الدراسات البحثيةالمتخصصة

خزانات التفكير : دورها العلمي وأثرها في صنع القرار السياسي

اعداد :  التجاني صلاح عبدالله المبارك – المركز الديمقراطي العربي

 

تعتبر مراكز التفكير أو خزانات التفكير أو مؤسسات الأبحاث والدراسات الاسترتيجية أو أحيانا صندوق الأبحاث والدراسات، هي من أعمدة الدولة وأركانها الهامة من الدرجة الأولى، باعتبار دورها الاستشرافي المستقبلي الذي يقدم حماية مجانية للأفراد والدولة وربما لأجيال متعاقبة، مع أن هناك دولا لا تهتم بمراكز الأبحاث، وربما تمنع وجودها ؛ خاصة في الدول القمعية والأنظمة التسلطية والدكتاتورية؛ ومنبع الأهمية ل-مراكز وخزانات التفكير في الدول التي تتميز بحجم ولو قليل من الديمقراطية والحرية، هو كونها حلقة وجزء من مراحل رسم السياسات وصنع القرار السياسي ، بعبارة أخرى يمكن القول دون وجل ، أنها مؤسسات أكاديمية علمية بحتة، تقدم البدائل والخيارات المتاحة والأنسب لصانع القرار لحماية مصالح الدولة والحكم الرشيد.

في هذه الدراسة البحثية قسم الباحث اطار الدراسة إلى عدة أقسام، تشمل تعريف خزانات التفكير ، وأهمية مراكز وخزانات الفكر ، ثم تناول القسم الثالث أنواع مراكز الابحاث والتفكير ، وفي القسم الرابع تصنيف مراكز الأبحاث وخزانات التفكير، وتناول المحور الخامس أهداف مراكز الدراسات والأبحاث والادوار الوظيفية لها، واختتمت الدراسة في القسم السادس ب-الإشكاليات والمعوقات التي تتعرض لها مراكز الدراسات والأبحاث، ثم خاتمة الدراسة.

تعريف خزانات التفكير :

تعرف خزانات التفكير أو مراكز الأبحاث والدراسات بأنها مراكز علمية اكاديمية تقوم بعمل الأبحاث والدراسات الاستراتيجية أو الاستشرافية المستقبلية، بهدف الوصول إلى الحقائق الناصعة  المجردة، والخيارات والاقتراحات المناسبة في القضايا السياسية أو الإقتصادية أو الفكرية أو المجتمعية أو أي مجالات حياتية أخرى.

مراكز التفكير هي مؤسسات تهتم بأبحاث السياسات العامة وتحليلها، وتوفر المعلومات، وتقدمها بطريقة مفهومة وموثوقة، وتستقرئ المسارات المستقبلية المحتملة؛ وبالتالي تقوم بتقديم النصح والمشورة محلياً وعالمياً، لتعين صانع القرار في الجهات الرسمية وغير الرسمية في اتخاذ القرارات المناسبة.[1]

حتى وقت طويل، ظلت مسألة تعريف المؤسسات البحثية ثثير إشكاليات عدة. وعلى الرغم من أن عبارة «Think Tanks» كانت تُستخدَم فى الأصل فى الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الثانية للإشارة إلى قاعة آمنة أو بيئة مُلائِمة يلتقى فيها خبراء الشئون الدفاعية والمخططون العسكريون لمناقشة المسائل الاستراتيجية المرتبطة بها، فإن المصطلح نفسه ظل يستخدم منذ ذلك الحين لوصف أنواع مختلفة من المؤسسات المنخرطة فى نشاط السياسة وتحليل مرتسماتها.[2]

وتعرفها مؤسسة راند  RAND  للأبحاث، بأنها هي تلك الجماعات أو المعاهد المنظمة بهدف إجراء بحوث مركزة ومكثفة، وهي تقدم الحلول والمقترحات للمشاكل بصورة عامة وخاصة في المجالات التكنولوجية  ، والاجتماعية، العسكرية  ، والاستراتيجية،  أو ما يتعلق بالأمن القومي والتسلح.[3]

ويعرفها “هاوارد.ج.ويردا ”  Howard J Wiard   بأنها عبارة عن مراكز للبحث والتعليم، ولا تشبه الجامعات أو الكليات، كما أنها لا تُقدِم مساقات دراسية؛ بل هى مؤسسات غير ربحية، وإن كانت تملك «مُنتجا» وهو الأبحاث. هدفها الرئيسى البحث فى السياسات العامة للدولة، ولها تأثير فعال فى مناقشة تلك السياسات. كما أنها تركز اهتمامها على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والسياسة العامة، والدفاع والأمن والخارجية. كما لا تحاول تقديم معرفة سطحية لتلك المسائل، بقدر مناقشتها والبحث فيها بشكل عميق، ولفت انتباه الجمهور لها.

أهمية مراكز الفكر:

ولأن مراكز الفكر والأبحاث تقوم بدور يرقى لوصفه إنسانيا ورساليا، بما تقدمه من  مجهود استشرافي وعلمي محض يصب في مصلحة الأفراد والدولة بل والإنسانية جمعاء ؛ من أجل حياة آمنة مستقرة،  فإنه نسبة لهذه الاعتبارات تعد من أهم المؤسسات التي ينبغي رعايتها وإعطائها قدرها من الإهتمام، والدعم المادي والمعنوي والأمني.

ليس هناك شك في أن مراكز الفكر أصبحت تحتل مكانة مرموقة في العالم المتقدم؛ وخاصة في مجال صنع القرار السياسي؛ وأصبحت تسمى بمستودعات التفكير؛ وأصبحت الدول تعتمد علي هذه المراكز بدرجة كبيرة لإصدار التقارير والدراسات لحل القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية؛ وقلما توجد دولة في العالم المتقدم أو منظمات المجتمع المدني أو صناع القرار بصفة عامة لا تعتمد علي هذه المراكز في صياغة القرارات الهامة؛ بالإضافة إلي الدور الهام الذي تلعبه هذه المراكز في استشراف المستقبل وبالتالي تمكن صناع القرار من صياغة القرارات الاستراتيجية المستقبلية لمواجهة الاخطار المحتملة. [4]

أنواع مراكز الدراسات والأبحاث:

تصنف مراكز الأبحاث والدراسات وفقا للإختصاص، وما تقوم ببحثه ودراسته، فيمكن أن نعدد أنواعا من المراكز وخزانات التفكير الأمنية والدفاعية ليس لديها دراسات سوى تطوير صناعة الأسلحة التقليدية وغير التقليدية، ومراكز أخرى تختص فقط بتطوير وتحديث الصواريخ، بينما هناك مراكز استراتيجية تختص خزانات التفكير فيها  بالبحث في العلاقات الدولية وتحليل الاوضاع العامة للدولة، وتقدم تقييمات لصانع القرار السياسي عن أفضل الخيارات المتاحة لاستقرار الدولة في المحيط الإقليمي أو العالمي، كما أن هناك خزانات تفكير تختص فقط بالنواحي الاقتصادية للدولة، وكل دراسات من شأنها ان تحقق نموا وطفرة اقتصادية إنمائية للدولة.كما توجد مراكز بحثية اكاديمية بحتة تختص بعلوم الفضاء،  وأخرى بالطب والصيدلة وغيرهم من العلوم الحياتية ،  وعلى ذلك فإن تصنيف خزانات التفكير إلى أقسام محددة وثابتة يعتبر أمرا شاقا لا يمكن أن يغطي كافة المجالات.

تصنيف مراكز الفكر:

تصنف مراكز الفكر إلي عدة اتجاهات :

المراكز الاكاديمية : تقوم بأعداد بحوث محايدة وتتميز بتنوع مصادر دعمها المادي .

المراكز التعاقدية : وهي المراكز التي تعقد تعاقدا مع الحكومات سواء محلية أو دولية لإعداد الدراسات والابحاث التي تهدف إلى تقديم المشورة للجهات الحكومية؛ وتتلقى أتعابا من هذه الهيئات مقابل تلك الدراسات .

المراكز الترويجية : هي المراكز التي تحاول اعداد الدراسات والبحوث العلمية ؛ ولكنها متحيزة إلي وجهة نظر معينة تحاول الترويج لها ؛ ويأتي مصدر تمويلها من جهات متحيزة  إيديولوجيا .

المراكز الحزبية : وهي المراكز التي تعد الدراسات والادبيات التي تدعم وتأييد حزب معين ؛ ولا تهتم كثيرا بالظهور بمظهر علمي أو أكاديمي؛ ولكنها تحاول الترويج للحزب التابع لها أو أنصار ذلك الحزب؛ وبالتالي تتلقى تمويلها من ذلك الحزب .[5]

مع ذلك يمكن تصنيف خزانات ومراكز التفكير وفقا للاتجاهات والميول السياسية السائدة في الدولة ، إلى مراكز تابعة للدولة ونظامها السياسي،  وتقدم دراسات وتقارير تعمل على الدفاع عن السلطة الحاكمة، وتثبيت أركان حكمها. وخزانات تفكير أخرى تابعة لنظام سياسي معارض لنظام الحكم القائم ،  وتقدم أيضا دراسات وتقارير مضمونها العمل على هدم النظام السلطوي القائم.وربما تتعدد هذه المراكز والخزانات داخل حدود الدولة وخارج حدودها تحت أسماء ظاهرة أو مستترة أحيانا. في الولايات المتحدة على سبيل المثال يوجد نحو 1300_1200 مركز بحثي ، كل عملها هو صياغة السياسة الخارجية الأمريكية.

تؤثر هوية مراكز الفكر على استقلاليتها سواء بالنسبة لأجندتها البحثية، أو لمصادر تمويلها ومدى استمرارية تلك المصادر. في هذا الإطار تصنف مراكز الفكر وفق ست مجموعات:

مراكز مستقلةAutonomous  Independent: مستقلة في ممارسة أنشطتها ومصادر تمويلها عن الحكومة وأية جماعة مصالح أو جهة مانحة.

مراكز شبه مستقلةQuasi Independent: هى مراكز مستقلة عن الحكومة، ولكن أغلب مصادر تمويلها يأتي من جماعات المصالح، أو جهة مانحة، أو وكالة تعاقدية Contracting Agency. كما أن هذه الجهات لديها تأثير واضح على عمليات مراكز الفكر.

مراكز تابعة للجامعةUniversity Affiliated : هى مراكز بحث تعمل داخل الحرم الجامعي.

مراكز تابعة للأحزاب السياسيةPolitical Party Affiliated: تنتمي رسمياً للأحزاب السياسية.

مراكز تابعة للحكومةGovernment Affiliated: هى جزء من هيكل عمل الحكومة ، ومن ثم تحصل على كافة امتيازات الجهات الحكومية وعليها ذات الواجبات.وتمارس دورها كمراكز فكر تسعى لتقديم ملخص السياسات ومقترح التشريعات لرفعها لصناع القرار ، ومنها ما يتواصل مع الجمهور ومنها ما يقتصر دورها على التواصل على صناع السياسة العامة. إلا أن هناك من يستثني تلك المراكز من كونها مراكز فكر نظرا لتبعيتها للحكومة وما يترتب علية من تدخلها في وضع وتحديد أجندتها حتى أن البعض قد يشكك في نزاهة المقترحات ونتائج الدراسات التي تصدرها وتعلنها للجمهور.

مراكز شبه تابعة للحكومةQuasi Governmental: تمول بواسطة المنح الحكومية والتعاقدات الحكومية، إلا أنها ليست تابعة رسمياً للجهاز الحكومي[6].

أهداف مراكز الدراسات والأبحاث والادوار الوظيفية:

تختلف وظائف وادوار مراكز الأبحاث والدراسات بحسب طبيعة تكوينها وتوجهها، إلا أنها تشترك جميعا في تقديم الاستشارة الجديدة المستقلة ، الخالية من التبعية أو الارتجال، أو المصلحة، لجهات الاختصاص والتنفيذ، بما من شأنه تقديم واقع حياتي أفضل، بناء على أسس علمية منهجية.

عموما يمكن ذكر بعضا من هذه الوظائف،  دون الإشارة إلى طبيعة تكوين مراكز الأبحاث وخزانات التفكير:

1_تفعيل العمل والجهد الجماعي لإنتاج علمي أكاديمي خال من التزييف، والتبعية السياسية أو الفكرية.

2_العمل على نهضة الأمة فكريا وسياسيا واقتصاديا وعلميا.

3_ تقديم التقييمات والاستشارات العلمية المنهجية لجهات الاختصاص.

4_ اتاحة مراكز التفكير والدراسات للعلماء والمفكرين والباحثين وذوي الاختصاص لتفعيل دورهم،  والاستفادة من مخزونهم الفكري والعلمي،  من أجل واقع أفضل للأمة والانسانية جمعاء.

5_ تقديم الخيارات والبدائل العاجلة متى ما تطلب ذلك.

6_ تقويم البرامج الحكومية.

7_تحليل الواقع الحالي في الدولة، وتقديم دراسات وتحليلات معمقة لواقع أفضل في كافة المشكلات والقضايا الساخنة التي تواجه السياسة العامة.

8_ وضع تقييمات وتحليلات وخيارات وحلول للكوارث والأزمات المتوقعة وغير المتوقعة.

9_تقديم دراسات علمية للتطوير والتحسين في التخصصات المختلفة.

10_ الاستفادة من مخزون مراكز الفكر العالمية ومشاركتها ومتابعتها في احدث الدراسات والبحوث، من أجل القضاء على المهددات الأمنية أو الصحية أو المناخية وغير ذلك.

انضمام مراكز الفكر إلى الشبكات الدولية لمراكز الفكر مثل شبكة GDNالشبكة الكونية للتنمية، شبكة مراكز الفكر شرق الآسيوية  ، فهي آلية للتبادل البحثي والأكاديمي ما  بين مراكز الفكر، و ساحة لدبلوماسية المسار الثاني Second-Track Diplomacy بين الدول التي تمثلها مراكز الفكر ، فهذه الشبكات تسعى للتشبيك بين مراكز الفكر وحكوماتها وشركات القطاع الخاص. وتخلق ساحة للتفاعل بين القطاعات الثلاثة. كما أنها ساحة لتبادل الخبرات والدروس المستفادة حول التكامل بين السياسات المحلية المختصة في التنمية وبدائل السياسات المطروحة من جانب تلك المراكز. كما أنها ساحة لتبادل المطبوعات والأبحاث والتحليلات المستقبلية، ودعم القدرات البحثية للخبراء بالدول خاصة النامية والانتقالية ووصلها بالقادة بمختلف أنحاء العالم. ومن ثم ستساعد صانع القرار بشكل غير مباشر في تنفيذ السياسة الخارجية للدولة . [7]

11_ المساعدة في صنع القرار أو ترشيد صنع القرار .

12_تشجيع الباحثين والمفكرين معنويا وماديا مع إتاحة الفرص للراغبين في البحث والتأليف.

13_ترجمة الدراسات والمؤلفات التي تصدر  عن المؤسسات والمراكز البحثية في الدول الأخرى.

14_استضافة الباحثين والمفكرين من كل الجنسيات، وعقد مؤتمرات ولقاءت علمية معهم،  بغرض إثراء وتحسين مراكز التفكير والأبحاث.

إن طبيعة هذه المهام تعكس مدى وأهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه مراكز الدراسات والأبحاث في التأثير على عملية اتخاذ القرار وعلى صناع القرار، وكذلك في رسم السياسات الخارجية للدولة، سواء كانت دولة متقدمة أو نامية. ذلك لأن هذه المراكز تسهم في تحقيق عدة أهداف منها: الكشف عن أولويات التنمية في المجتمع وما هي أسهل السبل وأسرعها لتحقيق هذه الأولويات من خلال استخدام الموارد المحلية، وتطوير البحث العلمي المحلي بما يتوافق مع احتياجات البيئة المحلية وتوظيف الموارد الذاتية، ودعم اتخاذ القرار وجعله أكثر عقلانية. [8]

المشاكل والمعوقات التي تتعرض لها مراكز الدراسات والأبحاث:

تواجه مراكز الدراسات والأبحاث وخزانات التفكير جملة من المعوقات والاشكاليات، تتمثل على سبيل المثال في:

  • 1_ عدم وجود حيز كافي من الحرية والديمقراطية ؛ يتيح للباحث الحصول على المعلومات والبيانات والاحصائيات بحرية، وعدم ملاحقة وتضييق أمني من السلطات.
  • 2_لا يجد الباحثين الحرية في السفر  خارج أو داخل البلاد والتحرك بحرية تامة، حسب مقتضيات وضرورات الأبحاث والدراسات والحقل المعرفي.
  • 3_ نقص خبرة الباحثين،  مما من شأنه ان تكون مخرجات الدراسات والتقارير  والبحوث ضعيفة علميا وناقصة.
  • 4_ التحاق شخصيات غير مؤهلة علميا بهذه المراكز، بغرض ان تمثل غطاء سياسيا لصانع القرار في الدولة.
  • 5_ عدم إهتمام الدولة بتمويل مراكز الدراسات، مما يجعل بعض هذه المراكز تقع فريسة لجهات أجنبية، تقوم بتمويلها وسحب استقلالها،  ونزع ارادتها وإدارتها، والمحصلة هي دراسات وبحوث غير نزيهة، وتفتقد المصداقية، وتخدم تلك الجهات الممولة وأجندتها الخفية والظاهرة.
  • 6_  نقص الامكانيات وضعف القدرات التسويقية للمنتوج المعرفي والنشر العلمي للدراسات الصادرة عن مراكز وخزانات التفكير.
  • 7_ هيمنة بعض الأفراد على خزانات التفكير ومراكز الأبحاث،  مما من شأنه أن ينزع عنها استقلالية الدراسات، وان تنحرف إلى مسارات محددة مسبقا تبعا لنزعات الأفراد،  وميولهم الفكري أو السياسي.
  • 8_ ارتباط مراكز الدراسات بالجهات الحكومية وعدم وجود استقلالية تامة في أهداف ودور مراكز الدراسات.
  • 9_عدم الاهتمام بالباحثين والمفكرين على المستوى المادي،  أو الاجتماعي، أو المعنوي، مما يؤدي في النهاية إلى عزوفهم عن اكمال دورهم الفكري والبحثي الرسالي، وربما إنحرافهم إلى جهات أخرى.
  • 10_ ضعف الإتصال التفاعلي مع مراكز الأبحاث والدراسات العالمية المختلفة.
  • 11_ عدم استقلالية مراكز التفكير، وهيمنة الدولة أو جماعات الضغط والمصالح عليها، وتحديد مساراتها واتجاهاتها البحثية والاستراتيجية.

خاتمة :

ختاما يعتبر الباحث أن دور مراكز وخزانات التفكير  هو من أخطر وأهم الأدوار في المجتمع، ويمتد تأثيرها ربما لأجيال ؛ بما تقدمه من دراسات علمية معمقة في شتى المجالات الاقتصادية والسياسية والفكرية والأمنية وغيرها من المجالات الحياتية، وهي بذلك تعطي نموذجا لحياة وجودة  أفضل مما هو في الواقع الراهن.

يمكن وصف الباحثين والمفكرين والعلماء والخبراء في مراكز وخزانات التفكير بالجيش الثاني للدولة ؛ الذي يعمل ليس في أوقات الحرب والأزمات فقط، بل إن اعمالهم الفكرية والبحثية والعلمية لتمتد في أوقات الحرب والسلم سواء بسواء، وهم مميزون بذلك عن غيرهم من البشر ، لأن أدمغتهم  وعقولهم تظل في تفكير دائم، متصل، والقلق والبحث المستديم يسيطر عليهم دائماً،  حتى تصل تلك الأدمغة والعقول المجهدة، إلى نتائج وحقائق وخلاصات، فيها سعادة البشرية واستقرارها وأمنها.

وفي أوقات الأمراض والجوائح الكونية، مثل جائحة كورونا الأخيرة التي كانت تفتك بالبشر في أوقات قليلة وفي عدة رقاع مختلفة من كوكب الأرض، فإن مراكز التفكير أو الجيش الثاني، كانت ترصد له ميزانيات ضخمة حتى يستحضر لقاحا فعالا للقضاء والسيطرة على تلك الجائحة الكونية، لذا فإن التمويل المادي لمراكز الدراسات والبحوث العلمية والفكرية والسياسية ينبغي أن يكون متصلا من الجهات الحكومية والمنظمات ذات الصلة، في كل  الأوقات.

ان استقلالية مراكز وخزانات التفكير ، وابتعادها الكامل عن أي قيود وضغوط، وفرض توجهات معينة من أي جهات سيادية أو سلطات، هو مطلب ينبغي توافره وتحققه، حتى تتوفر الثقة الكاملة في انتاجها العلمي والمعرفي.

المصادر:

[1]_ محسن محمد صالح، قراءة في التصنيف العالمي لمراكز التفكير، موقع الجزيرة نت، 26 فبراير/شباط2015 ،(تاريخ الدخول: 28 مايو /أيار 2024):https://tinyurl.com/4eup3yc3

[2]_ نسيب شمس : أدوار مراكز التفكير ومهامها ، مقال منشور في موقع fikr.com\article

[3]_ مركز المحترفون الدولي للدراسات والأبحاث : دور مراكز الدراسات والأبحاث الاستراتيجية في إدارة الدولة، دراسة منشورة عبر موقع Projocenter.com\details.aspx بتاريخ 2 مارس 2017.

[4]_ ضحى محمد  مزيد، دور مراكز الفكر في الربط بين الحاضر والمستقبل، المركز  العربي للبحوث والدراسات  ، 23 مايو/أيار 2020  ،(تاريخ الدخول: 28 مايو /أيار 2024):https://tinyurl.com/mt7ukx6d

[5]_ ضحى محمد  مزيد  ، المصدر السابق.

[6]_ هبة جمال الدين، اعادة بناء العلاقة بين مراكز الفكر ودوائر صنع السياسات في مصر، المركز الديمقراطي العربي ، 26 يوليو/تموز  2016 ،(تاريخ الدخول: 28 مايو /أيار 2024):https://tinyurl.com/mv9h7dcz

[7]_  هبة جمال الدين، المصدر السابق.

[8]_ محمد أيمن سيف الدين، تأثير الفكر والمراكز البحثية في صناعة السياسة الخارجية للدولة (دراسة حالة روسيا البوتينية)، موقع مقاربات للتنمية السياسية ،(تاريخ الدخول: 28 مايو /أيار 2024):https://tinyurl.com/mv9h7dcz

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى