مقالات

الاستراتيجية والعبور الى المستقبل

بقلم : ريناس بنافي – باحث في الفكر السياسي والاستراتيجي – لندن

  • المركز الديمقراطي العربي

العبور الى المستقبل يعبر عن القناعة ببدء مستقبل جديد الوعي يكون فيه حاضرا ويختلف كليا عن الماضي، لأنه زمن حديث في مقابل الزمن القديم الأول.

والعبور الى المستقبل بالنسبة لنا أصبح حتمياً لأنه لم يعد هناك خيارا نعبر إليه وهذا العبور يستوجب منا أدوات ورؤى واضحة.

والعبور إلى المستقبل ينطلق من اعتقاد راسخ بأهمية وحدتنا واتحادنا لان التجزئة هي العامل الأخطر في إضعافنا والإبقاء على عجزنا في مواجهة التحديات.

ان إنجاز عملية العبور إلى المستقبل هي عملية إنجاز المشروع النهضوي التحرري والديمقراطي وهو أمر ممكن. على أن هذا الإمكان مشروط بجملة من الشروط التي يأتي في مقدمتها:

1- إرادة المستقبل التي تشكل الدافع للنهوض إلى الاضطلاع بمهمة العمل من أجل الغد وبذل ما يتطلبه ذلك من جهود وتضحيات.
2- التخطيط للمستقبل حتى يتوجه العمل من أجله الوجهة الصحيحة الموصلة إلى الهدف وهذا يتطلب أن يلبي التخطيط حاجاتنا الحقيقية العميقة وليس الحاجات المفتعلة والشعارات الزائفة.
3- معرفة الماضي: إذ لا بد من قراءة الماضي الذي ما زال مهيمناً على وعينا قراءة نقدية تسمح بالسيطرة عليه وتوظيفه في دعم عملية العبور إلى المستقبل.
والعبور الى المستقبل يكون باكتشاف حقائق الكون والحياة ومعرفة الغاية من الوجود والوقوف على القوانين والفلسفات. ووعينا بهذه الحقائق التي نكتشفها من خلال تجارب الحياة هو الطريق الخلاق.
تتكون استراتيجية العبور من فكرة ونظرية، وتطبيقات عملية، تهدف إلى تمكين المجتمع والدولة من مهارات مهمة . ونتيجة هذه الاستراتيجية نتمكن من أن نعبر عن أفكارنا.
والعبور الى المستقبل يكون بالرؤية القومية التي تعبر عن الحلم الوطني والمستقبل المنشود ، أي ما تود الدولة تحقيقه عند نهاية الاستراتيجية ، وهي عبارة عن صورة تخيلية للمستقبل المنشود الذي يجب أن يعبر عن وجدان وتطلعات شعب الدولة حتى يصبح حلماً حقيقياً .
فهي إذن وضع عام يتطلب تحقيق وتكامل مجموعة من الأوضاع والظروف في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية والتقنية والإعلامية والأمنية .
والتغيير الاستراتيجي الذي يعني القيام بترتيبات أساسية من شأنها توفير الأوضاع والظروف المطلوبة لتحقيق الغايات والأهداف الاستراتيجية والسعي لإحداث نقلة أساسية في القدرات التنافسية للدولة وتعزيز قدراتها تجاه تحقيق المصالح الوطنية الاستراتيجية التي يفرزها التخطيط الاستراتيجي القومي .
المسار الاستراتيجي هو تحديد الأهداف الاستراتيجية وتشخيص الأوضاع الداخلية بما يجعل الرؤية واضحة من حيث العقبات الداخلية والخارجية المطلوب تلافيها ومعالجتها حتى يتم تحقيق الخطة الاستراتيجية، ويشمل ذلك التغيير الاستراتيجي.
الشيء الذي يقتضي استدعاء فقه وثقافة وسلوك الدولة وتأسيس مفاهيم جديد تحكم التخطيط الاستراتيجي فضلاً عن أهمية إنتاج فكر استراتيجي وطني مساند للتخطيط الاستراتيجي القومي ، يتناسب مع التعقيدات والتحديات الوطنية الآنية والمستقبلية.
إن تحقيق الحلم الوطني يتطلب توجهات ومفاهيم استراتيجية جديدة فضلاً عن حتمية إجراء تغيير استراتيجي مناسب ، والتعامل معها بمسار استراتيجي طويل يكون اطول من عمر الحكومات. وهذا الشيء الذي يقتضي استدعاء فقه وثقافة وسلوك الدولة وعلى أهمية تأسيس مفاهيم جديدة تحكم الاستراتيجية فضلاً عن أهمية إنتاج فكر استراتيجي وطني مساند للتخطيط الاستراتيجي القومي ، يتناسب مع التعقيدات والتحديات الوطنية الآنية والمستقبلية.
وعندما تغيب الاستراتيجية ينتكس العمل وتستنزف الجهود دون معنى او تتحول الى نجاحات تكتيكية تعطي النشوة المخدرة لكن دون وجهة .
ان العمل المرحلي الاني من غير عمل مستمر هادف مجرد نثار من الاعمال لا تجمع شتاته رؤية موحدة على المدى البعيد .
ان الاستراتيجية مهمة ومصيرية فهي مهمة لأنها تخرجنا من عزلة وتدفعنا نحوه المواجهة والتنافس وتحررنا من ضغط الضرورة او الاستعجال او التجريب .
ومصيرية لأنها تساعدنا على ادارة المخاطر واستغلال الفرص كما تعلمنا الضبط والانضباط وحس المسؤولية وتحفز جهود فرق العمل وتوحدها حول رؤية واضحة للمستقبل .
فالخلل يكون عندما تهيمن اسئلة الحاضر على المجال ولا تترك حيزا لأسئلة المستقبل فقدرتنا على الاستمرار في الحياة مرتبطة بقدرتنا على اعداد المستقبل .
فوظيفة الاستراتيجية هي اعداد المستقبل ومعالجة الضعف والاداء وهيه بهذا تكون عملية صنع القرار باستخدام ما هو يقيني للوصول الى ما هو لا يقيني لتحقيق الفعالية في العمل وملائمة الواقع والتوافق مع حاجات الانسان لان الاستراتيجية علم بغايات الفعل وبسياقه وبالمنهج والوسيلة والطريقة للقيام بالأفعال .
ان ازمة الاستراتيجية مرتبطة بغياب المشروع والهدف والرؤية والمسار .
نجاح اي مشروع مرتبط بتحويله الى برامج ونجاح البرنامج مرتبط بإدراجه ضمن مشروع .
ويعتبر التنظيم والانضباط داخل النسق من مقومات نجاح اي استراتيجية .
ويجب ان يكون التنظيم في خدمة المشروع ومنسجم معه والا صار عائقا يوقف الاستمرارية ويسبب خطرا على وجود المشروع .
ان مواجهتنا لأوضاع خارجية صعبة تستوجب منا سؤال ماذا نفعل لمواجهة الخطر لا ان نسال ماذا سيحدث .
فالتحديات التي تخلقها الازمات كفيلة ان تجعلنا على اهبة الاستعداد دوما وتقديم الافضل لوطننا ومجتمعنا .
ان الوضعية الحالية هي من بناة افكارنا ولكي نواجه المستقبل علينا ان نفكر فيه لان ما نقوم به او نفعله محكوم بإرادتنا وبفهمنا بالوضعية التي نعيشها فنحن اما ان نمتلك مبادرة او يمتلكها غيرنا وحينها نكون داخل ما وضعه غيرنا لنا .
يعبر الغرب عن الاستراتيجية بالخطر بينما الصين تعبر عن الاستراتيجية بالفرص.
ان الازمة هي فرصة استراتيجية شرط فهمها والعمل على استغلالها وتطور وعينا وادراكنا بالواقع عامل حاسم في تطوير الواقع .
فاليقظة الاستراتيجية تقوم بالبحث المستمر عن المعلومات ومراقبة المحيط ورصد العلاقات وعلامات القوة والضعف
يتكون نظام الفعل الاستراتيجي من ثلاث اركان هما الوسائل والغايات والمسار او السناريو الاستراتيجي
فالمنهجية الاستراتيجية تهتم باعداد الوسائل التقنية والبشرية وتنظمها وتجهزها بشرط ان تكون مرتبطة بواقعها ومتفاعلة معه ومرتبطة بالاطار العام التي تندرج فيها الغايات والاهداف
وهي تعتمد على المنهج التجريبي من خلال دراسة تجارب الامم التي نهضت لا على المنهج القياسي الاستدلالي بعدها يتم التعلم وتحسين الاداء من خلال التجربة ودراسة التجارب السابقة وحينها تتحول التجارب الى يقظة واليقظة الى اسلوب في المواجهة

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى