مقالات

المصالحة الخليجية في لحظاتها الأخيرة

بقلم : أ. درويش خليفة – المركز الديمقراطي العربي

 

جميع المؤشرات تدل على إن المصالحة الخليجية أصبحت على أبواب الامراء والملوك العرب، بانتظار من يفتح بابه للآخر.

وأحد هذه المؤشرات تأكيد منتخبات السعودية والامارات والبحرين مشاركتها في بطولة كأس الخليج 24 لكرة القدم على أرض قطر في الدوحة والتي انطلقت في 26 نوفمبر الجاري.

وهذه خطوة جادة من الدول المذكورة منتخباتها نحو المصالحة السياسية بينهم وبين الدولة المضيفة قطر.

ولا يخفى على أحد دور الدبلوماسية الامريكية في المطالبة المستمرة بوحدة دول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك كان للرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» اليد الطولى في تقارب وجهات نظر الأطراف المختلفة، حيث كلف السفير الأمريكي لدى السعودية، الجنرال المتقاعد “جون أبي زيد” ودبلوماسيين آخرين في وزارة الخارجية ومسؤولين في البيت الأبيض بـ ˮ تنسيق الأمور بعيدا عن الأضواء وبشكل سرّي لتحقيق المصالحة″ وفقا لما نقله موقع قناة الحرة الأمريكية.

ومن الواضح أيضا أن الرئيس المصري سيكون جزءا من المصالحة أو لن يعارضها على أقل تقدير، بعد إعطائه جائزة ترضية من قبل ولي عهد ابوظبي الأمير «محمد بن زايد» خلال زيارته الأخيرة للعاصمة الإماراتية بإطلاق صندوق استثماري بين الإمارات ومصر بقيمة 20 مليار دولار- ومنحه الوسام الارفع في الامارات العربية المتحدة.

بالرغم من عدم تطرقهما للمصالحة أو أي إشارة للأزمة مع قطر في مؤتمرهم الصحفي عقب اللقاء الذي جمعهم في النصف الأول من هذا الشهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري في أبو ظبي.

وفي الحقيقة لا أرى من حل الآزمة الخليجية سوى عزل إيران عن محيطها الإقليمي بعد تعاظم نفوذها في كل من العراق ولبنان وسورية واليمن.

ووضع استراتيجية خليجية تهدف للتنسيق مع الدول التي تشهد تغييرا في أنظمتها وتحولا في اتجاهاتها السياسية عبر فك الكماشة التي كانت مطبقة على افواه مواطنيها الطامحين في الاستفادة من العولمة والانتقال نحو الديمقراطية وإطلاق الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني.

ولكني أحاول فهم العلاقة التركية القطرية ما بعد المصالحة وما مدى استمرارها بشكلها الحالي وما مدى أن تؤثر في تقريب وجهات النظر الخليجية التركية كخطوة تعزز عزل إيران عن محيطها الإقليمي بالكامل.

إذ أنني أرى، ان المصالحة فرصة لفتح نوافذ جديدة وفي طي الخلافات الشرق أوسطية كالخلاف التركي المصري وخلاف تركيا مع الامارات والسعودية بسبب دعم تركيا لتنظيم الاخوان المسلمين المصنف إرهابيا في الدول أنفة الذكر.

بالرغم من حجم التبادل التجاري الكبير بين تركيا ودول الخليج وبالذات في القطاع العقاري وقطاع الغذائيات، حيث بلغ، وفقا لشبكة سي إن إن الإخبارية حجم التدفقات الرأسمالية من منطقة الخليج التي تم توجيهها نحو تركيا 19 مليار دولار منذ عام 2003 وحتى نهاية العام 2018 بما يمثل 9.4% من حجم الاستثمارات الأجنبية كاملة في تركيا، وتأتي الاستثمارات الخليجية في المرتبة الثالثة بعد بريطانيا وهولندا صاحبتا أكبر استثمارات خارجية في تركيا.

ومن وجهة نظري الإعلام لعب دور كبير في توسيع فجوة الخلاف الخليجي وحتى يتم ردمه عليهم وضع ضوابط إعلامية موحدة تساهم في رأب الصدع وتعزيز الأنشطة الرياضية والثقافية بين شعوبهم ليعود الوئام بينهم ويتناسوا كل ما حصل خلال العامين ونصف الماضية.

وهنا تعد بطولة كأس الخليج التي انطلقت يوم الثلاثاء 26 من الشهر الجاري، فرصة سانحة للدخول في حالة النسيان لسنوات الحصار على قطر عبر مشاركة الفرق المقاطعة (السعودية-الامارات-البحرين).

يبدو السباق نحو الزعامة السنية (الإسلام السني) من الأسباب التي تجعل حل الخلافات ليس بالأمر السهل في القريب العاجل او المتوسط، عكس إيران المتزعمة الشيعة بلا منازع بل وتتمدد في دول عدة، عربية وأسيوية.

السؤال الذي ينبغي علينا أن نسأله كسوريين، هل ستنعكس المصالحة الخليجية على الحالة السورية، وفي صالح من ستكون انعكاساتها؟

لا أعتقد أن أي دولة خليجية سوف تغرد خارج السرب الأمريكي ولو كانت على صلة وعلاقات وثيقة مع الدول المتداخلة في الشأن السوري سياسيا عسكريا.

ولكنهم سيبقون على مساعداتهم الإنسانية قائمة كون دول مجلس التعاون من أكثر الدول التي قدمت مساعدات لأشقائهم السوريين المنهكين من الحرب التي طالتهم بسبب سياسات بشار الأسد القمعية ومن خلفه حلفائه الروس والإيرانيين.

3.4/5 - (7 أصوات)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى