مقالات

اوباما الحليف ، مع وقف التنفيذ

بقلم : غازي الحارثي – كاتب سعودي

اتعجب كثيراً لماذا غضب الخليجيون من التصريحات الاخيرة للرئيس الاميركي باراك اوباما وذهاب الكثير من الكتاب والمحللين والمسؤولين السياسيين وعلى رأسهم الامير تركي الفيصل إلى تبرير واسترجاع المواقف التاريخية لدول الخليج مع الادارات الاميركية على تعاقبها وكأننا ارتكبناها ذنباً نرجوا مغفرته .
صحيح ان تصريحات اوباما بحق دول الخليج لم تكن منصفة وانحازت كثيراً ضدها وكأنه يتحدث عن خصوم وليسوا حلفاء تاريخيين يرتبطون مع الولايات المتحدة بمواثيق ومعاهدات مشتركة امنياً وسياسياً واقتصادياً ، لكن في الوقت ذاته فأنا ارى انها طبيعية ولا استغربها باعتبار أننا نتحدث عن سياسات حليف ولكن مع وقف التنفيذ .. فإدارة اوباما تخلت تماماً عن هذه الارتباطات عندما بدأت مشروعها للشرق الاوسط الجديد بالآلية المسماه “الفوضى الخلّاقة” ودعمت حركات التمرد والثورة فيما يسمى بالربيع العربي وانقلبت تماماً على حلفائها التقليديين ابتداءً بالزعيم ابتداءً بالزعيم المصري حسني مبارك وفي ذلك الحين برر اوباما ماذكره في تصريحاته الاخيرة بضرورة ان تقبل السعودية بتقاسم النفوذ مع ايران في إطار ما أسماه السلام البارد عندما دعمت ادارته وصول جماعة الاخوان المسلمين للحكم في مصر وتونس وهي فعلاً مرحلة شهدت سلامٌ بارد مع ايران وتعاون استراتيجي قوي على اصعدة عدة قبل سقوطهم في مصر وتونس على التوالي وفشل الخطة A بالمشروع الاميركي .
الإملاء السابق كافٍ تماماً لإثبات ان ادارة اوباما كانت حليفة باعتبار المواثيق والمعاهدات والمصالح المشتركة الثابتة ولكن مع وقف التنفيذ بناءً على سياساتها الفعلية بالشرق الاوسط .
ايضاً الملف السوري الذي يبدو اليوم اشد الملفات تعقيداً بالشرق الأوسط ، وفيما بدا أن ادارة اوباما واصلت فيه تخليها عن حلفائها جاء التدخل الروسي بموازين جديدة ومعادلة إقليمية مفاجئه وطارئه على المنطقة والمجتمع الدولي ، ووجدت فيه دول الخليج فرصة لمعاقبة واشنطن من خلال فتح علاقات جماعية وثنائية مع روسيا لتقاسم المصالح والنفوذ بالمنطقة فيما قد يعتبر التفافاً على العلاقات مع الولايات المتحدة التي اتجهت ايضاً لمن ايران مزيداً من النفوذ بعد الاتفاق النووي بشكل قد يفسر اجتزاءً بأنه انتقام ممن افشل المشروع والقرار الاميركي في مصر وتونس .
اليوم وانا استمع لتصريحات اوباما ، أحاول على العكس من الكثير التركيز على الجوانب الايجابيه من كشف ذلك وظهر لي ان إدارة اوباما قامت بجهد عكسي لكن غير مقصود بسبب ضعف قراءة تأثير السياسات المرحلية في المستقبل وشخصياً اشكر لها هذا الجهد والضعف ، حيث اكتسبت دول الخليج شجاعة منقطعة النظير في اتخاذ قرارها واعتمدت لتعويض الغطاء الاميركي الذي غاب في ملفات حاسمة على سياسة التحالفات والمحاور وترجمت ذلك في عاصفة الحزم واعادة الامل ومن ثم التحالف الإسلامي ذو الخمسة وثلاثين دولة .
خلاصة القول وقد وصلنا إلى مرحلة امتلكت فيها ادارة اوباما القرار ولكنها افتقدت التنفيذ ، انها لم تتخلى عن حلفائها فحسب وإنما باعتهم بحلفاء جدد وغالباً كان ثمن هذه العملية باهظاً عليها .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى