الدراسات البحثيةالمتخصصة

واقع التجربة التنموية فى دولة إثيوبيا بين التراجع والإستمرار

إعداد :  مسلم محمد هنيدى – المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمة

تعد إثيوبيا ثاني أكبر دولة في إفريقيا بعد نيجيريا من حيث عدد السكان؛ إذ يبلغ تعداد سكانها حوالي 126.5 مليون نسمة (2023)، كما تعتبر واحدة من أسرع الاقتصادات نموًا في المنطقة، بمعدل نمو يقدر بنسبة 5.30٪ في السنة المالية 2022/2023. وعلى الرغم من وقوعها في منطقة يسودها الصراع وعدم الإستقرار منذ عقود، إلا أنها ظلت على مدى سنوات طويلة واحدة من الأماكن الأكثر استقرارًا وجذبًا للإستثمار الأجنبي المباشر في إفريقيا، مما أدى إلى دفع معدلات التنمية الاقتصادية بشكل مضطرد فى ذلك البلد الفقير منذ عام 4199، وجعلها واحدة من الدول الخمس الأسرع نموًا في العالم فى تلك الفترة. وأدى النمو الاقتصادي المرتفع باستمرار خلال العقد الماضي إلى اتجاهات إيجابية في الحد من الفقر في المناطق الحضرية والريفية على حد سواء، كما انخفضت نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر الوطني من 30% عام 2011 إلى 24% عام 2016، كما تحسنت مؤشرات التنمية البشرية([1]).

ومع ذلك، ظلت المكاسب متواضعة بالمقارنة مع البلدان الأخرى التي شهدت نموًا سريعًا، وتزايدت فجوة التفاوت في السنوات الأخيرة، ثم هددت الصراعات التى إندلعت في أجزاء مختلفة من إثيوبيا التقدم الذي حققته البلاد في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسنوات. فبعد عقد من ذلك النمو المتسارع والتنمية الاجتماعية الممنهجة، لا تزال أيضًا واحدة من أفقر البلدان، حيث يبلغ نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي 7102 دولارًا عام(2022) ، ويبدو أن تلك النجاحات الاقتصادية أخذه فى التراجع كرد فعل متوقع للصراع المسلح الذى إندلع فى الداخل الإثيوبى منذ 2015، وإنعكاس للإضطرابات السياسية والاجتماعية بشكل سلبى على ما تحقق من معدلات التنمية والتطوير الغير متزن فى عموم البلاد([2]).

وعلى الرغم من النظام اللامركزي في إثيوبيا؛ فقد جاءت تلك الاضطرابات لتسلط الضوء على جدلية الصراع بين جدوى النموذج المركزى فى تخطيط وتحقيق التنمية وبين ما يتاح من حرية ولامركزية سياسية وتنموية على المستوى الفيدرالي بشكل حقيقى فى باقى البلاد. وبين هذا وذاك؛ جاءت احتجاجات قومية “الأورومو” في أبريل 2015 لتكشف عوار ذلك الأسلوب الغير متوافق مع الطبيعة الاجتماعية المتنوعة لعموم شعب إثيوبيا بما يحويه من قوميات وإثنيات متعددة، كما جاءت لتؤكد على عدم جدوى الجهود والنجاحات التنموية التى تسعى الحكومة المركزية لتنفيذها بشكل قصرى، ما لم تراعى خصوصيات ومتطلبات التنمية المحلية لتلك المجتمعات.

فقد اتبعت الحكومة الإثيوبية خلال العقدين الأخيرين سياسة مصادرة الأراضي الزراعية من صغار المزارعين المحليين وبيعها للمستثمرين الأجانب، بحيث بلغت مساحة الأراضي المصادرة ما بين 60 إلى 80 مليون هكتار، وذلك إمتداد لسياسات رئيس الحكومة الإثيوبي السابق “مليس زيناوي” التى إبتدئها منذ 1995 عندما قام بتعديل بعض مواد الدستور، حيث سمح بمصادرة الأراضي الزراعية الموجودة في المقاطعات المحلية بهدف بيعها للمستثمرين الأجانب. ومن ثم إندلعت حركة الإحتجاجات من قبل قومية “الأورومو” بعد سنوات من التهميش الاجتماعي والاقتصادي والسياسي، نظرًا لتركز السلطة في يد الجبهة الشعبية الإثيوبية متعددة الأعراق (الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية)، التي فازت جنبًا إلى جنب مع الأحزاب المتحالفة، بكل مقاعد المجالس التشريعية الاتحادية والإقليمية في مايو 2015([3]).

ومع ما تواجهه إثيوبيا من أزمات داخلية متتالية في السنوات الأخيرة، تتعلق في مجملها بمشكلات إدارة التنوع العرقي، وما نتج عن ذلك من تداعيات خطيرة على أمن واستقرار بل ووحدة إثيوبيا ومجمل أوضاعها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية وعلاقاتها الخارجية ودورها الإقليمي، فقد فاقم ذلك من مشكلات إثيوبيا الخارجية مع دول الجوار والإقليم، حيث سعي النظام الحاكم في أديس أبابا لتعزيز نفوذه وهيمنته في الإقليم، وهو ما يثير قلق أطراف عديدة باتت تنظر إلى سياسات أديس أبابا باعتبارها عدوانية ضد جيرانها وتهدد أمن واستقرار الإقليم الهش بطبيعة الحال.

وإنطلاقًا من التأكيد على أهمية مدى مراعاة البعد المستدام لتحقيق التنمية الاقتصادية فى إثيوبيا بشقيها المركزى والمحلى من عدمه، كضرورة حتمية تقتضيها اللحظة الراهنة للإرتقاء بواقع المجتمعات المتباينة فى الداخل الإثيوبى على حدٍ سواء فى هذا التوقيت، وما يتتطلبه ذلك من ضرورة إعادة النظر فى السياسات المتبعة والأخذ بالأطر المتقدمة فى إدارة الحكم المحلى، والسماح بالمشاركة المجتمعية وتعميق مستويات الشراكة التنموية بين القطاعين العام والخاص، والإعتماد على منظمات المجتمع المدنى فى تعزيز جهود الحكومة المركزية والمحلية لتعظيم المكتسبات التنموية بشكل متوازن فى كل القطاعات، بما يراعى خصوصيات الأقاليم والقوميات الإثيوبية المتنوعة ويستهدف تحقيق تنمية حقيقة بالسكان وإلى السكان.

تلك الأطر والمعايير التى تجسد أبعاد الحوكمة المحلية بجوانبها المختلفة، وتؤكد على مدى أهميتها فى تعزيز الجهود الحكومية فى الإرتقاء بواقع المجتمعات والمقاطعات؛ تستهدف تلك الورقة تقييم التجربة الإثيوبية فى بناء التنمية على مدار السنوات القليلة الماضية، بهدف رصد مدى مراعاة السياسات الحكومية لأبعاد وأطر تطبيق الحوكمة المحلية من عدمه، وتسليط الضوء على مدى التحول والتغيير الذى تم فى الأطر والمسارات والسياسات، وذلك من خلال تناول الموضوع فى إطار عدد من الأجزاء التى تبدأ بتسليط الضوء على نشأة وتطور نظام الحكم المحلى فى إثيوبيا، وتحديد طبيعة العلاقه بين الحكومة المركزية والإدارة المحلية فى المقاطعات، ثم الوقوف على المستوى الحالى لمراعاة تطبيق عناصر الحوكمة المحلية، ومدى علاقة الحكومة بالقطاع الخاص، ودور المجتمع المدنى فى صناعة وتنفيذ السياسات، ثم تسليط الضوء على نقاط القوة والضعف فيما يتعلق بواقع التطبيق، وذلك لأخذ الدروس المستفادة من التجربة والخروج بمجموعة من الملاحظات والتوصيات التى تفيد المهتمين بمجال الحوكمة والسياسات العامة على المستويين العملى والنظرى على حدٍ سواء.

أولًاـ تطور سلطات الحكم المحلى داخل النظام الإثيوبى:

تعتبر جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية، أو كما كانت تسمى قديماً الحبشة، دولة غير ساحلية تقع في القرن الإفريقي، وعاصمتها أديس أبابا، يحدها من الشرق كل من جيبوتي والصومال ومن الشمال أريتريا ومن الشمال الغربي السودان ومن الغرب جنوب السودان والجنوب الغربي كينيا. وتبلغ مساحتها 1133382 كم مربع، وتقع إثيوبيا فى أربع مناطق جغرافية رئيسية هي من الغرب إلى الشرق: الهضبة الإثيوبية، والوادي المتصدع العظيم، والهضبة الصومالية، وهضبة أوجادين، وتغطى الهضبة الإثيوبية أكثر من نصف مساحة الدولة، وتتعدد الأعراق والقوميات الإثنية فى إثيوبيا، وتحتوى البلاد على أكثر من 80 مجموعة عرقية مختلفة ولكل منها مناطقه وأقاليمه الخاصة. ووفقًا للتعداد الوطني الإثيوبي تعتبر جماعة “الأورومو” أكبر قومية من حيث عدد السكان حيث تبلغ نسبتها 34.5% تليها “الأمهرة” 26.9% ثم “الصوماليون” 6.2%، والجتراي 6.1%، وسيداما 4.%، وجراجي 2.5%، وولايتي 2.3%، وهدية 1.7%، والعفر 1.7%، وغامو 1.5%، وجيدو 1.3%، وآخرون بنسبة 11.3%([4]). وفى هذا الإطار يمكن الإشارة إلى ما يلى:

1ـ لمحة تاريخه على تطور واقع الدولة:

بدأت إثيوبيا في شكلها الحالي تقريبًا في عهد منليك الثاني، الذي كان الإمبراطور من 1889 حتى وفاته في عام 1913. وخلال فترة حكمه قام بتشييد الطرق والكهرباء والتعليم ووضع النظام الضريبي المركزى وقام ببناء العاصمة أديس أبابا، ومع مجىء الإمبراطور “هيلا سيلاسي”  في 2 نوفمبر 1930 تعهد بتحديث إثيوبيا وأصبح الحاكم الفعلي للإمبراطورية. ومع دخول إيطاليا في الحرب العالمية الثانية؛ شاركت القوات الإثيوبية فى الحرب إلى جانب بريطانيا التى إعترافت بإستقلال وسيادة إثيوبيا الكامل، وصار لها أطول سجل تاريخي للاستقلال في إفريقيا، إذ لم تخضع للإستعمار إلا في الفترة من 1936 وحتى 1941 عندما إجتاحت القوات الإيطالية في حملتها على شرق إفريقيا إلى أن خرجت من المنطقة بعد توقيع الإتفاق الأنجلو ـ إثيوبي في ديسمبر 1944 م([5]).

ومع رحيل “هيلا سيلاسي” في 12 سبتمبر عام 1974، حيث كانت تُحكم البلاد من خلال القيادات العسكرية الماركسية اللينينية المدعومة من السوفيت، ومع مجىء “منجستو هايلي مريم” أنشأ مجلس الإدارة العسكرية المؤقتة الجديدة كمجلس دولة شيوعية مكون من حزب واحد، وكانت تسمى جمهورية إثيوبيا الديمقراطية الشعبية. وفي بداية 1980 ضربت سلسلة من المجاعات عموم البلاد وتضرر منها نحو 8 ملايين شخص، فنشأت حركات للتمرد الشعبى ضد الحكم الشيوعي، وإندمجت مع حركات المعارضة الأخرى على أساس عرقي لتشكيل ائتلافها المعروف باسم الشعوب الإثيوبية “الجبهة الديمقراطية الثورية (الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية). ومع تراجع دور الإتحاد السوفيتي عن دعم الشيوعية حول العالم إنخفضت المساعدات لإثيوبيا من دول الكتلة الإشتراكية. وأدى ذلك إلى مزيد من الصعوبات الاقتصادية وإنهيار الجيش في مواجهة إعتداءات مصممة من قبل قوات حرب العصابات في الشمال. وفي مايو 1991، تقدمت قوات الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية في أديس أبابا وفر “منجستو” إلى زيمبابوي، وتم تعيين الحكومة الإنتقالية في إثيوبيا، وتكونت من 87 عضوًا كمجلس للنواب ووضعت الميثاق الوطني بمثابة الدستور الإنتقالي، وفي عام 1994 صدر الدستور الجديد وأُجريت فى سياقه أول انتخابات متعددة الأحزاب في إثيوبيا في العام التالي([6]).

2ـ طبيعة نظام الحكم والسلطة المحلية:

جاء دستور إثيوبيا لعام 1994 كنتيجة مباشرة لسعي الحكومة لتحقيق سياسة الديمقراطية العرقية؛ إذ تمثل العرقيات أساس الأحزاب السياسية الإثيوبية وهي الدافع وراء تدشين النظام الفيدرالي ذي المستويين للدستور. وبالإضافة إلى الحكومة المركزية، توجد تسع ولايات إقليمية ترسم حدودها على الخطوط العرقية تقريبًا. وبذلك ثبت الهيكل الدستوري العرقية كموضوع رئيسي للسياسة الإثيوبية. وعليه تعتبر إثيوبيا جمهورية برلمانية فيدرالية اتحادية، حيث تتولى الحكومة السلطة التنفيذية بقيادة رئيس الوزراء، وتناط السلطة التشريعية الإتحادية لكل من الحكومة والبرلمان، فيما تستقل السلطة القضائية تمامًا عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بحكم الدستور([7]).

وفى هذا الإطار؛ عززت الحكومة التي قادها الحزب الحاكم برئاسة “مليس زيناوي” فى 1995 من سياسة الفيدرالية العرقية، وقامت بمنح صلاحيات كبيرة للسلطات الإقليمية على أساس عرقي، إذ توجد بإثيوبيا تسع مناطق تتمتع بالحكم شبه الذاتي من الناحية الإدارية، ولديها القدرة على جمع وإنفاق الإيرادات الخاصة بها. ويتكون البرلمان من مجلسين هما مجلس الإتحاد ويتكون من 153 مقعدًا؛ يتم انتخاب أعضاءه بشكل غير مباشر من قبل مجالس الدولة لخدمة فترات مدتها 5 سنوات. ومجلس نواب الشعب ويتكون من 547 مقعدًا، يتم انتخاب الأعضاء مباشرة في دوائر انتخابية ذات مقعد واحد عن طريق تصويت الأغلبية البسيطة، مع تخصيص 22 مقعدًا للأقليات وتستمر مدة المحلس 5 سنوات. ومن الناحية الإدارية لدى إثيوبيا حكومة تتكون من ثلاثة مستويات هى: الحكومة الإتحادية حيث تشرف على المسؤوليات القومية على المستوى المركزى، وحكومة المقاطعات التى تباشر مهامها الإدارية والتنفيذية على أسس تراعى التنوع العرقى، ومجالس الأحياء، وقد قامت حكومة الجبهة الشعبية لتحرير إثيوبيا بتقسيم إثيوبيا إلى تسع مناطق على أساس عرقى وهم: (عفار، أمهرة، بني شنقول، جامبلا، هررجي، أوروميا، أوجادين، الأمم الجنوبية، تيجراي). بالإضافة إلى منطقتين ذاتا حكم ذاتي، وهما أديس أبابا، وديرة داوا([8]).

3ـ الواقع المؤسسى لتنظيمات المجتمع المدنى فى الدولة:

تتكون المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، وبالنسبة للأحزاب السياسية فتعتبر سياسة الحكومة الفيدرالية الإثنية هي السبب المباشر لتشجيع قيام الأحزاب السياسية على أسس إثنية، وبالتالي تعمدت ضمنياً تثبيط الأطراف الإثيوبية الأخرى غير الإثنية، وخلقت وضعًا واسعًا لقيام أحزاب إثنية على حساب عموم الأحزاب الإثيوبية غير الإثنية، وفي هذا السياق تضم خريطة الأحزاب السياسية في إثيوبيا أحزاباً أُنشئت على أساس الإثنية مثل منظمة عموم شعب الأمهرا AAPO ، والحزب الديمقراطي للصومال الغربي، وحزب تحرير عفر، وهناك أحزاب متعددة الإثنيات مثل حزب الجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية الحاكم EPRDF وهو يضم تنظيمات من تجراي و أورومو وجامبيلا وبني شنقول، وكذلك هناك حزب الاتحاد الإثيوبي الديمقراطي EDUP، ويضم تنظيمات أمهرية وتجرينية، وهناك أحزاب لا تقوم على الإثنية مثل مجموعة العمل الديمقراطي([9]).

وبالإضافة إلى الأحزاب؛ يوجد عدد من المنظمات الإسلامية التي تعمل في المناطق الشرقية من إثيوبيا وإقليم أوجادين، وتركز هذه المنظمات غير الحكومية المحلية على مشاكل أطفال الشوارع والنساء والشباب، وهناك قضايا تتمحور حول الديمقراطية مثل التربية المدنية والأمن الغذائي والصحة والتعليم وجميعها أهداف مشتركة وذات أولوية لكل الشركاء، كما أن هناك ما يقرب من ۱۲۰ منظمة غير حكومية دولية تعمل في إثيوبيا وهي مجموعات من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوروبا، وكان لها در حاسم في دعم الجهود الحكومية فى حالات الطوارئ والمجاعة الحرجة التي إجتاحت إثيوبيا منذ عام 1970 وحتى عام 1980. وكذلك أُنشئت جمعيات التنمية بتشجيع من الحكومة الإثيوبية وهي تحتل مكانة مابين المنظمات الحكومية وغير الحكومية، والجمعيات الراسخة منها تتمثل في جمعية تنمية أمهرة ADA وجمعية تنمية تجراي TDA وجمعية تنمية شعوب جنوب إثيوبيا SEPDA وجمعية تنمية أورومو([10]).

ويعتمد تمويل هذه الجمعيات على مساهمات الأعضاء والأموال التي تحصل عليها من الحكومة لتنفيذ مشروعات التنمية المحلية، وهناك روابط تشغيلية بين هذه الجمعيات والمنظمات غير الحكومية المحلية في مجالات التنمية، وتعتبر جمعية الإغاثة لتجراي من أهم الجمعيات التقليدية في إثيوبيا حيث لعبت دوراً بارزاً خلال الكفاح المسلح ضد الدرج، واليوم هي تحتل مكانة كبيرة في إثيوبيا بسبب العلاقات الشخصية والسياسية التي بين قادتها والشعوب الإثيوبية، وهي من أكبر الجمعيات في إفريقيا ويعمل بها أكثر من ۱۰۰۰ موظف في إدارات البيئة والثقافة الزراعية والمياه والمساعدات الطارئة، كما تستهدف أكثر من نصف مليون شخص من خلال برامجها، وتأتي اللجنة الكنسية للتنمية والمعونة DIDAC في نفس المرتبة من حيث الأهمية وهي بمثابة ذراع التنمية والإغاثة للكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية، ولها قدرة هائلة على جمع الأموال التي تنفقها على التنمية الريفية، وكذلك تتمتع بنفوذ قوي داخل المجتمع الإثيوبي([11]).

4ـ ملامح الوضع الاقتصادى للدولة:

يعتمد اقتصاد إثيوبيا، الذي يعاني الفقر على الزراعة التي تسهم بنحو 46% من إجمالي الناتج المحلي، وتستوعب نحو 85% من إجمالي القوى العاملة. ويُعد البُّن المحصول الرئيسي المعد للتصدير. ويتعرض القطاع الزراعي لمواسم جفاف متكررة، فضلاً عن الممارسات الزراعية غير السليمة، إلا إن الجهود المشتركة الأخيرة ما بين الحكومة والمانحين، قد عززت القطاع الزراعي، وأسهمت في تقليل أعداد الإثيوبيين المهددين بالموت بسبب المجاعة.

وعلى الرغم من اقتصار قطاع المصارف والتأمين والقروض الصغيرة على المستثمرين المحليين، إلا أن إثيوبيا استطاعت جذب استثمارات أجنبية كبيرة في مجال المنسوجات والجلود والزراعة التجارية والتصنيع. وما يعوق التنمية في إثيوبيا، نظام حيازة الأرضي الزراعية، الذي تمتلك الحكومة فيه، بموجب الدستور، سائر الأرضي، وتقدم للمستأجرين عقود إيجار طويلة الأجل، ويجري الآن إصدار شهادات استخدام الأراضي في بعض المناطق، ما يعطي المستأجر حقوقاً أكثر بامتلاك الأرض فترة أطول، وهذا يجعله يبذل مجهوداً أكبر للاستفادة من فترة التأجير([12]).

وعلى الرغم من نمو الناتج المحلي الإجمالي (من 55,61 مليار 2014 إلى 127.78 مليار 2022)، إلا أن دخل الفرد الإثيوبي ما يزال من بين أدنى المعدلات العالمية؛ وما يزال الاقتصاد الإثيوبي يسير على خطة التحول الحكومية، التي أدت إلى النمو الاقتصادي في ظل القيادة الجديدة، فقد حققت الخطة الخمسية ارتفاع معدلات النمو لأقل من 10%، إثر توسيع الحكومة البنية التحتية وتطوير الزراعة التجارية. وتسعى إثيوبيا منذ عام 2013 لمواصلة بناء سد النهضة على نهر النيل لتطوير قطاع الكهرباء للإستخدام المحلي وللتصدير كذلك([13]).

ثانيًاـ إنعكاس الوضع الفيدرالى على الإندماج الوطنى وتطبيق الحوكمة:

حازت أزمة إقليم تيجراى منذ اندلاعها في نوفمبر 2020 على اهتمام إقليمي ودولي واسع، إلا أنها تعد واحدة ضمن مستنقع الأزمات المتعددة التى تواجه الدولة الإثيوبية منذ سنوات؛ إذ تشهد سلسلة من التوترات والنزاعات والصراعات في مختلف أرجائها بين القوميات والعرقيات وبين كافة الأقاليم الإثيوبية، والتي تعكس بطبيعة الحال المخاوف من تدهور أركان الدولة الإثيوبية مما قد ينذر بتفككها مستقبلًا، وما ينطوي عليه ذلك من زعزعة الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي بشكل عام، وهو أمر يجد مقاومة من جانب القوى الدولية الفاعلة حمايةً لمصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

وفى هذا السياق تشير تطبيقات نموذج الفيدرالية الإثنية في إثيوبيا إلى ظهور حالة من القلق الفكري، بما أدي للجمع بين سياسات متناقضة، ما بين الحديث عن التعددية والتنوع وتقييد المشاركة السياسية وتطبيق اللامركزية وتوسيع دائرة الإعتماد على شركاء الحكم المحلى، وما بين التوسع في الملكية العامة وشدة النزعة السياسية للسيطرة المركزية على نظام الملكية فى الدولة، وما بين الإقتراب من نموذج اقتصاد السوق وهو ما ترتب عليه وجود ثنائية متقابلة تسببت في تذبذب برامج التحول الاقتصادي، واتجهت تطبيقات الفيدرالية الإثنية ليس لتحسين أوضاع الجماعات الإثنية فى المجتمعات المحلية لصالح شعوبها بشكل فعلى، ولكن لتمكين طبقة الموالين للجبهة الثورية من السلطة والثروة أينما وُجدوا([14]). ومن ثم يمكن قراءة المشهد التفاعلى بين مكونات ومستويات الحكم الفيدرالى ومدى إنعكاس ذلك على حالة التنمية التشاركية بشكل حقيقى فى الدولة من عدمه فى إطار ما يلى:

1ـ محدودية الدور المحلى فى الاقتصاد لصالح السلطة المهيمنة:

بغض النظر عن غياب العدالة الاجتماعية في المستوى الإقليمي والتى تعد أحد محفزات تعزيز كفاءة أداء العنصر البشرى بما يساهم فى حسن توظيف رأس المال البشرى ويضاعف من إنتاجيته ورغبته فى دعم الجهود الحكومية فى التنمية والإرتقاء، فقد عمقت هذه الرؤية الإشكالات حول الدور السياسي للإثنية وفاقمت من سلبيات السيطرة المركزية من قبل الحكومة الإتحادية، حيث صارت المشكلة ليست في تفاوت الجماعات في تقاسم السلطة والثروة، وهو تفاوت لا يعد جديداً في الظواهر السياسية، ولكن عززت سياسات جبهة “تجراي” هذا النوع من التفاوت، بما أضعف قدرة الجماعات الإثنية على تكوين وعي جمعي بالحقوق السياسية أو التمرد. ولكنه رغم ذلك، كشفت نتائج الترتيبات الفيدرالية عن تراجع القبول بالإندماج القومي على أساس الفيدرالية الإثنية، حيث أنها تؤدي إما إلى إزدياد القمع أو تصاعد الصراع الإثني والتفكك في نهاية المطاف، قد إنعكس كل ذلك على تعميق التجربة التنموية التى كان من المفترض لها أن تقوم على أسس لا مركزية وتنطلق من مرتكزات تشاركية وتفاعلية بين المكونات المحلية الرسمية وغير الرسمية فى عموم الدولة([15]).

فقد ساهم تزايد اعتماد جبهة “تجراي” على المنظور الإثني في انخفاض كفاءة المؤسسات العامة، بسبب اعتماد سياسات التوظيف على الإنتماء الإثني والولاء السياسي، وهذا الوضع شكل جانباً من عوامل انخفاض كفاءة الجهاز الإداري وهيمنة الطابع الإقليمي لصالح القومية الحاكمة، أما العامل الأكثر أهمية هو ما يتمثل في هيمنة التجراي على الوظائف القيادية في الأقاليم، مما أدي للتحكم في السياسة التوزيعية وتحويلها لمصلحة التجراي والموالين لهم فى كل المؤسسات المركزية والمحلية.

ورغم تطبيق الفيدرالية الإثنية والإعتراف الدستورى بحق الشعوب الإثيوبية فى الإنفصال والحكم الذاتى، لم تحدث حالة انفصال واحدة خلال 17 عاماً رغم وجود رغبات وتحركات فعلية من عدد من القوميات المختلفة فى هذا الإتجاه، وهناك جدل بأن القيود الدستورية تحول دون حدوث الإنفصال، وخاصة في ظل غموض طرق ممارسة الأمم والقوميات والشعوب للسيادة الشعبية، غير أن تحليل هذه المسألة في ضوء رؤية جبهة “تجراي” لمسالة السلطة والدولة يساعد في إدراك طبيعة القضايا السياسية في إثيوبيا، فمن ناحية تبنت الجبهة رؤية تقوم على مركزية السلطة، ومن ناحية أخرى ربطت استمرارها في السلطة بالفوز بالانتخابات، وقد ترتب على هذه الصيغة سيطرة الجبهة الثورية على المجالس المنتخبة في المستوى المركزي والمستوى الإقليمي. وفي سياق استشراف مستقبل التطور السياسي في إثيوبيا، يمكن القول إن ديناميات التحديث، أدت لتباين أوضاع الجماعات الإثنية، كما يعبر لجوء الدولة إلى العنف لفرض السلطة عن عمق مشكلة الاندماج القومي، وخاصة في ظل ضعف القدرات الإستخراجية وتشوه السياسة التوزيعية([16]).

2ـ إنعكاس الحالة السياسية على تفاعلات النظام داخليًا وخارجيًا:

أدت الحروب والصراعات العديدة التي شهدتها الأقاليم الإثيوبية في عهد رئيس الوزراء “آبي أحمد” إلى استنزاف أموال طائلة، وإلى دمار واسع في البنى التحتية، وإلى أعداد هائلة من القتلى والمصابين واللاجئين والنازحين والمشردين، والأخطر تزايد حجم المرارات والعنف وتهتك النسيج الاجتماعي وتراجع الرغبة الإندماجية فى عموم الدولة. وقد عانى الاقتصاد الإثيوبي من تداعيات الحرب في إقليم تيجراي التي تسببت في خسائر فادحة، وبدأ الاقتصاد الإثيوبي في التقهقر بعد أن شهد منذ بداية الألفية وحتى عام 2019 مراحل نمو لافتة، حتى تخلفت إثيوبيا عن سداد ديونها، وخفضت وكالة “فيتش” مؤخرًا التصنيف الائتماني لها إلى مستوى عالي المخاطر. ومن ثم ينبئ استمرار سياسات النظام الإثيوبي الحالية على الصعيد الداخلي والخارجي بعواقب وخيمة، وما لم يتخل النظام عن سياساته العدوانية المستفزة التي لا تراعي تعقيدات الداخل الإثيوبي، سيؤدي إلى استمرار المشكلات والحروب، حيث خاض نظام “آبي أحمد” ثلاث حروب داخلية خلال خمس سنوات من حكمه، ولولا الإسناد الدولي والإقليمي لإنهار نظامه تحت وطأة المعارك المنتشرة فى عدد من المقاطعات الهامة([17]).

وقد سعى النظام الإثيوبي لإتخاذ معاركه الخارجية في قضية سد النهضة وغيرها كقضايا لتوحيد شعبه في معركة أو معارك خارجية، ليغطي على الإنقسامات والتباينات الداخلية الخطيرة، لكن قصر النظر والسعي للهيمنة وفرض النفوذ قد خلق تصدعات داخلية مزلزلة، وهو ما أدى إلى صراعات خطيرة مع الإقليم ومشكلات كبيرة له مع المجتمع الدولي. حيث أدت التوترات الداخلية في إثيوبيا وخاصة الحرب في إقليم “تيجراي” والسياسات القمعية والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان إلى توتر العلاقات مع المجتمع الدولي، وخاصة الدول الغربية، التي بذلت جهودًا كبيرة من أجل دعم وقف الحرب الدائرة، حيث كانت تخشى الدول الغربية إنهيار إثيوبيا حليفتها في القرن الإفريقي والقارة الإفريقية، لكن هذه الدول لم تبذل الجهد ذاته لحل باقي المشكلات التي تثيرها إثيوبيا في المنطقة، بما ينذر بتفاقم التوترات والإنقسامات التى تجسد جميعها حالة التفكك وعدم التنسيق التى يعانى منها النظام الحاكم فى إثيوبيا على المستويات المختلفة([18]).

ثالثًاـ التحديات التنموية ونقاط ضعف الوضع القائم فى إثيوبيا:

أدى فشل رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” خلال السنوات الثلاث الماضية في إحداث تحول جذري بشأن إدارة معضلة التعددية العرقية في البلاد التي تضم أكثر من 80 مجموعة عرقية، والتي إنعكست بدورها على تدهور العلاقات بين معظم الأقاليم الإثيوبية التي تطورت إلى مواجهات عسكرية بينها بسبب تفاقم الخلافات الحدودية بينها والصراعات على الموارد الطبيعية والأراضي والمياه والغذاء؛ مما أثر سلبًا على حالة الإستقرار والأمن والتنمية في الداخل الإثيوبي.

ومن ثم تواجه إثيوبيا في الوقت الراهن أزمات متعددة الأبعاد والاتجاهات، وذات سمات سياسية واقتصادية وأمنية وجغرافية واجتماعية عديدة تعرقل جميعها من تعميق التجرية اللامركزية فى إدارة الحكم المحلى، كما تتراجع فى هكذا أجواء المكتسبات التنموية القائمة على تطبيق أطر الحوكمة المحلية بشكل فاعل فى عموم الدولة. فعلى الرغم من أن الفيدرالية العرقية تمثل إحدى الطرق لمعالجة الملفات الشائكة الخاصة بقضايا العدالة والحقوق العرقية، إلا أن الفيدرالية في التجربة الإثيوبية قد أضحت دافعًا لزعزعة الإستقرار الداخلي والتفكك الداخلى. لذلك تأتي موجة الأزمات والصراعات في الداخل الإثيوبي كنتيجة طبيعية للتحديات التي طالما تراكمت طوال العقود الماضية، في ظل فشل الحكومات الإثيوبية المتعاقبة في إيجاد سبل لمعالجتها للحيلولة دون تفاقمها([19]). وفى هذا السياق تتمثل أبرز تحديات وإشكاليات التنمية الحقيقية على الساحة الإثيوبية في ما يلى:

1ـ تنازع الرؤى حول مستقبل إثيوبيا: تنقسم الساحة السياسية الإثيوبية حول شكل النظام السياسي في الدولة خلال المرحلة المقبلة، فهناك اتجاه يضم نخب أمهرة والنخب الحضرية – وهي حليف قوي لآبي أحمد بعد تحوله عن قومية أورومو التي ينتمي إليها والتي دعمت وصوله للسلطة- يدعو إلى إعادة النظام المركزي في البلاد تحت شعار “اجعل إثيوبيا عظيمة مرة أخرى”، ويعتبر الفيدرالية سببًا رئيسيًا لكل المشكلات السياسية وعدم الإستقرار في البلاد، وأن الدستور الفيدرالي هو سبب تراجع مشروع بناء الأمة الإثيوبية الموحدة. وفي رؤيته، فإن استمرارية إثيوبيا ووحدتها واستقرارها إنما تعتمد أساسًا على تطهيرها من جبهة تحرير “تيجراي” وإرثها السياسي، وهو ما يبرر تورط ميلشياتها في الحرب الأخيرة على “تيجراي” في إطار سعيها للانتقام منها. وفى هذا السياق تستهدف نخبة “أمهرة” بالأساس إلى استعادة الإحتكار السياسي والثقافي لإثيوبيا خاصة في ضوء علاقتها القوية مع حليفها “آبي أحمد”. ويشكل هذا الاتجاه تهديدًا وجوديًا لإثيوبيا كونه يفرض هوية أحادية في بلد متنوع عرقيًا بشكل كبير. في المقابل، هناك اتجاه آخر يفضل استمرار الفيدرالية، ويتمسك بمنح الحكومات الإقليمية المزيد من الحكم الذاتي وتقرير المصير والاستقلال عن السلطة المركزية إذا لزم الأمر. ويرى أن استقرار ووحدة البلاد يعتمد على الإلتزام بالدستور الاتحادي والنظام الفيدرالي. كما يرى أنصاره أن تحركات قومية “أمهرة” تهدف إلى جعل إثيوبيا مملكة “أمهرية” مرة أخرى([20]).

2ـ تصاعد الأزمات الحدودية: وهى صراعات تضرب كافة الأقاليم الإثيوبية دون استثناء بسبب الخلافات العرقية القائمة على نزعة إثنية فى توزيع وإدارة الثروة، وقد استمرت رغم الجهود التفاوضية المبذولة لتسويتها، إلا أنها تسببت في سقوط قتلى ونزوح الآلاف من المواطنين إلى مناطق أخرى، إذ يتصاعد النزاع بين ولايتي عفار والصومال الإثيوبي على الأراضي المتنازع عليها، وفي مناطق نزاعات أخرى مثل تيجراي وغيرها. كما أن هناك نزاعًا تاريخيًا بين إقليمي “أوروميا” والإقليم الصومالي الإثيوبي على الموارد والأراضي. فيما استطاع إقليم “أمهرة” ضم بعض الأراضي في غرب وجنوب شرق “تيجراي” خلال الحرب الأخيرة، الأمر الذي قد يدفع نحو نشوب حرب جديدة بين الجانبين. وكلها أحداث وصراعات تعرقل من جهود التنمية بمستوياتها القومية والمحلية كما تعيق الجهود المبذولة من كل الأطراف لتعميق المشاركة التنموية على أسس لامركزية متزنة([21]).

3ـ تصاعد النزاعات العرقية: تتفاقم التوترات العرقية في كثير من المناطق الإثيوبية مثل أوروميا وتيجراي وبني شنقول-جوموز والعفر والإقليم الصومالي الإثيوبي وأمهرة خاصة في مناطق جنوب “ولو” ومنطقة أورومو الخاصة وشيوا الشمالية، ويتورط في تلك المواجهات السكان المحليون والميلشيات المحلية وبعض القوات الخاصة التابعة للإدارات الإقليمية، ويتم استخدام المدفعية الثقيلة في بعض تلك المواجهات، مما يتسبب في سقوط عشرات القتلى ونزوح الآلاف، الأمر الذي يفاقم التوترات السياسية والأزمات الإنسانية في البلاد بسبب الحاجة إلى المياه والغذاء والمأوى والرعاية الصحية. كما شهدت الساحة الإثيوبية تصاعدًا لعدد من الحركات المسلحة في بعض المناطق مثل جيش تحرير أورومو الذي صنفته الحكومة الفيدرالية كتنظيم إرهابي، وحركة تحرير مورو الإسلامية ([22]).

تصاعد مظاهر العنف الديني: يمثل البعد الديني أحد دوافع الصراعات في إثيوبيا التي شهدت العديد من أحداث العنف الديني خلال السنوات الأخيرة، والتي طالت أنحاء متفرقة من إثيوبيا لاسيما في شرق البلاد، إذ تزايدت الهجمات ضد الكنائس والمساجد، كما برز التنافس على بناء دور العبادة والاحتفالات بالطقوس الدينية، الأمر الذي دفع الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية للدعوة لتنظيم تظاهرات واسعة النطاق في شمال البلاد في سبتمبر 2019 ردًا على تصاعد أعمال العنف الطائفي من جانب بعض الحركات المسلحة في بعض المناطق مثل أوروميا وتيجراي.

5ـ إنحياز السياسات المركزية لصالح القومية الحاكمة: تعمد النظام الحاكم إقصاء القوى السياسية التي تحولت إلى خصوم لآبي أحمد بإستثناء حلفائه من أمهرة، فقد حاول التخلص من بعضها مثل جبهة تحرير تيجراي، وقام باعتقال عدد من رموز المعارضة السياسية في البلاد مثل قادة أورومو، فضلًا عن التضييق على بعض الأحزاب السياسية ذات التوجه الفيدرالي، مثل جبهة تحرير أورومو ومؤتمر أورومو الفيدرالي اللذين قررا عدم خوض الانتخابات الأخيرة في أوروميا، وهو ما يعزز حالة الاستقطاب في المشهد السياسي الإثيوبي([23]).

6ـ الإشكالية الدستورية فى حق تقرير المصير: تظل المادة 39 من الدستور الفيدرالي الإثيوبي التي تمنح الأقاليم والقوميات الإثيوبية الحق في الحكم الذاتي والانفصال في بعض الأحيان، مصدر تهديد للاستقرار الداخلي في البلاد، ومثار قلق بالنسبة لنظام آبي أحمد، ففي جنوب إثيوبيا، تطالب قومية ولايتا بالحكم الذاتي خاصة بعد نجاح قومية سيداما في إقامة إقليمها الذاتي، وقد صوت مجلس ممثلي منطقة ولايتا بالإجماع لصالح الحكم الذاتي في 19 ديسمبر 2018، إلا أن الحكومة الفيدرالية قد تغاضت عنه ولم يتم إحالته إلى المجلس الانتخابي الوطني، فانطلقت بعض التظاهرات التي أفضت إلى أعمال عنف مما دعا السلطات الأمنية إلى اعتقال عدد من المتظاهرين والمسئولين المحليين في المنطقة([24]).

7ـ تنامي النفوذ السياسي للأمهرة: استطاع آبي أحمد إعادة تشكيل تحالفاته الداخلية بإقصاء قومية أورومو التي ينتمي إليها لصالح حليفه الجديد أمهرة الذي اكتسب نفوذًا ملحوظًا بعد الحرب على تيجراي خاصة بعد الاستيلاء على بعض الأراضي بجنوب وغرب الإقليم. كما نجح آبي أحمد في توظيفها من خلال القوات الخاصة والميلشيات المحلية في تأجيج وإخماد بعض النزاعات الدائرة في بعض المناطق مثل Metekel وبني شنقول-جوموز وغرب أوروميا، وهو ما يفاقم من حدة الصراعات بين القوميات والأقاليم الإثيوبية نتيجة التنافس والخلافات التاريخية بينها وشعور بعضها بالمظلومية التاريخية مثل أورومو.

8ـ التهميش السياسي والاقتصادي: وهو مرتبط بمظالم الجماعات العرقية تاريخيًا في البلاد مثل أورومو، وبعض المناطق الإثيوبية على غرار الريف، في ظل محدودية الموارد وعدم الاستفادة من الاستثمارات الزراعية، وارتفاع قيمة الضرائب التي تُحصِّلها الحكومة المركزية فى أديس أبابا، وهو ما يغذي من عدم المساواة في الفرص الاقتصادية بين الريف والحضر. ويأتي ذلك وسط تراجع واضح للاقتصاد الإثيوبي لأسباب متعددة منها عدم الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، فقد تراجع تدفق الاستثمارات الأجنبية، وتزايد إجمالي الدين العام الإثيوبي من 13.7 مليار دولار في عام 2011، إلى 54.7 مليار دولار في عام 2020. كما تعاني البلاد من معدلات تضخم عالية خلال الفترة الأخيرة، ونقص في النقد الأجنبي، فضلًا عن القطاعات غير النظامية والسوق السوداء التي تتعاظم أنشطتها، الأمر الذي يهدد بانهيار قدرات الاقتصاد المتراجع بطبيعة الحال([25]).

9ـ صعوبات تواجه اللامركزية: ساهم التقسيم الإثني للولايات فى تعميق الصعوبات الإدارية بالمجتمعات المحلية، وفاقم من معاناة السكان؛ فجوهر الفيدرالية يتمحور حول توطئة اللامركزية بشكل يمكِّن الولايات من إدارتها لشؤونها استنادًا إلى وعيها التام بإشكالياتها، والخيارات الممكنة للتعامُل مع تلك الإشكاليات بما يدعم في نهاية الأمر مبادئ الحكم الرشيد وتطبيق معايير الحوكمة المحلية بشكل جدى، بيْدَ أن التقسيم على أساس إثني مع تجاهُل حجم السكان ومساحة الأقاليم خلق تحديات جسيمة أمام الولايات كبيرة المساحة مثل ولايتي الأمهرا والأوروميا، حيث تتركَّز الخدمات كالنقل والمواصلات والصحة والتعليم وغيرها من الخدمات الأساسية المتوفرة في عواصم هذه الأقاليم، وتجد نسبة كبيرة من سكان هذه الولايات صعوبة بالغة في الحصول على تلك الخدمات بمنأى عن العاصمة. الأمر الذي يمثِّل ضغطًا متزايدًا على مرافق عواصم هذه الولايات. وعلى الجانب الآخر، هناك ولايات صغيرة الحجم، ولا تتمتع بأية إمكانات أو مقدرات تمكِّنها من خلق ميزة تنافسية لها على مستوى الاقتصاد الوطني تفيدها في عملية تراكُم الثروة([26]).

10ـ هشاشة الأداء التنموى على المستويات المحلية: كشفت أزمة الصراع المسلح بين النظام والتجراى منذ 2022 عن مواطن الضعف القائمة من قبل في أنظمة الإدارة التنموية للحكومات المحلية في المقاطعات المختلفة، حيث واجهت ضغوطاً هائلة أعاقت سرعة التحرك لتنفيذ تدابير الإحتواء، وتلبية الطلب المتزايد على خدمات الرعاية الصحية، وإطلاق حملات التطعيم وإدارة الحملات واسعة النطاق، وتقديم خدمات التعليم خارج المدارس/عن بُعد، وتوسيع نطاق برامج الحماية الاجتماعية. وتشمل مواطن الضعف هذه تفاوت قدرات التخطيط والتنظيم والتنفيذ على المستوى المركزى، فضلاً عن الهيكلية دون المستوى اللازمة لتنسيق السياسات على الصعيدين الوطني ودون الوطني([27]).

رابعًاـ إيجابيات الواقع التنموى فى إثيوبيا ودور الشركاء الدوليين فى تعزيز الحوكمة:

ظهرت الحوكمة في مفهومها الحديث وأصبحت محل اهتمام الباحثين والممارسين في العقدين الأخيرين من القرن العشرين، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أول الدول التي أطلقت مبادرات لتطبيق الحوكمة، بجانب إصـدارات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والتي بدأت عام 1999 بمبادئ الحوكمة، للمساهمة في تعزيز التنمية الاقتصادية والرفاهية الاجتماعية، ما دفع الكثير من المنظمات والحكومات إلى تبني نشر مبادئ الحوكمة ودعمها، وفى هذا السياق ينصب التركيز الاستراتيجي لمجموعة البنك الدولي على مساعدة إثيوبيا في صياغة مسار نمو أكثر شمولاً واستدامة، ويدعم أهداف أجندة الإصلاح الاقتصادي المحلية وخطة التنمية العشرية الحالية. كما يركز البنك الدولي جهوده على تدعيم إستدامة المالية العامة والإدارة العامة والمؤسسات العامة من خلال مجموعة من المبادرات والمشروعات المتنوعة، ‫حتى تسطيع الحكومات المحلية توفير المنافع العامة بفعالية، ومساندة بيئة قادرة على خلق فرص العمل والنمو، ومعالجة قصور الأسواق، وإشراك المواطنين في هذه العملية، من خلال تيسير نمو القطاع الخاص، والحد من الفقر، وتقديم خدمات قيمة، والتصدي لتغير المناخ، وكسب ثقة المواطنين، وتفادي الوقوع في براثن الصراع والهشاشة في نهاية المطاف. وفى هذا الإطار ساهمت المؤسسات الدولية فى تعزيز تحركات الحكومة الإثيوبية لتدعيم أطر الحكومة والرشادة التنموية فى مختلف قطاعات ومقاطعات الدولة على مدار السنوات القليلة الماضية([28]). ومن ثم يمكن الإشارة إلى دور المحفزات الدولية فى مساندة التجربة الإثيوبية في مجال تطبيق الحوكمة المحلية وتعظيم المكتسبات التنموية على المستوى المحلى فى إطار ما يلى:

  • في إطار سعيها لتصبح دولة ذات دخل متوسط بحلول عام 2025، تسعى إثيوبيا إلى زيادة إيرادات صادراتها إلى 16 مليار دولار بزيادة من 3 مليارات دولار في الوقت الحالي، في السنوات الخمس المقبلة، ومن ثم تقترح خطة الحكومة الراهنة خصخصة المؤسسات العامة لجذب مزيد من المستثمرين، وذلك من خلال تعزيز حزم الحوافز وخلق بيئة مواتية لممارسة الأعمال التجارية. وإتخاذ مجموعة من التحركات التى تعمق من دور القطاع الخاص ومشاركة المجتمعات المحلية فى تعزيز ودعم جهود التنمية على المستوى المحلى والمركزى. حيث أطلقت الحكومة خطة تنمية مدتها 10 سنوات، بناءً على أجندة الإصلاح الاقتصادي المحلية لعام 2019، والتي تمتد من 2020/21 إلى 2029/30. وتهدف الخطة إلى الحفاظ على النمو المرتفع الذي تحقق في إطار خطط النمو والتحول للعقد الماضي مع تسهيل التحول نحو اقتصاد يعتمد بشكل أكبر على القطاع الخاص. ويهدف البرنامج أيضًا إلى تعزيز الكفاءة وإدخال المنافسة في القطاعات الرئيسية الداعمة للنمو (الطاقة والخدمات اللوجستية والاتصالات)، وتحسين مناخ الأعمال([29]).
  • تسعى إثيوبيا إلى رسم مسار تنمية مستدام وشامل من أجل تسريع وتيرة الحد من الفقر وتعزيز الرخاء المشترك. وستكون هناك حاجة إلى تحقيق تقدم كبير في خلق فرص العمل، فضلًا عن تحسين الإدارة، لضمان أن يكون النمو عادلًا في جميع أنحاء المجتمع. وسيتطلب تحقيق هذه الأهداف معالجة التحديات الرئيسية بما في ذلك معالجة تشوهات الاقتصاد الكلي التي تعيق تنمية القطاع الخاص، والتحول الهيكلي، وتوليد فرص العمل، والحد من إعادة إندلاع الصراع الذي كان له تأثير كبير على الحياة وسبل العيش والبنية التحتية. وقد شكل وقف الأعمال العدائية في الشمال في نوفمبر 2022 خطوة مهمة في هذا الإتجاه. وفي حين انتعشت الصادرات والإستثمار الأجنبي المباشر في 2020/2021 وانتعشت الوظائف، فمن المرجح أن تظل بعض الندوب الدائمة قائمة نتيجة الإختلالات السياسية والإدارية القائمة؛ حيث لم تتعاف مستويات العمالة في المناطق الحضرية بشكل كامل، كما لا تزال بعض الأسر والشركات تعلن عن خسائر في الدخل، وتشير التقديرات إلى أن الفقر قد زاد فى عدد من المقاطعات المتناثرة([30]).
  • يدعم البنك الدولى الجهود الرسمية للحكومة الإثيوبية فى إطار تحركاتها المتعلقة بتعزيز الحوكمة من خلال تعميق الإلتزامات التي تعزز استدامة المالية العامة وتسريع وتيرة التحوّل الرقمي لأنظمة الحوكمة لتحسين تقديم الخدمات، والقدرات الإحصائية، وبناء المؤسسات. وتدعم إلتزامات السياسات العامة المحلية فى إثيوبيا، وبشكل خاص ما يتعلق بتعزيز شفافية الديون واستدامة المالية العامة، وتعبئة الموارد المحلية، والتقنيات الحكومية، ومكافحة التدفقات المالية غير المشروعة. وتمثل هذه الإلتزامات عوامل داعمة وأسساً شاملة يساهم تعزيزه فى جذب الاستثمارات الفعالة للمؤسسة الدولية للتنمية في تحقيق تعافٍ أخضر قادر على الصمود وشامل للجميع([31]).
  • تدعم مجموعة البنك الدولي الحكومة الإثيوبية عبر نهجًا أكثر شمولًا من الناحية المكانية للتنمية، وهو النهج الذي يعزز البرامج الوطنية لتقديم خدمات عالية الجودة لجميع مناطق البلاد بما يتجاوز الحساسيات العرقية القائمة بين القوميات المختلفة. كما تساعد مجموعة البنك الدولي على تعزيز التحول الهيكلي والاقتصادي من خلال زيادة الإنتاجية في المناطق الريفية والحضرية من خلال التركيز على التعليم الأساسي، والوصول إلى الأسواق، وتوفير فرص العمل للشباب. كما أنها تساعد على بناء القدرة على الصمود والشمول (بما في ذلك المساواة بين الجنسين) من خلال تحسين شبكات الأمان، والإستثمار في المناظر الطبيعية الإنتاجية، والتركيز على أجندة السنوات الأولى([32]).
  • تقدم المؤسسة الدولية للتنمية (وهي صندوق البنك الدولي لمساعدة البلدان الأكثر فقرًا، وهي أكبر جهة تقدم المساعدة الإنمائية الرسمية في إثيوبيا)، تحليلات وخدمات استشارية لدعم عملية صنع القرار القائمة على الأدلة وتعزيز التنفيذ لمجموعة واسعة من قضايا التنمية. وقد تعهدت بتقديم أكثر من 29 مليار دولار لما يقرب من 166 مشروعًا في إثيوبيا منذ عام 2000، أبرزها: برنامج تعزيز الرخاء المشترك من خلال برنامج الخدمات العادلة، وبرامج شبكات الأمان الإنتاجية الريفية والحضرية، ومشروع إدارة الفيضانات، والاستجابة الطارئة للجراد. ومشاريع النمو الزراعي وقدرة النظام الغذائي، ومشروع الاستجابة والتعافي والقدرة على الصمود للمجتمعات المتضررة من النزاع، ومشروع الأسس الرقمية، بالإضافة إلى العديد من المشاريع المهمة في قطاع الطاقة والمياه والنقل([33]).
  • تدعم مجموعة البنك الدولي المساءلة المؤسسية وتساعد في مكافحة الفساد من خلال التركيز على تحسين الحوكمة وتعزيز المساءلة الاجتماعية. ومن المتوقع أن يكون القطاع الخاص مساهمًا رئيسيًا في التنمية المستقبلية لإثيوبيا، وتلعب مؤسسة التمويل الدولية (IFC) ووكالة ضمان الإستثمار المتعددة الأطراف (MIGA) أدوارًا بارزة في دعم الشركات المحلية الخاصة والمستثمرين الأجانب. واعتبارًا من 2 أبريل 2024، تكونت محفظة البنك الدولي في إثيوبيا من 46 عملية إقراض بالتزامات بقيمة 16.4 مليار دولار، يكملها 1.13 مليار دولار من تمويل الصناديق الإئتمانية. وتشمل المحفظة تمويل المجتمعات المتضررة من النزاع والنازحين داخلياً، والبرامج الوطنية المتعلقة بشبكات الأمان الاجتماعي، والزراعة، والإدارة المستدامة للأراضي، وتقديم الخدمات الأساسية (بما في ذلك الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي)، فضلاً عن دعم المجتمعات المحلية المتضررة من الصراعات فى قطاعات الطاقة والنقل والخدمات اللوجستية التجارية والتطوير الرقمي والقطاعات المالية([34]).
  • يأتي إطار الشراكة القطرية الحالى من قبل مجموعة البنك الدولى خلفًا لاستراتيجية الشراكة القطرية لإثيوبيا للسنوات المالية 2013-2016، والتي تمت مناقشتها في مجلس إدارة البنك الدولى في 29 أغسطس 2012. فبعد عقد من النمو الاقتصادي القوي في إثيوبيا، يعالج إطار الشراكة الاستراتيجية التحديات المتمثلة في صياغة مسار نمو أكثر شمولًا وإستدامة على نطاق أوسع. وسيركز برنامج إطار الشراكة الاستراتيجية على تعزيز التحول الهيكلي والاقتصادي من خلال زيادة الإنتاجية، وبناء القدرة على الصمود والشمول (بما في ذلك المساواة بين الجنسين)، ودعم المساءلة المؤسسية ومواجهة الفساد. كما يتبنى إطار الشراكة الاستراتيجية هذا عدسة مكانية يسعى من خلالها إلى تحقيق نتائج جريئة ومعالجة إثنين من أكبر التحديات المكانية التي تواجه سعي إثيوبيا لتحقيق وضع الدخل المتوسط ​​الأدنى بحلول عام 2025([35]).

خامسًاـ أبرز الدروس المستفادة من التجربة:

رغم تفاقم الأزمات التي تواجهها إثيوبيا في السنوات الأخيرة على الصعيد الداخلي والخارجى فى ظل نظام الحكم الحالى بقيادة رئيس الوزراء “آبي أحمد”، لكن المؤكد أن هذه الأزمات ليست طارئة ولا حديثة النشأة، وإنما تعود في واقع الأمر لأسباب عديدة وربما أخطاء متواترة تعمقت عبر الحقب التاريخية المتتالية، ونتج عنها المشهد الحالي شديد التعقيد في إثيوبيا، والذي يستلزم معالجات حكيمة تراعي كل هذه العوامل التاريخية والحساسيات الشديدة المصاحبة للتنوع والتعدد العرقي الهائل فى هذا البلد.

وبعد أن كانت تنظر إثيوبيا إلى نفسها بإعتبارها الدولة الفريدة في إفريقيا، فقد أسفرت الأزمات الداخلية المتتالية التي تواجهها عن  تداعيات خطيرة على الإستقرار والأمن والتنمية؛ حيث تضررت العديد من القوميات نتيجة فشل النظام الحاكم في تحقيق المساواة والعدالة، ومنع تعرض القوميات المكونة للدولة الإثيوبية للتهميش والإقصاء، وهو ما نال بالتأكيد من تلك الصورة التى لطالما تم الترويج لها. فقد تلجأ بعض هذه القوميات إلى حمل السلاح في مواجهة الحكومة الفيدرالية مرة أخرى، خاصة في ظل اتجاه النظام الحاكم إلى استخدام كل قدراته ضد كافة المنتمين إلى قومية معينة داخل الدولة وخارجها([36]). وفى هذا السياق يمكن إعادة قراءة المشهد الإثيوبى لأخذ العبرة والإستفادة من التجربة من خلال تسليط الضوء على على الأبعاد المختلفة للمشكلة من خلال ما يلى:

  • الجهود الإيجابية على خطى التنمية: عمدت الحكومة الإثيبوبية عقب انتخابها بقيادة “آبي أحمد” رئيسًا للوزراء في مارس عام 2018، لإفساح المجال للحريات السياسية داخل البلاد، وإلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين والصحفيين، وعقد حوارًا مع قوى المعارضة والمجتمع المدني لبحث سبل الإصلاح السياسي، ودعى المعارضين المقيمين في الخارج للعودة، وتعهد بالمزيد من الإصلاحات، وتبنى عددًا من المبادرات التنموية، وتم اختيار نصف أعضاء حكومته من النساء، وسعى لتهدئة الصراع الدائر مع إريتريا، وقام بتوقيع اتفاق سلام معها، ودعم انتقال السلطة في السودان عبر تقريبه لوجهات النظر بين المكونين المدني والعسكري ودعم اتفاق الشراكة بينهما للسلطة، وقد أدى كل ذلك لتهدئة الإحتجاجات في إثيوبيا، والتبشير بانفراجة قوية على الصعيدين الداخلي والخارجي فى حينه([37]).
  • إنتكاس المسار للأسباب عرقية: رغم التحركات الإيجابية السابقة؛ سرعان ما تهاوت كل هذه الآمال والتوقعات بإندلاع موجات واسعة من الإضطرابات العرقية المتجزرة، التى بدأت باحتجاجات “الأورومو” أولًا، ثم السقوط في هوة الحرب الأهلية في “تيجراي”، مما فتح الباب للمزيد من الإضطرابات السياسية والاقتصادية بصورة واسعة. ومن ثم لم تنجح كل تلك الجهود فى معالجة أزمة الإندماج الوطنى التى تعانى منها الدولة، مما أدى إلى بروز تناقضات عديدة، أبرزها سيطرة الجبهة الشعبية لتحرير “تيجراي” على الإئتلاف الحاكم، وسعي نظام “آبي أحمد” لمعالجة إختلالات الحكم الفيدرالي العرقي عبر نظام مركزي، مما أدى إلى مشكلات كبيرة، ولجوء القوميات لحمل السلاح في مواجهة الحكومة الفيدرالية، وضد بعضها البعض، وبرزت المطالب الإنفصالية، الذي لوح به قادة جبهة تحرير “تيجراي” وغيرها مؤخرًا([38]).
  • معالجة جذور الأزمة من الناحية التاريخية: لم تتمكن المركزية التي أسسها حكم الدرج العسكري في عام 1974، ولا الفيدرالية العرقية التي أسسها دستور عام 1994، من تحقيق الإندماج الوطني في هذه الدولة. ومن المتوقع أن تستمر الأزمات الداخلية في إثيوبيا إلى أن يصل قادتها إلى صيغة جديدة للاتحاد بين القوميات المختلفة تتجاوز التقسيمات العرقية، ويعاد تقسيم الدولة على أسس جغرافية وليست عرقية. أسس تراعى الخصوصيات العرقية فى الحكم والتنمية، لكنها تراعى بذات القدرة الرغبة الوطنية فى تعظيم المكتسبات التنموية على المستوى القومى. وفى هذا السياق؛ قد تسعى بعض القوى الدولية إلى مساندة إثيوبيا لتجاوز الأزمات الراهنة، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر إثيوبيا وكيلًا استراتيجيًا لها في شرق إفريقيا. ولذلك من المتوقع أن يحرص هؤلاء المسئولين على دعم الإستقرار في إثيوبيا بما يحقق المصالح الأمريكية في إقليم شرق إفريقيا وربما في القارة الإفريقية بأكملها([39]).
  • ضرورة تعميق التنمية التشاركية لمواجهة التحديات القادمة: لا تزال حوكمة القطاع العام ومكافحة الفساد تشغلان مرتبة عالية ضمن أهم أولويات التنمية فى إثيوبيا. وفي هذا السياق، يتعين على الحكومات المحلية بذل المزيد من الجهد بموارد أقل لتلبية المطالب المتزايدة من المواطنين، مع العمل على إزالة العقبات المعيقة لتنمية القطاع الخاص على المستويات المحلية والإقليمية. وللتصدي بكفاءة لمخاطر تغير المناخ والجوائح، ثمة حاجة إلى خدمة مدنية أقوى وأكثر مرونة واستجابة فى المقاطعات المتناثرة، وقادرة على تطبيق ممارسات إدارة المخاطر ولديها إمكانية وصول إلى خطط طوارئ في الحالات الطارئة. ‫وتشير الدروس المستمدة من الإستجابة لتبعات الصراع المسلح على مدار الفترة الماضية إلى ضرورة تكييف نماذج العمليات الحكومية حسب الاحتياجات وتقديم الخدمات والتفاعلات مع المواطنين، والتي تشمل خيارات التقنيات الحكومية لتحديث الخدمات المقدمة للمواطنين والشركات. وستكون هذه الدروس مهمة في التصدي لتغير المناخ ومخاطر الأوبئة في المستقبل([40]).
  • حسن إستغلال رأس المال البشرى كضرورة تنموية: تفرض القوى العاملة المتنامية في البلاد (مع وصول ما يقرب من 2 مليون شخص إلى سن العمل سنويا) ضغوطًا على القدرة الإستيعابية لسوق العمل، وتستلزم تحسين الوظائف الحالية، مع خلق فرص عمل جديدة كافية. ففي فبراير 2024، تم إصدار تقارير المناخ والتنمية القطرية (CCDR) في إثيوبيا، حيث شاركت النتائج المتعلقة بالتأثير المتزايد لتغير المناخ الذي يهدد آفاق التنمية في إثيوبيا. ويشير التقرير إلى أنه من المتوقع أن يتراوح متوسط ​​الخسائر السنوية في الناتج المحلي الإجمالي بين 1-1.5% من الناتج المحلي الإجمالي وأن يرتفع إلى 5% بحلول أربعينيات القرن الحادي والعشرين، مما قد يدفع ملايين الإثيوبيين إلى الفقر مرة أخرى. ولكن فى المقابل؛ يشير التحليل الجديد أيضًا إلى فرص النمو وزيادة الرخاء من خلال سياسات التنمية المستنيرة للمناخ. وتتجلى هذه الأمور بشكل خاص في الزراعة، حيث يمكن لإثيوبيا، بدعم من الإصلاحات، أن تتحول من كونها مستوردًا صافيًا للسلع الزراعية إلى توليد فوائض كبيرة تصل إلى 20٪ (نسبة إلى الطلب المحلي)، مع تغير المناخ، وخاصة في ظل الظروف المحتملة. ظروف أكثر دفئا ورطوبة، مما يزيد من هذه الفوائض إلى 25٪([41]).
  • ضرورة تعميق المشاركة السياسية على أسس حقيقية: تنتهج إثيوبيا الفيدرالية وتتبع نظام الحكم البرلماني، كما أنه يوجد في إثيوبيا العديد من الأحزاب القائمة علي أساس إثني، إلا أنه لا صوت يعلو فوق صوت الجبهة الديمقراطية، وقد ظلت الممارسة الانتخابية في إثيوبيا على مدى أكثر من عقدين تشكل ركن مهم في النظام السياسي، رغم حجم التناقضات التي يعاني منها التكوين الاجتماعي الإثيوبي، إلا أن مركزية النظام وقوته ساعدت على بقاء النظام متماسكًا وبعيدًا عن المشكلات العرقية رغم عدم قدرته على تحقيق العدالة الاجتماعية للمواطنين كافة. ومن ثم؛ أعطت الممارسة الانتخابية التي انتظمت إثيوبيا على العمل بها، سمة الديمقراطية بالمواظبة على إجراء الانتخابات والسماح للمعارضة السياسية بالعمل وإبداء الرأي، وإعطاء حيزا – ولو كان محدودًا – للصحافة ومؤسسات المجتمع المدني. إلا أنها بالمقابل اتجهت نحو الإنفراد في السلطة، وهذا الإنفراد في السلطة أثأر نقمة المعارضة، التي لم تكن معارضة ذا بعد سياسي فقط، بل هي معارضة سياسية ذات توجهات عرقية واثنية. ومع ضعف قدرة السلطات الحاكمة المتعاقبة على إدارة هذا المجتمع التعدي، فقد حال ذلك دون تحقيق الاندماج الوطني، لا سيما وأن الدستور الإثيوبي سمح للجماعات القومية بالحق في تقرير المصير، مما قد بشكل مستقبلاً مدخلاً مهمًا لتهديد كيانها السياسي([42]).
  • العمل على تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص: والتى ستؤدى إلى تمكين الحكومات المحلية فى إثيوبيا من شراء وتقديم خدمات البنية التحتية/ الخدمات العامة، والاستفادة من موارد وخبرات القطاع الخاص، من خلال ترتيبات تقاسم المخاطر بين المستوى المركزى والمحلى. وإذا ما صُـمّمت الشراكات بين القطاعين، ونُـفذت على نحو سليم، فبمقدورها أن تحقق قيمة اجتماعية جماعية، من خلال تقديم الخدمات في الموعد المناسب، وبتكلفة معقولة، فضلًا عن تعظيم المكاسب المحققة من تحسين الكفاءة والابتكار في تصميم المشاريع، وإدماج الخبرات العالمية، والوصول إلى مصادر جديدة لرأس المال. ومن ثم يتطلب توسيع نطاق مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص والمحافظة على استدامتها، الإهتمام بالأسس الحيوية لتحقيق ذلك على مدى دورة المشروع. وتشمل هذه الخطوات ضمن جملة أمور أخرى: تدشين سياسة قوية، وإطار مؤسسي وتنظيمي، وتدرس هذه المشروعات لتحديد مدى ملاءمتها للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبناء قدرات راسخة لإعداد المشروعات وتنظيمها، والقدرة على مساندة المعاملات وإدارة العقود. ومن المتوقع أن تساعد أطر الشراكة المصممة جيدا بين القطاعين العام والخاص فى إثيوبيا، على تسهيل تعبئة التمويل لمشروعات البنية التحتية، والتوزيع الأمثل للمخاطر، وتكفل إدارة سليمة للإستثمارات العامة على المستوى المحلى([43]).
  • من الضروري اتخاذ نهج شامل نحو إنشاء بيئة داعمة لدمج المجتمعات المحلية: لا يمكن لوحدات الشراكات بين القطاعين أو قوانينها فقط أن يكونا بديلًا لضرورة الإلتزام السياسي والحرص على تقديم إصلاحات أوسع نطاقا لحل المشكلات الأساسية للحوكمة الخاصة بالبنية التحتية وغير التحتية فى عموم إثيوبيا؛ دون أن يصاحب وضع الإطار القانوني القوي وضع ترتيبات مؤسسية. ويزيد وجود وحدة شراكة بين القطاعين مع موارد وكوادر كافية ودور واضح لكل من وزارة المالية وجهات الشراء والتعاقد، من فرص بناء سلسلة قوية من المشروعات وتسريع وتيرة تنفيذها. وهو ما يتطلب وجود رؤية جماعية لإدارة منظومة عمل الوزارات والوكالات والإدارات التابعة للسلطة التنفيذية بشأن إدارة المؤسسات العامة ومسائل التمويل. للتنسيق المشترك بين المستويات الإدارية المختلفة في القضايا الأوسع المتصلة بنظم الحوكمة، والتى تتطلب التفاعل المتبادل بين أجهزة السلطتين التشريعية والتنفيذية والمؤسسات الأخرى التي تعمل للنهوض بالمساءلة أمام المواطنين وزيادة إشراك المجتمع فى صياغة وتنفيذ الأطر والمستهدفات التنموية فى إثيوبيا([44]).
  • ضرورة الإعتراف الفعلى بدور المجتمعات المحلية: حيث يساهم بناء الأنظمة المحلية من فاعلية وتقوية المؤسسات وتحسين نظم الحوكمة، ومن شأن التنفيذ الفاعل للسياسات، وتحسين إدارة الموارد، وتدعيم تقديم الخدمات، وزيادة الإنفتاح والشفافية من قبل الحكومة المركزية أن يمكن الحكومات المحلية المؤهلة من التعاون من المؤسسات الدولية بصورة مباشرة بما يمكنها من إتاحة الفرص لمشاركة المواطنين، وإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطنين والمحافظة عليها. وهو ما سيساهم فى الحد من الفقر وتعزيز الرخاء المشترك للجميع عبر المؤسسات التي تتمتع بالفاعلية لا في حل مشكلات الماضي فحسب، بل أيضاً في الإستجابة للإحتياجات المتغيرة للمواطنين الذين تقوم على خدمتهم. وكنتيجة لذلك، ستصبح الحكومات المحلية أكثر شفافية وخضوعًا للمساءلة أمام مواطنيها وأقل عرضة للتورط في الفساد المركزى وأفضل حالًا في تقديم الخدمات. وسيساعد ذلك على النمو وبناء القدرات على الأمد الطويل، كما سيعزز من إستدامة النتائج التنموية على المستوى المحلى لصالح شعوبها، وهو ما سيضاعف من حرص تلك الحكومات المحلية على ترسيخ المسار المستدام بالشكل الذى سيؤهلها لتدشين المزيد من المشروعات المحلية وتنميتها بنفسها عبر دورات تنموية متتالية، وهو ما سينعكس بالإيجاب الأداء التنموى على المستوى القومى فى عموم الدولة([45]).

المصادر والمراجع مرتبة بحسب ورودها فى المتن:

  • الموقع الرسمى للبنك الدولى. متاح على الرابط: https://data.albankaldawli.org/country/ethiopia
  • بى بى سى، “الصراع في تيغراي: تعرف على الجماعات المسلحة التي وحدت صفوفها ضد حكومة أبي أحمد”، 14 أغسطس 2021. متاح على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/worldm
  • رضا زيدان، تعرّف إلى أكبر القوميات العرقية فى إثيوبيا، الميادين، 5 يناير 2021. متاح على الرابط: https://www.almayadeen.net/news/politics
  • أر تى عربية، آخر إمبراطور من أصول يمنية، 3 أبريل 2024. متاح على الرابط: https://arabic.rt.com/world
  • قراءات إفريقية، قراءة فى الدستور الإثيوبى. متاح على الرابط: https://qiraatafrican.com/encyclopedia
  • هانا ليما وأخرون، المواطنون والمجتمع المدني والعمل الناشط في أثيوبيا، مؤسسة أديس، كلية السياسات العامة، جامعة الملك حمد بن خليفة، الدوحة، 15 أغسطس 2023. متاح على الرابط:  https://www.hbku.edu.qa/arademic
  • سارة عبد السلام الشربيني عبد العال، النظام السياسي في إثيوبيا منذ ٢٠٠٥، المركز الديمقراطى العربى، 28 يناير 2020. متاح على الرابط: https://democraticac.de/?p=64675
  • الموقع الرسمى للصندوق الدولى للتنمية الزراعية. متاح على الرابط: https://www.ifad.org/ar/web/operations
  • أحمد عسكر، خريطة الأزمات ومستقبل الدولة في إثيوبيا، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، 9 يوليو 2021. متاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/Newsx
  • أسماء الحسينى، إثيوبيا.. أزمات داخلية وخارجية متعددة، مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار، القاهرة، 17 مارس 2024. متاح على الرابط: https://www.idsc.gov.eg/Article/details/9124
  • الشافعي أبتدون، تصفير المشاكل.. إثيوبيا على طريق زعامة أفريقيا بنكهة تركية، الجزيرة نت، الدوحة، 11 يوليو 2018. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/midareality
  • جهاد الخطيب، مأزق الفيدرالية الإثيوبية، مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار، القاهرة، 31 مارس 2021. متاح على الرابط: https://www.idsc.gov.eg/Article/details/6548
  • الجزيرة نت، فورين بوليسي: صراع أمهرة في إثيوبيا قد يشعل حربا أهلية، الدوحة، 7 مارس 2024. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/politics/2024/3/7
  • أسماء الخولي، إثيوبيا تدخل 2016 من باب التحول الاقتصادي الصعب، الشرق الأوسط، القاهرة، 1 يناير 2016. متاح على الرابط: https://aawsat.com/home/article/533676
  • الموقع الرسمى لصندوق النقد الدولى. متاح على الرابط: https://www.imf.org/ar/About/
  • الموقع الرسمى لمجموعة البنك الدولى. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/region/afr
  • محمد عبده حسنين، إثيوبيا لإنهاء نزاع تيغراي بتسريع تفعيل اتفاق السلام، الشرق الأوسط، القاهرة، 26 ديسمبر 2022. متاح على الرابط: https://aawsat.com/home/article
  • الموقع الرسمى للبنك الدولى. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/news/statement
  • الموقع الرسمى للمؤسسة الدولية للتنمية. متاح على الرابط: https://ida.albankaldawli.org/ar
  • جريدة الشروق، البنك الدولي وإثيوبيا يوقعان اتفاقيات تمويل بقيمة 1.72 مليار دولار، القاهرة، 6 أبريل 2024. متاح على الرابط: https://www.shorouknews.com/mobile/news
  • الموقع الرسمى لمجموعة البنك الدولى. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/about
  • مصطفى حسين، هل تتسبب سياسات آبي أحمد في حرب أهلية؟، الجزيرة نت، الدوحة، 30 أغسطس 2018. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/blogs/2018/8/30
  • مؤشر الحوكمة العالمية. متاح على الرابط: https://solability.com/the-global-sustainable
  • مجموعة البنك الدولى. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/news/featur3
  • نادر محمد ويارا سالم وأخرون، كيف يمكن إنجاح الشراكات بين القطاعين العام والخاص؟، موقع أخبار البنك الدولى، 6 يوليو 2023. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/region/mena

([1]) الموقع الرسمى للبنك الدولى. متاح على الرابط: https://data.albankaldawli.org/country/ethiopia تاريخ الدخول والمشاهدة: 15 أبريل 2024.

([2]) المرجع السابق نفسه.

([3]) بى بى سى، “الصراع في تيغراي: تعرف على الجماعات المسلحة التي وحدت صفوفها ضد حكومة أبي أحمد”، 14 أغسطس 2021. متاح على الرابط: https://www.bbc.com/arabic/worldm  تاريخ الدخول والمشاهدة: 15 أبريل 2024.

([4]) رضا زيدان، تعرّف إلى أكبر القوميات العرقية فى إثيوبيا، الميادين، 5 يناير 2021. متاح على الرابط: https://www.almayadeen.net/news/politics تاريخ الدخول والمشاهدة: 16 أبريل 2024.

([5]) أر تى عربية، آخر إمبراطور من أصول يمنية، 3 أبريل 2024. متاح على الرابط: https://arabic.rt.com/world   تاريخ الدخول والمشاهدة: 16 أبريل 2024.

([6]) المرجع السابق نفسه.

([7]) قراءات إفريقية، قراءة فى الدستور الإثيوبى. متاح على الرابط:

https://qiraatafrican.com/encyclopedia/ethiopia / تاريخ الدخول والمشاهدة: 16 أبريل 2024.

([8]) رضا زيدان، مرجع سبق ذكره.

([9]) هانا  ليما وأخرون، المواطنون والمجتمع المدني والعمل الناشط في أثيوبيا، مؤسسة أديس، كلية السياسات العامة، جامعة الملك حمد بن خليفة، الدوحة، 15 أغسطس 2023. متاح على الرابط:  https://www.hbku.edu.qa/ar/academic تاريخ الدخول والمشاهدة: 16 أبريل 2024.

([10]) المرجع السابق نفسه.

([11]) سارة عبد السلام الشربيني عبد العال، النظام السياسي في إثيوبيا منذ ٢٠٠٥، المركز الديمقراطى العربى، 28 يناير 2020. متاح على الرابط:  https://democraticac.de/?p=64675 تاريخ الدخول والمشاهدة: 17 أبريل 2024.

([12]) الموقع الرسمى للصندوق الدولى للتنمية الزراعية. متاح على الرابط:

https://www.ifad.org/ar/web/operations/w تاريخ الدخول والمشاهدة: 17 أبريل 2024.

([13]) الموقع الرسمى للبنك الدولى، مرجع سبق ذكره.

([14]) أحمد عسكر، خريطة الأزمات ومستقبل الدولة في إثيوبيا، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة، 9 يوليو 2021. متاح على الرابط: https://acpss.ahram.org.eg/Newsx تاريخ الدخول والمشاهدة: 17 أبريل 2024.

([15]) أسماء الحسينى، إثيوبيا.. أزمات داخلية وخارجية متعددة، مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار، القاهرة، 17 مارس 2024. متاح على الرابط: https://www.idsc.gov.eg/Article/details/9124 تاريخ الدخول والمشاهدة: 17 أبريل 2024.

([16]) أحمد عسكر، مرجع سبق ذكره.

([17]) أسماء الحسينى، مرجع سبق ذكره.

([18]) الشافعي أبتدون، تصفير المشاكل.. إثيوبيا على طريق زعامة أفريقيا بنكهة تركية، الجزيرة نت، الدوحة، 11 يوليو 2018. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/midareality  تاريخ الدخول والمشاهدة: 17 أبريل 2024.

([19]) أحمد عسكر، مرجع سبق ذكره.

([20]) جهاد الخطيب، مأزق الفيدرالية الإثيوبية، مركز المعلومات ودعم إتخاذ القرار، القاهرة، 31 مارس 2021. متاح على الرابط: https://www.idsc.gov.eg/Article/details/6548 تاريخ الدخول والمشاهدة، 17 أبريل 2024.

([21]) أسماء الحسينى، مرجع سبق ذكره.

([22]) جهاد الخطيب، مرجع سبق ذكره.

([23]) الجزيرة نت، فورين بوليسي: صراع أمهرة في إثيوبيا قد يشعل حربا أهلية، الدوحة، 7 مارس 2024. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/politics/2024/3/7 تاريخ الدخول والمشاهدة: 20 أبريل 2024.

([24]) الشافعي أبتدون، مرجع سبق ذكره.

([25]) الجزيرة نت، فورين بوليسي: صراع أمهرة في إثيوبيا قد يشعل حربا أهلية، مرجع سبق ذكره.

([26]) أسماء الخولي، إثيوبيا تدخل 2016 من باب التحول الاقتصادي الصعب، الشرق الأوسط، القاهرة، 1 يناير 2016. متاح على الرابط: https://aawsat.com/home/article/533676 تاريخ الدخول والمشاهدة: 20 أبريل 2024.

([27]) المرجع السابق نفسه.

([28]) الموقع الرسمى لصندوق النقد الدولى. متاح على الرابط: https://www.imf.org/ar/About/ تاريخ الدخول والمشاهدة: 25 أبريل 2024.

([29]) الموقع الرسمى لمجموعة البنك الدولى. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/region/afr تاريخ الدخول والمشاهدة: 25 أبريل 2024.

([30]) محمد عبده حسنين، إثيوبيا لإنهاء نزاع تيغراي بتسريع تفعيل اتفاق السلام، الشرق الأوسط، القاهرة، 26 ديسمبر 2022. متاح على الرابط: https://aawsat.com/home/article تاريخ الدخول والمشاهدة: 25 أبريل 2024.

([31]) الموقع الرسمى للبنك الدولى، مرجع سبق ذكره.

([32]) الموقع الرسمى للبنك الدولى. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/news/statement تاريخ الدخول والمشاهدة: 25 أبريل 2024.

([33]) الموقع الرسمى للمؤسسة الدولية للتنمية. متاح على الرابط: https://ida.albankaldawli.org/ar تاريخ الدخول والمشاهدة: 25 أبريل 2024.

([34]) جريدة الشروق، البنك الدولي وإثيوبيا يوقعان اتفاقيات تمويل بقيمة 1.72 مليار دولار، القاهرة، 6 أبريل 2024. متاح على الرابط: https://www.shorouknews.com/mobile/news تاريخ الدخول والمشاهدة: 25 أبريل 2024.

([35]) الموقع الرسمى لمجموعة البنك الدولى. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/about تاريخ الدخول والمشاهدة: 25 أبريل 2024.

([36]) أحمد عسكر، مرجع سبق ذكره.

([37]) سارة عبد السلام الشربيني عبد العال، مرجع سبق ذكره.

([38]) مصطفى حسين، هل تتسبب سياسات آبي أحمد في حرب أهلية؟، الجزيرة نت، الدوحة، 30 أغسطس 2018. متاح على الرابط: https://www.ajnet.me/blogs/2018/8/30 تاريخ الدخول والمشاهدة: 5 مايو 2024.

([39]) أر تى عربية، آخر إمبراطور من أصول يمنية، مرجع سبق ذكره.

([40]) مؤشر الحوكمة العالمية. متاح على الرابط: https://solability.com/the-global-sustainable تاريخ الدخول والمشاهدة: 5 مايو 2024.

([41]) مجموعة البنك الدولى. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/news/feature/2023/03/13 تاريخ الدخول والمشاهدة: 5 مايو 2024.

([42]) مؤشر الحوكمة العالمية، مرجع سبق ذكره.

([43]) نادر محمد ويارا سالم وأخرون، كيف يمكن إنجاح الشراكات بين القطاعين العام والخاص؟، الموقع الرسمى للبنك الدولى، 6 يوليو 2023. متاح على الرابط: https://www.albankaldawli.org/ar/region/mena تاريخ الدخول والمشاهدة: 5 أبريل 2024.

([44]) المرجع السابق نفسه.

([45])  مؤشر الحوكمة العالمية، مرجع سبق ذكره.

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى