المساءلة الجنائية أمام المحكمة الدولية عن جريمة تجنيد الأطفال في النزاعات المسلحة
اعداد : د .صديقي سامية – أستاذة جامعية – الجزائر – صحافية ومحللة في القانون الدولي والعلاقات الدولية
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة:
يتعرض الأطفال في النزاعات المسلحة لأضرار كبيرة تلحق بهم من جراء العمليات العسكرية نظرا لعدم قدرتهم على حماية أنفسهم من آثار العمليات العسكرية بسبب ضعفهم وعدم قدرتهم على انقاض أنفسهم خاصة عند القصف العشوائي وقصف المدن، وعدم تحملهم الإصابات الخطيرة التي تلحق بهم أثناء القتال، وكذا عدم تمكن عائلتهم من حمايتهم بسبب اشتراك أغلبهم في الحرب.
وقد كفل القانون القانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني حماية خاصة للأطفال لكونهم الفئة أكثر تعرض للخطر لاسيما لعملية تجنيدهم طوعا أو إجباريا مما يترتب على مشاركتهم في النزعات آثار خطيرة على سلامتهم البدنية و العقلية،كما حضي الأطفال بحماية خاصة من قبل المحكمة الجنائية الدولية التي اعتبرت الجرائم التي تلحق بالمدنيين و فئة الأطفال خاصة من أكثر الجرائم خطورة التي تهدد السلم و الأمل الدوليين، كما أعطت حماية خاصة للأطفال أثناء الحرب، و اعتبرت أن تجنيدهم إجباريا أو طواعية من جرائم الحرب التي تعاقب مرتكبها سواء في النزعات المسلحة الدولية أو الداخلية، وعليه فإن الإشكالية التي يطرحها البحث تتمثل في:
مامدى فعالية المحكمة الجنائية الدولية في قمع جريمة تجنيد الأطفال في النزعات المسلحة؟.
للإجابة على هذه الإشكالية قسمنا بحثنا إلى مبحثين حيث نتطرق في المبحث الأول إلى ضوابط اختصاص المحكمة الجنائية الدولية للنظر في جريمة تجنيد الأطفال، أما في المبحث الثاني نتناول ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لإختصاصها في مساءلة مرتكبي جريمة تجنيد الأطفال.
المبحث الأول: ضوابط اختصاص المحكمة الجنائية الدولية للنظر في جريمة تجنيد الأطفال
إن وجود المحكمة الجنائية الدولية كآلية دائمة من أجل وضع حد للإفلات من العقاب سوف يسمح بمساءلة كل مجرمي الحرب في المستقبل فضلا عن ذلك فإن مرتكبي الجرائم سوف يكونون على علم مسبق بأن إقدامهم على مثل تلك الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة سوف يعرضهم للمثول أمامها لا محال،و تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بشخصية قانونية دولية في حدود ممارسة اختصاصها ولتحقيق أهدافها و تزول متى تجاوزت المحكمة حدود اختصاصها التي تمارسه على نحو منصوص عليه في نظامها الأساسي في إقليم أية دولة طرف، إذا كانت دولة غير طرف لا يمكنها ممارسة اختصاصها على إقليمها إلا أذا قبلت الدولة اختصاص الحكمة، وعليه نتناول في هذا المبحث نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لنظر في جريمة تجنيد الأطفال في المطلب الأول،أما في المطلب الثاني نتطرق إلى انعقاد الإختصاص للمحكمة الجنائية الدولية لنظر في جريمة تجنيد الأطفال.
المطلب الأول:نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لنظر في جريمة تجنيد الأطفال
إن المحكمة الجنائية الدولية تسعى إلى وضع حد للثقافة العالمية المتمثلة في عدم الإفلات من العقاب، وذلك بمحاكمة الأفراد المتهمين بإرتكاب الجرائم التي تدخل في اختصاصها وفق للمادة الخامسة من نظامها الأساسي و المتمثلة في جرائم الحرب وجريمة الإبادة وجريمة ضد الإنسانية، وهذه الجرائم ترتكب في حق المدنيين خصوصا فئة الأطفال بإعتبارها أكثر فئة عرضة للخطر، كما أن نظام روما الأساسي اعتبر أفعال تجنيد الأطفال جريمة حرب( الفرع الأول)، ويجب مساءلة مرتكبها بغض النظر عن صفة ومركز هؤلاء المتهمين(الفرع الثاني)،ولا تختص المحكمة الجنائية الدولية إلا بمساءلة عن الجرائم التي ترتكب بعد 1 جويلية 2002، وتمارس اختصاصها في حالة إذا كان المتهم المرتكب لتلك الجرائم مواطنا لإحدى دول الأعضاء أو إذا وقع الجرم المزعوم في أراضي الدولة طرف في المحكمة أو إذا سمحت الدولة التي وقع الجرم على أراضيها للمحكمة بالنظر في القضية وفي حالة كانت الدولة ليست طرفا في المحكمة فهي تحتاج لموافقتها من أجل محاكمة الشخص المرتكب للجريمة(الفرع الثالث).
الفرع الأول:التكييف القانوني لأعمال تجنيد الأطفال في نظام المحكمة الجنائية الدولية
تعتبر أعمال تجنيد الأطفال في النزعات المسلحة جريمة حرب حيث تقضي الفقرة (ب)و (ه) من المادة 8 من نظام المحكمة الجنائية الدولية على أن تجنيد الأطفال دون الخامسة عشر سنة من العمر إلزاميا، أو طوعيا في القوات المسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعليا في أعمال الحربية سواء كان ذلك في النزعات المسلحة الدولية أو الداخلية
إن نظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لم يعرف الطفل بصفة صريحة، ولكن يستشف من (ب)و (ه) من المادة 8 أنها تعتبر الطفل كل من لم يبلغ السن خمسة عشر سنة كاملة ، كما اعتبرت أن تجنيد الأطفال سواء كان ذلك طوعية بإرادتهم أو بإجبارهم عن طريق إكراههم بالقوة للإنضمام إلى القوات المسلحة النظامية و غير نظامية، ويستوي أن تكون مشاركتهم بصفة مباشرة بحمل السلاح وهذا يعطهم صفة مقاتل1،أو يكون اشتراكهم بطريقة غير مباشرة وذلك عن طريق نقل الذخائر و المؤن، ونقل وتداول الأوامر واستطلاع وجلب المعلومات والقيام بعمليات التخريبية و أعمال التجسس و الإستخبارات، ويشترط أن ترتكب أفعال تجنيد الأطفال في إطار خطة أو سياسة عامة أو ارتكابها في نطاق واسع سواء في النزعات الدولية أو الداخلية،بإعتبار أن أعمال تجنيد الأطفال تعتبر انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، وهذا ما أكدته المادة 8 من نظام المحكمة الجنائية الدولية من خلال تعريف جرائم الحرب على أنها تشمل الإنتهاكات الجسيمة لإتفاقيات جنيف لسنة 1949، وللقوانين و الأعراف السارية على النزعات المسلحة الدولية، إضافة إلى الإنتهاكات الجسيمة للمادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف الأربعة لسنة 1949 التي ترتكب خلال النزعات المسلحة الداخلية، والسن المحدد للطفل في نظام المحكمة الجنائية الدولية هو نفسه السن الذي حددته الفقرة 2 من المادة 77 من البرتوكول الأول الإضافي لإتفاقيات جنيف 21949 ، ولكن نظام روما الأساسي لم يولي عناية خاصة للأطفال البالغين في السن مابين 15 سنة و 18 سنة مثل ما هو مقرر في البروتكول المذكور ، وذلك بإعطاء الأولوية لمن هم أكبر سنا بمعنى أن الطفل الذي يبلغ عمره سبعة عشر سنة يجب تجنيده قبل الطفل الذي عمره ستة عشرة سنة.
وعلى غرار نظام روما الأساسي نجد أن القانون الدولي الإنساني رفع سن الطفل المقاتل إلى الثمانية عشر سنة وهو ما حددته المادة 38 من اتفاقية حقوق طفل 1989، وكذا المادة 2 من البروتوكول الإختياري لإتفاقية حقوق الطفل في النزعات المسلحة لسنة 2000، ولم تولي الدول إلى رفع سن الطفل المحدد لتجنيد الأطفال في القوات المسلحة إلى سن ثمانية عشر سنة خلال المؤتمر الإستعراضي الأول لنظام روما الأساسي المنعقد في كومبالا بأوغندا ما بين 30 ماي 2010 إلى 11 جوان 2010 وهذا يعتبر نقص فادح لا يخدم مصالح الأطفال خلال الحرب لاسيما في الوقت الراهن ازدادت الإنتهاكات الجسيمة المرتكبة ضد الأطفال بشكل غير متناسب،ولا يجدون منفذا للهروب من ويلات الحرب إلا عن طريق اندماجهم في صفوف المنظمات المسلحة، وهو ما يحدث حاليا في سوريا والعراق من تجنيد الأطفال في تنظيم الدولة الإسلامية دون أي اعتبار لصغر سنهم وما يمكن أن يلحقهم من أضرار.
الفرع الثاني:المسؤولية الشخصية لمرتكبي جريمة تجنيد الأطفال في نظام المحكمة الجنائية الدولية
إن مساءلة الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية عن جريمة تجنيد الأطفال تقتصر على محاكمة الأشخاص الطبيعيين فقط الذين يكونون مسؤولين جنائيا بصفة فردية عما اقترافه من جرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ويكونوا عرضة للعقاب وفقا لنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وهذا ما أكدته المادة 25 منه3، وعليه فقد تم استبعاد نظرية المسؤولية الجنائية الدولية للدولة أو للمنظمات، حيث أصبح من المستقر عدم جدوى المسؤولية الجنائية الدولية للدولة عن أعمال التي يرتكبها مواطنوها كون أن توقيع جزاء على الدولة لا يحقق الردع المقصود من القضاء الجنائي بل يساهم في إفلات الأشخاص مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، وبالتالي تبقى مسؤولية الدولة محصورة فقط في النطاق المدني بجبر الضرر الناجم عن الأفعال غير المشروعة التي يرتكبها الأفراد سواء كانوا من أفراد قواتها المسلحة أو من الأفراد العاديين.
يكون الشخص محلا للمساءلة الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية عن جريمة التجنيد الأطفال كل من قام بإرتكاب هذه الجريمة سواء بصفته الفردية أو بالإشتراك مع آخر، والأمر أو الإغراء بإرتكابها أو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها4، وكذا تقديم العون أو التحريض أو المساعـدة بأي شكل آخر لغرض تيسير ارتـكاب هـــذه الجريمة بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها5، والمساهمة بأي طريقة أخرى في قيام جماعة يعملون بقصد مشترك بإرتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها شريطة أن تكون هذه المساهمة متعمدة
وفيما يخص سن الفرد الذي يكون محل المساءلة الجنائية الدولية أمام المحكمة الجنائية الدولية عن جريمة التجنيد الإجباري فقد حدد بثمانية عشر سنة وقت ارتكاب الجريمة المنسوبة له وهذا ما بينته المادة 26 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية6.
ونشير هنا أنه أثناء الأعمال التحضيرية للمحكمة الجنائية الدولية قد تباينت وجهات النظر حول اختصاص المحكمة بمن هم دون ثامنة عشر سنة أو عدم اختصاصها حيث رأت بعض الوفود المشاركة أن اختصاص المحكمة على الأشخاص القصر ليس لائقا مما يتطلب حكما يتعلق بنظام مستقل لقضاء الأحداث في إطار النظام الأساسي، وذلك بأن تختص دائرة الخاصة بمحاكمة الأحداث في القوانين الداخلية، بينما رأى جانب آخر من الوفود المشاركة أن زيادة الأنشطة الإجرامية التي يرتكبها القاصر لا ينبغي أن تكون من اختصاص المحكمة وإنما تترك لإختصاصات التشريعية الوطنية، ورأى البعض الأخر عدم اختصاص المحكمة بمن هم دون الثمانية عشر وذلك لأسباب لا تتصل بعدم التضارب مع المبادئ المكرسة في اتفاقية حقوق الطفل فحسب بل كذلك بعدم التضارب مع مهمة المحكمة التي تتصف بأنها مع العقوبات وليست وظيفة إعادة التأهيل، فضلا عن أن طبيعة الجرائم المدرجة ضمن نظامها الأساسي تستوجب العقوبة لا تدابير احترازية وتخفيف العقوبة7.
إن استبعاد القاصر من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وانعقاد الإختصاص للمحاكم الوطنية لا يثير أي إشكالية في حالة كان القانون الداخلي يعاقب على الجرائم التي ارتكبها الشخص الذي يقل عمره 18 سنة، وبالتالي تكون المحكمة الجنائية الدولية قد أخذت بما جاءت به النظم العقابية الرئيسية في العالم بعدم مساءلة الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة أمام المحاكم العادية و إحالتهم أمام المحاكم الخاصة بهم.
كما لا يعتد بالحصانة أمام المحكمة الجنائية الدولي بحيث يسأل أي شخص عن ارتكاب جريمة التجنيد الإجباري سواء كان رئيس الدولة أو الحاكم، كما أن الصفة الرسمية لا تشكل سببا لتخفيف العقوبة وهذا ما أكدته المادة 27 من نظام روما الأساسي8.
وما تجدر الإشارة إليه هو وجود تعارض بين المادة 27 و 98 من نظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي نصت على أنه (لا يجوز للمحكمة أن توجه طلب تقديم أو مساعدة يقتضي من الدولة الموجه إليها الطلب أن تتصرف على نحو يتنافى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، فيما يتعلق بحصانات الدولة أو حصانات الدبلوماسية للشخص أو الممتلكات تابعة للدولة ثالثة ما لم تستطيع المحكمة أن تحصل أولا على التعاون تلك الدولة الثالثة من أجل التنازل عن الحصانة، ولا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية أن توجه طلب تقديم إلى الدولة ما وتطلب منها أن تتصرف على نحو لا يتفق مع التزاماتها بموجب اتفاقيات دولية تقتضي موافقة الدولة المرسلة كشرط لتقديم شخص تابع لتلك الدولة أمام المحكمة ما لم يكن بوسع المحكمة أن تحصل أولا على تعاون الدولة المرسلة لإعطاء موافقتها على التقديم).
وعليه إذا كان الشخص الذي يتمتع بالحصانة موجود في إقليم دولة أخرى غير دولته وكان متهم بإرتكاب جريمة التجنيد الإجباري، وتقدمت المحكمة إلى الدولة الذي يوجد الشخص على إقليمها طالبة منها تسليمه من أجل محاكمته، فإن المادة 98 من النظام الأساسي تشترط على المحكمة أن تلجأ إلى دولة جنسية المتهم لتطلب منها رفع حصانة عن مواطنها وإذا ما رفضت هذه الدولة التعاون مع المحكمة لاسيما إذا كانت الدولة غير طرف في نظام روما، فلا يمكن للمحكمة الجنائية الدولية طلب تسليم المتهم، وهذا ما يتعارض مع مضمون المادة 27 من النظام الأساسي التي تقر بأن حصانة الشخص لا تشكل أي عائق أمام إمكانية مساءلته جنائيا أمام المحكمة الجنائية الدولية9.
ويشكل هذا التناقض أحد ثغرات التي وردت في نظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مما يؤثر عليها سلبا في المستقبل لذا يرى الأستاذ مازن ليلو راضي أنه يفترض اعتبار رفض الدولة غير مبرر تسليم الشخص المتواجد على اقليمها، و الذي يتمتع بالحصانة أو دولة التي يتمتع هذا الشخص بجنسيتها متى كان هذا الرفض غير مبرر حالة من حالات عدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية التي ينبغي أن يعرض أمرها على جمعية الدول الأطراف حصرا حتى لو كانت المسألة قد أحالها مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية، ومن ثم يمكن إتخاذ قرار بشأن هذه الدولة الرافضة على أنها لا ترغب في التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية10.
كرست المادة 28 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية مسؤولية جنائية للقادة والرؤساء وهذا يعد تطورا ملحوظا في مجال المسؤولية الجنائية الفردية على أساس جمع كافة الحالات الممكنة من العلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين، وقد ميزت هذه المادة بين مسؤولية القائد الأعلى العسكري وكذا مسؤولية الرئيس الأعلى المدني، حيث يسأل القائد العسكري أو الشخص القائم فعلا بأعمال القائد العسكري عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لاسيما جريمة تجنيد الأطفال في النزعات المسلحة التي ترتكبها القوات خاضعة لإمارته وسيطرته الفعليتين وذلك بتوافر الشرطين التاليين:
أولا: علم القائد العسكري أو القائم فعلا أعماله بأن القوات الخاضعة لإمارته وسيطرته الفعليتين ترتكب أو تكون على وشك ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة
ثانيا: أن يمتنع أو يتقاعس القائد العسكري أو القائم فعلا بأعماله عن اتخاذ جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع أو ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة11.
وفيما يخص مسؤولية القادة والرؤساء المدنيين عن الجرائم التي ترتكب من قبل المرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليتين فيجب توافر الشروط التالية:
أولا: أن يكون الرئيس المدني قد علم بالفعل أن مرؤوسيه الخاضعين لسلطته وسيطرته الفعليتين يرتكبون أو على وشك ارتكاب إحدى الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، أو يكون الرئيس المدني قد تجاهل قصد أية معلومات وصلت إليه تبين وتشير بوضوح أن مرؤوسيه يرتكبون أو على وشك أن يرتكبوا جريمة من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة.
ثانيا: أن تتعلق الجريمة التي تدخل في اختصاص المحكمة بأنشطة تندرج في إطار المسؤولية والسيطرة الفعليتين للرئيس المدني.
ثالثا: امتناع أو تقاعس الرئيس المدني عن اتخاذ جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة، أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة12.
إن المادة 28 من نظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أشارت إلى قيام المسؤولية الجنائية عن الإمتناع كعنصر في الركن المادي حيث أقرت مسؤولية القائد والرئيس الأعلى عن أفعال مرؤوسيهما في ضل بعض الظروف حتى لو أنهما لم يأمرا مباشرة بإرتكاب الجرائم استنادا لحقيقة أن من له سلطة في أن يمنع الجريمة ولا يقوم بذلك يعتبر إلى حد ما مسؤولا عن ارتكابها، خاصة أن تغاضيه عن هذه الجرائم يفيد بالتصريح لمرؤوسيه بالإستمرار في جرائمهم دون الخوف من العقاب بإعتباره يمارس رقابة فعلية عليه13، وتكمن أهمية المسؤولية الواردة في المادة 28 في تغطية الحالات التي ترتكب فيها الجرائم من قبل المرؤوسين دون أن يكون بالإمكان إثبات المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء على أساس إصدار الأوامر.
أما من الناحية العملية تثير المادة 28 سواء فيما يتعلق بالقائد العسكري الأعلى أو الرئيس المدني الأعلى صعوبات تتعلق بالركن المعنوي، وبالعلاقة مع المادة 30 من النظام الأساسي التي تشترط توافر القصد الجنائي المتمثل بالعلم والإرادة بينما تستند المسؤولية القائد والرئيس الأعلى على مجرد الإهمال14.
وفيما يخص المسؤولية الجنائية الدولية الناتجة عن طاعة أوامر القائد الأعلى فقد أكدت المادة 33 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه في حالة ارتكاب أي شخص لجريمة من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة لاسيما جريمة التجنيد الإجباري لا يعفى الشخص من المسؤولية الجنائية إذا كان ارتكابه لتلك الجريمة قد تم امتثالا لأمر حكومته أو رئيسا عسكريا كان أو مدنيا إلا إذا كان على الشخص التزام قانوني بإطاعة أوامر الحكومة أو الرئيس المعني، أو إذا لم يكن الشخص على علم بأن الأمر غير مشروع، أو إذا لم تكن مشروعية الأمر الظاهرة
وننوه هنا أن اعتبار تنفيذ أمر الرئيس مانعا من موانع المسؤولية سوف يؤدي إلى نتائج سلبية و إفلات الكثير من المجرمين من العقاب على أساس أن كل رئيس هو في الحقيقة مرؤوس لرئيسه الأعلى، و إذا ما رجع بالمسؤولية على أحد منهم سيدفع بأنه ينفذ أوامر رئيسه و يدفع الأخير بذلك أيضا،مما يصعب معه تحديد الرئيس المسؤول عن الفعل المكون للجريمة و بالتالي يكون هناك تمادي في ارتكاب مجازر و الأعمال الوحشية15.
الفرع الثالث:الإختصاص الزماني والمكاني للمحكمة الجنائية الدولية عن جريمة التجنيد الأطفال في الحرب
أكد نظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية أن اختصاص المحكمة لا يشمل جميع الجرائم التي ارتكبت قبل نفاذ معاهدة إنشاء المحكمة وإنما هو اختصاص مستقبلي، و بالتالي فإن نظام المحكمة الجنائية الدولية يسري فقط بالنسبة لجريمة التجنيد الإجباري التي ارتكبت بعد دخوله حيز التنفيذ أي بعد 01 جويلية 2002.
وقد ميزت المادة 11 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لبدء اختصاص المحكمة الزماني بين حالتين:
الحالة الأولى: وتتعلق بالدول الأطراف في النظام الأساسي والتي يسري اختصاص المحكمة في مواجهتها بمجرد دخول النظام الأساسي حيز النفاذ وبالتالي فإن الدول الأطراف تعد مسؤولة أمام المحكمة عن جريمة التجنيد الإجباري بعد بدء نفاذ هذا النظام أي بعد 01 جويلية 2002.
الحالة الثانية: تتعلق بالدول التي تنظم بعد سريان المعاهدة حيث لا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية أن تمارس اختصاصها في مواجهة تلك الدولة إلا فيما يتعلق بالجرائم التي ترتكب بعد نفاذ النظام الأساسي بالنسبة لتلك الدولة،و يبدأ النفاذ النظام الأساسي للمحكمة بالنسبة لتلك الدولة وفقا للفقرة 02 من المادة 126 نظام روما الأساسي في اليوم الأول من الشهر الذي يعقب اليوم الستين من تاريخ إيداع تلك الدولة لصك التصديق16.
وبإعتبار أن جريمة تجنيد الأطفال تعد جريمة حرب وفقا للنظام روما الأساسي فقد بينت المادة 124 منه بإنه يحق لدول الأطراف تعليق إختصاص المحكمة الجنائية الدولية لمدة سبع سنوات من بدأ سريان هذا النظام عندما يكون هناك ادعاء بإرتكاب هذه الجريمة فوق تراب هذه الدول من قبل مواطنيها .
وكان مؤتمر الإستعراضي الأول الذي انعقد في كمبالا في 31 ماي إلى 11 جوان 2010 قد اقتراح فيه إلغاء المادة 124 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إذا رأت أغلب الدول المشاركة أن إدماج هذه المادة من شأنه أن يضعف من فعالية دور المحكمة في قمع الجرائم الأكثر خطورة على أساس أنها لا تنطبق مع الهدف الذي وجدت لأجله المحكمة، وهو مكافحة الإفلات من العقاب في حين رأت دول أخرى ضرورة إبقاء هذه المادة على أساس أنها تسمح بإنضمام عدد أكبر من الدول إلى المحكمة النائية الدولية غير أن المناقشات انتهت بإبقاء هذه المادة دون تعديلها و بررت الدول ذلك على أن هذه المادة تساعد على عالمية العقاب التي يهدف إليها نظام روما الأساسي، وهذا يعتبر تناقص عما أرساه المؤتمر الإستعراضي بضرورة تعريز وتفعيل التعاون الدولي في مجال مكافحة الجرائم الدولية.
أما الولاية الإقليمية للمحكمة الجنائية الدولية فقد أكدت الفقرة 03 من المادة 12 من نظامها الأساسي على أن المحكمة تمارس اختصاصها إذا كانت واحدة أو أكثر من الدول التالية طرفا في النظام الأساسي أو قبلت الإختصاص المحكمة :
– الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث أو دولة تسجيل السفينة أو الطائرة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت على متن السفينة أو الطائرة.
– الدولة التي يكون الشخص المتهم أحد رعاياها
وعليه فإن اختصاص المحكمة الجنائية يقوم على أساس مبدأ الإقليمية حيث يكون للمحكمة اختصاص في جريمة التجنيد الأطفال في حالة ما ارتكبت في إقليم الدولة الطرف في النظام الأساسي ومساءلة مرتكبي هذه جريمة حتى ولو كانوا من جنسية دولة ليست طرفا في النظام الأساسي للمحكمة، كما يقوم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على مبدأ الشخصية الذي يرتكز أساسا على قيام المحكمة بمساءلة مرتكب جريمة تجنيد الأطفال و الذي يحمل جنسية الدولة الطرف في النظام الأساسي أيا كان المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة17.
أما الدولة التي وقعت على إقليمها جريمة تجنيد الأطفال وليست طرفا في النظام الأساسي للمحكمة فالقاعدة أن المحكمة الجنائية الدولية الدائمة لا تكون مختصة بالنظر في هذه جريمة إلا إذا قبلت الدولة بإختصاص المحكمة الجنائية الدولية بنظر الجريمة وهذا تطبيقا لمبدأ نسبية أثر المعاهدات.
المطلب الثاني:انعقاد الإختصاص للمحكمة الجنائية الدولية لنظر في جريمة تجنيد الأطفال
ينعقد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لنظر في جريمة تجنيد الأطفال إذا فشل القضاء الوطني في مساءلة مرتكبي هذه الجريمة بإعتباره صاحب الإختصاص الأصيل وهذا استنادا لمبدأ التكامل الذي يهدف إلى سد النقص بين آليتين قضائيتين غايتهما ترسيخ قواعد العدالة الجنائية الدولية وذلك بحسب ما يدخل في نطاق اختصاص كل منهما، وعليه نتطرق في هذا المطلب إلى تعريف الإختصاص التكاملي ومبرراته في الفرع الأول، وإلى حالات انعقاد الإختصاص التكاملي في الفرع الثاني.
الفرع الأول:تعريف الإختصاص التكاملي ومبررته
يعد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لنظر في جريمة تجنيد أطفال مكملا لإختصاص القضاء الجنائي الوطني حيث نصت المادة 1 من نظام روما الأساسي على أنه ( تكون المحكمة مكملة للولاية القضائية الجنائية الوطنية ).
وما تجدر الإشارة إليه أن مصطلح Complementarily) (غير موجود في اللغة الإنجليزية إلا أن اللجنة التحضيرية الخاصة بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية أرادت استخدام هذا المصطلح نقلا عن المصطلح الفرنسي (Complemenlariete) من أجل شرح طبيعة العلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية والنظم الوطنية وقد أثارت الترجمة العربية لهذا المصطلح كثيرا من النقاشات حول الإختيار بين صفة التكاملية أو التكميلية للمحكمة، فقد رأت بعض الدول المشاركة أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية تكاملي على اعتبار أن الاختصاص القضائي الوطني واختصاص المحكمة الجنائية الدولية يكملان بعضهما في حين رأى البعض أن اختصاص المحكمة هو اختصاص احتياطي للسلطات القضاء الوطني الذي إذا لم يقم بممارسة اختصاصه في إحدى الجرائم المنصوص عليها في نظام روما الأساسي قام اختصاص المحكمة الجنائية الدولية احتياطيا لسد فراغ سلطات القضاء الوطني18، ولكن الرأي الغالب يعتبر دور المحكمة الجنائية الدولية تكميليا لاختصاص القضائي الوطني وليس تكامليا أو احتياطيا ذلك لأن استخدام كلمة احتياطي يجعل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية أقل مرتبة من اختصاص السلطات الوطنية، وهذا غير معقول كونه يقلل من شأن الاختصاص المنعقد للمحكمة الجنائية الدولية ولا يعطه حقه ،لذلك يفضل استخدام مصطلح تكميلي كون العلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية والقضاء الوطني علاقة تكميلية لأن المحكمة الجنائية الدولية تكمل اختصاصات القضاء الوطني في حالة الحاجة إلى ذلك، وبالتالي فإن اختصاص محكمة الجنائية الدولية لا يتميز بالتفوق على الأجهزة القضائية الوطنية وإنما يعقد الإختصاص لها في حالة عدم قدرة القضاء الوطني بتكفل بالقضايا المعروضة عليها والتي تشمل جرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية19.
لم يضع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تعريفا محددا لإختصاص تكميلي للمحكمة على الرغم من الإشارة إليه كما وضحنا سابقا في الديباجة والمادة الأولى، ويمكن تعريفه على أنه امتداد اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المنصوص عليها في نظام روما من أجل مساءلة مرتكبي الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي، مما يستدل منه أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ينعقد في حكم جريمة تجنيد الأطفال إذا ثبت عدم رغبة أو قدرة القضاء الجنائي الوطني في مساءلة المجرمين وتسليط العقاب عليهم بغية ضمان عدم الإفلات من العقاب20، كما أن هذا المبدأ يبقى قائما في حالة كانت الإحالات من مجلس الأمن لأن نظام روما لم يرد مثل هده الإستثناءات.
حددت ديباجة النظام الأساسي أهم اعتبارات التي دعت إلى صياغة مبدأ التكامل بإنشاء نظام قضائي جنائي الدولي له صفة الدوام وتتمثل هذه الاعتبارات في:
- تزايد عدد الضحايا من الأطفال والنساء والرجال خلال الصراعات التي يشهدها القرن الحالي بما أضحى يهدد السلم والأمن الدوليين.
- ضرورة صياغة نظام يضمن مقاضاة مرتكبي أخطر الجرائم التي تثير قلق المجتمع الدولي حتى لا يفلت مرتكبوها من العقاب.
- حث السلطات القضائية الوطنية على مباشرة ولايتها ضد من يثبت ارتكابه هذه الجرائم الأشد خطورة على الإنسانية.
- احترام السيادة الداخلية للدول بما لا يسمح لأي دولة بأن تنتهك هذه السيادة تحت أي سبب من أسباب
- ضمان احترام وتفعيل العدالة الجنائية الدولية لاسيما في ظل تصاعد الإنتهاكات التي تهدد المجتمع الدولي
وعليه فإن مبدأ التكامل بهذا الشكل يتطلب وجود جهة قضائية جنائية دولية دائمة ذات سلطات واختصاصات سيادية تكمل ما لديها من آليات ما أصاب القضاء الوطني من انهيار أو عدم الإختصاص21.
الفرع الثاني: حالات انعقاد الإختصاص للمحكمة الجنائية الدولية للنظر في جريمة تجنيد الأطفال
تنشأ مسألة المقبولية عندما تتحرى المحكمة الجنائية الدولية الوضع القضائي للمتهم من حيث القضاء الوطني فإذا توصلت المحكمة إلى أن القضية قدمت إلى محكمة وطنية وجب عليها أن تعلن عدم قبولها للدعوى،وتعكس المادة 17 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية العناصر الرئيسية للعلاقة بين المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية، وهي تؤول اختصاص المحكمة بأسلوب سلبي من خلال النص على شروط قبول المحكمة الجنائية الدولية النظر في الدعوى المقدمة إليها حيث نصت في فقرتها الأولى على أنه ( مع مراعاة الفقرة 10 من الديباجة والمادة الأولى تقرر المحكمة أن الدعوى غير مقبولة في حالة ما:
- إذا كانت تجري التحقيق أو المقاضاة في الدعوى دولة لها ولاية عليها ما لم تكن الدولة غير راغبة في الإضطلاع بالتحقيق أو المقاضاة أو غير قادرة على ذلك.
- إذا كانت قد أجرت التحقيق في الدعوى دولة لها ولاية عليها وقررت الدولة عدم مقاضاة الشخص المعني ما لم يكن القرار ناتجا عن عدم رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا على المقاضاة.
- إذا كان الشخص المعني قد سبق أن حكم على السلوك موضوع الشكوى.
- إذا لم تكن الدعوى على درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذ المحكمة إجراء آخر).
وبناءا على ذلك يتضح لنا جليا أن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد قيد ولاية القضاء الوطني وأحقيته في نظر الدعوى التي له ولاية عليها بقدرة الدولة المعنية ورغبتها في ذلك، أي إمكانية أن تتم المحاكمة بصورة حقيقية وجادة وتستوفي فيها جميع الإجراءات القضائية بشفافية كاملة، وأن لا تكون من قبل المحاكمات الصورية التي تهدف إلى حماية الشخص المعني من الملاحقة الدولية.
وفيما يخص معيار عدم الرغبة الدولة في مباشرة الإجراءات الجنائية فقد نصت الفقرة الثانية من المادة 17 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه ( لتحديد عدم الرغبة في دعوى معينة تنظر المحكمة في مدى توافر واحد أو أكثر من الأمور التالية حسب الحالة مع مراعاة أصول المحاكمات التي يعترف بها القانون الدولي:
- جرى الإضطلاع بالإجراءات أو يجري الإضطلاع بها أو جرى اتخاذ القرار الوطني بغرض حماية الشخص المعني من المسؤولية الجنائية عن الجرائم داخلة في اختصاص المحكمة على النحو المشار إليه في المادة 05.
- حدث تأخير لا مبرر له في الإجراءات بما يتعارض في هذه الظروف مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة.
- لم تباشر الإجراءات أو لا تجري مباشرتها بشكل مستقل أو نزيه أو باشرت أو تجري مباشرتها على النحو لا يتفق في هذه الظروف مع نية تقديم الشخص المعني للعدالة).
أما معيار عدم القدرة على مباشرة الدعوى فقد أشارت إليه الفقرة 03 من نفس المادة التي نصت على أنه ( لتحديد عدم القدرة في الدعوى معينة تنظر المحكمة فيما إذا كانت الدولة غير قادرة بسبب انهيار كلي أو جوهري لنظامها القضائي الوطني أو بسبب عدم توافره على إحضار المتهم أو الحصول على الأدلة والشهادة الضرورية أو غير قادرة لسبب آخر على الاضطلاع بإجراءاتها).
إن مصطلحي (عدم الرغبة) و (عدم القدرة) كما أشير إليهما في المادة 17 من نظام روما الأساسي يكتنفهما بالفعل الغموض حتى تقرر المحكمة المعايير الواجب تطبيقها، ولا تعتبر المادة 17 في فقرتيها الثانية والثالثة من نظام روما مفيدة كثيرا في توضيح المصطلحات المذكورة بل تزيد من تعقيد المشكلة من خلال الإشارة إلى مصطلحات أخرى غير موضوعية وحتى تتوصل المحكمة الجنائية الدولية إلى أن دولة معينة غير راغبة عليها أن تحدد نية السلطات الوطنية22، ولكي تتوصل أن الدولة غير قادرة عليها أن تبين أنه بالنظر إلى انهيار الكلي والجزئي للنظام القضائي الوطني فإن الدولة أصبحت غير قادرة على الإضطلاع بالإجراءات القضائية إلا أن المشكلة العملية تكمن في صعوبة حصول المحكمة الجنائية الدولية على معلومات تثبت تلك النية فضلا على أن ذلك ينطوي عنه معيار غير مضبوط ويختلف من شخص إلى آخر ومن جهة إلى أخرى23.
المبحث الثاني: ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لإختصاصها في مساءلة مرتكبي جريمة تجنيد الأطفال
إن اتصال المحكمة الجنائية الدولية لا يكون إلا في حالة إحالة الدعوى من قبل الدولة طرف في نظام المحكمة الجنائية الدولية، أو قيام المدعي العام بإجراء تحقيق إذا ورد لديه معلومات تثبت أن هناك جريمة تجنيد الأطفال في النزعات المسلحة ترتكب في دولة طرف في نظام روما الأساسي، وفي حالة كانت الدولة ليست طرفا يبقى السبيل الوحيد لنظر في جريمة إحالتها من قبل مجلس الأمن متصرفا بموجب الفصل السابع(المطلب الأول)، وتوقع المحكمة الجنائية الدولية على الأشخاص الذين ارتكبوا جريمة التجنيد الأطفال في النزعات مسلحة عقوبة السجن المؤقت وكذا السجن المؤبد إضافة إلى عقوبات مالية تعتبر بمثابة عقوبات تكميلية(المطلب الثاني).
المطلب الأول: تحريك الدعوى عن جريمة تجنيد الأطفال أمام المحكمة الجنائية الدولية
إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليس اختصاصا تلقائيا حتى في حالة ثبوت عدم رغبة الدول أو عدم قدرتها على التحقيق ومحاكمة الأشخاص المتهمين بإرتكاب أي من الجرائم الداخلة في اختصاصها، ولكن يجب أن يتم تحريك الدعوى الجنائية ضد الأشخاص المتهمين بإرتكاب هذه الجرائم من قبل جهات التي حددها النظام الأساسي للإضطلاع بهذه المهمة، وعليه نحاول في هذا المطلب التطرق إلى الإحالة من قبل الدولة الطرف في الفرع الأول، وفي الفرع الثاني إلى تحريك الدعوى بقرار من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وفيما يخص الإحالة من مجلس الأمن للأمم المتحدة نتناوله في الفرع الثالث.
الفرع الأول: إحالة القضية من الدولة الطرف
وعليه فإنه يحق لكل دولة طرف في نظام روما الأساسي أن تحيل إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أية حالة تشكل جريمة تجنيد الأطفال، و تقرر ما إذا كانت هناك أية متابعة جزائية ضد شخص أو عدة أشخاص سواء كانوا فاعلين أصلين أو مساهمين في تلك الجرائم وهذا ما أشارت إليه الفقرة 1 من المادة 13 من نظام روما الأساسي.
إن تقديم الدولة الطرف إلى المدعي العام ببلاغ حول حالة محددة لجريمة تجنيد الأطفال يستوجب توافر شرطين هما:
- أن يكون البلاغ عن الحالة في صورة مذكرة مكتوبة أو أن يكون بطلب خطي.
- أن تشفع هذه المذكرة أو ذلك الطلب بالمستندات التي تأكد وقوع جريمة تجنيد الأطفال
ويهدف هذان الشرطين الشكليين إلى ضمان عدم إعاقة عمل المحكمة بتوجيه إدعاءات مجهولة أمام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من قبل الدول الأطراف، وليس العبرة ما إذا كانت الجريمة قد ارتكبت على أراضي الدولة الطرف أو من قبل رعاياها ما دامت الحالة قد استوفت الشروط اللازمة في المادة 14 والفقرة 01 و 02 من المادة 12 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
و يحق لكل دولة غير طرف في النظام الأساسي أن تحيل دعوى للمحكمة لتحقيق فيها متى أعلنت هذه الدولة بمقتضى إعلان خاص لدى مسجل المحكمة قبولها مباشرة المحكمة لإختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث24.
لقد تمت إحالة قضية كونغو الديمقراطية من قبل رئيسها بتاريخ 3 مارس 2004 بواسطة رسالة تم توجيهها إلى مدعي العام بفتح تحقيق في الجرائم المرتكبة في كامل الإقليم الكونغولي، وقام المدعي العام بفتح تحقيق في 23 جوان 2004 لتحري في الإنتهاكات المرتكبة في جمهورية الكونغو منذ 1 جويلية 2002 وهو تاريخ بدا سريان المحكمة الجنائية الدولية،ونتيجة لهذا التحقيق تم إدانة توماس لوبنغا وبوسكو أنتاغدا وجرمان كانتغا، وجهت لهم تهمة تجنيد الأطفال دون سن خامسة عشر من أجل اشراكهم في الأعمال الحربية،ويعتبر توماس لوبنغا أول شخص تدينه المحكمة الجنائية الدولية وقد صدر في حقه حكم بتاريخ 10 جويلية 2012 يقضي بإدانته بالتهم الموجه إليه وبعقوبة 14 عاما.
الفرع الثاني: تحريك الدعوى بقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.
يتمتع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى جانب الدولة ومجلس الأمن بتحريك الدعوى بنفسه، وذلك بمباشرة التحقيق فيما يتعلق بجريمة تجنيد الأطفال في حالة حصوله على معلومات من مصادر موثوقة ويراه ملائمة بما في ذلك تلقى الشهادات التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة وهذا ما أكدته الفقرة 3 من المادة 13 من نظام روما الأساسي،ويحق له أجراء تحقيق من تلقاء نفسه في حالتين هما:
الحالة الأولى: إذا ارتكبت جريمة تجنيد الأطفال في إقليم دولة طرف في النظام الأساسي للحكمة أو على متن سفينة أو طائرة مسجلة لديها أو أن تكون تلك الجريمة قد ارتكبت من أحد رعاياها، ولم تقم أو لم تبادرهذه الدولة الطرف في النظام الأساسي للمحكمة بالإحالة إلى المدعي العام للمحكمة أو إذا لم يقم المجلس الأمن بإحالة الوضع في هذه الدولة إلى المدعي العام للمحكمة25.
الحالة الثانية: إذا ارتكبت جريمة تجنيد الأطفال على إقليم دولة غير طرف في النظام الأساسي للمحكمة، وتكون قد قبلت بإختصاص المحكمة أو على متن سفينة أو طائرة مسجلة لديها أو أن تكون تلك الجريمة قد ارتكبت من أحد رعاياها، ولم تبادر هذه الدولة غير طرف في النظام الأساسي للمحكمة والتي قبلت باختصاص المحكمة بالإحالة إلى المدعي العام للمحكمة ولم يبادر أيضا مجلس الأمن بإحالة هذا الوضع إلى مدعي العام.
الفرع الثالث: الإحالة من مجلس الأمن
يتمتع مجلس الأمن بسلطة إحالة أي حالة إلى محكمة الجنائية الدولية إذا رأى أن الجريمة المرتكبة تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية خصوصا جريمة تجنيد الأطفال، وأن يكون من شأن هذا الإجراء حفظ السلم و الأمن الدوليين دون اشتراط أن تكون الجريمة قد ارتكبت في إقليم دولة طرف أو من شخص يحمل جنسية دولة طرف، وعليه فإن قرار إحالة قضية أو حالة على المحكمة الجنائية الدولية عن مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من الميثاق الأمم المتحدة26،
ومن شروط قرار الإحالة أن يكون صادرا وفقا لإجراءات التصويت المحدد في فقرة 03 من المادة 27 من الميثاق الأمم المتحدة التي تعطي للمجلس الأمن إصدار قراره في مثل هذه الحالة بأغلبية تسعة من أعضاء مجلس كحد أدنى و يجب أن تشمل هذه الأغلبية أصوات الأعضاء الدائمين متفقة باعتبار أن الإحالة من المسائل الموضوعية بالنظر إلى ميثاق الأمم المتحدة كما يتم تكييفها في حالة الشك على أنها من المسائل الموضوعية، مما يبين أن هذا عامل معرقل للإختصاص الإقليمي، ويضر بإستقلالية المحكمة كهيئة قضائية يفترض فيها عدم تقيد ممارسة إختصاصها وتحريك الدعوى فيها إلا على القانون وعدم ربط ذلك بجهة أو هيئة سياسية مما يوفر منفذ شبهة التسييس في عمل، كما أن اختصاص المجلس وفقا للفصل السابع يعطيه سلطة تقديرية واسعة مما يجعله لا يتقيد في بعض الأحيان بمبدأ الشرعية ويجعل سلطته مطلقة27.
المطلب الثاني: العقوبات التي توقعها المحكمة الجنائية الدولية على مرتكبي جريمة تجنيد الأطفال
انتهج نظام المحكمة الجنائية الدولية سياسة عقابية أكثر وضوحا ودقة الأمر الذي يعتبر بمثابة تحول جذري في القانون الدولي الجنائي و يؤدي إلى حدوث تقارب بينه وبين القانون الجنائي الوطني لأن معظم الإتفاقيات الدولية كانت تقرر فقط الصفة الإجرامية للسلوك دون تحديد العقاب على نحو جازم، كما هو الشأن في القوانين الوطنية على أن يترك تحديد العقاب نوعا وكما، إما إلى الدول المعنية التي تضطلع بالتشريع الأحكام في قوانينها وإما إلى قضاء الجنائي الدولي.
و تماشيا مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات حدد نظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على سبيل الحصر العقوبات الواجبة التطبيق على مرتكبي الجرائم الدولية وخصوصا جريمة تجنيد الأطفال
الفرع الأول: العقوبات الأصلية
إن العقوبات الأصلية في القوانين الجنائية الداخلية تعد بمثابة العقوبات السالبة للحرية كونها تحرم المحكوم عليه من حقه في التنقل والحرية، وتنقسم العقوبات السالبة للحرية في نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة حسب الفقرة 01 من المادة 77 من نظام المحكمة الجنائية دائمة إلى:
– السجن المؤقت: وهو سجن لعدد محدد من السنوات ويجب أن لا تزيد هذه السنوات عن 30 سنة.
– السجن المؤبد: أي السجن مدى الحياة ويشترط لتطبيق المحكمة الجنائية الدولية الدائمة عقوبة السجن المؤبد أن تكون هذه العقوبة مبررة بالخطورة البالغة للجريمة المرتكبة، ومبررة بالظروف الخاصة للشخص المدان27.
ولم يشر نظام المحكمة الجنائية الدولية إلى عقوبة الإعدام و هذا راجع الدور المؤثر الذي تلعبه المنظمات الإنسانية وجمعيات حقوق الإنسان في الدعوة المستمرة إلى إلغاء هذه العقوبة القاسية، وخاصة الدور الذي مارسته من خلال مؤتمر روما المعني بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الأمر الذي أدى إلى عدم إدراجها من ضمن العقوبات الواردة.
الفرع الثاني العقوبات التكميلية:
هي عبارة عن عقوبات مالية إضافية التي تصيب ذمة المحكوم عليه المالية كالغرامة ومصادرة28، و يفرض نظام المحكمة الجنائية الدولية بإضافة إلى عقوبتي السجن المؤقت والسجن المؤبد عقوبتان ماليتان تتمثلان في المصادرة والغرامة وهذا ما بينته الفقرة 02 من المادة 77 من نظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
-الغرامة: تراعي المحكمة عند فرض الغرامة وتحديد قيمتها وفقا للقاعدة 146 من قواعد الإجراءات والإثبات خاصة بالمحكمة الجنائية الدولية الدائمة ما يلي:
– ما إذا كانت عقوبة السجن كافية أم لا وتأخذ في الإعتبار القدرة المالية للشخص المدان بما في ذلك أي أوامر بالمصادرة، وأي أوامر بالتعويض حسب الاقتضاء وتأخذ المحكمة في اعتبارها ما إذا كان الدافع إلى جريمة هو الكسب المالي الشخصي و إلى أي مدى كان ارتكابها بهذا الدافع.
– ما نجم عن الجريمة من ضرر وإصابات فضلا عن المكاسب النسبية التي تعود على الجاني من ارتكبها، ولا تتجاوز القيمة الإجمالية بحال من الأحوال ما نسبته 75% من قيمة ما يمكن تحديده من أصول سائلة أو قابلة للصرف وأموال يملكها المدان، وذلك بعد خصم مبلغ مناسب يفي الإحتياجات المالية للشخص المدان ومن يعولهم.
– تعطي المحكمة للشخص المدان فترة معقولة يدفع خلالها الغرامة ويجوز أن تسمح له بتسديدها في مبلغ إجمالي دفعة واحدة أو على دفعات خلال تلك الفترة، ويكون للمحكمة خيار أن تحسبها وفقا لنظام الغرامات اليومية وفي هذه الحالة لا تقل المدة عن 30 يوم كحد أدنى ولا تتجاوز خمس سنوات كحد أقصى، وتقوم بتحديد قيمة الدفعات اليومية حسب ظروف الشخصية للشخص المدان بما في ذلك الإحتياجات المالية لمن يعولهم.
ونشير هنا أنه في حال عدم تسديد الغرامة من قبل الشخص المدان يتم تمديد مدة السجن وذلك لفترة لا تتجاوز ربع تلك المدة أو خمس سنوات أيهما أقل، وتراعي هيئة الرئاسة في تحديد فترة التمديد قيمة الغرامة الموقعة والمسدد منها مع ملاحظة أن التمديد لا ينطبق على حالات السجن مدى الحياة، كما لا يجوز أن يؤدي التمديد إلى أن تتجاوز فترة السجن الكلية 30 سنة.
– المصادرة: يمكن للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة أن تأمر بمصادرة العائدات والممتلكات والأصول الناتجة من ارتكاب الجريمة تدخل في اختصاصها دون مساس بحقوق الغير، وتصدر المحكمة أوامر خاصة بالمصادرة وفقا للإجراء التالية29:
1- استماع الدائرة الإبتدائية في جلسة تنعقد للنظر في إصدار أمر المصادرة إلى الأدلة المتعلقة بتحديد ماهية، ومكان العائدات أو الأموال أو الأصول المحددة التي نشأت بشكل مباشر أو غير مباشر من ارتكاب الجريمة.
2- إخطار الطرف الثالث بالمثول إذا علمت الدائرة قبل جلسة الإستماع أو في أثنائها بأن له مصلحة تتعلق بالعائدات أو الأموال أو الأصول ذات الصلة شريطة أن يكون حسن النية، ويكون له الحق في تقديم أدلة تثبت صلة بالقضية كما يجوز للمدعي العام والشخص المدان فعل ذلك.
3- إصدار أوامر بالمصادرة تتعلق بالعائدات أو الأموال أو الأصول من قبل الدائرة الابتدائية عند اقتناعها بعد فحص الأدلة بأنه تم حصول على هذه العائدات أو الأموال أو الأصول بشكل مباشر أو غير مباشر من جراء ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة .
وننوه هنا أن المحكمة تأمر بتحويل تلك الغرامات وكذلك المال والممتلكات المحصلة من المصادرة إلى الصندوق الإستنمائي المنشأ لصالح المجني عليهم في الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة ولصالح أسرى المجني عليهم.
إن عدم خضوع الأشخاص الذين يقل أعمارهم عن 18 سنة لإختصاص المحكمة الجنائية الدولية يعتبر تطورا ملحوظا في مجال حماية الأطفال باعتبارهم من أكثر الفئات استغلالا أثناء النزاعات المسلحة، ولكن عدم رفع المحكمة سن التجنيد يؤدي إلى هروب العديد من مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب.
الخاتمة:
من خلال تحليلنا لدور المحكمة الجنائية الدولية في متابعة مرتكبي جريمة تجنيد الأطفال فقد اعتبرتها من أخطر الجرائم التي تهدد البشرية، وكيفتها على أنها جريمة حرب سواء ارتكبت في النزاعات المسحلة الدولية أو الداخلية،وقد تم التوصل إلى:
أولا: النتائج
– إن المحكمة الجنائية الدولية تقوم بمساءلة كل من قام بإتكاب جريمة تجنيد الأطفال سواء بصفة أصلية أو المساهمة فيها، كما لا يعفى من مساءلة الجنائية كل من يتمتع بالحصانة سواء كان رئيس دولة أو حكومة.
– إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لمساءلة مرتكبي جريمة تجنيد الأطفال في النزعات المسلحلة لا ينعقد إلا في حالة عدم رغبة أو قدرة القضاء الوطني من متابعة هؤلاء المجرمين،بإعتبار أن المحكمة الجنائية الدولية لها اختصاص تكميلي و ليس لها الأولوية على قضاء الجنائي الوطني احتراما لسيادة الدول.
– حدد نظام روما الأساسي سن الأطفال الذين لا غير مؤهلين للإنضمام للقوات المسلحة في الحرب بسن
- سنة، في حين نجد أن الثاني الملحق باتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989قد رفع السن إلى 18 سنة .
- توقع المحكمة الجنائية الدولية على مرتكبي جريمة تجنيد الأطفال في النزعات المسلحة عقوبة السجن المؤقت لمدة لا تزيد عن 30 سنة وعقوبة السجن المؤبد، إضافة إلى عقوبات مالية تتمثل في دفع غرامة نتيجة الأضرار التي تلحق الجاني، ومصادرة العائدات و الأصول الناتجة عن ارتكاب الجريمة.
ثانيا:التوصيات
– توسيع حق تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية وفق المادة 13 من نظام روما الأساسي ليشمل المنظمات الدولية غير الحكومية التي تنشط في مجال حقوق الإنسان نظرا لدورها الحيادي في إنصاف الضحايا والدفاع عنهم، وإعطاء حركات المقاومة الشعبية الحق في رفع القضايا أمام المحكمة الجنائية الدولية عن جريمة تجنيد الأطفال ،وهذا التنوع في مصادر تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية يؤدي لا محال إلى الحد من جريمة تجنيد الأطفال، وعدم إفلات المجرمين من العقاب وهي مصادر تكمل بعضها بعض وتهدف في النهاية إلى وضع الحالات بين يدي المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية.
– إلغاء نص المادة 124 من نظام المحكمة الجنائية الدولية المتعلقة بتقييد النظر في الجرائم الحرب خصوصا جريمة تجنيد الأطفال لمدة سبع سنوات بالنسبة للدول التي تصبح طرفا في نظام روما، وتعلن قبولها لهذا تقييد لأن هذا يشكك في مدى فاعلية المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها ذريعة للإفلات من العقاب أمامها.
– إدراج عقوبة الإعدام في نظام المحكمة الجنائية الدولية حتى تكون رادعا أمام من يقوم بإرتكاب الجرائم الدولية التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية خصوصا جريمة تجنيد الأطفال وتفريد عقوبة خاصة نظرا لجسامتها جسامتها واستهدافها لفئة الأطفال الذين يحضون بعناية لازمة بمنآى عن الحرب .
– تعديل المادة 11 من نظام روما الأساسي التي تشير إلى أن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية يقتصر على الجرائم التي ترتكب بعد نفاذ نظامها الأساسي، وتكريس مبدأ الأثر الرجعي لنظام المحكمة قبل نفاذها من أجل تمكين من مساءلة المجرمين الذين ارتكبوا الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية عموما وجريمة تجنيد الأطفال خاصوصا قبل نفاذ نظامها، وكذا لتمكين ضحايا الجرائم والمتضررين من استفاء حقهم أمامها، لاسيما وأن المادة 92 من نظام المحكمة الجنائية الدولية قد كرست مبدأ عدم تقادم الجرائم .
التهميش:
[1] نوال أحمد بسج القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين و الأعيان المدنية في زمن النزعات المسلحة، الطبعة الأولى،2010، منشورات الحلبي،لبنان، ص 111.
2 نوال أحمد بسج ، المرجع نفسه، ص 113.
3 Chiara Blengio, La position juridique de l’individu dans le statut de la cour pénale Internationale, Ouvrage Collectif, sous la direction de Mario Chavario, La justice pénale Internationale entre passé et avenir, Giuffré Editore, Milano, 2003, p155.
4 Chiara Blengio,Ibid,p 156.
5 Imembe Koyoronwa,La responsabilité pénale devant la cour pénale, Mémoire Online,Droit Pénal, 15/05/2010,lien
direct : http://www.memoireonline.com/10/10/4004/m_La-reparation-devant-la-cour-penale-internationale5.html
6 هاني سمير عبد الرزاق، نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، الطبعة الثانية، 2010، دار النهضة العربية، القاهرة، ص56.
7 سعدة سعيد أمتوبل، نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية،2011، دار المطبوعات الجامعية، مصر،ص 243.
8 Ottavio Quirico, Réflexions sur le Système du Droit International Pénal, Thèse pour le Doctorat en Droit, Présentée et soutenue publiquement le 13 décembre 2005, Université des Sciences Sociales, Faculté de Droit, Toulouse 1, France,p 70.
9 Ademola Abass, The Competence of the Security Council to Terminate the Jurisdiction of the International Criminal Court, Texas International Law Journal, VOL 40,N0 263,2005,p p281,282.
10 مازن ليلو راضي، مازن ليلو راضي، محاكمة الرؤساء في القانون الجنائي الدولي، طبعة الأولى، 2011، مؤسسة الحديث للكتاب، لبنان ، ص 88.
11 Volker Nerlich,Superior Responsibility Under Article 28 ICC Statute,Journal of International Criminal Justice,Vol 5,N0 03,July 2007,p 667.
12 William Boudon et Emmanuelle Duverger, La coure pénale internationale, éditions seuil,paris.2000,p 124.
13 Volker Nerlich,Op.Cit,p 669.
14 سوسن تمرخات بكة، جرائم ضد الإنسانية في ضوء أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية،الطبعة الأولى،2006،منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان ، ص 164.
15 Photini Pazartzis , La répression pénale des crimes internationaux (justice pénale internationale),2007, A. Pédone,Paris,p 61.
16إبراهيم السيد أحمد، نظرة في بعض آليات عمل المحكمة الجنائية الدولية، طبعة الأولى، 2011، المركز القومي للإصدارات القانونية،القاهرة ص 110.
17 Ottavio Quirico, Op.Cit,p 66.
18 خليل محمود و باسيل يوسف،المحكمة الجنائية الدولية(هيمنة القانون أم قانون الهيمنة)،2007،منشأة المعارف،الإسكندرية، مصر، ص 151.
19 Mauro Politi, Le status de Rome de la cour pénale international, Le point de vue d’un négociateur, Revue Générale de Droit International Public, N° 2,Vol 103 ,1999, p 841.
20 William bourdon et Emmanuelle Duverger, Op.Cit,p 95.
21 محمود شريف بسيوني، المحكمة الجنائية الدولية ( نشأتها ونظامها الأساسي مع دراسة لتاريخ اللجان التحقيق الدولية والمحاكم الجنائية الدولية السابقة)، الطبعة الثالثة،2002، مطابع روزا اليوسف الجديدة، مصر، ص144.
22 بهاء الدين عطية عبد الكريم الجنابي، مبدأ التكامل في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أطروحة دكتوراه، الفلسفة في القانون العام،2005، كلية القانون، جامعة الموصل، العراق، ص 96 .
22 سعدة سعيد، أمتوبل ، المرجع السابق، ص97.
23 Salvatore Zappala, La justuse Pénale internationale, Montchrestien, Paris, 2007,p 137.
24 صالح زيد قصيلة، ضمانات الحماية الجنائية الدولية لحقوق الإنسان، 2009، دار النهضة العربية،القاهرة، ص594..
25 Jules Basdavant, Le veto dans L’organisation des Nations Unies, Revue de politique étrangère, Année 11,N0 04 ,1946, p321.
26 مصطفى محمد محمود درويش،المسؤولية الجنائية الفردية وفقا لأحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (دراسة تحليلية)،مذكرة ماجستير، قانون عام، 2012،جامعة الأزهر بغزة، فلسطين،ص 223.
27 فؤاد عبد المنعم أحمد، مفهوم العقوبة و أنواعها في الأنظمة المقارنة،الألوكة الشرعية،أفاق الشرعية، 31 مارس 2015، الرابط: http://www.alukah.net/sharia/0/35474
28هشام مصطفى محمد ابراهيم، التحقيق والمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، طبعة 2015، ديون المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، ص610.
29 القاعدة 147 من قواعد الإجراءات والإثبات الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية الدائمة.