ماذا لو لم نصبح “قد الدنيا” ؟!
بقلم : مونيكا مينا مرقص القمص
كلية الاقتصاد و العلوم السياسية جامعة القاهرة – علوم سياسية – إنجليزى
تفاجئنا اليوم بإصدار بيان من قبل المتحدث الرسمى باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عبرت فيه عن استيائها من مشروع قانون بناء الكنائس المزمع إصداره و حذرت من مخاطر هذا القانون على الوحدة الوطنية المصرية , جاء هذا البيان فى ظل التطورات و الأحداث الأخيرة التى شهدتها البلاد من تطرف و تعدى على أقباط الصعيد , أشهرها حادثة السيدة المعراه بالمنيا , حرق بيوت الأقباط ببنى سويف و تهجير أخرين , التعدى على أحد الكنائس بقرية فى الإسكندرية. تقابلت كل تلك الإعتداءات بتصريحات من رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسى بأنها حوادث عارضة ولا يجب تضخيم الأزمة فلايوجد مجال للفتنة الطائفية .
كل تلك الوقائع مجرد أحداث ! إذا كانت كذلك لماذا تتغيب العناصر الأمنية عن المشهد , لما لا تدخل لتطبيق القانون و حماية مواطنيين مصريين لديهم حقوق ابسطها العيش بسلام , لماذا نلجأ لجلسات الصلح العرفية ! فالدلالات التى تسيطر على المشهد ترجح قصور متعمد من الشرطة و تراخى فى تطبيق القانون. تعانى المنيا من احداث تطرف و تعصب دينى بشكل مستمر , تتصاعد تلك الاحداث و لم يتخذ حتى الآن إجراء حاسم تجاه المسؤولين بداية من المحافظ حتى مدير الأمن .
كالعادة يخرج الرئيس علينا متحدثاً بكلاميفيض بالمشاعر الإيجابية بالمعنى الدارج “الكلام المعسول” فجاء ذلك فى زيارتين للكاتدرائية للتهنئة بالعيد حيث ذكر فى الأخيرة دور الدولة فى إعادة بناء الكنائس , تصليح ماحدث فى الفترة السابقة لعهده و أشاد بالوحدة الوطنية و السلام الذى يتنعم به الوطن و حرص الدولة على حقوق مواطنيها مع العلم أن الاقباط جزء لا يتجزأ من الوطن . نعم سيادة الرئيس تعرضت الكنيسة القبطية لكثير من أعمال العنف و الاضطهاد فى الفترة السابقة ” حكم الاخوان” لكن حدث فى عهدك أيضا ما لم يحدث من قبلفمازالت الكنيسة تعانى و تعانى حتى الآن إلى أن فاض الكيل فأصدرت هذا البيان تستنكر فيه موقف النظام تجاه قانون بناء الكنائس , الكنيسة ذاتها هى التى وقفت بجانب النظام فى مواقف عديدة بداية من القبول بخارطة الطريق إلى تصريحات البابا عندما سُئل عن حادثة قتل الطالب الايطالى ريجينى , لم تتخذ إى مواقف تصعيدية بالرغم من الحوادث الطائفية المتكررة تخيلاً منها إن فى ذلك الصمت حلاً و حفاظاً على الوطن لم تعلم أن الحفاظ على الوطن يتحقق بالحفاظ على مواطنيه لا نظامه .
هذا البيان يظهر فقدان الأمل بعد محاولات عدة , إذ تخاذلت الدولة عن تحقيق أبسط حقوق المواطنه , فعلى من تقع المسؤلية ؟
للمرة الأولى يخرج الأقباط عن صمتهم فى عهد السيسى و لا أعتقد أنها الأخيرة و ربما يضطر الأقباط لتكرار ما حدث فى عهد المجلس العسكرى بماسبيرو إذا أستمر الوضع على هذا النحو و نأمل ألا تؤول الأمور إلى ذلك فالمجتمع المصرى فى الوقت الراهن لا يتحمل إى أزمات طائفية لذلك من مصلحة الدولة ترسيخ مبادئ المساواة و التسامح الدينى بالقانون و الأفعال لا الكلام , ليس من الحكمة توجيه الانتماءات إلى إتجهات عرقية او دينية و فتح المجال العام لحوادث طائفية ربما لا يتحمل عواقبها النظام نفسه . حيث لا يحتاج النظام إلى خلق أزمة أو تفعيلها فيكفى ما لدينا من أزمات اقتصادية و سياسية على المستوى الداخلى و الخارجى فلم يتبقى لنا غير ذلك العنصر ليبث فينا أمل الحياة فيتفاخر المصريين دائما بوحدتهم و قدرتهم على التعايش بسلام بالرغم من كل التحديات .
ماذا لو فقدنا قدرتنا على النجاة بإقتصاد وطنى حر بعد اللجوء لصندوق النقد الدولى ؟
فى ظل أهتزازالعلقات الخارجية بسبب حوادث عدة من الطائرة الروسية الى الطالب الإيطالى , تراجع السياحة بنسبة كبيرة و إخفاقات فى أزمة سد النهضة مع إضطرابات سياسية داخلية تتبلور فى إحتجاجات النقابيين ” أطباء و صحفيين” يليهما السخط الشديد على تسليم جزيرتيين يقعان تحت السيطرة المصرية إلى السعودية , فشل امنى فى حماية المواطنيين فقط لمن يرى أن الاقباط مواطنيين مصريين إلى أن جاء ذلك القانون وبيان اليوم .
أليس بعد كل هذا ضرورة من قيام النظام و القائمين عليه بمراجعة أنفسهم و سياستهم بشدة لعل و عسى يجدون رغبة فى انقاذ ما تبقى لنا و لهم و إنقاذ أنفسهم من إحتمالية وجود موجة إحتجاجية قريبة .