نحو التعاطف مع المعارضة الكينية لو كان المناخ الدولى مازال فى إطار الحرب الباردة، ولكنه يشعر بحرية تامة لتطوير وتنمية القيم والتقاليد الأمريكية وعموما لاشك أن الرئيس ـ موى ـ لا يرحب بوجود السفير الأمريكى ويأمل فى ترحيله ولكنه لا يستطيع أن يخاطر بوضعه وبعلاقته بالولايات المتحدة إلى هذه الدرجة فالعواقب سوف تكون وخيمة، خاصة وأن الرئيس ـ بوش ـ أعلن أن ثقته فى سفيره فى نيروبى بلا حدود.
يلاحظ أيضا أن الدانمرك أوقفت مساعداتها الاقتصادية لكينيا فى أكتوبر من سنة 1991 بعد تقرير رفعته إدارة المراجعة الدانمركية يفيد بأن حجما كبيرا من المعونة الدانمركية لكينيا يختفى من خلال الفساد وسوء الإدارة كما قررت بريطانيا أنها لن تقدم مساعدات مالية لكينيا لدعم أسعار البترول لخوفها من أن هذه الموال لن تستخدم فى الموضع المخصص لها، بينما البنك الدولى فى شكل مماثل قرر إلا يمول مشروع طاقة قيمته 100 مليون دولار أمريكى كما أنه من الجدير التنويه له هنا، أن فى اجتماعات قمة دول الكومنولث مؤخرا بهرارى (زيمبابوى) أوضحت دول مانحة كثيرة أنها لن تقدم مساعدات إلا بالقدر المتحقق بشكل ملموس وبارز فى مجال ممارسات حقوق الإنسان والديمقراطية، فمثلا كانت كندا واضحة وضوحا شديدا بما تسبب عنه من تراشق كلامى بين رئيس الوزراء الكندى والرئيس ـ موى ـ حيث أوضح الأخير أن الغرب لا يفهم المجتمعات الأفريقية ولا الثقافة الأفريقية ولا يمكن لأفريقيا محاكاة الغرب فى كل شىء فتطبيق نظام تعدد حزبى فى كينيا ـ وهو مجتمع قبلى ـ سوف يؤدى لكارثة وفوضى قبلية وحرب أهلية كما أكدت بريطانيا على هذا المسلك الكندى.( )
العوامل الداخلية التى أثرت فى التحول الديمقراطى :
ـ السجل السيئ لكينيا فى مجال ممارسات حقوق الإنسان:
– من المعروف أن كينيا تقودها حكومة مدنية منذ الاستقلال عام 1963 ويرأسها موى الذى يرأس أيضا الحزب الحاكم الوحيد بعد أن تم إجراء تعديل دستورى عام 1982.
ـ فى أعقاب محاولة انقلاب فاشلة ـ بحظر نشاط أو وجود أحزاب أخرى غير الحزب الحاكم ومن ثم فأصبح الرئيس ـ موى ـ بذلك مسيطرا على مقاليد الأمور تماما فصارت عضوية الحزب الحاكم شرط أساسى للمشاركة السياسية فى كنيا، والبرلمان رغم استقلاليته الشكلية إلا أنه ليس له أى دور رقابى يذكر بالمعنى المفهوم .
ـ تقوم أجهزة الأمن الداخلى بمراقبة واعتقال المعارضين السياسيين والخصوم للحكومة والمنشقين وتحدث مخالفات شديدة فى هذا الصدد، وتقوم قوات مكافحة الشغب بالتدخل فى أى تجمعات أو مظاهرات سياسية لقمع الشغب.
– تواجه كينيا برغم اقتصادها ذو التوجه الغربى الحر ـ مشاكل اقتصادية تعود أساسا لمعدل البطالة المتزايد ومعدل التزايد السكانى السريع فهى لديها أعلى نمو سكانى فى العالم وقد أثرت أحداث الشغب والاضطرابات فى كينا على الموسم السياحى فكينيا تعتمد على السياحة بدرجة أساسية فى توفير النقد الأجنبى
ـ كانت ردود فعل الحكومة تجاه حقوق الإنسان فى كينيا عندما طالب البعض بإجراءات تغييرات وإصلاحات سياسية، بعمل المزيد من القيود فى هذا المجال فقد طالبت تجمعات للعامة بضرورة مناقشة مسألة التعددية الحزبية، فتدخلت قوات الأمن واعتقلت اكثر من ـ 1000 شخص ومات حوالى 20 شخص وأصيب 70 وأصبح مجرد الحديث العام أو أى حوار شخصى حول أى نقد للحكومة هو بمثابة خيانة للوطن ويتم اعتقال المتحدثين فيه ويلاحظ فى هذا الإطار أن غالبية المعتقلين من قبيلة ـ الكيكويو ـ ثم ـ اللو ـ لقبيلة الأولى من أكبر القبائل فى كينيا وكان ينتمى لها الرئيس الكينى الراحل ـ كينياتا ـ أبو الاستقلال، وبحكم أن الرئيس ـ موى ـ من قبيلة صغيرة فعندما قدم للحكم عمل تحالف للقبائل الصغيرة الهامشية وتقرب منها ومنحهم وظائف هامة لعمل توازن مع هذا ـ الكيكويو ـ وحاول بتجريدهم من مناصبهم الهامة فى الجيش والمراكز الاقتصادية والتجارية الهامة حتى لا يكون لديهم أى فرصة للتطلع إلى السلطة فى يوم ما.
ـ كما أن للرئيس لاموى، سيطرة قوية على النظام القضائى والقانونى، وخاصة بعد تعديل أجراه عامى 1986 و 1988 يعطى للرئيس سلطة مفتوحة ليقبل به النائب العام وقضاة المحكمة العليا وقتما يشاء بما يعنى إلغاء استقلالية القضاء، ويخضع القضاء لسلطة الرئيس.
ـ يقوم رجال الأمن على الدوام بعمليات تفتيش دون إذن قضائى، وذلك وفق الدستور الكينى من أجل المصلحة العليا والعامة وينجم عن ذلك وقوع حوادث ومضايقات عديدة لأس الخصوم والمعارضين السياسيين المعتقلين فى السجون وفى هذا الإطار رغم أن الدستور يعطى حرية الإعلام والتحدث لكن فى الواقع والممارسة هذه الحقوق مقيدة فالصحف عادة ما تستخدم من قبل الحكومة لمهاجمة المعارضين السياسيين، وفى أحيان قليلة تهاجم الصحف بعض السياسيين فقط ولكن دون رئيس الجمهورية بالطبع.
ـ ورغم أن الدستور يمنح حرية التجمع لكنها بالفعل أيضا محدودة لأنها مقيدة بضرورة الحصول على موافقة السلطات المختصة وإلا تم اعتقال المجتمعين وغالبا ما تكون هذه ذريعة قوية من قبل السلطات الأمنية للتخلص من المعارضين وإيداعها للمعتقلات ويرتبط بهذا أن حرية الأديان متوافرة دستوريا ولكن مثلا رجال الدين فى الكنائس كثيرا ما يتعرضون للأوضاع السياسية الداخلية فى كينيا بالانتقاد ويكون مصير الكثير منهم الاعتقال أو العزل كما تشد الحكومة الكينية فى العادة فى نشاطات البعثات التبشيرية الأجنبية هناك وتمارس الحكومة قيودا أيضا على حرية السفر والتحرك خارج البلاد وخاصة تجاه المعارضين السياسيين.
ـ بالنسبة لحق المواطنين فى تغيير الحكومة، هذا غير وارد بالطبع لدى السلطات الكينية ولكن فى ضوء تزايد الضغوط المطالبة بالتعددية الحزبية والممارسات غير العادلة والفساد فى النظام الانتخابى فقد إنشاء الحزب الحاكم لجنة لمراجعة وفحص القواعد الانتخابية، ونجم عن ذلك إلغاء نظام ـ الاصطفاف ـ الانتخابى ـ(وقوف المرشحين وراء الناخب)ـ وقاعدة 70% وطرد أعضاء الحزب.
ـ لا توجد يكنيا أى جمعيات رسمية يسمح لها بممارسة أنشطة متعلقة بحقوق الإنسان هناك، وغالبا ما يكون رد فعل الحكومة سلبيا لأى نقد تجاه ممارستها السلبية فى هذا المجال سواء فى الداخل أو الخارج ، وقد اتهم موى منظمات حقوق الإنسان فى الخارج بأنها تتدخل فى الشئون الداخلية لكينيا ..
ـ المطالبة بالديمقراطية والتعددية الحزبية:ـ
– أحدثت هذه المشكلة اضطرابا وانقساما داخل الحكومة وما بين الوزراء والرأى العام الكينى، وكان هذا رد فعل لما طالب به الوزير ـ بيوات ـ حيث نادى بتطبيق ما يسمى ـ بالإقليمية ـ والتى يعتبرها البعض بأنها دعوة بديلة تحل محل سياسة التعدد الحزبى وقد رفضتها قبائل ـ الكيكويو ـ و- اللو ـ أكبر القبائل الكينية وقد طالب بعض المنادين بهذه الإقليمية ـ بشكل متطرف ـ لاستخدام العنف فى تحقيق أهدافهم ولكن مثلا قيادات ـ اللو ـ رفضت هذه السياسة على أساس أنها سياسة ضيقة الأفق ولتحقق السيطرة، وقيادات ـ الكيكويو ـ دعت ـ موى ـ لأن ينأى بنفسه عن ذوى الاتجاهات القبلية والذين يهددون بإغراقه فى مناورات مخجلة تؤثر على سمعته وقيادته بشكل سلبى، وطالبت أيضا بحل البرلمان وانعقاد مؤتمر وطنى وإنشاء لجنة انتخابات مستقلة. ( )
شهدت كينيا على الصعيد السياسيى مجموعة من الأنقسامات الداخلية صاحبها تنامى المطالب الشعبية بادخال الأصلاحات السياسية و المشاركة فى الحكم .. و ما يمكن استنتاجه من مسرح السياسة الكينى هو تزايد الأنقلابات المعارضة و هكذا تزايدت التجاوزات القانونية.( )
مع مطلع عام 1993 الجديد أعلنت نتائج أول انتخابات برلمانية ورئاسية كينية فى ظل النظام الجديد ذو التعدد الحزبى بعد ترقب وطول انتظار سواء على الساحة الداخلية أو للمراقبين والمهمتين على الساحة الدولية وخاصة فى الغرب الذى يراقب من بعيد تطورات الديمقراطية التى هبت على القارة الأفريقية وبدأت تغزو دولة تلو الأخرى بعد عقود طويلة من نظام الحزب الواحد الحاكم منذ الاستقلال فى الستينيات، وخاصة أن كينيا إحدى الدول المحورية للغرب فى منطقة شرق أفريقيا الهامة اقتصاديا واستراتيجيا ولعل الدور الأمريكى ـ الكينى واضح جدا فما يحدث فى الصومال الآن على سبيل المثال. ( )
وقد أنشأت بضعة عقود من التعددية الحزبية الأفارقة اعتقادا راسخا بأن الديمقراطية هي أكثر من انتخابات ديمقراطية رسميا. على الرغم من أن الثورة الانتخابية من 1990 توسعت بشكل كبير فى المنافسة السياسية، الأنظمة القائمة في جميع أنحاء أفريقيا حافظت مجموعة متنوعة من الأدوات لإمالة الملعب الانتخابي وتقليل المخاطر السياسية الحقيقية المرتبطة انتخابات متعددة الأحزاب. وقد ظهرت بعض الانتخابات الأشكال الصارخة والعلنية من التلاعب، مثل العنف أو التخويف أو حشو صناديق الاقتراع , ومع ذلك وعلى نحو متزايد، قد تم التلاعب دهاء. وكانت قوائم الناخبين المتضخمة، وسائل الإعلام منحازة لطرف ما واستخدمت موارد الدولة بشكل منهجي للحملات الانتخابية الحالية , التلاعب الانتخابي قد حدت بشدة المنافسة الانتخابية.
ثانياً : أثر النظام الحزبى على الأنتخابات قبل و بعد التحول الديمقراطى :
نالت كينيا استقلالها في 12 ديسمبر/ كانون اِلأول عام 1963م وبعد الاستقلال سيطر عليها نظام الحزب الواحد لفترة طويلة، خاصة حزب اتحاد الوطني الإفريقي الكيني بقيادة الزعيم الراحل جومو كنياتا، أول رئيس لكينيا بعد الاستقلال. وفي ظروف غامضة توفي جومو كينياتا عام 1978م بعد خمسة 15عاما من القهر والاستبداد، وتسلم السلطة بعد ذلك نائبه دانيال أراب موي الذي ينحدر من قبيلة “كالنجين”. ولم يرض هذا التحول نخبة “الكيكويو” التي كان ينتمي إليها كنياتا، فحاولت إزاحة الرئيس موي عن الحكم، ولكنها فشلت واستخدم موي قوة جهاز الدولة للاستحواذ على السلطة مستغلا من نظام الحزب الواحد الذي كان يسيطر على مفاصل الدولة. ولم تكن حقبة الرئيس موي التي استمرت 24 عاما مختلفة عن فترة سلفه كينياتا في نظام الحكم حيث اتسمت هي الأخرى بالقبضة الحديدية .
وفى عام 1991 أعلن الرئيس الكينى دانيال أراب موى عن موافقته على إجراء انتخابات تعددية بعد ضغوط قوية مارستها الدول الغربية وربطت فيها تقديم المساعدات الاقتصادية لحكومة نيروبي بإحداث إصلاحات سياسية واقتصادية، يضاف إلى ذلك ضغوط قوى المجتمع المدنى في كينيا، متمثلة في الطبقة الوسطى الحضرية التي تساندها معظم الطبقة الأرستقراطية، والمؤسسات المستقلة كالكنائس وتنظيمات المحامين ومجالس المسلمين، والتي وجدت لها مؤيدين كثر في الشارع الكيني حيث عمت المظاهرات المطالبة بالإصلاح السياسي؛ وهكذا كان التحول الديمقراطي استجابةً لضغوط داخلية وخارجية تزامنت مع ظهور الولايات المتحدة الأمريكية على الساحة الدولية كقطب أحادي، ومن ثم أجريت أول انتخابات رئاسية وبرلمانية ومحلية في ديسمبر/ كانون الأول 1992في ظل التعددية الحزبية ، وشارك في هذه الانتخابات أكثر من سبعة أحزاب يتقدمها حزب “كانو” بقيادة الرئيس موي وحزب “فورد كينيا” بزعامة جاراموغي أودينغا والد رئيس الوزراء الكيني الحالي رايلا أودينغا. كما شارك حزب “فورد أسلي” بزعامة ماتيبا والحزب الديمقراطي وكان مرشحه مواي كيباكي الرئيس الكيني الحالي. فيما كانت البقية عبارة عن أحزاب صغيرة، الا أن هذه الانتخابات لم تأت بجديد؛ حيث فاز فيها الرئيس أراب موي والذي استفاد من قدرات الدولة وأجهزتها الأمنية بالإضافة إلى ضعف وقلة المراقبين الأجانب .
وفي ديسمبر/ كانون الأول 1997 أجريت الانتخابات الثانية في وقت استيقظ العقل السياسي الكيني نتيجة الحوار السياسي الذي تواصل طيلة الأعوام 1992/ 1997، ولذلك ازداد الاستقطاب ووصل عدد المرشحين إلى 15 مرشحا، وكان أقوى المرشحين دانيال أراب موي الذي كان يمثل قوة الدولة وسطوتها، ومواي كيباكي الرئيس الحالي، ورايلا أودينغا رئيس الوزراء الحالي وهو ابن الزعيم المعروف جيراموغي أودينعا. وحصل هؤلاء على نسبة 80% من مجمل الأصوات في حين أن الرئيس موي لم ينل من ثقة الشعب أي قسط، ورغم ذلك أصبح رئيسا لكينيا لخمس سنوات أخرى حتى جاءت انتخابات 2002، وكان الشعب الكيني يتطلع لتغيير محدود في خريطة الطبقة الحاكمة ومورست ضغوطٌ خارجية وداخلية على الرئيس دانيال أراب موي تطالبه بالتنحي مما أجبره على عدم الترشح لمنصب الرئاسة مرة أخرى، لكنه حافظ على وضعه كرئيس لحزب “كانو”، في حين رشح الحزب لخوض سباق الرئاسة أوهورو كنياتا ابن الرئيس السابق جومو كنياتا، وكان الرئيس موي يرى أن أوهورو سيفوز بنسبة كبيرة لأنه أولا نجل الزعيم التاريخي “جومو كينياتا”، وثانيا لأنه من قبيلة الكيكويو الأكثر تعدادا في البلد ، ولأنه أيضا مرشح الحزب الحاكم، ولكن كانت المفاجئة أن مكونات الطبقة الحاكمة الأخرى رأت أن مصالحها مهددة، فشكلت تحالفا قويا باسم تحالف قوس قزح برئاسة الرئيس الحالي مواي كيباكي الذي أحاط نفسَه بالسيد رايلا أودينغا على أن يتولى رايلا رئاسة الوزراء وأن يطبق مبدأ اللامركزية في الحكم لاحقا بعد تعديل الدستور في حالة فوز التحالف حسب ما نصت مذكرة تفاهم سابقة وقع عليها قادة التحالف، وترشح لهذه الانتخابات خمسة مرشحين فقط وكان الفائز فيها مواي كيباكي، وأحرز ائتلاف قوس قزح الوطنى 125 مقعداً برلمانياً من أصل 210 .
ولكن سرعان ما طفت على السطح خلافات بين قيادات الائتلاف الحاكم بعد فترة قصيرة من مزاولة الحكومة الجديدة أعمالها، حيث طالبت مجموعة من أعضاء الحزب الديمقراطي الليبرالي الذي كان جزء أساسيا من الائتلاف بقيادة رايلا بأن يعامل حزبهم كشريك في الحكومة، وأن يتم إنشاء منصب رئيس الوزراء وتعيين أودينغا في هذا المنصب، كما اتهمت هذه المجموعة الرئيس مواى كيباكى بخيانة بنود الاتفاق المبرم بينهم، وتفاقم الأمر حتى وصلت العلاقة بين الرجلين إلى حد القطيعة ليقود رايلا بعد ذلك تمردا سياسيا ضد الرئيس كيباكي، كما رفض رايلا تعديلات دستورية أعدتها حكومة كيباكي في أواخر عام 2005 مبررا موقفه من أن التعديلات عززت صلاحيات الرئيس، الأمر الذي اعتبره المراقبون تراجعا عن الديمقراطية النسبية التي تميزت بها كينيا عن سائر نظيراتها في شرق ووسط إفريقيا. لم يكتف رايلا برفض المشروع فقط وإنما انسحب من الائتلاف الحاكم مكونا حركة سياسية جديدة أطلق عليها اسم الحركة الديمقراطية البرتقالية . ( )
ثالثاً اثر التعددية الحزبية على التحول الديمقراطى :
مع مطلع عام 1993 الجديد أعلنت نتائج أول انتخابات برلمانية ورئاسية كينية فى ظل النظام الجديد ذو التعدد الحزبى بعد ترقب وطول انتظار سواء على الساحة الداخلية أو للمراقبين والمهمتين على الساحة الدولية وخاصة فى الغرب الذى يراقب من بعيد تطورات الديمقراطية التى هبت على القارة الأفريقية وبدأت تغزو دولة تلو الأخرى بعد عقود طويلة من نظام الحزب الواحد الحاكم منذ الاستقلال فى الستينيات، وخاصة أن كينيا إحدى الدول المحورية للغرب فى منطقة شرق أفريقيا الهامة اقتصاديا واستراتيجيا ولعل الدور الأمريكى ـ الكينى واضح جدا فما يحدث فى الصومال الآن على سبيل المثال.
لقد عانت كينيا كثيرا حتى وصلت إلى لحظة إجراء أول انتخابات حرة كهذه، حيث كان الرئيس الكينى ـ دانييل ارب موى ـ يعارض بشدة كل النداءات الداعية لإجراء إصلاح سياسى وتعددية حزبية حيث يرى أن نظام الحزب الواحد هو الذى حافظ لكينيا على استقلالها واستقرارها طوال هذه الأعوام بعيدا عن الصراعات القبلية مثلما حدث فى دول أفريقية أخرى فى القارة وكان آخر تلك محاولات منع التحول للتعددية الحزبية خلال عام 1991 ولكن بعد ضغوط داخلية وخارجية غربية شديدة بإيقاف المساعدات الاقتصادية لكينيا وافق فى أواخر عام 1991 على المضى نحو التعددية الحزبية وإجراء انتخابات شاملة برلمانية رئاسية فى نهاية عام 1992 ومن المعروف أن كينيا لديها حكومة مدنية، منتجة منذ الاستقلال فى عام 1963، إلا أن الحزب الحاكم أ حزب الاتحاد الوطنى الأفريقى) ـ طانو ـ أصبح واقعيا الحزب الوحيد الذى يوجد فى النظام السياسى الكينى وقد تم تقنين ذلك بعد عام 1982 وفشل محاولة لقلب الرئيس ـ موى ـ آنذاك الذى كان قد تولى مقاليد الحكم عام 1978 بعد أن كان نائبا للرئيس الراحل ـ جوموكينياتا ـ أبو الاستقلال ومن ثم فلم يكن فى مقدور ـ موى ـ بحكم الواقع والتاريخ والظروف الدولية أن يستمر فى هذا الرفض، فإذا كان الكينيون قد نظروا إلى ـ كينياتا، بأنة الأب الروحى قاد البلاد للاستقلال عن بريطانيا وقاومها مقاومة شرسة، فانهم لم يشعروا بهذا الإحساس تجاه ـ موى ـ وبالتالى فعارضوه عندما اتبع أساليب حكم مستبدة تغاضوا عنها أيام ـ كينياتا، ثم أن سياسات الداخل كانت كفيلة بتفجير المعارضة ضد حكم ـ موى ـ الذى لم يتورع عن شن الاعتقالات ضد المئات من أساتذة الجامعات والصحفيين وقادة الحركات الطلابية، وهاجم أيضا المعارضين الكينيين فى المنفى وفى الخارج، فكان يحلو له القول بأنه سيتصيد المعارضين كما يصطاد الفئران وعندما تجرأ ـ كينيث ماتيبا، أحد الوزراء السابقين وطالب بتعددية حزبية عام 1990 اعتقله ـ موى ـ لمدة عام أصيب خلالها بشلل جزئى ثم اصبح المنافس الرئيسى لموى فى انتخابات الرئاسة.
ولم تكن الأحوال الاقتصادية جيدة على الإطلاق، فرغم ثروات كينيا وأغمادها على القطاع الخاص والمساعدات الاقتصادية الغربية الكثيرة وحالة الاستقرار النسبى، فقد تردت الأوضاع بشكل خطير وأصبح ارتفاع الأسعار يحدث بشكل روتينى وبنسبة قياسية فى ظل تفاوت كبير فى توزيع الدخول وارتفاع نسبة البطالة وعدد السوى وانخفاض مستوى الدخول للأغلبية والتحول الكامل للاعتماد على المساعدات الخارجية ولذلك فإنه عندما انتقد الغرب ـ الذى كان يعتبر كينيا أحد مراكزه المتقدمة فى أفريقيا لمكافحة التوسع الشيوعى فى عصر الحرب الباردة وقبيل انهيار الاتحاد السوفيتى السابقة الأوضاع السياسية والاقتصادية وبدأ قطع المساعدات عن حكومة محى فلم يجد الأخير مفرا سوى الإذعان والاستجابة للمطالب الغربية سواء بإتباع شروط صندوق النقد الدولى اقتصاديا أو تطبيق التعددية الحزبية سياسيا ولتتهم التقارير الغربية نظام حكم ـ موى ـ بالانغماس فى الفساد والرشوة بشكل لا مثيل له مثل استخدام رجال الأعمال كواجهة تخفى ملايين الدولارات التى يتم الحصول عليها دون وجه حق، وعندما حاول ـ روبرت اوكو ـ وزير الخارجية الكشف عن الفساد داخل المستويات العليا من الحكومة كان جزاؤه القتل فى فبراير 1990.
ظل سجل كينيا فى ممارسات حقوق الإنسان يحظى باهتمامات المنظمات الغربية والدولية طوال فترة زمنية طويلة، حيث أن تلك الممارسات شهدت انتهاكات شديدة، وحاول الغرب من أن لأخر الضغط على كينيا بهذه الورقة من اجل دخلها لنحو الدخول فى الممارسات الديمقراطية ومنها التعددية الحزبية، وبعد التحديات الدولية مع أوائل هذا العقد والتحول نحو التعددية الحزبية كان من المفروض أن يشهد هذا السجل تحسنا ملموسا، ففى بداية عام 1992 رفضت الحكومة العديد من الطلبات الخاصة لعقد اجتماعات سياسية خاصة بالمعارضة من اجل الاستعداد لخوض الانتخابات وكذا للكنائس أيضا بل وصل الأمر لحد الإعاقة لمنع تسجيل أحزاب سياسية بعينها فى بدايتها مثل (منتدى إحياء الديمقراطية ـ فورد) وان تم السماح لها فيما بعد الضغوط الشديدة التى ظهرت على السطح السياسى كما بدأ اطرق سراح العديد من المعتقلين السياسيين مثل ـ كينيث مانتيبا ـ وتشارلز روبيا ـ ورايلا اودينجا ـ الذين كونوا أحزاب سياسية فيما بعد أيضا، وينجم عن ذلك ظهور تحقيقات لأول مرة علنية عن سوء المعاملة التعذيب لعدد من المعتقلين السياسيين أثناء سجنهم.
الانتخابات البرلمانية والرئاسية:
ـ كانت الأحزاب الجديدة التى ظهرت على المسرح السياسى الكينى هى عبارة عن خريطة حزبية اكثر منها سياسية وحدثت بها انشقاقات كثيرة مما أضعفها فى مواجهتها أمام موى وحزبه الحاكم وابرز هذه النماذج حزب ـ فورد ـ الذى ذكرناه أنفا ويقوده أحد الاشتراكيين السياسيين القدامى ـ اوجنجا اودتيجا ـ من قبيلة ـ اللون ـ وقد انشق عنها ـ فورد ـ اسيلى ـ التى يقودها الوزير السابق من قبيلة ـ الكيكويو ـ ويدعى ـ كينيث ماتسيبا ـ والذى رشح نفسه أمام موى أيضا ـ والذى حظى بشعبية كبيرة ويأتى فى المرتبة الثالثة ـ مواى كيباكى ـ نائب رئيس الجمهورية السابق من ـ الكيكويو ـ أيضا، وقد رأس ـ الحزب الديمقراطى ـ وقد نجم عن هذا كله انقسام اوكيقويو بين الأحزاب والمرشحين المختلفين، وان كان الكيكويو قد ايدوا كيبكى حيث كانت شعارات وأفكار ماتيبا لاتسير على شعارات عرقية أو قبلية كما حدث انقسام أخر داخل الكيكويو بوجود حزب صغير يدعى ـ المؤتمر الوطنى الكينى ـ والذى رأسه ـ تشارلز روبيا ـ عمدة نيروبى السابق.ـ وبالنسبة للانتخابات البرلمانية فقد حصل الحزب الحاكم ـ كانو ـ على الأغلبية المطلقة بحصوله على 97 مقعدا فيما لم تحصل للعارضة مجمعة سوى على 83 مقعدا ورغم وقوع تلاعب كما تقول المعارضة الكينية فإن المراقبين الغربيين يرون أن الانتخابات نظيفة ويجب الالتزام بها لحد كبير حيث كانت المعارضة الكينية قد طالبت بمقاطعة البرلمان وإعادة الانتخابات فنجد السفير الأمريكى فى نيروبى ـ سميث همبستون ـ الناقد الرئيسى لحكم موى والمؤيد الرئيسى لأحزاب المعارضة ـ دعا المعارضة لدخول البرلمان فما حدث هو خطوة كبيرة نحو الديمقراطية التى لن تكتسب بسهولة فى يوم فإذا وقع عنف فى كينيا فسوف يصبح الجميع خاسرين كما طالب العديد من رجال الكنيسة المعارضة لممارسة دورها الديمقراطى والدخول اللعبة البرلمانية بعد غياب طويل وأن توحد جهودها أمام موى ويلاحظ أن مدى لم يدع رؤساء أحزاب المعارضة لحضور مراسم تسلمه مسئوليات ولايته الجديدة، مما آثار غضب المعارضة، وقد أتهمها بأنهم يقودوا البلاد نحو حرب أهلية.
ـ وقد استجابت المعارضة فى النهاية ووافقت على ممارسة نشاطها البرلمانى حرصا على عدم اتهامهم بالسلبية وذلك بعد ضغوط غربية عليهم. ( )
رابعاً المجتمع المدنى و التحول الديمقراطى :
المجتمع المدني في كينيا، على الرغم من كونها مفهوما ان له أدوار كبيرة للعب في المشهد الكيني . لقد كان حيويا في تعزيز السلام والأمن والتماسك العرقي والتسامح الديني في أمتنا. أكثر من ذلك، أنها عززت التبادل الثقافي بين القبائل من أجل تعزيز المزيد من التفاهم من ثقافة الآخر. فعلوا ذلك من خلال إشراك مختلف الجماعات العرقية والجماعات الدينية في التفاعلات المتبادلة مثل في اجتماعات مجموعة والمهرجانات الثقافية، وحملات التوعية والأعياد الدينية.
يقوم المجتمع المدنى بالأشتراك فى المجالات السياسية و الأقتصادية فى كينيا حيث يكون طرف فى تنظيم الأحتجاجات ضد الحكومة او الأنتخابات القائمة و ايضاً له دور فى الأصلاح الزراعى خاصة فى كينيا حيث انه قام تيسير احتجاجاً كبير ضد رواتب النواب حيث انه مع المواطنين دائما و له رأى فى الانتخابات سواء مع او ضد او سواء كانت الأنتخابات نزيهة ام لا ..
المجتمعات المدنية تلعب دورا تحالف من أن يعمل كرقيب في نظام الحكم ضد هذه التجاوزات الحكومية والتسلط والدكتاتورية والفساد والاختلاس من الموارد العامة. وتشارك أيضا في مكافحة التمييز على أساس الجنس (حقوق المرأة) ، وكذلك يحافظ على تنفيذ الدستور التي هي جزء من الإعفاء لها ..
وكانت المجتمعات المدنية في كينيا في طليعة في الدفاع من أجل استعادة التعايش السلمي بين الكينيين بعد أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات في 2007-2008. هذا ما قاموا به من خلال التوعية وحملات نشطة. ومن أمثلة هذه المنظمات المعنية هي اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان كينيا، ووسائل الإعلام، والكنيسة والإسلام والصليب الأحمر الكيني. تم دفع جهودهم قبالة عن طريق الهدوء من ذوي الخبرة في الانتخابات التى اختتمت لتوها 2013 حيث لم يكن هناك العنف العرقي العدواني.
كانت المجتمعات المدنية ملتبسة جدا في حين التحريض على استعادة الديمقراطية متعددة الاحزاب من ديكتاتورية الحزب الواحد من الرئيس المتقاعد موي وحزبه كانو. ومن الأمثلة على المتورطين قادة الكنيسة يرجع ذلك إلى الإثارة، وقد تحقق الحلم المجتمع المدني في النداء التاريخي عام 1992 للدستور الذي بشرت في عصر الديمقراطية التعددية الحزبية .
وكانت المجتمعات المدنية أيضا غامضا في عهد التعددية الحزبية في الدعوة لدستور جديد الذي تحقق مع صدوره في أغسطس 2010. أكثر من ذلك، أنهم كانوا حيويا في مؤسسة ما بعد الانتخابات الائتلاف الكبير في عام 2008، ولها أبقاها في الاختيار للتأكد من أن المكاسب التي تحققت من قبل منظمات المجتمع المدني على مدى السنوات لم تخريب. وبالإضافة إلى ذلك، نظرا لعدم وجود المعارضة في حكومة ائتلافية موسعة، قدمت المجتمعات المدنية متنفسا للجمهور لصوتهم الانتقادات والرأي والسخط، والثناء عند الضرورة. لقد كان هذا حيويا في الانتقال من ائتلاف كبير للنظام متطور لإدارة وأداء الائتلاف الكبير في السنوات الخمس دون أي تفريق رغم العديد من العقبات .
وكانت المجتمعات المدنية أنصار موالين للمعارضة في البرلمان على مر السنين مع الذين وجدوا حلفاء في عهد استبدادي موي، وجنبا إلى جنب أطلقت منصة للالحروب الصليبية المؤيدة للديمقراطية. وبالتالي، كل الانجازات التي حققتها المعارضة لديها الخدمة المدنية كجزء من الائتمان .
وقد كفل المجتمع المدني في إنجاح الانتخابات التى اختتمت لتوها من خلال مراقبة سلوكهم وممارسة لتعزيز المصداقية ، والمجتمع المدني ، بروح من الديمقراطية أطلقت التماسين، واحدة للمطالبة لوقف فرز الأصوات بسبب التشوهات المرتبطة نظام التصويت الإلكتروني في تقديم IEBC والآخر للطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية.
على الرغم من أنه خسر كل من الالتماسات، وكان عرض جيد أن المجتمع المدني وشارك بنشاط في النجاح الشامل للانتخابات حتى الختام ..
و هناك بعض الأخفاقات للمجتمع المدنى فى كينيا :
وقد انضم أعضاء المجتمع المدني الحكومة بشكل جماعي ومن ثم يغادرون المجتمعات المدنية مع قيادة ضعيفة ومما يجعله عرضة للتلاعب من قوى خارجية مثل الطبقة السياسية , حقيقة أنها أيضا وجودها في الحكومة يجعل من الصعب بالنسبة لهم لانتقادها، لأنها تصبح نفس النسيج وحرمان الجماهير فرصة لصوتهم و عمد وجود كسلطة على سلوك الحكومة. أكثر من ذلك، كان يصور التحزب السياسي للمجتمعات المدنية في عام 2007، حيث اتخذت قيادة الكنيسة والإسلام الميول العرقية عندما تولت قيادتها الجانبين في انتخابات عام 2007، وبالتالي يصبح عاملا الزناد في أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات الرئاسية المتنازع عليها عام 2007، حيث أيضا أحرقت العديد من الكنائس، الأرواح والممتلكات نهبت أو دمرت.
أصبح المجتمع المدني ضحية للدعاية التي قد تضطر إلى الصمت المؤيدين للديمقراطية وكانت وسائل الإعلام أكبر الضحية وأيضا واحدة من العوامل الزناد أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات في 2007 من خلال نفس الدعاية لقد كان هذا حال يهمل المجتمع المدني الغرض منه و يبقى الوضع في انتشار الإفلات من العقاب ونتيجة لذلك، فإن جزءا كبيرا من الجمهور قد فقد الثقة في المجتمعات المدنية بالتالي جعل جهودهم بلا معنى .
وقد واجهت المجتمع المدني في كينيا أيضا العديد من التحديات مثل احتياجات المجتمع المحلي أنه غير قادر على التعامل معها والأهداف غير متطابقة، العداء وعدم التعاون من بعض الجهات الحكومية، اختلاس وعدم كفاية الأموال، وعدم المساواة بين الجنسين، تعاون بين الحد الأدنى منظمات المجتمع المدني، والاختلافات الاجتماعية والهياكل التنظيمية غير ديمقراطية. ومع ذلك، فقد استمرت في لعب دور حيوي في كينيا ، وحتى خارج حدودها . ومع ذلك، فقد تضاءل الزخم في السعي نحو الديمقراطية على مر السنين ، على الرغم من النمو في قطاعات أخرى مثل الصحة والتعليم. ولذلك، ينبغي تناول هذا التناقض من خلال العديد من التوصيات وتنفيذها من أجل تحقيق التوحيد بينهم واستعادة كليا ثقة الجمهور في النظام المجتمع المدني . ( )
خامساً التحول الديمقراطى فعلياً أم صوريا ً :
لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه على الديمقراطية حتى الدستور الجديد لا يعطي للمواطنين رأي في المعاهدات الدولية الحكومية , لا يزال هناك نقص واضح من أسفل إلى أعلى مشاركة المواطنين الكينيين لا تزال لديها أي دور في صنع الميزانية، ومسائل وطنية أخرى. على سبيل المثال، قبل بضعة أشهر أقر البرلمان الكيني قرار لإجبار الحكومة على الانسحاب من النظام الأساسي روما الذي يجعل كينيا عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. وقد تم ذلك من قبل النواب في تجاهل تام للمزاج العام. الشعب لا يمكن أن تمنع تنفيذ مثل هذا القانون غير المرغوب فيه أو القرار.
الجانب الوحيد للديمقراطية المباشرة التي كانت دائما في الممارسة في كينيا هو أن عقد مشاورات عامة، ينظر أولا في عام 1991 عندما كان رئيسا، ودانيال توروتيش، طلب نائب الرئيس والآخرين للذهاب الجولة البلاد وتحديد ما إذا كان حقا المواطنين يفضل اعتماد نظام تعدد الأحزاب. لا يتم دعم ممارسة عقد المشاورات العامة بموجب القانون وعادة ما يتم تنفيذه في متعة للرئيس.
ومن المؤسف جدا أن الكينيين ليس لديهم رأي في الذي يصبح رئيس بلدية، وزراء مفوض مقاطعة، القائمقام، قائمقام، رئيس مفوض مقاطعة، والنواب رشح وغيرها. بعد هذه المناصب القيادية تبسط الكثير من القوة والنفوذ على المواطنين. ومعظم هذه التعيينات الرئاسية فقط بمرسوم.
الديمقراطية المباشرة في حاجة ماسة إلى توسيع في كينيا حتى أن الناخبين لا مجرد الحصول على التصويت مرة كل خمس سنوات لانتخاب أعضاء البرلمان والرئيس، ومن ثم ترك الأمر لهؤلاء الناس إلى ‘تمثل’ لهم حتى تأتي الانتخابات القادمة على طول. يجب أن تكون قادرة على رصد وتحقق الحكومة طوال فترة ولايتها . ينبغي أن تكون قادرة على تقديم الاقتراحات وجدول أعمال النقاش العام ما إذا كانت الحكومة تفضل ذلك أم لا. الأهم من ذلك يجب أن تكون قادرا على تذكر السياسيين بالأداء الضعيف .
عموما، الديمقراطية التمثيلية قد فشلت كما ان الطبقة السياسية تهتم بالأستمرار من أجل مصالحهم الخاصة بها والتي تتعارض مع الإرادة الشعبية.
للديمقراطية المباشرة لتصبح حقيقة واقعة في كينيا، ويكون للنظام الإقليمي والمحلي الحق فى تقرير المصير للترقية هنا يمكن أن تنشأ ، والهياكل الاتحادية تتمتع بحكم شبه ذاتي أقوى . وينفي النظام المركزي الحالي للمواطنين الحق في اتخاذ القرارات السياسية محليا , ينبغي أن تكون حرة في اختيار مؤسساتهم ولها الحرية فى وضع اللوائح الخاصة بها . كما ينبغي لها أن تكون حرة في تنظيم نظامهم الخاص فريد من نوعه القضائي، والإسكان، والسياسات الزراعية.
في حين كينيا لا يمكن تصنيفها بين الديكتاتوريات أو الدول غير الديمقراطية التي تنتشر في القارة الأفريقية ، و يوجد الكثير الذي ينبغي القيام به لترسيخ وتعزيز ثقافة الديمقراطية الناشئة فيها. الديمقراطية المباشرة في كينيا هي بالتأكيد وسيلة للأرتقاء لأنها سوف تعزز الوعي السياسي وكذلك النقاش العام ضجة حول القضايا الوطنية وبالتالي إعطاء شرعية أوسع لقرارات سياسية . ( )
قائمة المراجع و المصادر :
1- أحمد ابو بكر – كينيا .. عشرون عاما على التحول الديمقراطى – جريدة الوطن – 2012 .
http://www.elwatannews.com/news/details/4769
2- هناء عبيد – تأثير الدور الخارجى على التحول الديمقراطى – جريدة الأهرام الرقمى – 1992 .
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=780558&eid=3120
3- طارق حسنى ابو سنة – رياح الديمقراطية تهب على شرق و جنوب افريقيا – الاهرام الرقمى – 1992 .
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=217194&eid=1829
4- سميرة نصرى- التحول الديمقراطى فى افريقيا – مدونة الكترونية – نوفمبر 2008 .
http://samiranasri.blogspot.com/2008/11/blog-post_17.html
5- راوية توفيق – التنافس الدولى فى قارة افريقيا .
http://albayan-magazine.com/files/africa/index/htm
6- على جبريل الكتبى – قراءة فى المشهد السياسى الكينى – مركز الجزيرة للدراسات – 2013 .
http://studies.aljazeera.net/reports/2013/02/20132288911236190.htm
7- طارق حسنى ابو سنة – كينيا من الحزب الواحد الى التعددية السياسية – الاهرام الرقمى – ابريل 1993 .
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=217523&eid=1829
مراجع باللغة الأنجليزية :
1- Micheal Wahman – Disappointing democrats: exploring the link between democratization and electoral turnover – Democracy In Africa – 2014 .
Disappointing democrats: exploring the link between democratization and electoral turnover
2- George JimGithinji – The Civil Societi In Kenya – Epic Kenyans World Of Open-Mindedness – May 2013 .
https://epikkenyan.wordpress.com/2013/05/09/the-civil-society-in-kenya
3- Alan E Masakhalia – Direct Democracy In Kenya – Open Democracy – November 2011 .
https://www.opendemocracy.net/alan-e-masakhalia/direct-democracy-in-kenya-case-to-be-made