حل مجلس الامة الكويتي يقطع الطريق أمام المعارضة وفرصة للهروب من العجز المالي(تحليل)
-المركز الديمقراطي العربي
اصدر امير الكويت الشيخ صباح الاحمد الصباح الاحد مرسوما قضى بحل مجلس الامة، بحسب ما افادت وكالة الانباء الرسمية، وذلك غداة اعلان رئيس المجلس مرزوق الغانم تأييده اجراء انتخابات نيابية مبكرة.
واوردت وكالة “كونا” ان الامير اعتمد قرار حل مجلس الامة “بعد الاطلاع على المادة 107 من الدستور ونظرا للظروف الاقليمية الدقيقة وما استجد منها من تطورات، وما تقتضيه التحديات الامنية وانعاكاساتها المختلفة من ضرورة مواجهتها بقدر ما تحمله من مخاطر ومحاذير، الامر الذي يفرض العودة الى الشعب مصدر السلطات لاختيار ممثليه (…) والمساهمة في مواجهة هذه التحديات”.
رأى محللون كويتيون، أن إعلان مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة (البرلمان) في البلاد، أمس رغبته في حل المجلس الحالي، وتقديم موعد الانتخابات النيابية، جاء لـ”قطع الطريق أمام المعارضة كي لا تستعد جيدًا للانتخابات المقبلة”، و”فرصة للحكومة للخروج من مأزق العجز المالي”.
وبعد تصريحات نيابية خلال الأيام الماضية عن احتمال قوي بالتوجه لانتخابات مبكرة وقرب حل البرلمان الكويتي، أكد رئيس المجلس الليلة الماضية (أمس) رغبته في هذا التوجه، لتكون المرة الأولى في تاريخ البلاد التي يدعو فيها رئيس السلطة التشريعية إلى حلها.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها “الغانم” خلال لقاء تلفزيوني مباشر على قناة الراي (كويتية خاصة)، ساق خلالها مبررات دعوته لتبيكر الانتخابات.
ومن تلك المبررات قال رئيس البرلمان إن “المرحلة القادمة فيها تحديات داخلية وخارجية محيطة بنا، وتتطلب فريقا حكوميًا جديدًا والعودة إلى صناديق الاقتراع”.
وذكر أيضًا من ضمن المبررات أن “المواعيد الدستورية للانتخابات من 22 يونيو/حزيران إلى 6 أغسطس/آب 2017، وأعتقد أنها غير مناسبة”.
لكنه بيّن في الوقت ذاته أن هذا رأيه الشخصي، ورأي عدد كبير من النواب وليس طلبا من البرلمان.
وأضاف “نقلت رأيي بإجراء الانتخابات المبكرة وتقديم موعدها إلى القيادة السياسية (في إشارة إلى أمير البلاد، صباح الأحمد الجابر الصباح)”.
وبعد أن كان الحديث عن حل البرلمان يدورهمسا خلف الأبواب الموصدة أو الأحاديث الودية والجانبية، انتقل بعدها الأسبوع الماضي للعلن، وأشهره بوضوح النائب خلف دميثير العنزي، قائلا في تصريح صحفي “ألملم متعلقاتي من مكتبي”.
كما أن النائب أحمد القضيبي، تمنّى بعد تقديم استجوابه لوزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والعدل، يعقوب الصانع، الأسبوع الماضي “ألا يُحل البرلمان قبل إصدار لائحة الفساد، لكي يتسنى للنواب والوزراء تقديم ذممهم المالية”، في إشارة قوية الى توقعه قرب الحل.
بصراحة أكبر، قال النائب سعدون حماد، في تصريحات سابقة إن “الانتخابات البرلمانية الجديدة على الأبواب.. قد تكون بعد شهرين”، وأعلن نيته خوضها.
وتعليقًا على مبررات مطلب رئيس البرلمان قال الكاتب أحمد المليفي، للأناضول “لن يقتنع أحد بأن هذه المبررات هى السبب الحقيقي للحل، بل الجميع بدأ يتحدث وبصوتٍ عالٍ أن السبب الحقيقي غير معلن”.
ورأى أن طلب حل البرلمان وتعجيله هو”لتفويت الفرصة على من يطلق عليهم الأغلبية (مجموعة من نواب مجلس 2012 المبطل قاطعوا الانتخابات الماضية وجزء منهم قرر المشاركة في المقبلة) وذلك قبل ترتيب أوراقهم وأيضا قبل خروج مسلم البراك (المعارض البارز وأمين عام حركة حشد) من السجن الذي لم يتبق من مدة سجنه سوى شهور قليلة “.
أضاف أن “الكل بدأ يتحدث وبصوت عال أن فكرة الحل هي مجرد حيلة هزيلة ومكشوفة لتفويت الفرصة على مسلم البراك صاحب فرصة النجاح المضمون فيما لو قرر خوض الانتخابات”.
و قال إن “بعض الاستجوابات الاستعراضية التي يتسابق عليها بعض الأعضاء في الوقت الضايع الكل يعلم أنها مجرد تمثيلية، ووسيلة ضغط وسبب إضافي لإيجاد مبرر حتى لو كان واهياً إلا أنه قد يقنع ويصلح عذراً للسلطة للحل الذي طلبه رئيس المجلس وأتباعه” .
وتقدم الخميس الماضي ثلاثة نواب باستجواب لنائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، أنس الصالح، على خلفية رفع أسعار البنزين.
كما تقدم النائب، عبدالله المعيوف، باستجواب لوزير العدل “الصانع” في ثلاثة محاور تتعلق بـ”هدر المال العام، واستخدام السلطة الوزارية لمصالح شخصية، ومخالفة أحكام الدستور في التعامل مع أعضاء مجلس الأمة”.
وقرر مجلس الوزراء الكويتي، مطلع أغسطس/ آب الماضي، رفع أسعار البنزين بكافة أنواعه، وبدأ تطبيق القرار مطلع سبتمبر/ أيلول الماضي.
من جهته قال رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الكويت، النائب السابق في البرلمان، حسن جوهر للأناضول “حل المجلس في هذه الأجواء قد ينقذ الكثير من النواب الحاليين، ويمكّن بعضهم من المنافسة في الانتخابات القادمة، خصوصا أمام النواب السابقين المخضرمين والأقوياء سياسياً”.
لفت أن “الحل الدستوري قد يراد منه إعطاء قيمة لهذا المجلس ويجعله في مصاف المجالس السابقة ذات الشعبية الواسعة”.
وأوضح أن “أسباب ومبررات حل المجلس تكمن في ورطة الحكومة للخروج من مأزق التحكّم في العجز المالي، عبر رفع غطاء الدعم عن بعض السلع والخدمات من جهة، أو فرض رسوم مالية وربما الضرائب على المواطنين”.
وشدد جوهر على أن “حل المجلس في هذا التوقيت وقبيل انتهاء موعده الدستوري، والدعوة إلى انتخابات جديدة مبكرة تكون فيها التيارات السياسية، وخاصة قوى المعارضة، مفككة ومترددة، قد يضمن تشكيلة قريبة من المجلس الحالي، حتى في حال تغيير عدد كبير من نوابه”.
أما الكاتب حمد العصيدان، فرأى في مقال له في صحيفة الراي (خاصة) أن “موضوع التهديدات بالاستجوابات، يدخل في إطار تسجيل مواقف سياسية أمام الناخبين، تحسباً للمقبل من الأيام التي تحمل في طياتها انتخابات جديدة لمجلس الأمة، بل أكثر من ذلك”
وفسّر التصعيد بأنه” محاولات من أطراف معروفة (لم يحددها) للدفع نحو حل مجلس الأمة قبل انتهاء فصله التشريعي، ليكون ذلك انتصاراً لبعضهم”.
وأشار أن “الخاسر الأكبر في المعادلة كلها، المواطن الذي تمّ بيعه على طاولة المساومات الحكومية، وترك عرضة لتداعيات كثيرة في ضوء تحرير سعر البنزين”.
وتنص المادة 107 من الدستور الكويتي على أن “للأمير أن يحل مجلس الأمة بمرسوم تبين فيه أسباب الحل على أنه لا يجوز حله لذات الأسباب مرة أخرى”.
ويعتبر البرلمان مقربا سياسيا من الحكومة، الا ان عددا من اعضائه انتقد قرار مجلس الوزراء رفع اسعار الوقود. وتقدم ثلاثة من اعضاء مجلس الامة على الاقل بطلب استجواب وزراء على خلفية رفع الاسعار، اضافة الى مزاعم بمخالفات مالية وادارية.
ولم يحدد المرسوم موعدا لاجراء الانتخابات. وبموجب الدستور، يفترض اجراء انتخابات نيابية مبكرة في غضون شهرين من الحل. وكانت الفترة التشريعية الحالية تمتد حتى نهاية تموز/يوليو 2017.المصدر:الاناضول +المركز الديمقراطي العربي