مقالات

مسار إدارة ترامب للقضية الفلسطينية والصفقات الإقليمية

بقلم : ثائر العقاد

ما طرحه ترامب في بيت لحم هو دعم اقتصادي للسلطة ولم يتحدث عن أفكار سياسية من الممكن الارتكاز عليها في أي مفاوضات سلام فلسطينية إسرائيلية مستقبلية، فمن الواضح أن الخلفية الاقتصادية والتجارية لترامب مؤثرة على شخصيته وأفكاره إلى الآن، فهو يتعامل مع قضايا الشرق الأوسط بمفهوم تجاري يعتمد على موازين الربح والخسارة .

الجانب الفلسطيني يريد مفاوضات سياسية وموقفه محدد وثابت من أسس ومحددات السلام ( دولة فلسطينية على حدود 67 ، القدس الشرقية عاصمة لها، حل عادل لقضية اللاجئين وفق القرارات الدولية ، الإفراج الكامل عن الأسرى مقابل اعتراف كامل ومتبادل مع إسرائيل ).

من الواضح أن هناك خشية إسرائيلية من نية ترامب إعادة المسار التفاوضي الفلسطيني الإسرائيلي من جديد ، لذلك ركز نتنياهو في لقاءه مع ترامب على خطر إيران وعلى محاربة الإرهاب وتحدث باستحياء عن السلام الفلسطيني الإسرائيلي.

ما تمخض عن قمم الرياض يكشف عن تركيز شديد على الخطر الإيراني في المنطقة وعلى محاربة الإرهاب المتنامي بفعل عوامل كثيرة ، لذلك شكل حلف عربي إسلامي أمريكي لمواجهة هذه الأخطار ، وتم عقد صفقات بالمليارات من أجل مواجهتها .

القراءة التاريخية لحقيقة المواقف الأمريكية من إيران تؤكد أن ما يصرح به عكس ما هو مطبق، وأن إيران مجرد فزاعة تستخدمها أمريكا لتحريك أسواقها وبيع سلاحها لدول الخليج وضمان بقاء وجودها في الخليج العربي .

الشواهد على ذلك كثيرة، فحرب تحرير الكويت أو ما تعرف بحرب الخليج الثانية ١٩٩١م ، والتي قامت ضد العراق بفضل المال الخليجي ، أكتر من تربح واستفاد منها إيران فقد تمخض عنا تآكل وضعف العراق الذي كان يشكل عدو كبير لإيران في ظل قيادة الرئيس صدام حسين، وجبهة حامية للدول العربية من الأطماع الإيرانية، وهذه الحرب شهدت مشاركة سوريا حافظ الأسد بقوات سورية تحت قيادة القوات الأمريكية.

المشهد الثاني هو الغزو الأمريكي للعراق في 2003 والذي نتج عنه إسقاط النظام العراقي بقيادة صدام حسين واحتلال العراق ، وتشكيل حكومات عراقية مقربة لإيران وأمريكا ، الطريف أن من حكم العراق بعد الاحتلال الأمريكي أشخاص تواجدوا في سوريا وإيران مثل نوري المالكي ، فهذا يظهر حجم التناغم في المواقف الأمريكية والإيرانية في العراق من خلال تسهيل حكم العراق من خلال الجماعات المقربة لهم .

تشكيل المحاور في المنطقة العربية بين محورين ( محور سعودي خليجي مدعوم من أمريكا ظاهرياً، ومحور إيراني سوري مدعوم من روسيا فعلياً) ،والحشد الطائفي التي تقوم به إيران من خلال جماعات تابعة لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وقوة المال الذي تتحكم به السعودية .

لمصلحة القضية الفلسطينية ومن أجل مواقف عربية أكثر صدقاً تدافع عن الحق الفلسطيني المسلوب، يجب تشكيل جبهة عربية تنحاز للحقوق العربية وبعيدة عن الارتهان لإيران وأطماعها الطائفية في الدول العربية ،أو الخضوع للمواقف السعودية الخليجية التي تركز على الإبقاء على حكمها .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى