الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

إقالة رئيس الاستخبارات الجزائرية توافقا داخل الطبقة الحاكمة وبوادر تحول ديمقراطي

أقال الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة  مهام رئيس جهاز المخابرات الجنرال توفيق بعد 25 سنة من العمل في هذا الجهاز, وعين مكانه اللواء عثمان طرطاق الذي اشتهر بمحاربته للإرهاب والذي أشرف على عملية أزمة الرهائن الذين احتجزهم إسلاميون تابعون للقاعدة في مجمع “تيغنتورين” بعين أمناس في كانون الثاني/يناير 2013. في ما يلي نبذة عن حياته.

منذ أقدم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة على إقالة رئيس الاستخبارات الجزائرية، الفريق محمد مدين والذي عرف دوما بين الجزائريين باسم “الجنرال توفيق” ، لم تتوقف التكهنات بشأن دلالات هذا التغيير في بلد عرف بسطوة جهاز استخباراته واختراقه لكل أجهزة الدولة من عسكرية ومدنية.

وفي دلالة على مدى سطوة قائد الاستخبارات المقال، عرف الجنرال توفيق بأوصاف متعددة في بلاده منها “رب الجزائر” و”الرجل الأسطورة ” و”منقذ الجمهورية”. واكتسب الرجل كل تلك الأوصاف من شراسة وقوة بالغة أبداهما خلال الصراع الدامي مع الجماعات المتشددة في الجزائر، إبان ما عرف بالعشرية السوداء.

ورغم أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يقود عملية تغيير في صفوف ضباط الجيش الجزائري، تشمل عزل بعض منهم منذ العام 2013، إلا أن إقالة رأس جهاز الاستخبارات، أثارت لغطا لم تثره أي من سابقاتها من تغييرات، وقد اختلف سياسيون وأمنيون جزائريون في تقييمهم للخطوة، إذ اعتبرها البعض خطوة طبيعية نظرا لأن الرجل، البالغ من العمر 76 عاما، استمر في منصبه قرابة الخمسة والعشرين عاما. ويرى هؤلاء أن قرار إعفاء الجنرال توفيق من منصبه ربما تأخر كثيرا إذ أن معظم الدول المتقدمة تعيد النظر في هيكلة أجهزتها الأمنية كل عشرة أعوام تقريبا.

لكن جانبا آخر من السياسيين في الجزائر يرون أن إقالة الجنرال توفيق، ربما تعكس في الأغلب توافقا داخل الطبقة الحاكمة في الجزائر على إحداث تغيير يواكب العصر، وربما يمضي باتجاه حالة من الديمقراطية والحكم المدني. وقد نقلت صحيفة الخبر الجزائرية عن سفيان جيلاني رئيس حزب “جيل جديد” قوله إنه يتوقع أن يكون رحيل توفيق مقدمة لتغييرات سياسية عميقة قادمة، دون أن يستبعد أن تكون مسألة ترتيب خلافة بوتفليقة على رأسها.

ويتفق أحمد عظيمي الناطق باسم حزب “طلائع الحريات” الجزائري أيضا مع هذا الاتجاه، وتنقل الخبر عنه أيضا قوله إنه يتوقع أن يمثل هذا التغيير بداية جادة نحو دعم الديمقراطية في البلاد. لكن تيارا أخر من السياسيين الجزائريين لا يتوقع خيرا كثيرا من إقالة الجنرال توفيق. وقالت صحيفة الشروق الجزائرية، ضمن استطلاع لآراء سياسيين جزائريين بشأن الخطوة، إن زعيم الجبهة الوطنية الجزائرية موسى تواتي، على سبيل المثال، يذهب بعيدا في قراءته للحدث، حيث يزعم جازما – والكلام للصحيفة – أن قرار تنحية الجنرال توفيق من منصبه هو إملاء خارجي، فرنسي تحديدا، مؤكدا أن الأمر يتجاوز الرئاسة وفريق عبد العزيز بوتفليقة. ويبرّر تواتي قراءته بصراع المصالح الذي فرض على الفرنسيين التدخل في شكل وقائي.

عرفت حياة بشير طرطاق المهنية ارتقاء ملحوظا في التسعينيات، على ضوء سنوات العنف والإرهاب التي عرفتها الجزائر بسبب قرار المؤسسة العسكرية توقيف مسار الانتخابات التشريعية في 1992 مباشرة بعد نهاية الدورة الأولى من الانتخابات التي فاز فيها حزب جبهة الإنقاذ الإسلامية بأغلبية واسعة.

هذا ما جعله يلعب دورا هاما في الحرب ضد الإرهاب، حيث أصبح القوة الضاربة ضد الجماعات الإرهابية حسب جريدة “البلاد” الجزائرية في عهد رئيس أركان الجيش السابق الفريق المتوفي محمد العماري، الذي حارب هو الآخر كثيرا الجماعات الإرهابية.

كان الجنرال طرطاق من دعاة “تطهير” الجزائر من الإرهاب، وسخر كل جهوده في محاربته تحت راية وغطاء مسؤوله المباشر آنذاك وهو الجنرال المقال توفيق إلى غاية الأحد 13 سبتمبر/أيلول 2015. مع وصول بوتفليقة إلى السلطة في 1999، بدأ نجم الجنرال طرطاق يفقد من بريقه ليجد نفسه مبعدا عن مراكز القرار لمدة خمس سنوات (1999-2005)، وبعيدا أيضا عن الحوارات التي كانت تدور في الصحافة والأوساط السياسية بشأن قانون المصالحة الوطنية والوئام المدني الذي أطلقه عبد العزيز بوتفليقة.وكالات

 

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى