مقالات

إضاءات على قمة العشرين في أوساكا اليابانية

كتب : درويش خليفة – المركز الديمقراطي العربي

 

كتبت في العام الماضي تزامنا مع قمة العشرينالتي أقيمت في العاصمة الارجنتينية بوينس آيرس:

وسط أزمات اقتصادية وسياسية تعصف بالدول الأعضاء، حيث التناقضات  بين المجتمعين بدأت مع الغاء لقاء الرئيسين الروسي والامريكي بسبب خلافهما الأخيرحول ما يحصل في بحر آزوف بين اوكرانيا وروسيا.

و حضور ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان والتي تشير معظم التحليلات، ضلوعه بمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي أنذاك، ودور المملكة السعودية في اليمن.

وكذلك الأحتجاجات المطالبة بتخفيض سعر الوقود في فرنسا وأخذت منحى جديد بتعامل رجال الشرطة بحزم وقوة مع المحتجين في حينها، والتي اعتبرها من وجهة نظري عصا امريكا التي تُلوح بها لتقويم سلوك ماكرون!

وتطرقت  ايضاًللقاءجمع الرئيسين الصيني والأمريكي، الذان ناقشا الصراع التجاري بين الدولتين. وكما تنبئت أن  أقصى ما يمكن الوصول له تعريفات جمركية جديدة بين المتناطحتين تجارياً.

وفي قمة أوساكا اليابانية للعالم الحالي، مازالت الظروف غير مواتية لتجارة وتنمية عالمية مستقرة ومستدامة  في ظل بؤر الصراعات المتناثرة والتي تحمل قواسم مشتركة عديدة.

وأخرها ما حصل في بحرعُمان من خلال أسقاط الطائرة الآميركية ومحاولة إيران في أثارة غضب الأمريكان في خليج العرب والتصريحات النارية من الطرفين، والمترافقة مع موجة الحر التي تجتاح المنطقة الشرق أوسطية.

ولكن المؤكد في هذا العام، الموافقة المسبقة على عقد مثلث لقاءات  بين الرئيسين الامريكي والروسي وكذلك لقاء بوتين بالرئيس التركي أردوغان، واخر أضلاع اللقاءات الثنائية، أجتماع الرئيس الأمريكي ترامب بالرئيس أردوغان ليكون خاتمة اللقاءات والتي تتمحور حول صفقة منظومة الدفاع الروسيةأس 400. والتي صرح عنها عدة مرات الرئيس التركي أنه تمت الصفقة ولا تراجع عنها.

وهذا ما سيؤثر على علاقات البلدين الشريكين في حلف الناتو.

الا أن الروس يستطيعون إخراج تركيا من أزمتها مع شركائها في الناتو، في حال صرحوا أنهم سيؤجلون تسليم المنظومة الدفاعية للاتراك الى أجل غير مسمى.

و أذا عدنا الى اللقاء الذي سيجمع بوتين ترامب، نجد من السهل علينا توقع اجنداته، بداية من الملاحة البحرية في مضيق هرمز وتقويم سلوك إيران، مروراً بالحالة السورية المتأزمة وسبل إخراج إيران من سوريا ودعم موسكو لصفقة القرن المزعومة التي تدعي لإعادة توطين الفلسطينيين خارج بلدهم الأم.

أما لقاء أردوغان بوتين فمن المتوقع ان يكون في حالة فتور معتمداً على التمعن في عيون الرئيسين من قبل المرافقين لهم من الدبلوماسيين، تكون محاور لقائهما، الشمال السوري وانتهاكات النظام السوري لاتفاق سوتشي عبر فتح معركة على المدنيين في قطاع إدلب وقصف القوات السورية لنقاط المراقبة التركية مراراُ خلال الأسابيع الماضية.

وللحديث عن مجموعة العشرين الأقتصادية ومراحل نشئتها، أسرد لكم في السطور التالية بعض التفاصيل الهامة:

 

 

أنشئت مجموعة العشرين عام 1999 بناء على مبادرة من مجموعة الدول الصناعية السبع لبحث المواضيع التي تخص الاقتصاد العالمي وذلك بعد مرور المجموعة الدولية بعدة منعطفات بعد الأزمة النفطية عام 1973 والركود الاقتصادي الذي تبعها.

دعت الولايات المتحدة الاميركية الى انشاء مجموعة أقتصادية في كيان غير رسمي يضمها وبريطانيا واليابان وفرنسا والمانيا الغربية وذلك من عام 1974. وفي العام الذي تلاه دعى الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار بالأضافة للدول أنفة الذكر، ايطاليا الى قمة رمبوليت، ليخرجوا بأتفاق يجمعهم سنوياً تكون رئاسته دورية.

لتنضم كندا في العام الذي يليه بناء على توصية الرئيس الامريكي حينها وتصبح مجموعة الدول الصناعية السبع.

وفي اعقاب الحرب الباردة وتفكك الأتحاد السوفيتي وإعطاء روسيا شرعية وراثته، تم دعوة الروس الى  قمة نابولي الايطالية في عام 1994 من قبل الرئيس الامريكي بيل كلينتون بصفة مراقب وتسمية التجمع بالسبعة + واحد. الى ان انضمت رسميا ً عام 1997 وليعتمد اسم جديد لها وهو مجموعة الثماني.

وتصبح الدول الاعضاء على النحو التالي: (امريكا- بريطانيا- المانيا- روسيا- ايطاليا- فرنسا- كندا- اليابان).

وبسبب الازمات المالية في التسعينات والتي لم تستطيع المجموعة السيطرة عليها تم توسيع المجموعة لتشمل الصين والهند والبرازيل أي الدول الناشئة أقتصادياً، والتي بدات تلعب دور مهما على صعيد العالمي.

في واشنطن من عام 1999 قام وزراء مالية المجموعة بتوسعتها لتصبح مجموعة العشرين لتعزيز الاستقرار عبر التنسيق الأقتصادي الدولي.

مجموعة العشرين تمثل ما نسبته ثلثي التجارة في العالم وتمثل أكثر من تسعون بالمئة من الناتج العالمي الخام.

تهدف المجموعة لنقاش القضايا الأساسية في الاقتصاد العالمي. حيث كان حضور قمة العشرين مقتصر على تمثيل وزاري قبيل الأزمة الأقتصادية العالمية في عام 2008.

ليتم تمثيل الدول الأعضاء برؤساء دولهم  التسعة عشر و ممثل الأتحاد الأوروبي . ويصبح التمثيل على النحو التالي: دول الثماني + دول الصناعات الناشئة الأحدى عشر وممثل الأتحاد الأوروبي الذي يمثله رئيس البرلمان. اما التمثيل القاري تأتي أسيا بالمرتبة الأولى عبرتواجد الصين والهند واندونسيا والسعودية واليابان وكوريا الجنوبية.

ويقتصر تمثيل القارة السمراء على جنوب أفريقيا، وبالنسبة لامريكا الجنوبية فالتمثيل من نصيب البرازيل والأرجنتين. والقارة العجوز يعود تمثيلها للدول الأربع ايطاليا والمانيا وبريطانيا وفرنسا. اضافة لتركيا وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك واستراليا. كما ويحضر مجموعة العشرين مؤسسات دولية ممثلة في البنك الدولي وصندوق النقد واللجنة الدولية البنكية ولجنة التنمية التابعة لصندوق النقد الدولي.

بحيث تكون أجتماعات مجموعة العشرين فرصة لتواصل زعماء دول العالم ومناقشة الأزمات السياسية والعمل على حلها، بالرغم من عدم جدوى المخرجات بسبب قوائم الوعود مع نهاية كل قمة، حيث لا ينفذ منها الا ما يخدم مصالح ثنائية للدول الأعضاء. وعلى سبيل المثال في قمة تركيا عام 2015 تم الخروج بقائمة تحتوي على 113 وعداً.. وكذلك قمة 2016 في الصين لم ينفذ من وعودها الا ما ذهبت له امريكا والصين بتحسين المناخ والعمل على تخفيض انبعاث الغازات السامة. اما قمة هامبورغ الالمانية فكانت ساخنة بسبب التوترات العالمية وأزمة اللاجئين والمظاهرات التي رافقتها المنددة بالسياسات الرأس مالية والعولمة والمطالبة بحماية البيئة.

الا أن في  قمة بوينس آيرس في العام الماضي أنتهت تحت عنوان ” التوافق على تنمية منصفة ومستدامة”.!

دائما ما تهدف قمة العشرين لتعزيز الأقتصاد العالمي وتطويره وتنظيمه، والعمل على إصلاح المؤسسات المالية الدولية، وتحسين النظام المالي، ودعم النمو الأقتصادي، وتطوير أليات فرص العمل وتوزعها.

وفي أوساكا ننتظر الكثير من زعماء العشرين وسط انقسامات غير مسبوقة في تاريخ الدبلوماسية الدولية.

 

 

 

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى