الدراسات البحثيةالمتخصصة

إمكانية المساءلة الجنائية لمرتكبي الجرائم في سوريا أمام المحكمة الجنائية الدولية

اعداد الأستاذة: صديقي سامية  – باحثة في القانون الدولي والعلاقات الدولية – الجزائر

– المركز الديمقراطي العربي 

 

ملخص

تعتبر الجرائم المرتكبة في سوريا منذ بداية الإحتجاج بتاريخ 15 مارس 2011 و التي مازلت مستمرة لحد الآن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني و القانون الدولي لحقوق الإنسان التي راح ضحيتها المدنيين الأبرياء من الشعب السوري، وهدف من هذه الدراسة هو تبيين مدى اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المرتكبة في سوريا لاسيما و أنها تشكل جرائم إبادة وجرائم الحرب و جرائم ضد الإنسانية أشارت إليها المادة الخامسة من نظامها الأساسي خصوصا أنها من الجرائم الأشد خطورة التي تمس أمن وسلم المجتمع الدولي.

إن تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية يتم من قبل الدول الطرف فيها أو قيام المدعي العام بنفسه من تحركيها، أو يقوم مجلس الأمن بإحالة الحالة إليها إذا رأى أنا الوضع يشكل انتهاك للسلم و الأمن الدوليين، وفي حالة كانت الدولة غير طرف في نظام المحكمة الجنائية الدولية وحتى تتمكن المحكمة من ممارسة الإختصاص عليها يتوجب على الدولة أن تقدم اعلان للمحكمة الجنائية الدولية يتضمن قبولها لإختصاصها، وبإعتبار سوريا ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية ولم تقم بإيداع اعلان لقبول اختصاصها فإن القناة الوحيدة حتى تتمكن المحكمة من مساءلة مرتكبي الجرائم في سوريا هو إحالة الوضع من قبل مجلس الأمن متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبإعتبار أن مجلس الأمن تتحكم فيه الدول الدائمة العضوية التي تملك حق الفيتو الذي يسمح لها بتحريكه حسبما يخدم مصالحها فقط تم نقض قرار الإحالة من قبل روسيا و الصين أكثر من مرة،وما تجدر الإشارة إليه أن الجرائم المرتكبة في سوريا لا تسقط بالتقادم و بالتالي فإن المساءلة مرتكبيها تبقى قائمة مهما طال الزمن.

المصطلحات الأساسية

انتهاكات جسيمة، جرائم خطيرة، مساءلة الجنائية، المحكمة الجنائية الدولية، الجرائم في سوريا، جرائم إبادة، جرائم الحرب، جرائم ضد الإنسانية.

مقدمة  

لقد ارتكبت في سوريا انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني على مدار واسع النطاق راح ضحيتها المدنيين الأبرياء، ومازالت هذه الجرائم ترتكب لحد الساعة  حيث يستمر النظام في شن غارات جوية وعمليات قصف عشوائية على الأماكن التي يتواجد فيها السكان، وقتل مئات المدنيين وعمليات التعذيب والإحتجاز التعسفي، وهذا ما يؤكد أن القوات النظامية التابعة للنظام مسؤولة عن تلك الجرائم الشنيعة وبات أمر محاكمة مرتكبي هذه الجرائم لابد منه، بإعتبار أن مساءلة مرتكبي الجرائم الدولية جنائيا يعد بمثابة مبدأ من مبادئ القانون الجنائي الدولي و يشكل قاعدة آمرة لا يمكن مخالفتها، وهذا مبدأ كرسه نظام المحكمة الجنائية الدولية حتى لا يفلت من العقاب المجرمين الذين اقترفوا جرائم التي توصف على أنها أشد خطورة على السلم و الأمن في المجتمع الدولي.

وعلى هذا الأساس فإن الجرائم التي ارتكبت حق الشعب السوري تشكل جرائم دولية نصت عليها المادة الخامسة من نظام المحكمة الجنائية الدولية تستوجب محاكمة كل من ارتكبها أو ساهم أو حرض على ارتكبها ومن هنا تطرح الإشكالية الرئيسة التالية:

هل تملك المحكمة الجنائية الدولية سلطة مساءلة مرتكبي الجرائم في حق المدنيين في سوريا؟.   

أولا: مدى اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المرتكبة في سوريا

إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية كآلية جزاء دولية حدد على أسس أربعة تتمثل في نوع الجريمة و الشخص الذي ارتكبها،وكذا مكان وزمان، وعليه تكون المحكمة الجنائية الدولية قد أسندت اختصاصها العادي إلى القواعد العامة للقانون الدولي التي ترتكز أساسا على الإقليم والجنسية.

1- الإختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية

يقوم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على أساس نوع الجريمة التي يتم التحقيق فيها وملاحقة مرتكبيها ومحاكمتهم، وقد حصر النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية اختصاصها في الجرائم الأكثر خطورة و التي تتمثل في جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان1، حيث أكدت ديباجة نظامها الأساسي على أن الأمم المتحدة قصدت العزم من أجل بلوغ الغايات لصالح الأجيال الحالية والمقبلة على إنشاء محكمة جنائية دولية دائمة ومستقلة لها اختصاص في الجرائم الأشد خطورة على المجتمع الدولي بإعتبارها أعلى هيئة في مجال القانون الجنائي الدولي2، وحصر اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في الجرائم الأشد خطورة يرجع إلى عدة أسباب أهمها تشجيع أكبر عدد من الدول على قبول الإنضمام للمحكمة الجنائية الدولية مما يعزز فعاليتها، و تجنب إثقال كاهل المحكمة بالنظر في قضايا يمكن النظر فيها أمام المحاكم الوطنية على نحو مناسب، وكذا الحد من العبئ المالي المفروض على المجتمع الدولي.

وتتمثل الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية فيما يالي:

  • جريمة الإبادة الجماعية: عرفت المادة 06 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة

جريمة الإبادة حيث نصت على أنه ( لغرض هذا النظام الأساسي تعني الإبادة الجماعية أي فعل من الأفعال التالية ويرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو أثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكا كليا أو جزئيا:

– قتل أفراد الجماعة

– إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة

– إخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشة يقصد بها إهلاكها الفعلي كليا أو جزئيا

– فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة

– نقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى).

وأثناء الأعمال التحضيرية لإعتماد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تقدم فريق من الدول بإقتراح يشمل توسيع نطاق التعريف الوارد في اتفاقية منع إبادة الجنس البشري لسنة 1948 ليشمل الجرائم السياسية والثقافية والإجتماعية، وذلك من أجل تجنب أوجه القصور الذي شاب نص المادة الثانية منها والذي لم يتداركه نظام المحكمة الخاصة ليوغسلافيا السابقة و رواندا، ولكن تم رفض هذا الإقتراح على أساس أن الإتفاقية ملزمة للجميع وأنه لا يمكن تعديلها لأن ذلك يتطلب الكثير من الوقت لدخولها حيز التنفيذ.

إن المادة 06  من نظام روما الأساسي قد تضمنت الأفعال المادية المكونة للجريمة الإبادة الجماعية، وكل هذه الأفعال ارتكبت بحق المدنيين في سوريا من قبل النظام السوري منذ بداية الثورة ولازلت مستمرة إلى يومنا هذا، وهو ما يظهر للعيان عبر وسائل الإعلام بالصوت الصورة مما يعد دليلا قويا لمساءلة مرتكبي جرائم الإبادة بحق الشعب السوري.

2-جرائم ضد الإنسانية: تعرف الجرائم ضد الإنسانية بأنها تلك الجرائم التي تمس الإنسانية جمعاء ويعود على المجتمع الدولي بأسره محاكمة مرتكبيها، و قد ورد في  المادة 07 من نظام روما الأساسي تعداد جرائم معينة تشكل الجرائم ضد الإنسانية حيث جاء فيها على أنه( لغرض هذا النظام الأساسي يشكل أي فعل من الأفعال التالية جريمة ضد الإنسانية متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي وجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين عن علم بالهجوم:

– القتل والإبادة والإسترقاق

– إبعاد السكان أو القتل القسري

– السجن أو الحرمان الشديد على نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي

– الإغتصاب أو الإستبعاد الجنسي أو الإكراه على البغاء أو الحمل القسري أو التعقيم القسري أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على مثل هذه الدرجة من الخطورة

اضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو أثنية أو ثقافية أو دينية أو متعلقة بنوع الجنس على النحو المعروف في الفقرة الثالثة، ولأسباب أخرى من المسلم عالميا بأن القانون الدولي لا يجيزها وذلك فيما يتصل بأي فعل مشار إليه في هذه الفقرة وبأية جريمة تدخل في اختصاص المحكمة

– الإختفاء القسري للأشخاص

– جريمة الفصل العنصري

– الأفعال غير الإنسانية الأخرى ذات طابع المماثل التي تسبب عمدا في معاناة شديدة وفي أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية…).

يعتبر نص المادة 07 من نظام روما الأساسي أول نص دولي لإتفاق جماعي يعرف الجرائم ضد الإنسانية بصفة منفصلة وفي شكل مترابط ومتماسك في أحكامه، كما جاء تجريم الأفعال المكونة للجرائم ضد الإنسانية على سبيل المثال3 ، وهو ما يفهم من عبارة (الأفعال غير الإنسانية الأخرى) التي فتحت المجال في المستقبل لتجريم أفعال غير مشروعة وتكييفها على أنها جرائم ضد الإنسانية على أساس أن الفعل غير الإنساني يشكل العنصر الأساسي لتكييف جرائم ضد الإنسانية .

بإستقراء نص المادة 7 من نظام روما الأساسي  نجد أنها لم تربط بين ارتكاب الجريمة ضد الإنسانية و وجود نزاع مسلح4، كما جاء عليه النص في النظام الأساسي لمحكمة نورمبرغ والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الخاصة بيوغسلافيا السابقة،كما أنها وسعت من مفهوم جرائم ضد الإنسانية على غرار أنظمة المحاكم الجنائية الدولية السابقة وذلك بإضافة أفعال جديدة تشكل جرائم ضد الإنسانية مثل جريمة الإختفاء القسري وجريمة التمييز العنصري،و كذا جريمة الإضطهاد كجريمة مستقلة وليس بصفتها دافعا وراء ارتكاب الأفعال التي تشكل جرائم ضد الإنسانية، بالإضافة إلى الأفعال غير الإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية إضافة إلى الاستبعاد الجنسي والإكراه على الدعارة والحمل الجبري .

تضمنت  المادة 07 من نظام المحكمة الجنائية الدولية نفس الشرط المذكور في المادة 3 من نظام المحكمة الجنائية الخاصة برواندا والمتمثل في ضرورة حدوث أي فعل من الأفعال المدرجة في هذه المادة في إطار واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم5، ويقصد بمصطلح الهجوم حسب الفقرة الثانية من المادة السابعة من نظام روما والفقرة الثالثة من المقدمة المتعلقة بأركان الجرائم ضد الإنسانية أنه نهج سلوكي يتضمن الإرتكاب المتكرر والمتعدد للأفعال المشار إليها في الفقرة 01 من المادة 07 من النظام الأساسي للمحكمة، ولا يفترض في الهجوم استنادا إلى هذا التعريف أن يغطي حالات ارتكاب الجريمة عن طريق الفعل و الإمتناع معا.

أما مصطلح واسع النطاق يقصد به استهداف عدد كبير من الضحايا بغض النظر إن كان الهجوم عسكريا أو يشمل عنف جسدي ويكفي لتحقيق النتيجة أن يكون الهجوم مرة واحدة6، بينما يقصد بمصطلح منهجي درجة عالية من التخطيط والتنظيم، وتجدر الإشارة أيضا إلى أن المادة 7 من النظام الأساسي لم تشترط تلازم وترابط معياري سعة النطاق والمنهجية لكي تقوم الجرائم ضد الإنسانية، وإنما يكفي توافر معيار المنهجية أو معيار سعة النطاق في الهجوم حتى تقوم الجرائم ضد الإنسانية.

كما لم تشترط المادة 7 من نظام روما الأساسي أن ترتكب الأفعال المكونة للجرائم ضد الإنسانية بدافع تمييزي بإستثناء الإضطهاد الذي يقوم على أساس الدافع  العرقي والقومي أو السياسي أو الثقافي أو الأثني أو الديني،و إدراج الإضطهاد السياسي أو الثقافي ضمن الجرائم ضد الإنسانية لم يسبق الإشارة إليه في أي اتفاقية دولية، وهذا التقنين المستحدث يعكس مضامين الإتفاقيات الدولية المنظمة للحقوق المدنية والسياسية و الإقتصادية والثقافية والإجتماعية والتعسف في استعمال السلطات الناتجة عن حق الملكية واستغلال هذا الحق بقصد إلحاق الضرر.

لم يشترط نظام روما الأساسي ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية في النزاعات المسلحة

الدولية أو الداخلية،مما يدل على إمكانية ارتكابها في وقت السلم أو في وقت النزاعات المسلحة7.

ترتيبا لما سبق فقد ارتكب في حق الشعب السوري جرائم ضد الإنسانية من جرائم القتل و التعذيب و ترحيل السكان و الإختفاء القسري للأشخاص بمختلف فئات العمر إضافة إلى النقل القسري للسكان،كما أن الهجوم الواقع على السكان المدنيين في سوريا هو هجوم واسع النطاق ومنهجي في آن واحد، وقد ارتكبت هذه الجرائم بواسطة قوات المسلحة أو بواسطة قوات الشرطة و الأمن التابعة للدولة مع توافر القصد الجنائي وعلم بإرتكاب هذه الأفعال الشنيعة مما يستوجب متابعتهم جنائيا عما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانية في حق الشعب السوري.

3- جرائم الحرب: تتمثل جرائم الحرب في الإنتهاكات الجسيمة التي ترتكبها الأطراف المتحاربة لقوانين وأعراف الحرب وحددت الفقرة 2 من المادة 08 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الأفعال المكونة لجرائم الحرب في أربعة طوائف هي:

– الإنتهاكات الجسيمة لإتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 أوت 1949 مثل القتل العمد والتعذيب وإلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها، الإبعاد أو القتل أو الحبس المؤقت وإلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والإستيلاء عليها، الإبعاد أو القتل أو الحبس غير المشروع وأخذ الرهائن، إرغام أسرى الحرب أو الأشخاص المحميين على الخدمة لصالح الأعداء…الخ.

– الإنتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة مثل تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين، تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، إساءة استعمال علم الهدنة، أعمال نهب، استخدام الأسلحة المسممة والسموم…الخ.

– الإنتهاكات الجسيمة للمادة الثانية المشتركة في اتفاقيات جنيف لعام 1949 كإستعمال العنف ضد الأشخاص والإعتداء على كرامة الشخص، وأخذ الرهائن وإصدار أحكام وتنفيذ إعدامات دون وجود حكم سابق صادر عن محكمة مشكلة تشكيلا نظاميا.

– الإنتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية في المنازعات المسلحة غير الدولية مثل تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين وضد المباني والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد وأعمال النهب، الإغتصاب، الإستبعاد الجنسي…الخ.

وفيما يخص الجرائم المرتكبة في إطار نزاع مسلح غير الدولي فقد أضيفت في المؤتمر الإستعراضي في كمبالا المنعقد في الفترة مابين 31 ماي و 11 جوان 2010 بعض الأفعال التي تشكل جرائم حرب وتتمثل في جرائم الحرب التي ترتكب بإستخدام السموم أو الأسلحة المسممة التي ترتكب بإستخدام الغازات أو السوائل أو المواد أو الأجهزة المحظورة، وكذا جريمة الحرب التي ترتكب بإستخدام الرصاص المحظور.

ما تجدر الإشارة إليه أنه قد ثار خلاف حول الفقرة 01 من المادة 08 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حول ما إذا كان يستلزم إدراج الجرائم التي ترتكب ( في إطار خطة أو سياسة عامة) ضمن اختصاص المحكمة أو يكفي أن ترتكب الجرائم في نطاق محدود أو ما يعرف بالجرائم المنفصلة، وفي النهاية تم حسم الأمر بإدراج عبارة (ولاسيما) ليصبح تعريف جرائم الحرب على أنه (يكون للمحكمة اختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب ولاسيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم).

وبالتالي نجد أن الفقرة 01 من المادة 08 من نظام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة قد تجنبت التعريف التقليدي الذي بقي مقترن بهذه الجرائم والمتمثل في الإنتهاكات الجسيمة لقوانين وأعراف الحرب8، كما أن المادة 8 استثنت حالات الإضطرابات وال التوترات الداخلية، وتطبق فقط على المنازعات المسلحة غير ذات الطابع الدولي والمنازعات المسلحة التي تقع في إقليم دولة عندما يوجد صراع مسلح متطاول الأجل بين السلطات الحكومية وجماعات المسلحة منظمة أو فيما بين هذه الجماعات9.

وعليه نجد أن السكان المدنيين في سوريا تعرضوا لمعظم الأفعال التي تشكل جرائم حرب التي نصت عليها المادة 8 من نظام المحكمة الجنائية الدولية، ولا يزلون لحد الساعة تحت وطئة المعاناة لمثل هذه الأفعال الإجرامية التي تشكل انتهاكات جسمية للقانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي.

ثانيا: الإختصاص الشخصي للمحكمة الجنائية الدولية بالنسبة للجرائم المرتكبة في سوريا

أقرت المادة 25 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الأحكام العامة للمسؤولية الجنائية الدولية، حيث أكدت في فقرتها الأولى والثانية على أن الإختصاص الشخصي للمحكمة يقتصر على محاكمة الأشخاص الطبيعيين المسؤولين جنائيا بصفة فردية عما اقترافوه من جرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية10.

وعليه فإن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية قد استبعد نظرية المسؤولية الجنائية الدولية للدولة أو للمنظمات، حيث أصبح من المستقر عدم جدوى المسؤولية الجنائية الدولية للدولة عن الأعمال التي يرتكبها مواطنوها كون أن توقيع الجزاء على الدولة لا يحقق الردع المقصود من القضاء الجنائي بل يساهم في إفلات الأشخاص مرتكبي الجرائم الدولية من العقاب، وبالتالي تبقى مسؤولية الدولة محصورة فقط في النطاق المدني بجبر الضرر الناجم عن الأفعال غير المشروعة التي يرتكبها الأفراد سواء كانوا من أفراد قواتها المسلحة أو من الأفراد العاديين.

وعليه يكون محلا للمساءلة الجنائية أمام المحكمة الجنائية الدولية كل من قام  بإرتكاب جرائم بحق السكان المدنيين في سوريا سواء بصفته الفردية أو بالإشتراك مع آخر أو عن طريق شخص آخر بغض النظر عما إذا كان ذلك الشخص الآخر مسؤولا جنائيا أو قام بالأمر أو الإغراء بإرتكاب أو الحث على ارتكاب جريمة وقعت بالفعل أو شرع فيها11، أو تقديم العون أو التحريض أو المساعدة بأي شكل آخر لغرض تيسير ارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها12، أو المساهمة بأي طريقة أخرى في قيام جماعة يعملون بقصد مشترك بارتكاب هذه الجريمة أو الشروع في ارتكابها على أن تكون هذه المساهمة متعمدة، وأن تقدم إما بهدف تعزيز النشاط الإجرامي أو الغرض الإجرامي للجماعة إذا كان هذا النشاط أو الغرض منطويا على ارتكاب الجريمة تدخل في اختصاص المحكمة أو مع العلم بنية ارتكاب الجريمة لدى هذه الجماعة، ويشترط لقيام المسؤولية الجنائية الفردية أن لا يقل سن مرتكب الجريمة عن ثمانية عشر سنة وقت ارتكاب الجريمة المنسوبة.

إن استبعاد القاصر من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وانعقاد الإختصاص للمحاكم الوطنية لا يثير أي إشكالية في حالة كان القانون الداخلي يعاقب على الجرائم التي ارتكبها الشخص الذي يقل سنه عن 18 سنة،مما يدل أن المحكمة الجنائية الدولية قد أخذت بما جاءت به النظم العقابية الرئيسية في العالم بعدم مساءلة الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة أمام المحاكم العادية و إحالتهم أمام المحاكم الخاصة بهم13.

كما لا يمكن الإعتداد بالصفة الرسمية للإعفاء من المسؤولية الجنائية أو تخفيف العقوبة التي تفرضها المحكمة الجنائية الدولية سواء  كان رئيس دولة أو حكومة أو عضو فيها أو في14، وبالتالي فإن الحصانة التي قد يتمتع بها الشخص لصفته الرسمية استنادا إلى القانون الوطني أو القانون الدولي لا تمنع المحكمة الجنائية الدولية من مساءلة ذلك الشخص، ومعاقبته من ارتكاب جريمة تدخل في اختصاص المحكمة لأن مسألة الحصانة لا يمكن الإحتجاج أو التذرع بها أمام المحكمة الجنائية الدولية15.

أما فيما يخص عن المسؤولية الجنائية للقادة والرؤساء سواء كانوا عسكريين أو مدنيين عن أعمال مرؤوسهم الذين ارتكبوا و يرتكبون جرائم في حق الشعب السوري و يخضعون  لإمارتهم وسيطرتهم عند اقترافهم لهذه الأفعال التي تشكل جرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، فإن القائد العسكري أو الشخص القائم فعلا بأعمال القيادة يكون محلا للمساءلة الجنائية عن هذه الجرائم نتيجة لعدم إتخاذ التدابير اللازمة في حدود سلطاهم لمنع ارتكاب هذه الجرائم أو قمعها16، كما لا يعفى مرتكب الجريمة من المسؤولية الجنائية بحجة  طاعة أوامر القائد الأعلى إلا في حالات استثنائية أشارت إليهم المادة 33 من نظام المحكمة الجنائية الدولية، وتشمل هذه الحالات التزام قانوني بإطاعة أوامر الحكومة أو الرئيس المعنيـ أو إذا لم يكن الشخص على علم بأن الأمر غير مشروع أو إذا لم تكن مشروعية الأمر الظاهرة و تكون عدم المشروعية ظاهرة في حالة أوامر ارتكاب جريمة الإبادة أو جرائم ضد الإنسانية.

يستشف مما سبق أن نظام المحكمة الجنائية قد سلك نهجا جديدا على خلاف ما درج عليه القضاء الدولي الجنائي في الفترة السابقة للمحكمة الجنائية الدائمة حيث اعتبر تنفيذ الأمر الصادر عن الرئيس مانعا من موانع المسؤولية وليس عذرا مخففا للعقوبة أو معفيا للعقاب17،وننوه هنا أن اعتبار تنفيذ أمر الرئيس مانعا من موانع المسؤولية سوف يؤدي إلى نتائج سلبية و إفلات الكثير من المجرمين من العقاب على أساس أن كل رئيس هو في الحقيقة مرؤوس لرئيسه الأعلى، و إذا ما رجع بالمسؤولية على أحد منهم سيدفع بأنه ينفذ أوامر رئيسه و يدفع الأخير  بذلك أيضا،مما يصعب معه تحديد الرئيس المسؤول عن الفعل المكون للجريمة و بالتالي  يكون هناك تمادي في ارتكاب المجازر و الأعمال الوحشية.

يتبين من نص الفقرة 02 من المادة 33  من نظام المحكمة الجنائية الدولية أن جريمتي الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية يمكن الإستناد إلى أن الأمر الصادر بإرتكابها ظاهرة غير مشروعة، وهذا ما يساهم في عدم الإفلات من العقاب ولا يشجع على ارتكاب هذا النوع من الجرائم على أساس أن جريمة الإبادة الجماعية ترتكب غالبا بناء على أمر صادر من سلطة عليا أو تدبير من الدولة أو تحت رقابتها، وكل ذلك يقتضي وضع السبل الكفيلة بعدم تحلل مرتكبيها من المسؤولية استنادا إلى تلقيهم أوامر رئاسية لا يعلمون عدم مشروعيتها أو لم تكن مشروعيتها ظاهرة، كما لا يجوز الإستناد لمرتكبي جرائم الحرب أن يدفع بحجة تنفيذه لأوامر الرئيس الأعلى وأن عدم مشروعية هذه الأوامر لم تكن ظاهرة، وهذا يسمح بالتحلل من المسؤولية المترتبة عن ارتكابها والإفلات من العقاب بحجة تنفيذ أوامر الرئيس الأعلى وعدم معرفته المسبقة بأن هذه الأوامر غير مشروعة، وهو ما يتنافى مع المنطق.

ثالثا: النطاق الزماني والمكاني للمحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المرتكبة في سوريا

إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لا يشمل الجرائم التي ارتكبت قبل نفاذ نظامها الأساسي18، وبالتالي فإن نظام المحكمة الجنائية الدولية هو اختصاص مستقبلي يسري فقط بالنسبة للجرائم التي ارتكبت بعد 01 جويلية 2002،كما أن الدول التي تصبح طرفا في النظام الأساسي بعد نفاذه لا تمارس المحكمة الجنائية الدولية ولايتها القضائية إلا بالنسبة للجرائم التي ترتكب بعد نفاذ النظام بالنسبة لهذه الدول وهذا ما أكدته المادة 11 من نظام المحكمة الجنائية الدولية19، ويجب الإشارة هنا أن سريان نظام المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الدول التي تصبح طرفا بعد نفاذه لا يسري في مواجهتها إلا من اليوم الأول من الشهر الذي يعقب اليوم الستين من تاريخ إيداع تلك الدولة لصك التصديق20

و عليه لا يجوز للمحكمة الجنائية الدولية أن تمارس اختصاصها بالنظر في الجرائم التي تدخل في اختصاصها، والتي تكون قد ارتكبت قبل دخول النظام الأساسي للمحكمة حيز النفاذ، ويرجع السبب في تبني المحكمة الجنائية هذه القاعدة إلى تشجيع الدول على الإنضمام إلى النظام الأساسي دون تخوف من العودة إلى الماضي وإثارة البحث عن الجرائم التي تكون قد ارتكبت من قبل انضمامها للمحكمة21.

وقد تم تأكيد هذا الحكم في الفقرة 01 من المادة 24 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي أشارت إلى عدم مساءلة الشخص جنائيا عن سلوك سابق ارتكبه قبل تاريخ بدأ نفاذ هذا النظام في مواجهة الدولة التي يحمل هذا الشخص محل التحقيق أو المحاكمة جنسيتها، ونشير هنا أن عدم جواز ممارسة المحكمة الجنائية الدولية لإختصاصها بالنظر في الجرائم المشار إليها في المادة 05 من نظامها الأساسي التي تكون قد ارتكبت قبل دخول نظامها الأساسي حيز النفاذ لا يعني إفلات مرتكب هذه الجرائم من المساءلة الجنائية وفقا لقواعد القانون الدولي بحيث يمكن معاقبتهم أمام محاكم دولية خاصة تنشأ لهذا الغرض أو يتم محاكمتهم أمام محاكم داخلية استنادا إلى مبدأ الإختصاص القضائي العالمي.

وفيما يخص تحديد الولاية الإقليمية للمحكمة الجنائية الدولية طرحت عدة آراء أثناء مناقشات اللجنة التحضيرية لمشروع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فقد ذهبت بعض الوفود إلى اقتصار شرط القبول على إقليم الدولة التي وقع فيها الفعل والتي لها مصلحة خاصة في إجراء الملاحقات أو الدولة  المختصة، ورأت وفود أخرى وجوب أن تشمل دولا إضافية لها مصلحة كبيرة بالقضية بما في ذلك دولة جنسية الضحية في الجريمة، وشددت دول أخرى على أنه لا يلزم إلا موافقة الدولة التي ارتكبت على أراضيها الجريمة أو الدولة المتحفظة، ورأت دول أخرى شرط موافقة دولة جنسية المتهم ضرورية في حين رأت وفود أخرى أن اشتراط موافقة دولة جنسية المتهم من شأنه أن يعقد ممارسة الإختصاصات من جانب المحكمة الجنائية الدولية في حالة تعدد المتهمين22.

وانتهى المؤتمر إلى تحديد الولاية الإقليمية للمحكمة الجنائية الدولية وفقا لما أشارت إليه الفقرة 03 من المادة 12 من نظامها الأساسي، حيث أكدت على أن المحكمة تمارس اختصاصها إذا كانت واحدة أو أكثر من الدول التالية طرفا في النظام الأساسي أو قبلت إختصاص المحكمة وفق الفقرة 03:

– الدولة التي وقع في إقليمها السلوك قيد البحث أو دولة تسجيل السفينة أو الطائرة إذا كانت الجريمة قد ارتكبت على متن السفينة أو الطائرة.

– الدولة التي يكون الشخص المتهم أحد رعاياها

وعليه فإن اختصاص المحكمة الجنائية يقوم على أساس مبدأ الإقليمية حيث يكون للمحكمة اختصاص في الجرائم التي وردت في المادة 05 من نظامها الأساسي في حالة ما إذا ارتكبت في إقليم الدولة الطرف في النظام الأساسي، ومساءلة مرتكبي هذه الجرائم حتى ولو كانوا من جنسية دولة ليست طرفا في النظام الأساسي للمحكمة، أما المبدأ الثاني الذي يقوم عليه اختصاص المحكمة الجنائية الدولية  هو مبدأ الشخصية الذي يرتكز أساسا على قيام المحكمة بمساءلة مرتكب الجرائم التي تدخل في اختصاصها و الذي يحمل جنسية الدولة الطرف في النظام الأساسي أيا كان المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة23.

أما الدولة التي وقعت على إقليمها الجريمة وليست طرفا في النظام الأساسي للمحكمة فالأصل أن المحكمة الجنائية الدولية الدائمة لا تكون مختصة بالنظر في هذه الجرائم إلا إذا قبلت الدولة بإختصاص تلك المحكمة بالنظر في الجريمة وهذا تطبيقا لمبدأ نسبية أثر المعاهدات.

و بإعتبار أن الإختصاص الزماني و المكاني للمحكمة الجنائية الدولية فيما يخص الجرائم التي تدخل في اختصاصها يرتبطان بمدى مصادقة الدول على نظام روما الأساسي أو بمدى قبول الدول غير الأطراف للإختصاص وفق ترتيبات خاصة تبرمها مع المحكمة الجنائية الدولية نجد أن سوريا قد قامت بالتوقيع على نظام روما الأساسي بتاريخ 29 نوفمبر 2000 ولم تقم بالمصادقة عليه، وبالتالي من غير الممكن أن تمارس المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها الإقليمي على الجرائم المرتكبة ضد السكان المدنيين في سوريا منذ بداية الإحتجاج في 15 مارس 2011، و إن كانت هذه الجرائم قد وقعت بعد دخول نظام المحكمة الجنائية الدولية حيز النفاذ.

ثانيا: آليات تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية عن الجرائم المرتكبة في سوريا

إن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية ليس اختصاصا تلقائيا حتى في حالة ثبوت عدم رغبة الدول أو عدم قدرتها على التحقيق ومحاكمة الأشخاص المتهمين بإرتكاب أي من الجرائم الداخلة في اختصاصها، ولكن يجب أن يتم تحريك الدعوى الجنائية ضد الأشخاص المتهمين بإرتكاب هذه الجرائم من قبل جهات حددها النظام الأساسي للإضطلاع بهذه المهمة.

وقد أرادت بعض الدول أن تخضع اختصاص المحكمة لسيادة الدول بأن يكون قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بواسطة الدول التي وقعت الجريمة على إقليمها أو الدول التي يحمل المتهم جنسيتها إلا أن هذه الطلبات تم رفضها لصالح التصرف التلقائي للمدعي العام، وقد تمت الموافقة على فرض الإحالة بواسطة مجلس الأمن أو بواسطة الدولة الطرف أو إحدى الدول الأطراف المرتبطة بالجريمة ،وبذلك أصبح تحريك آلية الإجراءات من قبل الدول الأطراف وكذا المدعي العام و الإحالة من قبل مجلس الأمن، وهذا ما أشارت إليه المادة 13 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

1- إحالة القضية من الدولة الطرف

انقسمت الآراء أثناء مناقشة مشروع نظام روما الأساسي حول ماهية الدولة التي يحق لها أن تقدم شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية عند وقوع جريمة دولية تدخل في اختصاصها، بين من يرى أن ذلك الحق يجب أن يمنح لكافة دول المجتمع الدولي كون أن الجريمة الدولية بطبيعتها جسيمة، وتصيب كافة الدول من حيث الأضرار التي يمكن أن تنتج عنها، مما يسمح لكل دولة أن تكون مسؤولة عن الدفاع عن مصالح المجتمع الدولي كونها جزء منه، وذلك برفع دعوى بشأن هذه الجريمة إلى المحكمة الجنائية الدولية، وبين من يرى أن هذا الحق لا يجب أن يمنح إلا للدول صاحبة المصلحة المباشرة في المعاقبة على هذه الجريمة كالدولة التي وقعت الجريمة في إقليمها أو تلك التي يكون الجاني أو المجني عليه أحد رعاياها أو الدولة التي كانت هدفا للجريمة24، ولكن الأمر استقر على منح هذا الحق إلى الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بهدف تشجيع الدول غير الأطراف إلى التصديق على نظام روما الأساسي حتى تتمكن من تحريك اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة25، وعليه يحق للدولة الطرف أن تقوم بإحالة أي حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية وفقا لأحكام المادة 14 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي نصت على أنه (1- يجوز لدولة طرف أن تحيل إلى المدعي العام أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة قد ارتكبت وأن تطلب إلى المدعي العام التحقيق في الحالة بغرض البت فيها إذا كان يتعين توجيه الإتهام لشخص معين أو أكثر بإرتكاب تلك الجرائم.

2- تحدد الحالة قدر المستطاع الظروف ذات الصلة وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحيلة من السندات).

وعليه فإنه يحق لكل دولة طرف في نظام روما الأساسي أن تحيل إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أية حالة يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، و تقرر ما إذا كانت هناك أية متابعة جزائية ضد شخص أو عدة أشخاص سواء كانوا فاعلين أصلين أو مساهمين في تلك الجرائم26.

ونشير هنا أن لفظ ( حالة ) لا يمكن تفسيره تفسيرا محدودا وضيقا والذي يعني قيام نزاع بين مجموعة أو أفراد أو وحدة عسكرية أو أن يفسر ليشير إلى حدث معين دون الرجوع إلى السياق العام للنص، وهذا المعنى المقصود للفظ (حالة) سوف يكون بالطبع مختلفا من واقعة إلى أخرى، ولكن يجب أن يتم تعريفه عن طريق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي يخضع لمراجعة قانونية من قبل الدائرة المكونة من ثلاثة قضاة وفقا للمادة 61 والمراجعة النهائية من دائرة الإستئناف وفق المادة 82 وتكون المراجعة القانونية على درجتين يتكونان في مجملهما من ثمانية قضاة لضمان تكامل العملية القانونية.

إن قيام الدولة بإحالة حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية تتضمن عدم قدرة أو عدم رغبة الدولة في المحاكمة، تفرض على المدعي العام مباشرة إجراءات التحقيق دون الحاجة لتقرير أن الدولة المحيلة غير قادرة أو غير راغبة في المحاكمة27، إضافة إلى ذلك لا يمكن للدولة الطرف بعد القيام بالإحالة أن تطالب المحكمة وقف إجراءات التحقيق إلا في الحالات التي يملك المدعي العام ذلك وفق نص المادة 53 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،وغالبا ما يكون إحالة الحالة من قبل الدولة إلى المحكمة الجنائية الدولية هو امتناعها عن التحقيق والمحاكمة للإستفادة من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية عن طريق نقل الأعباء السياسية والمادية التي ينطوي عليها مثل هذا النوع من المحاكمات أو لتغطية فشلها الفعلي بالإضطلاع بإجراءات التحقيق والمحاكمة بالنسبة للجرائم الداخلة في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية28.

و يحق لكل دولة غير طرف في النظام الأساسي أن تحيل أي دعوى للمحكمة لتحقيق فيها متى أعلنت هذه الدولة بمقتضى إعلان خاص لدى مسجل المحكمة قبولها مباشرة المحكمة لإختصاصها فيما يتعلق بالجريمة قيد البحث29.

أما الدولة التي لم تصادق على نظام روما ولم تقبل اختصاص المحكمة بموجب الإعلان المشار إليه أعلاه، فلا يحق لها إحالة أي دعوى إلى هذه المحكمة إلا أن ذلك لا يمنع من إحالة أحد رعاياها أو إحدى الجرائم المرتكبة في إقليمها عن طريق مجلس الأمن.

ثانيا: تحريك الدعوى بقرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.

يتمتع المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى جانب الدولة ومجلس الأمن بحق تحريك الدعوى بنفسه، وذلك بمباشرة التحقيق فيما يتعلق بالجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في حالة حصوله على معلومات من مصادر موثوقة ويراها ملائمة بما في ذلك تلقي الشهادات التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة30.

وقد اعترضت عدة دول أثناء مؤتمر روما وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية على منح المدعي العام صلاحية البدء في التحقيق من تلقاء نفسه، كما هو الأمر في النظم الوطنية خوفا من سوء استغلال هذه الصلاحية من طرف المنظمات غير الحكومية التي ترغب في إحراج بعض الدول أو إثقال كاهل المدعي العام بالشكاوي التافهة التي تدفعه إلى استهلاك المصادر المحدودة للمحكمة من أجل التحقق منها جميعا ،وكذا إلى إمكانية وجود ضغوط سياسية على المدعي العام لكي يتولى التحقيق في حالة معينة حتى ولو لم يكن هناك ما يبررها .

و قد استقر الأمر على منح المدعي العام حق مباشرة التحقيقات من تلقاء نفسه وفقا للمادة 15 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي نصت على أنه:

(1- للمدعي العام أن يباشر التحقيقات من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بالجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة.

2- يقوم المدعي العام بتحليل جدية المعلومات المتلقاة ويجوز له لهذا الغرض إلتماس معلومات إضافية من الدول أو أجهزة الأمم المتحدة أو المنظمات الحكومية الدولية أو غير الحكومية، أو أية مصادر أخرى موثوق بها يراها ملائمة ويجوز له تلقي الشهادة التحريرية أو الشفوية في مقر المحكمة.

3- إذا استنتج المدعي العام أن هناك أساسا معقولا للشروع في إجراء التحقيق يقدم إلى دائرة ما قبل المحاكمة طلبا للإذن بإجراء تحقيق مشفوعا بأي مواد مؤيدة يجمعها ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى الدائرة بأي مواد مؤيدة يجمعها، ويجوز للمجني عليهم إجراء مرافعات لدى دائرة ما قبل المحاكمة وفقا للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات ).

ما يمكن قوله أن صلاحية المدعي العام في بدء التحقيق ليست مطلقة بل هي مقيدة بقيدين هما:

أولا: وجود أسباب تدعوه إلى البدء في التحقيق وهذا ما أكدته قاعدة 48 من قواعد الإجراءات والإثبات خاصة بالمحكمة الجنائية الدولية31.

ثانيا: قيام المدعي العام بالحصول على إذن بالتحقيق من الدائرة التمهيدية و تكون الموافقة بأغلبية الأصوات التي لا تقل عن ( 2 من 3 أصوات)، ويكون القرار الصادر بهذا الشأن مشفوعا بالأسباب  التي دعته لإصداره وهذا ما بينته القاعدة 50 من قواعد الإجراءات والإثبات.

وفي حالة رفض الدائرة التمهيدية طلب المدعي العام بالشروع في التحقيق يجوز له تجديد الطلب بناءا على وقائع وأدلة جديدة، والحكمة من حصول المدعي العام على الموافقة من الدائرة التمهيدية حتى يشرع في التحقيق هو فرض رقابة على سلطة المدعي العام بشأن صحة ما توصل إليه من وجوب إجراء تحقيق في الحالة المعروضة عليه، وهذه الرقابة تبقى داخلية ولا تخضع للإعتبارات السياسية ولا تشكل أي عقبة أمام قيام المدعي العام بالتحقيق، وتنفرد بها المحكمة الجنائية الدولية مقارنة بالمحاكم الجنائية الدولية الأخرى.

يلاحظ أن نظام روما الأساسي لم يتعرض للمسألة التي ترتكب فيها الجريمة بواسطة عدة أشخاص حيث تكون المحكمة الجنائية الدولية مختصة بمساءلة بعض منهم وغير مختصة بمساءلة  البعض الأخر، وبالتالي يتسنى للمدعي العام إجراء تحقيق بالنسبة للأشخاص الذين يمكن للمحكمة الجنائية الدولية مساءلتهم، أما الأشخاص الذين لا يمكن للمحكمة مساءلتهم  لا يستطيع المدعي العام مباشرة التحقيق معهم  إلا عند الإحالة من مجلس الأمن لما يتمتع به من سلطات وفق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بتكييف الحالة على أنها تشكل إخلال بالسلم والأمن الدوليين وإحالتها إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ثالثا:الإحالة من مجلس الأمن

كان موضوع منح مجلس الأمن صلاحية الإحالة إلى محكمة الجنائية الدولية محل نقاش وخلاف كبيرين في مؤتمر روما من خلال الوفود المشاركة، فقد أيدت بعض الدول إعطاء مجلس الأمن للأمم المتحدة  صلاحية الإحالة إلى جانب المدعي العام والدول الأطراف وعلى رأسها الدول الدائمة العضوية في المجلس،و بالإستبعاد التلقائي لإختصاص المحكمة في كل حالة تكون محل دراسة من طرف مجلس الأمن32، بحكم أن هذه الصلاحية تتيح له إمكانية إحالة القضية إلى المحكمة في حالة إجماع أعضاء المجلس عليها وإن لم تكن الدول أطرفا في نظام روما.

بينما رفضت دول أخرى أن يلعب مجلس الأمن أي دور في ممارسة المحكمة لإختصاصها على أساس أن ربط المحكمة بمجلس الأمن يعني تسييس القضايا المعروضة عليها و إخراجها عن الإطار القانوني السليم، كما قد يتسبب ذلك في إبقاء الأوضاع عالقة لمدة غير محددة دون أن يتخذ مجلس الأمن إزاءها أي تصرف جدي33.

لكن الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر من بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن قد دعت أن يقتصر أمر الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية من قبل الدول الأطراف و مجلس الأمن، و يعد طلب الولايات المتحدة الأمريكية هذا إحدى محاولات إبقاء السيطرة على المحكمة الجنائية الدولية الدائمة وجعلها أداة سياسية في يد مجلس الأمن باعتبارها عضو دائم فيه.

واستقر الرأي على إعطاء مجلس الأمن صلاحية الإحالة إلى جانب الدول الأطراف و المدعي العـام حيـث نصت الفقرة (ب) من المـادة 13 على أنـه ( إذا أحـال مجلس الأمـن متصرفا بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة حالة إلى المدعي العام يبدو فيها أن جريمة أو أكثر من هذه الجرائم قد ارتكبت).

لقد أعطيت لمجلس الأمن سلطة إحالة أي حالة إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا رأى أن الجريمة المرتكبة تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وأن يكون من شأن هذا لإجراء حفظ السلم و الأمن الدوليين دون اشتراط أن تكون الجريمة قد ارتكبت في إقليم دولة طرف أو من شخص يحمل جنسية دولة طرف، وعليه فإن قرار إحالة قضية أو حالة على المحكمة الجنائية الدولية عن مجلس الأمن يكون بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يعطيه سلطة تكييف أي حالة على أنها تهديد للسلم و الأمن الدولي34،وهنا يكون لمجلس الأمن سلطة تكييف الإنتهاكات الجسمية للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان على أنها تشكل تهديد للسلم و الأمن الدوليين وهذا يعد ضمانا لتكريس المسؤولية الجنائية الفردية في إطار صلاحيات حفظ السلم والأمن الدوليين35.

ومن شروط قرار الإحالة أن يكون صادرا وفقا لإجراءات التصويت المحدد في فقرة 03 من المادة 27 من ميثاق الأمم المتحدة التي تعطي لمجلس الأمن إصدار قراره في مثل هذه الحالة بأغلبية تسعة من أعضاء مجلس الأمن كحد أدنى و يجب أن تشمل هذه الأغلبية أصوات الأعضاء الدائمين متفقة باعتبار أن الإحالة من المسائل الموضوعية استنادا إلى ميثاق الأمم المتحدة كما يتم تكييفها في حالة الشك على أنها من المسائل الموضوعية36، مما يبين  أن هذا عامل معرقل للإختصاص الإقليمي، ويضر بإستقلالية المحكمة كهيئة قضائية يفترض فيها عدم تقيد ممارسة إختصاصها وتحريك الدعوى فيها إلا على القانون وعدم ربط ذلك بجهة أو هيئة سياسية حتى لا يكون محل شبهة التسييس في العمل، كما أن اختصاص المجلس وفقا للفصل السابع يعطيه سلطة تقديرية واسعة مما يجعله لا يتقيد في بعض الأحيان بمبدأ الشرعية ويجعل سلطته مطلقة.

و بناء على ما تقدم فإن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية من الناحية القانونية على الجرائم الواقعة في سوريا يقتضي منها المصادقة على نظام روما الأساسي أو قبولها لإختصاص المحكمة الجنائية الدولية عبر اعلان يبلغ إلى مكتب المدعي العام وفق الفقرة 03 من المادة 12 من نظام روما الأساسي، ومن هنا يبقى الطريق الوحيد لمساءلة هؤلاء المجرمين من قبل المحكمة الجنائية الدولية الدائمة هو إحالة الوضع من قبل مجلس الأمن بإعتباره يمتلك السلطة التقديرية لتكييف الحالة على أنها اخلال بالسلم والأمن الدوليين.

وقد قامت فرنسا بإعداد مسودة قرار لعرضه على مجلس الأمن يقضي بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية، و لما طرح القرار للتصويت عليه أمام مجلس الأمن في 22 ماي 2014 استخدمت كل من روسيا والصين حق النقض من أجل رفضه بإعتبارهما عضوين دائمين في مجلس الأمن لهما حق الفيتو، وكانت رابع مرة تستخدم فيها حق النقض ضد مشروع قرار يتعلق بإحالة الوضع في سوريا على المحكمة الجنائية الدولية، وقد ادعت كل من روسيا والصين أن صدور مثل هذا القرار يشكل حيلة دعائية ويعرقل جهودنا المشتركة في محاولة حل الأزمة في سوريا وديا، ولكن حقيقة المعارضة هو دعم كل من روسيا والصين لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.

الخاتمة

إن الجرائم المرتكبة في حق الشعب السوري تشكل جرائم تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وتستلزم معاقبة مرتكبيهـا تحقيقـا للعدالــة ومنع الإفلات من العقاب و بإعتبــار أن سوريــا لم تصـادق علـى نظــام رومــا الأسـاسـي و لم تقـم بإيـــداع اعـلان قبـول اختصـــاص المحكمــة فإنـه لا ينطبق عليهــا اختصاصهــا رغم أن الجرائــم المرتكبة بحـق الشعـب السـوري تدخـل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، و يبقى السبيل الوحيد حتى تتمكن المحكمة من مساءلة مرتكبي الجرائم في سوريا هو قيام مجلس الأمن بإحالة القضية إليها استنادا إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لأنه يملك صلاحية تكييف أي حالة على أنها تشكل تهديـد للسلـم و الأمن الدولييـن، و بإعتبار مجلـس الأمــن يتكـون من الدول  الخمسـة الدائمـة العضويــة التـي تملك حق الفيتـو فقـد تـم نقض مشـروع قرار إحالــة الوضـع فــي سورـيـا علـى المحكمـة الجنائيــة الدوليــة مـن قبـل روسيــــا و الصيـــن عـدة مرات لأسبـــاب سيـاسيــــة تخــدم مصالحهم، و بالتالي يبقى حق الفيتو الذي تملكه الدول الدائمة في مجلس الأمن لعبة في يدها تحركه وقت ما تشاء حسبما يخدم مصالحها مما يعيق عمل مجلس الأمن خصوصا أمــام الحالات التي تنتهك فيها حقوق الإنسان في مختلف دول العالم لاسيما المناطق العربية،ونشير أنه حتى لو قام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من تلقي الشكاوي من الدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية التي تبدي تعاطفها مع الشعب السوري، و بدأ في التحقيق في الجرائم المرتكبة في سوريا فإنه يصطدم بحق الإرجاء النظر في القضية من قبل مجلس الامن الذي يملك صلاحية توقيف التحقيق لمدة 12 شهرا قابلة لتجديد دون تحديد عدد التجديدات مما يعيق استمرار المحكمة الجنائية الدولية في ممارسة اختصاصها في النظر في الدعوى المرفوعة أمامها، ولكن تبقى الجرائم المرتكبة في حق الشعب السوري قائمة ولا تسقط بالتقادم وبالتالي فإن المسؤولية الجنائية لمرتكبي هذه الجرائم تبقى مستمرة مهما طال الزمن.

الهوامش:

1.انظر:

Alain Pellet, (Pour la Cour Pénale Internationale, quand même! – Quelques remarques sur sa compétence et sa saisine) International Criminal Law Review,Kluwer Law Internationalk Printed in the Netherlands, Vol 01,2001 ,p 92 .

2.انظر:

Salvatore Zappala, La justuse Pénale internationale, Montchrestien, Paris,2007, p 138.

Luigi Condorelli, La cour pénale international ( Un pas de géant ,pourvu qu’il soit accompli),Revue Générale de Droit International Public, Vol 103,N0  1,1999,p 9.

  1. 4. بوبكر عبد القادر،المسؤولية الجنائية الدولية عن الجريمة الدولية (مسؤولية الدولة و الفرد)،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية و الإقتصادية والسياسية، كلية الحقوق، جامعة الجزائر،العدد 1، مارس 2012،

ص 474.

5.عمر سعد الله،القضاء الدولي الجنائي و القانون الدولي الإنساني في عصر التطرف،دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر،2015،ص 315.

6.انظر:

Robert Kolb, (Droit International pénal- Questions générales) ,Sous La direction  Robert Kolb, Droit International pénal, Ouvrage collectif, Editions Bruylant, Bruxelles,2008, p 98.

7.عمر سعد الله،المرجع السابق، ص 336.

8.انظر:

Grégory Berkovicz, La place de la cour pénale internationale dans la société des Etats , L’harmattan ,Paris,2005,p 149.

9.مازن ليلو راضي، القانون .الجنائي الدولي،مجموعة دراسات، دار قنديل للنشر و التوزيع، عمان، الطبعة الأولى،2013، ص 139.

10.انظر:

Chiara Blengio, La position juridique de l’individu dans le statut de la cour pénale Internationale, sous la direction de  Mario Chavario, La justice pénale Internationale entre passé et avenir , Ouvrage Collectif , Giuffré Editore, Milano,2003 , p155.

11.أنظر:

Chiara Blengio,ibid,p 156.

12.علي عبد القادر القهوجي، القانون الدولي الجنائي، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، الطبعة الأولى، 2001، ص 327.

13.انظر:

Michel Belanger, Droit international humanitaire général, 2éme édition, Gualino éditeur, Paris,2006,p 134.

  1. 14. المادة 27 من نظام المحكمة الجنائية الدولية.

15.انظر:

Ottavio Quirico, Réflexions sur le Système  du Droit International Pénal, Thèse pour le Doctorat en Droit,Présentée et soutenue publiquement le 13 décembre 2005, Université des Sciences Sociales, Faculté de Droit, Toulouse 1, France ,p 70.

16.انظر:

William bourdon et Emmanuelle Duverger, La coure pénale internationale, éditions seuil,paris,2000, p124

  1. 17. مازن ليلو راضي، المرجع السابق، ص 109.
  2. 18. لؤي محمد حسين النايف، العلاقة التكاملية بين المحكمة الجنائية الدولية والقضاء الوطني، مجلة جامعة دمشق للعلوم الإقتصادية والقانونية، المجلد27، العدد الثالث، 2011، ص 532.

19.أحمد محمد المهتدي بالله، النظرية العامة للقضاء الدولي الجنائي،دار النهضة العربية، القاهرة،الطبعة الأولى،2010،ص548.

  1. 20. الفقرة 2 من المادة 126 من نظام المحكمة الجنائية الدولية.
  2. عمر سعد الله، موسوعة القانون الدولي الإنساني المعاصر،المجلد الرابع، من حرف الميم إلى الياء، دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر،2014، ص 111.
  3. 22. لؤي محمد حسين النايف، المرجع السابق، ص 531.

23.انظر:

Ottavio Quirico, Op.Cit,p 66.

  1. علا عزت عبد المحسن، اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، دراسة تحليلية تأصيلية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية،2010، ص260.

25.انظر:

Della Morte Gabriel, (Les frontières de la compétence de la cour pénale Internationale: observations critiques), Revue internationale de droit pénal,Vol 73,N0 1,2002,p 32.

26.انظر:

Bacheraoui Doreid , l exercice des compétences de la cour pénale, internationale Revue International de Droit Pénal ,Vol 76,2006,Issue 3-4 ,pp349,350.

  1. 27. علي عبد القادر القهوجي، المرجع السابق، ص 337.

28.أحمد محمد المهدي بالله، المرجع السابق، ص 573.

  1. 29. انظر:

Salvatore Zappala,Op.Cit,p 137.

30.انظر:

Alain Pellet, Pour la Cour Pénale Internationale ,Op.Cit,p 106.

  1. رضوان العمار، أمل يازجي، آلية تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية والتحقيق فيها، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية المجلد، 30، العدد 05، 2008، سوريا، ص 85.

32.انظر:

Grégory Berkovicz, Op.Cit, p246.

33.انظر:

Della Morte Gabriel, Op.Cit, p30.

34.انظر:

Loannis Prezas ,(La justice pénale international à L’épreuve du maintien de la paix :à propose de la relation enter la cour pénale international et la conseil de sécurité),Revue Belge de Droit International,N0 01,2006,p 63.

35.انظر:

Bechraoui Doried, Op.Cit,p 353

36.انظر:

Sur  Serge, Vers une cour pénale internationale la convention de rome entre les ONG et le conseil de sécurité Revue Général de Droit International,Tome 103,N0 1,1999 ,p 44..

المصادر و المراجع:

أولا: العربية:

1- الكتب:

  • أحمد محمد المهتدي بالله، النظرية العامة للقضاء الدولي الجنائي،دار النهضة العربية، القاهرة،الطبعة الأولى،2010.
  • علي عبد القادر القهوجي، القانون الدولي الجنائي،منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، الطبعة الأولى، 2001.
  • علا عزت عبد المحسن، اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، دراسة تحليلية تأصيلية، دار النهضة العربية، القاهرة، الطبعة الثانية،2010.
  • عمر سعد الله، موسوعة القانون الدولي الإنساني المعاصر،المجلد الرابع، من حرف الميم إلى الياء، دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر،2014.
  • عمر سعد الله،القضاء الدولي الجنائي و القانون الدولي الإنساني في عصر التطرف،دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع، الجزائر،2015.
  • مازن ليلو راضي، القانون الجنائي الدولي،مجموعة دراسات، دار قنديل للنشر و التوزيع، عمان، الطبعة الأولى،2013
  • المقالات:
  • بوبكر عبد القادر،المسؤولية الجنائية الدولية عن الجريمة الدولية (مسؤولية الدولة و الفرد)،المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والإقتصادية والسياسية، كلية الحقوق، جامعة الجزائر،العدد 1، مارس 2012.
  • رضوان العمار، أمل يازجي، آلية تحريك الدعوى أمام المحكمة الجنائية الدولية والتحقيق فيها، مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية، سلسلة العلوم الاقتصادية والقانونية المجلد، 30، العدد 05، 2008.
  • لؤي محمد حسين النايف، العلاقة التكاملية بين المحكمة الجنائية الدولية والقضاء الوطني، مجلة جامعة دمشق للعلوم الإقتصادية والقانونية، المجلد27، العدد الثالث، 2011.
  • الوثائق:
  • النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998.

ثانيا: لغة الأجنبية

1-Ouvrages :

  • Grégory Berkovicz, La place de la cour pénale internationale dans la société des Etats , L’harmattan,Paris,2005.
  • Michel Belanger, Droit international humanitaire général, 2éme édition, Gualino éditeur, Paris,2006.
  • Salvatore Zappala, La justuse Pénale internationale, Montchrestien, Paris,2007.
  • William bourdon et Emmanuelle Duverger, La coure pénale internationale, éditions seuil,paris,2000.

2- Théses :

  • Ottavio Quirico, Réflexions sur le Système du Droit International Pénal, Thèse pour le Doctorat en Droit,Présentée et soutenue publiquement le 13 décembre 2005, Université des Sciences Sociales, Faculté de Droit, Toulouse 1, France

3-Articles :

  • Alain Pellet, (Pour la Cour Pénale Internationale, quand même! – Quelques remarques sur sa compétence et sa saisine) International Criminal Law Review,Kluwer Law Internationalk Printed in the Netherlands, Vol 01,2001.
  • Bacheraoui Doreid , l exercice des compétences de la cour pénale, internationale Revue International de Droit Pénal ,Vol 76,2006,Issue 3-4
  • Chiara Blengio, La position juridique de l’individu dans le statut de la cour pénale Internationale, sous la direction de Mario Chavario, La justice pénale Internationale entre passé et avenir , Ouvrage Collectif , Giuffré Editore, Milano,2003.
  • Della Morte Gabriel, (Les frontières de la compétence de la cour pénale Internationale: observations critiques), Revue internationale de droit pénal,Vol 73,N0 1,2002
  • Luigi Condorelli, La cour pénale international ( Un pas de géant ,pourvu qu’il soit accompli),Revue Générale de Droit International Public, Vol 103,N0 1,1999.
  • Loannis Prezas ,(La justice pénale international à L’épreuve du maintien de la paix :à propose de la relation enter la cour pénale international et la conseil de sécurité),Revue Belge de Droit International,N0 01,2006.
  • Robert Kolb, (Droit International pénal- Questions générales) ,Sous La direction Robert Kolb, Droit International pénal, Ouvrage collectif , Editions Bruylant, Bruxelles,2008.
  • Sur Serge, Vers une cour pénale internationale la convention de rome entre les ONG et le conseil de sécurité Revue Général de Droit International,Tome 103,N0 1,1999.
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى