اقتراب صنع واتخاذ القرار السياسي في المؤسسات الدولاتية
اعداد : التجاني صلاح عبدالله المبارك – المركز الديمقراطي العربي
تعتبر عملية صنع القرار عملية حياتية لازمة لا غنى للفرد عنها، ولا يمكن تصور سيرورة الفرد بمعزل عنها. محصلة صنع القرار سواء في المجال الاجتماعي للأفراد أو الاقتصادي أو الأمني أو السياسي أو أي مجالات أخرى، أنه يحدث بموجبها تغير ما أو مجموعة تغيرات، تقود إلى اختلاف كامل شامل عما كان عليه الوضع قبل اتخاذ وصنع القرار ، ويكفي في هذا الصدد أن نشير أن عدم اتخاذ الفرد لقرار ما في حياته ، إذا جاز أن يحدث ذلك، وهو ما لا يمكن تصوره وتوقعه، ويعد من المستحيلات، يعتبر أيضا ضربا من ضروب اتخاذ وصنع القرار.
عملية صنع القرار السياسي هي من العمليات الحياتية الهامة التي يتوقف عليها حدوث تغير أو تغيرات ما قد تكون وقتية قصيرة الأجل ، وقد تكون من ناحية ثانية طويلة المفعول وذات تأثير ممتد ربما لأجيال متعاقبة، ووفقا لأهمية هذه العملية الحياتية التي ربما تغير أحوال ما 180درجة كاملة، فإن صانع أو صناع القرار السياسي يقفون على مسؤلية عظيمة وجسيمة، تتطلب منهم استعمال طاقتهم القصوى ومهاراتهم المتعددة في تحديد أو تغليب الرأي الحصيف.[1]
القرار لغة:
قال” ابن منظور” في (لسان العرب):
والقرار : ما قر فيه الماء . والقرار ، والقرارة من الأرض : المطمئن المستقر ، وقيل : هو القاع المستدير ، وقال أبو حنيفة : القرارة كل مطمئن اندفع إليه الماء فاستقر فيه ، قال : وهي من مكارم الأرض إذا كانت سهولة.[2]
وفي(مختار الصحاح) : القرار: المستقر من الأرض ، ويوم القر بالفتح ، هو اليوم الذي بعد يوم النحر، لأن الناس يقرون في منازلهم، والقرار في المكان الاستقرار فيه؛ تقول قررت بالمكان بالكسر أقر قرارا، وقررت أيضا بالفتح أقر قرارا وقارة مقارة أي قر معه وسكن.[3]
المعنى الاصطلاحي للقرار:
اما اصطلاحا فيشير مفهوم القرار، إلى اختيار البدائل الارجح أو الامثل، كما يعني ما يستقر عليه من موقف واع لمن له حق البت في أمر ما بعد التأمل الذهني في الخيارات المتاحة.[4]
تعريف صنع القرار :
يمكن تعريف عملية صنع القرار بأنها عملية معقدة تنطوي على عدة خطوات تتناول البدائل المتاحة التي يتم ترشيحها وفق آليات مؤسسات صنع القرار، وتوفق أو تفاضل بينها بحسب المعطيات المطروحة والمتحصلة من المؤسسات ذات الصلة، ويتم في آخر العملية اختيار وترشيح أقوى البدائل لتجاوز الموقف الراهن المعقد أو المستقبلي.
يعرف القرار السياسي بأنه: قيام من هم في مواقع مواقع السلطة والمسؤولية أو من تتوافر له أو لهم القوة والقدرة، باختيار احد الحلول البديلة المطروحة لمواجهة مشكلة ما، ومن ثم فان القرار هو” وصفة ” أو التزام بالتصرف على نحو معين من قبل اصحاب السلطة والنفوذ. [5]
يمكن وصف وتعريف عملية صنع القرار السياسي بأنها العملية التي تعبر عن توجه الدولة في الوقت الراهن أو المستقبلي، وتتم بعد دراسة مستفيضة لكافة المتغيرات السياسية الراهنة وتغليب أحد البدائل في نهاية الأمر.[6]
هى عملية التفاعل بين كافة المشاركين بصفة رسمية وغير رسمية فى تقرير ورسم السياسات العامة، وفى هذه العملية نجد أن التقارير واعدادها تلعب دور هام فى رسم سلوك المؤسسات السياسية، حيث أن هذه المؤسسات عادة ماتختار احد التصورات التى ترى أنها الافضل فى حل مشكلاتها وتحقيق اقصى قدر من المنفعة.[7]
ومن هنا يمكن الاشارة إلى تعريف جامع لعملية صنع القرار، ألا وهو مجموعة القواعد والخطوات التى يتبعها المشاركون فى عملية اتخاذ القرار، من أجل اختيار معين بهدف حل مشكلة محددة ، أي هى تلك الاسس الرسمية وغير الرسمية التى يتم بواسطتها تقيم الاختيارات المتاحة والعمل على إحداث توافق فيما بينها.[8]
تعريف عملية صنع القرار السياسي الخارجي:
يمكن تعريف عملية صنع القرار السياسي الخارجي أيضا، بأنه عملية معقدة تنطوي على عدة خطوات تتناول البدائل المتاحة، وتوفق أو تفاضل بينها بحسب المعطيات المطروحة والمتحصلة من المؤسسات ذات الصلة، ويتم في آخر العملية اختيار وترشيح أقوى البدائل لتجاوز الموقف الراهن أو المستقبلي ، بما يضمن ويحقق ويميز سيادة الدولة واستقلالها وارادتها، عن جميع الوحدات السياسية في المجتمع الدولي.
يجادل ” ريتشارد سنايدر ” Richard Snyder بأن عملية صنع القرار هي اختيار بديل من البدائل يخضع لتوجيه فريق العمل والمستشارين الذين يوضحون ما لكل بديل وما عليه.
ومن تعريفاته أيضا:
هو العملية التي تتضمن تحديد الأهداف والمصالح القومية واتخاذ القرارات اللازمة لوضعها موضع التطبيق من خلال أدوات تنفيذ السياسة الخارجية المختلفة: الدبلوماسية، الإعلامية، الاقتصادية والعسكرية.
عملية صنع القرار السياسي هي عملية فنية وذهنية في آن واحد، إذ أنها تحتاج إلى الإلمام الكافى بالجوانب الفنية والمعلومات الدقيقة المتصلة بالموضوع، كما أنها تحتاج إلى مهارات عالية فى التحليل والمفاضلة بين البدائل واختيار البديل المناسب.[9]
الاختلاف بين طبيعة المدرسة الأمريكية والمدرسة الاوروبية في تناولهما للسياسة الخارجية:
في هذا السياق، ينبغي أن نشير إشارة عابرة لطبيعة المدرسة الأمريكية في تناولها للسياسة الخارجية واحداث وصنع القرار، واختلافها عن المدرسة الأوروبية ، ففي الوقت الذي تهتم فيه المدرسة الأوروبية في علم السياسة بدراسة التاريخ والفلسفة لما لهما من تأثير مباشر في التفاعلات السياسية؛ فقد أولت المدرسة الأمريكية جل اهتمامها في علم النفس والاحصاء، لذا كان لهذا الاهتمام تأثيرا كبيرا في صنع القرار السياسي لكلا المدرستين لا تخطئه العين.
تختلف المدرسة الأميركية في العلوم السياسية اختلافاً كبيراً عن نظيرتها الأوروبية، وهو ما لمسته بنفسي عبر رحلتي الأكاديمية.. ففي مرحلة مبكرة من هذه الرحلة لاحظت أن المدرسة الأوروبية تولي اهتماماً خاصاً بالفلسفة والتاريخ وتعتبرهما رافدين لا غنى عنهما في التكوين العلمي والمهني لطلاب علم السياسة، بينما تولي المدرسة الأميركية اهتماماً أكبر بمواد أخرى يغلب عليها الطابع العملي، كالإحصاء وعلم النفس، وهو الأمر الذي كانت له انعكاسات واضحة ليس فقط على السمات الأكاديمية لكل من المدرستين وإنما أيضاً على أسلوب عمل المؤسسات المسؤولة عن صنع السياسة الخارجية في كل من الولايات المتحدة والدول الأوروبية.[10]
على الصعيد الدبلوماسي يمكن القول إن الولع بالجوانب الإجرائية والشكلية سيطر على أداء المراكز الأميركية لعملية صنع القرار في السياسة الخارجية، على حساب الجوانب الموضوعية والقيمية، وأصبح هناك ميل غريزي لاعتماد أسلوب «إدارة الأزمات» عند التعامل مع المشكلات الدولية، بدلاً من التعاون مع المجتمع الدولي لبحث أنسب السبل لحلها، وازداد الهوس بفنون صك المصطلحات المراوغة لمساعدة الإدارات الأميركية المتعاقبة على تذليل العقبات التي تعترض طريقها في إدارة الأزمات، بما يكفل تعظيم المكاسب إلى أقصى حد ممكن و أو تقليل الخسائر إلى أدني حد ممكن.[11]
عوامل صنع القرار السياسى والوحدات المشاركة في صنع القرار السياسي:
توجد عدة عوامل تؤثر مجتمعة في عملية صنع القرار السياسي، بعضها يحتاج إليها صانع القرار بالضرورة، ولا يمكن تصور تكون واقتراب القرار دون الرجوع إليها ، مثل الرأي العام ورؤية الاحزاب الرئيسية في الدولة ، وبعضها الآخر تفرض نفسها أيضا بالضرورة في عملية صنع القرار ، مثل مؤسسات الدولة الحكومية، وجماعات الضغط والمصالح.
وتعتبر المؤسسات الدولاتية مثل السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية، والمؤسسات الأخرى غير الرسمية مثل جماعات الضغط والمصالح ، والأحزاب السياسية والرأي العام، ومراكز البحوث والدراسات وخزانات التفكير والدراسات المستقبلية والاستشرافية،وطبيعة النظام السائد والأيدلوجية التي يتبناها، هي من اهم عوامل صنع القرار السياسي.
أولاً المؤسسات الرسمية في الدولة:
السلطة التشريعية:
تختص السلطة التشريعية بصنع القرارات المختصة باصدار التشريعات والقوانين على المستوى الداخلي في الدولة، ويظهر نفوذها وصلاحيتها في ذلك اكثر من المستوى الخارجي الذي يتطلب بدوره قدرا أكبر من الكتمان والسرية والدبلوماسية.
في الولايات المتحدة مثالا، يعتبر الكونجرس الذي يتكون من مجلسي الشيوخ والنواب، هو الهيئة التشريعية التي تصدر منها القوانين الفيدرالية.
أمام تعدد مشروعات القوانين التي تعرض على الكونجرس سنوياً، فإن عضو الكونجرس قد لا يستطيع ـ في الغالب ـ أن يتخذ قرارا واعيا ومدروسا تجاه القضايا المعروضة عليه سوى مرات محدودة جدا، أما بخصوص بقية القرارات التي يتحتم عليه اتخاذها، فيجب عليه البحث عن أسلوب أخر لاتخاذها لا يرتبط بأسلوب التفكير العقلاني، الذي يعتمد على الدراسة الواعية والدقيقة لتفاصيل أي قضية قبل اتخاذ قرار فيها، وهو ما يصفه البعض بأنه أسلوب “سياسي” وكذلك الاعتماد على طاقم كبير من المساعدين، م يقدمون مساعدات كبيرة لعضو الكونجرس مثل دراسة القضايا، ورفع تقارير بخصوصها إليه، وتنظيم وقته، واللقاء مع ممثلي جماعات المصالح.[12]
السلطة القضائية:
يتمثل دور السلطة القضائية باعتبارها عاملا من عوامل صنع القرار في الدولة، بتطبيق وترسيخ الأحكام القضائية وانفاذها، لتحقيق العدالة بين الأفراد.
السلطة التنفيذية :
يقع على السلطة التنفيذية الدور الفعلي والاكبر في تنفيذ وتحقيق كل التشريعات والقوانين الصادرة من السلطة التشريعية، وبدورها هذا فهي تساهم في تنفيذ القرارات الصادرة، وتحويلها إلى قرارات حقيقية منفذة على أرض الواقع.
ثانيا: المؤسسات غير الرسمية :
الاحزاب السياسية:
الاحزاب السياسية والجمعيات السياسية الوطنية تعتبر عاملا مهما من عوامل صنع القرار ، فهي تتفاعل مع القضايا المطروحة الراهنة ، وتفعل موقفا موحدا من داخل أروقة الحزب وصفوفه، يعبر عن رؤيتها ومطالبتها.
الراى العام :
يعتبر الرأي العام من أقوى العوامل المؤثرة في صنع القرار السياسي للنخبة الحاكمة، وذلك لدور الرأي العام في إثارة وتحريك القضايا على السطح السياسي، التي تتطلب قرارا عاجلا،وتعمل على تكوين شعور عام موحد تجاه القضية الهامة موضع النزاع ، ويتشارك في تكوين الرأي العام مجموعات أهل الفكر والرأي والنخب المستنيرة في المجتمع ، من خلال وسائل الاعلام أو من خلال القنوات الحزبية.
الإعلام بدوره يؤثر على عملية صنع القرار عبر أربعة مراحل: تحديد المشكلة، تحديد البدائل، اختيار المعلومات، تطبيق القرار. فهو يعمل في عمقه الاستراتيجي على تدفق المعلومات بشكل يعمد على ترسيخ القرارات؛ ما يضع الرأي العام، محط الدراسة، في جانب علاقة التأثير والتأثر في مفهوم صناعة القرار السياسي.[13]
جماعات المصالح :
تعتبر جماعات الضغط والمصالح عاملا هاما في تكوين وصنع القرار، وهي جماعات مختلفة تجمعها المصلحة والاهداف المشتركة ، والقرار المتوقع صدوره اما ان يكون قرارا هاما يتماهى ويتوافق مع مصالحها الفعلية، لذلك تسعى في تحقيقه وانفاذه بكل السبل القويمة المتاحة وربما غير القويمة ، وإما ان يتعارض مع مصالحها وأهدافها فتسعى بكل السبل ايضا إلى افشاله وتثبيطه.
جماعات الضغط هي جماعات مختلفة الهوية والعدد التنظيم والمكانة والقوة ، لها هدف إثارة اهتمام الحكومة حول قضية ما تهم هذه الجماعات ويخدم مصالحها، ولكي تتمكن من القيام بدورها يلزمها وجود قنوات رسمية حكومية وغير حكومية لتوصيل صوتها عن صنع السياسة العامة ، ولديها أساليب للضغط متنوعة كوجود متحدثين مثلا( مسئولين) عن مقترحات رسم السياسة العامة، وعن طريق التأثير في الرأي العام ليتخذ موقف ضد السلطة أو على الأقل يسهل تمرير المشاريع.[14]
وتعرف جماعات المصالح بعدة تعريفات أخرى متقاربة في المعنى:
هي مجموعة من الأفراد تسعى للتاثير- بوسائلها الخاصة -على عملية صنع السياسات العامة لدفعها في الاتجاه الذي يحقق مصالح اعضائها المادية والمعنوية ، دون السعي للمشاركة في الحكم أو تحمل المسؤولية.[15]
هي جماعة تسعى لتحقيق هدف أو اهداف معينة مرتبطة بمصالح اعضائها بكافة الوسائل الممكنة، عبر التأثير والضغط على قرارات وسياسات السلطة السياسية ، ولكن ليس من اهدافها الوصول إلى السلطة.[16]
مراكز البحوث والدراسات وخزانات التفكير:
تمثل مراكز البحوث والدراسات وخزانات التفكير معينا هاما في صنع واتخاذ القرار السياسي، إذ أنها تقدم توصياتها ودراساتها في مجال التفكير الاستراتيجي والمستقبلي للجهات المسئولة المختصة، وتقوم بتحديد الحلول كاملة مستوفية حول أيا من القضايا الراهنة أو المستقبلية التي تتطلب اتخاذ القرار.
من الصفات التي ينبغي أن تتميز بها مراكز الدراسات والبحوث، هو تجردها الكامل وتوخيها الدقة والمصداقية والنزاهة ، مبتعدة قدر الامكان عن أي اغراءت سياسية أو مادية تقدم لها من أي جهة بشأن استمالتها ووقوفها معها، في ترجيح بديل من البدائل الناقصة، التي تصب في مصلحة جهة أو جهات معينة ما.
لمراكز الدراسات والبحوث أو ما يطلق عليها أحيانا خزانات التفكير (Think Tanks) ادوارا كبيرة في صنع السياسة العامة، لأن المعرفة المتخصصة التي تقدمها هذه المراكز من خلال الإصدارات العلمية والندوات المتخصصة تضاعف مستوى الوعي لدى صانع القرار والمؤسسات والأفراد، وتساعدهم على الربط بين الوقائع الميدانية واطارها العلمي النظري.
تمثل مراكز الأبحاث مجسات للاستشعار المبكر واستقراء المستقبل من خلال دورها في الاستشراف المستقبلي استنادا إلى قواعد علم المستقبليات، لمساعدة صناع القرار على التخطيط الإستراتيجي للمستقبل، كما انها تعمل على ترشيد أو عقلنة القرار السياسي للمسئولين وصناع القرار لتقليل احتمال الخطأ أو الفشل في صنع ورسم السياسة العامة، بالاضافة إلى دورها في تشكيل الرأي العام من خلال دورها المعرفي ، وقدرتها على التكتل والضغط لمصلحة فئة معينة أو تحقيق سياسة معينة.[17]
في إطار هذه المراكز ظهر أبرز مفكري الاستراتيجية وصانعي القرار في الولايات المتحدة، مثل: ماك جورج باندي (مستشار الأمن القومي في عهد كنيدي ـ من مؤسسة روكفلر)، وهنري كيسنجر (مستشار الأمن القومي للرئيس نيكسون ـ من مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك)، وزبجنيو برجينسكي (مستشار الأمن القومي للرئيس كارتر ـ من مؤسسة بروكينجز)، وكوندوليزا رايس (مستشارة الأمن القومي للرئيس جورج بوش ـ من جماعة المشروع الأميركي) .[18]
في هذا النسق، يلاحظ أن دور مفكري الإستراتيجية في الولايات المتحدة يعتبر جناحا ثانيا لمؤسسة الرئاسة في إحداث القرار السياسي، إذا إعتبرنا الجناح الأول يتضمن شخصية الرئيس القوية والكاريزما القوية التي يتمتع بها، اضافة إلى سيطرة الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس ، والشعبية والقبول الكبير الذي يلاقيه الإثنان في البلاد.
أن الفاعلية في إدارة وصنع قرارات السياسة الخارجية من جانب مؤسسة الرئاسة أو من جانب الكونجرس تتوقف بدرجة كبيرة على عدد من الاعتبارات من بينها: الحزب المسيطر في الكونجرس، وشخصية الرئيس، والمناخ السياسي العام، فسيطرة الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس على الكونجرس تسهل تصديق الكونجرس على قراراته، وعندما تكون شخصية الرئيس قوية، تزيد من قدرته في السيطرة على الكونجرس، كذلك فإنه عندما يشعر الجميع أن المجتمع الأميركي يواجه تحديات مصيرية، يكون للرئيس الكلمة العليا، حيث تتوحد الصفوف خلفه باعتباره رمزاً للأمة، ومدافعاً عن مبادئها وقيمه.[19]
مراحل صنع القرار السياسي :
1_مرحلة ظهور المشكلة أو القضية الموجودة في الوقت الراهن:
تظهر المشكلة أو القضية على السطح الدولاتي بفعل أطراف خارجية في أكثر الحالات، أو أطراف داخلية بحجم أقل في حالة الدول المستقرة سياسيا، وتؤثر القضية المثارة على تماسك واتزان الدولة، مما يتطلب ذلك تدخلا عاجلا في صنع واتخاذ القرار السياسي.
2_مرحلة تحديد الهدف:
بعد ظهور المشكلة التي تتطلب قرار ما لمعالجتها علاجا جذريا كاملا، فانه يتوجب على صانع القرار أن يحدد الحدث والمشكلة تحديدا دقيقا ، حتى يكون القرار متناسبا ومتسقا مع أسباب ومكونات المشكلة الراهنة.
3_مرحلة تقييم الموقف:
بعد ظهور الحدث أو المشكلة وتحديدها، فإن صانع القرار يعمد إلى تقييم الموقف وتقدير أبعاده، ودراسة الآثار السالبة المترتبة عليه.
4_مرحلة استقصاء وحشد المعلومات:
ويتم في هذه المرحلة إجراء جمع كافة المعلومات المتعلقة بالحدث التي من شأنها أن تسهل من اتخاذ القرار الراشد. إن غياب اي معلومات بشأن القضية أو تقديم معلومات ناقصة يمكن أن يؤثر تأثيرا كبيرا على شكل وطبيعة القرار.
5_مرحلة تحليل ومراجعة المعلومات المقدمة:
في هذه المرحلة تقوم المؤسسات المعنية بتصفية وتصنيف المعلومات والبيانات بطرق علمية، تمهيدا لاتخاذ القرار.
6_مرحلة تحديد البدائل المناسبة:
وفي هذه المرحلة الهامة يتم وضع وتحديد كافة الخيارات والبدائل المناسبة وغير المناسبة جنبا إلى جنب ، تمهيدا للمفاضلة بينها ، واتخاذ أنسب وأفضل الخيارات والبدائل.
7_ مرحلة اختيار القرار والمفاضلة بين البدائل المقترحة:
تعتبر مرحلة المفاضلة بين البدائل المقترحة هي من اخطر مراحل صنع القرار ، ذلك لأن اختيار أي قرار غير راشد سيترتب عليه جملة تغيرات مفصلية في الدولة ، سواء على محيط الدولة الداخلي أو الإقليمي أو العالمي ، وقد يحدث هذا خاصة اذا تعرض صانع القرار إلى ضغوط وتهديدات خارجية في الدول ناقصة السيادة والارادة. وتعتبر هذه المرحلة هي المرحلة الاخيرة في عملية صنع القرار السياسي، ويتم فيها اعلان القرار الذي تم ترجيحه وتفضيله من جملة البدائل والاقتراحات المقدمة.
8_ مرحلة متابعة تنفيذ القرار بعد صدوره:
في هذه المرحلة تتم مراقبة سريان ومفعول القرار السياسي، وتقييم الآثار الايجابية أو السلبية من صدوره واعلانه ، ومراقبة وتقييم ردود الفعل الناتجة سواء في المحيط الداخلي للدولة أو الاقليمي أو العالمي بحسب طبيعة القرار.
خاتمة:
يعتبر صنع واتخاذ القرار السياسي هو من الاعمال التي تتطلب وجود أكثر من مؤسسة، وهو بذلك من انواع العمل الجماعي الذي يتطلب مؤسسات نزيهة وقويمة، لإصدار وصنع القرار السياسي، الذي يصب في مصلحة الجميع، وفي الحالات الأخرى فإن الحقيقة القاسية هي أن متخذ وصناع القرار إنما يهدون المعبد على الجميع.
المصادر:
[1]_ ابتهال مبروك، عملية صنع القرار الخارجي، موقع الموسوعة السياسية، 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 ،(تاريخ الدخول: 16 مايو /أيار 2024):https://tinyurl.com/5chpr984 [2]_ أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور، لسان العرب،ج.12، ص. 63 [3]_ محمد بن ابي بكر بن عبدالقادر الرازي، مختار الصحاح،( بيروت: مكتبة لبنان ناشرون، 2011 )،ص 221. [4]_ محمد علي العويني، اصول العلوم السياسية، (القاهرة: عالم الكتب، 1981 ) ، ص19. [5]_ محمد محمود ربيع، اسماعيل صبري مقلد، موسوعة العلوم السياسية، (الكويت: جامعة الكويت، 1994 )، ص. 486 [6]_ أميرة مصطفي، اقتراب صنع القرار في السياسة الخارجية، المركز الديمقراطي العربي، 29يونيو/حزيران2019،(تاريخ الدخول: 16 مايو /أيار 2024):https://tinyurl.com/4epjwc28 [7]_ كمال المنوفى ، اصول النظم السياسية المقارنة،( شركة الريعان للنشر والتوزيع ، ط. 1، 1987)، ص. 113 [8]_ أميرة مصطفي، المصدر السابق [9]_ ابتهال مبروك، المصدر السابق [10]_ حسن نافعة، إبداع أميركي في صك المصطلحات الخادعة، موقع جريدة الوطن، 10 اغسطس/آب 2017 ،(تاريخ الدخول: 16 مايو /أيار 2024):https://tinyurl.com/55s5689h [11]_ حسن نافعة، المصدر السابق [12]_ عصام عبد الشافي، كيف يصنع القرار في الولايات المتحدة، (تاريخ الدخول: 16 مايو /أيار 2024):https://tinyurl.com/mr3dwhzv [13]_ عبد الله أبو عوض، الإعلام وصناعة القرار السياسي – دراسة في قناة الجزيرة، مركز الجزيرة للدراسات، 28 مارس/آذار 2023،(تاريخ الدخول: 16 مايو /أيار 2024):https://tinyurl.com/2fayhh87 [14]_ حسن نافعه ، جلال معوض ، حمدى عبد الرحمن، مقدمة فى علم السياسة،ج،1 ،( ط.1، 2002)، ص. 345 [15]_ بطرس غالي، محمود خيري عيسى ، المدخل في علم السياسة ، )القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية ، ط.10 ،(1998،ص. 316 [16]_ رجب عبد الحميد، مبادئ العلوم السياسية ،(القاهرة: دار ابو المجد للطباعة ، 2011) ص222 [17]_ بهاءالدين مكاوي محمد قيلي، صنع واتخاذ القرار السياسي، يونيو 2017 [18]_ محمد حسنين هيكل، صناعة القرار الأميركي [19]_ عصام عبد الشافي، المصدر السابق