مقالات

العزاء للعرب بانتصار ايران

بقلم : د.معتز عبدالقادر محمد النجم

يعد مشروع المفكر والمؤرخ المتصهين برنارد لويس ( بريطاني المولد 1916 صهيوني الانتماء أمريكي الجنسية ومن أعدى أعداء الإسلام ) من اخطر المشاريع التي واجهت منطقة الشرق الأوسط ، في القرن العشرين والقرن الواحد والعشرين ،وتأتي خطورة هذا المشروع انه يحول الدول العربية والإسلامية بعد تقسيمها وتفتيتها على أسس عرقية واثنيه وقومية وطائفية الى أكوام من الأنقاض على شكل دويلات يحكم فيها أمراء الطوائف،هذه الحقيقة هي التي تعمل عليها الولايات المتحدة الامريكية بالتعاون مع ايران من خلف الكواليس،ومايدل على هذا التعاون معادلة بسيطة جداً ربما يكون ضحيتها الشعب الايراني بفرض حصار على ايران، ولكن المتابع للتاريخ الايراني نرى انه منذ قيام جمهورية ايران الاسلامية بقيادة الخميني ورفع شعار الموت لامريكا الشيطان الاكبر لن نرى اي مصادمه فعلية وحقيقية يمكن ان تأخذ بالحسبان مدى العداء الذي تضمرة ايران لامريكا من خلال شعاراتها، وبما اننا ليست بصدد ذكر المشروع الامريكي ولكن اهمية هذه المقالة التي تكمن في الربط مابين المشروع الامريكي والايراني في المنطقة  عندما اقدمت الولايات المتحدة الامريكية بغزو أفغانستان والقضاء على حركة طالبان التي دعمتها من قبل لمواجهة الشيوعيين السوفيت ،ثم غزو العراق وإنهاء دوره القومي والدولي المؤثر وتسريح جيشه وإخراجه من دائرة الخطر على إسرائيل وأمنها ،لأنه يشكل تهديدا للأمن القومي والعالمي ويقصدون الأمن الصهيوني ،وتحويل العراق الى خرائب دولة تتحكم فيها الاحزاب الطائفية وأمراء الطوائف باسم الدين، فلغاية العام 2003، كان العراق حصنا  وسور منيعا أمام مشاريع ايران التوسّعية في المنطقة، حيث كان الجبل الذي ذكره سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه” اللهم اجع بيننا وبين فارس جبل من نار” لكن مع احتلاله في نيسان 2003، انهار الحصن وامتد الأخطبوط الايراني الى العراق،هكذا قدمت امريكا العراق على طبق من ذهب لايران واستولى نظام الملالي على البلاد ودخل البلد في دوامة الاكثرية والاغلبية السياسية تحت شعار الأكثر الشيعية ، وارتكتب هنا وهناك ولا تزال ترتكب حتى اليوم عمليات تصفية طائفيّة هي الأوسع على الاطلاق، مغيّرة معها شكل العراق كليّا، واصبحت ايران هي المسوؤلة اولاً واخيراً عن مايحدث في العراق، وتزايدت هذه التدخلات عندما عجزت الدول العربية على ان تتدخل او غابت عن وضع رؤية أستراتيجية يمكن ان تنقذ العراق من الفك والافتراس الايراني غير مكترثين بما يجري وسوف يكون ، ولكن عندما بدأ المشروع الايراني بالتوسع واخذت الدول المجاوره تتذوق ويلات هذا التدخل والسياسة التي انتهجتها ايران كجزء من مشروعها في المنطقة مستندة بذلك على تجربتها اللبنانية واجندتها الفكرية المتمثلة(بحزب الله) الذي جعل لبنان تحت عباءة حسن نصر الله الذي عمل على ادلجة لبنان مذهبياً واصبح النبتة والشرارة الاولى لبداية وانطلاق المشروع الايراني.والذي بارك هذا المشروع وشجع على قيامة الولايات المتجدة الامريكية عندما اكتفت بالتصريحات (الاقوال دون الافعال) فيما يخص نزع سلاح حزب الله،ثم انتقل هذا المشروع واستفحل الى اليمن مهد العرب، فالأمر كما ترون، عصابة صغيرة من الأقلّية تمتلك من الأسلحة والدعم العسكري والمالي ما يفوق مقدرات الدولة ويسمح لها بأن تسيطر على البلد برمتّه بدعم ايراني بحت،وبصمت دولي وامريكي عجيب.هكذا تحقق مشروع الهلال الشيعي بعد ماكان من ضرب الخيال عندما يتم الحديث عنه خلال العقدين الماضيين،  وربما سائل يقول انّ هذا التوسع الايراني بالذات هو نقطة ضعفها التي ستوقعها في مقتل من منطلق شخوخه الدول وانهيارها هي حالة حتمية كما هو حال الامبراطوية الرومانيه والامبراطورية العثمانية. هذا الكلام قد يحمل بعض الصحّة ولكنّه ليس دقيقا كفاية. فالتوسع الايراني غير تقليدي، وهو لا يستنزف ايران بالشكل الذي من المفترض له ان يكون فيه. بطبيعة الحال هناك تكاليف على طهران وهناك خسائر، ولكنّها نسبة الى طموح نظام الملالي وحجم التوسّع الهائل الجاري فانها تعدّ في حدّها الادنى والمقبول بالنسبة الى الجانب الايراني. فان الأثمان الباهظة التي تدفع اصلاً في هذه المعادلة ليس من رأس المالي الايراني. طهران لا تدفع من جيبها الا القليل. فهي تقاتل بمرتزقتها العرب، وتتوسع على حساب العرب، وتغزو بلدان العرب، وعمل اتباعها يقوم في الغالب على معادلة تمويل أولي لكي يصبح المشروع فيما بعد قادرا على تمويل جزء كبير من عمله بنفسه،من هنا نرى اليوم من الصعب جدا ايقاف هذا الزحف الايراني في ظل الفوضى القائمة في العالم العربي وفي ظل القرارات الاستراتيجية الخاطئة التي اتخذتها وتتخذها دول المنطقة بدءً من الخليج ووصولا الى مصر. والمشكلة انّ وضعنا سيصبح أصعب بكثير بدءا من الشهر القادم تحديدا، وذلك بغض النظر عمّا اذا توصّلت طهران وواشنطن الى اتفاق نووي أم لم يتوصلا. هذا يعني انّ امام من بقي قائما من الدول العربية تحدّيان بالنسبة الى المشروع الايراني هما: الميليشيات الشيعية والسلاح النووي. وفي ظل المعطيات الحالية واذا ما بقينا على هذا المسار فلن يكون هناك فرصة لايقافهما ابدا. هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى الى موقف جماعي موحّد،

 

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى