مقالات

“الصحفيون”..وملايين الأعلى للصحافة!!!

بقلم : حسين مرسي
لو أسعدك الحظ ودخلت مبنى نقابة الصحفيين فستجد ما لا يسر عينك وستسمع ما يرضيك عن أحوال الصحفيين المتردية .. ستشاهد بمجرد دخولك المعتصمين منذ شهور وقد يصل بهم الاعتصام لأطول بكثير من شهور وقد يقضي بعضهم نصف عمره معتصما بالنقابة لأن الجريدة التي يعمل فيها أغلقت لظروف لا دخل له فيها ولا علاقة له بها ولكنه كصحفي يدفع الثمن خاصة أنه لايجد البديل الذي يعمل فيه ليدبر نفقاته ونفقات عائلته لأن العمل في أي جريدة كبرى أو ضمن فريق عمل في فضائية مشهورة أصبح حكرا على مجموعات معينة وهي ظاهرة كنا نسميها فيما مضى شللية حتى تجاوزت هذا المسمى الآن بكثير !!
المهم أنك في نقابة الصحفيين ستجد المعتصمين وقد أصبح لهم مقرات ثابتة ووجوه ثابتة لاتتغير لأن أحدا لايهتم بهم ولو إلى حين .. أما ما يمكن أن تسمعه بين جدران النقابة من شباب وشيوخ المهنة هو الشكوى من الوضع المادي المتردي للصحفيين بعد أن أصبحوا في ذيل قائمة المرتبات في الدولة إلا قليلا منهم بالطبع ..
ووسط كل هذه الوجوه والكلمات يأتي الاحتفال باليوبيل الفضي للنقابة .. ومن الطبيعي جدا أن يهتم مجلس النقابة بهذه المناسبة حتى لو كان الاحتفال في ظل أوضاع مأساوية للصحفيين .. فقام مجلس النقابة بمخاطبة المؤسسات الصحفية للمشاركة في دعم الاحتفالية .. ويبدو أن بعض المؤسسات باعت القضية وطنشت لكن الأهم في الموضوع هو أن المجلس الأعلى للصحافة قام بتخصيص مبلغ خمسة ملايين جنيه لهذه الاحتفالية – الرقم صحيح – خمسة ملايين جنيه !!!
وهنا يتوجب طرح الأسئلة التي لابد من طرحها .. فلو كان الأعلى للصحافة يملك خمسة ملايين جنيه – وهو بالطبع يملك أكثر من ذلك بكثير – فهل من حقه أن يمارس التبرع للاحتفالات حتى لو كان اليوبيل الفضي أو الذهبي لأي نقابة ؟؟ ومن الذي أعطاه الحق للتبرع بأموال الصحفيين التي من المفترض أنها لتحسين أحوالهم المادية والمهنية التي أصبحت متردية للغاية في المجالين؟؟ وهل من حق المجلس الأعلى أن يتبرع بالملايين ويترك المستحقين لمكافآت نهاية الخدمة في طابور انتظار طويل للحصول على مستحقاتهم بعد أن أفنوا عمرهم في المهنة التي كانت فيما مضى مهنة البحث عن المتاعب لتصبح هي نفسها المتاعب !!
وهل يجوز ان تكون هناك مؤسسات صحفية تعاني من الديون المتراكمة حتى أن بعضها أصبح يدبر مرتبات الصحفيين والعاملين بصعوبة شديدة أو يعجز عن تدبيرها فيلجا للأعلى للصحافة مستنجدا به ليحصل على قروض وديون أو حتى منح ومساعدات .. أليست هذه المؤسسات أولى بالرعاية وبالأموال التي يتبرع بها المجلس غير الشرعي قانونا !
أما عن مجلس النقابة فقد تضاربت تصريحات السادة أعضاء المجلس حول هذه الملايين الخمسة فجمال عبد الرحيم مثلا قال إن المبلغ مخصص للاحتفالية ولكن المجلس قرر صرف جزء من هذه الأموال فى عمليات تطوير للنقابة ومعالجة صناديق المعاشات والعلاج كما هو منشور بالصحف على لسان السكرتير العام
ولكن لأن الأمر لابد أن يحيطه الغموض حول مصير الملايين الخمسة فقد خرجت تصريحات أخرى متضاربة .. فقال صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة إن المجلس تلقى خطابًا من يحيى قلاش نقيب الصحفيين يفيد بوجود مشاكل متعددة داخل النقابة وأنه يتفاوض مع الحكومة بشأن تعزيز ميزانية النقابة .. وأضاف عيسى فى تصريحاتٍ لـ”اليوم السابع” أن النقابة تعانى من أزمة مالية حقيقية وقال : “نحاول مساعدة النقابة فى أزمتها.. ومشروع العلاج يكاد يتوقف بسبب قلة الميزانية ولارتفاع عدد المستفيدين وهناك مشاكل فى المعاشات”
ماسبق كان كلام الأمين العام للأعلى للصحافة ولكن تصريحات محمد شبانة أمين الصندوف بنقابة الصحفيين تنفي ما قاله صلاح عيسى فقال : ” إن النقابة تلقت من المجلس الأعلى للصحافة 5 ملايين جنيه لدعم الاحتفال باليوبيل الماسى وليس كما تردد لدعم مشروع العلاج أو صندوق المعاشات .. وأن القرار الصادر من المجلس الأعلى للصحافة خصص هذا المبلغ لدعم الاحتفال باليوبيل الماسى و طالب صلاح عيسى بمراجعة القرار … طيب نصدق مين ؟؟
أما علاء ثابت عضو مجلس نقابة الصحفيين ورئيس لجنة المعاشات فقد قال إن الصندوق لا يعانى من أى مشكلات وأن المعاشات تُصْرَف للأعضاء بشكلٍ منتظم وفى موعدها .. وأكد أن الصندوق لم يتلقَ أى أموال من المجلس الأعلى للصحافة وأن الـ 5 ملايين جنيه مخصصة للاحتفال باليوبيل الماسى .. يعني الفلوس للاحتفالية ولا للمعاشات ؟؟
أما الدكتور حسن عماد مكاوى وكيل المجلس فقد قال إنه لا يعلم شيئًا عن الموضوع وهو ما أشارت إليه كريمة كمال عضوة المجلس التى قالت: “يُسأل فيها صلاح عيسى، أنا مسئولة عما يخص لجنة الصحافة فقط”. وقال أسامة سلامة عضو المجلس: “ماعنديش معلومة، هذا من اختصاص هيئة المكتب اللى أعرفه إن المجلس بعت للنقابة فلوس لدعم العلاج”
هذه تصريحات أعضاء الأعلى للصحافة الذي خصص مبلغا يقدر بخمسة ملايين جنيه ولا يعرف أعضاؤه فيم تم تخصيصه ولا في أي شأن تمت الموافقة على صرفه .. وما بين تصريحات الأمين العام وتصريحات الأعضاء ومن ناحية أخرى تصريحات أعضاء مجلس النقابة تضيع حقيقة الهدف الذي من أجله تم تخصيص المبلغ .. هل هو لاحتفالات اليوبيل الفضي أم لدعم صندوق المعاشات أو لدعم مشروع العلاج .. أم ماذا ؟؟
وأيا كان الأمر فلو كان الأعلى للصحافة يملك تخصيص هذا المبلغ للاحتفالات أيا كانت فالسؤال هنا .. أليس من الأولى أن يتم تخصيص هذه الملايين لدعم الصحفيين أنفسهم بدلا من تسول البدل الشهري من الحكومة .. أو توجيه الملايين تلك لرفع المعاناة عن الصحفيين الغلابة التي أصبحت المعاناة جزءا أساسيا من حياتهم .. أو لدعم المؤسسات المفلسة والمنهارة من الداخل وتعيش على أمجاد الماضي البعيد !!
ولأن الشئ بالشئ يذكر فهنا تسأل عن مصير فيلم الحد الأدنى للأجور الذي يخدعنا به كل من يترشح لمجلس النقابة سواء على عضوية المجلس أو على منصب النقيب .. !! ونلتقي على خير في الانتخابات القادمة !!!

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى