عرض مفاهيمي لكتاب ” الإسلام والعالم” تأليف محمد خاتمي
إعداد: د. كامل فتحي كامل
- المركز الديمقراطي العربي
يعد محمد خاتمي من الأسماء البارزة التي لمعت بشكل كبير خلال عقد التسعينيات خصوصاً بعد توليه السلطة السياسية في إيران لفترتين متتاليتين، ويرجع الاهتمام الكبير بتولي خاتمي ذلك المنصب باعتباره ينتمي إلى التيار الإصلاحي في إيران إلى جانب أنه رجل أكاديمي ومفكر سياسي لم يتوقف عن الإنتاج الفكري والتأليف حتى أثناء فترة توليه السلطة.
والكتاب الذي نقوم بعرضه صدر له عام 1999 ويتناول الكاتب في هذا الكتاب رؤية فلسفية للعالم والعلاقة بين الحضارتين الإسلامية والغربية محاولاً تحليل أسباب تخلف الحضارة الإسلامية وكيفية نهوضها.
ويتميز محمد خاتمي بشكل عام بالحس الإسلامي ومحاولة ربط تيارات الأمة ونبذ التعصب ومن أهم مظاهر ذلك أنه كان صاحب عرض مشروع الحوار بين الحضارات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان له دور كبير في تحسين صورة إيران أمام العالم وتقارب سياسته مع باقي الدول الإسلامية خصوصاً العربية منها.
وسنقوم بعرض الكتاب عرضاً مفاهيمياً من خلال :
- تحديد المفاهيم المفتاحية.
- تحديد المفاهيم المساندة.
- منظومة المفاهيم.
في الفصل الاول تناول الكاتب مفهوم التدين كمفهوم مفتاحي أما المفاهيم المساندة فكانت(المسلمين، حضارة الغرب والثقافة والدين والحضارة)
حيث يري خاتمي أننا في عالم اليوم نحن المسلمين من كان لهم حضارة ودور في التاريخ الإسلامي (الدور – الموقع) بينماالغرب هو من يسود العالم والإنسان، ويترك أثره القوي علي حياتنا وسائر سبلنا الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية أي عالم الغرب الفكري والأخلاقي والفني
ويعتقد خاتمي أن المشكلة والأزمة تتلخص في أن ثقافة الغرب منسجمة مع حضارته أما نحن فنعاني اهتزازاً في الشخصية حيث أننا نتأثر بالغرب دون أن نأخذ بالحضارة الغربية، وبعض من ثقافتنا ينتمي لحضارة انتهى عصرها، إلا أن الغرب كما قدم للإنسانية إنجازات فقد قدم أيضاً ويلات.
ويعرف الحضارة على أنها الآثار المادية للحياة الاجتماعية وجميع المراكز والمؤسسات التي تنبض بالحياة (الاقتصادية والسياسية والصناعية) والتي تشكل أطر الحياة الاجتماعية والعلمية .
أما الثقافة:هي المعتقدات والعادات والتقاليد والتراث الفكري والعاطفي الذي تمتد جذوره في المجتمع، وتعتبر الحضارة هي قاعدة الثقافة.
ويتطرق إلى مفهوم الدين ويرى أنهتوأم الإنسان وأقدم الموجودات البشرية وهو علامة علي الغيب الذي لا نهاية له، ولأن الإنسان يريد اكتشاف المزيد من أسرار الوجود والوجود معقد ومتداخل، حيث أن اكتشاف سر يؤدي إلي ظهور مئات الأسرار لذا فهو فريسة للدهشة والحيرة الدائمة وبوجود الحيرة يتضح موقع الدين فالدين صلة تصل الإنسان بمركز الوجود وخالق العالم العليم بكل الأسرار والرموز وبالتالي فالإنسان الذي لا يؤمن في أعماقه بوجود أمر متعالي ليس بموجود.
ومن هنافلابد من إله يرتبط به الإنسان ارتباطاً مباشر في عالم يستبد به الغموض ويبعث للقلق والاضطراب، لابد من إله يتوجه إليه بالخطاب والنجوى يعشقه ويخافه ليس خشية الذليل العاجز أمام القوي المباشر وإنما خشية الناقص الساعي وراء الكمال وتعتبر الخشية أساس التقوى.
ويؤكد خاتمي على نسبية معرفة الإنسان حتي عن الدين واستحالة أن يدعي الإنسان الإحاطة بالحقيقة الكاملة ويرى أن جوهر الدين أمر مقدس متعال ولو جرد الدين من القداسة لخرج عن كونه دين
كما يرى أن التدينتجربة وليس فكراً عناصرها هي ( بناء الذات- التحكم في هوى النفس- التسليم لمركز الوجود ذي العزة والجلال- فناء القلب في حب المحبوب).
ويؤكد خاتمي على أن السبيل المطمئن لمعرفة الله عز وجل هو طريقة الوصول لا الفهم “وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ”
وهذا لا يعني التنكر لقوة العقل والمعرفة فالإسلام أهتم بالعقل والتفكر ولكن لا بد من معرفة حدود كل بعد من أبعاد روح الإنسان ومن أراد أن يكون مؤمنا صادقاً فلابد له من سلوك طريق القلب، بينما طريق القلب للمعرفة فردي وليس جماعي ولابد من كل شخص سلوكه بنفسه حتي يصل والإنسان كائن اجتماعي فباللغة ينقل فهمه ووعيه وانطباعه وأحاسيسه ويطلع غيره علي ما يدور في خلده.
ويعتقد أن الإنسان يجب أن يتناول بالفهم كتابين معاً: كتاب الطبيعة (كتاب الخلق والتكوين). كتاب الوحي والشريعة (كتاب التشريع والدين)
ويعتقد خاتمي أن مشكلات التدين تنصب أساساً في أن بعض المتدينين ينقلون فهمهم عن القداسة والإطلاق والسمو التي هي صفات جوهر الدين وحقيقتة، وهو فهم محدود بالزمان والمكان يحاولون فرض هذه التصورات الناقضة علي الواقع.
فالضرر الذي يلحق بجوهر الدين هو عندما يتصور الإنسان – أياً كان – أن ما يتصوره عن الدين هو الدين بعينه لأن هذا يعني خنق كل رؤية أو فكرة أو نظرة أخري وهذا هو سبب حملات التكفير، والرمي بالفسق والحروب التي شعلت مسرح التاريخ.
ويرى أن خدمة الدين (التدين) تتمثل في التمييز بشجاعة بين جوهر الدين كشأن مقدس ومتسام وبين تصورات الإنسان عنه والتي هي أمر محدود نسبي وقابله للتغيير وبالتالي يظل للدين منزلته المقدسة في أعماق أفئدة المؤمنين وتفتح من جهة أخرى آفاق التحول الإيجابي في الفكر الديني، فالتصور الديني الموثوق به مثله مثل أي تصور علمي ومنطقي رهينة بتمسكه بمصادر الفكر الديني وبالقرآن الكريم ومنوط بالإحاطة بالأساليب المدروسة لاكتساب المعرفة والاستفادة منها .
كما أن تصور الدين الحي والفاعل منوط بالحضور وبخوض معترك الحياة في هذا العصر وذلك منوط بمعرفة دقيقة لأهم حوادث العصر واكتشاف أمثل الطرق للتعامل معه.
ويؤكد خاتمي أن التدينلا يقتصر علي دين بعينه، والمتدينين هم كل من يراودهم هاجس الحياة الإنسانية وينشدون العزة والكرامة، فالمتدين يتحدث عن الإسلام باعتباره مسلم،فنحن المسلمين نسعى إلي حياة كريمة ولا نريد التخلي عن هويتنا التاريخية والتي تعني لنا الإسلام، والمتدين العارف ينعم بالسكينة والبسطة حيث لديه لذة ارتقاء الروح وهي دائمة أما الثري فلدية لذة إشباع العرف والفرح وهي مؤقتة وبالتالي فجذور التدين تضرب عمقاً في روح الإنسان.
أما في الفصل الثاني فقد كان المفهوم المفتاحي هو الحداثة والمفاهيم المساندة (التراث والتقليد)،فالحداثةهي منظومة من الظواهر الجديدة، ويعرفها على أنها لفظ يراد به التحولات التي جرت في الغرب في العصر الأخير من تاريخ الإنسان وبالتالي فهي تعبر عن روح الحضارة الجديدة والثقافة المنسجمة معها.
ففي حين أن التراث يعبر عن أمر يتعامل مع الماضي أو القديم فإن التقليدشأن إنساني له علاقة بفهم الإنسان الفكري والعاطفي أي أنه عبارة عن الضابط والسلوك المتعارف عليه في المجتمع والمتصل بالماضي، ولا يمكن أن نصف كل ثقافة بأنها تقليد فالتقليد هو عبارة عن الثقافة الموجودة في مجتمع امتلك ذات يوم حضارة بادت تلك الحضارة وبقيت ثقافتها أو أثارها البارزة علي الأقل.
ويؤكد خاتمي أن تعارض الحضارة الحديثة وثقافتها مع ثقافتنا يعد من أهم أسباب الأزمة التي نعيشها في عقولنا وحياتنا حيثبرزت ثلاث تيارات للتعامل مع الحضارة القديمة وثقافتها.
أولها التيار المتشبث بالتراث: وهم الذين أصروا علي تقليد السابقون والنظر من خلال تصورهم الذهني وسلوكهم الذي اعتادوه، واعتبروه بالنسبة لهم أمراً مقدساً في مقابل التحديث والحداثة واعتقدوا أنه بإمكانهم إغلاق الباب أمام أمواج الحضارة الغربية وثقافتها المتدفقة، أما الثاني فهو التيار المتغرب ويعبر عنه من خيل لهم أن الحل من خلال قبول الحضارة الغربية بجميع أبعادها ومستلزماتها ومتطلباتها فالحداثة في نظرهم أبرز مراحل تكامل حياة البشرية وبالتالي فلابد من تمهيد الطريق لقدومها واعتقدوا أن التراث عقبة أمام الحداثة، أما الثالث فهو التيار الإصلاحي: وهم بعض المفكرين والخبراء الذين يعيشون هاجس التفكير بمصير شعوبهم ولديهم مبدأين إحداهما يمثل العودة إلي التراث وإحياء الهوية الثقافية للأمة بينما يمثل الآخر التعامل الإيجابي مع معطيات التمدن البشري وفي الوقت نفسه توخي الحذر
ويتطرق إلى مفهوم التنمية حيث يرى أن الواقعية المتأصلة لن تتحقق بمعزل عن الفكر وذلك لسبين الأول أن التنمية ليس موضوعاً آلياً يأتي ويستقر من غير تدخل الإنسان والثاني أن المجتمع الذي يفتقر إلي الفكر المبدع يفقد هويته في أول مواجهة مع أي مشكلة.
ويحدد خطوات للتنمية، التي أولها أن نعي الغرب ونتعرف عليه بصورة سليمةوثانيها لابد من النظر إلي التراث علي أنه أحد الأسس الأصلية لهويتنا التاريخية فلا يجب أن نفرغالمجتمع من هويته بذريعة الحداثة فالتراث تجل لثقافة المجتمع ولا مجتمع دون ثقافة.
فالتراث يعتبر كالحضارة شأن بشري يستحق التغيير فيجب أن يكون لنا مساهمة واعية وحذره في عملية التغيير، والتحول في إعادة صياغة التراث باعتباره موضوعاً بشرياً.
في الفصل الثالث تناول الدولة الإسلامية كمفهوم مفتاحي ومفاهيم الديمقراطية والحرية السياسية والفضيلة كمفاهيم مساندة
يؤكد خاتمي أن الحكم أمر فوض للناس،حيث رسم الدين القواعد الكلية والضوابط العامة للنظام السياسي، لكن تحديد ما يناسب هذه الأمور موكول إلي الناس،فلا يوجد شكل واحد متفق عليه بين الفقهاء للحكم الإسلامي لأن الرؤية الموحدة للإسلام والفهم الموحد غير موجودين، فإرادة الناس ورغبتهم شرط أساسي لقيام الدولة واستمراريتها.
أما الحرية السياسية فهي أمر يقتضي حرية الفكر وحرية الاجتماع والتعبير وحرية محاسبة الحكومة، فالحرية السياسية تعني أن الناس هم أساس شرعية الحكومة وبيدهم مصيرهاوبالتالي فالدولة تنبع من الشعب والحكم يعود إلي الناس وإرادتهم.
ثم يتطرق إلى الديمقراطية مؤكداً أنلها جذور موغلة في التاريخ الإنساني والديمقراطية هي النظام السياسي الذي يكون فيه كل فرد حر في فعل أي شيء ومساوياً للآخرين فالحرية والمساواة هما ركنا الحكومة.
أما الفضيلة فهي تتحدد بأربعة مقاييس هي الحكومة والعفة والشجاعة والعدالة، فبهذه الفضائل ينال الإنسان السعادة، والحياة السعيدة هي التي تتفق ومدركات العقل الإنساني فالسعادة تتحقق عندما تخدم القوي الإنسانية العقل.
وبالنسبة للحرية فالفرد فيها هو المحور، ولكي يحقق السعادة فلابد أن يعيش الإنسان دونما سد أو حائل يحول بينه وبين إبراز وجوده وتحقيق هويته في هذا العالم ولا يمكن وضع حد لحرية الإنسان فحريته تنتهي عند حدود حريات الآخرين.
ويتناولتطور الحرية في الفكر الغربي حيث يري ميكافيللي أن الأمير ممثلاً للشعب ويفعل ما يشاء وسلطته مطلقة لأنه استمدها من الشعب، أما هوبز فيرى أن شرعيته السلطة ناشئة عن العقد الاجتماعي حيث بالعقد تخلي أفراد الشعب عن إرادتهم للحاكم، أماالحكومة فهي كائن أسطوري له سلطة مطلقة تفعل ما تشاء لتثبيت الأمن.
وطبقاً للثورة الفرنسية فإن الحرية تنحصر في حرية التملك والتعامل والتفلت من إسار الدين وهكذا كانت بداية العلمانية.
أما في العصر الحديث أصبحت الديمقراطية هي المعبر عن الحرية السياسية وهي تعني أن الحكومة من الشعب وفي خدمته ومسئولة أمام الناس وتجاههم وهذا يستلزم حرية التعبير والاجتماع وغيرها.
ويتطرق خاتمي إلى النظرة إلي الحكومة الإسلامية حيث هناك رأي يعتبر أن كل الضوابط قد حددها الدين وعينت من فوق وفرضت علي الإنسان، فإن أطاع فبها وإلا فإن لأولي الأمر في الدين الحق في حمل الناس علي إتباع تلك الضوابط بالطريقة التي يرونها والحكومة الدينية تدخل في هذا الإطار، أما الرأي الثاني فيعتبر أن مصدر الدين إلهي وأنه نزل من فوق وحدد الإطار للحياة لكنه ترك التفاصيل للاجتهاد فالدين هو الجوهر الأساسي وطريقة بلوغ الدين تكمن في فهم الدين وهذا مرتبط بالزمان والمكان.
ويعتقد خاتمي أن الدين حدد الضوابط الأساسية والإطار العام وأما الحكومة فهي أمر مرجعه إلي الناس وفي القرآن الخطاب موجه إلي الناس “لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ” فالناس من سيقوم بالقسط “مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ”.
وقد استقرت حكومة الرسول في الدولة الإسلامية بمبايعه الأوس والخزرج، وبعد وفاته كان هناك أهل الحل والعقد .
ففي الدولة الإسلامية الأكثرية إذا رأت نوعاً معيناً من الإسلام يجب أن يعمل به، مع منح الحرية لبقيه الآراء، كما أن الحكومة مسئولة أمام الناس.
وفي رأي خاتمي أن هذه هي الديمقراطية التي تنسجم مع الدين، بينماالبديل هو الديكتاتورية والقهر، فالديمقراطية أمر بشري (إنتاج بشري) ومن الطبيعي أن يكون كل أمر بشري هدفاً للنقد.
ويقدم خامتي نقداً للديمقراطية الغربية حيث يرى أنها تتميز بضعف الأخلاقيات والمعنويات كما أن الغرب يستخدم وسائل الإعلام وغيرها لفرض الآراء بأساليب مختلفة. مثل توجيه الإعلام لإثارة الغرائز والمشاعر، إلا أنه يرى أن الديمقراطية مع مساوئها هي أخف ضرراً من البدائل الأخرى.
ويدعو خاتمي إلى الديمقراطية المنسجمة مع الدين، وهي التي يسودها الأخلاق والمعنويات، وترفض إباحة الفوضى الموجودة في الغرب ولا تقبل بالتحرر الجنسي.
ويرى خاتمي أن الدولة الإسلامية لها ركنان الأول هو تولي المتدينون السلطة، والثاني هو قبول الشعب بذلكفإطار الحكومة الإسلامية إسلامي، ويعتقد خاتمي خلود الدين في قدرته علي مواكبه العصر لا أن يأتي أفراد ويعلنوا أن فهمهم للدين نهائي ففهم للدين متباين ومختلف، حيث أناختلاف الزمان كفيل باندثار الآراء.
ويحدد خاتمي منظومة المفاهيم الإسلامية مقابل الغربية ففي الدولة الإسلامية نجد مفهوم التقوى الذي هو أساس من الأسس التربوية والتعليمة للتدين عامة وللإسلام خاصةفالتقوى سلوك إنساني تجاه الله سبحانه وتعالي وتجاه الإنسان، أما الفلاح فيمثل التحرر من القيود الداخلية ومن هوي النفس ومن الشهوات وعبادة الدنيا.
وفي المقابل نجد مفهوم الليبرالية في المنظمة الغربية ويعني التحرر من القيود الخارجية بمعني أنه لا يجب أن يحكم الإنسان سوي نفس الإنسان، وطالما أن الإنسان كان ذا ميول وغرائز فإن هذه الليبرالية لا تضع حد لتلك الميول والغرائز بينما الحرية حدودها حدود الآخرين.
ويرى خاتمي أن كلا الرؤيتين لديهما قصور فالليبرالية غفلت عن حرية الإنسان الداخلية ولا يهمها أن يكون الإنسان عبداً لميوله ورغباته، بينما يرى أن رؤيتنا عن الفلاح ينقصها الالتفات إلي الحرية السياسية والاجتماعية، ويرى خاتمي أنه يجب أن يكون هناك اجتهاد جديد لنظرة جديدة مفادها الرجوع إلي القرآن والالتفات إلي احتياجات العصر.
ويتطرق خاتمي إلى مفهوم العقل ويرى أنه المشترك بين الناس، فهو الذي يصل فيما بينهم ويمكنهم من الاشتراك في المعارف، وهو آله لا يتيسر الحياة بدونها فبالعقل نصل إلي الوجود العيني.
ويرى أن مستقبل البشرية المتدينة متعلق بقدرتها علي إيجاد حلقة الوصل بين التدين والحال المعنوية مع الاعتراف الرسمي بحق الإنسان في تقرير مصيره بنفسه.
ويؤكد خاتمي أن العصر الحديث الذي نعيشههو العصر الذي تفرض فيه الحضارة الغربية سيطرتها وهي الحضارة التي تنكرت للدين أو أبعدته إلي أشد الزوايا عتمة في ذهن الإنسان واعتمدت العقل الصناعي واعتبرته السبيل الوحيد للإنسان ليتمكن بواسطة من اكتشاف العالم وهو ما تسبب في أزمة للحضارة المعاصرة التي تتلخص في أنها أزمة معنويات أي أن سبب الأزمة هو الفراغ المعنوي، واستشعار أن هناك نواقص في حياة البشر، يمكن للعلم المحض والتجربة والعقل أن يملأها، وهناك اتجاهيين للتعامل مع هذه الأزمة يرى الأول افتقار الواقع إلي الجذور والتعرض لنوع من الانحراف فيتم (اتجاهالفلاسفة إلي الدين كعامل لملء الفراغ المعنوي – قراءة الطالع والاعتقاد بالمسائل الغيبية) أما الإتجاه الثاني فهو الفهم الكامل للدين والمسائل المعنوية.
تناول الفصل الرابع حوار الحضارات كمفهوم مفتاحي ومفاهيم ( الاستعمار والحروب الصليبية) كمفاهيم مساندة، حيث يرى أندعوة حوار الحضاراتهي بديل للدعوة الخاطئة عن صدام الحضارات والحوار يعتبر مسيرة التلاقي بين أتباع المذاهب المختلفة داخل البيت الإسلامي إلي جانب الحوار مع الأديان الأخرى وكذلك مع الثقافات والحضارات الدينية وغير الدينية.
وهناك معوقان للحوار إحداهما تاريجي ويتمثل في إرث الحروب الصليبية والثاني عصري ويتمثل في الاستعمار الغربي للبلدان الإسلامية، ويجادل أنه علي مفكري العالم الإسلامي والعربي أن يعملوا من أجل عرض التعارف والمعرفة المتبادلة في مختلف الميادين للوصول إلي الهدف المشترك الذي يحتاجه العالم ويتمثل ذلك في ملء الفراغ المعنوي وأداة ذلك الحوار هو المنطق.
ويحدد متطلبات نجاح دعوته للحوار بين الحضارات في التالي:
- الرغبة في العمل المشترك وفتح جسور الحوار
- التلاقي حول سد الفراغ المعنوي وما يحتاجه العالم
- اعتماد النقد والمنطق
- نبذ التعصب والتزمت
- احترام حقوق الإنسان
- محاولة التوصل لسلام دائم
- إزالة الحواجز
الفصل الخامس: تناول التنمية كمفهوم مفتاحي والحرية وحرية الفكر كمفاهيم مساندة، فيرى أن التنمية هي ضرب من التحول والتغير في المجتمع، فلن يكون هناك أي تحول إنساني فاعل دون مشاركة إرادية واعية من البشر كما أن مساهمة الإنسان في التغيير والتقدم رهن وجود فكر ثابت ومستقر في المجتمع ولن يتحقق وجود فكر مستقر وثابت إلا في إطار الحرية.
والحرية المطلوبة هي حرية الفكر،ثم توافر عناصر الأمن في إبداءه، وتهيئة المقدمات اللازمة لتأمين تلك الحرية وضمان هذا الأمن ويرى خاتمي ضرورة التالي:
- كسر نطاق احتكار الغرب في أن يكون النموذج الأوحد للتنمية.
- التخلص من هيمنة حاكميه التغلب في الحضارة الإسلامية.
- عودة الفلسفة لتأثيرها علي الحضارة وموقع العلماء والمفكرين.