الحملة الإستفتائية لمشروع تعديل الدستور الجزائري 2020 – على ضوء القرار 03/10/2020 ، للسلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات-
بقلم : يوسف بوغرارة/ باحث دكتوراه علوم سياسية وعلاقات دولية، جامعة وهران2-الجزائر- مدير تحرير مجلة الدراسات الإستراتيجية والعسكرية –المركز الديمقراطي العربي-
يعتبر الإستفتاء الآلية الديمقراطية المباشرة للتعبير عن إرادة الشعب، للتدخل في القضايا المهمة؛ كنوع من أنواع ممارسة الشعب للسلطة، على غرار أنواعه؛ الإستفتاء الدستوري، السياسي، التشريعي.[i]
تمر الجزائر نحو مرحلة حاسمة من تاريخها العريق نحو الرقي الإجتماعي وتعزيز سبل الديمقراطية، يتمحور حول الإستفتاء الشعبي على مشروع تعديل الدستور في الفاتح من نوفمبر 2020؛ والذي نتج عن محصلة تفاعل مختلف الأطياف السياسية والإجتماعية والأكاديمية والثقافية، والعديد من الفاعلين، قدموا مقترحات وأراء مست جميع أبواب مشروع الدستور إستنادا لمحاور التعديل الكبرى المتبناة من طرف رئيس جمهورية الجزائر.[ii]
وفي هذا السياق، يعتبر الإستفتاء عملية انتخابية مشمولة بالعديد من الإجراءات والمحطات؛ أهمها الحملة الإنتخابية، حيث أوكلت هذه المهام للسلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات بناءا على القانون العضوي رقم 19-07 المؤرخ في 14 سبتمبر 2019 المحدد لصلاحياتها وتشكيلتها وسيرها، وطبقا لإحكام المادتين 7 و8 منه، حيث جاء نص المادة 7:”تتولى السلطة المستقلة تحضير الإنتخابات وتنظيمها وإدارتها والإشراف عليها إبتداءا من عملية التسجيل في القوائم الإنتخابية ومراجعتها مرورا بكل عمليات تحضير العملية الإنتخابية وعمليات التصويت والفرز والبث في النزاعات الإنتخابية، طبقا للتشريع الساري المفعول إلى غاية الإعلان عن النتائج الأولية”. وجاء في نص المادة 8: “تتخذ السلطة كل الإجراءات والتدابير التي تضمن تحضير وإجراء الإنتخابات…لا سيما:…- تحديد أماكن تعليق ملصقات المترشحين وكل ما يتعلق بإشهار الحملة الإنتخابية…-توزيع قاعات الإجتماع والهياكل على المترشحين…”.[iii]
وفي إطار الإقبال على حدث وطني مهم بالنسبة للشعب الجزائري، إستنادا لصلاحيات السلطة المستقلة؛ صدر عنها القرار المؤرخ في 03 أكتوبر سنة 2020، المحدد لقواعد تنظيم التجمعات والمهرجانات في إطار الحملة الإستفتائية. والتي ستدوم إلى غاية 28 أكتوبر الجاري، حيث جاء نص القرار في عناصر تنظيمية شملت:[iv]
– الفواعل المشاركة في الحملة الإستفتائية: وذلك بفتح المجال أمام العديد من الفاعلين، للمشاركة من طرفّ:
-الطاقم الحكومي؛ بإعتباره الأداة الرسمية لتنفيذ برنامج رئيس الجمهورية، يعود له الدور في شرح والدعاية لمشروع الدستور وحث المواطنين على التوجه لمكاتب الإقتراع لإعطاء الدفع القوي للمشروع باعتباره اللبنة الأولى في بناء الجزائر الجديدة.[v]
-الأحزاب السياسية؛ كقوى سياسية مكونة للنظام السياسي، وفاعلة في تكريس الإرادة الشعبية والسياسية، حيث تؤثر ممارسات الأحزاب السياسية وسياساتها وقيمها تأثيرا عميقا المشاركة السياسية والتمثيل السياسي لفئات المجتمع.[vi]
-الشخصيات السياسية؛ باعتبارها الطبقة الفاعلة في الشؤون السياسية للدولة، من خلال إبراز آرائها ومواقفها المؤثرة كالتعبئة الشعبية وتنوير الرأي العام.
-الجمعيات الوطنية والجمعيات المحلية البلدية والولائية والجمعيات ما بين الولايات، وذات الطابع الخاص منها المؤسسات والوداديات والجمعيات الطلابية والرياضية؛ والتي تعتبر من مكونات النظام الإجتماعي، فاعلة في مختلف أبعاد التنمية؛ باعتبارها تشكيلات إجتماعية فاعلة ومنظمة تسعى على أسس تطوعية غير ربحية لتحقيق أهداف عامة لمجموعة تعتمد أساليب الحكم الراشد في أطر قانونية تضمن الشفافية.[vii]
– ضوابط إحترازية للمشاركة في الحملة الإستفتائية: فقد نوهت أحكام القرار بضرورة التقيد بأحكام القانون رقم 89-28، المؤرخ في 31 ديسمبر سنة 1989. والذي يكرس حق الإجتماع، ويتضمن 27 مادة؛ لا سيما منها الأحكام الجزائية لكل من يخالف أحكام المواد. وكذا الإلتزام بالتدابير الوقائية من خطر تفشي وباء فيروس كورونا كوفيد19 أثناء التجمعات.
– إجراءات وتدابير الحملة الإستفتائية: حيث جاء القرار في ما يخص إجراءات الحملة الإنتخابية بقواعد إجرائية؛ تكمن في ضرورة إخطار المنسق الولائي للسلطة المستقلة للإنتخابات من طرف أي جهة منظمة للتجمع أو المهرجان في غضون 3 أيام على الأقل قبل تاريخ تنظيم هذا النشاط، وهذا ليتوفر متسع من الوقت للمنسق الولائي في توزيع القاعات والهياكل بعدالة. وتستثنى النشاطات المبرمجة يومي 7 و 8أكتوبر 2020 بتقليص أآجال الإخطار إلى 48 ساعة.
– السلوكات غير المسموح بها في الحملة الإستفتائية: حيث جاء نص القرار صريحا في منع :
-إستعمال الطرق الإشهارية لأغراض تجارية و ربحية.
– إستعمال اللغات الأجنبية في الحملة الإستفتائية. وهذا راجع لعدة إعتبارات.
– إستعمال كل خطاب يناقض الأمن العمومي والأخلاق الحسنة. حيث تشير الفقرة على أخلقة المشاركة السياسية.[viii]
وأي إخلال بهذه التوجيهات، سيترتب عليه أحكام جزائية.
وعليه، مما سبق، نظمت النصوص القانونية العملية الإستفتائية بما يتماشى مع مبدأ تكافؤ الفرص وتوسيع المشاركة السياسية، مع ضمان سريان العملية بطريقة مهيكلة ومؤمنة لتحقيق الأهداف، وإضفاء الشفافية على الإستفتاء الشعبي المقبل.
الكلمات المفتاحية: مشروع الدستور، الحملة الإستفتائية، السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات، الجزائر.
[i] الموسوعة العربية، الإستفتاء، http://arab-ency.com.sy/law/detail/163144
[ii] يوسف بوغرارة، المشروع التمهيدي لتعديل الدستور الجزائري– قراءة تحليلية لحقوق الإنسان والأمن السياسي-، المركز الديمقراطي العربي.
[iii] القانون العضوي رقم 19-07 المؤرخ في 14 سبتمبر 2019.
[iv] القرار المؤرخ في 03 أكتوبر سنة 2020، الصادر عن السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات.
[v] الإذاعة الجزائرية، الرئيس تبون: مشروع تعديل الدستور يندرج ضمن متطلبات بناء الدولة العصرية وممارسة الديمقراطية الحقيقية، https://www.radioalgerie.dz/news/ar/article/20201005/200326.html
[vi] مسراتي سليمة، دور الأحزاب في تفعيل المشاركة السياسية للمرأة، مجلة صوت القانون، المجلد 5، العدد 2، 2018.
[vii] بن ناصر بوطيب، “النظام القانوني للجمعيات في الجزائر”، دفاتر السياسة والقانون، العدد 10، 2014.
[viii] القرار المؤرخ في 03 أكتوبر سنة 2020، الصادر عن السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات.