الدراسات البحثيةالمتخصصة

استثمار الطاقات المتجددة في الجزائر بين الأبعاد الجيوسياسية وإعادة بناء الدولة الريعية

Investment in renewable energies in Algeria between geopolitical dimensions and the rebuilding of the rentier state

 

العدد الأول لسنة “2017 ” من مجلة العلوم السياسية والقانون

احدى اصدارات المركز الديمقراطي العربي

اعداد : لقرع بن علي – أستاذ باحث بقسم العلوم السياسية ٬ جامعة مستغانم (الجزائر)

 

ملخص:

يعتبر موضوع الطاقات المتجددة من أهم المواضيع المتداولة حاليا في مختلف دول العالم سواء كانت متخلفة أو متقدمة، كما يحظى هذا الموضوع بالاهتمام البالغ من طرف خبراء الاقتصاد والعلوم السياسية على حد سواء باعتباره يمس أحد القطاعات الإستراتيجية لأي دولة كانت، وهو قطاع الطاقة الذي يعد عصب الاقتصاد وفي نفس الوقت له علاقة بالأمن الطاقوي الذي يعد بدوره جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي للدولة.

في هذا السياق، تعتبر الجزائر من أهم الدول المعنية بموضوع الطاقات المتجددة بحكم الإمكانيات الضخمة التي تتمتع بها في هذا المجال ولاسيما الطاقة الشمسية، وكذلك بحكم محورية قطاع الطاقة بشكل عام في البنية الاقتصادية والسياسية للدولة الجزائرية. فكما هو معروف ينتمي الاقتصاد الجزائري إلى نمط الاقتصادي الريعي المتمركز حول قطاع المحروقات. ونتيجة لذلك، فميزانية العامة للدولة في الجزائر مازالت تعتمد بشكل أساسي على مداخيل النفط التي يوظفها النظام السياسي في إدارة شؤون الدولة وفي علاقته بالمجتمع.

وكما هو معلوم، فإن النفط هو ثروة زائلة من جهة، ومن جهة أخرى تخضع أسعاره للتذبذب في الأسواق العالمية مما ينجم عنه في الكثير من الحالات صدمات اقتصادية تترك انعكاسات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحتى الأمنية داخل البلد. ولهذا، ففي ظل الظروف الراهنة التي تشير إلى انخفاض أسعار النفط منذ سنة 2014، فإن الحكومة الجزائرية تحاول إيجاد بدائل أخرى لقطاع المحروقات. وبالنظر إلى الإمكانات الطاقوية التي تتمتع بها الجزائر، فإنه من المنتظر أن تركز الحكومة جهودها على تنمية الطاقات المتجددة من أجل تحصيل العملة الصعبة اللازمة لتحريك التنمية الاقتصادية والمحافظة على الأمن الطاقوي، وفي نفس الوقت تحافظ على بقاء واستمرارية الدولة الريعية، وهنا تبرز أهمية الطاقات المتجددة بالنسبة للنظام الحاكم في الجزائر.

Abstract:

The subject of renewable energies is one of the hottest topics currently in circulation in various countries around the world, whether backward or advanced, as this issue has the attention of the party economists and political science both as a touches one of the strategic sectors of any country that was, which is the energy sector which is the backbone of the economy At the same time it has to do with the energy security, which in turn is an integral part of the national security of the state.

* أستاذ باحث بقسم العلوم السياسية ٬ جامعة مستغانم (الجزائر)

In this context, Algeria is one of the most important countries on the subject of renewable energies by virtue of the huge potential of in this area, particularly solar energy, as well as by virtue of generally axial energy sector in the economic and political structure of the Algerian state. As it is well known Algerian economy belongs to the rentier economic stationed around the hydrocarbon sector pattern.

As a result, the general budget of the state in Algeria is still heavily dependent on oil revenues, which employs the political system in the management of state affairs and in its relationship to society.

As is well known, the oil is ephemeral wealth on the one hand, and on the other hand, prices for the fluctuation in the international markets are subject to the results that in many cases economic shocks have negative repercussions on the economic, social and political situation and even the security within the country. That is why, under the current circumstances that point to the decline in oil prices since 2014, the Algerian government is trying to find other alternatives to the hydrocarbon sector. Given the Energetic potential of Algeria, it is expected that its government focus on renewable energy development in order to collect hard currency needed to move the economic development and the preservation of the energy security, and at the same time maintain the survival and continuity of the rentier state, and hence the importance of renewable energies for the ruling regime in Algeria.

مقدمة:

يشهد العالم حاليا تحوّلا استراتيجيا في مجال الطاقة من المصادر التقليدية إلى الطاقات المتجددة، فالكثير من الدول المتقدمة والنامية قطعت أشواطا في تحضير البدائل الممكنة لفترة ما بعد النفط على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وألمانيا، والصين والبرازيل. ولهذا، تبدو الجزائر اليوم مطالبة بالاستفادة من تجارب تلك الدول، لاسيما وأنها تمتلك إمكانيات ضخمة في مجال الطاقات المتجددة أبرزها: الطاقة الشمسية، طاقة الرياح، الطاقة المائية، طاقة الكتلة الحيوية.

إن موضوع الطاقات المتجددة أصبح يلقى اهتماما متزايدا لدى الحكومات وخبراء الاقتصاد بالنظر إلى أهميتها في المحافظة على البيئة والمناخ من جهة، ومن جهة أخرى دورها في بناء الاقتصاد الأخضر وتحقيق التنمية المستدامة التي تأخذ بعين الاعتبار مصير الأجيال القادمة. لكن موضوع الطاقات المتجددة لا يقتصر على أبعاده الاقتصادية فقط، وإنما يحمل في خلفياته ومضامينه أبعادا سياسية داخلية تتعلق ببنية الدولة، وأبعاد أمنية ترتبط بالأمن الطاقوي، إضافة إلى أبعاد أخرى جيوسياسية تتعلق بمكانة الطاقة في بناء العلاقات الخارجية للدولة وفي نفس الوقت دور الطاقة في تحديد الوزن الجيواستراتيجي للدولة في محيطها الإقليمي والدولي.

تنطلق هذه الدراسة من إشكالية رئيسية مفادها البحث في مدى فعالية الطاقات المتجددة كمدخل لتحقيق أمن الطاقة وتعزيز المكانة الدولية للجزائر كبلد مصدر للطاقة. وفي نفس الوقت البحث عن مدى رغبة السلطة الحاكمة في توظيف الطاقات المتجددة كبديل للثروة النفطية في إعادة بناء الدولة الريعية والمحافظة على بقائها.

بناء على ذلك، تكمن أهمية هذا الموضوع في كونه يعالج إحدى القضايا الراهنة المطروحة للنقاش السياسي والإعلامي والأكاديمي في مختلف التخصصات العلمية. وهو يمس العديد من المجالات الجيوسياسية والاقتصادية والأمنية والبيئية، فهذا الموضوع يسلط الضوء على توجهات الحكومة الجزائرية في الانتقال من المصادر التقليدية للطاقة إلى المصادر المتجددة لها. وكذلك يبين أهمية الطاقات المتجددة كمصدر ريعي جديد في ظل انخفاض أسعار النفط من جهة، ومن جهة أخرى في ظل تناقص الإنتاج الجزائري من النفط في السنوات الأخيرة.

الطاقات المتجددة مدخل لضمان الأمن الطاقوي:

ظهر مفهوم أمن الطاقة خلال الحرب العالمية الأولى، ويعد ونستون تشرشلCherchell)  (Winston أول من طرح تعريفا لهذا المفهوم، حيث أشار إلى أن “أمن الطاقة يكمن في التنوع والتنوع فقط.” غير أن مفهوم الأمن الطاقوي شهد تطورا في مساره، ففي البداية ظهرت المقاربة التقليدية المبنية على توافر الإنتاج الكافي من مصادر الطاقة بأسعار في متناول الجميع وبشكل يمنع حدوث أزمة الطاقة في بلد معين. وقد أثبتت أزمات الطاقة التي حدثت في القرن العشرين أنها كانت مرتبطة أساسا بنقص الإمدادات، الأمر الذي رسخ فكرة أن توافر العرض هو الذي يحقق الأمن الطاقوي[1].

إن التحولات التي شهدها مفهومي الأمن والطاقة منذ نهاية الحرب الباردة، انعكست على مفهوم الأمن الطاقوي الذي لم يعد مرتبطا بوقف الإمدادات فقط، وإنما أصبح يشمل مسألة التأميم (وطنية الطاقة) التي انتشرت في الدول النامية، بحيث أن 80% من مصادر الطاقة التقليدية هي موجودة تحت سيطرة الحكومات. وفي نفس الوقت بدأت الدراسات الأكاديمية المتخصصة تهتم بالعوامل المؤثرة في أمن الطاقة، وأبرزها: عدم الاستقرار السياسي، النزاعات المسلحة، القرصنة، الجماعات المسلحة، وكذلك الكوارث الطبيعية. وبصفة إن الأمن الطاقوي لدى الدول الغربية المتقدمة يرتبط بتنويع مصادر الطاقة، وتنويع واردات الطاقة، وتقليل الاعتماد على نفط الشرق الأوسط، وضمان الأسعار الرخيصة. في المقابل نجد أن الدول المصدرة للطاقة تركز على التأميم وسيطرة الدولة على مصادرها الطاقوية[2].

وبالنسبة للجزائر، فإن مفهوم أمن الطاقة تم التعامل معه منذ الاستقلال بكونه جزءا لا يتجزأ من السيادة الوطنية والأمن القومي للدولة. ولهذا قامت الحكومة بتأسيس شركة سوناطراك منذ سنة 1964 ثم  تأميم المحروقات يوم 24 فبراير 1971. وقد كان قرار التأميم قرارا استراتيجيا اتخذه الرئيس الراحل “هواري بومدين” بهدف استكمال السيادة الوطنية على كل الثروات والموارد التي تتمتع بها الجزائر، وفي نفس الوقت جاء متناغما مع المسار التنموي الذي انطلقت فيه الجزائر في تلك الفترة. لكن بحكم التطور الذي يشهده قطاع الطاقة على المستوى العالمي وظهور الطاقات المتجددة، نلاحظ أن صانع القرار في الجزائر يريد مواكبة هذا التوجه العالمي بهدف التنويع في مصادرها الطاقوية والحفاظ على ثروتها النفطية.

  1. واقع الأمن الطاقوي في الجزائر:

تعتمد الجزائر في أمنها الطاقوي على المصادر التقليدية للطاقة بصفة أساسية (البترول، والغاز الطبيعي)، فالاحتياطات النفطية قدرت بنحو 12.2 مليار برميل، وهي تشكل 0.9% فقط من الاحتياطي العالمي مما يدل على ضعف الاكتشافات المحققة والمصرح  بها في السنوات السابقة[3]. وبالنسبة للغاز الطبيعي، فإن الاحتياطات الجزائرية قدرت بحوالي 4504 مليار متر مكعب، حيث تحتل المرتبة العاشرة عالميا[4]. وهي تمتلك كذلك احتياطات ضخمة من الغاز الصخري تتجاوز 19 ألف مليار متر مكعب، مما جعلها تحتل المرتبة الثالثة عالميا.

يساهم قطاع المحروقات في تلبية كامل الاحتياجات الوطنية من الطاقة، حيث بلغ الاستهلاك الوطني لسنة 2013 ما يعادل 52 مليون طن مكافئ نفط[5]. وقد ارتفع الاستهلاك الوطني للطاقة من 30.1 مليون طن مكافئ نفط في سنة 2000 إلى 50.9 مليون طن مكافئ نفط في سنة 2012[6]. كما عرف الاستهلاك الوطني للمنتجات النفطية نموا قويا، حيث ارتفع من 8.1 مليون طن في سنة 2000 إلى 13.4 مليون طن في سنة 2008 أي بمعدل يقدر بـ 7% سنويا[7]. وخلال نفس الفترة شهدت الجزائر ارتفاعا في الاستهلاك الوطني للطاقة الكهربائية بنسبة 5.8% سنويا، وفي نفس الوقت ارتفع إنتاج الكهرباء بنسبة 6% سنويا من سنة 2000 إلى سنة 2008[8]. من جهة أخرى، سجل الاستهلاك الوطني للغاز الطبيعي خلال الفترة السابقة الذكر معدل نمو سنوي يقدر بـنسبة 3.1%  أي بمتوسط سنوي قدره 22 مليار متر مكعب، حيث سجلت سنة 2008 ارتفاعا يقدر بـنسبة 4.4% بالمقارنة مع سنة 2007، أي هناك استهلاكا إجماليا يقدر بنحو 25 مليار متر مكعب[9].

تشير المعطيات الرقمية السابقة الذكر إلى التزايد المستمر في استهلاك الطاقة في الجزائر، الأمر الذي يفرض وجود سياسة طاقوية لها القدرة والفعالية في تأمين توفير الطاقة. ولهذا فقد اتبعت الجزائر منذ الاستقلال سياسة تدرجية في ضمان أمنها الطاقوي، حيث قامت الدولة بتأميم المحروقات قي سنة 1971 الذي كان بمثابة استكمال وضع السيادة الوطنية على الموارد الطبيعية للبلاد وجعلها ملكا للمجموعة الوطنية. ومنذ بداية الألفية الثالثة اتجهت الدولة إلى توسيع الاكتشافات النفطية بهدف رفع الإنتاج والاحتياطات، وهذا بالشراكة مع الشركات الأجنبية أو بالاعتماد على شركة سوناطراك. من جهة أخرى بدأت الدولة مؤخرا في ولوج ميدان اكتشاف الغاز الصخري في عدة مناطق بالجنوب، وهذا بهدف تطوير القدرات الطاقوية للبلاد.

إن تزايد استهلاك الطاقة بفعل عوامل بشرية واقتصادية دفع الدولة إلى استيراد بعض المنتجات النفطية كالبنزين والوقود بقيمة  تقارب 4 مليار دولار سنويا خلال السنوات الأخيرة، حيث يشكل هذا الأمر تحديا كبيرا بالنسبة للحكومة الجزائرية. يضاف إلى ذلك المخاطر التي يتضمنها استغلال الغاز الصخري على البيئة والمياه الجوفية وصحة الإنسان، مما أدى إلى تنامي الأصوات المعارضة للغاز الصخري خاصة لدى سكان الجنوب. وبالتالي، فإن هذه العوامل والمعطيات ستدفع بصانع القرار إلى الاستثمار في الطاقات البديلة والنظيفة كخيار استراتيجي لتعزيز الأمن الطاقوي للبلاد في ظل الحسابات الجيوسياسية التي تشهدها البيئة الدولية.

  1. نحو تحوّل الأمن الطاقوي في الجزائر من النفط إلى الطاقات المتجددة:

تشير الكثير من الدراسات إلى أن إنتاج النفط سيتناقص في السنوات القادمة نتيجة نضوب حقوله في العديد من مناطق العالم، وهو ما جعل الدول تبحث عن مصادر بديلة له لضمان ديمومة أمنها الاقتصادي المدمن على النفط، وفي نفس الوقت ضمان أمنها الطاقوي بعد زوال البترول. في هذا السياق، تعتبر الجزائر من بين الدول المعنية بتنمية الطاقات المتجددة[10]. فهذه الأخيرة تساعد على تعويض جزء مهم من طاقة المحروقات التقليدية بطاقة نظيفة وغير قابلة للنضوب، أي تعويض فجوة نضوب البترول، والمساهمة في الحفاظ على الاحتياطيات البترولية، لأن الاحتياطات النفطية الجزائرية محدودة وفق المؤشرات الحالية المتعلقة بالإنتاج والاستهلاك الذي يقتضيه النمو الاقتصادي والنمو السكاني[11].

ولهذا فالتحديات المستقبلية التي يفرضها الأمن الطاقوي، تفرض على الدولة الجزائرية تبني إستراتيجية طاقوية تضمن تغطية احتياجاتها المتزايدة من الطاقة بالاعتماد على مصادر أخرى غير قابلة للزوال. وفي هذا السياق، توفر الطاقات المتجددة العديد من الخيارات المتنوعة يأتي في مقدمتها الطاقة الشمسية باعتبار أن الجزائر تستقبل ما يزيد عن 3 آلاف ساعة شمس، والتي يمكن تحويلها باستعمال التكنولوجيا إلى طاقة حرارية أو طاقة كهربائية. ففي سنة 1998 بدأت أول قرية تسير بالطاقة الشمسية في الجنوب الجزائري بطاقة إنتاج كهربائية تقدر بـنحو 30.7 ألف كيلوواط، ثم ارتفعت إلى 725.5 ألف كيلوواط في سنة 2002، حيث يتم توفير الكهرباء لحوالي ألف مسكن في 20 قرية من الجنوب[12].

وفي 3 نوفمبر 2007 تم الإعلان عن بناء المحطة الكهروشمسية لحاسي رمل التي تعد محطة هجينة تستعمل الطاقة الشمسية والغاز الطبيعي لإنتاج 180 ميغاواط في المنطقة الغازية حاسي رمل حيث تعد الأولى من نوعها على المستوى العالمي، بالإضافة إلى إنشاء أربعة محطات أخرى طاقة كل واحة منها 400 ميغاواط[13].

تندرج هذه المحطات في مجال الطاقة الهجينة التي ستساهم في حماية الاحتياطات الجزائرية من الغاز الطبيعي التي استنزفت منها حوالي 48% جراء استعمال الغاز في إنتاج الكهرباء. وبالتالي أصبح الاعتماد على الطاقة الشمسية يشكل خيارا استراتيجيا في ظل ارتفاع تكلفة إنتاج الكهرباء من الغاز الطبيعي مع ارتفاع استهلاك الطاقة الكهربائية في الجزائر إلى حوالي 30 ألف ميغاواط سنويا، مع العلم أنه يمكن الاعتماد على 9 آلاف ميغاواط سنويا كطاقة ناتجة من الخلايا الشمسية[14].

إن التحديات التي أصبح يفرضها الأمن الطاقوي في عالمنا المعاصر، دفع الدولة الجزائرية إلى وضع البرنامج الوطني للطاقات المتجددة (2011-2030) الذي يتضمن بناء قدرة ذات أصول متجددة تبلغ 22 ألف ميغاواط منها 12 ألف موجهة لتغطية الطلب الوطني و10 آلاف موجهة للتصدير. كما يتضمن البرنامج انجاز 60 محطة شمسية كهروضوئية وشمسية حرارية وحقول لطاقة الرياح ومحطات مختلطة إلى غاية سنة 2020، فبحلول عام 2030 سيسمح هذا البرنامج بإنتاج 40% من الكهرباء انطلاقا من الطاقة الشمسية، وهذا بدوره سيكون مفتاحا لتنمية اقتصادية مستدامة[15].

يظهر مما سبق ذكره، أن الإستراتيجية الجزائرية المستقبلية لبناء الأمن الطاقوي تستند إلى التسريع في تطوير الطاقة الشمسية، حيث يجري إطلاق مشاريع شمسية كهروضوئية بقدرة كاملة تبلغ حوالي 800 ميغاواط/ذروة إلى غاية سنة 2020، وكذلك انجاز مشاريع أخرى ذات قدرة 200 ميغاواط/ذروة خلال الفترة ما بين 2021-2030. وفي مجال الطاقة الشمسية الحرارية ستشهد تشغيل أربعة محطات بقدرة تخزين تبلغ 1200 ميغاواط، كما يتضمن البرنامج المخصص للفترة 2021-2030 إنشاء قدرة تبلغ 500 ميغاواط في السنة إلى غاية 2023 ثم 600 ميغاواط في السنة إلى غاية 2030. وفي مجال طاقة الرياح تم تأسيس أول محطة هوائية بقدرة 10 ميغاواط بأدرار (2011-2013)، لتليها محطتين هوائيتين بقدرة 20 ميغاواط (2014-2015)، وهناك مخطط لانجاز محطات أخرى بقدرة 1700 ميغاواط خلال الفترة 2016-2030[16]. وفي يوم 16 يناير 2017 كشف المدير العام لمركز تنمية الطاقات المتجددة عن التحضير لإنجاز أكبر محطة من الطاقة الشمسية “الفتوفلتاييك” المركزة بسعة 30 كيلو واط في وحدة البحث بولاية غرداية، وبها يتم التركيز للإشعاع الشمسي مع نظام متحرك متابع لحركة الشمس[17].

بناء على ما سبق ذكره، يظهر أن اهتمام الدولة الجزائرية بالطاقات المتجددة كمصدر للطاقة النظيفة والآمنة نابع عن رؤية مستقبلية تمس الأمن الطاقوي للبلد وفق ثنائية تلبية احتياجات الحاضر وتوسيع خيارات المستقبل، وتوفير الطاقة للسكان لاسيما في المناطق النائية والريفية، والمحافظة على الموارد الطبيعية والاحتياطات النفطية، وخلق فرص لتصدير الكهرباء[18]. ويعني هذا أن الطاقات المتجددة ستمكن الجزائر كبلد منتج ومصدر من زيادة إيراداتها المالية من أسواق الطاقة في المستقبل البعيد، حيث تعد هذه المداخيل شرطا أساسيا لضمان أمنها الاقتصادي وتمويل عملية التنمية وتطوير المشاريع الطاقوية. وفي نفس الوقت، ستمكنها من إطالة عمر الاحتياطي النفطي والغازي بالنسبة للأجيال القادمة[19].

الطاقات المتجددة كمورد إستراتيجي لتعزيز المكانة الدولية للجزائر في مجال الطاقة (مشروع ديزرتيك نموذجا):

ورد في تقرير برنامج البيئة التابع للأمم المتحدة صادر في شهر جوان 2007، بأن الاستثمارات قي مصادر الطاقة المتجددة بلغت 100 مليار دولار في سنة 2006 بفعل المخاوف من تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري. وقد أنجزت 75% من هذه الاستثمارات في الولايات المتحدة الأمريكية وأوربا، في حين توزعت 25% على باقي دول العالم[20]. وتشير وكالة الطاقة الدولية أن مصادر الطاقات المتجددة (طاقة الرياح والطاقة الشمسية) ستشكل ثلث إجمالي إنتاج الكهرباء بحلول سنة 2035 على المستوى العالمي، وهذا يعني أن العالم يتجه تدريجيا للاعتماد على الطاقة المتجددة كمصدر رئيسي لإنتاج الكهرباء. ومما يعزز هذا التوجه انخفاض تكاليف التكنولوجيا والدعم المستمر للطاقات المتجددة، إذ تلقت دعما ماليا مقداره 88 مليار دولار على مستوى العالم في سنة 2011، وسيرتفع ذلك إلى 240 مليار دولار في عام 2035[21].

في هذا السياق، يبرز مشروع الطاقة الشمسية الأوربي في الصحراء الكبرى (Desertec) الذي يمتد انجازه إلى غاية 2050، حيث يبدو هذا المشروع الأكثر طموحا وقدرة على إحداث تغيير استراتيجي في علاقات الطاقة الدولية والإقليمية (عربيا، متوسطيا، أوربيا). ويتمثل هذا المشروع الذي خطط له في سنة 2003 في إقامة شبكة مترابطة يجري تزويدها بالكهرباء من محطات شمسية ورياح تمتد من المغرب إلى السعودية، مرورا بالجزائر وتونس وليبيا. وتولّد هذه المحطات الطاقة وتنتجها، وتصدّر الجزء الأكبر منها عبر كابلات بحرية نحو أوربا. يهدف مشروع ديزرتيك إلى توفير ما بين 15% إلى 20% من احتياجات السوق الأوربية من الكهرباء، وبكميات تقدر بنحو 550 جيجاواط خلال 40 سنة بتكلفة 570 مليار دولار، وبمشاركة بنوك وشركات طاقة أوربية كبرى[22].

إن مشروع ديزرتيك يجعل من الجزائر تحظى بمكانة حيوية لدى الأوربيين باعتبارها تتوفر على حجم أكبر من الطاقة الشمسية، فقد قامت الوكالة الفضائية الألمانية بدراسة كشفت فيها بأن الصحراء الجزائرية هي أكبر خزان للطاقة الشمسية في العالم، حيث تدوم الإشعاعات الشمسية فيها 3000 ساعة سنويا، وهو أعلى مستوى لإشراق الشمس على المستوى العالمي. وقد دفع هذا الأمر الحكومة الألمانية إلى إقامة مشاريع استثمارية مشتركة مع الجزائر، حيث تم الاتفاق بين البلدين في ديسمبر 2007 لإنتاج 5% من الكهرباء اعتمادا على الطاقة الشمسية، ونقلها إلى ألمانيا عبر ناقل كهربائي بحري مرورا بإسبانيا. يضاف إلى ذلك، المشروع المتعلق بصنع الألواح الشمسية في منطقة الرويبة الذي دخل حيز الإنتاج سنة 2012 بقدرة سنوية تتراوح ما بين 50 إلى 120 ميغاواط، حيث يكون موجها للتصدير مع مخطط آخر لإنتاج 20% بحلول العام 2020. وتجدر الإشارة كذلك، إلى أن الجزائر تمتلك أكبر حجم من الطاقة الشمسية في حوض البحر الأبيض المتوسط تقدر بأربع مرات مجمل الاستهلاك العالمي للطاقة، وفي الوقت ذاته يشكل 60 مرة من حاجة الدول الأوربية للطاقة الكهربائية[23].

في 7 ديسمبر 2010 قام رئيس الجمهورية “عبد العزيز بوتفليقة” بزيارة إلى ألمانيا، عبّر فيها عن رغبة الجزائر الانخراط في مشروع ديزرتيك، فالجزائر تعد أهم حلقة في المشروع بالنظر لقدراتها وتجربتها في مجال الطاقات المتجددة، لكن رغم ذلك أبدت الحكومة الجزائرية بعض التحفظات تتعلق بكيفية تمويل المشروع وشروط إقامة المحطات في الدول المعنية. ومهما يكن الأمر، فإن الصحراء الجزائرية تعتبر جزءا من هذا المشروع، مما يعنى أن الجزائر ستبقى شريكا استراتيجيا لـتأمين الطاقة بالنسبة لأوربا على المدى المتوسط والبعيد[24]. فالجزائر باعتبارها بلدا منتجا ومصدّرا للطاقة، يمكنها الاستثمار الجيد في الطاقات المتجددة واستخدامها في المستقبل البعيد لضمان بقاء علاقة تبعية طاقوية لها من طرف الدول الأوربية كدول مستهلكة، وهي بهذا ستتمكن من تعزيز مكانتها الطاقوية لدى الأوربيين من جهة، ومن جهة أخرى يمكنها أن تستخدم سلاح الطاقة كأداة سياسية ودبلوماسية في علاقاتها الخارجية[25].

بناء على ذلك، فإن الطاقات المتجددة تعتبر حاليا أهم المصادر الطاقوية المستقبلية التي يمكن أن تدعم المكانة الجيوإستراتيجية للدولة الجزائرية في محيطها الإقليمي والدولي، ولاسيما في ما يتعلق بالطاقة الشمسية التي أصبحت تجلب اهتمام الشركات العالمية. ولهذا تبقى الجزائر من أبرز الدول المرشحة لدى الخبراء لتلعب دورا رئيسيا وفعالا في معادلة الطاقة على المستوى العالمي[26].

إن صانع القرار في الجزائر مطالب باستغلال الحاجة الأوربية المتزايدة للطاقة على المدى المتوسط والبعيد، ورغبة بعض الدول الكبرى في التخلي عن الطاقة النووية على غرار ألمانيا، وكذلك يجب عليه استغلال تنامي التيارات السياسية (أحزاب الخضر) ومنظمات المجتمع المدني المدافعة عن قضايا البيئة في مختلف البلدان الأوربية، حيث أصبحت هذه الفواعل تقوم بضغوطات كبيرة على الحكومات الأوربية من أجل التحول الكلي نحو الطاقات المتجددة. كما ينبغي على السلطة الجزائرية الاستغلال الأمثل للعلاقات المتوترة بين روسيا ودول الاتحاد الأوربي حول أزمة أوكرانيا، وسعي الأوربيين للتخلص من التبعية للغاز الروسي، فهذا التوتر السائد بين الطرفين حاليا يعتبر فرصة ثمينة بالنسبة للجزائر كي تعزز مكانتها الطاقوية لدى الاتحاد الأوربي الذي لن يجد بديلا آخر أحسن من منطقة شمال إفريقيا القريبة إليه جغرافيا.

الطاقات المتجددة بديل عن النفط لإعادة بناء الدولة الريعية في الجزائر:

إن الحديث عن بناء الدولة الريعية يستوجب فهم المعاني والدلالات المرتبطة بهذا المصطلح الذي ظهر لأول مـرّة سنة 1970 بفضل المفكر الإيراني حسين مهدافي في دراسة له بعنوان “التنمية الاقتصادية في الدولة الريعية: حالة إيران”. وهو يعرّف الدولة الريعية بأنها: «الدولة التي تتلقى وتستلم بشكل منتظم موارد مالية كبيرة من الريع الخارجي. والريع الخارجي بدوره يعرّف بكونه ريع يدفع من قبل أفراد ومؤسسات أو حكومات خارجية لأفراد ومؤسسات أو حكومات دول محددة.»[27].

ويذهب حازم الببلاوي إلى التأكيد على أن الاقتصاد الريعي يعتمد بشكل أساسي على الموارد الخارجية التي تضمن استمرار الاقتصاد دون الحاجة إلى وجود قطاع إنتاجي كبير. وفي الدولة الريعية تكون الأقلية فقط هي المعنية بتوليد هذا الريع (الثروة)، ففي ظل الاقتصاد الريعي يكون خلق الثروة متمركزا حول جزء صغير من المجتمع، وأغلبية الأفراد يهتمون بالاستفادة من توزيع واستخدام الثروة. وتكون الحكومة هي المستقبل الرئيسي للريع، حيث تلعب الدولة دورا مركزيا في توزيع الثروة على السكان. وهنا تبرز العقلية الريعية لدى الأفراد، حيث لا يرتبط الحصول على الدخل بالعمل، وإنما هو ربح سهل ومعزول باعتباره ليس ناتجا عن عملية إنتاجية منظمة[28].

   لا تقتصر أهمية الطاقات المتجددة على الأبعاد الجيوسياسية فقط بالنسبة للسلطة الحاكمة في الجزائر، وإنما تكتسي أهمية جوهرية من حيث المحافظة على استمرارية الدولة الريعية وتجديدها. ويرتبط هذا البعد بالسلوك المعتمد من طرف صانع القرار تجاه الموارد الطاقوية للبلد بصفة عامة سواء كانت نفطية أو طاقات متجددة.

إن الحديث عن المقاربة الريعية لتحليل طبيعة الدولة في الجزائر تتطلب تحليل بنية الاقتصاد الجزائري الذي يتميز بتبعيته الكبيرة للريع البترولي، حيث يشكّل قطاع المحروقات بامتياز العمود الفقري للاقتصاد الوطني. فتحسّن مؤشرات الاقتصاد الكلي على مستوى ميزان المدفوعات، واحتياطي الصرف، كلها جاءت بعد الارتفاع المتواصل لأسعار النفط، ولكن في المقابل الاقتصاد الحقيقي المنتج لم يشهد أي تطور ايجابي. وهذا يعني أن النمو الاقتصادي المسجّل منذ بداية الألفية الثالثة هو نمو هش يعتمد في جوهره على نمو قطاع المحروقات وليس الاستثمار في القطاع الإنتاجي، حيث يظهر ذلك جليّا في حجم مساهمة المحروقات في الناتج المحلي الخام[29].

تبين الإحصائيات المقدّمة من طرف الديوان الوطني للإحصاء أن حجم مساهمة قطاع المحروقات في الناتج المحلي الخام للجزائر مرتبط بتغيّر الأسعار، فعندما كانت أسعار البترول مرتفعة جدا خلال الفترة 2006-2008 تراوح حجم مساهمة قطاع النفط في الناتج المحلي ما بين 47.8% إلى 50.13% ولكن مع بداية الانخفاض التدريجي للأسعار في السوق الدولية للنفط في سنة 2009، تبعها انخفاض لمساهمة قطاع المحروقات في الناتج المحلي الخام لتتراوح ما بين 35.44% إلى 43.2% خلال الفترة 2009-2012[30]. وبفضل تحسّن أسعار النفط في الأسواق العالمية ارتفع حجم مساهمة مبيعات النفط مرة أخرى إلى 50.34% من الناتج المحلي الخام في سنة 2013[31].

بناء على ما سبق ذكره، يظهر أن الجزائر هي دولة ريعية تعتمد بشكل مطلق على مصدر طبيعي واحد وهو النفط الذي يهيمن على صادرات البلد بنسبة 98% ويشكّل جزءا كبيرا من الناتج المحلي الإجمالي ما بين 35% إلى 50% وفي نفس الوقت نجده يساهم بنسبة 60% من إيرادات ميزانية الدولة. كما أن النمو الاقتصادي يعتمد بشكل رئيسي على الإنفاق العام الذي تقوم به الدولة في مختلف القطاعات بعد تحصيل الإيرادات النفطية، مع التركيز على القطاعات غير الإنتاجية. والسلطة الحاكمة هي التي تستلم الإيرادات المالية الناتجة عن تصدير النفط، وهي التي تقوم بتوزيعها بعد رسم سياسات عامة وفق منظورها الخاص. ونتيجة لذلك، فإن الاعتماد المبالغ فيه على قطاع المحروقات جعل الدولة الجزائرية تعاني من الانكشاف الخارجي، فهي تعتمد على الاستيراد الضخم لتوفير الاحتياجات الغذائية والتجهيزية للسكان، كما تعتمد النخب الحاكمة على الدعم الخارجي من أجل الاستمرار في الحكم.

إن التغيرات التي بدأت تطرأ على مصادر الطاقة التقليدية من حيث نضوبها خلال السنوات القادمة، خاصة إذا علمنا إن الاحتياطات الجزائرية من النفط ليست كبيرة جدا مقارنة مع دول الخليج العربي مثلا، إضافة إلى تزايد الاستهلاك الوطني للطاقة بفعل الارتفاع المتزايد للسكان ولوسائل النقل، وكذلك الحاجات المتزايدة للقطاعات الاقتصادية الأخرى (الصناعة) مع الأخذ بعين الاعتبار تدهور أسعار النفط في المرحلة الحالية، كل هذه المتغيرات تجعل الدولة الريعية في الجزائر تواجه تحديات صعبة لكي تحافظ على بقائها واستمراريتها.

وفي ظل هذه الظروف، ستجد السلطة الحاكمة نفسها مجبرة للبحث عن البديل المناسب لضمان ديمومة الاقتصاد الريعي الذي يتمتع بدور مركزي كركن أساسي من أركان النظام السياسي في الجزائر، باعتباره وسيلة لاحتكار السلطة، ومصدرا أساسيا للتحكم في رسم السياسات العامة، وموردا لهندسة اللعبة السياسية وفق منطق شراء السلم الاجتماعي وهيمنة الدولة على المجتمع، مما يجعل شرعية النظام تعتمد على توزيع الريع وليس الانتخابات الشفافة والفعالية في الأداء.

بناء على ذلك، فإن السلطة الحاكمة في الجزائر ستحاول أن تستثمر في الطاقات المتجددة وجعلها بديلا عن النفط للمحافظة على استمرارية الاقتصاد الريعي على المدى البعيد، ففي حالة تحول الجزائر إلى بلد مصدر للطاقة الناتجة من المصادر المتجددة لاسيما تصدير الطاقة الكهربائية نحو أوربا، فإن الأموال التي ستحصل عليها هي ريع خارجي مشابه للريع النفطي. وهذا يعني أن السلطة الحاكمة في الجزائر تتجه نحو إعادة بناء الدولة الريعية من جديد بواسطة الانتقال من الدولة المبنية على الريع النفطي إلى الدولة المبنية على ريع الطاقات المتجددة. ويبدو أن السلطة الحاكمة تسير في هذا الاتجاه وفق سياسة مدروسة وتدريجية تبدأ بتوظيف الطاقات المتجددة كمصدر مكمّل لقطاع النفط، ثم استغلال الغاز الصخري في مرحلة مؤقتة تتزامن مع تطوير المصادر البديلة للنفط وفي نفس الوقت محاولة ربح وقت أكثر، لتصل في المستقبل البعيد إلى بناء اقتصاد يعتمد على ريع الطاقات المتجددة ولاسيما الطاقة الشمسية.

ولتحقيق هذا الغرض، تتوجه السلطة الحاكمة إلى استثمار الإيرادات المالية الضخمة المحصل عليها من الصادرات النفطية لإحداث التحول من اقتصاد الريع النفطي إلى اقتصاد ريعي للطاقات المتجددة. وبالتزامن مع ذلك ستستفيد من المشاريع الإقليمية المطروحة لتطوير مصادر الطاقات المتجددة، وعلى رأسها مشروع “ديزرتيك”. وهذا يعني أن تنامي الاحتياجات الداخلية والخارجية (الأوربية) للطاقة، وانخفاض أسعار البترول التي تؤدي إلى انخفاض المداخيل المالية للدولة ستجعل مصادر الطاقة المتجددة بديلا عن النفط تعتمد عليه السلطة الحاكمة لإعادة بناء الدولة الريعية في الجزائر والمحافظة على استمراريتها.

خاتمة:

يشهد العالم حاليا تحولا طاقويا شبيها بالتحول الذي حدث من عصر الفحم الحجري إلى عصر النفط، مع العلم أن التحول نحو الطاقات المتجددة ليس بالضرورة مرتبطا بنضوب النفط بقدر ما هو مرتبط بمصادر جديدة للطاقة أقل تكلفة وأقل ضررا على البيئة والإنسان، وتنسجم مع ما يسمى بالاقتصاد الأخضر.

في هذا السياق، يجب على الجزائر أن تواكب هذا التحول وتندمج فيه والاستفادة منه قدر الإمكان لاسيما في ما يتعلق باكتساب التكنولوجيا الحديثة المرتبطة بهذا النوع من الطاقة. إن هذا التحول من مصادر الطاقة التقليدية إلى الطاقات المتجددة يجب أن يندرج في إطار إستراتيجية تنموية شاملة يكون هدفها تحقيق الأمن بمختلف أبعاده ولاسيما البعد الطاقوي، ويكون هدفها كذلك المحافظة على مكانة الجزائر الإستراتيجية على المستوى الدولي في مجال إنتاج الطاقة وتصديرها، بما يسمح لها من تفعيل علاقاتها مع دول الاتحاد الأوربي التي تعد أهم مستورد للطاقة من الجزائر.

إن صانع القرار في الجزائر اليوم مطالب بالتخلي عن المقاربة الريعية في إدارة الموارد الطاقوية للبلاد، فالتحول نحو الطاقات المتجددة لا يجب أن يكون بمثابة تجديد للاقتصاد الريعي وإنما يجب أن يكون إحدى الخيارات الإستراتيجية لبناء القوة على المدى البعيد، فالعلاقات الدولية اليوم لم يعد فيها مجال للدول الضعيفة. وفي هذا السياق كذلك، يجب على صانع القرار في الجزائر أن يعيد النظر في أسلوب التعامل مع موضوع الطاقة، وذلك بوضع إستراتيجية شاملة ومستقبلية وذات جودة، تتضمن بعدين أساسيين: الأول هو اعتماد آليات الحكامة في إدارة الموارد الطاقوية سواء كانت تقليدية أو متجددة، والبعد الثاني هو استثمار الطاقات المتجددة كوسيلة للانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصادي الإنتاجي، وكمورد لإحداث تنمية اقتصادية مستدامة وفعالة.

 قائمة المراجع:

الكتب:

  1. خديجة عرفة محمد، أمن الطاقة وأثاره الإستراتيجية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2014.
  2. A. Cook (ed), Studies in Economic History of The Middle East, Oxford University, Oxford, 1970.
  3. Hazem Beblawi, Giacomo Luciani (éd), The Rentier State: Nation, State and the Intégration of the Arab World, Croom Helm, London, 1987.

الدوريات:

  1. باتر محمد علي وردم، فرص واعدة: الطاقة المتجددة في العالم العربي، آفاق المستقبل، عدد 11، ص36، 2011.
  2. حدة فروحات، الطاقات المتجددة كمدخل لتحقيق التنمية المستدامة في الجزائر: دراسة لواقع مشروع تطبيق الطاقة الشمسية في الجنوب الكبير بالجزائر، مجلة الباحث، عدد 11، ص153، 2012.
  3. شهرزاد زغيب، حكيمة حليمي، الاقتصاد الجزائري ما بعد النفط: خيارات المستقبل، المستقبل العربي، عدد 395، ص111، 2012.
  4. كابي الخوري، بيانات أساسية عن النفط والطاقة في البلدان العربية والعالم، المستقبل العربي، عدد 384، ص213، 2011.
  5. محمد مداحي، فعالية الاستثمارات في الطاقات المتجددة كإستراتيجية لما بعد المحروقات في تحقيق التنمية المستدامة: حالة الجزائر، مجلة الباحث الاقتصادي، عدد 4، ص ص119-127، 2015.

المذكرات الجامعية:

  1. سمير بن محاد، استهلاك الطاقة في الجزائر: دراسة تحليلية وقياسية، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، 2009.
  2. صباح براجي، دور حوكمة الموارد الطاقوية في إعادة هيكلة الاقتصاد الجزائري في ظل ضوابط الاستدامة، رسالة ماجستير، الجزائر، 2013.
  3. عبد الجليل بعاسو، رهانات الأمن الطاقوي للاتحاد الأوربي: دراسة في الأبعاد والتحديات، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، 2010.
  4. عيسى مقليد، قطاع المحروقات الجزائرية في ظل التحولات الاقتصادية، رسالة ماجستير، جامعة باتنة، 2008.
  5. نبيل زغبي، أثر السياسات الطاقوية للاتحاد الأوربي على قطاع المحروقات في الاقتصاد الجزائري، رسالة ماجستير، جامعة سطيف، 2012.
  6. Samir Bellal, Essai Sur La Crise Régime Rentier D’Accumulation En Algérie: Une Approche En Termes De Régulation, Thèse De Doctorat, Université Lumière Lyon 2, 2011.

التقارير:

  1. وزارة الطاقة والمناجم (الجزائر)، الطاقة والتعاون العربي، 2014.
  2. وزارة الطاقة والمناجم (الجزائر)، حصيلة انجازات قطاع الطاقة والمناجم، 2009.
  3. وكالة الطاقة الدولية، دليل الطاقة العالمي: موجز تنفيذي، 2012.
  4. Office National des Statistiques (Algérie), Annuaire Statistique de l’Algérie, 2014.
  5. Office National des Statistiques (Algérie), L’Algérie en Quelques Chiffres,

[1] خديجة عرفة محمد، أمن الطاقة وأثاره الإستراتيجية، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2014، ص52.

[2] المرجع نفسه، ص ص56-59.

[3] صباح براجي، دور حوكمة الموارد الطاقوية في إعادة هيكلة الاقتصاد الجزائري في ظل ضوابط الاستدامة، رسالة ماجستير، الجزائر، 2013، ص122.

[4] كابي الخوري، بيانات أساسية عن النفط والطاقة في البلدان العربية والعالم، المستقبل العربي، عدد 384، ص213، 2011،

[5] وزارة الطاقة والمناجم (الجزائر)، الطاقة والتعاون العربي، ص3، 2014.

[6] المرجع نفسه، ص10.

[7] وزارة الطاقة والمناجم (الجزائر)، حصيلة انجازات قطاع الطاقة والمناجم، ص49، 2009.

[8] المرجع نفسه، ص ص81-82.

[9] المرجع نفسه، ص89.

[10] شهرزاد زغيب، حكيمة حليمي، الاقتصاد الجزائري ما بعد النفط: خيارات المستقبل، المستقبل العربي، عدد 395، ص111، 2012.

[11] عيسى مقليد، قطاع المحروقات الجزائرية في ظل التحولات الاقتصادية، رسالة ماجستير، جامعة باتنة، 2008، ص181.

[12] المرجع نفسه، ص ص180-181.

[13] سمير بن محاد، استهلاك الطاقة في الجزائر: دراسة تحليلية وقياسية، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، 2009، ص78.

[14] فروحات حدة، الطاقات المتجددة كمدخل لتحقيق التنمية المستدامة في الجزائر: دراسة لواقع مشروع تطبيق الطاقة الشمسية في الجنوب الكبير بالجزائر، مجلة الباحث، عدد 11، ص153، 2012.

[15] مداحي محمد، فعالية الاستثمارات في الطاقات المتجددة كإستراتيجية لما بعد المحروقات في تحقيق التنمية المستدامة: حالة الجزائر، مجلة الباحث الاقتصادي، عدد 4، ص ص119-122، 2015.

[16] صباح براجي، مرجع سابق، ص ص167-168.

[17] محمد لهوازي، الجزائر تحضر بناء أكبر محطة للطاقة الشمسية، الشروق أونلاين، 16 يناير 2017:

http://www.echoroukonline.com/ara/articles/510986.html

[18] صباح براجي، مرجع سابق، ص ص168-169.

[19] بعاسو عبد الجليل، رهانات الأمن الطاقوي للاتحاد الأوربي: دراسة في الأبعاد والتحديات، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، 2010، ص ص87-88.

[20] زغبي نبيل، أثر السياسات الطاقوية للاتحاد الأوربي على قطاع المحروقات في الاقتصاد الجزائري، رسالة ماجستير، جامعة سطيف، 2012، ص ص170-171.

[21] وكالة الطاقة الدولية، دليل الطاقة العالمي: موجز تنفيذي، ص6، 2012.

[22] باتر محمد علي وردم، فرص واعدة: الطاقة المتجددة في العالم العربي، آفاق المستقبل، عدد 11، ص36، 2011.

[23] فروحات حدة، مرجع سابق، ص153.

[24] زغبي نبيل، مرجع سابق، ص ص173-174.

[25] بعاسو عبد الجليل، مرجع سابق، ص88.

[26] مداحي محمد، مرجع سابق، ص127.

[27] H. Mahdavy, «The Patterns and Problems of Economic Development in Rentier States: The Case of Iran,» in: M. A. Cook (ed), Studies in Economic History of The Middle East, Oxford University, Oxford, 1970, p.428.

[28] Hazem Beblawi, «The Rentier State in The Arab World,» in: Hazem Beblawi, Giacomo Luciani (éd), The Rentier State: Nation, State and The Intégration of The Arab World, Croom Helm, London, 1987, pp.51-52.

[29] Samir Bellal, Essai Sur La Crise Régime Rentier D’Accumulation En Algérie: Une Approche En Termes De Régulation, Thèse De Doctorat, Université Lumière Lyon 2, 2011, p.91.

[30] Office National des Statistiques (Algérie), Annuaire Statistique de l’Algérie, p446, 2014.

[31]Office National des Statistiques (Algérie), L’Algérie en Quelques Chiffres, p65, 2014.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى