مخاوف من نشوب صراع إقليمي جديد بعد أن أيدوا الأكراد الاستقلال في الاستفتاء
-المركز الديمقراطي العربي
غذى الاستفتاء الذي أجراه إقليم كردستان يوم الاثنين في شمال العراق مخاوف من نشوب صراع إقليمي جديد.
دعا مسعود برزاني رئيس إقليم كردستان الحكومة العراقية في كلمة تلفزيونية إلى الدخول في “حوار جاد … بدلا من التهديد” بمعاقبة حكومة الإقليم. واستبعد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عقد محادثات بشأن استقلال الأكراد.
وقال إن الأكراد أيدوا الاستقلال في الاستفتاء الذي أجراه الإقليم يوم الاثنين في شمال العراق.
وقال برزاني “ربما نواجه مصاعب لكننا سنتغلب عليها” ودعا القوى العالمية إلى “احترام إرادة الملايين الذين صوتوا” في الاستفتاء.
نقل التلفزيون الرسمي العراقي عن رئيس الوزراء حيدر العبادي قوله إن حكومة بغداد أمهلت حكومة إقليم كردستان حتى الثالثة مساء (1200 بتوقيت جرينتش) من يوم الجمعة لتسليم السيطرة على مطاراته لتفادي حظر جوي دولي.
يأتي الإجراء ردا على الاستفتاء على الاستقلال الذي أجراه الإقليم في شمال العراق يوم الاثنين. ولا تشمل المهلة الرحلات الداخلية وفي أسوأ الحالات سيتم تحويل مسار الرحلات الدولية من وإلى كردستان إلى بغداد ومطارات عراقية أخرى.
وطلبت بغداد قبل عدة أيام من الدول الأجنبية وقف الرحلات المباشرة إلى مطاري أربيل والسليمانية الدوليين داخل الإقليم لكن لم تستجب لهذا النداء سوى إيران التي علقت الرحلات المباشرة إلى الإقليم.
وقال العبادي إن الرحلات الإنسانية والرحلات الطارئة ستعفى في حالة الحصول على موافقة بغداد مسبقا.
كما ستطلب بغداد من الدول المجاورة إغلاق الحدود مع كردستان العراق إذا لم تسلم حكومة الإقليم المعابر الحدودية للحكومة المركزية بحلول يوم الجمعة.
تعهدت إيران يوم الثلاثاء بالوقوف إلى جانب بغداد وأنقرة ضد نتيجة الاستفتاء على الاستقلال الذي أجرته السلطات الكردية في شمال العراق بعد يوم من خروج آلاف من الأكراد الإيرانيين في مسيرات تأييدا لهذا الاستفتاء.
ونسبت وسائل إعلام رسمية أيضا إلى قائد عسكري قوله إنه تم تركيب أنظمة صاروخية جديدة يوم الثلاثاء، بعد يوم من الاستفتاء، في أقاليم غربية متاخمة لمناطق كردية عراقية بهدف “الرد بحزم على أي غزو”.
ونددت إيران والعراق وتركيا، وهي دول تسكنها أقليات كردية، بالاستفتاء باعتباره تهديدا للاستقرار في المنطقة التي تشهد عدة صراعات بالفعل بينما عبرت الولايات المتحدة عن قلق مماثل.
وكثف علي أكبر ولايتي وهو أكبر مستشاري الزعيم الأعلى آية علي خامنئي الضغط فيما استبعدت الحكومة العراقية إجراء محادثات بشأن انفصال شمال العراق المحتمل والذي يسيطر عليه الأكراد وهددت تركيا بفرض عقوبات.
ونسبت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية إلى ولايتي قوله “الشعب العراقي لن يقف ساكنا. إيران وتركيا ودول أخرى في المنطقة لن تقف ساكنة وسنقف صفا واحدا ضد هذا الانحراف البغيض… الدول المسلمة لن تسمح بقيام إسرائيل ثانية”.
ولم يحدد ولايتي التحرك الذي تفكر فيه إيران. لكن وسائل إعلام إيرانية قارنت بين رغبة الأكراد في دولة وقيام دولة إسرائيل عام 1948.
وذكرت قناة رووداو التلفزيونية الكردية أن النتائج الأولية للاستفتاء تشير إلى أن 72 في المئة من الناخبين المسجلين أدلوا بأصواتهم وأن الغالبية العظمى منهم، ربما أكثر من 90 في المئة، صوتت بنعم. ومن المتوقع أن تصدر النتائج النهائية يوم الأربعاء.
ورغم سنوات القمع الرسمي للمعارضة راح السكان في عدد من المدن الكردية الرئيسية في شمال غرب إيران يرقصون في حلقات مساء يوم الاثنين وهم يرددون هتافات الإشادة بالحركات القومية الكردية.
وقال عضو في الحزب الديمقراطي لكردستان الإيرانية، وهو جماعة مسلحة علمانية تشن هجمات من حين لآخر في إيران، يدعى زاريبار ومن سكان مريوان “هذا الاستفتاء سيشجع الأكراد الإيرانيين على أن يكونوا أكثر تصميما على المطالبة بحقوقهم”.
وأضاف زاريبار الذي امتنع عن ذكر اسمه بالكامل “هذا الاستفتاء ليس تهديدا لجيران العراق لكنه نقطة انطلاق لحل مشاكل الأكراد وخاصة في إيران”.
وأعلنت إيران فرض حظر على الرحلات الجوية المباشرة إلى إقليم كردستان العراق ومنه يوم الأحد بناء على طلب الحكومة المركزية في بغداد ودعت كل الدول المجاورة إلى فرض حصار بري على الإقليم شبه المستقل.
ولم تذكر وسائل الإعلام تفاصيل أخرى عن الأنظمة الصاروخية التي تم تركيبها حديثا لكن مقاتلات الجيش الإيراني حلقت في استعراض للقوة فوق الأقاليم الغربية في إيران في إطار مناورة عسكرية بما في ذلك مدينتا سردشت وأوشناوية الكرديتان.
رغم أن كثيرين من أكراد إيران يودون تطبيق نموذج الاستفتاء فإن طريقهم إلى الحكم الذاتي أو الاستقلال أصعب بكثير في ظل حكم المؤسسة الدينية في الجمهورية الإسلامية ونفوذ الجيش.
فمنذ عشرات السنين يعمل الحرس الثوري على قمع الاضطرابات في المناطق الكردية كما أن القضاء المعروف بتشدده أصدر أحكاما بالسجن مددا طويلة أو حتى بالإعدام على كثيرين من النشطاء.
وأرسلت إيران قائد الحرس الثوري قاسم سليماني إلى شمال العراق الأسبوع الماضي في محاولة أخيرة فاشلة لإقناع حكومة إقليم كردستان بالامتناع عن إجراء الاستفتاء.
وقال كردي من مدينة بانه ذكر أن اسمه أربابا إنه يشعر بفرحة طاغية “من صميم قلبي بالنصر في الاستفتاء”.
غير أنه أبدى قلقه من أن يزيد الضغوط على أكراد إيران لمنعهم من السير في الطريق ذاته. وأضاف “النظام الإيراني سيعسكر المناطق الكردية أكثر مما هي عليه”.
وبالنسبة للدولة الإيرانية يمثل الاستفتاء على مطلب الأكراد بإقامة دولتهم المستقلة “مؤامرة صهيونية” ترمي إلى زعزعة استقرار المنطقة.
وقالت صحيفة كايهان التي تربطها صلات وثيقة بالزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي “ذلك الرأي أن شعبا راحلا مشتتا لن يجد السلام إلا إذا وجد وطنا كان لب الفلسفة وراء قيام إسرائيل”.
وتؤيد إسرائيل استقلال الأكراد وترتبط معهم بعلاقات عسكرية ومخابراتية واقتصادية منذ ستينيات القرن الماضي.