الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثيةالعلاقات الدولية

التنافس الدولي على الموارد الطبيعية في افريقيا بعد الحرب العالمية الثانية

اعداد الباحث : حيدر غازي – المركز الديمقراطي العربي

اشرف أ.د :  صــالح عـــباس الطـــــائـي

 

 

المقدمة :

النفط يعتبر من اهم مصادرالطاقة حول العالم ، بالرغم من بداية تطور موارد الطاقة البديلة , وفي عصر العولمة لازال النفط يشكل عصب الاقتصاد العالمي اذ تعتمد عليه اقتصاديات الدول المتقدمة والنامية على السواء, وتستمر  بلدان العالم المتقدم في الاعتماد عليه لاسيما في قطاع النقل والذي يشكل قطاعا مهما بالنسبة للدول الكبرى التي تسرف في استهلاك الوقود، كما في الدول الناشئة التي تعتمدعلى النفط بوصفه مصدرا اساسيا للطاقة, ومن هنا باتت قضية ضمان امن النفط مصلحة حيوية لجميع الدول.

تنطلق هذه الدراسة من فرضية عدم تراجع اهمية النفط في العلاقات الدولية بالنظر لنمو الاقتصاد العالمي بالرغم من ارتفاع اسعاره في مراحل الازمات الاقتصادية , كما ان الموارد الطبيعية المتعددة في افريقيا شجعت على نشوء انواع عديدة من الصراعات . لذلك نجدان دراسة موضوع ضمان الحصول على النفط وتامين امداداته يتأثر بمستوى استقرار الدول المنتجة له سياسياً واقتصادياً , ولا يخفى على الكثيرين ان نظرية الانتاج والاحتياطي للنفط والغاز هما عاملان اساسيان في تحديد الاولوية الدولية في استغلال مناطق الانتاج , والتأثير في مسار الصراع والتنافس القائم بين الدول الكبرى المستفيدة من النفط التقليدي والغاز الطبيعي .

 

اولاً: التنافس الدولي وتأمين مصادر الطاقة

1- التنافس الدولي على النفط

ان اهمية النفط ازدادت منذ ادخال السفن الحربية التي تشتغل بالوقود في بداية القرن العشرين, اذ ان الانتقال من الفحم الحجري الى النفط قد زود السفن البريطانية بميزات هامة في السرعة والقدرة على التحمل , , وفي الوقت ذاته مثّل ذلك مشكلة جديدة بالنسبة لبريطانيا اذ اصبحت بحاجة الى استيراد النفط او السيطرة على مصادرهحيث كانت تفتقر اليه بشكل كبير بالرغم من انها غنية بالفحم الحجري ,ولذلك يعد النفط من الموارد الحيويةللحفاظ على الامن القومي والتي قد يؤدي حرمانها الى استخدام القوة العسكرية عندما تقع الامدادات فيمواجهة الخطر. [1]

وفتحت الحرب العالمالثانية الباب امام الدول المتحاربة للقتال مناجل النفط حيث فرض الحظر الامريكي على صادرات النفط الى اليابان ممادفع الاخيرة الى مهاجمة قاعدة بيرل هاربر فينهاية العام 1941 , وفي اوروبا كانت المانيا بحاجة ماسة الى النفط مما دفعها الى غزوروسيا في العام 1941 وكان الهدف الاكبرللغزو هو احتلال مركز النفط السوفيتي فيباكو في اذربيجان السوفيتية . [2]

بعد تأميم العديدمن الشركات العالمية انتقلت السيطرة على النفطمن هذه الشركات الى الدول المنتجة بحيثاستطاعت دول الاوبك لاول مرة في العام1971 ان تنجح برفع سعر النفط، وهكذا اخذ سعر النفط يرتفع اكثر فاكثر بارتفاع الطلب على النفط، اذ كان قد ارتفع حتى عام 1973 الى اربعة اضعاف ما كان عليه في السابق، واستطاعت البلدان العربية المنتجة للنفط من  استخدام النفط كسلاح سياسي فعال في حرب اكتوبر 1973 حيث قرر وزراء النفط العرب انذاك خفض انتاج النفط بنسبة تبلغ 5% شهريا وقطع الامدادات النفطية عن الولايات المتحدة وهولندا بسبب موقف حكومتيهما المنحاز الى اسرائيل والمساند لها. [3]

2- تأمين مصادر الطاقة

لقد تركز اهتمام الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب الباردة على  محاولة منع ارتباط اوراسيا بمنطقة الشرق الاوسط الغنية بالنفط، وبخاصة العراق وايران اللتين كانتا بعيدتين عن دائرة النفوذ والسيطرة الامريكيةانذاك , بسبب خشيتها الى انضمام هذه الدولالى الدول ذات القوة النووية , وفي حالة حدوث ذلكفسيكون لدول الشرق الاوسط من القوة مايسمح لها بحماية مواردها والاستقلال فيمواقفها فموارد دول الشرق الاوسط ودولالاتحاد السوفيتي السابق يمكن ان تضاهي مايملكه الغرب، اضافة الى احتكارها للمواردالنفطية الرئيسية في العالم، بكل ما يعنيه ذلكمن تحكم في اسعار الطاقة والحصول علىالجزء الاكبر من ثروة الغرب التي ستذهبلتسديد الفواتير النفطية, ولهذا تسعى الولايات لإعادة انتشارها بشكل واسع في الشرق الاوسط . [4]

وانطلاقاً من مميزات القرب الجغرافيللنفط الافريقي تعتمد اوروبا بشكل كبير علىنفط الشمال الافريقي، خاصة ليبيا الى تصدير%70 من انتاجها الى اوروبا، وازدادت اهمية الصناعة النفطية الليبية بعد رفع العقوباتعليها في العام 2003 . [5]

وتتنافس الدولالاوربية و الولايات المتحدة على النفط الافريقي وخصوصاً النيجيري , فبريطانيا ترى انها الاولى بالاستفادة من نفط نيجيريا لكون الاخيرة كانت مستعمرة بريطانية لفترة طويلة. [6]

كما ان بريطانية تعتمد على ( 10 %) من النفط النيجيري.[7]

 

ثانياً : اكتشاف النفط والغاز في افريقيا (الاحتياطي – الانتاج )

بعد حرب قناة السويس ارتفعت وتيرة الإستكشافالنفطي في افريقيا ووصلت الى  مناطق جديدة منها وهي ليبيا وانغولا ومصر والسنغال والغابون وساحل العاج وكينياوالمغرب وموزمبيق ونيجيريا والصومال وتونس ليصل عدد الحفارات بحلول عام 1962 إلى 162حفارة بالدول المذكورة.فقد تم العثور على النفط بكميات تجارية في الجزائر عام 1956 ونيجيريا و الغابون و ليبيا عام1958 وبكميات محدودة بأنغولا عام 1960 وتونس عام 1966 وبعض الاكتشافات الصغيرةبالمملكة المغربية , وتوجد إمكانيات واعدة للقارة الإفريقية لم تكتشف بعد وتجري عليها حاليا دراسات إقليمية وشبهإقليمية من قبل الشركات العالمية.[8]

1- الاحتياطي والانتاج النفطي في افريقيا

أ- الاحتياطي النفطي :

يقدر الإحتياطي العالمي من النفط الخام سنة( 2008 ) ما يقارب من 1259 مليار برميل ، ويتواجد أغلب هذا الإحتياطي بثلاث مناطق رئيسية وهى منطقة الشرق الأوسط والتى تحتوى 60 % ، تليها قارة أوروبا في المرتبة الثانية بنسبة تقدر بـ 11.4 %  , وتأتي القارة الأفريقية في المرتبة الثالثة علي المستوي العالمي من حيث الإمكانيات النفطية أي بنسبة 10 % من المخزون العالمي ، حيث يقدر الإحتياطي الإفريقي 125.6 مليار برميل ويقدر العمر الإفتراضي للمخزون النفطي الإفريقي ب 30 سنة حسب معدلات الإنتاج الحالية .[9]

ب- الانتاجي النفطي:

يبلغ الإنتاج العالمي من النفط تقريباً84 مليون برميل يوميا ويعتبر الشرق الأوسط أكثر المناطق إنتاجا ليصل الى 26.2 مليون برميل يوميا أي بنسبة 32 % من الإنتاج العالمي , ويصل إنتاج القارة الإفريقية من النفط الى 10.3 مليون برميل يوميا وبنسبة 12.4 % من الإنتاج العالمي.[10]

ومن هنا نرى ان القارة الإفريقية تحوي ما مقداره 10 % من الاحتياطي العالمي للنفط  بينما تنتج ما مقداره 12.4% من الإنتاج العالمي.

2- احتياطي وانتاج الغاز في افريقيا

أ- احتياطي الغاز:

يقدر الاحتياطي العالمي من الغاز ب 185 ألف مليار برميل ويقدر العمر الإفتراضي لهذا الإحتياطي بـ 60 سنة , وتعتبر منطقة الشرق الأوسط الأولى عالمياً حيث تحوي على حوالي 41 % منالمخزون العالمي للغاز تليها قارة أوروبا (بالتحديد أوروبا الشرقية) بنسبة 34 % ، وتأتي القارةالإفريقية في المرتبة الثالثة لاحتوائها على ما يقدر 14.660 الف مليار متر مكعب من الغاز أيبنسبة 7.9 % عالميا .

ب- إنتاج الغاز:

يقدر الإنتاج العالمي من الغاز ب 3065 مليار متر مكعب، حيث تنتج قارة أوروبا (أوروبا % الشرقية) ما مقداره 35.5 % من إجمالي الإنتاج العالمي تليها قارة أمريكيا الشمالية بنسبة 26.7 من الإنتاج العالمي وتأتى منطقة الشرق الاوسط الثالثة بنسبة 12.4 % , حيث تعتبر روسيا من أكبر الدول المنتجة للغاز في العالم أي مايمثل 19.6 من الإنتاج العالمي وتليها الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 19.3% . [11]

اما القارة الإفريقية فتمثل 7% من الإنتاج العالمي للغاز أي بمقدار 215 مليار متر مكعب لسنة 2008 , وهذا المقدار ارتفع في السنوات التي تلتها بشكل بطيء .[12]

 

رابعاً : تأثير النفوذ الدولي والصراع على الموارد في افريقيا

تنافست على موارد افريقيا دول كبرى عديدة , واصبحت الاراضي الافريقية باحة مجانية مليئة بالكثير من المواد الاولية والموارد الطبيعية لذلك سعت تلك الدول الى الخوض بغمار السيطرة على مساحات كانت تعتقد انها تمتلك مميزات تدعم متطلباتها واحتياجاتها في التعاظم المستمر في القوة والاستمرار بامتلاك تلك القوة ,كما اختلفت الفترات الزمنية في الهيمنة على مقدرات الشعب الافريقي حتى وصلت الى مرحلة التنافس بين القوى الدولية العظمى اقتصاديا وعسكريا وهي دول اوروبا الكبرى , والولايات المتحدة , والصين .

1- اوروبا :

لقد كانت أفريقيا ضحية الإستعمار لحقب زمنية طويلة ، إذ عمل هذا الإستعمار على تقسيم القارة على أساس الظاهرة الإستعمارية ، التي هيمنت على أفريقيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين إلى ستة أقسام هي:

القسم الأول : المتمثل بالدول التي كانت واقعة تحت الإستعمار الفرنسي ، والتي تعرف بالدول الناطقة بالفرنسية أو الدول الفرانكفونية , فقد إمتد الاستعمار الفرنسي في موريتانيا وغينيا والسنغال ومالي وساحل العاج والنيجر ، فضلاً عن الوسط في الكونغو وأفريقيا الوسطى والغابون والكاميرون وفي الشرق في مدغشقر.

القسم الثاني:وشمل المناطق التي كانت خاضعة للاستعمار البريطاني، التي عرفت بالدول الناطقة بالإنكليزية ودول الانكلوفونية ودول الكومنولث البريطاني، والمتضمنة نيجيريا وغانا وغامبيا وزيمبابوي وزامبيا , وكينيا واوغندة , كما أن حلم بريطانيا المتمثل بمد خط حديد الكاب الممتد من شمال إلى جنوب القارة، إما مصر فكانت أول دولة أفريقية عربية تحتلها بريطانيا احتلالا عسكرياً كاملاً في عام 1882.

القسم الثالث: ويتضمن مناطق النفوذ الايطالي التي كانت محصورة في مناطق ضيقة إنسجاماً مع قوة ايطاليا وحجمها مابين الدول الأوربية الأخرى، ولقد اتسمت هذه المناطق بفقرها أولاً وبأنها لم تخضع للإستعمار الايطالي لمدة طويلة، وشمل هذا القسم أجزاء من الصومال والتي عرفت بالصومال الايطالي، وليبيا وأمتد إلى أثيوبيا وأريتريا لمدة محدودة.

القسم الرابع: وهذا القسم كان يعرف بمناطق النفوذ الألماني الذي لم يستمر طويلا نتيجة لإندحار ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، ونتيجة لهذا الإندحار قسمت مستعمرات ألمانيا القليلة مابين فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وجنوب أفريقيا، شملت توغو والكاميرون وناميبيا وتنزانيا وراوندا .

القسم الخامس: ويضم مناطق النفوذ الأسباني والتي شملت غينيا الإستوائية والتي كانت تعرف بغينيا الاسبانية والمنطقة الصحراوية , وجزر الكناري وسبتة ومليلة.

القسم السادس: ويشمل مناطق الإستعمار البرتغالي، والمناطق التي خضعت لهذا الإستعمار هي  غينيا، بيساو، أنغولا، موزمبيق، جزر ساوتوميوبرنسيب .[13]

2- امريكا :

منذ ظهور الدولة الأمريكية على الساحة الدولية، وحتى الحرب العالمية الثانية، تميزتالسياسة الخارجية الأمريكية اتجاه القارة الأفريقية بالتجاهل وعدم الاهتمام , وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية في العام ١٩٤٥ ، أصبحت محاصرةُ توسع الشيوعية في صلب اهتمامات السياسةالخارجية الأمريكية بأفريقيا، وذلك في الأعوام ما بين ١٩٤٧ و ١٩٨٩ .[14]

ومع انهيار جدار برلين،ووصول جورج بوش الأب إلى السلطة، لم تتم بلورة أي سياسة خارجية واضحة اتجاه القارة، التي بدت وكأنها فقدت أهميتها من الناحية الجغرافية مع انهيار الاتحاد السوفياتي . [15]

اتضحت ملامح السياسة الخارجية الأمريكية اتجاه أفريقيا منذ بداية العام ١٩٩٨ ، إذ سعتإدارة الرئيس كلينتون إلى تأسيس شراكة أمريكية – أفريقية جديدة. وترجع أهمية القارة الأفريقيةفي الحسابات الأمنية الأمريكية إلى عوامل متعلقة بالعقيدة الأمنية الأمريكية المتعددة الأبعاد؛ و إلى عوامل أخرى متعلقة بأفريقيا، حيث تحتوي القارة على ثروات ضخمة؛ و عوامل متعلقة بتجاذب القوى بين النظام الدولي على الموارد في ما يخص المنطقة ولا سيَّما فيشمال أفريقيا، وارتباطها في أي توازنات مباشرة أو غير مباشرة بالمشاريع الشرق أوسطية .[16]

إن الاهتمام الأمريكي بالقارة الأفريقية، يأتي في سياق محاصرة نفوذ قوى كبرى، أصبحتترى في القارة الأفريقية مجالاً خصباً للاستثمار، وسوقاً مهمة من الموارد الأولية , كما ان التوجهات الجديدة لكل من الولايات المتحدة، وفرنسا إزاء أفريقيا في مرحلة ما بعدالحرب الباردة قد أبرزت تنافساً حقيقياً بين البلدين، ويمكن للمرءأن يدرك ذلك في الحرب الأهلية الرواندية خلال العام ١٩٩٤ ، ومع ذلك فإن ثمة قدراً منالتعاون والتنسيق بين الأطراف الأوروبية والأمريكيةفي مواقفها تجاه قضايا أفريقيا.[17]

لذلك كان من الضروري أن تشملالاستراتيجية الأمريكية هذه القارة، وبخاصةثروة النفط والغاز؛ إذتُعَد أفريقيا المنطقة الأخيرة في العالم التي يوجد فيها احتياطي هائل , ويقدر الخبراء حجمالنفط الأفريقي بين ٨ و ٩ % من إجمالي الاحتياط العالمي، ما يوازي ١٠٠ مليار برميل خام،حيث تنتشر حقول النفط داخل القارة في كثير من دولها، وعلى شواطئها الغربية، وهو أسهلوأسرع في استخراجه، وسهولة نقل الخام المتدفق من الآبار إلى سفن راسية عند السطح تقومبأعمال التصفية والتكرير، بحيث تصبح المشتقات جاهزة للتصدير مباشرة .[18]

بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، يكتسب النفط الأفريقي أهمية استراتيجية ،حيث بدأت باستيراده منذ خمسينيات القرن الماضي، وقد صدرت العديد من التقارير الرسميةوالتحليلات غير الرسمية التي تؤكد هذه الأهمية , منها أعلان الرئيس السابق جورج بوش الابن في خطاب حول حالة الاتحاد في العام ٢٠٠٦ عزم الولايات المتحدة الأمريكية الاستغناء عن ٧٥% من الواردات النفطية القادمة من الشرق الأوسط والحصول عليها من مصادر بديلة بحلولالعام ٢٠٢٥.[19]

و الحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية باتت شديدة الحساسيةاتجاه مسألة النفط الأفريقي، ومن ثم فهي لا تتورع عن استخدام كل الوسائل بصرف النظر عنمشروعيتها، من أجل السيطرة على هذا المورد الاستراتيجي الحيوي في الولايات المتحدة الأمريكية.[20]

بحلول عام ٢٠١٥ ارتفعت حصة أفريقيا من سوق النفط الأمريكية من ١٥% إلى ٢٥% , ويعتقد الخبراء انثبات هذه المعدلات مستقبلاً , سيزيح الشرق الأوسط  في غضون فترة وجيزة لا تتجاوز ثمانية أعوام , بوصفِها المصدر الأساسي للنفط الأجنبي في الولايات المتحدة .

3 – الصين :

بحلول أوائل تسعينيات القرن العشرين، ورغم المشكلات السياسية ومقاطعاتالإنتاج، بدأ النفط الأفريقي يلعب دورًا ملموسًا في الوفاء بالاحتياجات النفْطية العالمية،وكانت التَّوَقُّعات الخاصة بعدد البراميل التي يمكن استخراجُها من الأراضي الأفريقيةتوقُّعات متفائلة , عام ١٩٨٢ كان اقتصاد الصين ينمو بمعدل سنوي يبلغ ٩%، وفي عام ١٩٩٣كان معدل النمو ١٣ %، وفي عام ٢٠٠٦ بلغ ١١٫٣%.[21]

كانت الصين قد اكتشفتالنفط في أراضيها عام ١٩٥٩ ، وهو ما رفعها إلى مصافِّ الدول المحتمل كونها لاعبًا في أسواق النفط، بَيْدأن حقول النفط الموجودة في أراضيها لم ، تكن قادرةً مطلقًا على أن تجاري اقتصادَها المتوسِّع بسرعة كبيرة. وأخيرًا، في عام ١٩٩٣ تغيَّر التوازُن بين الإمداد النفطي القومي للصين وبين معدَّل نموّ اقتصادِها بحيث صارت الصين مستوردًا صافيًا للنفط. وخلال عَقْد التسعينيات من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين كان النفط هو ما جمع بين دولة الصين وقارة أفريقيا معًا.[22]

أرادتِ الصين مواجهة خطة نموِّها الداخلي وأن تَصبح مستوردًا صافيًا للنفط، وكان من الضروري أن تلعب أفريقيا دورًا محوريٍّا في خطتها, لذلك تحول الطلب الصيني على النفط  بشكل كبير في بداية عام ٢٠٠٤ ، بحيث تخطَّى اليابان وصار في المركز الثاني من حيث استهلاك النفط بعد الولايات المتحدة. [23]

وارتفع الميزان التجاري الصيني مع أفريقيا إلى رقم هائل بلغ ٥٥ مليار دولار سنوياً ,واصبحت الشراكة المتكونة بين الصين والدول الأفريقية تشغل موضعًا محوريٍّا في النظام النفطي الجديد إذ جمع النفط فعليا بين الفُرقاء.[24]

غزتالصين أفريقيا بالمال والنفوذلا بالأسلحة, ففي عام ٢٠٠٥ استثمرتالشركات الصينية ١٧٥ مليون دولار في أفريقيا لاستكشاف النفط وتشييد البنية التحتية والطرق والسكك الحديدية وفي برامج الزراعة والتعليم. [25]

وبناءً على ما سبق تحاول السياسة الأمريكية الجديدة احتواء النفوذ الصيني المتزايد في أفريقيا, فالصين تستثمر الرغبةالأفريقية بالتوجه شرقاً، وقد بات النفوذ الصيني واضحاً في مجالات النفط، ومشروعات البنية الأساسية في كثير من أنحاء أفريقيا, ويلاحظ أن بعض عناصر الإدارة الأمريكية المؤثرين، وكذلك مراكز البحوث والدراسات الاستراتيجية، قدأبدت انزعاجها الشديد من تنامي الدور الصيني في أفريقيا، بعد انعقاد القمة الصينية -الأفريقية في الصين في 2006. [26]

خاتمة :

اهمية النفط تستمر بالازدياد بوصفهاسلعة حيوية للطاقة واصبحت الحاجة ماسة اليه في ضوء استمرار النمو في اقتصاديات دول كبرى مثل الصينفضلا عن الحاجة الماسة اليه في الولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوربي. واخذت هذه الدول تتنافس في الحصول عليه بشتى السبل وان اقتضت الضرورة الدخول في حروب .

ان ما دفع الدول الكبرى للتنافس من اجل تامين امداداتها للنفط هو عدم الاستقرار السياسي في بعض المناطق المنتجة وتذبذب اسعاره لاسيما عند اندلاع الازمات , وتلعب كلفة انتاجه وانواعه دوراً في ذلك.

لقد وقعت بعض الدول الكبرى اتفاقيات امنية واقامت قواعد عسكرية في بعض الدول المنتجة او في المناطق القريبة منها تحسبا للطوارئ في فترات الازمات، لاسيما، ان سوق النفط هو سوق عالمية واحدة تتأثر بدرجة كبيرة بحالة عدم الاستقرار السياسي في مناطق الانتاج . وفي الوقت الذي تسعى اليه الولايات المتحدة الى تنويع  مصادر امداداتها والهيمنة على مناطق امنة وقريبة منها كانت تشهد منافسة حادة مع كل من الصين ودول الاتحاد الاوربي في تامين الامدادات.

المراجع:

[1]سعد حقي توفيق , تاريخ العلاقات الدولية , مكتبة السنهوري , بغداد 2009, ص 196.

[2] مايكل كلير, الحروب على الموارد: الجغرافية الجديدة للنزاعات العالمية, ترجمة عدنان حسين, بيروت, دار الكتاب العربي, 2002, ص37-38.

[3]كولن تاجيل واخرون, نهاية عصر البترول: التدابير الضرورية لمواجهة المستقبل, ترجمة د.عدنان عباس علي, الكويت, عالم المعرفة, سبتمبر2004, ص167-169.

[4] عبد الحي زلوم, حروب البترول الصليبية والقرن الامريكي الجديد, بيروت, المؤسسة العربية للدراسات والنشر, 2005, ص43-44.

[5] مجلة افريقيا قارتنا ,خريطة توزيع النفط الافريقي , العدد الخامس , مايو 2013 , ص1-2.

[6]جانبيارفافنيك ,آفاقالاستثمارلشركاتالنفطالاجنبية:المخاطروالاتفاقياتفيالنفطوالغازفيالخليجالعربينحوضمانالامنالاقتصادي, ابوظبي،مركزالاماراتللدراساتوالبحوثالاستراتيجية، 2007 ،ص216-217.

[7]خالد حنفي علي, النفط الافريقي بؤرة جديدة للتنافس الدولي , مجلة السياسة الدولية, عدد 164, ابريل2006 , ص89.

[8]موسوعة ويكيبيديا الحرة , احتياطيات النفط العالمية , www.wikipidia.com .

[9]المنتدىرفیعالمستوىحولالتعاونالعربيالأفریقيفيمجالالإستثماروالتجارة26 سبتمبر، 2010 / الجماھیریةاللیبیة،الواقعوالآفاقالمستقبليةللنفطوالغازبالقارةالإفريقية , ص 6-7.

[10]المنتدىرفیعالمستوىحولالتعاونالعربيالأفریقي.. المصدر السابق, ص 7و9.

[11]المنتدىرفیعالمستوىحولالتعاونالعربيالأفریقي , المصدر السابق , ص 13.

[12]شركةبرتشبتروليوم، النشرةالاحصائيةالسنوية،  2011 و 2012 .

[13]جودةحسنينجودة،جغرافياافريقياالاقليمية،دارالنهضةالعربية،بيروت،۱۹۸۱،ص۳۲۰-322.

[14]جميلة علاق , استراتيجيات التنافس الدولي في منطقة الساحل الافريقي, بحث منشور على الانترنت , ص10-11.

[15]الاحتكاراتالأمريكيةفيإفريقيا،۲۰۰۷/۲/۱۳http://www.aljazeera.net

[16]خالدحنفي،كلينتونفينيجيريا.. نفطوشريعةومنافسةفرنسا.http://www.islamonline.net/oil-arabic/dowaLia/alhadath2000-oug-27/alhadth4.as.p.1.

[17]ابراهيمابوخزام،الولاياتالمتحدةالامريكيةوسياسةمفاتيحالتدخل،مجلةالعلومالسياسية،العدد۲۱،جامعةبغداد،كلية

. العلومالسياسية،۲۰۰۰،ص ٦٥.

[18]سعد حقي توفيق , التنافسالدوليوضمانامنالنفط , مجلة العلوم السياسية , جامعة بغداد , العدد 43 , ص22-25.

[19]السيد خالد التزاني , الانتشارالعسكريالأمريكيفيأفريقيا, ورقة بحث مقدمة الى جامعة محمد بن عبدالله المغربية , www. khalid.mastrel.com, ص 32.

[20]ايمن شبانة ،النفطالأفريقي: عندماتتحركالسياسةالأمريكيةوراءالموارد،مجلة أفريقيةقارتنا،العدد ٢, شباط/فبراير٢٠١٣،ص٣-4.

[21] منى حسينعبيد،السياسةالصينيةالجديدةاتجاهافريقيا،مركزالدراساتالدولية،جامعةبغداد،العدد179, 2009 ،ص12.

[22]صراعالأقطابلتاميننفطنيجيريا،شبكةالنبأالمعلوماتية،ص2. http:// www.annabaa.org/nabanews/70/053.htm

[23]المصدر نفسه , ص1-3.

[24]نجلاء محمد مرعي , الثروة النفطية والتنافس الدولي “الاستعماري” الجديد في افريقيا , سلسلةكراساتاستراتيجية, مركزالدراساتالسياسيةوالاستراتيجيةالأهرام،العدد ١84اغسطس 2008, التقرير الاستراتيجي السابع, ص424.

[25]جميلة علاق , استراتيجيات التنافس الدولي في منطقة الساحل الافريقي… مصدر سبق ذكره , ص10.

[26]حمديعبدالرحمنالعلاقاتالصينية – الأفريقية: شراكةأمهيمنة, سلسلةكراساتاستراتيجية, مركزالدراساتالسياسيةوالاستراتيجيةالأهرام،العدد ١٧٢ شباط/فبراير , ٢٠٠٧, ص11-20.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى