الفيدرالية مدخل الحل السوري والعلاقات الاقتصادية بابها
بقلم : درويش خليفة- كاتب صحفي سوري
- المركز الديمقراطي العربي
بعد تشتت الجغرافية السورية عبر مناطق نفوذ عسكرية تعبر عن طموحات الدول المتداخلة وتحقق مصالحها، وتماهي السوريين مع الحالة الفيدرالية العسكرية، مضطرين احياناً، و مستفيدين حين آخر، بسبب حاجة مناطقهم لموارد بعضهم البعض.
يضطر احياناً المتخاصمين لفتح حواجزهم العسكرية أمام الحركة التجارية و يغلقونها حين الطلب من الداعمين.
حيث يوجد في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا المسيطر عليها من قوات سورية الديمقراطية (قسد) المدعومة من التحالف الدولي، آبار النفط وحقول القمح.
والتي تكفي السوريين المحليين وبجميع مناطق النفوذ العسكري لولا افتعال الحرائق فيها بقصد أو بغير قصد.
أما في الشمال والشمال الغربي (درع الفرات وغصن الزيتون) و التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المدعومة من الجارة تركيا، تعتبر المنطقة خزان الزيتون وزيته و الفستق الحلبي، والمزروعات الموسمية، إذ يحقق الزيتون والفستق الحلبي اكتفاء ذاتي محلي ويزيد اضعافه للتصدير.
كما أن المنافذ البرية الحدودية مع تركيا في تلك المناطق ( معبر باب السلامة- معبر باب الهوى- معبر جرابلس) والتي مازالت تنشط تجاريا بشكل متصاعد، بعد اعتماد السوق المحلية السورية على البضائع التركية في ظل انحسار الصناعة المحلية بسبب عوائق خلفتها الحرب للصناعيين والتجار السوريين وتوسع نطاقها حسب رؤية وأهداف الدول المتداخلة.
أما في مناطق سيطرة النظام المدعوم روسيا وإيرانياً، الحياة هناك تعتبر الأغلى معيشيا بسبب استيرادها للبضائع الايرانية والروسية عبر الموانئ البحرية والتي تعتبر تكلفة نقلها مرتفعة جداً، مما يفسح المجال لإدخال البضائع التركية بطريقة التهريب من مناطق سيطرة الفصائل المعارضة عبر تجار الحرب في ضفتي السيطرة.
وهنا أود الأشارة، أن مناطق سيطرة النظام تعتبر ذو استهلاك أكبر من باقي المناطق بسبب استقرار معظم سكانها في منازلهم وعدم مغادرتهم لها. باستثناء المناطق التي أعادها النظام لسيطرته بعد أن كانت محررة ”الغوطة الشرقية- بعض احياء حُمُّص- قرى وبلدات من القلمون- أحياء حلب الشرقية- بعض مناطق ومدن حوران والقنيطرة“.
وهذا ما يجعل مناطق الفدرلة العسكرية بحاجة بعضها البعض بهدف التكامل الاقتصادي والتبادل التجاري، والذي يكون احياناً سببا رئيسيا في الصراع المشتعل بسبب طموح المتداخلين الإقليميين والدوليين في كسب مناطق تزخر بموارد وقطاعات وطرق الترانزيت والتي أصبحت أحد أسباب التصعيد في إدلب من خلال ”الضغط لتأمين محيط الطرق الدولية وفتحها“، خصوصاً أنه كان من المفترض وفق اتفاق سوتشي فتح طريق حلب-حماة، وحلب-اللاذقية نهاية العام الماضي.
حيث ينصّ الاتفاق على أنه ”ستجري استعادة طرق نقل الترانزيت عبر الطريقين إم 4 (حلب-اللاذقية) وإم 5 (حلب-حماة) بحلول نهاية عام 2018“.
حقيقة بعد ثمانية سنوات من الصراع المسلح بأدوات محلية وخارجية بات من الصعب على السوريين التعايش المشترك والعودة للحالة الطبيعية، بسبب شلالات الدماء التي تسببت فيها الزمرة الحاكمة باستدعائهم لقوى متطرفة إيرانية وعراقية عدة، وحزب الله اللبناني ليكونوا بجانب النظام في حربه وقمعه لمطالب السوريين في العدالة والحرية، وسحق معارضي بشار الأسد الذي يبدي ولاءً كاملا لنظام طهران و قاعدة حميميم الروسية التي حافظت على وجوده حتى الساعة.
بنية المجتمع السوري وتنوعها العرقي لن تسمح بسهولة في العقد أو العقدين القادمين من التعايش دون خروقات واضطرابات أمنية، تغذي أي حادثة من شأنها افتعال حروب فرعية تكون عائق أمام الاستقرار المستدام، والذي بدونه لن تولد التنمية الاقتصادية والمجتمعية وتبقى البلد بحالة توتر سياسي، تجعل من الجميع في حالة تأهب و ضغط على الزناد.
وبناء على ما سبق، أعتقد أن الفيدرالية قد تكون عامل مساعد نحو الاستقرار، بسبب توزع موارد سورية الاقتصادية.
مع بقاء الجيش والسياسة الخارجية مركزية و إعطاء مساحة للتكنوقراط لوضع نظام ضرائب عادل يراعي سكان الفيدراليات المناطقية.